فصل: تفسير الآية رقم (170):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لباب التأويل في معاني التنزيل المشهور بـ «تفسير الخازن» (نسخة منقحة).



.تفسير الآية رقم (170):

{فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)}
{فرحين بما آتاهم الله من فضله} يعني بما أعطاهم من الثواب والكرامة والإحسان والإفضال في دار النعيم {ويستبشرون} أي يفرحون والاستبشار هو الفرح والسرور الذي يحصل للإنسان عند البشارة {بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم} يعني من إخوانهم الذين تركوهم أحياء في الدنيا على منهج الإيمان والجهاد لعلمهم بأنهم إذا استشهدوا سألوا الله عز وجل أن يخبر إخوانهم بما ناولوا من الخير والكرامة ليرغبوا في الجهاد فأخبرهم الله عز وجل إني قد أنزلت على نبّي محمد صلى الله عليه وسلم وأخبرته بحالكم وما صرتم إليه من الكرامة وأن محمداً صلى الله عليه وسلم قد أخبر إخوانكم بذلك ففرحوا بذلك واستبشروا {أن لا خوف عليهم} يعني في الآخرة {ولا هم يحزنون} يعني على ما فاتهم من نعيم الدنيا.

.تفسير الآيات (171- 172):

{يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)}
{يستبشرون بنعمة من الله وفضل} لمّا بيّن الله تعالى أن الشهداء يستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم في خلفهم ذكر أنهم أيضاً يستبشرون لأنفسهم بما رزقوا من النعيم والفضل فالاستبشار الأول كان لغيرهم والاستبشار الثاني لأنفسهم خاصة {وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين} يعني كما أنه تعالى لا يضيع أجر المجاهدين والشهداء كذلك لا يضيع أجر المؤمنين.
فضل في فضل الجهاد في سبيل الله:
(ق) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تضمن الله لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلاّ جهاد في سبيل وإيمان بي وتصديق برسلي فهو على ضامن أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلاً ما نال من أجر أو غنيمة. والذي نفس محمد بيده ما من كلم يكلم في سبيل الله إلاّ جاء يوم القيامة كهيئته حين يكلم لونه لون دم وريحه ريح مسك. والذي نفس محمد بيده لولا أن يشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبداً ولكن لا أجد سعة فأحملهم ولا يجدون سعة ويشق عليهم أن يتخلفوا عني. والذي نفس محمد بيده لوددت اني أغزو في سبيل الله فأقتل ثم اغزوا فأقتل» لفظ.
(ق) عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها».
(ق) عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما عليها» عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل ميت يختم على عمله إلاّ المرابط في سبيل الله فإنه ينمى له عمله إلى يوم القيامة ويأمن من فتنة القبر» أخرجه أبو داود والترمذي عن معاذ بن جبل أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة ومن سأل الله القتل في سبيل الله صادقاً من نفسه ثم مات أو قتل كان له أجر شهيد، ومن جرح جرحاً في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت لونها لون الزعفران وريحها ريح المسك ومن خرج به خراج في سبيل الله فإن عليه طابع الشهداء» أخرجه أبو داود والنسائي وأخرجه الترمذي مفرقاً في موضعين.
(ق) عن أبي سعيد قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أي الناس أفضل؟ قال: مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله قال ثم من قال رجل في شعب من الشعاب يعبد الله» وفي رواية: «يتقي الله ويدع الناس من شره».
(خ) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من احتبس فرساً في سبيل الله إيماناً واحتساباً وتصديقاً فإن شعبه وريه وروثه وبوله في ميزانة يوم القيامة يعني حسنات».
(ق) عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما أحد يدخل الجنة فيحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الأرض من شيء إلاّ الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة وفي رواية لما يرى من فضل الشهادة».
(م) عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يغفر للشهيد كل ذنب إلى الدين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما يجد الشهيد من مس القتل إلاّ كما يجد أحدكم من القرصة» أخرجه الترمذي؛ وللنسائي نحوه عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يشفع الشهيد في سبعين من أهل بيته» أخرجه أبو داود: قوله عز وجل: {الذين استجابوا لله والرسول} الآية قال أكثر المفسرين أن أبا سفيان وأصحابه لمّا انصرفوا من أحد فبلغوا الروحاء ندموا على انصرافهم وتلاوموا فقالوا: لا محمداً قتلتم ولا الكواكب أردفتم قتلتموهم حتى إذا لم يبق الشريد تركتموهم ارجعوا فاستأصلوهم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يرهب العدو ويريهم من نفسه وأصحابه قوة فندب أصحابه للخروج في طلب أبي سفيان فانتدب عصابة منهم مع ما بهم من ألم الجراح والقرح الذي أصابهم يوم أحد وناد مناد رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا لا يخرجن معنا أحد إلاّ من حضرنا بالأمس فكلمه جابر بن عبد الله فقال: يا رسول الله إن أبي كان خلفني على أخوات لي سبع وقال لي بني إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة ولا رجل فيهن ولست بالذي أوثرك على نفسي بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتخلف على أخواتك فتخلفت عليهن فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج معه وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مرهباً للعدو وليبلغهم أنه خرج في طلبهم فيظنوا به قوة وأن الذي أصابهم لم يوهنهم فينصرفوا فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان في سبعين رجلاً من أصحابه حتى بلغوا حمراء الأسد وهي من المدينة على ثماينة أميال،.
(ق) عن عائشة في قوله الذين استجابوا الله والرسول من بعد ما أصابهم القرح، الذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم.
قالت لعروة: يا ابن أختي كان أبواك منهم الزبير وأبو بكر لما أصاب نبي الله صلى الله عليه وسلم ما أصاب يوم أحد وانصرف المشركون خاف أن يرجعوا فقال من يذهب في أثرهم فانتدب منهم سبعون رجلاً كان فيهم أبو بكر والزبير قال: فمر برسول الله صلى الله عليه وسلم الخزاعي بحمراء الأسد كانت خزاعة مسلمهم وكافرهم عيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بتهامة صفقتهم معه لا يخفون عنه شيئاً كان بها ومعبد يومئذٍ مشرك فقال يا محمد والله لقد عز وعلينا ما أصابك في أصحابك ولوددنا أن الله كان قد أعفاك فيهم. ثم خرج معبد من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقي أبا سفيان ومن معه بالروحاء وقد أجمعوا على الرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا قد أصبنا جل أصحابه وقادتهم لنكرن على بقيتهم ولنفرغن منهم فلما رأى أبو سفيان معبد اً قال له: ما وراءك يا معبد قال محمد قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قد يتحرقون عليكم تحرقاً وقد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم وندموا على صنيعهم، وفيهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط قال أبو سفيان: ويلك ما تقول؟ قال: والله ما أراك ترحل حتى ترى نواصي الخيل قال فوالله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصل بقيتهم فقال والله إني أنهاك عن ذلك فوالله لقد حملني ما رأيت على إن قلت أبياتاً قال وما قلت قال قلت:
كادت تهدي من الأصوات راحلتي ** إذ سألت الأرض بالجرد الأبابيل

تردى بأسد كرام لا تنابلة ** عند اللقاء ولا ميل معازيل

فقلت ويل ابن حرب من لقائكمو ** إذا تغطغطت البطحاء بالخيل

إني نذير لأهل السبل ضاحية ** لكل ذي أربة منهم ومعقول

من جيش احمد لا وحش يقابله ** وليس يوصف ما أنذرت بالفيل

قالوا فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه ومر ركب من عبد القيس فقال: أين تريدون؟ قولوا نريد المدينة لأجل الميرة قال: فهل أنتم مبلغون عنا محمداً رسالة وأحمل لكم إبلكم زبيباً بعكاظ إذا وفيتموها قالوا: نعم إذا وافيتموه فأخبروه إنا أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم وانصرف أبو سفيان إلى مكة ومر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد فأخبروه بالذي قال أبو سفيان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه: «حسبنا الله ونعم الوكيل» ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعاً إلى المدينة بعد ثالثة وقال مجاهد وعكرمة نزلت هذه الآية في غزوة بدر الصغرى وذلك أن أبا سفيان يوم أحد حين أراد أن ينصرف قال يا محمد موعد ما بيننا وبينك موسم بدر الصغرى لقابل إن شئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بيننا وبينك إن شاء الله فلما كان العام المقبل خرج أبو سفيان في أهل مكة حتى نزل بمجنة من ناحية مر الظهران ثم ألقي الله الرعب في قلبه فبدى له الرجوع فلقي نعيم بن مسعود الأشجعي وقد قدم معتمراً فقال له أبو سفيان: يا نعيم إني قد واعدت محمداً وأصحابه أن نلتقي بموسم الصغرى وهذا عام جدب ولا يصلحنا إلاّ عام نرعى فيه الشجر ونشرب اللبن، وقد بدا لي أن لا أخرج إليها وأكره أن يخرج محمد ولا أخرج أنا فيزيذهم ذلك جراءة ولا أن يكون الخلف من قبلهم أحب إلي من أن يكون من قبلي فألحق بالمدينة فثبطهم وأعلمهم أنا في جمع كثير لا طاقة لهم بنا ولك عندي عشرة من الإبل أضعها لك على يد سهيل بن عمرو ويضمنها لك قال وجاء سهيل فقاله له نعيم: يا أبا يزيد أتضمن لي هذه القلائص وانطلق إلى محمد فاثبته قال: نعم، قال: فخرج نعيم حتى أتى المدينة فوجد الناس يتجهزون لميعاد أبي سفيان فقال نعيم: أين تريدون؟ قالوا: واعدنا أبا سفيان أن نلتقي بموسم بدر الصغرى فقال نعيم بئس الرأي رأيتم أتوكم في دياركم وقراركم فلم يفلت منكم إلاّ الشريد أفتريدون أن تخرجوا إليهم وقد جمعوا لكم عند الموسم والله لا يفلت منكم أحد فكره أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج فقال رسول الله صلىلله عليه وسلم:
«والذي نفسي بيده لأخرجن ولو وحدي فأما الجبان فإنه رجع وأما الشجاع فإنه تأهب للقتال وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل» فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه حتى وافوا بدر الصغرى وكانوا يلقون المشركين فيسألونهم عن قريش فيقولون قد جمعوا لكم يريدون بذلك أن يرعبوا المسلمين فيقول المؤمنون حسبنا الله ونعم الوكيل. حتى بلغوا بدر الصغرى وكانت موضع سوق لهم في الجاهلية يجتمعون إليها كل عام ثمانية أيام فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر ينتظر أبا سفيان وقد انصرف أبا سفيان من مجنة إلى مكة فلم يلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أحداً من المشركين ووافوا السوق وكان معهم تجارات ونفقات فباعوا فأصابوا بالدرهم درهمين وانصرفوا إلى المدينة سالمين غانمين فذلك قوله تعالى الذين استجابوا لله والرسول أي أجابوا الله وأطاعوه في جميع أوامره وأطاعوا الرسول أيضاً {من بعدما أصابهم القرح} يعني من بعد ما نالهم من ألم الجراح {للذين أحسنوا منهم واتقوا} يعني أحسنوا بطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجابوه إلى الغزو واتقوا معصيته والتخلف عنه {أجر عظيم} يعني لهم ثواب جزيل وهو الجنة.

.تفسير الآيات (173- 174):

{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)}
قوله عز وجل: {الذين قال لهم الناس} هذه الآية متعلقة بالآية التي قبلها لأن المراد بالذين من تقدم ذكره وهم الذين استجابوا لله والرسول وفي المراد بالناس وجوه أحدها: أنه نعيم بن مسعود الأشجعي فيكون اللفظ عاماً أريد به الخاص وإنما جاز إطلاق لفظ الناس على الإنسان الواحد لأن ذلك الواحد إذا فعل فعلاً أو قال قولاً ورضي به غيره حسن إضافة ذلك الفعل والقول إلى الجماعة وإن كان الفاعل واحداً فهو كقوله تعالى: {وإذ قتلتم نفساً} والقاتل واحد والوجه الثاني أن المراد بالناس الركب من عبد القيس قاله ابن عباس ومحمد بن إسحاق. الوجه الثالث أن المراد بالناس المنافقون وذلك أنهم لما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يتجهز لميعاد أبي سفيان نهوا أصحابه عن الخروج معه وقالوا لهم أن القوم قد أتوكم في دياركم فقتلوا الأكثر منكم فإن خرجتم إليهم لم يبق أحد منكم {إن الناس} يعني أبا سفيان وأصحابه من رؤساء المشركين {قد جمعوا لكم} يعني الجموع الكثيرة لأن العرب تسمى الجيش جمعاً ويجمعونه جموعاً {فاخشوهم} أي فخافوهم واحذروهم فإنه لا طاقة لكم بهم {فزادهم إيماناً} يعني فزاد المسلمين ذلك التخويف تصديقاً ويقيناً وقوة في دينهم وثبوتاً على نصر نبيهم صلى الله عليه وسلم وفي هذه الآية دليل لمن يقول بزيادة الإيمان ونقصانه لأن الله تعالى نص على وقوع الزيادة في الإيمان {وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} أي كافينا الله هو يكفينا أمرهم فهو كقول امرئ القيس. وحسبك من غني شبع. وروي أي يكفيك الشبع والري ونعم الوكيل يعني ونعم الموكول إليه في الأمور كلها وقيل الوكيل هو الكافي يكفينا الله ونعم الكافي هو. وقيل الوكيل هو الكفيل ووكيل الرجل في ماله هو الذي كفله وقام به والوكيل في صفة الله تعالى هو الكفيل بأرزاق العباد ومصالحهم وأنه الذي يستقل بأمورهم كلها.
(خ) عن ابن عباس قال في قوله تعالى: {إن الناس قد جمعوا لكم} إلى قوله: {وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم. قوله تعالى: {فانقلبوا} أي فانصرفوا ورجعوا بعد خروجهم والمعنى وخرجوا فانقلبوا فحذف الخروج لأن الانقلاب يدل عليه {بنعمة من الله} أي بعافية لم يلقوا عدواً {وفضل} أي تجارة وربح وهو ما أصابوا في سوق بدر من الربح وقيل النعمة منافع الدنيا والفضل ثواب الآخرة {لم يمسسهم سوء} أي لم يصيبهم أذى ولا مكروه من قتل وجراح {واتبعوا رضوان الله} يعني في طاعة الله وطاعة رسوله وقيل إنهم قالوا هل يكون هذا غزواً فأعطاهم الله ثواب الغزو ورضي عنهم بمجرد خروجهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم {والله ذو فضل عظيم} يعني أنه تعالى تفضل عليهم بالتوفيق لما فعلوا وقيل تفضل عليهم بإلقاء الرعب في قلوب المشركين حتى رجعوا.