فصل: (3/257) باب ما جاء في أخذ القوم مصافهم قبل أن يصل الإمام مقامه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[3/257] باب ما جاء في أخذ القوم مصافهم قبل أن يصل الإمام مقامه

1788 - عن أبي هريرة: «أن الصلاة كانت تقام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيأخذ الناس مصافهم قبل أن يأخذ النبي مقامه» رواه مسلم وأبو داود.
1789 - وعن أبي هريرة قال: «أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف قيامًا قبل أن يخرج إلينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فخرج إلينا فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب وقال لنا: مكانكم فمكثنا على هيأتنا يعني قيامًا ثم رجع فاغتسل، ثم خرج إلينا ورأسه يقطر فكبر فصلينا معه» متفق عليه، ولأحمد والنسائي: «حتى إذا قام في مصلاه انتظرنا أن يكبر انصرف» وذكر نحوه.
1790 - وعن أبي قتادة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حتى تروني قد خرجت» رواه الجماعة إلا ابن ماجه ولم يذكر البخاري فيه «قد خرجت».

.[3/258] باب كراهية الصف بين السواري للمأموم وجوازه للإمام

1791 - عن عبد الحميد بن محمود قال: «صلينا خلف أمير من الأمراء فاضطرب الناس فصلينا بين السواري، فلما صلينا قال أنس بن مالك: كنا نتقي هذا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وحسنه الترمذي.
1792 - وعن معاوية بن قُرَّة عن أبيه قال: «كنا ننهى أن نصف بين السواري على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ونطرد عنها طردًا» رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف.
1793 - ويشهد له ما أخرجه الحاكم وصححه من حديث أنس بلفظ: «كنا نُنْهى عن الصلاة بين السواري ونطرد عنها».
1794 - وعن ابن عمر قال: «قلت لبلالٍ: هل صلّى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكعبة؟ قال: نعم ركعتين بين الساريتين عن يسارك إذا دخلت ثم خرج فصلى في وجه الكعبة» رواه البخاري وأحمد وقد تقدم هذا الحديث في باب ما جاء في الصلاة في الكعبة.

.[3/259] باب ما جاء في وقوف الإمام أعلى من المؤتم وبالعكس

1795 - عن هَمَّام بن الحارث: «أن حذيفة أمَّ الناس على دكان، فأخذ أبو مسعود بقميصه فجبذه، فلما فرغ من صلاته قال: ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال: بلى، قد ذكرت ذلك حين مددتني» رواه أبو داود وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصرح في رواية له برفعه.
1796 - وعن أبي مسعود قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقوم الإمام فوق شيء والناس خلفه، يعني أسفل منه» رواه الدارقطني وسكت عنه الحافظ في "التلخيص".
1797 - وعن سهل بن سعد: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلس على المنبر في أول يوم وضع وكبر وهو عليه ثم ركع ثم نزل القهقرى فسجد وسجد الناس معه، ثم عاد حتى فرغ فلما انصرف قال: يا أيها الناس إنما فعلت هذا لتأتموا بي ولتَعَلَّموا صلاتي» متفق عليه، وفي رواية لمسلم وأبي داود والنسائي: «لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام عليه فكبر وكبر الناس وراءه وهو على المنبر، ثم رفع ونزل القهقرى حتى سجد في أصل المنبر، ثم عاد حتى فرغ من آخر صلاته، ثم أقبل على الناس فقال: يا أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا بي ولِتَعَلَّموا صلاتي»، وفي البخاري: «قام عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين عمل ووضع، فاستقبل القبلة وكبر وقام الناس خلفه فقرأ وركع، وركع الناس خلفه ثم رفع رأسه ثم رجع القهقرى فسجد على الأرض، ثم عاد إلى المنبر ففعل مثل ذلك».
قوله: «حين مددتني» بدالين مهملتين أي مددت قميصي وجبذته إليك.

.[3/260] باب في الحائل بين الإمام والمأموم

1798 - عن عائشة قالت: «كان لنا حصير نبسطها بالنهار ونحتجرها بالليل، فصلى فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة، فسمع المسلمون قراءته فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الثانية كثروا فاطلع عليهم فقال: أُكْلُفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا» رواه أحمد.
1799 - وعن عائشة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي من الليل في حجرته وجدار الحجرة قصير، فرأى الناس شخص النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام ناس يصلون بصلاته، فصنعوا ذلك ليلتين أو ثلاثًا» الحديث رواه البخاري وقد تقدم في باب ما جاء في انتقال المفرد إمامًا، وأخرجه أبو داود مختصرًا قال: «قلت صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجرته والناس يأتمون به من وراء الحجرة».

.[3/261] باب ما جاء فيمن يلازم بقعة بعينها في المسجد

1800 - عن عبد الرحمن بن شِبْل: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى في الصلاة عن ثلاث: عن نَقْرة الغراب، وافتراش السبع، وأن يوطن الرجل المقام الواحد كإيطان البعير» رواه الخمسة إلا الترمذي، وسكت عنه أبو داود والمنذري، وفي إسناده تميم بن محمود، قال البخاري: في حديثه نظر، وأخرج الحديث ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما".
1801 - وعن سلمة بن الأكوع: «أنه كان يتحرى الصلاة عند الاسطوانة التي عند المصحف وقال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحرى الصلاة عندها» متفق عليه، ولمسلم: «أنه كان يتحرى موضع المصحف يسبح فيه، وذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم – كان يتحرى ذلك المكان».
1802 - وقد تقدم في أبواب التطوع حديث المغيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يصل الإمام في مقامه الذي صلى فيه المكتوبة حتى يتنحى عنه» رواه ابن ماجه بإسناد ضعيف.
1803 - وحديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيعجز أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وإسناده ضعيف.

.[3/262] باب ما جاء في الفتح على الإمام في القراءة والتسبيح للرجال والتصفيق للنساء إذا نابهم شيء في الصلاة

1804 - عن مِسْوَر بن يزيد المالكي قال: «صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فترك آية فقال له رجل يا رسول الله آية كذا وكذا، قال: فهلّا ذكرتنيها» رواه أبو داود وعبد الله بن أحمد في مسند أبيه وأخرجه ابن حبان والأثرم وفي إسناده يحي بن كثير الكاملي قال أبو حاتم: شيخ.
1805 - وعن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى صلًاة يقرأ فيها، فلبس عليه، فلما انصرف، قال لأبي: أصليت معنا؟ قال: نعم، قال: فما منعك أن تفتحها علي؟» رواه أبو داود والحاكم وابن حبان ورجال إسناده ثقات.
1806 - وقد تقدم في باب ما جاء في الإمام ينتقل مأمومًا حديث سهل بن سعد: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذهب إلى بني عمرو بن عوف يصلح بينهم فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال: أتصلي بالناس فأقيم؟ قال: نعم. قال: فصلى أبو بكر فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف وصفق الناس، وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة، فلما أكثر الناس التصفيق، التفت فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأشار إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن امكث مكانك» إلى تمام الحديث، وفيه: «من نابه شيء في صلاته فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء» متفق عليه، وتقدم أيضًا في أبواب ما يبطل الصلاة أحاديث في التسبيح والتصفيق في باب من نابه شيء في صلاته.

.[3/263] باب ما جاء في انحراف الإمام بعد التسليم ومقدار اللبث بعده

1807 - عن عائشة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام» رواه أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه.
1808 - وعن سمرة قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى أقبل علينا بوجهه» رواه البخاري.
1809 - وعن البراء بن عازب قال: «كنا إذا صلينا خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - أحببنا أن نكون عن يمينه فيقبل علينا بوجهه» رواه مسلم وأبو داود.
1810 - وعن يزيد بن الأسود قال: «حججنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع، قال فصلى بنا صلاة الصبح ثم انحرف جالسًا فاستقبل الناس بوجهه، وذكر قصة الرجلين اللذين لم يصليا» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وقال: حسن صحيح.
1811 - وعن أنس قال: «أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاةً ذات ليلة إلى شطر الليل ثم خرج علينا، فلما صلى أقبل علينا بوجهه» أخرجه البخاري وفي الباب أحاديث.

.[3/264] باب ما جاء في انصراف الإمام من الصلاة يمينًا أو شمالًا

1812 - عن ابن مسعود قال: «لا يجعلن أحدكم للشيطان شيئًا من صلاته يرى أن حقًا عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه، لقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ينصرف عن يساره» رواه الجماعة إلا الترمذي.
1813 - وعن أنس قال: «أكثر ما رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ينصرف عن يمينه» رواه مسلم والنسائي.
1814 - وعن قَبْيَصة بن هُلْب قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤمنا فينصرف عن جانبيه جميعًا على يمينه وشماله» رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي وحسنه، وقال: صح الأمران عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وصححه ابن عبد البر في الاستيعاب.

.[3/265] باب لبث الإمام بالرجال قليلًا ليخرج من صلى معه من النساء

1815 - عن أم سلمة قالت: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه، وهو يمكث في مكانه يسيرًا قبل أن يقوم، قالت: نرى والله أعلم أن ذلك كان لكي ينصرف النساء قبل أن يدركهن الرجال» رواه أحمد والبخاري، وفي رواية للنسائي: «أن النساء كن في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام الرجال» ولأبي داود: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يمكث قليلًا، وكانوا يرون أن ذلك كي ما تنفذ النساء قبل الرجال».

.[3/266] باب صلاة المريض

1816 - عن عمران بن حصين قال: «كان بي بواسير، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة فقال: صلِّ قائمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنبك» رواه الجماعة إلا مسلمًا وزاد النسائي: «فإن لم تستطع فمستلقيًا {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286]».
1817 - وعن علي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «يصلي المريض قائمًا إن استطاع، فإن لم يستطع صلى قاعدًا، فإن لم يستطع أن يسجد أومأ برأسه، وجعل سجوده أخفض من ركوعه، فإن لم يستطع أن يصلي قاعدًا صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، فإن لم يستطع أن يصلي على جنبه الأيمن صلى مستلقيًا» رواه الدارقطني بإسناد ضعيف.
1818 - وعن جابر قال: «عاد النبي - صلى الله عليه وسلم - مريضًا فرآه يصلي على وسادة فرمى بها وقال: صلِّ على الأرض إن استطعت وإلا فأومئ إيماء، واجعل سجودك أخفض من ركوعك» رواه البيهقي وقال في "بلوغ المرام" وصحح أبو حاتم وقفه، ونقل في "التلخيص" عن أبي حاتم لما سئل عن هذا الحديث مرفوعًا، فقال: ليس بشيء.
1819 - وذكر حديثًا عن ابن عباس مرفوعًا: «يصلي المريض قائمًا، فإن نالته مشقة صلى قاعدًا فإن نالته مشقة صلى نائمًا يومئ برأسه إيماء، فإن نالته مشقة سبح» وإسناده ضعيف.
1820 - وعن عائشة قالت: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي متربعًا» رواه النسائي وصححه الحاكم، وهو للنسائي والدارقطني وابن حبان والحاكم من حديثها بلفظ: «لما صلى جالسًا تربع» ورواه ابن خزيمة والبهيقي.
1821 - وقد تقدم حديث: «إذا أمرتكم بأمر فأتوا به ما استطعتم» متفق عليه والمراد بالنائم المضطجع.

.أبواب صلاة المسافر

.[3/267] باب ما جاء في وجوب القصر

1822 - عن عائشة قالت: «أول ما فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، فأقرت صلاة السفر، وأتمت صلاة الحضر» أخرجاه، وفي رواية لهما قالت: «فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين في الحضر والسفر، فأقرت صلاة السفر وزيدت في صلاة الحضر» وفي رواية: «فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين، ثم أتمها في الحضر وأقرت في السفر على الفريضة الأولى» وفي رواية للبخاري: «ثم هاجر ففرضت أربعًا وأقرت صلاة السفر على الأول» زاد أحمد: «إلا المغرب فإنها وتر النهار، وإلا الصبح فإنها تطول فيها القراءة».
1823 - وقد تقدم استثناء المغرب في حديث عمران بن حصين في باب اقتداء المقيم بالمسافر من أبواب الجماعة. أخرجه الترمذي وحسنه.
1824 - وعن عمر قال: «صلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان، وصلاة المسافر ركعتان، تمام غير قصر على لسان النبي - صلى الله عليه وسلم -» أخرجه أحمد والنسائي، ورجال إسناده رجال الصحيح، وصححه ابن السكن.
1825 - وعن ابن عمر قال: «صحبت النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان لا يزيد في السفر على ركعتين، وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك» متفق عليه.
1826 - وعن يعلى بن أميَّة قال: «قلت لعمر بن الخطاب: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء:101] فقد أمن الناس فقال: عجبت ما عجبت منه، فسألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته» رواه الجماعة إلا البخاري.
1827 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب أن تؤتى رُخَصُه، كما يكره أن تؤتى معصيته» رواه أحمد وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وفي رواية: «كما يحب أن تؤتى عزائمه».
1828 - وعنه: عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أن الله عز وجل أمرنا أن نصلي ركعتين في السفر» رواه النسائي.

1829 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير أمتي الذين إذا أساءوا استغفروا، وإذا سافروا قصروا وأفطروا» أخرجه الطبراني في "الأوسط" بإسناد ضعيف، وحسنه أبو حاتم، وذكر له متابعًا وشواهد يتقوَّى الحديث بمجموعها.
1830 - وعن ابن عباس قال: «فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعًا وفي السفر ركعتين، وفي الخوف ركعة» أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي.
1831 - وأما الحديث المروي عن عائشة: «خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في عمرة في رمضان فأفطر وصمت وقصر وأتممت، فقلت: بأبي وأمي أفطرتَ وصمتُ وقصرت وأتممتُ؟ فقال: أحسنت يا عائشة» أخرجه الدارقطني، وحسن إسناده.
1832 - وحديثها الآخر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقصر في السفر ويتم ويفطر ويصوم» أخرجه الدارقطني وصحح إسناده، فقد تكلم فيهما، وقال في "بلوغ المرام": رواته ثقات، إلا إنه معلول، والمحفوظ عن عائشة من فعلها: قالت: «إنه لا يشق عليَّ» أخرجه البيهقي، وقال ابن حزم: هذا حديث لا خير فيه، ونقل في "الهدي" عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه قال: هذا حديث كذب، ولم تكن عائشة لتصلي بخلاف صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلت: وعلى فرض صحته فلا يقوى لمعارضة الأحاديث المتقدمة، مع أن حديث: «فرضت الصلاة ركعتين وأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر»، مروي عن عائشة.

.[3/268] باب ما جاء في قدر المسافة التي يشرع القصر لأجلها

1833 - عن أنس قال: «صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - الظهر بالمدينة أربعًا، وصليت معه العصر بذي الحُلَيْفَة ركعتين» متفق عليه، وفي رواية لهما: «صليت الظهر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أربعًا، وخرج يريد مكة فصلى بذي الحليفة العصر ركعتين» وللبخاري قال: «صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة أربعًا وبذي الحليفة ركعتين، ثم بات حتى أصبح بذي الحليفة، فلما ركب راحلته واستوت به أهلَّ».
1834 - وعنه قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال، أو ثلاثة فراسخ صلى ركعتين» أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود والشك من شعبة.
1835 - وأما حديث ابن عباس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا أهل مكة! لا تقصروا في أقل من أربعة برد من مكة إلى عُسْفان» أخرجه الدارقطني والبيهقي والطبراني فضعيف جدًا، قال في "التلخيص": والصحيح عن ابن عباس من قوله.
1836 - وحديث أبي سعيد قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سافر فرسخًا يقصر الصلاة» رواه سعيد بن منصور لم أجد كلامًا عليه ولا أدري ما حاله، وقد اختار جماعة من الأئمة أن الاعتبار بوجود مطلق السفر ومتى وجد وجب القصر من غير تحديد بمسافة معينة.
قوله: «بذي الحليفة» هي موضع قريب من المدينة بينهما ستة أميال.

.[3/269] باب في المدة التي يقصر المقيم فيها

1837 - عن أنس قال: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين، حتى رجعنا إلى المدينة قيل له: أقمتم بمكة شيئًا؟ قال: أقمنا بها عشرًا» أخرجه الجماعة إلا "الموطأ" وابن ماجه، وفي رواية للبخاري ومسلم مختصرًا قال: «أقمنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرة نقصر الصلاة» ولمسلم: «خرجنا من المدينة إلى الحج» وذكر مثل الرواية الأولى، قال أحمد: إنما وجه حديث أنس أنه حسب مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة ومنى وإلا فلا وجه له غير هذا.
1838 - واحتج بحديث جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم صبيحة رابعة من ذي الحجة فأقام بها الرابع والخامس والسادس والسابع وصلى الصبح في الثامن، ثم خرج إلى منى وخرج من مكة متوجهًا إلى المدينة بعد أيام التشريق» ومعنى ذلك كله في الصحيحين وغيرهما.
1839 - وعن جابر قال: «أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بتبوك عشرين يومًا يقصر الصلاة» رواه أحمد وأبو داود وابن حبان والبيهقي وصححه ابن حزم، قال في "بلوغ المرام": ورواته ثقات إلا انه اختلف في وصله، وقال في "الخلاصة": صححه ابن حبان ولا يضر تفرد مَعْمَر بن راشد به لأنه إمام مجمع على جلالته.
1840 - وعن عمران بن حصين قال: «غزوت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهدت معه الفتح فأقام بمكة ثمان عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين، يقول: يا أهل البلد! صلوا أربعًا فإنا سفر» أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه لشواهده، وقد تقدم الكلام عليه.
1841 - وعن ابن عباس قال: «لما فتح النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة أقام فيها تسعة عشرة يصلي ركعتين قال: فنحن إذا سافرنا فأقمنا تسع عشرة قصرنا وإن زدنا أتممنا» رواه أحمد والبخاري وابن ماجه، وفي رواية لأبي داود: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقام سبع عشرة بمكة يقصر الصلاة» وله في أخرى: «تسع عشرة»، وله في أخرى: «أقام بمكة عام الفتح خمس عشرة يقصر الصلاة».
قلت: وقد اختلفت الروايات في مدة إقامته - صلى الله عليه وسلم - بمكة عام الفتح فقيل ما ذكر وقيل غير ذلك، قال البيهقي: أصح الروايات رواية البخاري وهي: «تسعة عشرة» بتقديم التاء، وجمع بين الروايات باحتمال أن يكون في بعضها لم يعد يومي الدخول والخروج، وهي رواية «سبع عشرة»، وعدها بعضها وهي رواية «تسعة عشرة»، وعد يوم الدخول ولم يعد يوم الخروج، وفي رواية «ثمان عشرة». قال الحافظ: وهو جمع متين، ورواية «خمس عشرة» شاذة لمخالفتها، وكذا رواية «عشرين» مع أنهما صحيحا الإسناد، وقد ورد عن كثير من الصحابة آثار صحيحة أنهم أقاموا بأذربيجان أشهرًا يصلون ركعتين، وصح أن ابن عمر أقام بها ستة أشهر يقصر الصلاة، واختار هذا صاحب "الهدى النبوي" وقال: هذا هدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.

.[3/270] باب ما جاء فيمن أقام ببلد وتزوج فيه

1842 - عن عثمان بن عفان: «أنه صلى بمنى أربع ركعات، فأنكر الناس عليه فقال: أيها الناس إني تأهلت بمكة منذ قدمت، وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: من تأهل في بلد فليصل صلاة المقيم» رواه أحمد والبيهقي وأعله بالانقطاع، وقال في "الفتح": هذا حديث لا يصح لأنه منقطع، وفي رواته من لا يحتج به، قلت: أما إتمام عثمان فقد رواه ابن عمر قال: «صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمنى ركعتين، وأبو بكر بعده وعمر بعد أبي بكر وعثمان صدرًا من خلافته، ثم إن عثمان صلى بعد أربعًا» أخرجه البخاري ومسلم، وفي رواية لأبي داود: «لما اتخذ عثمان الأموال بالطائف وأراد أن يقيم بها صلى أربعًا ثم أخذ به الأئمة بعد»، وفي رواية: «إنما صلى بمنى أربعًا لأنه أجمع على الإقامة بعد الحج»، وفي أخرى: «أنه أتم الصلاة بمنى من أجل الأعراب لأنهم كثروا عام إذ صلى بالناس أربعًا ليعلمهم أن الصلاة أربع»، وفي رواية له: «أن عثمان صلى أربعًا لأنه اتخذها وطنًا».

.[3/271] باب في الجمع بين الصلاتين للسفر والمطر وغيرهما من الأعذار

1843 - عن أنس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر، ثم لم يزل يجمع بينهما، فإذا زاغت قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب» متفق عليه، وفي رواية لمسلم: «كان إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر يؤخر الظهر حتى يدخل وقت العصر ثم يجمع بينهما» قال في "بلوغ المرام": وفي رواية للحاكم في "الأربعين" بإسناد الصحيح: «صلى الظهر والعصر ثم يركب» ولأبي نعيم في "مستخرج مسلم": «كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعًا ثم ارتحل».
1844 - وعن معاذ قال: «خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك فكان يصلي الظهر والعصر جميعًا والمغرب والعشاء جميعًا» رواه مسلم ولأحمد وأبي داود والترمذي وقال: حسن غريب، «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها إلى العصر يصليهما جميعًا، وإذا ارتحل بعد أن تزيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعًا ثم سار، وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب» وأخرجه أيضًا ابن حبان والدارقطني والبيهقي، وقد اختلف الحفاظ في هذا الحديث فمنهم من حسنه ومنهم من ضعفه، قال في "الخلاصة" في حديث معاذ: سنده على شرط البخاري ومسلم. رواه أبو داود وقال: منكر، والترمذي وقال: حسن غريب، والبيهقي وقال: صحيح، وابن حبان وقال: صحيح، والحاكم وقال: موضوع، وابن حزم وقال: منقطع.
1845 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كان في السفر إذا زاغت الشمس في منزله جمع بين الظهر والعصر قبل أن يركب، وإذا لم تزغ في منزله سار حتى إذا حانت العصر فجمع بين الظهر والعصر، وإذا حانت له المغرب في منزله جمع بينهما وبين العشاء، وإذا لم تحن في منزله ركب حتى إذا كانت العشاء نزل فجمع بينهما» رواه أحمد بإسناد ضعيف، وللشافعي في مسنده نحوه، وقال فيه: «وإذا سار قبل أن تزول الشمس أخر الظهر حتى يجمع بينهما وبين العصر في وقت العصر».
1846 - وعن ابن عمر: «أنَّه استغيث على بعض أهله، فجدَّ به السير، فأخر المغرب حتى غاب الشفق ثم نزل فجمع بينهما، ثم أخبرهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك، إذا جدَّ به السير» رواه الترمذي بهذا اللفظ، وصححه البخاري بلفظ: «كنت مع عبد الله بن عمر بطريق مكة، فأسرع السير حتى كان بعد غروب الشفق، ثم نزل فصلى المغرب والعتمة وجمع بينهما» ولمسلم: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء بعد أن يغيب الشفق» ولأبي داود والترمذي معناه.
1847 - وعن ابن عباس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين صلاتي الظهر والعصر إذا كان على ظهر سير ويجمع بين المغرب والعشاء» أخرجه البخاري وفي رواية لمسلم: «جمع بين الصلاتين في سفرة سافرها في غزوة تبوك، فجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء».
1848 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بالمدينة سبعًا وثمانيًا الظهر والعصر والمغرب والعشاء» متفق عليه، وفي لفظ للجماعة إلا البخاري وابن ماجه: «جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر قيل لابن عباس ما أراد بذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته» وفي رواية لمسلم: «من غير خوف ولا سفر» وله في رواية: «خطبنا ابن عباس يومًا بعد العصر حتى غربت الشمس، وبدت النجوم، وجعل الناس يقولون: الصلاة الصلاة، قال: فجاء رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني الصلاة الصلاة، قال ابن عباس: أتعلمني بالسنة لا أبا لك ثم قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بن الظهر والعصر والمغرب والعشاء، قال عبد الله بن شَقِيْق: فحاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته».
1849 - وعن ابن مسعود قال: «جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فقيل له في ذلك، فقال: صنعت ذلك لئلا تحرج أمتي» أخرجه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير" بإسناد لا بأس به.