فصل: سورة البلد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)



فلما أكثروا في الأرض الفساد، كان العلاج هو تطهير وجه الأرض من الفساد:
{فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد}..
فربك راصد لهم ومسجل لأعمالهم. فلما أن كثر الفساد وزاد صب عليهم سوط عذاب، وهو تعبير يوحي بلذع العذاب حين يذكر السوط، وبفيضه وغمره حين يذكر الصب. حيث يجتمع الألم اللاذع والغمرة الطاغية، على الطغاة الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد.
ومن وراء المصارع كلها تفيض الطمأنينة على القلب المؤمن وهو يواجه الطغيان في أي زمان وأي مكان. ومن قوله تعالى: {إن ربك لبالمرصاد} تفيض طمأنينة خاصة. فربك هناك. راصد لا يفوته شيء. مراقب لا يند عنه شيء. فليطمئن بال المؤمن، ولينم ملء جفونه. فإن ربه هناك!.. بالمرصاد.. للطغيان والشر والفساد!
وهكذا نرى هنا نماذج من قدر الله في أمر الدعوة، غير النموذج الذي تعرضه سورة البروج لأصحاب الأخدود. وقد كان القرآن ولا يزال يربي المؤمنين بهذا النموذج وذاك. وفق الحالات والملابسات. ويعد نفوس المؤمنين لهذا وذاك على السواء. لتطمئن على الحالين. وتتوقع الأمرين، وتكل كل شيء لقدر الله يجريه كما يشاء.
{إن ربك لبالمرصاد}.. يرى ويحسب ويحاسب ويجازي، وفق ميزان دقيق لا يخطئ ولا يظلم ولا يأخذ بظواهر الأمور لكن بحقائق الأشياء.. فأما الإنسان فتخطئ موازينه وتضل تقديراته، ولا يرى إلا الظواهر، ما لم يتصل بميزان الله:
{فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن}..
فهذا هو تصور الإنسان لما يبتليه الله به من أحوال، ومن بسط وقبض، ومن توسعة وتقدير.. يبتليه بالنعمة والإكرام. بالمال أو المقام. فلا يدرك أنه الابتلاء، تمهيداً للجزاء. إنما يحسب هذا الرزق وهذه المكانة دليلاً على استحقاقه عند الله للأكرام، وعلامة على اصطفاء الله له واختياره. فيعتبر البلاء جزاء والامتحان نتيجة! ويقيس الكرامة عند الله بعرض هذه الحياة! ويبتليه بالتضييق عليه في الرزق، فيحسب الابتلاء جزاء كذلك، ويحسب الاختبار عقوبة، ويرى في ضيق الرزق مهانة عند الله، فلو لم يرد مهانته ما ضيق عليه رزقه..
وهو في كلتا الحالتين مخطئ في التصور ومخطئ في التقدير. فبسط الرزق أو قبضه ابتلاء من الله لعبده. ليظهر منه الشكر على النعمة أو البطر. ويظهر منه الصبر على المحنة او الضجر. والجزاء على ما يظهر منه بعد. وليس ما أعطي من عرض الدنيا أو منع هو الجزاء.. وقيمة العبد عند الله لا تتعلق بما عنده من عرض الدنيا. ورضى الله أو سخطه لا يستدل عليه بالمنح والمنع في هذه الأرض. فهو يعطي الصالح والطالح، ويمنع الصالح والطالح. ولكن ما وراء هذا وذلك هو الذي عليه المعول. إنه يعطي ليبتلي ويمنع ليبتلي. والمعول عليه هو نتيجة الابتلاء!
غير أن الإنسان حين يخلو قلبه من الإيمان لا يدرك حكمة المنع والعطاء. ولا حقيقة القيم في ميزان الله.. فإذا عمر قلبه بالإيمان اتصل وعرف ما هنالك. وخفت في ميزانه الأعراض الزهيدة، وتيقظ لما وراء الابتلاء من الجزاء، فعمل له في البسط والقبض سواء. واطمأن إلى قدر الله به في الحالين؛ وعرف قدره في ميزان الله بغير هذه القيم الظاهرة الجوفاء!
وقد كان القرآن يخاطب في مكة أناساً يوجد أمثالهم في كل جاهلية تفقد اتصالها بعالم أرفع من الأرض وأوسع أناساً ذلك ظنهم بربهم في البسط والقبض.
وذلك تقديرهم لقيم الناس في الأرض. ذلك أن المال والجاه عندهم كل شيء. وليس وراءهما مقياس! ومن ثم كان تكالبهم على المال عظيماً، وحبهم له حباً طاغياً، مما يورثهم شراهة وطمعاً. كما يورثهم حرصاً وشحاً.. ومن ثم يكشف لهم عن ذوات صدورهم في هذا المجال، ويقرر أن هذا الشره والشح هما علة خطئهم في إدراك معنى الابتلاء من وراء البسط والقبض في الأرزاق.
{كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين وتأكلون التراث أكلاً لما وتحبون المال حباً جما}..
كلا ليس الأمر كما يقول الإنسان الخاوي من الإيمان. ليس بسط الرزق دليلاً على الكرامة عند الله. وليس تضييق الرزق دليلاً على المهانة والإهمال. إنما الأمر أنكم لا تنهضون بحق العطاء، ولا توفون بحق المال. فأنتم لا تكرمون اليتيم الصغير الذي فقد حاميه وكافله حين فقد أباه، ولا تتحاضون فيما بينكم على إطعام المسكين. الساكن الذي لا يتعرض للسؤال وهو محتاج! وقد اعتبر عدم التحاض والتواصي على إطعام المسكين قبيحاً مستنكراً. كما يوحي بضرورة التكافل في الجماعة في التوجيه إلى الواجب وإلى الخير العام. وهذه سمة الإسلام.
.. إنكم لا تدركون معنى الابتلاء. فلا تحاولون النجاح فيه، بإكرام اليتيم والتواصي على إطعام المسكين، بل أنتم على العكس تأكلون الميراث أكلاً شرهاً جشعاً؛ وتحبون المال حباً كثيراً طاغياً، لا يستبقي في نفوسكم أريحية ولا مكرمة مع المحتاجين إلى الإكرام والطعام.
وقد كان الإسلام يواجه في مكة كما ذكرنا من قبل حالة من التكالب على جمع المال بكافة الطرق، تورث القلوب كزازة وقساوة. وكان ضعف اليتامى مغرياً بانتهاب أموالهم وبخاصة الإناث منهم في صور شتى؛ وبخاصة ما يتعلق بالميراث (كما سبق بيانه في مواضع متعددة في الظلال) كما كان حب المال وجمعه بالربا وغيره ظاهرة بارزة في المجتمع المكي قبل الإسلام. وهي سمة الجاهليات في كل زمان ومكان! حتى الآن!
وفي هذه الآيات فوق الكشف عن واقع نفوسهم، تنديد بهذا الواقع، وردع عنه، يتمثل في تكرار كلمة {كلا} كما يتمثل في بناء التعبير وإيقاعه، وهو يرسم بجرسه شدة التكالب وعنفه:
{وتأكلون التراث أكلاً لما وتحبون المال حباً جما}..
وعند هذا الحد من فضح حقيقة حالهم المنكرة، بعد تصوير خطأ تصورهم في الابتلاء بالمنع والعطاء. يجيء التهديد الرعيب بيوم الجزاء وحقيقته، بعد الابتلاء ونتيجته، في إيقاع شديد:
{كلا إذا دكت الأرض دكاً دكا وجآء ربك والملك صفاً صفا وجيء يومئذ بجهنم.
يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد}..
ودك الأرض، تحطيم معالمها وتسويتها؛ وهو أحد الانقلابات الكونية التي تقع في يوم القيامة. فأما مجيء ربك والملائكة صفاً صفا، فهو أمر غيبي لا ندرك طبيعته ونحن في هذه الأرض. ولكنا نحس وراء التعبير بالجلال والهول. كذلك المجيء بجهنم. نأخذ منه قربها منهم وقرب المعذبين منها وكفى. فأما حقيقة ما يقع وكيفيته فهي من غيب الله المكنون ليومه المعلوم.
إنما يرتسم من وراء هذه الآيات، ومن خلال موسيقاها الحادة التقسيم، الشديدة الأسر، مشهد ترجف له القلوب، وتخشع له الأبصار. والأرض تدك دكاً دكا! والجبار المتكبر يتجلى ويتولى الحكم والفصل، ويقف الملائكة صفاً صفا. ثم يجاء بجهنم فتقف متأهبة هي الأخرى!
{يومئذ يتذكر الإنسان}.. الإنسان الذي غفل عن حكمة الابتلاء بالمنع والعطاء. والذي أكل التراث أكلاً لما، وأحب المال حباً جما. والذي لم يكرم اليتيم ولم يحض على طعام المسكين. والذي طغى وأفسد وتولى.. يومئذ يتذكر. يتذكر الحق ويتعظ بما يرى.. ولكن لقد فات الأوان {وأنَّى له الذكرى}.. ولقد مضى عهد الذكرى، فما عادت تجدي هنا في دار الجزاء أحداً! وإن هي إلا الحسرة على فوات الفرصة في دار العمل في الحياة الدنيا!
وحين تتجلى له هذه الحقيقة: {يقول يا ليتني قدمت لحياتي}.. يا ليتني قدمت شيئاً لحياتي هنا. فهي الحياة الحقيقية التي تستحق اسم الحياة. وهي التي تستأهل الاستعداد والتقدمة والادخار لها. يا ليتني.. أمنية فيها الحسرة الظاهرة، وهي أقسى ما يملكه الإنسان في الآخرة!
ثم يصور مصيره بعد الحسرة الفاجعة والتمنيات الضائعة: {فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد}.. إنه الله القهار الجبار. الذي يعذب يومئذ عذابه الفذ الذي لا يملك مثله أحد. والذي يوثق وثاقه الفذ الذي لا يوثق مثله أحد. وعذاب الله ووثاقه يفصلهما القرآن في مواضع أخرى في مشاهد القيامة الكثيرة المنوعة في ثنايا القرآن كله، ويجملهما هنا حيث يصفهما بالتفرد بلا شبيه من عذاب البشر ووثاقهم. أو عذاب الخلق جميعاً ووثاقهم. وذلك مقابل ما أسلف في السورة من طغيان الطغاة ممثلين في عاد وثمود وفرعون، وإكثارهم من الفساد في الأرض، مما يتضمن تعذيب الناس وربطهم بالقيود والأغلال. فها هو ذا ربك أيها النبي وأيها المؤمن يعذب ويوثق من كانوا يعذبون الناس ويوثقونهم. ولكن شتان بين عذاب وعذاب، ووثاق ووثاق.. وهان ما يملكه الخلق من هذا الأمر، وجل ما يفعله صاحب الخلق والأمر. فليكن عذاب الطغاة للناس ووثاقهم ما يكون. فسيعذبون هم ويوثقون، عذاباً ووثاقاً وراء التصورات والظنون!
وفي وسط هذا الهول المروع، وهذا العذاب والوثاق، الذي يتجاوز كل تصور تنادى {النفس} المؤمنة من الملأ الأعلى:
{يا أيتها النفس المطمئنة.
ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي}..
هكذا في عطف وقرب: {يا أيتها} وفي روحانية وتكريم: {يا أيتها النفس}.. وفي ثناء وتطمين.. {يا أيتها النفس المطمئنة}.. وفي وسط الشد والوثاق، الانطلاق والرخاء: {ارجعي إلى ربك} ارجعي إلى مصدرك بعد غربة الأرض وفرقة المهد. ارجعي إلى ربك بما بينك وبينه من صلة ومعرفة ونسبة.. {راضية مرضية} بهذه النداوة التي تفيض على الجو كله بالتعاطف وبالرضى.. {فادخلي في عبادي}.. المقربين المختارين لينالوا هذه القربى.. {وادخلي جنتي}.. في كنفي ورحمتي..
إنها عطفة تنسم فيها أرواح الجنة. منذ النداء الأول: {يا أيتها النفس المطمئنة}.. المطمئنة إلى ربها. المطمئنة إلى طريقها. المطمئنة إلى قدر الله بها. المطمئنة في السراء والضراء، وفي البسط والقبض، وفي المنع والعطاء. المطمئنة فلا ترتاب. والمطمئنة فلا تنحرف. والمطمئنة فلا تتلجلج في الطريق. والمطمئنة فلا ترتاع في يوم الهول الرعيب..
ثم تمضي الآيات تباعاً تغمر الجو كله بالأمن والرضى والطمأنينة، والموسيقى الرخية الندية حول المشهد ترف بالود والقربى والسكينة.
ألا إنها الجنة بأنفاسها الرضية الندية، تطل من خلايا هذه الآيات. وتتجلى عليها طلعة الرحمن الجليلة البهية..

.سورة البلد:

.تفسير الآيات (1- 20):

{لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ (1) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ (2) وَوَالِدٍ وَمَا وَلَدَ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (5) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9) وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (10) فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (12) فَكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (15) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (16) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (17) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (18) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (19) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (20)}
تضم هذه السورة الصغيرة جناحيها على حشد من الحقائق الأساسية في حياة الكائن الإنساني ذات الإيحاءات الدافعة واللمسات الموحية. حشد يصعب أن يجتمع في هذا الحيز الصغير في غير القرآن الكريم، وأسلوبه الفريد في التوقيع على أوتار القلب البشري بمثل هذه اللمسات السريعة العميقة..
تبدأ السورة بالتلويح بقسم عظيم، على حقيقة في حياة الإنسان ثابتة:
{لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ووالد ما ولد لقد خلقنا الإنسان في كبد}.
والبلد هو مكة. بيت الله الحرام. أول بيت وضع للناس في الأرض. ليكون مثابة لهم وأمناً. يضعون عنده سلاحهم وخصوماتهم وعداواتهم، ويلتقون فيه مسالمين، حراماً بعضهم على بعض، كما أن البيت وشجره وطيره وكل حي فيه حرام. ثم هو بيت إبراهيم والد إسماعيل أبي العرب والمسلمين أجمعين.
ويكرم الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم فيذكره ويذكر حله بهذا البلد وإقامته، بوصفها ملابسة تزيد هذا البلد حرمة، وتزيده شرفاً، وتزيده عظمة. وهي إيماءة ذات دلالة عميقة في هذا المقام. والمشركون يستحلون حرمة البيت، فيؤذون النبي والمسلمين فيه، والبيت كريم، يزيده كرماً أن النبي صلى الله عليه وسلم حل فيه مقيم. وحين يقسم الله سبحانه بالبلد والمقيم به، فإنه يخلع عليه عظمة وحرمة فوق حرمته، فيبدو موقف المشركين الذين يدعون أنهم سدنة البيت وأبناء إسماعيل وعلى ملة إبراهيم، موقفاً منكراً قبيحاً من جميع الوجوه.
ولعل هذا المعنى يرشح لاعتبار: {ووالد وما ولد}.. إشارة خاصة إلى إبراهيم، أو إلى إسماعيل عليهما السلام وإضافة هذا إلى القسم بالبلد والنبي المقيم به، وبانيه الأول وما ولد.. وإن كان هذا الاعتبار لا ينفي أن يكون المقصود هو: والد وما ولد إطلاقاً. وأن تكون هذه إشارة إلى طبيعة النشأة الإنسانية، واعتمادها على التوالد. تمهيداً للحديث عن حقيقة الإنسان التي هي مادة السورة الأساسية.
وللأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده في هذا الموضع من تفسيره للسورة في جزء عم لفتة لطيفة تتسق في روحها مع روح هذه الظلال فنستعيرها منه هنا.. قال رحمه الله: ثم أقسم بوالد وما ولد، ليلفت نظرنا إلى رفعة قدر هذا الطور من أطوار الوجود وهو طور التوالد وإلى ما فيه من بالغ الحكمة وإتقان الصنع، وإلى ما يعانيه الوالد والمولود في إبداء النشء وتكميل الناشئ، وإبلاغه حده من النمو المقدر له.
فإذا تصورت في النبات كم تعاني البذرة في أطوار النمو: من مقاومة فواعل الجو، ومحاولة امتصاص الغذاء مما حولها من العناصر، إلى أن تستقيم شجرة ذات فروع وأغصان، وتستعد إلى أن تلد بذرة أو بذوراً أخرى تعمل عملها، وتزين الوجود بجمال منظرها إذا أحضرت ذلك في ذهنك، والتفت إلى ما فوق النبات من الحيوان والإنسان، حضر لك من أمر الوالد والمولود فيهما ما هو أعظم، ووجدت من المكابدة والعناء الذي يلاقيه كل منهما في سبيل حفظ الأنواع، واستبقاء جمال الكون بصورها ما هو أشد وأجسم.
انتهى..
يقسم هذا القسم على حقيقة ثابتة في حياة الكائن الإنساني:
{لقد خلقنا الإنسان في كبد}..