فصل: تفسير الآيات (23- 30):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (23- 30):

{وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ (23) وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (25) أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ أَفَلَا يَسْمَعُونَ (26) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ (27) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (28) قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (29) فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ (30)}
قوله: {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا موسى الكتاب} أي التوراة {فَلاَ تَكُن} يا محمد {فِي مِرْيَةٍ} أي شك، وريبة {مّن لّقَائِهِ} قال الواحدي: قال المفسرون: وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيلقى موسى قبل أن يموت، ثم لقيه في السماء أو في بيت المقدس حين أسري به. وهذا قول مجاهد والكلبي والسديّ. وقيل: فلا تكن في شك من لقاء موسى في القيامة وستلقاه فيها. وقيل: فلا تكن في شك من لقاء موسى للكتاب. قاله الزجاج.
وقال الحسن: إن معناه: ولقد آتينا موسى الكتاب فكذّب وأوذي، فلا تكن في شك من أنه سيلقاك ما لقيه من التكذيب والأذى، فيكون الضمير في لقائه على هذا عائداً على محذوف، والمعنى: من لقاء ما لاقى موسى. قال النحاس: وهذا قول غريب. وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، والمعنى: قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم، فلا تكن في مرية من لقائه، فجاء معترضاً بين {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا موسى الكتاب} وبين {وجعلناه هُدًى لّبَنِي إسراءيل} وقيل: الضمير راجع إلى الكتاب الذي هو الفرقان كقوله: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى القرءان} [النمل: 6] والمعنى: أنا آتينا موسى مثل ما آتيناك من الكتاب، ولقيناه مثل ما لقيناك من الوحي، فلا تكن في شك من أنك لقيت مثله ونظيره، وما أبعد هذا، ولعلّ الحامل لقائله عليه قوله: {وجعلناه هُدًى لّبَنِي إسراءيل} فإن الضمير راجع إلى الكتاب. وقيل: إن الضمير في {لقائه} عائد إلى الرجوع المفهوم من قوله: {ثُمَّ إلى رَبّكُمْ تُرْجَعُونَ} أي لا تكن في مرية من لقاء الرجوع، وهذا بعيد أيضاً.
واختلف في الضمير في قوله: {وجعلناه} فقيل: هو راجع إلى الكتاب، أي جعلنا التوراة هدى لبني إسرائيل، قاله الحسن وغيره.
وقال قتادة: إنه راجع إلى موسى، أي وجعلنا موسى هدى لبني إسرائيل.
{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً} أي قادة يقتدون به في دينهم، وقرأ الكوفيون: {أئمة} قال النحاس: وهو لحن عند جميع النحويين، لأنه جمع بين همزتين في كلمة واحدة، ومعنى {يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا}: أي يدعونهم إلى الهداية بما يلقونه إليه من أحكام التوراة ومواعظها بأمرنا، أي بأمرنا لهم بذلك، أو لأجل أمرنا.
وقال قتادة: المراد بالأئمة: الأنبياء منهم. وقيل: العلماء {لَمَّا صَبَرُواْ} قرأ الجمهور: {لما} بفتح اللام وتشديد الميم، أي حين صبروا، والضمير للأئمة، وفي {لما} معنى: الجزاء، والتقدير: لما صبروا جعلناهم أئمة. وقرأ حمزة والكسائي وخلف وورش عن يعقوب ويحيى بن وثاب بكسر اللام وتخفيف الميم، أي جعلناهم أئمة لصبرهم، واختار هذه القراءة أبو عبيد مستدلاً بقراءة ابن مسعود: {بما صبروا} بالباء، وهذا الصبر هو صبرهم على مشاقّ التكليف والهداية للناس، وقيل: صبروا عن الدنيا {وَكَانُواْ بئاياتنا} التنزيلية {يُوقِنُونَ} أي يصدّقونها، ويعلمون أنها حق، وأنها من عند الله؛ لمزيد تفكرهم، وكثرة تدبرهم.
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ} أي يقضي بينهم ويحكم بين المؤمنين والكفار {يَوْمَ القيامة فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} وقيل: يقضي بين الأنبياء، وأممهم، حكاه النقاش. {أَوَ لَمْ يَهْدِ لَهُمْ} أي أو لم يبين لهم، والهمزة للإنكار، والفاعل ما دلّ عليه {كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِمْ مّنَ القرون} أي أو لم نبين لهم كثرة إهلاكنا من قبلهم. قال الفراء: كم في موضع رفع ب {يهد}.
وقال المبرد: إن الفاعل: الهدى المدلول عليه ب {يهد}، أي أو لم يهد لهم الهدى.
وقال الزجاج: {كم} في موضع نصب ب {أهلكنا}، قرأ الجمهور: {أو لم يهد} بالتحتية، وقرأ السلمي وقتادة وأبو زيد عن يعقوب بالنون، وهذه القراءة واضحة. قال النحاس: والقراءة بالياء التحتية فيها إشكال؛ لأنه يقال: الفعل لا يخلو من فاعل فأين الفاعل ل {يهد}؟ ويجاب عنه بأن الفاعل هو ما قدّمنا ذكره، والمراد بالقرون: عاد وثمود ونحوهم، وجملة: {يَمْشُونَ فِي مساكنهم} في محل نصب على الحال من ضمير لهم، أي والحال أنهم يمشون في مساكن المهلكين ويشاهدونها، وينظرون ما فيها من العبر، وآثار العذاب. ولا يعتبرون بذلك. وقيل: يعود إلى المهلكين، والمعنى: أهلكناهم حال كونهم ماشين في مساكنهم، والأوّل أولى {إِنَّ فِي ذَلِكَ} المذكور {لآيَاتٍ} عظيمات، {أَفَلاَ يَسْمَعُونَها}، ويتعظون بها.
{أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ الماء إِلَى الأرض الجرز} أي أو لم يعلموا بسوقنا الماء إلى الأرض التي لا تنبت إلا بسوق الماء إليها. وقيل: هي اليابسة، وأصله من الجرز وهو: القطع أي التي قطع نباتها لعدم الماء، ولا يقال للتي لا تنبت أصلاً كالسباخ جرز لقوله: {فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً} قيل: هي أرض اليمن. وقيل: أرض عدن.
وقال الضحاك: هي الأرض العطشى.
وقال الفراء: هي الأرض التي لا نبات فيها.
وقال الأصمعي: هي الأرض التي لا تنبت شيئاً. قال المبرد: يبعد أن تكون لأرض بعينها لدخول الألف واللام. وقيل: هي مشتقة من قولهم رجل جروز: إذا كان لا يبقي شيئاً إلا أكله، ومنه قول الراجز:
خب جروز وإذا جاع بكى ** ويأكل التمر ولا يلقي النوى

وكذلك ناقة جروز: إذا كانت تأكل كل شيء تجده.
وقال مجاهد: إنها أرض النيل؛ لأن الماء إنما يأتيها في كل عام {فَنُخْرِجُ بِهِ}، أي بالماء {زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أنعامهم} أي من الزرع كالتبن والورق ونحوهما مما لا يأكله الناس {وَأَنفُسِهِمْ} أي يأكلون الحبوب الخارجة في الزرع مما يقتاتونه، وجملة: {تَأْكُلُ مِنْهُ أنعامهم} في محلّ نصب على الحال {أَفَلاَ يُبْصِرُونَ} هذه النعم ويشكرون المنعم ويوحدونه، لكونه المنفرد بإيجاد ذلك.
{وَيَقُولُونَ متى هذا الفتح إِن كُنتُمْ صادقين} القائلون هم الكفار على العموم، أو كفار مكة على الخصوص، أي متى الفتح الذي تعدونا به، يعنون بالفتح: القضاء والفصل بين العباد، وهو يوم البعث الذي يقضي الله فيه بين عباده، قاله مجاهد وغيره.
وقال الفراء والقتيبي: هو فتح مكة. قال قتادة: قال أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم للكفار: إن لنا يوماً ننعم فيه ونستريح ويحكم الله بيننا وبينكم، يعنون يوم القيامة، فقال الكفار: متى هذا الفتح؟ وقال السديّ: هو يوم بدر، لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون للكفار: إن الله ناصرنا ومظهرنا عليكم، و{متى} في قوله: {متى هذا الفتح} في موضع رفع، أو في موضع نصب على الظرفية.
ثم أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجيب عليهم، فقال: {قُلْ يَوْمَ الفتح لاَ يَنفَعُ الذين كَفَرُواْ إيمانهم وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ} وفي هذا دليل على أن يوم الفتح هو يوم القيامة؛ لأن يوم فتح مكة ويوم بدر هما مما ينفع فيه الإيمان.
وقد أسلم أهل مكة يوم الفتح، وقبل ذلك منهم النبيّ صلى الله عليه وسلم، ومعنى {وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ}: لا يمهلون ولا يؤخرون، {ويوم} في {يوم الفتح} منصوب على الظرفية، وأجاز الفراء الرفع {فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} أي عن سفههم وتكذيبهم ولا تجبهم إلا بما أمرت به {وانتظر إِنَّهُمْ مُّنتَظِرُونَ} أي وانتظر يوم الفتح، وهو يوم القيامة، أو يوم إهلاكهم بالقتل، إنهم منتظرون بك حوادث الزمان من موت أو قتل أو غلبة كقوله: {فَتَرَبَّصُواْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبّصُونَ} [التوبة: 52] ويجوز أن يراد: إنهم منتظرون لإهلاكهم، والآية منسوخة بآية السيف. وقيل: غير منسوخة، إذ قد يقع الإعراض مع الأمر بالقتال. وقرأ ابن السميفع: {إنهم منتظرون} بفتح الظاء مبنياً للمفعول، ورويت هذه القراءة عن مجاهد وابن محيصن. قال الفراء: لا يصح هذا إلا بإضمار، أي إنهم منتظر بهم. قال أبو حاتم: الصحيح الكسر، أي انتظر عذابهم إنهم منتظرون هلاكك.
وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رأيت ليلة أسري بي موسى بن عمران رجلاً طويلاً جعداً كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى ابن مريم مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس، ورأيت مالكاً خازن جهنم والدجال في آيات أراهنّ الله إياه» قال: {فَلاَ تَكُن فِي مِرْيَةٍ مّن لّقَائِهِ} فكان قتادة يفسرها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد لقي موسى {وجعلناه هُدًى لّبَنِي إسراءيل} قال: جعل الله موسى هدى لبني إسرائيل.
وأخرج الطبراني وابن مردويه والضياء في المختارة بسند، قال السيوطي: صحيح، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: {فَلاَ تَكُن فِي مِرْيَةٍ مّن لّقَائِهِ} قال: «من لقاء موسى»، قيل: أو لقي موسى؟ قال: نعم، ألا ترى إلى قوله: {وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا} [الزخرف: 45].
وأخرج الفريابي، وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {أَوَ لَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَسُوقُ الماء إِلَى الأرض الجرز} قال: الجرز التي لا تمطر إلا مطراً لا يغني عنها شيئاً إلا ما يأتيها من السيول.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير، وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله: {إِلَى الأرض الجرز} قال: أرض باليمن. قال القرطبي في تفسيره: والإسناد عن ابن عباس صحيح لا مطعن فيه.
وأخرج الحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله: {وَيَقُولُونَ متى هذا الفتح إِن كُنتُمْ صادقين} قال: يوم بدر فتح للنبي صلى الله عليه وسلم فلم ينفع الذين كفروا إيمانهم بعد الموت.

.سورة الأحزاب:

هي ثلاث وسبعون آية.
وهي مدنية.
أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس قال: نزلت سورة الأحزاب بالمدينة.
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله.
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والطيالسي وسعيد بن منصور وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وابن منيع والنسائي وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف والدارقطني في الأفراد والحاكم وصححه وابن مردويه والضياء في المختارة عن زر قال: قال لي أبي بن كعب كأين تقرأ سورة الأحزاب أو كأين تعدها؟ قلت: ثلاثا وسبعين آية. فقال: أقط لقد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة أو أكثر من سورة البقرة، ولقد قرأنا فيها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم، فرفع فيما رفع.
قال ابن كثير: وإسناده حسن.
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب قام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس، إن الله بعث محمدا بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها ووعيناها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى أن يطول بالناس زمان أن يقول قائل: لا نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله.
وقد وري عنه نحو هذا من طرق.
وأخرج ابن مردويه عن حذيفة قال: قال لي عمر بن الخطاب: كم تعدون سورة الأحزاب؟ قلت ثنتين أو ثلاثا وسبعين قال: إن كانت لتقارب سورة البقرة، وإن كان فيها لآية الرجم.
وأخرج البخاري في تاريخه قال: قرأت سورة الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسيت منها سبعين آية ما وجدتها.
وأخرج أبو عبيد في الفضائل وابن الأنباري وابن مردويه عن عائشة قالت: كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبي صلى الله عليه وسلم مائتي آية، فلما كتب عثمان المصاحف لم يقرر منها إلا على ما هو الآن.

.تفسير الآيات (1- 6):

{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (1) وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (2) وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (3) مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (5) النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا (6)}
قوله: {ياأيها النبي اتق الله} أي دم على ذلك، وازدد منه {وَلاَ تُطِعِ الكافرين} من أهل مكة، ومن هو على مثل كفرهم {والمنافقين} أي الذين يظهرون الإسلام، ويبطنون الكفر. قال الواحدي: إنه أراد سبحانه بالكافرين أبا سفيان وعكرمة وأبا الأعور السلمي، وذلك أنهم قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم: ارفض ذكر آلهتنا، وقل: إن لها شفاعة لمن عبدها. قال: والمنافقين عبد الله بن أبيّ وعبد الله بن سعد بن أبي سرح. وسيأتي آخر البحث بيان سبب نزول الآية {إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} أي كثير العلم والحكمة بليغهما، قال النحاس: ودلّ بقوله: {إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً حَكِيماً} على أنه كان يميل إليهم: يعني: النبي صلى الله عليه وسلم استدعاء لهم إلى الإسلام، والمعنى: أن الله عزّ وجلّ لو علم أن ميلك إليهم فيه منفعة لما نهاك عنهم لأنه حكيم، ولا يخفى بعد هذه الدلالة التي زعمها، ولكن هذه الجملة تعليل لجملة الأمر بالتقوى، والنهي عن طاعة الكافرين، والمنافقين، والمعنى: أنه لا يأمرك أو ينهاك إلا بما علم فيه صلاحاً أو فساداً، لكثرة علمه وسعة حكمته.
{واتبع مَا يوحى إِلَيْكَ مِن رَبّكَ} من القرآن، أي اتبع الوحي في كل أمورك، ولا تتبع شيئاً مما عداه من مشورات الكافرين والمنافقين، ولا من الرأي البحت؛ فإن فيما أوحي إليك ما يغنيك عن ذلك، وجملة: {إِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً} تعليل لأمره باتباع ما أوحى إليك، والأمر له صلى الله عليه وسلم أمر لأمته، فهم مأمورون باتباع القرآن كما هو مأمور باتباعه، ولهذا جاء بخطابه وخطابهم في قوله: {بِمَا تَعْمَلُونَ} على قراءة الجمهور بالفوقية للخطاب، واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم. وقرأ أبو عمرو والسلمي وابن أبي إسحاق بالتحتية. {وَتَوَكَّلْ عَلَى الله وكفى بالله وَكِيلاً} أي اعتمد عليه وفوّض أمورك إليه، وكفى به حافظاً يحفظ من توكل عليه.
ثم ذكر سبحانه مثلاً توطئة وتمهيداً لما يتعقبه من الأحكام القرآنية، التي هي من الوحي الذي أمره الله باتباعه فقال: {مَّا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}.
وقد اختلف في سبب نزول هذه الآية كما سيأتي، وقيل: هي مثل ضربه الله للمظاهر، أي كما لا يكون للرجل قلبان كذلك لا تكون امرأة المظاهر أمه حتى يكون له أمَّان، وكذلك لا يكون الدعيّ ابناً لرجلين. وقيل: كان الواحد من المنافقين يقول: لي قلب يأمرني بكذا وقلب بكذا؛ فنزلت الآية لردّ النفاق، وبيان أنه لا يجتمع مع الإسلام كما لا يجتمع قلبان، والقلب بضعة صغيرة على هيئة الصنوبرة خلقها الله وجعلها محلاً للعلم.
{وَمَا جَعَلَ أزواجكم اللائي تظاهرون مِنْهُنَّ أمهاتكم}، وقرأ الكوفيون وابن عامر: {اللائي} بياء ساكنة بعد همزة، وقرأ أبو عمرو والبزي بياء ساكنة بعد ألف محضة. قال أبو عمرو بن العلاء: إنها لغة قريش التي أمر الناس أن يقرؤوا بها، وقرأ قنبل وورش بهمزة مكسورة بدون ياء. قرأ عاصم: {تظاهرون} بضم الفوقية وكسر الهاء بعد ألف مضارع ظاهر، وقرأ ابن عامر بفتح الفوقية والهاء وتشديد الظاء مضارع تظاهر، والأصل: تتظاهرون. وقرأ الباقون: {تظهرون} بفتح الفوقية وتشديد الظاء بدون ألف، والأصل تتظهرون. والظهار مشتق من الظهر، وأصله: أن يقول الرجل لامرأته: أنت عليّ كظهر أمي، والمعنى: وما جعل الله نساءكم اللائي تقولون لهنّ هذا القول كأمهاتكم في التحريم، ولكنه منكر من القول وزور وكذلك {مَّا جَعَلَ} الأدعياء الذين تدّعون أنّهم {أَبْنَاءكُمْ} أبناء لكم. والأدعياء جمع دعيّ، وهو الذي يدعي ابناً لغير أبيه، وسيأتي الكلام في الظهار في سورة المجادلة. والإشارة بقوله: {ذلكم} إلى ما تقدّم من ذكر الظهار، والادعاء، وهو مبتدأ. وخبره: {قَوْلُكُم بأفواهكم} أي ليس ذلك إلا مجرد قول بالأفواه ولا تأثير له، فلا تصير المرأة به أماً ولا ابن الغير به ابناً، ولا يترتب على ذلك شيء من أحكام الأمومة والبنوّة. وقيل: الإشارة راجعة إلى الادّعاء، أي ادّعاؤكم أن ابناء الغير أبناؤكم لا حقيقة له، بل هو مجرّد قول بالفم {والله يَقُولُ الحق} الذي يحقّ اتباعه لكونه حقاً في نفسه لا باطلاً، فيدخل تحته دعاء الأبناء لآبائهم {وَهُوَ يَهْدِي السبيل} أي يدلّ على الطريق الموصلة إلى الحق، وفي هذا إرشاد للعباد إلى قول الحق وترك قول الباطل والزور.
ثم صرّح سبحانه بما يجب على العباد من دعاء الأبناء للآباء فقال: {ادعوهم لآِبَائِهِمْ} للصلب، وانسبوهم إليهم ولا تدعوهم إلى غيرهم، وجملة: {هُوَ أَقْسَطُ عِندَ الله} تعليل للأمر بدعاء الأبناء للآباء، والضمير راجع إلى مصدر {ادعوهم}. ومعنى {أقسط}: أعدل، أي أعدل كلّ كلام يتعلق بذلك، فترك الإضافة للعموم كقوله: الله أكبر، وقد يكون المضاف إليه مقدّراً خاصاً، أي أعدل من قولكم هو ابن فلان ولم يكن ابنه لصلبه. ثم تمم سبحانه الإرشاد للعباد فقال: {فَإِن لَّمْ تعلموا آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي الدين وَمَوَالِيكُمْ} أي فهم إخوانكم في الدين وهم مواليكم، فقولوا: أخي ومولاي ولا تقولوا: ابن فلان، حيث لم تعلموا آباءهم على الحقيقة. قال الزجاج ويجوز أن يكون مواليكم أولياءكم في الدين. وقيل: المعنى: فإن كانوا محررين ولم يكونوا أحراراً، فقولوا: موالي فلان {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} أي لا إثم عليكم فيما وقع منكم من ذلك خطأ من غير عمد، {ولكن} الإثم في {مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} وهو ما قلتموه على طريقة العمد من نسبة الأبناء إلى غير آبائهم مع علمكم بذلك.
قال قتادة: لو دعوت رجلاً لغير أبيه وأنت ترى أنه أبوه لم يكن عليك بأس {وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً} يغفر للمخطئ ويرحمه ويتجاوز عنه، أو غفوراً للذنوب رحيماً بالعباد، ومن جملة من يغفر له ويرحمه من دعا رجلاً لغير أبيه خطأ. أو قبل النهي عن ذلك.
ثم ذكر سبحانه لرسوله مزية عظيمة وخصوصية جليلة لا يشاركه فيها أحد من العباد فقال: {النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ} أي هو أحقّ بهم في كلّ أمور الدين والدنيا، وأولى بهم من أنفسهم فضلاً عن أن يكون أولى بهم من غيرهم، فيجب عليهم أن يؤثروه بما أراده من أموالهم، وإن كانوا محتاجين إليها، ويجب عليهم أن يحبوه زيادة على حبهم أنفسهم، ويجب عليهم أن يقدّموا حكمه عليهم على حكمهم لأنفسهم. وبالجملة فإذا دعاهم النبيّ صلى الله عليه وسلم لشيء ودعتهم أنفسهم إلى غيره وجب عليهم أن يقدّموا ما دعاهم إليه ويؤخروا ما دعتهم أنفسهم إليه، ويجب عليهم أن يطيعوه فوق طاعتهم لأنفسهم ويقدّموا طاعته على ما تميل إليه أنفسهم وتطلبه خواطرهم. وقيل: المراد ب {أنفسهم} في الآية بعضهم، فيكون المعنى: أن النبيّ أولى بالمؤمنين من بعضهم ببعض. وقيل: هي خاصة بالقضاء، أي هو أولى بهم من أنفسهم فيما قضى به بينهم. وقيل: أولى بهم في الجهاد بين يديه وبذل النفس دونه، والأوّل أولى. {وأزواجه أمهاتهم} أي مثل أمهاتهم في الحكم بالتحريم، ومنزلات منزلتهنّ في استحقاق التعظيم؛ فلا يحلّ لأحد أن يتزوج بواحدة منهنّ كما لا يحلّ له أن يتزوج بأمه، فهذه الأمومة مختصة بتحريم النكاح لهنّ وبالتعظيم لجنابهنّ، وتخصيص المؤمنين يدلّ على أنهنّ لسن أمهات نساء المؤمنين ولا بناتهنّ أخوات المؤمنين، ولا أخوتهنّ أخوال المؤمنين.
وقال القرطبي: الذي يظهر لي أنهنّ أمهات الرجال والنساء تعظيماً لحقهنّ على الرجال والنساء كما يدلّ عليه قوله: {النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ} وهذا يشمل الرجال والنساء ضرورة. قال: ثم إن في مصحف أبيّ بن كعب: {وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم}، وقرأ ابن عباس: {أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب وأزواجه أمهاتهم}.
ثم بين سبحانه أن القرابة أولى ببعضهم البعض فقال: {وَأُوْلُواْ الأرحام بَعْضُهُمْ أولى بِبَعْضٍ} المراد بأولي الأرحام: القرابات، أي هم أحقّ ببعضهم البعض في الميراث، وقد تقدّم تفسير هذه الآية في آخر سورة الأنفال، وهي ناسخة لما كان في صدر الإسلام من التوارث بالهجرة والموالاة. قال قتادة: لما نزل قوله سبحانه في سورة الأنفال: {والذين ءامَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حتى يُهَاجِرُواْ} [الأنفال: 72]، فتوارث المسلمون بالهجرة، ثم نسخ ذلك بهذه الآية، وكذا قال غيره.
وقيل: إن هذه الآية ناسخة للتوارث بالحلف والمؤاخاة في الدين، و{فِي كتاب الله} يجوز أن يتعلق بأفعل التفضيل في قوله: {أولى بِبَعْضٍ} لأنه يعمل في الظرف، ويجوز أن يتعلق بمحذوف هو حال من الضمير، أي كائناً في كتاب الله. والمراد بالكتاب: اللوح المحفوظ أو القرآن أو آية المواريث، وقوله: {مِنَ المؤمنين} يجوز أن يكون بياناً ل {أولوا الأرحام}، والمعنى: أن ذوي القرابات من المؤمنين {والمهاجرين} بعضهم أولى ببعض، ويجوز أن يتعلق ب {أولي} أي وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض من المؤمنين والمهاجرين الذين هم أجانب. وقيل: إن معنى الآية: وأولوا الأرحام ببعضهم أولى ببعض: إلا ما يجوز لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم من كونهم كالأمهات في تحريم النكاح، وفي هذا من الضعف ما لا يخفى.
{إِلاَّ أَن تَفْعَلُواْ إلى أَوْلِيَائِكُمْ مَّعْرُوفاً} هذا الاستثناء إما متصل من أعمّ العام، والتقدير: وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كل شيء من الإرث وغيره، إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً، من صدقة أو وصية فإن ذلك جائز. قاله قتادة والحسن وعطاء ومحمد بن الحنفية. قال محمد بن الحنفية: نزلت في إجازة الوصية لليهودي والنصراني. فالكافر وليّ في النسب لا في الدين، فتجوز الوصية له، ويجوز أن يكون منقطعاً، والمعنى: لكن فعل المعروف للأولياء لا بأس به، ومعنى الآية: أن الله سبحانه لما نسخ التوارث بالحلف والهجرة أباح أن يوصى لهم.
وقال مجاهد: أراد بالمعروف النصرة وحفظ الحرمة بحق الإيمان والهجرة، والإشارة بقوله: {كَانَ ذَلِكَ} إلى ما تقدّم ذكره، أي كان نسخ الميراث بالهجرة والمحالفة والمعاقدة، وردّه إلى ذوي الأرحام من القرابات {فِي الكتاب مَسْطُورًا} أي في اللوح المحفوظ، أو في القرآن مكتوباً.
وقد أخرج أحمد، والترمذي وحسنه، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والضياء في المختارة عن ابن عباس قال: قام النبيّ صلى الله عليه وسلم يوماً يصلي، فخطر خطرة، فقال المنافقون الذين يصلون معه: ألا ترى أن له قلبين قلباً معكم وقلباً معهم؟ فنزل: {مَّا جَعَلَ الله لِرَجُلٍ مّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}.
وأخرج ابن مردويه عنه من طريق أخرى بلفظ: صلى لله النبيّ صلى الله عليه وسلم صلاة فسها فيها، فخطرت منه كلمة فسمعها المنافقون، فقالوا: إن له قلبين، فنزلت.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عنه أيضاً قال: كان رجل من قريش يسمى من دهائه ذا القلبين، فأنزل الله هذا في شأنه.
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عمر، أن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزل القرآن {ادعوهم لآبَائِهِمْ} الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنت زيد بن حارثة بن شراحيل».
وأخرج البخاري وغيره عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة، اقرؤوا إن شئتم: {النبي أولى بالمؤمنين مِنْ أَنْفُسِهِمْ} فأيما مؤمن ترك مالاً فلترثه عصبته من كانوا، فإن ترك ديناً أو ضياعاً فليأتني فأنا مولاه».
وأخرج أحمد وأبو داود وابن مردويه من حديث جابر نحوه.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي عن بريدة قال: غزوت مع عليّ إلى اليمن فرأيت منه جفوة، فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت علياً فتنقصته، فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تغير، وقال: «يا بريدة، ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟» قلت: بلى يا رسول الله، قال: «من كنت مولاه فعليّ مولاه» وقد ثبت في الصحيح: أنه صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين».
وأخرج ابن سعد وابن المنذر، والبيهقي في سننه عن عائشة؛ أن امرأة قالت لها: يا أمه، فقالت: أنا أمّ رجالكم ولست أمّ نسائكم.
وأخرج ابن سعد عن أم سلمة قالت: أنا أمّ الرجال منكم والنساء.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وإسحاق بن راهويه وابن المنذر والبيهقي في دلائله عن بجالة قال: مرّ عمر بن الخطاب بغلام وهو يقرأ في المصحف: «النبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم»، فقال: يا غلام حكها، فقال: هذا مصحف أبيّ، فذهب إليه فسأله، فقال: إنه كان يلهيني القرآن ويلهيك الصفق في الأسواق.
وأخرج الفريابي والحاكم وابن مردويه، والبيهقي في سننه عن ابن عباس: أنه كان يقرأ: «النبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهم».