فصل: (2/17) باب ما جاء في مواكلة الحائض

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[2/17] باب ما جاء في مواكلة الحائض

538 - عن عائشة قالت: «كنت أشرب وأنا حائض فأناوله النبي - صلى الله عليه وسلم – فيضع فاه على موضع فيّ فيشرب وأتَعرَّقُ العَرْق وأنا حائض فأناوله النبي - صلى الله عليه وسلم - فيضع فاه على موضع فيّ» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي.
539 - وعن عبد الله بن سعد قال: «سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مواكلة الحائض، قال: واكِلْها» رواه أحمد والترمذي وحسنه، وأخرجه أبو داود بسند رجاله ثقات.
540 - وقد تقدم حديث: «اصنعوا كل شيء إلا النكاح».
قوله: «العَرْق» بفتح العين المهملة وراءٍ ساكنة بعدها قاف وهو العظم، وأتعرق أي: أكل ما عليه من اللحم.

.[2/18] باب ما جاء أنّ الحائض والنفساء تفعل مناسك الحج كلها غير أنها لا تطوف بالبيت

541 - عن عائشة قالت: لمّا جئت بسَرَف حضت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» متفق عليه في حديث طويل في صفة حج النبي - صلى الله عليه وسلم -.
542 - وعن عائشة: «أن أسماء بنت عُميس نُفِسَت بمحمد بن أبي بكر بالشجرة، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر أن يأمرها أن تغتسل وتُهل» أخرجه مسلم وأبو داود.
543 - وعن أسماء بنت عُمَيس «أنها ولدت محمدًا بالبيداء، فذكر أبو بكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: مُرها فلتغتسل ثم تُهل» رواه النسائي.
544 - وللنسائي من حديث أبي بكر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يأمرها أن تغتسل وتُهل بالحج، وتصنع ما يصنع الحاج إلا أنها لا تطوف بالبيت».
545 - وعند مسلم في حديث جابر الطويل: «أنها ولدت أسماء بنت عُميس محمد بن أبي بكر في ذي الحُليفة، فأرسلت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - كيف أصنع؟ قال: اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي».

.[2/19] باب ما جاء في مدة النفاس

546 - عن أم سلمة قالت: «كانت النفساء تجلس على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعين يومًا» رواه الخمسة إلا النسائي، وأخرجه أيضًا الدارمي والدارقطني
والبيهقي والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، وصححه أيضًا ابن السكن، وفي لفظ لأبي داود: «ولم يأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بقضاء صلاة النفاس» وقال الخطابي: أثنى البخاري على هذا الحديث، قلتُ: وله شواهد يقوي بعضها بعضًا.

.[3] كتاب الصلاة

.[3/1] باب افتراضها ومتى كان وذكر أركان الإسلام

547 - عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بُني الإسلام على خمسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقامِ الصلاة وإيتاءِ الزكاة، وحجِّ البيت، وصوم رمضان» متفق عليه.
548 - وعن أنس بن مالك قال: «فُرضت على النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلوات ليلة أُسري به خمسين ثم نقصت حتى جُعلت خمسًا، ثم نُودي: يا محمد! إنه لا يُبدل القول لديّ وأن لك بهذه الخمس خمسين» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه، وهو لهما بلفظ: «هي خمس وهي خمسون».
549 - وعن عائشة قالت: «فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، ثم هاجر ففرضت أربعًا وتُركت صلاة السفر على الأول» رواه أحمد والبخاري، زاد أحمد: «إلا المغرب فإنها كانت ثلاثًا».
550 - وعن طلحة بن عبيد الله: «أن أعرابيًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثائر الرَّأس، فقال: يا رسول الله! أخبرني ما فرض الله عليّ من الصلوات؟ قال: الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئًا، قال: أخبرني ما فرض الله عليّ من الصيام؟ قال: شهر رمضان إلا أن تطوع شيئًا، قال: أخبرني ما فرض الله عليّ من الزكاة؟ قال: فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - بشرائع الإسلام كلها، فقال: والذي أكرمك لا أتطوع شيئًا، ولا أنقص عمّا فرض الله عليّ شيئًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أفلح إن صدق، أو دخل الجنة إن صدق» متفق عليه.
قوله: «ثائر الرأس» أي شعره متفرق من ترك الرفاهية.

.[3/2] باب ما جاء في قتل تارك الصلاة

551 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله عز وجل» متفق عليه.
552 - ولأحمد مثله من حديث أبي هريرة.
553 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله» أخرجه البخاري ومسلم والنسائي.
554 - وعن أبي سعيد الخدري قال: «بعث عليٌ رضي الله عنه وهو باليمن إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بذُهَيْبَةٍ فقسمها بين أربعة، فقال رجل: يا رسول الله! اتق الله، فقال: ويلك أو لستُ أحقُ أهل الأرض أن يتقي الله، ثم ولّى الرجل، فقال خالد بن الوليد: وكم من مصلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني لم أُؤمر أن أن أُنَقِّبَ على قلوب الناس، ولا أشق بطونهم» مختصر من حديث متفق عليه.
555 - وعن عبد الله بن عدي بن الخيار: «أن رجلًا من الأنصار حدثه أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في مجلس يُسارّهُ ويستأذنه في قتل رجل من المنافقين، فجهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟ قال الأنصاري: بلى يا رسول الله، ولا شهادة له، قال: أليس يشهد أن محمدًا رسول الله؟ قال: بلى، ولا شهادة له، قال: أليس يصلي؟ قال: بلى، ولا صلاة له، قال: أولئك الذين نهاني الله عز وجل عن قتلهم» رواه الشافعي وأحمد في "مسنديهما" ومالك في الموطأ.
قوله: «لم أؤمر أن أنقب» معناه أنه - صلى الله عليه وسلم - مأمور بالحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر.

.[3/3] باب ما جاء في تكفير تارك الصلاة

556 - عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة» رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي.
557 - وعن بُرَيْدَةَ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «العهد الذي بيننا وبينكم الصلاة، فمن تركها فقد كفر» رواه الخمسة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم، وقال: صحيح لا يُعرف له علة، وصححه النسائي والعراقي وإسناده على شرط مسلم.
558 - وعن عبد الله بن شقيق العُقيلي قال: «كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرون شيئًا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة» رواه الترمذي والحاكم وصححه على شرطهما.
559 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ذكر الصلاة يومًا، فقال: «من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يُحافظ عليها لم تكن له نورًا ولا برهانًا ولا نجاةً وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأُبيّ بن خلف» رواه أحمد والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، قال في "مجمع الزوائد": رجال أحمد ثقات، وقال المنذري: إسناد أحمد جيد. ورواه ابن حبان في "صحيحه".
560 - وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك الصلاة متعمدًا فقد كفر جهارًا» رواه الطبراني، قال المنذري: وإسناده لا بأس به وفي الباب أحاديث كثيرة.

.[3/4] باب الحث عليها والتشديد في تركها

561 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لو أن نهرًا بباب أحدكم فيغتسل منه كل يومٍ خمس مرات ما تقولون ذلك يُبقي من دَرَنِه؟ قالوا: لا يُبْقِي من درنه شيئًا، قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا» أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.
562 - وعن عثمان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يتوضأ رجل فيُحسن وضوءه، ثم يُصلي الصلاة إلا غُفر له ما بينه وبين الصلاة التي تليها» أخرجاه وأخرجه "الموطأ" والنسائي.
563 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك الصلاة لقي الله وهو عليه غضبان» أخرجه البزار والطبراني في "الكبير" بإسناد لا بأس به.
564 - وعن الحسن عن أبي هريرة أراه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن العبد المملوك ليحاسب بصلاته، فإذا نقص منها قيل له: لِمَ نقصت منها؟ فيقول: يا رب! سلطتَ عليّ مليكًا يشغلني عن صلاتي، فيقول الله: قد رأيتك تسرق من ماله لنفسك، فهلّا سرقت من عملك لنفسك، فتجب لله تعالى الحجة عليه» رواه أحمد وفي إسناده لين.
565 - وعن عبادة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «خمس صلوات كتبهن الله على العباد، من أتى بهنّ لم يضيع منهن شيئًا استخفافًا بحقهنّ كان له عند الله عهد أن يُدخله الجنة، ومن لم يأتِ بهنّ فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء غفر له» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وقال فيه: «ومن جاء بهنّ قد انتقص منهن شيئًا استخفافًا بحقهن» وأخرجه مالك في "الموطأ" وابن حبان في "صحيحه" وابن السكن، قال ابن عبد البر: هو صحيح ثابت.
566 - وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن أول ما يُحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة المكتوبة، فإن أتمها وإلا قيل: انظروا هل له من تطوع؟ فإن كان له تطوع أكملت الفريضة من تطوعه، ثم يُفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك» رواه الخمسة وأبو داود بإسناد لا بأس به، والنسائي بإسناد رجاله رجال الصحيح، وصححه ابن القطان، وقد أخرج الحديث الحاكم في المستدرك وصحح إسناده.
567 - ولأبي داود من حديث تميم الداري نحو حديث أبي هريرة وصحح إسناده العراقي، وأخرجه الحاكم وقال: إسناده صحيح على شرط مسلم.
568 - وفي حديث سمرة الطويل في رؤيا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أتاني الليلة اثنان، وفيه: أنه - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا مضطجعًا وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر، فيأخذه فلا يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان، ثم يعود عليه فيفعل به مثلما فعل في المرة الأولى، قال: قلت لهما: سبحان الله! فقالا: هذا الرجل يأخذ القرآن فيرفضه، وينام عن الصلاة المكتوبة» مختصر من حديث سمرة أخرجه البخاري.
قوله: «يثلغ رأسه» أي: يشدخه.
قوله: «فيتدهده» أي: يتدحرج.

.[3/5] باب ما جاء في أمر ابن السبع بالصلاة وضرب ابن العشر

569 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مروا صبيانكم بالصلاة لسبع سنين، واضربوهم عليها لعشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع» رواه أحمد وأبو داود والحاكم، وله شواهد، ولفظ أبي داود قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها» وفي رواية للترمذي وحسنه قال: «علموا الصبي الصلاة ابن سبع سنين، واضربوه عليها ابن عشر سنين».
570 - واللفظ الذي أخرجه الترمذي رواه ابن خزيمة من رواية عبد الملك ابن الربيع بن سَبْرَةَ الجهني عن أبيه عن جده قال الحاكم والبيهقي: صحيح على شرط مسلم، وصححه أيضًا الترمذي.
571 - وعن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «رُفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل» رواه أحمد والنسائي وأبو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم وقال: على شرط مسلم.
572 - وأخرجه أبو داود والترمذي من حديث علي، وقال: حديث حسن، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان، وأخرجه أيضًا البخاري موقوفًا معلقًا بصيغة جزم.
573 - ورواه الحاكم من رواية أبي قتادة، وقال: صحيح الإسناد، وقواه صاحب الإلمام.

.[3/6] باب ما جاء في الكافر يُسلم ليس عليه قضاء الصلاة

574 - عن عمرو بن العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الإسلام يَجُبُّ ما قبله» رواه أحمد والطبراني والبيهقي، وهو لمسلم من حديثه بلفظ: «أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله».
575 - وأخرج مسلم أيضًا من حديث عبد الله بن مسعود قال: «قلنا: يا رسول الله! أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أُخذَ بالأولِ والآخر».
قوله: «يَجُبُّ ما قبله» أي: يقطعه فيذهب إثم المعاصي التي عملها حال كفره.

.أبواب المواقيت

.[3/7] باب ما جاء في وقت الظهر

576 - عن جابر بن عبد الله: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءه جبريل عليه السلام، فقال له: قُم فصله، فصلى الظهر حين زالت الشمس، ثم جاءه العصر، فقال له: قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم جاءه المغرب، فقال له: قم فصله، فصلى المغرب حين وجبت الشمس، ثم جاءه العشاء، فقال: قم فصله، فصلى العشاء حين غاب الشفق، ثم جاءه الفجر فقال: قم فصله، فصلى الفجر حين برق الفجر أو قال: سطع الفجر، ثم جاءه من الغد للظهر فقال: قم فصله، فصلى الظهر حين صار ظل كل شيء مثله، ثم جاءه العصر فقال: قم فصله، فصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثليه، ثم جاءه المغرب وقتًا واحدًا لم يزل عنه، ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل أو قال: ثلث الليل فصلى العشاء، ثم جاء حين أسفر جدًا، فقال: قم فصله فصلى الفجر، ثم قال: ما بين هذين الوقتين وقت» رواه أحمد والنسائي والترمذي بنحوه، وقال البخاري: هو أصح شيء في المواقيت قال في "الخلاصة": وأخرجه الدارقطني وابن حبان والحاكم وقال: صحيح مشهور. انتهى.
577 - وللترمذي عن ابن عباس قال: «أمّني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين، فذكر نحو حديث جابر إلا أنه قال فيه: وصلى المرة الثانية حين صار ظل كل شيء مثله لوقت العصر بالأمس، وقال فيه: ثم صلّى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل وفيه: ثم قال: يا محمد! هذا وقت الأنبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين» قال الترمذي هذا حديث حسن وصححه ابن عبد البر وابن العربي، وقال الحاكم: صحيح الإسناد وصححه ابن خزيمة.
قوله: «فصله» الهاء للسكت.
قوله: «حين وجبت الشمس» الوجوب السقوط.
قوله: «زالت» أي: مالت إلى جهة الغرب.

.[3/8] باب ما جاء في تعجيلها والإبراد بها في شدة الحر

578 - عن جابر بن سَمُرة قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر إذا دحضت الشمس» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه وأبو داود.
579 - وعن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي الظهر في أيام الشتاء، وما ندري أما ذهب من النهار أكثر أو ما بقي منه» رواه أحمد وعبد الرزاق.
580 - وعن ابن مسعود قال: «كان قدر صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر في الصيف ثلاثة أقدام، وفي الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة» أخرجه أبو داود والحاكم والنسائي بإسناد فيه مقال، وسكت عنه المنذري في "مختصر السنن"، وفي إسناده سعد بن طارق وثقه أحمد وابن معين، وقال العقيلي: لا يتابع على حديثه، وذكر في "الميزان" في ترجمة عبيدة بن حميد الظبي ما لفظه: وقد ضعف عبد الحق حديث تقدير صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالأقدام في الشتاء والصيف.انتهى، والحافظ في "التلخيص" لم يتكلم على لفظ الحديث ولا سنده.
581 - وعن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الحر أبرد بالصلاة وإذا كان البرد عجل» رواه النسائي وللبخاري نحوه.
582 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم» رواه الجماعة.
583 - وعن أبي ذر قال: «كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فأراد المؤذن أن يؤذن للظهر، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أبرد ثم أراد أن يؤذن، فقال له: أبرد حتى رأينا فيَّ التُّلُول، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن شدة الحر من فيح جهنم فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة» متفق عليه.
قوله: «دَحَضت» بفتح الدال والحاء المهملتين وبعدهما ضاد معجمة، أي: زالت.
قوله: «أبردوا» الإبراد تأخيرها عن وقت الحر إلى وقت انكسار شدة الحر.
قوله: «في التلول» الفىء ما كان شمسًا فنسخه الظل الحاصل بعد الزوال، والتُّلُول: جمع تَلٍ وهو الربوة من التراب المجتمع.

.[3/9] باب ما جاء في وقت العصر

584 - عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «وقت صلاة الظهر ما لم يحضر العصر، ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يسقط ثور الشفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل، ووقت صلاة الفجر ما لم تطلع الشمس» رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود، وفي رواية لمسلم: «ووقت صلاة الفجر ما لم يطلع قرن الشمس الأول وفيه ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس ويسقط قرنها الأول».
585 - وعن أنس قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقرها أربعًا لا يذكر الله إلا قليلًا» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه.
586 - وعن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وأتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة، فلم يرد عليه شيئًا وأمر بلالًا فأقام الفجر حتى انشق الفجر والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضًا، ثم أمره فأقام الظهر حين زالت الشمس والقائل يقول: انتصف النهار أو لم، وكان أعلم منهم ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة، ثم أمره فأقام المغرب حين وقبت الشمس، ثم أمره فأقام العشاء حين غاب الشفق، ثم أخر الفجر من الغد حين انصرف منها، والقائل يقول: طلعت الشمس أو كادت، وأخر الظهر حتى كان قريبًا من وقت العصر بالأمس ثم أخر العصر والقائل يقول: احمرت الشمس ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق». وفي لفظ: «فصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وأخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول، ثم أصبح فدعا السائل فقال: الوقت فيما بين هذين»رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.
587 - وروى الجماعة إلا البخاري نحوه من حديث بُريدة الأسلمي وصححه الترمذي.
قوله: «ثور الشفق» بالثاء المثلثة انتشاره وثوران حمرته.
قوله: «قرن الشمس» هو ناحيتها أو أعلاها وأول شعاعها.
قوله: «قرني شيطان» أي ناحيتي رأسه وجانبيه، وقيل علوه وارتفاعه وسلطانه وقيل غير ذلك.
قوله: «وقبت» بقاف وباء موحدة وتاء فوقية، أي: غربت.

.[3/10] باب ما جاء في تعجيلها

588 - عن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي العصر والشمس مرتفعة حيَّة، فيذهب الذاهب إلى العوالي فيأتيهم والشمس مترفعة» رواه الجماعة إلا الترمذي. وللبخاري: «وبعض العوالي من المدينة على أربعة أميال أو نحوه» ولأحمد وأبي داود نحو ذلك، وفي رواية لمسلم: «ثم يذهب الذاهب إلى قباء»، وفي أخرى له «ثم يخرج الإنسان إلى بني عمرو بن عوف فيجدهم يصلون».
589 - وعنه قال: «صلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - العصر فأتاه رجل من بني سلمة فقال: يا رسول الله! إنا نريد أن ننحر جزورًا لنا وإنا نحب أن تحضرها، قال: نعم فانطلق وانطلقنا معه فوجدنا الجزور لم ينحر فنحرت ثم قطعت ثم ذبح منها ثم أكلنا قبل أن تغيب الشمس» رواه مسلم.
590 - وعن رافع بن خديج قال: «كنا نصلي العصر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم ننحر الجزور فيقسم عشر قسم ثم يطبخ فنأكل لحمه نضيجًا قبل مغيب الشمس» متفق عليه.
591 - وعن بُرَيْدَةَ الأسلمي قال: «كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة فقال: بكّروا بالصلاة في اليوم الغيم فإنه من فاته صلاة العصر حبط عمله» رواه أحمد وابن ماجه برجال الصحيح.
قوله: «مرتفعة حية» قال الخطابي: حياتها وجود جرمها.
قوله: «العوالي» هي القرى التي جنب المدينة أبعدها على ثمانية أميال من المدينة وأقربها ميلان وبعضها على ثلاث أميال.
قوله: «جزور» البعير ذكرًا كان أو أنثى واللفظ مؤنثة تقول هذه الجزور كذا في "الدر النثير".

.[3/11] باب ما جاء أنها الوسطى

592 - عن علي رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الأحزاب: «ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارًا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس» متفق عليه، ولمسلم وأحمد وأبي داود: «شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر».
593 - وعنه قال: «كنا نراها الفجر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هي صلاة العصر يعني صلاة الوسطى» رواه عبد الله في مسند أبيه.
594 - وعن ابن مسعود قال: «حبس المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة العصر حتى احمرت الشمس، أو اصفرت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارًا، أو أحشى أجوافهم وقبورهم نارًا» رواه أحمد ومسلم وابن ماجه.
595 - وعنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الوسطى صلاة العصر» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
596 - وعن سَمُرة بن جُنْدَب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الصلاة الوسطى صلاة العصر» رواه أحمد والترمذي وصححه. وفي رواية لأحمد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وسماها لنا أنها صلاة العصر».
597 - وعن البراء بن عازب قال: «نزلت هذه الآية {حافظوا على الصلوات وصلاة العصر}فقرأنا بها ما شاء الله، ثم نسخها الله فنزلت: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة:238]، فقال رجل: فهي إذًا صلاة العصر، فقال: قد أخبرتك كيف نزلت، وكيف نسخها الله، والله أعلم» رواه أحمد ومسلم.
598 - وعن أبي يونس مولى عائشة أنه قال: «أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفًا فقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذنّي {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى}فلما بلغتها آذنتها فأملت عليَّ: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين، قالت عائشة: سمعتها من رسول اللهص»رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه.
599 - وعن زيد بن ثابت قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالهاجرة، ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحابه منها فنزلت: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى}وقال: إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين» رواه أحمد وأبو داود وسكت عنه هو والمنذري. وأخرجه البخاري في التاريخ والنسائي برجال ثقات.
600 - وعن أسامة بن زيد في الصلاة الوسطى قال: «هي الظهر إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي الظهر بالهجير، ولا يكون وراءه إلا الصف والصفان والناس في قايلتهم وفي تجارتهم، فأنزل الله: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238]» رواه أحمد والنسائي وابن منيع وابن جرير والضياء في "المختارة" ورجال النسائي ثقات.
قوله: «الهجير والهاجرة» نصف النهار عند اشتداد الحر.