فصل: (30/5) باب ما جاء في طلاق العبد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[30/5] باب ما جاء في طلاق العبد

4540 - عن ابن عباس قال: «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال: يا رسول الله سيدي زوجني أمته وهو يريد أن يفرق بيني وبينها فصعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر فقال: يا أيها الناس ما بال أحدكم يزوج عبده أمته ثم يريد أن يفرق بينهما إنما الطلاق لمن أخذ بالساق» رواه ابن ماجة وفي إسناده ابن لهيعة وأخرجه الطبراني وفي إسناده يحيى الحماني ضعيف وأخرجه ابن عدي والدارقطني وفي إسنادهما عصمة بن مالك وقيل أنه صحابي وقد روي من طرق يقوي بعضها بعضًا.
4541 - وعن عمر بن معيقيب أن أبا حسن مولى بني نوفل أخبره: «أنه استفتى ابن عباس في مملوك تحته مملوكة فطلقها تطليقتين ثم عتقا هل يصلح أن يخطبها؟ قال: نعم قضى بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه الخمسة إلا الترمذي وفي رواية: «بقيت لك واحدة قضى بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أبو داود وحديث عمر بن معتب ضعيف قد تكلم فيه، وقال ابن المبارك ومعمر: لقد تحمل أبو حسن هذا صخرة عظيمة، وقال أحمد بن حنبل في رواية ابن منصور في عبد تحته مملوكة فطلقها تطليقتين ثم عتقا يتزوجها وتكون على واحدة، على حديث عمر بن معيقيب، وقال في رواية أبي طالب في هذه المسألة: يتزوجها ولا يبالي في العدة عتقا أو بعد العدة. قال وهو قول ابن عباس وجابر بن عبد الله وأبي سلمة وقتادة.

4542 - وعن ابن عمر قال: «طلاق الأمة تطليقتين وعدتها حيضتان» رواه الدارقطني وأخرجه مرفوعًا وضعفه.
4543 - وأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث عائشة وصححه الحاكم وخالفوه واتفقوا على ضعفه.

.[30/6] باب من علق الطلاق قبل النكاح

4544 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا نذر لابن آدم في ما لا يملك ولا عتق له فيما لا يملك ولا طلاق له فيما لا يملك» رواه أحمد و الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب وقال في "بلوغ المرام": صححه الترمذي، ونقل عن البخاري أنه أصح ما ورد، وصححه الحاكم ورواه أبو داود، قال: «ولا وفاء بنذر إلا فيما يملك» ولابن ماجة منه: «لا طلاق فيما لا يملك»
4545 - وعن المسور بن مخرمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا طلاق قبل نكاح ولا عتق قبل ملك» رواه ابن ماجة وحسنه الحافظ في "التلخيص"، وقال في "بلوغ المرام": إسناده حسن لكنه معلول.
4546 - وعن جابر قال: «قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا طلاق إلا بعد نكاح ولا عتق إلا بعد ملك» رواه أبو يعلى وصححه الحاكم وقال: أنا متعجب من الشيخين كيف أهملاه فقد صح على شرطهما من حديث ابن عمر وعائشة وعبد الله بن عباس ومعاذ بن جبل وجابر، وقال الحافظ في "بلوغ المرام": إن الحديث معلول.

.[30/7] باب الطلاق بالكنايات إذا نوى بها الطلاق

4547 - عن عائشة قالت: «خير النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه فاخترناه فلم يعدها شيئًا» رواه الجماعة وفي رواية قالت: «لما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: إني ذاكر لك أمرًا فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك قالت: وقد علم أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه قالت: ثم قال: إن الله عز وجل قال: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} [الأحزاب:28] الآية، {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ} [الأحزاب:29] قالت: ثم فعل أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثل ما فعلت» رواه الجماعة إلا أبا داود.

4548 - وعن عائشة «أن ابنة الجون لما أدخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دنى منها قالت: أعوذ بالله منك، قال لها: لقد عذت بعظيم، الحقي بأهلك» رواه البخاري وابن ماجة والنسائي، وقال: «الكلابية» بدل «الجون».
4549 - وعن كعب بن مالك في قصة تخلفه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لما مضت أربعون من الخمسين واستلبث الوحي فإذا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتيني قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرك أن تعتزل امرأتك فقلت: أطلقها أم ماذا؟ قال: لا بل اعتزلها فلا تقربنها، قال: فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك» متفق عليه.

.[30/8] باب الخلع

4550 - عن ابن عباس قال: «جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكن أكره الكفر في الإسلام فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقبل الحديقة وطلقها تطليقة واحدة» رواه البخاري والنسائي.
4551 - وعنه «أن جميلة بنت أبي بن سلول أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: والله ما أعتب على ثابت في دين ولا خلق ولكني أكره الكفر في الإسلام لا أطيقه بغضًا فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم، فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد» رواه ابن ماجة ورجاله رجال الصحيح إلا أزهر بن مروان وهو صدوق.
4552 - وعن الربيع بنت معوذ «أن ثابت بن قيس بن شماس ضرب امرأته فكسر يدها وهي جميلة بنت عبد الله بن أبي فأتى أخوها يشتكيه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ثابت فقال له: خذ الذي لها عليك وخل سبيلها، قال: نعم، فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تربص حيضة واحدة وتلحق بأهلها» رواه النسائي بإسنادٍ لا بأس به.
4553 - وعن ابن عباس: «أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تعتد بحيضة» رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن غريب.
4554 - وعن الربيع بنت معوذ «أنها اختلعت من زوجها على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أمرت أن تعتد بحيضة» رواه الترمذي ورجاله رجال الصحيح، وقال الترمذي: الصحيح أنها أمرت أن تعتد بحيضة.
4555 - وعن أبي الزبير «أن ثابت بن قيس بن شماس كانت عنده بنت عبد الله بن أُبي بن سلول وكان أصدقها حديقة فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم وزيادة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما الزيادة فلا ولكن حديقته قالت: نعم فأخذها له وخلا سبيلها فلما بلغ ثابت بن قيس قال: قد قبلت قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه الدارقطني بإسناد صحيح، وقال: سمعه أبو الزبير من غير واحد.
4556 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: «أن ثابت بن قيس كان ذميمًا وأن امرأته قالت: لولا مخافة الله إذا دخل علي لبصقت في وجهه» رواه ابن ماجة.
4557 - ولأحمد من حديث سهل بن أبي حثمة: «وكان ذلك أول خلع في الإسلام».
قوله: «ما أعتب» بعين مهملة بعدها فوقانية مضمومة، قال في المغرب العتب: هو الموجدة والغضب من باب ضرب ومنه حديث جميلة ما أعتب على ثابت في دين ولا خلق انتهى.
قوله: «ولا خلق» بضم الخاء المعجمة واللام.
قوله: «حديقة» الحديقة البستان.

.[30/9] باب ما جاء في الرجعة.

4558 - عن ابن عباس في قوله تعالى:«{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة:228] الآية، وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثًا فنسخ ذلك {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ}الآية» رواه أبو داود والنسائي وفي إسناده علي بن الحسين بن واقد وفيه مقال.
4559 - وعن عروة عن عائشة قالت: «كان الناس الرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة وإن طلقها مائة مرة أو أكثر حتى قال رجل لامرأته: والله لا أطلقك فتبيني مني ولا آويك أبدًا، قالت: فكيف ذاك؟ قال: أطلقك فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك فذهبت المرأة حتى دخلت على عائشة فأخبرتها فسكتت عائشة حتى جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل القرآن: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229] قالت عائشة: فاستأنف الناس الطلاق مستقبلًا من كان طلق ومن لم يطلق» رواه الترمذي.
4560 - ورواه أيضًا عن عروة مرسلًا وذكر أنه أصح
4561 - وعن عمران بن حصين «أنه سئل عن الرجل يطلق امرأته ثم يقع بها ولم يشهد على طلاقها ولا على رجعتها فقال: طلقت لغير سنة وراجعت لغير سنة أشهد على طلاقها وعلى رجعتها ولا تعد» رواه أبو داود وابن ماجة ولم يقل: «ولا تعد» قال في "بلوغ المرام": رواه أبو داود موقوفًا وسنده صحيح.
4562 - وعن ابن عمر «أنه لما طلق امرأته قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر: مره فليراجعها» أخرجاه.
4563 - وعن عائشة قالت: «جاءت أم رفاعة القرضي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب فقال: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» رواه الجماعة لكن لأبي داود معناه من غير تسمية الزوجين.
4564 - وعنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: «العسيلة: الجماع» رواه أحمد والنسائي قال في "مجمع الزوائد": في إسناده عبد الملك لم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح.
4565 - وعن ابن عمر قال: «سئل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يطلق امرأته ثلاثًا ويتزوجها آخر فيغلق الباب ويرخي الستر ثم يطلقها قبل أن يدخل بها هل تحل للأول؟ قال: لا حتى تذوق العسيلة» رواه أحمد والنسائي وقال: «لا تحل للأول حتى يجامعها الآخر» وفي الباب أحاديث.
قوله: «عبد الرحمن بن الزبير» بفتح الزاي المشددة المفتوحة.
قوله: «هدبة الثوب» بفتح الهاء وسكون الدال المهملة بعدها باء موحدة مفتوحة هي طرف الثوب.
قوله: «عسيلة» مصغرة وقد تقدم تفسيرها في الحديث.
فائدة: اختلف فيمن طلق امرأته طلقة أو اثنتين ثم تزوجت بزوج آخر ودخل بها ثم طلقها أو مات عنها ثم رجعت لزوجها الأول بنكاح جديد هل يهدم نكاح الزوج الثاني الطلقة أو الثنتين من الزوج الأول أو لا يهدمه إلا الثلاث فذهب إلى الأول ابن عباس وابن عمر والنخعي وأبو حنيفة وأبو يوسف قالوا: نكاحها غيره يهدم أقل من الثلاث بالأولى واختاره جماعة من الأئمة المتأخرين، وقالوا: إذا كان عقد الزوج الثاني ووطؤه قد أبطل حكم الثلاث التطليقات وهدمهن وصير وجودهن كالعدم مع أنهن أكمل الطلاق وأغلظه وأكرهه والمختص باقتضاء التحريم وفرقة الأبد ومنعة الرجعة فبالأولى والأحرى أن يثبت لما هو أقل عددًا وأخف حكمًا وأنقص كراهة وما لا يقتضي تأبيد الفرقة وتحريم الرجعة ومن تتبع المسائل الفقهية والأبواب الفرعية لا يجد أمرًا يزيل الأغلظ ولا يزيل الأخف ويرفع حكم الأقوى ولا يرفع حكم الأضعف ثم إذا قد هدم الثلاث بمجموعها فقد هدم كل واحدة على انفرادها. وذهب جماعة من الصحابة وغيرهم إلى القول الثاني وقالوا: لا يهدم النكاح الثاني إلا الثلاث ورووا في ذلك حديثًا عن رجل من الصحابة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «قضى في المرأة يطلقها زوجها دون الثلاث ثم يرتجعها بعد زوج أنها على ما بقي من الطلاق» وفي إسناده ضعف ومجهول، قال في "الهدي": ولو ثبت الحديث لكان فصل النزاع في المسألة، وإليه ذهب أحمد والشافعي ومالك. انتهى.

.[30/10] باب الإيلاء

4566 - عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت: «آلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائه وحرم فجعل الحرام حلال وجعل في اليمين الكفارة» ورواه ابن ماجة والترمذي وذكر أنه قد روي عن الشعبي مرسلًا وأنه أصح، وقال في "بلوغ المرام": رجاله ثقات، وقال في "الفتح": رجاله موثقون لكن رجح الترمذي إرساله على وصله.
4567 - وعن أنس بن مالك قال: «آلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نسائه شهرًا وكانت انفكت قدمه فجلس في علية له فجاء عمر بن الخطاب فقال: أطلقت نسائك؟ قال: لا ولكني آليت منهن شهرًا فمكث تسعًا وعشرين ثم نزل فدخل على نسائه»، وفي رواية: «قالوا يا رسول الله آليت شهرًا فقال: إن الشهر يكون تسعًا وعشرين» رواه البخاري.
4568 - وعن أم سلمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حلف لا يدخل على بعض أهله شهرًا فلما مضى تسعًا وعشرين يومًا غدا عليهم وراح فقيل له: يا نبي الله حلفت أن لا تدخل عليهن شهرًا فقال: إن الشهر يكون تسعًا وعشرين» أخرجاه.
4569 - وعن ابن عمر قال: «إذا مضت أربعة أشهر وقف المولي حتى يطلق ولا يقع عليه الطلاق حتى يطلق» رواه البخاري قال: ويذكر كذلك عن عثمان وعلي وأبي الدرداء وعائشة واثني عشر رجلًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال أحمد بن حنبل في رواية أبي طالب، قال عمر وعثمان وعلي وابن عمر: «يوقف المولي بعد الأربعة فإما أن يفي وإما أن يطلق».
4570 - وعن سليمان بن يسار، قال: «أدركت بضعة عشر رجلًا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلهم يقفون المولي» رواه الشافعي والدارقطني.
4571 - وعن سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال: «سألت اثني عشر رجلًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن رجل يولي قالوا: ليس عليه شيء حتى يمضي أربعة أشهرٍ فيوقف فإن فاء وإلا طلق» رواه الدارقطني.
4572 - وعن ابن عباس قال: «كان إيلاء الجاهلية السنة والسنتين فوقت الله تعالى أربعة أشهر فإن كان أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء» أخرجه البيهقي والطبراني.
4573 - وعن عبد الرحمن بن سمرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه» متفق عليه ولمسلم من رواية عدي بن حاتم وأبي هريرة نحوه.
قوله: «يفي» الفيء الرجوع.

.[30/11] باب الظهار

4580 - عن سلمة بن صخر قال: «كنت امرأً قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري فلما دخل رمضان ظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ رمضان فرقًا من أن أصيب في ليلتي شيئًا فأتتابع في ذلك إلى أن يدركني النهار وأنا لا أقدر أن أنزل فبينما هي تخدمني من الليل إذا انكشف لي منها شيء فوثبت عليها فلما أصبحت غدوت على قومي فأخبرتهم خبري وقلت: انطلقوا معي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بأمري فقالوا: والله لا نفعل نتخوف أن ينزل فينا قرآن أو يقول فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالة يبقى علينا عارها، ولكن اذهب أنت واصنع ما بدا لك فخرجت حتى أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته خبري فقال لي: أنت بذاك؟ فقلت: أنا بذاك، فقال: أنت بذاك؟ قلت: أنا بذاك، فقال لي: أنت بذاك؟ قلت: نعم ها أنا فامض في حكم الله عز وجل فأنا صابر له، قال: أعتق رقبة، فضربت صفحة رقبتي بيدي فقلت: لا والذي بعثك بالحق ما أصبحت أملك غيرها، قال: فصم شهرين متتابعين، قلت: يا رسول الله وهل أصابني ما أصابني إلا في الصوم، قال: فتصدق، قلت: والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا وحشًا ما لنا عشاء، قال: اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له فليدفعها إليك فأطعم عنك منها وسقًا من تمر ستين مسكينًا ثم استعن بسائره عليك وعلى عيالك، قال: فرجعت إلى قومي فقلت: وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السعة والبركة، وقد أمر لي بصدقتكم فادفعوها إليًَّ، قال: فدفعوها إليَّ» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حديث حسن، وأخرجه الحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين، قال في "الخلاصة": ومن هذه الطريق: أخرجه الترمذي وقال: حسن، انتهى، وصححه أيضًا ابن حزم وابن الجارود.
4575 - وعن سلمة بن صخر عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «في المظاهر يواقع قبل أن يكفر قال: كفارة واحدة» رواه ابن ماجة والترمذي وحسنه.
4576 - وعن أبي سلمة عن سلمة بن صخر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أعطاه مكتلًا فيه خمسة عشر صاعًا فقال: أطعمه ستين مسكينًا وذلك لكل مسكين مد» رواه الدارقطني وللترمذي معناه.
4577 - وعن ابن عباس: «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - قد ظاهر من امرأته فوقع عليها، فقال: يا رسول الله إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفر فقال: ما حملك على ذلك يرحمك الله؟ قال: رأيت خلخالها في ضوء القمر، قال: فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله» رواه الخمسة إلا أحمد وصححه الترمذي ورجح النسائي أرسالها ورواه البزار من وجه آخر عن ابن عباس وزاد فيه: «كفر ولا تعد» والوصل زيادة مقبولة.
4578 - ورواه النسائي عن عكرمة مرسلًا وقال فيه: «فاعتزلها حتى تقضي ما عليك» ورواه أيضًا الحاكم وصححه قال الحافظ: ورجاله ثقات لكن أعله أبو حاتم والنسائي بالإرسال وقال ابن حزم: رواته ثقات ولا يضره إرسال من أرسله.
4579 - وعن خولة بنت مالك بن ثعلبة قالت: «ظاهر مني أوس بن الصامت فجئت رسول الله عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم أشكو إليه ورسول الله يجادلني فيه ويقول: اتقِ الله فإنه ابن عمك فما برح حتى نزل القرآن {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة:1] الآية فقال: يعتق رقبة، قالت: لا يجد، قال: فيصوم شهرين متتابعين، قالت: يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام، قال: فيطعم ستين مسكينًا، قالت: ما عنده من شيء يتصدق به، قال: فإني سأعينه بعرق من تمر، قالت: يا رسول الله فإني سأعينه بعرق آخر قال: قد أحسنت اذهبي فأطعمي بها عنه ستين مسكينًا وارجعي إلى ابن عمك والعرق ستون صاعًا» رواه أبو داود ولأحمد معناه لكنه لم يذكر قدر العرق وقال فيه: «فليطعم ستين مسكينًا وسقًا من تمر» ولأبي داود في رواية أخرى «والعرق مكتل يسع ثلاثين صاعًا»، وقال هذا أصح.
4580 - وله عن عطاء عن أوس أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أعطاه خمسة عشر صاعًا من شعير إطعام ستين مسكينًا» وهذا مرسل قال أبو داود وعطاء لم يدرك أوسًا وحديث خولة في إسناده محمد بن إسحاق.
4581 - وأخرجه ابن ماجة والحاكم من حديث عائشة، وقال: صحيح الإسناد وقال في موضع آخر صحيح على شرط مسلم وفيه قالت: «تبارك الذي وسع سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى عليَّ بعضه وهي تشتكي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» فذكر الحديث وفي آخره قال: «وزوجها أوس بن الصامت» وأصله في البخاري من هذا الوجه إلا أنه لم يسمها، وقال الحافظ ابن حجر: حديث عائشة المذكور أخرجه النسائي وأورد منه البخاري طرفًا في كتاب التوحيد معلقًا انتهى، قلت: والذي أشار إليه الحافظ في كتاب التوحيد من "صحيح البخاري" ما لفظه، وقال الأعمش عن تميم عن عروة عن عائشة قالت: «الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات، فأنزل الله عز وجل على النبي - صلى الله عليه وسلم -: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: 1]» انتهى، وإنما نبهت على ذلك لأن صاحب "جامع الأصول" وهم فذكر الحديث في تفسير المجادلة وعزاه إلى البخاري والنسائي، وكان الصواب أن يقول: وأخرج البخاري طرفًا منه معلقًا.
قوله: «فرقاً» بفتح الفاء والراء.
قوله: «أتتايع» التتايع هو الوقوع في الشر وهو بتائين فوقيتين.
قوله:«وحشاً» لفظ أبي داود وحشين يقال رجل وحش بالسكون إذا كان جائعًا لا طعام له.
قوله: «بني زريق» بتقديم الزاي على الراء.

.[30/12] باب ما جاء في تحريم الزوجة أو الأمة

4582 - عن ابن عباس قال: «إذا حرم الرجل امرأته فهي يمين يكفرها» وقال: «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة» متفق عليه، وفي لفظ «أنه أتاه رجل فقال: إني جعلت امرأتي عليَّ حرامًا، فقال: كذبت ليست عليك حرام ثم تلا: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم:1] عليك أغلظ الكفارة عتق رقبة» رواه النسائي.
4583 - وعن ثابت عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كانت له أمة يطأها فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها على نفسه، فأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم:1] إلى آخر الآية» رواه النسائي، قال الحافظ: سنده ضعيف وهو أصح طرق سبب نزول الآية.
4584 - وله شاهد مرسل عند الطبراني بسند صحيح عن زيد بن أسلم التابعي المشهور قال: «أصاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أم إبراهيم ولده في بيت بعض نسائه، فقالت: يا رسول الله في بيتي وعلى فراشي فجعلها عليه حرامًا، فقالت: يا رسول الله! كيف تحرم عليك الحلال فحلف لها بالله لا يصيبها، فنزلت: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1] الآية».
4585 - وقد تقدم حديث عائشة في أول باب الإيلاء.

.أبواب اللعان

4586 - عن نافع عن ابن عمر: «أن رجلًا لاعن امرأته وانتفى من ولدها ففرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما وألحق الولد بالمرأة» رواه الجماعة.
4587 - وعن سعيد بن جبير أنه قال لعبد الله بن عمر: «يا أبا عبد الرحمن المتلاعنان أيفرق بينهما، قال: سبحان الله نعم إن أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان، قال: يا رسول الله أرأيت لو وجد أحدنا امرأته على فاحشة كيف يصنع أن تكلم تكلم بأمر عظيم وإن سكت سكت على مثل ذلك، قال: فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يجبه، فلما كان بعد ذلك أتاه، فقال: إن الذي سألتك عنه ابتليت به فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات في سورة النور، {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6] فقرأهن عليه ووعظه وذكره وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقال: لا والذي بعثك بالحق ما كذبت عليها ثم دعاها فوعظها وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فقالت: لا والذي بعثك بالحق إنه لكاذب فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم ثنى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ثم فرق بينهما» متفق عليه.
4588 - وعن ابن عمر قال: «فرق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أخوي بني عجلان وقال: الله يعلم أن أحدهما لكاذب فهل منكما تائب ثلاثًا» متفق عليه.
4589 - وعن سهل بن سعد أن عويمر العجلاني أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: «يا رسول الله أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل فيك وفي صاحبتك فاذهب فأت بها، قال سهل فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما فرغا قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ابن شهاب: فكانت سنة المتلاعنين» رواه الجماعة إلا الترمذي، وفي رواية متفق عليها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ذلكم التفريق بين كل متلاعنين» وفي لفظ لأحمد ومسلم: «وكان فراقه إياها سنة في المتلاعنين»