فصل: كتاب اللباس

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.كتاب اللباس

.[3/44] باب تحريم لبس الحرير على الرجال

739 - عن عمر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تلبسوا الحرير، فإن من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة».
740 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من لبس الحرير في الدنيا، فلن يلبسه في الآخرة» متفق عليهما.
741 - وعن أبي موسى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أحل الذهب والحرير للإناث من أمتي، وحرم على ذكورها» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه، وأبو داود، والحاكم وصححه، وصححه أيضًا ابن حزم.
742 - وعن علي رضي الله عنه قال: «أُهديت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - حلة سِيرَاء، فبعث بها إلىَّ فلبستها، فعرفت الغضب في وجهه، فقال: إني لم أبعثها إليك لتلبسها، إنما بعثت بها إليك لتشققها خُمرًا بين النساء» متفق عليه.
743 - وعن ابن عمر قال: «رأى عُمرُ عطاردًا التميمي يقيم بالسوق حلة سيراء، وكان رجلًا يغشى الملوك ويصيب منهم، فقال عمر: يا رسول الله! إني رأيت عطاردًا يقيم في السوق حلة سيراء، فلو اشتريتها فلبستها لوفود العرب إذا قدموا عليك، وأظنه قال: ولبستها يوم الجمعة، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة» رواه مسلم بلفظه.
744 - وعن أنس بن مالك: «أنه رأى على أم كلثوم بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - برد حلةٍ سيراء» رواه البخاري والنسائي.
745 - وعن ابن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما يلبس الحرير من لا خلاق له في الآخرة» أخرجاه.
746 - وعن علي رضي الله عنه قال: «أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - حريرًا فجعله في يمينه، وأخذ ذهبًا فجعله في شماله، ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي» أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه، وحسن إسناده علي بن المديني، وزاد ابن ماجه: «حل لإناثها»، وفي الباب عدة أحاديث.
قوله: «لم يلبسه في الآخرة» قيل: إن ذلك إشارة إلى عدم دخول الجنة، وقيل: يحرم عليه لبسه في الجنة، ويدل له ما في حديث أبي سعيد الخدري فقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - مرفوعًا بمثل حديث أبي موسى، وزاد فيه: «وإن دخل الجنة لبسه أهل الجنة ولم يلبسه هو» رواه ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، وقال: صحيح.
قوله: «حلة» الحلة: إزار ورداء.
قوله: «سيراء» بكسر السين المهملة بعدها مثناة تحتيه مفتوحة، ثم راء ثم ألف ممدودة قال في "الدر النثير": هو نوع من البرد يخالطه حرير كالستور. انتهى. قلت: وقد اختلف فيها فقيل: إنها حرير خالص، وقيل: مشوبة بالحرير، وقيل غير ذلك، وحديث ابن عمر دال على أن الحلة السِّيراء حرير خالص.

.[3/45] باب ما جاء في افتراش الحرير

747 - عن حذيفة قال: «نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نشرب في آنية الذهب والفضة، وأن نأكل فيها، وعن لبس الحرير والديباج، وأن نجلس عليه» رواه البخاري.
748 - وعن علي رضي الله عنه قال: «نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الجلوس على المياثر، والمياثر: قسيّ كانت تصنعه النساء لبعولتهن على الرجل كالقطائف من الأرجوان» رواه مسلم والنسائي.
قوله: «المياثر» جمع ميثرة بكسر الميم وبالثاء المثلثة، «والقَسِّي» بفتح القاف وكسر السين المهملة المشددة: ثياب مضلعة بالحرير، يعمل بالقَسي بفتح القاف موضع من بلاد مصر.
قوله: «من الأرُجُوان» هو بضم الهمزة والجيم وهو الصوف الأحمر.

.[3/46] باب بيان ما رخص فيه من الحرير والذهب

749 - عن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن لبس الحرير إلا هكذا، ورفع لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إصبعيه الوسطى والسبابة وضمهما» متفق عليه، وفي لفظ: «نهى عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاثة أو أربعة» رواه الجماعة إلا البخاري. ولفظ مسلم: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبس الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو أربع».
750 - وعن أسماء «أنها أخرجت جبة طيالسية عليها لبنة شبر من ديباج كسرواني، وفرجيها مكفوفين به، فقالت: هذه جبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يلبسها، كانت عند عائشة فلما قبضت عائشة قبضتها إلي فنحن نغسلها للمريض فنستشفي بها» رواه أحمد ومسلم، ولم يذكر لفظ الشبر، وزاد البخاري في "الأدب المفرد": «كان يلبسها للوفد والجمعة».
751 - وعن معاوية قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ركوب النمار، وعن لبس الذهب إلا مقطعًا» رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد رجاله ثقات.
752 - وأخرجه النسائي من حديث ابن عمر وسيأتي قريبًا.
753 - وعن أنس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص لعبد الرحمن بن عوف والزبير في لبس الحرير لحكة كانت بهما» رواه الجماعة، ولفظ الترمذي: «أن عبد الرحمن بن عوف والزبير شكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القمل، فرخص لهما في قميص الحرير في غزاة لهما».
قوله: «جبة طيالسية» هو بإضافة جبة إلى طيالسية، والطيالسة جمع طيلسان: وهو كساء غليظ، والمراد أن الجبة غليظة كأنها من طيلسان.
قوله: «كَسْروَاني» بفتح الكاف وسكون السين المهملة وفتح الواو نسبة إلى كسرى ملك الفرس.
قوله: «وفرجيها» الفرج في الثوب: الشق الذي يكون أمام الثوب وخلفه في أسفله.
قوله: «النمار» جمع نمر.

.[3/47] باب ما جاء في لبس الخزّ والحرير المخلوط بغيره

754 - عن عبد الله بن سعد عن أبيه سعد قال: «رأيت رجلًا ببخارى على بغلة بيضاء عليه عمامة خز سوداء، فقال: كسانيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أبو داود والبخاري في "تاريخه"، وقاله المنذري، وأخرجه الترمذي.
755 - وعن ابن عباس قال: «إنما نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الثوب المصمت من قزٍ، قال ابن عباس: أما السُّداء والعلم فلا نرى به بأسًا» رواه أحمد وأبو داود بإسناد ضعيف، لكن قد أخرجه الحاكم بإسناد صحيح والطبراني بإسناد حسن.
756 - وعن علي رضي الله عنه قال: «أُهدي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلة مكفوفة بحرير أما سداها وأما لحمتها، فأرسل بها إلىَّ، فأتيته فقلت: يا رسول الله! ما أصنع بها؟ أألبسها؟ قال: لا. ولكن اجعلها خُمُرًا بين الفواطم» رواه ابن ماجه بإسناد فيه مقال.
757 - وعن معاوية قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تركبوا الخز ولا النمار» رواه أبو داود ورجال إسناده ثقات والنسائي وابن ماجه.
758 - وعن أبي عامر الأشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير» رواه أبو داود والبخاري تعليقًا جازمًا به ومعلقاته المجزوم بها "صحيحه"، وقال في مقدمة "الفتح": وصلها ابن حبان في "صحيحه" والحسن بن سفيان في "مسنده" والإسماعيلي والطبراني في "الكبير"، وأبو نعيم من أربع طرق قلت سيأتي في باب ما جاء في آله اللهو ما يتبين به أن هذا الحديث من موصلات البخاري لا من معلقاته، وفي الحديث: «يمسخ منهم آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة» ورجال إسناد أبي داود ثقات، وأخرجه أيضًا ابن ماجه وصححه ابن حبان وله شواهد قال في "مجمع الزوائد": أسانيده لا مطعن فيها، وصححها جماعة آخرون سيأتي إن شاء الله تعالى مطولًا في باب ما جاء في آلة اللهو.
قوله: «الخز» بالخاء المعجمة والزاي هو الإبر يسم وهو نوع من الحرير وفي "النهاية": أن الخز الذي كان على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ماخلط من الحرير والوبر، وفي "فتح الباري": هو في حفظة الروايات من "صحيح البخاري" بالحاء المهملة، وسيأتي كلام الحافظ في باب ما جاء في آلة اللهو.

.[3/48] باب ما جاء في نهي الرجل عن لبس المعصفر وما جاء في لبس الأحمر

759 - عن عبد الله بن عمرو قال: «رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليَّ ثوبين معصفرين فقال: إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها» رواه أحمد ومسلم والنسائي وفي لفظ لمسلم من حديثه قال: «رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - على ثوبين معصفرين فقال: أُمك أمرتك بهذا، قلت: أغسلهما يا رسول الله؟ قال: بل أحرقهما».
760 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «أقبلنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من ثنية فالتفت إلىَّ وعليَّ ريطة مضرجة بالعصفر فقال: ما هذه؟ فعرفت ما كره، فأتيت أهلي وهم يسجرون تنورهم فقذفتها فيه ثم أتيته من الغد، فقال: يا عبد الله! ما فعلت بالريطة؟ فأخبرته فقال: ألا كسوتها بعض أهلك» رواه أحمد وكذلك رواه أبو داود وابن ماجه وزاد: «فإنه لا بأس بذلك للنساء» والحديث ليس في إسناده إلا عمرو بن شعيب وقد حسن حديثه جماعة من الأئمة.
761 - وعن علي رضي الله عنه قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن لبس القسي والمعصفر» أخرجه الجماعة إلا البخاري.
762 - وعن البراء بن عازب قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مربوعًا بعيدًا ما بين المنكبين، له شعر يبلغ شحمة أذنيه، رأيته في حلة حمراء لم أر شيئًا قط أحسن منه» متفق عليه.
763 - وعن أبي جحيفة: «أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج في حلة حمراء مشمرًا صلى إلى العنزة بالناس» أخرجه البخاري.
764 - وأخرج البيهقي عن جابر: «أنه كان له - صلى الله عليه وسلم - ثوبٌ أحمر يلبسه في العيدين والجمعة» ولابن خزيمة في "صحيحه" نحوه.
765 - وعن عبد الله بن عمرو قال: «مر على النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل عليه ثوبان أحمران فسلم عليه فلم يرد النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه» رواه الترمذي وقال: حسن غريب، وقال الحافظ في "الفتح": حديث ضعيف الإسناد، وإن وقع في نسخ الترمذي أنه حسن، انتهى. وقال الترمذي: معناه عند أهل الحديث أنه كره المعصفر ورأوا أن ما صُبغ بالحمرة فلا بأس به إذا لم يكن معصفرًا.
قوله: «المعصفر» هو المصبوغ بالعصفر.
قوله: «من ثنية» هي الطريق في الجبل.
قوله: «رَيْطة» بفتح الراء المهملة وسكون المثناة تحت ثم طاء مهملة نوع من الثياب.
قوله: «مضرَّجة» بفتح الراء المشددة أي ملطخة.
قوله: «يسجرون» أي يوقدون.

.[3/49] باب ما جاء في لبس الأبيض والأخضر والمزعفر والملونات

766 - عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «البسوا ثياب البياض، فإنها أطهر وأطيب، وكفنوا فيها موتاكم» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه، قال في "الفتح": وإسناده صحيح، وصححه الحاكم.
767 - ولأحمد وأصحاب السنن إلا النسائي من حديث ابن عباس بلفظ:
«البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم» وصححه الترمذي وابن القطان وابن حبان.
768 - وعن أنس قال: «كان أحبَّ الثياب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يلبسها الحِبَرة» رواه الجماعة إلا ابن ماجه.
769 - وعن أبي رِمْثَةَ قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه بردان أخضران» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وحسنه الترمذي.
770 - وعن عائشة قالت: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات غداة وعليه مِرطٌ مُرَحَّل من شعر أسود» رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه.
771 - وعن أم خالد قالت أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بثياب فيها خميصة سوداء فقال: «من ترون نكسو هذه الخميصة؟ فأسكت القوم فقال: أئتوني بأم خالد، فأتي بي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فألبسنيها بيده وقال: أبلي وأخلقي مرتين، وجعل ينظر إلى علم الخميصة، ويشير بيده إلىَّ ويقول: يا أم خالد! هذا سناء، والسناء بلسان الحبشة الحسن» رواه البخاري.
772 - وعن ابن عمر: «أنه كان يصبغ ثيابه ويدهن بالزعفران فقيل له: لم تصبغ ثيابك وتدهن بالزعفران؟ فقال: إني رأيته أحب الأصباغ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدهن به ويصبغ ثيابه به» رواه أحمد ولأبي داود والنسائي بمعناه دون ذكر الزعفران، وفي لفظٍ لهما: «وقد كان يصبغ ثيابه كلها حتى عمامته» وللبخاري عن ابن عمر أنه قال: «وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبغ بها، فأنا أحب أن أصبغ بها».
قوله: «الحِبَرة» بكسر الحاء المهملة كعنبة، برد يماني يكون من كتان وقطن، سميت حبرة لأنها محبرة أي مُزْيَّنَة والتحبير التزيين والتخطيط.
قوله: «مرط» بكسر الميم وسكون الراء كساء من صوف أو خز والجمع مروط و«مرحل» بميم مضمومة وراء مهملة مفتوحة، وحاء مهملة مشددة أي فيه تصاوير.
قوله: «خميصة» بفتح الخاء المعجمة وكسر الميم وبالصاد المهملة هي كساء مربع له علمان.

.[3/50] باب تحريم ما فيه تصاوير والنهي عن ذلك

773 - عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذين يصنعون هذه التصاوير يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم».
774 - وعن ابن عباس وجاءه رجل فقال: إني أصور هذه التصاوير فافتني فيها فقال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «كل مصور في النار يجعل له بكل صورة يصورها نفسًا تعذبه في جهنم، فإن كنت لا بد فاعلًا فاجعل الشجر وما لا نفس فيه» متفق عليهما.
775 - وأخرج البخاري ومسلم من حديث عائشة قالت: «قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - من سفرٍ وقد سترت سَهوةً لي بقرامٍ فيه تماثيل، فلما رآه هتكه وتلوّن وجهه وقال: يا عائشة! أشد الناس عذابًا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله».
776 - وللبخاري والترمذي والنسائي عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من صور صورة عذبه الله بها يوم القيامة حتى ينفخ فيها الروح وما هو بنافخ».
777 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يترك في بيته شيئًا فيه تصاليب إلا نقضه» رواه البخاري وأبو داود.
778 - وعنها: «أنها نصبت سترًا وفيه تصاوير، فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزعه قالت: فقطعته وسادتين فكان يرتفق عليهما» متفق عليه. وفي لفظ لأحمد: «فقطعته مرفقتين فلقد رأيته متكئًا على أحدهما وفيها تصاوير».
779 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتاني جبريل فقال: إني كنت أتيتك الليلة، فلم يمنعني أن أدخل البيت الذي أنت فيه إلا أنه كان فيه تمثال رجل، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب فمر برأس التمثال الذي في باب البيت يقطع يصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر يقطع فيجعل وسادتين منتبذتين يوطيان، ومر بالكلب يخرج ففعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه.
780 - وأخرجا من حديث أبي طلحة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا تماثيل» ولمسلم وأبي داود من حديثه: «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا تمثال» وفيه أنه قال: «إلا رقمًا في ثوب» وللبخاري بلفظ «فقال عبد الله يعني الخولاني: ألم تسمعه حين قال: إلا رقمًا في ثوب؟» وقال: في ذيل "الجامع الصغير": حديث «لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة إلا رقمًا في ثوب»، ورمز لأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
781 - وللترمذي والنسائي و"الموطأ": «أن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة دخل على أبي طلحة يعوده، فوجد عنده سهل بن حنيف، فدعا أبو طلحة إنسانًا ينزع نمطًا تحته، فقال له: سهل لم تنزعه؟ قال: لأن فيه تصاوير وقال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما علمت، قال سهل: أولم يقل إلا رقمًا في ثوب؟ قال: بلى، ولكنه أطيب لنفسي» وقال: حسن صحيح.
قوله: «تصاليب» أي: صورة صليب من نقش ثوب أو غيره والصليب فيه صورة عيسى عليه السلام تعبده النصارى.
قوله: «نَقَضه» بفتح النون والقاف والضاد المعجمة أي كسره وأبطله.
قوله: «مرفقتين» تثنية مرفقة وهي المخدة.
قوله: «منتبذتين» أي: مطروحتين على الأرض.
قوله: «قِرام» بكسر القاف وتخفيف الراء ستر رقيق من صوف ملوّن.

.[3/51] باب ما جاء في السراويل والقميص والعمامة

782 - عن أبي أمامة قال: «قلنا: يا رسول الله! إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: تسرولوا وأتزروا، وخالفوا أهل الكتاب» رواه أحمد والطبراني. قال في "مجمع الزوائد": ورجال أحمد رجال الصحيح خلا القاسم هو ثقة وفيه كلام لا يضر.
783 - وعن مالك بن عميرة قال: «بعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل سراويل قبل الهجرة فوزن فأرجح لي» رواه أحمد وابن ماجه وأبو داود والنسائي ورجاله رجال الصحيح.
784 - وعن سويد بن قيس قال: «جلبت أنا ومخرمة العبدي بزًّا من هَجَر، فأتينا مكة فجاءنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي فساومنا سراويل، فبعناه وثمَّ رجل يزن بالأجر فقال: له زن وأرجح» رواه الخمسة وصححه الترمذي وسيأتي في أبواب الإجارة إن شاء الله تعالى. قال في "الهدي": وقد روي في غير حديث أنه لبس السراويل وكانوا يلبسون السراويلات بإذنه، انتهى. قلت: أما الأحاديث التي وقفت عليها في أنه - صلى الله عليه وسلم - لبس السراويل فكلها ضعيفة.
785 - وعن أم سلمة قالت: «كان أحب الثياب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القميص» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن غريب، وصححه الحاكم.
786 - وعن أسماء بنت يزيد قالت: «كانت يدُّ كُمّ قميص النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الرسغ» رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن غريب، والحاكم وصححه، وفي إسناده شَهْر بن حَوْشَب.
787 - وعن ابن عباس قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس قميصًا قصير اليدين والطول» رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف.
788 - وحديث معاوية بن قرة في إطلاق إزار القميص سيأتي قريبًا في باب النهي عن تجريد المنكبين في الصلاة.
789 - وعن نافع عن ابن عمر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اعتم سدل عمامته بين كتفيه. قال نافع: وكان ابن عمر يسدل عمامته بين كتفيه» رواه الترمذي.
790 - ولمسلم والترمذي من حديث جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفها بين كتفيه».
791 - وللطبراني من حديث عبد الله بن بسر قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى خيبر فعممه بعمامة سوداء ثم أرسلها من ورائه أو قال على كتفه اليسرى» وحسنه السيوطي. وفي سدل طرفي العمامة بين الكتفين عدة أحاديث.
قوله: «الرسغ» بالسين المهملة كما في الترمذي وفي سنن أبي داود بالصاد المهملة وهو مفصل ما بين الكف والساعد.
قوله: «سدل عمامته» أي أرسل طرفها.

.[3/52] باب استحباب لِبَاس أحسن الثياب والتواضع فيه

792 - عن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا، قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق وغمص الناس» رواه أحمد ومسلم.
793 - وعن سهل بن معاذ الجهني عن أبيه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من ترك أن يلبس صالح الثياب وهو يقدر عليه تواضعًا لله عز وجل دعاه الله عز وجل على رءوس الخلائق حتى يخيره في حلل الإيمان أيتها شاء» رواه أحمد والترمذي وحسنه وفي إسناده مقال، وأخرجه الحاكم في موضعين من "المستدرك"، وقال في أحدهما: صحيح الإسناد.
794 - وعن عمران بن حصين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يحب إذا أنعم على عبده نعمة أن يرى أثر نعمته عليه» رواه البيهقي وذكره الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام" ولم يتكلم عليه بشيء.
795 - وأخرجه الترمذي وحسنه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا بلفظ: «إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده».
796 - وأخرج نحوه ابن حبان والحاكم من رواية أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن أبيه.
797 - وأخرج الطبراني في "مسند الشاميين" عن أنس رفعه: «إن الله جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده».
798 - وهو له من راوية عثمان بن عطاء الخرساني عن نافع عن ابن عمر نحوه.
قوله: «بطر الحق» أي دفعه وإنكاره ترفعًا وتجبرًا.
قوله: «غَمْص الناس» بغين معجمة وصاد مهملة قبلها ميم ساكنة، وقال النووي: هو بالطاء في نسخ صحيح مسلم ومعناه احتقار الناس.