فصل: ابن وافد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأنباء في طبقات الأطباء (نسخة منقحة)



.أبو عبد اللّه الملك الثقفي:

كان طبيبًا أديبًا عالمًا بكتاب إقليدس، وبصناعة المساحة، وخدم الناصر والمستنصر بصناعة الطب، وكان أعرج، وله في الطب نوادر، وولاه المستنصر أو الناصر خزانة السلاح، وعمي في آخر عمره بماء نزل في عينيه، ومات بعلة الاستسقاء.

.هارون بن موسى الأشبوني:

كان من شيوخ الأطباء وأخيارهم، مؤتمنًا مشهورًا بأعمال اليد وخدم الناصر والمستنصر بصناعة الطب.

.محمد بن عبدون الجبلي العذري:

رحل إلى المشرق سنة سبع وأربعين وثلثمائة، ودخل البصرة ولم يدخل بغداد، وأتى مدينة فسطاط مصر ودبر مارستانها، ومهر بالطب ونبل فيه وأحكم كثيرًا من أصوله، وعانى صناعة المنطق عناية صحيحة، وكان شيخه فيها أبو سليمان محمد بن طارهر بن بهرا السجستاني البغدادي، ورجع إلى الأندلس سنة ستين وثلثمائة، وخدم بالطب المستنصر باللّه والمؤيد باللّه، وكان قبل أن يتطبب مؤدبًا بالحساب والهندسة، وله في التكسير كتاب حسن، قال القاضي صاعد وأخبرني أبو عثمان سعيد بن محمد بن البعوض الطليطلي أنه لم يلق في قرطبة أيام طلبه فيها من يلحق بمحمد بن عبدون الجبلي في صناعة الطب، ولا يجاريه في ضبطها، وحسن دربته فيها وأحكامه لغوامضها.ولمحمد بن عبدون من الكتب كتاب في التكسير.

.عبد الرحمن بن إسحاق بن الهيثم:

من أعيان أطباء الأندلس وفضلائها، وكان من أهل قرطبة، وله من الكتب كتاب الكمال والتمام في الأدوية المسهلة والمقيئة، كتاب الاقتصار والإيجاد في خطأ ابن الجزار في الاعتماد، كتاب الاكتفاء بالدواء من خواص الأشياء، صنفه للحاجب القائد أبي عامر محمد بن أبي عامر، كتاب السمائم.

.ابن جلجل:

هو أبو داود بن حسان يعرف بابن جلجل، وكان طبيبًا فاضلًا خبيرًا بالمعالجات، جيد التصرف في صناعة الطب، وكان في أيام هشام المؤيد باللّه، وخدمه بالطب وله بصيرة واعتناء بقوى الأدوية المفردة، وقد فسر أسماء الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدس العين زربي، وأفصح عن مكنونها، وأوضح مستغلق مضمونها، وهو يقول في أول كتابه هذا إن كتاب ديسقوريدس ترجم بمدينة السلام في الدولة العباسية في أيام جعفر المتوكل وكان المترجم له اصطفن بن بسيل الترجمان من اللسان اليوناني إلى اللسان العربي، وتصفح ذلك حنين بن إسحاق المترجم، فصحح الترجمه وأجازها فما علم اصطفن من تلك الأسماء اليونانية في وقته له اسمًا في اللسان العربي فسره بالعربية، وما لم يعلم له في اللسان العربي اسمًا تركه في الكتاب على اسمه اليوناني اتكالًا منه على أن يبعث اللّه بعده من يعرف ذلك ويفسره باللسان العربي، إذ التسمية لا تكون بالتواطؤ من أهل كل بلد على أعيان الأدوية بما رأوا، وأن يسموا ذلك إما باشتقاق وإما بغير ذلك من تواطئهم في التسمية فاتكل اصطفن على شخوص يأتون بعده ممن قد عرف أعيان الأدوية التي لم يعرف هو لها اسمًا في وقته فيسميها على قدر ما سمع في ذلك الوقت فيخرج إلى المعرفة.
قال ابن جلجل وورد هذا الكتاب إلى الأندلس وهو على ترجمة اصطفن منه ما عرف له اسمًا بالعربية، ومنه ما لم يعرف له اسماً، فانتفع الناس بالمعروف منه بالمشرق والأندلس إلى أيام الناصر عبد الرحمن بن محمد، وهو يومئذ صاحب الأندلس فكاتبه أرمانيوس الملك، مالك قسطنطينية، في سنة سبع وثلاثين وثلثمائة، وهاداه بهدايا لها قدر عظيم، فكان في جملة هديته كتاب دسقوريدس مصور الحشائش بالتصوير الرومي العجيب، وكان الكتاب مكتوبًا بالإغريقي الذي هو اليوناني، وبعث معه كتاب هروسيس صاحب القصص، وهو تاريخ للروم عجيب، فيه أخبار الدهور وقصص الملوك الأول، وفوائد عظيمة، وكتب أرمانيوس في كتابه إلى الناصر أن كتاب دسقوريدس لا تجتنى فائدتة إلا برجل يحسن العبارة باللسان اليوناني، ويعرف أشخاص تلك الأدوية، فإن كان في بلدك من يحسن ذلك فزت أيها الملك بفائدة الكتاب؛ وأما كتاب هروسيس فعندك في بلدك من اللطينيين من يقرأه باللسان اللطيني، وأن كشفتهم عنه نقلوه لك من اللطيني إلى اللسان العربي.
قال ابن جلجل ولم يكن يومئذ بقرطبة من نصارى الأندلس من يقرأ اللسان الإغريقي الذي هو اليوناني القديم، فبقي كتاب ديسقوريدس في خزانة عبد الرحمن الناصر باللسان الإغريقي، ولم يترجم إلى اللسان العربي، وبقي الكتاب بالأندلس، والذي بين أيدي الناس بترجمة اسطفن الواردة من مدينة السلام بغداد.
فلما جاوب الناصر أرمانيوس الملك سأله أن يبعث إليه برجل يتكلم بالإغريقي واللطيني ليعلم له عبيدًا يكونون مترجمين، فبعث أرمانيوس الملك الناصر براهب كان يسمى نقولا، فوصل إلى قرطبة سنة أربعين وثلثمائة، وكان يومئذ من الأطباء قوم لهم بحث وتفتيش وحرص على استخراج ما جهل من أسماء عقاقير كتاب ديسقوريدس إلى العربية، وكان أبحثه وأحرصهم على ذلك من جهة التقرب إلى الملك عبد الرحمن الناصر، حسداي بن بشروط الإسرائيلي، وكان نقولا الراهب عنده أحظى الناس وأخصهم به، وفسر من أسماء عقاقير كتاب ديسقوريدس ما كان مجهولاً، وهو أول من عمل بقرطبة ترياق الفاروق على تصحيح الشجارية التي فيه، وكان في ذلك الوقت من الأطباء الباحثين عن تصحيح أسماء عقاقير الكتاب وتعيين أشخاصه محمد المعروف بالشجار، ورجل كان يعرف بالبسباسي، وأبو عثمان الجزار الملقب باليابسة، ومحمد بن سعيد الطيب، وعبد الرحمن بن إسحاق بن هيثم وأبو عبد اللّه الصقلي، وكان يتكلم باليونانية ويعرف أشخاص الأدوية.
قال ابن جلجل وكان هؤلاء النفر كلهم في زمان واحد مع نقولا الراهب أدركته وأدركت نقولا الراهب في أيام المستنصر، وصحبتهم في أيام المستنصر الحكم، وفي صدر دولته مات نقولا الراهب، فصح ببحث هؤلاء النفر الباحثين عن أسماء عقاقير كتاب ديسقوريدس تصحيح الوقوف على أشخاصها بمدينة قرطبة خاصة بناحية الأندلس، ما أزال الشك فيها عن القلوب، وأوجب المعرفة بها بالوقوف على أشخاصها، وتصحيح النطق بأسمائها بلا تصحيف إلا القليل منها الذي لا بال به، ولا خطر له، وذلك يكون في مثل عشرة أدوية.
قال وكان لي في معرفة تصحيح هيولى الطب الذي هو أصل الأدوية المركبة حرص شديد وبحث عظيم، حتى وهبني اللّه من ذلك بفضله بقدر ما اطلع عليه من نيتي في إحياء ما خفتُ يُدرس وتذهب منفعته لأبدان الناس، فاللّه قد خلق الشفاء وبثه فيما انبتته الأرض، واستقر عليها من الحيوان المشاء، والسابح في الماء والمنساب، وما يكون تحت الأرض في جوفها من المعدنية، كل ذلك فيه شفاء ورحمة ورفق، ابن البغونشولابن جلجل من الكتب كتاب تفسير أسماء الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدس، ألفه في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وثلثمائة بمدينة قرطبة، في دولة هشام بن الحكم المؤيد باللّه، مقالة في ذكر الأدوية التي لم يذكرها ديسقوريدس في كتابه مما يستعمل في صناعة الطب وينتفع به، وما لا يستعمل لكيلا يغفل ذكره، وقال ابن جلجل إن ديسقوريدس أغفل ذلك ولم يذكره إما لأنه لم يره ولم يشاهده عياناً، وإما لأن ذلك كان غير مستعمل في دهره وأبناء جنسه، رسالة التبيين فيم غلط فيه بعض المتطبيين، كتاب يتضمن ذكر شيء من أخبار الأطباء والفلاسفة ألفه في أيام المؤيد باللّه.

.أبو العرب يوسف بن محمد:

أحد المتحققين بصناعة الطب والراسخين في علمه، قال القاضي صاعد حدثني الوزير أبو المطرف بن وافد وأبو عثمان سعيد بن محمد بن البغونش إنه كان محكمًا لأصول الطب نافذًا في فروعه حسن التصرف في أنواعه، قال وسمعت غيرهما يقول لم يكن أحد بعد محمد بن عبدون يوازي أبو العرب في قيامه بصناعة الطب ونفوذه فيها، وكان غلب عليه في آخر عمره حب الخمر فكان لا يوجد صاحيًّا ولا يرى مفيقًا من خمار، وحرم بذلك الناس كثيرًا من الانتفاع به وبعلمه، وتوفي وقد قارب تسعين سنة، وذلك بعد ثلاثين وأربعمائة.
ابن البغونش هو أبو عثمان سعيد بن محمد بن البغونش، قال القاضي صاعد كان من أهل طليطلة، ثم رحل إلى قرطبة لطلب العلم بها، فأخذ عن مسلمة بن أحمد علم العدد والهندسة، وعن محمد بن عبدون الجبلي وسليمان بن جلجل وابن الشناعة ونظرائهم علم الطب، ثم انصرف إلى طليطلة واتصل بها بأميرها الظافر اسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل بن عامر بن مطرف بن ذي النون، وحظي عنده وكان أحد مديري دولته، قال ولقيته أنا فيها بعد ذلك في صدر دولة المأمون، ذي المجد بن يحيى بن الظافر اسماعيل بن ذي النون، وقد ترك قراءة العلوم وأقبل على قراءة القرآن، ولزم داره والانقباض عن الناس، فلقيت منه رجلًا عاقلاً، جميل الذكر والمذهب، حسن السيرة، نظيف الثياب، ذا كتب جليلة في أنواع الفلسفة وضروب الحكمة، وتبينت منه أنه قرأ الهندسة وفهمها، وقرأ المنطق وضبط كثيرًا منه، ثم أعرض عن ذلك وتشاغل بكتب جالينوس وجمعها، وتناولها بتصحيحه ومعاناته، فحصل بتلك العناية على فهم كثير منها، ولم تكن له دربة بعلاج المرضى ولا طبيعة نافذة في فهم الأمراض، وتوفي عند صلاة الصبح من يوم الثلاثاء أول يوم من رجب سنة أربع وأربعين وأربعمائة، وأخبرني أنه ولد سنة تسع وستين وثلثمائة، فكان إذ توفي ابن خمس وسبعين سنة.

.ابن وافد:

هو الوزير أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عبد الكبير بن يحيى بن وافد بن مهند اللخمي أحد أشراف أهل الأندلس، وذوي السلف الصالح منهم، والسابقة القديمة فيهم، عني عناية بالغة بقراءة كتب جالينوس وتفهمها، ومطالعة كتب أرسطوطاليس وغيره من الفلاسفة، قال القاضي صاعد وتمهر بعلم الأدوية المفردة حتى ضبط منها ما لم يضبطه أحد في عصره، وألف فيها كتابًا جليلًا لا نظير له جمع فيه ما تضمن كتاب ديسقوريدس وكتاب جالينوس المؤلفان في الأدوية المفردة، ورتبه أحسن ترتيب، قال وأخبرني أنه عانى جمعه، وحاول ترتيبه وتصحيح ما ضمنه من أسماء الأدوية وصفاتها، وأودعه إياه من تفصيل قواها وتحديد درجاتها نحوًا من عشرين سنة، حتى كمل موافقًا لغرضه، وتم مطابقًا لبغيته، وله في الطب منزع لطيف ومذهب نبيل، وذلك أنه كان لا يرى التداوي بالأدوية ما أمكن التداوي بالأغذية أو ما كان قريبًا منها، فإذا دعت الضرورة إلى الأدوية فلا يرى التداوي بمركبها ما وصل إلى التداوي بمفردها، فإن اضطر إلى المركب منها لم يكثر التركيب بل اقتصر على الأقل ما يمكنه منه، وله نوادر محفوظة وغرائب مشهورة في الإبراء من العلل الصعبة والأمراض المخوفة بأيسر العلاج وأقربه، واستوطن مدينة طليطلة، وكان في أيام ابن ذي النون، ومولد ابن وافد في ذي الحجة من سنة سبع وثمانين وثلثمائة، وكان في الحياة في سنة ستين وأربعمائة.
ولابن وافد من الكتب كتاب الأدوية المفردة، كتاب الوساد في الطب، مجربات في الطب، كتاب تدقيق النظر في علل حاسة البصر، كتاب المغيث.

.الرميلي:

وكان بالمرية في أيام ابن معن المعروف بابن صمادح، ويلقب بالمعتصم باللّه، وقال أبو يحيى اليسع بن عيسى بن حزم بن اليسع في كتاب المغرب عن محاسن أهل المغرب إن الرميلي صحبه توفيق يساعده ويصعده، ويقيم له الجاه ويقعده، مع دربة جرى بها فأدرك، وقياس حركة للمحاورة فتحرك، فأصبح يقتدى بنسخه ويتنافس في مستصرخه ويتوسل إليه برئاسة نفس لا ترضى بدَنيّة، ولا تعامل إلا بالحرية، وربما عالج في بعض أوقاته المستورين بماله أدوية وأغذية، فأحبه البعيد والقريب، وأصبح ما له إلا حميم أو حبيب حتى أودت به الأيام فاقدة إحسان نادبة مكانه، وللرميلي من الكتب كتاب البستان في الطب.