فصل: فضائل السبطين الحسن والحسين وفضل أولادهما رضي الله عنهم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لباب الأنساب والألقاب والأعقاب **


  فصل قوله تعالى وقطعناهم اثنتا عشرة أسباطاً

قال أبو عبيدة‏:‏ الأسباط قبائل بني إسرائيل يقال‏:‏ من أي سبط أنت أي‏:‏ من أي قبيلة أنت وجنس قال‏:‏ والسبط دون القبيلة‏.‏

قال المفسرون‏:‏ الأسباط ولد يعقوب عليه السلام‏.‏

وقال النبي صلى الله عليه وآله‏:‏ الحسن والحسين سبطان من هذه الأمة‏.‏

وقيل‏:‏ سئل رسول الله صلى الله عليه وآله لكل نبي سبط فمن سبطك يا رسول الله فغضب رسول الله من ذلك فقال السائل‏:‏ أعوذ بالله من غضب الله ورسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ أنا خير الأنبياء وسبطاي الحسن والحسين وهما خير الأسباط‏.‏

قال الله تعالى ‏"‏ وإسحاق ويعقوب والأسباط ‏"‏ قال بعض المفسرين‏:‏ الأسباط الأنبياء من بني إسرائيل دون غيرهم فلما زالت النبوة من بني إسرائيل زال هذا الاسم عنهم وقال الشاعر‏:‏ علي والثلاثة من بنيه هم الأسباط ليس بهم خفاء قيل‏:‏ لما انتقلت النبوة من أولاد إسحاق إلى أولاد إسماعيل عليهما السلام نقل اسم السبط عنهم إلى ولد إسماعيل عليه السلام‏.‏

وقال قوم‏:‏ هود وصالح وشعيب عليهم السلام كانوا من العرب ولكنهم من قدماء العرب الذين يقال لهم‏:‏ العرب العاربة وما كانوا من ولد إسماعيل ولا من الأسباط بل هم شعوب‏.‏

قيل‏:‏ لفظ العرب منسوب إلى يعرب بن قحطان والأصل يعربي فاستثقلوا الياء وطرحوها‏.‏

قال الجار ربحي صاحب التكملة‏:‏ المعربة ساحة العرب وبها سموا وإليها نسبوا قال الشاعر‏:‏ وعربة قوم ما يحل حزامها من الناس إلا اللوزعي الحلاحل وقيل‏:‏ سميت العرب عرباً لحسن بيانها في عباراتها وإصلاح معانيها من قولهم قد أعربت عن القوم إذا تكلمت عنهم‏.‏

والأعراب في اللغة‏:‏ الإيضاح والإبانة‏.‏

وفي الحديث‏:‏ البنت تعرب عن نفسها أي‏:‏ تفصح‏.‏

والعرب والعربة النفس قال الشاعر‏:‏ نفحتني نفحة طابت بها العرب وقيل‏:‏ العربة النهر فسمي ما وراء دجلة والفرات العرب بسبب المجاورة‏.‏

وأمثال ذلك كثيرة‏.‏

تبصرة معنى قول النبي أنا ابن الذبيحين اختلف سلف الإسلام في الذبيح فقالت اليهود والنصارى‏:‏ الذبيح إسحاق عليه السلام‏.‏

وقد روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن الذبيح كان إسحاق‏.‏

وروي أيضاً عن جماعة من الصحابة أن الذبيح كان إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام‏.‏

وروى عمر بن الخطاب ذلك وإليه ذهب كعب الأحبار وسعيد بن جبير ومسروق بن الأخدع وأبو الهذيل والزهري والسدي‏.‏

وقيل‏:‏ إن يعقوب كتب إلى يوسف عليهما السلام أما جدي إبراهيم فقد ابتلاه الله بالنار ثم صيرها عليه برداً وسلاماً‏.‏

وأما أبي فابتلاه الله بالذبح ثم فداه بذبح عظيم‏.‏

وقال يوسف في مصر حين عرضه النخاس على الناس وقال‏:‏ من الذي يشتري غلاماً صبيحاً عالماً‏:‏ لا تقل هذا وقل من يشتري يوسف الصديق ابن يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله‏.‏

وقال عبد الله بن عمر وعامر بن واثلة وسعيد بن المسيب والشعبي ومجاهد‏:‏ إن الذبيح إسماعيل‏.‏

وكان الشعبي يقول‏:‏ رأيت قرن الكبش الذي كان فدا إسماعيل معلقاً من الكعبة ثم أحرق البيت وما فيه الحجاج بن يوسف في أيام خلافة عبد الله بن الزبير‏.‏

وروى عمر بن عبيد عن الحسن البصري أنه قال‏:‏ لا يشك في أن الذبيح هو إسماعيل‏.‏

وإليه ذهب عطاء بن أبي رباح‏.‏

وروى عبد الله بن عباس أن الذبيح إسماعيل وقال‏:‏ إن اليهود حرفوا ذلك حسداً ونقلوا الذبيح إلى إسحاق‏.‏

وعن رسول الله صلى الله عليه وآله قد روي حديث يدل على أن الذبيح إسماعيل‏.‏

أما الحديث الأول فالحديث الذي رواه العباس بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال‏:‏ الذبيح إسحاق‏.‏

والحديث الآخر ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال‏:‏ أنا ابن الذبيحين عنى به إسماعيل عليه السلام وعبد الله‏.‏

وقال قوم‏:‏ إن جد المصطفى عليه السلام هو إسحاق لا إسماعيل لأن النبي صلى الله عليه وآله ذكر أنسابه إلى معد بن عدنان ووقف وقال عليه السلام‏:‏ كذب النسابون بعد ذلك‏.‏

واتفق أكثر العلماء على أن إسماعيل بن إبراهيم هو جد النبي صلى الله عليه وآله وهو الذي أعان إبراهيم عليه السلام على بناء الكعبة قال الله تعالى ‏"‏ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل - إلى قوله - ومن ذريتنا أمةً مسلمةً لك ‏"‏ إلى آخر الآية‏.‏

وقيل‏:‏ إن عبد المطلب لما حفر زمزم قال‏:‏ إن سهل الله علي حفر زمز علي ذبح أحد أولادي فخرج السهم على عبد الله فمنعه أخواله وقالوا‏:‏ أفد ابنك بمائة من الإبل وفي ذلك روايات مختلفة والله أعلم‏.‏

وذكر زبير قاضي مكة أن يزيد بن معاوية حج بالناس سنة خمسين من الهجرة وحج بالناس عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن عباس سنة خمسين ومائة وبين الوقتين مائة عام وهما في القعدد بعبد مناف سوى والقعدد القليل الآباء إلى الجد الأكبر‏.‏

يقال‏:‏ قعدد وقعدد بفتح الدال وضمها‏.‏

وبيان ذلك‏:‏ أن عبد الصمد هو عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف وبين موت يزيد وموت عبد الصمد مائة سنة والأب السادس لعبد الصمد هو عبد مناف وكذلك الأب السادس ليزيد عبد مناف والنسابون يقولون بهذه الوراثة بالقعدد‏.‏

وهذا أصل في معرفة علم الأنساب والسلام‏.‏

  فصل الآيات الواردة في النسب وفضيلته

قال الله تعالى في سورة النساء ‏"‏ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام ‏"‏‏.‏

قوله ‏"‏ خلقكم من نفس واحدة ‏"‏ أي‏:‏ من آدم عليه السلام وبث منهما أي‏:‏ أظهر البشر من آدم قال أكثر المفسرين‏:‏ أي واتقوا الأرحام أن تقطعوها‏.‏

وهذا عام ودليل على أنه لا يجوز قطع رحم النبي صلى الله عليه وآله‏.‏

قال الإمام علي بن أحمد الواحدي فيما حدثني به الإمام محمد بن الفضل الفزاري عنه‏:‏ اتقوا الله الذي تسائلون فيما بينكم حوائجكم وحقوقكم به فيقولون‏:‏ أسألك بالله وأنشدك الله‏.‏

وكذا كانت العرب تقول‏.‏

قال أكثر المفسرين‏:‏ والأرحام عطف على اسم الله في قوله تعالى واتقوا الله والمعنى‏:‏ اتقوا الأرحام فصلوها ولا تقطعوها‏.‏

فإن قال قائل‏:‏ كيف يقع الاتقاء على الأرحام والأرحام يوصل ولا تيقى‏.‏

وكيف يعطف الأرحام على الله تعالى وكيف عطفت هذه التقوى المتقدمة وليس ها هنا شيء يوجب العطف لأن قوله اتقوا ربكم الذي خلقكم قد أوجب التقوى لله لأن الذي خلقهم من نفس واحدة هو الله الذي تساءلون به‏.‏

وظاهر قوله ‏"‏ واتقوا الله الذي تسائلون به ‏"‏ يشير إلى تقوى ثانية قد فرضت عليهم مع التقوى الأولى‏.‏

قيل له‏:‏ أما اقتضاء الاتقاء للأرحام فالوجه فيه اتقاؤها أن تقطع وقد يقول القائل‏:‏ اتق الرحم أن تقطعها‏.‏

ولهذا الكلام نظائر كثيرة يعرفها من عرف طريقة اللغة‏.‏

وأما وجه عطف الأرحام على الله في هذه الآية فإن هذه الآية آية فيها الحث على صلة الرحم والمقصود من الآية صلة الرحم وبيان ذلك قوله تعالى ‏"‏ خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ‏"‏ والمتقي للرحم أن يقطعها إنما يتقي ذلك باتقائه الله تعالى عز وجل‏.‏

وللعرب عادة في مثل هذا الكلام ممن شاء قال‏:‏ اتق الله في الرحم أن تقطعها ومن شاء قال‏:‏ اتق الله والرحم ومن يقطعها ومن شاء أوجز وقال‏:‏ الله والرحم‏.‏

وفي ذلك كلام طويل ذكره أبو المطهر القائني في سؤالات القرآن‏.‏

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وقال الله تعالى‏:‏ ‏"‏ أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته ‏"‏‏.‏

قال بعض العلماء‏:‏ التقوى اجتماع الطاعات وأوله ترك الشرك وآخره اتقاء كل ما نهى الله تعالى عنه‏.‏

وقوله تعالى ‏"‏ وخلق منها زوجها ‏"‏ حكم الله تعالى بسكون الخلق مع الخلق لبقاء النسل ورد المثل إلى المثل ثم نبه أصناف الناس على غوامض الحكمة حين خلق جميع هذه الخلائق من نسل شخص واحد على اختلاف هممهم وتفاوت صورهم وتباين أخلاقهم‏.‏

وتكرير الأمر بالتقوى في قوله تعالى ‏"‏ واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ‏"‏ يدل على تأكيد حكمته‏.‏

قال النبي صلى الله عليه وآله‏:‏ ‏"‏ صلة الرحم تزيد في العمر ‏"‏‏.‏

وقال عليه السلام‏:‏ ‏"‏ اعرفوا أنسابكم لتصلوا به أرحامكم ‏"‏‏.‏

وقال عليه السلام‏:‏ ‏"‏ الوصول من وصل رحماً بعيداً والقطوع من قطع رحماً قريباً ‏"‏‏.‏

قوله تعالى ‏"‏ ذريةً بعضها من بعضٍ والله سميعٌ عليمٌ ‏"‏ قال بعض المفسرين‏:‏ ذرية بعضها من بعض أي‏:‏ بعضها من ولد بعض‏.‏

وقيل‏:‏ أي بعضهم على دين بعض‏.‏

وذكر الثعلبي في تفسيره عن الأعمش عن أبي وائل أنه قال‏:‏ قرأت في مصحف عبد الله بن مسعود وآل إبراهيم وآل عمران وآل محمد على العالمين وسيأتي بعد ذلك تفسيره‏.‏

قال الإمام علي بن أحمد الواحدي‏:‏ إنما خص هؤلاء بالذكر لأن الأنبياء بأسرهم من نسلهم‏.‏

والذرية‏:‏ الذكور والإناث من الولد وولد الولد لأن الذرية من ذر الله الخلق والذرية أولاد الابن وأولاد البنات وقد جعل الله تعالى عيسى عليه السلام من ذرية إبراهيم وهو من ولد البنات‏.‏

وأصل الذر إظهار الخلق بالإيجاد يقال‏:‏ ذر الخلق وأصله الظهور ومنه‏:‏ ملح ذراني لظهور بياضها‏.‏

والذرية لظهورها ممن هي منه‏.‏

قال بعض العلماء‏:‏ إن الله تعالى اصطفى آدم بالحسب واصطفى أولاده بالحسب والنسب حيث قال‏:‏ ذرية بعضها من بعض‏.‏

قوله في سورة النحل ‏"‏ والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين قال بعض المفسرين‏:‏ الحفدة أولاد الأولاد‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ الأعوان‏.‏

وقال عطاء بن أبي رباح‏:‏ هم أولاد الرجل الذي يعنونه ويحفدونه ويرقدونه‏.‏

وقال قتادة‏:‏ الحفدة الأولاد الذين يخدمون الآباء‏.‏

قال الكلبي‏:‏ الحفدة الأولادة الكبار‏.‏

وقال ابن عباس‏:‏ الحفدة أولاد الأب وأولاد البنت‏.‏

وقال غيره‏:‏ الحفدة بنو المرأة من الزوج الأول‏.‏

وأصل الحفد الإسراع في المشي‏.‏

وفي الدعاء وإليك نسعى ونحفد أي‏:‏ نسرع إلى العمل بطاعتك‏.‏

قوله تعالى ‏"‏ قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ‏"‏ هذه الآية في سورة حمعسق‏.‏

قال ابن عباس‏:‏ لما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة كان يلزمه حقوق من جهة الصادر والوارد ولم يكن عنده صلى الله عليه وآله سعة من المال فقال الأنصار‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وآله رجل هدانا الله به وله نسب منا ويلزمه حقوق وليس في يديه مال فتعالوا حتى نجمع له من أموالنا مالاً يصرفه وينفقه حتى نستعين به على أداء حقوق يلزمه ففعلوا ذلك ثم عرضوا هذا المال عليه فتوقف رسول الله صلى الله عليه وآله في قبول المال حتى نزل جبرئيل وأنزل الله تعالى هذه الآية‏.‏

وقال قتادة‏:‏ أجمع المشركون في دار الندوة وقالوا‏:‏ تعالوا حتى نعين لمحمد أجراً حتى لا يتعرض قال الحسن البصري‏:‏ المودة في القربى التودد إليه بالطاعة والتقرب إليه بمتابعة رسول الله صلى الله عليه وآله‏.‏

قال ابن عباس‏:‏ معنى الآية أن أكثر أقارب رسول الله صلى الله عليه وآله خالفوه وكذبوه فقال تعالى ‏"‏ لا أسألكم عليه أجراً ‏"‏ إلا حفظ قرابتي وصلة رحمي فإنكم قومي وأحق الناس بطاعتي‏.‏

وقال سعيد بن جبير وغيره من العلماء‏:‏ معنى الآية مودة أقارب رسول الله صلى الله عليه وآله وحفظ حقوقهم ومحبة أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله‏.‏

وفرق بعض المفسرين بين المودة والمحبة فقال‏:‏ المودة ما يتعلق بواحد بسبب غيره مثال ذلك من يود حافظ القرآن بسبب القران ونود العلماء بسبب العلم ويود أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله‏.‏ والمحبة أعم من المودة‏.‏

وحدثني الإمام علي بن محمود النصر آبادي قال‏:‏ حدثنا الإمام علي بن أحمد الواحدي قال‏:‏ حدثنا الإمام المفسر أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي قال‏:‏ أخبرنا الحسين بن محمد الثقفي العدل قال‏:‏ حدثنا برهان بن علي الصوفي قال‏:‏ حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قال‏:‏ حدثنا حرب بن الحسن الطحان قال‏:‏ حدثنا الحسين الأشقر قال‏:‏ حدثنا قيس عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن العباس رضي الله عنه أنه قال‏:‏ لما نزلت هذه الآية قيل‏:‏ يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم فقال عليه السلام‏:‏ علي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم‏.‏

وحدثنا أستاذنا الإمام أحمد بن محمد الميداني قال‏:‏ حدثنا علي بن أحمد الواحدي قال‏:‏ حدثنا الإمام المفسر أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم الثعلبي قال‏:‏ حدثنا أبو منصور الحمشادي قال‏:‏ حدثنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قال‏:‏ أخبرني أبو بكر بن مالك قال‏:‏ حدثنا محمد بن يونس قال‏:‏ حدثنا عبيد الله بن عائشة قال‏:‏ حدثنا إسماعيل بن عمرو عن عمرو بن موسى عن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم عن آبائه أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال‏:‏ شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حسد الناس لي فقال عليه السلام‏:‏ أما ترضى أن تكون رابع أربعة أول من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وأزواجنا على أيماننا وعن شمائلنا وذريتنا خلف أزواجنا‏.‏

وبالإسناد المتقدم قال قال‏:‏ حدثنا أبو منصور الحمشادي قال‏:‏ أخبرنا أبو نصر أحمد بن الحسين بن أحمد قال‏:‏ أخبرنا أبو العباس محمد بن همام قال‏:‏ أخبرنا إسحاق بن عبد الله بن رزين قال‏:‏ أخبرنا حسان بن حسان قال‏:‏ أخبرنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جذعان عن شهر بن حوشب عن أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لفاطمة رضي الله عنها‏:‏ ايتني بزوجك وابنيك فجائت بهم فألقى عليهم كساءه ثم رفع يده فقال‏:‏ اللهم هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد إنك حميد مجيد قالت أم سلمة‏:‏ فرفعت الكساء حتى أدخل بينهم فقال صلى الله عليه وآله‏:‏ إنك على خير ثلاثاً‏.‏

وقيل‏:‏ لما دخل علي بن الحسين زين العابدين رضي الله عنهما كورة دمشق بعد قتل أبيه قام خطيب من خطباء الشام وقال‏:‏ الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم وقطع قرن الفتنة بهلاككم‏.‏

فقال له زين العابدين رضي الله عنه‏:‏ أقرأت القرآن قال‏:‏ نعم‏.‏

فقال له‏:‏ أفما قرأت قول الله تعالى ‏"‏ قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ‏"‏ قال‏:‏ وإنكم هؤلاء فقال زين العابدين‏:‏ نعم‏.‏

فقال الشامي‏:‏ اللهم اغفر‏.‏

وقيل‏:‏ القربى ولد عبد المطلب كما روى أنس بن مالك الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال‏:‏ نحن بنو عبد المطلب سادة أهل الجنة أنا وحمزة وجعفر وعلي والحسن والحسين‏.‏

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله‏:‏ حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي ومن اصطنع صنيعة إلى واحد من ولد عبد المطلب ولم يجازه عليها فأنا أجازه غداً إذا لقيني في يوم القيامة‏.‏

وقيل‏:‏ القربى هم الذين تحرم عليهم الصدقة ويقسم فيهم الخمس وهم بنو هاشم وبنو المطلب وقال الله تعالى ‏"‏ واعلموا أنما غنمتم من شيءٍ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى ‏"‏ وقال تعالى ‏"‏ وآت ذا القربى حقه ‏"‏‏.‏

وذكر الإمام أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره عن جرير بن عبد الله البجلي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال‏:‏ من مات على حب آل محمد مات شهيداًن ومن مات على حب آل محمد وقد غفر الله له ألا ومن مات على حب آل محمد مات شهيداً ومن مات على حب آل محمد وقد غفر الله له ألا ومن مات على حب آل محمد بشره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير ألا ومن مات على حب آل محمد فتح الله في قبره أبواباً من الجنة ألا ومن مات على حب آل محمد جعل الله زوار قبره ملائكة الرحمة ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة‏.‏

ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله ‏"‏ ومن يقترف حسنةً نزد له فيها حسناً إن الله غفورٌ شكورٌ ‏"‏ قال ابن عباس‏:‏ ‏"‏ ومن يقترف حسنةً نزد له حسناً ‏"‏ المودة في آل محمد‏.‏

ونهى الله عن قطع الرحم حيث قال ‏"‏ فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ‏"‏ وروى عبد الله بن معقل أن النبي صلى الله عليه وآله قرأ ‏"‏ فهل عسيتم إن توليتم أن وذكر محمد بن جرير في تاريخه‏:‏ إن المهدي محمد بن جعفر بن المنصور كان يصلي ذات ليلة ويقرأ القرآن في صلاته وحاجبه الربيع حاضر في حجرته فلما انتهى إلى هذه الآية رددها مراراً وبكى بكاءاً شديداً ثم سلم وقال للربيع‏:‏ اذهب إلى موسى بن جعفر الصادق رضي الله عنهما وائتني به فذهب الربيع وأخبر موسى بذلك‏.‏

فدخل عليه موسى رضي الله عنه فقام المهدي وعانقه وقال‏:‏ يا موسى عاهدت الله أن لا أؤذيك ولا أؤذي أحداً من أهل بيتك ما عشت خوفاً من أن أكون كما قال الله تعالى فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم فبكى موسى رضي الله عنه وودعه وخرج سالماً وقال للمهدي‏:‏ أوصل الله تعالى بركة الصلة الرحم إليك‏.‏

وقال الله تعالى في سورة مريم ‏"‏ أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوحٍ ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل ‏"‏ هذه الآية دليل واضح على شرف الأنساب ووجوب حفظ النسب وقد جمع الله تعالى بين وصفهم بالنبوة وذكر أنسابهم إلى آدم ونوح وإبراهيم وإسرائيل عليه السلام فلو لم يكن النسبة إلى الأنبياء شرفاً وفضيلة لما قرنها الله تعالى مع شرف النبوة والسلام‏.‏

  فضائل السبطين الحسن والحسين وفضل أولادهما رضي الله عنهم

أخبرني الإمام علي بن عبد الله بن محمد بن الهيضم النيشابوري قال‏:‏ أخبرني والدي أبو بكر عبد الله قال‏:‏ أخبرني أحمد بن محمد بن علي بن أحمد العاصمي مصنف كتاب زين الفتى بإسناده أن واحداً من الملوك قال‏:‏ من أكرم الناس أباً وأماً وجدة وأختاً وخالاً وخالة وكان الحسين بن علي رضي الله عنهما حاضراً‏.‏

فقام النعمان بن بشر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وأشار إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما وقال‏:‏ هذا هو الذي أردت جده محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وأبوه علي المرتضى رضي الله عنه وأمه فاطمة الزهراء رضي الله عنها وجدت خديجة الكبرى وهي أول امرأة آمنت برسول الله صلى الله عليه وآله وصلت معه وعمه جعفر الطيار وعم أبيه حمزة سيد الشهداء وعمته أم هاني وخاله القاسم ابن رسول الله صلى الله عليه وآله وخالته زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وآله‏.‏

فلما خرج الحسين بن علي رضي الله عنهما من هذا المجلس قال بعض من حضر للنعان‏:‏ يا أخا زريق حب بني هاشم دعاك إلى أن قلت ما قلت فقال النعمان‏:‏ ما قلت غير الحق والله ما أطاع رجل مخلوقاً في معصية الله إلا حرم الله أمنيته عليه في الدنيا ولقى الشقاء في الآخرة‏.‏

قال رسول الله صلى الله عليه وآله‏:‏ فاطمة بضعة مني والحسن والحسين فرعان لهذه البضعة‏.‏

وروى حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال‏:‏ إن ملكاً استأذن ربه حتى سلم علي وبشرني بفاطمة وأنها سيدة نساء أهل الجنة‏.‏

وقال أنس بن مالك‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وآله يأتي باب فاطمة رضي الله عنها عند الصبح ويقول‏:‏ السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ورحمة الله وبركاته إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً‏.‏

وروى عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه أبي ليلى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال‏:‏ لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وتكون عترتي أحب إليه من عترته ويكون أهلي أحب إليه من أهله‏.‏

وقال أسامة بن زيد‏:‏ إني سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وقلت‏:‏ أي أهلك أحب إليك فقال عليه السلام‏:‏ أحب أهلي إلي فاطمة بنت محمد‏.‏

وروت عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ذكر خديجة كان لا يسأم من ثناء عليها وقال رسول الله صلى الله عليه وآله‏:‏ ما زارني جبرئيل في مدة حياة خديجة إلا قال لي‏:‏ أخبر خديجة أن ربها يقرأ عليه السلام ويبشرها ببيت في الجنة‏.‏

وروت عائشة أنه قد أهدي إلى رسول الله صلى الله عليه وآله جدي مشوي فكشف صلوات الله عليه الثوب عن ذراعيه وقطعها وبعث قطعتين إلى امرأتين فسألت عائشة فقالت له‏:‏ لم فعلت ذلك وغمست يديك فيه وقد كان فينا من يكفيك فقال رسول الله صلى الله عليه وآله‏:‏ ويحك أن خديجة أوصتني بهاتين المرأتين‏.‏

وأما جعفر الطيار فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله له‏:‏ يا جعفر أشبهت خلقي وخلقي‏.‏

أما أم هاني فقد دخلت يوم الفتح وقالت‏:‏ يا رسول الله قد أجرت رجلاً من جيراني فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله‏:‏ يا أم هاني قد أجرنا ما أجرت‏.‏

وأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد الحسن والحسين رضي الله عنهما وقال‏:‏ من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة‏.‏

وكان أبو هريرة ما رأى الحسن بن علي رضي الله عنهما إلا فاضت عينه بالدموع فسئل عن ذلك فقال‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وآله حين انصرف من غزوة بني قينقاع وهو يدخل وروى جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال‏:‏ من أراد أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة سوى عيسى ويحيى فلينظر إلى الحسين بن علي‏.‏

وقال عليه السلام‏:‏ الحسين مني وأنا منه أحب الله من أحبه‏.‏

وحدثني السيد الأجل أبو الغنائم حمزة بن هبة الله الحسيني بإسناده عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال‏:‏ أربعة أنا لهم شفيع يوم القيامة ولو أتوا بذنوب أهل الأرض‏:‏ الضارب سيفه أمام ذريتي والقاضي لهم حوائجهم والساعي لهم في أمورهم عندما اضطروا إليه والناصح لهم بقلبه ولسانه‏.‏

قال ابن أبي حازم وهو من العلماء السلف‏:‏ ما رأيت هاشمياً أفضل من زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهما‏.‏

  فصل فيما روي ‏(‏أحبوا العرب فإني عربي والقرآن عربي وكلام أهل الجنة عربي‏)‏‏.‏

روى عبد الله بن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال‏:‏ أحبوا العرب فإني عربي والقرآن عربي وكلام أهل الجنة عربي‏.‏

وقال عليه السلام‏:‏ من أحب العرب فيحبني أحبهم ومن أبغضهم فيبغضني أبغضهم‏.‏

وروى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال‏:‏ العرب نور الله في الأرض فإذا ذهبت العرب أظلمت الأرض وذهب ذلك النور‏.‏

والله أعلم‏.‏

روى جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال‏:‏ الناس تبع لقريش في الخير والشر‏.‏

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله‏:‏ يا بني هاشم إذا أخذت حلقة الجنة ما بدأت إلا بكم‏.‏

وقال جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنهما‏:‏ لما مات إبراهيم خليل الله عليه السلام خرج إسماعيل من مكة ودخل على أخيه إسحاق عليه السلام وقال له‏:‏ أطلب منك ميراث أبي فقال له إسحاق‏:‏ وأي ميراث لك وأمك جارية مملوكة لأمي فعاد إسماعيل مغتماً وهو يقول‏:‏ الحمد لله الجواد بمنه الملك الملوك الدائم القيوم والحمد لله الذي هو ربنا غوث الضعيف وناصر المظلوم والحمد لله الذي هو باعث من في القبور لوقته المعلوم فنزل جبرئيل عليه السلام وقال‏:‏ يقول لك الله‏:‏ يا إسماعيل قد جعلت النبوة والخلافة في ولدك إلى يوم القيامة‏.‏

وكان جعفر الصادق رضي الله عنه يقول‏:‏ هذه أفضل فضيلة العرب لولد إسماعيل على ولد إسحاق وحسب العرب بها فضيلة‏.‏

وقال أكثم بن صيفي حكيم العرب‏:‏ دخلت البطحاء فرأيت بني هاشم حول عبد المطلب كأنهم بدور ونجوم فقلت لقومي‏:‏ يا بني تميم إذا أراد الله أن ينشأ رفعة ودولة أنبت بها مثل هؤلاء هذا غرس الله لا غرس الناس‏.‏

هرب الناس إلى قصي بن كلاب فرآه شابور وسأله عن حاله فقال‏:‏ أنا شيخ عاجز عن الهرب ثم قال قصي لشابور الملك‏:‏ ما هذا الذي تفعل بالعرب فقال شابور‏:‏ لما روي عن علمائنا أنه يكون في العرب نبي يكون بيده هلاك عقبي من بعدي فأردت أن استأصل العرب‏.‏

فقال قصي‏:‏ بئس ما رأيت من الرأي أيها الملك إن كان ما سمعت حقاً فإنه لا يمكنك أن ترده لأنه ليس لملك الأرض أن يرد قضاء ملك السماء والأرض‏.‏

وبئسما أورثت عقبك من بعدك فإن هذا النبي إذا خرج وسمع ما فعلت بآبائه كافى وفعل بأبنائك ما فعلت بآبائه وإن كان ما سمعت عن أمر هذا النبي غير حق فقد أفنيت العرب لا شيء‏.‏

فلما سمع شابور هذا الكلام سكت ساعة ثم قال‏:‏ لقد صدقت لا ينبغي لملوك الأرض رد قضاء ملك السماء والأرض ثم خلع على قصي وعطره بالمسك والعنبر وطوقه‏.‏

وقيل‏:‏ كان الطوق من ذهب‏.‏

وسوره بأساور من ذهب وتوجه بتاج من تيجان الملوك ووضع له سريراً بجنب دار الندوة وهي دار قصي وقال لقصي‏:‏ أنت سيد العرب وقد وهبت لك العرب فقال الناس‏:‏ العرب كلهم موالي قصي بن كلاب وطلقائه‏.‏

وكان قصي جد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏.‏

وفي هذا المعنى كلام طويل يحتاج إلى تسويد أوراق كثيرة ولو اشتغلت ببيانه وتفصيله لخرج الكتاب عن حد الإيجاز وأدى إلى الملال‏.‏

ولما كان المقصود من هذا الكتاب تفصيل الأنساب قنعت بطرف من فضائل أصول هذا النسب ليدل فضائل الأصول على فضائل الفروع والله تعالى ولي التوفيق ومنه العون وبه التوفيق‏.‏

  فصل الأنساب والألقاب وأسبابها من أولاد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ترتيب الحروف ومن الألقاب

ما ليس له سبب مشهور ولا علة معروفة فلذلك خليت بيت كل لقب ليس له سبب مشهور وربما كان له سبب لم يصل إلي وفوق كل ذي علم عليم والتوفيق من الله الذي هو رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله أجمعين‏.‏

  فصل تفضيل بني هاشم على سائر القريش

قال رسول الله صلى الله عليه وآله‏:‏ إن الله خلق سبع سماوات فاختار العليا فأسكنها خلقه ثم اختار خلقه فاختار بني آدم ثم اختار من بني آدم العرب ثم اختار من العرب بني نضر قريشاً ثم اختار من قريش بني هاشم ثم اختارني من بني هاشم فلم أزل خياراً في خيار‏.‏

وقال أيضاً صلى الله عليه وآله‏:‏ إن الله اصطفى من ولد بني آدم إبراهيم واتخذه خليلاً ثم اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ثم اصطفى من ولد إسماعيل نزار ثم اصطفى من ولد نزار بني نضر واصطفى من بني نضر بني كنانة واصطفى من بني كنانة قريشاً واصطفى من قريش بني هاشم واصطفى من بني هاشم بني عبد المطلب واصطفى محمداً من بني عبد المطلب‏.‏

وقال عليه السلام‏:‏ ثم اجتذبني أب أفضل من بني هاشم‏.‏

وقال العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وآله‏:‏ إني قلت للنبي عليه السلام‏:‏ إن قريشاً جلسوا فتذاكروا أحسابهم فجعلوا مثلك مثل نخلة في روضة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله‏:‏ إن الله تعالى يوم خلق الخلق خلقني خيرهم ثم خير فرقهم فجعلني خير الفريقين ثم جعلها قبائل فجعلني في خير قبيلة ثم جعلها بيوتاً فجعلني في خير بيوتهم وأنا خيرهم نفساً وخيرهم بيتاً‏.‏

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله‏:‏ ما مسني عرق سفاح قط وما زلت أنقل في الأصلاب السليمة من الرحوم والأرحام البرية من العيوب‏.‏

وهذا الحديث يدل على شرف بني هاشم وطيب أصلهم وفضيلتهم في النفساء والتهذيب والتصفية والتنقيح‏.‏

وفي الزمن الماضي ما وقع التشاجر بين بني هاشم ومخزوم وأمية وعبد شمس بل سلموا الفضائل بأسرها لبني هاشم فلا فضيلة للعرب إلا وهي موجودة في بني هاشم‏.‏

ولبني هاشم فضيلة المصطفى وليس لأحد مثل هذه الفضيلة ولهذا قال الشاعر لبني مخزوم وهو يخاطب واحداً منهم‏:‏ ولد المغيرة تسعة كانوا صناديد العشيرة وأبوك عاشرهم كما نبتت مع النخل الشعيرة إن النبوة والخلا - - فة والسقاية والمشورة في غيركم فاكفف إلي - - ك يداً مجذمة صغيرة وقال الفضل بن عباس‏:‏ في مكة نحن كإسكانها من قريش وبنا سميت قريش قريشاً‏.‏

وقال الشاعر لبني هاشم‏:‏ أبوكم قصي كان يدعي مجمعاً جمع الله القبائل من فهر وأنتم بنو زيد وزيد أبوكم به زيدت البطحاء فخراً على فخر واسم قصي زيد وقصي لقبه وسمي قصياً لأنه أقصى قوماً وأدنى آخرين‏.‏

واسم زيد في آل علي بن أبي طالب رضي الله عنه كثير لأنه اسم جدهم قصي قصي هو الذي أدخل الحرم إلى القمر البادي المقيم دعوته ومطعمهم في الأذل والضيق والجدب ومن الذي أطعم قريشاً من ماله في الجدب حتى عاشوا سوى هاشم حتى قال فيه الشاعر‏:‏ عمرو العلى هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف وعبد المطلب هو مطعم الناس والوحوش إذا هبت الشمال نحر جزوراً وأطعم الناس والوحوش‏.‏

وهو أكمل العرب جمالاً وأطهرهم بياناً وهو الذي رآه أبرهة الملك صاحب الفيل فنزل من سريره وجعل معه على البساط احتراماً له واسمه شيبة الحمد‏.‏

قال مطرود الخزاعي وهو من المعمرين‏:‏ يا شيبة الحمد الذي تثنى له أيامه من خير ذخر الذاخر المجد ما حجت قريش بيته ودعا هزيل فوق غصن ناضر والله لا أنساكم وفعالكم حتى أغيب في تراب القابر وقال حذافة بن غانم العدوي‏:‏ بني شيبة الحمد الكريم فعاله يضيء ظلام الليل كالقمر البدر وقال العبدي‏:‏ لا ترى في الناس حياً مثلنا ما خلا أولاد عبد المطلب إنما عبد مناف جوهر زين الجوهر عبد المطلب وبعد فمن يناضل ويفاخر رجالاً ولدوا محمداً المصطفى صلى الله عليه وآله مع ما ذكر من أن الله تعالى أعطى عبد المطلب من تفجر العيون تحت كلكل بعيره وأعطاه عند المساهمة وعند المقارعة من الأمور العجيبة ورد بسببه أصحاب الفيل عن مكة‏.‏

وأنزل الله تعالى في هذه القصة ‏"‏ ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ‏"‏ وكان ذلك في عهد عبد المطلب‏.‏

وكانت قصة الفيل عند قريش كالعيان وكان العهد قريباً حتى قالت عائشة‏:‏ رأيت سائق أصحاب الفيل أعمى يطوف في سكك مكة ويستطعم‏.‏

وقد أصاب أهل مكة جدب فاستسقى عبد المطلب وقام على الصفا وقال‏:‏ اللهم أنت عالم غير معلم هؤلاء عبادك يشكون إليك سنة أكلة الجيف والنطف فأمطر اللهم علينا غيثاً مغيثاً مغدقاً فما قعد حتى تفجرت السماء بمائها‏.‏

وقال الشاعر‏:‏ بشيبة الحمد أسقى الله بلدتنا وقد فقدنا الحيا وأجود المطر فجاد بالماء جون له سبل دان فعاشت به الأنعام والشجر مناً من الله بالميمون طائره وخير من شرف يوماً به مضر مبارك الأمر يستسقى الغمام به ما في الأنام له عدل ولا خطر وبنو هاشم كانوا أعقل العرب وأدهى البرية وأفصح الناس لساناًن لكثرة ما يرد عليهم من اختلاف الأخلاق والألسنة وليس لقبائل العرب في حلف الفضول نصيب وهو أشرف حلف وأكرم عقد كان في قريش إلا لبني هاشم‏.‏

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله‏:‏ لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً لو دعيت إلى مثله في الإسلام لأجبت‏.‏

وذلك الحلف كان اتفاقاً منهم على نصرة المظلوم وقهر الظالم حتى قال قائلهم‏:‏ حلفت لنقعدن حلفاً عليهم وإن كنا جميعاً أهل دار نسميه الفضول إذا عقدنا يعز به الغريب لدى الجوار ويعلم من حوالي البيت أنا أباة الضيم نهجر كل عار ولم تكن الرفادة والحجاية والسقاية والدار الندوة واللواء والنيران إلا لبني هاشم في الجاهلية وسائر قريش تبع لبني هاشم‏.‏

ولا يخفى تفاوت ما بين التبع والمتبوع‏.‏

فقريش طلقاء قصي حين رد عنهم شابور الملك كما تقدم‏.‏

وعتقاء عبد المطلب حين رد الله عنهم أبرهة صاحب الفيل بدعاء عبد المطلب حين قال‏:‏ للبيت رب يحفظه‏.‏

ثم قال‏:‏ اللهم إن المرء يحفظه في رحله وبيته فاحفظ بيتك فأرسل الله على أبرهة طيراً أبابيل ترميهم بحجارة وكان هاشم يطعم الحاج كل سنة من خاص ماله ويزود كل فقير حتى يصل بمعونته من مكة إلى بيته فأراد أمية أن يطعم الحاج سنة فاستأذن فأذن له هاشم فنفد مال أمية وما تيسر لهمة الحاج فغضب من ذلك هاشم ونحر في الحال من خاص ماله ثلاثمائة جزور وأمر باتخاذ الفالوذج من العسل المصفى وأطعم الحاج وردهم إلى مواطنهم وزود الفقراء منهم وغضب على أمية وطرده وقال‏:‏ لم تفعل ما لا تستطيع فعله‏.‏

وكان عبد المطلب أيضاً يطعم الحاج ويوقد المشاعل كل ليلة للحاج وكانت سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام في يديه وكان هذا الرسم جارياً إلى عهد رئاسة العباس بن عبد المطلب حتى جاء الإسلام وظهر أمر الله‏.‏

وليس في بني هاشم أحد إلا وقد اشتق له من فعله الكريم وخلقه العظيم لقب فأول ذلك هاشم‏.‏

وقيل‏:‏ حضر حرب بن أمية مع عبد المطلب عند نفيل بن العربي للمحاكمة والمفاخرة فقال نفيل لحرب بن أمية‏:‏ أنا أتعجب من إقدامك على عبد المطلب للمفاخرة وأنشد‏:‏ أبوك معاهر وأبوه عف وذاد الفيل عن بلد الحرام وذلك أن أمية تعرض لامرأة من بني زهرة فضربه رجل من بني زهرة بالسيف فأراد بنو أمية وقال معاوية لدغفل النسابة‏:‏ ما تقول فينا وفي بني هاشم فقال دغفل‏:‏ بنو هاشم أطعم للطعام وأضرب للهام‏.‏

وقد جمع دغفل في كلامه بين السخاوة والشجاعة‏.‏

ولا فضيلة للعرب وراء هاتين الفضيلتين‏.‏

ثم قال لمعاوية‏:‏ أنت من هاشم في بيت مكرمة ولا بني المصطفى الصيد للميامين فحلم عند معاوية وسكت‏.‏

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله‏:‏ ما افترقت فرقتان إلا كنت في خيرهما‏.‏

وقال صلى الله عليه وآله‏:‏ بعثت من خير قريش‏.‏

وإن كان الفضل تكثر العدد فولد عبد الله بن العباس وولد زين العابدين رضي الله عنه من الكثرة في حد لا يضبط أعداد أولادهما الحساب وهل في بني أمية وبني مخزوم مثل زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهما ومثل علي بن عبد الله بن العباس ومثل علي بن عبد الله بن جعفر الطيار وهل فيهم في السخاوة مثل عبد الله بن جعفر الطيار الذي وهب في يوم واحد للفقراء والمحاويج وأبناء السبيل ثلاثمائة دينار‏.‏

ومثل عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ومآثره في كتاب ذكر الأجواد مشهورة‏.‏

وفي بني هاشم رجل ولدته أمان من أمهات المؤمنين وهو عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ولدته خديجة أم المؤمنين وأم سلمة أم المؤمنين وولدته مع ذلك فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وفاطمة بنت الحسين رضي الله عنه‏.‏

قال واحد من بني هاشم‏:‏ لما تخير ربي فاصطفى رجلاً من خلقه كان منا ذلك الرجل لنا المساجد بناها وتعميرها وفي المنابر فقدان لنا ذلل وإن كانت لقريش فضيلة على العرب بأن رسول الله صلى الله عليه وآله من قريش فإن لهاشم ذلك الفضل أكثر وأوفر وإنما فضل العرب برسول الله صلى الله عليه وآله فبنو هاشم بذلك الفضل أولى من غيرهم‏.‏

والخيزران وزبيدة امرأتان من بني هاشم قد بذلتا من الأموال في سبيل الخيرات ما لم يبذله بنو أمية بأسرهم في مدة ملكهم وآثارهما في طريق مكة باقية‏.‏

وكان من حكام قريش في الجاهلية شيبة الحمد عبد المطلب والزبير بن عبد المطلب‏.‏

وكانت سيدة العرب وأمناءهم على دينهم بنو هاشم ومن أجواد العرب في الجاهلية هاشم بن عبد مناف وقال الشاعر يذكر فيه بني هاشم وقال‏:‏ يا هاشم والمراد به بنو هاشم‏.‏

وإن بني هاشم أطعموا بالصبا ما هبت فإذا أمسكت أمسكوا فلا يدخل بيوتهم جايع إلا شبع ولا خائف إلا أمن‏.‏

وقال الشاعر‏:‏ قريش خيار بني آدم وخير قريش بنو هاشم فصل قريش الطواهر وقريش البطائح قريش البطائح‏:‏ بنو عبد مناف وبنو زهرة بن كلاب وبنو عبد الدار وبنو تيم بن مرة وبنو مخزوم بن يقظة وبنو سهم وبنو حميح وبنو عدي بن كعب وبنو عامر بن لوية إلا بني معيض وهلال بن مالك وبنو هلال بن أهيب‏.‏

وإنما قيل لهم ذلك لأنهم دخلوا مع قصي الأبطح‏.‏

وأفاته القبائل الآخر بظواهرها فسموا قريش الطواهر وهم‏:‏ هيثم بن غالب بن فهر ومعيض بن عامر بن لؤي ومحارب والحارث ابنا فهر فهؤلاء قريش الطواهر‏.‏

وقوم منهم ليسوا من قريش الطواهر ولا من قريش البطائح وهم‏:‏ سأمة بن لؤي والحرب بن لؤي وسعد بن لؤي وعوف بن لؤي فنزل سأمة ونعمان والحارث في غرة وخزيمة وسعد في شبان وعوف في بني دينان‏.‏