فصل: (36/3) باب من نذر نذرًا لم يتمه أولا يطيقه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[36/3] باب من نذر نذرًا لم يتمه أولا يطيقه

5931 - عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كفارة النذر كفارة يمين» رواه مسلم وزاد الترمذي «إذا لم يسمه» وصححه.
5932 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من نذر نذرًا لم يسمه فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرًا في معصية فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرًا لم يطقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرًا طاقه فليف به» رواه أبو داود قال في "بلوغ المرام": وإسناده صحيح إلا أن الحفاظ رجحوا وقفه، ورواه ابن ماجة، وليس له نذر المعصية، وفي إسناد حديث ابن ماجة من لا يعتمد عليه.
5933 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى شيخًا يتهادى بين ابنيه فقال: ما هذا؟ فقالوا: نذر أن يمشي، قال: إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني وأمره أن يركب» رواه الجماعة إلا ابن ماجة، وللنسائي في رواية: «أن يمشي إلى بيت الله».
5934 - وعن عقبة بن عامر قال: «نذرت أختي أن تمشي إلى بيت الله فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستفتيته، فقال: لتمش ولتركب» متفق عليه. ولمسلم فيه: «حافية غير مختمرة» وفي رواية لأحمد «نذرت أختي أن تمشي إلى الكعبة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن الله لغني عن مشيها لتركب ولتهد بدنة» وفي رواية للخمسة «أن أخته نذرت أن تمشي حافية غير مختمرة فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن الله لا يصنع بشقى أختك شيئًا مرها فلتختمر، ولتركب ولتصم ثلاثة أيام» وحسنها الترمذي، وأعلها غيره بأن في إسنادها عبد الله بن زحر قد تكلم فيه.
5935 - وعن كريب عن ابن عباس قال: «جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله! إن أختي نذرت أن تحج ماشية، فقال: إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئًا لتخرج راكبة، ولتكفر عن يمينها» رواه أحمد وأبو داود ورجاله رجال الصحيح.
5936 - وعن عكرمة عن ابن عباس أن عقبة بن عامر «سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: فقال: إن أخته نذرت أن تمشي إلى البيت وتشكي ضعفها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله غني عن نذر أختك فلتركب ولتهد بدنة» رواه أحمد وفي لفظ لأبي داود «أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تمشي إلى البيت وأنها لا تطيق ذلك فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تركب وتهدي هدايا» وقال الحافظ في "التلخيص": إسناده صحيح، والرواية الأخرى لأبي داود رجالها رجال الصحيح، وقال البخاري: لا يصح في حديث عقبة الأمر بالإهداء.

.[36/4] باب من نذر وهو مشرك ثم أسلم أو نذر ذبحًا في موضع معين

5937 - عن عمر قال: «نذرت نذرًا في الجاهلية، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدما أسلمت، فأمرني أن أوفي بنذري» رواه ابن ماجة، ورجاله رجال الصحيح، وفي لفظ قال: «قلت يا رسول الله! إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال: أوف بنذرك» متفق عليه، وفي رواية لمسلم «يومًا وليلة» وزاد البخاري: «فاعتكفتُ».
5938 - وعن كردم بن سفيان: «أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نذر نذره في الجاهلية، فقال له: ألوثن أو لنصب؟ قال: لا، ولكن لله قال: أوف لله ما جعلت له انحر على بُوانة، وأوف بنذرك» رواه أحمد.
5939 - وعن ميمونة بنت كردم قالت: «كنت ردف أبي فسمعته يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إني نذرت أن أنحر ببوانة، قال: أبها وثن أو طاغية؟ قال: لا، قال: أوف بنذرك» رواه أحمد وابن ماجة، ورجاله رجال الصحيح، وفي لفظ لأحمد: «إني نذرت أن أنحر عددًا من الغنم» وذكر نحوه.
5940 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده «أن امرأة قالت: يا رسول الله! إني نذرت أن أنحر بمكان كذا وكذا، مكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية فقال: أصنم؟ قالت: لا، قال: لوثن؟ قالت: لا، قال: أوف بنذرك» رواه أبو داود، وقد تقدم الكلام عليه في باب ما جاء في نذر المباح.
قوله: «كردم» بفتح الكاف والدال.

.[36/5] باب ما جاء فيمن نذر أن يتصدق بجميع ماله

5941 - عن كعب بن مالك أنه قال: «يا رسول الله! إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله ورسوله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك، قال: قلت: إني أمسك سهمي الذي بخيبر» متفق عليه، وفي لفظ لأبي داود، قال: «قلت: يا رسول الله! إن من توبتي إلى الله أن أخرج من مالي كله إلى الله ورسوله صدقة، قال: لا، قلت: فنصفه، قال: لا، قلت: فثلثه، قال: نعم، قلت فإني أمسك سهمي من خيبر» وفي إسنادها محمد بن إسحاق وفيه مقال معروف.
5942 - وعن الحسين بن السائب بن أبي لبابة «أن أبا لبابة بن عبد المنذر لما تاب الله عليه قال: يا رسول الله! إن من توبتي أن أهجر دار قومي وأساكنك وأن أنخلع من مالي صدقة لله عز وجل ولرسوله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يجزئ عنك الثلث» رواه أحمد وعزاه في "الفتح" لأحمد وأبي داود.

.[36/6] باب ما يجزئ عليه عتق رقبة مؤمنة بنذر أو غيره

5943 - عن عبيد بن عبد الله عن رجل من الأنصار «أنه جاء بأَمَة سوداء، فقال: يا رسول الله! إن عليَّ عتق رقبة مؤمنة، فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقتها، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت: نعم، قال: أتشهدين أني رسول الله؟ قالت: نعم، قال: أتؤمنين بالبعث بعد الموت؟ قالت: نعم، قال: فأعتقها» رواه أحمد عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن رجل من الأنصار، وهذا إسناد رجاله أئمة وجهالة الصحابي لا تضر.
5944 - وعن أبي هريرة «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بجارية سوداء أعجمية، فقال: يا رسول الله! إن عليَّ عتق رقبة مؤمنة، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أين الله؟ فأشارت إلى السماء بإصبعها السبابة، فقال لها: من أنا؟ فأشارت بإصبعها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى السماء أي أنت رسول الله قال: أعتقها» رواه أحمد.
5945 - وعن معاوية بن الحكم السلمي قال: «قلت: يا رسول الله! جارية لي صككتها صكة، فعظم ذلك عليَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: أفلا أعتقها؟ فقال: ائتني بها، قال: فجئت بها، قال: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة» رواه أبو داود وهو لمسلم والنسائي وقد تقدم في الحدود في باب ما يصير به الكافر مسلمًا.
5946 - وعن الشريد بن سويد الثقفي «أن أمه أوصته أن يعتق رقبة مؤمنة فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إن أمي أوصت أن أعتق عنها رقبة مؤمنة، وعندي جارية سوداء نوبية...» فذكر نحوه رواه أبو داود والنسائي، وقال أبو داود: خالد بن عبد الله أرسله لم يذكر الشريد.

.[36/7] باب ما جاء فيمن نذر أن يصلي في المسجد الأقصى أن يجزئه أن يصلي في مسجد مكة والمدينة

5947 - عن جابر أن رجلًا قال يوم الفتح: «يا رسول الله! إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، فقال: صل هاهنا، فسأله فقال: صلِّ هاهنا، فسأله، فقال: شأنك إذن» رواه أحمد وأبو دواد والبيهقي والحاكم، وقال: على شرط مسلم وصححه ابن دقيق العيد في الاقتراح.
5948 - ولأحمد وأبي داود عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا الخبر وزاد، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «والذي بعث محمدًا بالحق لو صليت هاهنا لقضى عنك ذلك كل صلاة في بيت المقدس» وله طرق رجال بعضها ثقات.
5949 - وعن ابن عباس: «أن امرأة شكت شكوًا فقالت: إن شفاني الله فلأخرجن فلأصلين في بيت المقدس، فبرئت ثم تجهزت تريد الخروج، فجاءت ميمونة تسلم عليها فأخبرتها بذلك، فقالت: اجلسي فكلي ما صنعتِ، وصلي في مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة» رواه أحمد ومسلم.
5950 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة في مسجدي خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام» رواه الجماعة إلا أبا داود.
5951 - ولأحمد وأبي داود من حديث جابر مثله وزاد: «وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه» قال الحافظ: إسناده صحيح إلا أنه اختلف فيه على عطاء.
5952 - ولأحمد من حديث عبد الله بن الزبير مثل حديث أبي هريرة، وزاد: «وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا» وأخرجه البيهقي وصححه ابن حبان.
5953 - وعن ميمونة مرفوعًا «صلاة في مسجد إيلياء تعدل ألف صلاة في غيره» رواه ابن ماجة، قال في "مختصر البدر": بإسناد حسن.
5954 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تشد الرحال إلا في ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى» متفق عليه، ولمسلم في رواية: «إنما يسافر إلى ثلاثة مساجد».
قوله: «إيلياء» بالمد والتخفيف اسم مدينة بيت المقدس.

.[36/8] باب قضاء المنذر عن الميت

5955 - عن ابن عباس «أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر ولم تقضه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقضه عنها» رواه أبو داود والنسائي وهو على شرط الصحيح، قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.
5956 - وعن ابن عباس «أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن نجاها الله أن تصوم شهرًا فنجاها الله، فلم تصم حتى ماتت فجاءت بنتها أو أختها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرها أن تصوم عنها» رواه أبو داود والنسائي، وقد تقدم في كتاب الصيام أحاديث من ذلك.
5957 - وقال البخاري: «أمر ابن عمر امرأة جعلت أمها على نفسها صلاة بقباء يعني ثم ماتت، فقال: صلي عنها».
5958 - قال: وقال ابن عباس نحوه، وأخرج ابن أبي شيبة أثر ابن عباس بسند صحيح.

.[37] كتاب الأقضية والأحكام

.[37/1] باب ما جاء في وجوب نصب القاضي والأمير وغيرهما

5959 - عن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم» رواه أحمد.
5960 - وعن أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا عليهم أحدهم» رواه أبو داود ورجاله رجال الصحيح إلا علي بن بحر وهو ثقة.
5961 - وقد أخرج نحوهما البزار بإسناد صحيح من حديث عمر بن الخطاب بلفظ: «إذا كنتم في سفر فأمروا أحدكم».
5962 - وأخرج البزار بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمر مرفوعًا بلفظ: «إذا كانوا ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم».
5963 - وأخرجه بهذا اللفظ الطبراني بإسناد صحيح من حديث ابن مسعود.
5964 - وعن جابر مرفوعًا «إن الله لا يقدّس أُمة ليس منهم من يأخذ للضعيف حقه» رواه ابن ماجة قال في "خلاصة البدر": بإسناد على شرط مسلم لا جرم صححه ابن حبان.
5965 - ورواه الحاكم والبيهقي أيضًا من رواية أبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب.
5966 - والبيهقي من رواية بريدة.

.[37/2] باب كراهة الحرص على الولاية وطلبها

5967 - عن أبي موسى قال: «دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا ورجلان من بني عمي، فقال أحدهما: يا رسول الله! أمّرنا على بعض ما ولاك الله عز وجل، وقال الآخر مثل ذلك فقال: إنا والله لا نولي هذا العمل أحدًا يسأله أو أحدًا أحرص عليه».
5968 - وعن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال رسول الله: «يا عبد الرحمن بن سمرة! لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أُعنت عليها، وإن أُعطيتها عن مسألة وكلت إليها» متفق عليهما.
5969 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من سأل القضاء وكل إلى نفسه ومن جبر عليه نزل عليه ملك يُسدده» رواه الخمسة إلا النسائي، وقال الترمذي: حسن غريب وصححه الحاكم.
5970 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنكم ستحرصون على الإمارة، وستكون ندامة يوم القيامة، فنعم المرضعة وبئست الفاطمة» رواه أحمد والبخاري والنسائي.
5971 - وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من طلب قضاء المسلمين حتى يناله ثم غلب عدله جوره، فله الجنة، ومن غلب جوره عدله فله النار» رواه أبو داود بإسناد حسن وحسَّن إسناده أيضًا الحافظ ابن كثير كما في العواصم.
قوله: «حرص عليه» بفتح المهملة.
قوله: «وكلت إليها» بضم الواو وكسر الكاف مخففًا ومشددًا، وسكون اللام، أي: من طلب الإمارة فأعطيها تركت إعانته عليها من أجل حرصه.
قوله: «فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة» قال الداودي: نعمت المرضعة أي في الدنيا، وبئست الفاطمة أي بعد الموت؛ لأنه يصير إلى المحاسبة على ذلك، فهو كالذي يفطم قبل أن يستغني فيكون في ذلك هلاكه.

.[37/3] باب ما جاء من التشديد في الولايات

5972 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من جعل قاضيًا بين الناس فقد ذُبح بغير سكين» رواه الخمسة إلا النسائي، وحسنه ابن خزيمة وابن حبان وحسنه الترمذي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.

5973 - وعن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من حاكم يحكم بين الناس إلا حبس يوم القيامة وملك آخذ بقفاه حتى يقفه على جهنم ثم يرفع رأسه إلى الله عز وجل، فإن قال: ألقه ألقاه في مهوى فهوى أربعين خريفًا» رواه أحمد وابن ماجة بمعناه والبيهقي في "شعب الإيمان" والبزار وفي إسناده مجالد بن سعيد وثقه النسائي وضعفه جماعة.
5974 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ويلٌ للأمراء، ويلٌ للعرفاء، ويلٌ للأمناء ليتمنين أقوام يوم القيامة أن ذوائبهم كانت معلقة بالثريا يتذبذبون بين السماء والأرض، ولم يكونوا عُمِّلوا على شيء» رواه أحمد وحسنه السيوطي، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم وقال: صحيح الإسناد.
5975 - وعن عائشة قالت: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليأتين على القاضي العدل يوم القيامة ساعة يتمنى أنه لم يقض بين اثنين في تمرة قط» رواه أحمد والعقيلي والبيهقي من رواية عمران بن حطان، قال العقيلي: لا يتابع عليه، ولا يتبين لي سماعه من عائشة، وقال ابن الجوزي: لا يصح، ووقع في رواية أحمد من طريقه قال: «دخلت على عائشة فذاكرتها حتى ذكرنا القاضي فذكره» قال في "مجمع الزوائد": وإسناده حسن، ورواه ابن حبان في "صحيحه" بلفظ «لم يقض بين اثنين في عمره» بالعين المهملة في أوله.
5976 - وعن أبي أمامة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله يوم القيامة يده إلى عنقه فكه بره أو أوبقه إثمه أولها ملامة وأوسطها ندامة، وآخرها خزي يوم القيامة» رواه أحمد وحسنه السيوطي وله شواهد، وقال المنذري: رواته ثقات إلا سويد بن أبي مالك.
5977 - وعن عبد الله بن أبي أوفى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله مع القاضي ما لم يجر، فإذا جار وكله الله إلى نفسه» رواه ابن ماجة والحاكم في "المستدرك" والبيهقي وابن حبان، وأخرجه الترمذي وحسنه بلفظ: «الله مع القاضي ما لم يجر فإذا جار تخلى عنه ولزمه الشيطان».
5978 - وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا» رواه أحمد ومسلم والنسائي.
قوله: «ذبح بغير سكين» بضم الذال المعجمة مبني للمجهول، يعني أن الذبح بسكين يحصل به راحة الذبيحة بتعجيل إزهاق روحها فإذا ذبحت بغير سكين كان فيه تعذيب لها.
قوله: «أربعين خريفًا» أي سنة.
قوله: «ويل للعرفاء» بضم العين المهملة، وفتح الراء، جمع عريف في "النهاية": هو القيم بأمر القبيلة والجماعة من الناس يلي أمورهم ويتعرف الأمير منه أحوالهم، وسبب الوعيد لهذه الطوائف الثلاث أنهم يقبلون ويطاعون فيما يأتون به، فإذا وقع منهم جور على الرعية والحال أنهم قادرون كان ذلك سببًا لتشديد العقوبة عليهم.
قوله: «أوبقه إثمه» بالموحدة والقاف إذا هلك.

.[37/4] باب ما جاء من المنع من ولاية الصبي والمرأة ومن لا يحسن القضاء أو يضعف عن القيام بحقه

5979 - عن أبي بكرة قال: «لما بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أهل فارس ملكوا عليهم بنت كسرى قال: لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة» رواه أحمد والبخاري والنسائي والترمذي وصححه.
5980 - وعن أبي هريرة قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تعوذ بالله من رأس السبعين وإمارة الصبيان» رواه أحمد.
5981 - ويشهد له ما أخرجه أحمد من حديث قيس الغفاري مرفوعًا، وفيه التحذير من إمارة السفهاء ورجاله رجال الصحيح.
5982 - وعن بريدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار، فأما الذي في الجنة فرجل عرف الحق فقضى به، ورجل عرف الحق وجار في الحكم فهو في النار، ورجل قضى للناس عن جهل فهو في النار» رواه أهل السنن والبيهقي والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم.
5983 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالمًا أعدّ الناس رؤساء جهالًا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» أخرجاه.
5984 - وعن أبي هريرة قال: «من أفتى بفتيا غير ثبت فإنما إثمه على الذي أفتاه» رواه أحمد وابن ماجة، وفي لفظ: «من أُفتي بفتيا بغير علم كان إثمه على الذي أفتاه» رواه أحمد وأبو داود، ورجال إسناده أئمة ثقات.
5985 - وعن أبي ذر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا أبا ذر! إني أراك ضعيفًا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تأمرنّ على اثنين ولا تولين مال يتيم».
5986 - وعنه قال: «قلت: يا رسول الله! ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي ثم قال: يا أبا ذر! إنك ضعيف، وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الأمانة عليه فيها» رواهما أحمد ومسلم.
5987 - وعن أم الحصين الأحمسية أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «اسمعوا وأطيعوا وإن أُمر عليكم عبد حبشي ما أقام فيكم كتاب الله عز وجل» رواه الجماعة إلا البخاري وأبو داود.
5988 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة» رواه البخاري.
قوله: «من أُفتي» بضم الهمزة وكسر المثناة مبني لما لم يسم فاعله.

.[37/5] باب وجوب الحكم بما أنزل الله في كتابه وسنة نبيه فإن لم يوجد فيهما فباجتهاد الحاكم، فإن أخطأ فهو معذور

قال الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة:44] و{الظَّالِمُونَ} [المائدة:45] و{الْفَاسِقُونَ} [المائدة:47].
5989 - وفي حديث معاذ لما بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن قال: «كيف تقضي إذا عرض عليك قضاء؟ قال: أقضي بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: فبسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي، فضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسوله لما يرضي رسول الله» رواه أبو داود والترمذي، وليس إسناده بمتصل، وقال البخاري: مرسل، وقال ابن حزم: لا يصح، وأطال الكلام في تضعيفه في رسالته التي أبطل فيها الرأي والقياس، وقال عبد الحق: لا يسند ولا يوجد من وجه صحيح، وقواه ابن العربي وقال: إنه رواه جماعة من أصحاب معاذ من أهل حمص، كما قاله الترمذي، وقال الحافظ ابن كثير: هو حديث حسن مشهور اعتمد عليه أئمة الإسلام في إثبات أصل القياس، وقد ذكرت له طرقًا وشواهد في جزء مفرد فلله الحمد. انتهى. والآيات وإن كان نزولها في اليهود، فالعام لا يقصر على سببه كما تقرر في الأصول.
5990 - وعن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإن حكم فأخطأ فله أجر» أخرجاه، وفي رواية للدارقطني: «والحاكم إذا اجتهد الحكم فأخطأ فله أجر، وإن أصاب فله عشرة أجور» قال الحاكم: صحيح الإسناد.

.[37/6] باب لا يقضي الحاكم للمدعي حتى يسمع كلام خصمه

5991 - عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تقاضى إليك رجلان فلا تقض للأول حتى تسمع كلام الآخر، فسوف تدري كيف تقضي، قال علي: فما زلت قاضيًا بعد» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وقواه ابن المديني وصححه ابن حبان.
5992 - وله شاهد عند الحاكم من حديث ابن عباس.