فصل: (8/31) باب ما جاء في الجراد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[8/31] باب ما جاء في الجراد

3095 - عن أبي هريرة قال: «خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حج أو عمرة فاستقبلنا رِجل من جراد فجعلنا نضربه بأسياطنا وقِسِّينا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كلوه فإنه من صيد البحور» رواه الترمذي بإسناد ضعيف، وفي رواية أبي داود قال أبو هريرة: «أصبنا سربًا من جراد فكان الرجل منا يضرب بسوطه وهو محرم فقيل له: إن هذا لا يصلح فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنما هو من صيد البحر» وفي أخرى: «الجراد من صيد البحر» وإسنادهما ضعيف.
3096 - ويشهد له حديث أنس عند ابن خزيمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الجراد نثرة الحوت من البحر» وأخرج حديث أنس الترمذي في باب الدعاء على الجراد وفيه وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنها نثرة حوت في البحر» وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وضعفه لأن في إسناده موسى بن إبراهيم التيمي وقال فيه: هو كثير الغرائب والمناكير.
3097 - ويشهد له حديث ابن عمر عند أحمد وابن ماجه: «أحلت لنا ميتتان ودمان: فأما الميتتان فالجراد والحوت» وإسناده ضعيف لكن قد صححه موقوفًا الدارقطني وأبو زرعة وأبو حاتم، وقال الحافظ في "التلخيص": الرواية الموقوفة هي في حكم المرفوع؛ لأن قول الصحابي أحل لنا كذا وحرم علينا كذا مثل قوله أُمرنا بكذا أو نهينا عن كذا، فيحصل الاستدلال بهذه الرواية لأنها في معنى المرفوع. انتهى وقد روي هذا الحديث من طريق عبد الله بن زيد بن أسلم مرفوعًا وجنح إلى تصحيحه من هذه الطريق الشيخ تقي الدين في الإمام.
3098 - والمراد أن هذا الحديث دليل على أن الجراد من صيد البحر لتحليل ميتتها، إذ ميتتة البحر حلال بدليل حديث أبي هريرة مرفوعًا في البحر «هو الطهور ماؤه والحل ميتته» رواه أهل السنن وصححه الأئمة وقد تقدم في أول هذا الكتاب، ومجموع ما في الباب يصلح للاستدلال على أن الجراد من صيد البحر وأن المحرم إذا قتله فلا جزاء فيه ومن أوجب فيه الجزاء من الصحابة فلعله لم يبلغه الحديث.
قوله: «رِجْل جراد» الرجل بالكسر للراء وسكون الجيم أي قطعة من الجراد.
قوله: «نثرة حوت» النثرة العَطسة كما في "غريب جامع الأصول".

.[8/32] باب ما جاء في صيد الحرم وشجره

3099 - عن أبي هريرة قال: «لما فتح الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - مكة قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين وإنها لم تحل لأحد كان قبلي، وإنما أُحلت لي ساعة من نهار وإنها لا تحل لأحد بعدي، فلا يُنَفَّر صيدها ولا يختلى خلالها، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين، فقال العباس إلا الإذخر فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا، فقال: إلا الإذخر» متفق عليه، وفي لفظ لهم: «لا يعضد شجرها بدل قوله لا يختلي خلاها شوكها».
3100 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة: «إن هذا البلد حرام لا يعضد شوكه ولا يختلى خلاه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا لمعرف، فقال العباس: إلا الإذخر فإنه لا بد منه فإنه للقبور وللبيوت، فقال: إلا الإذخر» متفق عليه.
3101 - وعن عطاء «أن غلامًا من قريش قتل حمامة من حمام مكة فأمر ابن عباس أن يهدى عنه بشاة» رواه الشافعي وابن أبي شيبة والبيهقي من طرق.

.[8/33] باب ما يقتل من الدواب في الحرم والإحرام

3102 - عن عائشة قالت: «أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل خمس فواسق في الحل والحرم: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور» متفق عليه.
3103 - وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح: الغراب والحدأة والعقرب والفأرة والكلب العقور» رواه الجماعة إلا الترمذي، وفي لفظ لأحمد ومسلم والنسائي: «خمس لا جناح على من قتلهن في الحرم والإحرام: الفأرة والعقرب والغراب والحدَيَا والكلب العقور».
3104 - وعن ابن مسعود: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر محرمًا بقتل حية بمنى» رواه مسلم.
3105 - وعن ابن عمر: «وسئل ما يقتل الرجل من الدواب وهو محرم فقال: حدثتني أحد نسوة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يأمر بقتل الكلب العقور والفأرة والعقرب والحدأة والغراب والحية» رواه مسلم، وفي رواية له قال: «وفي الصلاة».
3106 - ولمسلم من حديث عائشة تقييد الغراب بالأبقع.
3107 - وعن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «خمس كلهن فاسقة يقتلهن المحرم ويقتلن في الحرم: الفأرة والعقرب والحية والكلب العقور والغراب» رواه أحمد والبزار والطبراني في "الكبير" و"الأوسط"، وفي إسناده ليث بن أبي سليم وهو ثقة لكنه مدلس.
3108 - ورد الأمر بقتل غير هذه كالسبع العادي عند أبي داود وأحمد والترمذي وحسنه من حديث أبي سعيد ولفظه عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «يقتل المحرم السبع العادي» وقد اعترض على الترمذي في تحسينه لهذا الحديث لأن في إسناده يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف.
3109 - والذئب والنمر عند ابن خزيمة وابن المنذر من حديث أبي هريرة.
3110 - وروى أبو داود في "المراسيل" من حديث سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يقتل المحرم الذئب» ووصله الدارقطني من حديث ابن عمر بإسناد ضعيف.

.[8/34] باب تفضيل مكة على سائر البلاد

3111 - عن عبد الله بن عدي بن الحَمْراء: «أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول وهو واقف بالحَزْوَرَة في سوق مكة والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إليَّ ولولا أني أخرجت منك ما خرجت» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه وقال: «وأحب أرض الله إلى الله» وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان.
3112 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمكة: «ما أطيبك من بلد وأحبك إلى ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك» رواه الترمذي وصححه.
3113 - وعن عبد الله بن الزبير عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي» رواه أحمد وابن حبان والبيهقي وحسنه النووي وقال ابن جماعة: رواه أحمد بإسناد على شرط الصحيح، وصححه ابن عبد البر.
3114 - وعن جابر رفعه: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه» رواه أحمد قال في "التلخيص" وإسناده صحيح إلا أنه اختلف فيه على عطاء، انتهى. وقال المنذري: رواه أحمد وابن ماجه بإسنادين صحيحين، وقد تقدم في أبواب المساجد وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب النذر والحزورة: بفتح الحاء المهملة بعدها زاي معجمة ثم واو ثم راء مهملة ثم هاء بوزن قسورة موضع بمكة.

.[8/35] باب ما جاء في فضل المدينة والصبر على لأوائها وشفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن يموت بها

3115 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يصبر على لأواء المدينة وشدتها أحد من أمتي إلا كنت له شفيعًا يوم القيامة أو شهيدًا» رواه مسلم والترمذي وغيرهما.
3116 - وعن أبي سعيد قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يصبر أحد على لأوائها إلا كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة إذا كان مسلمًا» رواه مسلم.
3117 - وعن سعد بن أبي وقاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا يريد أحد أهل المدينة بسوء إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص، أو ذوب الملح في الماء» رواه مسلم.
3118 - وعن جابر بن عبد الله قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبي» رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وابن حبان في "صحيحه" بلفظ: «من أخاف أهل المدينة أخافه الله».
3119 - وعن عبادة بن الصامت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل» رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد جيد.
قوله: «اللأواء» مهموز هي شدة الضيق.
3120 - وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها فإني أشفع لمن يموت بها» رواه الترمذي، وقال حسن صحيح، وابن ماجه، وابن حبان في "صحيحه".
3121 - وعن الصُّمَيتَة امرأة من بني ليث أنها سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من استطاع منكم ألا يموت إلا في المدينة فليمت بها فإنه من يمت بها يشفع له أو يشهد له» رواه ابن حبان في "صحيحه".
3122 - وعن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة» رواه البخاري ومسلم.

.[8/36] باب حرم المدينة وتحريم صيده وشجره

3123 - عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المدينة حرم ما بين عَيْر إلى ثَوْر» مختصر من حديث متفق عليه، ومن حديثه عن النبي - صلى الله عليه وسلم – في المدينة «لا يختلي خلاها ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها إلا لمن أشاد بها ولا يصلح لرجل أن يحمل فيها السلاح لقتال ولا يصلح أن تقطع فيها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره» رواه أحمد وأبو داود ورجاله رجال الصحيح.
3124 - وعن عبد الله بن زيد بن عاصم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها، وإني حرمت المدينة كما حرم إبراهيم مكة وإني دعوت في صاعها ومدها بمثل ما دعا إبراهيم لأهل مكة» متفق عليه.
3125 - وعن أبي هريرة قال: «حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مابين لابَتَي المدينة وجعل اثني عشر ميلًا حول المدينة حمًى» متفق عليه.
3126 - وعنه في المدينة قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - «يحرم شجرها أن يخبط أو يعضد» رواه أحمد ويشهد له الأحاديث الآتية.
3127 - وعن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشرف على المدينة فقال: «اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثلما حرم إبراهيم مكة، اللهم بارك لهم في مدهم وصاعهم» متفق عليه، وللبخاري عنه قال: «المدينة حرم من كذا إلى كذا لا يقطع شجرها ولا يحدث فيها حدث، من أحدث فيها حدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».
3128 - ولمسلم عن عاصم الأحول قال: «سألت أنسًا أحرّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة؟ قال: نعم، هي حرام ولا يختلى خلاها فمن فعل ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».
3129 - وعن أبي سعيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إني حرمت المدينة فهي حرام ما بين زميها أن لا يهراق فيها دم، ولا يحمل فيها سلاح، ولا يختبط فيها شجر إلا لعلف» رواه مسلم.
3130 - وله من حديثه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن إبراهيم حرم مكة، وإني حرمت المدينة ما بين لا بتيها، لا يقطع عضاهها، ولا يصاد صيدها».
3131 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المدينة حرام ما بين حرميها وحماها، كلها لا يقطع شجرة إلا أن يعلف منها» رواه أحمد بإسناد فيه ابن لهيعة، وحديثه حسن.
3132 - وعن عامر بن سعد عن أبيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عظاهها أو يقتل صيدها» رواه أحمد ومسلم.
3133 - وعنه: «أن سعدًا ركب إلى قصره بالعقيق فوجد عبدًا يقطع شجرًا أو يخبطه فسلبه، فلما رجع سعد جاءه أهل العبد فكلموه أن يرد عليهم غلامهم أو عليهم ما أخذ من غلامهم، فقال: معاذ الله أن أرد شيئًا نفلنيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبى أن يرد عليهم» رواه أحمد ومسلم.
3134 - وعن سليمان بن أبي عبد الله قال: «رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلًا يصيد في حرم المدينة الذي حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلبه ثيابه فجاءوا إليه فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم هذا الحرم وقال: من رأيتموه يصيد فيه شيئًا فلكم سلْبه فلا أرد عليكم طعمة أطعمنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن إن شئتم أعطيكم ثمنه أعطيتكم» رواه أحمد وأبو داود وقال فيه: «من أخذ الصيد فيه فليسلبه ثيابه» وقال في "الخلاصة": رجال إسناده ثقات، وأخرجه الحاكم وصححه، وفي إسناده سليمان المذكور، قال أبو حاتم: ليس بمشهور ولكن يعتبر بحديثه، وقال الذهبي: تابعي وثق.
قوله: «أشاد بها» أي رفع صوته بتعريفها أبدًا.
قوله: «لابتي المدينة» اللابتان الحرتان واحدتهما لابة بتخفيف الموحدة وهي الحرة، والحرة الحجارة السود والخبط ضرب الشجر ليسقط الورق «العضد» القطع.
قوله: «مازميها» المازم بهمزة بعد الميم وكسر الزاي قيل الجبل وقيل المضيق بين جبلين أي ما بين جبليها.
قوله: «إلا لعلف» بإسكان اللام مصدر علفت وبفتحه اسم للحشيش والتبن والشعير.
قوله: «عضاها» العضاة بالقصر وكسر العين المهملة، وتخفيف الضاد المعجمة شجر فيه شوك واحدتها عضاهية وعضهة.
قوله: «نفلنيه» أي أعطانيه.

.[8/37] باب ما جاء في صيد وَجّ

3135 - عن محمد بن عبد الله بن إنسان الطائفي عن أبيه عن عروة بن الزبير أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن صيد وَجّ وعضاهه حرم محرم لله عز وجل» رواه أحمد وأبو داود والبخاري في "تاريخه" ولفظه: «إن صيد وَجّ حرام» وفي إسناده محمد بن عبد الله الطائفي ليس بالقوي، في حديثه نظر، وقال البخاري: لا يتابع عليه وذكر أباه وأشار إلى هذا الحديث وقال: لا يصح حديثه، وسكت عن الحديث أبو داود وحسنه المنذري ونقل الذهبي عن الشافعي تصحيحه، والجلال عن أحمد تضعيفه، وقال النووي في "شرح المهذب": إسناده ضعيف، قال: وقال البخاري: لا يصح، قال في "التلخيص": وَجّ بفتح الواو وتشديد الجيم أرض الطائف، وقيل: واديها، وقيل: كل الطائف.

.[8/38] باب دخول مكة المشرفة ومناسك الحج

3136 - عن ابن عمر قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل مكة دخل من الثنية العليا التي بالبطحاء وإذا خرج خرج من الثنية السفلى» رواه الجماعة إلا الترمذي.
3137 - وعن عائشة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما جاء مكة دخلها من أعلاها وخرج من أسفلها» وفي رواية: «دخل عام الفتح من كَداء التي بأعلى مكة» متفق عليهما.
وروى الثاني أبو داود وزاد: «دخل في العمرة من كُدى» ولمسلم: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج من طريق الشجرة ويدخل من طريق المعرس» وللبخاري: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج إلى مكة يصلي في مسجد الشجرة، فإذا رجع صلى بذي الحليفة ببطن الوادي وبات حتى يصبح».
3138 - وعن عائشة قالت: «دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح من كداء التي بأعلى مكة» وفي رواية: «دخلها من أعلاها وخرج من أسفلها» رواهما البخاري ومسلم. وأخرج الترمذي الرواية الثانية وقال: حسن صحيح.
قوله: «الثنية العليا» هي العقبة التي ينزل منها إلى باب المعلى مقبرة أهل مكة وهي الحجون بفتح الحاء وضم الجيم، والثنية السفلى هي التي عند باب الشبيكة بقرب شعب الشاميين.
قوله: «من كداء» بفتح الكاف والمد هي الثنية العليا. قال أبو عبيدة: لا يصرف.
قوله: «ودخل في العمرة من كدى» بضم الكاف والقصر هي الثنية السفلى، والأكثر عل أن العليا بالفتح والمد والسفلى بالقصر والضم.

.[8/39] باب رفع اليدين عند رؤية البيت والدعاء عند ذلك

3139 - عن جابر: «وسئل عن الرجل يرى البيت يرفع يده فقال: قد حججنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يكن يفعله» رواه أبو داود والنسائي والترمذي بإسناد ضعيف.
3140 - وعن ابن جريج قال: «حدثت عن مِقْسم عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ترفع الأيدي في الصلاة وإذا رأيت البيت وعلى الصفا والمروة وعشية عرفة وبجمع وعند الجمرتين وعلى الميت».
3141 - وعن ابن جريج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال: اللهم زد هذا البيت تشريفًا وتعظيمًا، وتكريمًا ومهابة، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه واعتمره تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا وبرًا» رواهما الشافعي في "مسنده" وإسنادهما لا يحتج به قال البيهقي: إسناده منقطع، وقال ابن الصلاح: مرسل معضل، وقال في "التلخيص" بعد أن تكلم على ضعف حديث ابن جريج، قال الشافعي: ليس في رفع اليدين عند رؤية البيت شيء فلا أكرهه ولا أستحبه.

.[8/40] باب طواف القدوم وأحكامه

3142 - عن ابن عمر: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خبّ ثلاثًا ومشى أربعًا وكان يسعى ببطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة، رمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحجر إلى الحجر ثلاثًا ومشى أربعًا» وفي رواية: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أشواط بالبيت ويمشي أربعة» متفق عليهن.
3143 - وعن يعلى بن أمية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طاف مُضْطبعًا وعليه برد» رواه الخمسة وصححه الترمذي إلا أن لفظ أبي داود: «مضطبعًا ببرد أخضر» ولأحمد: «لما قدم مكة طاف بالبيت وهو مضطبع ببرد له حضرمي».
3144 - وعن ابن عباس: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه اعتمروا من الجِعِرّانة فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت إباطهم ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى» رواه أحمد وأبو داود وسكت عنه هو والمنذري والحافظ في "التلخيص" ورجاله رجال الصحيح وصحح حديث الاضطباع النووي في شرح مسلم.
3145 - وعنه لما قال: «لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فقال المشركون: إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حُمِّى يثرب فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا ما بين الركنين ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم» متفق عليه وأخرج نحوه أبو داود وزاد «قال ابن عباس وكانت سنة».
3146 - وعنه قال: «رمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجه وعمره كلها وأبو بكر وعمر والخلفاء» رواه أحمد من طريق ابن معاوية عن ابن جريج عن عطاء عنه وسكت عنه في "التلخيص" وقال في "الخلاصة": متفق عليه بنحوه من رواية ابن عمر.
3147 - وعن عمر قال: «فيم الرملان الآن والكشف عن المناكب وقد أطَّا الله الإسلام ونفى الكفر وأهله؟ ومع ذلك لا ندع شيئًا كنا نفعله على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والبزار والحاكم. وأصله في البخاري بلفظ: «ما لنا وللرمل إنما كنا رأينا المشركين وقد أهلكهم الله تعالى؟ ثم قال: شيء صنعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا نحب أن نتركه».
3148 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه» رواه الخمسة إلا الترمذي وصححه الحاكم على شرط الشيخين.
قوله: «خب» الخبب بفتح المعجمة والموحدة بعدها موحدة أخرى هي إسراع المشي مع تقارب الخطى وهو كالرمل.
قوله: «مضطبعًا» الاضطباع: أن يدخل الرجل إزاره تحت إبطه الأيمن ويرد طرفه على منكبه الأيسر ويكون منكبه الأيمن مكشوفًا.
قوله: «قذفوها» أي طرحوا أطرافها.

.[8/41] باب ما جاء في استلام الحجر الأسود وتقبيله وما يقول عند ذلك

3149 - عن ابن عباس قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقبل الحجر الأسود ويسجد عليه» رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.
3150 - وأخرجه ابن خزيمة والدارمي والبزار وغيره من حديث عمر وفي إسناده مقال.
3151 - وأخرجه الشافعي والبيهقي عن ابن عباس موقوفًا وللدارقطني من حديثه قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبل الركن اليماني ويضع خده عليه» وإسناده ضعيف.
3152 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «يأتي هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق بها يشهد لمن استلمه بحق» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي، وقال: حديث حسن وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.
3153 - وله شاهد من حديث أنس عند الحاكم.
3154 - وعن عمر: «أنه كان يقبل الحجر الأسود ويقول: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك» رواه الجماعة.
3155 - وعن ابن عمر سئل عن استلام الحجر فقال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستلمه ويقبله» رواه البخاري.
3156 - وعن نافع قال: «رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده ثم قبل يده وقال: ما تركته منذ رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله» متفق عليه.
3157 - وعن ابن عباس قال: «طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بالمحجن» متفق عليه، وفي لفظ: «طاف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بعير كلما أتى على الركن أشار إليه بشيء في يده وكبر» رواه أحمد والبخاري.
3158 - وعن أبي الطفيل عامر ين واثِلة قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف بالبيت ويستلم الحجر بمِحجن معه ويقبل المحجن» رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه.
3159 - وعن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: «يا عمر إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف، إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فاستقبل وهلل وكبر» رواه أحمد بإسناد فيه راوٍ لم يسم.
3160 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضًا من اللبن فسودته خطايا بني آدم» رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح وابن خزيمة في "صحيحه" إلا أنه قال: «أشد بياضًا من الثلج». والمحجن: بكسر الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الجيم بعدها نون هي عصا محنية الرأس.