فصل: (3/234) باب ما جاء في الإمام ينتقل مأمومًا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[3/234] باب ما جاء في الإمام ينتقل مأمومًا

1674 - عن سهل بن سعد «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم، فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر، فقال: أتصلي بالناس فأقيم؟ قال: نعم. قال: فصلى أبو بكر، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف فصفَّق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن امكث مكانك، فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ذلك، ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف، وتقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى ثم انصرف، فقال: يا أبا بكر! ما منعك أن تثبت إذ أمرتك؟ فقال أبو بكر: ما كان لابن أبي قُحَافة أن يصلي بين يدي رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مالي رأيتكم أكثرتم التصفيق؟ مَنْ نَابَه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء» متفق عليه. وفي رواية لأحمد وأبي داود والنسائي: «كان قتال بين بني عمرو بن عوف فبلغ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأتاهم بعد الظهر ليصلح بينهم، وقال: يا بلال! إن حضرت الصلاة ولم آت فمر أبا بكر فليصل بالناس، فلما حضرت العصر أقام بلال الصلاة ثم أمر أبا بكر فتقدم» وذكر الحديث.
قوله: «فتخلص» في رواية للبخاري: «فجاء يمشي حتى قام عند الصف»، وفي رواية لمسلم: «فخرق الصفوف»، وفي هذا الحديث فوائد جمة، منها: أن المشي من صف إلى صف يليه لا يبطل الصلاة، وجواز الحمد لأمر يحدث، والتنبيه بالتسبيح والاستخلاف في الصلاة لعذر، وكون المرء في بعض صلاته إمامًا وفي بعضها مأمومًا، ورفع اليدين في الصلاة عند الدعاء والثناء، والالتفات للضرورة، وجواز مخاطبة المصلي بالإشارة، وجواز الحمد والشكر على الوجاهة في الدين، وجواز إمامة المفضول والعمل القليل في الصلاة، وغير ذلك من الفوائد الجليلة، وقد عقدنا لبعضها أبوابًا قد تقدمت، وقد تقدم حديث سهل بن سعد مختصرًا في باب من نابه شيء في صلاته.
1675 - وعن عائشة قالت: «مرض النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: مُروا أبا بكر فليصل بالناس، فخرج أبو بكر يصلي فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفسه خِفةً فخرج يُهَادى بين رجلين، فأراد أبو بكر أن يتأخر فأومأ إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أن مكانك، ثم أتيا به حتى جلس إلى جنبه عن يسار أبي بكر، وكان أبو بكر يصلي قائمًا وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي قاعدًا يقتدي أبو بكر بصلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - والناس بصلاة أبي بكر» متفق عليه. وللبخاري في رواية: «يهادى بين رجلين في صلاة الظهر»، ولمسلم: «وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالناس وأبو بكر يُسْمِعُهم التكبير».

.[3/235] باب من صلَّى في المسجد جماعة بعد الجماعة الأولى

1676 - عن أبي سعيد «أن رجلًا دخل المسجد وقد صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من يتصدق على هذا؟ فقام رجل من القوم فصلى معه» رواه أحمد وأبو داود والترمذي بمعناه. وفي رواية لأحمد: «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه الظهر فدخل رجل» فذكر الحديث، وأخرجه الحاكم والبيهقي وابن حبان وحسنه الترمذي، وقال في "الفتح": حسنه الترمذي وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، ولفظ أبي داود: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبصر رجلًا يصلي وحده، فقال: ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه؟»، ولفظ الترمذي: «أيكم يأتجر على هذا؟ فقام رجل وصلى معه».
قوله: «فقام رجل» هو أبو بكر الصديق ذكره ابن أبي شيبة.

.[3/236] باب ما جاء في المسبوق ببعض الصلاة يدخل مع الجماعة فإن أدرك الإمام راكعًا أو ساجدًا تابعه ولا يعيد بذلك ويتم ما فاته بعد أن يسلم إمامه من غير زيادة

1677 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئًا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة» رواه أبو داود، وأخرجه الحاكم في "المستدرك"، وقال: صحيح، وابن خزيمة في "صحيحه".
1678 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة كلها» أخرجه البخاري ومسلم.
1679 - وعن علي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أتى أحدكم الصلاة والإمام على حال فليصنع كما يصنع الإمام» رواه الترمذي بإسناد ضعيف، وقد أعل بالانقطاع.
1680 - لكن يشهد له حديث معاذ عند أبي داود وأحمد قال: «أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال» فذكر الحديث، وفيه: «فجاء معاذ وقد سبقه النبي - صلى الله عليه وسلم - ببعضها فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته قام يقضي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد سنَّ لكم معاذ، فهكذا فاصنعوا» وفي إسناده انقطاع، لكن قد رواه أبو داود من وجه آخر.
1681 - وسيأتي إن شاء الله حديث أبي بكرة «أنه ركع قبل أن يصل الصف، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: زادك الله حرصًا ولا تَعُد» أخرجه أحمد والبخاري.
1682 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدرك الإمام في الركوع فليركع معه وليعد الركعة» أخرجه البخاري في "القراءة خلف الإمام" من حديث أبي هريرة أنه قال: «إن أدركت القوم ركوعًا لم تعتد بتلك الركعة»، قال الحافظ: وهذا هو المعروف عن أبي هريرة، وأما المرفوع فلا أصل له، والذي في "صحيح ابن خزيمة" عن أبي هريرة مرفوعًا: «من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صلبه»، وفي رواية له: «إذا جئتم ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئًا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة».
قال الحافظ في الفتح: وحديث أبي قتادة وأبي هريرة المتفق عليهما بلفظ: «ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» استدل بهما على من أدرك الإمام راكعًا لم يحتسب بتلك الركعة للأمر بإتمام ما فاته لأنه فاته القيام والقراءة، انتهى.
1683 - وحديث أبي هريرة مرفوعًا: «من أدرك الركوع من الركعة الأخيرة في صلاته يوم الجمعة فليضف إليها ركعة أخرى». رواه الدارقطني من طريق، ياسين بن معاذ وهو متروك، وقال ابن أبي حاتم في العلل: عن أبيه لا أصل لهذا الحديث، وكذا قال الدارقطني والعقيلي، وتمامه في الدارقطني: «ومن لم يدرك الركوع من الركعة الأخيرة فليصل الظهر أربعًا»، وقال في "الخلاصة": رواه الحاكم من ثلاث طرق عن أبي هريرة، قال: في كل منها إسناده على شرط الشيخين. انتهى.
1684 - وقد أخرج النسائي والدارقطني وابن ماجه من حديث ابن عمر مرفوعًا: «من أدرك ركعة من صلاة الجمعة أو غيرها فليضف إليها أخرى وقد تمت صلاته»، وفي لفظ: «فقد أدرك الصلاة»، وقد تكلم في إسناده ووهم بعض رواته في زيادة قوله: «من صلاة الجمعة»، وسيأتي في الجمعة إن شاء الله تعالى.
1685 - وعن المغيرة بن شُعْبة قال: «تخلفت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك فتبرز، وذكر وضوءه، ثم عمد الناس وعبد الرحمن يصلي بهم، فصلى مع الناس الركعة الأخيرة، فلما سلم عبد الرحمن قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتم صلاته، فلما قضاها أقبل عليهم، فقال: قد أحسنتم وأصبتم، يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها» متفق عليه، ورواه أبو داود وقال فيه: «فلما سلم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى الركعة التي سُبِقَ بها لم يزد عليها شيئًا».
قوله: «عَمَد الناس» بفتح العين المهملة والميم وبعدها دال: أي قصد الناس.

.[3/237] باب من صلى في رحله ثم أتى المسجد وقد أقيمت الصلاة فيه فإنه يصلي معهم

1686 - عن يزيد بن الأسود قال: «شهدت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حجته فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته انحرف، فإذا هو برجلين في أخرى القوم لم يصليا، فقال: عليَّ بهما، فجيء بهما ترعُد فرائصُهما، فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ فقالا: يا رسول الله! إنا كنا قد صلينا في رحالنا، قال: فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة» رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وفي لفظ لأبي داود: «إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الصلاة مع الإمام فليصلها معه فإنها له نافلة» وأخرجه الدارقطني وابن حبان والحاكم، وقال إسناده صحيح، وصححه ابن السكن وابن حبان، وقال الترمذي: حسن صحيح.
1687 - وقد تقدم حديث أبي ذر في باب الأوقات، وفيه: «كيف أنت إذا كان عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: صل الصلاة لوقتها، فإن إدركتها معهم فصلِّ فإنها لك نافلة» رواه أحمد ومسلم.
1688 - وقد تقدم حديث عبادة، وفي لفظ منه: «واجعلوا صلاتكم معهم تطوعًا» رواه أبو داود برجال ثقات.
1689 - وعن مِحْجَن بن الأدْرع قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد، فحضرت الصلاة فصلى، يعني ولم أصل، فقال لي: ألا صليت؟ قلت: يا رسول الله! إني قد صليت في الرحل، ثم أتيتك، قال: فإذا جئت فصل معهم واجعلها نافلة» رواه أحمد ومالك في "الموطأ" والنسائي وابن حبان والحاكم.
1690 - وعن يزيد بن عامر قال: «جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فجلست ولم أدخل معهم في الصلاة، فلما انصرف رآني جالسًا، فقال: ألم تسلم يا يزيد؟ قلت: بلى يا رسول الله! قد أسلمت، قال: فما منعك أن تدخل مع الناس في صلاتهم؟ قال: إني كنت قد صليت في منزلي وأنا أحسب أن قد صليتم، فقال: إذا جئت إلى الصلاة فوجدت الناس فصل معهم، وإن كنت قد صليت تكن لك نافلة، وهذه مكتوبة» أخرجه أبو داود، وضعفه النووي، وقال البيهقي: حديث يزيد بن الأسود أثبت منه وأولى. انتهى. قلت: ويمكن الجمع بينه وبين ما سبق من الأحاديث المصرحة بأن المكتوبة الأولى: بأن يحمل هذا الحديث على أن الأولى كانت فرادى في هذا الحديث، وفي الأحاديث السابقة كانت جماعة.
1691 - وأما حديث ابن عمر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تصلوا صلاة في يوم مرتين» رواه أحمد ومالك وأبو داود والنسائي وابن حبان والدارقطني وصححه ابن السكن، وقال المنذري: في إسناده عمرو بن شعيب. فلا يعارض ما سبق، لأن الصلاتين في الأحاديث السابقة أحدهما نافلة، والنهي هنا محمول على من صلَّى صلاتين ونوى في كل واحدة منهما أنها فريضة، وقال المنذري في مختصر السنن: وهو محمول على صلاة الاختيار دون ما له سبب، كالرجل يصلي ثم يدرك جماعة فيصلي معهم. انتهى.
قوله: «تُرعَد فرائصهما» بضم أوله وفتح ثالثه: أي تتحرك، والفرائص: جمع فريصة بالصاد المهملة، وهي: اللحم التي على الجنب والكتف وذلك عند الخوف.

.[3/238] باب الأعذار في ترك الصلاة

1692 - عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة، أو ذات مطر في السفر أن يقول: ألا صلوا في رحالكم» رواه الجماعة إلا الترمذي، وفي رواية للشيخين: «أذن ابن عمر في ليلة باردة ونحن بصحنان ثم قال: ألا صلوا في رحالكم، وأخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر مؤذنًا يؤذن، ثم يقول على إثره: ألا صلوا في رحالكم، في الليلة الباردة، أو المطيرة، في السفر»، وفي رواية لأبي داود: «أن ابن عمر نزل بصحنان في ليلة باردة فنادى: إن الصلاة في الرحال»، وحدث نافع عن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا كان ليلة باردة أو مطيرة أمر المنادي فنادى: إن الصلاة في الرحال»، وفي رواية لأبي عوانة في "صحيحه": «ليلة باردة، أو ذات مطر، أو ذات ريح».
1693 - وعن جابر قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فمطرنا، فقال: ليصل من شاء منكم في رحله» رواه أحمد ومسلم وأبو داود، والترمذي وصححه.
1694 - وعن ابن عباس «أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت: أشهد أن محمدًا رسول الله، فلا تقل: حيَّ على الصلاة، قل: صلوا في بيوتكم، قال: فكأن الناس استنكروا ذلك، فقال: أتعجبون من ذا؟ فقد فعل ذا من هو خير مني، يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إن الجمعة عزمة وإني كرهت أن أحرجكم فتمشون في الطين والدحض» متفق عليه، ولمسلم: «أن ابن عباس أمر مؤذنه في يوم جمعة في يوم مطير بنحوه».

1695 - وقد تقدم في أبواب التطوع حديث عتبان بن مالك متفق عليه أنه قال: «يا رسو الله! إن السيول تحول بيني ويبن مسجد قومي، فأحب أن تأتيني في مكان من بيتي أتخذه مسجدًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سنفعل، فلما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: أين تريد؟ فأشرت إلى ناحية من البيت، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصفنا خلفه فصلى بنا ركعتين».
1696 - قلت: وأما حديث: «إذا ابتلت النعال فصلوا في الرحال»، فقال في "التلخيص": لم أره بهذا اللفظ، وقال في "خلاصة البدر": إن في "المستدرك" للحاكم عن أبي سعيد مرفوعًا: «إذا كان مطر وابلٌ فصلوا في رحالكم» وصححه، وفيه نظر.
1697 - وفي سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه، وصححه الحاكم وابن حبان عن أبي المَلِيح عن أبيه «أنه شهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية في يوم جمعة، وأصابهم مطر لم يبتل أسفل نعالهم، فأمرهم أن يصلوا في رحالهم»، قال الحاكم: صحيح الإسناد، احتج الشيخان بجميع رواته، انتهى.
1698 - وحديث: «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» أخرجه الدارقطني عن جابر، وليس له إسناد ثابت.
1699 - وعن ابن عمر قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه وإن أقيمت الصلاة» رواه البخاري.
1700 - ومن جملة الأعذار عن حضور الجماعة: أكل ذوات الروائح الخبيثة، وقد تقدم في أبواب المساجد حديث جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أكل من الثوم والبصل والكراث فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى به بنو آدم» متفق عليه.
قوله: «كرهت أن أحرجكم» هو بالحاء المهملة: من الحرج والمشقة، ويروى بالخاء المعجمة، قوله: «إذا ابتلت النعال» النعال: ما يمشى فيه، أو وجه الأرض، أو الأقدام، أو صغار الأحجار.. أربعة أوجه حكاها ابن الرِّفعة والأول هو الوجه.

.[3/239] باب ما جاء في تقديم الأحق بالإمامة

1701 - عن أبي سيعد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كانوا ثلاثة فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم» رواه أحمد ومسلم والنسائي.
1702 - وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يؤم القوم اقرؤهم لكتاب الله تعالى، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنًا، ولا يُؤَم الرجل في سلطانه، ولا يُقْعَد في بيته على تكرمته إلا بإذنه» رواه أحمد ومسلم، وفي لفظ لهما: «لا يَؤُم الرجلُ الرجلَ في أهله ولا سلطانه»، وفي لفظ: «فأقدمهم سِلمًا»، وأخرجه الحاكم بزيادة: «فإن كانوا في القرآن سواء فأكثرهم فقهًا»، وقال: هذه لفظة عزيزة، ثم ذكر له شاهدًا للترمذي مرفوعًا: «لا يُؤم الرجل في سلطانه إلا بإذنه، ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه»، وقال هذا حديث حسن صحيح. انتهى. وأخرج سعيد بن منصور نحوه.
1703 - وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كانوا ثلاثةً فليؤمهم أحدهم، وأحقهم بالإمامة أقرؤهم» رواه مسلم والنسائي.
1704 - وسيأتي قريبًا حديث عمرو بن سلمة، وفيه: «فليؤمكم أكثركم قرآنًا» رواه البخاري.
1705 - وعن مالك بن الحُوَيرث قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا وصاحب لي، فلما أردنا الإقفال من عنده، قال لنا: إذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما» رواه الجماعة، ولأحمد ومسلم: «وكانا متقاربين في القراءة»، ولأبي داود: «وكنا يومئذ متقاربين في العلم»، وفي لفظ للبخاري ومسلم من حديثه: «أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن شَبَبَة متقاربون».
1706 - وعن مالك بن الحُوَيرث قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من زار قومًا فلا يؤمهم وليؤمهم رجل منهم» رواه الخمسة إلا ابن ماجه. ولفظ النسائي: قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا زار أحدكم قومًا فلا يصلِّ بهم»، وحديث مالك المذكور حسنه الترمذي، وفي إسناده أبو عطية مجهول.
1707 - وله شاهد عند الطبراني بإسناد رجاله ثقات من حديث ابن مسعود: «لقد علمت أن من السُّنَّة، أن يتقدم صاحب البيت»، وقال الترمذي: العمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم.

.[3/240] باب ما جاء فيمن أمَّ قومًا وهم له كارهون أو خص نفسه بالدعاء

1708 - عن عبد الله بن عمرو «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: ثلاثة لا يقبل الله منهم صلاة من تقدم قومًا وهم له كارهون، ورجل أتى الصلاة دَبَارًا، والدبار: أن يأتيها بعد أن تفوته، ورجل أَعْبَدَ محررًا» رواه أبو داود وابن ماجه، وقال فيه: بعدما تفوته. والحديث في إسناده عبد الرحمن بن زيادة بن أَنْعُم الأفريقي، ضعفه الجمهور.
1709 - وعن أبي أمامة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم: العبد الآبق حتى يرجع، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وإمام قوم وهم له كارهون» رواه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن غريب، وضعفه البيهقي، وقال النووي: الأرجح قول الترمذي.
1710 - وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاثة لا ترفع صلاتهم فوق رءوسهم شبرًا: رجل أم قومًا وهم له كارهون، وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط، وأخوان متصارمان» رواه ابن ماجه، قال العراقي: وإسناده حسن. وفي الباب أحاديث غير ما ذكر لكنها ضعيفة وهي تقوي بعضها بعضًا.
1711 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاثة على كُثْبان المسك يوم القيامة: عبد أدَّى حق الله وحق مواليه، ورجل أمَّ قومًا وهم راضون، ورجل ينادي بالصلوات الخمس في كل ليلة» رواه الترمذي وحسنه، وفي إسناده أبو اليقظان عثمان بن عمير البجلي، وهو ضعيف، وأخرجه أيضًا أحمد.
1712 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل لرجل يؤمن بالله واليوم الآخر أن يؤمَّ قومًا إلا بإذنهم، ولا يخص نفسه بدعوة دونهم، فإن فعل فقد خانهم» رواه أبو داود برجال كلهم ثقات.
1713 - وأخرجه الترمذي من حديث ثوبان، ولفظه: عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لا يحل لامرئٍ أن ينظر في جوف بيت امرئ حتى يستأذن، ولا يؤم قومًا فيخص نفسه بدعوة دونهم»، وقال: حديث حسن.

.[3/241] باب ما جاء في إمامه الأعمى والعبد والمولى

1714 - عن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استخلف ابن أم مكتوم على المدينة مرتين يصلي بهم وهو أعمى» رواه أحمد وأبو داود بإسناد حسن.
1715 - وابن حبان في "صحيحه" وأبو يعلى والطبراني عن عائشة.
1716 - والطبراني عن ابن عباس بإسناد حسن، وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" من حديث عائشة.
1717 - وعن محمود بن الربيع «أن عِتْبان بن مالك كان يؤم قومًا وهو أعمى، وأنه قال: يا رسول الله! إنها تكون الظلمة والسيل وأنا رجل ضرير البصر، فصل يا رسول الله! في بيتي مكانًا اتخذه مصلى، فجاءه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: أين تحب أن أصلي؟ فأشار إلى مكان في البيت فصلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه البخاري والنسائي. وفي رواية للبخاري: «جعل بصري يكل»، وفي أخرى: «قد أنكرت بصري»، ولمسلم: «أصابني في بصري بعض الشيء، فبعثت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إني أحب أن تأتيني فتصلي في منزلي فأتخذه مصلى، قال: فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن شاء الله معه من أصحابه فدخل فهو يصلي معي في منزلي».
1718 - وعن ابن عمر قال: «لما قدم المهاجرون الأولون نزلوا العصبة موضعًا بقباء، قبل مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يؤمهم سالم مولى أبي حذيفة، وكان أكثرهم قرآنًا، وكان فيهم عمر بن الخطاب وأبو سلمة بن عبد الأسد» رواه البخاري وأبو داود. و«العصبة»: بفتح العين المهملة وقيل بضهما، وسكون الصاد المهملة بعدها موحدة: اسم مكان بقباء، ولا يقال: ليس في هذا دليل لعدم اطلاع النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، لأنا نقول: لو كان غير جائز لنزل البيان بالوحي إذ لا يقرر مع نزول الوحي على باطل والأصل الجواز، وحديث: «يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله» تقدم مؤيد للأصل.

.[3/242] باب ما جاء في إمامة الفاسق والمرأة

1719 - عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تؤم المرأة رجلًا، ولا أعرابي مهاجرًا، ولا يؤم فاجر مؤمنًا إلا أن يقهره سلطان يخاف سيفه أو سطوه» رواه ابن ماجه بإسناد لا يجوز الاحتجاج بمثله، ففي إسناده عبد الله بن محمد التميمي، تالف الحديث، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال وكيع: يضع الحديث.
1720 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اجعلوا أئمتكم خياركم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم» رواه الدارقطني بإسناد ضعيف.
1721 - وعن مكحول عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برًا كان أو فاجرًا، والصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم برًا كان أو فاجرًا، وإن عمل الكبائر» رواه أبو داود والدارقطني بمعناه، وقال: مكحول لم يلق أبا هريرة، وقال في "التلخيص": هو منقطع، وذكر له طرقًا كلها ضعيفة، لا يحتج بها، وقال العقيلي والدارقطني: ليس في هذا المتن إسناد يثبت.
1722 - وأخرج البخاري عن ابن عمر «أنه كان يصلي خلف الحجاج بن يوسف».
1723 - وأخرج مسلم وغيره عن أبي سعيد «أنه كان يصلي خلف مروان» وأصح ما في الباب حديث مكحول عن أبي هريرة مع إرساله.
1724 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صلوا على من قال: لا إله إلا الله، وخلف من قال: لا إله إلا الله» رواه الدارقطني بإسناد ضعيف.
1725 - قد تقدم في أبواب الأوقات حديث أبي ذرٍّ قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كيف أنت إذا كان عليك أمراء يميتون الصلاة، أو يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: صلِّ الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل، فإنها لك نافلة» رواه أحمد ومسلم، وثبت في ذلك عدة أحاديث.
1726 - وعن أم وَرَقَةَ: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها أن تؤم أهل دارها» رواه أبو داود، وصححه ابن خزيمة، وأخرجه أيضًا الدارقطني والحاكم.