فصل: تفسير الآيات (73- 80):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (73- 80):

{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (73) وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا (74) قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذَابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضْعَفُ جُنْدًا (75) وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَرَدًّا (76) أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآَيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (77) أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (78) كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79) وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا (80)}
الضمير في {عَلَيْهِمْ} راجع إلى الكفار الذين سبق ذكرهم في قوله: {أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيّاً} أي: هؤلاء إذا قرئ عليهم القرآن تعذروا بالدنيا، وقالوا: لو كنتم على الحق وكنا على الباطل لكان حالكم في الدنيا أطيب من حالنا، ولم يكن بالعكس، لأن الحكيم لا يليق به أن يهين أولياءه ويعزّ أعداءه، ومعنى البينات: الواضحات التي لا تلتبس معانيها. وقيل: ظاهرات الإعجاز. وقيل: إنها حجج وبراهين، والأوّل أولى. وهي حال مؤكدة لأن آيات الله لا تكون إلا واضحة، ووضع الظاهر موضع المضمر في قوله: {قَالَ الذين كَفَرُواْ} للإشعار بأن كفرهم هو السبب لصدور هذا القول عنهم. وقيل: المراد بالذين كفروا هنا: هم المتمردّون المصرّون منهم، ومعنى قالوا {لِلَّذِينَ ءامَنُواْ} قالوا: لأجلهم. وقيل: هذه اللام هي لام التبليغ كما في قوله: {وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ} [البقرة: 247] أي خاطبوهم بذلك وبلغوا القول إليهم {أَىُّ الفريقين خَيْرٌ مَّقَاماً} المراد بالفريقين: المؤمنون والكافرون، كأنهم قالوا: أفريقنا خير أم فريقكم؟ قرأ ابن كثير وابن محيصن وحميد وشبل بن عباد {مقاماً} بضم الميم، وهو موضع الإقامة، ويجوز أن يكون مصدراً بمعنى الإقامة، وقرأ الباقون بالفتح أي منزلاً ومسكناً. وقيل: المقام: الموضع الذي يقام فيه بالأمور الجليلة، والمعنى: أي الفريقين أكبر جاهاً وأكثر أنصاراً وأعواناً، والنديّ والنادي: مجلس القوم ومجتمعهم، ومنه قوله تعالى: {وَتَأْتُونَ في نَادِيكُمُ المنكر} [العنكبوت: 29]. وناداه جالسه في النادي، ومنه دار الندوة، لأن المشركين كانوا يتشاورون فيها في أمورهم، ومنه أيضاً قول الشاعر:
أنادي به آل الوليد جعفرا

{وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مّن قَرْنٍ} القرن: الأمة والجماعة {هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً ورئيا} الأثاث: المال أجمع، الإبل والغنم والبقر والعبيد والمتاع. وقيل: هو متاع البيت خاصة. وقيل: هو الجديد من الفرش. وقيل: اللباس خاصة. واختلفت القراءات في: {ورئياً} فقرأ أهل المدينة وابن ذكوان {ورياً} بياء مشدّدة، وفي ذلك وجهان: أحدهما: أن يكون من رأيت ثم خففت الهمزة فأبدل منها ياء وأدغمت الياء في الياء والمعنى على هذه القراءة: هم أحسن منظراً وبه قول جمهور المفسرين، وحسن المنظر يكون من جهة حسن اللباس، أو حسن الأبدان وتنعمها، أو مجموع الأمرين. وقرأ أهل الكوفة وأبو عمرو وابن كثير: {ورئياً} بالهمز، وحكاها ورش عن نافع، وهشام عن ابن عامر، ومعناها معنى القراءة الأولى. قال الجوهري: من همز جعله من المنظر من رأيت، وهو ما رأته العين من حال حسنة وكسوة ظاهرة، وأنشد أبو عبيدة لمحمد بن نمير الثقفي:
أشاقتك الظعائن يوم بانوا ** بذي الرئي الجميل من الأثاث

ومن لم يهمز: إما أن يكون من تخفيف الهمزة، أو يكون من رويت ألوانهم أو جلودهم رياً، أي امتلأت وحسنت.
وقد ذكر الزجاج معنى هذا كما حكاه عنه الواحدي.
وحكى يعقوب أن طلحة بن مصرف قرأ بياء واحدة خفيفة، فقيل: إن هذه القراءة غلط، ووجهها بعض النحويين أنه كان أصلها الهمزة فقلبت ياء ثم حذفت إحدى الياءين، وروي عن ابن عباس أنه قرأ بالزاي مكان الراء، وروي مثل ذلك عن أبيّ بن كعب وسعيد بن جبير والأعصم المكي واليزيدي. والزيّ: الهيئة والحسن. قيل: ويجوز أن يكون من زويت أي: جمعت، فيكون أصلها زوياً فقلبت الواو ياء، والزيّ محاسن مجموعة.
{قُلْ مَن كَانَ في الضلالة} أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يجيب على هؤلاء المفتخرين بحظوظهم الدنيوية، أي من كان مستقرّاً في الضلالة {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرحمن مَدّاً} هذا وإن كان على صيغة الأمر، فالمراد به الخبر، وإنما خرج مخرج الأمر لبيان الإمهال منه سبحانه للعصاة، وأن ذلك كائن لا محالة لتنقطع معاذير أهل الضلال، ويقال لهم يوم القيامة: {أَوَلَمْ نُعَمّرْكُمْ مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ} [فاطر: 37]. أو للاستدراج كقوله سبحانه: {إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمَاً} [آل عمران: 178] وقيل: المراد بالآية الدعاء بالمد والتنفيس. قال الزجاج: تأويله أن الله جعل جزاء ضلالته أن يتركه ويمدّه فيها، لأن لفظ الأمر يؤكد معنى الخبر كأن المتكلم يقول: أفعل ذلك وآمر به نفسي {حتى إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ} يعني: الذين مدّ لهم في الضلالة، وجاء بضمير الجماعة اعتباراً بمعنى من، كما أن قوله: {كَانَ فِي الضلالة فَلْيَمْدُدْ لَهُ} اعتبار بلفظها، وهذه غاية للمدّ، لا لقول المفتخرين إذ ليس فيه امتداد {إِمَّا العذاب وَإِمَّا الساعة} هذا تفصيل لقوله: {ما يوعدون} أي هذا الذي توعدون هو أحد أمرين: إما العذاب في الدنيا بالقتل والأسر، وإما يوم القيامة وما يحلّ بهم حينئذٍ من العذاب الأخروي {فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضْعَفُ جُنداً} هذا جواب الشرط، وهو جواب على المفتخرين، أيّ هؤلاء القائلون: {أيّ الفريقين خير مقاماً} إذا عاينوا ما يوعدون به من العذاب الدنيوي بأيدي المؤمنين، أو الأخروي، فسيعلمون عند ذلك من هو شرّ مكاناً من الفريقين، وأضعف جنداً منهما، أي أنصاراً وأعواناً. والمعنى: أنهم سيعلمون عند ذلك أنهم شرّ مكاناً لا خير مكاناً، وأضعف جنداً لا أقوى ولا أحسن من فريق المؤمنين؛ وليس المراد أن للمفتخرين هنالك جنداً ضعفاء، بل لا جند لهم أصلاً كما في قوله سبحانه: {وَلَمْ تَكُن لَّهُ فِئَةٌ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ الله وَمَا كَانَ مُنْتَصِراً} [الكهف: 43].
ثم لما أخبر سبحانه عن حال أهل الضلالة، أراد أن يبين حال أهل الهداية فقال: {وَيَزِيدُ الله الذين اهتدوا هُدًى} وذلك أن بعض الهدى يجرّ إلى البعض الآخر، والخير يدعو إلى الخير وقيل: المراد بالزيادة: العبادة من المؤمنين، والواو في {ويزيد} للاستئناف، والجملة مستأنفة لبيان حال المهتدين وقيل: الواو للعطف على {فليمدد} وقيل: للعطف على جملة {من كان في الضلالة}.
قال الزجاج: المعنى أن الله يجعل جزاء المؤمنين أن يزيدهم يقيناً كما جعل جزاء الكافرين أن يمدّهم في ضلالتهم {والباقيات الصالحات خَيْرٌ عِندَ رَبّكَ ثَوَابًا} هي الطاعات المؤدية إلى السعادة الأبدية، ومعنى كونها خيراً عند الله ثواباً: أنها أنفع عائدة مما يتمتع به الكفار من النعم الدنيوية {وَخَيْرٌ مَّرَدّاً} المردّ ها هنا مصدر كالردّ، والمعنى: وخير مردّاً للثواب على فاعلها ليست كأعمال الكفار التي خسروا فيها، والمردّ: المرجع والعاقبة والتفضل للتهكم بهم للقطع بأن أعمال الكفار لا خير فيها أصلاً.
ثم أردف سبحانه مقالة أولئك المفتخرين بأخرى مثلها على سبيل التعجب فقال: {أَفَرَأَيْتَ الذي كَفَرَ بئاياتنا} أي أخبرني بقصة هذا الكافر واذكر حديثه عقب حديث أولئك، وإنما استعملوا أرأيت بمعنى أخبر، لأن رؤية الشيء من أسباب صحة الخبر عنه، والآيات تعمّ كل آية ومن جملتها آية البعث، والفاء للعطف على مقدّر يدل عليه المقام، أي أنظرت فرأيت، واللام في {لأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً} هي الموطئة للقسم، كأنه قال: والله لأوتينّ في الآخرة مالاً وولداً، أي أنظر إلى حال هذا الكافر وتعجب من كلامه وتأليه على الله مع كفره به وتكذيبه بآياته.
ثم أجاب سبحانه عن قول هذا الكافر بما يدفعه ويبطله، فقال: {أَطَّلَعَ} على {الغيب} أي أعلم ما غاب عنه حتى يعلم أنه في الجنة {أَمِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً} بذلك، فإنه لا يتوصل إلى العلم إلا بإحدى هاتين الطريقتين وقيل: المعنى: أنظر في اللوح المحفوظ؟ أم اتخذ عند الرحمن عهداً؛ وقيل: معنى {أم اتخذ عند الرحمن عهداً} أم قال: لا إله إلا الله فأرحمه بها. وقيل: المعنى أم قدّم عملاً صالحاً فهو يرجوه. واطلع مأخوذ من قولهم: اطلع الجبل إذا ارتقى إلى أعلاه. وقرأ حمزة والكسائي ويحيى بن وثاب والأعمش: {وولداً} بضم الواو، والباقون بفتحها، فقيل: هما لغتان معناهما واحد، يقال: ولد وولد كما يقال: عدم وعُدم، قال الحارث بن حلزّة:
ولقد رأيت معاشرا ** قد ثمروا مالاً وولداً

وقال آخر:
فليت فلاناً كان في بطن أمه ** وليت فلاناً كان ولد حمار

وقيل: الولد بالضم للجمع وبالفتح للواحد.
وقد ذهب الجمهور إلى أن هذا الكافر أراد بقوله: {لأوتينّ مالاً وولداً} أنه يؤتى ذلك في الدنيا.
وقال جماعة: في الجنة، وقيل: المعنى: إن أقمت على دين آبائي لأوتين. وقيل: المعنى: لو كنت على باطل لما أوتيت مالاً وولداً.
{كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ}: {كلا} حرف ردع وزجر، أي ليس الأمر على ما قال هذا الكافر من أنه يؤتى المال والولد، سيكتب ما يقول أي سنحفظ عليه ما يقوله فنجاز به في الآخرة، أو سنظهر ما يقول، أو سننتقم منه انتقام من كتبت معصيته {وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ العذاب مَدّاً} أي نزيده عذاباً فوق عذابه مكان ما يدّعيه لنفسه من الإمداد بالمال والولد، أو نطوّل له من العذاب ما يستحقه وهو عذاب من جمع بين الكفر والاستهزاء.
{وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ} أي نميته فنرثه المال والولد الذي يقول إنه يؤتاه. والمعنى: مسمى ما يقول ومصداقه. وقيل: المعنى نحرمه ما تمناه ونعطيه غيره. {وَيَأْتِينَا فَرْداً} أي يوم القيامة لا مال له ولا ولد، بل نسلبه ذلك، فكيف يطمع في أن نؤتيه. وقيل: المراد بما يقول: نفس القول لا مسماه، والمعنى: إنما يقول هذا القول ما دام حياً، فإذا أمتناه حلنا بينه وبين أن يقوله ويأتينا رافضاً له منفرداً عنه، والأوّل أولى.
وقد أخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {أَىُّ الفريقين خَيْرٌ مَّقَاماً} قال: قريش تقوله لها ولأصحاب محمد.
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {خَيْرٌ مَّقَاماً} قال: المنازل {وَأَحْسَنُ نَدِيّاً} قال: المجالس، وفي قوله: {أَحْسَنُ أَثَاثاً} قال: المتاع والمال {ورئياً} قال: المنظر.
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله: {قُلْ مَن كَانَ فِي الضلالة فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرحمن مَدّاً}: فليدعه الله في طغيانه.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن حبيب بن أبي ثابت قال في حرف أبيّ: {قل من كان في الضلالة فإنه يزيده الله ضلالة}.
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما في قوله: {أَفَرَأَيْتَ الذي كَفَرَ} من حديث خباب بن الأرت قال: كنت رجلاً قيناً وكان لي على العاص بن وائل دين، فأتيته أتقاضاه فقال: لا والله لا أقضيك حتى تكفر بمحمد، فقلت: والله لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث، قال: فإني إذا متّ ثم بعثت جئتني ولي ثم مال وولد فأعطيك، فأنزل الله فيه هذه الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أَمِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً} قال: لا إله إلا الله يرجو بها.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله: {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ} قال: ماله وولده.

.تفسير الآيات (81- 95):

{وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آَلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (81) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا (82) أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا (83) فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا (84) يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (86) لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (87) وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (88) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (89) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (90) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (91) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا (92) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آَتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آَتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا (95)}
حكى سبحانه ما كان عليه هؤلاء الكفار الذين تمنوا ما لا يستحقونه، وتألوا على الله سبحانه من اتخاذهم الآلهة من دون الله لأجل يتعززون بذلك. قال الهروّي: معنى {لّيَكُونُواْ لَهُمْ عِزّاً}: ليكونوا لهم أعواناً. قال الفراء: معناه: ليكونوا لهم شفعاء في الآخرة. وقيل: معناه ليتعززوا بهم من عذاب الله ويمتنعوا بها. {كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بعبادتهم} أي ليس الأمر كما ظنوا وتوهموا، والضمير في الفعل إما للآلهة أي ستجحد هذه الأصنام عبادة الكفار لها يوم ينطقها الله سبحانه، لأنها عند أن عبدوها جمادات لا تعقل ذلك، وإما للمشركين، أي سيجحد المشركون أنهم عبدوا الأصنام، ويدل على الوجه الأوّل قوله تعالى: {مَا كَانُواْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ} [القصص: 63] وقوله: {فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ القول إِنَّكُمْ لكاذبون} [النحل: 86] ويدلّ على الوجه الثاني قوله تعالى: {والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] وقرأ ابن أبي نهيك: {كلا} بالتنوين، وروي عنه مع ذلك ضمّ الكاف وفتحها، فعلى الضم هي بمعنى جميعاً، وانتصابها بفعل مضمر، كأنه قال: سيكفرون كلا سيكفرون بعبادهم، وعلى الفتح يكون مصدراً لفعل محذوف تقديره: كل هذا الرأي كلا، وقراءة الجمهور هي الصواب، وهي حرف ردع وزجر {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} أي تكون هذه الآلهة التي ظنوها عزّاً لهم ضدّاً عليهم، أي ضدّاً للعزّ وضدّ العزّ: الذلّ، هذا على الوجه الأوّل، وأما على الوجه الثاني فيكون المشركون للآلهة ضدّاً وأعداء يكفرون بها بعد أن كانوا يحبونها ويؤمنون بها.
{أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشياطين عَلَى الكافرين} ذكر الزجاج في معنى هذا وجهين: أحدهما: أن معناه: خلينا بين الكافرين وبين الشياطين فلم نعصمهم منهم ولم نعذهم، بخلاف المؤمنين الذين قيل فيهم: {إِنَّ عِبَادِى لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سلطان} [الإسراء: 65]. الوجه الثاني: أنهم أرسلوا عليهم وقيضوا لهم بكفرهم قال: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرحمن نُقَيّضْ لَهُ شَيْطَاناً} [الزخرف: 36] فمعنى الإرسال ها هنا: التسليط ومن ذلك قوله سبحانه لإبليس {واستفزز مَنِ استطعت مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} [الإسراء: 64] ويؤيد الوجه الثاني تمام الآية، وهو {تَؤُزُّهُمْ أَزّاً} فإن الأزّ والهزّ والاستفزاز معناها: التحريك والتهييج والإزعاج، فأخبر الله سبحانه أن الشياطين تحرّك الكافرين وتهيجهم وتغويهم، وذلك هو التسليط لها عليهم، وقيل: معنى الأزّ: الاستعجال، وهو مقارب لما ذكرنا لأن الاستعجال تحريك وتهييج واستفزاز وإزعاج، وسياق هذه الآية لتعجيب رسول الله صلى الله عليه وسلم من حالهم، وللتنبيه له على أن جميع ذلك بإضلال الشياطين وإغوائهم، وجملة: {تؤزهم أزّاً} في محل نصب على الحال، أو مستأنفة على تقدير سؤال يدل عليه المقام، كأنه قيل: ماذا تفعل الشياطين بهم؟
{فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ} بأن تطلب من الله إهلاكهم بسبب تصميمهم على الكفر، وعنادهم للحق، وتمرّدهم عن داعي الله سبحانه.
ثم علل سبحانه هذا النهي بقوله: {إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً} يعني نعدّ الأيام والليالي والشهور والسنين من أعمارهم إلى انتهاء آجالهم. وقيل: نعدّ أنفاسهم. وقيل خطواتهم. وقيل: لحظاتهم. وقيل: الساعات.
وقال قطرب: نعدّ أعمالهم. وقيل: المعنى: لا تعجل عليهم فإنما نؤخرهم ليزدادوا إثماً.
ثم لما قرّر سبحانه أمر الحشر وأجاب عن شبهة منكريه أراد أن يشرح حال المكلفين حينئذٍ، فقال: {يَوْمَ نَحْشُرُ المتقين إِلَى الرحمن وَفْداً} الظرف منصوب بفعل مقدّر، أي اذكر يا محمد يوم الحشر. وقيل: منصوب بالفعل الذي بعده، ومعنى حشرهم إلى الرحمن: حشرهم إلى جنته ودار كرامته، كقوله: {إِنّى ذَاهِبٌ إلى رَبّى} [الصافات: 99] والوفد جمع وافد، كالركب جمع راكب، وصحب جمع صاحب، يقال: وفد يفد وفداً إذا خرج إلى ملك أو أمر خطير كذا قال الجوهري. {وَنَسُوقُ المجرمين إلى جَهَنَّمَ وِرْداً} السوق: الحثّ على السير، والورد: العطاش قاله الأخفش وغيره.
وقال الفراء وابن الأعرابي: هم المشاة، وقال الأزهري: هم المشاة العطاش، كالإبل ترد الماء. وقيل: {وردا} أي: للورد، كقولك: جئتك إكراماً، أي للإكرام، وقيل: أفراداً. قيل: ولا تناقض بين هذه الأقوال فهم يساقون مشاة عطاشاً أفراداً، وأصل الورد: الجماعة التي ترد الماء من طير أو إبل أو قوم أو غير ذلك. والورد الماء الذي يورد.
وجملة: {لاَّ يَمْلِكُونَ الشفاعة} مستأنفة لبيان بعض ما يكون في ذلك اليوم من الأمور، والضمير في {يملكون} راجع إلى الفريقين. وقيل: للمتقين خاصة. وقيل: للمجرمين خاصة، والأوّل أولى. ومعنى {لا يملكون الشفاعة}: أنهم لا يملكون أن يشفعوا لغيرهم. وقيل: لا يملك غيرهم أن يشفع لهم، والأوّل أولى {إِلاَّ مَنِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً} هذا الاستثناء متصل على الوجه الأوّل أي لا يملك الفريقان المذكوران الشفاعة إلا من استعدّ لذلك بما يصير به من جملة الشافعين لغيرهم بأن يكون مؤمناً متقياً، فهذا معنى اتخاذ العهد عند الله. وقيل: معنى اتخاذ العهد أن الله أمره بذلك كقولهم: عهد الأمير إلى فلان إذا أمره به. وقيل: معنى اتخاذ العهد: شهادة أن لا إله إلا الله. وقيل: غير ذلك. وعلى الاتصال في هذا الاستثناء يكون محل {من} في {من اتخذ} الرفع على البدل، أو النصب على أصل الاستثناء. وأما على الوجه الثاني فالاستثناء منقطع؛ لأن التقدير: لا يملك المجرمون الشفاعة {إِلاَّ مَنِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً} وهم المسلمون. وقيل: هو متصل على هذا الوجه أيضاً، والتقدير: لا يملك المجرمون الشفاعة إلا من كان منهم مسلماً.
{وَقَالُواْ اتخذ الرحمن وَلَداً} قرأ يحيى بن وثاب والأعمش وحمزة والكسائي: {ولداً} بضم الواو وإسكان اللام، وقرأ الباقون في الأربعة المواضع الأربعة في هذه السورة بفتح الواو واللام، وقد قدّمنا الفرق بين القراءتين.
والجملة مستأنفة لبيان قول اليهود والنصارى ومن يزعم من العرب أن الملائكة بنات الله، وفي قوله: {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً} التفات من الغيبة إلى الخطاب، وفيه ردّ لهذه المقالة الشنعاء، والإدّ كما قال الجوهري: الداهية والأمر الفظيع، وكذلك الأدّة، وجمع الأدّة أدد، يقال: أدّت فلاناً الداهية تؤدّه أدا بالفتح. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي: {أدّاً} بفتح الهمزة، وقرأ الجمهور بالكسر، وقرأ ابن عباس وأبو العالية {آدّاً} مثل مادّاً، وهي مأخوذة من الثقل، يقال: أدّه الحمل يؤده: إذا أثقله. قال الواحدي: {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً} أي عظيماً في قول الجميع، ومعنى الآية: قلتم قولاً عظيماً. وقيل: الإدّ: العجب، والإدّة: الشدّة، والمعنى متقارب، والتركيب يدور على الشدّة والثقل.
{يَكَادُ السموات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ} قرأ نافع والكسائي وحفص ويحيى بن وثاب {يكاد} بالتحتية، وقرأ الباقون بالفوقية وقرأ نافع وابن كثير وحفص {يتفطرن} بالتاء الفوقية، وقرأ حمزة وابن عامر وأبو عمرو وأبو بكر والمفضل {يتفطرن} بالتحتية من الانفطار، واختار هذه القراءة أبو عبيد لقوله: {إِذَا السماء انفطرت} [الإنفطار: 1]، وقوله: {السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ} [المزمل: 18] وقرأ ابن مسعود: {يتصدّعن} والانفطار والتفطر: التشقق {وَتَنشَقُّ الأرض} أي وتكاد أن تنشق الأرض، وكرر الفعل للتأكيد لأن تتفطرن وتنشق معناهما واحد {وَتَخِرُّ الجبال} أي تسقط وتنهدم، وانتصاب {هَدّاً} على أنه مصدر مؤكد؛ لأن الخرور في معناه، أو هو مصدر لفعل مقدّر، أي وتنهد هدّاً، أو على الحال أي مهدودة، أو على أنه مفعول له، أي لأنها تنهد. قال الهروي: يقال هدني الأمر وهدّ ركني، أي كسرني وبلغ مني. قال الجوهري: هدّ البناء يهدّه هدّاً كسره وضعضعه، وهدّته المصيبة أوهنت ركنه، وانهدّ الجبل، أي انكسر، والهدّة: صوت وقع الحائط، كما قال ابن الأعرابي، ومحل {أَن دَعَوْا للرحمن وَلَداً} الجرّ بدلاً من الضمير في {منه}.
وقال الفراء: في محل نصب بمعنى لأن دعوا.
وقال الكسائي: هو في محل خفض بتقدير الخافض. وقيل: في محل رفع على أنه فاعل {هدّاً}. والدعاء بمعنى التسمية، أي سموا للرحمن ولداً، أو بمعنى النسبة أي نسبوا له ولداً.
{وَمَا يَنبَغِى للرحمن أَن يَتَّخِذَ وَلَداً} أي لا يصلح له ولا يليق به لاستحالة ذلك عليه؛ لأن الولد يقتضي الجنسية والحدوث، والجملة في محل نصب على الحال، أي قالوا اتخذ الرحمن ولداً، أو أن دعوا للرحمن ولداً، والحال أنه ما يليق به سبحانه ذلك. {إِن كُلُّ مَن فِي السموات والأرض} أي ما كل من في السموات والأرض {إِلا} وهو {آتِي} الله يوم القيامة مقرّاً بالعبودية خاضعاً ذليلاً كما قال: {وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخرين} [النمل: 87] أي صاغرين. والمعنى: أن الخلق كلهم عبيده فكيف يكون واحد منهم ولداً له؟ وقرى {آتٍ} على الأصل.
{لَّقَدْ أحصاهم} أي حصرهم وعلم عددهم {وَعَدَّهُمْ عَدّاً} أي عدّ أشخاصهم بعد أن حصرهم فلا يخفى عليه أحد منهم. {وَكُلُّهُمْ ءَاتِيهِ يَوْمَ القيامة فَرْداً} أي كل واحد منهم يأتيه يوم القيامة فرداً لا ناصر له ولا مال معه، كما قال سبحانه: {يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ} [الشعراء: 88].
وقد أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً} قال: أعواناً.
وأخرج عبد بن حميد عنه {ضِدّاً} قال: حسرة.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضاً قال: {تَؤُزُّهُمْ أَزّاً}: تغويهم إغواءً.
وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً: {تَؤُزُّهُمْ أَزّاً} قال: تحرّض المشركين على محمد وأصحابه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال: تزعجهم إزعاجاً إلى معاصي الله.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس: {وَفْداً} قال: ركباناً.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن أبي هريرة {وَفْداً} قال: على الإبل.
وفي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق: راغبين وراهبين، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير وأربعة على بعير، وعشرة على بعير، وتحشر بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا» والأحاديث في هذا الباب كثيرة جداً.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس: {وِرْداً} قال: عطاشاً.
وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة مثله.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله: {إِلاَّ مَنِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً} قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وتبرأ من الحول والقوّة، ولا يرجو إلا الله.
وأخرج ابن مردويه عنه في الآية قال: من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه عن ابن مسعود أنه قرأ: {إِلاَّ مَنِ اتخذ عِندَ الرحمن عَهْداً} قال: إن الله يقول يوم القيامة: من كان له عندي عهد فليقم، فلا يقوم إلا من قال هذا في الدنيا، قولوا: اللّهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك في الحياة الدنيا أنك إن تكلني إلى عملي تقربني من الشرّ وتباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك، فاجعله لي عندك عهداً تؤديه إليّ يوم القيامة، إنك لا تخلف الميعاد.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أدخل على مؤمن سروراً فقد سرّني، ومن سرّني فقد اتخذ عند الرحمن عهداً، ومن اتخذ عند الرحمن عهداً فلا تمسه النار، إن الله لا يخلف الميعاد».
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من جاءنا بالصلوات الخمس يوم القيامة قد حافظ على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها لم ينقص منها شيئاً جاء وله عند الله عهد أن لا يعذبه، ومن جاء قد انتقص منهم شيئاً فليس له عند الله عهد، إن شاء رحمه وإن شاء عذبه».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً} قال: قولاً عظيماً، وفي قوله: {يَكَادُ السموات} قال: إن الشرك فزعت منه السموات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلا الثقلين، وكادت تزول منه لعظمة الله سبحانه، وكما لا ينفع مع الشرك إحسان المشرك، كذلك يرجو أن يغفر الله ذنوب الموحدين، وفي قوله: {وَتَخِرُّ الجبال هَدّاً} قال: هدماً.
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة، وأحمد في الزهد، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ في العظمة، والطبراني والبيهقي في الشعب من طريق عون عن ابن مسعود قال: إن الجبل لينادي الجبل باسمه، يا فلان، هل مرّ بك اليوم أحد ذكر الله؟ فإذا قال: نعم، استبشر. قال عون: أفيسمعن الزور إذا قيل ولا يسمعن الخير؟ هنّ للخير أسمع، وقرأ: {وَقَالُواْ اتخذ الرحمن وَلَداً} الآيات.