فصل: (تابع: حرف الميم)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لسان العرب ***


‏[‏تابع‏:‏ حرف الميم‏]‏

لهسم‏:‏ لَهْسَمَ ما على المائدة‏:‏ أَكَلَه أَجمَعَ‏.‏ وفي النوادر‏:‏ اللهاسِمُ واللَّحاسِمُ مجاري الأَوْدية الضيِّقة، واحدُها لُهْسُمٌ ولُحْسُمٌ، وهي اللّخافِيقُ‏.‏

لوم‏:‏ اللَّومُ واللّوْماءُ واللَّوْمَى واللائمة‏:‏ العَدْلُ‏.‏ لامَه على

كذا يَلومُه لَوْماً ومَلاماً وملامةً ولوْمةً، فهو مَلُوم ومَلِيمٌ‏:‏

استحقَّ اللَّوْمَ؛ حكاها سيبويه، قال‏:‏ وإنما عدلوا إلى الياء والكسرة

استثقالاً للواو مع الضَّمَّة‏.‏ وألامَه ولَوَّمه وألَمْتُه‏:‏ بمعنى لُمْتُه؛ قال مَعْقِل بن خُوَيلد الهذليّ‏:‏

حَمِدْتُ اللهَ أن أَمسَى رَبِيعٌ، بدارِ الهُونِ، مَلْحِيّاً مُلامَا

قال أبو عبيدة‏:‏ لُمْتُ الرجلَ وأَلَمْتُه بمعنى واحد، وأنشد بيت مَعْقِل

أيضاً؛ وقال عنترة‏:‏

ربِذٍ يَداه بالقِداح إذا شَتَا، هتّاكِ غاياتِ التِّجارِ مُلَوِّمِ

أي يُكْرَم كَرَماً يُلامُ من أَجله، ولَوّمَه شدّد للمبالغة‏.‏

واللُّوَّمُ‏:‏ جمع اللائم مثل راكِعٍ ورُكَّعٍ‏.‏ وقوم لُوّامٌ ولُوّمٌ ولُيَّمٌ‏:‏

غُيِّرت الواوُ لقربها من الطرف‏.‏ وأَلامَ الرجلُ‏:‏ أَتى ما يُلامُ عليه‏.‏ قال سيبويه‏:‏ ألامَ صارَ ذا لائمة‏.‏ ولامه‏:‏ أخبر بأمره‏.‏ واسْتلامَ الرجلُ إلى

الناس أي استَذَمَّ‏.‏ واستَلامَ إليهم‏:‏ أَتى إليهم ما يَلُومُونه عليه؛ قال القطامي‏:‏

فمنْ يكن اسْتلامَ إلى نَوِيٍّ، فقد أَكْرَمْتَ، يا زُفَر، المتاعا

التهذيب‏:‏ أَلامَ الرجلُ، فهو مُليم إذا أَتى ذَنْباً يُلامُ عليه، قال الله تعالى‏:‏ فالْتَقَمه الحوتُ وهو مُليمٌ‏.‏ وفي النوادر‏:‏ لامَني فلانٌ

فالْتَمْتُ، ومَعّضَني فامْتَعَضْت، وعَذَلَني فاعْتَذَلْتُ، وحَضَّني

فاحْتَضَضت، وأَمَرني فأْتَمَرْت إذا قَبِلَ قولَه منه‏.‏ ورجل لُومة‏:‏ يَلُومُه

الناس‏.‏ ولُوَمَة‏:‏ يَلُومُ الناس مثل هُزْأَة وهُزَأَة‏.‏ ورجل لُوَمَة‏:‏

لَوّام، يطرّد عليه بابٌ‏.‏‏.‏‏.‏ ولاوَمْتُه‏:‏ لُمْته

ولامَني‏.‏ وتَلاوَمَ الرجُلان‏:‏ لامَ كلُّ واحد منهما صاحبَه‏.‏ وجاءَ

بلَوْمَةٍ أي ما يُلامُ عليه‏.‏ والمُلاوَمة‏:‏ أن تَلُوم رجلاً ويَلُومَك‏.‏

وتَلاوَمُوا‏:‏ لام بعضهم بعضاً؛ وفي الحديث‏:‏ فتَلاوَموا بينهم أي لامكَ بعضُهم

بعضاً، وهي مُفاعلة من لامَه يَلومه لَوماً إذا عذَلَه وعنَّفَه‏.‏ وفي حديث

ابن عباس‏:‏ فتَلاوَمْنا‏.‏ وتَلَوَّمَ في الأمر‏:‏ تمكَّث وانتظر‏.‏ ولي فيه

لُومةٌ أَي تَلَوُّم، ابن بزرج‏:‏ التَّلَوُّمُ التَّنَظُّر للأمر تُريده‏.‏

والتَّلَوُّم‏:‏ الانتظار والتلبُّثُ‏.‏ وفي حديث عمرو بن سَلَمة الجَرْميّ‏:‏ وكانت

العرب تَلَوّمُ بإسلامهم الفتح أي تنتظر، وأراد تَتَلَوّم فحذف إحدى

التاءين تخفيفاً، وهو كثير في كلامهم‏.‏ وفي حديث علي، عليه السلام‏:‏ إذا

أجْنَبَ في السفَر تَلَوََّم ما بينه وبين آخر الوقت أي انتظر وتَلَوَّمَ على

الأمر يُريده‏.‏ وتَلَوّم على لُوامَته أي حاجته‏.‏ ويقال‏:‏ قضى القومُ

لُواماتٍ لهم وهي الحاجات، واحدتها لُوَامة‏.‏ وفي الحديث‏:‏ بِئسَ، لَعَمْرُ الله، عَمَلُ الشيخ المتوسِّم والشبِّ المُتلومِّم أي المتعرِّض للأَئمةِ في الفعل السيّء، ويجوز أن يكون من اللُّومة وهي الحاجة أي المنتظر

لقضائها‏.‏ لِيمَ بالرجل‏:‏ قُطع‏.‏ واللَّوْمةُ‏:‏ الشَّهْدة‏.‏

واللامةُ واللامُ، بغير همز، واللَّوْمُ‏:‏ الهَوْلُ؛ وأنشد للمتلمس‏:‏

ويكادُ من لامٍ يَطيرُ فُؤادُها

واللامُ‏:‏ الشديد من كل شيء؛ قال ابن سيده‏:‏ وأُراه قد تقدم في الهمز، قال أبو الدقيش‏:‏ اللامُ القُرْبُ، وقال أَبو خيرة‏:‏ اللامُ من قول القائل

لامٍ، كما يقول الصائتُ أيا أيا إذا سمعت الناقة ذلك طارت من حِدّة قلبها؛ قال‏:‏ وقول أبي الدقيش أَوفقُ لمعنى المتنكّس في البيت لأنه قال‏:‏

ويكادُ من لامٍ يطيرُ فؤادُها، إذ مَرّ مُكّاءُ الضُّحى المُتَنَكِّسُ

قال أبو منصور‏:‏ وحكى ابن الأعرابي أنه قال اللامُ الشخص في بيت المتلمس‏.‏

يقال‏:‏ رأَيت لامَه أي شخصه‏.‏ ابن الأعرابي‏:‏ اللَّوَمُ كثرة اللَّوْم‏.‏ قال الفراء‏:‏ ومن العرب من يقول المَلِيم بمعنى المَلوم؛ قال أبو منصور‏:‏ من قال مَلِيم بناه على لِيمَ‏.‏ واللائِمةُ‏:‏ المَلامة، وكذلك اللَّوْمى، على

فَعْلى‏.‏ يقال‏:‏ ما زلت أَتَجَرّعُ منك اللَّوائِمَ‏.‏ والمَلاوِم‏:‏ جمع

المَلامة‏.‏ واللاّمةُ‏:‏ الأمر يُلام عليه‏.‏ يقال‏:‏ لامَ فلانٌ غيرَ مُليم‏.‏ وفي المثل‏:‏ رُبَّ لائم مُليم؛ قالته أُم عُمَير بن سلمى الحنفي تخاطب ولدها

عُمَيراً، وكان أسلم أخاه لرجل كلابيٍّ له عليه دَمٌ فقتله، فعاتبته أُمُّه في ذلك وقالت‏:‏

تَعُدُّ مَعاذِراً لا عُذْرَ فيها، ومن يَخْذُلْ أَخاه فقد أَلاما

قال ابن بري‏:‏ وعُذْره الذي اعتذر به أن الكلابيّ التجأَ إلى قبر سلمى

أَبي عمير، فقال لها عمير‏:‏

قَتَلْنا أَخانا للوَفاءَِ بِجارِنا، وكان أَبونا قد تُجِيرُ مَقابِرُهْ

وقال لبيد‏:‏

سَفَهاً عَذَلْتَ، ولُمْتَ غيرَ مُليم، وهَداك قبلَ اليومِ غيرُ حَكيم

ولامُ الإنسان‏:‏ شخصُه، غير مهموز؛ قال الراجز‏:‏

مَهْرِيّة تَخظُر في زِمامِها، لم يُبْقِ منها السَّيْرُ غيرَ لامِها

وقوله في حديث ابن أُم مكتوم‏:‏ ولي قائد لا يُلاوِمُني؛ قال ابن الأثير‏:‏

كذا جاء في رواية بالواو، وأَصله الهمز من المُلاءمة وهي المُوافقة؛ يقال‏:‏ هو يُلائمُني بالهمز ثم يُخَفَّف فيصير ياء، قال‏:‏ وأما الواو فلا وجه

لها إلا أن تكون يُفاعِلني من اللَّوْم ولا معنى له في هذا الحديث‏.‏

وقول عمر في حديثه‏:‏ لوْما أَبقَيْتَ أي هلاَّ أَبقيت، وهي حرف من حروف

المعاني معناها التحضيض كقوله تعالى‏:‏ لوما تأْتينا بالملائكة‏.‏

واللام‏:‏ حرف هجاء وهو حرف مجهور، يكون أَصلاً وبدلاً وزائداً؛ قال ابن سيده‏:‏ وإنما قضيت على أن عينها منقلبة عن واو لما تقدم في أخواتها مما

عينه أَلف؛ قال الأزهري‏:‏ قال النحويون لَوّمْت لاماً أي كتبته كما يقال كَوَّفْت كافاً‏.‏ قال الأزهري في باب لَفيف حرف اللام قال‏:‏ نبدأ بالحروف التي

جاءت لمعانٍ من باب اللام لحاجة الناس إلى معرفتها، فمنها اللام التي

توصل بها الأسماء والأفعال، ولها فيها معانٍ كثيرة‏:‏ فمنها لامُ المِلْك

كقولك‏:‏ هذا المالُ لزيد، وهذا الفرس لمحَمد، ومن النحويين من يسمِّيها لامَ

الإضافة، سمّيت لامَ المِلْك لأنك إذا قلت إن هذا لِزيد عُلِمَ أنه

مِلْكُه، فإذا اتصلت هذه اللام بالمَكْنيِّ عنه نُصِبَت كقولك‏:‏ هذا المالُ له

ولنا ولَك ولها ولهما ولهم، وإنما فتحت مع الكنايات لأن هذه اللامَ في الأصل مفتوحة، وإنما كسرت مع الأسماء ليُفْصَل بين لام القسم وبين لام

الإضافة، ألا ترى أنك لو قلت إنّ هذا المالَ لِزيدٍ عُلِم أنه مِلكه‏؟‏ ولو قلت

إن هذا لَزيدٌ عُلم أن المشار إليه هو زيد فكُسِرت ليُفرق بينهما، وإذا

قلت‏:‏ المالُ لَك، فتحت لأن اللبس قد زال، قال‏:‏ وهذا قول الخليل ويونس

والبصريين‏.‏ ‏:‏ كقولك جئتُ لِتقومَ يا هذا، سمّيت لامَ كَيْ لأن معناها

جئتُ لكي تقوم، ومعناه معنى لام الإضافة أيضاً، وكذلك كُسِرت لأن المعنى

جئتُ لقيامك‏.‏ وقال الفراء في قوله عز وجل‏:‏ رَبَّنا لِيَضِلُّلوا عن

سبيلك؛ هي لام كَيْ، المعنى يا ربّ أَعْطيْتهم ما أَعطَيتَهم لِيضِلُّلوا عن

سبيلك؛ وقال أبو العباس أحمد بن يحيى‏:‏ الاختيار أن تكون هذه اللام وما

أَشبهها بتأْويل الخفض، المعنى آتيتَهم ما آتيتَهم لضلالهم، وكذلك قوله‏:‏

فالتَقَطَه آلُ فهرْعون ليكونَ لهم؛ معناه لكونه لأنه قد آلت الحال إلى

ذلك، قال‏:‏ والعرب تقول لامُ كي في معنى لام الخفض، ولام الخفض في معنى لام

كَي لِتقارُب المعنى؛ قال الله تعالى‏:‏ يَحْلِفون لكم لِترضَوْا عنهم؛ المعنى لإعْراضِكم‏.‏ عنهم وهم لم يَحْلِفوا لكي تُعْرِضوا، وإنما حلفوا

لإعراضِهم عنهم؛ وأنشد‏:‏

سَمَوْتَ، ولم تَكُن أَهلاً لتَسْمو، ولكِنَّ المُضَيَّعَ قد يُصابُ

أَراد‏:‏ ما كنتَ أَهلا للسُمُوِّ‏.‏ وقال أبو حاتم في قوله تعالى‏:‏

لِيَجّزِيَهم الله أَحسنَ ما كانوا يَعْملون؛ اللام في لِيَجْزيَهم لامُ اليمين

كأنه قال لَيَجْزِيَنّهم الله، فحذف النون، وكسروا اللام وكانت مفتوحة، فأَشبهت في اللفظ لامَ كي فنصبوا بها كما نصبوا بلام كي، وكذلك قال في قوله

تعالى‏:‏ لِيَغْفِرَ لك اللهُ ما تقدَّم من ذنبك وما تأَخر؛ المعنى

لَيَغْفِرنَّ اللهُ لك؛ قال ابن الأَنباري‏:‏ هذا الذي قاله أبو حاتم غلط لأن لامَ القسم لا تُكسَر ولا ينصب بها، ولو جاز أن يكون معنى لِيَجزيَهم الله لَيَجْزيَنَّهم الله لقُلْنا‏:‏ والله ليقومَ زيد، بتأْويل والله لَيَقُومَنَّ زيد، وهذا معدوم في كلام العرب، واحتج بأن العرب تقول في التعجب‏:‏

أَظْرِفْ بزَيْدٍ، فيجزومونه لشبَهِه بلفظ الأَمر، وليس هذا بمنزلة ذلك

لأن التعجب عدل إلى لفظ الأَمر، ولام اليمين لم توجد مكسورة قط في حال

ظهور اليمين ولا في حال إضمارها؛ واحتج مَن احتج لأبي حاتم بقوله‏:‏

إذا هو آلى حِلْفةً قلتُ مِثْلَها، لِتُغْنِيَ عنِّي ذا أَتى بِك أَجْمَعا

قال‏:‏ أَراد هو آلى حِلْفةً قلتُ مِثْلَها، لِتُغْنِيَ عنّي ذا أَتى بِكَ أَجْمَعا

قال‏:‏ أَراد لَتُغْنِيَنَّ، فأَسقط النون وكسر اللام؛ قال أَبو بكر‏:‏ وهذه

رواية غير معروفة وإنما رواه الرواة‏:‏

إذا هو آلى حِلْفَةً قلتُ مِثلَها، لِتُغْنِنَّ عنِّي ذا أَتى بِك أَجمَعا

قال‏:‏ الفراء‏:‏ أصله لِتُغْنِيَنّ فأسكن الياء على لغة الذين يقولون رأيت

قاضٍ ورامٍ، فلما سكنت سقطت لسكونها وسكون النون الأولى، قال‏:‏ ومن العرب

من يقول اقْضِنٍَّ يا رجل، وابْكِنَّ يا رجل، والكلام الجيد‏:‏ اقْضِيَنَّ

وابْكِيَنَّ؛ وأَنشد‏:‏

يا عَمْرُو، أَحْسِنْ نَوالَ الله بالرَّشَدِ، واقْرَأ سلاماً على الأنقاءِ والثَّمدِ

وابْكِنَّ عَيْشاً تَوَلَّى بعد جِدَّتِه، طابَتْ أَصائلُه في ذلك البَلدِ

قال أبو منصور‏:‏ والقول ما قال ابن الأَنباري‏.‏ قال أبو بكر‏:‏ سأَلت أبا

العباس عن اللام في قوله عز وجل‏:‏ لِيَغْفِرَ لك اللهُ، قال‏:‏ هي لام كَيْ، معناها إنا فتَحْنا لك فَتْحاً مُبِيناً لكي يجتمع لك مع المغفرة تمام

النعمة في الفتح، فلما انضم إلى المغفرة شيءٌ حادثٌ واقعٌ حسُنَ معنى كي، وكذلك قوله‏:‏ ليَجْزِيَ الذين آمنوا وعمِلوا الصالحاتِ، هي لامُ كي تتصل

بقوله‏:‏ لا يعزُبُ عنه مثقال ذرّة، إلى قوله‏:‏ في كتاب مبين أَحصاه عليهم لكيْ

يَجْزِيَ المُحْسِنَ بإحسانه والمُسِيءَ بإساءَته‏.‏ ‏:‏ وهو كقولك لِيَضْرِبْ زيدٌ عمراً؛ وقال أبو إسحق‏:‏ أَصلها نَصْبٌ، وإنما كسرت

ليفرق بينها وبين لام التوكيد ولا يبالىَ بشَبهِها بلام الجر، لأن لام الجر

لا تقع في الأفعال، وتقعُ لامُ التوكيد في الأفعال، ألا ترى أنك لو قلت

لِيعضْرِبْ، وأنت تأْمُر، لأَشبَهَ لامَ التوكيد إذا قلت إنك لَتَضْرِبُ

زيداً‏؟‏ وهذه اللام في الأَمر أَكثر ما اسْتُعْملت في غير المخاطب، وهي تجزم الفعل، فإن جاءَت للمخاطب لم يُنْكَر‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ فبذلك

فلْيَفرَحُوا هو خير؛ أكثرُ القُرّاء قرؤُوا‏:‏ فلْيَفرَحوا، بالياء‏.‏ وروي عن زيد بن ثابت أنه قرأَ‏:‏ فبذلك فلْتَفْرَحوا؛ يريد أَصحاب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خير مما يَجْمَعون؛ أي مما يجمع الكُفَّار؛ وقَوَّى

قراءةَ زيد قراءةُ أُبيّ فبذلك فافْرَحوا، وهو البِناء الذي خُلق للأَمر

إذا واجَهْتَ به؛ قال الفراء‏:‏ وكان الكسائي يَعيب قولَهم فلْتَفْرَحوا لأنه

وجده قليلاً فجعله عَيْباً؛ قال أبو منصور‏:‏ وقراءة يعقوب الحضرمي بالتاء

فلْتَفرَحوا، وهي جائزة‏.‏ قال الجوهري‏:‏ لامُ الأَمْرِ تأْمُر بها

الغائبَ، وربما أَمرُوا بها المخاطَبَ، وقرئ‏:‏ فبذلك فلْتَفْرَحوا، بالتاء؛ قال‏:‏

وقد يجوز حَذْفُ لامِ الأَمر في الشعر فتعمل مضْمرة كقول مُتمِّم بن نُوَيْرة‏:‏

على مِثْلِ أَصحابِ البَعوضةِ فاخْمُِشِي، لكِ الوَيْلُ حُرَّ الوَجْهِ أو يَبكِ من بَكى

أراد‏:‏ لِيَبْكِ، فحذف اللام، قال‏:‏ وكذلك لامُ أَمرِ المُواجَهِ؛ قال الشاعر‏:‏

قلتُ لبَوَّابٍ لَدَيْه دارُها‏:‏

تِئْذَنْ، فإني حَمْؤها وجارُها

أراد‏:‏ لِتَأْذَن، فحذف اللامَ وكسرَ التاءَ على لغة من يقول أَنتَ

تِعْلَمُ؛ قال الأزهري‏:‏ اللام التي للأَمْرِ في تأْويل الجزاء، من ذلك قولُه

عز وجل‏:‏ اتَّبِعُوا سَبِيلَنا ولْنَحْمِلْ خَطاياكم؛ قال الفراء‏:‏ هو أَمر

فيه تأْويلُ جَزاء كما أَن قوله‏:‏ ادْخُلوا مساكنكم لا يَحْطِمَنَّكم، نهيٌ في تأْويل الجزاء، وهو كثير في كلام العرب؛ وأَنشد‏:‏

فقلتُ‏:‏ ادْعي وأدْعُ، فإنَّ أنْدَى

لِصَوْتٍ أن يُناديَ داعِيانِ

أي ادْعِي ولأَدْعُ، فكأَنه قال‏:‏ إن دَعَوْتِ دَعَوْتُ، ونحو ذلك‏.‏ قال الزجاج‏:‏ وزاد فقال‏:‏ يُقْرأُ قوله ولنَحْمِلْ خطاياكم، بسكون اللام وكسرها، وهو أَمر في تأْويل الشرط، المعنى إِن تتبَّعوا سَبيلَنا حمَلْنا

خطاياكم‏.‏ ‏:‏ وهي تتصل بالأسماء والأفعال التي هي جواباتُ القسم

وجَوابُ إنَّ، فالأسماء كقولك‏:‏ إن زيداً لَكَريمٌ وإنّ عمراً لَشُجاعٌ، والأفعال كقولك‏:‏ إه لَيَذُبُّ عنك وإنه ليَرْغَبُ في الصلاح، وفي القسَم‏:‏

واللّهِ لأصَلِّيَنَّ وربِّي لأصُومَنَّ، وقال اللّه تعالى‏:‏ وإنَّ منكم

لَمَنْ لَيُبَطِّئنّ؛ أي مِمّنْ أَظهر الإِيمانَ لَمَنْ يُبَطِّئُ عن

القتال؛ قال الزجاج‏:‏ اللامُ الأُولى التي في قوله لَمَنْ لامُ إنّ، واللام التي

في قوله ليُبَطِّئنّ لامُ القسَم، ومَنْ موصولة بالجالب للقسم، كأن هذا لو كان كلاماً لقلت‏:‏ إنّ منكم لَمنْ أَحْلِف بالله واللّه ليُبَطِّئنّ، قال‏:‏ والنحويون مُجْمِعون على أنّ ما ومَنْ والذي لا يوصَلْنَ بالأمر

والنهي إلا بما يضمر معها من ذكر الخبر، وأََن لامَ القسَمِ إِِذا جاءت مع

هذه الحروف فلفظ القَسم وما أََشبَه لفظَه مضمرٌ معها‏.‏ قال الجوهري‏:‏ أما

لامُ التوكيد فعلى خمسة أَََضرب، منها لامُ الابتداء كقولك لَزيدٌ

أَََفضل من عمرٍٍو، ومنها اللام التي تدخل في خبر إنّ المشددة والمخففة كقوله

عز وجل‏:‏ إِنَّ ربَّك لبِالمِرْصادِ، وقوله عز من قائلٍ‏:‏ وإنْ كانت

لَكبيرةً؛ ومنها التي تكون جواباً لِلَوْ ولَوْلا كقوله تعالى‏:‏ لولا أََنتم

لَكُنَّا مؤمنين، وقوله تعالى‏:‏ لو تَزَيَّلُوا لعذّبنا الذين كفروا؛ ومنها

التي في الفعل المستقبل المؤكد بالنون كقوله تعالى‏:‏ لَيُسْجَنَنّ

وليَكُونَن من الصاغرين؛ ومنها لام جواب القسم، وجميعُ لاماتِ التوكيد تصلح أن تكون جواباً للقسم كقوله تعالى‏:‏ وإنّ منكم لَمَنْ لَيُبَطئَنّ؛ فاللام

الأُولى للتوكيد والثانية جواب، لأنّ المُقْسَم جُمْلةٌ توصل بأخرى، وهي المُقْسَم عليه لتؤكِّدَ الثانيةُ بالأُولى، ويربطون بين الجملتين بحروف

يسميها النحويون جوابَ القسَم، وهي إنَّ المكسورة المشددة واللام المعترض

بها، وهما يمعنى واحد كقولك‏:‏ والله إنّ زيداً خَيْرٌ منك، وواللّه لَزَيْدٌ

خيرٌ منك، وقولك‏:‏ والله ليَقومَنّ زيدٌ، إذا أدخلوا لام القسم على فعل

مستقبل أَدخلوا في آخره النون شديدة أَو خفيفة لتأْكيد الاستقبال وإِخراجه

عن الحال، لا بدَّ من ذلك؛ ومنها إن الخفيفة المكسورة وما، وهما بمعنى

كقولك‏:‏ واللّه ما فعَلتُ، وواللّه إنْ فعلتُ، بمعنى؛ ومنها لا كقولك‏:‏

واللّهِ لا أفعَلُ، لا يتصل الحَلِف بالمحلوف إلا بأَحد هذه الحروف الخمسة، وقد تحذف وهي مُرادةٌ‏.‏ قال الجوهري‏:‏ واللام من حروف الزيادات، وهي على

ضربين‏:‏ متحركة وساكنة، فأَما الساكنة فعلى ضربين‏:‏ أَحدهما لام التعريف

ولسُكونِها أُدْخِلَتْ عليها ألفُ الوصل ليصح الابتداء بها، فإِذا اتصلت بما

قبلها سقَطت الأَلفُ كقولك الرجُل، والثاني لامُ الأمرِ إِذا ابْتَدَأتَها

كانت مكسورة، وإِن أَدخلت عليها حرفاً من حروف العطف جاز فيها الكسرُ

والتسكين كقوله تعالى‏:‏ ولِيَحْكُم أَهل الإِنجيل؛ وأما اللاماتُ المتحركة

فهي ثلاثٌ‏:‏ لامُ الأمر ولامُ التوكيد ولامُ الإِضافة‏.‏ وقال في أَثناء

الترجمة‏:‏ فأَما لامُ الإِضافةِ فعلى ثمانية أضْرُبٍ‏:‏ منها لامُ المِلْك كقولك

المالُ لِزيدٍ، ومنها لامُ الاختصاص كقولك أخ لِزيدٍ، ومنها لام

الاستغاثة كقول الحرث بن حِلِّزة‏:‏

يا لَلرِّجالِ ليَوْمِ الأرْبِعاء، أما

يَنْفَكُّ يُحْدِث لي بعد النُّهَى طَرَبا‏؟‏

واللامان جميعاً للجرّ، ولكنهم فتحوا الأُولى وكسروا الثانية ليفرقوا

بين المستغاثِ به والمستغاثَ له، وقد يحذفون المستغاث به ويُبْقُون

المستغاثَ له، يقولون‏:‏ يا لِلْماءِ، يريدون يا قومِ لِلْماء أَي للماء أَدعوكم، فإن عطفتَ على المستغاثِ به بلامٍ أخرى كسرتها لأنك قد أمِنْتَ اللبس

بالعطف كقول الشاعر‏:‏

يا لَلرِّجالِ ولِلشُّبَّانِ للعَجَبِ

قال ابن بري‏:‏ صواب إنشاده‏:‏

يا لَلْكُهُولِ ولِلشُّبَّانِ للعجب

والبيت بكماله‏:‏

يَبْكِيكَ ناءٍ بَعِيدُ الدارِ مُغْتَرِبٌ، يا لَلْكهول وللشبّان للعجب

وقول مُهَلْهِل بن ربيعة واسمه عديّ‏:‏

يا لَبَكْرٍ أنشِروا لي كُلَيْباً، يا لبَكرٍ أيْنَ أينَ الفِرارُ‏؟‏

استغاثة‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ أَصله يا آلَ بكْرٍ فخفف بحذف الهمزة كما قال جرير

يخاطب بِشْر بن مَرْوانَ لما هجاه سُراقةُ البارِقيّ‏:‏

قد كان حَقّاً أَن نقولَ لبارِقٍ‏:‏

يا آلَ بارِقَ، فِيمَ سُبَّ جَرِيرُ‏؟‏

ومنها لام التعجب مفتوحة كقولك يا لَلْعَجَبِ، والمعنى يا عجبُ احْضُرْ

فهذا أوانُك، ومنها لامُ العلَّة بمعنى كَيْ كقوله تعالى‏:‏ لِتَكونوا

شُهَداء على الناس؛ وضَرَبْتُه لِيتَأدَّب أَي لِكَيْ يتَأدَّبَ لأَجل

التأدُّبِ، ومنها لامُ العاقبة كقول الشاعر‏:‏

فلِلْمَوْتِ تَغْذُو الوالِداتُ سِخالَها، كما لِخَرابِ الدُّورِ تُبْنَى المَساكِنُ‏.‏

أي عاقبته ذلك؛ قال ابن بري‏:‏ ومثله قول الآخر‏:‏

أموالُنا لِذَوِي المِيراثِ نَجْمَعُها، ودُورُنا لِخَرابِ الدَّهْر نَبْنِيها

وهم لم يَبْنُوها للخراب ولكن مآلُها إلى ذلك؛ قال‏:‏ ومثلُه ما قاله

شُتَيْم بن خُوَيْلِد الفَزاريّ يرثي أَولاد خالِدَة الفَزارِيَّةِ، وهم

كُرْدم وكُرَيْدِم ومُعَرِّض‏:‏

لا يُبْعِد اللّهُ رَبُّ البِلا

دِ والمِلْح ما ولَدَتْ خالِدَهْ‏.‏

فأُقْسِمُ لو قَتَلوا خالدا، لكُنْتُ لهم حَيَّةً راصِدَهْ

فإن يَكُنِ الموْتُ أفْناهُمُ، فلِلْمَوْتِ ما تَلِدُ الوالِدَهْ

ولم تَلِدْهم أمُّهم للموت، وإنما مآلُهم وعاقبتُهم الموتُ؛ قال ابن بري‏:‏ وقيل إن هذا الشعر لِسِمَاك أَخي مالك بن عمرو العامليّ، وكان

مُعْتَقَلا هو وأخوه مالك عند بعض ملوك غسّان فقال‏:‏

فأبْلِغْ قُضاعةَ، إن جِئْتَهم، وخُصَّ سَراةَ بَني ساعِدَهْ

وأبْلِغْ نِزاراً على نأْيِها، بأَنَّ الرِّماحَ هي الهائدَهْ

فأُقسِمُ لو قَتَلوا مالِكاً، لكنتُ لهم حَيَّةً راصِدَهْ

برَأسِ سَبيلٍ على مَرْقَبٍ، ويوْماً على طُرُقٍ وارِدَهْ

فأُمَّ سِمَاكٍ فلا تَجْزَعِي، فلِلْمَوتِ ما تَلِدُ الوالِدَهْ

ثم قُتِل سِماكٌ فقالت أمُّ سماك لأخيه مالِكٍ‏:‏ قبَّح الله الحياة بعد

سماك فاخْرُج في الطلب بأخيك، فخرج فلَقِيَ قاتِلَ أَخيه في نَفَرٍ

يَسيرٍ فقتله‏.‏ قال وفي التنزيل العزيز‏:‏ فالتَقَطَه آلُ فرعَون ليكونَ لهم

عَدُوّاً وحَزَناً؛ ولم يلتقطوه لذلك وإنما مآله العداوَة، وفيه‏:‏ ربَّنا

لِيَضِلُّوا عن سَبيلِك؛ ولم يُؤْتِهم الزِّينةَ والأَموالَ للضلال وإِنما

مآله الضلال، قال‏:‏ ومثله‏:‏ إِني أَراني أعْصِرُ خَمْراً؛ ومعلوم أَنه لم يَعْصِر الخمرَ، فسماه خَمراً لأنَّ مآله إلى ذلك، قال‏:‏ ومنها لام الجَحْد

بعد ما كان ولم يكن ولا تَصْحَب إلا النفي كقوله تعالى‏:‏ وما كان الله لِيُعذِّبَهم، أي لأن يُعذِّبهم، ومنها لامُ التاريخ كقولهم‏:‏ كَتَبْتُ

لِثلاث خَلَوْن أي بَعْد ثلاث؛ قال الراعي‏:‏

حتّى وَرَدْنَ لِتِمِّ خِمْسٍ بائِصٍ

جُدّاً، تَعَاوَره الرِّياحُ، وَبِيلا

البائصُ‏:‏ البعيد الشاقُّ، والجُدّ‏:‏ البئرْ وأَرادَ ماءَ جُدٍّ، قال‏:‏

ومنها اللامات التي تؤكِّد بها حروفُ المجازة ويُجاب بلام أُخرى توكيداً

كقولك‏:‏ لئنْ فَعَلْتَ كذا لَتَنْدَمَنَّ، ولئن صَبَرْتَ لَترْبحنَّ‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ وإِذ أَخذَ اللّهُ ميثاق النبييّن لَمَا آتَيْتُكُم من كِتابٍ وحِكمة ثم جاءكم رسول مَصدِّقٌ لِما معكم لَتُؤمِنُنَّ به ولَتَنْصُرُنَّه «الآية»؛ روى المنذري عن أبي طالب النحوي أَنه قال‏:‏ المعنى في قوله

لَمَا آتَيْتكم لَمَهْما آتيتكم أَي أَيُّ كِتابٍ آتيتُكم لتُؤمنُنَّ به ولَتَنْصُرُنَّه، قال‏:‏ وقال أحمد بن يحيى قال الأخفش‏:‏ اللام التي في لَمَا اسم‏.‏ والذي

بعدها صلةٌ لها، واللام التي في لتؤمِنُنّ به ولتنصرنَّه لامُ القسم

كأَنه قال واللّه لتؤْمنن، يُؤَكّدُ في أَول الكلام وفي آخره، وتكون من زائدة؛ وقال أَبو العباس‏:‏ هذا كله غلط، اللام التي تدخل في أَوائل الخبر تُجاب

بجوابات الأَيمان، تقول‏:‏ لَمَنْ قامَ لآتِينَّه، وإذا وقع في جوابها ما ولا عُلِم أَن اللام ليست بتوكيد، لأنك تضَع مكانها ما ولا وليست

كالأُولى وهي جواب للأُولى، قال‏:‏ وأَما قوله من كتاب فأَسْقط من، فهذا غلطٌ لأن من التي تدخل وتخرج لا تقع إِلاَّ مواقع الأَسماء، وهذا خبرٌ، ولا تقع

في الخبر إِنما تقع في الجَحْد والاستفهام والجزاء، وهو جعل لَمَا بمنزلة

لَعَبْدُ اللّهِ واللّهِ لَقائمٌ فلم يجعله جزاء، قال‏:‏ ومن اللامات التي

تصحب إنْ‏:‏ فمرّةً تكون بمعنى إِلاَّ، ومرةً تكون صلة وتوكيداً كقول الله عز وجل‏:‏ إِن كان وَعْدُ ربّنا لَمَفْعولاً؛ فمَنْ جعل إنْ جحداً جعل

اللام بمنزلة إلاّ، المعنى ما كان وعدُ ربِّنا إِلا مفعولاً، ومن جعل إن بمعنى قد جعل اللام تأكيداً، المعنى قد كان وعدُ ربنا لمفعولاً؛ ومثله قوله

تعالى‏:‏ إن كِدْتع لَتُرْدِين، يجوز فيها المعنيان؛ التهذيب‏:‏ «لامُ التعجب

ولام الاستغاثة» روى المنذري عن المبرد أنه قال‏:‏ إذا اسْتُغِيث بواحدٍ

أو بجماعة فاللام مفتوحة، تقول‏:‏ يا لَلرجالِ يا لَلْقوم يا لزيد، قال‏:‏

وكذلك إذا كنت تدعوهم، فأَما لام المدعوِّ إليه فإِنها تُكسَر، تقول‏:‏ يا

لَلرِّجال لِلْعجب؛ قال الشاعر‏:‏

تَكَنَّفَني الوُشاةُ فأزْعَجوني، فيا لَلنّاسِ لِلْواشي المُطاعِ

وتقول‏:‏ يا للعجب إذا دعوت إليه كأَنك قلت يا لَلنَّاس لِلعجب، ولا يجوز

أَن تقول يا لَزيدٍ وهو مُقْبل عليك، إِنما تقول ذلك للبعيد، كما لا يجوز

أَن تقول يا قَوْماه وهم مُقبِلون، قال‏:‏ فإن قلت يا لَزيدٍ ولِعَمْرو

كسرْتَ اللام في عَمْرو، وهو مدعوٌ، لأَنك إِنما فتحت اللام في زيد للفصل

بين المدعوّ والمدعوّ إليه، فلما عطفت على زيد استَغْنَيْتَ عن الفصل لأن المعطوف عليه مثل حاله؛ وقد تقدم قوله‏:‏

يا لَلكهولِ ولِلشُّبّانِ لِلعجب

والعرب تقول‏:‏ يا لَلْعَضِيهةِ ويا لَلأَفيكة ويا لَلبَهيتة، وفي اللام

التي فيها وجهان‏:‏ فإِن أردت الاستغاثة نصبتها، وإِن أَردت أَن تدعو إليها

بمعنى التعجب منه كسرتها، كأَنك أَردت‏:‏ يا أَيها الرجلُ عْجَبْ

لِلْعَضيهة، ويا أيها الناس اعْجَبوا للأَفيكة‏.‏ وقال ابن الأَنباري‏:‏ لامُ

الاستغاثة مفتوحة، وهي في الأَصل لام خفْضٍ إِلا أَن الاستعمال فيها قد كثر مع

يا، فجُعِلا حرفاً واحداً؛ وأَنشد‏:‏

يا لَبَكرٍ أنشِروا لي كُلَيباً

قال‏:‏ والدليل على أَنهم جعلوا اللام مع يا حرفاً واحداً

قول الفرزدق‏:‏

فخَيرٌ نَحْنُ عند الناس منكمْ، إذا الداعي المُثَوِّبُ قال‏:‏ يالا

وقولهم‏:‏ لِم فعلتَ، معناه لأيِّ شيء فعلته‏؟‏ والأصل فيه لِما فعلت فجعلوا

ما في الاستفهام مع الخافض حرفاً واحداً واكتفَوْا بفتحة الميم من اإلف

فأسْقطوها، وكذلك قالوا‏:‏ عَلامَ تركتَ وعَمَّ تُعْرِض وإلامَ تنظر

وحَتَّمَ عَناؤُك‏؟‏ وأنشد‏:‏

فحَتَّامَ حَتَّام العَناءُ المُطَوَّل

وفي التنزيل العزيز‏:‏ فلِمَ قتَلْتُموهم؛ أراد لأي علَّة وبأيِّ حُجّة، وفيه لغات‏:‏ يقال لِمَ فعلتَ، ولِمْ فعلتَ، ولِما فعلت، ولِمَهْ فعلت، بإدخال الهاء للسكت؛ وأنشد‏:‏

يا فَقْعَسِيُّ، لِمْ أَكَلْتَه لِمَهْ‏؟‏

لو خافَك اللهُ عليه حَرَّمَهْ

قال‏:‏ ومن اللامات لامُ التعقيب للإضافة وهي تدخل مع الفعل الذي معناه

الاسم كقولك‏:‏ فلانٌ عابرُ الرُّؤْيا وعابرٌ لِلرؤْيا، وفلان راهِبُ رَبه وراهبٌ لرَبِّه‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ والذين هم لربهم يَرهبون، وفيه‏:‏ إن كنتم للرؤْيا تَعْبُرون؛ قال أبو العباس ثعلب‏:‏ إنما دخلت اللام

تَعْقِيباً للإضافة، المعنى هُمْ راهبون لربهم وراهِبُو ربِّهم، ثم أَدخلوا اللام

على هذا، والمعنى لأنها عَقَّبت للإضافة، قال‏:‏ وتجيء اللام بمعنى إلى

وبمعنى أَجْل، قال الله تعالى‏:‏ بأن رَبَّكَ أَوْحى لها؛ أي أَوحى إليها، وقال تعالى‏:‏ وهم لها سابقون؛ أي وهم إليها سابقون، وقيل في قوله تعالى‏:‏

وخَرُّوا له سُجَّداً؛ أي خَرُّوا من أَجلِه سُجَّداً كقولك أَكرمت فلاناً لك

أي من أَجْلِك‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ فلذلك فادْعُ واسْتَقِمْ كما أُمِرْتَ؛ معناه فإلى ذلك فادْعُ؛ قاله الزجاج وغيره‏.‏ وروى المنذري عن أبي العباس أنه

سئل عن قوله عز وجل‏:‏ إن أحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لأَنفُسكم وإن أَسأْتُمْ فلها؛ أي عليها‏.‏ جعل اللام بمعنى على؛ وقال ابن السكيت في قوله‏:‏

فلما تَفَرَّقْنا، كأنِّي ومالِكاً

لطولِ اجْتماعٍ لم نَبِتْ لَيْلةً مَعا

قال‏:‏ معنى لطول اجتماع أي مع طول اجتماع، تقول‏:‏ إذا مضى شيء فكأنه لم يكن، قال‏:‏ وتجيء اللام بمعنى بَعْد؛ ومنه قوله‏:‏

حتى وَرَدْنَ لِتِمِّ خِمْسٍ بائِص

أي بعْد خِمْسٍ؛ ومنه قولهم‏:‏ لثلاث خَلَوْن من الشهر أي بعد ثلاث، قال‏:‏

ومن اللامات لام التعريف التي تصحبها الألف كقولك‏:‏ القومُ خارجون والناس

طاعنون الحمارَ والفرس وما أشبهها، ومنها اللام الأصلية كقولك‏:‏ لَحْمٌ

لَعِسٌ لَوْمٌ وما أَشبهها، ومنها اللام الزائدة في الأَسماء وفي الأفعال

كقولك‏:‏ فَعْمَلٌ لِلْفَعْم، وهو الممتلئ، وناقة عَنْسَل للعَنْس

الصُّلبة، وفي الأَفعال كقولك قَصْمَله أي كسره، والأصل قَصَمه، وقد زادوها في ذاك فقالوا ذلك، وفي أُولاك فقالوا أُولالِك، وأما اللام التي في لَقعد

فإنها دخلت تأْكيداً لِقَدْ فاتصلت بها كأَنها منها، وكذلك اللام التي في لَما مخفّفة‏.‏ قال الأزهري‏:‏ ومن اللاَّماتِ ما رَوى ابنُ هانِئٍ عن أبي زيد

يقال‏:‏ اليَضْرِبُك ورأَيت اليَضْرِبُك، يُريد الذي يضرِبُك، وهذا

الوَضَع الشعرَ، يريد الذي وضَع الشعر؛ قال‏:‏ وأَنشدني المُفضَّل‏:‏

يقولُ الخَنا وابْغَضُ العْجْمِ ناطِقاً، إلى ربِّنا، صَوتُ الحمارِ اليُجَدَّعُ

يريد الذي يُجدَّع؛ وقال أيضاً‏:‏

أَخِفْنَ اطِّنائي إن سَكَتُّ، وإنَّني

لَفي شُغُلٍ عن ذَحْلِا اليُتَتَبَّعُ‏.‏

يريد‏:‏ الذي يُتتبَّع؛ وقال أبو عبيد في قول مُتمِّم‏:‏

وعَمْراً وحوناً بالمُشَقَّرِ ألْمَعا‏.‏

قال‏:‏ يعني اللَّذَيْنِ معاً فأَدْخل عليه الألف واللام صِلةً، والعرب

تقول‏:‏ هو الحِصْنُ أن يُرامَ، وهو العَزيز أن يُضَامَ، والكريمُ أن يُشتَمَ؛ معناه هو أَحْصَنُ من أن يُرامَ، وأعزُّ من أن يُضامَ، وأَكرمُ من أن يُشْتَم، وكذلك هو البَخِيلُ أن يُرْغَبَ إليه أي هو أَبْخلُ من أن يُرْغَبَ إليه، وهو الشُّجاع أن يَثْبُتَ له قِرْنٌ‏.‏ ويقال‏:‏ هو صَدْقُ

المُبْتَذَلِ أي صَدْقٌ عند الابتِذال، وهو فَطِنُ الغَفْلةِ فَظِعُ المُشاهدة‏.‏

وقال ابن الأنباري‏:‏ العرب تُدْخِل الألف واللام على الفِعْل المستقبل على

جهة الاختصاص والحكاية؛ وأنشد للفرزدق‏:‏

ما أَنتَ بالحَكَمِ التُّرْضَى حْكُومَتُه، ولا الأَصِيلِ، ولا ذِي الرَّأْي والجَدَلِ

وأَنشد أَيضاً‏:‏

أَخفِنَ اطِّنائي إن سكتُّ، وإنني

لفي شغل عن ذحلها اليُتَتَبَّع

فأَدخل الأَلف واللام على يُتتبّع، وهو فعلٌ مستقبل لِما وَصَفْنا، قال‏:‏

ويدخلون الألف واللام على أَمْسِ وأُلى، قال‏:‏ ودخولها على المَحْكِيَّات

لا يُقاس عليه؛ وأَنشد‏:‏

وإنِّي جَلَسْتُ اليومَ والأَمْسِ قَبْلَه

بِبابِك، حتى كادت الشمسُ تَغْرُبُ

فأََدخلهما على أََمْسِ وتركها على كسرها، وأَصل أَمْسِ أَمرٌ من الإمْساء، وسمي الوقتُ بالأمرِ ولم يُغيَّر لفظُه، والله أَعلم‏.‏

مرهم‏:‏ الليث‏:‏ هو أَلْيَنُ ما يكون من الدواء الذي يُضَمَّدُ به الجرحُ، يقال‏:‏ مَرْهَمْتُ الجُرْحَ‏.‏

ملهم‏:‏ التهذيب في الرباعي‏:‏ مَلْهَم قَرْية باليمامة؛ قال ابن بري‏:‏ هي لبَني يَشْكُرَ وأَخلاطٍ من بَكْرِ وائل‏.‏ والمِلْهَمُ‏:‏ الكثيرُ الأَكْلِ‏.‏

الجوهري في ترجمة لهم‏:‏ ومَلْهَم، بالفتح، موضع وهي أرض كثيرة النخل؛ قال جرير وشبَّه ما على الهوادج من الرَّقْم بالبُسْر اليانِع لحمرته

وصُفْرته‏:‏ كأنَّ حُمولَ الحَيِّ زُلْنَ بِيانِعٍ

من الوارِدِ البَطْحاءِ من نَخْلِ مَلْهَما

ويومُ مَلْهم‏:‏ حَرْبٌ لبني تميم وحنيفة‏.‏ ابن سيده‏:‏ ومَلْهم أَرض؛ قال طرفة‏:‏

يَظَلُّ نِساءُ الحَيّ يَعْكُفْنَ حَوْله، يَقُلْنَ عَسِيبٌ من سَرارَةِ مَلْهما

ومَلْهم وقُرّانُ‏:‏ قريتان من قُرَى اليمامة معروفتان‏.‏

مهم‏:‏ النهاية لابن الأثير‏:‏ وفي حديث سَطيح‏:‏

أزْرَقُ مَهْمُ النابِ صَرّارُ الأذُنُ‏.‏

قال أي حديد الناب؛ قال الأزهري‏:‏ هكذا روي، قال وأَظنه مَهْوُ الناب، بالواو‏.‏ يقال‏:‏ سَيْفٌ مَهْوٌ أي حديدٌ ماضٍ، قال‏:‏ وأََورده الزمخشري

أزْرَقُ مُمْهى النابِ، وقال‏:‏ المُمْهى المُحَدَّدُ، من أَمْهَيْتُ الحَديدةَ

إذا حَدَّدْتَها، شبَّه بَعيرَه بالنَّمِر لزُرْقة عينيه وسرعة سيره‏.‏

وفي حديث زيد بن عَمْرو؛ مَهْما تُجَشِّمْني تَجَشَّمْتُ؛ قال ابن الأثير‏:‏ مهما حرف من حروف الشرط التي يُجازَى بها، تقول‏:‏ مهما تَفَعَلْ

أَفْعَلْ؛ قيل إن أَصلها مَامَا فقلبت الألف الأُولى هاء، وقد تكرر في الحديث‏.‏

مهيم‏:‏ في الحديث‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم رأَى على عبد الرحمن بن عَوف وضَراً من صُفْرةٍ فقال‏:‏ مَهْيَمْ‏؟‏ قال‏:‏ قد تَزَوَّجْتُ امرأَة من الأنصار على نَواةٍ من ذهَبٍ، فقال‏:‏ أَوْلِمْ ولو بشاةٍ؛ أبو عبيد‏:‏ قوله

مَهْيَمْ، كلمة يمانية معناها ما أَمْرُك وما هذا الذي أَرى بكَ ونحو هذا

من الكلام؛ قال الأزهري‏:‏ ولا أَعلم على وزن مَهْيَمْ كلمةً غير

مَرْيَمْ‏.‏ الجوهري‏:‏ مَهْيَمْ كلمة يستفهم بها، معناها ما حالُك وما شأْنُك‏.‏ وفي حديث الدجال‏:‏ فأخَذَ بِلَجَفَتَيَ البابِ فقال‏:‏ مَهْيَمْ أي ما أمْرُكم

وشأْنُكم‏؟‏ وفي حديث لَقيط‏:‏ فيَسْتَوي جالِساً فيقول رَبِّ مَهْيَمْ‏.‏

موم‏:‏ المَوْماةُ‏:‏ المَفازةُ الواسعة المَلْساء، وقيل‏:‏ هي الفلاة التي لا

ماءَ ولا أَنِيسَ بها، قال‏:‏ وهي جماع أَسماء الفَلَوات؛ يقال‏:‏ عَلَوْنا

مَوْماةً، وأرضٌ مَوْماةٌ؛ قال سيويه‏:‏ هي‏.‏‏.‏‏.‏ ولا

يجعلها بمنزلة تَمَسْكَن لأن ما جاء هكذا والأول من نفس الحرف هو الكلام

الكثير، يعني نحو الشَّوْشاةِ والدَّوْداةِ، والجمع مَوامٍ، وحكاها ابن جني مَيامٍ؛ قال ابن سيده‏:‏ والذي عندي في ذلك أنها مُعاقَبة لغير علّة إلا

طلبَ الخفَّة‏.‏ التهذيب‏:‏ والمَوامِي الجماعةُ، والمَوامِي مثلُ

السَّباسِب، وقال أبو خَيْرة‏:‏ هي المَوْماءُ والمَوْماةُ، وبعضهم يقول‏:‏ الهَوْمةُ

والهَوْماةُ، وهو اسم يقع على جميع الفَلَواتِ‏.‏ وقال المبرد‏:‏ يقال لها

المَوْماةُ والبَوْباةُ، بالباء والميم‏.‏ والمُومُ‏:‏ الحُمَّى مع البِرْسامِ، وقيل‏:‏ المُومُ البِرْسامُ؛ يقال منه‏:‏ مِيمَ الرجلُ، فهو مَمُومٌ‏.‏ ورجل

مَمُومٌ وقد مِيمَ يُمامُ

مُوماً ومَوْماً، من المُومِ، ولا يكون يَمُومُ لأنه مفعولٌ به مثل

يُرْسِمَ؛ قال ذو الرمة يصف صائداً‏:‏

إذا تَوَجَّسَ رِكْزاً منْ سَنابِكِها، أَو كانَ صاحِبَ أَرضٍ، أَو به المُومُ

فالأَرض‏:‏ الزُّكامُ، والمُومُ‏:‏ البِرْسامُ، والمُومُ‏:‏ الجُدَرِيُّ

الكثيرُ المُتراكِبُ‏.‏ وقال الليث‏:‏ قيل المُومُ أشدُّ الجُدَرِيّ يكون صاحبَ

أرضٍ أو به المُومُ، ومعناه أن الصيّاد يُذْهِبُ نَفَسَه إلى السماء

ويَفْغَر إليها أبداً لئلا يَجِد الوحشُ نفسَه فَينْفُرَ، وشُبه بالمُبَرْسَم أو المزكومِ لأن البِرْسامَ مُفْغِر، والزكام مُفْغِر‏.‏ والمُومُ، بالفارسية‏:‏ الجُدَرِيّ الذي يكون كله قُرْحة واحدة، وقيل هو بالعربية‏.‏ ابن بري‏:‏ المُومُ الحُمَّى؛ قال مُلَيح الهذلي‏:‏

بهِ مِن هَواكِ اليومَ، قد تَعْلَمِينَه، جَوًى مثلُ مُومِ الرِّبْع يَبرِي ويَلعَجُ

وفي حديث العُرَنِيِّين‏:‏ وقد وقع بالمدينة المُومُ؛ هو البِرْسامُ مع

الحُمَّى، وقيل‏:‏ هو بَثْرٌ أَصغَرُ من الجُدَرِيّ‏.‏ والمُومُ‏:‏ الشَّمَعُ، معرَّب، واحدته مُومة؛ عن ثعلب، قال الأَزهري؛ وأَصله فارسي‏.‏ وفي صفة

الجنة‏:‏ وأَنهار من عَسَلٍ مُصَفَّى من مُومِ العسَلِ؛ المُومُ‏:‏ الشَّمَعُ، معرّب‏.‏

والمِيمُ‏:‏ حرفُ هجاءٍ، وهو حرف مجهور يكون أصلاً وبدلاً وزائداً؛ وقول

ذي الرمة‏:‏

كأَنَّها عَيْنَها منها، وقد ضَمَرَتْ

وضَمَّها السَّيْر في بعضِ الأَضا، مِيمُ

قيل له‏:‏ من أَين عرفت المِيمَ‏؟‏ قال‏:‏ والله ما أَعرفها إلاّ أَني خرجت

إلى البادية فكتب رجلٌ حرفاً، فسأَلتُه عنه فقال هذا المِيمُ، فشبَّهتُ به عينَ الناقة‏.‏ وقد مَوَّمَها‏:‏ عَمِلَها‏.‏ قال الخليل‏:‏ الميمُ حرف هجاءٍ من حروف المعجم لو قصرت في اضطرار الشعر جاز؛ قال الراجز‏:‏

تخال منه الأَرْسُمَ الرَّواسِما

كافاً ومِيمَيْنِ وسِيناً طاسِما

وزعم الخليل أَنه رأَى يمانيّاً سئل عن هجائه فقال‏:‏ بابا مِمْ مِمْ، قال‏:‏ وأَصاب الحكاية على اللفظ، ولكن الذين مدُّوا أَحسنوا الحكاية

بالمَدَّة، قال‏:‏ والمِيمانِ هما بمنزلة النُّونَيْنِ من الجَلَمَيْنِ‏.‏ قال‏:‏ وكان

الخليل يُسَمِّي المِيمَ مُطْبَقة لأَنك إِذا تكلَّمت بها أَطْبَقْت، قال‏:‏ والميم من الحروفِ الصِّحاحِ الستَّةِ المُذْلَقة هي التي في حَيِّزَيْنِ‏:‏ حَيِّز الفاء، والآخر حيِّز اللام، وجعلها في التأْليف الحرفَ الثالث

للفاء والباء، وهي آخر الحروف من الحيِّز الأَول، قال‏:‏ وهذا الحيِّز

شفويٌّ‏.‏ النهاية لابن الأَثير‏:‏ وفي كتابه لوائل بن حُجْر‏:‏ مَنْ زنى مِمْ

بِكْرٍ ومَنْ زَنى مِمْ ثَيِّب أَي مِنْ بِكْرٍ ومِنْ ثَيِّب، فقلب النون

مِيماً، أَما مع بِكْر ملأَنَّ النون إِذا سكنت قبل الباء فإِنها تقلب

ميماً في النطق نحو عَنْبر وشَنْباء، وأَما مع غير الباء فإِنها لغة يمانية، كما يبدلون الميم من لام التعريف‏.‏

ومَامةُ‏:‏ اسم؛ ومنه كعب بن مامة الإِيادِيّ؛ قال‏:‏

أَرضٌ تخيَّرَها لِطِيبِ مَقيلِها

كعبُ بنُ مامةَ، وابنُ أُمِّ دُوادِ

قال ابن سيده‏:‏ قضينا على أَلف مامةَ أَنها واو لكونها عَيْناً، وحكى

أَبو علي في التذكرة عن أَبي العباس‏:‏ مامة من قولهم أَمْرٌ مُوَامٌ؛ كذا

حكاه بالتخفيف، قال‏:‏ وهو عنده فُعَال، قال‏:‏ فإِذا صحّت هذه الحكاية لم يُحْتَجْ إِلى الاستدلال على مادة الكلمة‏.‏ ومامةُ‏:‏ اسم أُمّ عمرو بن مامةَ‏.‏

نأم‏:‏ النّأْمةُ، بالتسكين‏:‏ الصوتُ‏.‏ نأَم الرجلُ يَنْئِمُ ويَنْأَمُ

نَئِيماً، وهو كالأَنِينِِ، وقيل‏:‏ هو كالزَّحِير، وقيل‏:‏ هو الصوت الضعيف

الخفيّ أَيّاً كان‏.‏ ونأَمَ الأَسدُ يَنْئِمُ نَئِيماً‏:‏ وهو دون الزَّئِير، وسمعت نَئِيمَ الأَسَد‏.‏ قال ابن الأَعرابي‏:‏ نأَمَ الظبي يَنْئِمُ، وأَصله

في الأَسد؛ وأَنشد‏:‏

أَلا إِنَّ سَلْمَى مُغْزِلٌ بتَبالةٍ، تُراعي غَزالاً بالضُّحَى غيرَ نَوْأَمِ

مَتى تَسْتَثِرْه من مَنامٍ يَنامُه

لِتُرْضِعَه، يَنْئِمْ إِليها ويَبْغُمِ

والنَّئِيمُ‏:‏ صوت البُوم؛ قال الشاعر‏:‏

إِلاَّ نَئِيمَ البُومِ والضُّوَعا

ويقال‏:‏ أَسْكَتَ اللهُ نَأْمَتَه، مهموزة مخففة الميم، وهو من النَّئِيم

الصوت الضعيف أَي نَغْمَتَه وصوتَه‏.‏ ويقال‏:‏ نامَّتَه، بتشديد الميم، فيجعل من المضاعف، وهو ما يَنِمُّ عليه مِن حركتِه يُدْعى بذلك على

الإِنسان‏.‏ والنَّئِيمُ‏:‏ صوتٌ فيه ضعف كالأَنينِ‏.‏ يقال‏:‏ نأَمَ يَنْئِمُ‏.‏

والنَّأْمةُ والنَّئِيمُ‏:‏ صَوتُ القوس؛ قال أَوس‏:‏

إِذا ما تَعاطَوْها سَمِعْتَ لِصَوْتِها، إِذا أَنْبَضوا فيها، نَئِيماً وأَزْمَلا

ونأَمَت القوسُ نَئِيماً؛ وقول الشاعر‏:‏

وسَماع مُدْجِنة تُعَلِّلُنا، حتى نَؤُوبَ، تَنَؤُّمَ العُجْمِ

رواه ابن الأَعرابي‏:‏ تَنَؤُّم، مهموز، على أَنه من النَّئيم، وقال‏:‏ يريد

صياحَ الدِّيَكة كأَنه قال‏:‏ وقت تَنَؤُّمِ العُجْم، وإِنما سمَّى

الدِّيَكة عُجْماً لأَن كل حيوان غير الإِنسان أَعْجم، ورواه غيره‏:‏ تَناوُمَ

العُجْم، فالعُجْمُ على هذه الروايةِ ملوك العجَم، والتَّناوُم‏:‏ من النَّوْم، وذلك أَن ملوك العجم كانت تَناوَمُ على اللّهْو، وجاء بالمصدر على هذه

الرواية في البيت على غير الفعل‏.‏ والنَّأْمةُ‏:‏ الحركة‏.‏

نتم‏:‏ الانْتِتامُ‏:‏ الانْفِجارُ بالقبيح والسبِّ‏.‏ وانْتَتَمَ فلانٌ على

فلانٍ بقولِ سوءٍ أَي انفَجَرَ بالقول القبيح، كأَنه افْتَعَل من نَتَم، كما تقول مِنْ نَتَل انتَتَل، ومِن نَتَقَ انتَتَقَ، على افتعل؛ وأَنشد

أَبو عمرو لمنظور الأَسدي‏:‏

قد انتَتَمتْ علَيَّ بقَوْلِ سُوءٍ

بُهَيْصِلةٌ، لها وَجْهٌ ذَمِيمُ

حَليلةُ فاحِشٍ وأْنٍ بَئِيلٍ، مُزَوْزِكَةٌ، لها حَسَبٌ لَئِيمُ

يقال‏:‏ ضَئيلٌ بَئِيلٌ أَي قَبيح، والمُزَوْزِكة‏:‏ التي إِذا مشَتْ

أَسْرَعت وحركت أَلْيَتَيْها، قال أَبو منصور‏:‏ لا أَدري انتَثَمتْ، بالثاء، أَو

انتَتَمتْ، بتاءَين، قال‏:‏ والأَقرب أَنه مِن نَثَمَ يَنْثِمُ لأَنه

أَشبه بالصواب، قال‏:‏ ولا أَعرفُ واحداً منهما‏.‏ وقال الأَصمعي‏:‏ امرأَة

وَأْنَةٌ إِذا كانت مقاربة الخَلْق‏.‏

نثم‏:‏ لم أَرَ فيها غيرَ ما قال أَبو منصور في ترجمة نتم قبلها‏:‏ لا أَدري

انتَثَمتْ، بالثاء، أَو انتَتَمتْ، بتاءَين، في قول الشاعر‏:‏

قد انتَتمتْ عليَّ بقول سوءٍ

بُهَيْصِلةٌ، لها وجه ذميم

قال‏:‏ والأَقرب أَنه من نَثَمَ يَنْثِمُ لأَنه أَشبه بالصواب، قال‏:‏ ولا

أَعرف واحداً منهما‏.‏

نجم‏:‏ نَجَمَ الشيءُ يَنْجُم، بالضم، نُجوماً‏:‏ طَلَعَ وظهر‏.‏ ونَجَمَ

النباتُ والنابُ والقَرْنُ والكوكبُ وغيرُ ذلك‏:‏ طلَعَ‏.‏ قال الله تعالى‏:‏

والنَّجْمُ والشجرُ يَسْجُدانِ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ هذا إِبَّانُ نُجومِه أَي وقتُ

ظهورِِه، يعني النبيّ، صلى الله عليه وسلم‏.‏ يقال‏:‏ نَجَم النبتُ يَنْجُم

إِذا طلع‏.‏ وكلُّ ما طلع وظهر فقد نَجَم‏.‏ وقد خُصَّ بالنَّجْم منه ما لا يقوم

على ساقٍ، كما خُصَّ القائمُ على الساق منه بالشجر‏.‏ وفي حديث حُذَيفة‏:‏

سِراجٌ من النارِ يَظْهَرُ في أَكتافِهم حتى يَنْجُم في صُدورِهم‏.‏

والنَّجْمُ من النباتِ‏:‏ كلُّ ما نبتَ على وجه الأَرض ونَجَمَ على غيرِ ساقٍ

وتسطَّح فلم يَنْهَض، والشجرُ كلُّ ما له ساقٌ‏:‏ ومعنى سُجودِهما دَوَرانُ

الظلِّ معهما‏.‏ قال أَبو إِسحق‏:‏ قد قيل إِن النَّجْمَ يُراد به النجومُ، قال‏:‏

وجائز أَن يكون النَّجْمُ ههنا ما نبت على وجه الأَرض وما طلع من نُجومِ

السماء‏.‏ ويقال لكل ما طلع‏:‏ قد نَجمَ، والنَّجِيمُ منه الطَّرِيُّ حين

نَجمَ فنبَت؛ قال ذو الرمة‏:‏

يُصَعِّدْنَ رُقْشاً بَيْنَ عُوجٍ كأَنها

زِجاجُ القَنا، منها نَجِيمٌ وعارِدُ

والنُّجومُ‏:‏ ما نَجَمَ من العروق أَيامَ الربيع، ترى رؤوسها أَمثالَ

المَسالِّ تَشُقُّ الأَرضَ شقّاً‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ النَّجْمةُ شجرةٌ، والنَّجْمةُ الكَلِمةُ، والنَّجْمةُ

نَبْتةٌ صغيرة، وجمعها نَجْمٌ، فما كان له ساقٌ فهو شجر، وما لم يكن له

ساقٌ فهو نَجْمٌ‏.‏ أَبو عبيد‏:‏ السَّرادِيحُ أَماكنُ ليِّنةٌ تُنْبت

النَّجَمةَ والنَّصِيَّ، قال‏:‏ والنَّجَمة شجرة تنبت ممتدة على وجه الأَرض، وقال شمر‏:‏ النَّجَمة ههنا، بالفتح، قال‏:‏ وقد رأَيتها في البادية

وفسرها غير واحد منهم، وهي الثَّيِّلةُ، وهي شجرة خضراء كأَنها أَوَّلُ

بَذْر الحبّ حين يخرج صِغاراً، قال‏:‏ وأَما النَّجْمةُ فهو شيءٌ ينبت في أُصول النخلة، وفي الصحاح‏:‏ ضرْبٌ من النبت؛ وأَنشد للحرث بن ظالم المُرّيّ

يهجو النعمان‏:‏

أَخُصْيَيْ حِمارٍ ظَلَّ يَكْدِمُ نَجْمةً، أَتُؤْكَلُ جاراتي وجارُك سالمْ‏؟‏

والنَّجْمُ هنا‏:‏ نَبْتٌ بعينه، واحدُه نَجْمةٌ

وهو الثَّيِّلُ‏.‏ قال أبو عمرو الشيباني‏:‏ الثَّيِّل يقال له النَّجْم، الواحدة نَجْمة‏.‏ وقال أبو حنيفة‏:‏ الثَّيِّلُ والنَّجْمة والعكْرِشُ كله شيءٌ واحد‏.‏ قال‏:‏ وإِنما قال ذلك لأَن الحمارَ إِذا أَراد أَن يَقْلَع النَّجْمةَ من الأَرض وكَدَمَها

ارْتَدَّتْ خُصْيتاه إِلى مؤخَّرِه‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ النَّجْمةُ لها قضْبة

تَفْتَرِشُ الأَرضَ افْتِراشاً‏.‏ وقال أَبو نصر‏:‏ الثَّيِّلُ الذي ينبت على

شُطُوطِ الأَنهارِ وجمعه نَجْمٌ؛ ومثلُ البيت في كون النَّجْم فيه هو الثَّيِّل قولُ زهير‏:‏

مُكَلَّلٌ بأُصولِ النَّجْمِ تَنسجُه

ريحُ خَرِيقٌ، لِضاحي مائة حُبُكُ

وفي حديث جرير‏:‏ بينَ نَخْلةٍ وضالةٍ ونَجْمةٍ وأَثْلةٍ؛ النَّجْمةُ‏:‏

أَخصُّ من النجم وكأَنها واحدتُه كنَبْتَةٍ ونَبْت‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏

والنَّجْمِ إِذا هَوَى؛ قال أَبو إِسحق‏:‏ أَقْسَمَ الله تعالى بالنجم، وجاء

في التفسير أَنه الثُّرَيّا، وكذلك سمتها العرب‏.‏ ومنه قول ساجعهم‏:‏ طَلَع

النجم غُدَيَّهْ، وابْتَغَى الراعي شُكَيَّهْ؛ وقال‏:‏

فباتت تَعُدُّ النَّجْم في مُسْتَحِيرة، سريعٍ بأَيدي الآكِلينَ جُمودُها

أَراد الثُّرَيا‏.‏ قال‏:‏ وجاء في التفسير أَيضاً أَن النجم نُزول القرآن

نَجْماً بعد نَجْمٍ، وكان تَنزل منه الآيةُ والآيتان، وقال أَهل اللغة‏:‏

النجمُ بمعنى النُّجوم، والنُّجوم تَجمع الكواكب كلها‏.‏ ابن سيده‏:‏

والنَّجْمُ الكوكب، وقد خصّ الثرَيا فصار لها علماً، وهو من باب الصَّعِق، وكذلك

قال سيبويه في ترجمة هذا الباب‏:‏ هذا باب يكون فيه الشيءُ غالباً عليه

اسمٌ، يكون لكل مَنْ كان من أُمَّتِه أَو كان في صِفتِه من الأَسماء التي

تدخلها الأَلف واللام، وتكون نَكِرتُه الجامعةَ لما ذكرتْ من المعاني ثم مثَّل بالصَّعِق والنَّجمِ، والجمع أَنْجُمٌ وأَنْجامٌ؛ قال الطرماح‏:‏

وتجْتَلي غُرَّة مَجْهولِها

بالرَّأْيِ منه، قبلَ أَنْجامِها

ونُجومٌ ونُجُمٌ، ومن الشاذ قراءَةُ مَنْ قرأَ‏:‏ وعلاماتٍ وبالنُّجُم؛ وقال الراجز‏:‏

إِن الفَقيرَ بينَنا قاضٍ حَكَمْ، أَنْ تَرِد الماءَ إِذا غابَ النُّجُمْ

وقال الأَخطل‏:‏

كلَمْعِ أَيْدي مَثاكِيلٍ مُسَلِّبةٍ، يَنْدُبْنَ ضَرْس بَناتِ الدَّهرِ والخُطُبِ

وذهب ابن جني إِلى أَنه جمع فَعْلاً على فُعْل ثم ثَقَّل، وقد يجوز أن يكون حذف الواو تخفيفاً، فقد قرئَ‏:‏ وبالنُّجُم هُمْ يَهْتَدون، قال‏:‏ وهي قراءة الحسن وهي تحتمل التوجيهين‏.‏ والنَّجْمُ‏:‏ الثُّرَيَّا، وهو اسم لها

علم مثل زيد وعمرو، فإِذا قالوا طلع النَّجْمُ يريدون الثرَيا، وإن أَخرجت منه الأَلف واللام تنَكَّرَ؛ قال ابن بري‏:‏ ومنه قول المرار‏:‏

ويومٌ، مِن النَّجْم، مُسْتَوْقِد

يَسوقُ إِلى الموت نُورَ الظُّبا

أَراد بالنَّجْم الثرَيا؛ وقال ابن يعفر‏:‏

وُلِدْتُ بِحادِي النَّجْمِ يَتْلُو قَرِينَه، وبالقَلْبِ قَلْبِ العَقْرَبِ المُتَوَقِّدِ

وقال أَبو ذؤيب‏:‏

فوَرَدْنَ والعَيُّوقُ مَقْعَدَ رابئِ الـ *** ـضُّرَباءِ، خَلْفَ النَّجْمِ، لا يَتَتلَّع

وقال الأَخطل‏:‏

فهلاَّ زَجَرْتِ الطيرَ لَيْلةَ جِئتِه

بضِيقةَ، بين النَّجْمِ والدَّبَرانِ

وقال الراعي‏:‏

فباتت تَعُدُّ النَّجْمَ في مُسْتَحيرةٍ، سَريعٍ بأَيدي الآكِلينَ جُمودُها

قوله‏:‏ تعدّ النَّجْم، يريد الثريَّا لأَن فيها ستة أَنجم ظاهرة يتخللها

نجوم صغار خفية‏.‏ وفي الحديث‏:‏ إِذا طلع النَّجْمُ ارتفعت العاهةُ، وفي رواية‏:‏ ما طلعَ النَّجْمُ وفي الأَرض من العاهة شيءٌ، وفي رواية‏:‏ ما طلعَ

النجمِ قَط وفي الأَرض عاهةٌ إِلا رُفِعت؛ النَّجْمُ في الأَصل‏:‏ اسمٌ لكل

واحد من كواكب السماء، وهو بالثريَّا أَخصُّ، فإِذا أُطلق فإِنما يراد به هي، وهي المرادة في هذا الحديث، وأَراد بطلوعها طُلوعَها عند الصبح، وذلك

في العَشْرِ الأَوْسَط من أَيَّارَ، وسقوطُها مع الصبح في العَشْر

الأَوسط من تِشْرِينَ الآخِرِ، والعرب تزعم أَن بين طلوعها وغروبها أَمْراضاً

ووَباءً وعاهاتٍ في الناس والإِبلِ والثِّمارِ، ومُدَّةُ مغيبِها بحيث لا

تُبْصَر في الليل نَيِّفٌ وخمسون ليلةً لأَنها تخفى بقربها من الشمس

قبلها وبعدها، فإِذا بعدت عنها ظهرت في الشَّرْق وقت الصبح؛ قال الحربي‏:‏

إِنما أَراد بهذا الحديث أَرضَ الحجاز لأَن في أَيَّارَ يقع الحَصادُ بها

وتُدْرِك الثمارُ، وحينئذ تُباعُ لأَنها قد أُمِنَ عليها من العاهة؛ قال القتيبي‏:‏ أَحْسَبُ أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَرادَ عاهةَ

الثِّمارِ خاصة‏.‏

والمُنَجِّمُ والمُتَنَجِّمُ‏:‏ الذي ينظر في النُّجوم يَحْسُب

مَواقِيتَها وسيرَها‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ فأَما قول بعض أَهل اللغة‏:‏ يقوله النَّجَّامون، فأُراه مُولَّداً‏.‏ قال ابن بري‏:‏ وابنُ خالويه يقول في كثير من كلامه

وقال النجَّامون ولا يقول المُنَجِّمون، قال‏:‏ وهذا يدل على أَن فعله ثلاثي‏.‏

وتَنَجَّمَ‏:‏ رعى النُّجومَ من سَهَرٍ‏.‏ ونُجومُ الأَشياء‏:‏ وظائفُها‏.‏

التهذيب‏:‏ والنُّجومُ وظائفُ الأَشياء، وكلُّ وظيفةٍ نَجْمٌ‏.‏ والنَّجْمُ‏:‏

الوقتُ المضروب، وبه سمي المُنَجِّم‏.‏ ونَجَّمْتُ المالَ إِذا أَدَّيته

نُجوماً؛ قال زهير في دياتٍ جُعِلت نُجوماً على العاقلة‏:‏

يُنَجِّمُها قومٌ لقَوْمٍ غَرامةً، ولم يُهَرِيقُوا بينَهم مِلءَ مِحْجَمِ

وفي حديث سعد‏:‏ واللهِ لا أَزيدُك على أَربعة آلافٍ مُنَجَّمةٍ؛ تَنْجِيمُ الدَّينِ‏:‏ هو أَن يُقَدَّرَ عطاؤه في أَوقات معلومة متتابعةٍ مُشاهرةً

أَو مُساناةً، ومنه تَنْجِيمُ المُكاتَب ونجومُ الكتابةِ، وأَصله أن العرب كانت تجعل مطالعَ منازِل القمر ومساقِطَها مَواقيتَ حُلولِ دُيونِها

وغيرها، فتقول إِذا طلع النَّجْمُ‏:‏ حلَّ عليك مالي أَي الثريّا، وكذلك

باقي المنازل، فلما جاء الإِسلام جعل الله تعالى الأَهِلّةَ مَواقيتَ لِمَا

يحتاجون إِليه من معرفة أَوقات الحج والصوم ومَحِلِّ الدُّيون، وسَمَّوْها نُجوماً اعتباراً بالرَّسْمِ القديم الذي عرفوه واحْتِذاءً حَذْوَ ما أَلفُوه وكتبوا في ذُكورِ حقوقِهم على الناس مُؤَجَّلة‏.‏ وقوله عز وجل‏:‏ فلا

أُقْسِمُ بمواقع النُّجوم؛ عنَى نُجومَ القرآن لأَن القرآن أُنْزِل إِلى

سماء الدنيا جملة واحدة، ثم أُنزل على النبي صلى الله عليه وسلم آيةً

آيةً، وكان بين أَول ما نزل منه وآخره عشرون سنةً‏.‏ ونَجَّمَ عليه

الدّيةَ‏:‏ قطَّعها عليه نَجْماً نجماً؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد‏:‏

ولا حَمالاتِ امْرِئٍ مُنَجِّم

ويقال‏:‏ جعلت مالي على فلان نُجوماً مُنَجَّمةً يؤدي كلَّ نَجْمٍ في شهر

كذا، وقد جعل فلانٌ مالَه على فلان نُجوماً معدودة يؤدِّي عند انقضاء كل

شهر منها نَجْماً، وقد نَجَّمها عليه تَنْجيماً‏.‏ نظر في النُّجوم‏:‏ فَكَّر

في أَمر ينظر كيف يُدَبِّره‏.‏ وقوله عز وجل مُخْبِراً عن إِبراهيم، عليه

السلام‏:‏ فنظَر نَظْرَةً في النُّجوم فقال إِنِّي سَقِيمٌ؛ قيل‏:‏ معناه

فيما نَجَمَ له من الرأْي‏.‏ وقال أَبو العباس أَحمد بن يحيى‏:‏ النُّجومُ جمع

نَجْم وهو ما نَجَمَ من كلامهم لَمَّا سأَلوه أَن يخرج معهم إِلى عِيدِهم، ونَظَرَ ههنا‏:‏ تَفكّر ليُدَبِّرَ حُجَّة فقال‏:‏ إِنِّي سَقِيم، أَي من كُفْرِكم‏.‏ وقال أَبو إِسحق‏:‏ إِنه قال لقومه وقد رأَى نَجْماً إِني سقيم، أَوْهَمَهم أَن به طاعوناً فتَوَلَّوْا عنه مُدْبِرين فِراراً من عَدْوَى

الطاعون‏.‏ قال الليث‏:‏ يقال للإِنسان إِذا تفكر في أَمر لينظر كيف

يُدبِّره‏:‏ نظر في النُّجوم، قال‏:‏ وهكذا جاء عن الحسن في تفسير هذه الآية أَي

تفكّر ما الذي يَصْرِفُهم عنه إِذا كلَّفوه الخروج معهم‏.‏ والمِنْجَم‏:‏ الكعب

والعرقوبُ وكل ما نَتأَ‏.‏ والمِنْجَم أَيضاً‏:‏ الذي يُدَقّ به الوتد‏.‏

ويقال‏:‏ ما نَجَمَ لهم مَنْجَمٌ مما يطلبون أَي مَخْرج‏.‏ وليس لهذا الأَمر

نَجْمٌ أَي أَصلٌ، وليس لهذا الحديث نَجْم أَي ليس له أَصلٌ‏.‏

والمَنْجَمُ‏:‏ الطريق الواضح؛ قال البعيث‏:‏

لها في أَقاصِي الأَرضِ شأْوٌ ومَنْجَمُ

وقول ابن لَجَإٍ‏:‏

فصَبَّحَتْ، والشمسُ لَمَّا تُنْعِمِ

أَن تَبْلغَ الجُدَّةَ فوقَ المَنْجَمِ

قال‏:‏ معناه لم تُرِدْ أن تبلغ الجُدّة، وهي جُدّة الصبح طريقتُه

الحمراء‏.‏ والمَنْجَمُ‏:‏ مَنْجَمُ النهار حين يَنْجُمُ‏.‏ ونَجَمَ الخارجيّ، ونجمَتْ

ناجمةٌ بموضع كذا أَي نَبَعت‏.‏ وفلانٌ مَنْجَمُ الباطل والضلالة أَي

معدنُه‏.‏ والمَنْجِمان والمِنْجَمانِ‏:‏ عظمان شاخِصان في بواطن الكعبين يُقْبِل

أَحدُهما على الآخر إِذا صُفَّت القدمان‏.‏ ومِنْجَما الرجْل‏:‏ كَعْباها‏.‏

والمِنْجَم، بكسر الميم، من الميزان‏:‏ الحديدة المعترضة التي فيها

اللسان‏.‏ أَنْجَمَ المطرُ‏:‏ أَقْلَع، وأَنْجَمَت عنه الحُمّى كذلك، وكذلك

أَفْصَمَ وأَفْصَى‏.‏ وأَنْجَمت السماءُ‏:‏ أَقْشَعت، وأَنْجَم البَرْد؛ وقال‏:‏ أَنْجَمَت قُرَّةُ السماء، وكانت

قد أَقامَتْ بكُلْبة وقِطارِ

وضرَبه فما أَنْجَمَ عنه حتى قتله أَي ما أَقْلَع، وقيل‏:‏ كلُّ ما أَقْلَع فقد أَنْجَمَ‏.‏

والنِّجامُ‏:‏ موضع؛ قال معقل بن خُويلِد‏:‏

نَزِيعاً مُحْلِباً من أَهلِ لِفْتٍ

لِحَيٍّ بين أَثْلةَ والنِّجامِ

نحم‏:‏ النَّحِيمُ‏:‏ الزَّحِيرُ والتنحْنُح‏.‏ وفي الحديث‏:‏ دخلتُ الجنةَ

فسمعتُ نَحْمةً من نُعَيم أَي صوتاً‏.‏ والنَّحِيمُ‏:‏ صوتٌ يخرج من الجوف، ورجل

نَحِمٌ، وربما سمي نُعَيْمٌ النَّحّامَ‏.‏ نَحَمَ يَنْحِمُ، بالكسر، نَحْماً ونَحِيماً ونَحَماناً، فهو نَحَّام، وهو فوق الزَّحير، وقيل‏:‏ هو مثل

الزحير‏:‏ قال رؤبة‏:‏

من نَحَمانِ الحَسَدِ النِّحَمِّ

بالَغ بالنِّحَمِّ كشِعْر شاعر ونحوه وإِلا فلا وجه له؛ وقال ساعدة بن جؤية‏:‏

وشَرْحَب نَحْرُه دامٍ وصَفْحَتُه، يَصِيحُ مثلَ صِياحِ النَّسْرِ مُنْتَحم

وأَنشد ابن بري‏:‏

ما لَك لا تَنْحِمُ يا فلاحُ، إِنَّ النَّحِيمَ للسُّقاةِ راحُ

وأَنشده أَبو عمرو‏:‏

ما لك لا تنحم يا فلاحه، إِن النحيم للسُّقاة راحه‏.‏

وفَلاحة‏:‏ اسم رجل‏.‏ ورجل نَحّام‏:‏ بَخِيل إِذا طُلِبت إِليه حاجة كثر

سُعالُه عندها؛ قال طرفة‏:‏

أَرَى قَبْرَ نَحّامٍ بَخيلٍ بماله، كقَبْرِ غَوِيٍّ في البَطالةِ مُفْسِد

وقد نَحَمَ نَحِيماً‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ النَّحْمة السَّعْلة، وتكون

الزحيرةَ‏.‏ والنَّحِيمُ‏:‏ صوتُ الفَهْدِ ونحوه من السباع، والفعل كالفعل والمصدر

كالمصدر، ونَحَمَ الفَهْدُ يَنحِم نَحِيماً ونحوه من السباع كذلك، وكذلك

النَّئِيمُ، وهو صوت شديد‏.‏ ونَحَم السَّوَّاقُ

والعاملُ يَنْحَم ويَنْحِمُ نَحِيماً إِذا استراح إِلى

شِبْه أَنينٍ يُخرِجه من صدره‏.‏ والنَّحِيمُ‏:‏ صوت من صَدْر الفرس‏.‏

والنُّحامُ‏:‏ طائر أَحمر على خلقة الإِوَزِّ، واحدته نُحامة، وقيل‏:‏ يقال له بالفارسية سُرْخ آوى؛ قال ابن بري‏:‏ ذكره ابن خالويه النُّحام الطائر، بضم النون‏.‏

والنَّحَّامُ‏:‏ فرس لبعض فُرْسان العرب؛ قال ابن سيده‏:‏ أُراه السُلَيْكَ

بن السُّلَكة السَّعْديّ عن الأَصمعي في كتاب الفرس؛ قال‏:‏

كأَنَّ قَوائِمَ النَّحَّامِ، لَمَّا

تَرَحَّل صُحْبَتي أُصُلاً، مَحارُ

والنَّحَّامُ‏:‏ اسمُ فارس من فرسانهم‏.‏

نحم‏:‏ النَّحِيمُ‏:‏ الزَّحِيرُ والتنحْنُح‏.‏ وفي الحديث‏:‏ دخلتُ الجنةَ

فسمعتُ نَحْمةً من نُعَيم أَي صوتاً‏.‏ والنَّحِيمُ‏:‏ صوتٌ يخرج من الجوف، ورجل

نَحِمٌ، وربما سمي نُعَيْمٌ النَّحّامَ‏.‏ نَحَمَ يَنْحِمُ، بالكسر، نَحْماً ونَحِيماً ونَحَماناً، فهو نَحَّام، وهو فوق الزَّحير، وقيل‏:‏ هو مثل

الزحير‏:‏ قال رؤبة‏:‏

من نَحَمانِ الحَسَدِ النِّحَمِّ

بالَغ بالنِّحَمِّ كشِعْر شاعر ونحوه وإِلا فلا وجه له؛ وقال ساعدة بن جؤية‏:‏

وشَرْحَب نَحْرُه دامٍ وصَفْحَتُه، يَصِيحُ مثلَ صِياحِ النَّسْرِ مُنْتَحم

وأَنشد ابن بري‏:‏

ما لَك لا تَنْحِمُ يا فلاحُ، إِنَّ النَّحِيمَ للسُّقاةِ راحُ

وأَنشده أَبو عمرو‏:‏

ما لك لا تنحم يا فلاحه، إِن النحيم للسُّقاة راحه‏.‏

وفَلاحة‏:‏ اسم رجل‏.‏ ورجل نَحّام‏:‏ بَخِيل إِذا طُلِبت إِليه حاجة كثر

سُعالُه عندها؛ قال طرفة‏:‏

أَرَى قَبْرَ نَحّامٍ بَخيلٍ بماله، كقَبْرِ غَوِيٍّ في البَطالةِ مُفْسِد

وقد نَحَمَ نَحِيماً‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ النَّحْمة السَّعْلة، وتكون

الزحيرةَ‏.‏ والنَّحِيمُ‏:‏ صوتُ الفَهْدِ ونحوه من السباع، والفعل كالفعل والمصدر

كالمصدر، ونَحَمَ الفَهْدُ يَنحِم نَحِيماً ونحوه من السباع كذلك، وكذلك

النَّئِيمُ، وهو صوت شديد‏.‏ ونَحَم السَّوَّاقُ

والعاملُ يَنْحَم ويَنْحِمُ نَحِيماً إِذا استراح إِلى

شِبْه أَنينٍ يُخرِجه من صدره‏.‏ والنَّحِيمُ‏:‏ صوت من صَدْر الفرس‏.‏

والنُّحامُ‏:‏ طائر أَحمر على خلقة الإِوَزِّ، واحدته نُحامة، وقيل‏:‏ يقال له بالفارسية سُرْخ آوى؛ قال ابن بري‏:‏ ذكره ابن خالويه النُّحام الطائر، بضم النون‏.‏

والنَّحَّامُ‏:‏ فرس لبعض فُرْسان العرب؛ قال ابن سيده‏:‏ أُراه السُلَيْكَ

بن السُّلَكة السَّعْديّ عن الأَصمعي في كتاب الفرس؛ قال‏:‏

كأَنَّ قَوائِمَ النَّحَّامِ، لَمَّا

تَرَحَّل صُحْبَتي أُصُلاً، مَحارُ

والنَّحَّامُ‏:‏ اسمُ فارس من فرسانهم‏.‏

نخم‏:‏ النُّخامةُ، بالضم‏:‏ النُّخاعةُ‏.‏ نَخِمَ الرجلُ نَخَماً ونَخْماً

وتَنَخَّمَ‏:‏ دفع بشيء من صَدْرِه أَو أَنفِه، واسم ذلك الشيء النُّخامةُ، وهي النُّخاعةُ‏.‏ وتَنَخَّمَ أَي نَخَع‏.‏ ونَخْمةُ الرجل‏:‏ حِسُّه، والحاء

المهملة فيه لغة‏.‏ والنَّخَمُ‏:‏ الإِعْياء، وقال غيره النَّخْمةُ ضربٌ من خُشامِ الأَنفِ وهو ضِيقٌ في نفسه‏.‏ يقال‏:‏ هو يَنْخَم نَخْماً‏.‏ قال أبو منصور‏:‏ وقال غيره النُّخامةُ ما يُلْقِيه الرجلُ من خَراشيِّ صدره، والنُّخاعةُ ما ينزِل من النُّخاعِ إِذْ مادّتُه من الدماغ‏.‏ الليث‏:‏ النُّخامةُ ما يخرج من الخَيْشوم

عند التَّنَخُّمِ‏.‏ الليث‏:‏ النَّخْمُ اللَّعِبُ والغِناءُ‏.‏ قال أبو منصور‏:‏ هذا صحيح‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ النَّخْمُ أَجودُ الغِناء؛ ومنه حديث

الشعبي‏:‏ أَنه اجتمع شَرْبٌ من أَهل الأَنْبارِ وبين أَيديهم ناجودٌ فغنَّى

ناخِمُهم أَي مُغنِّيهم‏:‏

أَلا فاسْقِياني قبل جَيْش أَبي بَكْرِ

أَي غَنَّى مُغَنِّيهم بهذا‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ النَّخْمةُ النخاعة‏.‏

والنَّخْمةُ‏:‏ اللَّطْمةُ‏.‏

ندم‏:‏ نَدِمَ على الشيء ونَدِمَ على ما فعل نَدَماً ونَدامةً وتَنَدَّمَ‏:‏

أَسِفَ‏.‏ ورجل نادِمٌ سادِمٌ ونَدْمانُ سَدْمانُ أَي نادِمٌ مُهْتمٌّ‏.‏

وفي الحديث‏:‏ النَّدَمُ تَوْبةٌ، وقوم نُدَّامٌ سُدَّامٌ ونِدامٌ سِدامٌ

ونَدامى سَدامى‏.‏ والنَّدِيمُ‏:‏ الشَّرِيبُ الذي يُنادِمه، وهو نَدْمانُه

أَيضاً‏.‏ ونادَمَني فلانٌ على الشراب‏.‏ فهو نَدِيمي ونَدْماني؛ قال النُّعْمان

بن نَضْلةَ العدويّ، ويقال للنعمان بن عَدِيٍّ وكان عُمرُ اسْتَعْمَلَهم

على مَيْسانَ‏:‏

فإِن كنتَ نَدْماني فبالأَكْبَرِ اسْقِني، ولا تَسْقِني بالأَصْغَر المُتَثَلم لعلّ أَميرَ المؤمنينَ يَسُوءُه

تنادُمُنا في الجَوْسَقِ المُتَهَدِّمِ

قال‏:‏ ومثله للبُرْجِ بن مُسْهِرٍ‏:‏

ونَدْمانٍ يَزِيدُ الكأْسَ طِيباً، سقيْتُ إِذا تَغَوَّرتِ النُّجومُ

قال‏:‏ وشاهدُ نَديمٍ قولُ البُرَيْق الهذلي‏:‏

زُرنا أَبا زيدٍ، ولا حيَّ مِثْله، وكان أَبو زيدٍ أَخي ونَدِيمي

وجمعُ النَّدِيم نِدامٌ، وجمع النِّدامِ نَدامَى‏.‏ وفي الحديث‏:‏ مَرْحَباً

بالقوم غيرَ خَزايا ولا نَدامى أَي نادِمِينَ، فأَخرجه على مذهبهم في الإِتباع بِخَزايا، لأَن النَّدامى جمع نَدْمانٍ، وهو النَّدِيمُ الذي

يُرافِقُك ويُشارِبُك‏.‏ ويقال في النَّدَم‏:‏ نَدْمان أَيضاً، فلا يكون

إِتْباعاً لِخَزايا، بل جمعاً برأْسه، والمرأَة نَدْمانةٌ، والنسوة نَدامَى‏.‏

ويقال‏:‏ المُنادَمةُ مقلوبةٌ من المُدامَنةِ، لأَنه يُدْمِنُ شُرْبَ الشراب مع

نَدِيمه، لأَن القلب في كلامهم كثير كالقِسيِّ من القُوُوسِ، وجَذَب

وجَبَذَ، وما أَطْيَبَه وأَيْطَبَه، وخَنِزَ اللحمُ وخَزِنَ، وواحِدٌ وحادٍ‏.‏

ونادَمَ الرجل مُنادَمةً ونِداماً‏:‏ جالَسه على الشراب‏.‏ والنَّدِيمُ‏:‏

المُنادِمُ، والجمع نُدَماءُ، وكذلك النَّدْمانُ، والجمع نَدامى ونِدامٌ، ولا يجمع بالواو والنون، وإِن أَدخلت الهاء في مؤنثه؛ قال أَبو الحسن‏:‏

إِنما ذلك لأَن الغالب على فَعْلانَ أَن يكون أُنثاه بالأَلف نحو رَيَّان

ورَيَّا وسَكْرانَ وسَكْرَى، وأَما بابُ نَدْمانةٍ وسَيْفانةٍ فيمن أَخَذه

من السيف ومَوْتانةٍ فعزيزٌ بالإِضافة إلى فَعْلان الذي أُنثاه فَعْلى، والأُنثى نَدْمانةٌ، وقد يكون النَّدْمان واحداً وجمعاً؛ وقول أَبي محمد

الخذْلميِّ‏:‏

فذاكَ بعدَ ذاكِ من نِدامِها

فسره ثعلب فقال‏:‏ نِدامُها سَقْيُها‏.‏

والنََيْدَمانُ‏:‏ نبت‏.‏

والنَّدَبُ والنَّدَمُ‏:‏ الأَثرُ‏.‏ وفي حديث عمر، رضي الله عنه‏:‏ إِياكم

ورَضاع السَّوْء فإِنه لا بُدَّ من أَنْ يَنْتَدِمَ يوماً مّا أَي يظهر

أَثرُه‏.‏ والنَّدَم‏:‏ الأَثَر، وهو مثل النَّدَب، والباء والميم يتبادلان، وذكره الزمخشري بسكون الدال من النَّدْمِ، وهو الغَمّ اللازم إِذ يَنْدَم

صاحبُه لما يَعْثر عليه من سوء آثاره‏.‏ ويقال‏:‏ خُذْ ما انتَدَم وانتَدَب

وأَوْهَف أَي خُذْ ما تَيسَّر‏.‏

والتَّنَدُّم‏:‏ أَن يَتَّبع الإِنسان أَمراً نَدَماً‏.‏ يقال‏:‏ التقَدُّم

قبل التنَدُّم؛ وهذا يروى عن أَكثم بن صَيفي أَنه قال‏:‏ إِن أَردتَ

المُحاجَزة فقبْل المُناجزة؛ قال أَبو عبيد‏:‏ معناه انجُ بنفسك قبل لِقاء من لا

قِوامَ لك به، قال‏:‏ وقال الذي قتلَ محمدَ بن طلحة بن عبيد الله يوم

الجمَل‏:‏ يُذَكِّرُني حاميمَ، والرُّمْحُ شاجرٌ، فهلاَّ تَلا حاميمَ قبلَ التقدُّم

وأَندَمه اللهُ فنَدِم‏.‏ ويقال‏:‏ اليَمين حِنْثٌ أَو مَنْدَمة؛ قال لبيد‏:‏

وإِلا فما بالمَوْتِ ضُرٌّ لأَهْلِه، ولم يُبْقِ هذا الأَمرُ في العَيْش مَنْدَما

نسم‏:‏ النَّسَمُ والنَّسَمةُ‏:‏ نفَسُ الروح‏.‏ وما بها نَسَمة أَي نفَس‏.‏

يقال‏:‏ ما بها ذو نسَمٍ أَي ذو رُوح، والجمع نَسَمٌ‏.‏ والنَّسيمُ‏:‏ ابتداءُ

كلِّ ريحٍ قبل أَن تَقْوى؛ عن أَبي حنيفة‏.‏ وتنَسَّم‏:‏ تنفَّس، يمانية‏.‏

والنَّسَمُ والنسيمُ‏:‏ نفَس الرِّيح إِذا كان ضعيفاً، وقيل‏:‏ النَّسيم من الرياح

التي يجيء منها نفس ضعيف، والجمع منها أَنسامٌ؛ قال يصف الإِبل‏:‏

وجَعَلَتْ تَنْضَحُ من أَنْسامِها، نَضْحَ العُلوجِ الحُمْرِ في حَمَّامِها

أَنسامُها‏:‏ روائح عَرَقِها؛ يقول‏:‏ لها ريح طيبة‏.‏ والنَّسِيمُ‏:‏ الريح

الطيبة‏.‏ يقال‏:‏ نسَمت الريحُ نسيماً ونَسَماناً‏.‏ والنَّيْسَمُ‏:‏ كالنسيم، نَسَم يَنْسِمُ نَسْماً ونَسِيماً ونَسَماناً‏.‏ وتَنسَّم النسيمَ‏:‏ تَشمَّمه‏.‏

وتَنَسَّم منه علْماً‏:‏ على المثل، والشين لغة عن يعقوب، وسيأْتي ذكرها، وليست إِحداهما بدلاً من أُختها لأَن لكل واحد منهما وجهاً، فأَما

تَنَسَّمت فكأَنه من النَّسيم كقولك اسْتَرْوَحتُ خَبراً، فمعناه أَنه تَلطَّف في التِماس العلم منه شيئاً فشيئاً كهُبوب النسيم، وأَما تنَشَّمت فمن قولهم نَشَّم في الأَمر أَي بَدأَ ولم يُوغِل فيه أَي ابتدأْت بطَرَفٍ من العلم من عنده ولم أَتمكَّن فيه‏.‏ التهذيب‏:‏ ونَسيم الريح هُبوبها‏.‏ قال ابن شميل‏:‏ النسيم من الرياح الرُّويدُ، قال‏:‏ وتنَسَّمتْ ريحُها بشيء من نَسيمٍ

أَي هبَّت هبوباً رُويداً ذات نَسيمٍ، وهو الرُّوَيد‏.‏ وقال أَبو عبيد‏:‏

النَّسيم من الرياح التي تجيء بنفَسٍ ضعيف‏.‏ والنَّسَمُ‏:‏ جمع نَسَمة، وهو النَّفَس والرَّبْوُ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ تَنكَّبوا الغُبارَ فإِن منه تكون

النَّسَمةُ؛ قيل‏:‏ النَّسَمة ههنا الرَّبْوُ، ولا يزال صاحب هذه العلة يتنَفَّس

نفساً ضعيفاً؛ قال ابن الأَثير‏:‏ النَّسَمةُ في الحديث، بالتحريك، النفَس، واحد الأَنفاس، أَراد تَواترَ النفَس والرَّبوَ والنَّهيجَ، فسميت العلة

نَسَمة لاستراحة صاحبِها إِلى تنفسِه، فإِن صاحب الرَّبوِ لا يزال

يتنفَّس كثيراً‏.‏ ويقال‏:‏ تنَسَّمت الريحُ وتنسَّمْتها أَنا؛ قال الشاعر‏:‏

فإِن الصَّبا رِيحٌ إِذا ما تنَسَّمَتْ

على كِبْدِ مَخْزونٍ، تجَلَّتْ هُمومُها

وإِذا تنَسَّم العليلُ والمحزون هبوبَ الريح الطيِّبة وجَد لها خَفّاً

وفرَحاً‏.‏ ونَسيمُ الريح‏:‏ أَوَّلها حين تُقْبل بلينٍ قبل أَن تشتدّ‏.‏ وفي حديث مرفوع أَنه قال‏:‏ بُعِثْت في نَسَمِ الساعة، وفي تفسيره قولان‏:‏ أَحدهما

بُعِثْت في ضَعْفِ هُبوبها وأَول أَشراطها وهو قول ابن الأَعرابي، قال‏:‏

والنَّسَم أَولُ هبوب الريح، وقيل‏:‏ هو جمع نَسَمةٍ أَي بُعِثت في ذوي

أَرواح خلقهم الله تعالى في وقت اقتراب الساعة كأَنه قال في آخر النَّشْءِ

من بني آدم‏.‏ وقال الجوهري‏:‏ أَي حين ابتدأَت وأَقبَلت أَوائِلُها‏.‏ وتنَسَّم

المكانُ بالطِّيب‏:‏ أَرِجَ؛ قال سَهْم بن إِياس الهذلي‏:‏

إِذا ما مَشَتْ يَوْماً بوادٍ تنَسَّمَتْ

مَجالِسُها بالمَنْدَليِّ المُكَلَّلِ

وما بها ذو نَسيم أَي ذو رُوح‏.‏ والنَّسَم والمَنْسَمُ من النَّسيم‏.‏

والمَنْسِم، بكسر السين‏:‏ طرف خفّ البعير والنعامة والفيل والحافر، وقيل‏:‏

مَنْسِما البعير ظُفْراه اللذان في يديه، وقيل‏:‏ هو للناقة كالظفر

للإنسان؛ قال الكسائي‏:‏ هو مشتق من الفعل، يقال‏:‏ نَسَمَ به يَنْسِمُ نَسْماً‏.‏

قال الأَصمعي‏:‏ وقالوا مَنسِمُ النعامة كما قالوا للبعير‏.‏ وفي حديث علي، كرم الله وجهه‏:‏ وَطِئَتْهم بالمَناسِم، جمع مَنسِم، أَي بأَخفافِها؛ قال ابن الأَثير‏:‏ وقد تطلق على مَفاصل الإِنسان اتساعاً؛ ومنه الحديث‏:‏ على كل

مَنسِمٍ من الإِنسان صَدقةٌ أَي كل مَفْصِل‏.‏ ونَسَم به يَنسِمُ نَسْماً‏:‏

ضرب؛ واستعاره بعض الشعراء للظَّبْي فقال‏:‏

تَذُبُّ بسَحْماوَيْنِ لم يَتَفَلَّلا، وَحى الذِّئبِ عن طَفْلٍ مَناسِمُه مُخْلي

ونَسِمَ نَسَماً‏:‏ نَقِبَ مَنسِمُه‏.‏

والنَّسَمةُ‏:‏ الإِنسان، والجمع نَسَمٌ ونَسَماتٌ؛ قال الأَعشى‏:‏

بأَعْظَمَ منه تُقىً في الحِساب، إِذا النَّسَماتُ نَقَضْنَ الغُبارا

وتَنسَّم أَي تنفَّس‏.‏ وفي الحديث‏:‏ لمَّا تنَسَّموا رَوْحَ الحياة أَي

وَجدوا نَسيمَها‏.‏ والتَّنَسُّم‏:‏ طلبُ النسيم واسْتِنشاقه‏.‏ والنَّسَمةُ في العِتْق‏:‏ المملوك، ذكراً كان أَو أُنثى‏.‏ ابن خالويه‏:‏ تَنسَّمْت منه

وتَنشَّمْت بمعنى‏.‏ وكان في بني أَسد رجلٌ ضمِن لهم رِزْقَ كلِّ بِنْتٍ تولَد

فيهم، وكان يقال له المُنَسِّم أَي يُحْيي النَّسَمات؛ ومنه قول الكميت‏:‏

ومنَّا ابنُ كُوزٍ، والمُنَسِّمُ قَبْله، وفارِسُ يوم الفَيْلَقِ العَضْبُ ذو العَضْبِ

والمُنَسِّمُ‏:‏ مُحْيي النَّسَمات‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ مَنْ أَعتق نَسَمَةً مُؤمِنةً وقى الله عز وجل بكل عُضْوٍ منه عُضْواً من النار؛ قال خالد‏:‏ النَّسَمةُ

النَّفْسُ والروحُ‏.‏ وكلُّ دابة في جوفها رُوح فهي نَسَمةٌ‏.‏ والنَّسَمُ‏:‏ الرُّوح، وكذلك النَّسيمُ؛ قال الأَغلب‏:‏

ضَرْبَ القُدارِ نَقيعةَ القِدِّيمِ، يَفْرُقُ بينَ النَّفْسِ والنَّسيمِ

قال أَبو منصور‏:‏ أَراد بالنفْس ههنا جسمَ الإِنسان أَو دَمَه لا

الرُّوحَ، وأَراد بالنَّسيم الروحَ، قال‏:‏ ومعنى قوله، عليه السلام‏:‏ من أَعْتَقَ نَسَمةً أَي من أَعتق ذا نَسَمةٍ، وقال ابن الأَثير‏:‏ أَي مَنْ أَعْتَقَ

ذا رُوح؛ وكلُّ دابَّةٍ فيها رُوحٌ فهي نَسَمةٌ، وإِنما يريد الناس‏.‏ وفي حديث علي‏:‏ والذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرأَ النَّسَمةَ أَي خَلَقَ ذاتَ

الروح، وكثيراً ما كان يقولها إِذا اجتهد في يمينه‏.‏ وقال ابن شميل‏:‏

النَّسَمَةُ غرة عبد أَو أَمة‏.‏ وفي الحديث عن البراء بن عازب قال‏:‏ جاء أَعرابي

إِلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ عَلِّمْني عملاً يُدْخِلُني الجنة، قال‏:‏ لئن كنت أَقْصَرْت الخُطْبةَ لقد أَعْرَضْت المَسْأَلة، أَعْتِق

النَّسَمةَ وفُكَّ الرقبةَ، قال‏:‏ أَوَليسا واحداً‏؟‏ قال‏:‏ لا، عِتْقُ

النَّسَمةِ أَن تَفَرَّدَ بعتقها، وفك الرقبة أَن تُعينَ في ثمنها، والمِنْحة

الوَكوف، وأَبقِ على ذي الرحم

الظالم، فإِن لم تُطِقْ ذلك فأَطْعِم الجائعَ، واسْقِ الظمْآنَ، وأْمُرْ بالمعروف وانْهَ عن المنكر، فإِن لم تُطِقْ فكُفَّ

لِسانَك إِلا مِنْ خَيرٍ‏.‏ ويقال‏:‏ نَسَّمْتُ نَسَمة إِذا أَحْيَيْتَها أَو

أَعْتَقْتها‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ النَّسَمة الخَلْقُ، يكون ذلك للصغير والكبير

والدوابِّ وغيرها ولكل من كان في جوفِه رُوحٌ حتى قالوا للطير؛ وأَنشد

شمر‏:‏ يا زُفَرُ القَيْسِيّ ذو الأَنْف الأَشَمّْ

هَيَّجْتَ من نخلةَ أَمثالَ النَّسَمْ

قال‏:‏ النَّسَمُ ههنا طيرٌ سِراعٌ خِفافٌ لا يَسْتَبينُها الإِنسان من خفَّتِها وسرعتِها، قال‏:‏ وهي فوق الخَطاطيف غُبْرٌ تعلوهنَّ خُضرة، قال‏:‏

والنَّسَمُ كالنفَس، ومنه يقال‏:‏ ناسَمْتُ فلاناً أَي وجَدْت ريحَه ووَجدَ

رِيحي؛ وأَنشد‏:‏

لا يَأْمَنَنَّ صُروف الدهرِ ذو نَسَمٍ

أَي ذو نفَسٍ، وناسَمه أَي شامَّه؛ قال ابن بري‏:‏ وجاء في شعر الحرث بن خالد بن العاص‏:‏

عُلَّتْ به الأَنْيابُ والنَّسَمُ

يريد به الأَنفَ الذي يُتَنَسَّمُ به‏.‏ ونَسَمَ الشيءُ ونَسِمَ نَسَماً‏:‏

تغيَّر، وخص بعضهم به الدُّهن‏.‏ والنَّسَمُ‏:‏ ريحُ اللبَن والدسَم‏.‏

والنَّسَمُ‏:‏ أَثر الطريق الدارِس‏.‏

والنَّيْسَمُ‏:‏ الطريق المُستقيم، لغة في النَّيْسَب‏.‏ وفي حديث عمرو بن العاص وإِسلامِه قال‏:‏ لقد اسْتقام المَنْسِمُ وإِن الرجل لَنَبيٌّ، فأَسْلَمَ‏.‏ يقال‏:‏ قد استَقامَ المَنْسِمُ أَي تَبَيَّنَ الطريقُ‏.‏ ويقال‏:‏ رأَيت

مَنْسِماً من الأَمر أَعْرِفُ به وَجْهَه أَي أَثراً منه وعلامة؛ قال أَوْس بن حَجَر‏:‏

لَعَمْرِي لقد بَيَّنْت يومَ سُوَيْقةٍ

لِمَنْ كان ذا رأْيٍ بِوِجْهةِ مَنْسِمِ

أَي بوجهِ بيانٍ، قال‏:‏ والأَصل فيه مَنْسِما خُفِّ البعير، وهما

كالظُّفرين في مُقدَّمه بهما يُسْتبان أَثرُ البعير الضالّ، ولكل خُفٍّ

مَنْسِمان، ولِخُفِّ الفِيل مَنْسِمٌ‏.‏ وقال أَبو مالك‏:‏ المَنْسِمُ الطريق؛ وأَنشد

للأَحْوَص‏:‏

وإِن أَظْلَمَتْ يوماً على الناسِ غَسْمةٌ، أَضَاءَ بكُم، يا آل مَرْوانَ، مَنْسِمُ

يعني الطريق، والغَسْمة‏:‏ الظُّلْمة‏.‏ ابن السكيت‏:‏ النَّيْسمُ ما وجدتَ من الآثار في الطريق، وليست بِجادّة بَيّنَةٍ؛ قال الراجز‏:‏

باتَتْ على نَيْسَمِ خَلٍّ جازع، وَعْثِ النِّهاض قاطِع المَطالِع

والمَنْسِمُ‏:‏ المَذْهب والوجهُ منه‏.‏ يقال‏:‏ أَين مَنْسِمُك أَي أَين

مذهبُك ومُتوجَّهُك‏.‏ ومن أَين مَنْسِمُك أَي من أَين وِجْهتُك‏.‏ وحكى ابن بري‏:‏

أَين مَنْسِمُك أَي بيتُك‏.‏ والناسِمُ‏:‏ المريضُ الذي قد أَشفى على الموت‏.‏

يقال‏:‏ فلان يَنْسِم كنَسْم الريح الضعيف؛ وقال المرّار‏:‏

يمْشِينَ رَهْواً وبعد الجَهْدِ من نَسَمٍ *** ومن حَياءِ غَضِيضِ الطَّرْفِ مَسْتورِ

ابن الأَعرابي‏:‏ النَّسِيم العرَقُ‏.‏ والنَّسْمة العرْقة في الحمّام وغيره، ويجمع النَّسَم بمعنى الخَلْق أَناسِم‏.‏ ويقال‏:‏ ما في الأَناسِم مثلُه، كأَنَّه جمع النَّسَم أَنْساماً، ثم أَناسمُ جمعُ الجمع‏.‏