فصل: (32/25) باب من وجد منه سكر أو ريح خمر ولم يعترف

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[32/25] باب من وجد منه سكر أو ريح خمر ولم يعترف

4971 - عن ابن عباس «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يئقت في الخمر حدًا، وقال ابن عباس: شرب رجل فسكر فلقى يميل في الفخ فانطلق به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما حاذى دار العباس انفلت فدخل على العباس فالتزمه فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فضحك، وقال: افعلها ولم يأمر فيه بشيء» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وقوى الحافظ إسناده، وقال أبو داود: وهذا مما تفرد به أهل المدينة.
4972 - وعن علقمة قال: «كنت بحمص فقرأ ابن مسعود سورة يوسف، فقال رجل ما هكذا أنزلت، فقال عبد الله والله لقرأتها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أحسنت فبينما هو يكلمه إذ وجد منه ريح الخمر، فقال: أتشرب الخمر وتكذب بكتاب الله فضربه الحد» متفق عليه. وحديث ابن عباس إنما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الحد على الرجل لكونه لم يقر لديه ولا قامت عليه بذلك شهادة عنده.

.[32/26] باب ما جاء في توقي الوجه في الحدود وأنها لا تقام في المساجد

4973 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا ضرب أحدكم فليتوقى الوجه» متفق عليه.
4974 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقام الحدود في المساجد» رواه الترمذي وقال: لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل المكي وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه انتهى، وقد أخرجه ابن ماجة، وأخرجه الحاكم من طريق أخرى فرواه من حديث سعيد بن بشير عن عمرو بن دينار عن طاووس عن ابن عباس رفعه بلفظ: «لا يقاد والد بولده، ولا تقام الحدود في المساجد» وأما ابن حزم فأعله بإسماعيل وسعيد، وقال: هما ضعيفان.
4975 - وقد تقدم في أبواب المساجد حديث حكيم بن حزام، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا تقام الحدود في المساجد، ولا يستقاد فيها» رواه أحمد وأبو داود بسند ضعيف، وأخرجه الدارقطني والحاكم وابن السكن والبيهقي، وقال في "التلخيص": لا بأس بإسناده.

.أبواب القطع في السرقة

.[13/27] باب ما جاء في كم تقطع يد السارق

4976 - عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم» رواه الجماعة وفي لفظ بعضهم «قيمته ثلاثة دراهم».
4977 - وعن عائشة قالت «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقطع يد السارق في ربع دينار فصاعدًا» رواه الجماعة إلا ابن ماجة وفي رواية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدًا» رواه البخاري والنسائي وأبو داود وفي رواية للبخاري: «تقطع اليد في ربع دينار فصاعدًا» وفي رواية لأحمد،
قال: «اقطعوا في ربع دينار ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك» وكان ربع الدينار يومئذٍ ثلاثة دراهم والدينار اثنا عشر درهمًا، وفي رواية للنسائي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تقطع يد السارق فيما دون ثمن المجن قيل لعائشة ما ثمن المجن؟قالت: ربع دينار».
4978 - وعن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده» قال الأعمش: كان يرون أنها بيضة الحديد والحبل كانوا يرون أن منها ما يساوي دراهم، متفق عليه. وليس لمسلم زيادة قول الأعمش.
قوله: «مجنّ» بكسر الميم وفتح الجيم وتشديد النون وهو الترس

.[32/28] باب ما جاء أنه لا قطع فيمن سرق شيئًا من الثمر حتى يحرز واعتبار الحرز في غير ذلك

4979 - عن رافع قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا قطع في ثمر ولا كثر» رواه الخمسة، قال في "بلوغ المرام": صححه الترمذي وابن حبان انتهى. وأخرجه الحاكم والبيهقي وصححه.
4980 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال: «سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الثمر المعلق، قال: من أصاب منه بفيه من ذوي حاجة غير متخذ خبنة فلا شيء عليه ومن خرج بشيء فعليه غرامة مثليه والعقوبة ومن سرق منه شيئاً بعد أن يئويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع» رواه النسائي وأبو داود والحاكم وصححه وحسنه الترمذي، وفي رواية: قال: «سمعت رجلًا من مزينة يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الحريسة التي تؤخذ في مرابعها قال: فيها ثمنها مرتين وضرب نكال، وما أخذ من عطنه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن، قال: يا رسول الله والثمار وما أخذ منها في أكمامها، قال: من أخذ بفمه ولم يتخذ خبنة فليس عليه شيء ومن احتمل فعليه ثمنه مرتين وضرب نكال، وما أخذ من أجرانه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن» رواه أحمد والنسائي ولابن ماجة معناه وزاد النسائي في آخره «وما لم يبلغ ثمن ففيه غرامه مثليه وجلدات نكال».
قوله: «ولا كثر» بفتح الكاف والثاء المثلثة وهو جمار النخل والجمار بالجيم شحم النخلة، قوله: «خبنة» بضم الخاء المعجمة وسكون الموحدة بعدها نون قال في "الدر النثير": الخبنة معطف الأزار وطرف الثوب ولا يتخذ خبنة أي لا يخبأ منه في محجرته، وفي "القاموس" الخبنة: ما تحمله في حضنك.
قوله: «الجرين»هو موضع تجفيف الثمر كما في "النهاية".
قوله: «الحريسة» بفتح الحاء المهملة وكسر الراء وسكون التحتية بعدها سين مهملة في "الدر النثير": حريسة الجبل أي فيما يحرس به لأنه ليس بحرز، وقيل الحريسة السرقة نفسها، يقال حرس يحرس حرسًا واحترس احتراسًا إذا سرق فهو حارس ويحترس أي ليس فيما سرق من الجبل قطع انتهى.
قوله: «في أكمامها» جمع كم بكسر الكاف وهو وعاء الطلع.

.[32/29] باب ما جاء فيمن سرق من المسجد رداء رجل نام عليه

4981 - عن صفوان بن أمية، قال: «كنت نائمًا في المسجد على خميصه لي فسرقت فأخذنا السارق فرفعناه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: وأمر بقطعة فقلت يا رسول الله أفي خميصة ثمن ثلاثين درهمًا أنا أهبها له أو أبيعها له، فقال: فهلا كان قبل أن تأتيني به» رواه الخمسة وصححه ابن الجارود والحاكم.
4982 - وله شاهد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال الحافظ: وسنده ضعيف، وفي رواية لأحمد والنسائي: «فقطعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -».
4983 - وعن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطع يد سارق سرق برنسًا من صفة النساء ثمنه ثلاثة دراهم» رواه أحمد وأبو داود والنسائي ومسلم بمعناه.
قوله: «خميصة» هي كساء أسود مربع له علامات.
قوله: «برنسًا» بضم الموحد وسكون الراء وضم النون وسين مهملة هو كل ثوب رأسه منه ملتزق به دراعه أو جبة أو غير ذلك، وقال الجوهري: هو قلنسوة طويلة كان النُسَّاك يلبسونها في صدر الإسلام من البرنس بكسر الباء القطن والنون زائدة وقيل غير عربي، وفي "جامع الأصول" و"سنن أبي داود" وغيرهما ترسًا بالمثناة من فوق وسكون الراء بعدها مهملة.
قوله: «صفة النساء» بضم الصاد وتشديد الفاء أي الموضع المختص من المسجد وصفة النساء موضع مصلا فيه.

.[32/30] باب ما جاء في المختلس، والمنتهب، والخاين والنباش وجاحد العارية

4984 - عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس على خاين ولا منتهب ولا مختلس قطع» رواه الخمسة وصححه الترمذي وأخرجه الحاكم والبيهقي وابن حبان وصححه.
4985 - وعن البراء بن عازب عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أنه من نبش قطعناه» رواه البيهقي في "خلافياته" وكذا في "المعرفة"، وقال: في إسناده بعض من يجهل. وقال البخاري في "تاريخه"، قال: هشيم حدثنا سهيل شهدت ابن الزبير قطع نباشًا.
4986 - وعن ابن عمر قال: «كانت مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها، فأتاها أهلها أسامة بن زيد فكلموه فكلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: يا أسامة لا أراك تشفع في حد من حدود الله عز وجل! ثم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا فقال: إنما هلك من كان قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه، والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - لقطعت يدها فقطع يد المخزومية» رواه أحمد ومسلم والنسائي، وفي رواية لأبي داود والنسائي: «استعارت امرأة يعني حليًا على ألسنة ناس يعرفون ولا تعرف هي فباعت فأخذت، فأتى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمر بقطع يدها وهي التي شفع فيها أسامة بن زيد، وقال فيها رسول - صلى الله عليه وسلم - ما قال».

.[32/31] باب ما جاء في مشروعية تلقين السارق الرجوع عن الإقرار والاستثبات في ذلك

4987 - عن أبي أمية المخزومي «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى بلص فاعترف اعترافًا ولم يؤخذ منه المتاع، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما أخالك سرقت، قال: بلى مرتين أو ثلاثًا، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اقطعوه» وفي رواية: «فأمر به فقطع ثم جيء به فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قل أستغفر الله وأتوب إليه، قال: أستغفر الله وأتوب إليه، فقال: اللهم تب عليه ثلاثًا» رواه أحمد وأبو داود واللفظ له ورواه النسائي ولم يقل مرتين أو ثلاثاً وابن ماجة وذكر مرة ثانية فيه، قال: «ما أخالك سرقت قال: بلى» وقال في "بلوغ المرام": ورجاله ثقات.
4988 - وأخرجه الحاكم من حديث أبي هريرة، وقال: «اذهبوا به فاقطعوه، ثم احسموه» وأخرجه البزاز أيضًا، وقال: لا بأس بإسناده، وقال في "خلاصة البدر": في إسناده مجهول أعله به الخطابي وعبد الحق والمنذري، وأما ابن السكن فذكره في "سننه الصحاح"، وأما الإمام فإنه قال في "نهايته": أنه متفق على صحته.
4989 - وعن القاسم بن عبد الرحمن عن علي قال: «لا تقطع يد السارق حتى يشهد على نفسه مرتين» حكاه أحمد في رواية مهنا واحتج به.
قوله: «ما أخالك سرقت» بفتح الهمزة وكسرها أي ما أظنك سرقت.

.[32/32] باب حسم يد السارق إذا قطعت واستحباب تعليقها في عنقه

4990 - عن أبي هريرة: «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتى بسارق قد سرق شملة فقالوا: يا رسول الله إن هذا قد سرق، فقال رسول الله ما أخاله سرق، فقال السارق: بلى يا رسول الله، فقال: اذهبوا به فاقطعوه، ثم احسموه، ثم أتوني به، فقطع ثم أتى به، فقال: تب إلى الله، قال: تبت إلى الله، قال: تاب الله عليك» رواه الدارقطني والحاكم والبيهقي وصححه ابن القطان، وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم، وضعفه الدارقطني بالإرسال وقد تقدم الإشارة إليه في حديث أبي أمية.
4991 - وعن عبد الرحمن بن محيريز، قال: «سألنا فضالة بن عبيد عن تعليق اليد في عنق السارق أمن السنة، قال: أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسارق فقطعت يده، ثم أمر بها فعلقت في عنقه» رواه الخمسة إلا أحمد وفي إسناده الحجاج بن أرطأة، قال النسائي: الحجاج ضعيف ولا يحتج بخبره، وقال ابن القطان: فيه مجهول، وأما ابن السكن فذكره في سننه الصحاح.

.[32/33] باب ما جاء في قتل السارق في الخامسة وما جاء في نسخه.

4992 - عن جابر قال: «جيء بسارق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: اقتلوه، فقالوا: يا رسول الله إنما سرق، قال: اقطعوه فقطع، ثم جيء به الثانية، فقال: اقتلوه فذكر مثله، ثم جيء به الثالثة فذكر مثله، ثم جيء به الرابعة كذلك، ثم جيء به الخامسة فقال اقتلوه» أخرجه أبو داود والنسائي واستنكره.
4993 - وأخرج من حديث الحارث بن حاطب نحوه، وذكر الشافعي أن القتل في الخامسة منسوخ، وقال عبد الحق: لا أعلم في الباب حديثًا صحيحًا، وقال النسائي: ليس بالقوي وهذا الحديث منكر ولا أعلم فيه حديثًا صحيحًا انتهى، وفي حديث الحارث بن حاطب أن أبا بكر، قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم بهذي حين قال اقتلوه» يعني في الأولى ولذا قال الجلال في "ضوء النهار": إن ذلك ظاهر في اختصاص ذلك السارق بالحكم لما علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمره فيكون قتله لعلة لم يعلمها غيره فلا قياس ولا عموم انتهى، وهو كلام جيد.

.[32/34] باب في السارق تقطع يده ثم يسرق فتقطع رجله

4994 - عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في السارق: «إذا سرق فاقطعوا يده، ثم إن شرق فاقطعوا رجله، ثم إن سرق فاقطعوا يده، ثم إن سرق فاقطعوا رجله» رواه الدارقطني بإسناد واه.
4995 - وعن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أُتي بسارق فقطع يده، ثم أُتي به ثانيًا فقطع رجله، ثم ثالثًا فقطع يده، ثم رابعًا فقطع رجله، ثم أُتي به خامسًا فقتله» رواه الدارقطني وضعفه، قلت: لأن في إسناده محمد بن يزيد بن سنان، قال الدارقطني: ضعيف.

.[32/35] باب ما جاء في السارق توهب السرقة بعد وجوب القطع والشفع فيه

4996 - عن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تعافوا الحدود فيما بينكم فما بلغني من حدٍ فقد وجب» رواه النسائي وأبو داود والحاكم وصححه، وهو من حديث عمرو بن شعيب وسنده إلى عمرو بن شعيب صحيح وقد تقدم هذا في باب العفو عن الحدود ما لم يبلغ السلطان.
4997 - وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن: «أن الزبير بن العوام لقي رجلًا قد أخذ سارقًا وهو يريد أن يذهب به إلى السلطان فشفع له الزبير ليرسله، فقال لا حتى أبلغ به السلطان، فقال الزبير: إنما الشفاعة قبل أن يبلغ به السلطان فإذا بلغ إليه فقد لعن الشافع والمشفع» رواه مالك في "الموطأ" والطبراني بإسناد منقطع وهو عند ابن أبي شيبة عن الزبير موقوفًا بسند حسن.
4998 - وعن عائشة: «أن قريشًا أهمهم أمر المخزومية التي سرقت، فقالوا من يكلم رسول الله ومن يجترئ عليه إلا أسامة حبّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فخطب، فقال: يا أيها الناس إنما ضلّ من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها» متفق عليه.

.[32/36] باب إقامة الحدود في الحضر والسفر وما جاء أن السارق إذا أقيم عليه الحد لا يغرم

4999 - عن عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «جاهدوا الناس في الله القريب والبعيد ولا تبالوا في الله لومة لائم وأقيموا الحدود في الحضر والسفر» رواه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه، قال في "مجمع الزوائد": إسناد أحمد ثقات ويشهد لصحته عمومات الكتاب والسنة لعدم الفرق بين القريب والبعيد والمقيم والمسافر.
5000 - وأما حديث بسر بن أرطأة «أنه وجد رجلًا سرق في الغزو فجلده ولم يقطع يده وقال: نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القطع في الغزو» رواه أحمد وأبو داود والنسائي فهو ضعيف لا يحتج به، وقال الترمذي: غريب وفي إسناده ابن لهيعة، وفي إسناد النسائي بقية بن الوليد ورجال إسناد أبي داود ثقات، ولفظه عنه قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ولا تقطع الأيدي في السفر ولولا ذلك لقطعته» ولم يذكر أبو داود أنه جلده وبسر بن أرطأة بضم الموحدة وسكون السين المهملة، قال المنذري قد اختلف في صحبته وكان يحيى بن معين لا يحسن الثناء عليه ونقل في "الخلاصة" عن ابن معين أنه قال لا صحبة له وأنه رجل سوء ولي اليمن وله فيها آثار قبيحة.
5001 - وعن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يغرم السارق إذا أقيم عليه الحد» رواه النسائي وبين أنه منقطع، وقال أبو حاتم: منكر.

.[32/37] باب ما جاء في المجنون أو الصغير يسرق أو يصيب حدًا

5002 - عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «رفع القلم عن ثلاثة النائم حتى يستيقظ وعن الصغير حتى يكبر وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق» رواه الخمسة إلا أحمد والترمذي وصححه الحاكم وأخرجه ابن حبان.
5003 - وعن بريدة في قصة ماعز لما أقر بالزنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أبه جنون؟ فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال أشرب خمرًا؟ فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر» رواه مسلم والترمذي وصححه.

.[32/38] باب ما جاء فيمن فعل ما يوجب القطع أو شيئًا مما يوجب الحد مكرهًا

5004 - عن ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» رواه ابن ماجة والحاكم، وقال أبو حاتم: لا يثبت، وقال النووي في "الروضة": أنه حديث حسن وأنكره أحمد بن حنبل وصححه ابن حبان والحاكم على شرط الشيخين وتقدم في الطلاق.

.[32/39] باب ما جاء في الستر على أهل الحدود وعدم إبلاغها إلى الإمام والحاكم

5005 - عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة» رواه الترمذي والحاكم، وقال: إسناده صحيح على شرط الشيخين وذكر له شاهدًا.
5006 - وعن يزيد بن نعيم عن أبيه «أن ماعز أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقر عنده أربع مرات فأمر برجمه، وقال لهزّال: لو سترته بثوبك كان خيرًا لك» رواه أبو داود والنسائي ونعيم هو ابن هزال الأسلمي وقد قيل لا صحبه له إنما الصحبة لأبيه.
5007 - وعن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أصاب حدًا فعجل عقوبته في الدنيا فالله أعدل من أن يثنى على عبده العقوبة في الآخرة ومن أصاب حدًا فستره وعفى عنه فالله أكرم من أن يعود في شيء قد عفى عنه» رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح غريب وأخرجه ابن ماجة والحاكم، وقال: صحيح على شرطهما وأقره الذهبي، وقال في "الهدي": إسناده جيد، وقال في "الفتح": إسناده حسن.

.[32/40] باب ما جاء في التعزير والحبس في التهم

5008 - عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «أقيلوا ذوي الهيآت وعثراتهم إلا الحدود» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن عدي والعقيلي، وقال: له طرق وليس فيها شيء يثبت، وقال ابن عدي: منكر الإسناد، وقال أبو زرعة: ضعيف، وقد صححه ابن حبان بدون الاستثناء ولفظه «زلاتهم» بدل «عثراتهم» وأما ابن السكن فأخرجه في سننه الصحاح بالاستثناء.
5009 - وعن أبي بردة بن نيار أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله» رواه الجماعة.
5010 - وعن ابن عباس قال: «لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المخنثين من الرجال، والمترجلات من النساء، وقال: أخرجوهم من بيوتكم» رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
5011 - وعن أبي هريرة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتي بمخنث قد خضب يديه ورجليه بالحناء، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما بال هذا؟ فقيل: يا رسول الله إنه يتشبه بالنساء فأمر به فنفي إلى النقيع، فقالوا: يا رسول الله ألا نقتله، قال: إني نهيت عن قتل المصلين» رواه أبو داود، قال المنذري رواه أبو داود عن أبي يسار القرشي عن أبي هشام عن أبي هريرة وفي متنه نكارة وأبو يسار هذا لا أعرف اسمه وقد قال أبو حاتم الرازي لما سئل عنه: مجهول وليس كذلك فإنه قد روى عنه الأوزاعي والليث فكيف يكون مجهولًا انتهى.
«والنقيع» بالنون ناحية من المدينة.
5012 - وقد تقدم في كتاب النكاح حديث عائشة وفيه إخراج المخنث إلى البيداء وأنه كان يدخل كل جمعة يستطعم، رواه أبو داود.
5013 - وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «حبس رجلًا في تهمة، ثم خلا عنه» رواه الخمسة، وقال الحاكم: صحيح الإسناد.
5014 - وأخرج له شاهدًا من حديث أبي هريرة وفيه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حبس رجلًا في تهمة يومًا وليلة».

.[32/41] باب ما جاء في المحاربين وقطاع الطريق

5015 - عن قتادة عن أنس «أن ناسًا من عكل وعرينة قدموا على النبي - صلى الله عليه وسلم - وتكلموا بالإسلام فاستوخموا المدينة فأمر لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بذود وراع وأمرهم أن يخرجوا فليشربوا من أبوالها وألبانها فانطلقوا حتى إذا كانوا بناحية الحرة كفروا بعد إسلامهم وقتلوا راعي النبي - صلى الله عليه وسلم - واستقاوا الذود فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعث الطلب في آثارهم فأتي بهم فأمر بهم فسمروا أعينهم وقطعوا أيديهم وتركوا في ناحية الحرة حتى ماتوا على حالهم» رواه الجماعة وزاد البخاري: «قال قتادة: بلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يحث على الصدقة وينهانا عن المثلة» وفي رواية لأحمد والبخاري وأبي داود: «قال قتادة: فحدثني ابن سيرين ان ذلك كان قبل أن تنزل الحدود» وللبخاري وأبي داود في هذا الحديث: «فأمر بمسامير فأحميت فكحلهم وقطع أيديهم وأرجلهم وما حسمهم، ثم ألقوا في الحرة فيستقون فما سقوا حتى ماتوا» وفي رواية النسائي «فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وصلبهم».
5016 - وعن سليمان التيمي عن أنس قال: «إنما سمل النبي - صلى الله عليه وسلم - أعين أولئك لأنهم سملوا أعين الراعي» رواه مسلم والنسائي والترمذي.
5017 - وعن أبي الزناد «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قطع الذين سرقوا ألقاحه وسمل أعينهم بالنار عاتبه الله في ذلك فأنزل الله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا} [المائدة:33] الآية» رواه أبو داود والنسائي ورجاله رجال الصحيح إلا أنه مرسل، وقد وصله أبو الزناد من طريق عبد الله بن عبيد الله بن عمر عن عمر كما في سنن أبي داود في الحدود.
5018 - وقد أخرج له شاهدًا أبو داود والنسائي من حديث ابن عباس.
5019 - وعند البخاري وأبي داود عن أبي قلابة أنه قال في العرنيين: «فهؤلاء قوم سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله» وهو يشير إلى أنه سبب نزول الآية.
5020 - وعن ابن عباس في قطاع الطرق: «إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا وإذا أخذوا المال قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا مالًا نفوا من الأرض» رواه الشافعي في "مسنده" وفي إسناده إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى وهو ضعيف.
قوله: «بناحية الحرة» قد تقدم أن الحرة أرض ذات حجارة سود.
قوله: «فأمر بهم» في رواية البخاري «فلما ارتفع النهار جيء بهم».
قوله: «فسمروا» بالسين المهملة تشديد الميم، وفي رواية للبخاري «وسمرت أعينهم» وفي رواية لمسلم «وسمل أعينهم» بتخفيف الميم واللام.