فصل: (26/6) باب وصية الحربي إذا أسلم ورثته هل يجب تنفيذها وما جاء في وصول القرب إلى الميت إذا فعلت له وإن لم يوص

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[26/6] باب وصية الحربي إذا أسلم ورثته هل يجب تنفيذها وما جاء في وصول القرب إلى الميت إذا فعلت له وإن لم يوص

4086 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن العاص بن وائل أوصى أن يعتق عنه من ماله مائة رقبة، فأعتق ابنه هشام خمسين رقبة فأراد ابنه عمرو أن يعتق عنه الخمسين الباقية، فقال: يا رسول الله أن أبي أوصى بعتق مائة رقبة، وإن هشامًا أعتق خمسين رقبة وبقيت خمسون رقبة أو أعتق عنه؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو كان مسلمًا فأعتقتم عنه أو تصدقتم عنه أو حججتم عنه بلغه ذلك» رواه أبو داود وسكت عنه وأشار المنذري إلى الاختلاف فيه وقد تقدم أن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده من قسم الحسن وقد صحح له الترمذي عدة أحاديث.
4087 - وعن عائشة: «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! أمي افتلتت نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تكلمت بصدقة، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: نعم» متفق عليه واللفظ لمسلم، وقد تقدم هذا الحديث وما في معناه في كتاب الجنائز.

.[26/7] باب الإيصاء بما يدخله النيابة من خلافة وعتاقة ومحاكمة في نسب وغيره

4088 - عن ابن عمر قال: «حضرت أبي حين أصيب فأثنوا عليه وقالوا جزاك الله خيرًا فقال راغب وراهب قالوا: استخلف، فقال: أتحمل أمركم حيًا وميتًا لوددت أن حظي منها الكفاف لا علي ولا لي، فإن استخلف فقد استخلف من هو خير مني يعني أبا بكر، وإن أترك فقد ترككم من هو خير مني يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. قال عبد الله: فعرفت أنه حين ذكر رسول الله غير مستخلف» متفق عليه.
4089 - وعن عائشة: «أن عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في ابن أمة زمعة، فقال سعد: يا رسول الله! أوصاني أخي إذا قدمت أن أنظر ابن أمة زمعة فأقبضه فإنه ابني، وقال ابن زمعة: أخي وابن أمة أبي ولد على فراش أبي، فرأى النبي - صلى الله عليه وسلم - شبهًا بينًا بعتبة، فقال: هو لك يا عبد بن زمعة الولد للفراش، واحتجبي منه يا سودة» رواه البخاري.
4090 - وعن الشريد بن سويد الثقفي: «أن أمه أوصت أن يعتق عنها رقبة مؤمنة، فسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال: عندي جارية سوداء. فقال: إيت بها فدعى بها فجاءت، فقال لها: من ربك؟ قالت: الله، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: أعتقها فإنها مؤمنة» رواه أحمد والنسائي قال في شرح "المنتقى": رواه النسائي من طريق موسى بن سعيد وهو صدوق لا بأس به وبقية رجاله ثقات، وقد أخرجه أبو داود وابن حبان وسيأتي في النذور في باب ما يجزي من عليه رقبة مؤمنة.

.[26/8] باب وصية من لا يعيش مثله

4091 - عن عمرو بن ميمون قال: «رأيت عمر بن الخطاب قبل أن يصاب بأيام بالمدينة وقف على حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف، فقال: كيف فعلتما أتخافا أن تكون قد حملتما الأرض مالا تطيق؟ قالا: حملناها أمرًا هي له مطيقة وما فيها كبير فضل. قال: انظر أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق! قال: لا، فقال عمر: لأن سلمني الله لأدعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبدًا، قال: فما أتت عليه رابعة حتى أصيب. قال: إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب، وكان إذا مر بين الصفين قال: استووا حتى إذا لم يرفيهن خللًا تقدم وكبر، وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى، حتى يجتمع الناس فما هو إلا أن كبر فسمعته يقول: قتلني أو أكلني الكلب حين طعنه، فطار العلج في الناس بسكين ذات طرفين لا يمر على أحد يمينًا ولا شمالًا إلا طعنه، حتى طعن ثلاثة عشر رجلًا مات منهم تسعة، وفي رواية سبعة، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه برنسيًا، فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه. وتناول عمر يد عبد الرحمن بن عوف فقدمه، فمن يلي عمر فقد رأى الذي رأيت، وأما نواحي المسجد، فإنهم لا يدرون ما الأمر غير انهم فقدوا صوت عمر، وهم يقولون: سبحان الله سبحان الله، فصلى بهم عبد الرحمن صلاة خفيفة فلما انصرفوا قال: يابن عباس انظر من قتلني فجال ساعة، ثم جاء فقال: غلام المغيرة. فقال: الصنع! قال: نعم، قال: قاتله الله لقد أمرت به معروفًا، الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام، قد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثرا العلوج بالمدينة، وكان العباس أكثرهم رقيقًا، فقال: إن شئت فعلت أي إن شئت قتلنا، قال: بعدما تكلموا بلسانكم وصلوا قبلتكم، وحجوا حجكم؟! فاحتمل إلى بيته فانطلقنا معه وكان الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ فقائل يقول: أخاف عليه، وقائل يقول: لا بأس به، فأتي بنبيذ فشربه فخرج من جوفه، ثم أتي بلبن فشربه فخرج من جوفه فعلموا أنه ميت، فدخلنا عليه وجاء الناس يثنون عليه، وجاء رجل شاب فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشر الله لك من صحبة رسول الله وقدم في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت ثم شهادة، فقال: وددت ذلك كفافًا لا علي ولا لي، فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض، فقال: ردوا علي الغلام، فقال: ابن أخي ارفع ثوبك، فإنه أبقى لثوبك وأتقى لربك، يا عبد الله بن عمر انظر ما علي من الدين فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفًا أو نحوه. قال: إن وفى له مال آل عمر فأده من أموالهم وإلا فسل في بني عدي بن كعب، فإن لم تف أموالهم فسل في قريش ولا تعدهم إلى غيرهم فأد عني هذا المال، انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل: يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل: أمير المؤمنين، فإني لست اليوم للمؤمنين أميرًا، وقل يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه فسلم واستأذن، ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي، فقال: يقرأ عمر بن الخطاب عليكم السلام ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه، فقالت: كنت أريده لنفسي ولآثرن به اليوم على نفسي، فلما أقبل قيل هذا عبد الله بن عمر قد جاء، قال: ارفعوني فأسنده رجل إليه، فقال: ما لديك، قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين أذنت، فقال: الحمد لله ما كان شيء أهم إليَّ من ذلك، فإذا قبضت فاحملوني ثم سلِّم، فقل يستأذن عمر بن الخطاب فإن أذنت لي فأدخلوني، وإن رددتني فردوني إلى مقابر المسلمين.
وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير تتبعها، فلما رأيناها قمنا فولجت عليه فبكيت عنده ساعة واستأذنت الرجال فولجت داخلًا لهم فسمعنا بكاءها من الداخل، فقالوا: أوصِ يا أمير المؤمنين، واستخلف فقال: ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي عنهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض، فسمى عليًا وعثمان والزبير وطلحة وسعدًا وعبد الرحمن، وقال: يشهدكم عبد الله بن عمر، وليس له من الأمر شيء كهيئة التعزية له، فإن أصابت الإمارة سعدًا فهو ذاك، وإلا فما يستغن به أيكم ما أمر، فإني لم أعزله من عجز ولا خيانة.
وقال: أوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين يعرف لهم حقهم ويحفظ لهم حرمتهم، وأوصيه بالأنصار خيرًا الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم أن يقبل من محسنهم وأن يتجاوز عن مسيئهم، وأوصيه بأهل الأمصار خيرًا فهم ردء الإسلام وحياة المال، وغيض العدو وألا يأخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم، وأوصيه بالأعراب خيرًا فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام أن يأخذ من حواشي أموالهم ويرد في فقرائهم، وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله أن يوفي لهم بعهدهم وأن يقاتل من وراءهم ولا يكلفوا إلا طاقتهم.
فلما قبض خرجنا من عنده فانطلقنا نمشي فسلم عبد الله بن عمر، فقال: يستأذن عمر ابن الخطاب قالت: أدخلوه فأدخل، فوضع هنالك مع صاحبيه، فلما فرغ من دفنه أجتمع هؤلاء الرهط، فقال عبد الرحمن: اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم، فقال الزبير: قد جعلت أمري إلى علي، وقال طلحة: قد جعلت أمري إلى عثمان، وقال سعد: قد جلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف، فقال عبد الرحمن بن عوف: صح أيكم تبرأ من هذا الأمر فجعله إليه، والله عليه والإسلام ينظرن أفضلهما في نفسه، قال: فأسكت الشيخان فقال عبد الرحمن: أفتجعلونه إلي، والله علي ألا آلو عن أفضلكما، قالا: نعم، قال فأخذ بيد أحدهما فقال: لك من قرابة رسول الله والقدم في الإسلام ما قد علمت، والله عليك لأن أمرتك لتعدلن، ولئن أمرت عثمان لتسمعن ولتطيعن، ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك، فلما أخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان فبايعه وبايع له علي، وولج أهل الدار فبايعوه»
رواه البخاري.
قوله: «الصنع» قال في "المغرب": ورجل صنع بفتحتين وصنع اليدين، أي: حاذق رقيق اليدين وامرأه صناع وخلافها خرقاء، وقال في "الدر النثير": رجل صنع وامرأة صناع لهما صنعة يعملانها بأيديهما ويكسبان بها.
قوله: «وقدم» بفتح القاف وكسرها الأول يعني الفضل والثاني بمعنى السبق.
قوله: «ولا تعدهم» أي تجاوزهم.
قوله: «فهم ردء الإسلام» أي عون الإسلام الذي يدفع عنه.
قوله: «حواشي أموالهم» أي ما ليس يختاروا.

.[26/9] باب ما جاء في ولي الميت يقضي دينه إذا علم صحته

4092 - عن سعد الأطول «أن أخاه مات وترك ثلاث مائة درهم وترك عيالًا قال: فأردت أن أنفقها على عياله فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن أخاك محتبس بدينه فاقض عنه قال يا رسول الله قد أديت عنه إلا دينارين ادعتهما امرأة وليس لها بينة قال: فأعطها فإنها محقة» رواه أحمد وابن ماجه وأخرجه أيضًا ابن سعد وعبد بن حميد وابن قانع والبارودي والطبراني في "الكبير" والضياء في "المختارة" والحديث في إسناده عبد الملك أبو جعفر قد وثقه ابن حبان، وبقية إسناده من رجال الصحيح.

.[27] كتاب الفرائض

4093 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تعلموا الفرائض، وعلموها فإنها نصف العلم وهو ينسى، وهو أول شيء ينزع من أمتي» رواه ابن ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي وقال: تفرد به حفص بن عمر وليس بالقوي، وقد رمي بالكذب ورواه الترمذي بلفظ: «تعلموا القرآن والفرائض، وعلموا الناس، فإني امرؤ مقبوض» وقال: فيه اضطراب، ومحمد بن القاسم الأسدي أحد رواته قد ضعفه أحمد بن حنبل وغيره.
4094 - وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «العلم ثلاثة وما سوى ذلك فضل: آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادلة» رواه أبو داود وابن ماجه قال المنذري في "مختصر السنن": في إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي قد تكلم فيه غير واحد، وفيه أيضًا عبد الرحمن بن رافع التنوخي وقد غمزه البخاري وابن أبي حاتم.
4095 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تعلموا الفرائض وعلموها الناس وتعلموا القرآن وعلموه الناس، فإني امرؤ مقبوض والعلم مرفوع ويوشك أن يختلف الناس في الفريضة والمسألة فلا يجدان أحدًا يخبرهما» ذكره أحمد بن حنبل في رواية ابنه عبد الله، وأخرجه أحمد والنسائي والبيهقي، قال الحاكم: صحيح الإسناد وقال الدارقطني مرسلًا أصح كذا في "مختصر البدر المنير"، وقال في "التلخيص": فيه انقطاع.
4096 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرأها لكتاب الله أبي، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح» رواه أحمد وابن ماجه والترمذي، والنسائي وصححه الترمذي والحاكم وابن حبان وفي رواية للحاكم: «أفرض أمتي زيد» وصححها أيضًا وقال: وقد أعل بالإرسال.

.[27/1] باب البداية بذوي الفروض وإعطاء العصبة ما بقي

4097 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجل ذكر» متفق عليه.
4098 - وعن جابر قال: «جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بابنتيها فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في أحد شهيدًا وإن عمهما أخذ مالهما، ولا ينكحان إلا بمال، فقال: يقضي الله في ذلك فنزلت آية المواريث، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عمهما، فقال: أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن وما بقي فهو لك» رواه الخمسة إلا النسائي وحسنه الترمذي، وقال: لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل، وقال عبد الحق: قال الترمذي: حسن صحيح، قلت: وهو في نسخة من الترمذي صحيحة، كما قال عبد الحق، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
4099 - وعن زيد بن ثابت «أنه سئل عن زوج وأخت لأبوين، فأعطى الزوج النصف والأخت النصف، وقال: حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بذلك» رواه أحمد بإسناد فيه أبو بكر بن أبي مريم، وقد اختلط وبقية رجاله رجال الصحيح.
4100 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من مؤمن إلا أنا أولى به في الدنيا والآخر، واقرءوا إن شئتم {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب:6] فأيما مؤمن مات ترك مالًا فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك دينًا أو ضياعًا فليأتني فأنا مولاه» متفق عليه.
قوله: «ضياعًا» قال في "الدر النثير": الضياع بالفتح العيال سموا بمصدر ضاع أي ذا ضياع من فقرا أو عيال، وقال الخطابي: هو وصف خلفة الميت بلفظ المصدر، أي: ترك ذو ضياع أي لا شيء لهم.

.[27/2] باب ما جاء في سقوط الأخ لأب مع وجود الأخ لأبوين

4101 - عن علي قال: «إنكم لتقرؤون هذه الآية {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء:11] وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بالدين قبل الوصية وإن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات الرجل يرث أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه» رواه أحمد والترمذي وابن ماجه، وللبخاري منه تعليقًا: «قضى بالدين قبل الوصية» والحديث في إسناده الحارث قال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث أبي إسحاق عنه، وقد تكلم بعض أهل العلم في الحديث والعمل عليه عند عامة أهل العلم، انتهى. ورواه الحاكم وقال: رواه الناس عن أبي إسحاق والحارث ولأجلهما لم يخرجه الشيخان. قال: وقد صح الفتوى به عن زيد بن ثابت.
قوله: «أعيان» الأعيان الإخوة لأب وأم، والعلات هم أولاد الأمهات المتفرقات من أب واحد.

.[27/3] باب الأخوات مع البنات عصبة

4102 - عن هزيل بن شرحبيل قال: «سئل أبو موسى عن ابنة وابنة ابن وأخت، فقال: للابنة النصف وللأخت النصف، وائت ابن مسعود، فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى، فقال: لقد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين، أقضي فيها بما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم -، للبنت النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت» رواه الجماعة إلا مسلمًا والنسائي وزاد أحمد والبخاري: «فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود، فقال: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم».
قوله: «هزيل» هو بالزاي المعجمة وغلط من رواه بالذال.
4103 - وعن الأسود: «أن معاذ بن جبل ورث أختًا وابنة جعل لكل واحدة منهما النصف، وهو باليمن ونبي الله - صلى الله عليه وسلم - حي» رواه أبو داود والبخاري بمعناه.

.[27/4] باب ما جاء في ميراث الجدة والجد

4104 - عن قبيصة بن ذؤيب قال: «جاءت الجدة إلى أبي بكر فسألته ميراثها فقال مالك في كتاب الله شيء وما علمت لك في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا فارجعي حتى أسأل الناس، فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاها السدس فقال: هل معك غيرك، فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال: مثل ما قال المغيرة بن شعبة فأنفذه لها أبو بكر، قال: ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر فسألته ميراثها، فقال: مالك في كتاب الله شيء، وما كان القضاء الذي قضى به إلا لغيرك، وما أنا بزائد في الفرائض، ولكن هو ذاك السدس، فإن اجتمعتما فهو بينكما وأيكما خلت به فهو لها» رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وقال ابن حزم في "محلاه": لا يصح لأنه منقطع؛ لأن قبيصة لم يدرك أبا بكر ولا سمعه من المغيرة وتبعه عبد الحق وابن القطان وفي لفظ الترمذي: «جاءت الجدة أم الأم وأم الأب إلى أبي بكر» وفي لفظ للنسائي: «أن الجدة أم الأم أتت أبا بكر».
4105 - وعن عبادة بن الصامت: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى للجدتين من الميراث بالسدس بينهما» رواه عبد الله بن أحمد في "المسند" وأخرجه أبو القاسم بن مندة في "مستخرجه" والطبراني في "الكبير" بإسناد منقطع.
4106 - وعن ابن بريدة عن أبيه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم» رواه أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة وابن الجارود وابن السكن، وقواه ابن عدي وفي إسناده عبد الله العتكي. قال صاحب "الإلمام": وثق. وقال أبو حاتم: صالح. وأغرب ابن حزم فقال: لا يصح.
4107 - وعن عبد الرحمن بن يزيد قال: «أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث جدات السدس ثنتين من قبل الأب وواحدة من قبل الأم» رواه الدارقطني هكذا مرسلًا وأخرجه ايضًا مرسلًا البيهقي وأبو داود من رواية إبراهيم النخعي وهو المروي عن جماعة من الصحابة.
4108 - وعن القاسم بن محمد قال: «جاءت الجدتان إلى أبي بكر الصديق، فأراد أن يجعل السدس للتي من قبل الأم، فقال له رجل من الأنصار: أما إنك تترك التي لو ماتت وهو حي كان إياها يرث، فجعل السدس بينهما» رواه مالك في "الموطأ" وقد اعل بالانقطاع، لأن القاسم لم يدرك جده.
4109 - وعن عمران بن حصين «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن ابن ابني مات فما لي من ميراثه؟ قال: لك السدس، فلما أدبر قال: لك سدس آخر، فلما أدبر دعاه، فقال: إن السدس الآخر طعمة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح، وقال علي بن المديني وأبو حاتم الرازي وغيرهما: إن الحسن لم يسمع من عمران.
4110 - وعن الحسن البصري أن عمر قال: «أيكم يعلم ما ورث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الجد قال معقل بن يسار: أنا، ورثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السدس، قال مع من؟ قال: لا أدري، قال: لا دريت فما يغني إذن» رواه أبو داود وأخرجه أحمد والنسائي ولابن ماجه نحوه، وقد أعل الحديث بالانقطاع لأن الحسن لم يسمع من عمر ولا من معقل قال أبو حاتم الرزاي: لم يصح للحسن سماع من معقل، وقال المنذري: قد أخرج البخاري ومسلم في "صحيحيهما" حديث الحسن عن معقل بن يسار.

.[27/5] باب ميراث ذوي الأرحام والموالي من أسفل ومن أسلم على يد رجل

4111 - عن المقدام بن معدي كرب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ترك مالًا فلورثته، وأنا وارث من لا وارث له أعقل عنه وأرث والخال وارث من لا وارث له يعقل عنه ويرثه» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وحسنه أبو زرعة والرازي وصححه الحاكم وابن حبان وضعفه ابن معين.
4112 - وعن أبي أمامة بن سهل قال: «كتب عمر إلى أبي عبيده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مولى من لا مولى له والخال وارث من لا وارث له» رواه أحمد والأربعة سوى أبي داود وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان.
4113 - وأخرج أيضًا الترمذي عن عائشة مرفوعًا: «الخال وارث من لا وارث له» وقال: حسن غريب.
4114 - وعن عبد الله بن بريدة قال: «مات رجل من خزاعة فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بميراثه، فقال: التمسوا له وارثًا أو ذا رحم» رواه أبو داود في رواية.
4115 - وأخرج أيضًا من حديث أبي موسى أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «ابن أخت القوم منهم» وأخرجه النسائي بلفظ «من أنفسهم»، قال المنذري في مختصر السنن وقد أخرج البخاري ومسلم والترمذي قوله - صلى الله عليه وسلم - «ابن أخت القوم منهم» مختصرًا ومطولًا.
4116 - وعن ابن عباس: «أن رجلًا مات على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يترك وارثًا إلا عبدًا هو أعتقه فأعطاه ميراثه».
4117 - وعن قبيصة عن تميم الداري قال: «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما السنة في الرجل يسلم على يد رجل من المسلمين؟ فقال: هو أولى الناس بمحياه ومماته» وهو مرسل قبيصة لم يلق تميم الداري.
4118 - وعن عائشة «أن مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - خر من عذق فمات فأتي به النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال:هل له من نسب أو رحم؟ قالوا: لا قال: أعطوا ميراثه بعض أهل قريته» رواهن الخمسة إلا النسائي وحسن الترمذي الحديث الأول حديث ابن عباس، وقال في حديث تميم: لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن موهب ويقال: ابن وهب، وقد أدخل بعضهم بين عبد الله بن موهب وتميم الداري قبيصة وهو عندي ليس بمتصل، انتهى. وقال الشافعي في هذا الحديث: ليس بثابت وقال الخطابي ضعف أحمد حديث تميم، انتهى. وصححه الحاكم، وحديث عائشة حسنه الترمذي.
4119 - وعن بريدة قال: «توفي رجل من الأزد فلم يدع وارثًا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ادفعوه إلى أكبر خزاعة» رواه أحمد أبو داود بإسناد ضعيف.
4120 - وعن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - آخى بين الصحابة وكانوا يتوارثون بذلك حتى نزلت: {وَأُولُوا الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} [الأنفال:75] فتوارثوا بالنسب» رواه الدارقطني، وأخرجه أبو داود بنحوه وفي إسناده مقال.
4121 - ومن لم يورث ذوي الأرحام استدل بحديث: «سألت الله عز وجل عن ميراث العمة والخالة فسارني جبريل أن لا ميراث لهما» رواه الدارقطني من حديث أبي هريرة وقال: لم يسنده غير مسعدة الباهلي عن محمد بن عمرو وهو ضعيف، والصواب مرسل. قال في "خلاصة البدر": وكذا رواه أبو داود في "مراسيله" عن عطاء بن يسار، ووصله الحاكم بزيادة أبي سعيد بإسناد ضعيف؛ لكن رواه الطبراني كذلك بدونه.
4122 - ويعضد المرسل ما في مستدرك الحاكم عن ابن عمر قال: «أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حمار فلقيه رجل فقال: يا رسول الله رجل ترك عمته وخالته لا وارث له غيرهما فقال لا ميراث لهما» وقال: صحيح الإسناد وله شواهد فذكرها، انتهى كلام "خلاصة البدر"، وقد أجاب جماعة من الحفاظ بأن هذا الحديث لا يقاوم الأحاديث القاضية بالتوريث وأيضًا هذا الحديث الذي صححه الحاكم ضعيف، ففي إسناده عبد الله بن جعفر المديني وهو ضعيف.

.[27/6] باب ميراث ابن الملاعنة والزانية منهما

4123 - وميراثهما منه وانقطاعه من الأب في حديث المتلاعنين الذي يرويه سهل بن سعد قال: «وكانت حاملًا وكان ابنها ينسب إلى أمه فجرت السنة أنه يرثها وترث منه ما فرض الله لها» أخرجاه.
4124 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا مساعة في الإسلام من ساعى في الجاهلية فقد ألحقته بعصبته ومن ادعى ولدًا من غير رشده فلا يرث ولا يورث» رواه أحمد وأبو داود وفي إسناده رجل مجهول.
4125 - وأخرج أيضًا أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى أن كل مستلحق ولد زنا لأهل أمه من كانوا حرة أو أمة، وذلك فيما استلحق في أول الإسلام» وفي إسناده محمد بن راشد المكحولي الشامي قد تكلم فيه، ووثقه أحمد وابن معين والنسائي.
4126 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أيما رجل عاهر لحرة أو أمة فالولد ولد زنا لا يرث ولا يورث» رواه الترمذي، قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا ابن لهيعة، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وقال الترمذي: قد روى غير ابن لهيعة هذا الحديث عن عمرو بن شعيب والعمل على هذا عند أهل العلم أن ولد الزنا لا يرث من أبيه، انتهى. ورجاله ثقات، وعبد الله بن لهيعة قد حسن حديثه بعض الأئمة، وقال أحمد بن حنبل: من كان مثل ابن لهيعة بمصر في كثرة حديثه وضبطه وإتقانه، انتهى. وقد تابعه على إخراج هذا الحديث غيره ذكره الترمذي، وأحاديث عمرو بن شعيب قد تقدم الكلام عليها مستوفى في باب الوضوء مرة ومرتين.
4127 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه جعل ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها» رواه أبو داود وفي إسناده ابن لهيعة وفيه مقال وتقدم الكلام عليه في الحديث قبله.
4128 - وعن واثلة بن الأسقع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المرأة تحوز ثلاثة مواريث عتيقها ولقيطها وولدها الذي لاعنت عليه» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي وصححه الحاكم وقال الترمذي: حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث محمد بن حرب، وقال المنذري: وفي إسناده عمر بن روبية البغلي. قال البخاري: فيه نظر، وسئل عنه أبو حاتم الرازي فقال: صالح الحديث، قيل: تقوم به الحجة. قال: لا، ولكن صالح، قال الخطابي: هذا الحديث غير ثابت عند أهل النقل.
قوله: «لا مساعاة» المساعاة الزنا بالإماء قال في "الدر النثير": ساعت الأمة أي فجرت وساعاها فلان فجر بها.