فصل: (37/24) باب استحلاف المنكر إذا لم يكن بينة وأنه ليس للمدعي الجمع بينهما

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[37/24] باب استحلاف المنكر إذا لم يكن بينة وأنه ليس للمدعي الجمع بينهما

6044 - عن الأشعث بن قيس قال: «كان بيني وبين رجل خصومة في بئر فاختصمنا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: شاهداك أو يمينه، فقلتُ: إنه إذن يحلف ولا يبالي، فقال: من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئٍ مسلم هو فيها فاجر لقي الله وهو عليه غضبان» متفق عليه، وفي لفظ لأحمد: «خاصمت ابن عمي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بئر كانت لي فجحدني، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بينتك أنها بئرك وإلا فيمينه، قلت: ما لي بينة، وإن تجعلها بيمينه تذهب بئري، إن خصمي امرؤ فاجر، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من اقتطع مال امرئٍ مسلم بغير حق لقي الله وهو عليه غضبان».
6045 - وعن وائل بن حجر قال: «جاء رجل من حضرموت ورجل من كنده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال الحضرمي: يا رسول الله! إن هذا قد غلبني على أرض كانت لأبي، فقال الكندي: هي أرضي في يدي أزرعها ليس له فيها حق، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للحضرمي: ألك بينة؟ قال: لا، قال: فلك يمينه؟ فقال: يا رسول الله! الرجل فاجر لا يبالي على ما حلف عليه، وليس يتورع في شيء، قال: ليس لك منه إلا ذلك فانطلق ليحلفه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أدبر الرجل: أما إن حلف على ماله ليأكله ظلمًا ليلقين الله وهو عنه معرض» رواه مسلم والترمذي وصححه.

.[37/25] باب اليمين على المدعى عليه في الأموال والدماء وغيرها ولو كان ذميًا

6046 - عن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى باليمين على المدعى عليه» متفق عليه، وفي رواية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن اليمين على المدعى عليه» رواه أحمد ومسلم، وللبيهقي بإسناد صحيح: «البينة على المدعي واليمين على من أنكر».
6047 - وعن الأشعث بن قيس قال: «كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني، فقدمته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم -: ألك بينة؟ قلت: لا، قال لليهودي: احلف؟ قلت: يا رسول الله إذن يحلف ويذهب بمالي، فأنزل الله: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ} [آل عمران:77]... إلخ» رواه البخاري والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة.
6048 - وفي حديث سهل بن أبي حثمة في القسامة قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فتبر بكم يهود بخمسين يمينًا، قالوا: كيف نأخذ أيمان قوم كفار» رواه الجماعة وقد تقدم في القسامة.

.[37/26] باب الاكتفاء في اليمين بالحلف بالله وجواز تغليظها باللفظ والمكان والزمان

6049 - عن ابن عمر قال: «من حلف بالله تعالى فليصدق، ومن حُلِف له بالله فليرض، ومن لم يرض فليس من الله» رواه ابن ماجة ورجاله رجال الصحيح إلا محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمسي، وقد قال في الكاشف: ثقة.
6050 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل حلَّفه: احلف بالله الذي لا إله إلا هو ما له عندي شيء يعني المدعي» رواه أبو داود والنسائي، وفي إسناده عطاء بن السائب، وفيه مقال، وقد أخرج له البخاري مقرونًا بآخر، وفي رواية لأحمد من حديثه: «اختصم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلان فوقعت اليمين على أحدهما فحلف بالله الذي لا إله إلا هو ما له عنده شيء».
6051 - وعند أحمد من حديث ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: فعلت كذا؟ قال: لا والذي لا إله إلا هو ما فعلت» وقد تقدمت الروايتان لأحمد.
6052 - وعن عكرمة مرسلًا «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له -يعني ابن صوريا-: أذكركم بالله الذي نجاكم من آل فرعون، وأقطعكم البحر وظلل عليكم الغمام وأنزل عليكم المن والسلوى، وأنزل التوراة على موسى أتجدن في كتابكم الرجم؟ قال: ذكرتني بعظيم ولا يسعني أن أكذبك..» وساق الحديث رواه أبو داود ورجاله رجال الصحيح.
6053 - وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أبي داود بإسناد ضعيف.
6054 - والشاهد العدل حديث البراء بن عازب المتقدم في باب رجم المحصن، رواه أحمد ومسلم وأبو داود مطولًا وفيه: «أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى» الحديث.
6055 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحلف عند منبري هذا عبد ولا أمة على يمين آثمة، ولو على سواك رطب إلا أوجب الله له النار» رواه أحمد وابن ماجة والحاكم في "المستدرك"، ورجال ابن ماجة ثقات.
6056 - وعن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحلف أحد على منبري كاذبًا إلا تبوء مقعده من النار» رواه أحمد وأبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان وصححه ابن خزيمة والحاكم.
6057 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، رجل على فضل ماء بالفلاة يمنعه من ابن السبيل، ورجل بايع الإمام لا يبايعه إلا للدنيا، فإن أعطاه منها وفى له، وإن لم يعط لم يف له، ورجل باع سلعته بعد العصر فحلف بالله لأخذها بكذا وكذا، فصدقه وهو على غير ذلك» رواه الجماعة إلا الترمذي، وفي رواية لأحمد والبخاري: «ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم رجل حلف على سلعةٍ لقد أعطي بها أكثر مما أعطي وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقطع بها مال امرئٍ مسلم، ورجل منع فضل ماء فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك».
قوله: «أكذبك» بفتح الهمزة وكسر الذال المعجمة.

.[37/27] باب ذم من حلف قبل أن يستحلف

6058 - عن ابن عمر قال: «خطبنا عمر بالجابية فقال: يا أيها الناس! إني قد قمت فيكم، كقيام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينا قال: أوصيكم بأصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يفشوا الكذب حتى يحلف الرجل ولا يستحلف، ويشهد ولا يستشهد، ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان، عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو مع الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة فيلزم الجماعة، من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن» رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. انتهى. وأخرجه أيضًا ابن حبان وصححه.
قوله: «الجابية» بالجيم هي القرية.
قوله: «بحبوحة» بمهملتين وموحدتين، قال في "الدر النثير": بحبوحة الدار والجنة وسطها وخيارها وبحبح تمكن في المنزل والمقام.

.[37/28] باب ما جاء في اليمين المردودة

6059 - عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رد اليمين على طالب الحق» رواه الدارقطني بإسناد ضعيف، وقال ابن الجوزي: في إسناده مجاهيل، ولم يبينهم وبينهم ابن القطان وخالف الحاكم فأخرجه وقال: صحيح الإسناد.

.[37/29] باب ما جاء من الأمر للمحكوم عليه برفع يده

6060 - عن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر رجلًا بعد ما حلف بالخروج عن حق صاحبه» رواه أبو داود والنسائي والحاكم، وقال: صحيح الإسناد في "الخلاصة"، وقد أعلَّه ابن الجوزي بما ليس بعلة، وفي رواية لأحمد في هذا الحديث «فنزل جبريل فقال: إنه كاذب إن له عنده حقًا فأمره أن يعطيه».

.[38] كتاب الجامع

.[38/1] باب ما جاء في تحريم قول الرجل لأخيه هو كافر

6061 - عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما، فإن كان كما قال وإلا رجعت عليه» رواه مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي.
6062 - وعن أبي ذر أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من دعا رجلًا بالكفر، أو قال: عدو الله، وليس كذلك إلا حار عليه» رواه البخاري ومسلم.
6063 - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أكفر رجل رجلًا إلا باء بها أحدهما إن كان كافرًا وإلا كفر بتكفيره» رواه ابن حبان في "صحيحه".

.[38/2] باب تحريم السب واللعن

6064 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «المتسابان ما قالا، فعلى البادي منهما حتى يعتدي المظلوم» رواه مسلم والترمذي وأبو داود.
6065 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
6066 - وعن عبد الله بن عمرو عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «سباب المسلم كالمشرف على الهلكة» رواه البزار بإسناد جيد.
6067 - وعن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يستقيم إيمان عبدٍ حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى تستقيم لسانه، وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار قال: الفم والفرج» رواه الترمذي وصححه.
6068 - وعن معاذ «أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن العمل الذي يدخله الجنة، ويباعده من النار فقال: ألا أخبرك بملاك ذلك؟ قال: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسان نفسه، ثم قال: كف عليك هذا، قال: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم» رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
6069 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينبغي لصديق أن يكون لعانًا» رواه مسلم وغيره، والحاكم وصححه.
6070 - وعن أبي الدرداء قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يكون اللعانون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة» رواه مسلم وأبو داود ولم يقل: «يوم القيامة».
6071 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يكون المؤمن لعانًا» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب، وفي رواية للترمذي وحسنها «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء» وصححه الحاكم ورجح الدارقطني وقفه.
6072 - وللترمذي من حديث أبي الدرداء: «أن الله يبغض الفاحش البذيء» وصححه.
6073 - وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه قيل: يا رسول الله! وكيف يلعن والديه؟ قال: يسب أبا الرجل، فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه» رواه البخاري وغيره.
6074 - وعن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ««لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بغضبه ولا بالنار» رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.
6075 - وعن سلمة بن الأكوع قال: «كنا إذا رأينا الرجل يلعن أخاه رأينا أنه قد أتى بابًا من أبواب الكبائر» رواه الطبراني بإسناد جيد.
6076 - وعن عبد الله بن مسعود قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن اللعنة إذا وجهت إلى من وجهت إليه فإن أصابت إليه سبيلًا أو وجدت فيه مسلكًا وإلا قالت: يا رب! وجهت إلى فلان فلم أجد فيه مسلكًا، ولم أجد عليه سبيلًا فيقال لها: ارجعي من حيث جئتِ» رواه أحمد بإسناد جيد.
6077 - وعن عمران بن حصين قال: «بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة فلعنتها، فسمع ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة، قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يتعرض لها أحد» رواه مسلم وغيره.
6078 - وعن أنس قال: «سار رجل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلعن بعيره، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا عبد الله! لا تسر معنا على بعير ملعون» رواه أبو يعلى وابن أبي الدنيا بإسناد جيد قاله المنذري.
6079 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تلعنوا الريح فإنها مأمورة، وأنه من لعن شيئًا ليس له بأهل رجعت اللعنة عليه» رواه أبو داود والترمذي، وقال حديث غريب لا نعرف أحدًا أسنده غير بشر بن عمر، والأحاديث في سب الأموات قد قدمناها في كتاب الجنائز في باب النهي عن سب الأموات والكف عن مساويهم.

.[38/3] باب تحريم سب الدهر

6080 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يسب ابن آدم الدهر، وأنا الدهر بيدي الليل والنهار» أخرجاه، وفي رواية لمسلم: «لا يسب أحدكم الدهر فإن الله هو الدهر» وفي رواية للبخاري: «لا تسموا العنب الكرم ولا تقولوا خيبة الدهر، فإن الله هو الدهر».
6081 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قال الله عز وجل يؤذيني ابن آدم يقول: يا خيبة الدهر، فلا يقل أحدكم يا خيبة الدهر، فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره» رواه أبو داود والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم، وفي رواية للحاكم من حديثه: «يقول الله شتمني عبدي وهو لا يدري، يقول: وادهراه وادهراه وأنا الدهر» وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.

.[38/4] باب النهي عن ترويع المسلم وعن التحريش

6082 - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا يحل لمسلم أن يروع مسلمًا» رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري.
6083 - وعن النعمان بن بشير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل لرجل أن يروع مسلمًا» رواه الطبراني في "الكبير"، قال المنذري: ورواته ثقات.
6084 - وعن عبد الله بن السائب عن أبيه عن جده أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعبًا ولا جادًا، فمن أخذ عصا أخيه فليردها إليه» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن غريب.
6085 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يشر أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان أن ينزع في يده فيقع في حفرة من النار» أخرجاه.
6086 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أشار إلى أخيه بحديدة، فإن الملائكة تلعنه وإن كان أخاه لأبيه وأمه» رواه مسلم.
6087 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون، ولكن في التحريش بينهم» رواه أحمد ومسلم والترمذي وقال: حديث حسن.

.[38/5] باب ما جاء من النهي عن استماع حديث قوم بغير إذنهم

6088 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل، ومن استمع إلى حديث قوم وهم كارهون صب في أذنيه الآنك يوم القيامة ومن صور صورة عذب وكلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ» رواه البخاري وغيره.
قوله: «الآنك» هو الرصاص المذاب.

.[38/6] باب ما جاء في النميمة

6089 - عن حذيفة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يدخل الجنة نمام» وفي رواية «قتات» أخرجاه وأبو داود والترمذي.
6090 - وعن ابن عباس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بقبرين يُعذبان، فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، بلى إنه لكبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستنزه من بوله» أخرجاه واللفظ للبخاري وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة في "صحيحه".
6091 - وعن أبي هريرة قال: «مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على قبرين فقال: هذان رجلان يعذبان في قبريهما عذابًا شديدًا في ذنب هين، قلنا فيم ذلك قال: كان أحدهما لا يستنزه من البول، وكان الآخر يؤذي الناس بلسانه ويمشي بينهم بالنميمة، فدعا بجريدتين من جرائد النخل، فجعل في كل قبر واحدة فقلنا: وهل ينفعهم ذلك قال: نعم، يخفف عنهما ما دامتا رطبتين» رواه ابن حبان في "صحيحه".
قوله: «القتات» هو النمام، وقيل هو الذي يتسمع حديث القوم، ولا يعلمون، والنمام الذي يكون معهم فينم عليهم، والنميمة: نقل الحديث من قوم إلى قوم على جهة الإفساد والشر.
قوله: «في ذنب هين» أي هين عندهما لا أنه هين في نفس الأمر، فقد تقدم بلى إنه لكبير.

.[38/7] باب ما جاء في تحريم الغيبة

6092 - عن أبي بكرة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته في حجة الوداع: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟» أخرجاه مطولًا وقد تقدم.
6093 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكراك أخاك بما يكره، قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فقد بهته» رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي، قال المنذري: وقد روي هذا الحديث من طرق كثيرة عن جماعة من الصحابة.
6094 - وعن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الربا ثلاثة وسبعون بابًا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم» رواه ابن ماجة مختصرًا والحاكم بتمامه وصححه.
6095 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه» رواه البزار بإسنادين، قال المنذري: أحدهما قوي.
6096 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: «تدرون ما أربا الربا عند الله؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: فإن أربا الربا عند الله استحلال عرض امرئٍ مسلم، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب:58]» رواه أبو يعلى، قال المنذري: ورواته رواة الصحيح.

6097 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «تدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له، ولا متاع، فقال: إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا، وأكل مال هذا وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم وطرحت عليه، ثم طرح في النار» رواه مسلم والترمذي وغيرهما.
6098 - وعن أبي صرمة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ضار مسلمًا ضاره الله، ومن شاق مسلمًا شق الله عليه» رواه أبو داود والترمذي، وحسنه هكذا لفظ الحديث في "بلوغ المرام"، ولفظ الترمذي وأبي داود «من ضار ضار الله به، ومن شاق شاق الله عليه».
6099 - وعن أسماء بنت يزيد قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ذب عن عرض أخيه بالغيبة كان حقًا على الله أن يعتقه من النار» رواه أحمد بإسناد حسن.
6100 - وعن أبي الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة» رواه الترمذي وقال حديث حسن.

.[38/8] باب ما جاء في التجسس وتتبع العورات

6101 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحسسوا» أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي.
6102 - وعن معاوية قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم، أو كدت أن تفسده» رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه".
6103 - وعن زيد بن وهب أنه أتى ابن مسعود فقيل: «هذا فلان تقطر لحيته خمرًا، فقال عبد الله: إنا نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به» رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري.
6104 - وعن أبي برزة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تتبعوا عورات المسلمين، فإن من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه في بيته» رواه أبو داود وفي إسناده سعيد بن عبد الله بن جريج، قال أبو حاتم: مجهول.
6105 - وأخرجه أبو يعلى عن البراء بإسناد حسن.

.[38/9] باب ما جاء في حسن الصمت

6106 - عن أبي موسى قال: «قلت: يا رسول الله! أي المسلمين أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده» رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
6107 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه» أخرجاه.
6108 - وعن عبد الله بن مسعود قال: «سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة على ميقاتها، قلت: ثم ماذا يا رسول الله؟ قال: أن يسلم الناس من لسانك» رواه الطبراني، قال المنذري بإسناد صحيح.
6109 - وعن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «طوبى لمن ملك لسانه ووسعه بيته وبكى على خطيئته» رواه الطبراني في "الأوسط" و"الصغير" وحسن إسناده، وهو للترمذي من حديث عقبة بن عامر بنحوه، وقال: حديث حسن.
6110 - وعن سهل بن سعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من يضمن لي ما بين لحييه، وما بين رجليه أضمن له الجنة» رواه البخاري والترمذي وصححه.
6111 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» رواه الترمذي، وقال: غريب، وقال في "بلوغ المرام": قال الترمذي: حسن. انتهى. وقال المنذري: رواته ثقات إلا قرة بين حيويل، ففيه خلاف، وقال ابن عبد البر النمري: هو محفوظ عن الزهري بهذا الإسناد من رواته الثقات، فعلى هذا يكون الحديث حسنًا، لكن قال جماعة من الأئمة: الصواب أنه عن علي بن الحسين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، انتهى. ورواه الترمذي من حديث الزهري عن علي بن الحسين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، وقال: هذا عندنا أصح من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة. انتهى. وقال في شرح "الجامع الصغير" هو حديث حسن.
6112 - وعن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: «قلت: يا رسول الله! قل في الإسلام قولًا لا أسأل أحدًا غيرك، قال: قل آمنت بالله ثم استقم، قال: قلت: يا رسول الله! ما أخوف ما تخاف عليَّ فأخذ بلسان نفسه، ثم قال: هذه» رواه الترمذي بإسناد صحيح، وقال: حديث حسن صحيح.
6113 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الصمت حكمة وقليل فاعله» قال في "بلوغ المرام": أخرجه البيهقي في "الشعب" بسندٍ ضعيف، وصحح أنه من قول لقمان الحكيم.
6114 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل بني آدم خطاءون، وخير الخطائين التوابون» أخرجه الترمذي وابن ماجة، قال في "بلوغ المرام": وسنده قوي.
6115 - وعن بلال بن الحارث المزني قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أحدكم ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن يبلغ ما بلغت فيكتب الله تبارك وتعالى بها رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن يبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح أخرجه أحمد ومالك والنسائي وابن حبان والحاكم.