فصل: (8/50) باب المسير من منى إلى عرفة والوقوف بها وأحكامه وفضله

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[8/50] باب المسير من منى إلى عرفة والوقوف بها وأحكامه وفضله

3209 - عن محمد بن أبي بكر بن عوف قال: «سألت أنسًا ونحن غاديان من منى إلى عرفات عن التلبية كيف كنتم تصنعون مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: كان يلبي الملبي فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه» متفق عليه، وفي رواية قال: «قلت لأنس غداة عرفة ما تقول في التلبية هذا اليوم؟ قال: سرت هذا المسير مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه فمنَّا المكبر ومنَّا المهلل لا يعِيب أحدنا على صاحبه» رواه البخاري ومسلم والنسائي.
3210 - وعن ابن عمر قال: «غدونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منى إلى عرفات فمنا الملبي ومنا المكبر» وفي رواية: «منا المكبر ومنا المهلل فأما نحن فنكبر قلت: والله لعجبًا منكم، كيف لم تقولوا له ماذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه مسلم وأبو داود إلى قوله: «ومنا المكبر».
3211 - وعن خزيمة بن ثابت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا فرغ من تلبيته سأل الله رضوانه والجنة واستعاذ برحمته من النار» رواه الشافعي بإسناد ضعيف.
3212 - وعن ابن عمر قال: «غدا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من منى حين صلَّى الصبح في صبيحة يوم عرفة حتى أتى عرفة فنزل بنمرة وهي منزل الإمام الذي ينزل به بعرفة حتى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُهَجِّرًا فجمع بين الظهر والعصر ثم خطب الناس ثم راح فوقف على الموقف من عرفة» رواه أحمد وأبو داود بإسناد رجاله ثقات.
3213 - وعن عائشة قالت: «كان قريش ومن دان بدينها يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمون الحُمْس وكانت سائر العرب يقفون بعرفة فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي عرفة فيقف بها ثم يفيض منها فذلك قوله عز وجل: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة:199]» رواه الجماعة.
3214 - وعن عروة بن مُضَرِّس بن أَوْس بن حارثة قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت: يا رسول الله! إني جئت من جبل طيء أكللت راحلتي وأتعبت نفسي والله ما تركت من حَبْل إلا وقفت عليه فهل لي من حج؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلًا أو نهارًا فقد تم حجة وقضى تفثه» رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم والدارقطني وابن العربي على شرطهما وأخرجه أيضًا ابن حبان وقال أبو داود: «أكللت مطيتي» وفي رواية للنسائي: «من أدرك جمْعًا مع الإمام والناس حتى يفيض منها فقد أدرك الحج ومن لم يدرك مع الناس والإمام فلم يدركه» وأنكر هذه الرواية العقيلي، ولأبي يعلى في "مسنده": «ومن لم يدرك جمعًا فلا حج له».
3215 - وعن عبد الرحمن بن يعمر الديلي: «إن ناسًا من أهل نجد أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو واقف بعرفة فسألوه فأمر مناديًا فنادى الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم وأردف رجلًا ينادي بهن» رواه الخمسة وابن حبان والحاكم وصححه وقال الترمذي: «الحج عرفات ثلاثًا» وقال هذا حديث حسن صحيح وأخرجه البيهقي، ولفظ أبي داود قال: «أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بعرفة فجاء ناس أو نفر من نجد فأمروا رجلًا فنادى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كيف الحج؟ فأمر رجلًا فنادى: الحج يوم عرفة ومن جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع تمَّ حجه» وفي رواية له: «الحج عرفات، الحج عرفات أيام منى ثلاث فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ومن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج».
3216 - وعن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «نحرت هاهنا ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم، ووقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف» رواه أحمد ومسلم وأبو داود. ولابن ماجه وأحمد أيضًا نحوه وفيه «وكل فجاج مكة طريق ومنحر».
3217 - وعن أسامة بن زيد قال: «كنت ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفات فرفع يده يدعو فمالت به ناقته فسقط خطامها فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى» رواه النسائي بإسناد رجاله رجال الصحيح.
3218 - وفي مسلم من حديث جابر: «أنه - صلى الله عليه وسلم - وقف بعرفة راكبًا».
3219 - وهو متفق عليه من حديث أم الفضل.
3220 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «كان أكثر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير» رواه أحمد قال في "مجمع الزوائد": ورجاله موثقون انتهى. وأخرجه الترمذي ولفظه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» وإسناد حديث عمرو بن شعيب ضعيف وله شواهد ضعيفة. وروى صاحب "الخلاصة" عن الترمذي أنه حسّن حديث عمرو بن شعيب وهو كما قال ذكره الترمذي في كتاب الدعوات من طريق محمد بن أبي حميد لقبه حماد وقال: حديث حسن غريب، ومحمد بن أبي حميد ليس بالقوي عند أهل الحديث.
3221 - وعن سالم بن عبد الله بن عمر «أن عبد الله بن عمر جاء إلى الحجاج بن يوسف يوم عرفة حين زالت الشمس وأنا معه فقال: الرواح: إن كنت تريد السنة فقال هذه الساعة؟ قال: نعم، قال سالم: فقلت للحجاج إن كنت تريد أن تصب السنة فأقصر الخطبة وعجل الصلاة، فقال عبد الله بن عمر: صدق» رواه البخاري والنسائي.
3222 - وعن جابر قال: «راح النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الموقف بعرفة فخطب الناس الخطبة الأولى، ثم أذن بلال ثم أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة الثانية ففرغ من الخطبة وبلال من الأذان ثم أقام بلال فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر» رواه الشافعي والبيهقي وقال: تفرد به إبراهيم بن يحيى وفيه مقال.
3223 - وفي حديث جابر الطويل عند مسلم أنه - صلى الله عليه وسلم - خطب ثم أذن بلال ليس فيه خطبة ثانية، وفي رواية مسلم أيضًا: أن الخطبة كانت ببطن الوادي، قال في "التلخيص" وحديث مسلم أصح ويترجح بأمر معقول وهو أن المؤذن قد أمر بالإنصات للخطبة كغيرة فكيف يؤذن ولا يبقى للخطبة معه فائدة.
3224 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلى عبادي أتوني شعثًا وغبرًا ضاحين جاءوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي، فلم ير يومًا أكثر عتقًا من النار من يوم عرفة» رواه أبو يعلى والبزار وابن حبان في "صحيحه".
3225 - وعن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيدًا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو يتجلى ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء» رواه مسلم والنسائي وابن ماجه.
3226 - وعن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن هذا اليوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له» رواه أحمد بإسناد صحيح وابن خزيمة في "صحيحه".
قوله: «ونحن غاديان» أي ذاهبان، ونمرة موضع بأصل الجبل عند الصخرة على يمين الذاهب إلى عرفات.
قوله: «مهجرًا» بتشديد الجيم المكسورة: هو السير في هاجرة النهار أي نصفه عند اشتداد الحر.
قوله: «أكللت» أي أعييت.
قوله: «حبل» بفتح الحاء المهملة وإسكان الموحدة أحد حبال الرمل وهو ما اجتمع واستطال وارتفع. وقوله: «قضى تفثه» أي أتى بما عليه من المناسك وأصل التفث الوسخ والقذر وقال في "التلخيص": التفث إذهاب الشعث قاله النضر بن شميل.
قوله: «ضاحين» هو بالضاد المعجمة والحاء المهملة أي بارزين للشمس غير مستترين منها.

.[8/51] باب الدفع إلى مزدلفة يمر منها إلى منى وما يتعلق بذلك

3227 - عن أسامة بن زيد «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أفاض من عرفات كان يسير العَنَق فإذا وجد فجوة نصَّ» متفق عليه.
3228 - وعن الفضل بن عباس وكان رديف النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في عشية عرفة وغداة جمع حين دفعوا: «عليكم السكينة وهو كافُّ ناقته حتى دخل محسرًا وهو من منى، وقال: عليكم بحصى الخذف الذي يرمى به الجمرة» رواه أحمد ومسلم.
3229 - وفي حديث جابر«أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئًا، ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصوى حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا الله وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًا فدفع قبل أن تطلع الشمس حتى أتى بطن محسرًا فحرك قليلًا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى التي عند الشجرة، فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها حصى الخذف، رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر» رواه مسلم.
3230 - وعن أسامة بن زيد قال: «دفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء فقلت: الصلاة يا رسول الله! قال: الصلاة أمامك فركب، فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ، فأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء ولم يصل بينهما» أخرجاه وللحديث ألفاظ وروايات أخر.
3231 - وعن عمر قال: «كان في الجاهلية لا يفيضون من جمع حتى تطلع الشمس، ويقولون: أشرق ثَبير فخالفهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأفاض من قبل طلوع الشمس» رواه الجماعة إلا مسلمًا لكن في رواية أحمد وابن ماجه: «أشرق ثَبِير كيما نُغِير».
3232 - وعن عائشة قالت: «كانت سودة امرأة ضخمة ثبطة فاستأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تفيض من جمع بليل فأذن لها» متفق عليه.
3233 - وعن ابن عباس قال: «أنا ممن قدَّم النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة المزدلفة في ضعفة أهله» رواه الجماعة.
3234 - ولهما من حديث ابن عباس قال: «بعثني النبي - صلى الله عليه وسلم - في الثقل أو قال في الضعفة من جمع بليل».
3235 - وعن ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن لضعفة الناس من المزدلفة أن يفيضوا بليل» رواه أحمد.
3236 - وعن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوضع في وادي محسر وأمرهم أن يرموا مثل حصى الخذف» رواه الخمسة وصححه الترمذي.
3237 - وعن ابن عباس وأسامة بن زيد قالا: «لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتى رمى جمرة العقبة» أخرجاه.
3238 - ولهما نحوه من حديث الفضل وكان رديفه - صلى الله عليه وسلم - وأخرجه الترمذي وصححه ولأبي داود والنسائي من حديث الفضل نحوه.
3239 - وعن عبد الله بن مسعود أنه قال: «وهو بجمع سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المقام: لبيك اللهم لبيك» أخرجه مسلم والنسائي.
قوله: «العنق» بفتح المهملة والنون هو السير الذي بين الإبطاء والإسراع نصب على المصدر.
قوله: «فجوة» بفتح الفاء وسكون الجيم المكان المتسع.
قوله: «نصَّ» بفتح النون وتشديد الصاد المهملة أي أسرع.
قوله: «حصى الخذف» بخاء معجمة مفتوحة وذال معجمة ساكنة وقد قدرت بحبة الباقلا.
قوله: «جدًا» أي إسفارًا بليغًا.
قوله: «محسر» بكسر السين المهملة قبلها حاء مهملة.
قوله: «أشرق» بفتح الهمزة فعل أمر من الإشراق أي ادخل في الشروق.
قوله: «ثبير» بفتح المثلثة وكسر الموحدة وسكون تحتية بعدها راء مهملة هو أعظم جبال مكة.
قوله: «كيما نغير» أي ندفع.
قوله: «ثبطة» بفتح المثلثة وكسر الموحدة بعدها طاء مهملة خفيفة أي ثقيلة الحركة لعظم جسمها.
قوله: «أوضع» أي أسرع.

.[8/52] باب رمي جمرة العقبة يوم النحر وأحكامه

3240 - عن جابر قال: «رمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجمرة يوم النحر ضحى، وأما بعد فإذ زالت الشمس» رواه مسلم والنسائي وابن ماجه والترمذي وحسنه والبخاري تعليقًا.
3241 - وعنه قال: «رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يرمي الجمرة على راحلته يوم النحر ويقول: لتأخذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه» رواه أحمد ومسلم والنسائي.
3242 - وعن ابن مسعود «أنه انتهى إلى الجمرة الكبرى فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه ورمى بسبع وقال: هكذا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة» متفق عليه ولمسلم في رواية: «جمرة العقبة» وفي رواية لهما: «رمى عبد الله بن مسعود جمرة العقبة من بطن الوادي بسبع حصيات، يكبر مع كل حصاة» وفي رواية لأحمد: «أنه انتهى إلى جمرة العقبة فرماها من بطن الوادي بسبع حصيات وهو راكب يكبر مع كل حصاة، وقال: اللهم اجعله حجًا مبرورًا وذنبًا مغفورًا، ثم قال: هكذا يقول الذي أنزلت عليه سورة البقرة» وفي رواية للترمذي والنسائي: «لما أتى عبد الله جمرة العقبة استبطن الوادي واستقبل الكعبة وجعل يرمي الجمرة على حاجبه الأيمن ثم رمى بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ثم قال: والذي لا إله غيره من هاهنا رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة» وقال الترمذي: حسن صحيح.
3243 - وعن ابن عباس قال: «قدّمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أغيلمة بني عبد المطلب على جمرات لنا من جمع فجعل يلطخ أفخاذنا ويقول: أُبَيْنيَ لا ترموا حتى تطلع الشمس» رواه الخمسة وصححه الترمذي وصححه ابن حبان وحسنه الحافظ في "الفتح"، ولفظ الترمذي «قدم ضعفة أهله وقال: لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس».
3244 - وعن عائشة قالت: «أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت وأفاضت وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني عندها» رواه أبو داود والحاكم والبيهقي ورجاله رجال الصحيح وقال في "بلوغ المرام": إسناده على شرط مسلم.
3245 - وعن عبد الله مولى أسماء عن أسماء: «أنها نزلت ليلة جمع عند المزدلفة فقامت تصلي فصلت ساعة ثم قالت: يا بني هل غاب القمر قلت: لا فصلت ساعة ثم قالت: يا بني هل غاب القمر فقلت: لا فصلت ساعة ثم قالت: يا بني هل غاب القمر؟ قلت: نعم، قالت: فارتحلوا فارتحلنا ومضينا حتى رمت الجمرة ثم رجعت فصلت الصبح في منزلها فقلت لها: يا هنتاه ما أرانا إلا قد غلسنا قالت: يا بني إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أذن للظَعَن» متفق عليه.
3246 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث به مع أهله إلى منى يوم النحر فرموا الجمرة مع الفجر» رواه أحمد وأصله في الصحيح وقد تقدم في الباب الذي قبل هذا.
3247 - وعنه قال: «قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة العقبة وهو على راحلته هات ألقط لي فلقطت حصيات من حصى الخذف فلما وضعتهن في يده قال: بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو في الدين فإنما هلك من قبلكم بالغلو في الدين» رواه النسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وقال: صحيح على شرطهما.
3248 - ولمسلم من حديث جابر «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرمي الجمرة بمثل حصى الخذف».
3249 - ولمسلم أيضًا من حديث الفضل بن عباس مرفوعًا: «عليكم بحصى الخذف التي يرمى به الجمرة».
3250 - وعن ابن عباس رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لما أتى إبراهيم خليل الله المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض، ثم عرض له عند الجمرة الثالثة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض. وقال ابن عباس: الشيطان ترجمون، وملة أبيكم إبراهيم تتبعون» رواه ابن خزيمة في "صحيحه" والحاكم واللفظ له، وقال: صحيح على شرطهما.
3251 - وعن أبي سعيد قال: «قلنا: يا رسول الله! هذه الجمار التي نرمي كل سنة فنحسب أنها تنقص قال: ما تقبل منها رفع ولولا ذلك رأيتموها مثل الجبال» رواه الطبراني في "الأوسط"، والحاكم وقال: صحيح الإسناد.
قوله: «الجمرة» أي العقبة وهي الكبرى.
قوله: «لتأخذوا» قد تقدم ضبطه.
قوله: «لعلي لا أحج بعد حجتي هذه» فيه إشارة إلى توديعهم وإعلانهم بقرب وفاته - صلى الله عليه وسلم - ولهذا سميت حجة الوداع.
قوله: «سورة البقرة» خصها بالذكر لأن معظم أحكام الحج فيها.
قوله: «أغيلم» نصبه على الاختصاص وهو تصغير أغلمة بسكون الغين وكسر اللام جمع غلام كما في "النهاية".
قوله: «على حمرات» بضم الحاء المهملة والميم جمع حمرة وحمر جمع حمار.
قوله: «يلطخ» بفتح الياء التحتية والطاء المهملة وبعدها حاء مهملة هو الضرب اللين على الظهر ببطن الكف.
قوله: «أبيني» بضم الهمزة وفتح الباء الموحدة وسكون ياء التصغير بعدها نون مكسورة ثم ياء النسب المشددة، وقال في "النهاية": الأبيني بوزن الأعيمي تصغير الأبني بوزن الأعمى وهو جمع ابنٍ.
قوله: «أفاضت» أي ذهبت.
قوله: «يا هنتاه» بفتح الهاء والنون وقد تسكن النون بعدها مثناة فوقية آخرها هاء ساكنة أي يا هذه.
قوله: «ما أُرانا» بضم الهمزة بمعنى الظن، وفي رواية لمسلم «لقد غلسنا» و"للموطأ" «لقد جئنا بغلس» ولأبي داود: «إنا رمينا الجمرة بليل» قوله: «الظعن» بضم الظاء المعجمة جمع ظعينة وهي المرأة في الهودج ثم أطلق على المرأة مطلقًا.

.[8/53] باب النحر والحلق والتقصير وما يباح عندهما

3252 - عن أنس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى منى فأتى الجمرة فرماها، ثم أتى منزله بمنى ونحر ثم قال للحلاق خذ وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس» رواه أحمد ومسلم وأبو داود، وفي رواية لهما: «أنه أعطى الشق الأيسر أم سُلَيم».
3253 - وعن المِسْوَر بن مَخْرَمة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحر قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذلك» رواه البخاري.
3254 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم اغفر للمحلقين، قالوا: يا رسول الله! والمقصرين، قال: اللهم اغفر للمحلقين، قالوا: يا رسول الله! والمقصرين، قال: اللهم اغفر للمحلقين، قالوا: يا رسول الله! والمقصرين، قال: والمقصرين» متفق عليه.
3255 - ولمسلم من حديث أم الحصين: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع دعا للمحلقين ثلاثًا وللمقصرين مرة واحدة».
3256 - وعن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لبَّد رأسه وأهدى فلما قدم مكة أمر نساءه أن يحللن قلن مالك أنت لم تحلل؟ قال: إني قلدت هديي ولبَّدت رأسي فلا أحل حتى أحل من حجتي وأحلق رأسي» رواه أحمد.
3257 - وأصله في الصحيح من حديث حفصة قالت: «إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أزواجه أن يحللن عام حجة الوداع قالت حفصة: فما يمنعك أن تحل؟ قال: إني لبَّدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر هديي» وفي رواية لهما قالت: «قلت للنبي - صلى الله عليه وسلم - ما شأن الناس حلوا ولم تحل من عمرتك؟ قال: إني قلدت هديي ولبدت رأسي فلا أحل حتى أحل من الحج» وفي رواية لهما: «فلا أحل حتى أنحر».
3258 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس على النساء الحلق إنما على النساء التقصير» رواه أحمد وأبو داود والدارقطني وحسنه الحافظ في "بلوغ المرام"، وقوى إسناده البخاري في "تاريخه"، وأبو حاتم في "العلل"، وأخرجه ابن السكن في "سننه الصحاح".
3259 - وعنه قال: «إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شيء إلا النساء، فقال رجل والطيب؟ فقال ابن عباس أما أنا فقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضمخ رأسه بالمسك، أفطيب ذلك أم لا» رواه أحمد والنسائي وأبو داود وابن ماجه قال في "البدر المنير": وإسناده حسن كما قال المنذري، وقد قيل إن فيه انقطاعًا.
3260 - وعن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رميتم وحلقتم فقد حل لكم الطيب وكل شيء إلا النساء» رواه أحمد وأبو داود والدارقطني والبيهقي وفي إسناده ضعف. وفي رواية لأحمد: «فقد حل لكم الطيب والثياب وكل شيء إلا النساء» ومدار هذه الروايات على الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف ومدلس.
3261 - وعن عائشة قالت: «كنت أطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يحرم ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك» متفق عليه، وللنسائي: «طيبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحرمه حين أحرم ولحله بعد ما رمى جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت».

.[8/54] باب الإفاضة من منى للطواف

3262 - عن ابن عمر: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى» متفق عليه.
3263 - وفي حديث جابر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف إلى المنحر فنحر، ثم ركب فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر» مختصر من مسلم وقد جمع بين الحديثين بأنه - صلى الله عليه وسلم -: صلى الظهر مرتين منفردًا ثم إمامًا.
3264 - وعن ابن عباس وعائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخر طواف الزيارة إلى الليل» رواه الترمذي قال: حديث حسن، ولأبي داود «أخر الطواف يوم النحر إلى الليل»، ورواه البخاري تعليقًا.
3265 - وقد تقدم حديث ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه» رواه الخمسة إلا الترمذي، وصححه الحاكم.