فصل: (تابع: حرفي الواو والياء)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لسان العرب ***


‏[‏تابع‏:‏ حرفي الواو والياء‏]‏

حذا‏:‏ حَذَا النعلَ حَذْواً وحِذَاءً‏:‏ قدَّرها وقَطَعها‏.‏ وفي التهذيب‏:‏

قطعها على مِثالٍ‏.‏ ورجل حَذَّاءٌ‏:‏ جَيّد الحَذْوِ‏.‏ يقال‏:‏ هو جَيّدُ

الحِذَاءِ أَي جَيِّد القَدِّ‏.‏ وفي المثل‏:‏ مَنْ يَكُنْ حَذَّاءً تَجُدْ

نَعْلاهُ‏.‏ وحَذَوْت النَّعلَ بالنَّعْلِ والقُذَّةَ بالقُذَّةِ‏:‏ قَدَّرْتُهُما

عليهما‏.‏ وفي المثل‏:‏ حَذْوَ القُذَّةِ بالقُذَّةِ‏.‏ وحَذَا الجِلْدَ يَحْذُوه

إِذا قوّره، وإِذا قلت حَذَى الجِلْدَ يَحْذِيهِ فهُو أَن يَجْرَحَه

جَرْحاً‏.‏ وحَذَى أُذنه يَحْذِيها إِذا قَطَعَ منها شيئاً‏.‏ وفي الحديث‏:‏

لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كان قَبْلَكُمْ حَذْوَ النَّعْلِ بالنَّعْلِ؛ الحَذْو‏:‏ التقدير والقطع، أَي تعملون مثل أَعمالهم كما تُقْطَع إِحدى النعلين

على قدر الأُخرى‏.‏ والحِذَاءُ‏:‏ النعل‏.‏ واحْتَذَى‏:‏ انْتَعَل؛ قال الشاعر‏:‏

يا لَيْتَ لِي نَعْلَيْنِ مِنْ جِلْدِ الضَّبُعْ، وشُرُكاً منَ اسْتِهَا لا تَنْقَطِعْ، كُلَّ الحِذَاءِ يَحْتَذِي الحافِي الوَقِعْ

وفي حديث ابن جريج‏:‏ قلت لابن عمر رأَيتُك تَحْتَذِي السِّبْتَ أَي

تَجْعَلُه نَعْلَك‏.‏ احْتَذى يَحْتَذِي إِذا انْتَعل؛ ومنه حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه، يصف جعفر بن أَبي طالب، رضي الله عنهما‏:‏ خَيْرُ من احْتَذَى

النِّعالَ‏.‏ والحِذَاء‏:‏ ما يَطَأُ عليه البعير من خُفِّه والفرسُ من حافِرِه يُشَبَّه بذلك‏.‏ وحَذانِي فلان نَعْلاً وأَحْذاني‏:‏ أَعطانيها، وكره

بعضهم أَحْذاني‏.‏ الأَزهري‏:‏ وحَذَا له نَعْلاً وحَذَاه نَعْلاً إِذا حَمَله

على نَعْل‏.‏ الأَصمعي‏:‏ حَذاني فلان نَعْلاً، ولا يقال أَحْذاني؛ وأَنشد

للهذلي‏:‏

حَذاني، بعدَما خذِمَتْ نِعالي، دُبَيَّةُ، إِنَّه نِعْمَ الخَلِيلُ

بِمَوْرِكَتَيْنِ مِنْ صَلَوَيْ مِشَبٍّ، مِن الثِّيرانِ عَقْدُهُما جَمِيلُ

الجوهري‏:‏ وتقول اسْتَحْذَيْته فأَحْذاني‏.‏ ورجل حاذٍ‏:‏ عليه حِذاءٌ‏.‏

وقوله صلى الله عليه وسلم في ضالة الإِبِل‏:‏ مَعَها حِذاؤُها وسِقاؤُها؛ عَنَى بالحِذاء أَخْفافَها، وبالسِّقاء يريد أَنها تَقْوى على ورود المياه؛ قال ابن الأَثير‏:‏ الحِذَاء، بالمدّ، النَّعْل؛ أَراد أَنها تَقْوَى على

المشي وقطع الأَرض وعلى قصد المياه وورودها ورَعْيِ الشجر والامتناع عن

السباع المفترسة، شبهها بمن كان معه حِذَاء وسِقاء في سفره، قال‏:‏ وهكذا ما كان في معنى الإِبل من الخيل والبقر والحمير‏.‏ وفي حديث جِهَازِ فاطمة، رضي الله عنها‏:‏ أَحَدُ فِراشَيْها مَحْشُوٌّ بحُذْوَةِ الحَذَّائِين؛ الحُذْوَةُ والحُذَاوَةُ‏:‏ ما يسقط‏.‏ من الجُلُودِ حين تُبْشَرُ وتُقْطَعُ مما يُرْمَى به ويَبْقَى‏.‏

والحَذَّاؤُونَ‏:‏ جمع حَذَّاءٍ، وهو صانعُ النِّعالِ‏.‏ والمِحْذَى‏:‏ ا

لشَّفْرَةُ التي يُحْذَى بها‏.‏

وفي حديث نَوْفٍ‏:‏ إِنَّ الهُدْهُدَ ذهب إِلى خازن البحر فاستعار منه

الحِذْيَةَ فجاء بها فأَلْقاها على الزُجاجة فَفَلَقَها؛ قال ابن الأَثير‏:‏

قيل هي الأَلْماسُ‏.‏ الذي يَحْذِي

الحجارةَ أَي يَقْطَعُها ويَثْقب الجوهر‏.‏ ودابة حَسَن الحِذاءِ أَي

حَسَنُ القَدّ‏.‏

وحَذَا حَذْوَه‏:‏ فَعَل فعله، وهو منه‏.‏ التهذيب‏:‏ يقال فلان يَحْتَذِي على

مثال فُلان إِذا اقْتَدَى به في أَمره‏.‏

ويقال حاذَيْتُ موضعاً إِذا صرْتَ بحِذائه‏.‏ وحاذَى الشيءَ‏:‏ وازاه‏.‏

وحَذَوْتُه‏:‏ قَعَدْتُ بحِذائِه‏.‏ شمر‏:‏ يقال أَتَيْتُ على أَرض قد حُذِيَ

بَقْلُها على أَفواه غنمها، فإِذا حُذِيَ على أَفواهها فقد شبعت منه ما شاءت، وهو أَن يكون حَذْوَ أَفواهها لا يُجاوزها‏.‏ وفي حديث ابن عباس‏:‏ ذاتُ

عِرْقٍ حَذْوَ قَرَنٍ؛ الحَذْوُ والحِذاءُ‏:‏ الإِزاءُ والمُقابِل أَي أَنها

مُحاذِيَتُها، وذاتُ عِرْق مِيقاتُ أَهل العراق، وقَرَنٌ ميقاتُ أَهل نجد، ومسافتهما من الحرم سواء‏.‏ والحِذاءُ‏:‏ الإِزاءُ‏.‏ الجوهري‏:‏ وحِذاءُ الشيء

إِزاؤُه‏.‏

ابن سيده‏:‏ والحَذْوُ من أَجزاءِ القافية حركةُ الحرف الذي قبل

الرِّدْفِ، يجوز ضمته مع كسرته ولا يجوز مع الفتح غيرُه نحو ضمة قُول مع كسرة

قِيل، وفتحة قَوْل مع فتحة قَيْل، ولا يجوز بَيْعٌ مع بِيع؛ قال ابن جني‏:‏

إِذا كانت الدلالة قد قامت على أَن أَصل الرِّدْفِ إِنما هو الأَلف ثم حملت

الواو والياء فيه عليهما، وكانت الأَلف أَعني المدّة التي يردف بها لا

تكون إِلا تابعة للفتحة وصِلَةً لها ومُحْتَذاةً على جنسها، لزم من ذلك

أَن تسمى الحركة قبل الرِّدْف حَذْواً أَي سبيلُ حرف الرَّويِّ أن يَحْتَذِيَ الحركةَ قبله فتأْتي الأَلف بعد الفتحة والياء بعد الكسرة والواو بعد

الضمة؛ قال ابن جني‏:‏ ففي هذه السمة من الخليل، رحمه الله، دلالة على أن الرِّدْفَ بالواو والياء المفتوح ما قبلها لا تَمَكُّنَ له كَتَمكُّن ما تَبِعَ من الرَّوِيّ حركةَ ما قبله‏.‏ يقال‏:‏ هو حِذاءَكَ وحِذْوَتَكَ

وحِذَتَكَ ومُحاذَاكَ، وداري حَذْوةَ دارك وحَذْوَتُها وحَذَتُها‏.‏ وحَذْوَها وحَذْوُها أَي

إِزاءها؛ قال‏:‏

ما تَدْلُكُ الشمسُ إِلاَّ حَذْوَ مَنْكِبه في حَوْمةٍ دُونَها الهاماتُ والقَصَرُ

ويقال‏:‏ اجلسْ حِذَةَ فلانٍ أَي بِحِذائِه‏.‏ الجوهري‏:‏ حَذَوْتُه قعدتُ

بحذائه‏.‏ وجاء الرجلان حِذْيَتَيْنِ أَي كل واحد منهما إِلى جنب صاحبه‏.‏ وقال في موضع آخر‏:‏ وجاء الرجلانِ حِذَتَيْن أَي جميعاً، كل واحد منهما بجنب

صاحبه‏.‏ وحاذَى المكانَ‏:‏ صار بحِذائِه، وفلانٌ بحِذَاءِ فلان‏.‏ ويقال‏:‏ حُذ

بحِذاء هذه الشجرة أَي صِرْ بحِذَائها؛ قال الكُمَيْت‏:‏

مَذانِبُ لا تَسْتَنْبِتُ العُودَ في الثَّرَى، ولا يَتَحَاذَى الحائِمُونَ فِصالَها

يريد بالمَذانِب مَذانبَ الفِتَنِ أَي هذه المَذانِبُ لا تُنْبتُ

كمَذَانِبِ الرياض ولا يَقْتسمُ السَّفْرُ فيها الماءَ، ولكنها مَذانِبُ شَرٍّ

وفِتْنةٍ‏.‏ ويقال‏:‏ تَحاذَى القومُ الماءَ فيما بينهم إِذا اقْتَسموه مثل

التَّصافُنِ‏.‏

والحِذْوَةُ من اللحم‏:‏ كالحِذْية‏.‏ وقال‏:‏ الحِذْيةُ من اللحم ما قُطع

طولاً، وقيل‏:‏ هي القطعة الصغيرة‏.‏ الأَصمعي‏:‏ أَعطيته حِذْيَةً من لحم

وحُذَّةً وفِلْذَةً كلُّ هذا إِذا قطع طولاً‏.‏ وفي حديث الإِسراء‏:‏ يَعْمدونَ إِلى

عُرْضِ جَنْبِ أَحدِهم فيَحْذونَ منه الحُذْوَةَ من اللحم أَي يقطعون

منه القِطْعة‏.‏ وفي حديث مس الذكر‏:‏ إِنما هو حِذْيةٌ مِنْكَ أَي قِطْعةٌ؛ قيل‏:‏ هي بالكسر ما قُطع من اللحْمِ طولاً‏.‏ ومنه الحديثُ‏:‏ إِنما فاطمة

حِذْيةٌ مني يَقْبضني ما يقبضها‏.‏ وحَذاهُ حَذْواً‏:‏ أَعطاه‏.‏ والحِذْوة

والحَذِيَّةُ والحُذْيا والحُذَيَّا‏:‏ العطيَّة، والكلمة يائية بدليل الحِذْيَةِ، وواوية بدليل الحِذْوَة‏.‏ وفي التهذيب‏:‏ أَحْذاهُ يُحْذِيه إِحْذاءً

وحِذْيَةً وحذْياً، مقصورة، وحِذْوَةً إِذا أَعطاه‏.‏ وأَحْذَيْتُه من الغنيمة

أُحْذِيه‏:‏ أَعطيته منها، والاسم الحَذِيَّة والحِذْوَةُ والحُذْيا‏.‏

وأَحْذَى الرجلَ‏:‏ أَعطاه مما أَصاب، والاسم الحِذْيَةُ‏.‏ والحَذِيَّةُ والحُذْيا

والحُذَيَّا‏:‏ وهي القِسْمة من الغنيمة‏.‏ قال ابن بري‏:‏ والحُذَيَّا مثل

الثُّرَيَّا ما أَعطى الرجلُ لصاحبه من غنيمة أَو جائزة‏.‏ ومنه المَثلُ‏:‏ بينَ

الحُذَيَّا وبين الخُلْسةِ، قال ابن سيده‏:‏ وأَخَذَه بين الحُذَيَّا

والخُلْسة أَي بين الهِبةِ والاسْتِلابِ؛ قال ابن بري وشاهد الحِذْوةِ بمعنى

الحُذَيَّا قول أَبي ذؤيب‏:‏

وقائلةٍ‏:‏ ما كانَ حِذْوَةَ بَعْلِها، غَداتَئِذٍ، من شَاءِ قَرْدٍ وكاهِلِ

قَرْدٌ وكاهل‏:‏ قبيلتان من هُذَيْل، وهذا البيت أورده ابن سيده على ما صوَّرته‏.‏ قال ابن جني‏:‏ لام الحِذْيةِ واو لقول أَبي ذؤيب، وأَنشد البيت‏.‏

وحُذْيايَ من هذا الشيء أَي أَعطني‏.‏ والحُذَيَّا‏:‏ هَديَّةُ البِشارة‏.‏

ويقال‏:‏ أَحْذانِي من الحُذْيا أَي أَعطاني مما أَصاب شيئاً‏.‏ وأَحْذاهُ حُذْيا

أَي وهَبَها له‏.‏ وفي الحديث‏:‏ مَثَلُ الجَلِيسِ الصالح مَثَلُ الدَّاريِّ، إِن لم يُحْذِكَ من عِطْرِه عَلِقَكَ من رِيحه أَي إِن لم يعطك‏.‏ وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما‏:‏ فيُداوِينَ الجَرْحَى ويُحْذَيْنَ من الغنيمة أَي يُعْطَيْنَ‏.‏ وفي حديث الهَزْهازِ‏:‏ ما أَصَبْتَ من عُمَر‏؟‏ قلتُ‏:‏

الحُذْيا‏.‏

اللحياني‏:‏ أَحْذَيْتُ الرجلَ طعنةً أَي طَعنتُه‏.‏ ابن سيده‏:‏ وحَذَى

اللبنُ اللسانَ والخَلُّ فاه يَحْذيه حَذْياً قَرَصه، وكذلك النبيذُ ونحوه، وهذا شراب يَحْذِي اللسان‏.‏ وقال في موضع آخر‏:‏ وحَذَا الشرابُ اللسانَ

يَحْذوه حَذْواً قَرَصه، لغة في حَذاه يَحْذِيه؛ حكاها أَبو حنيفة، قال‏:‏

والمعروف حَذَى يَحْذِي‏.‏ وحَذَى الإِهابَ حَذْياً‏:‏ أَكثر فيه من التَخْرِيق‏.‏

وحَذَا يده بالسكين حَذْياً‏:‏ قطعها، وفي التهذيب‏:‏ فهو يَحْذِيها إِذا

حَزَّها، وحَذَيْتُ يَدَه بالسكين‏.‏ وحَذَتِ الشفرة النعلَ‏:‏ قطعتها‏.‏ وحَذَاه

بلسانه‏:‏ قطعه على المَثَل‏.‏ ورجل مِحْذَاءٌ‏:‏ يَحْذِي الناسَ‏.‏ وحَذِيَت

الشاةُ تَحْذَى حَذىً، مقصور‏:‏ فهو أَن يَنْقَطِعَ سَلاها في بَطْنها

فتَشْتَكي‏.‏ ابنُ الفَرَج‏:‏ حَذَوْتُ التُّراب في وجوههم وحَثَوْتُ بمعنى واحد‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَن النبي صلى الله عليه وسلم أَبَدَّ يَده إِلى الأَرض عند

انكشاف المسلمين، يومَ حُنَيْن، فأَخذ منها قَبْضَةً من تُرابٍ فَحَذا بها

في وجوه المشركين فما زال حَدُّهم كَلِيلاً أَي حَثَى؛ قال ابن الأَثير‏:‏

أَي حَثَى على الإِبدال أَو هما لغتان‏.‏

والحَذِيَّةُ‏:‏ اسم هَضْبة؛ قال أَبو قِلابةَ‏:‏

يَئِسْتُ من الحَذِيَّةِ أُمَّ عَمْروٍ، غَداةَ إِذ انْتَحَوْنِي بالجنَابِ

حري‏:‏ حَرَى الشيءُ يَحْرِي حَرْياً‏:‏ نَقَصَ، وأَحْرَاه الزمانُ‏.‏ الليث‏:‏

الحَرْيُ النُّقصان بعد الزيادة‏.‏ يقال‏:‏ إِنه يَحْرِي كما يَحْرِي القمرُ

حَرْياً يَنْقُصُ الأَوّل منه فالأَول؛ وأَنشد شمر‏:‏

ما زَالَ مَجْنُوناً على اسْتِ الدَّهْرِ، في بَدَنٍ يَنْمِي وعَقْلٍ يَحْرِي

وفي حديث وفاة النبي، صلى الله عليه وسلم‏:‏ فما زال جِسْمُه يَحْرِي أَي

يَنْقُص‏.‏ ومنه حديث الصِّديق، رضي الله عنه‏:‏ فما زال جِسْمُه يَحْرِي بعد

وفاةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لَحِقَ به‏.‏ وفي حديث عمرو بن عَبْسَة‏:‏ فإِذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مُسْتَخْفِياً حِراءٌ

عليه قومُه أَي غِضَابٌ ذَوُو هَمٍّ وغَمٍّ قد انْتَقَصَهم أَمْرُه وعِيلَ

صَبْرُهم به حتى أَثَّر في أَجْسامهم‏.‏

والحارِيَةُ‏:‏ الأَفْعى التي قد كبِرتْ ونَقَص جسمها من الكِبَر ولم يبق

إِلا رأْسُها ونَفَسُها وسَمُّها، والذَّكر حارٍ؛ قال‏:‏

أَو حارِياً من القُتَيْراتِ الأُوَلْ، أَبْتَرَ قِيدَ الشِّبرِ طُولاً أَو أَقَلْ

وأَنشد شمر‏:‏

انْعَتْ على الجَوْفاءِ في الصُّبْح الفَضِحْ

حوَيْرِياً مثلَ قَضِيبِ المُجْتَدِحْ

والحَراة‏:‏ الساحةُ والعَقْوَةُ والناحيةُ، وكذلك الحَرَا، مقصور‏.‏ يقال‏:‏

اذْهَبْ فلا أَرَيَنَّكَ بِحَرايَ وحَرَاتِي‏.‏ ويقال‏:‏ لا تَطُرْ حَرَانا

أَي لا تَقْرَبْ ما حولنا‏.‏ وفي حديث رجل من جُهَينة‏:‏ لم يكن زيد بنُ خالد

يَقْرَبه بِحَراهُ سُخْطاً لله عز وجل؛ الحَرَا، بالفتح والقصر‏:‏ جَنابُ

الرجل‏.‏ والحَرَا والحَرَاةُ‏:‏ ناحيةُ الشيء‏.‏ والحَرَا‏:‏ موضع البَيْض؛ قال‏:‏ بَيْضَةٌ ذادَ هَيْقُها عن حَرَاها

كُلَّ طارٍ عليه أَن يَطْراها

هو الأُفْحُوصُ والأُدْحِيُّ، والجمع أَحْراء‏.‏ والحَرَا‏:‏ الكِناسُ‏.‏

التهذيب‏:‏ الحَرَا كُلُّ موضع لظَبْيٍ يأْوِي إِليه‏.‏ الأَزهري‏:‏ قال الليث في تفسير الحَرَا إِنه مَبِيضُ النَّعام أَو مأْوَى الظَّبْي، وهو باطل، والحَرَا عند العرب ما رواه أَبو عبيد عن الأَصمعي‏:‏ الحَرَا جَنابُ الرجل وما

حوله، يقال‏:‏ لا تَقْرَبَنَّ حَرَانا‏.‏ ويقال‏:‏ نزل بحَراهُ وعَرَاهُ إِذا

نزل بساحته‏.‏ وحَرَا مَبِيضِ النَّعامِ‏:‏ ما حَوْله، وكذلك حَرَا كِناسِ

الظَّبْي ما حَوْله‏.‏ والحَرَا‏:‏ موضعُ بَيْضِ اليَمامة‏.‏ والحَرَا والحَرَاة‏:‏

الصوتُ والجَلَبة وصوتُ التِهاب النار وحَفيفُ الشجر، وخَصَّ ابن الأَعرابي به مرةً صوتَ الطير‏.‏ وحَرَاةُ النار، مقصورٌ‏:‏ التهابها؛ ذكره جماعة

اللغويين؛ قال ابن بري‏:‏ قال علي بن حمزة هذا تصحيف وإِنما هو الخَوَاة، بالخاء والواو، قال‏:‏ وكذا قال أَبو عبيد الخَوَاة بالخاء والواو‏.‏

والحَرَى‏:‏ الخَلِيقُ كقولك بالحَرَى أَن يكون ذلك، وإِنه لَحَرىً بكذا

وحَرٍ وحَرِيٌّ، فمن قال حَرىً لم يغيره عن لفظه فيما زاد على الواحد

وسَوَّى بين الجِنْسين، أَعني المذكر والمؤنث، لأَنه مصدر؛ قال الشاعر‏:‏

وهُنَّ حَرىً أَن لا يُثِبْنَكَ نَقْرَةً، وأَنتَ حَرىً بالنارِ حينَ تُثِيبُ

ومن قال حَرٍ وحَرِيٌّ ثَنَّى وجمع وأَنث فقال‏:‏ حَرِيانِ وحَرُونَ

وحَرِيَة وحَرِيَتانِ وحَرِياتٌ وحَرِيَّانِ وحَرِيُّونَ وحَرِيَّة

وحَرِيَّتانِ وحَرِيَّاتٌ‏.‏ وفي التهذيب‏:‏ وهم أَحْرِياء بذلك وهُنَّ حَرَايَا وأَنتم

أَحْراءٌ، جمع حَرٍ‏.‏ وقال اللحياني‏:‏ وقد يجوز أَن تثني ما لا تجمع لأن الكسائي حكى عن بعض العرب أَنهم يثنون ما لا يجمعون فيقول إِنهما

لحَرَيانِ أَن يفعلا؛ وكذلك رُوِيَ بيتُ عَوْفِ بن الأَحْوصِ

الجَعْفَرِي‏:‏ أَوْدَى بَنِيَّ فَما بِرَحْلِي مِنْهُمُ

إِلا غُلاما بَيَّةٍ ضَنَيانِ

بالفتح، كذا أَنشده أَبو علي الفارسي وصرح بأَنه مفتوح؛ قال ابن بري

شاهدُ حَرِيّ قولُ لبيد‏:‏

من حَياةٍ قد سَئِمْنا طُولَها، وحَرِيٌّ طُولُ عَيْشٍ أَن يُمَلّْ

وفي الحديث‏:‏ إِنَّ هذا لَحرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَن يَنْكِحَ‏.‏ يقال‏:‏ فلان

حَرِيٌّ بكذا وحَرىً بكذا وحَرٍ بكذا وبالحَرَى أَن يكون كذا أَي جَديرٌ

وخَلِيقٌ‏.‏ ويُحَدِّثُ الرجلُ الرجلَ فيقولُ‏:‏ بالحَرَى أَن يكون، وإِنه

لمَحْرىً أَن يفعل ذلك؛ عن اللحياني‏.‏ وإِنه لمَحْراة أَن يفعلَ، ولا يثنى

ولا يجمع ولا يؤنث كقولك مَخْلَقة ومَقْمَنة‏.‏ وهذا الأَمر مَحْراةٌ لذلك

أَي مَقْمنة مثل مَحْجَاة‏.‏ وما أَحْراه‏:‏ مثل ما أَحْجاه، وأَحْرِ به‏:‏ مِثْل

أَحْجِ به؛ قال‏:‏

ومُسْتَبْدِلٍ من بَعْدِ غَضْيَا صُرَيْمَةً، فأَحْرِ به لطُولِ فَقْرٍ وأَحْرِيَا

أَي وأَحْرِيَنْ، وما أَحْراهُ به؛ وقال الشاعر‏:‏

فإِن كنتَ تُوعِدُنا بالهِجاء، فأَحْرِ بمَنْ رامَنا أَن يَخِيبَا

وقولهم في الرجل إِذا بلغ الخمسين حَرىً؛ قال ثعلب‏:‏ معناه هو حَرىً أن يَنالَ الخيرَ كله‏.‏ وفي الحديث‏:‏ إِذا كان الرجلُ يَدْعُو في شَبِيبَتِه

ثم أَصابه أَمرٌ بعدَما كَبِرَ فبالحَرَى أَن يُسْتجابَ له‏.‏

ومن أَحْرِ به اشْتُقَّ التَّحَرِّي في الأَشياء ونحوها، وهو طَلَبُ ما هو أَحْرَى بالاستعمال في غالب الظن، كما اشتق التَّقَمُّن من القَمِين‏.‏

وفلان يتَحَرَّى الأَمرَ أَي يتَوَخّاه ويَقْصِده‏.‏ والتَّحَرِّي‏:‏ قصْدُ

الأَوْلى والأَحَقِّ، مأْخوذ من الحَرَى وهو الخَليقُ، والتَّوَخِّي مثله‏.‏

وفي الحديث‏:‏ تحَرَّوْا ليلةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأَواخِر أَي

تعَمَّدوا طلبها فيها‏.‏ والتَّحَرِّي‏:‏ القَصْدُ والاجتهادُ في الطلب والعزمُ على

تخصيص الشيء بالفعل والقول؛ ومنه الحديث‏:‏ لا تتَحَرَّوْا بالصلاة طلوعَ

الشمسِ وغروبَها‏.‏ وتحَرَّى فلانٌ بالمكان أَي تمكَّث‏.‏ وقوله تعالى‏:‏

فأُولئك تحرَّوْا رَشَداً؛ أَي توَخَّوْا وعَمَدُوا، عن أَبي عبيد؛ وأَنشد

لامرئ القيس‏:‏

دِيمةٌ هَطْلاء فيها وطَفٌ، طَبَقُ الأَرضِ تحَرَّى وتَدُِرْ

وحكى اللحياني‏:‏ ما رأَيتُ من حَرَاتِه وحَرََاه، لم يزد على ذلك شيئاً‏.‏

وحَرَى أَن يكون ذاك‏:‏ في معنى عسَى‏.‏ وتحَرَّى لك‏:‏ تعَمَّده‏.‏

وحِرَاء، بالكسر والمد‏:‏ جبل بمكة معروف، يذكر ويؤَنث‏.‏ قال سيبويه‏:‏ منهم

من يصرفه ومنهم من لا يصرفه يجعله اسماً للبقعة؛ وأَنشد‏:‏

ورُبَّ وَجْهٍ مِن حِرَاءٍ مُنْحَن

وأَنشد أَيضاً‏:‏

ستَعْلم أَيَّنا خيراً قديماً، وأَعْظَمَنا ببَطْنِ حِرَاءَ نارا

قال ابن بري‏:‏ هكذا أَنشده سيبويه‏.‏ قال‏:‏ وهو لجرير؛ وأَنشده الجوهري‏:‏

أَلسْنا أَكرَمَ الثَّقَلَيْنِ طُرّاً، وأَعْظَمَهم ببطْن حِراءَ نارا

قال الجوهري‏:‏ لم يصرفه لأَنه ذهب به إِلى البلدة التي هو بها‏.‏ وفي الحديث‏:‏ كان يتَحَنَّثُ بحِراءٍ، هو بالكسر والمد جبل من جبال مكة‏.‏ قال الخطابي‏:‏ كثير من المحدّثين يَغْلَطون فيه فيفْتَحون حاءه ويَقْصُرونه

ويُميلونه، ولا تجوز إِمالته لأَن الراء قبل الأَلف مفتوحة، كما لا تجوز إِمالة

راشد ورافع‏.‏

ابن سيده‏:‏ الحَرْوةُ حُرْقةٌ يَجِدُها الرجلُ في حَلْقه وصَدْره ورأْسه

من الغَيْظ والوَجَع‏.‏ والحَرْوة‏:‏ الرائحة الكريهة مع حِدَّةٍ في الخَياشِيم‏.‏ والحَرْوَةُ والحَراوةُ‏:‏ حَرَافةٌ تكون في طَعْم نحو الخَرْدل وما

أَشبهه حتى يقالُ‏:‏ لهذا الكُحْل حَرَاوة ومَضاضَة في العين‏.‏ النضر‏:‏

الفُلْفُل له حَرَاوة، بالواو، وحَرَارة، بالراء‏.‏ يقال‏:‏ إِني لأَجد لهذا الطعام

حَرْوة وحَرَاوة أَي حَرارة، وذلك من حَرافةِ شيء يؤْكل‏.‏ قال الأَزهري‏:‏

ذكر الليث الحِرَّ في المعتل ههنا، وبابُ المضاعف أَولى به، وقد ذكرناه في ترجمة حرح وفي ترجمة رحا‏.‏ يقال‏:‏ رَحَاه إِذا عَظَّمه، وحَرَاه إِذا

أَضاقَه، والله أعلم‏.‏

حزا‏:‏ التَّحَزِّي‏:‏ التَّكَهُّنُ‏.‏ حَزَى حَزْياً وتَحَزَّى تكَهَّنَ؛ قال رؤْبة‏:‏

لا يأْخُذُ التَّأْفِيكُ والتَّحَزِّي

فينا، ولا قوْلُ العِدَى ذو الأَزِّ

والحازِي‏:‏ الذي ينظر في الأَعضاء وفي خِيلانِ الوجْهِ يتَكَهَّنُ‏.‏ ابن شميل‏:‏ الحازِي أَقَلُّ علماً من الطارق، والطارقُ يكاد أَنْ يكون كاهِناً، والحازِي يقول بظَنٍّ وخَوْف، والعائِفُ العالم بالأُمور، ولا

يُسْتَعافُ إِلا مَنْ عَلِمَ وجَرَّبَ وعرَفَ، والعَرّافُ الذي يَشُمُّ الأَرض

فيعرف مَواقِعَ المياه ويعْرِفُ بأَيِّ بلد هو ويقول دَواءُ الذي بفلان كذا

وكذا، ورجل عَرّافٌ وعائِفٌ وعنده عِرَافة وعِيافَةٌ بالأُمور‏.‏ وقال الليث‏:‏ الحازِي الكاهِنُ، حَزَا يَحْزُو ويَحْزِي ويتَحَزَّى؛ وأَنشد‏:‏

ومن تحَزَّى عاطِساً أَو طَرَقا

وقال‏:‏

وحازِيَةٍ مَلْبُونَةٍ ومُنَجِسٍ، وطارقةٍ في طَرْقِها لم تُسَدِّدِ

وقال ابن سيده في موضع آخر‏:‏ حَزَا حَزْواً وتحَزَّى تكَهَّنَ، وحَزَا

الطيرَ حَزْواً‏:‏ زَجَرَها، قال‏:‏ والكلمة يائية وواوية‏.‏ وحَزَى النخلَ

حَزْياً‏:‏ خَرَصه‏.‏ وحَزَى الطيرَ حَزْياً‏:‏ زَجَرَها‏.‏ الأَزهري عن الأَصمعي‏:‏

حَزَيْتُ الشيء أَحْزِيه إِذا خَرَصتَه وحَزَوْتُ، لغتان من الحازِي، ومنه

حَزَيْتُ الطيرَ إِنما هو الخَرْصُ‏.‏ ويقال لخارص النخل حازٍ، وللذي ينظر

في النجوم حَزَّاءٌ، لأَنه ينظر في النجوم وأَحكامها بظنه وتقديره فربما

أَصاب‏.‏ أَبو زيد‏:‏ حَزَوْنا الطيرَ نحْزُوها حَزْواً زَجَرْناها زَجْراً‏.‏

قال‏:‏ وهو عندهم أَن يَنْغِقَ الغُرابُ مستقبِلَ رجل وهو يريد حاجة فيقول

هو خير فيخرج، أَو يَنْغِقَ مُسْتدْبِرَه فيقول هذا شر فلا يخرج، وإن سَنَح له شيء عن يمينه تيَمَّنَ به، أَو سَنَح عن يساره تشاءَم به، فهو الحَزْوُ والزَّجْرُ‏.‏ وفي حديث هِرقَل‏:‏ كان حَزَّاء؛ الحَزَّاءُ والحازي‏:‏

الذي يَحْزُرُ الأَشياء ويقَدِّرُها بظنه‏.‏ يقال‏:‏ حَزَوْتُ الشيءَ أَحْزُوه

وأَحْزِيه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ كان لفرعونَ حازٍ أَي كاهِنٌ‏.‏ وحَزَاه السَّرابُ

يَحْزِيه حَزْياً‏:‏ رَفَعه؛ وأَنشد‏:‏

فلما حَزَاهُنَّ السَّرابُ بعَيْنِه

على البِيدِ، أَذْرَى عَبرَةً وتتَبَّعا

وقال الجوهري‏:‏ حَزَا السَّرابُ الشخصَ يَحْزُوه ويَحْزِيه إِذا رفعه؛ قال ابن بري‏:‏ صوابه وحزَا الآل؛ وروى ا لأَزهري عن ابن الأَعرابي قال‏:‏ إِذا

رُفِعَ له شخص الشيء فقد حُزِيَ، وأَنشد‏:‏ فلما حَزَاهُنَّ السرابُ‏.‏

والحَزَا والحَزاءُ جميعاً‏:‏ نبتٌ يشبِه الكَرَفْس، وهو من أَخْرار

البُقول، ولريحه خَمْطَةٌ، تزعم الأَعراب أَن الجن لا تدخل بيتاً يكون فيه

الحَزاءُ، والناس يَشْرَبون ماءَه من الرِّيح ويُعَلَّقُ على الصبيان إِذا

خُشِيَ على أَحدهم أَن يكون به شيء‏.‏ وقال أَبو حنيفة‏:‏ الحَزَا نوعانِ

أَحدهما ما تقدم، والثاني شجرة ترتفع على ساق مقدارَ ذراعين أَو أَقلّ، ولها

ورقة طويلة مُدْمَجة دقيقةُ الأَطراف على خِلْقَة أَكِمَّةِ الزَّرْع قبل

أَن تتَفَقَّأ، ولها بَرَمَة مثل بَرَمَةِ السَّلَمَةِ وطولُ ورَقها

كطول الإِصْبَع، وهي شديدة الخُضْرة، وتزداد على المَحْلِ خُضْرَةً، وهي لا

يَرْعاها شيء، فإِن غَلِطَ بها البعير فذاقها في أَضعاف العُشْب قتَلَتْه

على المكان، الواحدة حَزَاةٌ وحَزَاءةٌ‏.‏ وفي حديث بعضهم‏:‏ الحَزاة يشربها

أَكايِسُ النساء للطُّشَّةِ؛ الحَزَاة‏:‏ نبت بالبادية يشبه الكَرَفْس

إِلا أَنه أَعظم ورقاً منه، والحَزَا جِنسٌ لها، والطُّشَّةُ الزُّكامُ، وفي رواية‏:‏ يَشْترِيها أَكايسُ النساء للخافِيَةِ والإِقْلاتِ؛ الخافِيَةُ‏:‏

الجِنُّ، والإِقلاتُ‏:‏ مَوْتُ الوَلد، كأَنهم كانوا يَرَوْنَ ذلك من قِبَلِ الجنّ، فإِذا تبَخَّرْنَ به منَعَهُنَّ من ذلك‏.‏ قال شمر‏:‏ تقول ريحُ

حَزَاء فالنَّجاء؛ قال‏:‏ هو نباتٌ ذَفِرٌ يُتَدَخَّنُ به للأَرْواح، يُشْبه الكَرَفْسَ وهو أَعظم منه، فيقال‏:‏ اهْرُبْ إِن هذا ريحُ شرٍّ‏.‏ قال‏:‏ ودخل

عَمْرو بن الحَكَم النَّهْدِيُّ على يزيد بن المُهَلَّب وهو في الحبس، فلما رآه قال‏:‏ أَبا خالد ريحُ حَزَاء فالنَّجاء، لا تَكُنْ فَريسةً للأَسَدِ

اللاَّبِدِ، أَي أَن هذا تَباشِيرُ شَرٍّ، وما يجيء بعد هذا شرٌّ منه‏.‏

وقال أَبو الهيثم‏:‏ الحَزَاء ممدود لا يقصر‏.‏ وقال شمر‏:‏ الحَزَاء يمدّ

ويقصر‏.‏ الأَزهري‏:‏ يقال أَحْزَى يُحْزي إِحْزاءً إِذا هابَ؛ وأَنشد‏:‏

ونفْسِي أَرادَتْ هَجْرَ ليْلى فلم تُطِقْ

لها الهَجْرَ هابَتْه، وأَحْزَى جَنِينُها

وقال أَبو ذؤَيب‏:‏

كعُوذِ المُعَطَّعفِ أَحْزَى لها

بمَصْدَرِه الماءَ رَأْمٌ رَدِي

أَي رَجَع لها رَأْمٌ أَي ولدٌ رديءٌ هالكٌ ضعيفٌ‏.‏ والعُوذُ‏:‏ الحديثةُ

العهد بالنَّتاج‏.‏

والمُحْزَوْزي‏:‏ المُنْتَصِبُ، وقيل‏:‏ هو القَلِقُ، وقيل‏:‏ المُنْكسر‏.‏

وحُزْوَى والحَزْواءُ وحَزَوْزَى‏:‏ مواضع‏.‏ وحُزْوَى‏:‏ جبل من جبال

الدَّهْناء؛ قال الأَزهري‏:‏ وقد نزلت به‏.‏ وحُزْوَى، بالضم‏:‏ اسم عُجْمةٍ من عُجَمِ

الدَّهْناء، وهي جُمْهور عظيم يَعْلو تلك الجماهيرَ؛ قال ذو الرمة‏:‏

نَبَتْ عيناكَ عن طَللٍ بحُزْوَى، عَفَتْه الريحُ وامْتُنِحَ القِطارَا

والنسبة إِليها حُزَاوِيٌّ؛ وقال ذو الرمة‏:‏

حُزَاوِيَّةٌ أَو عَوْهَجٌ مَعْقِلِيَّةٌ

تَرُودُ بأَعْطافِ الرِّمالِ الحَزَاورِ

قال ابن بري‏:‏ صوابه حُزاويةٍ بالخفض؛ وكذلك ما بعده لأَن قبله‏:‏

كأَنَّ عُرَى المَرْجانِ منها تعلَّقَتْ

على أُمِّ خِشْفٍ من ظِباءِ المَشاقِر

قال‏:‏ وقوله الحَزَاور صوابه الحَرَائِر وهي كرائم الرِّمال، وأَما

الحَزَاورُ فهي الرَّوابي الصِّغارُ، الواحدة حَزْوَرَةٌ‏.‏

حسا‏:‏ حَسَا الطائرُ الماءَ يَحْسُو حَسْواً‏:‏ وهو كالشُّرْب للإِنسان، والحَسْوُ الفِعْل، ولا يقال للطائر شَرِبَ، وحَسا الشيءَ حَسْواً

وتحَسَّاهُ‏.‏ قال سيبويه‏:‏ التَّحَسِّي عمل في مُهْلةٍ‏.‏ واحْتَساه‏:‏ كتَحَسَّاه‏.‏ وقد

يكون الاحْتِساءُ في النوم وتَقَصِّي سَيْرِ الإِبلِ، يقال‏:‏ احْتَسى

سيرَ الفرس والجمل والناقةِ؛ قال‏:‏

إِذا احْتَسى يَوْمَ هَجِيرٍ هائِف

غُرُورَ عِيدِيّاتها الخَوانِف

وهُنَّ يَطْوِينَ على التَّكالِف

بالسَّيْفِ أَحْياناً وبالتَّقاذُف

جمع بين الكسر والضم، وهذا الذي يسميه أَصحاب القوافي السناد في قول

الأَخفش، واسم ما يُتَحَسَّى الحَسِيَّةُ والحَساءُ، ممدود، والحَسْوُ؛ قال ابن سيده‏:‏ وأُرَى ابن الأَعرابي حكى في الاسم أَيضاً الحَسْوَ على لفظ

المصدر، والحَسا، مقصور، على مثال القَفا، قال‏:‏ ولست منهما على ثقة، والحُسْوةُ، كله‏:‏ الشيء القليل منه‏.‏ والحُسْوةُ‏:‏ مِلْءُ الفَمِ‏.‏ ويقال‏:‏ اتخذوا

لنا حَسِيَّةً؛ فأَما قوله أَنشده ابن جني لبعض الرُّجَّاز‏:‏

وحُسَّد أَوْشَلْتُ مِن حِظاظِها

على أَحاسي الغَيْظِ واكْتِظاظِها

قال ابن سيده‏:‏ عندي أَنه جمع حَساءٍ على غير قياس، وقد يكون جمع

أُحْسِيَّةٍ وأُحْسُوَّةٍ كأُهْجِيَّةٍ وأُهْجُوَّة، قال‏:‏ غير أَني لم أَسمعه

ولا رأَيته إِلا في هذا الشعر‏.‏ والحَسْوة‏:‏ المرة الواحدة، وقيل‏:‏ ‏:‏ الحَسْوة

والحُسوة لغتان، وهذان المثالان يعتقبان على هذا الضرب كثيراً

كالنَّغْبة والنُّغْبة والجَرْعة والجُرْعة، وفرق يونس بين هذين المثالين فقال‏:‏

الفَعْلة للفِعْل والفُعْلة للاسم، وجمع الحُسْوة حُسىً، وحَسَوْت المَرَق

حَسْواً‏.‏ ورجل حَسُوٌّ‏:‏ كثير التَّحَسِّي‏.‏ ويوم كحَسْوِ الطير أَي قصير‏.‏

والعرب تقول‏:‏ نِمتُ نَوْمةً كحَسْوِ الطير إِذا نام نوماً قليلاً‏.‏

والحَسُوُّ على فَعُول‏:‏ طعام معروف، وكذلك الحَساءُ، بالفتح والمد، تقول‏:‏ شربت حَساءً وحَسُوّاً‏.‏ ابن السكيت‏:‏ حَسَوْتُ شربت حَسُوّاً وحَساءً، وشربت مَشُوّاً ومَشَاءً، وأَحْسَيْته المَرَق فحَساه واحْتَساه بمعنى، وتحَسَّاه في مُهْلة‏.‏ وفي الحديث ذكْرُ الحَساءِ، بالفتح والمد، هو طبيخٌ

يُتَّخذ من دقيقٍ وماءٍ ودُهْنٍ، وقد يُحَلَّى ويكون رقيقاً يُحْسَى‏.‏ وقال شمر‏:‏ يقال جعلت له حَسْواً وحَساءً وحَسِيَّةً إِذا طَبَخَ له الشيءَ

الرقيقَ يتَحَسَّاه إِذا اشْتَكَى صَدْرَه، ويجمع الحَسا حِساءً وأَحْساءً‏.‏

قال أَبو ذُبْيان بن الرَّعْبل‏:‏ إِنَّ أَبْغَضَ الشُّيوخ إِليَّ

الحَسُوُّ الفَسُوُّ الأَقْلَحُ الأَمْلَحُ؛ الحَسُوُّ‏:‏ الشَّروبُ‏.‏ وقد حَسَوْتُ

حَسْوَةً واحدة‏.‏ وفي الإِناء حُسْوَةٌ، بالضم، أَي قَدْرُ ما يُحْسَى

مَرَّةً‏.‏ ابن السكيت‏:‏ حَسَوْتُ حَسْوةً واحدة، والحُسْوَةُ مِلْءُ الفم‏.‏

وقال اللحياني‏:‏ حَسْوَة وحُسْوة وغَرْفة وغُرْفة بمعنى واحد‏.‏ وكان يقال لأَبي جُدْعانَ حاسي الذَّهَب لأَنه كان له إِناءٌ من ذهب يَحْسُو منه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ما أَسْكَرَ منه الفَرَقُ فالحُسْوَةُ حرام؛ الحُسْوةُ، بالضم‏:‏

الجُرْعة بقدر ما يُحْسى مرَّة واحدة، وبالفتح المرة‏.‏ ابن سيده‏:‏ الحِسْيُ

سَهْلٌ من الأَرض يَسْتنقع فيه الماء، وقيل‏:‏ هو غَلْظٌ فوقه رَمْلٌ يجتمع

فيه ماء السماء، فكلما نزَحْتَ دَلْواً جَمَّتْ أُخرى‏.‏ وحكى الفارسي عن

أَحمد بن يحيى حِسْيٌ وحِسىً، ولا نظير لهما إِلاَّ مِعْي ومِعىً، وإِنْيٌ من الليل وإِنىً‏.‏ وحكى ابن الأَعرابي في حِسْيٍ حَساً، بفتح الحاء على

مثال قَفاً، والجمع من كل ذلك أَحْساءٌ وحِساءٌ‏.‏

واحْتَسى حِسْياً‏:‏ احْتَفره، وقيل‏:‏ الاحْتساءُ نَبْثُ الترابِ لخروج

الماء‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ وسمعت غير واحد من بني تميم يقول احْتَسَيْنا حِسْياً

أَي أَنْبَطْنا ماءَ حِسْيٍ‏.‏ والحِسْيُ‏:‏ الماء القليل‏.‏ واحْتَسى ما في نفسه‏:‏ اخْتَبرَه؛ قال‏:‏

يقُولُ نِساءٌ يَحْتَسِينَ مَوَدَّتي

لِيَعْلَمْنَ ما أُخْفي، ويَعلَمْن ما أُبْدي

الأَزهري‏:‏ ويقال للرجل هل احْتَسَيْتَ من فلان شيئاً‏؟‏ على معنى هل

وجَدْتَ‏.‏

والحَسَى وذو الحُسَى، مقصوران‏:‏ موضعان؛ وأَنشد ابن بري‏:‏

عَفَا ذُو حُسىً من فَرْتَنَا فالفَوارِع

وحِسْيٌ‏:‏ موضع‏.‏ قال ثعلب‏:‏ إِذا ذَكَر كثيرٌ غَيْقةَ فمعها حِسَاءٌ، وقال ابن الأَعرابي‏:‏ فمعها حَسْنَى‏.‏ والحِسْي‏:‏ الرمل المتراكم أَسفله جبل

صَلْدٌ، فإِذا مُطِرَ الرمل نَشِفَ ماءُ المطر، فإِذا انْتَهى إِلى الجبل

الذي أَسْفلَه أَمْسَكَ الماءَ ومنع الرملُ حَرَّ الشمسِ أَن يُنَشِّفَ

الماء، فإِذا اشتد الحرُّ نُبِثَ وجْهُ الرملِ عن ذلك الماء فنَبَع بارداً

عذباً؛ قال الأَزهري‏:‏ وقد رأَيت بالبادية أَحْساءً كثيرة على هذه الصفة، منها أَحْساءُ بني سَعْدٍ بحذاء هَجَرَ وقُرَاها، قال‏:‏ وهي اليومَ دارُ

القَرامطة وبها منازلهم، ومنها أَحْساءُ خِرْشافٍ، وأَحْساءُ القَطِيف، وبحذَاء الحاجر في طريق مكة أَحْساءٌ في وادٍ مُتَطامِن ذي رمل، إِذا

رَوِيَتْ في الشتاء من السُّيول الكثيرة الأَمطار لم ينقطع ماءُ أَحْسائها في القَيْظ‏.‏ الجوهري‏:‏ الحِسْيُ، بالكسر، ما تُنَشِّفه الأَرض من الرمل، فإِذا صار إِلى صَلابةٍ أَمْسكَتْه فتَحْفِرُ عنه الرملَ فتَسْتَخْرجه، وهو الاحْتِساءُ، وجمع الحِسْيِ الأَحساء، وهي الكِرَارُ‏.‏ وفي حديث أَبي

التَّيِّهان‏:‏ ذَهَبَ يَسْتَعْذِب لنا الماءَ من حِسْيِ بني حارثةَ؛ الحِسْيُ

بالكسر وسكون السين وجمعه أَحْساء‏:‏ حَفِيرة قريبة القَعْر، قيل إِنه لا

يكون إِلا في أَرض أَسفلها حجارة وفوقها رمل، فإِذا أُمْطِرَتْ نَشَّفه

الرمل، فإِذا انتهى إِلى الحجارة أَمْسكَتْه؛ ومنه الحديث‏:‏ أَنهم شَرِبوا من ماء الحِسْيِ‏.‏ وحَسِيتُ الخَبَر، بالكسر‏:‏ مثل حَسِسْتُ؛ قال أبو زُبَيْدٍ الطائي‏:‏

سِوَى أَنَّ العِتَاقَ من المَطايا

حَسِينَ به، فهُنّ إِليه شُوسُ

وأَحْسَيْتُ الخَبر مثله؛ قال أَبو نُخَيْلةَ‏:‏

لما احْتَسَى مُنْحَدِرٌ من مُصْعِدِ

أَنَّ الحَيا مُغْلَوْلِبٌ، لم يَجْحَدِ

احْتَسَى أَي اسْتَخْبَر فأُخْبِر أَن الخِصْبَ فاشٍ، والمُنْحدِر‏:‏ الذي

يأْتي القُرَى، والمُصْعِدُ‏:‏ الذي يأْتي إِلى مكة‏.‏ وفي حديث عوف بن مالك‏:‏ فهَجَمْتُ على رجلين فقلتُ هل حَسْتُما من شيء‏؟‏ قال ابن الأَثير‏:‏ قال الخطابي كذا ورد وإِنما هو هل حَسِيتُما‏؟‏ يقال‏:‏ حَسِيتُ الخَبر، بالكسر، أَي علمته، وأَحَسْتُ الخبر، وحَسِسْتُ بالخبر، وأَحْسَسْتُ به، كأن الأَصلَ فيه حَسِسْتُ فأَبْدلوا من إِحدى السينين ياء، وقيل‏:‏ هو من قولهم ظَلْتُ ومَسْتُ في ظَلِلْتُ ومَسِسْتُ في حذف أَحد المثلين، وروي بيت

أَبي زُبَيْدٍ أَحَسْنَ به‏.‏

والحِسَاء‏:‏ موضع؛ قال عبد الله بن رَواحَةَ الأَنصاريُّ يُخاطب ناقَته

حين توجه إِلى مُوتَةَ من أَرض الشأْم‏:‏

إِذا بَلَّغْتِني وحَمَلْتِِ رَحْلِي

مَسِيرةَ أَرْبَعٍ، بعدَ الحِسَاء

حشا‏:‏ الحَشَى‏:‏ ما دُون الحِجابِ مما في البَطْن كُلِّ من الكَبِد

والطِّحال والكَرِش وما تَبعَ ذلك حَشىً كُلُّه‏.‏ والحَشَى‏:‏ ظاهر البطن وهو الحِضْنُ؛ وأَنشد في صفة امرأَة‏:‏

هَضِيم الحَشَى ما الشمسُ في يومِ دَجْنِها

ويقال‏:‏ هو لَطيفُ الحَشَى إِذا كان أَهْيَفَ ضامِرَ الخَصْر‏.‏ وتقول‏:‏

حَشَوْتُه سهماً إِذا أَصبتَ حَشَاه، وقيل‏:‏ الحَشَى ما بين ضِلَعِ الخَلْف

التي في آخر الجَنْبِ إِلى الوَرِك‏.‏ ابن السكيت‏:‏ الحَشَى ما بين آخِرِ

الأَضْلاع إِلى رأْس الوَرِك‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ والشافعي سَمَّى ذلك كله

حِشْوَةً، قال‏:‏ ونحو ذلك حفظته عن العرب، تقول لجميع ما في البطن حِشْوَة، ما عدا الشحم فإِنه ليس من الحِشْوة، وإِذا ثنيت قلت حَشَيانِ‏.‏ وقال الجوهري‏:‏

الحَشَى ما اضْطَمَّت عليه الضلوع؛ وقولُ المُعَطَّل الهذلي‏:‏

يَقُولُ الذي أَمْسَى إِلى الحَزْنِ أَهْلُه‏:‏

بأَيّ الحَشَى أَمْسَى الخَلِيطُ المُبايِنُ‏؟‏

يعني الناحيةَ‏.‏ التهذيب‏:‏ إِذا اشْتَكَى الرجلُ حَشَاه ونَساه فهو حَشٍ

ونَسٍ، والجمع أَحْشَاءٌ‏.‏ الجوهري‏:‏ حِشْوَةُ البطن وحُشْوته، بالكسر

والضم، أَمعاؤُه‏.‏ وفي حديث المَبْعَثِ‏:‏ ثم شَقَّا بَطْني وأَخْرَجا حُِشْوَتي؛ الحُشْوَةُ، بالضم والكسر‏:‏ الأَمعاء‏.‏ وفي مَقْتل عبد الله بن جُبَيْر‏:‏

إِنْ حُشْوَتَه خَرَجَت‏.‏ الأَصمعي‏:‏ الحُشْوة موضع الطعام وفيه الأَحْشَاءُ

والأَقْصابُ‏.‏

وقال الأَصمعي‏:‏ أَسفلُ مواضع الطعام الذي يُؤدِّي إِلى المَذْهَب

المَحْشاةُ، بنصب الميم، والجمع المَحاشِي، وهي المَبْعَرُ من الدواب، وقال‏:‏

إِياكم وإِتْيانَ النساءِ في مَحاشِيهنَّ فإِنَّ كُلَّ مَحْشاةٍ حَرامٌ‏.‏

وفي الحديث‏:‏ محاشي النساء حرامٌ‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏ هكذا جاء في رواية، وهي جمع مَحْشاة لأَسفل مواضع الطعام من الأَمْعاء فكَنَى به عن الأَدْبار؛ قال‏:‏ ويجوز أَن تكون المَحاشِي جمع المِحْشَى، بالكسر، وهي العُظَّامَة

التي تُعَظِّم بها المرأَة عَجيزتها فكَنَى بها عن الأَدْبار‏.‏ والكُلْيتانِ

في أَسفل البطن بينهما المَثانة، ومكانُ البول في المَثانة، والمَرْبَضُ

تحت السُّرَّة، وفيه الصِّفَاقُ، والصِّفاقُ جلدة البطن الباطنةُ كلها، والجلدُ الأَسفل الذي إِذا انخرق كان رقيقاً، والمَأْنَةُ ما غَلُظَ تحت

السُّرَّة‏.‏ والحَشَى‏:‏ الرَّبْوُ؛ قال الشَّمَّاخ‏:‏

تُلاعِبُني، إِذا ما شِئْتُ، خَوْدٌ، على الأَنْماطِ، ذاتُ حَشىً قَطِيعِ

ويروى‏:‏ خَوْدٍ، على أَن يجعل من نعت بَهْكنةٍ في قوله‏:‏

ولو أَنِّي أَشاءُ كَنَنْتُ نَفْسِي

إِلى بَيْضاءَ، بَهْكَنةٍ شَمُوعِ

أَي ذات نَفَس مُنْقَطِعٍ من سِمَنها، وقَطِيعٍ نعتٌ لحَشىً‏.‏ وفي حديث

عائشة، رضي الله عنها‏:‏ أَن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من بيتها ومضى

إِلى البَقِيع فتَبِعَتْهُ تَظُنُّ أَنه دخل بعضَ حُجَرِ نسائه، فلما

أَحَسَّ بسَوادِها قصَدَ قَصْدَه فعَدَتْ فعَدَا على أَثرها فلم يُدْرِكْها

إِلا وهي في جَوْفِ حُجْرَتِها، فدنا منها وقد وَقَع عليها البُهْرُ

والرَّبْوُ فقال لها‏:‏ ما لي أَراكِ حَشْيَا‏.‏ رابيَةً أَي ما لَكِ قد وقعَ عليك الحَشَى، وهو الرَّبْوُ والبُهْرُ

والنَّهِيجُ الذي يَعْرِض للمُسْرِع في مِشْيَته والمُحْتَدِّ في كلامه من ارتفاع النَّفَس وتَواتُره، وقيل‏:‏ أَصله من إِصابة الرَّبْوِ حَشاه‏.‏ ابن سيده‏:‏ ورجل حَشٍ وحَشْيانُ من الرَّبْوِ، وقد حَشِيَ، بالكسر؛ قال أبو جندب الهذلي‏:‏

فنَهْنَهْتُ أُولى القَوْمِ عنهم بضَرْبةٍ، تنَفَّسَ منها كلُّ حَشْيانَ مُجْحَرِ

والأُنثى حَشِيَةٌ وحَشْيا، على فَعْلى، وقد حَشِيا حَشىً‏.‏ وأَرْنب

مُحَشِّيَة الكِلابِ أَي تَعْدُو الكلابُ خلفها حتى تَنْبَهِرَ‏.‏ والمِحْشَى‏:‏

العُظَّامة تُعَظِّم بها المرأَة عَجِيزتَها؛ وقال‏:‏

جُمّاً غَنيَّاتٍ عن المَحاشي

والحَشِيَّةُ‏:‏ مِرْفَقة أَو مِصْدَغة أَو نحوُها تُعَظِّم بها المرأَة

بدنَها أَو عجيزتها لتُظَنَّ مُبَدَّنةً أَو عَجْزاء، وهو من ذلك؛ أَنشد

ثعلب‏:‏

إِذا ما الزُّلُّ ضاعَفْنَ الحَشايا، كَفاها أَن يُلاثَ بها الإِزارُ

ابن سيده‏:‏ واحْتَشَتِ المرأَةُ الحَشِيَّةَ واحْتَشتْ بها كلاهما

لبستها؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد‏:‏

لا تحْتَشِي إِلا الصَّميمَ الصادقا

يعني أَنها تَلْبَسُ الحَشايا لأَن عِظَمَ عجيزتها يُغْنيها عن ذلك؛ وأَنشد في التَّعدِّي بالباء‏:‏

كانت إِذا الزُّلُّ احْتَشَينَ بالنُّقَبْ، تُلْقِي الحَشايا ما لَها فيها أَرَبْ

الأَزهري‏:‏ الحَشِيَّةُ رِفاعةُ المرأَة، وهو ما تضعه على عجيزتها

تُعَظِّمُها به‏.‏ يقال‏:‏ تحَشَّتِ المرأَةُ تحَشِّياً، فهي مُتَحَشِّيةٌ‏.‏

والاحْتِشاءُ‏:‏ الامتلاءُ، تقول‏:‏ ما احْتشَيْتُ في معنى امْتلأْتُ‏.‏

واحْتَشَت المُسْتحاضةُ‏:‏ حَشَتْ نفْسَها بالمَفارِم ونحوها، وكذلك الرجل ذو

الإِبْرِدَةِ‏.‏ التهذيب‏:‏ والاحْتِشاءُ احْتِشاءُ الرجل ذي الإِبْرِدَةِ، والمُسْتحاضة تحْتَشِي بالكُرْسُفِ‏.‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم لامرأَةٍ‏:‏ احْتَشِي كُرْسُفاً، وهو القطن تحْشُو به فرجها‏.‏ وفي الصحاح‏:‏ والحائض

تحْتَشِي بالكُرْسُفِ لتحبس الدم‏.‏ وفي حديث المُسْتحاضةِ‏:‏ أَمرها أن تغتسل فإِن رأَت شيئاً احْتَشتْ أَي اسْتَدْخلَتْ شيئاً يمنع الدم من القطن؛ قال الأَزهري‏:‏ وبه سمي القُطْنُ الحَشْوَ لأَنه تُحْشَى به الفُرُش

وغيرها‏.‏ ابن سيده‏:‏ وحَشا الوِسادة والفراشَ وغيرهما يَحْشُوها حَشْواً

ملأَها، واسم ذلك الشيء الحَشْوُ، على لفظ المصدر‏.‏ والحَشِيَّةُ‏:‏ الفِراشُ

المَحْشُوُّ‏.‏ وفي حديث علي‏:‏ من يَعْذِرُني من هؤلاءِ الضَّياطِرةِ يتَخَلَّفُ

أَحدُهم يتَقَلَّبُ على حَشاياهُ أَي على فَرْشِه، واحدَتُها حَشِيَّة، بالتشديد‏.‏ ومنه حديث عمرو بن العاص‏:‏ ليس أَخو الحرب من يَضَعُ خُورَ

الحَشَايا عن يمينه وشماله‏.‏ وحَشْوُ الرجل‏:‏ نفْسُه على المَثل، وقد حُشِيَ

بها وحُشِيَها؛ وقال يزيد بن الحَكَم الثَّقَفِيُّ‏:‏

وما بَرِحَتْ نفْسٌ لَجُوجٌ حُشِيتَها

تُذِيبُكَ حتى قِيلَ‏:‏ هل أَنتَ مُكْتَوي‏؟‏

وحُشِيَ الرجلُ غيظاً وكِبْراً كلاهما على المَثَل؛ قال المَرَّارُ‏:‏

وحَشَوْتُ الغَيْظَ في أَضْلاعِه، فهو يَمْشِي حَظَلاناً كالنَّقِرْ

وأَنشد ثعلب‏:‏

ولا تَأْنَفا أَنْ تَسْأَلا وتُسَلِّما، فما حُشِيَ الإِنسانُ شَرّاً من الكِبْرِ

ابن سيده‏:‏ وحُشْوَة الشاةِ وحِشْوَتُها جَوْفُها، وقيل‏:‏ حِشْوة البطن

وحُشْوَتُه ما فيه من كبد وطحال وغير ذلك‏.‏

والمَحْشَى‏:‏ موضع الطعام‏.‏ والحَشا‏:‏ ما في البطن، وتثنيته حَشَوانِ، وهو من ذوات الواو والياء لأَنه مما يثنى بالياء والواو، والجمع أَحْشاءٌ‏.‏

وحَشَوْتُه‏:‏ أَصَبْتُ حَشاه‏.‏

وحَشْوُ البيت من الشِّعْر‏:‏ أَجزاؤُه غير عروضه وضربه، وهو من ذلك‏.‏

والحَشْوُ من الكلام‏:‏ الفَضْلُ الذي لا يعتمد عليه، وكذلك هو من الناس‏.‏

وحُشْوةُ الناس‏:‏ رُذالَتُهم‏.‏ وحكى اللحياني‏:‏ ما أَكثر حِشْوَةَ أَرْضِكم

وحُشْوَتها أَي حَشْوَها وما فيها من الدَّغَل‏.‏ وفلان من حِشْوَة بني فلان، بالكسر، أَي من رُذالهم‏.‏ وحَشْوُ الإِبل وحاشِيَتُها‏:‏ صِغارها، وكذلك

حواشيها، واحدتها حاشِيةٌ، وقيل‏:‏ صِغارها التي لا كِبار فيها، وكذلك من الناس‏.‏ الحاشِيتانِ‏:‏ ابنُ المَخاض وابن اللَّبُون‏.‏ يقال‏:‏ أَرْسَلَ بنو فلان

رائداً فانْتَهى إِلى أَرض قد شَبِعَتْ حاشِيَتاها‏.‏ وفي حديث الزكاة‏:‏ خُذْ

من حَوَاشي أَموالهم؛ قال ابن الأَثير‏:‏ هي صِغارُ الإِبل كابن المَخاض

وابن اللَّبُون، واحدتها حاشِيَةٌ‏.‏ وحاشِيَةُ كل شيءٍ‏:‏ جانبه وطَرَفُه، وهو كالحديث الآخر‏:‏ اتَّقِ كرائمَ أَمْوالهم‏.‏ وحَشِيَ السِّقاءُ حَشىً‏:‏ صار

له من اللَّبَن شِبْهُ الجِلْدِ من باطن فلَصِقَ بالجلد فلا يَعْدَمُ أن يُنْتِنَ فيُرْوِحَ‏.‏ وأَرضٌ حَشاةٌ‏:‏ سَوْداء لا خير فيها‏.‏ وقال في موضع

آخر‏:‏ وأَرض حَشاةٌ قليلة الخير سوداءُ‏.‏ والحَشِيُّ من النَّبْتِ‏:‏ ما فسَد

أَصله وعَفِنَ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد‏:‏

كأَنَّ صَوْتَ شَخْبِها، إِذا هَما، صَوتُ أَفاعٍ في حَشِيٍّ أَعْشَما

ويروى‏:‏ في خَشِيٍّ؛ قال ابن بري‏:‏ ومثله قول الآخر‏:‏

وإِنَّ عِندي، إِن رَكِبْتُ مِسْحَلي، سَمَّ ذَراريحَ رِطابٍ وحَشِي

أَراد‏:‏ وحَشِيٍّ فخفف المشدد‏.‏ وتحَشَّى في بني فلان إِذا اضْطَمُّوا

عليه وآوَوْهُ‏.‏ وجاء في حاشِيَتهِ أَي في قومه الذين في حَشاه‏.‏ وهؤلاء

حاشِيَتُه أَي أَهله وخاصَّتُه‏.‏ وهؤلاء حاشِيَته، بالنصب، أَي في ناحيته

وظِلِّه‏.‏ وأَتَيْتُه فما أَجَلَّني ولا أَحْشاني أَي فما أَعطاني جَليلة ولا

حاشِيةً‏.‏ وحاشِيَتا الثَّوْبِ‏:‏ جانباه اللذان لا هُدْبَ فيهما، وفي التهذيب‏:‏ حاشِيَتا الثوب جَنَبَتاه الطويلتان في طرفيهما الهُدْبُ‏.‏ وحاشِيَةُ

السَّراب‏:‏ كل ناحية منه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه كان يُصَلِّي في حاشِيَةِ

المَقامِ أَي جانبه وطَرَفه، تشبيهاً بحاشِيَة الثوب؛ ومنه حديث مُعاوية‏:‏ لو

كنتُ من أَهل البادية لنزلتُ من الكَلإ الحاشيةَ‏.‏ وعَيْشٌ رقيقُ الحَواشي

أَي ناعِمٌ في دَعَةٍ‏.‏ والمَحاشي‏:‏ أَكْسية خَشِنة تَحْلِقُ الجَسدَ، واحدتها مِحْشاةٌ؛ وقول النابغة الذُّبياني‏:‏

إِجْمَعْ مِحاشَكَ يا يَزِيدُ، فإِنني

أَعْدَدْتُ يَرْبُوعاً لكم وتَمِيما

قال الجوهري‏:‏ هو من الحَشْوِ؛ قال ابن بري‏:‏ قوله في المِحاشِ إِنه من الحَشْوِ غلط قبيح، وإِنما هو من المَحْش وهو الحَرْقُ، وقد فسر هذه اللفظة

في فصل محش فقال‏:‏ المِحاشُ قوم اجتمعوا من قبائل وتحالَفُوا عند النار‏.‏

قال الأَزهري‏:‏ المَحَاشُ كأَنه مَفْعَلٌ من الحَوْشِ، وهم قوم لَفِيف

أُشابَةٌ‏.‏ وأَنشد بيت النابغة‏:‏ جَمِّعْ مَحاشَك يا يزيد‏.‏ قال أَبو منصور‏:‏

غَلِطَ الليث في هذا من وجهين‏:‏ أَحدهما فتحه الميم وجعله إِياه مَفْعَلاً

من الحَوْش، والوجه الثاني ما قال في تفسيره والصواب المِحاشُ، بكسر

الميم، قال أَبو عبيدة فيما رواه عنه أَبو عبيد وابن الأَعرابي‏:‏ إِنما هو جَمِّعْ مِحاشَكَ، بكسر الميم، جعلوه من مَحَشَتْه أَي أَحرقته لا من الحَوْش، وقد فُسِّر في موضعه الصحيح أَنهم يتحالفون عند النار، وأَما المَحاشُ، بفتح الميم، فهو أَثاثُ البيت وأَصله من الحَوْش، وهو جَمْع الشيء

وضَمُّه؛ قال‏:‏ ولا يقال للفِيفِ الناس مَحاشٌ‏.‏ والحَشِيُّ، على فَعِيل‏:‏

اليابِسُ؛ وأَنشد العجاج‏:‏

والهَدَب الناعم والحَشِيّ

يروى بالحاء والخاء جميعاً‏.‏

وحاشى‏:‏ من حروف الاستثناء تَجُرُّ ما بعدها كما تَجُرُّ حتى ما بعدها‏.‏

وحاشَيْتُ من القوم فلاناً‏:‏ استَثنيْت‏.‏ وحكى اللحياني‏:‏ شَتمْتُهم وما

حاشَيْتُ منهم أَحداً وما تحَشَّيْتُ وما حاشَيْتُ أَي ما قلت حاشَى لفلان

وما استثنيت منهم أَحداً‏.‏ وحاشَى للهِ وحَاشَ للهِ أَي بَرَاءةً لله

ومَعاذاً لله؛ قال الفارسي‏:‏ حذفت منه اللام كما قالوا ولو تَرَ ما أَهل مكة، وذلك لكثرة الاستعمال‏.‏ الأَزهري‏:‏ حاشَ لله كان في الأَصل حاشَى لله، فكَثُر

في الكلام وحذفت الياء وجعل اسماً، وإِن كان في الأَصل فعلاً، وهو حرف

من حروف الاستثناء مثل عَدَا وخَلا، ولذلك خَفَضُوا بحاشَى كما خفض بهما، لأَنهما جعلا حرفين وإِن كانا في الأَصل فعلين‏.‏ وقال الفراء في قوله

تعالى‏:‏ قُلْنَ حاشَ للهِ؛ هو من حاشَيْتُ أُحاشي‏.‏ قال ابن الأَنباري‏:‏ معنى

حاشَى في كلام العرب أَعْزِلُ فلاناً من وَصْفِ القوم بالحَشَى وأَعْزِلُه

بناحية ولا أُدْخِله في جُمْلتهم، ومعنى الحَشَى الناحيةُ؛ وأَنشد أبو بكر في الحَشَى الناحية بيت المُعَطَّل الهذلي‏:‏

بأَيِّ الحَشَى أَمْسى الحَبيبُ المُبايِنُ

وقال آخر‏:‏

حاشَى أَبي مَرْوان، إِنَّ به ضَنّاً عن المَلْحاةِ والشَّتْمِ

وقال آخر‏:‏

ولا أُحاشِي من الأَقْوامِ من أَحَدِ

ويقال‏:‏ حاشَى لفلان وحاشَى فُلاناً وحاشَى فلانٍ وحَشَى فلانٍ؛ وقال عمر

بن أَبي ربيعة‏:‏

مَن رامَها، حاشَى النَّبيِّ وأَهْلِه

في الفَخْرِ، غَطْمَطَه هناك المُزْبِدُ

وأَنشد الفراء‏:‏

حَشا رَهْطِ النبيِّ، فإِنَّ منهمْ

بُحوراً لا تُكَدِّرُها الدِّلاءُ

فمن قال حاشَى لفلان خفضه باللام الزائدة، ومن قال حاشَى فلاناً أَضْمَر

في حاشَى مرفوعاً ونصَب فلاناً بحاشَى، والتقدير حاشَى فِعْلُهم فلاناً، ومن قال حاشَى فلان خفَض بإِضمار اللام لطول صُحبتها حاشَى، ويجوز أن يخفضه بحاشى لأَن حاشى لما خلت من الصاحب أَشبهت الاسم فأُضيفت إِلى ما بعدها، ومن العرب من يقول حاشَ لفلان فيسقط الأَلف، وقد قرئ في القرآن

بالوجهين‏.‏ وقال أَبو إِسحق في قوله تعالى‏:‏ قُلْنَ حاشَ لله؛ اشْتُقَّ من قولك كنتُ في حَشا فلان أَي في ناحية فلان، والمعنى في حاشَ لله بَراءةً لله

من هذا، وإِذا قلت حاشى لزيد هذا من التَّنَحِّي، والمعنى قد تنَحَّى

زيدٌ من هذا وتَباعَدَ عنه كما تقول تنَحَّى من الناحية، كذلك تحاشَى من حاشيةِ الشيء، وهو ناحيتُه‏.‏ وقال أَبو بكر بنُ الأَنْباري في قولهم حاشى

فلاناً‏:‏ معناه قد استثنيتُه وأَخرجته فلم أُدخله في جملة المذكورين؛ قال أَبو منصور‏:‏ جعَلَه من حَشى الشيء وهو ناحيته؛ وأَنشد الباهلي في المعاني‏:‏ ولا يَتحَشَّى الفَحْلُ إِنْ أَعْرَضَتْ به، ولا يَمْنَعُ المِرْباعَ منها فَصِيلُها‏.‏

قال‏:‏ لا يَتحَشَّى لا يُبالي من حاشى‏.‏ الجوهري‏:‏ يقال حاشاكَ وحاشى لكَ

والمعنى واحد‏.‏ وحاشى‏:‏ كلمة يستثنى بها، وقد تكون حرفاً، وقد تكون فعلاً، فإِن جعلتها فعلاً نصبت بها فقلت ضربتهم حاشى زيداً، وإِن جعلتها حرفاً

خفضت بها، وقال سيبويه‏:‏ لا تكون إِلا حرف جر لأَنها لو كانت فعلاً لجاز أَن

تكون صلة لما كما يجوز ذلك في خلا، فلما امتنع أَن يقال جاءني القوم ما حاشى زيداً دلت أَنها ليست بفعل‏.‏ وقال المُبرد‏:‏ حاشى قد تكون فعلاً؛ واستدل بقول النابغة‏:‏

ولا أَرى فاعِلاً في الناس يُشْبِهُه، وما أُحاشي من الأَقْوام من أَحَدِ

فتصرُّفه يدل على أَنه فعل، ولأَنه يقال حاشى لزيدٍ، فحرف الجر لا يجوز

أَن يدخل على حرف الجر، ولأَن الحذف يدخلها كقولهم حاشَ لزيدٍ، والحذف

إِنما يقع في الأَسماء والأفعال دون الحروف؛ قال ابن بري عند قول الجوهري

قال سيبويه حاشى لا تكون إِلا حرف جر قال‏:‏ شاهده قول سَبْرة بن عمرو

الأَسَدي‏:‏

حاشَى أَبي ثَوْبانَ، إِنَّ به ضَنّاً عن المَلْحاة والشَّتْمِ

قال‏:‏ وهو منسوب في المُفَضَّلِيّاتِ للجُمَيْح الأَسَدي، واسمه مُنْقِذُ

بن الطَّمّاح؛ وقال الأُقَيْشِر‏:‏

في فِتْيةٍ جعَلوا الصليبَ إِلَهَهُمْ، حاشايَ، إِني مُسْلِمٌ مَعْذُورُ

المعذور‏:‏ المَخْتُون، وحاشَى في البيت حرف جر، قال‏:‏ ولو كانت فعلاً لقلت

حاشاني‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ تَحَشَّيْتُ من فلان أَي تَذَمَّمْتُ؛ وقال الأَخطل‏:‏

لولا التَّحَشِّي مِنْ رِياحٍ رَمَيْتُها

بكَالِمةِ الأَنْيابِ، باقٍ وُسُومُها

التهذيب‏:‏ وتقول‏:‏ انْحَشَى صوتٌ في صوتٍ وانْحَشَى حَرْفٌ في حَرْف‏.‏

والحَشَى‏:‏ موضع؛ قال‏:‏

إنَّ بأَجْزاعِ البُرَيْراءِ، فالحَشَى، فَوَكْدٍ إلى النَّقْعَيْنِ مِنْ وَبِعَانِ‏.‏

حصي‏:‏ الحَصَى‏:‏ صِغارُ الحجارة، الواحدةُ منه حَصاة‏.‏ ابن سيده‏:‏ الحَصَاة

من الحجارة معروفة، وجمعها حَصَياتٌ وحَصىً وحُصِيٌّ وحِصِيٌّ؛ وقول أَبي

ذؤَيب يصف طَعْنَةً‏:‏

مُصَحْصِحَة تَنْفِي الحَصَى عن طَرِيقِها، يُطَيِّر أَحْشاء الرَّعيبِ انْثِرَارُها

يقول‏:‏ هي شديدة السَّيَلان حتى إنه لو كان هنالك حَصىً لدفعته‏.‏

وحَصَيْتُه بالحَصَى أَحْصِيه أَي رميته‏.‏ وحَصَيْتُه ضربته بالحَصَى‏.‏ ابن شميل‏:‏

الحَصَى ما حَذَفْتَ به حَذْفاً، وهو ما كان مثلَ بعر الغنم‏.‏ وقال أبو أَسلم‏:‏ العظيمُ مثلُ بَعَرِ البعير من الحَصَى، قال‏:‏ وقال أَبو زيد حَصَاةٌ

وحُصِيّ وحِصِيّ مثل قَناة وقُنِيّ وقِنِيّ ونَواة ونُوِيّ ودَواة

ودُوِيّ، قال‏:‏ هكذا قيده شمر بخطه، قال‏:‏ وقال غيره تقول حَصَاة وحَصىً بفتح

أَوله، وكذلك قَناةٌ وقَنىً ونَواةٌ ونَوىً مثل ثَمَرة وثَمَر؛ قال‏:‏ وقال غيره تقول نَهَرٌ حَصَوِيٌّ أَي كثير الحَصَى، وأَرض مَحْصَاة وحَصِيَةٌ

كثيرة الحَصَى، وقد حَصِيَتْ تَحْصَى‏.‏ وفي الحديث‏:‏ نَهَى عن بَيْعِ

الحَصَاة، قال‏:‏ هو أَن يقول المشتري أَو البائع إذا نَبَذْتُ الحَصاةَ إليك فقد

وَجَب البيعُ، وقيل‏:‏ هو أَن يقول بِعْتُك من السِّلَع ما تَقَعُ عليه

حَصاتُك إذا رميت بها، أَو بِعْتُك من الأَرض إلى حيثُ تَنْتَهي حَصاتُك، والكُلُّ فاسد لأَنه من بيوع الجاهلية، وكلها غَرَرٌ لما فيها من الجَهالة‏.‏ الحَصَاةُ‏:‏ داءٌ يَقع بالمَثانة وهو أَن يَخْثُرَ البولُ فيشتدَّ حتى

يصير كالحَصاة، وقد حُصِيَ الرجلُ فهو مَحْصِيٌّ‏.‏ وحَصاةُ القَسْمِ‏:‏

الحِجارةُ التي يَتَصافَنُون عليها الماء‏.‏ والحَصَى‏:‏ العددُ الكثير، تشبيهاً

بالحَصَى من الحجارة في الكثرة؛ قال الأَعشى يُفَضِّلُ عامراً على

عَلْقمة‏:‏ ولَسْتَ بالأَكثرِ منهم حصىً، وإنما العِزَّةُ للْكَاثِرِ

وأَنشد ابن بري‏:‏

وقد عَلِمَ الأَقْوامُ أَنك سَيِّدٌ، وأَنك منْ دارٍ شَديدٍ حَصاتُها

وقولهم‏:‏ نحن أَكثر منهم حَصىً أَي عَدَداً‏.‏

والحَصْوُ‏:‏ المَنْع؛ قال بَشِيرٌ الفَرِيرِيُّ‏:‏

أَلا تَخافُ اللهَ إذ حَصَوْتَنِي

حَقِّي بلا ذَنْبٍ، وإذْ عَنَّيْتَنِي‏؟‏

ابن الأَعرابي‏:‏ الحَصْوُ هو المَغَسُ في البَطْن‏.‏ والحَصَاةُ‏:‏ العَقُْل

والرَّزانَةُ‏.‏ يقال‏:‏ هو ثابت الحَصاةِ إذا كان عاقلاً‏.‏ وفلان ذو حَصاةٍ

وأَصاةٍ أَي عقلٍ ورَأْيٍ؛ قال كعب بن سَعْد الغَنَوي‏:‏

وأَعْلَم عِلْماً، ليس بالظَّنِّ، أَنَّه

إذا ذَلَّ مَوْلَى المَرْءِ، فهُوَ ذَلِيلُ

وأَنَّ لِسانَ المَرْءِ، ما لم يَكُنْ له

حَصَاةٌ، على عَوْراتِهِ، لَدَلِىلُ

ونسبه الأَزهري إلى طَرَفة، يقول‏:‏ إذا لم يكن مع اللسان عقل يحجُزه عن

بَسْطِه فيما لا يُحَبُّ دلَّ اللسان على عيبه بما يَلْفِظ به من عُورِ

الكلام‏.‏ وما له حَصَاة ولا أَصَاة أَي رأْي يُرْجَع إليه‏.‏ وقال الأَصمعي في معناه‏:‏ هو إذا كان حازماً كَتُوماً على نفسه يحفَظ سرَّه، قال‏:‏

والحَصَاة العَقْل، وهي فَعَلة من أَحْصَيْت‏.‏ وفلان حَصِيٌّ وحَصِيفٌ ومُسْتَحْصٍ

إذا كان شديد العقل‏.‏ وفلان ذو حَصىً أَي ذو عدَدٍ، بغير هاءٍ؛ قال‏:‏ وهو من الإحْصاء لا من حَصَى الحجارة‏.‏ وحَصاةُ اللِّسانِ‏:‏ ذَرابَتُه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ وهل يَكُبُّ الناسَ على مَناخِرِهِم في جَهَنَّم إلاَّ حَصَا

أَلْسِنَتِهِمْ‏؟‏ قال الأَزهري‏:‏ المعروف في الحديث والرواية الصحيحة إلاَّ

حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِم، وقد ذكر في موضعه، وأَما الحَصَاة فهو العقل نفسهُ‏.‏

قال ابن الأَثير‏:‏ حَصَا أَلْسِنَتِهِم جمعُ حَصاةِ اللِّسانِ وهي ذَرابَتُه‏.‏ والحَصَاةُ‏:‏ القِطْعة من المِسْك‏.‏ الجوهري‏:‏ حَصاةُ المِسْك قطعة

صُلْبة توجد في فأْرة المِسْك‏.‏ قال الليث‏:‏ يقال لكل قطعة من المِسْك

حَصاة‏.‏ في أَسماء الله تعالى‏:‏ المُحْصِي؛ هو الذي أَحْصَى كلَّ شيءٍ بِعِلْمِه

فلا يَفُوته دَقيق منها ولا جَليل‏.‏ والإحْصاءُ‏:‏ العَدُّ والحِفْظ‏.‏

وأَحْصَى الشيءَ‏:‏ أَحاطَ به‏.‏ وفي التنزيل‏:‏ وأَحْصَى كلَّ شيءٍ عدداً؛ الأَزهري‏:‏ أي أَحاط علمه سبحانه باستيفاء عدد كلِّ شيء‏.‏ وأَحْصَيْت الشيءَ‏:‏

عَدَدته؛ قال ساعدة بن جؤية‏:‏

فَوَرَّك لَيْثاً أَخْلَصَ القَيْنُ أَثْرَه، حاشِكةً يُحْصِي الشِّمالَ نَذيرُها

قيل‏:‏ يُحْصِي في الشِّمال يؤثِّر فيها‏.‏ الأَزهري‏:‏ وقال الفراءُ في قوله‏:‏

علم أَنْ لَنْ تُحْصُوه فتاب عليكم، قال‏:‏ علم أَن لَنْ تَحفَظوا مواقيت

الليل، وقال غيره‏:‏ علم أَن لَنْ تُحْصوه أَي لن تُطيقوه‏.‏ قال الأَزهري‏:‏

وأَما قول النبي، صلى الله عليه وسلم‏:‏ إنَّ لله تعالى تسعة وتسعين اسماً

من أَحصاها دخَل الجنةَ، فمعناه عندي، والله أَعلم، من أَحصاها علْماً

وإيماناً بها ويقيناً بأَنها صفات الله عزَّ وجل، ولم يُرِد الإحْصاءَ الذي

هو العَدُّ‏.‏ قال‏:‏ والحصاةُ العَدُّ اسم من الإحصاء؛ قال أَبو زُبَيْد‏:‏

يَبْلُغُ الجُهْد ذا الحَصاة من القَوْ

مِ، ومنْ يُلْفَ واهِناً فهَو مُودِ

وقال ابن الأَثير في قوله من أَحصاها دخل الجنة‏:‏ قيل من أَحصاها من حَفِظَها عن ظَهْرِ قلبه، وقيل‏:‏ من استخرجها من كتاب الله تعالى وأَحاديث

رسوله صلى الله عليه وسلم لأَن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعدّها لهم

إلاَّ ما جاء في رواية عن أَبي هريرة وتكلموا فيها، وقيل‏:‏ أَراد من أَطاقَ العمل بمقتضاها مثلُ من يعلَمُ أنه سميع بصير فيَكُفُّ سَمْعَه

ولسَانَه عمَّا لا يجوزُ له، وكذلك في باقي الأَسماء، وقيل‏:‏ أَراد من أَخْطَرَ

بِباله عند ذكرها معناها وتفكر في مدلولها معظِّماً لمسمَّاها، ومقدساً

معتبراً بمعانيها ومتدبراً راغباً فيها وراهباً، قال‏:‏ وبالجملة ففي كل اسم

يُجْريه على لسانه يُخْطِر بباله الوصف الدالَّ عليه‏.‏

وفي الحديث‏:‏ لا أُحْصِي ثَناءً عليك أي لا أُحْصِي نِعَمَك والثناءَ بها

عليك ولا أَبْلغُ الواجِب منه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَكُلَّ القرآن أَحْصَيْتَ

أَي حَفِظْت‏.‏ وقوله للمرأَة‏:‏ أَحْصِيها أَي احْفَظِيها‏.‏ وفي الحديث‏:‏

اسْتَقِيمُوا ولَنْ تُحْصُوا واعْلَموا أَنَّ خيرَ أَعمالِكُم الصَّلاةُ أَي

اسْتَقِيموا في كلّ شيء حتى لا تَمِيلوا ولن تُطِيقوا الاسْتقامة من قوله

تعالى‏:‏ علم أَنْ لَنْ تُحْصُوه؛ أَي لن تُطِيقوا عَدَّه وضَبْطَه‏.‏

حضا‏:‏ حَضَا النارَ حَضْواً‏:‏ حَرَّك الجَمْرَ بعدما يَهْمُد، وقد ذكر في الهمز‏.‏

حطا‏:‏ لم يذكره الجوهري ولا رأَيته في المحكم، قال الأَزهري عن ابن الأَعرابي‏:‏ الحَطْوُ تَحْريكك الشيءَ مُزَعْزَعاً؛ ومنه حديث ابن عباس، رضي الله عنه‏:‏ أتاني النبي صلى الله عليه وسلم فحَطانِي حَطْوَةً؛ هكذا رواه

غير مهموز وهمزه غيره، قال‏:‏ وقرأْته بخط شمر فيما فسر من حديث ابن عباس

قال‏:‏ تَناوَلَ النبي صلى الله عليه وسلم بقَفَايَ فحطَأَنِي حَطْأَةً، وقال ابن الأَثير‏:‏ قال الهروي جاء به الراوي غير مهموز، وقال ابن بري في أَماليه‏:‏ يقال للقملة حَطَاة وجمعها حَطاً، قال‏:‏ وذكره ابن وَلاَّدٍ

بالظاء المعجمة، وهو خطأٌ‏.‏

حظا‏:‏ الحُظْوَة والحِظْوَة والحِظَة‏:‏ المَكانة والمَنزِلة للرجل من ذِي

سُلْطان ونحوه، وجمعه حُظاً وحِظاءٌ، وفي حَظِيَ عنده يَحْظَى حِظْوَة‏.‏

ورجُل حَظِيٌّ إذا كان ذا حُظْوة ومَنْزِلة، وقد حَظِيَ عند الأَمير

واحْتَظى به بمعنى‏.‏ وحَظِيَت المرأَة عند زوجها حُظْوة وحِظْوة، بالضم والكسر، وحِظَةً أَيضاً وحَظِيَ هو عندَها، وامرأَة حَظِيَّة وهي حَظِيّتي

وإحْدَى حَظَايايَ‏.‏ وفي المثل‏:‏ إلاَّ حَظِيَّةً‏.‏ فلا أَلِيَّةً أَي

إلاَّ تكُنْ مِمَّن يَحْظَى عنده فإنِّي غيرُ أَلِيَّةٍ؛ قال سيبويه‏:‏

ولو عَنَت بالحَظِيَّةِ نفسَها لم يكن إلاَّ نَصْباً إذا جعلت الحَظِيَّة

على التفسير الأَول، وقيل في المثل‏:‏ إلاَّ حَظِيَّةً فلا أَلِيَّةً؛ تقول‏:‏

إنْ أَخْطَأَتْكَ الحُظْوة فيما تَطْلُب فلا تَأْلُ أَنْ تَتَوَدَّد إلى

الناس لعلك تُدْرِكُ بعض ما تريد، وأَصله في المرأَة تَصْلَف عند زوجها؛ وفي التهذيب‏:‏ هذا المثل من أَمثال النساء، تقول‏:‏ إن لم أَحْظَ عند زوجي

فلا آلُوا فيما يُحْظِيني عندَه بانتهائي إلى ما يَهْواه‏.‏ ويقال‏:‏ هي الحِظْوَة والحُظْوَة والحِظَة؛ قال‏:‏

هَلْ هِيَ إلاَّ حِظَة أو تَطْلِيقْ، أَو صَلَفٌ مِنْ دون ذاك تَعْلِيقْ، قَدْ وجَبَ المَهْرُ إذا غابَ الحُوقْ

وفي المثل‏:‏ حَظِيِّينَ بَنَاتٍ صَلِفِينَ كَنَّاتٍ؛ يضرب للرجل عند

الحاجة يطلبها يصيب بعضها ويَعْسُر عليه بعض‏.‏ أَبو زيد‏:‏ يقال إنه لَذُو

حُظْوة فيهن وعندهن، ولا يقال ذلك إلا فيما بين الرجال والنساء‏.‏ وفي حديث

عائشة، رضوان الله عليها‏:‏ تَزَوَّجَنِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وفي شَوَّال وبَنَى بِي في شَوَّال فأَيُّ نِسائهِ أَحْظَى مِنِّي أَي أَقرب

إليه مني وأَسعد به‏.‏ يقال‏:‏ حَظِيت المرأَة عند زوجها تحظَى حِظْوة

وحُظْوة، بالكسر والضم، أَي سَعِدت ودنَت من قلبه وأَحَبَّها‏.‏ ويقال‏:‏ إنه لَذو

حَظٍّ في العلم‏.‏ أَبو زيد‏:‏ وأَحْظَيْتُ فلاناً على فلان، من الحُظْوة

والتفضيل، أَي فضَّلته عليه‏.‏

ابن بُزُرْج‏:‏ واحد الأَحاظِي أَحْظاءٌ، وواحد الأَحْظاءِ حِظىً، منقوص، قال‏:‏ وأَصلُ

الحِظَى الحَظُّ‏.‏ وقال ابن الأَنباري‏:‏ الحِظَى الحُظْوة، وجمع الحِظَى

أَحْظٍ ثم أَحاظٍ‏.‏ ورجل له حُظْوة وحِظْوة وحِظَة أَي حَظٌّ من الرزق‏.‏

والحَظْوة والحُظْوة‏:‏ سهم صغير قدرُ ذراع، وقيل‏:‏ الحَظْوة سهم صغير يلعب به الصبيان، وإذا لم يكن فيه نَصْل فهو حُظَيَّة، بالتصغير‏.‏ وفي المثل‏:‏ إحدَى

حُظَيَّاتِ لُقْمَان، وهو لُقْمانُ بن عادٍ وحُظَيَّاتُه سهامه ومَرَاميه؛ يضرب لمن عُرِفَ بالشَّرارة ثم جاءت منه هَنَةٌ؛ وقال الأَزهري‏:‏

حُظَيَّات تصغير حَظَوات، واحدتها حَظْوة، ومعنى المثل إحْدى دواهيه ومَرَاميه‏.‏

وقال أَبو عبيد‏:‏ إذا عُرِف الرجل بالشَّرارة ثم جاءت منه هَنَةٌ قيل إحدى

حُظَيَّاتِ لُقْمَانَ أَي أَنَّها من فَعَلاته، وأَصْل الحُظَيَّاتِ

المَرامي، واحدتها حُظَيَّة ومُكَبَّرها حَظْوة، وهي التي لا نَصْل لها من المرامي؛ وقال الكميت‏:‏

أَرَهْطَ امْرِئِ القَيْس، اعْبَؤُوا حَظَواتِكُمْ

لِحَيٍّ سِوانا، قَبْلَ قاصمةَ الصُّلْبِ

والحَظْوة من المَرامي‏:‏ الذي لا قُذَذَ له، وجمع الحَظْوة حَظَوات

وحِظاءٌ، بالمد؛ أَنشد ابن بري‏:‏

إلى ضُمَّرٍ زُرْقٍ كأَنَّ عُيونَها

حظَاءُ غُلامٍ لَيْس يُخْطِين مُهْرَأَ‏.‏

ابن سيده‏:‏ الحَظْوة كل قضيب نابت في أَصل شجرة لم يَشْتَدَّ بعدُ، والجمع من كل ذلك حِظَاءٌ، ممدود، ويقال للسَّرْوة حَظْوة وثَلاثُ حِظاءٍ؛ وقال غيره‏:‏ هي السِّروة، بكسر السين‏.‏ ابن الأَثير‏:‏ وفي حديث موسى ابن طلحة

قال‏:‏ دخل عليّ طلحة وأَنا مُتَصَبِّحٌ فأَخَذَ النعلَ فَحَظَانِي بها

حَظَياتٍ ذَواتِ عَدَدٍ أَي ضربني، قال‏:‏ هكذا رُوِيَ بالظاء المعجمة، وقال الحربي‏:‏ إنما أَعْرِفُها بالطاء المهملة، فأَما المعجمة فلا وجه له؛ وقال غيره‏:‏ يجوز أَن يكون من الحَظْوة بالفتح، وهو السهم الصغير الذي لا نصل

له، وقيل‏:‏ كل قضيب نابت في أَصل فهو حَظْوة، فإن كانت اللفظة محفوظة فيكون

قد استعار القضيب أَو السهم للنعل‏.‏ يقال‏:‏ حَظَاه بالحَظْوة إذا ضربه بها

كما يقال عَصاه بالعَصَا‏.‏

وحُظَيٌّ‏:‏ اسمُ رجل إن جَعَلته من الِحُظْوة، وإن كان مرتجلاً غير مشتق

فحكمه الياء‏.‏ ويقال‏:‏ حَنْظَى بِهِ، لغة في عَنْظَى بِهِ إذا نَدَّد به وأَسْمَعه المكروه‏.‏ والحَظَى‏:‏ القَمْلُ، واحدتُها حَظَاةٌ‏.‏

ابن سيده‏:‏ وحُظَيٌّ اسم رَجُل؛ عن ابن دريد، وقد يجوز أَن تكون هذه

الياء واواً على أَنه ترخيم مُحْظٍ أَي مفَضِّل لأَن ذلك من الحُظْوَة‏.‏

حفا‏:‏ الحَفا‏:‏ رِقَّة القَدم والخُفِّ والحافر، حَفِيَ حَفاً فهو حافٍ

وحَفٍ، والاسم الحِفْوة والحُفْوة‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ حافٍ بيِّنُ الحُفْوة

والحِفْوة والحِفْية والحِفَاية، وهو الذي لا شيء في رِجْله من خُفٍّ ولا

نَعْل، فأَما الذي رقَّت قَدماه من كثرة المَشْي فإنه حافٍ بيّن الحَفَا‏.‏

والحَفَا‏:‏ المَشْيُ بغير خُفٍّ ولا نَعْلٍ‏.‏ الجوهري‏:‏ قال الكسائي رجل حافٍ

بيّنُ الحُفْوة والحِفْية والحِفاية والحفاءِ، بالمد؛ قال ابن بري‏:‏ صوابه والحَفَاء، بفتح الحاء، قال‏:‏ كذلك ذكره ابن السكيت وغيره، وقد حَفي يَحْفَى وأَحفاه غيره‏.‏ والحِفْوة والحَفا‏:‏ مصدر الحَافي‏.‏ يقال‏:‏ حَفي يَحْفَى حَفاً إذا كان بغير خفّ ولا نَعْل، وإذا انْسَحَجَتِ القدم أَو

فِرْسِنُ البعير أَو الحافرُ من المَشْيِ حتى رَقَّت قيل حَفِيَ يَحْفَى حَفاً، فهو حَفٍ؛ وأَنشد‏:‏

وهو منَ الأَيْنِ حَفٍ نَحِيتُ

وحَفِيَ من نَعْليه وخُفِّه حِفْوة وحِفْية وحَفاوة، ومَشَى حتى حَفي حَفاً شديداً وأَحْفاه الله، وتَوَجَّى من الحَفَا وَوَجِيَ وَجىً

شديداً‏.‏ والاحْتِفاء‏:‏ أَن تَمْشِيَ حافياً فلا يُصيبَك الحَفَا‏.‏ وفي حديث

الانتعال‏:‏ ليُحْفِهِما جميعاً أَو لِيَنْعَلْهما جميعاً؛ قال ابن الأَثير‏:‏ أَي

ليمشِ حافيَ الرِّجلين أَو مُنْتَعِلَهما لأَنه قد يشق عليه المشي بنعل

واحدة، فإنَّ وضْعَ إحْدى القدمين حافية إنما يكون مع التَّوَقِّي من أَذىً يُصيبها، ويكون وضع القدم المُنْتَعِلة على خلاف ذلك فيختلف حينئذ

مشيه الذي اعتاده فلا يأْمَنُ العِثارَ، وقد يتَصَوَّر فاعلُه عند الناس

بصورة مَنْ إحْدى رجليه أَقصرُ من الأُخرى‏.‏ الجوهري‏:‏ أَما الذي حَفِيَ من كثرة المشي أَي رَقَّت قدَمُه أَو حافِره فإنه حَفٍ بَيِّنُ الحَفَا، مقصور، والذي يمشي بلا خُفٍّ ولا نَعْل‏:‏ حافٍ بيّن الحَفَاءِ، بالمد‏.‏ الزجاج‏:‏

الحَفَا، مقصور، أَن يكثر عليه المشي حتى يُؤلِمَه المَشْيُ، قال‏:‏

والحَفاءُ، ممدود، أَن يمشي الرجل بغير نَعْل، حافٍ بَيِّن الحفاء، ممدود، وحَفٍ بيّن الحَفَا، مقصور، إذا رَقَّ حافره‏.‏ وأَحْفَى الرجلُ‏:‏ حَفِىت

دابته‏.‏ حَفِيَ بالرجُل حَفَاوة وحِفاوة وحِفاية وتَحَفَّى به واحْتَفَى‏:‏

بالَغَ في إكْرامه‏.‏ وتَحَفَّى إليه في الوَصِيَّة‏:‏ بالغَ‏.‏ الأَصمعي‏:‏ حَفِيتُ

إليه في الوصية وتَحَفَّيْت به تَحَفِّياً، وهو المبالغة في إكْرامه‏.‏

وحَفِيت إليه بالوصية أَي بالغت‏.‏ وحَفِيَ اللهُ بك‏:‏ في معنى أَكرمك الله‏.‏

وأَنا به حَفِيٌّ أَي بَرٌّ مبالغ في الكرامة‏.‏ والتَّحَفِّي‏:‏ الكلامُ

واللِّقاءُ الحَسَن‏.‏ وقال الزجاج في قوله تعالى‏:‏ إنَّه كان بِي حَفِيّاً؛ معناه

لطيفاً‏.‏ ويقال‏:‏ قد حَفِيَ فلان بفلان حِفْوة إذا بَرَّه وأَلْطَفه‏.‏ وقال الليث‏:‏ الحَفِيُّ هو اللطيف بك يَبَرُّكَ ويُلْطِفك ويَحْتَفِي بك‏.‏ وقال الأَصمعي‏:‏ حَفِيَ فلان بفلان يَحْفَى به حَفاوة إذا قام في حاجته

وأَحْسَن مَثْواه‏.‏ وحَفا الله به حَفْواً‏:‏ أَكرمه‏.‏ وحَفَا شارِبَه حَفْواً

وأَحْفاه‏:‏ بالَغَ في أَخْذه وألْزَقَ حَزَّه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه، عليه الصلاة

والسلام، أَمر أَن تُحْفَى الشواربُ وتُعْفَى اللِّحَى أَي يُبالَغ في قَصِّها‏.‏ وفي التهذيب‏:‏ أَنه أَمر بإحْفاءِ الشوارب وإعْفاء اللِّحَى‏.‏

الأَصمعي‏:‏ أَحْفَى شارِبَه ورأْسَه إذا أَلزق حَزَّه، قال‏:‏ ويقال في قولِ

فلانٍ إحْفاءٌ، وذلك إذا أَلْزَق بِك ما تكره وأَلَحَّ في مَسَاءَتِك كما يُحْفَى الشيءُ أَي يُنْتَقَص‏.‏ وفي الحديث‏:‏ إن الله يقول لآدم، عليه السلام‏:‏

أَخْرِجْ نَصِيبَ جَهَنَّمَ منْ ذُرِّيَّتِكَ، فيقولُ‏:‏ يَا رَبّ كَمْ‏؟‏

فيقول‏:‏ مِن كلِّ مائة تسْعَةً وتسعينَ، فقالوا‏:‏ يا رسول الله احْتُفِينا

إذاً فَماذا يَبْقى‏؟‏ أي اسْتُؤْصِلْنَا، من إحْفَاءِ الشعر‏.‏ وكلُّ شيءٍ

اسْتُؤْصِلَ فَقَد احْتُفِيَ‏.‏ ومنه حديث الفتح‏:‏ أَنْ يَحْصُدُوهم حَصْداً، وأَحْفَى بيَدِه أَي أَمالَها وصْفاً للحَصْدِ والمُبالَغة في القَتْل‏.‏

وحَفاهُ من كل خَيْر يَحْفُوه حَفْواً‏:‏ مَنَعَه‏.‏ وحَفَاه حَفْواً‏:‏

أَعطاه‏.‏ أَحْفاه‏:‏ أَلَحَّ عليه في المَسْأَلة‏.‏ وأَحْفَى السُّؤالَ‏:‏ رَدَّده‏.‏

الليث‏:‏ أَحْفَى فلان فلاناً إذا بَرَّح به في الإلْحاف عليه أَو سَأَلَه

فأَكْثَر عليه في الطلب‏.‏ الأَزهري‏:‏ الإحْفاء في المسأَلة مثلُ الإلْحاف

سَواءً وهو الإلْحاحُ‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ الحَفْوُ المَنْعُ، يقال‏:‏ أَتاني

فحَفَوْته أَي حَرَمْتُه، ويقال‏:‏ حَفَا فلان فلاناً من كلّ خير يَحْفُوه إذا

مَنَعه من كلّ خير‏.‏ وعَطَس رجلٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم فَوْقَ

ثلاثٍ فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم‏:‏ حَفَوْتَ، يقول مَنَعْتَنا أن نُشمِّتَكَ بعدَ الثلاثِ لأَنَّه إنما يُشَمِّتُ في الأُولى والثَّانية، ومن رواه حَقَوْتَ فمعناه سَدَدْت علينا الأَمْرَ حتى قَطَعْتَنا، مأْخوذٌ

من الحَقْوِ لأَنه يقطع البطنَ ويَشُدُّ الظهر‏.‏ وفي حديث خَلِيفَةَ‏:‏

كتبتُ إلى ابن عباس أَن يَكْتُب إليَّ ويُحْفِيَ عَنِّي أَي يُمْسِكَ عَنِّي

بعضَ ما عنده مِمَّا لا أَحْتَمِلُه، وإن حمل الإحفاء بمعنى المبالغة

فيكون عَنِّي بمعنى عليَّ، وقيل‏:‏ هو بمعنى المبالغة في البِرِّ به والنصيحةِ له، وروي بالخاء المعجمة‏.‏

وفي الحديث‏:‏ أَن رجلاً سلَّم على بعض السلف فقال وعليكم السلامُ ورحمةُ الله وبَرَكاتُه الزَّاكِيات، فقال‏:‏ أَراك قد حَفَوْتَنا ثَوابَها أَي

مَنَعتَنا ثواب السلام حيث استَوْفَيت علينا في الردِّ، وقيل‏:‏ أَراد

تَقَصَّيْتَ ثوابَها واستوفيته علينا‏.‏

وحَافَى الرجلَ مُحافاةً‏:‏ مارَاه ونازَعه في الكلام‏.‏ وحَفِيَ به حِفَايةً، فهو حَافٍ وحَفِيٌّ، وتَحَفَّى واحْتَفَى‏:‏ لَطَفَ بِهِ وأَظهر السرورَ

والفَرَحَ به وأَكثر السؤال عن حاله‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنَّ عجوزاً دخلَت

عليه فسَأَلها فأَحْفَى وقال‏:‏ إنَّها كانت تَأْتِينا في زَمَن خَدِيجَة

وإنَّ كَرَم العَهْدِ من الإيمان‏.‏ يقال‏:‏ أَحْفَى فلان بصاحبه وحَفِيَ به وتَحَفَّى به أَي بالَغَ في بِرِّهِ والسؤال عن حاله‏.‏ وفي حديث عمر‏:‏

فَأَنْزَلَ أُوَيْساً القَرَنيَّ فَاحْتَفَاهُ وأَكْرَمَه‏.‏ وحديث علي‏:‏ إن الأَشْعَثَ سَلَّم عليه فَرَدَّ عليه بغَيْر تَحَفٍّ أَي غيرَ مُبالِغٍ في الردّ والسُّؤَالِ‏.‏ والحَفاوة، بالفتح‏:‏ المُبالَغةُ في السؤَال عن الرجل

والعنايةُ في أَمرهِ‏.‏ وفي المثل‏:‏ مَأْرُبَةٌ لا حَفاوةٌ؛ تقول منه‏:‏ حَفِيت، بالكسر، حَفاوةً‏.‏ وتَحَفَّيْت به أَي بالَغْت في إكْرامِه وإلْطافِه

وحفِيَ الفرسُ‏:‏ انْسَحَجَ حافِرهُ‏.‏ والإحْفاء‏:‏ الاسْتِقْصاء في الكلام

والمُنازَعَةُ؛ ومنه قول الحرث بن حِلِّزة‏:‏

إن إخْوانَنَا الأَراقِمَ يَعْلُو

نَ عَلَيْنا، فِي قيلِهِم إخْفاءُ

أَي يَقَعون فينا‏.‏ وحافَى الرجلَ‏:‏ نازَعَه في الكلام وماراه‏.‏ الفراء في قوله عز وجل‏:‏ إن يَسْأَلْكُمُوها فيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا؛ أَي

يُجْهِدْكُم‏.‏ وأَحْفَيْتُ الرجلَ إذا أَجْهَدْتَه‏.‏ وأَحْفاه‏:‏ بَرَّحَ به في الإلحاحِ عليه، أَو سأَله فأَكْثَر عليه في الطلب، وأَحْفى السؤالَ كذلك‏.‏ وفي حديث أَنس‏:‏ أَنهم سأَلوا النبي صلى الله عليه وسلم حتى أَحْفَوْه أَي

اسْتَقْصَوْا في السؤالِ‏.‏ وفي حديث السِّواكِ‏:‏ لَزِمْتُ السِّواكَ حتى كدت

أُحْفِي فَمِي أَي أَسْتَقْصِي على أَسناني فأُذْهِبُها بالتَّسَوُّكِ‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ يسأَلونك كأَنك حَفِيٌّ عنها؛ قال الزجاج‏:‏ يسأَلونك عن أَمر

القيمة كأَنك فرحٌ بسؤالهم، وقيل‏:‏ معناه كأَنك أَكثرت المسأَلة عنها، وقال الفراء‏:‏ فيه تقديم وتأْخير، معناه يسأَلونك عنها كأَنك حفِيٌّ بها؛ قال‏:‏

ويقال في التفسير كأَنك حَفِيٌّ عنها كأَنك عالم بها، معناه حافٍ عالمٍ‏.‏

ويقال‏:‏ تحافَيْنا إلى السلطان فَرَفَعَنَا إلى القاضي، والقاضي يسمى

الحافيَ‏.‏ ويقال‏:‏ تَحَفَّيْتُ بفلان في المسأَلة إذا سأَلت به سؤالاً أَظهرت

فيه المحَبَّةَ والبِرَّ، قال‏:‏ وقيل كأَنك حفِيٌّ عنها كأَنك أَكثرت

المسأَلة عنها، وقيل‏:‏ كأَنك حَفِيٌّ عنها كأَنك مَعْنِيٌّ بها، ويقال‏:‏ المعنى

يسأَلونك كأَنك سائل عنها‏.‏ وقوله‏:‏ إنه كان بي حَفِيّاً؛ معناه كان بي

مَعْنِيّاً؛ وقال الفراء‏:‏ معناه كان بي عالماً لطيفاً يجيب دعوتي إذا

دعوته‏.‏ ويقال‏:‏ تحَفَّى فلان بفلان معناه أَنه أَظهر العِناية في سؤَاله إياه‏.‏

يقال‏:‏ فلان بي حَفِيٌّ إذا كان مَعْنِيّاً؛ وأَنشد للأَعشى‏:‏

فإن تَسْأَلي عنِّي، فيا رُبَّ سائِلٍ

حَفِيٍّ عن الأَعْشى به حيث أَصعَدا

معناه‏:‏ مَعْنِيٌّ بالأَعْشى وبالسؤَال عنه‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ يقال لقيت

فلاناً فَحفِيَ بي حَفاوة وتَحَفَّى بي تَحَفِّياً‏.‏

الجوهري‏:‏ الحَفِيُّ العالم الذي يَتَعَلَّم الشيءَ باسْتِقْصاء‏.‏

والحَفِيُّ‏:‏ المُسْتَقْصي في السؤال‏.‏

واحْتَفى البَقْلَ‏:‏ اقْتَلعَه من وجه الأرض‏.‏ وقال أَبو حنيفة‏:‏

الاحْتِفاء أَخذُ البقلِ بالأَظافير من الأَرض‏.‏ وفي حديث المضْطَرّ الذي سأَل

النبيَّ، صلى الله عليه وسلم‏:‏ مَتى تَحِلُّ لنا المَيْتَةُ‏؟‏ فقال‏:‏ ما لم تَصْطَبِحُوا أَو تَغْتَبِقُوا أو تَحْتَفِيُوا بها بَقْلاً فشَأْنَكُم بها؛ قال أَبو عبيد‏:‏ هو من الحَفا، مهموز مقصور، وهو أَصل البَرْدي الأَبيض

الرَّطبِ منه، وهو يُؤْكَل، فتأَوَّله في قوله تَحْتَفِيُوا، يقول‏:‏ ما لم تَقْتَلِعُوا هذا بعَيْنه فتأْكلوه، وقيل‏:‏ أَي إذا لم تجدوا في الأَرض من البقل شيئاً، ولو بأَن تَحْتَفُوه فتَنْتِفُوه لِصغَرِه؛ قال ابن سيده‏:‏

وإنما قَضَينا على أَنّ اللام في هذه الكلمات ياء لا واو لما قيل من أن اللام ياء أَكثر منها واواً‏.‏ الأَزهري‏:‏ وقال أَبو سعيد في قوله أَو

تَحْتَفِيُوا بَقْلاً فشَأْنَكُم بها؛ صوابه تَحْتَفُوا، بتخفيف الفاء من غير

همز‏.‏ وكلُّ شيء اسْتُؤْصل فقد احْتُفِيَ، ومنه إحْفاءً الشَّعَرِ‏.‏ قال‏:‏

واحْتَفى البَقْلَ إذا أَخَذَه من وجه الأَرض بأَطراف أَصابعه من قصره

وقِلَّته؛ قال‏:‏ ومن قال تَحْتَفِئُوا بالهمز من الحَفإ البَرْدِيّ فهو باطل

لأَن البَرْدِيَّ ليس من البقل، والبُقُول ما نبت من العُشْب على وجه

الأَرض مما لا عِرْق له، قال‏:‏ ولا بَرْدِيَّ في بلاد العرب، ويروى‏:‏ ما لم تَجْتَفِئُوا، بالجيم، قال‏:‏ والاجْتِفاء أَيضاً بالجيم باطل في هذا الحديث

لأَن الاجْتِفاء كبُّكَ الآنِيَةَ إذا جَفَأْتَها، ويروى‏:‏ ما لم تَحْتَفُّوا، بتشديد الفاء، من احْتَفَفْت الشيء إذا أَخذتَه كلّه كما تَحُفُّ

المرأَة وجهها من الشعر، ويروى بالخاء المعجمة، وقال خالد ابن كلثوم‏:‏

احْتَفى القومُ المَرْعى إذا رَعَوْهُ فلم يتركوا منه شيئاً؛ وقال في قول

الكميت‏:‏

وشُبِّه بالْحِفْوة المُنْقَلُ

قال‏:‏ المُنْقَلُ أَن يَنْتَقِلَ القومُ من مَرْعىً احْتَفَوْه إلى

مَرْعىً آخر‏.‏ الأَزهري‏:‏ وتكون الِحَفْوَة من الحافي الذي لا نَعْلَ له ولا

خُفَّ؛ ومنه قوله‏:‏

وشُبِّه بالِحفْوة المُنْقَلُ

وفي حديث السِّباق ذكر الحَفْىاء، بالمد والقصر؛ قال ابن الأَثير‏:‏ هو موضع بالمدينة على أَميال، وبعضهم يقدم الياء على الفاء، والله أَعلم‏.‏