فصل: (4/6) باب المبادرة إلى تجهيز الميت وقضاء دينه والتشديد في الدين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[4/6] باب المبادرة إلى تجهيز الميت وقضاء دينه والتشديد في الدين

2147 - عن ابن عمر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره» رواه الطبراني، قال الحافظ بإسناد حسن.
2148 - وعن الحصين بن وَحْوَح أن طلحة بن البراء مرض فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده فقال: «إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت فآذنوني به وعجلوا، فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله» رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري، قال أبو القاسم البغوي: ولا أعلم روى هذا الحديث غير سعيد بن عثمان البلوي وهو غريب، انتهى. وقد وثق سعيدًا المذكور ابن حبان وفي إسناده أيضًا مجهولان.
2149 - وعن علي رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثلاث يا علي لا تؤخرن: الصلاة إذا أتت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفوًا» رواه أحمد والترمذي بمعناه، وقال: هذا حديث غريب، وما أرى إسناده بمتصل، انتهى. وعدم الاتصال لأن في إسناده عمر بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قيل: ولم يسمع منه، وقال أبو حاتم: إنه سمع وقد أعله الترمذي أيضًا بجهالة سعيد بن عبد الله الجهيني، وعده ابن حبان في الثقات، وأخرجه ابن ماجه، والحاكم وقال: صحيح غريب، وابن حبان وغيرهم.
2150 - ويشهد له حديث «أسرعوا بالجنازة» أخرجه الجماعة من حديث أبي هريرة وسيأتي.
2151 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه» رواه أحمد وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه"، وقال الترمذي: حديث حسن، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين.
2152 - وعن سلمة بن الأكوع قال: «كنا جلوسًا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ أتي بجنازة، فقالوا: صل عليها، فقال هل عليه دين؟ قالوا: لا، قال: فهل ترك شيئًا؟ قالوا: لا. فصلى، ثم أتي بجنازة أخرى، فقالوا: يا رسول الله! صلِّ عليها، قال: هل عليه دين؟ قيل: نعم، قال: فهل ترك شيئًا؟ قالوا: ثلاثة دنانير فصلى عليها، ثم أتي بالثالثة، فقالوا: صلِّ عليها، فقال: هل ترك شيئًا؟ قالوا: لا. قال: هل عليه دين؟ قالوا: ثلاثة دنانير، قال: صلوا على صاحبكم، قال أبو قتادة: صلِّ يا رسول الله وعلي دينه، فصلى عليه» أخرجه البخاري.
2153 - وعن محمد بن عبد الله بن جحش قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث توضع الجنائز، فرفع رأسه قبل السماء ثم خفض بصره فوضع يده على جبهته، فقال: سبحان الله! سبحان الله! ماذا أنزل من التشديد، قال: فعرفنا وسكتنا، حتى إذا كان من الغد سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما التشديد الذي نزل؟ قال: في الدين والذي نفسي بيده لو قتل رجل في سبيل الله ثم عاش ثم قتل وعليه دين ما دخل الجنة حتى يقضي دينه» رواه النسائي والطبراني في "الأوسط"، والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح الإسناد.
2154 - وعن جابر قال: «توفى رجل فغسلناه وكفناه وحنطناه، ثم أتينا به رسول الله عليه وسلم يصلي عليه، فقلنا نصلي عليه فخطى خطوة، ثم قال: أعليه دين؟ فقلنا: ديناران، فانصرف فتحملها أبو قتادة فأتيناه، فقال أبو قتادة: الديناران علي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قد أوفى الله حق الغريم وبرئ منه الميت؟ قال: نعم. فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران؟ قلت: إنما مات أمس، قال فعاد إليه من الغد فقال: قد قضيتهما، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: الآن بردت عليه جلدته» رواه أحمد بإسناد حسن، والحاكم وقال: صحيح الإسناد، وأبو داود وابن حبان في "صحيحه"، وسيأتي إن شاء الله في كتاب الحوالة.
2155 - وعن ثوبان قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من فارق الروح الجسد وهو برئ من ثلاث دخل الجنة: الغلول، والدين، والكبر» رواه الترمذي وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال: صحيح على شرطهما، واللفظ له.
2156 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من مات وعليه دينار أو درهم قضى من حسناته ليس ثم دينار ولا درهم» رواه ابن ماجه بإسناد حسن.
2157 - وعن أبي أمامة مرفوعًا: «من تداين بدين وفي نفسه وفاؤه، ثم مات تجاوز الله عنه وأرضى غريمه بما شاء، ومن تداين بدين وليس في نفسه وفاؤه، ثم مات اقتص الله تعالى لغريمه يوم القيامة» رواه الحاكم عن بشير بن نمير وهو متروك.
2158 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ أموال الناس يريد إتلافها أتلفه الله» رواه البخاري وابن ماجه وغيرهما.
2159 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من حمل من أمتي دينًا، ثم جهد في قضائه، ثم مات قبل أن يقضيه فأنا وليه» رواه أحمد بإسناد جيد.
2160 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ما من مؤمن إلا وأنا أولى به في الدنيا والآخرة، اقرءوا إن شئتم {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب:6] فأيما مؤمن مات وترك مالًا فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك دينًا أو ضياعًا فليأتني فأنا مولاه» أخرجه البخاري، وأخرج نحوه أحمد وأبو داود والنسائي.
2161 - وأخرج أحمد وأبو يعلى من حديث أنس: «من ترك مالًا فلأهله، ومن ترك دينًا فعلى الله ورسوله».
2162 - وعن أبي هريرة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يؤتى بالرجل المتوفى فيسأل: هل ترك لدينه قضاء؟ فإن حدث أنه ترك لدينه وفاءً صلى وإلا قال للمسلمين: صلوا على صاحبكم، قال: فلما فتح الله على رسوله كان يصلي ولا يسأل عن الدين، وكان يقول: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك دينًا أو كَلًا أو ضياعًا فعليَّ وإليَّ، ومن ترك مالًا فلورثته» أخرجه البخاري والنسائي والترمذي وحسنه.

.[4/7] باب ما جاء في تسجية الميت وتقبيله

2163 - عن جابر: «جيء بأبي يوم أحد وقد قتل ثم وضع بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد سجي بثوب» الحديث أخرجه البخاري.
2164 - وعن عائشة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سجَّى ببرد حِبرة» متفق عليه.
2165 - وعنها: «أن أباها دخل فبصر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو مسجى ببرد فكشف عن وجهه وأكب عليه فقبله» رواه أحمد والبخاري والنسائي.
2166 - وعنها وابن عباس: «أن أبا بكر قبَّل النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد موته» رواه البخاري والنسائي وابن ماجه.
2167 - وعنها قالت: «قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن مظعون وهو ميت حتى رأيت الدموع تسيل على وجهه» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه وفي إسناده عاصم العمري ضعيف.

.أبواب غسل الميت

.[4/8] باب ما جاء في وجوبه والستر عليه وأن يليه الأقرب فالأقرب

2168 - عن ابن عباس: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في الذي سقط عن راحلته فمات: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين» متفق عليه.
2169 - وسيأتي في حديث أم عطية في غسل ابنته - صلى الله عليه وسلم - قال: «اغسلنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر» متفق عليه.
2170 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من غسل ميتًا فأدى فيه الأمانة، ولم يفش ما يكون منه عند ذلك، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وقال: لِيَلهِ أقربكم إن كان يعلم، فإن لم يكن يعلم فمن ترون عنده حظًا من ورع وأمانة» رواه أحمد والطبراني في "الأوسط"، وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف.
2171 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة» متفق عليه.
2172 - وقد تقدم حديث علي: «لا تكشف فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت» أخرجه أبو داود وابن ماجه، والحاكم بإسناد ضعيف.

.[4/9] باب ثواب الغسل والترغيب في غسل الميت

2173 - عن أبي رافع قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من غسل ميتًا فكتم عليه غفر له أربعين كبيرة، ومن حفر لأخيه قبرًا حتى يجنه فكأنما أسكنه مسكنًا حتى يبعث» رواه الطبراني في "الكبير"، قال المنذري: ورواته محتج بهم في الصحيح، ورواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.
2174 - وتقدم في الباب الذي قبل هذا حديث عائشة وفيه: «خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه».

.[4/10] باب ما جاء في غسل أحد الزوجين للآخر

2175 - عن عائشة قالت: «رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعًا في رأسي وأقول: وا رأساه، فقال: بل أنا وا رأساه، وما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك» رواه أحمد وابن ماجه والدارمي وابن حبان وصححه، والدارقطني والبيهقي بإسناد فيه ابن إسحاق، وقد تابعه صالح بن كيسان عند أحمد والنسائي.
2176 - وعن عائشة أنها كانت تقول: «لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا نساؤه» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وسكت عنه أبو داود والمنذري، ورجاله ثقات، إلا ابن إسحاق وقد عنعن، وقد أخرج الدارقطني: «أن فاطمة أوصت أن يغسلها علي فغسلها»، وقد أخرج نحوه البيهقي بإسناد حسن.

.[4/11] باب ترك غسل الشهيد وما جاء فيه إذا كان جنبًا

2177 - عن جابر قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في الثوب الواحد ثم يقول: أيهم أكثر أخذًا للقرآن؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد وأمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم» رواه البخاري والنسائي وابن ماجه والترمذي وصححه.
2178 - ولأحمد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في قتلى أحد: «لا تغسلوهم فإن كل جرح أو كل دم يفوح مسكًا يوم القيامة، ولم يصل عليهم» قال في شرح "المنتقى": وهي رواية لامطعن في إسنادها.
2179 - وعن ابن عباس: «أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم» أخرجه أبو داود وابن ماجه بإسناد ضعيف.
2180 - وللنسائي من حديث عبد الله بن ثعلبة مرفوعًا: «زملوهم بثيابهم، فإنه ليس أحد يكلم في سبيل الله إلا أتى يوم القيامة جرحه بدماء لونه لون دم وريحه ريح مسك».
2181 - وعن محمود بن لبيد: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن صاحبكم لتغلسه الملائكة يعني حنظلة، فاسألوا أهله: ما شأنه؟ فسألت صاحبته، فقالت: خرج وهو جنب حين سمع الهائعة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لذلك غسلته الملائكة» رواه ابن إسحاق في المغازي.
2182 - وأخرجه أيضًا ابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وصححه والبيهقي من حديث أبي الزبير.
2183 - والحاكم في "الإكليل" من حديث ابن عباس بإسناد ضعيف. وقد أخرج الطبراني عن ابن عباس بإسناد قال الحافظ لا بأس به قال: «أصيب حمزة بن عبد المطلب وحنظلة وهما جنب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: رأيت الملائكة تغسلهما» قال في "الفتح": وهو غريب في ذكر حمزة.
2184 - وعن ابن سلامة عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أغرنا على حي من جهينة فطلب رجل من المسلمين رجلًا منهم فضربه وأخطأه وأصاب نفسه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أخوكم يا معشر المؤمنين! فابتدره الناس فوجدوه قد مات، فلفه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بثيابه ودمائه وصلى عليه ودفنه، فقالوا: يا رسول الله! أشهيد؟ قال: نعم، وأنا له شهيد» رواه أبو داود وقال: إنما هو عن زيد بن سلام عن جده أبي سلام.
قوله: «الهائعة» هي الصوت الشديد، وفعل الملائكة لا يدل على شرعية الغسل لمن كان جنبًا من الشهداء، لم نؤمر بالاقتداء بهم.
قوله: «وصلى عليه» أي دعا له جمعًا بين هذا الحديث والأحاديث الصحاح القاضية بعدم الصلاة على الشهيد، وسيأتي إن شاء الله في باب ما جاء في ترك الصلاة على الشهيد.

.[4/12] باب صفة الغسل

2185 - عن أم عطية قالت: «دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفيت ابنته فقال: اغْسِلْنَها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن بماء وسدر، واجعلن في الأخيرة كافورًا أو شيئًا من كافور، فإذا فرغتن فآذنني، فلما فرغنا آذناه، فأعطانا حقوه فقال: أشْعِرْنها إياه يعني إزاره» رواه الجماعة. وفي رواية لهم: «ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها» وفي لفظ: «اغسلنها وترًا ثلاثا أو خمسًا أو سبعًا أو أكثر من ذلك إن رأيتن» وفيه قالت: «فظفرنا شعرها ثلاثة قرون فألقيناها خلفها» متفق عليهما، وليس لمسلم: «فألقيناها خلفها» وفي رواية لهما: «دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن نغسل ابنته» وفي مسلم «أنها زينب زوج أبي العاص بن الربيع» ووقع عند ابن ماجه بإسناد على شرط الشيخين أنها أم كلثوم، والجمع ممكن بأن تكون أم عطية غسلتهما معًا فإنها كانت غاسلة الميتات.
2186 - وعن عائشة قالت: «لما أرادوا غسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اختلفوا فيه فقالوا: والله ما ندري كيف نصنع أنجرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما نجرد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه؟ قالت: فلما اختلفوا أرسل الله عليهم السنة حتى والله ما من القوم من رجل إلا ذقنه في صدره نائمًا قالت: ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو اغسلوا النبي وعليه ثيابه، قالت: فبادروا إليه فغسلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في قميص يفاض عليه الماء والسدر وتدلك الرجال بالقميص» رواه أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم.
2187 - وعن بريدة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غُسِل في قميصه» رواه ابن ماجه والبيهقي والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأخرج الدارقطني في "سننه" من حديث بريدة قال: «لما أخذوا في غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - نادى بهم مناد من الداخل لا تنزعوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قميصه» قال الدارقطني: تفرد به عمرو بن يزيد عن علقمة، قال المنذري: وعمرو بن يزيد هذا هو أبو بردة التميمي ولا يحتج به، وفي إسناده محمد بن إسحاق وقد تقدم الكلام عليه، انتهى.

.أبواب الكفن وتوابعه

.[4/13] باب التكفين من رأس المال

2188 - عن خباب بن الأرت: «أن مصعب بن عمير قُتِلَ يوم أحد ولم يترك إلا نَمِرًة، فكنا إذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه، وإذا غطينا رجليه بدا رأسه، فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نغطي رأسه ونجعل على رجليه شيئًا من الإذخر» رواه الجماعة إلا ابن ماجه.

2189 - وعنه: «أن حمزة لم يوجد له كفن إلا برد ملحا إذا جعل على قدميه قلصت عن رأسه، حتى مدت على رأسه وجعل على قدميه الإذخر» رواه أحمد.
2190 - وأخرجه الحاكم عن أنس.
قوله: «نمرة» هي الشملة التي فيها خطوط بيض وسود أو برد من صوف.
قوله: «برد ملحا» الملحا هي التي فيها خطوط سود وبيض.

.[4/14] باب ما جاء في شرعية إحسان الكفن والنهي عن المغالاة فيه

2191 - عن أبي قتادة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا وَلِيَ أحدكم أخاه فليحسن كفنه» رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه، ورجال إسناده ثقات.
2192 - وعن جابر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطب يومًا فذكر رجلًا من أصحابه قبض وكفِّن في غير طائل، وقبر ليلًا، فزجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقبر الرجل ليلًا حتى يصلى عليه، إلا أن يضطر الإنسان إلى ذلك، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه» رواه أحمد ومسلم أبو داود.
2193 - وعن علي رضي الله عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تغالوا في الكفن، فإنه يسلب سريعًا» رواه أبو داود وفيه ضعف وانقطاع، وقال في "الخلاصة": حسنه الترمذي والمنذري.
2194 - وقال أبو بكر: «الحي أحق بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة» أخرجه البخاري.
قوله: «غير طائل» أي حقير غير كامل.

.[4/15] باب صفة الكفن

2195 - عن عائشة قالت: «كفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة أثواب بيض سَحُولية من كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة» رواه الجماعة، وليس عند الترمذي ولا ابن ماجه قوله: «من كرسف» وفي رواية لأصحاب السنن فذكر لعائشة قولهم: «في ثوبين وبرد حِبَرة فقالت: قد أتي بالبرد ولكنهم ردوه ولم يكفنوه فيه» قال الترمذي: حسن صحيح. وفي رواية للبيهقي: «في ثلاثة أثواب سحولية جدد» وفي رواية لمسلم قالت: «درج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حلة يمنية كانت لعبد الله بن أبي بكر ثم نزعت عنه وكفن في ثلاثة أثواب بيض سَحُوليَّة يمانية ليس فيها عمامة ولا قميص، فرفع عبد الله الحلة فقال: أكفن فيها؟ ثم قال: لم يكفن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها وأكفن فيها قال: فتصدق بها» وقال الترمذي: تكفينه في ثلاثة أثواب أصح ما ورد في كفنه.
2196 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البسوا من ثيابكم البياض فإنه من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم» رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه الترمذي وصححه ابن القطان، ورواه ابن حبان في "صحيحه".
2197 - وعن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا توفي أحدكم فوجد شيئًا، فيكفن في ثوب حِبَرة» رواه أبو داود، قال الحافظ: بإسناد حسن.
2198 - وعن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «خير الكفن الحلة» أخرجه أبو داود وابن ماجه وسكت عنه أبو داود والمنذري.
2199 - وعن ليلى بنت قانف قالت: «كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند وفاتها، وكان أول ما أعطانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحِقا ثم الدرع، ثم الملحفة ثم أدرجت بعد ذلك في الثوب الآخر، قالت: ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الباب معه كفنها يناولنا ثوبًا ثوبًا» رواه أحمد وأبو داود وفي إسناده داود رجل من بني عروة بن مسعود، قال ابن حبان: هو داود بن عاصم بن عروة بن مسعود وهو ثقة، وقال في "الخلاصة": رواه أبو داود بإسناد حسن.
2200 - وفي حديث أم عطية: «فألقى علينا حقوة إزار، فقال: اشعرنها إياها» متفق عليه. قال في "الفتح": وروى الخوارزمي من طريق إبراهيم بن حبيب بن الشهيد عن هشام بن حسان عن حفصة عن أم عطية أنها قالت: «وكفناها في خمسة أثواب، وخمرناها كما يُخَمَّر الحي» وهذه الزيادة صحيحة الإسناد.
قوله: «سحولية» بفتح السين منسوبة إلى السحول وهو النضار لأنها يسحله، أي يغسلها أو إلى السحول، قرية باليمن، وبالضم جمع سحل وهو الثوب الأبيض النقي ولا يكون إلا من قطن.
قوله: «الحقا» بكسر المهملة وتخفيف القاف مقصور: هو الحقو وهو الإزار.

.[4/16] باب تكفين الشهيد في ثيابه التي قتل فيها

2201 - عن ابن عباس قال: «أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحد بالشهداء أن ينزع عنهم الحديد والجلود، وقال: ادفنوهم بدمائهم وثيابهم» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه بإسناد ضعيف وقد تقدم في باب غسل الشهيد.
2202 - وعن عبد الله بن ثعلبة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم أحد: زملوهم في ثيابهم، وجعل يدفن في القبر الرهط، ويقول: قدموا أكثرهم قرآنًا» رواه أحمد، وله شاهد عند النسائي من حديث عبد الله بن ثعلبة تقدم أيضًا في باب غسل الشهيد.
2203 - وعن جابر قال: «رمى رجل بسهم في صدره أو في حلقه فمات فأدرج في ثيابه كما هو، قال: ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» أخرجه أبو داود وقال في "التلخيص": بإسناد على شرط مسلم.

.[4/17] باب ما جاء في تطييب بدن الميت وكفنه وحكم من مات محرمًا

2204 - عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا جمرتم الميت، فأجمروه ثلاثًا» رواه أحمد وابن حبان في "صحيحه" والحاكم والبيهقي والبزار قيل: برجال الصحيح، وأخرج نحوه أيضًا عن جابر مرفوعًا بلفظ: «إذا جمرتم الميت فأوتروا».
2205 - وعن ابن عباس قال: «بينما رجل واقف مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفة إذ وقع عن راحلته فَوقصَته، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: اغسلوه بما وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا» رواه الجماعة وله طرق وألفاظ، ورواه أيضًا ابن حبان وزاد هو والنسائي: «ولا تخمروا وجهه ولا رأسه» وهو في رواية لمسلم، وقال البيهقي: ذكر الوجه غريب، ولعله وهم من بعض رواته، انتهى. وفي لفظ لمسلم: «فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يغسلوه بما وسدر، ويكشفوا وجهه» وفي أخرى: «ولا تغطوا وجهه، ولا تقربوه طيبًا».
وفي رواية النسائي عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اغسلوا المحرم في ثوبيه الذي أحرم فيهما، واغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تمسُّوه بطيب، ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة محرمًا».
قوله: «وقصته» بفتح الواو بعدها قاف ثم صاد مهملة، قال في "غريب الجامع": وَقَصَ الرجل: إذا وقع فاندقت عنقه، وأوقصته دابتَّه: إذا ألقته فأصابه ذلك، انتهى. وفي رواية للبخاري: «فأقعصته» وفي أخرى: «أقصعته» وفي أخرى: «أوقصته» وفي القاموس: الوقص الكسر، والقصع: الهشم، والقعص: الموت السريع.
قوله: «الحنوط» بالحاء المهملة، هو ما يطيب به الميت.
قوله: «التخمير» هو التغطية، «ولا تمسوه» بضم أوله وكسر الميم من أمس.