فصل: تفسير الآيات (26- 27):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (26- 27):

{قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27)}
قوله: {قُلِ اللهم}. قال الخليل، وسيبويه، وجميع البصرين: إن أصل اللهم: يا الله، فلما استعلمت الكلمة دون حرف النداء الذي هو (يا) جعلوا بدله هذه الميم المشددة، فجاءوا بحرفين، وهما الميمان عوضاً من حرفين، وهما الياء والألف، والضمة في الهاء هي: ضمة الاسم المنادي المفرد.
وذهب الفراء، والكوفيون إلى أن الأصل في اللهم: يا ألله أمنا بخير، فحذف، وخلط الكلمتان، والضمة التي في الهاء هي: الضمة التي كانت في أمنا لما حذفت الهمزة انتقلت الحركة. قال النحاس: هذا عند البصريين من الخطأ العظيم، والقول في هذا ما قاله الخليل، وسيبويه، قال الكوفين، وقد يدخل حرف النداء على اللهم، وأنشدوا في ذلك قول الراجز:
غفرت أو عذبت يا اللهما

وقول الآخر:
وَمَا عَلَيْكِ أنْ تَقُولي كُلَّمَا ** سَبَّحتِ أوْ هللتَ يَاللَّهُما

وقول الآخر:
إني إذَا مَا حَدَث ألَمَّا ** أقَولُ يَاللَّهُم ياللهما

قالوا: ولو كان الميم عوضاً من حرف النداء لما اجتمعتا. قال الزجاج: وهذا شاذ لا يعرف قائله. قال النضر بن شميل: من قال: اللهم، فقد دعا الله بجميع أسمائه. قوله: {مالك الملك} أي: مالك جنس الملك على الإطلاق، ومالك منصوب عند سيبويه على أنه نداء ثان، أي: يا مالك الملك، ولا يجوز عنده أن يكون، وصفاً لقوله: {اللهم} لأن الميم عنده تمنع الوصفية.
وقال محمد بن يزيد المبرد، وإبراهيم بن السري الزجاج: إنه صفة لاسم الله تعالى، وكذلك قوله تعالى: {قُلِ اللهم فَاطِرَ السموات والارض} [الزمر: 46]. قال أبو علي الفارسي: وهو مذهب المبرد، وما قاله سيبويه أصوب، وأبين، وذلك لأنه اسم مفرد ضم إليه صوت، والأصوات لا توصف نحو غاق، وما أشبهه. قال الزجاج: والمعنى مالك العباد، وما ملكوا. وقيل: المعنى مالك الدنيا، والآخرة، وقيل: الملك هنا: النبوة، وقيل: الغلبة، وقيل: المال والعبيد، والظاهر: شموله لما يصدق عليه اسم الملك من غير تخصيص {تُؤْتِى الملك مَن تَشَاء} أي: من تشاء إيتاءه إياه {وَتَنزِعُ الملك مِمَّن تَشَاء} نزعه منه. والمراد بما يؤتيه من الملك، وينزعه هو نوع من أنواع ذلك الملك العام.
قوله: {وَتُعِزُّ مَن تَشَاء} أي: في الدنيا، أو في الآخرة، أو فيهما، يقال عزّ: إذا غلب، ومنه: {وَعَزَّنِى في الخطاب} [ص: 23]. وقوله: {وَتُذِلُّ مَن تَشَاء} أي: في الدنيا، أو في الآخرة، أو فيهما، يقال ذلّ يذلّ ذلاً: إذا غلب وقهر. وقوله: {بِيَدِكَ الخير} تقديم الخبر للتخصيص، أي: بيدك الخير لا بيد غيرك، وذكر الخير دون الشرّ؛ لأن الخير بفضل محض بخلاف الشرّ، فإنه يكون جزاء لعمل وصل إليه. وقيل: لأن كلّ شرّ من حيث كونه من قضائه سبحانه هو: متضمن للخير، فأفعاله كلها خير، وقيل: إنه حذف، كما حذف في قوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر} [النحل: 81] وأصله بيدك الخير والشرّ، وقيل: خص الخير؛ لأن المقام مقام دعاء. قوله: {إِنَّكَ على كُلّ شَئ قَدِيرٌ} تعليل لما سبق، وتحقيق له.
قوله: {تُولِجُ اليل في النهار وَتُولِجُ النهار في اليل} أي: تدخل ما نقص من أحدهما في الآخر، وقيل: المعنى تعاقب بينهما، ويكون زوال أحدهما، ولوجاً في الآخر. قوله: {وَتُخْرِجُ الحى مِنَ الميت وَتُخْرِجُ الميت مِنَ الحى} قيل: المراد: إخراج الحيوان، وهو حيّ من النطفة، وهي ميتة، وإخراج النطفة، وهي ميتة من الحيوان، وهو حيّ، وقيل المراد: إخراج الطائر، وهو حي من البيضة، وهي ميتة، وإخراج البيضة، وهي ميتة من الدجاجة، وهي حية، وقيل المراد: إخراج المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن. قوله: {بِغَيْرِ حِسَابٍ} أي: بغير تضييق، ولا تقتير، كما تقول: فلان يعطي بغير حساب، والباء متعلقة بمحذوف وقع حالاً.
وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم سأل ربه أن يجعل ملك فارس، والروم في أمته، فنزلت الآية.
وأخرج الطبراني، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال: اسم الله الأعظم {قُلِ اللهم مالك الملك} إلى قوله: {بِغَيْرِ حِسَابٍ} وأخرج ابن أبي الدنيا، والطبراني، عن معاذ: أنه شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ديناً عليه، فعلمه أن يتلو هذه الآية، ثم يقول: «رحمن الدنيا، والآخرة، ورحيمهما، تعطي من تشاء منهما، وتمنع من تشاء، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك، اللهم أغنني من الفقر، واقض عني الدين».
وأخرج الطبراني في الصغير من حديث أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ: «ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دينا لأداه الله عنك» فذكره، وإسناده جيد، وقد تقدم عند تفسير قوله تعالى: {شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إله إِلاَّ هُوَ} [آل عمران: 18] بعض فضائل هذه الآية.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {تُؤْتِى الملك مَن تَشَاء} قال: النبوة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن مسعود في قوله: {تُولِجُ اليل في النهار} الآية، قال: تأخذ الصيف من الشتاء، وتأخذ الشتاء من الصيف {وَتُخْرِجُ الحى مِنَ الميت} تخرج الرجل الحيّ من النطفة الميتة {وَتُخْرِجُ الميت مِنَ الحى} تخرج النطفة الميتة من الرجل الحيّ.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس {تُولِجُ اليل في النهار} قال: ما نقص من النهار تجعله في الليل، وما نقص من الليل تجعله في النهار.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السدي نحوه.
وأخرج عبد بن حميد، عن مجاهد، نحوه.
وأخرج عبد بن حميد، عن الضحاك، نحوه أيضاً.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس: {تُخْرِجُ الحى مِنَ الميت} قال: تخرج النطفة الميتة من الحي، ثم تخرج من النطفة بشراً حياً.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد نحوه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن عكرمة {تُخْرِجُ الحى مِنَ الميت} قال: هي البيضة تخرج من الحيّ، وهي: ميتة، ثم يخرج منها الحيّ.
وأخرج ابن جرير عنه قال: النخلة من النواة، والنواة من النخلة، والحبة من السنبلة، والسنبلة من الحبة.
وأخرج ابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن أبي مالك مثله.
وأخرج ابن جرير، وأبو الشيخ، عن الحسن قال: المؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن. والمؤمن عبد حيّ الفؤاد، والكافر عبد ميت الفؤاد.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي، عن سلمان الفارسي، نحوه.
وأخرج ابن مردويه، عنه مرفوعاً نحوه، وأخرجه أيضاً عنه، أو عن ابن مسعود، مرفوعاً.
وأخرج عبد الرزاق، وابن سعد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، عن عبيد الله بن عبد الله: أن خالدة بنت الأسود بن عبد يغوث دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «من هذه؟» قيل: خالدة بنت الأسود، قال: «سبحان الذي يخرج الحيّ من الميت» وكانت امرأة صالحة، وكان أبوها كافراً.
وأخرج ابن سعد، عن عائشة مثله.

.تفسير الآيات (28- 30):

{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (28) قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (29) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (30)}
قوله: {لاَّ يَتَّخِذِ} فيه النهي للمؤمنين عن موالاة الكفار لسبب من الأسباب، ومثله قوله تعالى: {لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مّن دُونِكُمْ} الآية [آل عمران: 118]، وقوله: {وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [المائدة: 51]، وقوله: {لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بالله} الآية، [المجادلة: 22] وقوله: {لاَ تَتَّخِذُواْ اليهود والنصارى أَوْلِيَاء} [المائدة: 51]، وقوله: {ا ياأيها الذين ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ عَدُوّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء} [الممتحنة: 1] وقوله: {مِن دُونِ المؤمنين} في محل الحال، أي: متجاوزين المؤمنين إلى الكافرين استقلالاً، أو اشتراكاً، والإشارة بقوله: {وَمَن يَفْعَلْ ذلك} إلى الاتخاد المدلول عليه بقوله: {لاَّ يَتَّخِذِ} ومعنى قوله: {فَلَيْسَ مِنَ الله فِي شَئ} أي: من ولايته في شيء من الأشياء، بل هو منسلخ عنه بكل حال. قوله: {إِلا أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تقاة} على صيغة الخطاب بطريق الالتفات، أي: إلا أن تخافوا منهم أمراً يجب اتقاؤه، وهو: استثناء مفرغ من أعم الأحوال. وتقاة مصدر واقع موقع المفعول، وأصلها وقية على وزن فعلة قلبت الواو تاء، والياء ألفاً، وقرأ رجاء، وقتادة {تقية}. وفي ذلك دليل على جواز الموالاة لهم مع الخوف منهم، ولكنها تكون ظاهراً لا باطناً. وخالف في ذلك قوم من السلف، فقالوا: لا تقية بعد أن أعز الله الإسلام. قوله: {وَيُحَذّرُكُمُ الله نَفْسَهُ} أي: ذاته المقدسة، وإطلاق ذلك عليه سبحانه جائز في المشاكلة، كقوله: {تَعْلَمُ مَا في نَفْسِى وَلاَ أَعْلَمُ مَا في نَفْسِكَ} [المائدة: 116] وفي غيرها.
وذهب بعض المتأخرين، إلى منع ذلك إلا مشاكلة.
وقال الزجاج: معناه: ويحذركم الله إياه، ثم استغنوا عن ذلك بهذا، وصار المستعمل. قال: وأما قوله: {تَعْلَمُ مَا في نَفْسِى وَلاَ أَعْلَمُ مَا في نَفْسِكَ} فمعناه: تعلم ما عندي، وما في حقيقتي، ولا أعلم ما عندك، ولا ما في حقيقتك.
وقال بعض أهل العلم: معناه: ويحذركم الله عقابه مثل {واسئل القرية} [يوسف: 82] فجعلت النفس في موضع الإضمار، وفي هذه الآية تهديد شديد، وتخويف عظيم لعباده أن يتعرضوا لعقابه بموالاة أعدائه.
قوله: {قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا في صُدُورِكُمْ} الآية: فيه أن كل ما يضمره العبد، ويخفيه، أو يظهره، ويبديه، فهو معلوم لله سبحانه، لا يخفى عليه منه شيء، ولا يعزب عنه مثقال ذرة: {وَيَعْلَمُ مَا في السموات وَمَا فِي الأرض} مما هو أعم من الأمور التي يخفونها، أو يبدونها، فلا يخفى عليه ما هو أخص من ذلك.
قوله: {يَوْمَ تَجِدُ} منصوب بقوله: {وَيُحَذّرُكُمُ الله نَفْسَهُ} وقيل: بمحذوف، أي: اذكر، و{مُّحْضَرًا} حال، وقوله: {وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوء} معطوف على {ما} الأولى: أي: وتجد ما عملت من سوء محضراً تود لو أن بينها، وبينه أمداً بعيداً.
فحذف محضراً لدلالة الأول عليه، وهذا إذا كان {تجد} من وجدان الضالة، وأما إذا كان من وجد بمعنى علم كان محضراً، هو المفعول الثاني، ويجوز أن يكون قوله: {وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوء تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَا بَعِيدًا} جملة مستأنفة، ويكون {ما} في: {ما عملت} مبتدأ، ويودّ: خبره. والأمد: الغاية، وجمعه آماد: أي: تودّ لو أن بينها، وبين ما عملت من السوء أمداً بعيداً، وقيل: إن قوله: {يَوْمَ تَجِدُ} منصوب بقوله: {تَوَدُّ} والضمير في قوله: {وَبَيْنَهُ} لليوم، وفيه بُعْد، وكرر قوله: {وَيُحَذّرُكُمُ الله نَفْسَهُ} للتأكيد، وللاستحضار؛ ليكون هذا التهديد العظيم على ذكر منهم، وفي قوله: {والله رَءوفٌ بالعباد} دليل على أن هذا التحذير الشديد مقترن بالرأفة منه سبحانه بعباده لطفاً بهم. وما أحسن ما يحكى عن بعض العرب أنه قيل له: إنك تموت، وتبعث، وترجع إلى، الله فقال: أتهددونني بمن لم أر الخير قط إلا منه.
وقد أخرج ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال: كان الحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف، وابن أبي الحقيق، وقيس بن زيد قد بطنوا بنفر من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم، فقال رفاعة ابن المنذر، وعبد الله بن جبير، وسعد بن خيثمة، لأولئك النفر: اجتنبوا هؤلاء النفر من يهود، واحذروا مباطنتهم لا يفتنوكم عن دينكم، فأبى أولئك النفر، فأنزل الله فيهم: {لاَّ يَتَّخِذِ المؤمنون الكافرين} إلى قوله: {والله على كُلّ شَيْء قَدِيرٌ}.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، من طرق عنه قال: نهى الله المؤمنين أن يلاطفوا الكفار، ويتخذوهم، وليجة من دون المؤمنين، إلا أن يكون الكفار عليهم ظاهرين، فيظهرون لهم اللطف، ويخالفونهم في الدين، وذلك قوله تعالى: {إِلا أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تقاة}.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السدي: {وَمَن يَفْعَلْ ذلك فَلَيْسَ مِنَ الله فِي شَئ} فقد بريء الله منه.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، من طريق العوفي، عن ابن عباس في قوله: {إِلا أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تقاة} قال: التقية باللسان من حمل على أمر يتكلم به، وهو معصية لله، فيتكلم به مخافة الناس، وقلبه مطمئن بالإيمان، فإن ذلك لا يضره، إنما التقية باللسان.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه، والبيهقي في سننه عنه في الآية قال: التقاة التكلم باللسان، والقلب مطمئن بالإيمان، ولا يبسط يده، فيقتل، ولا إلى إثم، فإنه لا عذر له.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن أبي العالية في الآية قال: التقية باللسان، وليس بالعمل.
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، عن قتادة {إِلا أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تقاة} قال إلا أن يكون بينك، وبينه قرابة، فتصله لذلك.
وأخرج عبد بن حميد، والبخاري، عن الحسن قال: التقية جائزة إلى يوم القيامة.
وحكى البخاري عن أبي الدرداء أنه قال: إنا نبش في وجوه أقوام، وقلوبنا تلعنهم، ويدل على جواز التقية، قوله تعالى: {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالإيمان ولكن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مّنَ الله وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: 106]. ومن القائلين بجواز التقية باللسان أبو الشعثاء، والضحاك، والربيع بن أنس.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السدي في قوله: {قُلْ إِن تُخْفُواْ} الآية قال: أخبرهم أنه يعلم ما أسروا، وما أعلنوا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {محضراً} يقول: موفراً.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن الحسن في الآية قال: يسر أحدكم أن لا يلقى عمله ذلك أبداً، يكون ذلك مناه. وأما في الدنيا، فقد كانت خطيئته يستلذها.
وأخرجا أيضاً، عن السدي: {أَمَدَا بَعِيدًا} قال: مكاناً بعيداً.
وأخرج ابن جرير، عن ابن جريج {أمداً} قال: أجلاً.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن الحسن في قوله: {وَيُحَذّرُكُمُ الله نَفْسَهُ والله رَءوفُ بالعباد} قال: من رأفته بهم حذرهم نفسه.