فصل: (تابع: حرف الهاء)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لسان العرب ***


‏[‏تابع‏:‏ حرف الهاء‏]‏

كنه‏:‏ كُنْهُ كلِّ شيءٍ قَدْرُه ونِهايتُه وغايَتُه‏.‏ يقال‏:‏ اعْرِفْه

كُنْهَ المعرفةِ، وفي بعض المعاني‏:‏ كُنْهُ كلِّ شيءٍ وَقْتُه ووَجْهُه‏.‏ تقول‏:‏

بلَغْتُ كُنْهَ

هذا الأَمر أَي غايَته، وفعلت كذا في غير كُنْهِه؛ وأَنشد‏:‏

وإنَّ كلامَ المَرْءِ في غير كُنْهِه

لَكالنَبْلِ تَهْوِي ليس فيها نِصالُها

الجوهري‏:‏ لا يُشْتقُّ منه فِعْلٌ، وقولهم‏:‏ لا يَكْتَنِهُه الوصفُ بمعنى

لا يَبْلغ كُنْهَه، كلامٌ

مولَّد‏.‏ الأَزهري‏:‏ اكْتَنَهْتُ الأَمرَ اكْتِناهاً إذا بلَغْتَ كُنْهَه‏.‏

ابن الأَعرابي‏:‏ الكُنْه جوهر الشيء، والكُنْهُ الوقتُ، تقول‏:‏ تَكَلم في كُنْهِ الأَمر أَي في وقْتِه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ مَنْ قَتَلَ مُعاهَداً في غير كُنْهِه، يعني مَنْ قَتَلَه في غير وقته أَو غايةِ أَمره الذي يجوز

فيه قتله؛ ومنه الحديث‏:‏ لا تَسْأَلِ المرأَةُ طَلاقَها في غير كُنْهِه أَي

في غير أَن تَبْلُغَ من الأَذَى إلى الغاية التي تُعْذَرُ في سُؤال

الطلاق معها‏.‏ والكُنْهُ‏:‏ نهايةُ الشيء وحقيقته‏.‏

كهكه‏:‏ الكَهَّةُ‏:‏ الناقةُ الضخمةُ المُسِنَّة‏.‏ الأَزهري‏:‏ ناقة كَهَّةٌ

وكَهَاةٌ، لغتان، وهي الضخمة المُسنَّة الثقيلة‏.‏ والكَهَّةُ‏:‏ العجوزُ

أَو النابُ، مهزولةً كانت أَو سمينةً‏.‏ وقد كَهَّت الناقةُ تَكِهُّ كُهوهاً

إذا هَرِمَت‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ جارية كَهْكاهةٌ وهَكْهاكةٌ

إذا كانت سمينةً‏.‏ وكَهَّ الرجلُ‏:‏ اسْتُنْكِهَ؛ عن اللحياني‏.‏ الجوهري‏:‏

وكَهَّ السَّكْرانُ إذا اسْتَنْكَهْتَه فكَهَّ في وَجْهِك‏.‏ أَبو عمرو‏:‏ يقال كَهَّ في وجْهِي أَي تنفَّسَ، والأَمْرُ منه كَهَّ وكِهَّ، وقد كَهِهْتُ

أََكَهُّ وكَهَهْتُ أكِهُّ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَن ملَكَ الموتِ قال لموسى، عليهما السلام، وهو يريدُ قبْضَ رُوحِه‏:‏ كُهَّ في وجهي، ففَعل، فقبَضَ

رُوحَه، أَي افْتَحْ فاكَ وتنفَّسْ‏.‏ يقال‏:‏ كَهَّ يَكُهُّ وكُهَّ يا فلان أَي

أَخْرِجْ نفَسَك، ويروى كَهْ، بهاء واحدة مُسكَّنة بوزن خَفْ، وهو من كاهَ يَكاهُ بهذا المعنى‏.‏ والكَهْكَهةُ‏:‏ ترديدُ البعيرِ هَدِيرَه، وكَهْكَهَ

الأَسدُ في زئيرِه كذلك، وفي التهذيب‏:‏ كأَنه حكايةُ صوْتِه، والأَسدُ

يُكَهْكِه في زئيره؛ وأَنشد‏:‏

سامٍ على الزَّأْآرةِ المُكَهْكِه

والكَهْكَهةُ‏:‏ حكاية صوتِ الزَّمْرِ؛ قال‏:‏

يا حَبَّذا كَهْكَهةُ الغَواني، وحَبَّذا تَهانُفُ الرَّواني

إلىَّ يومَ رِحْلةِ الأَظْعانِ

والكَهْكَهةُ في الضحك أَيضاً، وهو في الزَّمْرِ أَعْرَفُ منه في الضحك‏.‏

وكَهْ كَهْ‏:‏ حكايةُ الضحِك‏.‏ وفي التهذيب‏:‏ وكَهْ حكايةُ الكُهَكِه‏.‏

ورجلٌ كُهاكِهٌ‏:‏ الذي تراه إذا نظرتَ إليه كأَنه ضاحكٌ

وليس بضاحك‏.‏ وفي الحديث‏:‏ كان الحجاجُ قصيراً أَصفرَ كُهاكِهةً، التفسير

لشمر حكاه الهروي في الغريبين‏.‏ وقال ابن الأَثير‏:‏ هو من الكَهْكهةِ

القهقهةِ، وهذا الحديث في النهاية‏:‏ أَصعرَ كُهاكِهاً، وفسره كذلك‏.‏ وكَهْكَهَ

المَقْرُورُ‏:‏ تنفَّسَ في يدِه ليُسخِّنَها بنفَسه من شدة البرْد فقال كَهْ

كَهْ؛ قال الكميت‏:‏

وكهْكَهَ الصَّرِدُ المَقْرُورُ في يدِه، واستَدْفأَ الكلْبُ في المأْسورِ ذي الذِّئَبِ

وهو أَن يتنفَّس في يده إذا خَصِرَت‏.‏ وشيخ كَهْكَمٌ‏:‏ وهو الذي

يُكَهْكِهُ في يده؛ قال‏:‏

يا رُبَّ شَيْخٍ، من لُكَيْزٍ كَهْكَمِ، قَلَّصَ عن ذاتِ شَبابٍ حَذْلم والكَهْكاهةُ من الرجال‏:‏ المُتَهيِّبُ؛ قال أَبو العيال الهذلي يَرْثي

ابنَ عمه عبد بن زُهْرة‏:‏

ولا كهْكاهةٌ بَرِمٌ، إذا ما اشتَدَّتِ الحِقَبُ

والحِقَبُ‏:‏ السِّنونَ، واحدَتُها حِقْبةٌ‏.‏ وفي الصحاح‏:‏ ولا كهكاءة‏.‏ الأَزهري‏:‏ عن شمر‏:‏ وكَهْكامةٌ، بالميم، مثلُ كَهْكاهةٍ للمُتَهيِّب، قال‏:‏ وكذلك كَهْكَم، وأَصلُه كَهامٌ فزيدت

الكاف‏.‏ والكَهْكاهُ‏:‏ الضعيفُ‏.‏ وتَكَهْكَه عنه‏:‏ ضَعُف‏.‏

كوه‏:‏ كوِهَ كَوَهاً‏:‏ تحيَّر‏.‏ وتَكَوَّهَتْ عليه أُمورُه‏:‏ تفرَّقَت

واتَّسَعَت، وربما قالوا كُهْتُه وكِهْتُه في معنى اسْتَنْكَهْتُه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ فقال مَلَكُ الموت لموسى، عليه الصلاة والسلام، كُهْ في وجهي، ورواه

اللحياني‏:‏ كَهْ في وجهي، بالفتح‏.‏

كيه‏:‏ الكَيِّهُ‏:‏ البَرِمُ بِحِيلته لا يتوجه لها، وقيل‏:‏ هو الذي لا

مُتَصَرَّفَ له ولا حِيلَة‏.‏ وكِهْتُ الرجلَ أكِيهُه‏:‏ اسْتَنْكَهْتُه‏.‏

لثه‏:‏ الليث‏:‏ اللَّثاهُ اللُّهاةُ‏.‏ ويقال‏:‏ هي اللِّثهُ واللَّثهُ من اللَّثاه لحمٌ على أُصول الأَسنان‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ والذي عَرَفْته اللِّثاتُ

جمع اللِّثَةِ، واللِّثَةُ عند النحويين أَصلها لِثَيَةٌ

من لَثِيَ الشيءُ يَلْثَى إذا نَدِيَ وابْتَلَّ، قال‏:‏ وليس من باب

الهاء، وسنذكره في موضعه‏.‏ وفي حديث ابن عمر‏:‏ لعَنَ الواشِمةَ؛ قال نافع‏:‏

الوَشمُ في اللِّثةِ، اللِّثَةُ، بالكسر والتخفيف، عُمورُ الأَسْنانِ وهي مَغارِزُها‏.‏

لطه‏:‏ ابن الأَعرابي‏:‏ اللَّطْحُ واللَّطْهُ واحدٌ، وهو الضرب بباطن الكف‏.‏

وفي النوادر‏:‏ هَلْطةٌ من خَبَرٍ وهَيْطةٌ ولَهْطةٌ ولَعْطةٌ وخبْطةٌ

وخَوْطةٌ كلُّه الخبر تَسمعه ولم تَسْتَحِقَّ ولم تُكذِّبْ‏.‏

لهله‏:‏ اللَّهْلَهةُ‏:‏ الرجوعُ عن الشيء‏.‏ وتَلَهْلَه السرابُ‏:‏ اضطرَبَ‏.‏

وبلدٌ لهُلَهٌ ولُهْلُهٌ‏:‏ واسعٌ مُسْتوٍ يضطرب فيه السرابُ‏.‏ واللُّهْلُهُ

أَيضاً‏:‏ اتساعُ الصحراء؛ أَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

وخَرْق مَهارِقَ دي لُهْلُهٍ

أَجَدَّ الأُوامَ به مَظْمَؤُهْ

أَجَدَّ‏:‏ جدَّدَ‏.‏ واللُّهْلُه، بالضم‏:‏ الأَرضُ الواسعة يضطرب فيها

السراب، والجمع لَهالِهُ؛ وأَنشد شمر لرؤبة‏:‏

بَعْدَ اهْتضامِ الرَّاغِياتِ النُّكَّهِ، ومخْفِقٍ من لُهْلُهٍ ولهْلُهِ، من مَهْمَهٍ يَجْتَبْنَه ومَهْمَهِِ

قال ابن بري‏:‏ الراغيات النُّكَّهُ أَي التي ذهبت أَصواتها من الضعف؛ قال‏:‏ وشاهدُ الجمع قول الشاعر‏:‏

وكم دُونَ لَيْلى مِنْ لَهالِهَ بَيْضُها

صحيحٌ بمَدْحَى أُمِّه وفَلِيقُ

وقال ابن الأَعرابي‏:‏ اللُّهْلُهُ الوادي الواسع‏.‏ وقال غيره‏:‏ اللَّهالِهُ

ما استوى من الأَرض‏.‏ الأَصمعي‏:‏ اللُّهْلُهُ ما استوى من الأَرض‏.‏

واللَّهْلَهُ، بالفتح‏:‏ الثوبُ الرديءُ النسج، وكذلك الكلامُ والشِّعْرُ‏.‏ يقال‏:‏

لَهْلَه النسَّاجُ الثوبَ أَي هَلْهَلَه، وهو مقلوب منه‏.‏ وثوبٌ لَهْلَهٌ، بالفتح لا غيرُ‏:‏ رقيقُ النسج‏.‏ واللَّهْلَهةُ‏:‏ سخافةُ النسج‏.‏

واللُّهْلُهُ‏:‏ القبيحُ الوجه‏.‏

لوه‏:‏ لاهَ السرابُ لَوْهاً ولَوَهاناً وتَلَوَّه‏.‏ اضطرب وبَرَق، والإسم

اللُّؤُوهةُ‏.‏ ويقال‏:‏ رأَيتُ لَوْهَ السراب أَي بَرِيقَه‏.‏ وحكي عن بعضهم‏:‏

لاهَ اللهُ الخلقَ يَلُوهُهم خلَقَهم، وذلك غير معروف‏.‏ واللاهةُ‏:‏

الحيَّةُ؛ عن كراع‏.‏ واللاتُ‏:‏ صنمٌ لِثَقِيف، وكان بالطائف، وبعض العرب يقف عليه

بالتاء، وبعضهم بالهاء، وأَصله لاهةٌ، وهي الحيَّة كأَنَّ الصنَمَ سُمِّي

بها، ثم حذفت منه الهاء، كما قالوا شاة وأَصلها شاهة؛ قال ابن سيده‏:‏

وإِنما قضينا بأَن أَلفَ اللاهةِ التي هي الحيَّةُ واوٌ

لأَن العينَ واواً أَكثرُ منها ياءً، ومن العرب من يقول‏:‏ أفَرَأَيْتُمُ

اللاَّتِ والعُزَّى، بالتاء، ويقول‏:‏ هي اللاَّتْ فيجعلها تاء في السُّكوت، وهي اللاتِ، فأَعلَم أَنه جُرَّ في موضع الرفع، فهذا مثلُ أَمْسِ مكسور

على كل حال، وهو أَجْودُ منه لأَن أَلفَ اللاتِ ولامَه لا تَسْقُطان وإن كانتا زائدتين، قال‏:‏ وأَما ما سمعنا من الأَكثر في الللاتِ والعُزَّى في السكوت عليها فاللاَّهْ، لأَنها هاءٌ فصارت تاء في الوصل، وهي في تلك

اللغة مثلُ كان من الأَمر كَيْتِ وكَيْتِ، وكذلك هَيْهاتِ في لغة من كسَر، إلا أَنه في هَيْهات أَن يكون جماعة ولايجوز ذلك في اللاَّت، لأن التاء لا تُزاد في الجماعة إلا مع الأَلف، وإن جعلتَ الأَلف والتاء زائدتين

بقي الاسم على حرف واحد؛ قال ابن بري‏:‏ حقُّ اللاتِ أَن تُذْكَرَ في فصل

لوي لأَن أَصله لَوَيَة مثل ذات من قولك ذاتُ مالٍ، والتاءُ للتأْنيث، وهو مِنْ لَوَى عليه يَلْوِي إذا عَطَف لأَن الأَصنام يُلْوَى عليها

ويُعْكَف‏.‏ الجوهري‏:‏ لاهَ يَلِيهُ لَيْهاً تَسَتَّر، وجوَّز سيبويه أَن يكون لاهٌ

أَصلَ الله تعالى؛ قال الأَعشى‏:‏

كَدَعْوةٍ من أَبي رَباحٍ

يَسْمَعُها لاهُه الكُبارُ

أَي إلاهُه، أُدخلت عليه الأَلف واللام فجرى مَجْرَى الاسم العلم كالعبَّاسِ والحسَن، إلا أَنه خالف الأَعلام من حيثُ كان صفةً، وقولهم‏:‏ يا الله، بقطع الهمزة، إنما جازَ لأَنه يُنْوَى فيه الوقف على حرف النداء

تفخيماً للاسم‏.‏ وقولهم‏:‏ لاهُمَّ واللَّهُمَّ، فالميم بدل من حرف النداء؛ وربما

جُمع بين البَدَل والمُبْدَل منه في ضرورة الشعر كقول الشاعر‏:‏

غَفَرْتَ أَو عذَّبْتَ يا اللَّهُمَّا

لأَن للشاعر أَن يرد الشيء إلى أَصله؛ وقول ذي الإصْبَع‏:‏

لاهِ ابنُ عَمِّكَ، لا أَفْضَلْتَ في حَسَبٍ

عَنّي، ولا أَنْتَ دَيَّانِي فتَخْزُوني

أَراد‏:‏ للهِ ابنُ عمك، فحذف لامَ الجر واللامَ التي بعدها، وأَما

الأَلفُ فهي منقلبة عن الياء بدليل قولهم لَهْيَ أَبوكَ، أَلا ترى كيف ظهرت

الياء لمّا قُلِبت إلى موضع اللام‏؟‏ وأَما لاهُوت فإن صح أَنه من كلام العرب

فيكون اشتقاقه من لاهَ، ووزنه فَعَلُوت مثل رَغَبُوت ورَحَمُوت، وليس

بمقلوب كما كان الطاغوت مقلوباً‏.‏

مته‏:‏ مَتَهَ الدَّلْوَ يَمْتَهُها مَتْهاً‏:‏ مَتَحَها‏.‏ والمَتْهُ

والتَّمَتُّه‏:‏ الأَخْذُ في الغَوايةِ والباطلِ‏.‏ والتَّمَتُّه‏:‏ التحمُّقُ

والاخْتيال، وقيل‏:‏ هو أَن لا يَدْرِيَ أَينَ يَقْصِد ويذهب، وقيل‏:‏ هو التمَدُّحُ

والتفخُّرُ، وكلُّ مبالغةٍ في شيء تَمَتُّهٌ، وقيل‏:‏ التَّمَتُّهُ أَصله

التَّمدُّه، وهو التمدُّحُ‏.‏ وقد تَمتَّهَ إذا تمَدَّحَ بما ليس فيه؛ قال رؤبة‏:‏

تمَتَّهي ما شِئْتِ أَنْ تمَتَّهِي، فلَسْتِ مِنْ هَوْئِي ولا ما أَشْتَهي قال ابن بري‏:‏ التَّمَتُّه مثلُ التَّعَتُّهِ وهو المُبالغةُ في الشيء‏.‏

وتَماتَه عنه‏:‏ تَغافَل‏.‏ الأَزهري‏:‏ المَتَهُ التمتُّه في البِطالةِ

والغَوايةِ والمُجونِ؛ قال رؤْبة‏:‏

بالحقِّ والباطلِ والتمتُّهِ‏.‏

وقال المفضل‏:‏ التَّمَتُّهُ طلب الثناء بما ليس فيه‏.‏ قال ابن بري‏:‏

والتَّمتُّهُ التباعُدُ‏.‏ قال ابن الأَعرابي‏:‏ كان يقال التَّمتُّه يُزْري

بالأَلِبّاء، ولا يتَمتَّهُ ذوُو العُقولِ‏.‏

مده‏:‏ مَدَهَه يَمْدَهُه مَدْهاً‏:‏ مثل مَدَحه، والجمع المُدَّهُ؛ قال رؤْبة‏:‏

للهِ دَرُّ الغانِياتِ المُدَّهِ

سْبَّحْنَ واسْتَرْجَعْنَ من تأَلُّهي وقيل‏:‏ المَدْه في نعت الهيئةِ والجمالِ، والمَدْحُ في كل شيءٍ‏.‏ وقال الخليل بن أَحمد‏:‏ مَدَهْتُه في وجهه ومدَحْتُه إذا كان غائباً، وقيل‏:‏

المَدْهُ والمَدْحُ واحدٌ، وقيل‏:‏ الهاءُ في كل ذلك بدل من الحاء‏.‏ ولمادِهُ‏:‏

المادِحُ‏.‏ والتَّمَدُّهُ‏:‏ التمدُّح‏.‏ الأَزهري‏:‏ المَدْهُ يُضارِعُ المَدْحَ‏.‏

وفلان يتمدَّهُ بما ليس فيه ويتمَتَّهُ‏:‏ كأَنه يطلب بذلك مَدْحَه؛ أَنشد

ابن الأَعرابي‏:‏

تمَدَّهِي ما شئتِ أَن تمَدَّهِي، فلسْتِ مِنْ هَوْئي ولا ما أَشتَهي

مره‏:‏ المَرَهُ‏:‏ ضدُّ الكَحَلِ‏.‏ والمُرْهةُ‏:‏ البياضُ الذي لا يخالطه

غيرُه، وإنما قيل للعين التي ليس فيها كَحَلٌ مَرْهاءُ لهذا المعنى‏.‏ مَرِهَتْ

عينُه تَمْرَهُ مَرَهاً إذا فسدت لِتَرْكِ الكُحْلِ‏.‏ وهي عينٌ مَرْهاء‏:‏

خَلَتْ من الكُحْل‏.‏ وامرأَة مَرْهاء‏:‏ لا تتعهَّدُ عينَيْها بالكُحْل، والرجلُ أَمْرَهُ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه لَعَنَ المَرْهاءَ؛ هي التي لا

تكْتَحِل‏.‏ والمَرَهُ‏:‏ مرضٌ

في العين لترك الكُحْلِ، ومنه حديث علي، رضي الله عنه‏:‏ خُمْصُ البُطونِ

من الصِّيام مُرْهُ العيونِ من البكاءِ، هو جمع الأَمْرَهِ‏.‏ وسَرابٌ

أَمْرَهُ أَي أَبيض ليس فيه شيء من السواد؛ قال‏:‏

عليه رَقراقُ السَّرابِ الأَمْرَهِ

الأَزهري‏:‏ المَرَهُ والمُرْهةُ بياضٌ تَكْرَهُه عينُ الناظر، وعينٌ

مَرْهاء‏.‏ والمَرْهاءُ من النِّعاج‏:‏ التي ليس بها شِيَةٌ، وهي نعجة يَقَقةٌ‏.‏

والمَرْهاءُ‏:‏ القليلةُ الشجر، سهلةً كانت أَو حَزْنةً‏.‏

والمُرْهةُ‏:‏ حفيرةٌ يجتمع فيها ماءُ السماء‏.‏

وبنُو مُرْهةَ‏:‏ بُطَيْنٌ، وكذلك بنو مُرَيْهةَ‏.‏ ومَرْهانُ‏:‏ اسم‏.‏

مزه‏:‏ المَزْحُ والمَزْهُ واحدٌ‏.‏ مَزَهَ مَزْهاً‏:‏ كمَزَحَ؛ قال‏:‏

للهِ دَرُّ الغانياتِ المُزَّهِ

ورواه الأَصمعي بالدال‏.‏ الأَزهري‏:‏ يقال مازَحَه ومازَهَهُ‏.‏

مطه‏:‏ مَطَهَ في الأَرض يَمْطَهُ مُطُوهاً‏:‏ ذهَب‏.‏

مقه‏:‏ المَقَهُ‏:‏ كالمَهَقِ‏.‏ امرأَة مَقْهاء، وسَرابٌ

أَمْقَهُ كذلك؛ قال رؤْبة‏:‏

كأَنَّ رَقْراقَ السَّرابِ الأَمْقَهِ

يَسْتَنُّ في رَيْعانِه المُرَيَّهِ

وأَنشد الأَزهري لرؤْبة‏:‏

في الفَيْفِ مِنْ ذاكَ البَعيدِ الأَمْقَهِ

وهو الذي لا خضراء فيه، ورواه أَبو عمرو‏:‏ الأَقْمه، قال‏:‏ وهو البعيد، وهذا البيت أَورده الجوهري‏:‏ بالهَيْف من ذاك البعيد‏.‏ قال ابن بري‏:‏ صوابه بالفَيْفِ، يريد القَفْرَ‏.‏ والأَمْقَهُ مثلُ الأَمْرَهِ، وهو الأَبْيضُ، وأَراد به القفرَ الذي لا نبات فيه‏.‏ الجوهري‏:‏ المَقَهُ مثل المَرَهِ‏.‏

الأَزهري‏:‏ المَهَقُ والمَقَهُ بياضٌ في زُرْقة، وامرأَة مَقْهاء‏.‏ قال‏:‏ وبعضهم

يقول المَقَهُ أَشدُّهما بياضاً‏.‏ وفلاةٌ مَقْهاء وفَيْفٌ أَمْقَهُ إذا

ابْيَضَّ من السراب؛ قال ذو الرمة‏:‏

إذا خَفَقتْ بأَمْقَهَ صَحْصَحانٍ

رؤوسُ القوْمِ، واعْتَنَقُوا الرِّحالا

قال ابن بري‏:‏ قال نَفْطَويه الأَمْقَه هنا الأَرضُ الشديدة البياض التي

لا نبات بها، والأَمْقَهُ المكان الذي اشتدّت الشمسُ عليه حتى كُرِهَ

النظرُ إلى أَرْضِه؛ وقال ذلك في قول ذي الرمة‏:‏

إذا خَفَقَتْ بأَمْقَهَ صَحْصَحانٍ

قال‏:‏ والمَقْهاءُ الكريهةُ المَنْظَرِ لأَنْ يكونَ المكانُ أَمْقَهَ إلا

أَنها بالنهار، ولكن ذا الرمة قاله في سَيْر الليل، قال‏:‏ وقيل المَقَهُ

حُمْرة في غُبْرة‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ الأَمْقَهُ الأَبْيضُ القبيحُ البياضِ، وهو الأَمْهَقُ‏.‏ والمَقْهاء من النِّساء‏:‏ التي تُرَى جُفونُ عينيها

ومَآقِيها مْحْمرَّةً مع قلَّة شعرِ الحاجبين‏.‏ والمَرْهاءُ‏:‏ المَقْهاءُ؛ قال أَبو عمرو‏:‏ هي القبيحةُ البياضِ يُشْبِه بياضُها الجِصِّ، وفي الحديث‏:‏

المِقَةُ من الله والصِّيتُ من السماء؛ المِقة‏:‏ المحبَّة، وقد وَمِقَ، وسنذكره في موضعه‏.‏ وقال النضر‏:‏ المَقْهاءُ الأَرضُ التي قد اغْبَرَّتْ

مُتونُها وآباطُها وبِراقُها بيضٌ، والمَقَهُ غُبْرةٌ إلى البياض، وفي نَبْتِها

قِلَّةٌ بَيِّنة المَقَهِ‏.‏ والأَمْقَهُ من الرجالِ‏:‏ الأَحْمرُ أَشْفارِ

العينِ، وقد مَقِهَ مَقَهاً‏.‏ والأَمْقَهُ من الناس‏:‏ الذي يركبُ رأْسَه لا

يدري أَين يتوجه‏.‏

مله‏:‏ رجلٌ مَلِيهٌ ومُمْتَلَهٌ‏:‏ ذاهبُ العقل‏.‏

وسَلِيهٌ مَلِيهٌ‏:‏ لا طَعم له، كقولهم سَلِيخٌ

مَلِيخٌ، وقيل‏:‏ مَلِيه إتباع؛ حكاه ثعلب‏.‏

مهه‏:‏ مَهِهْتُ‏:‏ لِنْتُ‏.‏ ومَهَّ الإبِلَ‏:‏ رَفَقَ بها‏.‏ وسيرٌ

مَهَهٌ ومَهاهٌ‏:‏ رفيق‏.‏ وكلُّ شيءٍ مَهَهٌ ومَهاهٌ

ومَهاهَةٌ ما النِّساءَ وذِكْرَهُنَّ أَي كلُّ شيءٍ يسيرٌ حسَنٌ إلا

النِّساءَ أَي إلا ذِكْرَ النساء، فنصب على هذا، والهاءُ من مَهَهٍ ومَهاهٍ

أَصليةٌ

ثابتة كالهاء من مِياهٍ وشفاهٍ؛ وقال اللحياني‏:‏ معناه كل شيءٍ قَصْدٌ

إلاَّ النساءَ، قال‏:‏ وقيل كلّ شيءٍ باطلٌ إلا النساء وقال أَبو عبيد في الأَجناس‏:‏ ما النِّساءَ وذكْرَهُنَّ أَي دَع النِّساءَ وذِكرَهُنَّ‏.‏

والمَهاهُ‏:‏ الطراوةُ والحُسْنُ؛ قال‏:‏

كفَى حَزَناً أَن لا مَهاهَ لعَيْشِنا، ولا عملٌ يَرْضَى به اللهُ صالِحُ

وهذه الهاءُ إذا اتصلت بالكلام لم تَصِر تاء، وإنما تصيرُ تاء إذا أَردت

بالمَهاةِ البقرةَ‏.‏ وفي المثل‏:‏ كلُّ شيءٍ مَهَهٌ ما النِّساءَ

وذِكرَهُنَّ أَي أَن الرجل يحتمل كلَّ شيء حتى يأتي ذكْرُ حُرَمِه فيمْتَعِضُ

حينئذ فلا يحتمله، وقوله مَهَهٌ

أَي يسيرٌ ومَهاهٌ أَي حسَنٌ، ونصب النساء على الاستثناء أَي ما خَلا

النساءَ، وإِنما أَظهروا التضعيف في مَهَه فرقاً بين فَعَل وفَعْل؛ قال ابن بري‏:‏ الرواية بحذف خلا، وهو يريدها، قال‏:‏ وهو ظاهر كلام الجوهري‏.‏ وروي‏:‏

كلُّ شيءٍ مَهَهٌ

إلا حديث النساء؛ قال ابن الأَثير‏:‏ المَهَهُ والمَهاهُ الشيءُ الحقيرُ

اليسيرُ، وقيل‏:‏ المَهاهُ النَّضارةُ والحُسْنُ، فعلى الأَول أَراد كلُّ

شيءٍ يَهُون ويُطْرَح إلا ذكْرَ النساء، وعلى الثاني يكون الأَمر بعكسه أَي

أَن كلَّ ذِكرٍ وحديثٍ حسَنٌ

إلا ذِكرَ النساء‏.‏ وفي حديث طلاق ابن عُمر‏:‏ قلت فمَهْ أَرَأَيْت إن عَجَزَ واسْتَحْمَقَ أَي فماذا للاستفهام، فأَبدل الأَلف‏.‏ هاء للوقف والسكت، وفي حديث آخر‏:‏ ثُمَّ مَهْ‏.‏ وليس بعَيْشِنا مَهَةٌ ومَهاهٌ أَي حُسْنٌ؛ قال عِمْرانُ ابن حِطّانَ‏:‏

فليس لِعَيْشِنا هذا مَهاهٌ، وليست دارُنا هاتَا بدارِ

قال ابن بري‏:‏ الأَصمعي يرويه مَهاةٌ، وهو مقلوب من الماء، قال ووزنه

فَلَعَة تقديره مَهَوة، فلما تحركت الواو قلبت أَلفاً؛ ومثله قوله‏:‏

ثم أَمْهاهُ على حَجَرِه

قال‏:‏ وقال الأَسود بن يعفر‏:‏

فإذا وذلك لا مَهاهَ لذكْرِهِ، والدهرُ يُعْقِبُ صالحاً بفسادِ

ابن بُزُرْج‏:‏ يقال ما في ذلك الأَمر مَهَهٌ

وهو الرَّجاءُ‏.‏ ويقال‏:‏ مَهِهْتُ منه مَهَهاً‏.‏ ويقال‏:‏ ما كان لك عند

ضَرْبِك فلاناً مَهَهٌ ولا رَوِيَّةٌ‏.‏ والمَهْمَهُ‏:‏ المفازةُ البعيدة، والجمع المَهامِهُ‏.‏ والمَهْمَهُ‏:‏ الخَرْقُ الأَمْلَس الواسع‏.‏ الليث‏:‏ المَهْمَهُ

الفَلاةُ بعينِها لا ماءَ بها ولا أَنيسَ‏.‏ وأَرضٌ

مَهامِهُ‏:‏ بعيدةٌ‏.‏ ويقال‏:‏ المَهْمَهُ البَلْدةُ المُقْفِرَةُ، ويقال مَهْمَهَةٌ؛ وأَنشد‏:‏

في تيهِ مَهْمَهةٍ كأَنَّ صُوَيَِّها

أَيْدي مُخالِعةٍ تكُفُّ وتَنْهَدُ

وفي حديث قُسٍّ‏:‏ ومَهْمَهِ ظِلْمانٍ، المَهْمَهُ‏:‏ المفازةُ والبَرِّيَّة

القَفْر، وجمعها مَهامِهُ‏.‏

ومَهْ‏:‏ زجرٌ

ونهيٌ‏.‏ ومَهْ‏:‏ كلمة بُنِيت على السكون، وهو اسم سُمِّي به الفعل، معناه

اكْفُفْ لأَنه زجرٌ، فإن وصَلْتَ نوَّنت قلت مَهٍ مَهْ، وكذلك صَهْ، فإن وصلت قلت صَهٍ صَهْ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ فقالت الرحم مَهْ هذا مقامُ

العائِذ بك، وقيل‏:‏ هو زجرٌ مصروف إلى المستعاذ منه، وهو القاطع، لا إلى

المستعاذ به، تبارَك وتعالى‏.‏ وقد تكرر في الحديث ذكرُ مَهْ، وهو اسم مبني

على السكون بمعنى اسكت‏.‏ ومَهْمَهَ بالرجل‏:‏ زَجَره قال له مَهْ‏.‏ ومَهْ‏:‏

كلمةُ زجْر‏.‏ قال بعض النحويين‏:‏ أَما قولهم مهٍ إذا نوّنت فكأَنك قلت

ازْدِجاراً، وإذا لم تُنوِّنْ فكأَنك قلت الازْدجارَ، فصار التنوين علم التنكير وتركه علَمَ التعريفِ‏.‏

ومَهْيَمْ‏:‏ كلمةٌ معناها ما وراءَك‏.‏ ومَهْما‏:‏ حرفُ شرطٍ؛ قال سيبوبه‏:‏

أَرادوا ما ما، فكرهوا أَن يُعيدوا لفظاً واحداً، فأَبدلوا هاء من الأَلف

الذي يكون في الأَول ليختلط اللفظ، فما الأُولى هي ما الجزاءِ، وما

الثانيةُ هي التي تزاد تأْكيداً للجزاء، والدليل على ذلك أَنه ليس شيءٌ من حروف

الجزاء إلا وما تُزادُ فيه؛ قال الله تعالى‏:‏ فإما تَثْقَفنَّهم في الحَرْب؛ الأَصل أَن تَثْقَفَنَّهم، وقال بعضهم‏:‏ جائز أَن تكون مَهْ بمعنى

الكفّ كما تقول مَهْ أَي اكْفُفْ، وتكون ما الثانيةُ للشرط والجزاء كأَنهم

قالوا اكْفُفْ ما تأْتِنا به من آية، قال‏:‏ والقول الأَول هو القول‏.‏ قال أَبو بكر في مهما‏:‏ قال بعضهم معنى مَهْ كُفَّ، ثم ابتدأَ مُجازِياً

وشارِطاً، فقال ما يكنْ من الأَمر فإني فاعلٌ، فَمَهْ في قوله منقطع من ما، وقال آخرون في مَهْما يكُنْ‏:‏ ما يكُنْ فأَرادوا أَن يزيدوا على ما التي هي حرفُ الشرط ما للتوكيد، كما زادوا على إنْ ما؛ قال الله تعالى‏:‏ فإمّا

نَذْهَبَنَّ بك، فزاد ما للتوكيد، وكَرِهوا أَن يقولوا ما ما لاتفاق اللفظين، فأَبدلوا من أَلِفها هاء ليختلف اللفظان فقالوا مهما، قال‏:‏ وكذلك

مَهْمَنْ، أَصله مَنْ مَن؛ وأَنشد الفراء‏:‏

أَماوِيَّ، مَهْمَنْ يَسْتمعْ في صَديقِه

أقاويلَ هذا الناسِ، ماوِيَّ، يَْدَمِ

وروي عن ابن الأَعرابي‏:‏

مَهْما ليَ الليلةَ مَهْما لِيَهْ، أَوْدَى بِنَعْلَيَّ وسِرْبالِيَهْ

قال‏:‏ مَهْما لي وما لي واحدٌ‏.‏ وفي حديث زيد بن عمرو‏:‏ مَهْما تُجَشِّمْني

تُجَشَّمْتُ، مهما حرف من حروف الشرط التي يُجازَى بها، تقول مهما تفعل

أَفعل، قال ابن سيده‏:‏ وقد يجوز أَن تكون مهما كإذ ضُمَّت إليها ما، قال بعض النحويين‏:‏ ما في قولهم مَهْما، زائدة وهي لازمة‏.‏

أَبو سعيد‏:‏ مَهْمَهْتُه فتَمهْمَه أي كَفَفْفُته فكَفَّ‏.‏

موه‏:‏ الماءُ والماهُ والماءةُ‏:‏ معروف‏.‏ ابن سيده‏:‏ وحكى بعضهم اسْقِني

ماً، مقصور، على أَن سيبويه قد نفى أَن يكون اسمٌ على حرفين أَحدهما

التنوين، وهمزةُ ماءٍ منقلبة عن هاء بدلالة ضُروبِ تصاريفه، على ما أَذكره الآن

من جَمْعِه وتصغيره، فإن تصغيره مَوَيْه، وجمعُ الماءِ أَمواهٌ ومِياهٌ، وحكى ابن جني في جمعه أَمْواء؛ قال أَنشدني أَبو علي‏:‏

وبَلْدة قالِصة أَمْواؤُها، تَسْتَنُّ في رَأْدِ الضُّحَى أَفْياؤُها، كأَنَّما قد رُفِعَتْ سَماؤُها

أَي مطرُها‏.‏ وأَصل الماء ماهٌ، والواحدة ماهةٌ وماءةٌ‏.‏ قال الجوهري‏:‏

الماءُ الذي يُشْرَب والهمزة فيه مبدلة من الهاء، وفي موضع اللام، وأَصلُه

مَوَهٌ، بالتحريك، لأَنه يجمع على أَمْواه في القِلَّة ومِياهٍ في الكثرة

مثل جَمَلٍ وأَجْمالٍ وجِمالٍ، والذاهبُ منه الهاءُ، لأَن تصغيره

مُوَيْه، وإذا أَنَّثْتَه قلتَ ماءَة مثل ماعةٍ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ كان موسى، عليه

السلام، يغْتَسِلُ عند مُوَيْهٍ؛ هو تصغير ماء‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏ أَصل الماء

مَوَهٌ‏.‏ وقال الليث‏:‏ الماءُ مدَّتُه في الأَصل زيادة، وإنما هي خلف من هاءٍ محذوفة، وبيان ذلك أَن تصغيرَه مُوَيْهٌ، ومن العرب من يقول ماءة

كبني تميم يعْنُون الرَّكِيَّةَ بمائها، فمنهم مَنْ يَرْوِيها ممدوةً ماءة، ومنهم من يقول هذه ماةٌ مقصورة، وماءٌ

كثير على قياسِ شاة وشاء‏.‏ وقال أَبو منصور‏:‏ أَصلُ الماء ماهٌ بوزن قاهٍ، فثَقُلَت الهاء مع الساكن قبلها فقلبوا الهاء مدَّةً، فقالوا ماء كما ترى‏:‏ قال‏:‏ والدليل على أَن الأَصل فيه الهاء قولهم أَماهَ فلانٌ

رَكِيَّتَه، وقد ماهَتِ الرَّكِيَّةُ، وهذه مُوَيْهةٌ

عَذْبةٌ، ويجمع مِياهاً‏.‏ وقال الفراء‏:‏ يُوقَفُ على الممدود بالقصر

والمدَّ شَرِبْت ماء، قال‏:‏ وكان يجب أَن يكون فيه ثلاثُ أَلِفاتٍ، قال‏:‏ وسمعت

هؤلاء يقولون شربت مَيْ يا هذا، وهذه بَيْ يا هذا، وهذه بَ حَسَنة، فشبَّهوا الممدودَ بالمقصور والمقصورَ بالممدود؛ وأَنشد‏:‏

يا رُبَّ هَيْجا هي خَيْرٌ مِنْ دَعَهْ

فقَصَر، وهو ممدود، وشبهه بالمقصور؛ وسَمَّى ساعدةُ بنُ جُؤَيَّة الدمَ

ماءَ اللحمِ فقال يهجو امرأَة‏:‏

شَرُوبٌ لماءِ اللحمِ في كلِّ شَتْوةٍ، وإِن لم تَجِدْ مَنْ يُنْزِل الدَّرَّ تَحْلُبِ

وقيل‏:‏ عَنَى به المَرَق تَحْسُوه دون عِيالِها، وأَراد‏:‏ وإن لم تجد من يَحلُب لها حَلَبتْ هي، وحَلْبُ النساء عارٌ

عند العرب، والنسبُ إلى الماء مائِيٌّ، وماوِيٌّ

في قول من يقول عَطاوِيّ‏.‏ وفي التهذيب‏:‏ والنسبة إلى الماء ما هِيٌّ‏.‏

الكسائي‏:‏ وبئرٌ ماهَةٌ ومَيِّهةٌ

أَي كثيرةُ الماء‏.‏ والماوِيَّةُ‏:‏ المِرْآةُ صفة غالبة‏.‏ كأَنها منسوبة

إلى الماء لصفائها حتى كأَنَّ الماءَ يجري فيها، منسوبة إلى ذلك، والجمع ماوِيٌّ؛ قال‏:‏

ترَى في سَنا الْمَاوِيِّ بالعَصْرِ والضُّحَى

على غَفَلاتِ الزَّيْنِ والمُتَجَمّل

والماوِيَّةُ‏:‏ البقرةُ لبياضِها‏.‏

وماهَتِ الرَّكِيَّةُ تَماهُ وتَموهُ وتَمِيهُ مَوْهاً ومَيْهاً

ومُؤُوهاً وماهَةً ومَيْهةً، فهي مَيِّهةٌ وماهةٌ‏:‏ ظهر ماؤها وكثر، ولفظةُتَمِيه تأْتي بعدَ هذا في الياء هناك من باب باع يبيع، وهو هنا من باب

حَسِبَ يَحْسِبُ كطاحَ يَطِيحُ

وتاهَ يَتِيهُ، في قول الخليل، وقد أَماهَتْها مادَّتُها وماهَتْها‏.‏

وحَفَر البئرَ حتى أَماهَ وأَمْوَه أَي بلغ الماءَ‏.‏ وأَماهَ أَي أَنْبَط

الماءَ‏.‏ ومَوَّهَ الموضعُ‏:‏ صارَ فيه الماءُ؛ قال ذو الرمّة‏:‏

تَمِيميّة نَجْدِيّة دارُ أَهْلِها

إذا مَوَّهَ الصَّمَّانُ مِن سَبَلِ القَطْرِ

وقيل‏:‏ مَوَّهَ الصَّمَّانُ صار مُمَوَّهاً بالبَقْل‏.‏ ويقال‏:‏ تَمَوَّهَ

ثمرُ النخل والعنبِ إذا امْتلأ ماءً وتَهَيّأَ للنُّضْجِ‏.‏ أَبو سعيد‏:‏ شجرٌ

مَوَهي إذا كانَ مَسْقَوِيَّاً، وشجر جَزَوِيٌّ يشرب بعروقه ولا يُسْقَى‏.‏

ومَوَّهَ فلانٌ حَوْضَه تَمْوِيهاً إذا جعل فيه الماءَ‏.‏ ومَوَّهَ السحابُ

الوَقائعَ‏.‏ ورجلٌ ماهُ الفُؤادِ وماهي الفُؤادِ‏:‏ جبان كأَن قَلبه في ماء؛ عن

ابن الأَعرابي؛ وأَنشد‏:‏

إنَّكَ يا جَهْضَمُ ما هي القلبِ

قال‏:‏ كذا يُنْشِده، والأَصلُ مائِهُ القلبِ لأَنه مِن مُهْتُ‏.‏ ورجل ماهٌ

أَي كثيرُ ماءِ القلب كقولك رجل مالٌ؛ وقال‏:‏

إنَّك يا جَهْضَمُ ماهُ القلبِ، ضَخْمٌ عريضٌ مُجْرَئِشُّ الجَنْبِ

ماهُ

القلبِ‏:‏ بلِيدٌ، والمُجْرئشُّ‏:‏ المنتفخُ الجَنْبَين‏.‏ وأَماهَتِ الأَرضُ‏:‏

كثُر ماؤها وظهر فيها النَّزُّ‏.‏ وماهَتِ السفينةُ تَماهُ وتَموه

وأَماهَتْ‏:‏ دخل فيها الماءُ‏.‏ ويقال‏:‏ أَماهَتِ السفينةُ بمعنى ماهَتْ‏.‏ اللحياني‏:‏

ويقال امْهِنِي اسْقِِني‏.‏ ومُهْتُ الرجلَ ومِهْتُه، بضم الميم وكسرها‏:‏

سقَيْتُه الماءَ‏.‏ ومَوَّه القِدْرَ‏:‏ أَكثر ماءَها‏.‏ وأَماهَ الرجلَ

والسِّكِّينَ وغيرٍَهما‏:‏ سَقاهُ الماءَ، وذلك حينَ تَسُنُّه به‏.‏ وأَمَهْتُ

الدواةَ‏:‏ صَبَبْتُ فيها الماء‏.‏ ابن بُزُرْج‏:‏ مَوَّهَت السماءُ أَسالَتْ ماءً

كثيراً‏.‏ وماهَت البئرُ وأَماهت في كثرة مائها، وهي تَماهُ وتَموه إذا كثُر

ماؤها‏.‏ ويقولون في حفْر البئر‏:‏ أَمْهَى وأَماهَ؛ قال ابن بري‏:‏ وقول امرئ

القيس‏:‏

ثم أَمْهاهُ على حَجَره

هو مقلوبٌ من أَماهَه، ووزنه أَفعله‏.‏ والمَها‏:‏ الحجر، مقلوب أَيضاً، وكذلكَ المها ماءُ الفحل في رحم الناقة‏.‏ وأَماهَ الفحلُ إذا أَلْقى ماءَه في

رَحِم الأُنثى‏.‏

ومَوَّهَ الشيءَ‏:‏ طَلاهُ بذهبٍ أَو بفضةٍ وما تحت ذلك شََبَهٌ أَو

نُحاسٌأَو حديدٌ، ومنه التَّمْوِيهُ وهو التلبيسُ، ومنه قيل للمُخادِع‏:‏

مُمَوِّه‏.‏ وقد مَوَّهَ فلانٌ

باطِلَه إذا زَيَّنه وأَراه في صورةِ الحقّ‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ المَيْهُ

طِلاءُ السيفِ وغيرِه بماء الذهب؛ وأَنشد في نعت فرس‏:‏

كأَنَّه مِيهَ به ماءُ الذَّهَبْ

الليث‏:‏ المُوهةُ لونُ الماء‏.‏ يقال‏:‏ ما أَحسن مُوهَةَ وجْهِهِ‏.‏ قال ابن بري‏:‏ يقال وَجْهٌ مُمَوَّهٌ أَي مُزَيَّنٌ بماء الشَّباب؛ قال رؤبة‏:‏

لَمَّا رَأْْتْني خَلَقَ المُمَوَّهِ

والمُوهةُ‏:‏ تَرَقْرُقُ الماء في وجه المرأَة الشابة‏.‏ ومُوهةُ الشبابِ‏:‏

حُسْنُه وصَفاؤه‏.‏ ويقال‏:‏ عليه مُوهةٌ من حُسْنٍ ومُواهةٌ ومُوَّهةٌ

إذا مُنِحَه‏.‏ وتَمَوَّهَ المالُ للسِّمَنِ إذا جرى في لحُومِه الربيعُ‏.‏

وتَمَوَّه العنَبُ إذا جرى فيهِ اليَنْعُ وحَسُنَ لَوْنُه‏.‏ وكلامٌ عليه

مُوهةٌ أَي حُسْنٌ وحلاوةٌ، وفلانٌ مُوهةُ أَهلِ بيتِه‏.‏ ابن سيده‏:‏ وثَوْبُ

الماء الغِرْسُ الذي يكون على المولود؛ قال الراعي‏:‏

تَشُقُّ الطَّيْرُ ثَوْبَ الماء عنه، بُعَيْدَ حياتِه، إلا الْوَتِينا

وماهَ الشيءَ بالشيء مَوْهاً‏:‏ خَلَطَه؛ عن كراع‏.‏ ومَوَّه عليه الخبرَ

إذا أَخْبَره بخلاف ما سَأَلَه عنه‏.‏ وحكى اللحياني عن الأَسَدِيَّ‏:‏ آهَة

وماهَة، قال‏:‏ الآهَةُ الحَصْبةُ، والمَاهَةُ الجُدَرِيُّ‏.‏

وماهٌ‏:‏ موضع، يُذَكَّرُ ويؤنث‏.‏ ابن سيده‏:‏ وماهُ مدينةٌ لا تَنْصرف لمكان

العُجْمة‏.‏ وماهُ دينار‏:‏ مدينة أَيضاً، وهي من الأَسماء المركبة‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ الْمَاهُ قصَبُ البلدِ، قال‏:‏ ومنه ضُربَ هذا الدينارُ بماهِ

البَصْرة وماهِ فارسَ؛ الأَزهري‏:‏ كأَنه معرّب‏.‏ والْمَاهانِ‏:‏ الدِّينَوَرُ

ونَهاوَنْدُ، أَحدُهما ماهُ الكوفةِ، والآخرُ ماهُ البصرةِ‏.‏ وفي حديث الحسن‏:‏

كانَ أَصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَشْتَرُون السَّمن المائيَّ؛ قال ابن الأَثير‏:‏ هو منسوب إلى مواضعَ تُسَمَّى ماه يُعْملُ

بها، قال‏:‏ ومنه قولهم ماهُ البصرةِ وماهُ الكوفةِ، وهو اسمٌ

للأَماكِن المضافة إلى كل واحدة منهما، فقَلَب الهاءَ في النَّسَب همزةً

أَو ياءً، قال‏:‏ وليست اللفظةُ عربية‏.‏ وماوَيْهِ‏:‏ ماءٌ لبني العَنْبرِ

ببطن فَلْج؛ أَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

وَرَدْنَ على ماوَيْه بالأَمْسِ نِسْوةٌ، وهُنَّ على أَزْواجِهنَّ رُبوضُ

وماوِيَّةُ‏:‏ اسمُ امرأَة؛ قال طرفة‏:‏

لا يَكُنْ حُبُّكِ داءً قاتِلاً، ليس هذا مِنْكِ، ماوِيَّ، بِحُرْ

قال‏:‏ وتصغيرُها مُوَيّة؛ قال حاتم طيء يخاطب ماوِيَّةَ وهي امرأَته‏:‏

فضارَتْه مُوَيُّ ولم تَضِرْني، ولم يَعْرَقْ مُوَيّ لها جَبينِي

يعني الكَلِمةَ العَوْراء‏.‏ وماهانُ‏:‏ اسمٌ‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ قال ابن جني لو

كان ماهانُ عربيّاً فكان من لفظ هَوَّمَ أَو هَيَّمَ لكان لَعْفانَ، ولو

كان من لفظ الوَهْم لكان لَفْعانَ، ولو كان من لفظ هَمَا لكان عَلْفانَ، ولو وجد في الكلام تركيب وم هـ فكان ماهَانُ من لفظه لكان مثاله

عَفْلانَ، ولو كان من لفظ النَّهْم لكان لاعافاً، ولو كان من لفظ المُهَيْمن لكان عافالاً، ولو كان في الكلام تركيب م ن هـ فكان ماهانُ منه لكان

فاعالاً، ولو كان ن م هـ لكان عالافاً‏.‏

وماءُ السماءِ‏:‏ لقب عامر بن حارثة الأَزْدِيّ، وهو أَبو عمرو

مُزَيْقِيَا الذي خرج من اليمن لما أَحَسَّ بسيل العَرِم، فسمي بذلك لأَنه كان إذا

أَجْدَبَ قومُه مانَهُمْ حتى يأْتيهم الخِصْبُ، فقالوا‏:‏ هو ماءُ السماءِ

لأَنه خَلَفٌ

منه، وقيل لولده‏:‏ بنو ماء السماء، وهم ملوك الشأْم؛ قال بعض الأَنصار‏:‏

أَنا ابنُ مُزَيْقِيَا عَمْرو، وجَدِّي

أَبوه عامرٌ ماءُ السماء

وماءُ السماء أَيضاً‏:‏ لقَبُ أُمّ المُنْذِر بن امْرِئِ القَيْس

بن عَمْرو بن عَدِيّ بن ربيعة بن نَصْرٍ اللَّخْمِيّ، وهي ابنة عَوْفِ

بن جُشَمَ من النَّمِر بن قاسِطٍ، وسميت بذلك لجمالها، وقيل لولدها بنُو

ماءِ السماءِ، وهم ملوك العراق؛ قال زهير‏:‏

ولازَمْتُ المُلوكَ مِنَ آلِ نَصْرٍ، وبعدَهُمُ بني ماءِ السماءِ

وفي حديث أَبي هريرة‏:‏ أُمُّكم هاجَرُ يا بني ماءِ السماء؛ يريد العربَ

لأَنهم كانوا يَتَّبعون قَطْرَ السماء فينزلون حيث كان، وأَلفُ الماءِ

منقَلبةٌ عن واو‏.‏ وحكى الكسائي‏:‏ باتت الشَّاءُ ليلَتَها ماء ماء وماه ماه، وهو حكاية صوتها‏.‏

ميه‏:‏ ماهَتِ الرَّكِيَّةُ تَمِيهُ مَيْهاً وماهةً ومِيْهَةً‏:‏ كثر ماؤها، ومِهْتُها أَنا‏.‏ ومِهْتُ الرجلَ‏:‏ سقيته ماء، وبعض هذا مُتَّجِهٌ على

الواو، وهو مذكور في موضعه‏.‏ المُؤرِّجُ‏:‏ مَيَّهْتُ السيفَ تَمْييهاً إذا

وضعته في الشمس حتى ذهب ماؤه‏.‏

نبه‏:‏ النُّبْه‏:‏ القيامُ والانْتِباهُ من النوم، وقد نَبَّهَهُ

وأَنْبَهَهُ من النوم فتَنَبَّه وانْتَبَه، وانْتَبَهَ من نومه‏:‏ استَيقَظ، والتنبية مثله؛ قال‏:‏

أَنا شَماطِيطُ الذي حُدِّثْتَ بهْ، مَتَى أُنَبَّهْ للغَداء أَنْتَبه ثم أُنَزِّ حَوْلَهُ وأَحْتَبِهْ، حتى يقالَ سَيِّدٌ، ولستُ به وكان حكمه أَن يقول أَتَنَبَّه لأَنه قال أُنَبَّه، ومطاوع فعَّلَ إنما

هو تَفَعَّلَ، لكن لما كان أُنَبَّه في معنى أُنْبَه جاء بالمطاوع عليه، فافهم، وقوله ثم أُنَزِّ معطوف على قوله أَنْتَبِهْ، احْتَمَلَ الخَبن في قوله زِ حَوْلَهُ، لأَن الأَعرابي البدويّ لا يبالي الزِّحافَ، ولو

قال زِي حَوْلَهُ لكَمَلَ الوزنُ ولم يكن هناك زِحافٌ، إلا أَنه من باب

الضرورة، ولا يجوز القطعُ في أُنَزِّي في باب السَّعَةِ والاختيار لأَن بعده

مجزوماً، وهو قوله وأَحْتَبِهْ، ومحال أَن تقطع أَحد الفعلين ثم ترجع في الفعل الثاني إلى العطف، لا يجوز إنْ تأْتني أُكْرِمُك وأُفْضِلْ عليك

برفع أُكْرِمك وجزم أُفضل، فَتَفَهَّم‏.‏ وفي حديث الغازي‏:‏ فإن نومه

ونَبَهَه خيرٌ كلُّه؛ النبه‏:‏ الانتباه من النوم‏.‏ أَبو زيد‏:‏ نَبِهْتُ للأَمر

أَنْبَهُ نَبَهاً فَطِنْتُ، وهو الأَمر تنساه ثم تَنْتَبِهُ له‏.‏

ونَبَّهَهُ من الغفلة فانْتَبَه وتَنَبَّهَ‏:‏ أَيقظه‏.‏ وتَنَبَّه على

الأَمر‏:‏ شَعَرَ به‏.‏ وهذ الأَمر مَنْبَهَهٌ على هذا أَي مُشْعِرٌ به، ومَنْبَهَةٌ له أَي مشعر بقدره ومُعْلٍ له؛ ومنه قوله‏:‏ المال مَنْبَهَةٌ للكريم، ويُسْتَغْنى به عن اللئيم‏.‏ ونَبَّهْتُهُ على الشيء‏:‏ وَقَّفْتُهُ عليه

فَتَنَبَّه هو عليه‏.‏ وما نَبِهَ له نَبَهاً أَي ما فَطِنَ، والاسم

النُّبْهُ‏.‏ والنَّبَهُ‏:‏ الضالة توجد عن غفلة لا عن طلب‏.‏ يقال‏:‏ وجدت الضالة نَبَهاً

عن غير طلب، وأَضْلَلتُهُ نَبَهاً لم تعلم متى ضَلَّ‏.‏ الأَصمعي‏:‏ يقال أَضَلُّوه نَبَهاً لا يدرون متى ضَلَّ حتى انْتَبَهوا له؛ قال ذو

الرُّمَّةِ يصف ظَبْياً قد انْحَنى في نومه فشبهه بدُمْلُجٍ قد

انْفَصَمَ‏:‏ كأَنه دُمْلُجٌ، من فِضَّةٍ، نَبَهٌ، في مَلْعَبٍ من عَذارَى الحَيّ، مَفْصومُ

إنما جعله مفصوماً لتَثَنِّيهِ وانحنائه إذا نام، ونَبه هنا بدل من دُمْلُجٍ‏.‏ وأَضَلَّهُ نَبَهاً‏:‏ لم يدر متى ضَلَّ‏.‏ قال ابن بري‏:‏ وهذا البيت شاهد على النَّبَهِ الشيءِ المشهورِ، قال‏:‏ شَبَّه ولد

الظَّبْيَةِ حين انعطف لما سَقَتْه أُمُّه فَرَوِيَ بدُمْلُجٍ فضةٍ نبَهٍ أَي

بدُملُجٍ أَبيض نَقيٍّ كما كان ولد الظَّبيةِ كذلك، وقال في مَلْعَبٍ من عَذارَى الحيّ لأَن مَلْعَب الحيّ قد عُدِلَ به عن الطريق المسلوك، كما أَن الظبية قد عَدَلَت بولدها عن طريق الصَّيَّادِ، وقوله مَفْصوم ولم يقل مَقْصوم لأَن الفَصْمَ الصَّدْعُ والقَصْمَ الكسر والتَّبَرِّي، وإنما

يريد أَن الخِشْفَ لما جمَع رأْسه إلى فخذه واستدار كان كدُمْلُجٍ

مَفْصوم أَي مصدوع من غير انفراج‏.‏ وأَنْبَه حاجتَه‏:‏ نسيها‏.‏ قال الأَصمعي‏:‏ وسمعت

من ثقة أَنْبَهْتُ حاجتي نسيتُها، فهي مُنْبَهَةٌ‏.‏ ويقال للقوم ذهَب

لهمُ الشيء لا يدرون مَتى ذهَب‏:‏ قد أَنْبَهوه إنْباهاً‏.‏ والنَّبَه‏:‏ الضالة

لا يُدْرى متى ضَلَّتْ وأَين هي‏.‏ يقال‏:‏ فَقَدْتُ الشيء نَبَهاً أَي لا علم لي كيف أَضللته؛ قال‏:‏ وقول ذي الرمة‏:‏

كأَنه دُمْلُجٌ من فضةٍ نَبه وضعه في غير موضعه، كان ينبغي له أَن يقول كأَنه دملج فُقِدَ نَبَهاً‏.‏

وقال شمر‏:‏ النَّبَهُ المَنْسِيُّ المُلْقَى الساقط الضالُّ‏.‏ وشيء نَبه ونَبِهٌ أَي مشهور‏.‏ ورجل نَبِيهٌ‏:‏ شَريف‏.‏ ونَبُهَ الرجلُ، بالضم‏:‏ شرُفَ

واشتهر نَباهَةً فهو نَبِيهٌ

ونابِهٌ، وهو خلاف الخامل‏.‏ ونَبَّهْتُه أَنا‏:‏ رفعته من الخمول‏.‏ يقال‏:‏

أَشِيعوا بالكُنى فإنها مَنْبَهَةٌ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ فإنه مَنْبَهةٌ للكريم أَي

مَشْرَفَةٌ ومَعْلاةٌ

من النَّباهَةُ‏.‏ يقال‏:‏ نَبُهَ يَنْبُه إذا صار نَبِيهاً شريفاً‏.‏

والنَّباهَةُ‏:‏ ضد الخُمُولِ، وهو نَبَهٌ‏.‏ وقوم نَبَهٌ كالواحد؛ عن ابن الأَعرابي، كأَنه اسم للجمع‏.‏ ورجل نَبَهٌ ونَبِيهٌ

إذا كان معروفاً شريفاً؛ ومنه قول طَرَفَة يمدح رجلاً‏:‏

كامِلٌ يَجْمَعُ آلاءَ الفَتَى، نَبَهٌ سَيِّدُ ساداتٍ خِضَمّ

ونَبَّه باسمه‏:‏ جعله مذكوراً‏.‏ وإنه لمَنْبوه الاسم‏:‏ معروفُهُ؛ عن ابن الأَعرابي‏.‏ وأَمرٌ نابهٌ‏:‏ عظيمٌ جليل‏.‏ أَبو زيد‏:‏ نَبِهْتُ للأَمر، بالكسر، أَنْبَهُ نَبَهاً ووَبِهْتُ أَوْبَهُ وبَهاً، وهو الأَمر تنساه ثم تتنَبَّهُ له‏.‏ ونابِهٌ ونُبَيْهٌ

ومُنَبِّه‏:‏ أَسماء‏.‏ ونَبْهانُ‏:‏ أَبو حَيٍّ من طَيٍّ، وهو نَبْهانُ بن عمرو‏.‏

نجه‏:‏ النَّجْهُ‏:‏ استقبالُك الرجلَ بما يكره ورَدُّكَ إياه عن حاجته، وقيل‏:‏ هو أَقبح الرد؛ أَنشد ثعلب‏:‏

حَيّاكَ ربُّكَ أَيُّها الوَجْهُ، ولغَيْرِكَ البَغْضاءُ والنَّجْهُ

نجَهَهُ يَنْجَهُهُ نَجْهاً وتنَجَّهَهُ‏:‏ الليث‏:‏ نجَهْتُ الرجلَ نَجْهاً

إذا استقبلته بما يُنَهْنِهُهُ ويكفه عنك فيَنْقدِعُ عنك‏.‏ وفي الحديث‏:‏

بعدما نَجَهَها عُمر أَي بعدما رَدَّها وانتهرها‏.‏ والنَّجْهُ‏:‏ الزجر

والرَّدْعُ‏.‏ يقال‏:‏ انْتَجَهْتُ الرجلَ وتنَجَّهْتُهُ؛ قال رؤْبة‏:‏

كَعْكَعْتُه بالرَّجْمِ والتَّنَجُّهِ، أَو خاف صَقْعَ القارِعاتِ الكُدَّهِ

ويروى‏:‏ كَفْكَفْته؛ يقول رَدَدْت

الخصم‏.‏ ورجل ناجِهٌ إذا دخل بلداً فكَرِهَه‏.‏ ونجَهَ على القوم‏:‏ طَلَع‏.‏

وفي النوادر‏:‏ فلان لا يَنْجَعُهُ ولا يَهْجَؤُهُ ولا يَهْجَأُ فيه شيء ولا

يَنْجَهُهُ شيء ولا يَنْجَه فيه شيء، وذلك إذا كان رَغِيباً

مُسْتَوْبِلاً لا يَشْبَعُ ولا يَسْمَنُ عن شيء‏.‏

نده‏:‏ النَّدْهُ‏:‏ الزَّجْرُ عن كل شيء والطرد عنه بالصِّياح‏.‏ وقال الليث‏:‏

النَّدْهُ الزجر عن الحَوْض وعن كل شيء إذا طُرِدَتِ الإبلُ عنه

بالصياح‏.‏ وقال أَبو مالك‏:‏ نَدَهَ الرجلُ يَنْدَهُ نَدْهاً إذا صَوَّتَ، ونَدَهْتُ البعيرَ إذا زجرته عن الحوض وغيره‏.‏ وفي حديث ابن عمر‏:‏ لو رأَيت قاتِلَ

عمر في الحَرَمِ ما ندَهْتُهُ أَي ما زجرته‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏ والنَّدْهُ

الزجر بِصَه ومَه‏.‏ ونَدَهَ الإبلَ يَنْدَهُها نَدْهاً‏:‏ ساقها وجمعها ولا

يكون إلا للجماعة منها، وربما اقْتاسُوا منه للبعير‏.‏ وقال أَبو زيد‏:‏

يقال للرجل إذا رأَوْهُ جَريئاً على ما أَتى أَو المرأَةِ إِحْدَى نَوادِهِ

البَكْرِ‏.‏ والنَّدْهَة والنُّدْهَةُ، بفتح النون وضمها‏:‏ الكثرة من المال

من صامِتٍ أَو ماشية؛ وأَنشد قول جمِيل‏:‏

فكيْفَ، ولا تُوِفي دماؤُهمُ دَمِي، ولا مالُهُمْ ذو نَدْهَةٍ فيَدُونِي‏؟‏

وقال بعضهم‏:‏ عنده نَدْهَةٌ

من صامِتٍ وماشيةٍ ونُدْهَةٌ، وهي العشرون من الغنم ونحوِها، والمائةُ

من الإِبل أَو قُرَابتُها، والأَلف من الصامت أَو نحوه‏.‏ الأَصمعي‏:‏ وكان

يقال للمرأَة في الجاهلية إذا طُلِّقَت إذْ هَبي فلا أَنْدَهُ سَرْبَكِ، فكانت تَطْلُقُ، قال‏:‏ والأَصل فيه أَنه يقول لها اذْهَبي إلى أَهلِك فإني

لا أَحفظ عليك مالكِ ولا أَرُدُّ إبلَكِ عن مذهبها، وقد أَهملتها لتذهب

حيث شاءت؛ وقال الجوهري‏:‏ أَي لا أَرُدُّ إبلك لتذهب حيث شاءت‏.‏

نزه‏:‏ النُّزْهَةُ‏:‏ معروفة‏.‏ والتَّنَزُّهُ‏:‏ التباعد، والإسم النُّزْهةُ‏.‏

ومكانٌ نَزِهٌ

ونَزِيهٌ، وقد نَزِهَ نَزَاهَةً ونَزَاهِيةً، وقد نَزِهَتِ الأَرضُ، بالكسر وأَرضٌ نَزْهَةٌ ونَزِهَةٌ

بعيدة عَذْبَةٌ نائية من الأَنْداءِ والمياهِ والغَمَقِ‏.‏ الجوهري‏:‏

وخرجنا نتَنَزَّهُ في الرِّياضِ، وأَصله من البُعْدِ، وقد نَزِهَتِ الأَرضُ، بالكسر‏.‏ ويقال‏:‏ ظِللْنا مُتَنَزِّهِينَ إذا تباعدوا عن المياه‏.‏ وهو يتنَزَّهُ عن الشيء إذا تباعد عنه‏.‏ وفي حديث عمر، رضي الله عنه‏:‏ الجابِيَةُ

أَرضٌ

نَزِهَةٌ أَي بعيدة عن الوَباء‏.‏ والجابِيَةُ‏:‏ قرية بدمشْقَ‏.‏ ابن سيده‏:‏

وتنزَّهَ الإنسانُ خرج إلى الأَرض النَّزِهَةِ، قال‏:‏ والعامة يضعون الشيء

في غير موضعه ويَغْلَطُونَ فيقولون خرجنا نتَنزَّهُ إذا خرجوا إلى

البساتين فيجعلون التَّنزُّهَ الخروجَ إلى البساتين والخُضَر والرِّياض، وإنما

التَّنزُّهُ التباعدُ عن الأَرياف والمياه حيث لا يكون ماءٌ ولا نَدىً

ولا جَمْعُ ناسٍ، وذلك شِقُّ البادية، ومنه قيل‏:‏ فلانٌ يتَنَزَّهُ عن

الأَقذار ويُنَزِّهُ نفْسَه عنها أَي يُباعد نفسه عنها؛ ومنه قول أُسامة بن حبيب الهذلي‏:‏

كأَسْحَمَ فَرْدٍ عل حافةٍ، يُشَرِّدُ عن كَتِفيْهِ الذُّبابا

أَقَبَّ رَباعٍ بِنُزْهِ الفَلا

ةِ، لا يَرِدُ الماءَ إلا ائتِيابا

ويروى‏:‏ إلا انْتِيابا، يريد ما تباعد من الفلاة عن المياه والأَرياف‏.‏

وفي حديث عائشة، رضي الله تعالى عنها‏:‏ صنَعَ رسولُ الله، صلى الله عليه

وسلم، شيئاً فرَخَّصَ فيه فتَنَزَّهَ عنه قومٌ

أَي تركوه وأَبعدوا عنه ولم يَعْمَلوا بالرُّخْصة فيه‏.‏ وقد نَزُهَ

نَزاهةً وتَنَزَّهَ تنَزُّهاً إذا بَعُدَ‏.‏

ورجل نَزْهُ الخُلُقِ ونَزِهُهُ ونازِهُ النَّفْس‏:‏ عفيف مْتكَرِّمٌ

يَحُلُّ وحْدَهُ ولا يخالط البيوت بنفسه ولا ماله، والجمع نُزَهاءُ

ونَزِهُونَ ونِزَاهٌ، والإسمُ النَّزْهُ والنَّزاهةُ‏.‏ ونَزَّهَ نفْسَه عن القبيح‏:‏

نَحّاها‏.‏ ونزَّهَ الرجلَ‏:‏ باعده عن القبيح‏.‏ والنَّزاهةُ‏:‏ البعد عن السوء‏.‏

وإن فلاناً لنَزِيهٌ كريمٌ إذا كان بعيداً من اللُّؤْمِ، وهو نزِيهُ

الخُلُقِ‏.‏ وفلان يتَنزَّهُ عن مَلائمِ الأَخلاق أَي يتَرَفَّعُ عما يُذَمُّ

منها‏.‏ الأَزهري‏:‏ التَّنَزُّهُ رَفْعُه نفْسَه عن الشيء تكَرُّماً ورغبة

عنه‏.‏

والتَّنزِيهُ‏:‏ تسبيح الله عز وجل وإبعادُهُ عما يقول المشركون‏.‏

الأَزهري‏:‏ تَنْزِيهُ الله تبعيدُه وتقديسُه عن الأَنداد والأَشباه، وإنما قيل

للفلاة التي نأَتْ عن الرِّيفِ والمياه نزِيهةٌ

لبعدها عن غَمَقِ المياه وذِبّانِ القُرى وومَدِ البحار وفساد الهواء‏.‏

وفي الحديث‏:‏ كان يصلي من الليل فلا يَمُرُّ بآيةٍ فيها تَنْزِيهُ الله إلا

نزَّهَهُ؛ أَصل النُّزْهِ البعدُ، وتَنْزِيهُ الله تبعيدُه عما لا يجوز

عليه من النقائض؛ ومنه الحديث في تفسير سبحان الله‏:‏ هو تَنْزِيهُهُ أَي

إبعاده عن السوء وتقديسه؛ ومنه حديث أبي هريرة، رضي الله عنه‏:‏ الإيمانُ

نَزِهٌ

أَي بعيد عن المعاصي‏.‏ وفي حديث المُعَذَّبِ في قبره‏:‏ كان لا يسْتَنْزِهُ

من البول أَي لا يَسْتبرئ ولا يتطهر ولا يستبعد منه‏.‏ قال شمر‏:‏ ويقال هم

قومٌ أَنْزاهٌ أَي يتَنزَّهُونَ عن الحرام، الواحد نزِيهٌ

مثل مَلِيءٍ وأَملاءٍ‏.‏ ورجل نزيهٌ ونَزِهٌ‏:‏ وَرِعٌ‏.‏ ابن سيده‏:‏ سَقى

إبلَهُ ثم نَزَهَها نَزْهاً باعدها عن الماء‏.‏ وهو بنُزْهةٍ عن الماء أَي

بُعْد‏.‏ وفلان نزِيهٌ

أَي بعيد‏.‏ وتنَزَّهُوا بحُرَمِكْم عن القوم‏:‏ تباعدوا‏.‏ وهذا مكان نزِيهٌ‏:‏

خَلاء بعيد من الناس ليس فيه أَحد فأَنزلوا فيه حُرَمَكُمْ‏.‏ ونُزْهُ

الفَلا‏:‏ ما تباعد منها عن المياه والأَرياف‏.‏

نفه‏:‏ نَفِهَتْ نفسي‏:‏ وأَعْيَتْ وكَلَّتْ‏.‏ وبعير نافِهٌ‏:‏ كالٌّ

مُعْيٍ، والجمع نُفَّهٌ؛ ونَفَّهَهُ‏:‏ أَتعبه حتى انقطع؛ قال‏:‏

ولِلَّيْلِ حَظٌّ من بُكانا ووَجْدِنا، كما نَفَّهَ الهَيْماءَ في الذَّوْدِ رَادِعُ

ويروى في الدُّورِ‏.‏ وأَنْفَهَ فلانٌ

إبلَهُ ونَفَّهَها‏:‏ أَكَلَّهَا وأَعياها، وجمل مُنَفَّهٌ وناقةٌ

مُنَفَّهَةٌ؛ قال الشاعر‏:‏

رُبَّ هَمٍّ جَشَمْتُهُ في هَواكُمْ، وبَعيرٍ مُنَفَّهٍ مَحْسُورِ

وأَنشد ابن بري‏:‏

فقاموا يَرْحَلْونَ مُنَفَّهَاتٍ، كأَنَّ عُيونَهَا نُزُحُ الرَّكيِّ

والنافهُ‏:‏ الكالُّ المُعْيي من الإبل وغيرها‏.‏ ورجل مَنْفُوهٌ‏:‏ ضعيف

الفؤاد جبانٌ، وما كان نافهاً وقد نَفَهَ نُفُوهاً ونَفِهَ‏.‏ والنُّفُوهُ‏:‏

ذِلَّةٌ بعد صعوبة‏.‏ وأَنْفَهَ ناقتَهُ حتى نَفِهَتْ نَفْهاً شديداً‏.‏ وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال لعبد الله بن عمرو حين ذَكَرَ له

قيامَ الليل وصيامَ النهار‏:‏ إنك إذا فعلت ذلك هَجَمَتْ عَيْناك ونَفِهَتْ

نفسك؛ رواه أَبو عبيد نَفِهَتْ، والكلام، نَفَهَتْ، ويجوز أَن يكونا

لغتين‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ نَفَهَتْ تَنْفَهُ نُفُوهاً ونَفِهَتْ نفسُه إذا

ضَعُفُتْ وسقطت؛ وأَنشد‏:‏

والعَزَبَ المُنَفَّهَ الأُمِّيَّا

وروى أَصحاب أَبي عبيد عنه‏:‏ نَفِهَ يَنْفَهُ، بكسر الفاء من نَفِهَ، وفتحها من يَنْفَهُ‏.‏ قال أَبو عبيدة‏:‏ قوله في الحديث نَفِهَتْ نَفْسُك أَي

أَعيت وكَلَّتْ‏.‏ ويقال للمُعْيي‏:‏ مُنَفَّهٌ

ونافِهٌ، وجمعُ النافه نُفَّهٌ؛ وأَنشد أَبو عمرو لرؤبة‏:‏

بنا حَرَاجِيجُ المَهَارِي النُّفَّهِ

يعني المُعْيِيَة، واحدتها نافِهٌ

ونافِهَةٌ، والذي يَفْعَلُ ذلك بها مُنَفِّهٌ، وقد نَفَّهَ البعيرَ‏.‏

نقه‏:‏ نَقِهَ يَنْقَهُ‏:‏ معناه فَهِمَ يَفْهَمُ، فهو نَقِهٌ

سريع الفِطْنَةِ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ فانْقَهْ إذاً أَي افهم‏.‏ يقال‏:‏ نَقِهْتُ

الحديثَ مثل فَهِمْتُ وفَقِهْتُ، وأَنْقَهَهُ الله تعالى‏.‏ ونَقِهَ

الكلامَ، بالكسر، نَقْهاً ونَقَهَهُ، بالفتح، نَقْهاً أَي فهمه‏.‏ ونَقِهْتُ

الخبرَ والحديثَ، مفتوح مكسور، نَقْهاً ونُقُوهاً ونَقاهةً ونَقَهاناً وأَنا

أَنْقَهُ‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ نَقِهَ الرجل نَقَهاً واسْتَنْقَهَ فَهِمَ؛ ويروى

بيتُ المُخَبَّلِ‏:‏

إلى ذي النُّهَى واسْتَنْقَهَتْ للمُحَلم أَي فَهِمُوهُ؛ حكاه يعقوب، والمعروف‏:‏ واسْتَيْقَهَتْ‏.‏ ورجل نَقِهٌ

وناقِهٌ‏:‏ سريع الفهم، ونَقِهَ الحديثَ ونَقَهَهُ‏:‏ لَقِنَهُ، وفلان لا

يَفْقَهُ ولا يَنْقَهُ‏.‏ والاسْتِنْقاهُ‏:‏ الاستفهام‏.‏ وأَنْقِهْ لي سَمْعَكَ أَي

أَرْعِنِيهِ‏.‏ وفي النوادر‏:‏ انْتَقَهْتُ من الحديث ونَقِهْتُ وأتَقَهْتُ

أَي اشتفيت‏.‏ ونَقِهَ من مرضه، بالكسر، ونَقَهَ يَنْقَهُ نَقْهاً ونُقُوهاً

فيهما‏:‏ أَفاق وهو في عَقِبِ علَّتِهِ‏.‏ وقال ثعلب‏:‏ نَقَهَ من المرض

يَنْقَهُ، بالفتح، ورجل ناقِهٌ من قوم نُقَّهٍ‏.‏ الجوهري‏:‏ نَقِهَ من مرضه، بالكسر، نَقَهاً مثالِ تَعِب تَعَباً، وكذلك نَقَهَ نُقُوهاً مثل كَلَحَ

كُلُوحاً، فهو ناقِهٌ إذا صَحَّ وهو في عقب علته، والجمع نُقَّهٌ، وفي الحديث‏:‏

قالت أُمُّ المُنْذِرِ دخل علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ومعه

عَلِيٌّ وهو ناقِهٌ؛ هو إذا بَرَأَ وأَفاق وكان قريب العَهْدِ بالمرض لم يرجع إليه كمالُ صحته وقُوَّتِهِ‏.‏

نكه‏:‏ النَّكْهَةُ‏:‏ ريح الفم‏.‏ نَكَهَ له وعليه يَنْكِهُ ويَنْكَهُ

نَكْهاً‏:‏ تَنَفَّسَ على أَنفه‏.‏ ونَكَهَهُ نَكْهاً ونَكِهَهُ واسْتَنْكَهَهُ‏:‏ شم

رائحة فمه، والاسم النَّكْهَةُ؛ وأَنشد‏:‏

نَكِهْتُ مُجالِداً فَوَجَدْتُ منه

كَرِيحِ الكَلْبِ ماتَ حَدِيثَ عَهْدِ

وهذا البيت أَورده الجوهري‏:‏ نَكِهْتُ مجاهِداً؛ وقال ابن بري‏:‏ صوابه مجالداً، وقد رواه في فصل نجا‏:‏ نَجَوْتُ مجالداً‏.‏ ونَكَهَ هو يَنكِهُ

ويَنكَهُ‏:‏ أَخرج نَفَسَهُ إلى أَنفي‏.‏ ونَكِهْتُه‏:‏ شَمَمْتُ ريحه‏.‏

واسْتَنْكَهْتُ الرجلَ فَنَكَهَ في وجهي يَنْكِهُ ويَنْكَهُ نَكْهاً إذا أَمره بأن يَنْكَهَ ليعلم أَشارِبٌ

هو أَم غير شاربٍ؛ قال ابن بري‏:‏ شاهده قولُ الأُقَيْشِرِ‏:‏

يقولون لي‏:‏ انْكَهْ قد شَرِبْتَ مُدَامَةً

فَقُلْتُ لَهُمْ‏:‏ لا بَلْ أَكَلْتُ سَفَرْجَلا

وفي حديث شارب الخمر‏:‏ اسْتَنْكهُوهُ أَي شُمُّوا نَكْهَتَهُ ورائحةَ

فَمِه هل شرِب الخمر أَم لا‏.‏ ونُكِهَ الرجلُ‏:‏ تغيرت نَكْهَتُهُ من التُّخَمَةِ‏.‏ ويقال في الدعاء للإنسان‏:‏ هُنِّيتَ ولا تُنْكَهْ أَي أَصَبْتَ

خَيْراً ولا أَصابك الضُّرُّ‏.‏ والنُّكَّهُ من الإبل‏:‏ التي ذهبت أَصواتها من الضعف، وهي لغة تميم في النُّقَّهِ؛ وأَنشد ابن بري لرؤبة‏:‏

بعد اهتِضام الراغِياتِ النُّكَّهِ

نمه‏:‏ نَمِهَ نَمَهاً، فهو نَمِةٌ ونامِةٌ‏:‏ تَحَيَّرَ، يمانية‏.‏

نهنه‏:‏ النَّهْنَهَةُ‏:‏ الكَفُّ‏.‏ تقول نَهْنَهْتُ فلاناً إذا زجرته

فَتَنَهْنَهَ أَي كففته فَكفَّ؛ قال الشاعر‏:‏

نَهْنِهْ دُموعَكَ، إنَّ من يَغْتَرُّ بالحِدْثانِ عاجِزْ

كأَن أَصله من النَّهْي‏.‏ وفي حديث وائل‏:‏ لقد ابْتَدَرَها اثنا عشر

مَلَكاً فما نَهْنَهَها شيءٌ

دون العَرْشِ أَي ما منعها وكَفَّها عن الوصول إليه‏.‏ ونَهْنَهَهُ عن

الشيء‏:‏ زَجَره؛ قال أَبو جُنْدَبٍ الهُذَليّ‏:‏

فَنَهْنَهْتُ أُولى القومِ عنهم بِضَرْبَةٍ

تَنَفَّسَ عنها كلُّ حشْيانَ مُجْحَر

وقد تَنَهْنَهَ‏.‏ ونَهْنَهْتُ السَّبْعَ إذا صِحْتَ به لتَكُفَّه، والأَصل في نَهْنَهَ نَهْهَهَ، بثلاث هاءَات، وإِنما أَبدلوا من الهاء الوسطى

نوناً للفرق بين فَعْلَلَ وفَعَّلَ، وزادوا النون من بين الحروف لأَن في الكلمة نوناً‏.‏ وثوب نَهْنَهٌ‏:‏ رقيق النسجِ‏.‏ الأَحمر‏:‏ النَّهْنَهُ

واللَّهْلَهُ الثوب الرقيق النسج‏.‏

نوه‏:‏ ناه الشيءُ يَنُوهُ‏:‏ ارتفع وعلا؛ عن ابن جني، فهو نائِهٌ‏.‏ ونُهْتُ

بالشيء نَوْهاً ونَوَّهْتُ به ونَوَّهْتُهُ تَنْوِيهاً‏:‏ رفعته‏.‏

ونَوَّهْتُ باسمه‏:‏ رفعت ذكْرَهُ‏.‏ وناهَ النباتُ‏:‏ ارتفع‏.‏ وناهَتِ الهامَةُ نَوْهاً‏:‏

رفعت رأْسها ثم صَرَخَتْ، وهامٌ نُوَّهٌ؛ قال رؤبة‏:‏

على إكامِ النائحاتِ النُّوَّهِ

وإذا رفعتَ الصوتَ فدعوت إنساناً قلت‏:‏ نَوَّهْتُ‏.‏ وفي حديث عمر‏:‏ أَنا

أَولُ من نَوَّهَ بالعربِ‏.‏ يقال‏:‏ نَوَّهَ فلانٌ باسمه، ونَوَّهَ فلانٌ

بفلان إذا رفعه وطَيَّرَ بِهِ وقَوَّاه؛ ومنه قول أَبي نُخَيْلَةَ

لِمَسْلَمَةَ‏:‏

ونَوَّهْتَ لِي ذِكْرِي، وما كان خامِلاً، ولَكِنَّ بَعْضَ الذِّكْرِ أَنْبَهُ من بَعْضِ

وفي حديث الزبير‏:‏ أَنه نَوَّه به عليٌّ أَي شَهَرَهُ وعَرَّفَهُ‏.‏

والنَّوَّاهةُ‏:‏ النَّوَّاحةُ، إما أَن تكون من الإشادةِ، وإما أَن تكون

من قولهم ناهَتِ الهامةُ‏.‏ ونَوَّه باسمه‏:‏ دعاه‏.‏ ونوَّه به‏:‏ دعاه؛ وقوله

أَنشده ابن الأَعرابي‏:‏

إذا دَعاها الرُّبَعُ المَلْهُوفُ، نوَّه منها الزاجِلاتُ الجُوفُ

فسره فقال‏:‏ نوَّه منها أَي أَجَبْنَهُ بالحَنِين‏.‏

والنَّوْهةُ‏:‏ الأَكْلَةُ في اليوم والليلة، وهي كالوَجْبَةِ‏.‏ وناهَتْ

نفسي عن الشيء تَنُوهُ وتَناهُ نَوْهاً‏:‏ انتهت، وقيل‏:‏ نُهْتُ عن الشيء

أَبَيْتُه وتركته‏.‏ ومن كلامهم‏:‏ إذا أَكلنا التمر وشربنا الماء ناهَتْ

أَنفسُنا عن اللحم أَي أَبَتْهُ فتركته؛ رواه ابن الأَعرابي وقال‏:‏ التمر واللبن تَنوهُ النفسُ عنهما أَي تقوى عليهما‏.‏ وناهَتْ نفسي أَي قويت‏.‏ الفراء‏:‏

أَعطني ما يَنُوهُني أَي يَسُدُّ خَصاصَتي‏.‏ وإنها لتأْكل ما لا يَنُوهُها

أَي لا يَنْجَعُ فيها‏.‏ ابن شميل‏:‏ ناهَ البقلُ الدوابَّ يَنُوهُها أَي

مَجَدَها، وهو دون الشبع، وليس النَّوْهُ إلا في أَول النبت، فأَما المَجْدُ

ففي كل نبت؛ وقوله‏:‏

يَنْهُونَ عن أَكْلٍ وعن شُرْبِ

هو مثله، إنما أَراد يَنُوهُون فقلب، وإلا فلا يجوز‏.‏ قال الأَزهري‏:‏

كأَنه جعل ناهَتْ أَنفسُنا تَنُوه مقلوباً عن نَهَتْ‏.‏ قال ابن الأَنباري‏:‏

معنى يَنْهُون أَي يشربون فيَنْتَهُون ويَكْتَفُون؛ قال‏:‏ وهو الصواب‏.‏

والنُّوهةُ‏:‏ قُوَّةُ البَدَن‏.‏

نيه‏:‏ نفس ناهَةٌ‏:‏ مُنْتَهِيةٌ عن الشيء، مقلوب من نَهاةٍ‏.‏

هده‏:‏ في الحديث‏:‏ حتى إذا كان بالهَدَةِ

بين عُسْفانَ

ومكة؛ الهَدَةُ، بالتخفيف‏:‏ اسم موضع بالحجاز، والنسبة إليه هَدَوِيٌّ

على غير قياس، ومنهم من يشدد الدال‏.‏ فأَما الهَدْأَةُ التي جاءت في ذكر

قتل عاصم فقيل‏:‏ إنها غير هذه، وقيل‏:‏ هي هي‏.‏

هوه‏:‏ هَهْ‏:‏ كلمة تَذَكُّرٍ وتكون بمعنى التحذير أَيضاً، ولا يُصَرَّفُ

منه فعل لثقله على اللسان وقبحه في المنطق، إلا أَن يضطر شاعر‏.‏ قال الليث‏:‏ هَهْ تَذْكِرَةٌ في حال، وتحذيرٌ في حال، فإذا مدَدْتَها وقلتَ هاهْ

كانت كانت وعيداً في حال، وحكاية لضحك الضاحك في حال، تقول‏:‏ ضحك فلان

فقال هاهْ هاهْ؛ قال‏:‏ وتكون هاهْ في موضع آهْ من التَّوَجُّعِ من قوله‏:‏

إذا ما قُمْتُ أَرْحَلُها بلَيْلٍ، تأَوَّهُ آهَةَ الرجلِ الحَزينِ

ويروى‏:‏

تَهَوَّهُ هاهَةَ الرجلِ الحزين

قال‏:‏ وبيان القطع أَحسن‏.‏ ابن السكيت‏:‏ الآهةُ من التَّأَوُّهِ، وهو التوجع‏.‏ يقال‏:‏ تأَوَّهْتُ آهةً، وكذلك قولهم في الدعاء آهةً وأَمِيهَةً، وتفسيرهما مذكور في موضعه‏.‏ والهَوْهاءةُ والهَوْهاءُ‏:‏ البئر التي لا

مُتَعَلَّقَ بها ولا موضع لرِجْلِ نازِلها لبُعْدِ جالَيْها؛ قال‏:‏

بهُوَّة هَوْهاءةِ التَّرَجُّلِ

ورجل هَوْهاءٌ وهَوْهاءةٌ وهَوْهاةٌ‏:‏ ضعيف الفؤاد جبان من ذلك‏.‏ قال ابن بري‏:‏ وحكى ابن السكيت هوَاهِيةً أَيضاً للجبان‏.‏ ورجل هُوهَةٌ، بالضم، أَي جبان‏.‏ وفي حديث عمرو بن العاص‏:‏ كنتَ الهَوْهاةَ الهُمَزَةَ؛ الهَوْهاةُ‏:‏ الأَحمق‏.‏ أَبو عبيد‏:‏ المَوْماةُ والهَوْهاةُ واحد، والجمع المَوَامي

والهَياهي‏.‏

وتَهَوَّهَ الرجلُ‏:‏ تفَجَّعَ‏.‏

والهَواهي‏:‏ ضرب من السير، واحدتها هَوْهاةٌ‏.‏ ويقال‏:‏ إن الناقة لَتَسِير

هَواهِيَ من السير؛ قال الشاعر‏:‏

تَغالَتْ يداها بالنَّجاءِ وتَنْتهي هَواهِيَ من سَيرٍ، وعُرْضَتُها الصَّبرُ

ابن السكيت‏:‏ رجل هَواهِيَةٌ وهَوْهاءةٌ إذا كان منْخُوبَ الفؤاد، وأَصل

الهواهاءة البئر لا مُتعلَّقَ بها، كما تقدم‏.‏ ويقال‏:‏ جاء فلان

بالهَواهِي أَي بالتخاليط والأَباطيل‏.‏ والهَواهِي‏:‏ اللغو من القول والأَباطيل؛ قال ابن أَحمر‏:‏

وفي كل يومٍ يَدْعُوانِ أَطِبَّةً

إليَّ، وما يُجْدُونَ إلا هَوَاهِيا

وسمعتُ هَواهِيَةَ القومِ‏:‏ وهو مثل عَزِيف الجِنِّ وما أَشبهه‏.‏ ورجل

هُوهٌ‏:‏ كهَوْهاءةٍ‏.‏ وهُوهْ‏:‏ اسم لقارَبْتَ‏.‏ والعرب تقول عند

التَّوَجُّعِ والتَّلَهُّفِ‏:‏ هاهْ وهاهِيه؛ وأَنشد الأَصمعي‏:‏

قال الغَوَاني‏:‏ قد زَهاهُ كِبَرُهْ، وقُلْنَ‏:‏ يا عَمِّ فما أُغَيِّرُهْ، وقلتُ‏:‏ هاهٍ لحديثٍ أُكْثِرُهْ

الهاء في أُْكْثِرُهُ لِهاهٍ‏.‏ وفي حديث عذاب القبر‏:‏ هاهْ هاهْ‏.‏ قال‏:‏ هذه

كلمة تقال في الإيعاد وفي حكاية الضحك، وقد تقال للتوجع، فتكون الهاء

الأُولى مبدلة من همزة آه، وهو الأَليق بمعنى هذا الحديث‏.‏ يقال‏:‏

تأَوَّهَ وتَهَوَّهَ آهَةً وهاهةً‏.‏

هيه‏:‏ هِيهِ وهِيهَ، بالكسر والفتح‏:‏ ‏.‏ في موضع إيهِ وإيهَ‏.‏ وفي حديث أُميَّةَ وأَبي سفيانَ قال‏:‏

يا صَخْرُ هِيهٍ، فقلت‏:‏ هِيْهاً؛ هِيهٍ‏:‏ بمعنى إيهٍ فأَبدل من الهمزة

هاء، وإيهٍ اسم سمي به الفعل، ومعناه الأَمر، تقول للرجل إيهِ، بغير

تنوين، إذا استزدته من الحديث المعهود بينكما، فإن نوَّنْتَ استزدتَهُ من حديثٍ مَّا غير معهود، لأَن التنوين للتنكير، فإذا سكَّنْتَهُ وكففته قلت

إيهاً، بالنصب، فالمعنى أَن أُميَّةَ قال له‏:‏ زِدْني من حديثك، فقال له

أَبو سفيان‏:‏ كُفَّ عن ذلك‏.‏ ابن سيده‏:‏ إيهٍ كلمة استزادة لكلام، وهاهْ كلمة

وعيدٍ، وهي أَيضاً حكايةُ الضحك والنَّوْحِ‏.‏ وروى الأَزهري عن أَبي هريرة

قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يحب العُطاسَ

ويَكْرَهُ التَّثاؤُبَ، فإذا تَثاءَبَ أَحدُكم فلْيَرُدَّه ما استطاع ولا

يقولَنَّ هاهْ هاهْ، فإنما ذلِكُمُ الشيطانُ يضحكُ منه‏.‏ وفي حديث علي، رضوان الله عليه، وذكر العلماء الأَتقياء فقال‏:‏ أُولئك أَولياءُ اللهِ من خلقه

ونُصَحاؤُهُ في دِينِه والدُّعاةُ إلى أَمره، هاهْ هاهْ شَوْقاً إليهم‏.‏

قال ابن سيده‏:‏ وإنما قضيت على أَلف هاه أَنها ياء بدليل قولِهم هِيهِ في معناه‏.‏

وهَيْهَيْتُ بالإبل وهاهَيْتُ بها‏:‏ دعوتها وزجرتها فقلت لها هَاهَا، فقلبت الياء أَلفاً لغير علة إلا طَلَب الخفة، لأَن الهاء لخفائها كأَنها

لم تَحْجُزْ بينهما، فالتقى مِثْلانِ‏.‏ وهاهَيْتُ بالإبل أَي شايَعْتُ

بها‏.‏ وهاهَيْتُ الكلاب‏:‏ زجرتها؛ وقال‏:‏

أَرَى شَعَراتٍ، على حاجبيـ *** يَ، بِيضاً نَبَتْنَ جميعاً تُؤَامَا

ظَلِلْتُ أُهاهي بِهنَّ الكِلا

بَ، أَحْسِبُهُنَّ صُواراً قِيامَا

فأَما قوله‏:‏

قد أَخْصِمُ الخَصْمَ وآتي بالرُّبُعْ، وأَرْفَعُ الجفنةَ بالهَيْهِ الرَّتِعْ

فإن أَبا علي فسره بأَنه الذي يُنَحَّى ويُطْرَدُ لدنس ثيابه فلا

يُطْعَمُ، يقال له هَيَهْ هِيَهْ‏.‏ وحكى ابن الأَعرابي‏:‏ أَن الهَيْه هو الذي

يُنَحَّى لدنس ثيابه يقال له هَيْه هَيْه؛ وأَنشد البيت‏:‏

وأَرْقَعُ الجَفْنَةَ بالهَيْهِ الرَّئِعْ

قوله‏:‏ آتي بالرُّبُع أَي بالرُّتْعِ من الغنيمة، ومن قال بالرُّبَعِ، فمعناه أَقتاده وأَسوقه‏.‏ وقوله‏:‏

وأَرْقَعِ الجفنة بالهيه الرتِع

الرَّتِعُ‏:‏ الذي لا يبالي ما أَكل وما صنع، فيقول أَنا أُدنيه وأُطعمه

وإن كان دنس الثياب؛ وأَنشد الأَزهري هذا البيت عن الأَعرابي وفسره فقال‏:‏

يقول إذا كان خَلَلاً سَددته بهذا، وقال‏:‏ الهَيْهُ الذي يُنَحَّى‏.‏

يقال‏:‏ هَيْه هَيْه لشيء يُطْرَدُ ولايُطعَمُ، يقول‏:‏ فأَنا أُدنيه واطعمه‏.‏

وهَيَاهٌ‏:‏ من أَسماء الشياطين‏.‏

وهَيْهاتَ وهَيْهاتِ‏:‏ كلمة معناها البُعْدُ، وقيل‏:‏ هَيْهاتَ كلمة

تبعيد؛ قال جريرٌ‏:‏

فهَيْهاتَ هَيْهاتَ العَقِيقُ وأَهْلُهُ

وهَيْهاتَ خِلٌّ بالعَقيقِ نُحاولُهْ

والتاء مفتوحة مثل كيف، وأَصلها هاء، وناس يكسرونها على كل حال بمنزلة

نون التثنية؛ قال حُمَيدٌ الأَرْقَطُ يصف إبلاً قطعت بلاداً حتى صارت في القِفار‏:‏

يُصْبِحْنَ بالقَفْزِ أَتاوِيَّاتِ، هَيْهاتِ من مُصْبَحِها هَيْهاتِ

هَيْهاتِ حَجْرٌ من صُنَيْبِعاتِ

وقد تبدل الهاء همزة فيقال أَيهاتَ مثل هَراقَ وأَراقَ؛ قال الشاعر‏:‏

أَيْهاتَ مِنْكَ الحياةُ أَيْهاتَا

وقد تكرر ذكر هيهات في الحديث، واتفق أََهل اللغة أَن التاء من هيهات

ليست بأَصلية، أَصلها هاء‏.‏ قال أَبوعمرو بن العلاء‏:‏ إذا وصَلْتَ هَيْهاتَ

فَدَعِ التاء على حالها، وإذا وَقَفْتَ فقل هَيْهات هَيْهاه، قال ذلك في قول الله عز وجل‏:‏ هَيْهاتَ هَيْهاتَ لما توعَدُونَ‏.‏ قال‏:‏ وقال سيبويه

من كسر التاء فقال هَيْهاتِ هَيْهاتِ فهي بمنزلة عِرْقاتٍ، تقول

اسْتأْصلَ الله عِرْقاتِهم، فمن كسر التاء جعلها جمعاً واحدَتُها عِرْقَةٌ، وواحدَةُ هَيْهاتِ على ذلك اللفظ هَيْهَةٌ، ومن نصب التاء جعلها كلمة واحدة، قال‏:‏ ويقال هَيْهاتَ ما قُلْتَ وهَيْهاتَ لِما قُلْتَ، فمَنْ أَدخل

اللام فمعناه البُعْدُ لقولك‏.‏ ابن الأَنباري‏:‏ في هَيْهاتَ سبع لغاتٍ‏:‏ فمن قال هَيْهاتَ بفتح التاء بغير تنوين شَبَّه التاء بالهاء ونصبها على

مَذْهَب الأَداةِ، ومن قال هَيْهاتاً بالتنوين شَبَّهه بقوله فقليلاً ما يُؤْمنون أَي فقليلاً إيمانُهم، ومن قال هَيْهاتِ شَبَّهه بحذامِ وقطامِ، ومن قال هَيْهاتٍ بالتنوين شَبَّهه بالأَصوات كقولهم غاقٍ وطاقٍ، ومن قال هَيْهاتُ لك بالرفع ذهب بها إلى الوصف فقال هي أَداة والأَدَواتُ معرفةٌ، ومن رفعها ونَوَّنَ شَبَّهَ التاء بتاء الجمع كقوله من عَرَفاتٍ، قال‏:‏ ومن العرب من يقول أَيْهات في اللغات التي ذكرتها كلها، ومنهم من يقول

أَيهان، بالنون، قال الشاعر‏:‏

أَيْهانَ منكَ الحياةُ أَيْهانا

ومنهم من يقول أَيْها، بلا نونٍ، ومن قال أَيْها حذف التاء كما حذفت

الياء من حاشَى فقالوا حاشَ؛ وأَنشد‏:‏

ومن دُونَي الأَعراضُ والقِنْعُ كلُّه، وكُتْمانُ أَيْهَا ما أَشَتَّ وأَبْعَدَا

وهي في هذه اللغات كلها معناها البُعْدُ، والمستعمل منها استعمالاً

عالياً الفتح بلا تنوين‏.‏ الفراء‏:‏ نصب هيهات بمنزلة نَصْبِ رُبَّتَ

وثُمَّتَ، والأَصل رُبَّهْ وثُمَّهْ؛ وأَنشد‏:‏

ماوِيَّ، يا رُبَّتَما غارةٍ

شَعْواءَ، كاللَّذْعَةِ بالمِيسمِ

قال‏:‏ ومن كسر التاء لم يجعلها هاء تأْنيث، وجعلها بمنزلة دَراكِ

وقَطامِ‏.‏ أَبو حيان‏:‏ هَيْهاتَ هيهاتَ لما توعدون، فأَلحق الهاء الفتحة؛ قال‏:‏ هَيْهاتَ من عَبْلَةَ ما هَيْهاتا، هَيْهاتَ إلا ظَعَناً قد فاتا

قال ابن جني كان أَبو علي يقول في هَيْهاتَ أَنا أُفْتي مرةً بكونها

اسماً سمي به الفعل كصَهْ ومَهْ، وأُفْتِي مرةً بكونها ظرفاً على قدر

ما يَحْضُرُني في الحال، قال‏:‏ وقال مرة أُخرى إنها وإن كانت ظرفاً فغير

ممتنع أَن تكون مع ذلك اسماً سمي به الفعل كعِنْدَكَ ودونَك‏.‏ وقال ابن جني

مرة‏:‏ هَيْهاتٍ وهيهاتِ، مصروفة وغير مصروفة، جمع هَيْهة، قال‏:‏ وهَيْهات

عندنا رباعية مكررة، فاؤُها ولامُها الأُولى هاء، وعينها ولامها الثانية

ياء، فهي لذلك من باب صِيصِيَةٍ، وعَكسُها يَلْيَلُ ويَهْياهٌ، من ضَعَّفَ الياء بمنزلة المَرْمَرَة والقَرْقَرَة‏.‏ ابن سيده‏:‏ أَيْهاتَ لغة في هَيْهاتَ، كأَنّ الهمزة بدل من الهاء؛ هذا قول بعض أَهل اللغة، قال‏:‏

وعندي أَن إحداهما ليست بدلاً من الأُخرى إنما هما لغتان‏.‏ قال الأَخفش‏:‏

يجوز في هَيْهاتَ أَن يكون جماعة، فتكون التاء التي فيها تاء الجمع التي

للتأْنيث، قال‏:‏ ولا يجوز ذلك في اللات والعُزَّى لأَن لاتَ وكيْتَ لا

يكون مثلُهما جَماعةً، لأَن التاء لا تزاد في الجماعة إلا مع الألف، وإن جعلت الأَلف والتاء زائدتين بقي الاسم على حرف واحد، قال ابن بري عند قول

الجوهري‏:‏ يجوز في هَيْهاتَ أَن يكون جماعة وتكون التاءُ التي فيها تاءَ

الجمع، قال‏:‏ صوابه يجوز في هيهات بكسر التاء، وقد ينوّن فيقال هَيْهاتٍ

وهَيْهاتاً؛ قال الأَحْوَصُ‏:‏

تَذكَّرُ أَيَّاماً مَضَيْنَ من الصِّبَا، وهَيْهاتِ هَيْهاتاً إليكَ رُجُوعُها

وقول العجاج‏:‏

هَيْهاتَ من مُنْخرقٍ هَيْهاؤُه

قال ابن سيده‏:‏ أَنشده ابن جني ولم يفسره، قال‏:‏ ولا أَدري ما معنى

هَيْهاؤُه‏.‏ وقال غيره‏:‏ معناها البعد والشيء الذي لا يُرْجَى‏.‏ وقال ابن بري‏:‏

قوله هَيْهاؤُه يدل على أَن هَيْهاتَ من مضاعف الأَربعة، وهَيْهاؤه فاعل

بهَيْهات، كأَنه قال بَعُدَ بُعْدُه، ومن متعلقة بهيهات، وقد تكلم عليه

أَبو علي في أَول الجزء الثاني والعشرين من التَّذْكَرة‏.‏ قال ابن بري‏:‏ قال أَبو علي من فتح التاء وقف عليها بالهاء لأَنها في اسم مفرد، ومن كسر

التاء وقف عليها بالتاء لأَنها جمع لهَيْهاتَ المفتوحة، قال‏:‏ وهذا خلاف ما حكاه الجوهري عن الكسائي، وهو سهو منه، وهذا الذي رده ابن بري على

الجوهري ونسبه إلى السهو فيه هو بعينه في المحكم لابن سيده‏.‏

الأَزهري في أَثناء كلامه على وَهَى‏:‏ أَبو عمرو التَّهيِيتُ الصَّوْتُ

بالناس‏.‏ قال أَبو زيد‏:‏ هو أَن تقول له يا هَيَاهِ‏.‏

وبه‏:‏ الوَبْهُ‏:‏ الفِطنَةُ‏.‏ والوَبْهُ أَيضاً‏:‏ الكِبْرُ‏.‏ وَبَهَ للشيء

وَبْهاً ووُبُوهاً ووَبَهَ لَه وَبْهاً ووَبَهاً، بالسكون والفتح‏:‏ فَطَنَ‏.‏

الأَزهري‏:‏ نَبِهْتُ للأَمر أَنْبَهُ نَبَهاً ووَبِهْتُ له أَوْبه وَبَهاً وأَبَهْتُ آبَهُ أَبْهاً، وهو الأَمْرُ تَنْساه ثم تَنْتَبِه له‏.‏

وقال الكسائي‏:‏ أَبَهْتُ آبَهُ وبُهْتُ أَبُوه وبِهْتُ أَباه، وفلان لا

يُوَبَهُ به ولا يُوبَهُ له أَي لا يُبَالى به‏.‏ وفي حديث مرفوع‏:‏ رُبَّ

أَشْعَثَ أَغْبَرِ ذي طِمْرَيْن لا يُوبَهُ له لو أَقسم على الله لأَبَرَّهُ؛ معناه لا يُفْطَنُ له لِذِلَّتِه وقِلَّةِ مَرآتِه ولا يُحْتَفَلُ به لِحَقارته، وهو مع ذلك من الفضل في دينه والإخْباتِ لربه بحيث إذا دَعاهُ

استجابَ له دُعاءَه‏.‏ ويقال‏:‏ أَبَهْتُ له آبَهُ وأَنت تِيبَهُ، بكسر التاء، مثل تِيجَلُ أَي تُبالي‏.‏ ابن السكيت‏:‏ ما أَبِهْتُ له وما أَبَهْتُ له وما

بُهْتُ له وما وَبَهْت له وما وَبِهْتُ له، بفتح الباء وكسرها، وما

بَأَهْتُ له وما بَهَأْتُ له؛ يريدما فَطِنْتُ له‏.‏ وروي عن أَبي زيد أَنه

قال‏:‏ إني لآبَهُ بِكَ عن ذلك الأَمر إلى خير منه إذا رفعته عن ذلك‏.‏ الفراء‏:‏

يقال جاءت تَبُوه بَواهاً أَي تَضِجُّ‏.‏

وجه‏:‏ الوَجْهُ‏:‏ معروف، والجمع الوُجُوه‏.‏ وحكى الفراء‏:‏ حَيِّ الأُجُوهَ

وحَيِّ الوُجُوه‏.‏ قال ابن السكيت‏:‏ ويفعلون ذلك كثيراً في الواو إذا

انضمت‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه ذكر فِتَناً كوُجُوهِ البَقَرِ أَي يُشْبِه بَعْضُها

بعضاً لأَن وُجُوهَ البقر تتشابه كثيراً؛ أَراد أَنها فِتَنٌ

مُشْتَبِهَةٌ لا يُدْرَى كيف يُؤْتَى لها‏.‏ قال الزمخشري‏:‏ وعندي أَن المراد تأْتي

نواطِحَ للناس ومن ثم قالوا نَواطِحُ الدَّهْرِ لنوائبه‏.‏ ووَجْهُ كُلِّ شيء‏:‏

مُسْتَقْبَلُه، وفي التنزيل العزيز‏:‏ فأَيْنَما تُوَلُّوا فثَمَّ وَجْهُ الله‏.‏ وفي حديث أُمّ سلمة‏:‏ أَنها لما وَعَظَتْ عائشة حين خرجت إلى

البصرة قالت لها‏:‏ لو أَن رسول الله صلى الله عليه وسلم عَارَضَكِ ببعض

الفَلَواتِ ناصَّةً قَلُوصاً من مَنْهَلٍ إلى مَنْهَلٍ قد وَجِّهْتِ

سدافَتَه وتَرَكْتِ عُهَّيْداهُ في حديث طويل؛ قولها‏:‏ وَجَّهْتِ

سِدافَتَه أَي أَخذتِ وَجْهاً هَتَكْتِ سِتْرَك فيه، وقيل‏:‏ معناه أَزَلْتِ

سِدافَتَهُ، وهي الحجابُ، من الموضع الذي أُمِرْتِ أَن تَلْزَمِيه وجَعَلْتِها

أَمامَكِ‏.‏ القتيبي‏:‏ ويكون معنى وَجَّهْتِهَا أَي أَزَلْتِهَا من المكان

الذي أُمِرْتِ بلزومه وجَعَلْتِهَا أَمامَكِ‏.‏ والوَجْهُ‏:‏ المُحَيَّا‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ فأَقِمْ وَجْهَكَ للدِّين حَنِيفاً؛ أَي اتَّبِع الدِّينَ

القَيِّمَ، وأَراد فأَقيموا وجوهكم، يدل على ذلك قوله عز وجل بعده‏:‏

مُنِيبِينَ إليه واتَّقُوهُ؛ والمخاطَبُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم والمراد

هو والأُمَّةُ، والجمع أَوْجُهٌ ووُجُوهٌ‏.‏ قال اللحياني‏:‏ وقد تكون

الأَوْجُهُ للكثير، وزعم أَن في مصحف أُبَيٍّ أَوْجُهِكُمْ مكان وُجُوهِكُمْ، أُراه يريد قوله تعالى‏:‏ فامسحوا بوُجُوهِكُمْ‏.‏ وقوله عز وجل‏:‏ كلُّ شيءٍ

هالكٌ إلا وَجْهَهُ؛ قال الزجاج‏:‏ أَراد إلا إيَّاهُ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ كانَتْ

وُجُوهُ بُيُوت أَصحابِهِ شارعةً في المسجد؛ وَجْهُ البيتِ‏:‏ الخَدُّ

الذي يكون فيه بابه أَي كانت أَبواب بيوتهم في المسجد، ولذلك قيل لَخَدِّ

البيت الذي فيه الباب وَجْهُ الكَعْبةِ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ لتُسَوُّنَّ

صُفُوفَكُمْ أَو لَيُخالِفَنَّ الله بين وُجُوهكم؛ أَراد وُجوهَ القلوب، كحديثه

الآخر‏:‏ لا تَخْتَلِفُوا فتَخْتَلِفَ قُلُوبكم أَي هَوَاها وإرادَتُها‏.‏

وفي حديث أَبي الدَّرْداءِ‏:‏ لا تَفْقَهُ حتى تَرَى للقرآن وُجُوهاً أَي

تَرَى له مَعَانيَ يحتملها فتَهابَ الإقْدامَ عليه‏.‏ ووُجُوهُ البلد‏:‏

أَشرافُه‏.‏ ويقال‏:‏ هذا وَجْهُ الرأْيِ أَي هو الرأْيُ نَفْسُه‏.‏ والوَجْه

والجِهَةُ بمعنىً، والهاء عوض من الواو، والاسم الوِجْهَةُ والوُجْهَةُ، بكسر

الواو وضمها، والواو تثبت في الأَسماء كما قالوا وِلْدَةٌ، وإنما لا تجتمع

مع الهاء في المصادر‏.‏ واتَّجَهَ له رأْيٌ أَي سَنَحَ، وهو افْتَعَلَ، صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها، وأُبدلت منها التاء وأُدغمت ثم بُنِيَ

عليه قولك قعدت تُجاهَكَ وتِجَاهَكَ أَي تِلْقاءَك‏.‏ ووَجْهُ الفَرَسِ‏:‏ ما أَقبل عليك من الرأْس من دون مَنَابت شعر الرأْس‏.‏ وإنه لعَبْدُ الوَجْهِ

وحُرُّ الوَجْهِ، وإنه لسَهْلُ الوَجْهِ إذا لم يكن ظاهر الوَجْنَةِ‏.‏

ووَجْهُ النهار‏:‏ أَوَّلُهُ‏.‏ وجئتك بوَجْهِ نهارٍ أَي بأَوّل نهار‏.‏ وكان ذلك

على وَجْهِ الدهرأَي أَوَّلِهِ؛ وبه يفسره ابن الأَعرابي‏.‏ ويقال‏:‏ أَتيته

بوَجْهِ نهارٍ وشَبابِ نهارٍ وصَدْرِ نهارٍ أَي في أَوَّله؛ ومنه قوله‏:‏

مَنْ كان مَسْروراً بمَقْتَلِ مالِكٍ، فليأْتِ نِسْوَتَنَا بوَجْهِ نهارِ

وقيل في قوله تعالى‏:‏ وَجْهَ النهارِ واكْفُروا آخِرَهُ؛ صلاة الصبح، وقيل‏:‏ هو أَوّل النهار‏.‏ ووَجْهُ النجم‏:‏ ما بدا لك منه‏.‏ ووَجْهُ الكلام‏:‏

السبيلُ الذي تقصده به‏.‏

وجاهاهُ إذا فاخَرَهُ‏.‏

ووُجُوهُ القوم‏:‏ سادتهم، واحدهم وَجْهٌ، وكذلك وُجَهَاؤهم، واحدهم

وَجِيهٌ‏.‏ وصَرَفَ الشيءَ عن وَجْهِهِ أَي سَنَنِهِ‏.‏

وجِهَةُ الأَمرِ وجَهَتُهُ ووِجْهَتُه ووُجْهَتُهُ‏:‏ وَجْهُهُ‏.‏ الجوهري‏:‏

الاسم الوِجْهَة والوُجْهة، بكسر الواو وضمها، والواو تثبت في الأَسماء

كما قالوا وِلْدَةٌ، وإنما لا تجتمع مع الهاء في المصادرِ‏.‏ وما له جِهَةٌ

في هذا الأَمرِ ولا وِجْهَةٌ أَي لا يبصر وجْهَ أَمره كيف يأْتي له‏.‏

والجِهَةُ والوِجْهَةُ جميعاً‏:‏ الموضعُ الذي تَتَوَجَّهُ إليه وتقصده‏.‏

وضَلَّ وِجْهَةَ أَمْرهِ أَي قَصْدَهُ؛ قال‏:‏

نَبَذَ الجِوَارَ وضَلَّ وِجْهَةَ رَوْقِهِ، لما اخْتَلَلْتُ فُؤَادَهُ بالمِطْرَدِ

ويروى‏:‏ هِدْيَةَ رَوْقِهِ‏.‏ وخَلِّ عن جِهَتِه‏:‏ يريد جِهَةَ الطريقِ‏.‏

وقلت كذا على جِهَةِ كذا، وفعلت ذلك على جهة العدل وجهة الجور؛ والجهة‏:‏

النحو، تقول كذا على جهة كذا، وتقول‏:‏ رجل أَحمر من جهته الحمرة، وأَسود من جهته السواد‏.‏ والوِجهةُ والوُجهةُ‏:‏ القِبلةُ وشِبْهها في كل وجهة أَي

في كل وجه استقبلته وأَخذت فيه‏.‏ وتَجَهْتُ إليك أَتْجَهُ أَي توجهتُ، لأَن أَصل التاء فيهما واو‏.‏ توَجَّه إليه‏:‏ ذهب‏.‏ قال ابن بري‏:‏ قال أَبو زيد

تَجِهَ الرجلُ يَتْجَهُ تَجَهاً‏.‏ وقال الأَصمعي‏:‏ تَجَهَ،بالفتح؛ وأَنشد

أَبو زيد لمِرْداسِ بن حُصين‏:‏

قَصَرْتُ له القبيلةَ، إذ تَجِهْنا

وما ضاقَتْ بشَدّته ذِراعي

والأَصمعي يرويه‏:‏ تَجَهْنا، والذي أَراده اتَّجَهْنا، فحذف أَلف الوصل

وإحدى التاءين، وقَصَرْتُ‏:‏ حبَسْتُ‏.‏ والقبيلةُ‏:‏ اسم فرسه، وهي مذكورة في موضعها، وقيل‏:‏ القبيلة اسم فرسٍ؛ أَنشد ابن بري لطُفيلٍ‏:‏

بناتُ الغُرابِ والوجِيهِ ولاحِقٍ، وأَعْوَجَ تَنْمي نِسْبَةَ المُتَنسِّبِ

واتَّجَهَ له رأْيٌ أَي سَنَحَ، وهو افْتَعَل، صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها، وأُبدلت منها التاء وأُدغمت ثم بني عليه قولك قعدت تُجاهَكَ

وتِجاهَكَ أَي تِلْقاءك‏.‏ وتَجَهْتُ إليك أَتْجَهُ أَي توجهتُ لأَن أَصل التاء

فيهما واو‏.‏ ووَجَّه إليه كذا‏:‏ أَرسله، ووجَّهْتُهُ في حاجةٍ ووجَّهْتُ

وجْهِيَ لله وتوَجَّهْتُ نحوَكَ وإليك‏.‏ ويقال في التحضيض‏:‏ وَجِّهِ الحَجَرَ

وجْهةٌ مّا له وجِهَةٌ مّا له ووَجْهٌ مّا له، وإنما رفع لأَن كل حَجَرٍ

يُرْمى به فله وجْهٌ؛ كل ذلك عن اللحياني، قال‏:‏ وقال بعضهم وجِّه

الحَجَرَ وِجْهةً وجِهةً مّا له ووَجْهاً مّا له، فنصب بوقوع الفعل عليه، وجعل

ما فَضْلاً، يريد وَجِّه الأَمرَ وَجْهَهُ؛ يضرب مثلاً للأَمر إذا لم يستقم من جهةٍ أَن يُوَجِّهَ له تدبيراً من جِهةٍ أُخرى، وأَصل هذا في الحَجَرِ يُوضَعُ في البناء فلا يستقيم، فيُقْلَبُ على وجْهٍ آخر فيستقيم‏.‏

أَبو عبيد في باب الأَمر بحسن التدبير والنهي عن الخُرْقِ‏:‏ وَجِّهْ وَجْهَ

الحَجَرِ وِجْهةً مّا له، ويقال‏:‏ وِجْهة مّا له، بالرفع، أَي دَبِّرِ

الأَمر على وجْهِه الذي ينبغي أَن يُوَجَّهَ عليه‏.‏ وفي حُسْنِ التدبير

يقال‏:‏ ضرب وجْهَ الأَمر وعيْنَه‏.‏ أَبو عبيدة‏:‏ يقال وَجِّه الحجر جهةٌ ما له، يقال في موضع الحَضِّ على الطلب، لأَن كل حجر يُرْمى به فله وجْهٌ، فعلي هذا المعنى رفعه، ومن نصبه فكأَنه قال وَجِّه الحجر جِهَتَه، وما

فضْلٌ، وموضع المثل ضََعْ كلَّ شيء موضعه‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ وَجِّه الحجر

جِهَةً مّا له وجهةٌ مّا له ووِجْهةً مّا له ووِجهةٌ مّا له ووَجْهاً مّا له

ووَجْهٌ مّا له‏.‏

والمُواجَهَةُ‏:‏ المُقابلَة‏.‏ والمُواجَهةُ‏:‏ استقبالك الرجل بكلام أَو

وَجْهٍ؛ قاله الليث‏.‏

وهو وُجاهَكَ ووِجاهَكَ وتُجاهَكَ وتِجاهَكَ أَي حِذاءَكَ من تِلْقاءِ

وَجْهِكَ‏.‏ واستعمل سيبويه التُّجاهَ اسماً وظرفاً‏.‏ وحكى اللحياني‏:‏ داريِ

وجاهَ دارِكَ ووَجاهَ دارِكَ ووُجاهَ دارك، وتبدل التاء من كل ذلك‏.‏ وفي حديث عائشة، رضي الله عنها‏:‏ وكان لعلي، رضوان الله عليه، وَجْهٌ من الناس حياةَ فاطمةَ، رِضوانُ الله عليها، أَي جاهٌ وعِزٌّ فقَدَهما

بعدها‏.‏ الوُجاهُ والتُّجاهُ‏:‏ الوجْهُ الذي تقصده‏.‏ ولقيه وِجاهاً ومُواجَهةً‏:‏

قابَل وجْهَهُ بوجْهِه‏.‏ وتواجَهَ المنزلانِ والرجلان‏:‏ تقابلا‏.‏ والوُجاهُ

والتُّجاه‏:‏ لغتان، وهما ما استقبل شيء شيئاً، تقول‏:‏ دارُ فلانٍ تُجاهَ دار

فلان‏.‏ وفي حديث صلاة الخوف‏:‏ وطائفةٌ وُجاهَ العدوّ أَي مُقابَلتَهم

وحِذاءَهم، وتكسر الواو وتضم؛ وفي رواية‏:‏ تُجاهَ العدوِّ، والتاء بدل من الواو مثلها في تُقاةٍ وتُخَمةٍ، وقد تكرر في الحديث‏.‏

ورجل ذو وَجْهينِ إذا لَقِيَ بخلاف ما في قلبه‏.‏

وتقول‏:‏ توجَّهوا إليك ووَجَّهوا، كلٌّ يقال غير أَن قولك وَجَّهوا إليك

على معنى وَلَّوْا وُجوهَهُم، والتَّوَجُّه الفعل اللازم‏.‏ أَبو عبيد‏:‏ من أَمثالهم‏:‏ أَينما أُوَجِّهْ أَلْقَ سَعْداً؛ معناه أَين أَتَوَجَّه‏.‏

وقَدَّمَ وتَقَدَّمَ وبَيَّنَ وتبَيَّنَ بمعنى واحد‏.‏ والوجْهُ‏:‏ الجاهُ‏.‏ ورجل

مُوَجَّهٌ ووَجِيهٌ‏:‏ ذو جاه وقد وَجُهَ وَجاهةٌ‏.‏ وأَوْجَهَه‏:‏ جعل له

وجْهاً عند الناس؛ وأَنشد ابن بري لامرئ القيس‏:‏

ونادَمْتُ قَيْصَرَ في مُلْكِه، فأَوْجَهَني وركِبْتُ البَريدا

ورجل وَجِيهٌ‏:‏ ذو وَجاهةٍ‏.‏ وقد وَجُه الرجلُ، بالضم‏:‏ صار وَجِيهاً أَي

ذا جاهٍ وقَدْر‏.‏ وأَوجَهَه الله أَي صَيَّرَه وَجِيهاً‏.‏ ووجَّهَه

السلطانُ وأَوجَهَه‏:‏ شرَّفَه‏.‏ وأَوجَهْتُه‏:‏ صادَفْتُه وَجِيهاً، وكلُّه من الوَجْهِ؛ قال المُساوِرُ بن هِنْدِ بن قيْس بن زُهَيْر‏:‏

وأَرَى الغَواني، بَعْدَما أَوْجَهْنَني، أَدْبَرْنَ ثُمَّتَ قُلْنَ‏:‏ شيخٌ أَعْوَرُ

ورجل وَجْهٌ‏:‏ ذو جاه‏.‏ وكِساءٌ مُوَجَّهٌ أَي ذو وَجْهَينِ‏.‏ وأَحْدَبُ

مُوَجَّهٌ‏:‏ له حَدَبَتانِ من خلفه وأَمامه، على التشبيه بذلك‏.‏ وفي حديث

أَهل البيت‏:‏ لايُحِبُّنا الأَحْدَبُ المُوَجَّهُ؛ حكاه الهروي في الغريبين‏.‏ ووَجَّهَتِ الأَرضَ المَطَرَةُ‏:‏ صَيَّرتَهْا وَجْهاً واحداً، كما تقول‏:‏

تَرَكَتِ الأَرضَ قَرْواً واحداً‏.‏ ووَجَّهَها المطرُ‏:‏ قَشَرَ وَجْهَها

وأَثر فيه كحَرَصَها؛ عن ابن الأَعرابي‏.‏

وفي المثل‏:‏ أَحمق ما يتَوَجَّهُ أَي لا يُحْسِنُ أَن يأْتي الغائط‏.‏ ابن سيده‏:‏ فلان ما يتَوَجَّهُ؛ يعني أَنه إذا أَتى الغائط جلس مستدبر الريح

فتأْتيه الريح بريح خُرْئِه‏.‏ والتَّوَجُّهُ‏:‏ الإقبال والانهزام‏.‏

وتَوَجَّهَ الرجلُ‏:‏ وَلَّى وكَبِرَ؛ قال أَوْسُ بن حَجَرٍ‏:‏

كعَهْدِكِ لا ظِلُّ الشَّبابِ يُكِنُّني، ولا يَفَنٌ مِمَّنْ تَوَجَّهَ دالِفُ

ويقال للرجل إذا كَبِرَ سِنُّهُ‏:‏ قد تَوَجَّهَ‏.‏ بن الأَعرابي‏:‏ يقال شَمِطَ ثم شاخ ثم كَبِرَ ثم تَوَجَّهَ ثم دَلَف ثم دَبَّ ثم مَجَّ ثم ثَلَّبَ

ثم الموت‏.‏ وعندي امرأَة قد أَوْجَهَتْ أَي قعدت عن الولادة‏.‏

ويقال‏:‏ وَجَّهَتِ الريحُ الحصى تَوْجِيهاً إذا ساقته؛ وأَنشد‏:‏

تُوَجِّهُ أَبْساطَ الحُقُوفِ التَّياهِرِ

ويقال‏:‏ قاد فلانٌ فلاناً فوَجَّه أَي انقاد واتّبع‏.‏ وشيءٌ مُوَجَّهٌ إذا

جُعِلَ على جِهَةٍ واحدة لا يختلف‏.‏ اللحياني‏:‏ نظر فلانٌ بِوُجَيْهِ

سُوءٍ وبجُوهِ سُوءٍ وبِجيهِ سوءٍ‏.‏ وقال الأَصمعي‏:‏ وَجَهْتُ فلاناً إذا

ضربت في وجْهِه، فهو مَوْجوهٌ‏.‏ ويقال‏:‏ أَتى فلان فلاناً فأَوْجَهَهُ

وأَوْجَأَهُ إذا رَدَّهُ‏.‏ وجُهتُ فلاناً بما كره فأَنا أَجُوهه إذا استقبلته به؛ قاله الفراء، وكأَن أَصله من الوَجْه فقُلِبَ، وكذلك الجاهُ وأَصله

الوَجْهُ‏.‏ قال الفراء‏:‏ وسمعت امرأَة تقول أَخاف أَن تجُوهَني بأَكثر من هذا

أَي تستقبلني‏.‏ قال شمر‏:‏ أُراه مأْخوذاً من الوَجْهِ؛ الأَزهري‏:‏ كأَنه

مقلوب‏.‏ ويقال‏:‏ خرج القوم فوَجَّهُوا للناس الطريقَ توجيهاً إذا وَطِئُوه

وسَلَكوه حتى استبان أَثَرُ الطريق لمن يسلكه‏.‏

وأَجْهَتِ السماءُ فهي مُجْهِيَةٌ إذا أَصْبَحت، وأَجْهَت لك

السَّبيلُ أَي استبانت‏.‏ وبيتٌ أَجْهَى‏:‏ لا سِتْرَ عليه‏.‏ وبيوتٌ جُهْوٌ، بالواو، وعَنْزٌ جَهْواء‏:‏ لا يستر ذَنَبُها حياءها‏.‏ وهم وِجاهُ أَلْفٍ أَي زُهاءُ

أَلفٍ؛ عن ابن الأَعرابي‏.‏

ووَجَّهَ النخلةَ‏:‏ غرسها فأَمالها قِبَلَ الشَّمال فأَقامتْها

الشَّمالُ‏.‏ والوَجِيهُ من الخيل‏:‏ الذي تخرج يداه معاً عند النِّتاج، واسم ذلك

الفعل التَّوْجيهُ‏.‏ ويقال للولد إذا خرجت يداه من الرحم أَوّلاً‏:‏ وَجِيهٌ، وإذا خرجت رجلاه أََّْلاً‏:‏ يَتْنٌ‏.‏ والوجيهُ‏:‏ فرس من خيل العرب نَجِيبٌ، سمي بذلك‏.‏

والتَّوْجيهُ في القوائم‏:‏ كالصَّدَفِ إلاَّ أَنه دونه، وقيل‏:‏

التَّوْجيهُ من الفَرَس تَدانِي العُجايَتَيْنِ وتَداني الحافرين والْتِواءٌ من الرُّسْغَيْنِ‏.‏ وفي قَوافي الشِّعْرِ التأْسيس والتَّوْجيهُ والقافيةُ، وذلك في مثل قوله‏:‏

كِلِيني لهَمٍّ، يا أُمَيمَةَ، ناصِبِ

فالباء هي القافية، والأَلف التي قبل الصاد تأْسيسٌ، والصادُ تَوْجِيهٌ

بين التأْسيس والقافية، وإِنما قيل له تَوْجِيهٌ لأَن لك أَن تُغَيِّرَه

بأَيِّ حرفٍ شئتَ، واسم الحرف الدَّخِيلُ‏.‏ الجوهري‏:‏ التَّوْجيهُ هو الحرف

الذي بين أَلف التأْسيس وبين القافية، قال‏:‏ ولك أَن تغيره بأَي حرف شئتَ

كقول امرئ القيس‏:‏ أَنِّي أَفِرْ، مع قوله‏:‏ جميعاً صُبُرْ، واليومُ

قَرّ، ولذلك قيل له تَوْجيهٌ؛ وغيره يقول‏:‏ التوجيه اسم لحركاته إِذا كان

الرَّوِيُّ مُقَيَّداً‏.‏ قال ابن بري‏:‏ التَّوْجيهُ هو حركة الحرف الذي قبل

الرويِّ المقيد، وقيل له توجيه لأَنه وَجَّهَ الحرفَ الذي قبل الرَّوِيِّ

المقيد إِليه لا غير، ولم يَحْدُث عنه حرفُ لِينٍ كما حدث عن الرَّسِّ

والحَذْوِ والمَجْرَى والنَّفادِ، وأَما الحرف الذي بين أَلف التأْسيس

والرَّوِيِّ فإِنه يسمى الدَّخيلَ، وسُمِّي دَخِيلاً لدخوله بين لازمين، وتسمى

حركته الإِشباعَ، والخليل لا يجيز اختلاف التوجيه ويجيز اختلاف الإِشباع، ويرى أَن اختلاف التوجيه سِنادٌ، وأَبو الحسن بضدّه يرى اختلاف الإِشباع

أَفحش من اختلاف التوجيه، إِلا أَنه يرى اختلافهما، بالكسر والضم، جائزاً، ويرى الفتح مع الكسر والضم قبيحاً في التوجيه والإِشباع، والخليل

يستقبحه في التوجيه أَشدّ من استقباحه في الإِشباع، ويراه سِناداً بخلاف

الإِشباع، والأَخفش يجعل اختلاف الإِشباع بالفتح والضم أَو الكسر سِناداً؛ قال‏:‏ وحكاية الجوهري مناقضة لتمثيله، لأَنه حكى أَن التَّوْجِيهَ الحرف

الذي بين أَلف التأْسيس والقافية، ثم مثَّله بما ليس له أَلف تأْسيس نحو

قوله‏:‏ أَني أَفرْ، مع قوله‏:‏ صُبُرْ، واليومُ قَرّ‏.‏ ابن سيده‏:‏ والتَّوْجِيهُ

في قَوافي الشِّعْرِ الحرفُ الذي قبل الرَّوِيّ في القافية المقيدة، وقيل‏:‏ هو أَن تضمه وتفتحه، فإِن كسرته فذلك السِّنادُ؛ هذا قول أَهل اللغة، وتحريره أَن تقول‏:‏ إِن التَّوْجيهَ اختلافُ حركة الحرف الذي قبل

الرَّوِيَّ المقيد كقوله‏:‏

وقاتِمِ الأَعْماقِ خاوِي المُخْتَرَقْ

وقوله فيها‏:‏

أَلَّفَ شَتَّى ليس بالراعي الحَمِقْ

وقوله مع ذلك‏:‏

سِرّاً وقد أَوَّنَ تأْوينَ العُقُقْ

قال‏:‏ والتوجيه أَيضاً الذي بين حرف الروي المطلق والتأْسيس كقوله‏:‏

أَلا طالَ هذا الليلُ وازْوَرَّ جانِبه فالأَلف تأْسيس، والنون توجيه، والباء حرف الروي، والهاء صلة؛ وقال الأَحفش‏:‏ التَّوْجيهُ حركة الحرف الذي إلى جنب الرَّوِيّ المقيد لا يجوز مع

الفتح غيره نحو‏:‏

قد جَبَرَ الدِّينَ الإِلهُ فجَبَرْ

التزم الفتح فيها كلها، ويجوز معها الكسر والضم في قصيدة واحدة كما مثَّلنا‏.‏ وقال ابن جني‏:‏ أَصله من التَّوْجِيه، كأَن حرف الرَّوِيّ مُوَجَّهٌ

عندهم أَي كأَنَّ له وجهين‏:‏ أَحدهما من قبله، والآخر من بعده، أَلا ترى

أَنهم استكرهوا اختلاف الحركة من قبله ما دام مقيداً نحو الحَمِقْ

والعُقُقْ والمُخْتَرَقْ‏؟‏ كما يستقبحون اختلافها فيه ما دام مطلقاً نحو

قوله‏:‏ عَجْلانَ ذا زَادٍ وغيرَ مُزَوَّدِ

مع قوله فيها‏:‏

وبذاك خَبَّرَنا الغرابُ الأَسْوَدُ

وقوله‏:‏

عَنَمٌ يكادُ من اللَّطافَةِ يُعْقَدُ

فلذلك سميت الحركة قبل الرويّ المقيد تَوجيهاً، إَعلاماً أَن للرويّ

وجهين في حالين مختلفين، وذلك أَنه إِذا كان مقيداً فله وَجْهٌ يتقدّمه، وإِذا كان مطلقاً فله وَجْهٌ يتأَخر عنه، فجرى مجرى الثوب المُوَجَّهِ

ونحوِه؛ قال‏:‏ وهذا أَمثل عندي من قول مَنْ قال إِنما سُمِّي تَوْجيهاً لأَنه

يجوز فيه وُجُوهٌ من اختلاف الحركات، لأَنه لو كان كذلك لمَا تَشدَّد

الخليل في اختلاف الحركات قبله، ولمَا فَحُشَ ذلك عنده‏.‏ والوَجِيهَةُ‏:‏

خَرَزَةٌ، وقيل‏:‏ ضرب من الخَرَزِ‏.‏ وبنو وَجِيهةَ‏:‏ بطن‏.‏

وده‏:‏ الوَدْهُ‏:‏ فعلٌ مُمات، وقد وَدِهَ وَدَهاً‏.‏ وأَوْدَهَني عن كذا‏:‏

صَدَّني‏.‏ اسْتَوْدَهِت الإِبلُ واسْتَيْدَهَتْ، بالواو والياء، إِذا اجتمعت

وانساقت، ومنه اسْتِيداهُ الخَصْمِ‏.‏ واسْتَوْدَهَ الخَصْمُ‏:‏ غُلِبَ

وانقادَ ومُلِكَ عليه أَمْرُه، وكذلك اسْتَيْدَهَ، وهذه الكلمة يائية وواوية؛ وأَنشد الأَصمعي لأَبي نُخَيْلَةَ‏:‏

حتى اتْلأَبُّوا بعدما تَبَدُّدِ، واسْتَيْدَهُوا للقَرَبِ العَطَوَّدِ

أَي انقادوا وذلوا، وهذا مَثَلٌ؛ قال المُخَبَّلُ‏:‏

ورَدُّوا صُدورَ الخَيْلِ حتى تَنَهْنَهَتْ، إِلى ذي النُّهَى، واسْتَيْدَهُوا للمُحَلم يقول‏:‏ أَطاعوا الذي كان يأْمرهم بالحلم، وروي‏:‏

واسْتَيْقَهُوا من الْقاهِ، وهو الطاعة‏.‏

والوَدْهاءُ‏:‏ الحَسَنةُ اللونِ في بياضٍ‏.‏

وره‏:‏ الوَرَهُ‏:‏ الحُمْقُ في كل عمل، ويقال‏:‏ الخُرْقُ في العمل‏.‏

والأَوْرَهُ‏:‏ الذي تَعْرِفُ وتنكر وفيه حُمْقٌ ولكلامه مُخارِجُ، وقيل‏:‏

هو الذي لا يَتمالكُ حُمْقاً، وقد وَرِهَ وَرَهاً‏.‏ وكَثِيبٌ أَوْرَهُ‏:‏

لا يَتمالكُ‏.‏ وامرأَة وَرْهاءُ‏:‏ خَرْقاءُ بالعمل‏.‏ وامرأَة وَرْهاءُ

اليدين‏:‏ خَرْقاءُ؛ قال‏:‏

تَرَنُّمَ وَرْهاء اليدين تَحامَلَتْ

على البَعْلِ، يوماً، وهي مَقَّاءُ ناشِزُ

المَقَّاءُ‏:‏ الكثيرة الماء، وقد وَرِهَتْ تَوْرَهُ؛ قال الفِنْدُ

الزِّمَّانِيُّ يصف طَعْنَة‏:‏

كجَيْبِ الدِّفْنِسِ الوَرْها

ءِ رِيعَتْ، وهْيَ تَسْتَفْلي

ويروى لامرئ القيس بن عابِسٍ‏.‏ وفي حديث الأَحْنَفِ‏:‏ قال له الحُبابُ

والله إِنك لضَئِيلٌ وإِن أُمَّك لوَرْهاءُ؛ الوَرَهُ، بالتحريك‏:‏ الخُرْقُ

في كل عمل، وقيل‏:‏ الحمق‏.‏ ورجل أَوْرِّهُ إِذا كان أَحمق أَهوج، وقد

وَرِهَ يَوْرَهُ؛ ومنه حديث جَعْفَرٍ الصادق‏:‏ قال لرجل نعم يا أَوْرَهُ

والوُرَّهُ‏:‏ الرِّمال التي لا تتماسكُ؛ قال رؤبة‏:‏

عنها وأَثْباج الرِّمالِ الوُرَّهِ

وتَوَرَّهَ فلان في عمل هذا الشيء إِذا لم يكن له به حَذاقةٌ‏.‏ وريح

وَرْهاءُ‏:‏ في هُبوبها خُرْقٌ وعَجْرَفَةٌ‏.‏ ابن بُزُرْج‏:‏ الوَرِهَةُ الكثيرةُ

الشحمِ، وَرِهَتْ فهي تَرِهُ مثل وَرِمَتْ فهي تَرِمُ‏.‏ وسحاب وَرِهٌ

وسحابة وَرِهَةٌ إِذا كثر مطرها؛ قال الهُذَلِيُّ‏:‏

جُوفُ رَبابٍ ورِهٍ مُثْقَلِ

ودار وارهةٌ‏:‏ واسعة‏.‏ والوَرَهْرَهَةُ‏:‏ المرأَة الحمقاء‏.‏ والهَوَرْوَرةُ‏:‏

الهالكة‏.‏

وفه‏:‏ الوافِهُ‏:‏ قَيِّمُ البِيعةِ الذي يقوم على بيت النصارى الذي فيه

صليبهم، بلغة أَهل الجزيرة، كالواهِفِ، ورُتْبَتُهُ الوَفْهِيَّةُ‏.‏ وفي كتابه لأَهل نَجْرانَ‏:‏ لا يُحَرَّكُ راهبٌ عن رَهبانيتِهِ، ولا يُغَيَّرُ

وافِهٌ عن وَفْهِيَّتِهِ، ولا قِسِّيسٌ عن قسِّيسِيَّتِهِ‏.‏ وجاء في بعض

الأَخبار‏:‏ واقِهٌ، بالقاف أَيضاً، والصواب الفاء، ويروى واهِفٌ‏.‏

وقه‏:‏ الوَقْهُ‏:‏ الطاعة، مقلوب عن الْقاهِ، وقد وَقِهْتُ وأَيْقَهْتُ

واسْتَيْقَهْتُ‏.‏ ويروى‏:‏ واسْتَيْقَهُوا للمُحَلِّمِ‏.‏ قال ابن بري‏:‏ الصواب

عندي أَن القاه مقلوب من الوَقْه، بدلالة قولهم وَقِهْتُ واسْتَيْقَهْتُ، ومثل الوَقْهِ والْقاهِ الوجهُ والجاهُ في القلب‏.‏ وروى الأَزهري عن عمرو

بن دينار قال‏:‏ في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لأَهل نجران‏:‏ لا

يُحَرَّكُ راهبٌ عن رَهْبانِيَّتهِ، ولا واقِهٌ عن وَقاهِيَتِه، ولا أُسْقُفٌّ

عن أُسْقُفِّيَّتِهِ، شهد أَبو سفيان بنُ حَرْبٍ والأَقرعُ بن حابِسٍ؛ قال الأَزهري‏:‏ هكذا رواه لنا أَبو زيد، بالقاف، والصواب وافِهٌ عن

وَفْهِيَّتهِ؛ كذلك قال ابن بُزُرْج بالفاء‏.‏ ورواه ابن الأَعرابي واهِفٌ، وكأَنه مقلوب‏.‏

وله‏:‏ الوَلَهُ‏:‏ الحزن، وقيل‏:‏ هو ذهاب العقل والتحير من شدّة الوجد أَو

الحزن أَو الخوف‏.‏ والوَلَهُ‏:‏ ذهاب العقل لفِقْدانِ الحبيب‏.‏ وَلهَ يَلِه

مثل وَرِم يَرِمُ ويَوْلَهُ على القياس، ووَلَه يَلِهُ‏.‏ الجوهري‏:‏ وَلِهَ

يَوْلَه وَلَهاً وولَهاناً وتَوَلَّه واتَّلَه، وهو افتعل، فأُدغم؛ قال مُلَيْحٌ الهذلي‏:‏

إِذا ما حال دون كلامِ سُعْدَى

تَنائي الدارِ، واتَّلَه الغَيُورُ

والوَلَهُ يكون من الحزن والسرور مثل الطَّرَبِ‏.‏ ورجل وَلْهانُ ووالِهٌ

وآلِهٌ، على البدل‏:‏ ثَكْلانُ‏.‏ وامرأَة وَلْهَى ووالهٌ ووالِهَةٌ

ومِيلاهٌ‏:‏ شديدة الحزن على ولدها، والجمع الوُلَّه، وقد وَلَّهها الحُزْنُ

والجَزَعُ وأَوْلَهها؛ قال‏:‏

حاملةٌ دَلْوِيَ لا محمولَهْ، مَلأَى من الماء كعينِ المُولَهْ

المُولَهُ‏:‏ مُفْعَلٌ من الوَلَهِ، وكل أُنثى فارقت ولدها فهي والِهٌ؛ قال الأَعشى يذكر بقرة أَكل السباع ولدها‏:‏

فأَقبلَتْ والِهاً ثَكْلى على عَجَلٍ، كلٌّ دهاها، وكلٌّ عندَها اجْتَمعا

ابن شميل‏:‏ ناقة مِيلاهٌ، وهي التي فَقدت ولدها فهي تَلِهُ إِليه‏.‏ يقال‏:‏

وَلَهَتْ إِليه تَلِهُ أَي تَحِنُّ إِليه‏.‏ شمر‏:‏ المِيلاهُ الناقةُ

تُرِبُّ بالفحل، فإِذا فَقَدَتْهُ وَلَهَتْ إِليه؛ وناقة والِهٌ‏.‏ قال‏:‏ والجمل

إِذا فَقَدَ أُلاَّفَهُ فحنَّ إِليها والِهٌ أَيضاً؛ قال الكميت‏:‏

وَلِهَتْ نفْسيَ الطَّرُوبُ إِليهم

وَلَهاً حالَ دون طَعْمِ الطعامِ

ولِهَتْ‏:‏ حَنَّتْ‏.‏ وناقة والِهٌ إِذا اشتدّ وَجْدُها على ولدها‏.‏

الجوهري‏:‏ المِيلاهُ التي من عادتها أَن يشتدّ وجْدُها على ولدها، صارت الواو ياء

لكسرة ما قبلها؛ قال الكميت يصف سحاباً‏:‏

كأَنَّ المَطافِيلَ المَوالِيهَ وَسْطَه

يُجاوِبُهُنَّ الخَيْزُرانُ المُثَقَّبُ

والتَّوْلِيهُ‏:‏ أَن يُفَرَّقَ بين المرأَة وولدها، زاد التهذيب‏:‏ في البيع‏.‏ وفي الحديث‏:‏ لا تُوَلَّهُ والدةٌ على ولدها أَي لا تُجْعَلُ والهاً، وذلك في السبايا، والوَلَهُ يكون بين الوالدة وولدها، وبين الإِخوة، وبين

الرجل وولده، وقد وَلَهتْ وأَوَلهها غيرُها، وقيل في تفسير الحديث‏:‏ لا

تُوَلَّه والدة على ولدها أَي لا يُفَرَّقُ بينهما في البيع، وكل أُنثى

فارقت ولدها فهي والِهٌ‏.‏ وفي حديث نُقَادَةَ الأَسَدِيِّ‏:‏ غير أَن لا

تُوَلِّه ذَاتَ ولد عن ولدها‏.‏ وفي حديث الفَرَعَةِ‏:‏ تُكْفِئُ إِناءَك

وتُوَلِّه ناقَتَك أَي تَجْعَلُها والِهَةً بذبحك ولدها، وقد أَولَهْتُها

ووَلَّهْتُها تَوْلِيهاٍ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه نهى عن التَّوْلِيهِ والتَّبْرِيحِ‏.‏

وماءٌ مُولَهٌ ومُوَلَّهٌ‏:‏ أُرْسلَ في الصحراء فذهب؛ وأَنشد الجوهري‏:‏

مَلأَى من الماء كعينِ المُولَهْ

ورواه أَبو عمرو‏:‏

تمشي من الماء كمشي المُولَهْ

قال ابن بري‏:‏ يعني أَنها دلو كبيرة، فإذا رفعها من البئر رَفَعَتْ معها

الدِّلاءَ الصِّغَار، فهي أَبداً حاملة لا محمولة لأَن الدلاءَ الصغارَ

لا تحملها؛ وقول مُليح‏:‏

فهنَّ هَيَّجْنَنا، لمَّا بَدَوْنَ لَنا، مِثْلَ الغَمامِ جَلْتْهُ الأُلَّهُ الهُوجُ

عَنى الرياحَ لأَنه يُسْمَعُ لها حَنِينٌ كحَنينِ الرياح، وأَراد

الوُلَّهَ، فأَبدل من الواو همزة للضمة‏.‏

والمِيلاهُ‏:‏ الريح الشديدة الهُبُوبِ ذاتُ الحَنِين‏.‏ قال ابن دريد‏:‏ وزعم

قوم من أَهل اللغة أَن العنكبوت تسمَّى المُولَه، قال‏:‏ وليس بثَبْتٍ‏.‏

والمِيلَه‏:‏ الفَلاةُ التي تُوَلِّه الناسَ وتُحَيِّرُهم؛ قال رؤبة‏:‏

به تَمَطَّتْ غَوْلَ كلّ مِيلَهِ

بنا حَراجِيجُ المَهاري النُّفَّهِ

أَراد البلاد التي تُوَلِّهُ الإِنسان أَي تحيره‏.‏

والوَلِيهةُ‏:‏ اسم موضع‏.‏

والوَلَهانُ‏:‏ اسم شيطان يُغْري الإِنسانَ بكثرة استعمال الماء عند

الوضوء‏.‏ وفي الحديث‏:‏ الوَلَهانُ اسم شيطان الماءِ يُولِعَ الناسَ بكثرة

استعمال الماء؛ وأَما ما أَنشده المازني‏:‏

قد صَبَّحَتْ حَوْضَ قِرىً بَيُّوتا، يَلِهَنَ بَرْدَ مائِه سُكُوتا، نَسْفَ العجوزِ الأَقِطَ المَلْتُوتا

قال‏:‏ يَلِهْنَ بردَ الماء أَي يُسْرِعْنَ إِليه وإِلى شربه ولَهَ

الوالِه إِلى ولدها حَنِيناً‏.‏

ومه‏:‏ وَمِهَ النهارُ وَمَهاً‏:‏ اشتد حرُّه‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ الوَمْهةُ

الإِذْوابَةُ من كل شيءٍ‏.‏

وهوه‏:‏ الوَهْوَهَةُ‏:‏ صياح النساء في الحُزْنِ‏.‏ ووَهْوَه الكلبُ في صوته

إِذا جَزِعَ فردَّده، وكذلك الرجل‏.‏ ووَهْوَهَ العَيْرُ‏:‏ صَوَّتَ حول

أُتُنِه شفقةً‏.‏ وحمارٌ وَهْواهٌ‏:‏ يفعل ذلك ويُوَهْوِه حول عانَتِه؛ قال رؤْبة

يصف حماراً‏:‏

مُقْتَدِرُ الضَّيْعَةِ وَهْواهُ الشَّفَقْ

والوَهْوَهةُ‏:‏ حكاية صوت الفَرَسِ إِذا غَلُظَ، وهو محمود، وقيل‏:‏ هو الصوت الذي يكون في حَلْقِه آخِرَ صَهِيله‏.‏ وفرس وَهْواهُ الصَّهِيل إِذا

كان ذلك يَصْْحَبُ آخِر صَهيلِه‏.‏ أَبو عبيدة‏:‏ من أَصوات الفرس الوَهْوهةُ‏.‏

وفرس مُوَهْوِهٌ‏:‏ وهو الذي يقطع من نفَسِه شِبْهَ النَّهْمِ غير أَن ذلك

خلقةٌ منه لا يستعين فيه بحَنْجَرَتِه‏.‏ قال‏:‏ والنَّهْمُ خروجُ الصوتِ على

الإِبْعاد؛ وأَنشد بيت رؤْبة‏:‏ وَهْواهُ الشَّفَقْ؛ وأَنشد أَيضاً له‏:‏

ودون نَبْحِ النابحِ المُوَهْوِه

قال أَبو بكر النحوي في قول رؤْبة وَهْواهُ الشَّفَقْ‏:‏ يُوَهْوِهُ من الشَّفقة يُدارِكُ النَّفَس كأَنَّ به بُهْراً، قال‏:‏ وقوله مُقْتَدِر

الضَّيْعةِ؛ معناه أَن ضَيْعة هذا المِسْحَلِ في هذه الأُتُنِ ليس في أُتُنٍ

كثيرة فتنتشِر عليه‏.‏ وقال ابن بري‏:‏ كَنَى بالضَّيْعةِ عن أُتُنِه أَي

أُتُنُه على قدرِ نحوٍ من ثمانٍ أَو عشرٍ فحِفظُها متيسِّر عليه‏.‏ والوَهْوَهُ

والوَهْواهُ من الخيل أَيضاً‏:‏ النشِيطُ الحديد الذي يكاد يُفْلِتُ عن كل

شيءٍ من حِرْصِه ونَزَقِه، وقيل‏:‏ فرس وَهْوَهٌ ووَهْواهٌ إِذا كان

حريصاً على الجَرْي نشِيطاً؛ قال ابن مُقْبلٍ يصف فرساً يصيد الوحش‏:‏

وصاحبي وَهْوةٌ مُسْتَوْهِلٌ زَعِلٌ، يَحُولُ دون حِمارِ الوَحْشِ والعَصَرِ

ووَهْوهَ الأَسدُ في زَئيره، فهو وَهْواهٌ، والوَهْوهُ‏:‏ الذي يُرْعَدُ

من الامْتِلاء‏.‏ ورجل وَهْواهٌ‏:‏ مَنْخُوب الفؤاد‏.‏

ويه‏:‏ وَيْهِ‏:‏ إِغْراءٌ، ومنهم من يُنَوِّن فيقول وَيْهاً، الواحد

والاثنان والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء، وإِذا أَغْرَيْتَه بالشيء قلت‏:‏

وَيْهاً يا فلانُ وهو تَحْريضٌ كما يقال‏:‏ دونَك يا فلانُ؛ قال الكميت‏:‏

وجاءت حوادثُ، في مِثْلِها

يقال لهثلِيَ‏:‏ وَيْهاً فُلُ

قال ابن بري‏:‏ قوله فُلُ يريد يا فلان، قال‏:‏ ومثله قول حاتم‏:‏

وَيْهاً فِدىً لكُمُ أُمِّي وما وَلَدَتْ، حامُوا على مَجْدِكمْ، واكْفُوا مَنِ اتَّكَلا

وقال الأَعشى

وَيْهاً خُثَيْمٌ إِنه يومٌ ذَكَرْ، وزاحَمَ الأَعداءُ بالثَّبْتِ الغَدَرْ

وقال آخر‏:‏

وَيْهاً فِداءً لَكَ يا فَضالَهْ، أَجِرَّهُ الرُّمْحَ ولا تُهالَهْ

وقال قيس بن زهير‏:‏

فإِذا شَمَّرَتْ لك عن ساقِها، فَوَيْهاً رَبيعَ ولا تَسْأَمِ

يريد ربيعةَ الخيرِ بن قُرْطِ بن سَلَمة بن قُشَيْرٍ‏.‏ قال سيبويه‏:‏ أَما

عَمْرَوَيهِ وما أَشبهها فأَلْزَمُوا آخِرَه شيئاً لم يلزم الأَعجمية، فكما تركوا صَرْفَ الأَعجمية جعلوا ذا بمنزلة الصوت، لأَنهم رأَوه قد جَمعَ

أَمرين فحَطُّوهُ درجةً عن إِسمعيل وشِبْهِه، وجعلوه في النكرة بمثال

غاقٍ، منوَّنة مكسورة، في كل موضع‏.‏ الجوهري‏:‏ وسِيَبوَيْه ونحوه اسم بني مع

الصوت، فجعلا اسماً واحداً، وكسروا آخره كما كسروا غاقٍ لأَنه ضارَعَ

الأَصوات، وفارق خمسة عشر لأَن آخره لم يُضارِعِ الأَصوات فيُنَوَّنُ

في التنكير، ومن قال‏:‏ هذا سيبويهُ ورأَيت سيبويهَ فأَعربه بإِِعراب ما لا ينصرف ثَنَّاه وجمَعه، فقال السِّيبَوَيْهانِ والسِّيبَوَيْهُونَ، وأَما من لم يعربه فإِنه يقول في التثنية ذَوا سيبويهِ، وكلاهما سيبويِهِ، ويقول في الجمع‏:‏ ذُوُو سِيبويهِ، وكلهم سيبويهِ‏.‏

وواهَ‏:‏ تَلَهُّفٌ وتَلَوّذٌ، وقيل‏:‏ استطابة، ويُنَوَّنُ فيقال‏:‏ واهاً

لفلانٍ؛ قال أَبو النجم‏:‏

واهاً لرَيَّا ثم واهاً واهَا

يا لَيْتَ عَيْناها لنا وفاها‏.‏

بثمنٍ نُرْضي به أَباها، فاضتْ دموعُ العينِ من جَرَّاها

هي المُنَى لو أَنَّنا نِلْناها

قال ابن جني‏:‏ إِذا نوَّنْتَ فكأَنك قلت استطابةً، وإِذا لم تُنَوَّنْ

فكأَنك قلت الاستطابة، فصار التنوين عَلَمَ التنكير وتركُهُ عَلم التعريف؛ وأَنشد الأَزهري‏:‏

وهْو إِذا قيل له ويْهاً كُل، فإِنهُ مُواشِكٌ مُسْتَعْجِل

وهْو إِذا قيل له وَيْهاً فُل، فإِنه أَحْجِ به أَن يَنْكُل

أَي إِذا دعي لدفع عظيمة، فقيل له يا فلان، نَكَلَ ولم يُجِبْ، وإِن قيل

له كُلْ أَسرع، وإِذا تعجبت من طيب الشيء قلت‏:‏ واهاً له ما أَطْيَبه ومن العرب من يتعجب بواهاً فيقول‏:‏ واهاً لهذا أَي ما أَحْسَنَه‏.‏ قال ابن بري‏:‏ وتقول في التَّفْجِيع واهاً وواهَ أَيضاً‏.‏ ووَيْهِ‏:‏ كلمة تقال في الاستحثاث‏.‏

يده‏:‏ اسْتَيْدَهَتِ الإِبلُ‏:‏ اجتمعت وانساقت‏.‏ واسْتَيْدَهَ الخصمُ‏:‏

غُلِبَ وانقاد، والكلمة يائية وواوية، وقد تقدمت؛ واسْتَيْدَهَ الأَمرُ

واسْتَنْدَه وايْتَدَه وانْتَدَه إِذا اتْلأَبَّ‏.‏

يقه‏:‏ أَيْقَهَ الرجلُ واسْتَيْقَهَ‏:‏ أَطاع وذل، وكذلك الخيل إِذا

انقادت؛ قال المُخَبَّلُ‏:‏

فرَدُّوا صُدورَ الخيل حتى تَنَهْنَهتْ

إِلى ذي النُّهَى، واسْتَيقَهَتْ للمُحَلم أَي أَطاعوا الذي يأْمرهم بالحِلْمِ، قيل‏:‏ هو مقلوب لأَنه قدّم الياء

على القاف وكانت القاف قبلها، ويروى‏:‏ واسْتَيْدَهُوا‏.‏ الأَزهري في نوادر

الأَعراب‏:‏ فلان مُتَّقِهٌ لفلان ومُوتَقِهٌ أَي هائبٌ له ومطيع‏.‏ وأَيْقَهَ

أَي فهم‏.‏ يقال‏:‏ أَيْقِهْ لهذا أَي افْهَمْهُ‏.‏

يهيه‏:‏ ياهٍ ياهٍ وياهِ ياهِ‏:‏ من دعاء الإِبل؛ ويَهْيَه بالإِبل

يَهْيَهةً ويَهْياهاً‏:‏ دعاها بذلك وقال لها ياهِ ياهِ والأَقْيَسُ يِهْياهاً

بالكسر‏.‏ ويَهْ‏:‏ حكاية الداعي بالإِبل المُيَهْيَهِ بها، يقول الراعي لصاحبه من بعيد‏:‏ ياهٍ ياهٍ، أَقْبِلْ‏.‏ وفي التهذيب‏:‏ يقول الرجل لصاحبه، ولم يخص

الراعي؛ قال ذو الرُّمَُةِ‏:‏

يُنادِي بِيَهْياهٍ وياهٍ، كأَنه

صُوَيْتُ الرُّوَيْعِي ضَلَّ بالليلِ صاحبه ويروى‏:‏ تَلَوَّمَ يَهْياهٍ؛ يقول‏:‏ إِنه يناديه يا هِياهِ ثم يسكت

منتظراً الجواب عن دعوته، فإِذا أَبطأَ عنه قال ياهٍ، قال‏:‏ وياهِ ياهِ نداءَان، قال‏:‏ وبعض العرب يقول يا هَياهِ فينصب الهاء الأُولى، وبعض العرب يقول

يا هَياهِ

فينصب الهاء الأُولى، وبعض يكره ذلك ويقول هَياهِ من أَسماء الشياطين، وتقول‏:‏ يَهْيَهْتُ به‏.‏ الأَصمعي‏:‏ إِذا حَكَوْا صوت الداعي قالوا يَهْياهٍ، وإِذا حكوا صوت المُجِيبِ قالوا ياهٍ، والفعل منهما جميعاً يَهْيَهْتُ؛ وقال في تفسير بيت ذي الرمة‏:‏ إِن الداعي سمع صوتاً يا هَياهٍ، فأَجاب

بياهٍ رجاء أَن يأْتيه الصوت ثانيةً، فهو مُتَلَوِّمٌ بقول ياهٍ صوتاً يا

هِياهٍ؛ قال ابن بري‏:‏ الذي أَنشده أَبو علي لذي الرُّمَّةِ‏:‏

تَلَوَّمَ يَهْياهٍ إِليها، وقد مضَى

من الليل جَوْزٌ، واسْبَطَرَّتْ كواكِبه وقال حكايةً عن أَبي بكر‏:‏ اليَهْياهُ صوت الراعي، وفي تَلَوَّمَ ضمير

الراعي، ويَهياه محمول على إِضمار القول؛ قال ابن بري‏:‏ والذي في شِعره في رواية أَبي العباِس الأَحْوَلِ‏:‏

تَلَوَّمَ يَهْياهٍ بياهٍ، وقد بَدَا

من الليل جَوْزٌ، واسْبَطَرَّتْ كواكِبه وكذا أَنشده أَبو الحسن الصَّقَلِّي النحوي وقال‏:‏ اليَهْياهُ صوت

المُجِيبِ إِذا قيل له ياهٍ، وهو اسم لاسْتَجِبْ والتنوين تنوين التنكير وكأن يَهياه مقلوب هَيْهاه، قال ابن بري‏:‏ وأَما عجز البيت الذي أَنشده

الجوهري فهو لصدر بيت قبل البيت الذي يلي هذا وهو‏:‏

إِذا ازْدَحَمَتْ رَعْياً، دعا فَوَقَهُ الصَّدَى

دُعاءَ الرُّوَيْعِي ضَلَّ بالليلِ صاحِبه الأَزهري‏:‏ قال أَبو الهيثم في قول ذي الرمة تَلَوَّم يَهْياهٍ بياهٍ

قال‏:‏ هو حكاية الثُّوَباءٍ‏.‏ ابن بُزُرْج‏:‏ ناسٌ من بني أَسَدٍ يقولون يا

هَيَاهُ أَقْبِلْ ويا هَيَاهُ أَقْبِلا ويا هَيَاهُ أَقْبِلُوا ويا هَيَاهُ

أَقْبِلِي وللنساء كذلك، ولغة أُخرى يقولون للرجل يا هَيَاهُ أَقْبِلْ ويا

هَيَاهان أَقْبِلا ويا هَيَاهُونَ أَقبلُوا وللمرأَة يا هَيَاهَ أَقْبلي

فينصبونها كأَنهم خالفوا بذلك بينها وبين الرجل لأَنهم أَرادوا الهاء

فلم يدخلوها، وللثنتين يا هَيَاهَتَانِ أَقْبِلا، ويا هَيَاهَاتُ‏.‏ أَقْبِلْنَ‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ يا هَيَاهُ ويا هَيَاهِ ويا

هَيَاتَ ويا هَيَاتِ كل ذلك بفتح الهاء‏.‏ الأَصمعي‏:‏ العامة تقول يا هِيا، وهو مولَّد، والصواب يا هَياهُ بفتح الهاء ويا هَيا‏.‏ قال أَبو حاتم‏:‏

أَظن أَصله بالسريانية يا هَيا شَرَاهِيا، قال‏:‏ وكان أَبو عمرو بن العَلاء

يقول‏:‏ يا هَيَاهِ أَقْبِلْ ولا يقول لغير الواحد‏.‏ وقال‏:‏ يَهْيَهْتُ بالرجل

من يا هَيَاهِ‏.‏ ابن بُزُرْج‏:‏ وقالوا يا هِيَا ويا هَيَا إِذا كلمته من قريبٍ، والله تعالى أََعلم‏.‏