فصل: (33/36) باب جواز تنفيل بعض الجيش إذا كان له من العناية والمقاتلة ما لم يكن لغيره

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[33/36] باب جواز تنفيل بعض الجيش إذا كان له من العناية والمقاتلة ما لم يكن لغيره

5269 - عن سلمة بن الأكوع وفيه قصة إغارة عبد الرحمن الفزاري على سرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستنقاذه منه، قال: فلما أصبحنا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة، ثم قال: أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهم الفارس وسهم الراجل فجعلهما لي جميعًا» رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
5270 - وعن سعد بن أبي وقاص قال: «جئت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر بسيف فقلت: يا رسول الله! إن الله قد شفى صدري اليوم من العدو فهب لي هذا السيف فقال: إن هذا السيف ليس لي ولا لك فذهبت وأنا أقول يعطاه اليوم من لم يبل بلائي فبينا أنا إذ جاءني رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: أجب فظننت أنه نزل في شيء بكلامي فجئت فقال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - إنك سألتني هذا السيف وليس هو لي ولا لك وإن الله قد جعله لي فهو لك ثم قرأ {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ} [لأنفال:1] إلى آخر الآية» رواه أحمد وأبو داود، وقال المنذري في "مختصر السنن" أخرجه مسلم مطولًا نحوه والترمذي والنسائي انتهى، وأخرجه الحاكم في "المستدرك"، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
قوله: «سرح» بفتح السين المهملة وسكون الراء بعدها حاء مهملة، قال في "الدر النثير" السرح والسارح والسارحة الماشية.

.[33/37] باب ما جاء في تنفيل سرية الجيش عليه واشتراكهما في الغنائم

5271 - عن حبيب بن سلمة: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نفل الربع بعد الخمس في بدايته ونفل الثلث بعد الخمس في رجعته» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة وصححه ابن الجارود وابن حبان والحاكم.
5272 - وعن عبادة بن الصامت «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينفل في البداية الربع وفي الرجعة الثلث» رواه أحمد وابن ماجة والترمذي وحسنه، وفي رواية: «كان إذا غاب في أرض العدو نفل الربع وإذا أقبل راجعًا وكل الناس نفل الثلث وكان يكره الأنفال ويقول ليرد قوي المؤمنين على ضعيفهم» رواه أحمد وصححه ابن حبان.
5273 - وعن معن بن يزيد قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا نفل إلا بعد الخمس» رواه أحمد وأبو داود وصححه الطحاوي.
5274 - وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش والخمس في ذلك كله واجب».
5275 - وعنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: «بعث سرية قبل نجد فخرجت فيها فبلغت سهامنا اثني عشر بعيرًا ونفلنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيرًا بعيرًا» متفق عليهما، وفي رواية، قال: «بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سرية قبل نجد فأصبنا نعمًا كثيرًا فنفلنا أميرنا بعيرًا بعيرًا لكل إنسان ثم قدمنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقسم بيننا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنيمتنا فأصاب كل واحد منا اثني عشر بعيرًا بعد الخمس وما حاسبنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالذي أعطانا صاحبنا ولا عاب عليه ما صنع فكان لكل واحد منا ثلاثة عشر بعيرًا بنفله» رواه أبو داود، قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم بنحوه وقد تقدم.
5276 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويجير عليهم أقصاهم وهم يد على من سواهم يرد مشدهم على مضعفهم ومشرّبهم على قاعدهم» رواه أبو داود، وقال أحمد في رواية أبي طالب، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «السرية ترد على العسكر والعسكر ترد على السرية» وحديث عمرو بن شعيب أخرجه أيضًا ابن ماجة وسكت عنه أبو داود والمنذري.
5277 - وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" من حديث ابن عمر مطولًا.
قوله: «يرد مشدُّهم على مضعفهم» أي: يرد من كان له فضل قوة على من كان ضعيفًا والمتسري الذي يخرج في السرية.

.[33/38] باب ما جاء في الصفي الذي كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسهمه مع غيبته

5278 - عن يزيد بن عبد الله قال: «كنا بالمربد إذ دخل رجل معه قطعة أديم فقرأناها فإذا فيها من محمد رسول الله إلى بني زهير بن قيس إنكم إن شهدتم أنه لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأديتم الخمس من المغنم وسهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وسهم الصفي أنتم آمنون بأمان الله ورسوله فقلنا: من كتب لك هذا؟ قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أبو داود والنسائي وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله رجال الصحيح ويزيد بن عبد الله هو ابن الشخير.
5279 - وعن عامر الشعبي قال: «كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - سهم يدعى الصفي إن شاء عبدًا وإن شاء أمة وإن شاء فرسًا يختاره قبل الخمس».
5280 - وعن ابن عوف قال: «سألت محمدًا عن سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - والصفي قال: كان يضرب له بسهم مع المسلمين وإن لم يشهد والصفي يؤخذ له رأس من الخمس قبل كل شيء» رواهما أبو داود مرسلًا ورجالهما ثقات.
5281 - وعن عائشة قالت: «كانت صفية من الصفي» رواه أبو داود ورجاله رجال الصحيح وأخرجه ابن حبان والحاكم وصححه.
5282 - وعن ابن عباس: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تنفل سيفه ذو الفقار يوم بدر وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أُحد» رواه أحمد والترمذي، وقال حديث حسن غريب إنما نعرفه من هذا الوجه من حديث أبي الزناد وأخرجه ابن ماجة والحاكم وصححه.
قوله: «ذو الفقار» قال في "مختصر النهاية": ذو الفقار بالفتح سيف العاص ابن أمية قتل يوم بدر كافرًا فصار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم إلى علي.
قوله: «رأى فيه الرؤيا» أي: رأى أن فيه فلولًا فعبره بقتل واحد من أهله فقتل حمزة رضي الله عنه.

.[33/29] باب من يرضخ له من الغنيمة

5283 - عن ابن عباس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغزو بالنساء فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة وأما بسهم فلم يضرب لهن».
5284 - وعنه -أيضًا- أنه كتب إلى نجدة الحروري: «سألت عن المرأة والعبد هل كان لهما سهم معلوم إذا حضر الناس، وإنه لم يكن لهما سهم معلوم من غنائم القوم» رواهما أحمد ومسلم.
5285 - وعن ابن عباس قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المرأة والمملوك من الغنائم دون ما يصيب الجيش» رواه أحمد وأخرج نحوه أبو داود والترمذي وصححه.
5286 - وعن عمير مولى آبي اللحم قال: «شهدت خيبر مع سادتي فكلموا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فأمرني فقلدت سيفًا فإذا أنا أجره، فأخبر أني مملوك فأمر لي بشيء من خرثى المتاع» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه، وابن ماجة والحاكم وصححه.
5287 - وعن حشرج بن زياد عن جدته أم أمية «أنها خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة خيبر سادس ست نسوة فبلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعث إلينا فجئنا فرأينا فيه الغضب، فقال: مع من خرجتن؟ فقلنا: يا رسول الله! خرجنا نغزل الشعر، ونعين في سبيل الله، ومعانا دواء للجرحى، ونناول السهام ونسقي السويق، فقال: قمن فانصرفن. حتى إذا فتح الله عليه بخيبر أسهم لنا كما أسهم للرجال، قال: فقلت لها يا جدة! وما كان ذلك؟ قالت: تمرًا» رواه أحمد وأبو داود في إسناده حشرج وهو مجهول كما في "التلخيص"، قال الخطابي: في إسناده ضعف لا تقوم به حجة.
5288 - وعن الزهري «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسهم لقوم من اليهود قاتلوا معه» رواه الترمذي مرسلًا وحسنه، وأبو داود في مراسيله.
5289 - وعن الأوزاعي قال: «أسهم النبي - صلى الله عليه وسلم - للصبيان بخيبر» رواه الترمذي مرسلًا، قال في "المنتقى": ويحمل الإسهام فيه وفيما قبله على الرضخ.
قوله: «نجدة» بفتح النون وسكون الجيم بعدها دال مهملة، والحروري نسبة إلى حروراء، وهي قرية بالكوفة.
قوله: «يحذين» بالحاء المهملة والذال المعجمة أي: يعطين.
قوله: «آبي اللحم» هو اسم فاعل من أبى يأبى، قال أبو عبيد: كان حرم اللحم على نفسه فسمي آبي اللحم.
قوله: «من خرثى المتاع» بالخاء المعجمة المضمومة وسكون الراء المهملة بعدها مثلثة وهو سقطه، قال في "النهاية": هو أثاث البيت.
قوله: «حشرج» بفتح الحاء المهملة وسكون الشين المعجمة وبعدها راء مهملة مفتوحة وجيم.
قوله: «عن جدته» هي أم زياد الأشجعية، وليس لها سوى هذا الحديث.

.[33/40] باب الإسهام للفارس والراجل

5290 - عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أسهم للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم: سهم له، وسهمان لفرسه» رواه أحمد وأبو داود، وفي لفظ متفق عليه «أسهم للفرس سهمين وللرجل سهمًا» وفي لفظ ابن ماجة «أسهم للفرس سهمان وللرجل سهم».
5291 - وعن المنذر بن الزبير عن أبيه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطى الزبير سهمًا وأمه سهمًا وفرسه سهمين» رواه أحمد، قال في "مجمع الزوائد": ورجال أحمد ثقات. وفي لفظ للنسائي: «ضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر للزبير أربعة أسهم: سهم للزبير، وسهم لذي القربى لصفية أم الزبير، وسهمين للفرس».
5292 - وعن أبي عمرة عن أبيه قال: «أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة نفر، ومعنا فرس فأعطى كل إنسان منا سهمًا، وأعطى الفرس سهمين» رواه أحمد وأبو داود، واسم هذا الصحابي عمرو بن محصن، وفي إسناده المسعودي عبد ا لرحمن بن عبد الله، وفيه مقال.
5293 - وعن أبي رهم قال: «غزونا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا وأخي ومعنا فرسان، فأعطانا ستة أسهم: أربعة أسهم لفرسينا وسهمين لنا» رواه الدارقطني وأبو يعلى والطبراني، وفي إسناده إسحاق بن أبي فروة وهو متروك.
5294 - وعن أبي كبشة الأنماري قال: «لما فتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة كان الزبير على المجنبة اليسرى، وكان المقداد على المجنبة اليمنى، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة وهدأ الناس جاء بفرسهما فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح الغبار عنهما، وقال: إني جعلت للفرس سهمين وللفارس سهمًا، فمن نقصها نقصه الله» رواه الدارقطني والطبراني، وفي إسناده عبد الله بن بسر الحيراني، ضعفه الجمهور ووثقه ابن حبان.
5295 - وعن مجمع بن حارثة الأنصاري قال: «قسمت خيبر على أهل الحديبية فقسمها رسول الله ثمانية عشر سهمًا، وكان الجيش ألفًا وخمسمائة فيهم ثلاثمائة فارس، فأعطى الفارس سهمين والراجل سهمًا» رواه أبو داود وقال: حديث ابن عمر أصح، قال: وأرى الوهم في حديث مجمع أنه قال: ثلاثمائة فارس، وإنما كانوا مائتي فارس، وقال الحافظ في "الفتح": إن في إسناده ضعف.. انتهى. وقد تأول هذا الحديث وما في معناه بأن المراد أسهم للفارس بسبب فرسه سهمين غير سهمه المختص به.

.[33/41] باب الإسهام لمن غيبه الإمام في مصلحة

5296 - عن ابن عمر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام -يعني: يوم بدر- فقال: إن عثمان انطلق في حاجة الله وحاجة رسوله، وأنا أبايع له فضرب له رسول الله - صلى الله عليه وسلم – بسهم ولم يضرب لأحد غاب غيره» رواه أبو داود، وسكت عنه هو والمنذري ورجال إسناده ثقات، وفي رواية للبخاري «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشار بيده اليمنى وقال: هذه يد عثمان عن بدلها، وضرب بها على يده اليسرى، وقال: هذه البيعة لعثمان».
5297 - وعنه -أيضًا- قال: «لما تغيب عثمان عن بدر فإنه كانت تحته بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت مريضة فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن لك أجر رجل وسهمه» رواه أحمد والبخاري والترمذي وصححه.

.[33/42] باب ما جاء من الإسهام لتجار العسكر وأجراهم

5298 - عن خارجة بن يزيد قال: «رأيت رجلًا سأل أبي عن الرجل يغزو ويشتري ويبيع ويتجر في غزوه فقال له: إنا كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتبوك نشتري ونبيع، وهو يرانا ولا ينهى» رواه ابن ماجة بإسناد ضعيف.
5299 - ويشهد له ما أخرجه أبو داود، وسكت عنه هو والمنذري عن عبد الله بن سليمان أن رجلًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - حدثه قال: «لما فتحنا خيبر أخرجوا غنائمها من الأمتاع والسبي، فجعل الناس يبتاعون غنائمهم، فجاء رجل فقال: يا رسول الله! لقد ربحت ربحًا ما ربح اليوم مثله أحد من أهل هذا الوادي فقال: ويحك! ما ربحت؟ فقال: ما زلت أبيع وأبتاع حتى ربحت ثلاثمائة أوقية.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنبئك بخير رجل ربح. قال: وما هو يا رسول الله؟ قال: ركعتين بعد الصلاة»
.
5300 - وعن يعلى بن منبه قال: «أذن رسول الله بالغزو وأنا شيخ كبير ليس لي خادم، فالتمست أجيرًا يكفيني وأجري له سهمه، فوجدت رجلًا فلما دنا الرحيل أتاني، فقال: ما أدري ما السهمان، وما يبلغ سهمي؟ فسم لي شيئًا كان السهم أو لم يكن، فسميت له ثلاثة دنانير، فلما حضرت غنيمته أردت أن أجري له سهمه فذكرت الدنانير، فجئت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت أمره فقال: ما أجد له في غزوته هذه في الدنيا والآخرة إلا دنانيره التي سمى» رواه أبو داود والحاكم وصححه.
5301 - وقد صح أن سلمة بن الأكوع كان أجيرًا لطلحة حين أدرك عبد الرحمن بن عيينة لما أغار على سرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «فأعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهم الفارس والراجل» وهذا المعنى لأحمد ومسلم في حديث طويل، قال في "المنتقى": يحمل هذا على أجير يقصد مع الخدمة الجهاد والذي قبله على من لا يقصده أصلًا جمعًا بينهما، ويعلى هو ابن أمية ومنبه أمه ينسب تارة إلى أبيه وتارة إلى أمه.

.[33/43] باب ما جاء أنه يجوز للإمام أن يعطي بعض من لحق من المدد دون بعض

5302 - عن أبي موسى قال: «بلغنا مخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن باليمن فخرجنا مهاجرين إليه أنا وأخوان لي أحدهما أبو بردة والآخر أبو رهم، إما قال: في بضعة وإما قال: في ثلاثة وخمسين أو اثنين وخمسين رجلًا من قومي فركبنا سفينة فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة فوافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده، فقال جعفر: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثنا ها هنا وأمرنا بالإقامة، قال: فأقمنا معه حتى قدمنا جميعًا فوافينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح خيبر فأسهم لنا أو قال: أعطانا منها. وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئًا إلا لمن شهد معه إلا لأصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه قسم لهم معهم» متفق عليه.
5303 - وعن أبي هريرة «أنه حدث سعيد بن العاص أن رسول الله بعث إبان ابن سعيد بن العاص على سرية من المدينة قبل نجد، فقدم أبان بن سعيد وأصحابه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر بعد أن فتحها، وإن حزم خيلهم ليف، فقال إبان: اقسم لنا يا رسول الله. قال أبو هريرة: لا تقسم لهم يا رسول الله. قال إبان: أنت بها يا وبر تحدر علينا من رأس ضال. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اجلس يا إبان. ولم يقسم لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أبو داود والبخاري تعليقًا.
قوله: «أبو رهم» بضم الراء وسكون الهاء.
قوله: «ليف» بكسر اللام وسكون التحتية بعدها فاء وهو معروف.
قوله: «يا وبر» بفتح الواو وسكون الموحدة دابة صغيرة وحشية كالسنور أراد تحقير أبي هريرة، فإنه لم يبلغ قدر من يشير في عطاء ومنع، وأنت بها أي: وأنت بهذا المكان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع كونك لست من أهله ولا من قومه ولا من بلاده، وللبخاري «وأنت بهذا».
قوله: «تحدر» بالحاء المهملة وتشديد الدال المهملة، وفي رواية للبخاري «تدلى»، وهو بمعناه والضال السدر، وفي رواية «ضان» بالنون وهو رأس الجبل.

.[33/44] باب ما جاء في إعطاء المؤلفة قلوبهم

5304 - عن أنس قال: «لما فتحت مكة قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - تلك الغنائم في قريش، فقالت الأنصار: إن هذا هو العجب! إن سيوفنا تقطر من دمائهم وإن غنائمنا ترد عليهم. فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فجمعهم فقال: ما الذي بلغني عنكم؟ قالوا: هو الذي بلغك. وكانوا لا يكذبون، فقال: أما ترضون أن يرجع الناس بالدنيا إلى بيوتهم وترجعون برسول الله إلى بيوتكم؟ فقالوا: بلى. فقال: لو سلك الناس واديًا أو شعبًا وسلكت الأنصار واديًا أو شعبًا لسلكت وادي الأنصار وشعب الأنصار» متفق عليه، وفي رواية للبخاري: «لولا الهجرة لكنت امرًا من الأنصار، الأنصار شعار والناس دثار» وفي رواية: «قال أناس من الأنصار حين أفاء الله على رسوله ما أفاء من أموال هوازن فطفق يعطي رجالًا المائة من الإبل، فقالوا: يغفر الله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطي قريشًا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم! فحدث بمقالتهم، فجمعهم وقال: إني أعطي رجالًا حديثي عهد بكفر أتألفهم، أما ترغبون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبون بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إلى رحالكم؟ فوالله لما تنقلبون به خير من ما ينقلبون به. قالوا: يا رسول الله! قد رضينا» متفق عليه.
5305 - وعن ابن مسعود قال: «لما آثر النبي - صلى الله عليه وسلم - أناسًا في القسمة فأعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل، وأعطى عيينة مثل ذلك، وأعطى أناسًا من أشراف العرب وآثرهم في القسمة، قال رجل: والله إن هذه لقسمة ما عدل فيها وما أريد فيها وجه الله، فقلت: والله لأخبرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته. فقال: فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله؟ ثم قال له: رحم الله موسى قد أوذي بأكثر من هذا فصبر» متفق عليه.
5306 - وعن عمرو بن تغلب «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتي بمال أو بسبي فقسمه، فأعطى قومًا ومنع آخرين، فكأنهم عتبوا عليه، فقال: إني أعطي أقوامًا أخاف ضلعهم وجزعهم، وأكل أقوامًا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الخير والغناء منهم عمرو بن تغلب. فقال عمرو بن تغلب: ما أحب أن لي بكلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمر النعم» رواه أحمد والبخاري. قال في "المنتقى": والظاهر أن إعطاءهم كان من سهم المصالح من الخمس، ويحتمل أن يكون نفلًا من أربعة أخماس الغنيمة عند من يجيز التنفيل منها.
قوله: «واديًا» الوادي المكان المنخفض، والشعب بكسر الشين المعجمة المكان المنفرج بين جبلين.
قوله: «إلى رحالكم» بالحاء المهملة أي: بيوتكم.
قوله: «ضلعهم» بفتح الضاد المعجمة واللام وهو الاعوجاج.

.[33/45] باب حكم أموال المسلمين إذا أخذها الكفار ثم ظفر بها المسلمون بعد ذلك

5307 - عن عمران بن الحصين قال: «أسرت امرأة من الأنصار وأصيبت العضباء، فكانت المرأة في الوثاق، وكان القوم يريحون نعمهم بين بيوتهم، فانفلتت ذات ليلة من الوثاق فأتت الإبل فجعلت إذا دنت من البعير رغا فتتركه حتى ينتهي إلى العضباء فلم ترغ، قال: وهي ناقة منوقة -وفي رواية-: مدربة قعدت في عجزها ثم زجرتها فانطلقت ونذروا بها فأعجزتهم، قال: ونذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرها. فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له ذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: سبحان الله! بئس ما جزتها، نذرت لله إن نجاها الله لتنحرها! لا وفاء لنذر في معصية، ولا في ما لا يملك العبد» رواه أحمد ومسلم.
5308 - وعن ابن عمر «أنه ذهب فرس له فأخذه العدو وظهر عليهم المسلمون، فرد عليه في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأبق عبد له فلحق بأرض الروم فظهر عليهم المسلمون فرده عليه ابن الوليد بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -» رواه البخاري وأبو داود وابن ماجة، وفي رواية «أن غلامًا لابن عمر أبق إلى العدو فظهر عليهم المسلمون فرده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ابن عمر ولم يقسم» رواه أبو داود.
قوله: «العضباء» بفتح العين المهملة وسكون الضاد المعجمة بعدها باء موحدة هي ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قوله: «وانفلتت» بالنون والفاء أي: المرأة.
قوله: «منوقة» بالنون والقاف: أي: مذللة.
قوله: «مدربة» بالدال المهملة والراء المشددة المفتوحة بعدها موحدة، هي المؤدبة المعودة للركوب.
قوله: «نذروا بها» بضم الموحدة وكسر الذال المعجمة، وشرح النووي بفتح النون أي: علموا بها.

.[33/46] باب ما يجوز أخذه من نحو الطعام والعلف بغير قسمة

5309 - عن ابن عمر قال: «كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه» رواه البخاري.
5310 - وعنه «أن جيشًا غنموا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - طعامًا وعسلًا فلم يؤخذ منهم خمس» رواه أبو داود وابن حبان وصححه ابن حبان والبيهقي، ورجح الدارقطني وقفه.
5311 - وعن عبد الله بن المغفل قال: «أصبت جرابًا من شحم يوم خيبر فالتزمته فقلت: لا أعطي اليوم أحدًا من هذا شيئًا. فالتفت فإذا رسول الله متبسمًا» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وزاد الطيالسي في "مسنده" بإسناد صحيح «فقال: هو لك».
5312 - وعن ابن أبي أوفى قال: «أصبنا يوم خيبر طعامًا وكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينطلق» رواه أبو داود وصححه الحاكم وابن الجارود.
5313 - وعن القاسم مولى عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كنا نأكل الجزر في الغزو ولا نقسمه، حتى إن كنا لنرجع إلى رحالنا وأخرجتنا مملوءة منه» رواه أبو داود، وقال المنذري: تكلم في القسم غير واحد.. انتهى. وفي إسناده أيضًا ابن حرش مجهول.
قوله: «عبد الله بن المغفل» بالمعجمة والفاء بوزن محمد.
قوله: «جرابًا» بالجيم المكسورة.
قوله: «فالتزمته» في رواية للبخاري «فنزوت» بالنون والزاي أي: وثبت مسرعًا.
قوله: «الجزر» بضم الجيم والزاي جمع جزور، وهو الواحد من الإبل يقع على الذكر والأنثى، ويجمع على جزائر كما في "مختصر النهاية".