فصل: (7/21) باب من شرع في الصوم ثم أفطر من يومه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[7/21] باب من شرع في الصوم ثم أفطر من يومه

2771 - عن جابر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فصام حتى بلغ كراع الغَميم فصام الناس ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر إليه الناس ثم شرب فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام فقال: أولئك العصاة، أولئك العصاة! وفي لفظ فقيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام وإنما ينتظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب» رواه مسلم وقد تقدم قريبًا.
2772 - وللبخاري نحوه من حديث ابن عباس وقد تقدم قبل هذا الباب.
2773 - وعن أبي سعيد قال: «أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نهر من ماء السماء والناس صيام في يوم صائف مشاة ونبي الله - صلى الله عليه وسلم - راكب على بغلة له فقال: اشربوا أيها الناس قال: فأبوا قال: إني لست مثلكم إني أيسركم إني راكب: فأبوا فثنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخذه فنزل فشرب الناس وما كان يريد الشرب» رواه أحمد.

.[7/22] باب ما جاء في الفطر لمن يريد السفر قبل خروجه من بلده

2774 - عن ابن عباس قال: «خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في رمضان إلى حنين والناس مختلفون فصائم ومفطر فلما استوى على راحلته دعا بإناء من لبن أو ماء فوضعه على راحلته أو راحته ثم نظر الناس فقال: المفطرون للصوام: أفطروا» رواه البخاري وأبو داود والنسائي، وفي رواية للبخاري عن عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح» انتهى. قلت: وهو والصواب لأن غزوة حنين ليست في رمضان
2775 - وعن محمد بن كعب قال: «أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفرًا قد رحلت له راحلته، ولبس ثياب السفر فدعا بطعام فأكل فقلت له: سنة فقال: سنة ثم ركب» رواه الترمذي بإسناد ضعيف وصححه ابن العربي وسكت عنه في "التلخيص".
2776 - وعن عُبَيد بن جُبَير قال: «ركبت مع أبي بَصْرَة الغِفاري صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفينة من الفسطاط في رمضان فرفع ثم قرب غداه ثم قال: اقترب فقلت: ألست بين البيوت؟ فقال أبو بَصْرَة: أرغبت عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟» رواه أحمد وأبو داود وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله ثقات، وفي رواية: «فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة، قال: اقترب قلت: ألست ترى البيوت؟ قال أبو بَصْرَة: أترغب عن سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ فأكل».

.[7/23] باب جواز الفطر للمسافر إذا دخل بلدًا ولم يعزم على الإقامة فيه وحكم من أدركه رمضان وهو في بلد الإقامة

2777 - عن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غزا غزوة الفتح في رمضان وصام، حتى إذا بلغ الكُدَيد الماء الذي بين قَديد وعُسْفان أفطر، فلم يزل مفطرًا حتى انسلخ الشهر» رواه البخاري وكان الفتح لعشر بقين من رمضان كما في الصحيح.
2778 - وعن سلمة بن المُحَبَّق قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من كانت له حمولة يأوي إلى شِبْع، فليصم رمضان حيث أدركه» وفي رواية قال: «من أدركه رمضان في السفر...» وذكر معناه أخرجه أبو داود وفي إسناده عبد الصمد بن حبيب الأزدي العودي، قال يحيى بن معين: ليس به بأس، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه وليس بمتروك، وقال يحيى: من كبار الضعفاء، وقال البخاري: لين الحديث ضعفه أحمد. قال البخاري أيضًا: عبد الصمد بن حبيب منكر الحديث ذاهب الحديث، ولم يعد البخاري هذا الحديث شيئًا.
قوله: «حمولة» بالضم هي الأحمال والشبع بكسر الشين المعجمة وإسكان الباء الموحدة اسم لما يشبع وبالفتح المصدر.

.[7/24] باب حكم من لا تستطيع الصيام والحامل والمرضع

2779 - عن ابن عباس قال: «رخص للشيخ الكبير أن يفطر، ويطعم كل يوم مسكينًا ولا قضاء عليه» رواه الدارقطني والحاكم وصححاه.
2780 - وعن سلمة بن الأكوع قال: «لما نزلت هذه الآية {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة:184] كان من أراد أن يفطر ويفتدي حتى أنزلت الآية التي بعدها فنسختها» رواه الجماعة إلا أحمد.
2781 - وعن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بنحو حديث سلمة وفيه «ثم أنزل الله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:185] فأثبت الله تعالى صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام» مختصر لأحمد وأبي داود وقد اختلف في إسناده.
2782 - وعن عطاء: «سمع ابن عباس يقرأ: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة:184] قال ابن عباس ليست بمنسوخة هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا» رواه البخاري.
2783 - وعن أنس بن مالك الكعبي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحبلى والمرضع الصوم» رواه الخمسة وفي لفظ: «وعن الحبلى والمرضع» وحسنه الترمذي وفي جامع الأصول وفي رواية لأبي داود: «رخص للشيخ والحبلى إذا خافتا على ولديهما».

.[7/25] باب قضاء رمضان وأحكامه

2784 - عن ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن قضاء رمضان، فقال: إن شاء فرّق، وإن شاء تابعه» رواه الدارقطني، وقال البيهقي: حديث لا يصح، وخالفة ابن الجوزي فصححه، وقال في "التلخيص": في إسناده سفيان بن بشر تفرَّد بوصله.
2785 - قال: ورواه عطاء بن عبيد بن عمير مرسلًا. قلت: وإسناده ضعيف.
2786 - ورواه من حديث عبد الله بن عمرو، وفي إسناده الواقدي ووثقه ابن لهيعة.
2787 - ورواه من حديث محمد بن المنكدر قال: «بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن تقطيع شهر رمضان، فقال: ذلك إليك أرأيت لو كان على أحدكم دين فقضاء الدرهم والدرهمين ألم يكن قضاء فالله أحق أن يعفو» وقال: هذا إسناد حسن لكنه مرسل، وقد روي موصولًا ولا يثبت.
2788 - ونقل البخاري عن ابن عباس أنه احتج على الجواز بقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] ووجهه أنه مطلق يشمل التفريق والتتابع، انتهى.
2789 - وعن عائشة قالت: «نزلت: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] متتابعات فسقطت متتابعات» رواه الدارقطني، وقال: إسناده صحيح.
2790 - وعن أبي هريرة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «من كان عليه صوم من رمضان فليسرده ولا يقطعه» رواه الدارقطني وحسنه ابن القطان وضعفه غيره.
2791 - وعن عائشة قالت: «كان يكون على الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان وذلك لمكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه الجماعة.
2792 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «في رجل مرض في رمضان فأفطر ثم صح ولم يصم حتى أدركه رمضان آخر فقال: يصوم الذي يدركه ثم يصوم الشهر الذي أفطر فيه ويطعم كل يوم مسكينًا» رواه الدارقطني عن أبي هريرة وضعفه وقال البيهقي في "خلافياته": لا يصح مرفوعًا، وقال في "سننه": ليس بشيء في إسناده متر وكان قال: وروي موقوفًا على أبي هريرة بإسناد صحيح.
2793 - وروى الترمذي عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من مات وعليه صيام شهر فليصم عنه مكان كل يوم مسكينًا» وإسناده ضعيف قال الترمذي: والصحيح أنه عن ابن عمر موقوفاً.
2794 - وعن ابن عباس قال: «إذا مرض الرجل في رمضان ثم مات ولم يطعم أطعم عنه ولم يكن عليه قضاء وإن نذر قضاه عنه وليّه» رواه أبو داود وصححه الحافظ وأخرجه البيهقي وعبد الرزاق موصولًا وعلقه البخاري، وقال عبد الحق في "أحكامه": لا يصح في الإطعام شيء مرفوعًا، وكذا قال في "الفتح".
2795 - وعن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أدرك رمضان وعليه من رمضان شيء لم يقضه لم يتقبل منه، ومن صام تطوعًا وعليه من رمضان شيء لم يقضه فإنه لا يتقبل منه حتى يصومه» رواه أحمد والطبراني في "الأوسط"، وقال في "مجمع الزوائد": وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه كلام، وبقية رجاله رجال الصحيح، وذكر في "مجمع الزاوئد" في موضع آخر وقال: هذا حديث حسن.

.[7/26] باب ما جاء في الصوم عن الميت

2796 - عن ابن عباس: «أن امرأة قالت: يا رسول الله! إن أمي ماتت وعليها صوم نذر فأصوم عنها؟ قال: أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدى ذلك عنها؟ قالت: نعم، قال: فصومي عن أمك» أخرجاه، وفي رواية لهما: «جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إن أمي قد ماتت وعليها صوم شهر فأقضيه عنها؟ قال: نعم، فدين الله أحق أن يقضى» وفي رواية لأحمد والنسائي وأبي داود: «أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله نجاها أن تصوم شهرًا، فأنجاها الله فلم تصم حتى ماتت فجاءت قرابة لها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرت ذلك، فقال: صومي عنها».
2797 - وعن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وليه» متفق عليه، وفي رواية للبزار: «فليصم عنه وليه إن شاء» قال في "مجمع الزوائد": وإسناده حسن.
2798 - وعن بريدة قال: «بينا أنا جالس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أتته امرأة، فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت، فقال: وجب أجرك وردها عليك بالميراث، قالت: يا رسول الله! إن كان عليها صوم شهر، أفأصوم عنها؟ قال: صومي عنها، قالت: إنها لم تحج قط، أفأحج عنها؟ قال: حجي عنها» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه، ولمسلم في رواية: «صوم شهرين».

.[7/27] باب ما جاء فيمن أفطر ظانًا دخول الليل فبدت الشمس

2799 - عن أسماء بنت أبي بكر قالت: «أفطرنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم غيم، ثم طلعت الشمس، قيل لهشام: أفأمروا بالقضاء؟ قال: وبد من قضاء» رواه البخاري وأبو داود.
2800 - وفي "الموطأ": «أن عمر أفطر ذات يوم في رمضان في يوم ذي غيم ورأى أنه قد أمسى وغابت الشمس، فجاء رجل فقال: يا أمير المؤمنين طلعت الشمس، فقال عمر: الخطب يسير وقد اجتهدنا» قال مالك: يريد بقوله «يسير» القضاء فيما نرى والله أعلم خِفَّةُ مؤنته ويسارته يقول: نصوم يومًا مكانه.

.[7/28] باب التشديد فيمن أفطر لغير عذر

2801 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أفطر يومًا من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقضه صوم الدهر كله وإن صامه» أخرجه الترمذي وقال: لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأخرجه أبو داود ولم يذكر المرض «ولا كله وإن صامه» وأخرجه البخاري تعليقًا قال: ويذكر عن أبي هريرة رفعه وقال: من غير عذر ولا مرض، وأخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" والنسائي وابن ماجه والبيهقي، وفي إسناد الجميع يزيد بن المطوس عن أبيه. قال البخاري: لا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا! وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به.
2802 - وأخرج البيهقي عن ابن مسعود موقوفًا: «من أفطر يومًا من رمضان متعمدًا، لم يقضه أبدًا طول الدهر» ومثل ذلك لا يقال من قبيل الرأي.
2803 - وعن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «بينا أنا نائم أتاني رجلان فأخذا بضبعي فأتيا بي جبلًا وعرًا فقالا: اصعد، فقلت: إني لا أطيقه فقالا: إنا سنسهله لك، فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل فإذا أنا بأصوات شديدة فقلت: ما هذه الأصوات؟ فقالوا: هذه عواء أهل النار ثم انطلقا بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم، تسيل أشدَاقهم دمًا، قال: قلت من هؤلاء؟ قال: الذين يفطرون قبل تحلة صومهم» الحديث رواه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما"، وهو مختصر من حديث طويل.
قوله: «قبل تحلة صومهم» معناه يفطرون قبل وقت الإفطار.

.أبواب صوم التطوع

.[7/29] باب الصوم في سبيل الله تعالى وفي السفر

2804 - عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من عبد يصوم في سبيل الله، إلا باعد الله بذلك اليوم عن وجهه النار سبعين خريفًا» متفق عليه واللفظ لمسلم.
2805 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام يومًا في سبيل الله حرمه الله على النار سبعين خريفًا» رواه الترمذي من رواية ابن لهيعة، وقال: غريب، وأخرجه النسائي بإسناد حسن.
2806 - وعن ابن عباس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يفطر أيام البيض في حضر ولا سفر» رواه النسائي بإسناد فيه: يعقوب بن عبد الله القمِّي، وجعفر بن أبي المغيرة القمِّي قال في "التقريب": صدوقان يهمان.

.[7/30] باب صوم ست من شوال

2807 - عن أبي أيوب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال فذلك صيام الدهر» رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي.
2808 - وهو لأحمد من حديث جابر.
2809 - وعن ثوبان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من صام رمضان وستة أيام بعد الفطر كان تمام السنة {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام:160]» رواه ابن ماجه.
2810 - وله شاهد عند البزار من حديث أبي هريرة بطرق رجال بعضها رجال الصحيح، وقال المنذري في حديث ثوبان: أخرجه ابن ماجه والنسائي ولفظه: «جعل الله الحسنة بعشرة أمثالها، شهرًا بعشرة أشهر، وستة أيام بعد الفطر تمام السنة» وابن خزيمة في "صحيحه"، ولفظه وهو رواية للنسائي قال: «صيام شهر رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة» وابن حبان في "صحيحه" ولفظه: «من صام رمضان وستًا من شوال فقد صام السنة».

.[7/31] باب ما جاء في عشر ذي الحجة ويوم عرفة

2811 - عن حفصة قالت: «أربع لم يكن يدعهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صيام عاشوراء والعشر، وثلاثة أيام من كل شهر، والركعتين قبل الغداة» رواه أحمد والنسائي.
2812 - وأخرجه أبو داود عن بعض أزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظ: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء».
2813 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء» أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي.
2814 - وعن عائشة قالت: «ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صائمًا في العشر قط» رواه مسلم والترمذي من طريقين قال في أحدهما وهذا أصح وأوصل إسنادًا، انتهى. ورواه أبو داود وأسقط منه لفظة «في».
2815 - وعن أبي قتادة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة، وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي ولفظ مسلم: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صوم يوم عرفة فقال: يكفر السنة الماضية والباقية، وسئل عن صوم يوم عاشوراء، فقال: يكفر السنة الماضية، وسئل عن صوم يوم الإثنين، فقال: ذاك يوم وُلدت فيه أو بُعثت فيه أو أنزل عليَّ فيه» وفي رواية للترمذي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «صيام يوم عرفة إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي بعده والسنة التي قبله» وحسنه الترمذي.
2816 - وعن أبي هريرة قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن صوم يوم عرفة بعرفات» رواه الخمسة إلا الترمذي وصححه ابن خزيمة والحاكم على شرط البخاري واستنكره العقيلي.
2817 - وعن أم الفضل «أنهم شكوا في صوم النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة فأرسلت إليه بلبن فشرب وهو يخطب الناس بعرفة» متفق عليه.
2818 - وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وصححه الترمذي.

.[7/32] باب صوم شهر محرم وعاشوراء والتوسيع فيه على العيال والأهل

2819 - عن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل أي الصيام بعد رمضان أفضل، قال: شهر الله المحرم» رواه الجماعة إلا البخاري.
2820 - وعن علي: «أنه سمع رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قاعد، فقال: يا رسول الله! أي شهر تأمرني أن أصوم بعد شهر رمضان، قال: فصم المحرم، فإنه شهر الله فيه يوم تاب الله فيه على قوم ويتوب فيه على قوم» رواه الترمذي وحسنه.
2821 - وعن عائشة قالت: «كان يوم عاشوراء يومًا تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه، فلما فرض رمضان قال: من شاء صامه، ومن شاء تركه» متفق عليه.
2822 - وعن سلمة بن الأكوع: «قال أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من أسلم أن أذن في الناس أن من كان أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم، فإن اليوم يوم عاشوراء» أخرجاه.
2823 - وعن علقمة: «أن الأشعث بن قيس دخل على عبد الله وهو يطعم يوم عاشوراء فقال: يا أبا عبد الرحمن! إن اليوم يوم عاشوراء فقال: قد كان يصام قبل أن ينزل رمضان فلما نزل رمضان ترك، فإن كنت مفطرًا فاطعم» أخرجاه.
2824 - وعن ابن عمر: «أن أهل الجاهلية كانوا يصومون يوم عاشوراء وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صامه والمسلمون قبل أن يفرض رمضان، فلما فرض رمضان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن يوم عاشوراء يوم من أيام الله فمن شاء صامه، وكان ابن عمر لا يصومه إلا أن يوافق صيامه».
2825 - وعن أبي موسى قال: «كان يوم عاشوراء يومًا تعظمه اليهود وتتخذه عيدًا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صوموه أنتم» وفي رواية: «كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيدًا ويلبسون نساءهم حليّهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: صوموه أنتم».
2826 - وعن ابن عباس قال: «قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: ما هذا؟ قالوا: يوم صالح نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، فقال: أنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه» متفق على هذه الأحاديث.
2827 - وعن ابن عباس قال: «ما علمت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صام يومًا يطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم ولا شهرًا إلا هذا الشهر يعني رمضان» أخرجاه.
2828 - وعن أبي قتادة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل عن صيام يوم عاشوراء، فقال: يكفر السنة الماضية» رواه مسلم وغيره، والترمذي من حديثه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: صيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله».
2829 - وعن ابن عباس قال: «أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصوم يوم عاشوراء يوم العاشر» رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
2830 - وعنه: «لما صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عاشوراء وأمر الناس بصيامه، قالوا: يا رسول الله! إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، قال: فإذا كان في العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع، قال: فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه مسلم وأبو داود، وفي لفظ: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لأن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع يعني يوم عاشوراء» رواه أحمد ومسلم وفي رواية: «وقد سأله رجل فقال: أخبرني عن صوم يوم عاشوراء، فقال: إذا رأيت هلال المحرم فاعدد وأصبح اليوم التاسع صائمًا، قال: هكذا كان محمد - صلى الله عليه وسلم - يصومه؟ قال: نعم» وفي رواية لأحمد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود وصوموا قبله يومًا وبعده يومًا» وفي إسنادها محمد بن أبي ليلى وفيه كلام.
2831 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من وسع على عياله وأهله يوم عاشوراء أوسع الله عليه سائر سنة» رواه البيهقي من طرق عن جماعة من الصحابة قال البيهقي: هذه الأسانيد وإن كانت ضعيفة فهي إذا ضم بعضها إلى بعض أخذت قوة، وقال العراقي في "أماليه": لحديث أبي هريرة طرق صحح بعضها ابن ناصر الحافظ. قال في "المقاصد": له طريق عن جابر على شرط مسلم أخرجها ابن عبد البر في "الاستذكار" من رواية أبي الزبير عنه وهي أصح طرقه.
2832 - وعن أبي بكرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كل شهر حرام لا ينقص ثلاثين يومًا وثلاثين ليلة» رواه الطبراني في "الكبير". قال في "مجمع الزوائد": ورجاله رجال الصحيح.

.[7/33] باب ما جاء في صوم شعبان والأشهر الحرم

2833 - عن أم سلمة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يصوم من السنة شهرًا تامًا إلا شعبان كان يصله برمضان» رواه الخمسة وحسنه الترمذي واللفظ لأبي داود، ولفظ الترمذي: «ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان» وقال في "الشمائل": إسناده صحيح، ولفظ ابن ماجه: «كان يصوم شهر شعبان ورمضان».
2834 - وعن عائشة قالت: «لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم أكثر من شعبان كان يصومه كله» وفي لفظ: «ما كان يصوم في شهر ما كان يصوم في شعبان، كان يصومه إلا قليلًا بل كان يصومه كله» وفي لفظ: «ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان، وما رأيته في شهرًا أكثر منه صيامًا في شعبان» متفق على ذلك كله.
2835 - وعن أنس قال: «سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الصوم أفضل بعد رمضان، فقال: شعبان» رواه الترمذي بإسناد ضعيف وقال: غريب.
2836 - وعن أسامة قال: «قلت: يا رسول الله! لم أرك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم في شعبان، قال: ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر يرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» أخرجه النسائي وأبو داود وصححه ابن خزيمة.
2837 - وعن عمران بن حصين: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: هل صمت من سَرَر هذا الشهر؟ قال: لا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فإذا أفطرت رمضان فصم يومين مكانه» متفق عليه، وفي رواية لهم: «من سرر شعبان».
2838 - وعن رجل من باهلة قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله! أنا الرجل الذي أتيتك عام الأول، فقال: مالي أرى جسمك ناحلًا، فقال: يا رسول الله! ما أكلت طعامًا بالنهار ما أكلته إلا بالليل، قال: من أمرك أن تعذب نفسك؟ قلت: يا رسول الله! إني أقوى، قال: صم شهر الصبر ويومًا بعده، قلت: إني أقوى، قال: صم شهر الصبر ويومين بعده، قلت: إني أقوى، قال: صم شهر الصبر وثلاثة أيام بعده، وصم أشهر الحرم» رواه أحمد وابن ماجه وهذا لفظه. رواه أبو داود عن مُجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها: «أنه أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم انطلق فأتاه بعد سنة، وقد تغيرت حالته وهيئته، فقال: يا رسول الله! أما تعرفني؟ قال: ومن أنت؟ قال: أنا الباهلي الذي جئتك عام أول، قال: فما غيرك، وقد كنت حسن الهيئة؟ قال: ما أكلت طعامًا منذ فارقتك إلا بليل، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فلم عذبت نفسك؟ ثم قال: صم شهر الصبر ويومًا من كل شهر، قلت: زدني فإن بي قوة، قال صم يومين، قلت: زدني قال: صم ثلاثة أيام، قلت: زدني، قال: صم من المحرم واترك، صم من المحرم واترك، صم من المحرم واترك، وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها» ولم يتكلم في الحديث إلا من جهة الاختلاف المذكور وهو لا يضر.