فصل: تفسير الآيات (270- 271):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لباب التأويل في معاني التنزيل المشهور بـ «تفسير الخازن» (نسخة منقحة).



.تفسير الآيات (270- 271):

{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (270) إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)}
قوله عز وجل: {وما أنفقتم من نفقة} يعني فيما فرضه الله عليكم من إعطاء زكاة وغيرها {أو نذرتم من نذر} يعني به ما أوجبتموه على أنفسكم في طاعة الله فوفيتم به والنذر أن يوجب الإنسان على نفسه شيئاً ليس بواجب يقال نذرت لله نذراً وأصله من الخوف لأن الإنسان إنما يعقد على نفسه النذر من خوف التقصير في الأمر المهم، والنذر في الشرع على ضربين مفسر، وغير مفسر. فالمفسر أن يقول لله على صوم أو حج أو عتق أو صدقة فيلزمه الوفاء به، ولا يجزيه غيره وغير المفسر وهو أن يقول: نذرت لله أفعل كذا ثم يفعله أو يقول لله على نذر من غير تسمية شيء فيلزمه فيه كفارة يمين.
(خ) عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذراً في معصية فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذراً لا يطيقه فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذراً فأطاقه فليف به» أخرجه أبو داود عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا نذر في معصية ولا فيما لا يملك ابن آدم» أخرجه النسائي.
(ق) عن ابن عمر: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر وقال إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل».
(م) عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن النذر لا يقرب من ابن آدم شيئاً لم يكن الله قدره، ولكن النذر يوافق القدر فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج» قال بعض العلماء: يحتمل أن يكون سبب النهي عن النذر كون الناذر يصير ملتزماً مالاً فيأتي به تكلفاً من غير نشاط أو يكون سببه كونه يأتي به على سبيل المعارضة عن الأمر الذي طلبه فينقص أجره، وشأن العبادة أن تكون متمحضة لله تعالى وقال بعضهم يحتمل أن يكون النهي لكونه قد يظن بعض الجهلة أن النظر يرد القدر أو يمنع من حصول المقدور فنهى عنه خوفاً من اعتقاد ذلك، وسياق الحديث يؤكد هذا، وقوله في بعض روايات الحديث أنه لا يأتي بخير معناه أنه لا يرد شيئاً من القدر. وقوله: فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج معناه أنه لا يأتي بهذه القربة تطوعاً محضاً مبتداً وإنما يأتي بها في مقابلة شيء يريده كقوله إن شفى الله مريضي فللّه على كذا ونحو ذلك مما يحصل بالنذر والله أعلم، وقوله تعالى: {فإن الله يعلمه} أي يعلم ما أنفقتم ونذرتم فيجازيكم به وإنما قال: يعلمه ولم يقل يعلمهما لأنه رد الضمير على الآخر منهما فهو كقوله: {ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً} وقيل: إن الكناية عادت على: {ما} في قوله وما أنفقتم لأنها أسم فهو كقوله: {وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به} ولم يقل بهما {وما للظالمين} يعني الواضعين الصدقة في غير موضعها وقيل: الذين يريدون بصدقاتهم الرياء والسمعة وقيل: هم الذين يتصدقون بالمال الحرام {من أنصار} أي من أعوان يدفعون عنهم عذاب الله تعالى: ففيه وعيد عظيم لكل ظالم قوله عز وجل: {إن تبدوا الصدقات} أي تظهروا الصدقات والصدقة ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة فيدخل فيه الزكاة الواجبة، وصدقة التطوع {فنعمّا هي} أي فنعمت الخصلة هي وقيل فنعم الشيء هي وقيل: معناه فنعم شيئاً إبداء الصدقات {وإن تخفوها} أي تسروا الصدقة {وتؤتوها الفقراء} أي وتعطوها الفقراء في السر {فهو خير لكم} يعني إخفاء الصدقة أفضل من العلانية وكل مقبول إذا كانت النية صادقة، واختلفوا في المراد بالصدقة المذكورة في الآية فقال الأكثرون المراد بها صدقة التطوع، واتفق العلماء على أن كتمان صدقة التوع أفضل وإخفاؤها خير من إظهارها، لأن ذلك أبعد من الرياء وأقرب إلى الإخلاص، ولأن فيه بعداً عما تؤثره النفس من إظهار الصدقة، وفي صدقة السر أيضاً فائدة ترجع إلى الفقير الآخذ وهي أنه إذا أعطى في السر زال عنده الذل والانكسار وإذا أعطى في العلانية يحصل له الذل والإنكسار ويدل على أن صدقة السر أفضل ما روي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلاّ ظله إمام عادل وشاب نشأ في طاعة الله تعالى ورجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه ورجلان تحابا في الله تعالى اجتمعا على ذلك وافترقا عليه ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه من خشية الله تعالى ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني إخاف الله ورجل تصدق بصدقة فاخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» أخرجاه في الصحيحين ووجه جواز إظهار الصدقة يكون ممن قد أمن على نفسه من مداخلة الرياء في عمله أو يكون ممن يقتدى به في أفعاله فإذا أظهر الصدقة تابعه غيره على ذلك، وأما الزكاة فإظهار أخراجها أفضل من كتمانها كالصلاة المكتوبة في الجماعة أفضل وصلاة التطوع في البيت أفضل ولكن في إظهار الزكاة نفي التهمة عن المزكي وقيل إن الآية واردة في زكاة الفرض، وكان إخفاؤها خيراً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا لا يظنون بأحد انه يمنع الزكاة، فأما اليوم في زماننا إظهار الزكاة أفضل حتى لا يساء الظن به وقيل إن الآية عامة في جميع الصدقات الواجبة والتطوع والإخفاء أفضل في كل صدقة من زكاة غيرها.
وقوله تعالى: {ونكفر عنكم من سيئاتكم} قيل إن من صلة زائدة تقديره ونكفر عنكم سيئاتكم قال ابن عباس جميع سيئاتكم وقيل أدخل من للتبغيض ليكون العباد على وجل ولا يتكلوا والمعنى ونفكر عنكم الصغائر من سيئاتكم وأصل التكفير في اللغة التغطية والستر {والله بما تعملون خبير} يعني من إظهار الصدقات وإخفائها.

.تفسير الآية رقم (272):

{لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)}
قوله عز وجل: {ليس عليك هداهم} قيل سبب نزول هذه الآية: أن ناساً من المسلمين كان لهم قرابات وأصهار في اليهود وكانوا ينفعونهم وينفقون عليهم قبل أن يسملوا فلما أسلموا كرهوا أن ينفعهم وأرادوا بذلك أن يسلموا وقيل كانوا يتصدقون على فقراء أهل المدينة فلما كثر المسلمون نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التصدق على المشركين كي تحملهم الحاجة إلى الدخول في الإسلام لحرصه صلى الله عليه وسلم على سلامهم فنزل ليس عليك هداهم ومعناه ليس عليك هداية من خالفك حتى تمنعهم الصدقة لأجل أن يدخلوا في الإسلام فحينئذٍ نتصدق عليهم فأعلمه الله تعالى أنه إنما بعث بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه، فأما كونهم مهتدين فليس ذلك إليك {ولكن الله يهدي من يشاء} يعني أن الله تعالى يوفق من يشاء فيهديه إلى الإسلام وأراد بالهداية هنا هداية التوفيق وأما هداية البيان والدعوة فكانت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نزلت هذه الآية أعطوهم وتصدقوا عليهم {وما تنفقوا من خير} أي من مال {فلأنفسكم} أي ما تفعلوا تنفعوا به أنفسكم {وما تنفقون إلاّ ابتغاء وجه الله} ظاهره خبر ومعناه نهي أي ولا تنفقوا إلا ابتغاء وجه الله وقال الزجاج: هذا خاص للمؤمنين أعلمهم الله تعالى أنه قد علم أن مرادهم بنفقتهم ما عنده وقيل معناه لستم في صدقاتكم على أقاربكم من المشركين تقصدون إلاّ وجه الله وقد علم هذا من قلوبكم فأنفقوا عليهم إذا كنتم إنما تبتغون بذلك وجه الله في صلة الرحم وسد خلة مضطر قال بعض العلماء: لو أنفقت على شر خلق الله لكان لك ثواب نفقتك وأجمع العلماء على أنه لا يجوز صرف الزكاة إلاّ إلى المسلمين وهم أهل السهمان المذكورون في سورة التوبة، وجوز أبو حنيفة صرف صدقة الفطر إلى أهل الذمة، وخالفه سائر العلماء في ذلك فعلى هذا تكون الآية مختصة التطوع أباح الله تعالى أن تصرف إلى فقراء المسلمين وفقراء أهل الذمة فأما زكاة الفرض فلا يجوز صرفها إلى أهل الذمة بحال {وما تنفقوا من خير يوف أليكم} أي يوفر لكم جزاؤه وقال ابن عباس: يجازيكم به يوم القيامة ومعناه يؤدي إليكم يوم القيامة ولهذا حسن إدخال إلى مع التوفية لأنها تضمنت معنى التأدية {وأنتم لا تظلمون} أي لا تنقصون شيئاً من ثواب أعمالكم.

.تفسير الآية رقم (273):

{لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273)}
قوله عز وجل: {للفقراء} اختلفوا في موضع اللام في قوله للفقراء فقيل: هو مردود على موضع اللام من قوله فلأنفسكم فكأنه قال: وما تنفقوا من خير فللفقراء وإنما تنفقون لأنفسكم، وقيل معناه الصدقات التي سبق ذكرها الفقراء. وقيل خبر محذوف تقديره للفقراء الذين من صفتهم كذا وكذا حق واجب وهم فقراء المهاجرين كانوا نحو أربعمائة رجل لم يكن لهم بالمدينة مساكن ولا عشائر وكانوا يأوون إلى صفة في المسجد يتعلمون القرآن بالليل ويرضخون النوى بالنهار وكانوا يخرجون في كل سرية يبعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أصحاب الصفة فحث الله تعالى الناس على مواساتهم فكان من عنده فضل أتاهم به إذا أمسى وقوله: {الذين أحصروا في سبيل الله} يعني هم الذين حبسوا أنفسهم على الجهاد في سبيل الله وقيل: حبسوا أنفسهم على طاعة الله {لا يستطيعون ضرباً في الأرض} يعني لا يتفرغون للتجارة وطلب المعاش والكسب، وهم أهل الصفة الذين تقدم ذكرهم وقيل حبسهم الفقر والعدم عن الجهاد في سبيل الله، وقيل هم قوم أصابتهم جراحات في الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصاروا زمنى حصرهم المرض والزمانة عن الضرب في سبيل الله {يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف} أي يظن من لم يختبر حالهم أنهم أغنياء من التعفف وهو تفعل من العفة وهي ترك الشيء والكف عنه. يقال: تعفف إذا ترك السؤال ولزم القناعة والمعنى يظنهم من لم يعرف حالهم أغنياء لإظهارهم التجمل وتركهم المسألة {تعرفهم بسيماهم} السيماء والسيمياء والسمة العلامة التي يعرف بها الشيء واختلفوا في معناها فقيل: هي الخضوع والتواضع وقيل هي أثر الجهد من الحاجة والفقر وقيل: هي صفرة ألوانهم من الجوع ورثاثة ثيابهم من الضر {لا يسألون الناس إلحافاً} يعني إلحاحاً قيل: إذا كان عنده غداء لا يسأل عشاء وإذا كان عنده عشاء لا يسأل غداء وقيل لا يسألون الناس أصلاً لأنه قال يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف وهو ترك المسألة فعلم بذلك أنهم لا يسألون الناس أصلاً لأنه قال يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف وهو ترك المسألة فعلم بذلك أنهم لا يسألون ألبتة ولأنه قال تعالى: {تعرفهم بسيماهم} ولو كانت المسألة من شأنهم لما كانت من معرفتهم بالعلامة حاجة فمعنى الآية ليس يصدر منهم سؤال حتى يقع فيهم إلحاف. فهم لا يسألون الناس إلحافاً ولا غير إلحاف.
(ق) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله وسلم قال: «ليس الغني عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس».
(ق) عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ولكن المسكين الذي لا يجد غنى يغنيه ولا يفطن به فيتصدق عليه ولا يقوم فيسأل الناس» لفظ.
(خ) عن الزبير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأن يأخذ أحدكم حبله ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها خير له من أن يسأل الناس أعطوه أم منعوه» عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته في وجهه خموش أو خدوش أو كدوح وقيل: يا رسول الله ما يغنيه؟ قال خمسون درهماً أو قيمتها من الذهب» أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن أبي سعيد الخدري. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف» أخرجه أبو داود وقال: زاد هشام في حديثه وكانت الأوقية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين درهماً وفي رواية عطاء بن يسار من سأل منكم وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافاً عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس وله أربعون درهماً فهو ملحف» أخرجه النسائي.
(م) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من سأل الناس تكثراً فإنما يسأل جمراً فليستقل أو ليستكثر» وقوله تعالى: {وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم} يعني أن الله تعالى يعلم مقادير الإنفاق ويجازي عليها ففيه حث على الصدقة والإنفاق في الطاعة.

.تفسير الآية رقم (274):

{الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)}
قوله عز وجل: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية} قال ابن عباس في رواية عنه: نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب كانت عنده أربعة دراهم لا يملك غيرها فتصدق بدرهم ليلاً وبدرهم نهاراً سراً وبدرهم علانية وفي رواية عنه قال: «لما نزل للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله» بعث عبد الرحمن بن عوف بدنانير كثيرة إلى أهل الصفة، وبعث على بن أبي طالب في الليل بوسق من تمر فأنزل الله فيهما: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار} يعني بنفقة الليل نفقة علي وبالنهار نفقة عبد الرحمن وفي الآية إشارة إلى أن صدقة السر أفضل من صدقة العلانية لأنه تعالى قدم نفقة الليل على نفقة النهار وقدم السر على العلانية وقيل: نزلت الآية في الذين يربطون الخيل للجهاد في سبيل الله لأنهم يعلفونها بالليل والنهار وفي السر: والعلانية.
(خ) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من احتبس فرساً في سبيل الله إيماناً واحتساباً وتصديقاً بوعده كان شبعه وريه وروثه وبوله في ميزانه يوم القيامة» يعني حسنات وقيل: إن الآية عامة في الذين ينفقون أموالهم في جميع الأوقات ويعمون بها أصحاب الحاجات والفاقات. {فلم أجرهم عند ربهم} أي جزاء أعمالهم {ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} يعني في الأخرة.