فصل: (تابع: حرفي الواو والياء)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لسان العرب ***


‏[‏تابع‏:‏ حرفي الواو والياء‏]‏

حيا‏:‏ الحَياةُ‏:‏ نقيض الموت، كُتِبَتْ في المصحف بالواو ليعلم أَن الواو

بعد الياء في حَدِّ الجمع، وقيل‏:‏ على تفخيم الأَلف، وحكى ابن جني عن

قُطْرُب‏:‏ أَن أَهل اليمن يقولون الحَيَوْةُ، بواو قبلها فتحة، فهذه الواو بدل

من أَلف حياةٍ وليست بلام الفعل من حَيِوْتُ، أَلا ترى أَن لام الفعل

ياء‏؟‏ وكذلك يفعل أَهل اليمن بكل أَلف منقلبة عن واو كالصلوة والزكوة‏.‏

حَيِيَ حَياةً‏.‏

وحَيَّ يَحْيَا ويَحَيُّ فهو حَيٌّ، وللجميع حَيُّوا، بالتشديد، قال‏:‏ ولغة

أُخرى حَيَّ وللجميع حَيُوا، خفيفة‏.‏ وقرأَ أَهل المدينة‏:‏ ويَحْيا من حَيِيَ عن بيِّنة، وغيرهم‏:‏ مَنْ حَيَّ عن بيِّنة؛ قال الفراء‏:‏ كتابتُها على

الإدغام بياء واحدة وهي أَكثر قراءات القراء، وقرأَ بعضهم‏:‏ حَيِيَ عن

بينة، بإظهارها؛ قال‏:‏ وإنما أَدغموا الياء مع الياء، وكان ينبغي أَن لا

يفعلوا لأَن الياء الأََخيرة لزمها النصب في فِعْلٍ، فأُدغم لمَّا التَقى

حرفان متحركان من جنس واحد، قال‏:‏ ويجوز الإدغام في الاثنين للحركة اللازمة

للياء الأَخيرة فتقول حَيَّا وحَيِيَا، وينبغي للجمع أَن لا يُدْغَم إلا

بياء لأَن ياءها يصيبها الرفع وما قبلها مكسور، فينبغي له أَن تسكن فتسقط

بواو الجِماعِ، وربما أَظهرت العرب الإدغام في الجمع إرادةَ تأْليفِ

الأفَعال وأَن تكون كلها مشددة، فقالوا في حَيِيتُ حَيُّوا، وفي عَيِيتُ

عَيُّوا؛ قال‏:‏ وأَنشدني بعضهم‏:‏

يَحِدْنَ بنا عن كلِّ حَيٍّ، كأَنَّنا

أَخارِيسُ عَيُّوا بالسَّلامِ وبالكتب‏.‏

قال‏:‏ وأَجمعت العرب على إدغام التَّحِيَّة لحركة الياء الأَخيرة، كما استحبوا إدغام حَيَّ وعَيَّ للحركة اللازمة فيها، فأَما إذا سكنت الياء

الأَخيرة فلا يجوز الإدغام مثل يُحْيِي ويُعْيِي، وقد جاء في الشعر الإدغام

وليس بالوجه، وأَنكر البصريون الإدغام في مثل هذا الموضع، ولم يَعْبإ

الزجاج بالبيت الذي احتج به الفراء، وهو قوله‏:‏

وكأَنَّها، بينَ النساء، سَبِيكةٌ

تَمْشِي بسُدّةِ بَيْتِها فتُعيِّي

وأَحْياه اللهُ فَحَيِيَ وحَيَّ أَيضاً، والإدغام أَكثر لأَن الحركة

لازمة، وإذا لم تكن الحركة لازمة لم تدغم كقوله‏:‏ أَليس ذلك بقادر على أن يُحْيِيَ المَوْتَى‏.‏

والمَحْيا‏:‏ مَفْعَلٌ من الحَياة‏.‏ وتقول‏:‏ مَحْيايَ ومَماتي، والجمع المَحايِي‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ فلنُحْيِيَنَّه حَياةً طَيِّبَةً، قال‏:‏ نرْزُقُه

حَلالاً، وقيل‏:‏ الحياة الطيبة الجنة، وروي عن ابن عباس قال‏:‏ فلنحيينه حياة

طيبة هو الرزق الحلال في الدنيا، ولنَجْزِيَنَّهم أَجْرَهم بأَحسن ما كانوا

يعملون إذا صاروا إلى الله جَزاهُم أَجرَهُم في الآخرة بأَحسنِ ما عملوا‏.‏ والحَيُّ من كل شيء‏:‏ نقيضُ الميت، والجمع أَحْياء‏.‏ والحَيُّ‏:‏ كل متكلم ناطق‏.‏ والحيُّ من النبات‏:‏ ما كان طَرِيّاً يَهْتَزّ‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ وما

يَسْتوي الأَحْياءُ ولا الأَمْواتُ؛ فسره ثعلب فقال الحَيُّ هو المسلم والميت هو الكافر‏.‏ قال الزجاج‏:‏ الأَحْياءُ المؤمنون والأَموات الكافرون، قال‏:‏

ودليل ذلك قوله‏:‏ أَمواتٌ غيرُ أَحياء وما يَشْعرون، وكذلك قوله‏:‏

ليُنْذِرَ من كان حَيّاً؛ أَي من كان مؤمناً وكان يَعْقِلُ ما يُخاطب به، فإن الكافر كالميت‏.‏ وقوله عز وجل‏:‏ ولا تَقُولوا لمن يُقْتَلُ في سبيل الله أَمواتٌ بل أَحياء؛ أَمواتٌ بإضْمار مَكْنِيٍّ أَي لا تقولوا هم أَمواتٌ، فنهاهم الله أَن يُسَمُّوا من قُتِل في سبيل الله ميتاً وأَمرهم بأن يُسَمُّوهم شُهداء فقال‏:‏ بل أَحياء؛ المعنى‏:‏ بل هم أَحياء عند ربهم يرزقون، فأَعْلَمنا أَن من قُتل في سبيله حَيٌّ، فإن قال قائل‏:‏ فما بالُنا نَرى

جُثَّتَه غيرَ مُتَصَرِّفة‏؟‏ فإن دليلَ ذلك مثلُ ما يراه الإنسانُ في منامه

وجُثَّتُه غيرُ متصرفة على قَدْرِ ما يُرى، والله جَلَّ ثناؤُه قد تَوَفَّى

نفسه في نومه فقال‏:‏ الله يَتَوَفَّى الأنْفُسَ حينَ مَوْتِها والتي لم تَمُتْ في مَنامها، ويَنْتَبِهُ النائمُ وقد رَأَى ما اغْتَمَّ به في نومه

فيُدْرِكُه الانْتِباهُ وهو في بَقِيَّةِ ذلك، فهذا دليل على أن أَرْواحَ الشُّهداء جائز أَن تُفارقَ أَجْسامَهم وهم عند الله أَحْياء، فالأمْرُ فيمن قُتِلَ في سبيل الله لا يُوجِبُ أَن يُقالَ له ميت، ولكن يقال هو شهيد وهو عند الله حيّ، وقد قيل فيها قول غير هذا، قالوا‏:‏ معنى أَموات

أَي لا تقولوا هم أَموات في دينهم أَي قُولوا بل هم أَحياء في دينهم، وقال أَصحاب هذا القول دليلُنا قوله‏:‏ أَوَمَنْ كان مَيْتاً فأَحْيَيْناه

وجعَلْنا له نُوراً يمشي به في الناسِ كمَنْ مَثَلُه في الظُّلُمات ليس بخارج

منها؛ فجَعَلَ المُهْتَدِيَ حَيّاً وأَنه حين كان على الضَّلالة كان

ميتاً، والقول الأَوَّلُ أَشْبَهُ بالدِّين وأَلْصَقُ بالتفسير‏.‏ وحكى

اللحياني‏:‏ ضُرِبَ ضَرْبةً ليس بِحايٍ منها أَي ليس يَحْيا منها، قال‏:‏ ولا يقال ليس بحَيٍّ منها إلا أَن يُخْبِرَ أَنه ليس بحَيٍّ أَي هو ميت، فإن أَردت

أَنه لا يَحْيا قلت ليس بحايٍ، وكذلك أَخوات هذا كقولك عُدْ فُلاناً فإنه

مريض تُريد الحالَ، وتقول‏:‏ لا تأْكل هذا الطعامَ فإنك مارِضٌ أَي أَنك

تَمْرَضُ إن أَكلته‏.‏ وأَحْياهُ‏:‏ جَعَله حَيّاً‏.‏ وفي التنزيل‏:‏ أَلَيْسَ ذلك

بقادرٍ على أَن يُحْيِيَ الموتى؛ قرأه بعضهم‏:‏ على أَن يُحْيِي الموتى، أَجْرى النصبَ مُجْرى الرفع الذي لا تلزم فيه الحركة، ومُجْرى الجزم الذي

يلزم فيه الحذف‏.‏ أَبو عبيدة في قوله‏:‏ ولكمْ في القِصاص حَياةٌ؛ أَي

مَنْفَعة؛ ومنه قولهم‏:‏ ليس لفلان حياةٌ أَي ليس عنده نَفْع ولا خَيْر‏.‏ وقال الله عز وجل مُخْبِراً عن الكفار لم يُؤمِنُوا بالبَعْثِ والنُّشُور‏:‏ ما هِيَ إلاّ حَياتُنا الدُّنْيا نَمُوت ونَحْيا وما نَحْنُ بمبْعُوثِينَ؛ قال أَبو العباس‏:‏ اختلف فيه فقالت طائفة هو مُقَدَّم ومُؤَخَّرِ، ومعناه

نَحْيا ونَمُوتُ ولا نَحْيا بعد ذلك، وقالت طائفة‏:‏ معناه نحيا ونموت ولا

نحيا أَبداً وتَحْيا أَوْلادُنا بعدَنا، فجعلوا حياة أَولادهم بعدهم

كحياتهم، ثم قالوا‏:‏ وتموت أَولادُنا فلا نَحْيا ولا هُمْ‏.‏ وفي حديث حُنَيْنٍ قال للأَنصار‏:‏ المَحْيا مَحياكُمْ والمَماتُ مَمَاتُكُمْ؛ المَحْيا‏:‏

مَفْعَلٌ من الحَياة ويقع على المصدر والزمان والمكان‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ رَبَّنا

أَمَتَّنا اثْنَتَيْن وأَحْيَيْتَنا اثنتين؛ أَراد خَلَقْتنا أَمواتاً ثم أَحْيَيْتَنا ثم أَمَتَّنا بعدُ ثم بَعَثْتَنا بعد الموت، قال الزجاج‏:‏ وقد

جاء في بعض التفسير أَنَّ إحْدى الحَياتَين وإحْدى المَيْتَتَيْنِ أن يَحْيا في القبر ثم يموت، فذلك أَدَلُّ على أَحْيَيْتَنا وأَمَتَّنا، والأَول أَكثر في التفسير‏.‏ واسْتَحْياه‏:‏ أَبقاهُ حَيّاً‏.‏ وقال اللحياني‏:‏

استَحْياه استَبقاه ولم يقتله، وبه فسر قوله تعالى‏:‏ ويَسْتَحْيُون نِساءَكم؛ أَي يَسْتَبْقُونَهُنَّ، وقوله‏:‏ إن الله لا يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ

مثلاً ما بَعُوضَةً؛ أَي لا يسْتَبْقي‏.‏ التهذيب‏:‏ ويقال حايَيْتُ النارَ

بالنَّفْخِ كقولك أَحْيَيْتُها؛ قال الأَصمعي‏:‏ أَنشد بعضُ العرب بيتَ ذي

الرمة‏:‏ فقُلْتُ له‏:‏ ارْفَعْها إليكَ وحايِهَا

برُوحِكَ، واقْتَتْه لها قِيتَةً قَدْرا

وقال أَبو حنيفة‏:‏ حَيَّت النار تَحَيُّ حياة، فهي حَيَّة، كما تقول

ماتَتْ، فهي ميتة؛ وقوله‏:‏

ونار قُبَيْلَ الصُّبجِ بادَرْتُ قَدْحَها

حَيَا النارِ، قَدْ أَوْقَدْتُها للمُسافِرِ

أَراد حياةَ النارِ فحذف الهاء؛ وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه

أَنشده‏:‏ أَلا حَيَّ لي مِنْ لَيْلَةِ القَبْرِ أَنَّه

مآبٌ، ولَوْ كُلِّفْتُه، أَنَا آيبه أَراد‏:‏ أَلا أَحَدَ يُنْجِيني من ليلة القبر، قال‏:‏ وسمعت العرب تقول إذا

ذكرت ميتاً كُنَّا سنة كذا وكذا بمكان كذا وكذا وحَيُّ عمرٍو مَعَنا، يريدون وعمرٌو َمَعَنا حيٌّ بذلك المكان‏.‏ ويقولون‏:‏ أَتيت فلاناً وحَيُّ

فلانٍ شاهدٌ وحيُّ فلانَة شاهدةٌ؛ المعنى فلان وفلانة إذ ذاك حَيٌّ؛ وأَنشد

الفراء في مثله‏:‏

أَلا قَبَح الإلَهُ بَني زِيادٍ، وحَيَّ أَبِيهِمُ قَبْحَ الحِمارِ

أَي قَبَحَ الله بَني زياد وأَباهُمْ‏.‏ وقال ابن شميل‏:‏ أَتانا حَيُّ

فُلانٍ أَي أَتانا في حَياتِهِ‏.‏ وسَمِعتُ حَيَّ فلان يقول كذا أَي سمعته يقول

في حياته‏.‏ وقال الكِسائي‏:‏ يقال لا حَيَّ عنه أَي لا مَنْعَ منه؛ وأَنشد‏:‏

ومَنْ يَكُ يَعْيا بالبَيان فإنَّهُ

أَبُو مَعْقِل، لا حَيَّ عَنْهُ ولا حَدَدْ

قال الفراء‏:‏ معناه لا يَحُدُّ عنه شيءٌ، ورواه‏:‏

فإن تَسْأَلُونِي بالبَيانِ فإنَّه

أبو مَعْقِل، لا حَيَّ عَنْهُ ولا حَدَدْ

ابن بري‏:‏ وحَيُّ فلانٍ فلانٌ نَفْسُه؛ وأَنشد أَبو الحسن لأَبي الأَسود

الدؤلي‏:‏

أَبو بَحْرٍ أَشَدُّ الناسِ مَنّاً

عَلَيْنَا، بَعدَ حَيِّ أَبي المُغِيرَهْ

أَي بعد أَبي المُغيرَة‏.‏ ويقال‏:‏ قاله حَيُّ رِياح أَي رِياحٌ‏.‏ وحَيِيَ

القوم في أَنْفُسِهم وأَحْيَوْا في دَوابِّهِم وماشِيَتِهم‏.‏ الجوهري‏:‏

أَحْيا القومُ حَسُنت حالُ مواشِيهمْ، فإن أَردت أَنفُسَهم قلت حَيُوا‏.‏

وأَرضٌ حَيَّة‏:‏ مُخْصِبة كما قالوا في الجَدْبِ ميّتة‏.‏ وأَحْيَيْنا الأَرضَ‏:‏

وجدناها حيَّة النباتِ غَضَّة‏.‏ وأحْيا القومُ أَي صاروا في الحَيا، وهو الخِصْب‏.‏ وأَتَيْت الأَرضَ فأَحْيَيتها أَي وجدتها خِصْبة‏.‏ وقال أبو حنيفة‏:‏ أُحْيِيَت الأَرض إذا اسْتُخْرِجَت‏.‏ وفي الحديث‏:‏ من أَحْيا مَواتاً

فَهو أَحقُّ به؛ المَوَات‏:‏ الأَرض التي لم يَجْرِ عليها ملك أَحد، وإحْياؤُها مباشَرَتها بتأْثير شيء فيها من إحاطة أَو زرع أَو عمارة ونحو ذلك

تشبيهاً بإحياء الميت؛ ومنه حديث عمرو‏:‏ قيل سلمانَ أَحْيُوا ما بَيْنَ

العِشاءَيْن أَي اشغلوه بالصلاة والعبادة والذكر ولا تعطِّلوه فتجعلوه كالميت

بعُطْلَته، وقيل‏:‏ أَراد لا تناموا فيه خوفاً من فوات صلاة العشاء لأن النوم موت واليقطة حياة‏.‏ وإحْياءُ الليل‏:‏ السهر فيه بالعبادة وترك النوم، ومرجع الصفة إلى صاحب الليل؛ وهو من باب قوله‏:‏

فأَتَتْ بِهِ حُوشَ الفُؤادِ مُبَطَّناً

سُهُداً، إذا ما نَامَ لَيْلُ الهَوْجَلِ

أَي نام فيه، ويريد بالعشاءين المغرب والعشاء فغلب‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه

كان يصلي العصر والشمس حَيَّة أَي صافية اللون لم يدخلها التغيير بدُنُوِّ

المَغِيب، كأنه جعل مَغِيبَها لَها مَوْتاً وأَراد تقديم وقتها‏.‏ وطَريقٌ

حَيٌّ‏:‏ بَيِّنٌ، والجمع أَحْياء؛ قال الحطيئة‏:‏

إذا مَخَارِمُ أَحْياءٍ عَرَضْنَ لَه

ويروى‏:‏ أَحياناً عرضن له‏.‏ وحَيِيَ الطريقُ‏:‏ استَبَان، يقال‏:‏ إذا حَيِيَ

لك الطريقُ فخُذْ يَمْنَةً‏.‏ وأَحْيَت الناقة إذا حَيِيَ ولَدُها فهي مُحْيٍ ومُحْيِيَة لا يكاد يموت لها ولد‏.‏

والحِيُّ، بكسر الحاء‏:‏ جمعُ الحَياةِ‏.‏ وقال ابن سيده‏:‏ الحِيُّ الحيَاةُ

زَعَموا؛ قال العجاج‏:‏

كأنَّها إذِ الحَياةُ حِيُّ، وإذْ زَمانُ النَّاسِ دَغْفَلِيُّ

وكذلك الحيوان‏.‏ وفي التنزيل‏:‏ وإن الدارَ الآخرةَ لَهِيَ الحَيَوانُ؛ أَي

دارُ الحياةِ الدائمة‏.‏ قال الفراء‏:‏ كسروا أَوَّل حِيٍّ لئلا تتبدل الياء

واواً كما قالوا بِيضٌ وعِينٌ‏.‏ قال ابن بري‏:‏ الحَياةُ والحَيَوان

والحِيِّ مَصادِر، وتكون الحَيَاة صفةً كالحِيُّ كالصَّمَيانِ للسريع‏.‏ التهذيب‏:‏

وفي حديث ابن عمر‏:‏ إنَّ الرجلَ لَيُسْأَلُ عن كلِّ شيءٍ حتى عن حَيَّةِ

أَهْلِه؛ قال‏:‏ معناه عن كلِّ شيءٍ حَيٍّ في منزله مثلِ الهرّ وغيره، فأَنَّث الحيّ فقال حَيَّة، ونحوَ ذلك قال أَبو عبيدة في تفسير هذا الحديث

قال‏:‏ وإنما قال حَيَّة لأَنه ذهب إلى كلّ نفس أَو دابة فأَنث لذلك‏.‏ أبو عمرو‏:‏ العرب تقول كيف أَنت وكيف حَيَّةُ أَهْلِكَ أَي كيف من بَقِيَ منهم

حَيّاً؛ قال مالك ابن الحرث الكاهلي‏:‏

فلا يَنْجُو نَجَاتِي ثَمَّ حَيٌّ، مِنَ الحَيَواتِ، لَيْسَ لَهُ جَنَاحُ

أَي كلّ ما هو حَيٌّ فجمعه حَيَوات، وتُجْمع الحيةُ حَيَواتٍ‏.‏

والحيوانُ‏:‏ اسم يقع على كل شيء حيٍّ، وسمى الله عز وجل الآخرة حَيَواناً فقال‏:‏

وإنَّ الدارَ الآخرَة لَهِيَ الحَيَوان؛ قال قتادة‏:‏ هي الحياة‏.‏ الأَزهري‏:‏

المعنى أَن من صار إلى الآخرة لم يمت ودام حيّاً فيها لا يموت، فمن أُدخل

الجنة حَيِيَ فيها حياة طيبة، ومن دخل النار فإنه لا يموت فيها ولا

يَحْيَا، كما قال تعالى‏.‏ وكلُّ ذي رُوح حَيَوان، والجمع والواحد فيه سواء‏.‏ قال‏:‏

والحَيَوان عينٌ في الجَنَّة، وقال‏:‏ الحَيَوان ماء في الجنة لا يصيب

شيئاً إلا حَيِيَ بإذن الله عز وجل‏.‏ وفي حديث القيامة‏:‏ يُصَبُّ عليه ماءُ

الحَيَا؛ قال ابن الأَثير‏:‏ هكذا جاء في بعض الروايات، والمشهور‏:‏ يُصَبُّ

عليه ماءُ الحَيَاةِ‏.‏ ابن سيده‏:‏ والحَيَوان أَيضاً جنس الحَيِّ، وأَصْلُهُ

حَيَيانٌ فقلبت الياء التي هي لام واواً، استكراهاً لتوالي الياءين

لتختلف الحركات؛ هذا مذهب الخليل وسيبويه، وذهب أَبو عثمان إلى أَن الحيوان

غير مبدل الواو، وأَن الواو فيه أَصل وإن لم يكن منه فعل، وشبه هذا بقولهم

فَاظَ المَيْت يَفِيظُ فَيْظاً وفَوْظاً، وإن لم يَسْتَعْمِلُوا من فَوْظٍ فِعْلاً، كذلك الحيوان عنده مصدر لم يُشْتَقّ منه فعل‏.‏ قال أَبو علي‏:‏

هذا غير مرضي من أَبي عثمان من قِبَل أَنه لا يمتنع أَن يكون في الكلام

مصدر عينه واو وفاؤه ولامه صحيحان مثل فَوْظٍ وصَوْغٍ وقَوْل ومَوْت

وأَشباه ذلك، فأَما أَن يوجد في الكلام كلمة عينها ياء ولامها واو فلا، فحَمْلُه الحيوانَ على فَوْظٍ خطأٌ، لأَنه شبه ما لا يوجد في الكلام بما هو موجود مطرد؛ قال أَبو علي‏:‏ وكأَنهم استجازوا قلب الياء واواً لغير علة، وإن

كانت الواو أَثقل من الياء، ليكون ذلك عوضاً للواو من كثرة دخول الياء

وغلبتها عليها‏.‏

وحَيْوَة، بسكون الياء‏:‏ اسمُ رجلٍ، قلبت الياء واواً فيه لضَرْبٍ من التوَسُّع وكراهة لتضعيف الياء، وإذا كانوا قد كرهوا تضعيف الياء مع الفصل

حتى دعاهم ذلك إلى التغيير في حاحَيْت وهَاهَيْتُ، كان إبدال اللام في حَيْوةٍ ليختلف الحرفان أَحْرَى، وانضاف إلى ذلك أنَّه عَلَم، والأَعلام قد

يعرض فيها ما لا يوجد في غيرها نحو مَوْرَقٍ ومَوْهَبٍ ومَوْظَبٍ؛ قال الجوهري‏:‏ حَيْوَة اسم رجل، وإنما لم يدغم كما أُدغم هَيِّنٌ ومَيّت لأَنه

اسم موضوع لا على وجه الفعل‏.‏ وحَيَوانٌ‏:‏ اسم، والقول فيه كالقول في حَيْوَةَ‏.‏

والمُحاياةُ‏:‏ الغِذاء للصبي بما به حَيَاته، وفي المحكم‏:‏ المُحاياةُ

الغِذاء للصبيِّ لأَنّ حَياته به‏.‏

والحَيُّ‏:‏ الواحد من أَحْياءِ العَربِ‏.‏ والحَيُّ‏:‏ البطن من بطون العرب؛ وقوله‏:‏

وحَيَّ بَكْرٍ طَعَنَّا طَعْنَةً فَجَرى

فليس الحَيُّ هنا البطنَ من بطون العرب كما ظنه قوم، وإنما أَراد الشخص

الحيّ المسمَّى بكراً أَي بكراً طَعَنَّا، وهو ما تقدم، فحيٌّ هنا

مُذَكَّرُ حَيَّةٍ حتى كأَنه قال‏:‏ وشخصَ بكرٍ الحَيَّ طَعَنَّا، فهذا من باب

إضافة المسمى إلى نفسه؛ ومنه قول ابن أَحمر‏:‏

أَدْرَكْتَ حَيَّ أَبي حَفْصٍ وَشِيمَتَهُ، وقَبْلَ ذاكَ، وعَيْشاً بَعْدَهُ كَلِبَا

وقولهم‏:‏ إن حَيَّ ليلى لشاعرة، هو من ذلك، يُريدون ليلى، والجمع أَحْياءٌ‏.‏ الأَزهري‏:‏ الحَيُّ من أَحْياء العَرب يقع على بَني أَبٍ كَثُروا أَم

قَلُّوا، وعلى شَعْبٍ يجمَعُ القبائلَ؛ من ذلك قول الشاعر‏:‏

قَاتَل اللهُ قيسَ عَيْلانَ حَيّاً، ما لَهُمْ دُونَ غَدْرَةٍ مِنْ حِجابِ

وقوله‏:‏

فتُشْبِعُ مَجْلِسَ الحَيَّيْنِ لَحْماً، وتُلْقي للإماء مِنَ الوَزِيمِ

يعني بالحَيَّينِ حَيَّ الرجلِ وحَيَّ المرأَة، والوَزِيمُ العَضَلُ‏.‏

والحَيَا، مقصور‏:‏ الخِصْبُ، والجمع أَحْياء‏.‏ وقال اللحياني‏:‏ الحَيَا، مقصورٌ، المَطَر وإذا ثنيت قلت حَيَيان، فتُبَيِّن الياءَ لأَن الحركة غير

لازمة‏.‏ وقال اللحياني مرَّةً‏:‏ حَيَّاهم الله بِحَياً، مقصور، أَي

أَغاثهم، وقد جاء الحَيَا الذي هو المطر والخصب ممدوداً‏.‏ وحَيَا الربيعِ‏:‏ ما تَحْيا به الأَرض من الغَيْث‏.‏ وفي حديث الاستسقاء‏:‏ اللهم اسْقِنا غَيْثاً

مُغيثاً وَحَياً رَبيعاً؛ الحَيَا، مقصور‏:‏ المَطَر لإحْيائه الأَرضَ، وقيل‏:‏

الخِصْبُ وما تَحْيا به الأَرضُ والناس‏.‏ وفي حديث عمر، رضي الله عنه‏:‏ لا

آكلُ السَّمِينَ حتى يَحْيا الناسُ من أَوَّلِ ما يَحْيَوْنَ أَي حتى

يُمْطَروا ويُخْصِبُوا فإن المَطَر سبب الخِصْب، ويجوز أَن يكون من الحياة

لأَن الخصب سبب الحياة‏.‏ وجاء في حديث عن ابن عباس، رحمه الله، أَنه قال‏:‏

كان عليٌّ أَميرُ المؤمنين يُشْبِهُ القَمَر الباهِرَ والأَسَدَ الخادِرَ

والفُراتَ الزَّاخِرَ والرَّبيعَ الباكِرَ، أَشْبَهَ من القَمر ضَوْءَهُ

وبَهاءَهُ ومِنَ الأَسَدِ شَجاعَتَهُ ومَضاءَهُ ومن الفُراتِ جُودَه

وسَخاءَهُ ومن الرَّبيعِ خِصْبَه وحَياءَه‏.‏ أَبو زيد‏:‏ تقول أَحْيَا القومُ

إذا مُطِرُوا فأَصابَت دَوابُّهُم العُشْبَ حتى سَمِنَتْ، وإن أَرادوا

أَنفُسَهم قالوا حَيُوا بعدَ الهُزال‏.‏ وأَحْيا الله الأَرضَ‏:‏ أَخرج فيها

النبات، وقيل‏:‏ إنما أَحْياها من الحَياة كأَنها كانت ميتة بالمحْل فأَحْياها

بالغيث‏.‏

والتَّحِيَّة‏:‏ السلام، وقد حَيَّاهُ تحِيَّةً، وحكى اللحياني‏:‏ حَيَّاك الله تَحِيَّةَ المؤمِن‏.‏ والتَّحِيَّة‏:‏ البقاءُ‏.‏ والتَّحِيَّة‏:‏ المُلْك؛ وقول زُهَيْر بن جَنابٍ الكَلْبي‏:‏

ولَكُلُّ ما نَال الفتى

قَدْ نِلْتُه إلا التَّحِيَّهْ

قيل‏:‏ أَراد المُلْك، وقال ابن الأَعرابي‏:‏ أَراد البَقاءَ لأَنه كان

مَلِكاً في قومه؛ قال بن بري‏:‏ زهيرٌ هذا هو سيّد كَلْبٍ في زمانه، وكان كثير

الغارات وعُمِّرَ عُمْراً طويلاً، وهو القائل لما حضرته الوفاة‏:‏

أبَنِيَّ، إنْ أَهْلِكْ فإن ـنِي قَدْ بَنَيْتُ لَكُمْ بَنِيَّهْ

وتَرَكْتُكُمْ أَولادَ سا

داتٍ، زِنادُكُمُ وَرِيَّهْ

ولَكُلُّ ما نالَ الفَتى

قَدْ نِلْتُه، إلاّ التَّحِيَّهْ

قال‏:‏ والمعروف بالتَّحِيَّة هنا إنما هي بمعنى البقاء لا بمعنى الملك‏.‏

قال سيبويه‏:‏ تَحِيَّة تَفْعِلَة، والهاء لازمة، والمضاعف من الياء قليل

لأَن الياء قد تثقل وحدها لاماً، فإذا كان قبلها ياءٌ كان أَثقل لها‏.‏ قال أَبو عبيد‏:‏ والتَّحِيَّةُ في غير هذا السلامُ‏.‏ الأَزهري‏:‏ قال الليث في قولهم في الحديث التَّحِيَّات لله، قال‏:‏ معناه البَقاءُ لله، ويقال‏:‏ المُلْك

لله، وقيل‏:‏ أَراد بها السلام‏.‏ يقال‏:‏ حَيَّاك الله أَي سلَّم عليك‏.‏

والتَّحِيَّة‏:‏ تَفْعِلَةٌ من الحياة، وإنما أُدغمت لاجتماع الأَمثال، والهاء

لازمة لها والتاء زائدة‏.‏ وقولهم‏:‏ حيَّاكَ اللهُ وبَيَّاكَ اعتَمَدَكَ

بالمُلْك، وقيل‏:‏ أَضْحَكَكَ، وقال الفراء‏:‏ حَيَّكَ اللهُ أبْقاكَ اللهُ‏.‏

وحَيَّك الله أَي مَلَّكك الله‏.‏ وحَيَّاك الله أَي سلَّم عليك؛ قال‏:‏ وقولنا

في التشهد التَّحِيَّات لله يُنْوَى بها البَقاءُ لله والسلامُ من الآفاتِ

والمُلْكُ لله ونحوُ ذلك‏.‏ قال أَبو عمرو‏:‏ التَّحِيَّة المُلك؛ وأَنشد

قول عمرو بن معد يكرب‏:‏

أَسيرُ بِهِ إلى النُّعْمانِ، حتَّى

أُنِيخَ على تَحِيَّتِهِ بجُنْدي

يعني على مُلْكِه؛ قال ابن بري‏:‏ ويروى أَسِيرُ بها، ويروى‏:‏ أَؤُمُّ بها؛ وقبل البيت‏:‏

وكلّ مُفاضَةٍ بَيْضاءَ زَغْفٍ، وكل مُعاوِدِ الغاراتِ جَلْدِ

وقال خالد بن يزيد‏:‏ لو كانت التََّحِيَّة المُلْكَ لما قيل التَّحِيَّات

لله، والمعنى السلامات من الآفات كلها، وجَمَعها لأَنه أَراد السلامة من كل افة؛ وقال القتيبي‏:‏ إنما قيل التحيات لله لا على الجَمْع لأَنه كان

في الأَرض ملوك يُحَيَّوْنَ بتَحِيّات مختلفة، يقال لبعضهم‏:‏ أَبَيْتَ

اللَّعْنَ، ولبعضهم‏:‏ اسْلَمْ وانْعَمْ وعِشْ أَلْفَ سَنَةٍ، ولبعضهم‏:‏ انْعِمْ

صَباحاً، فقيل لنا‏:‏ قُولوا التَّحِيَّاتُ لله أَي الأَلفاظُ التي تدل

على الملك والبقاء ويكنى بها عن الملك فهي لله عز وجل‏.‏ وروي عن أَبي الهيثم أَنه يقول‏:‏ التَّحِيَّةُ في كلام العرب ما يُحَيِّي بعضهم بعضاً إذا

تَلاقَوْا، قال‏:‏ وتَحِيَّةُ الله التي جعلها في الدنيا والآخرة لمؤمني عباده

إذا تَلاقَوْا ودَعا بعضهم لبعض بأَجْمَع الدعاء أَن يقولوا السلامُ

عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه‏.‏ قال الله عز وجل‏:‏ تَحِيَّتُهُمْ يوْمَ

يَلْقَوْنَه سَلامٌ‏.‏ وقال في تحيَّة الدنيا‏:‏ وإذا حُيِّيتُم بتَحِيَّةٍ فحَيُّوا

بأَحسَنَ منها أَو رُدُّوها؛ وقيل في قوله‏:‏

قد نلته إلاّ التحيَّة

يريد‏:‏ إلا السلامة من المَنِيَّة والآفات فإن أَحداً لا يسلم من الموت

على طول البقاء، فجعل معنى التحيات لله أَي السلام له من جميع الآفات التي

تلحق العباد من العناء وسائر أَسباب الفناء؛ قال الأَزهري‏:‏ وهذا الذي

قاله أَبو الهيثم حسن ودلائله واضحة، غير أَن التحية وإن كانت في الأصل

سلاماً، كما قال خالد، فجائز أَن يُسَمَّى المُلك في الدنيا تحيةً كما قال الفراء وأبَو عمرو، لأَن المَلِكَ يُحَيَّا بتَحِيَّةِ المُلْكِ المعروفة

للملوك التي يباينون فيها غيرهم، وكانت تحيَّةُ مُلُوك العَجَم نحواً من تحيَّة مُلوك العَرَعب، كان يقال لِمَلِكهم‏:‏ زِهْ هَزَارْ سَالْ؛ المعنى‏:‏

عِشْ سالماً أَلْفَ عام، وجائز أَن يقال للبقاء تحية لأَنَّ من سَلم من الآفات فهو باقٍ، والباقي في صفة الله عز وجل من هذا لأَنه لا يموت

أَبداً، فمعنى؛ حَيّاك الله أَي أَبقاك الله، صحيحٌ، من الحياة، وهو البقاء‏.‏

يقال‏:‏ أَحياه الله وحَيّاه بمعنى واحد، قال‏:‏ والعرب تسمي الشيء باسم

غيره إذا كان معه أَو من سببه‏.‏ وسئل سَلَمة بنُ عاصمٍ عن حَيّاك الله فقال‏:‏

هو بمنزلة أَحْياك الله أَي أَبقاك الله مثل كرَّم وأَكرم، قال‏:‏ وسئل

أَبو عثمان المازني عن حَيَّاك الله فقال عَمَّرك الله‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أن الملائكة قالت لآدم، عليه السلام، حَيَّاك الله وبَيَّاك؛ معنى حَيَّاك الله أَبقاك من الحياة، وقيل‏:‏ هو من استقبال المُحَيّا، وهو الوَجْه، وقيل‏:‏

ملَّكك وفَرَّحك، وقيل‏:‏ سلَّم عَليك، وهو من التَّحِيَّة السلام، والرجل

مُحَيِّيٌ والمرأَة مُحَيِّيَة، وكل اسم اجتمع فيه ثلاث ياءَات فيُنْظَر، فإن كان غير مبنيٍّ على فِعْلٍ حذفت منه اللام نحو عُطَيٍّ في تصغير

عَطاءٍ وفي تصغير أَحْوَى أَحَيٍّ، وإن كان مبنيّاً على فِعْلٍ ثبتت نحو

مُحَيِّي من حَيَّا يُحَيِّي‏.‏ وحَيَّا الخَمْسين‏:‏ دنا منها؛ عن ابن الأَعرابي‏.‏ والمُحَيّا‏:‏ جماعة الوَجْهِ، وقيل‏:‏ حُرُّهُ، وهو من الفرَس حيث

انفرَقَ تحتَ الناصِية في أَعلى الجَبْهةِ وهناك دائرةُ المُحَيَّا‏.‏

والحياءُ‏:‏ التوبَة والحِشْمَة، وقد حَيِيَ منه حَياءً واستَحْيا

واسْتَحَى، حذفوا الياء الأَخيرة كراهية التقاء الياءَينِ، والأَخيرتان

تَتَعَدَّيانِ بحرف وبغير حرف، يقولون‏:‏ استَحْيا منك واستَحْياكَ، واسْتَحَى منك

واستحاك؛ قال ابن بري‏:‏ شاهد الحياء بمعنى الاستحياء قول جرير‏:‏

لولا الحَياءُ لَعَادني اسْتِعْبارُ، ولَزُرْتُ قَبرَكِ، والحبيبُ يُزارُ

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال‏:‏ الحَياءُ شُعْبةٌ من الإيمان؛ قال بعضهم‏:‏ كيف جعَل الحياءَ وهو غَرِيزةٌ شُعْبةً من الإيمان وهو اكتساب‏؟‏ والجواب في ذلك‏:‏ أَن المُسْتَحي ينقطع بالحَياء عن المعاصي، وإن لم تكن له تَقِيَّة، فصار كالإيمان الذي يَقْطَعُ عنها ويَحُولُ بين

المؤمن وبينها؛ قال ابن الأَثير‏:‏ وإنما جعل الحياء بعض الإيمان لأَن الإيمان

ينقسم إلى ائتمار بما أَمر الله به وانتهاء عمَّا نهى الله عنه، فإذا حصل

الانتهاء بالحياء كان بعضَ الإيمان؛ ومنه الحديث‏:‏ إذا لم تَسْتَحِ

فاصْنَح ما شئتَ؛ المراد أَنه إذا لم يستح صنع ما شاء، لأَنه لا يكون له حياءٌ

يحْجزُه عن المعاصي والفواحش؛ قال ابن الأَثير‏:‏ وله تأْويلان‏:‏ أَحدهما

ظاهر وهو المشهور إذا لم تَسْتَح من العَيْب ولم تخش العارَ بما تفعله

فافعل ما تُحَدِّثُك به نفسُك من أَغراضها حسَناً كان أَو قبيحاً، ولفظُه

أَمرٌ ومعناه توبيخ وتهديد، وفيه إشعار بأَنَّ الذي يردَع الإنسانَ عن

مُواقَعة السُّوء هو الحَياءُ، فإذا انْخَلَعَ منه كان كالمأْمور بارتكاب كل

ضلالة وتعاطي كل سيئة، والثاني أَن يحمل الأَمر على بابه، يقول‏:‏ إذا كنت

في فعلك آمناً أَن تَسْتَحيَ منه لجَريك فيه على سَنَن الصواب وليس من الأَفعال التي يُسْتَحَى منها فاصنع منها ما شئت‏.‏ ابن سيده‏:‏ قوله صلى الله عليه وسلم إنَّ مما أَدرَك الناسُ من كلام النبوَّة إذا لم تَسْتَحِ

فاصْنَعْ ما شئت‏.‏

أَي من لم يَسْتَحِ صَنَعَ ما شاء على جهة الذمِّ لتَرْكِ الحَياء، وليس

يأْمره بذلك ولكنه أَمرٌ بمعنى الخَبَر، ومعنى الحديث أَنه يأْمُرُ

بالحَياء ويَحُثُّ عليه ويَعِيبُ تَرْكَه‏.‏ ورجل حَيِيٌّ، ذو حَياءٍ، بوزن

فَعِيلٍ، والأُنثى بالهاء، وامرأَة حَيِيَّة، واسْتَحْيا الرجل واسْتَحْيَت

المرأَة؛ وقوله‏:‏

وإنِّي لأَسْتَحْيِي أَخي أَنْ أَرى له

عليَّ من الحَقِّ، الذي لا يَرَى لِيَا

معناه‏:‏ آنَفُ من ذلك‏.‏ الأَزهري‏:‏ للعرب في هذا الحرف لغتان‏:‏ يقال اسْتَحَى الرجل يَسْتَحي، بياء واحدة، واسْتَحْيا فلان يَسْتَحْيِي، بياءَين، والقرآن نزل بهذه اللغة الثانية في قوله عز وجل‏:‏ إنَّ الله لا يَسْتَحْيِي

أَن يَضْرِبَ مثلاً‏.‏ وحَيِيتُ منه أَحْيا‏:‏ استَحْيَيْت‏.‏ وتقول في الجمع‏:‏

حَيُوا كما تقول خَشُوا‏.‏ قال سيبويه‏:‏ ذهبت الياء لالتقاء الساكنين لأن الواو ساكنة وحركة الياء قد زالت كما زالت في ضربوا إلى الضم، ولم تحرّك

الياء بالضم لثقله عليها فحذفت وضُمَّت الياء الباقية لأَجل الواو؛ قال أَبو حُزابة الوليدُ بن حَنيفة‏:‏

وكنا حَسِبْناهم فَوارِسَ كَهْمَسٍ

حَيُوا بعدما ماتُوا، من الدهْرِ، أَعْصُرا

قال ابن بري‏:‏ حَيِيتُ من بنات الثلاثة، وقال بعضهم‏:‏ حَيُّوا، بالتشديد، تركه عل ما كان عليه للإدغام؛ قال عبيدُ بنُ الأَبْرص‏:‏

عَيُّوا بأَمرِهِمُو، كما عَيَّتْ ببَيْضَتِها الحَمامَهْ

وقال غيره‏:‏ اسْتَحْياه واسْتَحْيا منه بمعنًى من الحياء، ويقال‏:‏

اسْتَحَيْتُ، بياء واحدة، وأَصله اسْتَحْيَيْتُ فأَعَلُّوا الياء الأُولى

وأَلقَوا حَرَكتها على الحاء فقالوا استَحَيْتُ، كما قالوا اسْتنعت استثقالاً

لَمَّا دَخَلَتْ عليها الزوائدُ؛ قال سيبويه‏:‏ حذفت الياء لالتقاء الساكنين

لأَن الياء الأُولى تقلب أَلفاً لتحركها، قال‏:‏ وإنما فعلوا ذلك حيث كثر

في كلامهم‏.‏ وقال المازنيّ‏:‏ لم تحذف لالتقاء الساكنين لأَنها لو حذفت لذلك

لردوها إذا قالوا هو يَسْتَحِي، ولقالوا يَسْتَحْيي كما قالوا

يَسْتَنِيعُ؛ قال ابن بري‏:‏ قول أَبي عثمان موافق لقول سيبويه، والذي حكاه عن

سيبويه ليس هو قوله، وإنما هو قول الخليل لأَن الخليل يرى أَن استحيت أَصله

استحييت، فأُعل إعلال اسْتَنَعْت، وأَصله اسْتَنْيَعْتُ، وذلك بأَن تنقل

حركة الفاء على ما قبلها وتقلب أَلفاً ثمتحذف لالتقاء الساكنين، وأما

سيبويه فيرى أَنها حذفت تخفيفاً لاجتماع الياءين لا لإعلال موجب لحذفها، كما حذفت السينَ من أَحْسَسْت حين قلتَ أَحَسْتُ، ونقلتَ حركتها على ما قبلها

تخفيفاً‏.‏ وقال الأَخفش‏:‏ اسْتَحَى بياء واحدة لغة تميم، وبياءين لغة أَهل

الحجاز، وهو الأَصل، لأَن ما كان موضعُ لامه معتّلاً لم يُعِلُّوا عينه، أَلا ترى أَنهم قالوا أَحْيَيْتُ وحَوَيْتُ‏؟‏ ويقولون قُلْتُ وبِعْتُ

فيُعِلُّون العين لَمَّا لم تَعْتَلَّ اللامُ، وإنما حذفوا الياء لكثرة

استعمالهم لهذه الكلمة كما قالوا لا أَدْرِ في لا أدْرِي‏.‏ ويقال‏:‏ فلان أَحْيَى

من الهَدِيِّ، وأَحْيَى من كَعابٍ، وأَحْيَى من مُخَدَّرة ومن مُخَبَّأَةٍ، وهذا كله من الحَياء، ممدود‏.‏ وأَما قولهم أَحْيَى من ضَبّ، فمن الحياةِ‏.‏ وفي حديث البُراقِ‏:‏ فدنَوْتُ منه لأَرْكَبَه فأَنْكَرَني فتَحَيَّا

مِنِّي أَي انْقَبَض وانْزَوى، ولا يخلو أَن يكون مأْخوداً من الحياء على

طريق التمثيل، لأَن من شأن الحَيِيِّ أَن ينقبض، أَو يكون أَصله تَحَوّى

أَي تَجَمَّع فقلبت واوه ياء، أَو يكون تَفَيْعَلَ من الحَيِّ وهو الجمع، كتَحَيَّز من الحَوْز‏.‏ وأَما قوله‏:‏ ويَسْتَحْيي نساءَهم، فمعناه

يَسْتَفْعِلُ من الحَياة أَي يتركهنَّ أَحياء وليس فيه إلا لغة واحدة‏.‏ وقال أبو زيد‏:‏ يقال حَيِيتُ من فِعْلِ كذا وكذا أَحْيا حَياءً أَي اسْتَحْيَيْتُ؛ وأَنشد‏:‏

أَلا تَحْيَوْنَ من تَكْثير قَوْمٍ

لعَلاَّتٍ، وأُمُّكُمو رَقُوبُ‏؟‏

معناه أَلا تَسْتَحْيُونَ‏.‏ وجاء في الحديث‏:‏ اقْتُلُوا شُيُوخ المشركين

واسْتَحْيُوا شَرْخَهم أَي اسْتَبْقُوا شَبابَهم ولا تقتلوهم، وكذلك قوله

تعالى‏:‏ يُذَبِّحُ أَبناءهم ويَسْتَحْيِي نساءَهم؛ أَي يسْتَبْقيهن للخدمة

فلا يقتلهن‏.‏ الجوهري‏:‏ الحَياء، ممدود، الاستحياء‏.‏ والحَياء أَيضاً‏:‏

رَحِمُ الناقة، والجمع أَحْيِيةٌ؛ عن الأَصمعي‏.‏ الليث‏:‏ حَيا الناقة يقصر ويمدّ

لغتان‏.‏ الأَزهري‏:‏ حَياءُ الناقة والشاة وغيرهما ممدود إلاّ أَن يقصره

شاعر ضرورة، وما جاء عن العرب إلا ممدوداً، وإنما سمي حَياءً باسم الحَياء

من الاسْتحياء لأَنه يُسْتَر من الآدمي ويُكْنى عنه من الحيوان، ويُسْتَفحش التصريحُ بذكره واسمه الموضوع له ويُسْتَحى من ذلك ويُكْنى عنه‏.‏ وقال الليث‏:‏ يجوز قَصْر الحَياء ومَدُّه، وهو غلط لا يجوز قصره لغير الشاعر

لأَن أَصله الحَياءُ من الاستحياء‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه كَرِهَ من الشاةِ

سَبْعاً‏:‏ الدَّمَ والمرارة والحَياءَ والعُقْدَةَ والذَّكَر والأُنْثَيين

والمَثانَة؛ الحَياءُ، ممدود‏:‏ الفرج من ذوات الخُفِّ والظِّلْف، وجمعها

أَحْييَة‏.‏ قال ابن بري‏:‏ وقد جاء الحَياء لرحم الناقة مقصوراً في شعر أَبي

النَّجْم، وهو قوله‏:‏

جَعْدٌ حَياها سَبِطٌ لَحْياها

قال ابن بري‏:‏ قال الجوهري في ترجمة عيي‏:‏ وسمعنا من العرب من يقول

أَعْيِياءُ وأَحْيِيَةٌ فيُبَيِّنُ‏.‏ قال ابن بري‏:‏ في كتاب سيبويه أَحْيِيَة جمع

حَياءٍ لفرج الناقة، وذكر أَن من العرب من يدغمه فيقول أَحِيَّه، قال‏:‏

والذي رأَيناه في الصحاح سمعنا من العرب من يقول أَعْيِياءُ وأَعْيِيَةٌ

فيبين؛ ابن سيده‏:‏ وخص ابن الأَعرابي به الشاة والبقرة والظبية، والجمع أَحْياءٌ؛ عن أَبي زيد، وأَحْيِيَةٌ وحَيٌّ وحِيٌّ؛ عن سيبويه، قال‏:‏ ظهرت

الياء في أَحْيِيَة لظهورها في حَيِيَ، والإدْغامُ أَحسنُ لأَن الحركة

لازمة، فإن أَظهرت فأحْسَنُ ذلك أَن تُخْفي كراهية تَلاقي المثلين، وهي مع

ذلك بزنتها متحرّكة، وحمل ابن جني أَحْياءً على أَنه جمع حَياءٍ ممدوداً؛ قال‏:‏ كَسَّرُوا فَعالاً على أَفعال حتى كأنهم إنما كسروا فَعَلاً‏.‏

الأَزهري‏:‏ والحَيُّ فرج المرأَة‏.‏ ورأى أَعرابي جهاز عَرُوسٍ فقال‏:‏ هذا سَعَفُ

الحَيِّ أَي جِهازُ فرج المرأَة‏.‏

والحَيَّةُ‏:‏ الحَنَشُ المعروف، اشتقاقه من الحَياة في قول بعضهم؛ قال سيبويه‏:‏ والدليل على ذلك قول العرب في الإضافة إلى حَيَّةَ بن بَهْدَلة

حَيَوِيٌّ، فلو كان من الواو لكان حَوَوِيّ كقولك في الإضافة إلى لَيَّة

لَوَوِيٌّ‏.‏ قال بعضهم‏:‏ فإن قلت فهلاَّ كانت الحَيَّةُ مما عينه واو

استدلالاً بقولهم رجل حَوَّاء لظهور الواو عيناً في حَوَّاء‏؟‏ فالجواب أَنَّ أَبا

عليّ ذهب إلى أَن حَيَّة وحَوَّاء كسَبِطٍ وسِبَطْرٍ ولؤلؤٍ ولأْآلٍ

ودَمِثٍ ودِمَثْرٍ ودِلاصٍ ودُلامِصٍ، في قول أبي عثمان، وإن هذه الأَلفاظ

اقتربت أُصولها واتفقت معانيها، وكل واحد لفظه غير لفظ صاحبه فكذلك حَيَّةٌ

مما عينه ولامه ياءَان، وحَوَّاء مما عينه واو ولامه ياء، كما أن لُؤلُؤاً رُباعِيٌّ ولأْآل ثلاثي، لفظاهما مقتربان ومعنياهما متفقان، ونظير

ذلك قولهم جُبْتُ جَيْبَ القَميص، وإنما جعلوا حَوَّاء مما عينه واو ولامه

ياء، وإن كان يمكن لفظه أَن يكون مما عينه ولامه واوان من قِبَل أَن هذا

هو الأَكثر في كلامهم، ولم يأْت الفاء والعين واللام ياءَات إلاَّ في قولهم يَيَّيْتُ ياءً حَسَنة، على أَن فيه ضَعْفاً من طريق الرواية، ويجوز

أَن يكون من التّحَوِّي لانْطوائها، والمذكر والمؤنث في ذلك سواء‏.‏ قال الجوهري‏:‏ الحَيَّة تكون للذكر والأُنثى، وإنما دخلته الياء لأَنه واحد من جنس مثل بَطَّة ودَجاجة، على أَنه قد روي عن العرب‏:‏ رأَيت حَيّاً على حَيّة

أَي ذكراً على أُنثى، وفلان حَيّةٌ ذكر‏.‏ والحاوِي‏:‏ صاحب الحَيَّات، وهو فاعل‏.‏ والحَيُّوت‏:‏ ذَكَر الحَيَّات؛ قال الأَزهري‏:‏ التاء في الحَيُّوت‏:‏

زائدة لأَن أَصله الحَيُّو، وتُجْمع الحَيَّة حَيَواتٍ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ لا

بأْسَ بقَتْلِ الحَيَواتِ، جمع الحَيَّة‏.‏ قال‏:‏ واشتقاقُ الحَيَّةِ من الحَياة، ويقال‏:‏ هي في الأَصل حَيْوَة فأُدْغِمَت الياء في الواو وجُعلتا ياءً

شديدة، قال‏:‏ ومن قال لصاحب الحَيَّاتِ حايٍ فهو فاعل من هذا البناء

وصارت الواو كسرة‏.‏ كواو الغازي والعالي، ومن قال حَوَّاء فهو على بناء فَعَّال، فإنه يقول اشتقاقُ الحَيَّة من حَوَيْتُ لأَنها تَتَحَوَّى في الْتِوائِها، وكل ذلك تقوله العرب‏.‏ قال أبو منصور‏:‏ وإن قيل حاوٍ على فاعل فهو جائز، والفرق بينه وبين غازٍ أن عين

الفعل من حاوٍ واو وعين الفعل من الغازي الزاي فبينهما فرق، وهذا يجوز على

قول من جعل الحَيَّة في أَصل البناء حَوْيَةً‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ والعرب

تُذَكّر الحَيَّة وتؤنثها، فإذا قالوا الحَيُّوت عَنَوا الحَيَّة الذكَرَ؛ وأَنشد الأَصمعي‏:‏

ويأكُلُ الحَيَّةَ والحَيُّوتَا، ويَدْمُقُ الأَغْفالَ والتَّابُوتَا، ويَخْنُقُ العَجُوزَ أَو تَمُوتَا

وأَرض مَحْياة ومَحْواة‏:‏ كثيرة الحيّات‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ وللعرب أَمثال

كثيرة في الحَيَّة نَذْكُرُ ما حَضَرَنَا منها، يقولون‏:‏ هو أَبْصَر من حَيَّةٍ؛ لحِدَّةِ بَصَرها، ويقولون‏:‏ هو أَظْلَم من حَيَّةٍ؛ لأنها تأْتي

جُحْر الضَّبِّ فتأْكلُ حِسْلَها وتسكُنُ جُحْرَها، ويقولون‏:‏ فلان حَيَّةُ

الوادِي إذا كان شديد الشَّكِيمَةِ حامِياً لحَوْزَتِه، وهُمْ حَيَّةُ

الأَرض؛ ومنه قول ذِي الإصْبعِ العَدْواني‏:‏

عَذِيرَ الحَيِّ منْ عَدْوا

نَ، كانُوا حَيَّةَ الأَرض

أَراد أَنهم كانوا ذوي إربٍ وشِدَّةٍ لا يُضَيِّعون ثَأْراً، ويقال رأْسُه رأْسُ حَيَّةٍ إذا كان مُتَوقِّداً شَهْماً عاقلاً‏.‏ وفلان حَيّةٌ

ذكَرٌ أَي شجاع شديد‏.‏ ويدعون على الرجل فيقولون‏:‏ سقاه الله دَمَ الحَيَّاتِ

أَي أَهْلَكَه‏.‏ ويقال‏:‏ رأَيت في كتابه حَيَّاتٍ وعَقارِبَ إذا مَحَلَ

كاتِبُهُ بِرَجُلٍ إلى سُلْطانٍ ووَشَى به ليُوقِعَه في وَرْطة‏.‏ ويقال للرجل

إذا طال عُمْره وللمرأَة إذا طال عمرها‏:‏ ما هُو إلاّ حَيَّةٌ وما هي إلاّ

حَيَّةٌ، وذلك لطول عمر الحَيَّة كأَنَّه سُمِّي حَيَّةً لطول حياته‏.‏

ابن الأَعرابي‏:‏ فلانٌ حَيَّةُ الوادي وحَيَّة الأرض وحَيَّةُ الحَمَاطِ إذا

كان نِهايةً في الدَّهاء والخبث والعقل؛ وأَنشد الفراء‏:‏

كمِثْلِ شَيْطانِ الحَمَاطِ أَعْرَفُ

وروي عن زيد بن كَثْوَة‏:‏ من أَمثالهم حَيْهٍ حِمَارِي وحِمَارَ صاحبي، حَيْهٍ حِمَارِي وَحْدِي؛ يقال ذلك عند المَزْرِيَةِ على الذي يَسْتحق ما لا يملك مكابره وظلماً، وأَصله أَن امرأَة كانت رافقت رجلاً في سفر وهي راجلة وهو على حمار، قال فأَوَى لها وأَفْقَرَها ظَهْرَ حماره ومَشَى

عنها، فبَيْنَما هما في سيرهما إذ قالت وهي راكبة عليه‏:‏ حيهٍ حِمَارِي

وحِمَارَ صاحبي، فسمع الرجل مقالتها فقال‏:‏ حَيْهٍ حِمارِي وَحْدِي ولم يَحْفِلْ لقولها ولم يُنْغِضْها، فلم يزالا كذلك حتى بَلَغَتِ الناسَ فلما

وَثِقَتْ قالت‏:‏ حَيْهٍ حِمَاري وَحْدِي؛ وهي عليه فنازعها الرجلُ إياه

فاستغاثت عليه، فاجتمع لهما الناسُ والمرأَةُ راكبة على الحمار والرجل راجل، فقُضِيَ لها عليه بالحمار لما رأَوها، فَذَهَبَتْ مَثَلاً‏.‏ والحَيَّةُ من سِماتِ الإبل‏:‏ وَسْمٌ يكون في العُنُقِ والفَخِذ مُلْتَوِياً مثلَ

الحَيَّة؛ عن ابن حبيب من تذكرة أبي عليّ‏.‏

وحَيَّةُ بنُ بَهْدَلَةَ‏:‏ قبيلة، النسب إليها حَيَوِيٌّ؛ حكاه سيبويه عن

الخليل عن العرب، وبذلك استُدِلّ على أَن الإضافة إلى لَيَّةٍ

لَوَوِيٌّ، قال‏:‏ وأَما أَبو عمرو فكان يقول لَيَيِيٌّ وحَيَيِيٌّ‏.‏ وبَنُو حِيٍّ‏:‏

بطنٌ من العرب، وكذلك بَنُو حَيٍّ‏.‏ ابن بري‏:‏ وبَنُو الحَيَا، مقصور، بَطْن

من العرب‏.‏ ومُحَيَّاةُ‏:‏ اسم موضع‏.‏ وقد سَمَّوْا‏:‏ يَحْيَى وحُيَيّاً

وحَيّاً وحِيّاً وحَيّانَ وحُيَيَّةَ‏.‏ والحَيَا‏:‏ اسم امرأَة؛ قال الراعي‏:‏ إنَّ الحَيَا وَلَدَتْ أَبي وَعُمُومَتِي، ونَبَتُّ في سَبِطِ الفُرُوعِ نُضارِ

وأَبو تِحْيَاةَ‏:‏ كنية رجل من حَيِيتَ تِحْيا وتَحْيا، والتاء ليست

بأَصلية‏.‏

ابن سيده‏:‏ وَحَيَّ على الغَداء والصلاةِ ائتُوهَا، فحَيَّ اسم للفعل

ولذلك عُلّق حرفُ الجرّ الذي هو على به‏.‏

وحَيَّهَلْ وحَيَّهَلاً وحَيَّهَلا، مُنَوَّناً وغيرَ منوّن، كلّه‏:‏ كلمة

يُسْتَحَثُّ بها؛ قال مُزاحم‏:‏

بِحَيَّهَلاً يُزْجُونَ كُلَّ مَطِيَّةٍ

أَمامَ المَطايا، سَيْرُها المُتَقاذِفُ‏.‏

قال بعض النحويين‏:‏ إذا قلت حَيَّهَلاً فنوّنت قلت حَثّاً، وإذا قلت

حَيَّهَلا فلم تُنون فكأَنَّك قلت الحَثَّ، فصار التنوين علم التنكير وتركه

علم التعريف وكذلك جميع ما هذه حاله من المبنيَّات، إذا اعْتُقِد فيه

التنكير نُوِّن، وإذا اعتُقِد فيه التعريف حذف التنوين‏.‏ قال أَبو عبيد‏:‏ سمع

أَبو مَهْدِيَّة رجلاً من العجم يقول لصاحبه زُوذْ زُوذْ، مرتين

بالفارسية، فسأَله أَبو مَهْدِيَّة عنها فقيل له‏:‏ يقول عَجِّلْ عَجِّلْ، قال أبو مَهْدِيَّة‏:‏ فهَلاَّ قال له حَيَّهَلَكَ، فقيل له‏:‏ ما كان الله ليجمع لهم

إلى العَجَمِيّة العَرَبِيّة‏.‏ الجوهري‏:‏ وقولهم حَيّ على الصلاة معناه

هَلُمَّ وأَقْبِلْ، وفُتِحتالياءُ لسكونها وسكون ما قبلها كما قيل لَيتَ

ولعلَّ، والعرب تقول‏:‏ حَيَّ على الثَّرِيدِ، وهو اسمٌ لِفعل الأَمر، وذكر

الجوهري حَيَّهَلْ في باب اللام، وحاحَيْتُ في فصل الحاء والأَلف آخرَ

الكتاب‏.‏ الأَزهري‏:‏ حَيّ، مثَقَّلة، يُنْدَبُ بها ويُدْعَى بها، يقال‏:‏ حَيَّ

على الغَداء حَيَّ على الخير، قال‏:‏ ولم يُشْتَق منه فعل؛ قال ذلك الليث، وقال غيره‏:‏ حَيَّ حَثٌّ ودُعاء؛ ومنه حديث الأَذان‏:‏ حَيَّ على الصلاة

حَيَّ على الفَلاح أَي هَلُمُّوا إليها وأَقبلوا وتَعالَوْا مسرعين، وقيل‏:‏

معناهما عَجِّلوا إلى الصلاح وإلى الفلاح؛ قال ابن أَحمر‏:‏

أَنشَأْتُ أَسْأَلُه ما بالُ رُفْقَته، حَيَّ الحُمولَ، فإنَّ الركْبَ قد ذَهَبا

أَي عليك بالحمول فقد ذهبوا؛ قال شمر أَنشد محارب لأَعرابي‏:‏

ونحن في مَسْجدٍ يَدْع مُؤَذِّنُه‏:‏

حَيَّ تَعالَوْا، وما نَاموا وما غَفَلوا

قال‏:‏ ذهب به إلى الصوت نحو طاقٍ طاقٍ وغاقٍ غاقٍ‏.‏ وزعم أَبو الخطاب أن العرب تقول‏:‏ حَيَّ هَلَ الصلاةَ أَي ائْتِ الصلاة، جَعَلَهُما اسمين

فَنصَبَهما‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ حَيَّ هَلْ بفلان وحَيَّ هَلَ بفلان وحَيَّ هَلاً

بفلان أَي اعْجَلْ‏.‏ وفي حديث ابن مسعود‏:‏ إذا ذُكِرَ الصَّالِحُون

فَحَيَّ هَلاً بِعُمَرَ أَي ابْدَأ به وعَجِّلْ بذكره، وهما كلمتان جعلتا كلمة

واحدة وفيها لغات‏.‏ وهَلا‏:‏ حَثٌّ واستعجال؛ وقال ابن بري‏:‏ صَوْتان

رُكِّبا، ومعنى حَيَّ أَعْجِلْ؛ وأَنشد بيت ابن أَحمر‏:‏

أَنْشَأْتُ أَسْأَلُه عن حَالِ رُفْقَتِهِ، فقالَ‏:‏ حَيَّ، فإنَّ الرَّكْبَ قد ذَهَبا

قال‏:‏ وحَاحَيْتُ من بَناتِ الأَرْبعة؛ قال امرؤ القيس‏:‏

قَوْمٌ يُحاحُونَ بالبِهام، ونِسْـ *** وَانٌ قِصارٌ كهَيْئَةِ الحَجَلِ

قال ابن بري‏:‏ ومن هذا الفصل التَّحايِي‏.‏ قال ابن قتيبةَ‏:‏ رُبّما عَدَل

القَمَر عن الهَنْعة فنزل بالتَّحابي، وهي ثلاثة كواكب حِذَاءَ الهَنْعَة، الواحدة منها تِحْيَاة وهي بين المَجَرَّةِ وتَوابِعِ العَيُّوق، وكان

أَبو زياد الكلابي يقول‏:‏ التَّحايي هي النهَنْقة، وتهمز فيقال التَّحَائي؛ قال أَبو حنيفة‏:‏ بِهِنَّ ينزل القمر لا بالهَنْعة نَفْسِها، وواحدتها

تِحْياة؛ قال الشيخ‏:‏ فهو على هذا تِفْعَلة كتِحْلَبَة من الأَبنية، ومَنَعْناهُ من فِعْلاةٍ كعِزْهاةٍ أَنَّ ت ح ي مهملٌ وأَنَّ جَعْلَه و ح ي

تَكَلُّفٌ، لإبدال التاء دون أَن تكون أَصلاً، فلهذا جَعَلناها من الحَيَاء

لأَنهم قالوا لها تَحِيَّة، تسمَّى الهَنْعة التَّحِيّة فهذا من ح ي ي ليس

إلاّ، وأَصلها تحْيِيَة تَفْعِلة، وأَيضاً فإنَّ نوءَها كبير الحيا من أَنواء الجوزاء؛ يدل على ذلك قول النابغة‏:‏

سَرَتْ عليه منَ الجَوْزاء ساريةٌ، تُزْجي الشَّمالُ عَليَه سالِفَ البَرَد

والنَّوْءُ للغارب، وكما أَن طلوع الجوزاء في الحر الشديد كذلك نوؤها في البرد والمطر والشتاء، وكيف كانت واحدتها أَتِحْيَاةٌ، على ما ذكر أبو حنيفة، أَمْ تَحِيَّة على ما قال غيره، فالهمز في جمعها شاذ من جهة

القياس، فإن صح به السماع فهو كمصائبَ ومعائِشَ في قراءة خارجة، شُبِّهَت

تَحِيَّة بفَعِيلة، فكما قيل تَحَوِيٌّ في النسب، وقيل في مَسِيل مُسْلان في أَحد القولين قيل تَحائي، حتى كأَنه فَعِيلة وفَعائل‏.‏ وذكر الأَزهري في هذه الترجمة‏:‏ الحَيْهَل شجرٌ؛ قال النضر‏:‏ رأَيت حَيْهَلاً وهذا حَيْهَلٌ

كثير‏.‏ قال أَبو عمرو‏:‏ الهَرْمُ من الحَمْضِ يقال له حَيْهَلٌ، الواحدة

حَيْهَلَةٌ، قال‏:‏ ويسمى به لأَنه إِذا أَصابه المطر نَبَت سريعاً، وإِذا

أَكلته الناقة أَو الإِبل ولم تَبْعَرْ ولم تَسْلَحْ سريعاً ماتت‏.‏

ابن الأَعرابي‏:‏ الحَيُّ الحَقٌّ واللَّيُّ الباطل؛ ومنه قولهم‏:‏ لا

يَعْرِف الحَيَّ من اللَّيِّ، وكذلك الحَوَّ من اللَّوِّ في الموضعين، وقيل‏:‏

لا يَعْرِف الحَوَّ من اللَّوِّ؛ الحَوُّ‏:‏ نَعَمْ، واللَّوُّ لَوْ، قال‏:‏

والحَيُّ الحَوِيّةُ، واللَّيُّ لَيُّ الحَبْلِ أَي فتله؛ يُضرب هذا

للأَحْمق الذي لا يَعْرف شيئاً‏.‏

وأَحْيَا، بفتح الهمزة وسكون الحاء وياءٍ تحتَها نقطتان‏:‏ ماءٌ بالحجاز

كانت به غَزاة عُبيدَة بن الحرث بن عبد المطلب‏.‏

خبا‏:‏ الخِباءُ من الأَبنية‏:‏ واحد الأَخْبية، وهو ما كان من وَبَر أَو

صوف ولا يكون من شَعَر، وهو على عمودين أَو ثلاثة، وما فوقَ ذلك فهو بَيْت‏.‏

وقال ابن الأَعرابي‏:‏ الخِباءُ من شعرٍ أَو صوف، وهو دون المَظَلَّة؛ كذلك حكاها ههنا بفتح الميم، وقال ثعلب عن يعقوب‏:‏ من الصوف خاصة‏.‏ والخِباءُ‏:‏

من بُيوت الأَعراب، جمعه أَخْبِية بلا همز‏.‏ وفي حديث الاعتكاف‏:‏ فأَمَرَ

بِخبائه فقُوِّضَ؛ الخِباءُ‏:‏ أَحد بيوت العرب من وَبَر أَو صوف‏.‏ وفي حديث

هندٍ‏:‏ أَهْل خِباءٍ أَو أَخْباء، على الشك، وقد يُسْتَعْمل في المنازل

والمساكن؛ ومنه الحديث‏:‏ لأَنه أَتى خِباءَ فاطمة وهي في المدينة؛ يريد

منزلها‏.‏ وأَصل الخِباء الهمز إَنه يُخْتَبَأُ فيه‏.‏ وأَخْبَيْت خِباءً

وخَبَّيْته وتَخَبَّيته‏:‏ عملته ونَصَبته‏.‏ واسْتَخْبَيْته‏:‏ نَصَبْته ودخلت فيه‏.‏

والتَّخْبِية‏:‏ من قولك خَبَّيته وتَخَبِّيته‏.‏ وتَخَبَّيت كسائي

تَخَبِّياً وأَخْبَيْت كسائي إِذا جَعَلْتَه خِباءً‏.‏ الكسائي‏:‏ يقال من الخباء

أَخْبَيْت إِخباءً إِذا أَردت المصدر إِذا عَمِلْته وتَخَبَّيْت أَيضاً‏.‏

والخِباءُ‏:‏ غِشاءُ البُرَّةِ والشَّعيرة في السُّنْبُلة، وخِباءُ النَّوْرِ‏:‏

كِمَامُه، وكِلاهما على المَثَل‏.‏

وخَبَتِ النارُ

والحَرْبُ والحِدّةُ تَخْبُو خَبْواً وخُبُوّاً‏:‏ سَكَنت وطَفِئَت

وخَمَدَ لَهَبُها، وهي خابِية، وأَخْبَيْتها أَنا‏:‏ أَخْمَدْتها؛ قال الكميت‏:‏

ومِنَّا ضِرارٌ وابْنَماهُ وحاجِبٌ

مُؤَجِّجُ نِيرانِ المَكارِمِ، لا المُخْبي

وقوله تعالى‏:‏ كُلَّما خَبَت زِدْناهم سَعِيراً؛ قيل‏:‏ معناه سَكَن

لَهَبُها، وقيل‏:‏ معناه كلَّما تَمَنَّوا أَن تَخْبُوَ وأَرادوا أَن تَخْبُوَ‏.‏

والخَابِية‏:‏ الحبُّ، وأَصله الهمز، لأَنه من خَبَأْت إِلاَّ أَن العرب

تركت همزها‏.‏

ختا‏:‏ خَتا الرجل يَخْتو خَتْواً إِذا رأَيته مُتَخَشِّعاً، أَو إِذا

انْكَسر من حُزْنٍ أَو مَرَضٍ، أَو تَغَيَّر لونُه من فَزَعٍ أَو مَرَضٍ‏.‏

والمُخْتَتي‏:‏ الناقِصُ‏.‏ وخَتَوْتُ الرجُلَ‏:‏ كَفَفْته عن الأَمر‏.‏ وخَتَا

الثوبَ خَتْواً‏:‏ فَتَلَ هُدْبَه‏.‏ والخاتِية من العِقْبان‏:‏ التي تَخْتاتُ، وهو صوتُ جَناحَيْها وانْقِضاضِها‏.‏ ويقال‏:‏ خاتَتَ تَخُوتُ‏.‏ يقال‏:‏ خاتَت

العُقابُ وخَتَت إِذا انْقَضّتْ، قال‏:‏ ويجيء خَتَا يَخْتُو بمعنى انْقَضَّ، وهو مقلوب من خات‏.‏ الأَصمعي في المهموز‏:‏ اخْتَتأَ ذَلَّ؛ وأَنشد لعامر بن الطفيل‏:‏

ولا يَخْتَتِي ابنُ العَمِّ، ما عِشْتُ، صَوْلَتي، ولا أَخْتَتِي مِنْ صَوْلَةِ المُتَهَدِّدِ

وإِنِّي، وإِن أَوْعَدتُه أَوْ وَعَدْتُه، لَمُخْلِفُ إِيعادِي ومُنْجِزُ مَوْعِدِي

وقال‏:‏ إِنما ترك همزة ضرورة؛ قال وقال الشاعر‏:‏

بَكَتْ جَزَعاً أَنْ عَضَّهُ السَّيْفُ، واخْتَتَتْ

سُلَيْمُ بنُ مَنْصورٍ لقَتْلِ ابن حازِمِ

ويقال‏:‏ هو خاتِلٌ له وخاتٍ بمعنى واحد؛ وأَنشد لأَوْس بن حُجْر‏:‏

يَدِبُّ إِليه خاتِياً، يَدَّرِي له

ليَعْقِرَهُ في رَمْيِهِ حينَ يُرْسِلُ

وقال‏:‏ أَصل اخْتَتَى من خَتَا لَونُه يَخْتُو خَتْواً إِذا تَغَيَّر من فَزَع أَو مَرض‏.‏ الليث‏:‏ المُخْتَتِي الذَّلِيلُ؛ قال ابن بري‏:‏ وقيل في خاتِي من قول جرير‏:‏

وخَطَّ المِنْقَرِيُّ بِها فَخَرَّتْ

على أُمِّ القَفا، والليلُ خاتِي

إِِنه الشديد الظُّلْمَة‏.‏ ابن الأَعر ابي‏:‏ الخَتْيُ الطَّعْن الوِلاءُ‏.‏

خثا‏:‏ الخَثْوَة‏:‏ أَسْفَلُ البَطْنِ إِذا كان مسْتَرْخياً، امرأَةٌ

خَثْواءُ، ولا يكادون يقولون ذلك للرجل‏.‏ وخَثَى البقرُ

يَخْثِي والفِيلُ خَثْياً‏:‏ رَمَى بِذِي بَطْنِه، وخص أَبو عبيد به الثورَ وحده دون البقرة، والاسم الخِثْيُ، والجمع أَخْثاءٌ مثل حِلْسٍ

وأَحْلاس؛ وقال ابن الأَعرابي‏:‏ الخِثْيُ للثور؛ وأَنشد‏:‏

عَلَى أَنَّ أَخْثاءً لَدَى البَيْتِ رَطْبةً، كأَخْثاءِ ثَوْرِ الأَهْلِ عِنْدَ المُطَنَّبِ

وفي حديث أَبي سفيان‏:‏ فأَخَذَ مِنْ خِثْيِ الإِبِل فَفَتَّهُ أَي

رَوْثِها، وأَصل الخِثْيِ للبقر فاستعاره للإِبل‏.‏

خجا‏:‏ الخجاةُ‏:‏ القَذَر واللُّؤْمُ، والجمع خَجًى‏.‏ وما فلان إِلاَّ

خَجاةٌ من الخَجَى أَي قَذِرٌ لَئِيمٌ‏.‏ وامرأَة خَجْواءُ‏:‏ واسعة‏.‏ وخَجَى

برِجْلِه‏:‏ نَسَف بها التراب في مَشْيه‏.‏

والخَجَوْجَى‏:‏ الطويلُ الرجْلَين، يُمَدُّ ويقصر، وهو فَعَوْعَل، والأُنثى خَجَوْجاةٌ، وقيل‏:‏ هو المُفْرِط الطُّولِ في ضِخَمٍ من عِظامِهِ، وقيل‏:‏ هو الضَّخْمُ الجَسِيم، وقد يكون جَباناً‏.‏ ورِيحٌ خَجَوْجاةٌ‏:‏ دائِمةُ

الهُبُوبِ شديدة المَرِّ؛ قال ابن أَحمر‏:‏

هَوْجَاءُ رَعْبَلَةُ الرَّواحِ، خَجَوْ

جَاةُ الغُدُوِّ، رَواحُها شَهْرُ

وفي حديث حذيفة‏:‏ كالكُوزِ مُخَجِّياً؛ قال ابن الأَثير‏:‏ هكذا أَورده

صاحب التتمة وقال‏:‏ خَجَّى الكُوزَ أَماله، والمشهور بالجيم قبل الخاء، وقد

تقدم‏.‏

خدي‏:‏ خَدَى البعيرُ والفرس يَخْدِي خَدْياً وخَدَياناً، فهو خادٍ‏:‏ أَسرع

وزجَّ بِقَوائِمِه مثلَ وَخَدَ يَخِدُ وخَوَّدَ يُخَوِّدُ كلُّه بمعنى

واحد؛ قال الراعي‏:‏

حَتَّى غَدَتْ في بَىاضِ الصُّبْحِ طَيِّبَةً

رِيحَ المَبَاءَةِ تَخْدِي، والثَّرَى عَمِدُ

وإِنما نصب ريحَ المَباءَة لما نَوَّن طَيِّبَةً، وكان حَقُّها

الإِضافَةَ، فضارَعَ قَولَهم هو ضاربٌ زيداً‏.‏ قال ابن بري في قول الراعي‏:‏ حتّى

غَدَت ضمير بقرة وحشية تقدم ذكرها، ومَبَاءَتُها‏:‏ مَكْنِسُها، وعَمِدٌ‏:‏

شديدُ الابْتلال؛ وفي قصيد كعب بن زهير‏:‏

تَخْدِي عَلَى يَسَراتٍ وهْيَ لاهِيَةٌ

الخَدْيُ‏:‏ ضرب من السَّيْر، خَدَى فهو خَادٍ، وقيل‏:‏ هو ضرب من سيرها لم يُحَدَّ‏.‏ قال الأَصمعي‏:‏ سأَلْت أَعرابّياً ما خَدَى؛ فقال‏:‏ هو عَدْوُ

الحِمار بَيْن آرِيَّه ومُتَمَرَّغِه‏.‏

الليث‏:‏ الوَخْدُ سَعَةُ الخَطْوِ في المَشْي، ومثله الخَدْيُ لغتان‏.‏

والخَدَى‏:‏ دُودٌ يخرج مع رَوْثِ الدابة، واحدته خَدَاةٌ؛ عن كراع‏.‏

والخَدَاءُ‏:‏ موضع؛ قال ابن سيده‏:‏ وإِنما قضينا بأَن همزته ياء لأن اللاَّمَ ياءً أَكثَر منها واواً مع وجود خ د ي وعدم خ د و، والله أَعلم‏.‏

خذا‏:‏ خَذَا الشيءُ يَخْذُو خَذْواً‏:‏ اسْتَرْخَى، وخَذيَ، بالكسر، مثلُه‏.‏

وخَذِيَت الأُذُنُ خَذاً وخَذَتْ

خَذْواً وهي خَذْواءُ‏:‏ اسْتَرْخَتْ من أَصلها وانكسرت مُقْبِلةً على

الوَجْه، وقيل‏:‏ هي التي استرخت من أَصلها على الخَدَّين فما فوق ذلك، يكونُ

في الناس والخيل والحُمُر خِلْقةً أَو حَدَثاً؛ قال ابن ذي كِبَار‏:‏

يا خَلِيلَيَّ قَهْوَةً

مُزَّةً، ثُمَّتَ احْنِذَا

تدَعُ الأُذْنَ سُخْنَةً، ذا احْمرارٍ بها خَذَا

ذَكَّرَ

الأُذنَ على إِرادة العُضْوِ‏.‏ ورجل أَخْذَى وامرأَة خَذْواء‏.‏ وخَذِيَ

الحِمارُ يَخْذَى خَذاً، فهو أَخْذَى الأُذنِ، وكذلك فرس أَخْذَى، والأُنثى

خَذْواءُ بَيِّنَةُ الخَذَا؛ واستعار ساعدةُ بنُ جُؤَيَّة الخَذَا

للنَّبْلِ فقال‏:‏

مِمَّا يُتَرَّصُ في الثِّقافِ، يَزِيِنُه

أَخْذَى، كخَافِيةِ العُقابِ، مُحَرَّبُ

ويَنَمَةٌ خَذْواءُ‏:‏ مُتَثَنِّيَة لَيِّنة من النَّعْمة، وهي بَقْلة‏.‏

قال الأَزهري‏:‏ جمع الأَخْذى خُذْوٌ، بالواو، لأَنه من بنات الواو كما قيل

في جمع الأَعْشَى عُشْوٌ‏.‏ وأُذُنٌ

خَذْواءُ وخُذَاوِيَّةٌ، زاد الأَزهري من الخيل‏:‏ خَفيفةُ السمع؛ قال‏:‏

له أُذُنانِ خُذَاوِيَّتَا

نِ، والعَيْنُ تُبْصِرُ ما في الظُّلم‏.‏

والخَذْْواءُ‏:‏ اسم فرس شَيْطانَ بن الحَكم بن جاهِمَة؛ حكاه أَبو علي؛ وأَنشد‏:‏

وقَدْ مَنَّت الْخَذْواءُ مَنّاً عَلَيهِمُ، وشَيطانُ إِذْْ يَدْعُوهُمُو ويثوبُ

والخَذَا‏:‏ دُودٌ يخرج مع رَوْث الدابة؛ عن كراع‏.‏ واسْتَخْذَيْتُ‏:‏

خَضَعْت، وقد يهمز، وقيل لأَعرابي في مجلس أَبي زيد‏:‏ كيف اسْتَخْذَأْت‏؟‏

ليَتَعَرَّف منه الهَمْز، فقال‏:‏ العرب لا تَسْتَخْذِئُ، فهَمَز‏.‏

ورجل خِنْذِيانٌ‏:‏ كثير الشرِّ‏.‏ وقد حَنْذَى يُخَنْذِي وخَنْظَى به‏:‏

أَسْمَعَه المكروه؛ ذكره الأَزهري هنا وقال أَيضاً في الرباعي‏:‏ يقال للمرأَة

تُخَنْذي وتُخَنْظي أَي تتسلط بلسانها؛ وأَنشد أَبو عمرو لكثير

المحاربي‏:‏ قدْ مَنعَتْني البُرَّ وهْيَ تَلْحانْ، وهْوَ كَثِيرٌ عِنْدَها هِلِمَّانْ، وهي تُخَنْذي بالمَقالِ البَنْبانْ

ويقال للأَتانِ‏:‏ الخَذْواءُ أَي مسترخيةُ الأُذُن؛ وقال أَبو الغُول

الطُّهَوِيّ يهجو قوماً‏:‏

رأَيْتُكُمُو، بَني الخَذْواءِ، لمَّا

دَنا الأَضْحَى وصَلَّلَتِ اللِّحامُ

تَوَلَّيْتُمْ بِوِدِّكُمُ وقُلْتُمْ‏:‏

لَعَكٌّ مِنْكَ أَقْربُ أَو جُذامُ

وفي حديث النخعي‏:‏ إِذا كان الشقُّ أَو الخَرْقُ أَو الخَذَى في أُذُن

الأُضْحِية فلا بأْسَ، هو انْكِسارٌ واسترخاءٌ في الأُذُنْ‏.‏ خَذْواءُ أَي

مسترخية‏.‏ والخَذَواتُ‏:‏ اسم موضع‏.‏ وفي حديث سعد الأَسْلميّ‏:‏ رأَيت أَبا بكر

بالخَذَواتِ، وقد حَلَّ سُفْرَةً مُعلَّقة‏.‏

خرا‏:‏ الخَراتانِ‏:‏ نَجْمانِ كلُّ واحد منهما خَراةٌ‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ ولا

يُعْرَفُ الخَراتانِ إِلا مُثَنّىً، وتاء الأَصل والتاء الزائدة في التثنية متساويتا اللفظ، وقد ذكر في حرف التاء، وذكره ابن سيده في معتل الواو

اوالياء، والله أَعلم‏.‏

خزا‏:‏ خَزَا الرجلَ يَخْزُوه خَزْواً‏:‏ ساسَه وقَهَره؛ قال ذو الإِصبع

العَدْواني‏:‏

لاهِ ابنُ عَمِّكَ لا أَفضَلْتَ في حَسَبٍ، يَوْماً، ولا أَنْتَ دَيَّاني فتَخْزُوني

معناه‏:‏ للهِ ابنُ عَمِّك أَي ولا أَنتَ مالك أَمْري فتَسُوسَني‏.‏

وخَزَوتُ الفَصيل أَخْزُوه خَزْواً إِذا أَجْرَرْت لسانه فشَقَقْته‏.‏ والخَزْوُ‏:‏

كفُّ النَّفْسِ عن هِمَّتِها وصَبْرُها على مُرِّ الحق‏.‏ يقال‏:‏ اخْزُ

في طاعةِ الله نفْسَكَ‏.‏ وخَزَا نفْسَه خَزْواً‏:‏ مَلَكَها وكَفَّها عن

هَواها؛ قال لبيد‏:‏

إِكْذِبِ النَّفْسَ إِذا حَدَّثْتَها، إِنَّ صِدْقَ النفْسِ يُزْري بالأَمَلْ

غيرَ أَنْ لا تَكْذِبَنْها في التُّقَى، واخْزُها بالبِرِّ للهِ الأَجَلْ

وخَزا الدابة خَزْواً‏:‏ ساسَها وراضَها‏.‏ والخِزْيُ‏:‏ السُّوءُ‏.‏ خَزِيَ

الرجلُ يَخْزَى خِزْياً وخَزىً؛ الأَخيرة عن سيبويه‏:‏ وقع في بَلِيَّة وشَرٍّ

وشُهْرةٍ

فذَلَّ بذلك وهانَ‏.‏ وقال أَبو إِسحق في قوله تعالى‏:‏ ولا تُخْزِنا يومَ

القيامة؛ المُخْزَى في اللغة المُذَلُّ المَحْقُورُ بأَمْرٍ قد لزمه

بحُجَّة، وكذلك أَخْزَيْته أَلْزَمته حُجَّةً إِذا أَذْلَلْته بها‏.‏ والخِزْيُ‏:‏

الهَوان‏.‏ وقد أَخْزاهُ الله أَي أَهانَه الله‏.‏ وأَخزاه الله وأَقامَه

على خَزْيةٍ ومَخْزاةٍ‏.‏ وقال أَبو العباس في الفصيح‏:‏ خَزِيَ الرجلُ خِزْياً

من الهَوان، وخَزِيَ يَخْزَى خَزايةً من الاستحياء، وامرأَة خَزْيا؛ قال أُمية‏:‏

قالتْ‏:‏ أَرادَ بنا سُوءاً، فقلتُ لها‏:‏

خَزْيانُ حيثُ يقولُ الزُّورَ بُهْتانا

وأَنشد بعضهم‏:‏

رِزانٌ إِذا شَهِدُوا الأَنْدِيا

تِ لم يُسْتَخَفُّوا ولم يخْزَوُوا

أَراد بقوله لم يخْزَوُوا بناءَ افْعَلَّ مثل احمرَّ يَحْمرُّ

من خَزي يَخْزَى، قال‏:‏ واخْزَوَى يَخْزَوي مثلُ ارْعَوَى يَرْعَوي، ولم يَرْعَوُوا للجمع‏.‏ قال شمر‏:‏ قال بعضهم أَخْزَيْته أَي فضحته؛ ومنه قوله

تعالى حكاية عن لوط لقومه‏:‏ فاتَّقُوا اللهَ ولا تُخْزُونِ في ضَىْفي؛ أَي

لا تَفْضَحُونِ‏.‏ وقال في قوله‏:‏ ذلك لهم خِزْيٌ في الدنيا؛ الخِزْيُ

الفَضِيحةُ‏.‏ وقد خَزِيَ يَخْزَى خِزْياً إِذا افْتَضَح وتَحيَّر فضيحةً‏.‏ ومن كلامهم للرجل إِذا أَتَى بما يُسْتَحْسَن‏:‏ ما لَه، أَخزاهُ اللهُ وربما

قالوا‏:‏ أَخْزاهُ الله، من غير أَن يقولوا ما لَه‏.‏ وكلامٌ مُخْزٍ‏:‏

يُسْتَحْسَنُ فيقال لصاحبه أَخزاهُ الله‏.‏ وذكروا أَن الفرزدق قال بيتاً من الشعر

جيِّداً فقال‏:‏ هذا بيتٌ مُخْزٍ أَي إِذا أُنْشِد قال الناسُ‏:‏ أَخْزَى الله قائلَه ما أَشْعَرَه وإِنما يقولون هذا وشِبْهَهُ بدلَ المدحِ ليكون

ذلك واقياً له من العين، والمراد من كل ذلك إِنما هو الدعاء له لا

عليه‏.‏ وقصيدة مُخْزية أَي نِهايةٌ في الحُسْنِ يقال لقائِلِها أَخْزاهُ الله‏.‏ الخَزْية والخِزْية‏:‏ البَلِيَّة يُوقَع فيها؛ قال جرير يخاطب

الفرزدق‏:‏ وكنْتَ إِذا حَلَلْتَ بدارِ قوْمٍ، رَحَلْتَ بِخَزْيَةٍ وترَكْتَ عارا

ويروى لخِزْية‏.‏ وفي الحديث‏:‏ إِنَّ الحَرَم لا يُعيذُ عاصِياً ولا فارّاً

بخَزْية أَي بجَريمة يُسْتَحْىا منها؛ ومنه حديث الشعبي‏:‏ فأَصابَتْنا

خَزْيَة لم نَكُنْ فيها بَرَرَةً أَتْقِياءَ ولا فَجَرَةً أَقْوِياءَ أَي

خَصلةٌ استَحْيَيْنا منها‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ فهم في الدنيا خِزْيٌ؛ قال أبو إِسحق‏:‏ معناه قَتْلٌ إِن كانوا حَرْباً أَو يُجَزَّوْا إِن كانوا ذِمَّةً‏.‏

وخَزِيَ منه وخَزِيَهُ خَزَايَةً وخَزىً، مقصور‏:‏ استَحْيا‏.‏ وفي حديث

يزيد بن شَجَرة‏:‏ أَنه خَطَبَ الناسَ

في بعض مَغازيه يَحُثُّهم على الجهاد فقال في آخر خطبته‏:‏ انْهَكُوا

وُجُوهَ القوم ولا تُخْزُوا الحُورَ العِينَ؛ قال أَبو عبيد‏:‏ قوله لا

تُخْزُوا ليس من الخِزْي لأَنه لا موضع للخِزْي ههنا، ولكنه من الخَزَاية، وهي الاستحياء؛ يقال من الهلاك‏:‏ خَزِيَ الرجلُ يَخْزَى خِزْياً، ومن الحياءِ‏:‏

خَزِيَ يَخْزَى خَزاية؛ يقال‏:‏ خَزيت فلاناً إِذا اسْتَحييت منه؛ قال ذو

الرمة‏:‏

خَزايَةً أَدْرَكَتْه، بعد جَوْلَتِه، من جانبِ الحبْلِ مُخلوطاً بها الغَضَبُ

وقال القُطامي يذكر ثوراً وحشيّاً‏:‏

حَرِجاً وكَرَّ كُرُورَ صاحبِ نَجْدَةٍ، خَزِيَ الحَرائِرُ أَن يكونَ جَبانا

أَي اسْتَحَى‏.‏ قال‏:‏ والذي أَراد ابن شجرة بقوله لا تُخْزُوا الحورَ

العِين أَي

لا تَجْعَلُوهُنَّ يستحيين من فِعلكم وتَقْصيرِكم في الجِهاد، ولا

تَعَرَّضوُا لذلك منهن وانْْهَكُوا وجُوه القوْم ولا تُوَلُّوا عنهم‏.‏ وقال الليث‏:‏ رجل خَزْيانُ

وامرأَة خَزْيا، وهو الذي عمِل أَمراً قبيحاً فاشتَدَّ لذلك حياؤُه

وخَزايَتُه، والجمع الخَزايا؛ قال جرير‏:‏

وإِنَّ حِمىً لم يَحْمِهِ غيرُ فَرْتَنا، وغيرُ ابنِ ذي الكِيرَيْنِ، خَزْيانُ ضائِعُ

وقد يكون الخِزْيُ بمعنى الهلاك والوقوع في بَلِيَّةٍ؛ ومنه حديث شارب

الخمر‏:‏ أَخْزاهُ اللهُ، ويروى‏:‏ خَزَاهُ اللهُ أَي قَهَره‏.‏ يقال‏:‏ خَزاه

يخْزُوه‏.‏ وخازاني فلانٌ فَخَزَيْتُه أَخْزِيهِ‏:‏ كنتُ أَشَدَّ خِزْياً منه

وكَرِهْتُ أَنْ أَخْزِيَهُ‏.‏ وفي الدعاء‏:‏ اللهم احْشُرْنا غَيْرَ خَزَايا

ولا نادِمِينَ أَي غَيْرَ مُسْتَحْيِينَ من أَعمالنا‏.‏ وفي حديث وَفْدِ

عَبْدِ القَيْس‏:‏ غيرَ خزايا ولا نَدامى؛ خَزَايا‏:‏ جمع خَزْيانَ

وهو المُسْتَحْيي‏.‏ والخَزاءُ، بالمدّ‏:‏ نَبْتٌ‏.‏

خسا‏:‏ الخَسَا‏:‏ الفَرْد، وهي المَخاسي جمعٌ على غير قياس كمَسَاوٍ

وأَخواتِِها‏.‏ وتَخاسى الرجلان‏:‏ تَلاعَبا بالزَّوْج والفَرْد‏.‏ يقال‏:‏ خَساً أَو

زَكاً أَي فَرْد أَو زَوْج؛ قال الكميت‏:‏

مَكارِمُ لا تُحْصَى، إِذا نحْنُ لَمْ نَقُلْ

خَساً وزَكاً فِيما نَعُدُّ خِلالَها

الليث‏:‏ خَساً وزَكاً، فَخَساً كلمة مِحَْنَتُها أَفْرادُ الشيءِ، يُلْعَبُ بالجَوْزِ فيقال خَساً زَكاً، فَخَساً فَرْدٌ وزَكاً زَوْج، كما يقال شَفْعٌ ووِتْرٌ؛ قال رؤْبة‏:‏

لم يَدْرِ ما الزَّاكي مِنَ المُخاسِي

وقال رؤبة أَيضاً‏:‏

حَيْرانُ لا يَشْعُرْ من حَىْثُ أَتَى

عنْ قِبْضِ مَنْ لاقَى، أَخاسٍ أَمْ زَكا‏؟‏

يقول‏:‏ لا يَشْعُر أَفَرْدٌ هو أَم زَوْج‏.‏ قال‏:‏ والأَخاسي جمع خَساً‏.‏

الفراء‏:‏ العرب تقول للزوج زَكَا وللفَرْد خَسَا، ومنهم من يُلْحِقها بباب

فَتىً، ومنهم من يلحقها بباب زُفَرَ، ومنهم من يلحقها بباب سَكْرَى؛ قال‏:‏

وأَنشدتني الدُّبَيْرِيَّة‏:‏

كانوا خَساً أَو زَكاً من دونِ أَرْبعةٍ، لم يَخْلَقُوا وجُدُودُ الناسِ تَعْتَلِجُ

ويقال‏:‏ هو يُخَسِّي ويُزَكِّي أَي يَلْعب فيقول أَزَوْجٌ أَم فَرْد‏.‏

وتقول‏:‏ خَاسَيْتُ

فلاناً إِذا لاعبته بالجَوْزِ فَرْداً أَو زَوْجاً؛ وأَنشد ابن الأَعرابي في صفة فرس‏:‏

يَعْدُو عَلى خَمْسٍ قَوائِمُه زَكَا

أَراد‏:‏ أَن هذا الفرس يَعْدُو على خَمْسٍ من الأُتُن فيَطْرُدها، وقَوائمُه زَكَا أَي هي أَربع‏.‏ قال ابن بري‏:‏ لام الخَسا همزة‏.‏ يقال‏:‏ هو يُخاسِئُ يُقامِرُ، وإِنما ترك همزة خَساً إِتباعاً لِزَكاً؛ قال الكميت‏:‏ لأَدْنى خَساً أَو زَكاً من سِنِيك

إِلى أَرْبَعٍ، فَتقُولُ انْتِظارا

قال‏:‏ ويقال خَسَا زَكَا مثل خمسة عشر؛ قال‏:‏

وشَرُّ أَصْنافِ الشُّيوخِ ذُو الرّيا، أَخْنَسُ يَحْنُو ظَهْرَه، إِذا مَشى

الزُّورُ أَو مالُ اليَتِيمِ، عِنْدَه، لِعْبُ الصَّبِيِّ بالحَصى خَسَازَكا

وفي الحديث‏:‏ ما أَدْرِي كَمْ حدَّثني أَبي عن رسول الله، صلى الله عليه

وسلم، أَخَساً أَمْ زَكاً؛ يعني فَرْداً أَو زَوْجاً‏.‏ وتَخَاسَتْ قوائمُ

الدابة بالحَصَى أَي تَرامَتْ به؛ قال المُمَزَّق العبدي‏:‏

تَخاسى يَداها بالحَصَى وتَرُضُّه

بأَسْمَر صَرَّافِ، إِذا حَمَّ مُطْرِقُ‏.‏

أَراد بالأَسْمَر الصَّرَّافِ مَنْسِمَها‏.‏

خشي‏:‏ الخَشْيَة‏:‏ الخَوْف‏.‏ خَشِيَ الرجل يخْشى خَشْية أَي خاف‏.‏ قال ابن بري‏:‏ ويقال في الخَشْية الخَشَاةُ؛ قال الشاعر‏:‏

كأَغْلَبَ من أُسُودِ كِرَاءَ وَرْدٍ، يَرُدُّ خَشايَةَ الرَّجُل الظَّلوم

كِراءُ‏:‏ ثَنِيَّة بِيشَةَ‏.‏ ابن سيده‏:‏ خَشِيَه يَخْشاه خَشْياً وخَشْيَة

وخَشاةً ومَخْشاةً ومَخْشِيةً وخِشياناً وتَخَشَّاه كلاهما خافَهُ، وهو خاشٍ وخَشٍ وخَشْيانُ، والأُنثى خَشْيا، وجمعهما معاً

خَشايا، أَجروه مُجْرى الأَدْواء كحَباطَى وحَباجَى ونحوهما لأن الخَشْية كالدَّاء‏.‏ ويقال‏:‏ هذا المكان أَخْشى من ذلك أَي أَشدُّ خوفاً؛ قال العجاج‏:‏

قَطَعْت أَخْشاهُ إِذا ما أَحْبَجا

وفي حديث خالد‏:‏ أَنه لما أَخَذ الراية يومَ مُوته دَافَع الناسَ وخاشى

بهم أَي أَبْقى عليهم وحَذِر فانْحازَ؛ خاشى‏:‏ فاعَلَ من الخَشْية‏.‏

خاشَيْت فلاناً‏:‏ تارَكْته‏.‏ وقوله عز وجل‏:‏ فَخَشِينا أَن يُرْهِقَهما طُغياناً

وكُفراً؛ قال الفرّاء‏:‏ معنى فَخَشِينا أَن يُرْهِقَهما طُغياناً وكُفراً؛ قال الفرّاء‏:‏ معنى فَخَشينا أَي فعَلِمْنا، وقال الزجاج‏:‏ فَخَشِينا من كلام الخَضِر، ومعناه كَرِهْنا، ولا يجوز أَن يكون فَخَشِينا عن الله، والدليل على أَنه من كلام الخَضِر قوله‏:‏ فأَرَدْنا أَن يُبْدِلَهُما

ربُّهما، وقد يجوز أَن يكون فَخَشِينا عن الله عز وجل، لأَنّ الخَشْية من الله معناها الكَراهة، ومن الآدَمِيِّين الخوفُ، ويكون قوله حينئذ فأَرَدْنا

بمعنى أَراد الله‏.‏ وفي حديث ابن عمر‏:‏ قال له ابن عباس لقَد أَكْثَرْتَ من الدعاء بالموت حتى خَشِيتُ أَن يكونَ ذلك أَسْهَلَ لك عند نُزُوله؛ خَشِيت

هنا بمعنى‏:‏ رَجَوْت‏.‏ وحكى ابن الأَعرابي‏:‏ فَعَلْت ذلك خَشاةَ أَن يكون

كذا؛ وأَنشد‏:‏

فتَعَدَّيْتُ خَشاةً أَنْ يَرَى

ظالمٌ أَني كما كان زََعَمْ

وما حَمَلَه على ذلك إِلاَّ خِشْيُ

فلان‏.‏ وخَشَّاهُ بالأَمْر تَخْشِيَة أَي خَوَّفَه‏.‏ وفي المثل‏:‏ لقد

كُنْت وما أُخَشَّى بالذِّئْبِ‏.‏ ويقال‏:‏ خَشّ ذُؤَالَةَ بالحِبالة، يعني

الذئب‏.‏ وخاشاني فَخَشَيْتُه أَخْشِيهِ‏:‏ كنتُ أَشَدَّ منه خَشْيَةً‏.‏ وهذا

المكانُ أَخْشى من هذا أَي أَخْوَفُ، جاء فيه التعجبُ من المفعول، وهذا

نادر، وقد حكى سيبويه منه أَشياء‏.‏ والخَشِيُّ، على فَعِيلٍ، مثل

الحَشِيِّ‏:‏ اليابسُ من النَّبْتِ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

كأَنَّ صَوْتَ شُخْبِها، إِذا خَمى، صَوْتُ أَفاعٍ في خَشِيٍّ أَعْشَما

يَحْسَبُه الجاهلُ، ما كان عَما، شَيْخاً على كُرْسيِّه مُعَمَّما

لو أَنَّه أَبانَ أَو تَكَلَّما، لكان إِيَّاه، ولكن أَحْجَما

قال‏:‏ الخَشِيُّ اليابس العَفِنُ، قال‏:‏ وخَمى بمعنى خَمَّ، وقوله‏:‏ ما كان

عَمَا، يقول نظر إِليه من بُعْدٍ، شَبَّهَ اللبن بالشَّيْخِ؛ قال المنذري‏:‏ اسْتَثْبتُّ فيه أَبا العباس فقال يقال خَشِيّ وحَشِيّ؛ قال ابن سيده‏:‏ ويروى في حَشِيٍّ وهو ما فسد أََصله وعَفِنَ وهو في موضعه‏.‏ ويقال‏:‏

نَبْتٌ خَشِيٌّ وحَشِيٌّ أَي يابس‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ الخَشَا الزرع الأَسْود من البَرْد، والخَشْوُ الحَشَفُ من التَّمْر‏.‏ وخَشَت النخلةُ تَخْشُو

خَشْواً‏:‏ أَحْشَفَتْ، وهي لغة بَلْحرث بن كعب؛ وقول الشاعر‏:‏

إِنَّ بَني الأَسْودِ أََخْوالُ أَبي

فإِنَّ عندِي، لو رَكِبتُ مِسْحَلي، سَمَّ ذَرارِىحَ رِطابٍ وخَشِي

أَراد‏:‏ وخَشِيّ فحذَف إِحدى الياءين للضرورة، فمن حذف الأُولى اعتلَّ

بالزياد ة وقال‏:‏ حذفُ الزائد أَخف منْ حذف الأَصل، ومن حَذف الأَخيرة

فلأَنَّ الوزن إِنما ارتدع هنالك؛ وأَنشد ابن بري‏:‏

كأَنَّ صوتَ خِلْفِِها والخِلْفِ، والقادِمَيْن عند قَبْضِ الكَفِّ، صوتُ أَفاعٍ في خَشِيِّ القُفّ

قال‏:‏ قوله صوت خلِفها؛ والخلف مثل قول الآخر‏:‏

بَيْن فَكِّها والفَكِّ

وقول الشاعر‏:‏

ولقد خَشِيتُ بأَنَّ مَنْ تَبِعَ الهُدى *** سَكَنَ الجنانَ مع النبيِّ مُحَمَّدِ

قالوا‏:‏ معناه علمت، والله أَعلم‏.‏