فصل: (33/63) باب جواز مصالحة المشركين على المال وإن كان مجهولًا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[33/63] باب جواز مصالحة المشركين على المال وإن كان مجهولًا

5400 - عن ابن عمر قال: «أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر وقاتلهم حتى ألجأهم إلى قصرهم وغلبهم على الأرض والزرع والنخل، فصالحوه على أن يجلوا منها ولهم ما حملت ركابهم، ولرسول الله الصفراء والبيضاء والحلقة وهي السلاح، ويخرجون منها واشترط عليهم ألا يكتموا ولا يغيبوا شيئًا فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد فغيبوا مسكًا فيه مال وحلي لحيي بن أخطب كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النضير، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعم حيي واسمه سعية ما فعل مسك حيي الذي جاء به من النضير؟ فقال: أذهبته النفقات والحروب. فقال العهد قريب والمال أكثر من ذلك. وقد كان حيي قتل قبل ذلك فدفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعية إلى الزبير فمسه بعذاب، فقال: رأيت حيي يطوف في خربة هاهنا فذهبوا فطافوا فوجدوا المسك في الخربة فقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابني أبي الحقيق وأحدهما زوج صفية بنت حيي بن أخطب، وسبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءهم وذراريهم، وقسم أموالهم بالنكث الذي نكثوا وأراد أن يجليهم منها، فقالوا: يا محمد دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها ونقوم عليها ولم يكن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولأصحابه غلمان يقومون عليها، وكانوا لا يفرغون أن يقوموا عليها فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر من كل زرع وسني ما بدا لرسول الله، وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم في كل عام فيخرصها عليهم ثم يضمنهم الشطر فشكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شدة خرصه، وأرادوا أن يرشوه فقال عبد الله: تطعموني السحت، والله لقد جئتكم من عند أحب الناس إلي ولأنتم أبغض إلي من عدتكم من القردة والخنازير، ولا يحملني بغضي إياكم وحبي إياه على أن لا أعدل عليكم. فقالوا: بهذا قامت السماوات والأرض، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطي كل امرأة من نسائه ثمانين وسقًا من تمر كل عام، وعشرين وسقًا من شعير، فلما كان زمن عمر غشوا فألقوا ابن عمر من فوق بيت ففدعوا يده، فقال عمر بن الخطاب: من كان له سهم بخيبر فليحضر حتى نقسمها بينهم فقسمها عمر بينهم.
فقال رئيسهم: لا تخرجنا، دعنا نكن فيها كما أقرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر. فقال عمر لرئيسهم: أتراه سقط علي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كيف بك إذا رقصت بك راحلتك نحو الشام يومًا ثم يومًا وقسمها عمر بين من كان شهد خيبر من أهل الحديبية»
رواه البخاري، هكذا عزاه إلى البخاري صاحب "المنتقى" وصاحب "جامع الأصول"، ولم أجد في البخاري إلا طرفًا من هذا الحديث، قال في "فتح الباري": وقع للحميدي نسبة رواية حماد بن سلمة مطولة جدًا إلى البخاري، وكأنه نقل السياق من "مستخرج البرقاني" وذهل عن عزوه إليه، وقد نبه الإسماعيلي على أن حمادًا كان يطوله تارة ويرويه تارة مختصرًا.. انتهى. فما وقع من صاحب "جامع الأصول" وصاحب "المنتقى" من العزو إلى البخاري لعله متابعة للحميدي وأخرج هذا الحديث أبو داود مختصرًا.
5395 - وعن رجل من جهينة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لعلكم تقاتلون قومًا فتظهرون عليهم فيتقونكم بأموالهم دون أنفسهم وأبنائهم فتصالحوهم على صلح، فلا تصيبوا منهم فوق ذلك فإنه لا يصلح» رواه أبو داود وابن ماجة، وفي إسناده مجهول لأنه من رواية رجل من ثقيف عن رجل من جهينة.
5396 - وقد رواه أبو داود من طريق خالد بن معدان عن جبير بن نفير فذكر نحوه.
قوله: «على أن تجلوا منها» بالجيم أي: ترحلوا عنها.
قوله: «الحلقة» بفتح الحاء المهملة وسكون اللام هي السلاح كما فسرت في متن الحديث.
قوله: «مسكا» بفتح الميم وسكون السين المهملة، والمسك الجلد.
قوله: «لحيي» بضم الحاء المهملة تصغير حي، وأخطب بالخاء المعجمة، وسعية بفتح السين المهملة وسكون العين المهملة -أيضًا- بعدها تحتية.
قوله: «ابني أبي الحقيق» بمهملة وقافين مصغرًا وهو رأس يهود خيبر.
قوله: «ما بدا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -» في لفظ للبخاري «نقركم على ذلك ما شئنا».
قوله: «ففدعوا يده» الفدع: بفتح الفاء والدال المهملة بعدها عين مهملة، زوال المفصل، وقيل عوج في المفاصل.
قوله: «فقال رئيسهم لا تخرجنا» في رواية للبخاري في الشروط «وقد رأيت إجلاءهم فلما أجمع.. إلخ» ففي الكلام محذوف أي لما أجمع عمر على إجلائهم قال رئيسهم، وليس سبب إجلائهم ما وقع منهم إلى عبد الله بن عمر بل قوله - صلى الله عليه وسلم - «أخرجوا اليهود من جزيرة العرب» ونحوه.
قوله: «إذا رقصت بك راحلتك» أي: ذهبت وأسرعت، وهو من إخباره - صلى الله عليه وسلم - بالمغيبات.

.[33/64] باب ما جاء في من سار نحو العدو في آخر مدة الصلح بغتة

5397 - عن سليم بن عامر قال: «كان معاوية يسير بأرض الروم، وكان بينه وبينهم أمد، فأراد أن يوفيهم فإذا نقض الأمد غزاهم، فإذا شيخ على دابة يقول: الله أكبر، الله أكبر. وفاء لا غدر إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقده ولا يشدها حتى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم عهدهم على سواء فبلغ ذلك معاوية فرجع فإذا الشيخ عمرو بن عبسة» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وأخرجه النسائي.
قوله: «أو ينبذ إليهم عهدهم» النبذ في أصل اللغة الطرح.

.[33/65] باب ما جاء في محاصرة الكفار وإنزالهم على حكم رجل من المسلمين

5398 - عن أبي سعيد «أن أهل قريظة نزلوا على حكم سعد بن معاذ فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى سعد فأتاه على حمار، فلما دنى قريبًا من المسجد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قوموا إلى سيدكم أو خيركم فقعدوا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن هؤلاء نزلوا على حكمك. قال: فإني أحكم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم. فقال: قد حكمت بما حكم به الملك». وفي لفظ: «قضيت بحكم الله عز وجل» متفق عليه، وفي رواية «لقد حكمت اليوم فيهم بحكم الله الذي حكم به من فوق سبع سماوات» قال ابن إسحاق: فخندقوا لهم خنادق وضربت أعناقهم فجرى الدم في الخندق، وقسم أموالهم ونساءهم وأبناءهم على المسلمين، وأسهم للخيل.
5399 - وثبت عند الترمذي والنسائي وابن حبان من حديث جابر بإسناد صحيح أنهم كانوا أربعمائة مقاتل.
قوله: «الملك» بكسر اللام.

.[33/66] باب أخذ الجزية وعقد الذمة

5400 - عن عمر «أنه لم يأخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مجوس هجر» رواه أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي، وفي رواية أن عمر ذكر المجوس، فقال: «ما أدري كيف أصنع في أمرهم، فقال له عبد الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: سنوا بهم سنة أهل الكتاب» رواه الشافعي و"الموطأ" من رواية جعفر بن محمد عن أبيه عن عمر، ورجاله ثقات إلا أنه منقطع.
5401 - وعن المغيرة بن شعبة أنه قال لعامل كسرى: «أمرنا نبينا أن نقاتلكم حتى تعبدوا الله وحده أو تؤدوا الجزية» رواه أحمد والبخاري.
5402 - وعن ابن عباس قال: «مرض أبو طالب فجاءته قريش وجاءه النبي - صلى الله عليه وسلم - وشكوه إلى أبي طالب، فقال: يا ابن أخي ما تريد من قومك؟ فقال: أريد منهم كلمة تدين لهم بها العرب، وتؤدي إليهم بها العجم الجزية. قال: كلمة واحدة؟ قال: كلمة واحدة لا إله إلا الله، قالوا: إلهًا واحدًا ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة، إن هذا إلا اختلاق. قال: فنزل فيهم القرآن {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [صّ:1] إلى قوله: {إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلاقٌ} [صّ:7]» رواه أحمد والترمذي، وقال: حديث حسن.
5403 - وعن عمر بن عبد العزيز «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى أهل اليمن: إن على كل إنسان منكم دينارًا كل سنة أو قيمته من المعافر» يعني: أهل الذمة منهم. رواه الشافعي في "مسنده"، وهو مرسل.
5404 - لكن يشهد له حديث معاذ المتقدم في باب صدقة المواشي من كتاب الزكاة، وأخرجه الخمسة إلا ابن ماجة وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم وغيره، وفيه أنه أمره - صلى الله عليه وسلم - «أن يأخذ من كل حالم دينارًا، أو عدله معافر».
5405 - وعن عمرو بن عوف الأنصاري «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أبا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو صالح أهل البحرين، وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي» متفق عليه.
5406 - وعن الزهري قال: «قبل رسول الله الجزية من أهل البحرين وكانوا مجوسًا» رواه أبو عبيد في الأموال مرسلًا، وفي الباب ما يشهد له.
5407 - وعن أنس «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة، فأخذوه فأتوا به فحقن دمه وصالح على الجزية» رواه أبو داود ورجال إسناده ثقات وفيه عنعنة ابن إسحاق، وقال في "الخلاصة": إسناده حسن.. انتهى. وهو دليل على أنها لا تختص بالعجم لأن أكيدر دومة عربي من غسان.
5408 - وعن ابن عباس قال: «صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل نجران على ألفي حلة، النصف في صفر والبقية في رجب، يؤدونها إلى المسلمين، وعارية ثلاثين درعًا وثلاثين فرسًا، وثلاثين بعيرًا، وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح يغزون بها، والمسلمون ضامنون بها حتى يردوها عليهم إن كان باليمن كيد ذات غدر على أن لا يهدم لهم بيعة ولا يخرج لهم قس ولا يفتنوا عن دينهم ما لم يحدثوا حدثًا أو يأكلون الربا» أخرجه أبو داود من رواية السدى عن ابن عباس، وفي سماعه منه نظر.
5409 - وعن ابن شهاب قال: «أول ما أعطى الجزية من أهل الكتاب أهل نجران وكانوا نصارى» رواه أبو عبيد في الأموال مرسلًا.
5410 - وعن ابن عباس قال: «كانت المرأة تكون مقلاة فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار فقالوا: لا ندع أبناءنا. فأنزل الله عز وجل: {لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} [البقرة:256]» رواه أبو داود من طرق والنسائي، ولا بأس برجالهما، قال في "المنتقى": وهو دليل على أن الوثني إذا تهود يقر، ويكون كغيره من أهل الكتاب.
5411 - وعن ابن أبي نجيح قال: «قلت لمجاهد: ما شأن أهل الشام عليهم أربعة دنانير وأهل اليمن عليهم دينار؟ قال: جعل ذلك من قبيل اليسار» أخرجه البخاري.
5412 - وعن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يصلح قبلتان في أرض، وليس على مسلم جزية» رواه أحمد وأبو داود ورجال إسناده ثقات.
5413 - وعن رجل من بني تغلب أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليس على المسلمين عشور، إنما العشور على اليهود والنصارى» رواه أحمد وأبو داود والبخاري في "تاريخه"، وبين اضطرابه، وقال: لا يتابع عليه.
5414 - وعن أنس «أن امرأة يهودية أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاة مسمومة فأكل منها، فجيء بها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألها عن ذلك فقالت: أردت أن أقتلك. فقال: ما كان الله ليسلطك علي. فقالوا: ألا نقتلها؟ قال: لا فما زالت أعرفها في لهوات رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه أحمد ومسلم. قال في "المنتقى": وهو دليل على أن العهد لا ينتقض بمثل هذا الفعل.
قوله: «المعافر» بمهملة وفاء اسم قبيلة، وبها سميت الثياب ونسبت إليها.
قوله: «أكيدر» بضم الهمزة تصغير أكدر.
قوله: «قس» بضم القاف وتشديد المهملة، هو رئيس النصارى كما في القاموس.
قوله: «مقلاة» بكسر الميم وسكون القاف، قال في "مختصر النهاية": هي المرأة التي لا يعيش لها ولد.
قوله: «عشور» جمع عشر، قال الخطابي: يريد عشور التجارات دون عشور الصدقات.

.[33/67] باب ما جاء من إخراج اليهود من جزيرة العرب

5415 - عن ابن عباس قال: «اشتد برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجعه يوم الخميس، وأوصى عند موته بثلاث: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم. ونسيت الثالثة» متفق عليه. والقائل: نسيت الثالثة سليمان الأحول أحد رواته.
5416 - وعن عمر أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلمًا» رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه.
5417 - وعن عائشة قالت: «آخر ما عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن قال: لا يترك بجزيرة العرب دينان» رواه أحمد ورجال إسناده ثقات، وقد صرح ابن إسحق بالتحديث فيه فقال: حدثني صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة.
5418 - وعن أبي عبيدة بن الجراح قال: «آخر ما تكلم به النبي - صلى الله عليه وسلم -: أخرجوا يهود أهل الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب» رواه أحمد والبيهقي.
قوله: «ونسيت الثالثة» قيل هي تجهيز أسامة، وقيل قوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تتخذوا قبري وثنًا».
قوله: «جزيرة العرب» هي ما بين عدن أبين إلى أطراف الشام طولًا، ومن جدة إلى ريف العراق عرضًا.

.[33/68] باب ما جاء في بدايتهم بالتحية واضطرارهم إلى ضيق الطريق وصفة الرد على من سلم منهم

5419 - عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تبدوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقها» متفق عليه.
5420 - وعن أنس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم» متفق عليه، وفي رواية لأحمد «فقولوا: عليكم» بغير واو.
5421 - وعن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن اليهود إذا سلم أحدهم إنما يقول: السام عليكم. فقل: عليك» متفق عليه، وفي رواية لأحمد ومسلم: «وعليك» بالواو.
5422 - وعن عائشة قالت: «دخل رهط من اليهود على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: السام عليك. قالت عائشة: ففهمتها فقلت: عليكم السام واللعنة. قالت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مهلًا يا عائشة! إن الله يحب الرفق في الأمر كله. فقلت: يا رسول الله ألم تسمع ما قالوا؟ قال: قد قلت: وعليكم» متفق عليه، وفي لفظ «عليكم» أخرجاه.
5423 - وعن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إني راكب غدًا إلى يهود فلا تبدؤهم بالسلام، وإذا سلموا عليكم فقولوا: وعليكم» رواه أحمد، والسام: الموت.

.[33/69] باب قسمة خمس الغنيمة ومصرف الفيء

5424 - عن جبير بن مطعم قال: «مشيت أنا وعثمان إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلنا: أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا. فقال: إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد. قال جبير: ولم يقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - لبني عبد شمس ولا لبني نوفل شيئًا» رواه أحمد والنسائي وابن ماجة. وفي رواية «لما قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - سهم ذوي القربى من خيبر بين بني هاشم وبني المطلب جئت أنا وعثمان بن عفان فقلنا: يا رسول الله! هؤلاء بنو هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله عز وجل فيهم، أرأيت إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا، وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة. قال: إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام، وإنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد. ثم شبك بين أصابعه» رواه أحمد والنسائي وأبو داود والبرقاني، وذكر أنه على شرط مسلم.
5425 - وعن علي قال: «اجتمعت أنا والعباس وفاطمة وزيد بن حارثة عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله! أرأيت أن تولينا حقنا من هذا الخمس في كتاب الله فاقسمه في حياتك كيلا ينازعنا أحد بعدك فافعل؟ قال: ففعل ذلك. قال: فقسمته حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم ولاني أبو بكر حتى إذا كان آخر سنة من سني عمر فإنه أتاه مال كثير» رواه أحمد وأبو داود وزاد: «فعزل حقنا، فقلت: بنا عنه العام غنى وبالمسلمين حاجة فاردده عليهم. ثم لم يدعني إليه أحد بعد عمر» وفي إسناده حسين بن ميمون الخندقي، قال أبو حاتم: ليس بالقوي يكتب حديثه. وقال ابن المديني: ليس بمعروف. وقال البخاري: لا يتابع عليه.
5426 - وعنه قال: «ولاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس الخمس، فوضعته في مواضعه حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحياة أبي بكر وحياة عمر» رواه أبو داود وفي إسناده أبو جعفر الرازي عيسى بن ماهان، وقيل عبد الله بن ماهان مختلف فيه، قال في التقريب: صدوق سيئ الحفظ.
5427 - وعن يزيد بن هرمز «أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن الخمس لمن هو فكتب إليه ابن عباس كتبت تسألني عن الخمس لمن هو، فإنا نقول: هو لنا فأبى علينا قومنا ذلك» رواه أحمد ومسلم، وفي رواية «أن نجدة الحروري حين خرج في فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذوي القربى لمن تراه؟ فقال: هو لنا لقربى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم، وقد كان عمر عرض علينا شيئًا منه دون حقنا فرددناه إليه، وأبينا أن نقبله، وكان الذي عرض عليهم أن يعين ناكحهم، وأن يقضي عن غارمهم، وأن يعطي فقيرهم، وأبى أن يزيدهم على ذلك» رواه أحمد والنسائي.
5428 - وعن عمر بن الخطاب قال: «كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، فكانت للنبي - صلى الله عليه وسلم - وكان ينفق على أهله نفقة سنة، وفي لفظ يحبس لأهله قوت سنتهم ويجعل ما بقي في السلاح والكراع عدة في سبيل الله» متفق عليه.
5429 - وعن عوف بن مالك «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أتى الفيء قسمه في يومه فأعطى الأهل حظين وأعطى العرب حظًا» رواه أبو داود وذكره أحمد في رواية أبي طالب، وقال: حديث حسن.
5430 - وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما أعطيكم ولا أمنعكم إنما أنا قاسم أضع حيث أمرت» رواه البخاري.
5431 - وعن زيد بن أسلم «أن ابن عمر دخل على معاوية فقال: حاجتك يا أبا عبد الرحمن؟ فقال عطاء المحررين: فإني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أول ما جاء شيء بدأ بالمحررين» رواه أبو داود، وفي إسناده هشام بن سعد وفيه مقال.
5432 - وعن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو قد جاءني مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا، فلم يجيء حتى قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر مناديًا فنادى من كان له عند رسول الله دين أو عدة فليأتنا. فأتيته، فقلت: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لي كذا وكذا، فحثى لي حثية، فقال: عدها فإذا هي خمس مائة،، فقال: خذ مثليها» متفق عليه.
5433 - وعن عمر بن عبد العزيز «أنه كتب أن من سأل عن مواضع الفيء فهو ما حكم فيه عمر بن الخطاب. فرآه المؤمنون عدلًا موافقًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: جعل الله الحق على لسان عمر، وقلبه، فرض الأعطية، وعقد لأهل الأديان ذمة ما فرض الله عليهم من الجزية، ولم يضرب فيها بخمس ولا مغنم» رواه أبو داود وفي إسناده مجهول، وفيه انقطاع لأن عمر بن عبد العزيز لم يدرك عمر.
5434 - وقد أخرج أبو داود من حديث أبي ذر قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الله تعالى وضع الحق على لسان عمر يقول به» وأخرجه ابن ماجة، وفي إسناده ابن إسحق.
5435 - وعن مالك بن أوس قال: «كان عمر يحلف على أيمان ثلاث: والله ما أحد أحق بهذا المال من أحد، وما أنا أحق به من أحد، ووالله ما من المسلمين أحد إلا وله في هذا المال نصيب إلا عبدًا مملوكًا، ولكنا على منازلنا من كتاب الله وقسمنا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فالرجل وبلاؤه في الإسلام، والرجل وقدمه في الإسلام، والرجل وعناؤه في الإسلام، والرجل وحاجته، والله لأن بقيت لهم لآتين الراعي بجبل صنعاء حظه من هذا المال وهو يرعى مكانه» رواه أحمد في "مسنده" والبيهقي.
5436 - وعن عمر «أنه قال يوم الجابية وهو يخطب الناس: إن الله عز وجل جعلني خازنًا لهذا المال وقاسمًا له، ثم قال: بل الله قاسمه وأنا بادي بأهل النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أشرفهم. ففرض لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عشرة آلاف إلا جويرية وصفية وميمونة. فقالت عائشة: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يعدل بيننا، فعدل بينهن عمر. ثم قال: إني بادي بأصحابي المهاجرين الأولين فإنَّا أخرجنا من ديارنا ظلمًا وعدوانًا، ثم أشرفهم ففرض لأصحاب بدر خمسة آلاف، ولمن كان شهد بدرًا من الأنصار أربعة آلاف، وفرض لمن شهد أحدًا ثلاثة آلاف، قال: ومن أسرع بالهجرة أسرع به في العطاء، ومن أبطأ في الهجرة أبطأ به في العطاء، فلا يلومن رجل إلا مناخ راحلته» رواه أحمد، قال في "مجمع الزوائد": ورجاله ثقات.
5437 - وعن قيس بن أبي حاتم قال: «كان عطاء البدريين خمسة آلاف، وقال عمر: لأفضلنهم على من بعدهم».
5438 - وعن نافع مولى ابن عمر «أن عمر كان فرض للمهاجرين الأولين أربعة آلاف وفرض لابن عمر ثلاثة آلاف وخمس مائة فقيل له: هو من المهاجرين فلم نقصته من أربعة آلاف؟ قال: إنما هاجر به أبوه. يقول: ليس هو كمن هاجر بنفسه».
5439 - وعن أسلم مولى عمر قال: «خرجت مع عمر بن الخطاب إلى السوق فلحقت عمر امرأة شابة، فقالت: يا أمير المؤمنين! هلك زوجي وترك صبية صغارًا والله ما ينضجون كراعًا ولا لهم زرع ولا ضرع، وخشيت أن تأكلهم الضبع، وأنا بنت خفاف بن أنماء الغفاري، وقد شهد أبي الحديبية مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوقف معها عمر ولم يمض، وقال: مرحبًا بنسب قريب. ثم انصرف إلى بعير ظهير كان مربوطًا في الدار فحمل عليه غرارتين ملاهما طعامًا وجعل بينهما نفقة وثيابًا ثم ناولها خطامه وقال: اقتاديه فلن يفنى هذا حتى يأتيكم الله. فقال رجل: يا أمير المؤمنين.. أكثرت لها! قال: ثكلتك أمك، فوالله إني لأرى أبا هذه وأخاها قد حاصرا حصنًا زمانًا فافتتحاه فأصبحنا نستفي سهمًا لها فيه» أخرجهن البخاري.
5440 - وعن محمد بن علي «أن عمر لما دون الدواوين قال: بمن ترون أبدأ؟ فيقل له: ابدأ بالأقرب فالأقرب لك. قال: بل أبدأ بالأقرب فالأقرب برسول الله - صلى الله عليه وسلم -» رواه الشافعي.
قوله: «شيء واحد» بالشين المعجمة المفتوحة.
قوله: «المحرورين» جمع محرور وهو الذي صار حرًا بعد أن كان عبدًا.
قوله: «ما ينضجون» بضم أوله ثم نون ثم ضاد معجمة ثم جيم أي لم يبلغوا إلى سن من يقدر على الذبخ.
قوله: «الضبع» بضم الباء وسكونها معروف.
قوله: «خفاف» بضم الخاء المعجمة وفائين خفيفتين بينهما ألف.
قوله: «ثكلتك أمك» الثكل بالضم الموت والهلاك.
قوله: «نستفي» قال في "النهاية": أي نأخذها لأنفسنا ونقسمها.