فصل: تفسير الآيات (70- 74):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (70- 74):

{وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ (70) وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (71) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72) وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ (73) فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (74)}
لما ذكر سبحانه بعض أحوال الحيوان، وما فيها من عجائب الصنعة الباهرة، وخصائص القدرة القاهرة، أتبعه بعجائب خلق الإنسان، وما فيه من العبر فقال: {والله خَلَقَكُمْ} ولم تكونوا شيئاً {ثُمَّ يتوفاكم} عند انقضاء آجالكم {وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إلى أَرْذَلِ العمر} يقال: رذل يرذل رذالة، والأرذل والرذالة: أردأ الشيء وأوضعه. قال النيسابوري: واعلم أن العقلاء ضبطوا مراتب عمر الإنسان في أربع: أولاها سنّ النشوّ، وثانيها: سنّ الوقوف، وهو سنّ الشباب، وثالثها: سنّ الانحطاط اليسير، وهو سنّ الكهولة، ورابعها: سنّ الانحطاط الظاهر، وهو سنّ الشيخوخة. قيل: وأرذل العمر هو عند أن يصير الإنسان إلى الخرف، وهو أن يصير بمنزلة الصبيّ الذي لا عقل له؛ وقيل: خمس وسبعون سنة، وقيل: تسعون سنة، ومثل هذه الآية قوله سبحانه: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رددناه أَسْفَلَ سافلين} [التين: 4- 5] ثم علل سبحانه ردّ من يرده إلى أرذل العمر بقوله: {لِكَيْلاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ} كان قد حصل له {شَيْئاً} من العلم، لا كثيراً ولا قليلاً، أو شيئاً من المعلومات إذا كان العلم هنا بمعنى المعلوم. وقيل: المراد: بالعلم هنا العقل، وقيل: المراد لئلا يعلم زيادة على علمه الذي قد حصل له قبل ذلك.
ثم لما بين سبحانه خلق الإنسان وتقلبه في أطوار العمر، ذكر طرفاً من أحواله، لعله يتذكر عند ذلك، فقال: {والله فَضَّلَ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ في الرزق} فجعلكم متفاوتين فيه، فوسع على بعض عباده حتى جعل له من الرزق ما يكفي ألوفاً مؤلفة من بني آدم، وضيقه على بعض عباده حتى صار لا يجد القوت إلاّ بسؤال الناس والتكفف لهم، وذلك لحكمة بالغة تقصر عقول العباد عن تعقلها والاطلاع على حقيقة أسبابها، وكما جعل التفاوت بين عباده في المال، جعله بينهم في العقل والعلم والفهم وقوّة البدن وضعفه، والحسن والقبح، والصحة والسقم، وغير ذلك من الأحوال، وقيل: معنى الآية: أن الله سبحانه أعطى الموالي أفضل مما أعطى مماليكهم، بدليل قوله: {فَمَا الذين فُضّلُواْ بِرَآدّى رِزْقِهِمْ على مَا مَلَكَتْ أيمانهم} أي: فما الذين فضلهم الله بسعة الرزق على غيرهم برادّي رزقهم الذي رزقهم الله إياه على ما ملكت أيمانهم من المماليك {فَهُمُ} أي: المالكون والمماليك {فِيهِ} أي: في الرزق {سَوَآء} أي: لا يردّونه عليهم بحيث يساوونهم، فالفاء على هذا للدلالة على أن التساوي مترتب على الترادّ، أي: لا يردّونه عليهم رداً مستتبعاً للتساوي، وإنما يردّون عليهم منه شيئاً يسيراً، وهذا مثل ضربه الله سبحانه بعبدة الأصنام، أي: إذا لم يكونوا عبيدكم معكم سواء، ولا ترضون بذلك، فكيف تجعلون عبيدي معي سواء.
والحال أن عبيدكم مساوون لكم في البشرية والمخلوقية، فلما لم تجعلوا عبيدكم مشاركين لكم في أموالكم، فكيف تجعلون بعض عباد الله سبحانه شركاء له فتعبدونهم معه؟ أو كيف تجعلون بعض مخلوقاته كالأصنام شركاء له في العبادة؟ ذكر معنى هذا ابن جرير، ومثل هذه الآية قوله سبحانه: {ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مّنْ أَنفُسِكُمْ هَلْ لَّكُمْ مّن مَّا مَلَكَتْ أيمانكم مّن شُرَكَاء فِيمَا رزقناكم} [الروم: 28] وقيل: إن الفاء في {فهم فيه سواء} بمعنى حتى {أَفَبِنِعْمَةِ الله تجحدون} حيث تفعلون ما تفعلون من الشرك، والنعمة هي كونه سبحانه جعل المالكين مفضلين على المماليك.
وقد قرئ: {يجحدون} بالتحتية والفوقية. قال أبو عبيدة، وأبو حاتم: وقراءة الغيبة أولى، لقرب المخبر عنه، ولأنه لو كان خطاباً، لكان ظاهره للمسلمين، والاستفهام للإنكار، والفاء للعطف على مقدّر، أي: يشركون به، فيجحدون نعمته، ويكون المعنى على قراءة الخطاب أن المالكين ليسوا برادّي رزقهم على مماليكم، بل أنا الذي أرزقهم وإياهم، فلا يظنوا أنهم يعطونهم شيئاً، وإنما هو رزقي أجريه على أيديهم، وهم جميعاً في ذلك سواء، لا مزية لهم على مماليكهم، فيكون المعطوف عليه المقدّر فعلاً يناسب هذا المعنى، كأن يقال: لا يفهمون ذلك فيجحدون نعمة الله. ثم ذكر سبحانه الحالة الأخرى من أحوال الإنسان فقال: {والله جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} قال المفسرون: يعني النساء فإنه خلق حوّاء من ضلع آدم. أو المعنى: خلق لكم من جنسكم أزواجاً لتستأنسوا بها، لأن الجنس يأنس إلى جنسه، ويستوحش من غير جنسه، وبسبب هذه الأنسة يقع بين الرجال والنساء ما هو سبب للنسل الذي هو المقصود بالزواج، ولهذا قال: {وَجَعَلَ لَكُمْ مّنْ أزواجكم بَنِينَ وَحَفَدَةً} الحفدة: جمع حافد، يقال: حفد يحفد حفداً وحفوداً: إذا أسرع، فكل من أسرع في الخدمة، فهو حافد، قال أبو عبيد: الحفد: العمل والخدمة. قال الخليل بن أحمد: الحفدة عند العرب: الخدم، ومن ذلك قول الشاعر، وهو الأعشى:
كلفت مجهولنا نوقا يمانية ** إذ الحداة على أكتافها حفدوا

أي: الخدم والأعوان.
وقال الأزهري: قيل: الحفدة أولاد الأولاد.
وروي عن ابن عباس، وقيل: الأختان. قاله ابن مسعود، وعلقمة، وأبو الضحى، وسعيد بن جبير، وإبراهيم النخعي، ومنه قول الشاعر:
فلو أن نفسي طاوعتني لأصبحت ** لها حفد مما تعدّ كثير

ولكنها نفس عليّ أبية ** عيوف لأصهار اللئام قذور

وقيل: الحفدة الأصهار. قال الأصمعي: الختن: من كان من قبل المرأة، كابنها، وأخيها وما أشبههما. والأصهار منهما جميعاً. يقال: أصهر فلان إلى بني فلان وصاهر. وقيل: هم أولاد امرأة الرجل من غيره. وقيل: الأولاد الذين يخدمونه. وقيل: البنات الخادمات لأبيهنّ.
ورجح كثير من العلماء أنهم أولاد الأولاد، لأنه سبحانه امتنّ على عباده بأن جعل لهم من الأزواج بنين وحفدة.
فالحفدة في الظاهر معطوفون على البنين، وإن كان يجوز أن يكون المعنى: جعل لكم من أزواجكم بنين، وجعل لكم حفدة. ولكن لا يمتنع على هذا المعنى الظاهر أن يراد بالبنين من لا يخدم، وبالحفدة من يخدم الأب منهم، أو يراد بالحفدة البنات فقط. ولا يفيد أنهم أولاد الأولاد إلاّ إذا كان تقدير الآية: وجعل لكم من أزواجكم بنين، ومن البنين حفدة.
{وَرَزَقَكُم مّنَ الطيبات} التي تستطيبونها وتستلذونها، و{من} للتعبيض؛ لأن الطيبات لا تكون مجتمعة إلاّ في الجنة، ثم ختم سبحانه الآية بقوله: {أفبالباطل يُؤْمِنُونَ} والاستفهام للإنكار التوبيخي، والفاء للعطف على مقدّر، أي: يكفرون بالله، فيؤمنون بالباطل، وفي تقدّم {بالباطل} على الفعل دلالة على أنه ليس لهم إيمان إلا به. والباطل: هو اعتقادهم في أصنامهم أنها تضر وتنفع. وقيل: الباطل ما زيّن لهم الشيطان من تحريم البحيرة والسائبة ونحوهما. قرأ الجمهور {يؤمنون} بالتحتية، وقرأ أبو بكر بالفوقية على الخطاب {وبنعمة الله هم يكفرون} أي: ما أنعم به عليهم مما لا يحيط به حصر. وفي تقديم النعمة، وتوسيط ضمير الفصل دليل على أن كفرهم مختص بذلك، لا يتجاوزه لقصد المبالغة والتأكيد.
{وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله} هو معطوف على {يكفرون} داخل تحت الإنكار التوبيخي، إنكاراً منه سبحانه عليهم حيث يعبدون الأصنام، وهي لا تنفع ولا تضرّ، ولهذا قال: {مَا لاَ يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مّنَ السموات والأرض شَيْئاً} قال الأخفش: إن {شيئاً} بدل من الرزق.
وقال الفراء: هو منصوب بإيقاع الرزق عليه، فجعل {رزقاً} مصدراً عاملاً في {شيئاً} والأخفش جعله اسماً للرزق. وقيل: يجوز أن يكون تأكيداً لقوله: {لا يملك} أي: لا يملك شيئاً من الملك، والمعنى: أن هؤلاء الكفار يعبدون معبودات لا تملك لهم رزقاً، أيّ رزق، و{من السموات والأرض} صفة لرزق، أي: كائناً منهما، والضمير في {وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ} راجع إلى {ما} وجمع جمع العقلاء بناءً على زعمهم الباطل، والفائدة في نفي الاستطاعة عنهم أن من لا يملك شيئاً قد يكون موصوفاً باستطاعة التملك بطريق من الطرق. فبين سبحانه أنها لا تملك ولا تستطيع. وقيل: يجوز أن يكون الضمير في {يستطيعون} للكفار، أي: لا يستطيع هؤلاء الكفار، مع كونهم أحياء متصرّفين، فكيف بالجمادات التي لا حياة لها ولا تستطيع التصرّف؟
ثم نهاهم سبحانه عن أن يشبهوه بخلقه، فقال: {فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ الأمثال} فإن ضارب المثل يشبه حالاً بحال وقصة بقصة. قال الزجاج: لا تجعلوا لله مثلاً لأنه واحد لا مثل له، وكانوا يقولون: إن إله العالم أجلّ من أن يعبده الواحد منا، فكانوا يتوسلون إلى الأصنام والكواكب، كما أن أصاغر الناس يخدمون أكابر حضرة الملك، وأولئك الأكابر يخدمون الملك فنهوا عن ذلك، وعلل النهي بقوله: {إِنَّ الله} عليم {يَعْلَمْ} ما عليكم من العبادة {وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} ما في عبادتها من سوء العاقبة، والتعرّض لعذاب الله سبحانه، أو أنتم لا تعلمون بشيء من ذلك، وفعلكم هذا هو عن توهم فاسد وخاطر باطل وخيال مختلّ، ويجوز أن يراد فلا تضربوا الله الأمثال إن الله يعلم كيف تضرب الأمثال وأنتم لا تعلمون ذلك.
وقد أخرج ابن جرير عن عليّ في قوله: {وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إلى أَرْذَلِ العمر} قال: خمس وسبعون سنة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي قال: هو الخرف.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن عكرمة قال: من قرأ القرآن، لم يرد إلى أرذل العمر، ثم قرأ: {لِكَيْلاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن طاوس، قال: العالم لا يخرف.
وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح وغيره أنه كان يتعوّذ بالله أن يردّ إلى أرذل العمر.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {والله فَضَّلَ بَعْضَكُمْ على بَعْضٍ في الرزق} قال: لم يكونوا ليشركوا عبيدهم في أموالهم ونسائهم فكيف يشركون عبيدي معي في سلطاني؟ وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال: هذا مثل لآلهة الباطل مع الله.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {والله جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} قال: خلق آدم، ثم خلق زوجته منه.
وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، والبخاري في تاريخه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه عن ابن مسعود في قوله: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} قال: الحفدة: الأختان.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس، قال: الحفدة: الأصهار، وأخرجا عنه، قال: الحفدة: الولد وولد الولد.
وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً قال: الحفدة بنو البنين.
وأخرج ابن جرير، عن أبي جمرة قال: سئل ابن عباس عن قوله: {بَنِينَ وَحَفَدَةً} قال: من أعابك فقد حفدك، أما سمعت الشاعر يقول:
حفد الولائد حولهنّ وأسلمت ** بأكفهن أزمة الأجمال

وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً، قال: الحفدة: بنو امرأة الرجل، ليسوا منه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة {أفبالباطل يُؤْمِنُونَ} قال: الشرك.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: هو الشيطان {وبنعمة الله} قال: محمد.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله} الآية، قال: هذه الأوثان التي تعبد من دون الله لا تملك لمن يعبدها {رِزْقًا مّنَ السموات والأرض} ولا خيراً ولا حياة ولا نشوراً {فَلاَ تَضْرِبُواْ لله الامثال} فإنه أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله سبحانه: {فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ الأمثال} يعني: اتخاذهم الأصنام. يقول: لا تجعلوا معي إلهاً غيري، فإنه لا إله غيري.

.تفسير الآيات (75- 79):

{ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (75) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَم لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (76) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (77) وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78) أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (79)}
قوله: {ضَرَبَ الله مَثَلاً} لما قال سبحانه: {إن الله يعلم} أي: بالمعلومات التي من جملتها كيف يضرب الأمثال، وأنتم لا تعلمون؟ علمهم سبحانه كيف تضرب الأمثال، فقال: {ضرب الله مثلاً} أي: ذكر شيئاً يستدلّ به على تباين الحال بين جناب الخالق سبحانه، وبين ما جعلوه شريكاً له من الأصنام. ثم ذكر ذلك فقال: {عَبْدًا مَّمْلُوكًا} والمثل في الحقيقة هي حالة للعبد عارضة له، وهي المملوكية والعجز عن التصرف، فقوله: {عَبْدًا مَّمْلُوكًا لاَّ يَقْدِرُ على شَئ} تفسير للمثل وبدل منه، ووصفه بكونه مملوكاً؛ لأن العبد والحرّ مشتركان في كون كل واحد منهما عبد الله سبحانه. ووصفه بكونه لا يقدر على شيء؛ لأن المكاتب والمأذون يقدران على بعض التصرفات. فهذا الوصف لتمييزه عنهما {وَمَن رَّزَقْنَاهُ} {من} هي الموصولة، وهي معطوفة على {عبداً} أي: والذي رزقناه {مِنَّا} أي: من جهتنا {رِزْقًا حَسَنًا} من الأحرار الذين يملكون الأموال ويتصرفون بها كيف شاءوا، والمراد بكون الرزق حسناً: أنه مما يحسن في عيون الناس، لكونه رزقاً كثيراً مشتملاً على أشياء مستحسنة نفيسة تروق الناظرين إليها. والفاء في قوله: {فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ} لترتيب الإنفاق على الرزق، أي: ينفق منه في وجوه الخير ويصرف منه إلى أنواع البرّ والمعروف، وانتصاب {سِرّا وَجَهْرًا} على الحال، أي: ينفق منه في حال السرّ وحال الجهر. والمراد: بيان عموم الإنفاق للأوقات، وتقديم السرّ على الجهر مشعر بفضيلته عليه، وأن الثواب فيه أكثر. وقيل: إن {من} في {وَمَن رَّزَقْنَاهُ} موصوفة، كأنه قيل: وحرّاً رزقناه، ليطابق عبداً.
{هَلْ يَسْتَوُونَ} أي: الحرّ والعبد الموصوفان بالصفات المتقدّمة، وجمع الضمير لمكان من، لأنه اسم مبهم يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع والمذكر والمؤنث. وقيل: إنه أريد بالعبد والموصول الذي هو عبارة عن الحرّ الجنس؛ أي من اتصف بتلك الأوصاف من الجنسين، والاستفهام للإنكار، أي: هل يستوي العبيد والأحرار الموصوفون بتلك الصفات مع كون كلا الفريقين مخلوقين لله سبحانه من جملة البشر، ومن المعلوم أنهم لا يستوون عندهم، فكيف يجعلون لله سبحانه شركاء لا يملكون لهم ضرّاً ولا نفعاً، ويجعلونهم مستحقين للعبادة مع الله سبحانه؟ وحاصل المعنى: أنه كما لا يستوي عندكم عبد مملوك لا يقدر من أمره على شيء ورجل حرّ قد رزقه الله رزقاً حسناً، فهو ينفق منه، كذلك لا يستوي الربّ الخالق الرازق، والجمادات من الأصنام التي تعبدونها، وهي لا تبصر ولا تسمع ولا تضرّ ولا تنفع. وقيل: المراد بالعبد المملوك في الآية: هو الكافر المحروم من طاعة الله وعبوديته، والآخر: هو المؤمن. والغرض: أنهما لا يستويان في الرتبة والشرف، وقيل: العبد: هو الصنم، والثاني: عابد الصنم، والمراد: أنهما لا يستويان في القدرة والتصرّف؛ لأن الأوّل جماد، والثاني إنسان.
{الحمد للَّهِ} أي: الحمد لله كله، لأنه المنعم، لا يستحق غيره من العباد شيئاً منه، فكيف تستحق الأصنام منه شيئاً ولا نعمة منها أصلاً لا بالأصالة ولا بالتوسط؛ وقيل: أراد الحمد لله على ما أنعم به على أوليائه من نعمة التوحيد؛ وقيل: أراد قل الحمد لله، والخطاب إما لمحمد صلى الله عليه وسلم أو لمن رزقه الله رزقاً حسناً، وقيل: إنه لما ذكر مثلاً مطابقاً للغرض كاشفاً عن المقصود، قال: الحمد لله أي: على قوّة هذه الحجة {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} ذلك حتى يعبدوا من تحقّ له العبادة، ويعرفوا المنعم عليهم بالنعم الجليلة، ونفي العلم عنهم إما لكونهم من الجهل بمنزلة لا يفهمون بسببها ما يجب عليهم، أو هم يتركون الحق عناداً مع علمهم به، فكانوا كمن لا علم له، وخصّ الأكثر بنفي العلم: إما لكونه يريد الخلق جميعاً، وأكثرهم المشركون، أو ذكر الأكثر، وهو يريد الكلّ، أو المراد أكثر المشركين؛ لأن فيهم من يعلم ولا يعمل بموجب العلم.
ثم ذكر سبحانه مثلاً ثانياً ضربه لنفسه، ولما يفيض على عباده من النعم الدينية والدنيوية، وللأصنام التي هي أموات لا تضرّ ولا تنفع فقال: {وَضَرَبَ الله مَثَلاً} أي: مثلاً آخر أوضح مما قبله وأظهر منه، و{رَّجُلَيْنِ} بدل من مثل وتفسير له، والأبكم العييّ المفحم. وقيل: هو الأقطع اللسان الذي لا يحسن الكلام، وروى ثعلب عن ابن الأعرابي أنه الذي لا يسمع ولا يبصر، ثمّ وصف الأبكم فقال: {لاَّ يَقْدِرُ على شَئ} من الأشياء المتعلقة بنفسه أو بغيره لعدم فهمه، وعدم قدرته على النطق، ومعنى {كَلٌّ على مَوْلاهُ} ثقيل على وليه وقرابته وعيال على من يلي أمره ويعوله، ووبال على إخوانه، وقد يسمى اليتيم: كلا؛ لثقله على من يكفله، ومنه قول الشاعر:
أكول لمال الكلّ قبل شبابه ** إذا كان عظم الكلّ غير شديد

وفي هذا بيان لعدم قدرته على إقامة مصالح نفسه بعد ذكر عدم قدرته على شيء مطلقاً، ثم وصفه بصفة رابعة فقال: {أَيْنَمَا يُوَجّههُّ لاَ يَأْتِ بِخَيْرٍ} أي: إذا وجهه إلى أيّ جهة لا يأت بخير قط؛ لأنه لا يفهم ولا يعقل ما يقال له ولا يمكنه أن يقول. وقرأ يحيى بن وثاب {أينما يوجه} على البناء للمجهول، وقرأ ابن مسعود: {أينما توجه} على صيغة الماضي {هَلْ يَسْتَوِى هُوَ} في نفسه مع هذه الأوصاف التي اتصف بها {وَمَن يَأْمُرُ بالعدل} أي: يأمر الناس بالعدل مع كونه في نفسه ينطق بما يريد النطق به ويفهم.
ويقدر على التصرّف في الأشياء. {وَهُوَ} في نفسه {على صراط مُّسْتَقِيمٍ} على دين قويم، وسيرة صالحة ليس فيه ميل إلى أحد جانبي الإفراط والتفريط، قابل أوصاف الأوّل بهذين الوصفين المذكورين للآخر، لأن حاصل أوصاف الأوّل عدم استحقاقه لشيء، وحاصل وصفي هذا أنه مستحق أكمل استحقاق، والمقصود الاستدلال بعدم تساوي هذين المذكورين على امتناع التساوي بينه سبحانه وبين ما يجعلونه شريكاً له. ولما فرغ سبحانه من ذكر المثلين، مدح نفسه بقوله: {وَللَّهِ غَيْبُ السموات والأرض} أي: يختصّ ذلك به، لا يشاركه فيه غيره، ولا يستقل به، والمراد: علم ما غاب عن العباد فيهما، أو أراد بغيبهما يوم القيامة، لأن علمه غائب عن العباد، ومعنى الإضافة إليهما التعلق بهما. والمعنى: التوبيخ للمشركين والتقريع لهم، أي: أن العبادة إنما يستحقها من كانت هذه صفته لا من كان جاهلاً عاجزاً لا يضرّ ولا ينفع ولا يعلم بشيء من أنواع العلم {وَمَا أَمْرُ الساعة} التي هي أعظم ما وقعت فيه المماراة من الغيوب المختصة به سبحانه: {إِلاَّ كَلَمْحِ البصر} اللمح: النظر بسرعة، ولابد فيه من زمان تتقلب فيه الحدقة نحو المرئي، وكل زمان قابل للتجزئة، ولذا قال: {أَوْ هُوَ} أي: أمرهما {أَقْرَبُ} وليس هذا من قبيل المبالغة، بل هو كلام في غاية الصدق، لأن مدّة ما بين الخطاب وقيام الساعة متناهية، ومنها إلى الأبد غير متناه، ولا نسبة للمتناهي إلى غير المتناهي. أو يقال: إن الساعة لما كانت آتية ولابد جعلت من القرب كلمح البصر.
وقال الزجاج: لم يرد أن الساعة تأتي في لمح البصر، وإنما وصف سرعة القدرة على الإتيان بها، لأنه يقول للشيء كن فيكون، وقيل: المعنى هي عند الله كذلك وإن لم تكن عند المخلوقين بهذه الصفة. ومثله قوله سبحانه: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً} [المعارج: 6- 7]. ولفظ {أو} في {أو هو أقرب} ليس للشك، بل للتمثيل. وقيل: دخلت لشك المخاطب، وقيل: هي بمنزلة بل {إِنَّ الله على كُلِّ شَئ قَدِيرٌ} ومجيء الساعة بسرعة من جملة مقدوراته.
ثم إنه سبحانه ذكر حالة أخرى للإنسان دالة على غاية قدرته، ونهاية رأفته، فقال: {والله أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أمهاتكم لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا} وهذا معطوف على قوله: {والله جَعَلَ لَكُمْ مّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} منتظم معه في سلك أدلة التوحيد، أي: أخرجكم من بطون أمهاتكم أطفالاً لا علم لكم بشيء، وجملة {لا تعلمون شيئاً} في محل نصب على الحال، وقيل: المراد: لا تعلمون شيئاً مما أخذ عليكم من الميثاق. وقيل: لا تعلمون شيئاً مما قضي به عليكم من السعادة والشقاوة. وقيل: لا تعلمون شيئاً من منافعكم. والأولى التعميم لتشمل الآية هذه الأمور وغيرها اعتباراً بعموم اللفظ، فإن {شيئاً} نكرة واقعة في سياق النفي.
وقرأ الأعمش، وابن وثاب، وحمزة {إمهاتكم} بكسر الهمزة والميم هنا، وفي النور، والزمر، والنجم. وقرأ الكسائي بكسر الهمزة وفتح الميم. وقرأ الباقون بضم الهمزة وفتح الميم.
{وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة} أي: ركب فيكم هذه الأشياء، وهو معطوف على {أخرجكم} وليس فيه دلالة على تأخير هذا الجعل عن الإخراج لما أن مدلول الواو هو مطلق الجمع. والمعنى: جعل لكم هذه الأشياء لتحصلوا بها العلم الذي كان مسلوباً عنكم عند إخراجكم من بطون أمهاتكم، وتعملوا بموجب ذلك العلم من شكر المنعم وعبادته والقيام بحقوقه، والأفئدة: جمع فؤاد، وهو وسط القلب، منزل منه بمنزلة القلب من الصدر، وقد قدّمنا الوجه في إفراد السمع، وجمع الأبصار والأفئدة، وهو أن إفراد السمع لكونه مصدراً في الأصل يتناول القليل والكثير {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} أي: لكي تصرفوا كل آلة فيما خلقت له، فعند ذلك تعرفون مقدار ما أنعم الله به عليكم فتشكرونه، أو أن هذا الصرف هو نفس الشكر.
ثم ذكر سبحانه دليلاً آخر على كمال قدرته، فقال: {أَلَمْ يَرَوْاْ إلى الطير مسخرات} أي: ألم ينظروا إليها حال كونها مسخرات أي: مذللات للطيران بما خلق الله لها من الأجنحة، وسائر الأسباب المواتية لذلك، كرقة قوام الهواء وإلهامها بسط الجناح وقبضه، كما يفعل السابح في الماء {فِى جَوّ السمآء} أي: في الهواء المتباعد من الأرض في سمت العلو، وإضافته إلى السماء لكونه في جانبها {مَا يُمْسِكُهُنَّ} في الجوّ {إِلاَّ الله} سبحانه بقدرته الباهرة، فإن ثقل أجسامها، ورقة قوام الهواء يقتضيان سقوطها، لأنها لم تتعلق بشيء من فوقها، ولا اعتمدت على شيء تحتها. وقرأ يحيى بن وثاب، والأعمش، وابن عامر، وحمزة، ويعقوب {ألم تروا} بالفوقية على الخطاب. واختار هذه القراءة أبو عبيد. وقرأ الباقون بالتحتية {إِنَّ في ذَلِكَ لآيَاتٍ} أي: إن في ذلك التسخير على تلك الصفة لآيات ظاهرات تدلّ على وحدانية الله سبحانه وقدرته الباهرة {لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} بالله سبحانه، وبما جاءت به رسله من الشرائع التي شرعها الله.
وقد أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ضَرَبَ الله مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا} الآية قال: يعني الكافر أنه لا يستطيع أن ينفق نفقة في سبيل الله {وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا} الآية، قال: يعني: المؤمن وهذا المثل في النفقة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم نحوه بأطول منه.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية، وفي قوله: {مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ} قال: كل هذا مثل إله الحق وما تدعون من دونه الباطل.
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس قال: في المثل الأوّل، يعني بذلك: الآلهة التي لا تملك ضرّاً ولا نفعاً، ولا تقدر على شيء ينفعها {وَمَن رَّزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنفِقُ مِنْهُ سِرّا وَجَهْرًا} قال: علانية الذي ينفق سرّاً وجهراً لله.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم وابن مردويه، وابن عساكر عنه، قال: نزلت هذه الآية {ضَرَبَ الله مَثَلاً عَبْدًا مَّمْلُوكًا} في رجل من قريش، وعبدة بن هشام بن عمرو، وهو الذي ينفق سرّاً وجهراً، وفي عبدة أبي الجوزاء الذي كان ينهاه.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله: {وَضَرَبَ الله مَثَلاً رَّجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ} الآية قال: يعني بالأبكم: الذي هو كلّ على مولاه الكافر {وَمَن يَأْمُرُ بالعدل} المؤمن، وهذا المثل في الأعمال.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر عنه أيضاً قال: نزلت هذه الآية {وَضَرَبَ الله مَثَلاً رَّجُلَيْنِ} الآية في عثمان بن عفان ومولى له كافر، وهو أسيد بن أبي العيص كان يكره الإسلام، وكان عثمان ينفق عليه ويكفله ويكفيه المؤنة، وكان الآخر ينهاه عن الصدقة والمعروف، فنزلت فيهما.
وأخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة، والبخاري في تاريخه، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والضياء في المختارة عنه أيضاً في قوله: {وَمَن يَأْمُرُ بالعدل} قال: عثمان بن عفان.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله: {كُلٌّ} قال: الكلّ: العيال، كانوا إذا ارتحلوا حملوه على بعير ذلول، وجعلوا معه نفراً يمسكونه خشية أن يسقط عليهم، فهو عناء وعذاب وعيال عليهم {هَلْ يَسْتَوِى هُوَ وَمَن يَأْمُرُ بالعدل وَهُوَ على صراط مُّسْتَقِيمٍ} يعني: نفسه.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {وَمَا أَمْرُ الساعة إِلاَّ كَلَمْحِ البصر} هو أن يقول: كن فهو كلمح البصر {أَوْ هُوَ أَقْرَبُ} فالساعة كلمح البصر أو هي أقرب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدّي في قوله: {والله أَخْرَجَكُم مّن بُطُونِ أمهاتكم} قال: من الرحم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله: {فِى جَوّ السمآء} أي: في كبد السماء.