فصل: (32/13) باب تأخير الرجم على الحبلى حتى تضع وتأخير الجلد عن ذي المرض المرجو زواله

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



. [32/13] باب تأخير الرجم على الحبلى حتى تضع وتأخير الجلد عن ذي المرض المرجو زواله

4914 - عن سليمان بن بريدة عن أبيه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاءته امرأة من غامد من الأزد فقالت: يا رسول الله طهرني فقال: ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه، فقالت: أراك تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك، قال: وما ذاك قالت: حبلى من الزنا، قال: أنت؟ قالت: نعم، فقال لها: حتى تضعي ما في بطنك، قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت، قال: فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: قد وضعت الغامدية، فقال: إذًا لا نرجمها وندع ولدها صغيرًا ليس له من يرضعه، فقام رجل من الأنصار فقال: إلي رضاعه يا نبي الله قال: فرجمها» رواه مسلم والدارقطني وقال: هذا حديث صحيح.
4915 - وعن عمران بن حصين «أن امرأة من جهينة أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي حبلى من الزنا فقالت: يا رسول الله أصبت حدًا فأقمه عليَّ، فدعا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وليها، فقال: أحسن إليها فإذا وضعت فأتني ففعل فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشدت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها فقال له عمر: تصلي عليها يا رسول الله وقد زنت؟ قال: لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت من أفضل من أن جادت بنفسها لله» رواه الجماعة إلا البخاري.
4916 - وعن علي «أن أمة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - زنت فأمرني أن أجلدها فأتيتها فإذا هي حديثة عهد بنفاس فخشيت أن أجلدها أن أقتلها فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أحسنت اتركها حتى تماثل» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه.
قوله: «غامد» بغين معجمة وآخره دال مهملة بطن من جهينة.
قوله: «تماثل» بالمثلثة في رواية لأبي داود «حتى ينقطع عنها الدم» وفي "القاموس" تماثل العليل قارب البرء.

.[32/14] باب صفة سوط الجلد وكيف يجلد من به مرض لا يرجى برؤه

4917 - عن زيد بن أسلم «أن رجلًا اعترف على نفسه بالزنا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسوط فأتى بسوط مكسور، فقال: فوق هذا فأتى بسوط جديد لم يقطع ثمرته، فقال: بين هذين فأتى بسوط قد لان وركب به فأمر به فجلد» رواه مالك في "الموطأ" مرسلًا.
4918 - وله شاهد مرسل عند عبد الرزاق.
4919 - وشاهد آخر عند ابن وهب مرسل.
4920 - وعن أبي أمامة بن سهل عن سعيد بن سعد بن عبادة قال: «كان بين أبياتنا رجل ضعيف مخدج فلم يرع الحي إلا وهو على أمة من إمائهم يخبث بها فذكر ذلك سعد بن عبادة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك الرجل مسلمًا فقال: اضربوه حده، قالوا: يا رسول الله إنه أضعف مما يحسب لو ضربناه مائة قتلناه، قال: خذوا له عثكالًا فيه مائة شمراخ ثم اضربوه به ضربة واحدة، قال: ففعلوا» رواه أحمد وابن ماجة ولأبي داود معناه من رواية أبي إمامة بن سهل عن بعض الصحابة من الأنصار وفيه «لو حملناه إليك لتفسخت عظامه ما هو إلا جلد على عظم» قال في "بلوغ المرام": وإسناده حسن لكن اختلف في وصله وإرساله.
قوله: «لم تقطع ثمرته» أي عذبته وهي طرفه.
قوله: «وركب به» بضم الراء وكسر الكاف على صيغة المجهول أي ركب به الراكب على الدابة، وضربها حتى لان.
قوله: «مخدج» بضم الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الدال المهملة بعدها جيم وهو السقيم الناقص الخلق.
قوله: «يخبث بها» بفتح أوله وسكون الخاء المعجمة وضم الموحدة ثم مثلثة أي يزني بها.
قوله: «عثكالًا» بكسر المهملة وسكون المثلثة هو العذف والشمراخ من النخل الذي يكون فيه أغصان كثيرة.

.[32/15] باب حكم من وقع على ذات محرم أو عَمل عمل قوم لوط أو أتى بهيمة وما جاء في التشديد في اللواط

4921 - عن البراء بن عازب قال: «لقيت خالي ومعه الراية، فقلت: أين تريد؟ قال: بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه وآخذ ماله» رواه الخمسة ولم يذكر ابن ماجة والترمذي أخذ المال وحسنه الترمذي وللحديث أسانيد كثيرة منها ما رجاله رجال الصحيح وقال المنذري: قد اختلف فيه اختلافًا كثيرًا.
4922 - وعن معاوية بن قرة عن أبيه: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثه إلى رجل عرس بامرأة أبيه فضرب عنقه وخمس ماله» ذكره ابن أبي خيثمة في "تاريخه"، وقال يحيى بن معين: هذا حديث صحيح.
4923 - وعن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به» رواه الخمسة إلا النسائي وأخرجه البيهقي والحاكم وقال: صحيح الإسناد وذكر له شاهدًا، وقال في "بلوغ المرام": رجاله موثقون إلا أن فيه اختلافًا، وفيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة» رواه الخمسة وقال في "بلوغ المرام": رجاله موثقون إلا أن فيه اختلافًا وألصقه بالحديث الذي قبله، وقال الترمذي: لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن أبي عمرو، وروى الترمذي وأبو داود من حديث عاصم عن أبي رزين عن ابن عباس أنه قال: «من أتى بهيمة فلا حد عليه» وذكر أنه أصح.
4924 - وعن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أن أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط» رواه ابن ماجة والترمذي وقال: حديث حسن غريب، والحاكم وقال: صحيح الإسناد.
4925 - وعن بريدة قال: «ما نقض قوم العهد إلا كان بينهم القتل، وما ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط الله عليهم الموت وما منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر» رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.
4926 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لعن الله من عمل عمل قوم لوط ثلاثًا» رواه ابن حبان في "صحيحه".
4927 - وعن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ينظر الله عز وجل إلى رجل أتى رجلًا أو امرأة في الدبر» رواه الترمذي وحسنه والنسائي وابن حبان في "صحيحه"، وقد تقدم في كتاب النكاح.

.[32/16] باب ما جاء فيمن وطئ جارية امرأته

4928 - عن النعمان بن بشير «أنه رفع إليه رجلٌ غشي جارية امرأته فقال: لأقضين فيها بقضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن كانت أحلتها لك جلدتك مائة، وإن كانت لم تحلها لك رجمتك» رواه الخمسة، وفي رواية عن النعمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «في الرجل يأتي جارية امرأته قال: إن كانت أحلتها له جلدته مائة، وإن لم يكن أحلتها له رجمته» رواه أبو داود والنسائي وقد تكلم في إسناد هذا الحديث قال الترمذي في إسناده اضطراب، وقال الخطابي: هذا الحديث غير متصل وليس العمل عليه، ونقل الترمذي عن البخاري أنه قال: أنا أتقي هذا الحديث وزاد أبو داود فوجدوه أحلتها له فجلده مائة.

.[32/17] باب ما جاء في المملوك إذا زنا جلد خمسين

4929 - عن علي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم» رواه أبو داود مرفوعًا ومسلم موقوفًا وفي إسناد أبي داود عبد الأعلى بن عامر التغلبي قال النسائي: ليس بذاك القوي.
4930 - وعن علي قال: «أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أمة سوداء زنت لأجلدها الحد قال: فوجدتها في دمها فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بذلك فقال: إذا تعالت من نفاسها فاجلدها خمسين» رواه عبد الله بن أحمد في المسند.
4931 - وعن عبد الله بن عباس بن أبي ربيعة المخزومي قال: «أمرني عمر بن الخطاب في فتية من قريش فجلدنا ولائد من ولائد الإمارة خمسين خمسين في الزنا» رواه مالك في "الموطأ" ويشهد لما في الباب قوله تعالى: {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء:25].
قوله: «إذا تعالت» بالعين المهملة أي خرجت.

.[32/18] باب السيد يقيم الحد على رقيقه

4932 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ولا يثرب عليها، ثم إن زنت فليجلدها ولا يثرب عليها، ثم إن زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر» متفق عليه، ورواه أحمد في رواية وأبو داود أنه قال في الرابعة «فإن عادت فليضربها كتاب الله، ثم ليبعها ولو بحبل من شعر».
4933 - وعنه وزيد بن خالد الجهني قال: «سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الأمة إذا زنت ولم تحصن، قال: إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم إن زنت فاجلدوها، ثم بيعوها ولو بصفر، قال ابن شهاب: لا أدري أبعد الثالثة أو الرابعة» متفق عليه.
4934 - وعن علي «أن خادمة للنبي - صلى الله عليه وسلم - أحدثت فأمرني النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أقيم عليها الحد فأتيتها فوجدتها لم تجف من دمها فأخبرته، فقال: إذا جفت من دمها فأقم عليها الحد» رواه مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه، وقد تقدم في باب تأخير الرجم عن الحبلى وتأخير الجلد عن ذي المرض المرجو زواله.
قوله: «لا يثرب» التثريب التغيير والتبكيت أي لا يقتصر على أن يبكتها بفعلها أو يسبها ويعطل الحد الواجب عليها.

.[32/19] باب ما جاء في حد المكاتب

4935 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أصاب المكاتب حدًا أو ورث ميراثًا يرث على قدر ما عتق منه» رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه وللدارقطني معناه وزاد «وأقيم عليه الحد بحساب ما عتق منه» وفي لفظ«المكاتب يعتق بقدر ما أدى ويقام عليه الحد بقدر ما عتق» ورواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه.

.[32/20] باب ما جاء في حد القذف

4936 - عن عائشة قالت: «لما أنزل عذري قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر فذكر ذلك وتلا القرآن، فلما نزل أمر برجلين وامرأة فضربوهم حدّهم» رواه الخمسة إلا النسائي وحسنه الترمذي وقال: لا نعرفه إلا من حديث محمد بن إسحاق.
4937 - وعن أبي هريرة قال سمعت أبا القاسم يقول: «من قذف مملوكه يقام عليه الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال» متفق عليه.
4938 - وعن أبي الزناد أنه قال: «جلد عمر بن عبد العزيز عبدًا في فرية ثمانين، قال أبو الزناد فسألت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن ذلك، فقال أدركت عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان والخلفاء هلم جرا ما رأيت أحدًا جلد عبدًا في فرية أكثر من أربعين» رواه مالك في "الموطأ" عنه والثوري في "جامعه".
قوله: «أمر برجلين وامرأة» الرجلان هما: حسان بن ثابت ومسطح، والمرأة حمنة بنت جحش.

.[32/21] باب ما جاء من التشديد في قذف المحصنات.

4939 - عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اجتنبوا السبع الموبقات قيل وما هن يا رسول الله قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل مال اليتيم والزنا والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات» أخرجاه، وقد تقدم.
4940 - وعن عمير بن عبيد الليثي عن أبيه، قال رجل من الصحابة «كم الكبائر يا رسول الله؟ قال: هنّ سبع أعظمهن الإشراك بالله وقتل المؤمن بغير الحق والفرار من الزحف وقذف المحصنات والسحر وأكل مال اليتيم وأكل الربا وعقوق الوالدين واستحلال البيت الحرام»، رواه الطبراني بإسناد ضعيف.
قوله: «قذف المحصنات» أي العفايف، قال تعالى: {مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء:24] والإحصان في اللغة: المنع، قال تعالى: {لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ} [الأنبياء:80] وفي الشرع مشترك بين أربعة معان بين الحرية والتزويج والإسلام والعفة، فمن الأول قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ} [المائدة:5]، ومن الثاني قوله: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء:24]، ومن الثالث قوله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ} [النساء:25] والرابع تقدم.

.[32/22] باب ما جاء فيمن أقر بالزنا بامرأة هل يكون قاذفًا لها

4941 - عن نعيم بن هزال قال: «كان ماعز بن مالك يتيمًا في حجر أبي فأصاب جارية من الحي فقال له أبي ائت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك فأتاه فقال: يا رسول الله إني زنيت فأقم عليّ كتاب الله فأعرض عنه فعاد، فقال يا رسول الله إني زنيت فأقم عليَّ كتاب الله فأعرض عنه، ثم أتاه الثالثة، فقال يا رسول الله إني زنيت فأقم عليَّ كتاب الله، ثم أتاه الرابعة، فقال: يا رسول الله! إني زنيت فأقم عليَّ كتاب الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنك قد قلتها أربع مرات فبمن؟ قال بفلانة، قال ضاجعتها؟ قال: نعم، قال: جامعتها؟ قال: نعم، فأمر به أن يرجم فخرج به إلى الحرة، فلما رجم فوجد مس الحجارة جزع فخرج يشتد فلقيه عبد الله بن أنيس، وقد أعجز أصحابه فنزع له بوصيف بعير فرماه به فقتله، ثم أتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكر له ذلك فقال: هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه» رواه أحمد وأبو داود وحسنه الحافظ.
4942 - وعن ابن عباس أن رجلًا من بكر بن ليث «أتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقر أنه زنا بامرأة أربع مرات فجلده مائة، وكان بكرًا ثم سأله البينة على المرأة فقالت: كذب يا رسول الله فجلده حد الفرية ثمانين»، رواه أبو داود والنسائي وقال: هذا حديث منكر انتهى، وقال المنذري: في إسناده القاسم بن فياض الأنباري الصنعاني تكلم فيه غير واحدٍ، قال ابن حبان بطل الاحتجاج به.
4943 - وتقدم قريبًا حديث سهل بن سعد «أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنه زنا بامرأة سماها، فأرسل - صلى الله عليه وسلم - إلى المرأة فدعاها فسألها فأنكرت فحده وتركها»، رواه أحمد وأبو داود.
قوله: «بوصيف» قال في "الدر النثير": الوصيف بطان منسوج بعضه على بعض يشد به الرحل للبعير كالحزام للسرج.

.[32/23] باب ما جاء في حد الشارب للمسكر وأن كل مسكر خمر

4944 - عن عمر «أن رجلًا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان اسمه عبد الله وكان يلقب حمارًا، وكان يضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - أحيانًا، وكان نبي الله قد حده مرة في الشراب فأتى به يومًا فأمر بجلده فجلد، فقال رجل من القوم اللهم العنه ما أكثر ما يؤتى به، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله» أخرجه البخاري.
4945 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي برجل قد شرب الخمر فجلد بجريدتين نحو أربعين، قال وفعله أبو بكر فلما كان عمر استشار الناس، فقال عبد الرحمن أخف الحدود ثمانين فأمر به عمر» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه.
4946 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جلد في الخمر بالجريد والنعال وجلد أبو بكر أربعين» متفق عليه.
4947 - وعن عقبة بن الحارث قال: «جيء بالنعمان أو ابن النعمان شاربًا فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كان في البيت أن يضربوه فكنت فيمن ضربه فضربناه بالنعال والجريد» رواه أحمد والبخاري.
4948 - وعن السائب بن يزيد قال: «كنا نؤتى بالشارب في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي إمارة أبي بكر، وصدرًا من إمرة عمر، فنقوم إليه هو فنضربه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا، حتى كان صدراً من إمارة عمر فجلد فيها أربعين حتى إذا عتوا فيها وفسقوا جلد ثمانين» رواه أحمد والبخاري.
4949 - وعن أبي هريرة قال: «أُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - برجل قد شرب فقال: اضربوه فقال أبو هريرة فمنا الضارب بيده والضارب بنعله والضارب بثوبه، فلما انصرف، قال بعض القوم أخزاك الله، قال لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان» رواه أحمد والبخاري وأبو داود.
4950 - وعن حضين بن المنذر قال: «شهدت عثمان بن عفان أُتي بالوليد قد صلى الصبح ركعتين، ثم قال أزيدكم فشهد عليه رجلان أحدهما حمران أنه شرب الخمر وشهد آخر أنه رآه يتقيأها، فقال عثمان إنه لم يتقيأها حتى شربها، فقال يا علي قم فاجلده، فقال عليّ قم يا حسن فاجلده، فقال الحسن ولّ حارها من تولى قارّها فكأنه وجد عليه، فقال يا عبد الله بن جعفر قم فاجلده، فجلده وعليٌ يعد حتى بلغ أربعين، فقال أمسك، ثم قال جلد النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعين وجلد أبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي» رواه مسلم.
قال في "المنتقي": وفيه من الفقه أن للوكيل أن يوكل وأن الشهادتين على شيء إذا آل معناها على شيء واحد جائزة كالشهادة على البيع والإقرار به وعلى القتل والإقرار به.
4951 - وعن علي قال: «ما كنت لأقيم حدًا على أحد فيموت وأجد في نفسي منه شيئًا إلا صاحب الخمر فإنه لو مات وديته وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يسنه» متفق عليه. وهو لأبي داود وابن ماجة وقالا فيه: «لم يسن فيه شيئًا إنما قلناه نحن».
4952 - وعن أبي سعيد قال: «جلد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخمر بنعلين أربعين فلما كان زمن عمر جعل به لكل نعل سوطًا» رواه أحمد والترمذي وحسنه.
4953 - وعن عبيد الله بن عدي بن الخيار أنه قال لعثمان: «قد أكثر الناس في الوليد فقال سنأخذ منه الحق إن شاء الله ثم دعى أمير المؤمنين عليًا فأمره أن يجلده فجلده ثمانين» مختصر من البخاري وفي رواية له «أربعين».
4954 - وقد جمع بينهما ما رواه أبو جعفر محمد بن علي «أن عليًا جلد الوليد بسوط له طرفان» رواه الشافعي في "مسنده" بإسناد منقطع.
4955 - وعن أبي سعيد قال: «أُتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجل نشوان، فقال إني لم أشرب خمرًا إنما شربت زبيبًا وتمرًا في دناة قال: فأمر به فنهر بالأيدي وخفق بالنعال ونهي عن الدنا ونهي الزبيب والتمر» يعني أن يخلطا. رواه أحمد وأصله في مسلم.
4956 - وعن السائب بن يزيد «أن عمر خرج عليهم فقال: إني وجدت من فلان ريح شراب فزعم أنه شرب الطلا وإني سائل عما شرب فإن كان مسكرًا جلدته فجلده عمر الحد تامًا» رواه النسائي والدارقطني ورجال إسناده ثقات وأخرجه في "الموطأ" وزاد «فسأل فقيل إنه مسكر».
4957 - وعن علي في شرب الخمر «أنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون جلدة» رواه الدارقطني ومالك بمعناه والشافعي وفي إسناده انقطاع.
4958 - وعن ابن شهاب «أنه سئل عن حد العبد في الخمر فقال: بلغني أن عليه نصف حد الحر في الخمر وأن عمر وعثمان وعبد الله بن عمر جلدوا عبيدهم نصف الحد في الخمر» رواه مالك في "الموطأ" بإسناد منقطع.
4959 - وعن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل مسكر خمر وكل مسكر حرام» رواه مسلم.
4960 - وعن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» رواه الخمسة وصححه ابن حبان، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب انتهى.
4961 - ولأحمد والدارقطني نحوه من حديث ابن عمر وسيأتي إن شاء الله تعالى في الأشربة.

.[32/24] باب ما جاء في قتل الشارب في الرابعة وبيان نسخه

4962 - عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاقتلوه» رواه أحمد من طريق الحسن البصري ولم يسمع من عبد الله بن عمرو، وفيه قال عبد الله «ايتوني برجل قد شرب الخمر في الرابعة فلكم علي أن أقتله».
4963 - وعن معاوية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في شارب الخمر: «إذا شرب فاجلدوه ثم شرب فاجلدوه ثم إذا شرب الثالثة فاجلدوه ثم إذا شرب الرابعة فاضربوا عنقه» رواه الخمسة واللفظ لأحمد، وقال البخاري: وهو أصح ما في هذا الباب.
4964 - وأخرجه أيضًا الشافعي والدارمي وابن المنذر وابن حبان وصححه من حديث أبي هريرة.
4965 - قال الترمذي: إنما كان هذا في أول الأمر ثم نسخ بعدُ. هكذا روى محمد بن اسحق عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد الرابعة فاقتلوه قال: ثم أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك برجل قد شرب في الرابعة فضربه ولم يقتله».
4966 - وعن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه فأتي برجل قد شرب فجلده ثم أتى به فجلده ثم أُتي به فجلده ثم أُتي به فجلده ثم أُتي به فجلده ورفع القتل» رواه أبو داود وللترمذي معناه وقبيصة من أولاد الصحابة ولم يذكر له سماع من النبي - صلى الله عليه وسلم - فالحديث مرسل ورجاله مع إرساله ثقات.
4967 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن سكر فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه فإن عاد في الرابعة فاضربوا عنقه» رواه الخمسة إلا الترمذي، وزاد أحمد، قال الزهري: «فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسكران في الرابعة فخلى سبيله».
4968 - ويشهد لحديث أبي هريرة حديث الشريد بن أوس الثقفي عند أحمد والأربعة والدارمي والطبراني وصححه الحاكم بنحوه.
4969 - وعن شرحبيل الكندي عند أحمد والطبراني وابن منده ورجاله ثقات.
4970 - وعن أبي الرمداء: براء مهملة مفتوحة وميم ساكنة ودال مهملة وبالمد عند الطبراني وابن منده، وفي إسناده ابن لهيعة وفيه: «أن النبي صلى الله وسلم أمر بضرب عنقه وأنه ضرب عنقه» وحكى الخطابي إجماع الأمة على نسخ قتل شارب الخمر في الرابعة وكذا حكى ابن المنذر عن بعض أهل العلم، وقال في "الهدي النبوي": أن قتل شارب الخمر في الثالثة أو الرابعة ليس بحد ولا منسوخ، وإنما هو تعزير يتعلق باجتهاد الإمام انتهى بلفظه.