فصل: تفسير الآيات (31- 33):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (31- 33):

{وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آَدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33)}
{آدم} أصله: أأدم بهمزتين، إلا أنهم ليَّنُوا الثانية، وإذا حركت قلبت واو، كما قالوا في الجمع أوادم، قاله الأخفش. واختلف في اشتقاقه؛ فقيل: من أديم الأرض، وهو وجهها. وقيل: من الأدمة، وهي: السمرة. قال في الكشاف: وما آدم إلا اسم عجميّ، وأقرب أمره أن يكون على فاعل كآزر، وعازر، وعابر، وشالخ، وفالغ، وأشباه ذلك. و{الأسماء} هي العبارات، والمراد: أسماء المسميات، قال بذلك أكثر العلماء، وهو المعنى الحقيقي للاسم. والتأكيد بقوله: {كُلَّهَا} يفيد أنه علمه جميع الأسماء، ولم يخرج عن هذا شيء منها كائناً ما كان.
وقال ابن جرير: إنها أسماء الملائكة وأسماء ذرية آدم، ثم رجع هذا، وهو غير راجح.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: أسماء الذرية.
وقال الربيع بن خيثم: أسماء الملائكة.
واختلف أهل العلم: هل عرض على الملائكة المسميات، أو الأسماء؟ والظاهر الأوّل؛ لأن عرض نفس الأسماء غير واضح. وعرض الشيء: إظهاره، ومنه عرض الشيء للبيع. وإنما ذكر ضمير المعروضين تغليباً للعقلاء على غيرهم. وقرأ ابن مسعود: {عَرضهنّ} وقرأ أبَي: {عرضها} وإنما رجع ضمير {عرضهم} إلى مسميات مع عدم تقدم ذكرها؛ لأنه قد تقدّم ما يدل عليها، وهو: أسماؤها. قال ابن عطية: والذي يظهر أن الله علَّم آدم الأسماء، وعرض عليه مع ذلك الأجناس أشخاصاً، ثم عرض تلك على الملائكة، وسألهم عن أسماء مسمياتها التي قد تعلمها آدم، فقال لهم آدم: هذا اسمه كذا، وهذا اسمه كذا. قال الماوردي: فكان الأصح توجه العرض إلى المسمين. ثم في زمن عرضهم قولان: أحدهما: أنه عرضهم بعد أن خلقهم. الثاني أنه صوّرهم لقلوب الملائكة، ثم عرضهم.
وأما أمره سبحانه للملائكة بقوله: {أَنبِئُونِى بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صادقين} فهذا منه تعالى لقصد التبكيت لهم مع علمه بأنهم يعجزون عن ذلك. والمراد {إِن كُنتُمْ صادقين} أن بني آدم يفسدون في الأرض فأنبؤني، كذا قال المبرد،.
وقال أبو عبيد، وابن جرير: إن بعض المفسرين قال: معنى {إِن كُنتُمْ صادقين} إذ كنتم، قالا: وهذا خطأ. ومعنى {أنبئوني} أخبروني. فلما قال لهم ذلك اعترفوا بالعجز، والقصور: {سبحانك لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا}. وسبحان منصوب على المصدرية عند الخليل وسيبويه، وقال الكسائي: هو منصوب على أنه منادى مضاف، وهذا ضعيف جداً. والعليم للمبالغة والدلالة على كثرة المعلومات. والحكيم: صيغة مبالغة في إثبات الحكمة له. ثم أمر الله سبحانه آدم أن يعلمهم بأسمائهم بعد أن عرضهم على الملائكة فعجزوا، واعترفوا بالقصور، ولهذا قال سبحانه: {أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ} الآية. قال فيما تقدم {أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30] ثم قال هنا {أَعْلَمُ غَيْبَ السموات والأرض} تدرّجاً من المجمل إلى ما هو مبين بعض بيان، ومبسوط بعض بسط، وفي اختصاصه بعلم غيب السموات، والأرض ردّ لما يتكلفه كثير من العباد من الإطلاع على شيء من علم الغيب كالمنجمين، والكهان، وأهل الرمل، والسحر، والشعوذة.
والمراد بما يبدون، وما يكتمون: ما يظهرون، ويسرّون كما يفيده معنى ذلك عند العرب، ومن فسره بشيء خاص فلا يقبل منه ذلك إلا بدليل.
وقد أخرج الفريابي، وابن سعد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن عباس، قال: إنما سمي آدم، لأنه خلق من أديم الأرض.
وأخرج نحوه عبد بن حميد، وابن جرير، عن سعيد بن جبير.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {وَعَلَّمَ ءادَمَ الاسماء كُلَّهَا} قال: علمه اسم الصحفة، والقدر، وكل شيء.
وأخرج ابن جرير، عنه نحوه.
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، عنه في تفسير الآية قال: عرض عليه أسماء ولده إنساناً إنساناً، والدواب، فقيل هذا الجمل، هذا الحمار، هذا الفرس.
وأخرج الحاكم في تاريخه، وابن عساكر، والديلمي عن عطية بن بُشر مرفوعاً في قوله: {وَعَلَّمَ ءادَمَ الأسماء كُلَّهَا} قال: علم الله آدم في تلك الأسماء ألف حرفة من الحرف، وقال له: قل لأولادك، ولذريتك إن لم تصبروا عن الدّنيا، فاطلبوها بهذه الحرف، ولا تطلبوها بالدين، فإن الدين لي وحدي خالصاً، ويل لمن طلب الدنيا بالدين ويل له.
وأخرج الديلمي عن أبي رافع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثلت لي أمتي في الماء والطين، وعلمت الأسماء كلها كما علم آدم الأسماء كلها».
وأخرج ابن جرير، عن ابن زيد في تفسير الآية قال: أسماء ذريته أجمعين {ثُمَّ عَرَضَهُمْ} قال: أخذهم من ظهره.
وأخرج عن الربيع بن أنس قال: أسماء الملائكة.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس {ثُمَّ عَرَضَهُمْ} يعني عرض أسماء جميع الأشياء التي علمها آدم من أصناف الخلق. {فَقَالَ أَنبِئُونِى} يقول أخبروني {بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صادقين} إن كنتم تعلمون أني لم أجعل في الأرض خليفة {قَالُواْ سبحانك} تنزيها الله من أن يكون يعلم الغيب أحد غيره تبنا إليك {لاَ عِلْمَ لَنَا} تبرؤا منهم من علم الغيب {إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا} كما علمت آدم.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد قال: عرض أصحاب الأسماء على الملائكة.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس في قوله: {إِنَّكَ أَنتَ العليم الحكيم} قال: العليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمه.
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود، وناس من الصحابة في قوله: {إِن كُنتُمْ صادقين} أن بني آدم يفسدون في الأرض، ويسفكون الدماء {وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ} قال: قولهم {أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا} {وَمَا كُنْتَم تَكْتُمُونَ} يعني: ما أسرّ إبليس في نفسه من الكبر.
وأخرج ابن جرير، عن ابن عباس قال: {مَا تُبْدُونَ} ما تظهرون {وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ} يقول: أعلم السرّ كما أعلم العلانية.

.تفسير الآية رقم (34):

{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34)}
{إِذْ} متعلق بمحذوف تقديره: واذكر إذ قلنا.
وقال أبو عبيدة: {إذ} زائدة، وهو ضعيف.
وقد تقدم الكلام في الملائكة، وآدم. السجود معناه في كلام العرب: التذلل والخضوع. وغايته وضع الوجه على الأرض. قال ابن فارس: سجد إذا تطامن، وكل ما سجد، فقد ذلّ، والإسجاد: إدامة النظر.
وقال أبو عمر: وسجد إذا طأطأ رأسه. وفي هذه الآية فضيلة لآدم عليه السلام عظيمة حيث أسجد الله له ملائكته. وقيل: إن السجود كان لله ولم يكن لآدم، وإنما كانوا مستقبلين له عند السجود، ولا ملجئ لهذا، فإن السجود للبشر قد يكون جائزاً في بعض الشرائع بحسب ما تقتضيه المصالح.
وقد دلت هذه الآية على أن السجود لآدم، وكذلك الآية الأخرى أعني قوله: {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُواْ لَهُ ساجدين} [الحجر: 29] وقال تعالى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى العرش وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَا} [يوسف: 100] فلا يستلزم تحريمه لغير الله في شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أن يكون كذلك في سائر الشرائع. ومعنى السجود هنا: هو وضع الجبهة على الأرض، وإليه ذهب الجمهور.
وقال قوم: هو مجرد التذلل، والانقياد.
وقد وقع الخلاف هل كان السجود من الملائكة لآدم قبل تعليمه الأسماء أم بعده؟ وقد أطال البحث في ذلك البقاعي في تفسيره. وظاهر السياق أنه وقع التعليم، وتعقبه الأمر بالسجود، وتعقبه إسكانه الجنة، ثم إخراجه منها، وإسكانه الأرض.
وقوله: {إِلاَّ إِبْلِيسَ} استثناء متصل؛ لأنه كان من الملائكة على ما قاله الجمهور.
وقال شهر بن حوشب، وبعض الأصوليين: كَانَ مِنَ الجن الذين كانوا في الأرض. فيكون الاستثناء على هذا منقطعاً. واستدلوا على هذا بقوله تعالى: {لا يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6] وبقوله تعالى: {إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الجن} [الكهف: 50] والجنّ غير الملائكة، وأجاب الأوّلون بأنه لا يمتنع أن يخرج إبليس عن جملة الملائكة، لما سبق في علم الله من شقائه عدلاً منه {لا يُسْألُ * عَمَّا يَفْعَلُ} [الأنبياء: 23] وليس في خلقه من نار ولا تركيب الشهوة فيه حين غضب عليه ما يدفع بأنه من الملائكة وأيضاً على تسليم ذلك لا يمتنع أن يكون الاستثناء متصلاً، تغليباً للملائكة الذين هم ألوف مؤلفة على إبليس الذي هو فرد واحد بين أظهرهم. ومعنى {أبى} امتنع من فعل ما أمر به. والاستكبار: الاستعظام للنفس، وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: «أن الكبر بطَرَ الحق، وغمط الناس» وفي رواية: «غمص» بالصاد المهملة {وَكَانَ مِنَ الكافرين} أي: من جنسهم. قيل: إن {كان} هنا بمعنى صار.
وقال ابن فورك: إنه خطأ ترده الأصول.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: كانت السجدة لآدم، والطاعة لله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: سجدوا كرامة من الله أكرم بها آدم.
وأخرج ابن عساكر عن إبراهيم المزني قال: إن الله جعل آدم كالكعبة.
وأخرج ابن أبي الدنيا، وابن أبي حاتم وابن الأنباري عن ابن عباس قال: كان إبليس اسمه عزازيل، وكان من أشراف الملائكة من ذوي الأجنحة الأربعة، ثم أبلس بعد.
وروى ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عنه قال: إنما سمي إبليس؛ لأن الله أبلسه من الخير كله: أي: آيسه منه.
وأخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن الأنباري، عنه، قال: كان إبليس قبل أن يرتكب المعصية من الملائكة اسمه عزازيل، وكان من سكان الأرض، وكان من أشدّ الملائكة اجتهاداً، وأكثرهم علماً، فذلك دعاه إلى الكبر، وكان من حيّ يسمون جناً.
وأخرج ابن المنذر، والبيهقي في الشعب عنه قال: كان إبليس من خزان الجنة، وكان يدبر أمر سماء الدنيا.
وأخرج محمد بن نصر عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله أمر آدم بالسجود، فسجد، فقال: لك الجنة، ولمن سجد من ولدك، وأمر إبليس بالسجود، فأبى أن يسجد، فقال: لك النار، ولمن أبى من ولدك أن يسجد».
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس في قوله: {وَكَانَ مِنَ الكافرين} قال: جعله الله كافراً لا يستطيع أن يؤمن.
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي، قال: ابتدأ الله خلق إبليس على الكفر، والضلالة، وعمل بعمل الملائكة، فصيره إلى ما ابتدئ إليه خلقه من الكفر؛ قال الله: {وَكَانَ مِنَ الكافرين}.

.تفسير الآيات (35- 39):

{وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى آَدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (39)}
{اسكن} أي: اتخذ الجنة مسكناً وهو محل السكون. وأما ما قاله بعض المفسرين من أن في قوله: {اسكن} تنبيهاً على الخروج؛ لأن السكنى لا تكون ملكاً، وأخذ ذلك من قول جماعة من العلماء أن من أسكن رجلاً منزلاً له، فإنه لا يملكه بذلك، وإن له أن يخرجه منه، فهو: معنى عرفي، والواجب الأخذ بالمعنى العربي، إذا لم تثبت في اللفظ حقيقة شرعية. و{أَنتَ} تأكيد للضمير المستكن في الفعل، ليصح العطف عليه، كما تقرّر في علم النحو، أنه لا يجوز العطف على الضمير المرفوع المستكنّ إلا بعد تأكيده بمنفصل.
وقد يجيء العطف نادراً بغير تأكيد كقول الشاعر:
قلتُ إذَا أقْبَلتْ وزُهْرُ تَهَادى ** كَنِعاج المَلا تَعسَّفْنَ رَمْلا

وقوله؛ {وَزَوْجُكَ} أي: حوّاء، وهذه هي اللغة الفصيحة زوج بغير هاء، وقد جاء بها قليلاً كما في صحيح مسلم من حديث أنس: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مع إحدى نسائه، فمرّ به رجل، فدعاه وقال: يا فلان هذه زوجتي فلانة» الحديث، ومنه قول الشاعر:
وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي ** كساع إلى أسد الشرى يستميلها

و{رَغَدًا} بفتح المعجمة، وقرأ النخعي، وابن وثاب بسكونها، والرغد: العيش الهنيء الذي لا عناء فيه، وهو منصوب على الصفة لمصدر محذوف. و{حَيْثُ} مبنية على الضم، وفيها لغات كثيرة مذكورة في كتب العربية. والقرب: الدنّو، قال في الصحاح: قرب الشيء بالضم يَقْرُب قُرْباً أي دنا، وقَرِبته بالكسر أقربه قرباناً أي: دنوت منه، وقَرَبْتُ أقْرب قِرِابَةً مثل كتبت أكتب كتابة: إذا سرت إلى الماء، وبينك، وبينه ليلة. والاسم القرب. قال الأصمعي: قلت لأعرابي: ما القرب؟ قال: سير الليل لورود الغد. والنهي عن القرب فيه سدّ للذريعة، وقطع للوسيلة، ولهذا جاء به عوضاً عن الأكل، ولا يخفى أن النهي عن القرب لا يستلزم النهي عن الأكل، لأنه قد يأكل من ثمر الشجرة من هو بعيد عنها إذا يحمل إليه، فالأولى أن يقال: المنع من الأكل مستفاد من المقام. والشجر: ما كان له ساق من نبات الأرض، وواحده شجرة، وقرئ بكسر الشين، وبالياء المثناة من تحت مكان الجيم. وقرأ ابن محيصن: {هذي} بالياء بدل الهاء وهو الأصل. واختلف أهل العلم في تفسير هذه الشجرة، فقيل: هي: الكرم. وقيل: السنبلة، وقيل التين، وقيل الحنطة، وسيأتي ما روى عن الصحابة، فمن بعدهم في تعيينها.
وقوله: {فَتَكُونَا} معطوف على {تَقْرَبَا} في الكشاف، أو نصب في جواب النهي، وهو الأظهر. والظلم أصله: وضع الشيء في غير موضعه. والأرض المظلومة: التي لم تحفر قط، ثم حفرت، ورجل ظليم: شديد الظلم. والمراد هنا {فَتَكُونَا مِنَ الظالمين} لأنفسهم بالمعصية، وكلام أهل العلم في عصمة الأنبياء، واختلاف مذاهبهم في ذلك مدوّن في مواطنه، وقد أطال البحث في ذلك الرازي في تفسيره في هذا الموضع، فليرجع إليه، فإنه مفيد.
وأزلهَّما من الزلة، وهي الخطيئة، أي استزلهما، وأوقعهما فيها. وقرأ حمزة: {فأزالهما} بإثبات الألف من الإزالة، وهي التنحية، أي نحاهما. وقرأ: الباقون بحذف الألف. قال ابن كيسان: هو: من الزوال، أي: صرفهما عما كانا عليه من الطاعة إلى المعصية. قال القرطبي: وعلى هذا تكون القراءتان بمعنى، إلاّ أن قراءة الجماعة أمكن في المعنى؛ يقال منه: أزللته فزّل و{عَنْهَا} متعلق بقوله: {أزلهما} على تضمينه معنى أصدر، أي أصدر الشيطان زلتهما عنها، أي بسببها، يعني الشجرة. وقيل: الضمير للجنة، وعلى هذا، فالفعل مضمن معنى أبعدهما: أي: أبعدهما عن الجنة.
وقوله: {فَأَخْرَجَهُمَا} تأكيد لمضمون الجملة الأولى أي: أزلهما، إن كان معناه زال عن المكان، وإن لم يكن معناه كذلك، فهو تأسيس، لأن الإخراج فيه زيادة على مجرد الصرف، والإبعاد، ونحوهما: لأن الصرف عن الشجرة، والإبعاد عنها قد يكون مع البقاء في الجنة، بخلاف الإخراج لهما عما كانا فيه من النعيم، والكرامة، أو من الجنة، وإنما نسب ذلك إلى الشيطان؛ لأنه الذي تولى إغواء آدم حتى أكل من الشجرة.
وقد اختلف أهل العلم في الكيفية التي فعلها الشيطان في إزلالهما، فقيل: إنه كان ذلك بمشافهة منه لهما، وإليه ذهب الجمهور، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {وَقَاسَمَهُمَا إِنّي لَكُمَا لَمِنَ الناصحين} [الأعراف: 21] والمقاسمة ظاهرها المشافهة. وقيل: لم يصدر منه إلا مجرد الوسوسة، وقيل غير ذلك مما سيأتي في المروي عن السلف.
وقوله: {اهبطوا} خطاب لآدم وحواء، وخوطبا بما يخاطب به الجمع؛ لأن الاثنين أقلّ الجمع عند البعض من أئمة العربية، وقيل إنه خطاب لهما، ولذريتهما؛ لأنهما لما كانا أصل هذا النوع الانساني جعلا بمنزلته، ويدل على ذلك قوله: {بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} فإن هذه الجملة الواقعة حالاً مبيناً للهيئة الثابتة للمأمورين بالهبوط تفيد ذلك. والعدوّ خلاف الصديق، وهو من عدا إذا ظلم، ويقال ذئب عدوان، أي يعدو على الناس، والعدوان: الظلم الصراح وقيل: إنه مأخوذ من المجاوزة، يقال عداه: إذا جاوزه، والمعنيان متقاربان، فإن من ظلم، فقد تجاوز. وإنما أخبر عن قوله: {بَعْضُكُمْ} بقوله: {عَدُوٌّ} مع كونه مفرداً؛ لأن لفظ بعض، وإن كان معناه محتملاً للتعدد، فهو مفرد فروعي جانب اللفظ، وأخبر عنه بالمفرد، وقد يراعى المعنى، فيخبر عنه بالمتعدد.
وقد يجاب بأن {عَدُوٌّ} وإن كان مفرداً، فقد يقع موقع المتعدد كقوله تعالى: {وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ} [الكهف: 50] وقوله: {يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ العدو} [المنافقون: 4] قال ابن فارس: العدوّ اسم جامع للواحد، والاثنين، والثلاثة. والمراد بالمستقرّ موضع الاستقرار، ومنه: {أصحاب الجنة يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً} [الفرقان: 24] وقد يكون بمعنى الاستقرار، ومنه: {إلى رَبّكَ يَوْمَئِذٍ المستقر} [القيامة: 12] فالآية محتملة للمعنيين، ومثلها قوله: {جَعَلَ لَكُمُ الأرض قَرَاراً} [غافر: 64] والمتاع: ما يستمتع به من المأكول، والمشروب، والملبوس، ونحوها.
واختلف المفسرون في قوله: {إلى حِينٍ} فقيل إلى الموت، وقيل إلى قيام الساعة. وأصل معنى الحين في اللغة: الوقت البعيد، ومنه {هَلْ أتى عَلَى الإنسان حِينٌ مّنَ الدهر} [الإنسان: 1] والحين الساعة، ومنه: {أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى العذاب} [الزمر: 58] والقطعة من الدهر، ومنه: {فَذَرْهُمْ في غَمْرَتِهِمْ حتى حِينٍ} [المؤمنون: 54] أي: حتى تفنى آجالهم، ويطلق على السنة، وقيل على ستة أشهر، ومنه {تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} [إبراهيم: 25] ويطلق على الصباح، والمساء، ومنه {حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [الروم: 17] وقال الفراء: الحين حينان: حين لا يوقف على حده، ثم ذكر الحين الآخر، واختلافه بحسب اختلاف المقامات كما ذكرنا.
وقال ابن العربي: الحين المجهول لا يتعلق به حكم، والحين المعلوم سنة.
ومعنى تلقي آدم للكلمات: أخذه لها، وقبوله لما فيها، وعمله بها، وقيل: فهمه لها، وفطانته لما تضمنته. وأصل معنى التلقي: الاستقبال، أي: استقبل الكلمات الموحاة إليه. ومن قرأ بنصب {آدم} جعل معناه استقبلته الكلمات. وقيل: إن معنى تلقي تلقن. ولا وجه له في العربية. واختلف السلف في تعيين هذه الكلمات وسيأتي. والتوبة: الرجوع، يقال: تاب العبد: إذا رجع إلى طاعة مولاه، وعبد توّاب: كثير الرجوع، فمعنى تاب عليه: رجع عليه بالرحمة، فقبل توبته، أو وفَقَّه للتوبة. واقتصر على ذكر التوبة على آدم دون حواء مع اشتراكهما في الذنب؛ لأن الكلام من أوّل القصة معه، فاستمر على ذلك، واستغنى بالتوبة عليه عن ذكر التوبة عليها؛ لكونها تابعة له، كما استغنى بنسبة الذنب إليه عن نسبته إليها في قوله: {وعصئادم * رَبَّهُ فغوى} [طه: 121]. وأما قوله: {قُلْنَا اهبطوا} بعد قوله: {قُلْنَا اهبطوا} فكررّه للتوكيد، والتغليظ. وقيل إنه لما تعلق به حكم غير الحكم الأوّل كرره، ولا تزاحم بين المقتضيات. فقد يكون التكرير للأمرين معاً. وجواب الشرط في قوله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى} هو الشرط الثاني مع جوابه قاله سيبويه.
وقال الكسائي: إن جواب الشرط الأوّل، والثاني قوله: {فَلاَ خَوْفٌ} واختلفوا في معنى الهدى المذكور، فقيل: هو كتاب الله. وقيل: التوفيق للهداية. والخوف: هو الذعر، ولا يكون إلا في المستقبل. وقرأ: الزهري، والحسن وعيسى بن عمار، وابن أبي إسحاق، ويعقوب: {فلا خوف} بفتح الفاء، والحزن ضد السرور. قال اليزيدي: حزنه لغة قريش، وأحزنه لغة تميم.
وقد قرئ بهما. وصحبة أهل النار لها بمعنى الاقتران، والملازمة.
وقد تقدّم ذكر تفسير الخلود.
وقد أخرج أبو الشيخ، وابن مردويه، عن أبي ذر قال: «قلت يا رسول الله أرأيت آدم نبياً كان؟ قال: نعم كان نبياً رسولاً كلمه الله، قال له {يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة}».
وأخرج ابن أبي شيبة، والطبراني، عن أبي ذر قال: «قلت يا رسول الله، من أوّل الأنبياء؟ قال: آدم قلت: نبي؟ قال: نعم. قلت: ثم من؟ قال: نوح وبينهما عشرة آباء».
وأخرج أحمد، والبخاري في تاريخه، والبيهقي في الشعب نحوه من حديث أبي ذر مرفوعاً وزاد: «كم كان المرسلون؟ قال: ثلثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً».
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن حبان، والطبراني، والحاكم وصححه، والبيهقي، عن أبي أمامة الباهلي، أن رجلاً قال: «يا رسول الله أنبيّ كان آدم؟ قال: نعم قال: كم بينه وبين نوح؟ قال: عشرة قرون قال: كم بين نوح وبين إبراهيم؟ قال: عشرة قرون قال: يا رسول الله كم الأنبياء؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً قال: يا رسول الله كم كانت الرسل من ذلك؟ قال: ثلثمائة وخمسة عشر جماً غفيراً».
وأخرج أحمد، وابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه من حديث أبي أمامة نحوه، وصرح بأن السائل أبو ذرّ.
وأخرج عبد بن حميد، والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: ما سكن آدم الجنة إلا ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس.
وأخرج عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي عنه، قال: «ما غابت الشمس من ذلك اليوم حتى أهبط من الجنة».
وأخرج الفريابي، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن الحسن قال: لبث آدم في الجنة ساعة من نهار، تلك الساعة مائة وثلاثون سنة من أيام الدنيا.
وقد روي تقدير اللُّبث في الجنة عن سعيد بن جبير بمثل ما تقدّم، عن ابن عباس كما رواه أحمد في الزهد.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي، وابن عساكر، عن ابن عباس، وابن مسعود، وناس من الصحابة قالوا: لما سكن آدم الجنة كان يمشي فيها وحشاً ليس له زوج يسكن إليها، فنام نومة فاستيقظ، وإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه.
وأخرج البخاري، ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء من الضلع رأسه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته تركته، وفيه عوج» وروى أبو الشيخ، وابن عساكر، عن ابن عباس قال: إنما سميت حواء؛ لأنها أمّ كل حي.
وأخرج ابن عدي، وابن عساكر، عن النخعي قال: لما خلق الله آدم، وخلق له زوجه بعث إليه ملكاً، وأمره بالجماع ففعل، فلما فرغ قالت له حواء: يا آدم هذا طيب زدنا منه.
وأخرج ابن جرير، وابن عساكر، عن ابن مسعود، وناس من الصحابة قال: الرغد الهنيء.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال: الرغد: سعة المعيشة.
وأخرجا عنه في قوله: {وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا} قال: لا حساب عليكم.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن عساكر من طرق، عن ابن عباس قال: الشجرة التي نهى الله عنها آدم السنبلة وفي لفظ: البرّ.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم، عنه قال: هي الكرم.
وأخرج ابن جرير، عن ابن مسعود مثله.
وأخرج أبو الشيخ، عنه قال: هي: اللوز.
وأخرج ابن جرير، عن بعض الصحابة قال: هي: التينة.
وروى مثله أبو الشيخ عن مجاهد وابن أبي حاتم عن قتادة.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن وهب بن منبه قال: هي: البرّ.
وأخرج أبو الشيخ، عن أبي مالك قال: هي: النخلة.
وأخرج أبو الشيخ، عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْط قال: هي الأترجّ.
وأخرج أحمد في الزهد، عن شعيب الجبائي قال: هي تشبه البرّ، وتسمى الدّعة،
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {فَأَزَلَّهُمَا} قال: فأغواهما.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن عاصم بن بهدلة قال: {فَأَزَلَّهُمَا} فنحاهما.
وأخرج أبو داود في المصاحف، عن الأعمش قال: قراءتنا في البقرة مكان {فأزلهما} {فوسوس}.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا: أراد إبليس أن يدخل عليهما الجنة، فمنعته الخزنة، فأتى الحية، وهي دابة لها أربع قوائم، كأنها البعير، وهي: كأحسن الدواب، فكلمها أن تدخله في فمها حتى تدخل به إلى آدم، فأدخلته في فمها، فمرّت الحية على الخزنة فدخلت، ولا يعلمون لما أراد الله من الأمر، فكلمه من فمها فلم يبال بكلامه، فخرج إليه فقال: {يا آدم هَلْ أَدُلُّكَ على شَجَرَةِ الخلد وَمُلْكٍ لاَّ يبلى} [طه: 120] وحلف لهما بالله {إِنّي لَكُمَا لَمِنَ الناصحين} [الأعراف: 21] فأبى آدم أن يأكل منها، فتقدّمت حواء، فأكلت، ثم قالت: يا آدم كل، فإني قد أكلت، فلم يضرني، فلما أكلا {بَدَتْ لَهُمَا سَوْءتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الجنة} [الأعراف: 22].
وقد أخرج قصة الحية، ودخول إبليس معها، عبد الرزاق، وابن جرير، عن ابن عباس.
وأخرج ابن سعد، وأحمد في الزهد، وعبد بن حميد، وابن المنذر والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي عن أبيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن آدم كان رجلاً طوالاً كأنه نخلة سحوق طوله ستون ذراعاً كثير شعر الرأس، فلما ركب الخطيئة بدت له عورته» الحديث.
وأخرج ابن منيع، وابن المنذر، وأبو الشيخ، والحاكم وصححه، والبيهقي في الشعب، عن ابن عباس. قال: قال الله لآدم: ما حملك على أن أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها؟ قال: يا ربّ زينته لي حوّاء، قال: فإني عاقبتها بألا تحمل إلا كرهاً، ولا تضع إلا كرهاً، وأدميتها في كل شهر مرتين.
وأخرج البخاري، والحاكم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، ولولا حوّاء لم تخن أنثى زوجها» وقد ثبتت أحاديث كثيرة عن جماعة من الصحابة في الصحيحين، وغيرهما في محاجة آدم، وموسى، وحجّ آدم موسى بقوله: أتلومني على أمر قدّره الله عليّ قبل أن أخلق؟
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {قُلْنَا اهبطوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} قال: آدم، وحواء، وإبليس، والحية {وَلَكُمْ في الأرض مُسْتَقَرٌّ} قال: القبور {ومتاع إلى حِينٍ} قال: الحياة.
وروى نحو ذلك عن مجاهد، وأبي صالح وقتادة. كما أخرجه عن الأول، والثاني أبو الشيخ، وعن الثالث عبد بن حميد.
وأخرج أبو الشيخ، عن ابن مسعود في قوله: {وَلَكُمْ في الأرض مُسْتَقَرٌّ} قال: القبور {ومتاع إلى حِينٍ} قال: إلى يوم القيامة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال: أهبط آدم بالصفا، وحوّاء بالمروة.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه عن ابن عباس قال: أوّل ما أهبط الله آدم إلى أرض الهند وفي لفظ: «بدجنى أرض الهند».
وأخرج ابن أبي حاتم عنه أنه أهبط إلى أرض بين مكة، والطائف.
وأخرج ابن جرير، والحاكم وصححه، والبيهقي عنه، قال: قال عليّ بن أبي طالب: أطيب ريح الأرض الهند، هبط بها آدم، فعلق شجرها من ريح الجنة.
وأخرج ابن سعد، وابن عساكر، عن ابن عباس قال: أهبط آدم بالهند، وحواء بجدّة، فجاء في طلبها حتى أتى جمعاً، فازدلفت إليه حواء، فلذلك سميت المزدلفة، واجتمعا بجمع.
وأخرج الطبراني، وأبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنزل آدم عليه السلام بالهند، فاستوحش، فنزل جبريل، فنادى بالأذان، فلما سمع ذكر محمد قال له: ومن محمد هذا؟ قال: هذا آخر، ولدك من الأنبياء» وقد روى عن جماعة من الصحابة أن آدم أهبط إلى أرض الهند، منهم جابر أخرجه ابن أبي الدنيا، وابن المنذر، وابن عساكر، ومنهم: ابن عمر أخرجه الطبراني.
وأخرج ابن عساكر، عن عليّ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله لما خلق الدنيا لم يخلق فيها ذهباً، ولا فضة، فلما أهبط آدم، وحواء أنزل معهما ذهبا، وفضة، فسلكه ينابيع في الأرض، منفعة لأولادهما من بعدهما، وجُعِل ذلك صداقاً لحواء فلا ينبغي لأحد أن يتزوج إلا بصداق».
وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف، عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هبط آدم، وحواء عريانين جميعاً عليهم ورق الجنة، قعد يبكي، ويقول لها: يا حوّاء قد آذاني الحر، فجاءه جبريل بقطن، وأمرها أن تغزل، وعلمها، وأمر آدم بالحياكة، وعلمه».
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أنس مرفوعاً: «أوّل من حاك آدم عليه السلام».
وقد روى عن جماعة من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم حكايات في صفة هبوط آدم من الجنة، وما أهبط معه، وما صنع عند وصوله إلى الأرض، ولا حاجة لنا ببسط جميع ذلك.
وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، عن ابن عباس في قوله: {فَتَلَقَّى ءادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ} قال: أي رب ألم تخلقني بيدك؟ قال: بلى، قال: أي ربّ ألم تنفخ فيّ من روحك؟ بلى قال: بلى. قال: أي رب ألم تسبق إليّ رحمتك قبل غضبك؟ قال: بلى. قال: أي ربّ ألم تسكني جنتك؟ قال: بلى. قال: أي رب أرأيت إن تبتُ وأصلحتُ أراجعي أنت إلى الجنة؟ قال: نعم.
وأخرج الطبراني في الأوسط، وابن عساكر بسند ضعيف، عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لما أهبط الله آدم إلى الأرض قام وجاه الكعبة فصلى ركعتين» الحديث.
وقد روى نحوه بإسناد لا بأس به أخرجه الأزرقي في تاريخ مكة، والطبراني في الأوسط، والبيهقي في الدعوات، وابن عساكر من حديث بريدة مرفوعاً.
وأخرج الثعلبي عن ابن عباس في قوله: {فَتَلَقَّى ءادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ} قال: قوله: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسرين} [الأعراف: 23].
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جرير عنه مثله.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في شعب الإيمان عن محمد بن كعب القرظي في قوله: {فَتَلَقَّى ءادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ} مثله: وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، عن مجاهد مثله.
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن، والضحاك مثله.
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس قيل له: ما الكلمات التي تلقى آدم من ربه؟ قال: علم شأن الحج، فهي الكلمات.
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن زيد في قوله: {فَتَلَقَّى ءادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ} قال: لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك، عملت سوءاً، وظلمت نفسي، فاغفر لي إنك أنت خير الغافرين، لا إله إلا أنت سبحانك، وبحمدك، رب عملت سوءاً، وظلمت نفسي، فارحمني إنك أنت أرحم الراحمين، لا إله إلا أنت سبحانك، وبحمدك رب عملت سوءاً، وظلمت نفسي، فتب عليّ إنك أنت التوّاب الرحيم.
وأخرج نحوه البيهقي في شعب الإيمان، وابن عساكر، عن أنس.
وأخرج نحوه هنا، وفي الزهد عن سعيد بن جبير.
وأخرج نحوه ابن عساكر من طريق جويبر، عن الضحاك، عن ابن عباس.
وأخرج نحوه الديلمي في مسند الفردوس بسند ضعيف عن عليّ مرفوعاً.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى} قال الهدى: الأنبياء، والرسل، والبيان.
وأخرج ابن الأنباري، في المصاحف عن أبي الطفيل قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {فَمَن تَبِعَ * هُدِىَ} بتثقيل الياء، وفتحها.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله: {فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ} يعني في الآخرة {وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} يعني لا يحزنون للموت.