فصل: سورة الزلزلة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)



.سورة الزلزلة:

.تفسير الآيات (1- 8):

{إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)}
هذه السورة مدنية في المصحف وفي بعض الروايات؛ ومكية في بعض الروايات الأخرى. ونحن نرجح الروايات التي تقول بأنها مكية. وأسلوبها التعبيري وموضوعها يؤيدان هذا.
إنها هزة عنيفة للقلوب الغافلة. هزة يشترك فيها الموضوع والمشهد والإيقاع اللفظي. وصيحة قوية مزلزلة للأرض ومن عليها؛ فما يكادون يفيقون حتى يواجههم الحساب والوزن والجزاء في بضع فقرات قصار!
وهذا هو طابع الجزء كله، يتمثل في هذه السورة تمثلاً قوياً..
{إذا زلزلت الأرض زلزالها وأخرجت الأرض أثقالها وقال الإنسان مالها يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها}.
إنه يوم القيامة حيث ترتجف الأرض الثابتة ارتجافاً، وتزلزل زلزالا، وتنفض ما في جوفها نفضاً، وتخرج ما يثقلها من أجساد ومعادن وغيرها مما حملته طويلاً. وكأنها تتخفف من هذه الأثقال، التي حملتها طويلاً!
وهو مشهد يهز تحت أقدام المستمعين لهذه السورة كل شيء ثابت؛ ويخيل إليهم أنهم يترنحون ويتأرجحون، والأرض من تحتهم تهتز وتمور! مشهد يخلع القلوب من كل ما تتشبث به من هذه الأرض، وتحسبه ثابتاً باقياً؛ وهو الإيحاء الأول لمثل هذه المشاهد التي يصورها القرآن، ويودع فيها حركة تكاد تنتقل إلى أعصاب السامع بمجرد سماع العبارة القرآنية الفريدة!
ويزيد هذا الأثر وضوحاً بتصوير الإنسان حيال المشهد المعروض، ورسم انفعالاته وهو يشهده:
{وقال الإنسان ما لها}..
وهو سؤال المشدوه المبهوت المفجوء، الذي يرى ما لم يعهد، ويواجه ما لا يدرك، ويشهد ما لا يملك الصبر أمامه والسكوت. مالها؟ ما الذي يزلزلها هكذا ويرجها رجا؟ مالها؟ وكأنه يتمايل على ظهرها ويترنح معها؛ ويحاول أن يمسك بأي شيء يسنده ويثبته، وكل ما حوله يمور موراً شديداً!
والإنسان قد شهد الزلازل والبراكين من قبل. وكان يصاب منها بالهلع والذعر، والهلاك والدمار، ولكنه حين يرى زلزال يوم القيامة لا يجد أن هناك شبهاً بينه وبين ما كان يقع من الزلازل والبراكين في الحياة الدنيا. فهذا أمر جديد لا عهد للإنسان به. أمر لا يعرف له سراً، ولا يذكر له نظيراً. أمر هائل يقع للمرة الأولى!
{يومئذ}.. يوم يقع هذا الزلزال، ويُشدَه أمامه الإنسان {تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها}.. يومئذ تحدث هذه الأرض أخبارها، وتصف حالها وما جرى لها.. لقد كان ما كان لها {بأن ربك أوحى لها}.. وأمرها أن تمور موراً، وأن تزلزل زلزالها، وأن تخرج أثقالها! فأطاعت أمر ربها {وأذنت لربها وحقت} تحدث أخبارها. فهذا الحال حديث واضح عما وراءه من أمر الله ووحيه إليها..
وهنا و{الإنسان} مشدوه مأخوذ، والإيقاع يلهث فزعاً ورعباً، ودهشة وعجبا، واضطراباً وموراً.. هنا و{الإنسان} لا يكاد يلتقط أنفاسه وهو يتساءل: مالها مالها؟ هنا يواجه بمشهد الحشر والحساب والوزن والجزاء:
{يومئذ يصدر الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم.
فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره}.
وفي لمحة نرى مشهد القيام من القبور: {يومئذ يصدر الناس أشتاتاً}.. نرى مشهدهم شتيتاً منبعثاً من أرجاء الأرض {كأنهم جراد منتشر}.. وهو مشهد لا عهد للأنسان به كذلك من قبل. مشهد الخلائق في أجيالها جميعاً تنبعث من هنا ومن هناك: {يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً} وحيثما امتد البصر رأى شبحاً ينبعث ثم ينطلق مسرعاً! لا يلوي على شيء، ولا ينظر وراءه ولا حواليه: {مهطعين إلى الداع} ممدودة رقابهم، شاخصة أبصارهم. {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} إنه مشهد لا تعبر عن صفته لغة البشر. هائل مروّع. مفزع. مرعب. مذهل..
كل أولئك وسائر ما في المعجم من أمثالها لا تبلغ من وصف هذا المشهد شيئاً مما يبلغه إرسال الخيال قليلاً يتملاه بقدر ما يملك وفي حدود ما يطيق!
{يومئذ يصدر الناس أشتاتاً}.. {ليروا أعمالهم}.. وهذه أشد وأدهى.. إنهم ذاهبون إلى حيث تعرض عليهم أعمالهم، ليواجهوها، ويواجهوا جزاءها. ومواجهة الإنسان لعمله قد تكون أحياناً أقسى من كل جزاء. وإن من عمله ما يهرب من مواجهته بينه وبين نفسه، ويشيح بوجهه عنه لبشاعته حين يتمثل له في نوبة من نوبات الندم ولذع الضمير. فكيف به وهو يواجه بعمله على رؤوس الأشهاد، في حضرة الجليل العظيم الجبار المتكبر؟!
إنها عقوبة هائلة رهيبة.. مجرد أن يُروا أعمالهم، وأن يواجهوا بما كان منهم!
ووراء رؤيتها الحساب الدقيق الذي لا يدع ذرة من خير أو من شر لا يزنها ولا يجازي عليها.
{فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره}..
ذرة.. كان المفسرون القدامى يقولون: إنها البعوضة. وكانوا يقولون: إنها الهباءة التي ترى في ضوء الشمس.. فقد كان ذلك أصغر ما يتصورون من لفظ الذرة...
فنحن الآن نعلم أن الذرة شيء محدد يحمل هذا الاسم، وأنه أصغر بكثير من تلك الهباءة التي ترى في ضوء الشمس، فالهباءة ترى بالعين المجردة. أما الذرة فلا ترى أبداً حتى بأعظم المجاهر في المعامل. إنما هي رؤيا في ضمير العلماء! لم يسبق لواحد منهم أن رآها بعينه ولا بمجهره. وكل ما رآه هو آثارها!
فهذه أو ما يشبهها من ثقل، من خير أو شر، تحضر ويراها صاحبها ويجد جزاءها!..
عندئذ لا يحقر الإنسان شيئاً من عمله. خيراً كان أو شراً. ولا يقول: هذه صغيرة لا حساب لها ولا وزن. إنما يرتعش وجدانه أمام كل عمل من أعماله ارتعاشه ذلك الميزان الدقيق الذي ترجح به الذرة أو تشيل!
إن هذا الميزان لم يوجد له نظير أو شبيه بعد في الأرض.. إلا في القلب المؤمن..
القلب الذي يرتعش لمثقال ذرة من خير أو شر.. وفي الأرض قلوب لا تتحرك للجبل من الذنوب والمعاصي والجرائر.. ولا تتأثر وهي تسحق رواسي من الخير دونها رواسي الجبال..
إنها قلوب عتلة في الأرض، مسحوقة تحت أثقالها تلك في يوم الحساب!!

.سورة العاديات:

.تفسير الآيات (1- 11):

{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5) إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8) أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)}
يجري سياق هذه السورة في لمسات سريعة عنيفة مثيرة، ينتقل من إحداها إلى الأخرى قفزاً وركضاً ووثباً، في خفة وسرعة وانطلاق، حتى ينتهي إلى آخر فقرة فيها فيستقر عندها اللفظ والظل والموضوع والإيقاع! كما يصل الراكض إلى نهاية المطاف!
وتبدأ بمشهد الخيل العادية الضابحة، القادحة للشرر بحوافرها، المغيرة مع الصباح، المثيرة للنقع وهو الغبار، الداخلة في وسط العدو فجأة تأخذه على غرة، وتثير في صفوفه الذعر والفرار!
يليه مشهد في النفس من الكنود والجحود والأثرة والشح الشديد!
ثم يعقبه مشهد لبعثرة القبور وتحصيل ما في الصدور!
وفي الختام ينتهي النقع المثار، وينتهي الكنود والشح، وتنتهي البعثرة والجمع.. إلى نهايتها جميعاً. إلى الله. فتستقر هناك: {إن ربهم بهم يومئذ لخبير}..
والإيقاع الموسيقي فيه خشونة ودمدمة وفرقعة، تناسب الجو الصاخب المعفر الذي تنشئه القبور المبعثرة، والصدور المحصل ما فيها بشدة وقوة، كما تناسب جو الجحود والكنود، والأثرة والشح الشديد.. فلما أراد لهذا كله إطاراً مناسباً، اختاره من الجو الصاخب المعفر كذلك، تثيره الخيل العادية في جريها، الصاخبة بأصواتها، القادحة بحوافرها، المغيرة فجاءة مع الصباح، المثيرة للنقع والغبار، الداخلة في وسط العدو على غير انتظار.. فكان الإطار من الصورة والصورة من الإطار {والعاديات ضبحا فالموريات قدحا فالمغيرات صبحا فأثرن به نقعا فوسطن به جمعا إن الإنسان لربه لكنود وإنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد...}
يقسم الله سبحانه بخيل المعركة، ويصف حركاتها واحدة واحدة منذ أن تبدأ عدوها وجريها ضابحة بأصواتها المعروفة حين تجري، قارعة للصخر بحوافرها حتى توري الشرر منها، مغيرة في الصباح الباكر لمفاجأة العدو، مثيرة للنقع والغبار. غبار المعركة على غير انتظار. وهي تتوسط صفوف الأعداء على غرة فتوقع بينهم الفوضى والاضطراب!
إنها خطوات المعركة على ما يألفه المخاطبون بالقرآن أول مرة.. والقسم بالخيل في هذا الإطار فيه إيحاء قوي بحب هذه الحركة والنشاط لها، بعد الشعور بقيمتها في ميزان الله والتفاته سبحانه إليها؟
وذلك فوق تناسق المشهد مع المشاهد المقسم عليها والمعقب بها كما أسلفنا. أما الذي يقسم الله سبحانه عليه، فهو حقيقة في نفس الإنسان، حين يخوى قلبه من دوافع الإيمان. حقيقة ينبهه القرآن إليها، ليجند إرادته لكفاحها، مذ كان الله يعلم عمق وشائجها في نفسه، وثقل وقعها في كيانه:
{إن الإنسان لربه لكنود وإنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد}..
إن الإنسان ليجحد نعمة ربه، وينكر جزيل فضله. ويتمثل كنوده وجحوده في مظاهر شتى تبدو منه أفعالاً وأقوالاً، فتقوم عليه مقام الشاهد الذي يقرر هذه الحقيقة. وكأنه يشهد على نفسه بها. أو لعله يشهد على نفسه يوم القيامة بالكنود والجحود: {وإنه على ذلك لشهيد}.
يوم ينطق بالحق على نفسه حيث لا جدال ولا محال!
{وإنه لحب الخير لشديد} فهو شديد الحب لنفسه، ومن ثم يحب الخير. ولكن كما يتمثله مالا وسلطة ومتاعاً بأعراض الحياة الدنيا..
هذه فطرته. وهذا طبعه. ما لم يخالط الإيمان قلبه. فيغير من تصوراته وقيمه وموازينه واهتماماته. ويحيل كنوده وجحوده اعترافاً بفضل الله وشكراناً. كما يبدل أثرته وشحه إيثاراً ورحمة. ويريه القيم الحقيقية التي تستحق الحرص والتنافس والكد والكدح. وهي قيم أعلى من المال والسلطة والمتاع الحيواني بأعراض الحياة الدنيا..
إن الإنسان بغير إيمان حقير صغير. حقير المطامع، صغير الاهتمامات. ومهما كبرت أطماعه. واشتد طموحه، وتعالت أهدافه، فإنه يظل مرتكساً في حمأة الأرض، مقيداً بحدود العمر، سجيناً في سجن الذات.. لا يطلقه ولا يرفعه إلا الاتصال بعالم أكبر من الأرض، وأبعد من الحياة الدنيا، وأعظم من الذات.. عالم يصدر عن الله الأزلي، ويعود إلى الله الأبدي، وتتصل فيه الدنيا بالآخرة إلى غير انتهاء..
ومن ثم تجيء اللفتة الأخيرة في السورة لعلاج الكنود والجحود والأثرة والشح، لتحطيم قيد النفس وإطلاقها منه. مع عرض مشهد البعث والحشر في صورة تنسي حب الخير، وتوقظ من غفلة البطر:
{أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور}..
وهو مشهد عنيف مثير. بعثرة لما في القبور. بعثرة بهذا اللفظ العنيف المثير. وتحصيل لأسرار الصدور التي ضنت بها وخبأتها بعيداً عن العيون. تحصيل بهذا اللفظ العنيف القاسي.. فالجو كله عنف وشدة وتعفير!
أفلا يعلم إذا كان هذا؟ ولا يذكر ماذا يعلم؟ لأن علمه بهذا وحده يكفي لهز المشاعر. ثم ليدع النفس تبحث عن الجواب، وترود كل مراد، وتتصور كل ما يمكن أن يصاحب هذه الحركات العنيفة من آثار وعواقب!
ويختم هذه الحركات الثائرة باستقرار ينتهي إليه كل شيء، وكل أمر، وكل مصير:
{إن ربهم بهم يومئذ لخبير}..
فالمرجع إلى ربهم. وإنه لخبير بهم {يومئذ} وبأحوالهم وأسرارهم.. والله خبير بهم في كل وقت وفي كل حال. ولكن لهذه الخبرة {يومئذ} آثار هي التي تثير انتباههم لها في هذا المقام.. إنها خبرة وراءها عاقبة. خبرة وراءها حساب وجزاء. وهذا المعنى الضمني هو الذي يلوح به في هذا المقام!
إن السورة مشوار واحد لاهث صاخب ثائر.. حتى ينتهي إلى هذا القرار.. معنى ولفظاً وإيقاعاً، على طريقة القرآن!

.سورة القارعة:

.تفسير الآيات (1- 11):

{الْقَارِعَةُ (1) مَا الْقَارِعَةُ (2) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ (4) وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (5) فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ (6) فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ (7) وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ (8) فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10) نَارٌ حَامِيَةٌ (11)}
القارعة: القيامة. كالطامة، والصاخة، والحاقة، والغاشية. والقارعة توحي بالقرع واللطم، فهي تقرع القلوب بهولها.
والسورة كلها عن هذه القارعة. حقيقتها. وما يقع فيها. وما تنتهي إليه.. فهي تعرض مشهداً من مشاهد القيامة.
والمشهد المعروض هنا مشهد هول تتناول آثاره الناس والجبال. فيبدو الناس في ظله صغاراً ضئالاً على كثرتهم: فهم {كالفراش المبثوث} مستطارون مستخفون في حيرة الفراش الذي يتهافت على الهلاك، وهو لا يملك لنفسه وجهة، ولا يعرف له هدفاً! وتبدو الجبال التي كانت ثابتة راسخة كالصوف المنفوش تتقاذفه الرياح وتعبث به حتى الأنسام! فمن تناسق التصوير أن تسمى القيامة بالقارعة، فيتسق الظل الذي يلقيه اللفظ، والجرس الذي تشترك فيه حروفه كلها، مع آثار القارعة في الناس والجبال سواء! وتلقي إيحاءها للقلب والمشاعر، تمهيداً لما ينتهي إليه المشهد من حساب وجزاء!
{القارعة ما القارعة وما أدراك ما القارعة}..
لقد بدأ بإلقاء الكلمة مفردة كأنها قذيفة: {القارعة} بلا خبر ولا صفة. لتلقي بظلها وجرسها الإيحاء المدوي المرهوب!
ثم أعقبها سؤال التهويل: {ما القارعة}.. فهي الأمر المستهول الغامض الذي يثير الدهش والتساؤل!
ثم أجاب بسؤال التجهيل: {وما أدراك ما القارعة}.. فهي أكبر من أن يحيط بها الإدراك، وأن يلم بها التصور!