فصل: (10/27) باب اشتراط منفعة المبيع وما في معناها

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[10/27] باب اشتراط منفعة المبيع وما في معناها

3626 - عن جابر «أنه كان يسير على جمل له قد أعيا فأراد أن يسيبه. قال: فلحقني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاني وضربه فسار سيرًا لم يسر مثله، فقال: بعنيه، فقلت لا، ثم قال: بعنيه، فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي» متفق عليه، وفي لفظ مسلم: «فلما بلغت أتيته بالجمل فنقدني ثمنه، ثم رجعت فأرسل في أثري، فقال: أتراني ماكستك لأخذ جملك، خذ جملك ودراهمك» والحديث طويل له طرق وألفاظ وفيه الاختلاف في قدر القيمة، ففي رواية للشيخين: «أربعة دنانير وزاده قيراطًا»، وله في رواية قال: «بعنيه باوقية، قلت: لا، ثم قال: بعنيه باوقية فبعته، واستثنيت حملانه إلى أهلي» وفي رواية للبخاري: «أوقية ذهب» وفي أخرى: «بمائتي درهم» وفي رواية: «احسبه قال بأربع أواقي» وفي أخرى: «بعشرين دينارًا» قال البخاري وقول الشعبي بوقية أكثر، وفي رواية لمسلم أيضًا قال: «بعنيه، قلت: فإن لرجل علي أوقية ذهب فهو لك بها، قال: قد أخذته فلما قدمت المدينة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبلال: أعطه أوقية من ذهب وزده، قال: فأعطاني أوقية من ذهب وزادني قيراطًا» وفي رواية له أيضًا: «فبعته بخمس اواقي» وفي رواية: «فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بأواق من ذهب فقال: أعطوها جابرًا، ثم قال: استوفيت الثمن؟ قلت: نعم، قال الثمن والجمل لك» وفي رواية لهما: «اشترى النبي - صلى الله عليه وسلم - مني بعيرًا بوقيتين ودرهم أو درهمين» وفي رواية: «بثمان مائة درهم» وفي أخرى: «بعشرين دينارًا».
قوله: «أعيا» الإعياء التعب والعجز عن السير.
قوله: «حملانه» بضم الحاء المهملة: أي الحمل عليه.
قوله: «أتراني» بضم المثناة الفوقية: أي تظنني.
قوله: «ماكستك» المماكسة هي المكالمة في النقص من الثمن، وقد عارض هذا الحديث حديث النهي عن الثنيا وعن بيع وشرط، واختلف في الجمع بينهما، فقيل لأحمد يصح الشرط وحديث بيع الثنيا فيه إلا أن يعلم ذلك وهذا منه، فقد علمت الثنيا فصح البيع وحديث النهي عن بيع وشرط فيه مقال مع احتمال أنه أراد الشرط المجهول وهذا أظهر الأقوال اقتصرت في هذا المختصر عليه.

.[10/28] باب النهي عن جمع شرطين في بيع

3627 - عن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك» رواه الخمسة إلا ابن ماجه فإن له منه «ربح ما لم يضمن، وبيع ما ليس عندك»، قال الترمذي: حسن صحيح وصححه ابن خزيمة والحاكم، وأخرجه ابن حبان والحاكم بلفظ: «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع».
3628 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك» رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم، وأخرجه في "علوم الحديث" من رواية أبي حنيفة عن عمرو المذكور بلفظ: «نهى عن بيع وشرط» ومن هذا الوجه أخرجه الطبراني في "الأوسط" وهو غريب قاله الحافظ.
قوله: «سلف وبيع» قال أحمد: هو أن يقرضه قرضًا، ثم يُبايعه عليه بيعًا يزداد عليه، وهو فاسد لأنه إنما أقرضه على أن يحابيه في الثمن.
قوله: «شرطًا في بيع» قال البغوي: هو أن يقول بعتك هذا العبد بألف نقدًا وبألفين نسيئة.
قوله: «ربح ما لم يضمن» أي: لا يجوز أن يأخذ ربح سلعة لم يضمنها مثل أن يشتري متاعًا ويبيعه إلى آخر قبل قبضه من البائع، فهذا البيع باطل وربحه لا يجوز؛ لأن المبيع في ضمان البائع الأول، وليس في ضمان المشتري منه لعدم القبض.
قوله: «لا تبع ما ليس عندك» قد تقدم في بابه.

.[10/29] باب شرط العتق على المشتري وصحة العقد مع الشرط الفاسد

3629 - عن عائشة «أنها أرادت أن تشتري بريرة للعتق فاشترطوا ولاها فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: اشتريها وأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق» متفق عليه ولم يذكر البخاري لفظة: «أعتقيها»، وفي رواية للبخاري: «دخلت على بريرة وهي مكاتبة، فقالت: اشتريني فأعتقيني، قلت:نعم، فقالت: لا يبيعوني حتى يشترطوا ولائي، قلت: لا حاجة لي فيك، فسمع بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بلغه، فقال: ما شأن بريرة، فذكرت عائشة ما قالت، فقال: اشتريها فأعتقيها وليشترطوا ما شاءوا، أو قالت: فاشتريتها فأعتقتها واشترط أهلها ولاءها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: الولاء لمن أعتق وإن اشترطوا مائة شرط» ولمسلم معناه، وفي رواية لهما واللفظ للبخاري: «قالت: جاءتني بريرة، قالت: كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني، فقلت: إن أحب أهلك أعدها لهم، ويكون ولاءك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها، فقالت لهم: فأبوا عليها فجاءت من عندهم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس، فقالت: إني قد عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم، فسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرت عائشة النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: خذيها واشترطي لهم الولاء، فإنما الولاء لمن أعتق، ففعلت، ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فما بال رجال يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله ما كان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق» ولمسلم:
«اشتريها فأعتقيها، واشترطي لهم الولاء».
3630 - وعن ابن عمر «أن عائشة أرادت أن تشتري جارية تعتقها، فقال أهلها: نبيعكها على أن ولاءها لنا فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لا يمنعك ذلك، فإن الولاء لمن أعتق» رواه البخاري والنسائي وأبو داود.
3631 - وعن أبي هريرة قال: «أرادت عائشة أن تشتري جارية تعتقها فأبى أهلها إلا أن يكون الولاء لهم، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لا يمنعك ذلك، فإنما الولاء لمن أعتق» رواه مسلم.
قوله: «بريرة» بفتح الباء الموحدة ورائين بينهما تحتية بوزن فعيلة.

.[10/30] باب اشتراط السلامة من الغبن

3632 - عن ابن عمر قال: «ذكر رجل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يخدع في البيوع، فقال: من بايعت، فقل: لا خلابة» متفق عليه.
3633 - وعن أنس: «أن رجلًا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبتاع وكان في عقدته يعني في عقله ضعف، فأتى أهله النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله! احجر على فلان فإنه يبتاع وفي عقدته ضعف، فدعاه ونهاه وقال: يا نبي الله إني لا أصبر على البيع، فقال: إن كنت غير تارك للبيع، فقل: ها وها ولا خلابة» رواه الخمسة وصححه الترمذي.
3634 - وعن ابن عمر: «أن منقذًا سفع في رأسه في الجاهلية مأمومة فخبلت لسانه، فكان إذا بايع يخدع في البيع، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بايع وقل: لا خلابة، ثم أنت بالخيار ثلاثًا، قال ابن عمر: فسمعته يبايع ويقول: لا خلابة لأخذ به» رواه الحميدي في "مسنده"، قال: حدثنا سفيان عن محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر فذكره. ورواه البخاري في "تاريخه" والحاكم في "مستدركه" من حديث محمد بن إسحاق وصرح فيه بسماع ابن إسحاق.
3635 - وعن محمد بن يحيى بن حبان قال: «هو جدي منقذ بن عمر وكان رجلًا قد أصابته أمه في رأسه فكسرت لسانه، وكان لا يدع على ذلك التجار فكان لا يزال يغبن، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له، فقال: إذا أنت بايعت فقل: لا خلابة، ثم أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال إن رضيت فأمسك، وإن سخطت فارددها على صاحبها» رواه البخاري في "تاريخه" وابن ماجه والدارقطني.
قوله: «لا خلابة» بكسر المعجمة وتخفيف اللام، قال في "التلخيص": الخلابة الخداع ومنه برق خالب لا مطر فيه.
قوله: «في عقدته» العقدة العقل كما فسرت في نفس الحديث وفي "التلخيص": العقدة الرأي، وقيل: هي العقدة في اللسان.
قوله: «سفع» بالسين المهملة ثم الفاء ثم العين المهملة أي ضرب، والمأمومة هي التي بلغت أم الرأس، وهي الجلدة الرقيقة التي على الدماغ.

.[10/31] باب خيار المجلس

3636 - عن حكيم بن حزام أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البيعان بالخيار ما لم يفترقا أو قال حتى يفترقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعتهما، وإن كذبا وكتماً محقت بركة بيعهما» متفق عليه.
3637 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المتبايعان بالخيار ما لم يفترقا أو يقول أحدهما لصاحبه اختر وربما قال: أو يكون بيع خيار» وفي لفظ: «إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يفترقا، وكان جميعًا أو يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع، وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع» متفق عليه واللفظ لمسلم، وفي لفظ لمسلم: «كل بيعين لا بيع بينهما حتى يفترقا إلا البيع الخيار» وفي لفظ لهما: «المتبايعان كل واحد منهما بالخيار من بيعه ما لم يفترقا أو يكون بيعهما عن خيار، فإن كان بيعهما عن خيار فقد وجب». قال نافع: وكان ابن عمر إذا بايع رجلًا فأراد ألا يقيله قام فمشى هنية ثم رجع.
3638 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البيع والمبتاع بالخيار حتى يفترقا إلا أن تكون صفقة خيار ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله» رواه الخمسة إلا ابن ماجه وحسنه الترمذي وأخرجه البيهقي والدارقطني وابن خزيمة، وفي لفظ: «حتى يتفرقا من مكانهما».
3639 - وأخرجه أبو داود وابن ماجه من حديث أبي برزة بإسناد رجاله ثقات.
3640 - وعن ابن عمر قال: «بعت من أمير المؤمنين عثمان مالًا بالوادي مما له بخيبر، فلما تبايعنا رجعت على عقبي حتى خرجت من بيته خشية أن يرادني البيع، وكانت السنة أن المتبايعين بالخيار حتى يفترقا، فلما وجب بيعي وبيعه، ورأى أني قد غبنته فإني سقته إلى أرض ثمود بثلاث ليال وساقني إلى المدينة بثلاث ليال» رواه البخاري.
3641 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «البيعان بالخيار ما لم يفترقا» رواه الترمذي وقال: حسن غريب.

.أبواب الربا

.[10/32] باب التشديد في تحريمه

3642 - عن جابر قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء» رواه مسلم.
3643 - وللبخاري نحوه من حديث أبي جحيفة وقد تقدم في باب ما جاء في بيع النجاسة.
3644 - وعن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى أرض مقدسة، فانطلقنا حتى أتينا على نهر من دم فيه رجل قائم، وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة، فأقبل الرجل الذي في النهر، فإذا أراد أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه فرده حيث كان، فجعل كلما جاء ليخرج رمى في فيه بحجر فيرجع كما كان، فقلت: ما هذا الذي رأيته في النهر قال: آكل الربا» رواه البخاري هكذا في البيوع مختصرًا.
3645 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله! وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» رواه البخاري ومسلم، وأبو داود والنسائي.
3646 - وعن ابن مسعود: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعن آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه» رواه الخمسة وصححه الترمذي، وزاد النسائي: «أذا علموا ذلك ملعونون على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة» وأخرج الحديث أيضًا ابن حبان والحاكم وصححاه وأخرجه بالزيادة التي ذكرها النسائي أحمد وأبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما".
3647 - وعن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «درهم ربا يأكله الرجل، وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية» رواه أحمد والطبراني في "الأوسط" و"الكبير" قال في "مجمع الزوائد": ورجال أحمد رجال الصحيح.
3648 - وعن عبد الله بن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الربا ثلاثة وسبعون بابًا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه، وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم» رواه الحاكم وصححه على شرطهما، ورواه ابن ماجه مختصرًا، ورواه البيهقي من طريق الحاكم وقال: هذا إسناد صحيح والمتن منكر.
3649 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الربا بضع وسبعون بابًا، والشرك مثل ذلك» رواه البزار ورواته رواة الصحيح.
3650 - وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليأتين على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا فمن لم يأكله أصابه من بخاره» قال أبو عيسى: أصابه من غباره، أخرجه أبو داود والنسائي، وابن ماجه وهو رواية الحسن عن أبي هريرة، واختلف في سماعه عنه والجمهور على أنه لم يسمع منه.

.[10/33] باب ما يقع فيه الربا

3651 - عن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلًا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منهما غائبًا بناجز» متفق عليه، وفي لفظ: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مِثلًا بمِثل، يدًا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربا، الآخذ والمعطي فيه سواء» رواه أحمد والبخاري وفي لفظ: «لا تبيعوا الذهب بالذهب، ولا الورق بالورق، إلا وزنًا بوزن، مِثلًا بمِثل، سواءً بسواءٍ» رواه أحمد ومسلم.
3652 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذهب بالذهب وزنًا بوزن، مثلًا بمثل، والفضة بالفضة وزنًا بوزن، مثلًا بمثل» رواه أحمد ومسلم والنسائي.
3653 - وعنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «التمر بالتمر، والحنطة بالحنطة، والشعير بالشعير، والملح بالملح، مثلًا بمثل، يدًا بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربا، إلا ما اختلفت ألوانه» رواه مسلم.
3654 - وعن فضالة بن عبيد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنًا بوزن» رواه مسلم والنسائي وأبو داود.
3655 - وعن أبي بكرة قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الفضة بالفضة، والذهب بالذهب إلا سواء بسواء، وأمرنا أن نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا، ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا» أخرجاه.
3656 - وعن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «الذهب بالورق ربا إلا ها وها، والبر بالبر ربا إلا ها وها، والشعير بالشعير ربا إلا ها وها، والتمر بالتمر ربا إلا ها وها» متفق عليه، وفي رواية للبخاري و"الموطأ" قال مالك بن أوس بن الحدثان البصري: «أنه التمس صرفًا بمائة دينار قال: فدعاني طلحة بن عبيد الله فتراضينا حتى اصطرف مني، وأخذ الذهب فقلبها في يده، ثم قال: حتى يأتيني خازني من الغابة وعمر بن الخطاب يسمع، فقال عمر: والله لا تفارقه حتى تأخذ منه، ثم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذهب بالورق ربا إلا هاوها، والبر بالبر...» الحديث.
3657 - وعن عبادة بن الصامت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلًا بمثل، سواءً بسواء، يدًا بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد» رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه ولأبي داود نحوه وزاد «وأمرنا أن نبيع البر بالشعير، والشعير بالبر يدًا بيد كيف شئنا».
3658 - وعن معمر بن عبد الله قال: كنت أسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الطعام بالطعام مثلًا بمثل، وكان طعامنا يومئذ الشعير» رواه أحمد ومسلم.
3659 - وعن أنس وعبادة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما وزن مثل بمثل إذا كان نوعًا واحدًا أو ما كيل فمثل ذلك، فإن اختلف النوعان فلا بأس به» رواه الدارقطني وسكت عنه في "التلخيص" وفي إسناده الربيع بن صبيح وثقه أبو زرعة وغيره وضعفه جماعة.
3660 - وعن أبي سعيد وأبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «استعمل رجلًا على خيبر فجاءهم بتمر جنيب، فقال: أكل تمر خيبر هكذا، فقال: لا والله يا رسول الله إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا تفعل بع الجميع بالدراهم، ثم ابتع بالدراهم جنيبًا، وقال في الميزان مثل ذلك» رواه البخاري ومسلم، وقال: «وكذلك الميزان».
3661 - وعن أسامة بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الربا في النسية» وفي رواية: «إنما الربا في النسية» وفي أخرى: قال: «لا ربا فيما كان يدًا بيد» رواه البخاري ومسلم والنسائي.
3662 - وعن أبي المنهال قال: «سألت زيد بن أرقم والبراء بن عازب عن الصرف، فكل واحد منهما يقول: هذا خير مني، وكلاهما يقول: نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الذهب بالورق دينًا» وفي رواية: قال أبو المنهال: «باع شريك لي ورقًا بنسية إلى الموسم وإلى الحج فجاء إلي فأخبرني، فقلت: هذا أمر لا يصلح، قال: قد بعته في السوق فلم ينكر علي أحد، قال: فأتيت البراء بن عازب فسألته، فقال: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - ونحن نبيع هذا البيع، فقال: ما كان يدًا بيد فلا بأس به، وما كان نسية فهو ربا، وأتيت زيد بن أرقم فإنه أعظم تجارة مني فأتيته فسألته، فقال: مثل ذلك» أخرجاه.
قوله: «لاتشفوا» بضم أوله وكسر الشين المعجمة وتشديد الفاء، أي: لا تفضلوا.
قوله: «بناجز» بالنون والجيم والزاي، أي: لا تبيعوا مؤجلًا بحال.
قوله: «إلا ما اختلفت ألوانه» أي: أجناسه.
قوله: «هاء وهاء» بالمد فيهما وفتح الهمزة وحكى القصر بغير همزة ومعناه: أن يقول كل واحد من البيعين هاء فيعطيه ما في يده، وقيل معناه: خذ وأعط.
قوله: «جنيب» بفتح الجيم وكسر النون وسكون التحتية آخره موحدة، قيل هو: الطيب، وقيل: الصلب، وقيل: المخلوط بغيره.
قوله: «الجمع» بفتح الجيم وسكون الميم وهو التمر المخلوط بغيره كأن يخلط الطيب بالردي.

.[10/34] باب ما جاء في اشتراط العلم بالتساوي بين الربويين وإن صحب أحدهما غيره

3663 - عن جابر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الصبرة من التمر لا يعلم كيلها بالكيل المسمى من التمر» رواه مسلم والنسائي.
3664 - وعن فضالة بن عبيد قال: «اشتريت قلادة يوم خيبر باثني عشر دينارًا فيها ذهب وخرز ففصلتها، فوجدت فيه أكثر من اثني عشر دينارًا فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لا تباع حتى تفصل» رواه مسلم والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه. وفي رواية لأبي داود قال: «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عام خيبر بقلادة فيها ذهب وخرز ابتاعها رجل بتسعة دنانير أو سبعة دنانير، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا حتى تميز بينه وبينه، فقال: إنما أردت الحجارة» وفي رواية للبخاري: «التجارة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا حتى تميز بينهما، قال: فرده حتى ميز بينهما» وفي رواية للنسائي: «أصبت قلادة يوم خيبر فيها ذهب وخرز فأردت أن أبيعها، فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: افصل بعضها من بعض ثم بعها».
3665 - وعن ابن عمر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن المزابنة، أن يبيع الرجل تمر حائطه إن كان نخلًا بتمر كيلًا، وإن كان كرمًا أن يبيعه بزبيب كيلًا، وإن كان زرعًا أن يبيعه بكيل طعام، نهى عن ذلك كله» متفق عليه، ولمسلم في رواية: «عن كل تمر بخرصه».
3666 - وعن سعد بن أبي وقاص قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن اشترى الرطب بالتمر فقال لمن حوله: أينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا: نعم، فنهى عن ذلك» رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن المديني وابن حبان والحاكم وابن خزيمة.

.[10/35] باب الرخصة في بيع العرايا

3667 - عن رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزابنة، بيع التمر بالتمر إلا أصحاب العرايا فإنه قد أذن لهم» رواه أحمد والترمذي وزاد فيه «وعن بيع العنب بالزبيب وعن كل تمر بخرصه».

3668 - وعن سهل بن أبي حثمة قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الثمر بالتمر، ورخص في العرايا أن يُشترى بخرصها يأكلها أهلها رطبًا» متفق عليه، وفي لفظ: «نهى عن بيع التمر بالتمر، وقال: ذلك الربا وتلك المزابنة إلا أنه رخص في بيع العرية النخلة والنخلتين يأخذها أهل البيت بخرصها تمرًا يأكلونها رطبًا» متفق عليه.
3669 - وعن جابر قال: «سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - حين أذن لأهل العرايا أن يبيعوها بخرصها يقول: الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة» رواه أحمد والشافعي وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.
3670 - وعن زيد بن ثابت: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص في بيع العرايا أن تباع بخرصها كيلًا» رواه أحمد والبخاري، وفي لفظ لمسلم: «رخص في العرية يأخذها أهل البيت بخرصها تمرًا يأكلونها رطبًا» وفي لفظ آخر: «رخص في بيع العرية بالرطب أو بالتمر ولم يرخص في غير ذلك» أخرجاه، ولأبي داود: «بالتمر والرطب».
3671 - وعن أبي هريرة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق» متفق عليه.
قوله: «العرايا» قد اختلف في تفسيره فقال مالك العرية أن يعري الرجل النخلة أي يهبها له أو يهب له تمرها ثم يتأذى بدخوله عليه فيرخص الموهوب له للواهب أن يشتري رطبها منه بتمر يابس. وقيل العرية النخلة للرجل في حائط غيره فيكره صاحب النخل الكثير دخول الآخر عليه فيبيعها منه بخرصها تمرًا وقيل إن العرايا نخل كانت توهب للمساكين فلا يستطيعون أن ينتظروا بها فرخص لهم أن يبيعوها بما شاءوا من التمر وقيل غير ذلك.