فصل: (تابع: حرفي الواو والياء)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لسان العرب ***


‏[‏تابع‏:‏ حرفي الواو والياء‏]‏

دمي‏:‏ الدَّمُ من الأَخْلاطِ‏:‏ معروف‏.‏ قال أَبو الهيثم‏:‏ الدَّمُ اسم على

حَرْفَين، قال الكسائي‏:‏ لا أَعرف أَحداً يُثَقِّل الدمَ؛ فأَما قول

الهُذَلي‏:‏

وتَشْرَقُ من تَهْمالِها العَيْنُ بالدَّمِّ

مع قوله‏:‏ فالعَينُ دائِمَةُ السَّجْمِ، فهو على أَنه ثَقَّل في الوَقْفِ

فقال الدمّ فشدَّد، ثم اضطر فأَجْرى الوَصْل مُجْرى الوَقْفِ؛ كما قال‏:‏

بِبازِلٍ وجْنَاءَ أَو عَيْهَلِّ

قال ابن سيده‏:‏ ولا يجوز لأَحد أَن يقول إن الهذلي إنما قال بالدَّمِ، بالتخفيف، لأَن القصيدة من الضرب الأَول من الطويل؛ وأَوّلها‏:‏

أَرِقْتُ لِهَمٍّ ضافَني بَعْدَ هَجْعَةٍ

على خالِدٍ، فالْعَيْنُ دائِمَةُ السَّجْمِ

فقوله‏:‏ مَةُ السَّجْمِ مَفَاعِيلُنْ، وقوله‏:‏ نُ بالدَّمِّ مفاعيلُنْ، ولو قال‏:‏ نُ بالدَّمِ لجاء مفاعِلُنْ وهو لا يجيء مع مفاعيلن، وتثنيته

دَمانِ ودَمَيانِ؛ قال الشاعر‏:‏

لعَمْرُك إنَّني وأَبا رَباحٍ، على طولِ التَّجاوُرِ مُنذُ حِينِ

ليُبْغِضُني وأُبْغِضُه، وأَيْضاً

يَراني دُونَهُ، وأَراه دُوني

فلَوْ أَنَّا على حَجَرٍ ذُبِحْنا، جَرى الدَّميانِ بالخَبَرِ اليَقِينِ

فثناه بالياء، وأَما الدَّمَوانِ فشاذ سماعاً‏.‏ قال‏:‏ وتزعم العرب أن الرجُلَين المتعاديين إذا ذُبِحا لم تختلط دِمَاؤُهُما‏.‏ قال‏:‏ وقد يقال دَمَوانِ على المُعاقبة، وهي قليلة لأَن أَكثرَ حكمِ المُعاقَبة إنما هو قلب

الواو لأَنهم إنما يطلبون الأَخف، والجمع دِماءٌ

ودُمِيٌّ‏.‏ والدَّمَة أَخَصُّ من الدَّمِ كما قالوا بيَاضٌ وبَياضَة؛ قال ابن سيده‏:‏ القطعة من الدَّمِ دَمَةٌ واحدة‏.‏ قال‏:‏ وحكى ابن جني دَمٌ

ودَمَةٌ

مع كَوْكَبٍ وكَوْكَبَةٍ فأَشعر أَنَّهما لغتان‏.‏ وقال أَبو إسحق‏:‏ أَصله

دَمَيٌ، قال‏:‏ ودليل ذلك قوله دَمِيَتْ يَدُه؛ وقوله‏:‏

جَرَى الدَّمَيانِ بالخَبَرِ اليَقِين

ويقال في تصريفه‏:‏ دَمِيَتْ يَدي تَدْمى دَمىً، فيُظْهِرون في دَمِيَتْ

وتَدْمى الياءَ والأَلفَ اللتين لم يَجِدُوهُما في دَمٍ، قال‏:‏ ومثله

يَدٌأَصْلُها يَدَيٌ؛ قال ابن سيده‏:‏ وقال قوم أَصله دَمْيٌ إلا أَنه لما

حُذِف وردّ إليه ما حذف منه حركت الميم لتدل الحركة على أَنه اسْتُعْمِلَ

محذوفاً‏.‏ الجوهري‏:‏ قال سيبويه‏:‏ الدَّمُ أَصله دَمْيٌ

على فَعْلٍ، بالتسكين، لأَنه يُجْمع على دِماءٍ ودُمِيٍّ مثل ظَبْيٍ

وظِباء وظُبِيٍّ، ودَلْوٍ ودِلاءٍ ودُلِيٍّ، قال‏:‏ ولو كان مثل قَفاً وعَصاً

لم يُجْمع على ذلك‏.‏ قال ابن بري‏:‏ قوله في فُعُول إنه مختص بجمع فَعْلٍ

نحو دَمٍ ودُمِيٍّ ودَلْوٍ ودُلِيٍّ ليس بصحيح، بل قد يكون جمعاً لفَعَلٍ

نحو عَصاً وعُصِيٍّ وقَفاً وقُفِيٍّ وصفَاً وصُفِيٍّ‏.‏ قال الجوهري‏:‏

الدَّمُأَصله دَمَوٌ، بالتحريك، وإنما قالوا دَمِيَ يَدْمَى لِحالِ الكسرة التي

قبل الواو كما قالوا رَضِيَ يَرْضَى وهو من الرِّضوان‏.‏ قال ابن بري‏:‏

الدَّمُ لامُه ياء بدليل قول الشاعر‏:‏

جَرَى الدَّمَيان بالخَبَرِ اليَقِينِ

قال الجوهري‏:‏ وقال المبرد أَصله فَعَلٌ وإن جاء جمعه مخالفاً لنظائره، والذاهب منه الياء، والدليل عليها قولهم في تثنيته دَمَيان، أَلا ترى أن الشاعر لما اضْطُرَّ أَخرجه على أَصله فقال‏:‏

فَلَسْنا عَلى الأَعْقابِ تَدْمَى كُلُومُنا، ولَكِنْ على أَعْقابِنا يَقْطُرُ الدَّما

فأَخرجه على الأَصل‏.‏ قال‏:‏ ولا يلزم على هذا قولهم يَدْيانِ، وإن اتفقوا

على أَن تَقديرَ يَدٍ فَعْلٌ ساكنَة العين، لأَنه إنما ثُنِّيَ على لغة

من يقول لِلْيَد يَدَا، قال‏:‏ وهذا القول أَصح‏.‏ قال ابن بري‏:‏ قائل فَلَسْنا

على الأَعقاب هو الحُصَين بنُ الحَمامِ المُرِّي؛ قال‏:‏ ومثله قول جرير‏:‏

عَوى ما عَوى من غَيْرِ شيءٍ رَمَيْته

بقارِعَة أَنْفاذُها تَقْطُر الدَّما

قال‏:‏ أَنْفاذُها جمع نَفَذٍ من قول قيس بن الخَطِيم‏:‏

لها نَفَذٌ لَوْلا الشُّعاعُ أَضاءَها

وقال اللَّعِينُ المِنْقَري‏:‏

وأُخْذَلُ خِذْلاناً بِتَقْطِيعِيَ الصُّوى

إليكَ، وخُفٍّ راعِفٍ يَقْطُرُ الدَّما

قال‏:‏ ومثله قول علي، كرم الله وجهه‏:‏

لِمَنْ رايَةٌ سوداء يَخْفِقُ ظِلُّها، إذا قِيلَ‏:‏ قَدَّمْها حُضَيْنُ، تَقَدَّما

ويُورِدُها للطَّعْنِ، حتى يُعِلَّها

حِياضَ المَنايا تَقْطُر المَوْتَ والدِّما

وتصغير الدَّمِ دُمَيٌّ، والنسبة إليه دَمِيٌّ، وإن شئت دَمَويٌّ‏.‏

ويقال‏:‏ دَمِيَ الشيءُ يَدْمى دَمىً

ودُمِيّاً فهو دَمٍ، مثل فَرِقَ يَفْرَقُ فَرَقاً فهو فَرِقٌ، والمصدر

متفق عليه أَنه بالتحريك وإنما اختلفوا في الاسم‏.‏ وأَدْمَيْته ودَمَّيْته

تَدْمِيَةً إذا ضَرَبْتَه حتى خرج منه دَمٌ‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ وقد دَمِيَ

دَمىً وأَدْمَيْته ودَمَّيْته؛ أَنشد ثعلب قول رؤبة‏:‏

فلا تَكُوني، يا ابْنَةَ الأَشَمِّ، وَرْقاءَ دَمَّى ذِئْبُها المُدَمِّي

ثم فسره فقال‏:‏ الذئب إذا رأَى لصاحبه دماً أَقبل عليه ليأْكله فيقول‏:‏ لا

تكوني أَنتِ مثل ذلك الذئب؛ ومثله قول الآخر‏:‏

وكُنْت كذِئْبِ السُّوء لمَّا رأَى دَماً

بِصاحِبِه يوماً، أَحالَ على الدَّمِ

وفي المثل‏:‏ ولدُكَ مَنْ دمَّى عَقِبَيْك‏.‏ وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أَنه قال لأَبي مَريمَ الحَنَفِيِّ‏:‏ لأَنا أَشدُّ بُغْضاً لكَ من الأَرْضللدَّمِ؛ يعني أَنَّ الدم لا تشربه الأَرض ولا يَغُوص فِيها فجعَلَ

امْتِناعها منه بُغْضاً مجازاً‏.‏ ويقال‏:‏ إن أَبا مريم كان قَتَل أَخاه زيداً

يوم اليمامة‏.‏ والدَّامِيَة من الشِّجاجِ‏:‏ التي دَمِيَتْ ولم يَسِلْ بعدُ

منها دمٌ، والدامِعَة هي التي يَسِيلُ منها الدَّمُ‏.‏ وفي حديث زيد بن ثابت‏:‏ في الدَّامِيَة بَعيرٌ؛ الدَّامِيةُ‏:‏ شَجَّة تَشُقُّ الجِلْد حتى

يَظْهَر منها الدَّمُ، فإن قَطَر منها فهي دامِعةٌ‏.‏ واسْتَدْمى الرَّجلُ‏:‏

طَأْطَأْ رأْسَه يقْطُر منه الدَّم‏.‏ الأَصمعي‏:‏ المُسْتَدْمي الذي يَقْطُر من أَنْفِه الدَّمُ المُطَأْطِئُ رأسَه، والمُسْتَدْمي الذي يستخرج من غَريمهِ دَيْنَه بالرِّفْق‏.‏ وفي حديث العَقيقة‏:‏ يُحْلَقُ من رأْسِه

ويُدَمَّى، وفي رواية‏:‏ ويُسَمَّى‏.‏ وكان قتادة إذا سئل عن الدَّمِ كيف يُصْنَعُ

به‏؟‏ قال‏:‏ إذا ذُبِحَت العقيقة أُخِذَتْ منها صُوفة واسْتُقْبِلَتْ بها

أَوْداجُها، ثم تُوضَع على يافُوخِ الصَّبِيّ ليَسِيلَ على رأْسه مثلُ

الخَيْط، ثم يُغْسل رأْسُه بعدُ ويُحْلَقُ؛ قال ابن الأَثير‏:‏ أَخرجه أَبو داود

في السنن وقال هذا وَهَمٌ

من هَمَّامٍ، وجاءَ بتفسيره عن قتادة وهو مَنسوخ، وكان من فِعْلِ

الجاهلية، وقال‏:‏ ويُسَمَّى أَصَحُّ‏.‏ قال الخطابي‏:‏ إذا كان أَمَرهم بإماطَة

الأَذى اليابِس عن رأْس الصبي فكيف يأْمُرُهم بتَدْمِية رأْسِه والدم

نِجِسٌنجاسَة غليظة‏؟‏ وفي الحديث‏:‏ أَن رجلاً جاءَ ومَعَه أَرْنَبٌ

فوَضعَها بينَ يَديِ النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال إنِّي وجَدْتُها

تَدْمى أَي أَنَّها ترى الدَّمَ، وذلك لأَن الأَرْنَب تَحِيضُ كما تحيض

المرأَة‏.‏

والمُدَمَّى‏:‏ الثوبُ الأَحْمَر‏.‏ والمُدمَّى‏:‏ الشديد الشُّقْرة‏.‏ وفي التهذيب‏:‏ من الخَيْلِ الشديدُ الحُمْرَة شبه لَوْنِ الدَّمِ‏.‏ وكلُّ شيءٍ في لوْْنِهِ سَوادٌ وحُمْرة فهو مُدَمّىً‏.‏ وكل أَحْمَرَ شديد الحمرة فهو مُدَمّىً‏.‏ ويقال‏:‏ كُمَيْتٌ مُدَمّىً؛ قال طفيل‏:‏

وكُمْتاً مُدَمَّاةً كأَنَّ مُتُونَها

جَرى فَوْقَها، واسْتَشْعَرَتْ لون مُذْهَب

يقول‏:‏ تضرب حُمْرَتُها إلى الكُلْفة ليست بشديدة الحمرة‏.‏ قال أبو عُبيدَةَ‏:‏ كُمَيْتٌ مُدَمّىً إذا كان سوادُه شديدَ الحُمرة إلى مَراقِّه‏.‏

والأَشْقَرُ المُدَمَّى‏:‏ الذي لَوْنُ أَعلى شعْرَتِه يَعْلُوها صُفْرَةٌ

كَلوْنِ الكُمَيْت الأَصْفَرِ‏.‏ والمُدَمَّى من الأَلْوانِ‏:‏ ما كان فيه

سوادٌ‏.‏ والمُدَمَّى من السِّهام‏:‏ الذي تَرْمي به عَدُوَّك ثم يَرْمِيكَ

به؛ وكان الرجل إذا رمى العَدُوَّ بسَهْمٍ فأَصاب ثم رماه به العَدُوُّ

وعَلَيْه دَمٌ

جَعَله في كِنانَتِه تَبَرُّكاً به‏.‏ ويقال‏:‏ المُدَمَّى السهم الذي

يَتَعاوَرُه الرُّماة بينَهُم وهو راجِع إلى ما تَقدَّم‏.‏ وفي حديث سعد قال‏:‏

رَمَيْتُ يوْمَ أُحْدٍ رَجلاً بِسهْمٍ فقَتَلْتُه ثم رُمِيت بذلك السَّهْم

أَعْرِفُه حتى فَعَلْتُ ذلك وفعلُوه ثلاث مرات، فقلت‏:‏ هذا سَهْمٌ مبارك

مُدَمّىً فجعلته في كِنانَتي، فكان عنده حتى مات؛ المُدَمَّى من السِّهامِ‏:‏ الذي أَصابه الدَّمُ فحصَل في لوْنِه سَوادٌ وحمرة مما رُمِيَ به العَدُوّ؛ قال‏:‏ ويطلق على ما تَكَرّر به الرمي، والرماة يتَبرَّكون به؛ وقال بعضهم‏:‏ هو مأخُوذٌ

من الدَّامياء وهي البَرَكَة؛ قال شمر‏:‏ المُدَمَّى الذي يرمي به الرجلُ

العدُوَّ ثم يرْميه العَدُوّ بذلك السهم بعينه‏:‏ قال‏:‏ كأَنه دُمِّيَ

بالدَّمِ حين وقَع بالمَرْمِيِّ‏.‏ والمُدمَّى‏:‏ السهم الذي عليه حُمْرة الدَّمِ

وقد جَسِدَ به حتى يضرِبَ إلى السَّواد‏.‏ ويقال‏:‏ سُمِّيَ مُدَمّىً لأَنه

احْمَرَّ من الدَّمِ‏.‏ وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم في بَيْعة

الأَنْصار، رضي الله عنهم‏:‏ أَنَّ الأنْصار لمَّا أَرادُوا أَن يُبايعُوه

بَيْعَةَ العَقَبَة بمَكَّة قال أَبو الهَيْثَمِ بنُ التِّيَّهان إنَّ بينَنا

وبينَ القَوْم حِبالاً ونَحْنُ قاطِعُوها، ونَخْشى إنِ اللهُ أَعَزَّك

وأَظْهَرَكَ أَنْ تَرْجِعَ إلى قَوْمِكَ، فتَبَسَّمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وقال‏:‏ بَلِ الدَّمُ الدَّمُ والهَدْمُ الهَدْمُ، أُحارِبُ من حارَبْتُمْ وأُسالِمُ منْ سالَمْتُمْ، ورواه بعضهم‏:‏ بَل اللَّدَمُ

اللَّدَمُ والهَدَمُ الهَدَمُ، فمن رواه بل الدَّمُ فإن ابن الأَعرابي قال‏:‏

العرب تقول دَمي دَمُكَ وهَدْمي هَدْمُك في النُّصْرَة أَي إِن ظِلَمْت فقد

ظُلِمْت؛ وأَنشد للعُقَيْلي‏:‏

دَماً طَيِّباً يا حَبَّذا أَنتَ مِنْ دَمِ

قال أَبو منصور‏:‏ وقال الفراء العرب تدخل الأَلف واللام اللتين للتعريف

على الإسم فتقومان مقام الإضافة كقول الله عز وجل‏:‏ فأَمَّا مَنْ طَغى

وآثَرَ الحياة الدُّنْيا فإنَّ الجحيمَ هي المَأْوى؛ أَي أَنَّ الجحيم

مَأْواهُ؛ وكذلك قوله‏:‏ فإنَّ الجنَّة هي المَأْوى؛ المعنى فإن الجنةَ مأْواه، وقال الزجاج‏:‏ معناه فإن الجنة هي المأْوى له، قال‏:‏ وكذلك هذا في كل

اسْمَيْن يدلان على مثل هذا الإضمار، فعلى قول الفراء قوله الدَّمُ الدَّمُ أَي

دَمُكُمْ دمِي وهَدْمُكُم هَدْمي وأَنْتُمْ تُطْلَبُون بدَمي وأطْلَبُ

بدَمِكم ودَمِي ودمُكُمْ شيء واحد، وأَما من رواه بَل اللَّدَمُ اللَّدَمُ

والهَدَمُ الهَدَمُ فكل منهما مذكور في بابه‏.‏ وفي حديث ثُمامة بن أُثالٍ‏:‏ إنْ تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذا دَمٍ أَي مَنْ هو مُطالَبٌ

بدمٍ أَو صاحب دمٍ مَطْلُوبٍ، ويروى‏:‏ ذا ذِمٍّ، بالذال المعجمة، أَي

ذِمامٍ وحُرْمة في قومه، وإذا عَقَد ذِمَّة وُفِّي له‏.‏ وفي حديث قتل كَعْب

بن الأَشْرفِ‏:‏ إنِّي لأَسْمَع صوتاً كأَنه صَوْتُ دمٍ أَي صَوْتُ طالِبٍ

دَمٍ يَسْتَشْفي بقتله‏.‏ وفي حديث الوليد بن المُغِيرَة‏:‏ والدَّمِ ما هو بشاعر، يعني النبي، صلى الله عليه وسلم؛ هذه يَمينٌ

كانوا يحلفون بها في الجاهلية يعني دَمَ ما يُذْبَح على النُّصُبِ‏.‏ ومنه

الحديث‏:‏ لا والدِّماءِ أَي دماءِ الذِّبائِحِ، ويُرْوى‏:‏ لا والدُّمى، جمع دُمْيَةٍ وهي الصورة ويريد بها الأَصْنام‏.‏ والدَّمُ‏:‏ السِّنَّوْرُ؛ حكاه النَّضْر في كتاب الوُحوش؛ وأَنشد كراع‏:‏

كَذاك الدَّمُّ يأْدُو للْعَكابِرْ

العَكابِرْ‏:‏ ذكور اليرابيع‏.‏ ورجلٌ دامي الشِّفَة‏:‏ فقِيرٌ؛ عن أَبي

العَمَيْثل الأَعرابي‏.‏

ودَمُ الغِزْلان‏:‏ بَقْلَةٌ

لها زهرة حَسَنة‏.‏ وبناتُ دَم‏:‏ نَبْتٌ‏.‏ والدُّمْيَةُ‏:‏ الصَّنَم، وقيل‏:‏

الصورة المُنَقَّشة العاجُ ونحوه، وقال كُراع‏:‏ هي الصورة فعَمَّ بها‏.‏ ويقال للمرأََة‏:‏ الدُّمْيَةُ، يكنى عن المرأة بها، عربية، وجمع الدُّمْيةِ

دُمىً؛ وقول الشاعر‏:‏

والبِيضَ يَرْفُلْنَ في الدُّمى

والرَّيْطِ والمُذْهَبِ المَصُونِ

يعني ثياباً فيها تصاوير؛ قال ابن بري‏:‏ الذي في الشعر كالدُّمى، والبيضَ

منصوب على العطف على اسم إن في البيت قبله، وهو‏:‏

إنَّ شِوَاءً ونَشْوَةً

وخَبَبَ البازِلِ الأَمُونِ

ودَمَّى الراعي الماشِيَةَ‏:‏ جعَلَها كالدُّمَى؛ وأَنشد أَبو العلاء‏:‏

صُلْبُ العَصا بِرَعْيِه دَمَّاها، يَوَدُّ أَنَّ اللهَ قَدْ أَفْناها

أَي أَرعاها فسمنت حتى صارت كالدُّمى، وفي صفته، صلى الله عليه وسلم‏:‏

كأَن عُنُقَه عُنُقُ دُمْيةٍ؛ الدُّمْية‏:‏ الصورة المصورة لأَنها

يُتَنَوَّقُ في صَنْعتِها ويُِبالَغُ في تَحْسِينِها‏.‏ وخُذْ ما دَمَّى لك أَي

ظَهَرَ لك‏.‏ ودَمَّى له في كذا وكذا إذا قَرَّب؛ كلاهما عن ثعلب‏.‏

الليث‏:‏ وبَقْلَةٌ

لها زَهْرة يقال لها دُمْيةُ الغِزْلانِ‏.‏ وساتي دَمَا‏:‏ اسم جبل‏:‏ يقال‏:‏

سُمِّي بذلك لأَنه ليس من يوم إلا ويُسْفَكُ عليه دَمٌ

كأَنهما إسمان جعلا إسماً واحداً؛ وأَنشد سيبويه لعمرو بن قميئة‏:‏

لمَّا رأَتْ ساتي دَمَا اسْتَعْبرَتْ، للهِ دَرُّ، اليَوْمَ، مَنْ لامَها

وقال الأَعشى‏:‏

وهِرَقْلاً، يَوْمَ ذي ساتي دَمَا، مِنْ بَني بُرْجانَ ذي البَأْسِ رُجُحْ‏.‏

وقد حذف يزيدُ بن مفرّغ الحِمْيَري منه الميم بقوله‏:‏

فَدَيْرُ سُوىً فساتي دا فبُصْرَى

وهم الأَخَويْنِ‏:‏ العَنْدَمُ‏.‏

دنا‏:‏ دَنا من الشيء دنُوّاً ودَناوَةً‏:‏ قَرُبَ‏.‏ وفي حديث الإيمان‏:‏

ادْنُهْ؛ هو أَمْرٌ بالدُّنُوِّ والقُرْبِ، والهاء فيه للسكت، وجيءَ بها لبيان

الحركة‏.‏ وبينهما دناوة أَي قَرابة‏.‏ والدَّناوةُ‏:‏ القَرابة والقُربى‏.‏

ويقال‏:‏ ما تَزْدادُ منِّا إلا قُرْباً ودَناوةً؛ فرق بين مصدرِ دنا ومصدر

دَنُؤَ، فجعل مصدر دَنا دَناوةً ومصدر دَنُؤَ دَناءَةً؛ وقول ساعدة بن جُؤيَّة يصف جبلاً‏:‏

إذا سَبَلُ العَماء دَنا عليه، يَزِلُّ بِرَيْدِهِ ماءٌ زَلولُ

أَراد‏:‏ دَنا منه‏.‏ وأَدْنَيْته ودَنَّيْته‏.‏ وفي الحديث‏:‏ إذا أكَلْتُم

فسَمُّوا الله ودَنُّوا وسَمِّتُوا؛ معنى قوله دَنُّوا كُلُوا مم يَلِيكُم

وما دَنا منكم وقرب منكم، وسمِّتُوا أَي ادْعُوا للُمطْعِم بالبركة، ودَنُّوا‏:‏ فِعْلٌ من دَنا يَدْنُو أَي كُلُوا مما بين أَيدِيكم‏.‏ واسْتَدْناه‏:‏

طلب منه الدُّنُوَّ، ودنَوْتُ منه دُنُوّاً وأَدْنَيْتُ غيري‏.‏ وقال الليث‏:‏ الدُّنُوُّ غيرُ مهموز مصدرُ دَنا يَدْنُو فهو دانٍ، وسُمِّيت

الدُّنْيا لدُنُوِّها، ولأَنها دَنتْ وتأَخَّرَت الآخرة، وكذلك السماءُ الدُّنْيا

هي القُرْبَى إلينا، والنسبة إلى الدُّنيا دُنياوِيٌّ، ويقال دُنْيَوِيٌّ ودُنْيِيٌّ؛ غيره‏:‏ والنسبة إلى الدُّنيا دُنْياوِيٌّ؛ قال‏:‏ وكذلك

النسبة إلى كل ما مُؤَنَّتُه نحو حُبْلَى ودَهْنا وأَشباه ذلك؛ وأَنشد‏:‏

بوَعْساء دَهْناوِيَّة التُّرْبِ طَيِّب

ابن سيده‏:‏ وقوله تعالى ودَانِيةً عليهم ظِلالُها؛ إنما هو على حذف

الموصوف كأنه قال وجزاهم جَنَّة دانيةً عليهم فحذف جنة وأَقام دانية مُقامها؛ ومثله ما أَنشده سيبويه من قول الشاعر‏:‏

كأنَّكَ من جِمالِ بَني أُقَيْشٍ، يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ

أَراد جَمَلٌ من جمالِ بن أُقَيْشٍ‏.‏ وقال ابن جني‏:‏ دانِيةً عليهم

ظِلالُها، منصوبة على الحال معطوفة على قوله‏:‏ متكئين فيها على الأَرائِك؛ قال‏:‏

هذا هو القول الذي لا ضرورة فيه؛ قال وأَما قوله‏:‏

كأَنَّك من جِمالِ بَني أُقَيْشٍ

البيت، فإنما جاز ذلك في ضرورة الشِّعْر، ولو جاز لنا أَن نَجِدَ من بعض المواضع اسماً لجعلناها اسماً ولم نحمل الكلام على حذف الموصوف وإقامة

الصفة مقامه، لأَنه نوع من الضرورة، وكتاب الله تعالى يَجِلّ عن ذلك؛ فأَما قول الأَعشى‏:‏

أَتَنْتَهُون ولَنْ يَنْهَى ذَوي شَطَطٍ، كالطَّعْنِ يَذْهَبْ فيه الزَّيْتُ والفُتُلُ

فلو حملته على إقامة الصفة موضع الموصوف لكان أَقبح من تأَوُّل قوله

تعالى‏:‏ ودانية عليهم ظلالها؛ على حذف الموصوف لأَن الكاف في بيت الأَعشى هي الفاعلة في المعنى، ودانيةً في هذا القول إنما هي مَفْعول بها، والمفعول

قد يكون اسماً غير صريح نحو ظَنَنْتُ زيداً يقوم، والفاعل لا يكون إلا

إسماً صريحاً محضاً، فَهُمْ على إمْحاضه إسماً أَشدُّ مُحافظة من جميع

الأَسماء، أَلا ترى أَن المبتدأ قد يقع غيرَ اسمٍ محضٍ وهو قوله‏:‏ تَسْمَعُ

بالمُعَيْديِّ خيرٌ من أَن تَراهُ‏؟‏ فتسمع كما ترى فعل وتقديره أَن تسمع، فحذْفُهم أن ورفْعُهُم تَسمعُ يدل على أَن المبتدأ قد يمكن أَن يكون عندهم غيرَ اسمٍ صريح، وإذا جاز هذا في المبتدأ على قُوَّة شبِهه بالفاعل في المفعول الذي يبعُد

عنهما أَجْوَزُ؛ فمن أَجل ذلك ارتفع الفعل في قول طَرَفة‏:‏

أَلا أَيُّهَذا الزَّاجِرِي أَحْضُرُ الوَغَى، وأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ، هلْ أَنتَ مُخلِدي‏؟‏

عند كثير من الناس، لأَنه أَراد أَنْ أَحْضُرَ الوَغَى‏.‏ وأَجاز سيبويه

في قولهم‏:‏ مُرْهُ يَحْفِرُها أَن يكون الرفعُ على قوله أَنْ يَحْفِرَها، فلما حُذِفت أَن ارتفع الفعل بعدها، وقد حَمَلَهم كثرةُ حذفِ أَن مع غير

الفاعل على أَن اسْتَجازُوا ذلك فيما لم يُسَمَّ فاعِلُه،وإِن كان ذلك

جارياً مَجْرى الفاعل وقائماً مقامه؛ وذلك نحو قول جميل‏:‏

جَزِعْتُ حِذارَ البَيْنِ، يَوْمَ تَحَمَّلُوا، وحُقَّ لِمِثْلي، يا بُثَيْنَةُ، يَجْزَعُ

أَراد أَن يَجْزَع، على أَن هذا قليل شاذ، على أَنّ حذف أَنْ قد كثُر في الكلام حتى صار كلا حَذْفٍ، أَلا ترى أَن جماعة استَخَفّوا نصف أَعْبُدَ

من قوله عزّ اسمُه‏:‏ قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تأْمُرُونِّي أَعْبُدَ‏؟‏ فلولا

أَنهم أَنِسُوا بحَذْفِ أَنْ من الكلام وإِرادَتِها لَمَا اسْتَخَفُّوا

انْتِصابِ أَعْبُدَ‏.‏ ودَنَت الشمسُ للغُروبِ وأَدْنَت، وأَدْنَت

النَّاقَةُ إِذا دَنا نِتاجُها‏.‏

والدُّنْيا‏:‏ نَقِيضُ الآخرة، انْقَلَبت الواو فيها ياءً لأَن فُعْلى

إِذا كانت اسماً من ذوات الواو أُبدلت واوُها ياءً، كما أُبدلت الواو مكان

الياء في فَعْلى، فأَدخَلوها عليها في فُعْلى ليَتكافآ في التغيير؛ قال ابن سيده‏:‏ هذا قول سيبويه، قال‏:‏ وزدته أَنا بياناً‏.‏ وحكى ابن الأَعرابي‏:‏ ما له دُنْياً ولا آخِرةٌ، فنَوّن دُنْياً تشبيهاً لها بفُعْلَلٍ، قال‏:‏

والأَصل أَن لا تُصْرَفَ لأَنها فُعْلى، والجمع دُناً مثل الكُبْرى والكُبَر

والصُّغْرى والصُّغَر، قال الجوهري‏:‏ والأَصل دُنَوٌ، فحذفت الواو

لاجتماع الساكنين؛ قال ابن بري‏:‏ صوابه فقلبت الواو أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الأَلف لالتقاء الساكنين، وهما الأَلف والتنوين‏.‏ وفي حديث

الحج‏:‏ الجَمْرة الدُّنْيا أَي القَرِيبة إِلى مِنىً، وهي فُعْلى من الدُّنُوِّ‏.‏ والدُّنْيا أَيضاً‏:‏ اسمٌ لهذه الحَياةِ لبُعْدِ الآخرة عَنْها، والسماء الدُّنْيا لقُرْبها من ساكِني الأَرْضِ‏.‏ ويقال‏:‏ سماءُ الدُّنْيا، على الإِضافة‏.‏ وفي حديث حَبْسِ الشمسِ‏:‏ فادَّنى بالقَرْيَةِ؛ هكذا جاء في مسلم، وهو افْتَعَلَ من الدُّنُوِّ، وأَصلُه ادْتَنى فأُدْغِمَتِ التاءُ

في الدالِ‏.‏ وقالوا‏:‏ هو ابن عَمّي دِنْيَةً، ودِنْياً، منوَّنٌ، ودِنْيَا، غير مُنَوَّنٍ، ودُنْيَا، مقصور إِذا كان ابنَ عَمِّه لَحّاً؛ قال اللحياني‏:‏ وتقال هذه الحروف أَيضاً في ابنِ الخالِ والخالَةِ، وتقال في ابن العَمَّة أَيضاً‏.‏ قال‏:‏ وقال أَبو صَفْوانَ هو ابنُ أَخِيه وأُخْتِه

دِنْيَا، مثل ما قيل في ابن العَمِّ وابنِ الخالِ، وإِنما انْقَلَبت الواو في دِنْيةً ودِنْياً ياء

لمجاورةِ الكسرةِ وضعفِ الحاجِزِ، ونَظِيرُهُ فِتْيةٌ وعِلْيَةٌ، وكأن أَصلَ ذلك كلِّه دُنْيا أَي رَحِماً أَدْنى إِليَّ من غيرها، وإِنما

قَلَبوا ليَدُلّ ذلك على أَنه ياءُ تأْنيثِ الأَدْنى، ودِنْيَا داخلة عليها‏.‏

قال الجوهري‏:‏ هو ابن عَمٍّ دِنْيٍ ودُنْيَا ودِنْيا ودِنْية‏.‏ التهذيب‏:‏

قال أَبو بكر هو ابن عمٍّ دِنْيٍ ودِنْيةٍ ودِنْيا ودُنْيا، وإِذا قلت

دنيا، إِذا ضَمَمْت الدال لَم يَجُز الإِجْراءُ، وإِذا كسرتَ الدالَ جازَ

الإِجْراءُ وتَرك الإِجْراء، فإِذا أَضفت العمَّ إِلى معرفة لم يجز الخفض

في دِنْيٍ، كقولك‏:‏ ابن عمك دِنْيٌ ودِنْيَةٌ وابن عَمِّكَ دِنْياً لأن دِنْياً نكرة ولا يكون نعتاً لمعرفة‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ والدُّنا ما قرُبَ من خَيْرٍ أَو شَرٍّ‏.‏

ويقال‏:‏ دَنا وأَدْنى ودَنَّى إِذا قَرُبَ، قال‏:‏ وأَدْنى إِذا عاشَ

عَيْشاً ضَيِّقاً بعد سَعَةٍ‏.‏ والأَدْنى‏:‏ السَّفِلُ‏.‏ أَبو زيد‏:‏ من أَمثالهم

كلُّ دَنِيٍّ دُونَه دَنِيٌّ، يقول‏:‏ كلُّ قريبٍ وكلُّ خُلْصانٍ دُونَه

خُلْصانٌ‏.‏ الجوهري‏:‏ والدَّنِيُّ القَريب، غيرُ مهموزٍ‏.‏ وقولهم‏:‏ لقيته أَدْنى

دَنيٍّ أَي أَوَّلَ شيء، وأَما الدنيءُ بمعنى الدُّونِ فمهموز‏.‏ وقال ابن بري‏:‏ قال الهروي الدَّنيُّ الخَسِيسُ، بغير همز، ومنه قوله سبحانه‏:‏

أَتَسْتَبْدِلون الذي هو أَدْنى؛ أَي الذي هو أَخَسُّ، قال‏:‏ ويقوِّي قوله كونُ

فعله بغير همز، وهو دَنِيَ يَدْنى دَناً ودَنايَةً، فهو دَنيٌّ‏.‏

الأَزهري في قوله‏:‏ أَتَسْتَبْدلون الذي هو أَدْنى؛ قال الفراءُ هو من الدَّناءَةِ؛ والعرب تقول إِنه لَدَنيٌّ يُدَنِّي في الأُمورِ تَدْنِيَةً، غير

مَهموزٍ، يَتْبَع خسيسَها وأَصاغرَها، وكان زُهَير الفُرْقُبيُّ يهمز

أَتَسْتَبْدلون الذي هو أَدْنى، قال الفراء‏:‏ ولم نَرَ العرب تهمز أَدْنى إِذا

كان من الخِسَّةِ، وهم في ذلك يقولون‏:‏ إِنه لَدانئٌ خبيث، فيهمزون‏.‏ وقال الزجاج في معنى قوله أَتستبدلون الذي هو أَدْنى، غير مَهْموزِ‏:‏ أَي

أَقْرَبُ، ومعنى أَقْرَبُ أَقلُّ قيمةً كما تقول ثوب مُقارِبٌ، فأَما الخسيس

فاللغة فيه دَنُؤَ دَناءةً، وهو دَنيءٌ بالهمز، وهو أَدْنَأُ منه‏.‏ قال أَبو منصور‏:‏ أَهل اللغة لا يهمزون دَنُوَ في باب الخِسَّة، وإِنما يهمزونه

في باب المُجون والخُبْثِ‏.‏ قال أَبو زيد في النوادر‏:‏ رجل دَنيءٌ من قوم

أَدْنِياءَ، وقد دَنُؤَ دَناءَةً، وهو الخَبيث البَطْنِ والفَرْجِ‏.‏ ورجل

دَنيٌّ من قوم أَدْنِياءَ، وقد دَنَي يَدْنى ودَنُوَ يَدْنُو دُنوّاً‏:‏ وهو الضعيف الخَسيسُ الذي لا غَناء عنده المُقَصِّرُ في كلِّ ما أَخَذَ فيه؛ وأَنشد‏:‏

فلا وأَبِيك ما خُلُقي بوَعْرٍ، ولا أَنا بالدَّنِّي ولا المُدَنِّي

وقال أَبو الهيثم‏:‏ المُدَنِّي المُقَصِّر عما ينبغي له أَن يَفْعَله؛ وأَنشد‏:‏

يا مَنْ لِقَوْمٍ رأْيُهُم خَلْفٌ مُدَنْ

أَراد مُدَنِّي فَقَيَّد القافية‏.‏

إِن يَسْمَعُوا عَوْراءَ أصَْغَوْا في أَذَنْ

ويقال للخسيس‏:‏ إِنه لَدنيٌّ من أَدْنِياءَ، بغير همز، وما كان دَنِيّاً

ولَقَدْ دَنِيَ يَدْنى دَنىً ودَنايَةً‏.‏ ويقال للرجل إِذا طَلَب أَمراً

خسيساً‏:‏ قد دَنَّى يُدَنِّي تَدْنِية‏.‏ وفي حديث الحُدَيْبِيَة‏:‏ علامَ

نُعْطِي الدَّنِيَّة في دِينِنا أَي الخَصْلَة المَذْمُومَة؛ قال ابن الأَثير‏:‏ الأَصل فيه الهمز، وقد يخفف، وهو غير مهموز أَيضاً بمعنى الضعيف

الخسيس‏.‏ تَدَنَّى فلان أَي دَنا قَلِيلاً‏.‏ وتَدانَوْا أَي دَنا بعضهم من بعض‏.‏

وقوله عز وجل‏:‏ ولَنُذِيقَنَّهم من العَذاب الأَدْنى دون العَذاب

الأَكْبَر؛ قال الزجاج‏:‏ كلُّ ما يُعَذَّبُ به في الدنيا فهو العذابُ الأَدْنى، والعذابُ الأَكْبَر عذابُ الآخِرةِ‏.‏ ودانَيْت الأَمْرَ‏:‏ قارَبْته‏.‏ ودانَيْت

بَيْنَهما‏:‏ جَمَعْت‏.‏ ودانَيْت بَيْنَ الشَّيْئَيْن‏:‏ قَرَّبْت بَيْنَهما

ودانَيْتُ القَيْدَ في البَعيرِ أَو لِلْبَعير‏:‏ ضَيَّقْته عليه، وكذلك

دَانى القَيْدُ قَيْنَيِ البَعِير؛ قال ذو الرمة‏:‏

دَانى لهُ القَيْدُ، في دَيْمُومَةٍ قُذُفٍ، قَيْنَيْهِ، وانْحَسَرَتْ عَنْه الأَناعِيمُ

وقوله‏:‏

ما لي أَراهُ دانِفاً قدْ دُنْيَ لهْ

إِنما أَراد قد دُنِيَ لهُ‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ وهو من الواو من دَنَوْتُ، ولكن الواو قلبت ياء من دُنِيَ لانكسار ما قبلها، ثم أُسْكِنَت النون فكان

يجب، إِذْ زالت الكسرة، أَن تعود الواو، إِلا أَنه لما كان إِسكان النون

إِنما هو للتخفيف كانت الكَسْرَة المنويَّة في حكم الملفوظ بها، وعلى

هذا قاس النحويون فقالوا في شَقِيَ قد شَقْيَ، فتركوا الواوَ التي هي لامٌ

في الشِّقْوة والشَّقاوة مقلوبة، وإِن زالت كسرة القاف من شَقِيَ، بالتخفيف، لما كانت الكسرةُ مَنْويَّةً مقدرة، وعلى هذا قالوا لقَضْوَ الرجلُ، وأَصله من الياء في قَضَيْت، ولكنها قُلِبت في لقَضُو لانضمام الضاد

قبلها واواً، ثم أَسكنوا الضاد تخفيفاً فتركوا الواو بحاله ولم يردّوها إِلى

الياء، كما تركوا الياء في دنيا بحالها ولم يردّوها إِلى الواو، ومثله من كلامهم رَضْيُوا، قال ابن سيده‏:‏ حكاه سيبويه بإِسكان الضاد وترك الواو

من الرضوان ومر صريحاً لهؤلاء، قال‏:‏ ولا أَعلم دُنْيَ بالتخفيف إِلا في هذا البيت الذي أَنشدناه، وكان الأَصمعي يقول في هذا الشعر الذي فيه هذا

البيت‏:‏ هذا الرجز ليس بعتيق كأَنه من رَجَز خَلَفٍ الأَحمر الأَحمر أَو

غيره من المولدين‏.‏ وناقَةٌ مُدْنِيةٌ ومُدْنٍ‏:‏ دَنا نِتاجُها، وكذلك

المرأَة‏.‏ التهذيب‏:‏ والمُدَنِّي من الناس الضعيف الذي إِذا آواه الليلُ لم يَبْرَحْ ضعفاً وقد دَنَّى في مَبِيِتِه؛ وقال لبيد‏:‏

فيُدَنِّي في مَبِيتٍ ومحَلّ

والدَّنِيُّ من الرجال‏:‏ الساقط الضعيف الذي إِذا آواه الليل لم يَبْرَحْ

ضَعْفاً، والجمع أَدْنِياءُ‏.‏ وما كان دَنِيّاً ولقد دَنِيَ دَناً

ودَنايَة ودِنايَة، الياء فيه منقلبة عن الواو لقرب الكسرة؛ كل ذلك عن

اللحياني‏.‏ وتَدانَتْ إِبلُ الرجل‏:‏ قَلَّت وضَعُفَت؛ قال ذو الرمة‏:‏

تَباعَدْتَ مِني أَنْ رأَيْتَ حَمُولِتي

تَدانَتْ، وأَنْ أَحْنَى عليكَ قَطِيعُ

ودَنَّى فلانٌ‏:‏ طَلَبَ أَمْراً خسِيساً، عنه أَيضاً‏.‏ والدَّنا‏:‏ أَرض

لكَلْب؛ قال سَلامة بن جَنْدل‏:‏

من أَخْدَرِيَّاتِ الدَّنا التَفَعَتْ له

بُهْمَى الرِّفاغِ، ولَجَّ في إِحْناقِ

الجوهري‏:‏ والدَّنا موضع بالبادية؛ قال‏:‏

فأَمْواهُ الدَّنا فعُوَيْرِضاتٌ

دَوارِسُ بعدَ أَحْياءٍ حِلالِ

والأَدْنيانِ‏:‏ واديانِ‏.‏ ودانِيا‏:‏ نبيٌّ

من بني إِسرائيل يُقال له دانِيالُ‏.‏

دها‏:‏ الدَّهْوُ والدَّهاءُ‏:‏ العقل، وقد دَهِيَ فلانٌ يَدْهَى ويَدْهو دَهاءً ودَهاءَةً ودَهْياً، فهو داهٍ من قوم دُهاةٍ، ودَهُوَ دَهاءةً، فهو دَهِيٌّ من قوم أَدْهِياءَ ودُهَواءَ، ودَهِي دَهىً، فهو دَهٍ من قوم

دَهِينَ‏.‏ التهذيب‏:‏ وإِنَّه لَداهٍ ودهِيٌّ ودَهٍ، فمن قال دَاهٍ قال من قومٍ دُهاةٍ، ومن قال دَهِيٌّ قال من قوم أَدْهِياءَ، ومن قال دَهٍ قال من قوم دَهِينَ مثل عَمِينَ‏.‏ ودَهاهُ دَهْواً‏:‏ نَسبَه إِلى الدَّهاءِ‏.‏

وأَدْهاهُ‏:‏ وجَدَه داهِياً‏.‏ التهذيب‏:‏ الدَّهْوُ والدَّهْيُ لغتان في الدَّهاءِ‏.‏

يقال‏:‏ دَهَوْتُه ودَهَيْته، فهو مَدْهُوٌّ ومَدْهِيٌّ‏.‏ ودَهَيْته

ودَهَوْته‏:‏ نسَبْته إِلى الدَّهاءِ‏.‏ ودَهاهُ دَهْياً ودَهَّاهُ‏:‏ نسبَه إِلى

الدَّهاء‏.‏ وأَدْهاهُ‏:‏ وجَدَهُ داهية‏.‏ ابن سيده‏:‏ الدَّهْيُ والدَّهاءُ

الإِرْبُ‏.‏ ورجلٌ داهٍ وداهيةٌ، الهاء للمبالغة‏:‏ عاقل‏.‏ وفي التهذيب‏:‏ رجل داهِية

أَي مُنْكَرٌ بَصِيرٌ بالأُمور‏.‏ والداهِية‏:‏ الأَمرُ المُنْكَر العظيم‏.‏

وقولهم‏:‏ هي الداَّهِية الدَّهْواء بالَغُوا بها، والمصدر الدَّهاءُ تقول‏:‏

ما دهاك أَي ما أَصابك‏.‏ وكلُّ ما أَصابكَ من مُنْكَرٍ من وَجْهِ

المَأْمَنِ فقد دَهاكَ دَهْياً، تقول منه‏:‏ دُهِيت‏.‏ وقالوا‏:‏ هي داهِية دُهْوِيَّةٌ، وهذه الكلمة واوية ويائية‏.‏ ودَهاهُ دَهْواً‏:‏ خَتَلَه‏.‏ والدَّهْياءُ‏:‏

الدَّاهِية من شدائِدِ الدَّهْر؛ وأَنشد‏:‏

أَخُو مُحافَظَةٍ، إِذا نزَلَتْ به دَهْياءُ داهِيَةٌ من الأَزْمِ

ودواهِي الدَّهْر‏:‏ ما يُصِيبُ الناسَ من عظيم نُوَبِه‏.‏ ودَهَتْه داهِيةٌ

دَهْياءُ ودَهْواءُ أَيضاً، وهو توكيد أَيضاً‏.‏ وأَمرٌ دَهٍ‏:‏ داهٍ؛ أَنشد

ابن الأَعرابي‏:‏

أَلمْ أَكُنْ حُذِّرْتُ مِنكَ بالدَّهي وققد يجوز أَن يكون أَراد بالدَّهْي، فلما وقفَ أَلقَى حركة الياءِ على

الهاءِ، كما قالوا من البَكِرْ، أَرادوا من البَكْرِ‏.‏ ودَهِيَ الرجُلُ

دَهْياً ودَهاءً وتَدَهَّى‏:‏ فعَلَ فِعْلَ الدُّهاةِ، وهو يَدْهَى ويَدْهو ويَدْهي، كل ذلك للرجل الدَّاهي؛ قال العجاج‏:‏

وبالدَّهاءِ يُخْتَلُ المَدْهي وقال‏:‏

لا يَعْرِفونَ الدَّهْيَ من دَهْيائِها، أَو يَأْخُذَ الأَرْض على مِيدائِها

ويروى‏:‏ الدَّهْوَ من دَهائِها‏.‏ والدَّهْيُ، ساكنة الهاء‏:‏ المُنْكَرُ

وجَوْدَةُ الرأْيِ‏.‏ يقال‏:‏ رجل داهِيَة بيِّنُ الدَّهْيِ والدَّهاءِ، ممدودٌ

والهمزة فيه منقلبة من الياء لا من الواو، وهما دَهْياوان‏.‏ ودَهاهُ

يَدْهاهُ دَهْياً‏:‏ عابَهُ وتَنَقَّصَه؛ وقوله أَنشده ثعلب‏:‏

وَقُوَّلٌ إِلاَّ دَهٍ فلا دَهِ

قال‏:‏ معناه إِن لم تَتُب الآنَ فلا تَتُوبُ أَبداً‏.‏

وكذلك قول الكاهن لبعضهم وقد سأَله عن شيء يمكن أَن يكون كذا وكذا فقال له‏:‏ لا، فقال‏:‏ فكذا‏؟‏ فقال له‏:‏ لا، فقال له الكاهن‏:‏ إِلا دَهٍ فلا دَهٍ

أَي إِن لم يكن هذا الذي أَقول لك فإِني لا أَعرِف غيره‏.‏ ويقال‏:‏ غَرْبٌ

دَهْيٌ أَي ضَخْم؛ وقال الراجز‏:‏

والغَرْبُ دَهْيٌ غَلْفَقٌ كَبِيرُ، والحَوْضُ من هَوْذَلِه يَفُورُ

ويوْمُ دَهْوٍ‏:‏ يومٌ تَناهَضَ فيه بنو المُنْتَفِقِ، وهم رَهْطُ

الشَّنَآنِ بن مالك وله حديثٌ‏.‏ وبنو دَهْيٍ‏:‏ بَطْنٌ‏.‏

دهدي‏:‏ يقال‏:‏ دَهْدَيْتُ الحَجَر ودَهْدَهْتُه فتَدَهْدَى وتَدَهْدَه‏.‏

ويقال‏:‏ ما أَدري أَيُّ الدَّهْداء هُو أَي أَيُّ الخَلْقِ هو؛ وقال‏:‏

وعِنْدي الدَّهْدَهاءُ‏.‏

دوا‏:‏ الدَّوُّ‏:‏ الفَلاةُ الواسِعَة، وقيل‏:‏ الدَّوُّ المُسْتوية من الأَرض‏.‏ والدَّوِّيَّة‏:‏ المنسوبة إِلى الدَّوِّ؛ وقال ذو الرمة‏:‏

ودوّ ككَفِّ المُشْتري غيرَ أَنَّه

بساطٌ، لأَخْماسِ المَراسِيلِ، واسعُ‏.‏

أَي هي مُستويةٌ ككَفِّ الذي يُصافِقُ عند صَفْقَة البيع، وقيل‏:‏

دَوِّيَّة وداوِيَّة إِذا كانت بعيدةَ الأَطرافِ مُستوية واسعة؛ وقال العجاج‏:‏ دَوِّيَّةٌ لهَوْلها دَوِيُّ، للرِّيحِ في أَقْرابِها هُوِيُّ‏.‏

قال ابن سيده‏:‏ وقيل الدَّوُّ والدَّوِّيَّة والدَّاوِيَّة والداويَة

المفازة، الأَلف فيه منقلبة عن الواو الساكنة، ونظيره انقلابه عن الياء في غاية وطاية، وهذا القلب قليل غير مقيس عليه غيره‏.‏ وقال غيره‏:‏ هذه دعوى من قائلها لا دلالة عليها، وذلك أَنه يجوز أَن يكون بَنَى من الدوِّ

فاعِلةً فصار داوِيَة بوزن راوِية، ثم إِنه أَلْحق الكلمة ياءَ النَّسَب

وحذَفَ اللام كما تقول في الإِضافة إِلى ناحية ناحِيٌّ، وإِلى قاضية قاضِيٌّ؛ وكما قال علقمة‏:‏

كأْسَ عَزِيزٍ من الأَعْنابِ عَتَّقَها، لبَعْضِ أَرْبابِها، حانِيَّةٌ حُومُ

فنسبها إِلى الحاني بوزن القاضِي؛ وأَنشد الفارسي لعمرو ابن مِلْقَط‏:‏

والخيلُ قد تُجْشِمُ أَرْبابَها الشِّـ *** ـقَّ، وقَدْ تَعْتَسِفُ الداوِيَهْ

قال‏:‏ فإِن شئت قلت إِنه بنى من الدِّوِّ فاعِلَة، فصار التقدير داوِوَة، ثم قلب الواو التي هي لام ياءً لانكسار ما قبلها ووقوعِها طَرَفاً، وإن شئت قلت أَراد الدَّاوِيَّةَ المحذوفةَ اللام كالحانِيّة إِلا أَنه خفف

بالإِضافة كما خفف الآخر في قوله؛ أَنشده أَبو علي أَيضاً‏:‏

بَكِّي بعَيْنِك واكِفَ القَطْرِ

ابْنَ الحَوَارِي العالِيَ الذّكْرِ‏.‏

وقال في قولهم دَوِّيَّة قال‏:‏ إِنما سميت دَوِّيَّة لَدوِيِّ الصَّوْتِ

الذي يُسْمَع فيها، وقيل‏:‏ سُمِّيَت دَوِّيَّة لأَنَّها تُدَوِّي بِمن صار فيها أَي تَذْهَب بهم‏.‏

ويقال‏:‏ قَدْ دَوَّى في الأَرض وهو ذَهابُهُ؛ قال رؤبة‏:‏

دَوَّى بها لا يَعْذِرُ العَلائِلا، وهو يُصادِي شُزُناً مَثائِلا‏.‏

دَوَّى بها‏:‏ مَرَّ بها يعني العَيْرَ وأُتُنَه، وقيل‏:‏ الدَّوُّ أَرض

مَسيرةُ أَربع ليالٍ شِبْهُ تُرْسٍ خاويةٌ يسار فيها بالنجوم ويخافُ فيها

الضلالُ، وهي على طريق البصرة متياسرة إِذا أَصْعَدْتَ إِلى مكة شرفها الله تعالى، وإِنما سميت الدَّوَّ لأَن الفُرْسَ كانت لَطائِمُهُم تَجُوزُ

فيها، فكانوا إِذا سلكوها تَحاضُّوا فيها بالجِدِّ فقالوا بالفارسي‏:‏ دَوْ

دَوْ‏.‏ قال أبو منصور‏:‏ وقد قَطَعْتُ الدَّوَّ مع القَرامِطَة، أَبادَهُم الله، وكانت

مَطْرَقَهُم قافلين من الهَبِير فسَقَوْا ظَهْرَهم واسْتَقَوْا بحَفْرِ أَبي

موسى الذي على طريق البصرة وفَوَّزوا في الدوِّ، ووردوا صبيحةَ خامسةٍ ماءً

يقال له ثَبْرَةُ، وعَطِبَ فيها بُخْتٌ كثيرة من إِبل الحاج لبُلُوغ

العَطَش منها والكَلالِ؛ وأَنشد شمر‏:‏

بالدَّوّ أَو صَحْرائِهِ القَمُوصِ

ومنه خطبة الحَجّاج‏:‏

قَد،ْ لَفَّها اللَّيْلُ بعُصْلُبِيِّ

أَرْوَعَ خَرَّاجٍ من الدَّاوِيِّ

يعني الفَلَوات جمع داوِيَّة، أَراد أَنه صاحب أَسفار ورِِحَل فهو لا

يزال يَخْرُج من الفَلَوات، ويحتمل أَن يكون أَراد به أَنه بصير بالفَلَوات

فلا يَشْتَبه عليه شيء منها‏.‏ والدَّوُّ‏:‏ موضع بالبادية، وهي صَحْراء

مَلْساء، وقيل‏:‏ الدَّوُّ بلد لبني تميم؛ قال ذو الرمة‏:‏

حَتَّى نِساءُ تمِيمٍ، وهْي نازِحةٌ

بباحَةِ الدَّوِّ فالصَّمَّانِ فالعَقَدِ‏.‏

التهذيب‏:‏ يقال داوِيَّة وداوِيَةٌ، بالتخفيف؛ وأَنشد لكثير‏:‏

أَجْواز داوِيَةٍ خِلالَ دِماثِهَا

جُدَدٌ صَحَاصِحُ، بَيْنَهُنَّ هُزومُ

والدَّوَّةُ‏:‏ موضع معروف‏.‏ الأَصمعي‏:‏ دَوَّى الفَحْلُ إِذا سَمِعْت

لهَدِيره دَوِيّاً‏.‏ الجوهري‏:‏ الدَّوُّ والدَّوِّيُّ المَفازة، وكذلك

الدَّوِّيَّة لأَنها مَفازَة مثلُها فنُسِبَتْ إِليها، وهو كقولهم قَعْسَرٌ

وقَعْسَرِيّ ودَهْر دَوَّار ودَوَّارِيّ؛ قال الشمّاخ‏:‏

ودَوِّيَّةٍ قَفْرٍ تَمَشَّى نَعامُها، كَمَشْيِ النَّصارَى في خِفافِ الأَرَنْدَجِ

قال ابن بري‏:‏ هذا الكلام نقله من كلام الجاحظ لأَنه قال سُمّيت دَوِّيّة

بالدَّوِّيّ الذي هو عَزِيفُ الجنِّ، وهو غَلَطٌ منه، لأَن عَزِيفَ

الجنِّ وهو صَوْتها يقال له دَوِيٌّ، بتخفيف الوا؛ وأَنشد بيت العجاج‏:‏

دَوِّيَّة لِهَوْلِهَا دَوِيُّ

قال‏:‏ وإِذا كانت الواو فيه مخففة لم يكن منه الدَّوِّيّة، وإِنما

الدَّوِّيَّة منسوبة إِلى الدَّوِّ على حد قولهم أَحْمَرُ وأَحْمَرِيٌّ، وحقيقة

هذه الياء عند النحويين أَنها زائدة لأَنه يقال دَوٌّ ودَوِّيٌّ

للقَفْر، ودَوِّيَّة للمَفازة، فالياء فيها جاءت على حَدِّ ياءِ النسَبِ زائدةً

على الدَّوِّ فلا اعتِبار بها، قال‏:‏ ويدلّك على فَسَادِ قول الجاحظ إن الدوِّيّة سُمّيت بالدَّوِيّ الذي هو عزيف الجن قولهم دَوٌّ بلا ياءٍ، قال‏:‏ فليت شعري بأَيِّ شيءٍ سُمِّيَ الدَّوُّ لأَنّ الدَّوَّ ليس هو صوتَ

الجِنِّ، فنقول إِنَّه سُمّي الدَّوّ بَدوِّ الجنّ أَي عزِيفهِ، وصواب

إِنشاد بيت الشماخ‏:‏ تَمَشَّى نِعاجُها؛ شبّه بقَر الوحش في سواد قوائِمها

وبياض أَبْدانِها برجال بيضٍ قد لَبِسُوا خِفافاً سُوداً‏.‏ والدَّوُّ‏:‏ موضع، وهو أَرض من أَرض العرب؛ قال ابن بري‏:‏ هو ما بين البصرة واليمامة، قال غيره‏:‏ وربما قالوا دَاوِيّة قلبوا الواوَ الأُولى الساكنة أَلِفاً لانفتاح

ما قبلها ولا يقاس عليه‏.‏ وقولهم‏:‏ ما بها دَوِّيٌّ أَي أَحد مِمَّن يَسْكن

الدَّوَّ، كما يقال ما بها دُورِيٌّ وطُورِيٌّ‏.‏

والدَّوْدَاة‏:‏ الأُرْجُوحَة‏.‏ والدَوْدَاة‏:‏ أَثَرُ الأُرْجوحة وهي فَعْلَلَة بمنزلة القَرْقَرَة، وأَصلها دَوْدَوَة ثم قُلِبَت الواوُ ياءً

لأَنّها رابِعَة هنا فصارت في التقدير دَوْدَيَةً، فانْقَلَبت الياءُ أَلفاً

لتَحَرُّكِها وانفتاح ما قبلها فَصارت دَوْدَاة، قال‏:‏ ولا يجوز أَن يكون

فَعْلاةً كأَرْطاةٍ لئِلاَّ تُجْعل الكلمة من باب قَلِقٍ وسَلِسٍ، وهو أَقل من باب صَرْصَر وفَدْفَدٍ، ولا يجوز أَيضاً أَن تجعلها فَوْعَلَةً

كجَوْهَرةٍ لأَنك تعدل إِلى باب أَضيق من باب سَلس، وهو باب كَوْكَب

ودَوْدَن، وأَيضاً فإِنّ الفَعْلَلَة أَكثر في الكلام من فََعْلاةٍ وفَوْعَلَةٍ؛ وقول الكميت‏:‏

خَرِيع دَوادِيُ في مَلْعَبٍ

تَأَزَّرُ طَوْراً، وتُرْخِي الإِزارَا

فإِنه أَخرج دَوادِيَ على الأَصل ضرورة، لأَنه لو أَعَلّ لامَه

فحذَفَها فقال دَوادٍ لانْكَسر البيت؛ وقال القتال الكِلابي‏:‏

تَذَكَّرَ ذِكْرَى مِنْ قَطاةٍ فَأَنْصَبا، وأَبّنَ دَوْداةً خَلاءً ومَلْعَبا

وفي حديث جُهَيْسٍ‏:‏ وكَائِنْ قَطَعْنَا من دَوِّيَّةٍ سَرْبَخٍ؛ الدوُّ‏:‏

الصَّحْراء التي لا نَباتَ

بها، والدَّوِّيَّةُ منسوبة إِليها‏.‏ ابن سيده‏:‏ الدَّوى، مقصورٌ، المرَض

والسِّلُّ‏.‏ دَوِي، بالكسر، دَوىً فهو دَوٍ ودَوىً أَي مَرِضَ، فمن قال دَوٍ ثَنَّى وجَمع وأَنث، ومن قال دَوىً أَفرد في ذلك كلّه ولم يؤنِّثْ‏.‏

الليث‏:‏ الدَّوى داءٌ باطنٌ في الصدر، وإِنه لَدَوِي الصدر؛ وأَنشد‏:‏

وعَيْنُكَ تُبْدِي أَنَّ صَدْرَكَ لي دَوِي وقول الشاعر‏:‏

وقَدْ أَقُود بالدَّوى المُزَمَّلِ

أَخْرسَ في السَّفْر بَقَاقَ المَنْزِل

إِنما عَنى به المريضَ من شدة النعاس‏.‏ التهذيب‏:‏ والدَّوى الضَّنى، مقصور

يكتب بالياء؛ قال‏:‏

يُغْضي كإِغْضاءِ الدَّوى الزَّمِينِ

ورجلٌ دَوىً، مقصور‏:‏ مثلُ ضَنىً‏.‏ ويقال‏:‏ تَرَكْتُ فلاناً دَوىً ما أَرى

به حَياةً‏.‏ وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ‏:‏ كلُّ داءٍ له داءٌ أَي كلّ

عيب يكونُ في الرجال فهو فيه، فجَعَلَتِ العيب داءً، وقولها‏:‏ له داءٌ

خبر لكل، ويحتمل أَن يكون صفة لداء، وداء الثانية خبر لكل أَي كل داء فيه

بليغٌ مُتناهٍ، كما يقال‏:‏ إِنَّ هذا الفَرَسَ فَرَسٌ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ وأَيُّ

داءٍ أَدْوى من البُخْلِ أَي أَيُّ عيب أَقْبحُ منه؛ قال ابن بري‏:‏

والصواب أَدْوَأُ من البُخْل، بالهمز وموضعه الهمز، ولكن هذا يُرْوى إِلا أن يجعل من باب دَوِيَ يَدْوَى دَوىً، فهو دَوٍ إِذا هَلَكَ بمرض باطن، ومنه حديث العَلاء ابن الحضْرَمِيّ‏:‏ لا داءَ ولا خِبْثَة؛ قال‏:‏ هو العَيْبُ

الباطِن في السِّلْعة الذي لمْ يَطَّلِعْ عَليه المُشْتري‏.‏ وفي الحديث‏:‏

إِنَّ الخَمر داءٌ ولَيْسَتْ بِدواءٍ؛ استعمل لفظ الداءِ في الإِثْمِ كما اسْتَعْمَله في العيب؛ ومنه قوله‏:‏ دَبَّ إِلْيكُم داءُ الأُمَمِ

قَبْلَكُم البَغْضاءُ والحَسَدُ، فنَقَل الداءَ من الأَجْسامِ

إِلى المعاني ومنْ أَمْر الدُّنيا إِلى أَمْر الآخِرَةِ، قال‏:‏ وليست

بدَواءٍ وإِن كان فيها دَواءٌ من بعض الأَمْراض، على التَّغْلِيبِ والمبالغة

في الذمّ، وهذا كما نقل الرَّقُوبُ والمُفْلِسُ والصُّرَعةُ لضرب من التَّمْثِيل والتَّخْيِيل‏.‏ وفي حديث علي‏:‏ إِلى مَرْعىً وبِيٍّ ومَشْرَبٍ

دَوِيٍّ أَي فيه داءٌ، وهو منسوب إِلى دَوٍ من دَوِيَ، بالكسر، يَدْوى‏.‏ وما

دُوِّيَ إِلا ثلاثاً‏.‏ حتى مات أَو بَرَأَ أَي مَرِضَ‏.‏

الأَصمعي‏:‏ صَدْرُ فلانٍ دَوىً على فلان، مقصور، ومثله أَرض دَوِىَّة أَى ذات

أَدْواءٍ‏.‏ قال‏:‏ ورجل دَوىً ودَوٍ أَي مريض، قال‏:‏ ورجل دَوٍ، بكسر الواو، أَي فاسدُ الجوف من داءٍ، وامرأَة دَوِىَةٌ، فإِذا قلت رجل دَوىً، بالفتح، استوى فيه المذكر والمؤنث والجمع لأَنه مصدر في الأَصل‏.‏ ورجل دَوىً، بالفتح، أَي أَحمق؛ وأَنشد الفراء‏:‏

وقد أَقُود بالدَّوى المُزَمَّل

وأَرض دَوِيَةٌ، مخفف، أَي ذات أَدْواءٍ‏.‏ وأَرْضٌ دَوِيَةٌ‏:‏ غير موافقة‏.‏

قال ابن سيده‏:‏ والدَّوى الأَحمق، يكتب بالياء مقصور‏.‏ والدَّوى‏:‏ اللازم

مكانه لا يَبْرح‏.‏

ودَوِيَ صَدْرُه أَيضاً أَي ضَغِنَ، وأَدْواهُ

غيرُه أَي أَمْرَضَه، وداواهُ أَي عالَجَهُ‏.‏ يقال‏:‏ هو يُدْوِي ويُداوي

أَي يُعالِجُ، ويُداوى بالشيء أَي يُعالَجُ به، ابن السكيت‏:‏ الدَّواءُ ما عُولِجَ به الفَرَسُ

من تَضْمِير وحَنْذٍ، وما عُولِجَتْ به الجارِيَة حتى تَسْمَن؛ وأَنشد

لسلامة بن جندل‏:‏

ليْسَ بأَسْفى ولا أَقْنى ولا سَغِلٍ

يُسْقى دَواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبوبِ

يعني اللَّبَنَ، وإِنما جعله دواءً لأَنهم كانوا يُضَمِّرونَ الخيلَ

بشُرْبِ اللبن والحَنْذِ ويُقْفُون به الجارِية، وهي القَفِيَّة لأَنها

تُؤْثَر به كما يؤثر الضَّيف والصَّبيُّ؛ قال ابن بري‏:‏ ومثله قول امرأَة من بني شُقيْر‏:‏

ونُقْفي وِليدَ الحَيِّ إِنْ كان جائِعاً، ونُحْسِبُه إِنْ كان ليْسَ بجائعِ

والدَّواةُ‏:‏ ما يُكْتَبُ منه معروفة، والجمع دَوىً ودُوِيٌّ ودِوِيٌّ‏.‏

التهذيب‏:‏ إِذا عدَدْت قلت ثلاث دَوَياتٍ إِلى العَشْر، كما يقال نَواةٌ

وثلاث نَوَياتٍ، وإِذا جَمَعْت من غير عَدَدٍ فهي الدَّوى كما يقال نَواةٌ

ونَوىً، قال‏:‏ ويجوز أَن يُجْمَع دُوِيّاً على فُعُول مثل صَفاةٍ وصَفاً

وصُفِيٍّ؛ قال أَبو ذؤيب‏:‏

عَرَفْتُ الديارَ كَخَطِّ الدُّوِيْـ *** يِّ حَبَّره الكاتِبُ الحِمْيَرِي

والدُّوايَةُ والدِّوايَةُ‏:‏ جُلَيْدةٌ رقيقة تعلو اللَّبَنَ والمَرَقَ‏.‏

وقال اللحياني‏:‏ دُوِاية اللبنِ والهَرِيسَة وهو الذي يََغْلُظُ عليه إِذا

ضرَبَتْه الريحُ فيصيرُ مثل غِرْقِئ البَيْض‏.‏ وقد دَوَّى اللبن والمَرَقُ تَدْوِيةً‏:‏ صارت عليه دُوايةٌ أَي قِشْرَةٌ‏.‏ وادَّوَيْت‏:‏ أَكَلْت

الدُّوايةَ، وهو افْتَعَلْت، ودَوَّيْته؛ أََعْطَيْته الدُّواية، وادَّوَيْتُها‏:‏ أَخَذْتها فأَكَلْتها؛ قال يزيدُ بن الحَكَم الثَّقَفي‏:‏

بَدا منْك غِشٌّ، طالما قَدْ كَتَمْته، كما كَتَمَتْ داءَ ابْنِها أُمُّ مُدَّوِي

وذلك أَن خاطبة من الأَعراب خطبت على ابنها جارية فجاءت أُمّها أُمّ

الغلام لتنظر إِليه فدخل الغلام فقال‏:‏ أَأَدَّوِي يا أُمِّي‏؟‏ فقالت‏:‏

اللِّجامُ

مُعَلَّقٌ بعَمُودِ البَيْتِ؛ أَرادت بذلك كِتْمان زَلَّةِ الابن وسُوءِ

عادَتِهِ‏.‏ ولبن داوٍ‏:‏ ذُو دُوايَةٍ‏.‏ والدِوُّاية في الأَسْنان

كالطُّرامَة؛ قال‏:‏

أَعددت لفيك ذو الدواية‏.‏

ودَوَّى الماءُ‏:‏ علاهُ مثلُ الدِوُّاية مما تَسْفِي الريح فيه، الأَصمعي‏.‏ ماءٌ مُدَوٍّ وداوٍ إِذا عَلَتْه قُشَيْرة مثل دَوَّى اللبنُ إِذا

عَلَتْه قُشَيْرة، ويقال للذي يأْخذ تلك القُشَيْرة‏:‏ مُدَّوٍ، بتشديد الدال، وهو مُفْتَعِل، والأَول مُفَعِّل‏.‏ ومَرَقَةٌ دِوايةٌ ومُدَوِّيَة‏:‏ كثيرة

الإِهالة‏.‏ وطعام داوٍ ومُدَوٍّ‏:‏ كثيرٌ‏.‏ وأَمْرٌ مُدَوٍّ إِذا كان

مُغَطّىً؛ وأَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

ولا أَرْكَبُ الأَمْرَ المُدَوِّيَ سادِراً

بعَمْياءَ حتَّى أَسْتَبِينَ وأُبْصِرا

قال‏:‏ يجوز أَن يعني الأَمْر الذي لا يعرف ما وراءَهُ كأَنه قال ودُونه

دُوايةٌ قد غَطَّته وسترته، ويجوز أَن يكون من الدَّاءِ فهو على هذا

مهموز‏.‏ وداوَيْت السُّقْم‏:‏ عانَيْته‏.‏ الكسائي‏:‏ داءَ الرجلُ فهو يَداءُ على

مِثال شاءَ يَشاء إِذا صار في جوفه الدَّاءُ‏.‏ ويقال‏:‏ داوَيْت العَلِيلَ

دَوىً، بفتح الدال، إِذا عالَجْته بالأَشْفِية التي تُوافِقُه؛ وأَنشد

الأَصمعي لثَعْلَبة بن عمرو العَبْدي‏:‏

وأَهْلَكَ مُهْرَ أَبِيكَ الدَّوى، وليسَ له مِنْ طَعامٍ نَصِيبْ

خَلا أَنهُم كُلَّما أَوْرَدُوا

يُصَبَّحُ قَعْباً عليه ذَنُوبْ

قال‏:‏ معناه أَنه يُسْقَى من لبنٍ عليه دَلْو من ماء، وصفه بأَنه لا

يُحْسن دَواءً فَرسه ولا يُؤْثِرهُ بلبنه كما تفعل الفُرْسان؛ ورواه ابن الأَنباري‏:‏

وأَهْلَكَ مُهْرَ أَبيكَ الدَّواءْ

بفتح الدال، قال‏:‏ معناه أَهلكه تَرْكُ

الدواء فأَضْمَر التَّرْكَ‏.‏ والدَّواءُ‏:‏ اللَّبَن‏.‏ قال ابن سيده‏:‏

الدِّواءُ والدَّواءُ والدُّواءُ؛ الأَخيرة عن الهجري، ما داوَيْتَه به، ممدود‏.‏ ودُووِيَ

الشيء أَي عُولِجَ، ولا يُدْغَمُ فَرْقاً بين فُوعِلَ وفُعِّل‏.‏

والدِّواءُ‏:‏ مصدر داوَيْتُه دِواءً مثل ضاربته ضِراباً؛ وقول العجاج‏:‏

بفاحِمٍ دُووِيَ حتى اعْلَنْكَسا، وبَشَرٍ مع البَياضِ أَملَسا

إِنما أَراد عُونِيَ بالأَدْهان ونحوها من الأَدْوِية حتى أَثَّ

وكَثُرَ‏.‏ وفي التهذيب‏:‏ دُوِّيَ أَي عُولِجَ وقِيمَ عليه حتى اعْلَنْكَس أَي

ركِبَ بعضُه بعضاً من كثرته‏.‏ ويروى‏:‏ دُووِيَ فُوعِلَ من الدَّواء، ومن رواه

دُوِّيَ فهو على فُعِّلَ منه‏.‏ والدِّواءُ، ممدود‏:‏ هو الشِّفاءُ‏.‏ يقال‏:‏

داوَيْته مُداواةً، ولو قلت دِوَاءً كان جائِزاً‏.‏ ويقال‏:‏ دُووِيَ فلان

يُداوى، فيُظْهِرُ الواوَيْنِ ولا يُدْغِم إِحداهما في الأُخرى لأَن الأُولى

هي مَدّة الأَلف التي في داواه، فكَرِهوا أَن يُدْغِموا المدَّة في الواو

فيلتبس فُوعِل بفُعِّل‏.‏ الجوهري‏:‏ الدَّواء، ممدودٌ، واحد الأَدْوِيَة، والدِّواءُ، بالكسرِ، لُغة فيه؛ وهذا البيت يُنْشَد على هذه اللغة‏:‏

يقولون‏:‏ مَخْمورٌ وهذا دِواؤُه، عليَّ إِذاً مَشْيٌ، إِلى البيتِ، واجِبُ

أَي قالوا إِنَّ الجَلْد والتَّعْزِيزَ دواؤُه، قال‏:‏ وعلَيَّ حجةٌ

ماشياً إِن كنتُ شَرِبْتُها‏.‏ ويقال‏:‏ الدِّواءُ إِنما هو مصدر داوَيْته

مُداواةً ودِواءً‏.‏ والدَّواءُ‏:‏ الطعامُ وجمع الداء أَدْواءٌ، وجمع الدواءِ

أَدْوِية، وجمع الدَّواةِ دُوِيُّ‏.‏ والدَّوَى‏:‏ جمعُ

دواةٍ، مقصورٌ يكتب بالياء، والدَّوَى للدَّواءِ بالياء مقصور؛ وأَنشد‏:‏

إِلا المُقِيمَ على الدَّوَى المُتَأَفِّن

وداوَيتُ الفَرَس‏:‏ صَنَّعْتُها‏.‏ والدَّوَى‏:‏ تَصْنيع الدابَّة وتسْمِينُه

وصَقْله بسَقْي اللبن والمواظَبة على الإِحسان إِليه، وإِجرائِه مع ذلك

البَرْدَينِ قدرَ ما يسيل عَرَقُه ويَشْتَدُّ لحْمه ويذهب رَهَله‏.‏

ويقال‏:‏ داوَى فلان فرسَه دِواءً، بكسر الدال، ومُداواةً إِذا سَمَّنه

وعَلَفَه عَلْفاً ناجِعاً فيه؛ قال الشاعر‏:‏

وداوَيْتُها حتى شَتَتْ حَبَشِيَّةً، كأَنَّ عَليها سُنْدُساً وسُدُوسا

والدَّوِيُّ‏:‏ الصَّوْتُ، وخص بعضهم به صوتَ الرَّعْد، وقد دَوَّى‏.‏

التهذيب‏:‏ وقد دَوَّى الصوتُ يُدَوِّي تَدْوِيَةً‏.‏ ودَوِيُّ الريحِ‏:‏ حَفِيفُها، وكذلك دَوِيُّ النَّحْلِ‏.‏ ويقال‏:‏ دَوَّى الفَحْل تَدْوِيَةً، وذلك إِذا

سمعت لهَدِيره دَوِيّاً‏.‏ قال ابن بري‏:‏ وقالوا في جَمع دَوِيِّ الصوتِ

أَداوِيَّ؛ قال رؤبة‏:‏

وللأَداوِيِّ بها تَحْذِيما

وفي حديث الإِيمانِ‏:‏ تَسْمَعُ دَوِيَّ صَوْتِه ولا تَفْقَه ما يقول؛ الدَّوِيُّ‏:‏ صوت ليس بالعالي كصوت النَّحْلِ ونحوه‏.‏ الأَصمعي‏:‏ خَلا بَطْني

من الطعام حتى سَمِعْتُ دَوِيّاً لِمَسامِعي‏.‏ وسَمِعْتُ دَوِيَّ المَطر

والرَّعْدِ إِذا سمعتَ صَوْتَهما من بعيدٍ‏.‏ والمُدَوِّي أَيضاً‏:‏ السحاب ذو

الرَّعْدِ المُرْتَجِس‏.‏ الأَصمعي‏:‏ دَوَّى الكَلْبُ في الأَرض كما يقال دَوَّمَ الطائِرُ في السماء إِذا دار في طَيَرانِه في ارتفاعه؛ قال‏:‏ ولا

يكون التَّدْويمُ في الأَرض ولا التَّدْويَة في السماء، وكان يعيب قول ذي

الرمة‏:‏

حتى إِذا دَوَّمَتْ في الأَرض راجَعَهُ

كِبْرٌ، ولو شاءَ نجَّى نفْسَه الهَرَبُ

قال الجوهري‏:‏ وبعضهم يقول هما لغتان بمعنى، ومنه اشْتُقَّت دُوَّامة

الصبيّ، وذلك لا يكون إِلا في الأَرض‏.‏ أَبو خَيْرة‏:‏ المُدَوِّيَةُ الأَرض

التي قد اختَلَف نَبْتُها فدَوَّت كأَنها دُوايَةُ اللَّبَنِ، وقيل‏:‏

المُدَوِّيَةُ الأَرضُ الوافِرة الكَلإ التي لم يُؤْكَلْ منها شيءٌ‏.‏

والدَّايَة‏:‏ الظِّئْرُ؛ حكاه ابن جني قال‏:‏ كلاهما عربي فصيح؛ وأَنشد

للفرزدق‏:‏ رَبِيبَة داياتٍ ثلاثٍ رَبَيْنَها، يُلَقِّمْنَها من كلِّ سُخْن ومُبْرَدِ

قال ابن سيده‏:‏ وإِنما أَثبته هنا لأَن باب لَوَيْتُ أَكثرُ من باب

قُوَّة وعييت‏.‏

ذأي‏:‏ الذَّأْوُ‏:‏ سيرٌ عنيفٌ‏.‏ ذأَى يَذْأَى ويَذْؤُو ذَأْواً‏:‏ مَرَّ

مَرّاً خفِيفاً سريعاً، وقال‏:‏ سار سَيراً شديداً‏.‏ وذَأَى الإِبلَ

يَذْآها ويَذْؤُوها ذَأْواً وذَأْياً‏:‏ ساقها سَوْقاً شديداً وطرَدَها؛ قال ابن بري‏:‏ وأَنشد أَبو عمرو لحبيب بن المِرْقال العنبري‏:‏

ومَرَّ يَذْآها ومَرَّتْ عُصَبا

شِهْذارَة تأْفِرُ أَفْراً عَجَبا

والذَّأْوَةُ‏:‏ الشاةُ المَهْزُولةُ؛ عن ثعلب‏.‏ وذَأْى العُودُ والبَقْلُ

يَذْأَى ذَأْواً وذَأْياً وذَأىً وذُئِيّاً؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، قال يعقوب وهي حِجازية‏:‏ ذَوَى وذَبَل‏.‏ وذَأَى الفَرَسُ والحِمارُ

والبعيرُ يَذْأَى ذَأْياً‏:‏ أَسرع، وهو ضرب من عَدْوِ الإِبلِ، وفَرَسٌ مِذْأىً؛ قال‏:‏

مِذْأىً مِخَدّاً في الرِّقاقِ مِهْرَجا

ويروى‏:‏

بَعَيد نَضْحِ الماء مِذْأىً مِهْرَجا

وقيل‏:‏ الذَّأْيُ السَّيرُ الشديد‏.‏ وذَأَيْتُه ذَأْياً‏:‏ طَرَدْتُه‏.‏

وحمارٌ مِذْأىً، مقصور مهموز، وحِمار مِذْأىً طَرَّادٌ لأُتُنه؛ وقال أَوسُبن حجر‏:‏

فذَأَوْنَه شَرَفاً وكُنَّ له، حتى تَفاضَلَ بيْنَها جَلَبا

وقد ذَآها يَذْآها ذَأْياً وذَأْواً إِذا طَردها‏.‏

ذبي‏:‏ ذَبَتْ شَفَتُه‏:‏ كذَبَّتْ؛ قال ابن سيده‏:‏ وقَضَيْنا عليها بالياء

لكونها لاماً‏.‏

وذُبْيان وذِبْيان‏:‏ قبيلةٌ، والضمُّ فيه أَكثرُ من الكسرِ؛ عن ابن الأَعرابي؛ قال ابن دُرَيد‏:‏ وأَحسب أَنَّ اشتقاقَ ذُبيان من قولهم ذَبَت

شَفَته، قال‏:‏ وهذا أَيضاً مما يُقَوِّي كَوْنَ ذَبَتْ من الياء لو أَنَّ ابن دريد لم يُمَرِّضه‏.‏ والذُّبْيان‏:‏ بقيّة الوَبَر؛ عن كراع، قال‏:‏ ولست منه

على ثقة، قال‏:‏ والذي حكاه أَبو عبيد الذُّوبانُ والذِّيبانُ‏.‏ قال الأَزهريْ‏:‏ أَما ذَبى فما عَلِمْتُني سمعت فيه شيئاً من ثقة غير هذه القبيلة

التي يقال لها ذُبْيان‏.‏ قال ابن الكلبي‏:‏ كان أَبي يقول ذِبْيان، بالكسر، قال‏:‏ وغيره يقول ذُبْيان، وهو أَبو قبيلة من قيس، وهو ذُبْيان بنُ بَغِيضِ

بنِ رَيْثِ بنِ غَطَفانَ بنِ سَعْدِ بنِ قَيْسِ عَيْلانَ‏.‏

ويقال‏:‏ ذَبَّ الغَديرُ وذَبَى وذَبَتْ شفَتُه وذَبَّت، قال‏:‏ ولا أَدْري

ما صِحَّتُه‏.‏

ذحا‏:‏ ذَحا يَذْحى ذَحْواً‏:‏ ساقَ وطَرَدَ‏.‏ وذَحا الإبِلَ يَذْحاها

ذَحْواً‏:‏ طَرَدَها وساقَها؛ قال أَبو خِراشٍ الهُذَلي‏:‏

ونِعْم مُعَرَّسُ الأَقْوامِ تَذْحى

رِحالَهُم شآمِيَةٌ بَلِيلُ

أَراد تَذْحى رواحِلَهم، وقيل‏:‏ أَراد أَنهم يُنْزِلُون رحالَهم فتأْتي

الريح فتَسْتَخِفُّها فتَقْلَعُها فكأَنها تَسُوقها وتَطْردها‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ فعلى هذا لا حذف هنالك‏.‏ وذَحاهُ يَذْحُوه ويَذْحاهُ ذَحْواً‏:‏ طَرَده‏.‏

وذَحَتْهُم الريحُ تَذْحاهُم ذَحْياً إِذا أَصابتهم وليس لهم منها

سِتْرٌ‏.‏ وفي التهذيب‏:‏ وليس‏.‏ لنا

ذَرىً نَتَذَرَّى به، وذَحا المرأَةَ يَذْحُوها ذَحْواً‏:‏ نكحها؛ هذه عن

كراع‏.‏

ذرا‏:‏ ذَرَت الريح الترابَ وغيرَه تَذْرُوه وتَذْريه ذَرْواً وذَرْياً

وأَذْرَتْهُ وذَرَّتْه‏:‏ أَطارَتْه وسفَتْه وأَذْهَبَتْه، وقيل‏:‏ حَمَلَتْه

فأَثارَتْه وأَذْرَتْه إِذا ذَرَت التُّرابَ وقد ذَرا هو نفسُه‏.‏ وفي حرف

ابن مسعود وابن عباس‏:‏ تَذْرِيهِ الريحُ، ومعنى أَذْرَتْه قَلَعَته ورَمَتْ

به، وهما لغتان‏.‏ ذَرَت الريحُ التُّرابَ تَذْرُوه وتَذْريه أَي

طَيَّرَته؛ قال ابن بري‏:‏ شاهد ذَرَوْتُه بمعنى طَيَّرْتُه قول ابن هَرْمَة‏:‏ يَذْرُو حَبِيكَ البَيْضِ ذَرْواً يخْتَلي

غُلُفَ السَّواعِدِ في طِراقِ العَنْبَرِ

والعَنْبَر هنا‏:‏ التُّرْس‏.‏ وفي الحديث‏:‏ إِنَّ الله خَلق في الجَنَّة

ريحاً من دُونِها بابٌ مُغْلَق لو فُتحَ ذلك الباب لأَذْرَتْ ما بين السماءِ

والأَرْضِ، وفي رواية‏:‏ لَذَرَّت الدُّنْيا وما فيها‏.‏ يقال‏:‏ ذَرَتْه

الرِّيحُ وأَذْرَتْه تَذْرُوه وتُذْريه إِذا أَطارَتْه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أن رَجُلاً قال لأَوْلادِهِ إِذا مُتُّ فأَحْرِقُوني ثم ذَرُّوني في الرِّيحِ؛ ومنه حديث علي، كرم الله وجهه‏:‏ يَذْرُو الرِّوايَةَ ذَرْوَ الريحِ

الهَشِيمَ أَي يَسْرُدُ الرِّواية كما تَنْسِفُ الريحُ هَشِيمَ

النَّبْتِ‏.‏ وأَنكر أَبو الهيثم أَذْرَتْه بمعنى طَيَّرَتْه، قال‏:‏ وإِنما

قيل أَذْرَيْت الشيءَ عن الشيء إِذا أَلقَيْتَه؛ وقال امرؤ القيس‏:‏

فتُذْريكَ منْ أُخْرى القَطاةِ فتَزْلَقُ

وقال ابن أَحمر يصف الريح‏:‏

لها مُنْخُلٌ تُذْري، إِذا عَصَفَتْ به أَهابيَ سَفْسافٍ من التُّرْبِ تَوْأَمِ

قال‏:‏ معناه تُسْقِطُ وتَطْرَح، قال‏:‏ والمُنْخُل لا يرفَعُ شيئاً إِنما

يُسْقِط ما دقَّ ويُمْسِك ما جَلَّ، قال‏:‏ والقرآن وكلام العرب على هذا‏.‏

وفي التنزيل العزيز‏:‏ والذَّارِياتِ ذََرْواً؛ يعني الرِّياحَ، وقال في موضع آخر‏:‏ تَذْرُوه الرِّياحُ‏.‏ وريحٌ ذارِيَةٌ‏:‏ تَذْرُو التُّراب، ومن هذا

تَذْرِية الناس الحنطةَ‏.‏ وأَذْرَيْتُ الشيءَ إِذا أَلْقََيْتَه مثلَ

إِلْقائِكَ الحَبَّ

للزَّرْع‏.‏ ويقال للذي تُحْمَلُ به الحنطة لتُذَرَّى‏:‏ المِذْرى‏.‏ وذَرى

الشيءُ أَي سَقَط، وتَذْرِيَة الأَكْداسِ مَعْرُوفة‏.‏ ذَرَوْت الحِنْطة

والحبَّ ونَحْوَه أَذْرُوها وذَرَّيْتُها تَذْرِيَة وذَرْواً منه‏:‏ نَقَّيْتها

في الريح‏.‏ وقال ابن سيده في موضع آخر‏:‏ ذَرَيْتُ الحَبَّ ونحوه

وذَرَّيْته أَطَرْته وأَذْهَبْته، قال‏:‏ والواو لغة وهي أَعْلى‏.‏ وتَذَرَّت هي‏:‏

تَنَقَّت‏.‏

والذُّراوَةُ‏:‏ ما ذُرِيَ من الشيء‏.‏ والذُّراوَةُ‏:‏ ما سَقَطَ من الطَّعام

عند التَّذَرِّي، وخص اللحياني به الحِنْطة؛ قال حُمَيْد بن ثوْر‏:‏

وعادَ خُبَّازٌ يُسَقِّيِه النَّدى

ذُراوَةً تَنْسِجُهُ الْهُوج الدُّرُجْ

والمِذْراة والمِذْرى‏:‏ خَشَبَةٌ ذات أَطْراف، وهي الخشبة التي يُذَرَّى

بها الطَّعامُ وتُنَقَّى بها الأَكْداس،ُ، ومنه ذرَّيْتُ تراب المعدن

إِذا طَلَبْت منه الذَّهَب‏.‏ والذَّرى‏:‏ اسمُ ما ذَرَّيْته مثل النَّفَضِ اسم

لما تَنْفُضُه؛ قال رؤبة‏:‏

كالطَّحْن أَو أَذْرَتْ ذَرىً لم يُطْحَنِ

يعني ذَرْوَ الريح دُقاقَ التُّراب‏.‏ وذَرَّى نَفَسَه‏:‏ سَرَّحه كما يُذَرَّى الشيءُ في الريح، والدَّالُ أَعْلى، وقد تقدم‏.‏ والذَّرى‏:‏ الكِنُّ‏.‏

والذَّرى‏:‏ ما كَنَّكَ من الريح البارِدَةِ من حائِطٍ أَو شجر‏.‏ يقال‏:‏

تَذَرَّى مِنَ الشّمال بذَرىً‏.‏ ويقال‏:‏ سَوُّوا للشَّوْل ذَرىً من البَرْدِ، وهو أَن يُقْلَع الشجَر من العَرْفَجِ وغيره فيوضَع بعضُه فوقَ بعضٍ مما

يلي مَهَبَّ الشمالِ يُحْظَر به على الإِبل في مأْواها‏.‏ ويقال‏:‏ فلان في ذَرى فلانٍ أَي في ظِلِّه‏.‏ ويقال‏:‏ اسْتَذْرِ بهذه الشجَرة أَي كنْ في دِفْئها‏.‏ وتَذَرَّى بالحائِط وغيرِه من البَرْدِ والرِّيحِ واسْتَذْرى، كلاهما‏:‏ اكْتَنَّ‏.‏ وتَذَرَّتِ الإِبلُ واسْتَذْرَت‏:‏ أَحَسَّت البَرْدَ

واسْتَتَر بعضُها ببعضٍ واسْتَتَرت بالعِضاهِ‏.‏ وذَرا فلانٌ يَذْرُو أَي

مَرَّمَرّاً سريعاً، وخص بعضهم به الظبي؛ قال العجاج‏:‏

ذَارٍ إِذا لاقى العَزازَ أَحْصَفا

وذَرا نابُه ذَرْواً‏:‏ انْكَسر حَدُّه، وقيل‏:‏ سقط‏.‏ وذَرَوْتُه أَنا أَي

طَيَّرته وأَذْهَبْته؛ قال أَوْس‏:‏

إِذا مُقْرَمٌ مِنَّا ذَرا حَدُّ نابه تَخَمَّطَ فينا نابُ آخَرَ مُقْرَمِ

قال ابن بري‏:‏ ذَرا في البيت بمعنى كَلَّ، عند ابن الأَعرابي، قال‏:‏ وقال الأَصمعي بمعنى وقَع، فَذَرا في الوجهين غير مُتَعَدٍّ‏.‏

والذَّرِيَّةُ‏:‏ الناقة التي يُسْتَتَر بها عن الصيد؛ عن ثعلب، والدال

أَعلى، وقد تقدم‏.‏ واسْتَذْرَيْت بالشَّجَرة أَي استَظْلَلْت بها وصِرْتُ في دِفئِها‏.‏ الأَصمعي‏:‏ الذَّرى، بالفتح، كل ما استترت به‏.‏ يقال‏:‏ أَنا في ظِلِّ فلان وفي ذَراهُ أَي في كَنَفه وسِتْره ودِفْئِه‏.‏ واسْتَذْرَيْتُ

بفلان أَي التَجَأْتُ إِليه وصِرْتُ في كَنَفه‏.‏

واسْتَذْرَتِ المِعْزَى أَي اشْتَهت الفَحْلَ مثل اسْتَدَرَّتْ‏.‏

والذَّرى‏:‏ ما انْصَبَّ من الدَّمْع، وقد أَذْرَتِ العينُ الدّمْعَ

تُذْريه إِذْراءً وذَرىً أَي صَبَّتْه‏.‏ والإِذْراءُ‏:‏ ضَرْبُك الشيءَ تَرْمي

به، تقول‏:‏ ضَرَبْتُه بالسيف فأَذْرَيْتُ رأْسَه، وطَعَنته فأَذْرَيْتُه عن

فَرَسه أَي صَرَعْته وأَلْقَيْته‏.‏ وأَذْرَى الشيءَ بالسيف إِذا ضَرَبه حتى يَصْرَعه‏.‏ والسيفُ

يُذْرِي ضَرِيبَتَه أَي يَرْمِي بها، وقد يوصَفُ به الرَّمْي من غير

قَطْع‏.‏ وذَرَّاهُ بالرُّمْحِ‏:‏ قَلَعَه؛ هذه عن كراع‏.‏ وأَذْرَتِ

الدابَّة راكِبَها‏:‏ صَرَعَتْه‏.‏

وذِرْوَةُ كلِّ شَيءٍ وذُرْوَتُه‏:‏ أَعْلاهُ، والجَمْع الذُّرَى بالضم‏.‏

وذِرْوة السَّنامِ والرأْسِ‏:‏ أَشْرَفُهُما‏.‏ وتَذَرَّيْت الذِّرْوة‏:‏

رَكِبْتُها وعَلَوْتها‏.‏ وتَذَرَّيْت فيهم‏:‏ تَزَوَّجْت في الذِّرْوة مِنْهُم‏.‏

أَبو زيد‏:‏ تَذَرَّيْت بَني فلانٍ وتَنَصَّيْتهم إِذا تَزَوَّجْت منهم في الذِّرْوة والناصية أَي في أَهل الشرف والعَلاء‏.‏ وتَذَرَّيت السَّنام‏:‏

عَلَوْته وفَرَعْته‏.‏ وفي حديث أَبي موسى‏:‏ أُتِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بإِبِلٍ غُرِّ الذُّرَى‏.‏ أَي بِيض

الأَسْنِمَة سِمانها‏.‏ والذُّرَى‏:‏ جمع ذِرْوَةٍ، وهي أَعْلَى سَنامِ البَعِىر؛ ومنه

الحديث‏:‏ على ذِرْوةِ كلِّ بعير شيطانٌ، وحديث الزُّبير‏:‏ سأَلَ

عائشةَ الخُروجَ إِلى البَصْرة فأَبْتْ عليه فما زالَ

يَفْتِلُ في الذِّرْوةِ والغارِبِ حتى أَجابَتْهُ؛ جَعَلَ وبَرَ ذِرْوَة

البعير وغارِبِه مثلاً لإِزالتها عن رَأْيها، كما يُفْعَلُ بالجمل

النَّفُور إِذا أُريد تَأْنيسُه وإِزالَةُ نِفارِه‏.‏ وذَرَّى الشاةَ والناقَةَ

وهو أَنْ يَجُزَّ صوفَها ووَبَرَها ويدَعَ فوقَ ظَهْرِها شيئاً تُعْرَف

به، وذلك في الإِبل والضأْن خاصة، ولا يكون في المِعْزَى، وقد ذَرَّيتها

تَذْرِيَةً‏.‏ ويقال‏:‏ نعجةٌ مُذَرَّاةٌ وكَبْشٌ مُذَرّىً إِذا أُخِّرَ

بَيْنَ الكَتِفين فيهما صُوفَةٌ لم تُجَزَّ؛ وقال ساعدة الهذلي‏:‏

ولا صُوارَ مُذَرَّاةٍ مَناسِجُها، مِثْل الفَرِيدِ الذي يَجْرِي مِنَ النَّظْمِ

والذُّرَةُ‏:‏ ضربٌ من الحَبِّ معروف، أَصلُه ذُرَوٌ أَو ذُرَيٌ، والهاءُ

عِوَض، يقال للواحِدَة ذُرَةٌ، والجَماعة ذُرَةٌ، ويقال له أَرْزَن‏.‏ وذَرَّيْتُه‏:‏ مَدَحْتُه؛ عن ابن الأَعرابي‏.‏ وفلان يُذَرِّي فلاناً‏:‏ وهو أَن يرفع في أَمره ويمدحه‏.‏ وفلان

يُذَرِّي حَسَبَه أَي يمدحه ويَرْفَعُ من شأْنه؛ قال رؤبة‏:‏

عَمْداً أُذَرّي حَسَبِي أَن يُشْتَمَا، لا ظَالِمَ الناس ولا مُظَلَّما

ولم أَزَلْ، عن عِرْضِ قَوْمِي، مِرْجَمَا

بِهَدْرِ هَدَّارٍ يَمُجُّ البَلْغَما

أَي أَرْفَعُ حَسَبي عن الشَّتِيمةِ‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ وإِنما أََثْبَتُّ

هذا هنا لأَن الاشتقاق يُؤذِنُ بذلك كأَنِّي جعلته في الذِّرْوَةِ‏.‏ وفي حديث أَبي الزناد‏:‏ كان يقول لابنه عبد الرحمن كيفَ حديثُ كذا‏؟‏ يريدُ أن يُذَرِّيَ منه أَي يَرْفَعَ من قَدْره ويُنَوِّهَ بذِكْرِِِِِه‏.‏

والمِذْرَى‏:‏ طَرَفُ الأَلْيةِ، والرَّانِفةُ ناحيَتُها‏.‏

وقولهم‏:‏ جاء فلان يَنْفُضُ مِذْرَوَيْه إِذا جاء باغِياً يَتَهَدَّدُ؛ قال عَنْتَرة يهجو عُمارةَ بنَ زِيادٍ العَبِسِي‏:‏

أَحَوْلِيَ تَنْفُضُ اسْتُكَ مِذْرَوَيْها

لِتَقْتُلْنِي‏؟‏ فهأَنذا عُمارَا

يريد‏:‏ يا عُمارَةُ، وقيل‏:‏ المِذْرَوَانِ أَطْرافُ الأَلْيَتَيْن ليس

لهما واحد، وهو أَجْوَدُ القولين لأَنه لو قال مِذْرَى لقيل في التثنية

مِذْرَيانِ، بالياء، للمجاورة، ولَمَا كانت بالواو في التثنية ولكنه من باب

عَقَلْتُه بِثنْيَايَيْنِ في أَنه لم يُثَنَّ على الواحد؛ قال أَبو علي‏:‏

الدليلُ على أَن الأَلف في التثنية حرف إِعراب صحة الواو في مِذْرَوانِ، قال‏:‏ أَلا ترى أَنه لو كانت الأَلف إِعراباً أَو دليلَ إِعراب وليست

مَصُوغَةً في بناء جملة الكلمة متصلةً بها اتصالَ حرف الإِعراب بما بعده، لوجب

أَن تقلب الواو ياء فقال مِذْريانِ لأَنها كانت تكون على هذا القول

طَرَفاً كلامِ مَغْزىً ومَدْعىً ومَلْهىً، فصحة الواو في مِذْرَوانِ دلالةٌ

على أَن الأَلف من جملة الكلمة، وأَنها ليست في تقدير الانفصال الذي

يكون في الإَعراب، قال‏:‏ فجَرَتِ الأَلف في مِذْرَوانِ مَجْرَى الواو في عُنْفُوانٍ وإِن اختلفت النون وهذا حسن في معناه، قال الجوهري‏:‏ المقصور إِذا

كان على أَربعة أَحرف يثنى بالياء على كل حال نحو مِقْلىً ومِقْلَيانِ‏.‏

والمِذْرَوانِ‏:‏ ناحيتا الرأْسِ مثل الفَوْدَيْن‏.‏ ويقال‏:‏ قَنَّع الشيبُ

مِذْرَوَيْه أَي جانِبَيْ رأْسه، وهما فَوْداهُ، سمِّيا مِذْرَوَينِ لأَنهما

يَذْرَيانِ أَي يَشيبَانِ‏.‏ والذُّرْوةُ‏:‏ هو الشيب، وقد ذَرِيَتْ

لِحْيَتُه، ثم استُعِير للمَنْكِبَيْنِ والأَلْيَتَيْن والطَّرَفَيْن‏.‏ وقال أَبو حنيفة‏:‏ مِذْرَوا القَوْس المَوْضِعان اللَّذَانِ يقع عليهما الوَتَر من أَسْفلَ وأَعْلَى؛ قال الهذلي‏:‏

على عَجْسِ هَتَّافَةِ المِذْرَوَيْـ *** ـنِ،صَفْرَاءَ مُضْجَعَةٍ في الشِّمالْ

قال‏:‏ وقال أَبو عمرو واحدها مِذْرىً، وقيل‏:‏ لا واحدها لها، وقال الحسن

البصري‏:‏ ما تَشَاءُ أَن ترى أَحدهم ينفض مِذْرَوَيْه، يقول هَأَنَذَا

فَاعْرِفُونِي‏.‏ والمِذْرَوَانِ كَأَنَّهما فَرْعَا الأَلْيَتين، وقيل‏:‏

المِذْرَوَانِ طرفا كلِّ شيء، وأَراد الحسن بهما فَرْعَي المَنْكِبَيْن، يقال ذلك للرجل إِذا جاء باغياً يَتَهَدَّدُ‏.‏ والمِذْرَوَانِ‏:‏ الجانِبَانِ من كل شيء، تقول العرب‏:‏ جاء فُلانٌ يَضْرِبُ أَصْدَرَيْه ويَهُزّ عِطْفَيه

ويَنْفُضُ مِذْرَوَيْه، وهما مَنْكِبَاه‏.‏

وإِنّ فلاناً لكَريمُ الذَّرَى أَي كريم الطَّبِيعَة‏.‏ وذَرَا الله الخَلْق ذَرْواً‏:‏ خَلَقهم، لغة في ذَرَأَ‏.‏ والذَّرْوُ والذَّرَا

والذُّرِّيَّة‏:‏ الخَلْق، وقيل‏:‏ الذَّرْوُ والذَّرَا عددُ الذُّرِّيَّة‏.‏ الليث‏:‏

الذُّرِّيَّة تقع على الآباءِ والأَبْناءِ والأَوْلادِ والنِّسَاء‏.‏ قل الله تعالى‏:‏ وآية لهم أَنَّا حملنا ذُرِّيَّتهم في الفُلْك المشحون؛ أَراد آباءهم

الذين حُمِلُوا مع نوح في السفينة‏.‏ وقوله صلى الله عليه وسلم ورأَى في بعض غَزَواته امرأَةً مَقْتولةً فقال‏:‏ ما كانت هَذِه لتُقاتِلَ، ثم قال للرجل‏:‏ الْحَقْ خالداً فقلْ له لا تَقْتُلْ ذُرِّيَّةً ولا عَسِيفاً، فسمَّى النساءَ ذُرِّيَّةً‏.‏ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه‏:‏ جُحُّوا

بالذُّرِّيَّة لا تأْكلوا أَرزاقَها وتَذَرُوا أَرْباقَها في أَعْناقِها؛ قال أبو عبيد‏:‏ أَراد بالذُّرِّيَّة ههنا النساءَ، قال‏:‏ وذهب جماعة من أَهل

العربيَّة إِلى أَن الذُّرِّيَّةَ أَصلها الهمز، روى ذلك أَبو عبيد عن

أَصحابه، منهم أَبو عبيدة وغيره من البصريين، قال‏:‏ وذهَب غيرُهم إِلى أَن أَصل

الذُّرِّيَّة فُعْلِيَّةٌ من الذَّرِّ، وكلٌّ مذكورٌ في موضعه‏.‏ وقوله عز

وجل‏:‏ إِنَّ الله اصطَفى آدمَ ونُوحاً وآل إِبراهيم وآلَ عِمْرانَ على

العالمين، ثم قال‏:‏ ذُرِّيَّةً بعضُها من بعض؛ قال أَبو إِسحق‏:‏ نصَبَ

ذُرِّيَّةً على البدلِ؛ المعنى أَنَّ الله اصطفى ذرِّيَّة بعضها من بعضٍ، قال الأَزهري‏:‏ فقد دخلَ فيها الآباءُ والأَبْناءُ، قال أَبو إِسحق‏:‏ وجائز أن تُنْصَب ذريةً على الحال؛ المعنى اصطفاهم في حال كون بعضهم من بعض‏.‏ وقوله

عز وجل‏:‏ أَلْحَقْنا بهم ذُرِّيَّاتِهِم؛ يريد أَولادَهُم الصغار‏.‏

وأَتانا ذَرْوٌ من خَبَرٍ‏:‏ وهو اليسيرُ منه، لغة في ذَرْءٍ‏.‏ وفي حديث

سليمان بن صُرَد‏:‏ قال لعليّ، كرم الله وجهه‏:‏ بلغني عن أَمير المؤمنين

ذَرْوٌ من قول تَشَذَّرَ لي فيه بالوَعِيد فسِرْتُ إِليه جواداً؛ ذَرْوٌ من قَوْلٍ أَي طَرَفٌ منه ولم يتكامل‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏ الذَّرْوُ من الحديث

ما ارتفعَ إِليك وتَرامى من حواشيه وأَطرافِه، من قولهم ذَرا لي فلان أَي

ارتفَع وقصَد؛ قال ابن بري‏:‏ ومنه قول أَبي أُنَيْسٍ حليف بَني زُهْرة

واسمه مَوْهَبُ بنُ رياح‏:‏

أَتاني عَنْ سُهَيْلٍ ذَرْوُ قَوْلٍ

فأَيْقَظَني، وما بي مِنْ رُقادِ

وذَرْوة‏:‏ موضع‏.‏ وذَرِيَّات‏:‏ موضع؛ قال القتال الكِلابي‏:‏

سقى اللهُ ما بينَ الرِّجامِ وغُمْرَةٍ، وبئْرِ ذَرِيَّاتٍ بهِنَّ جَنِينُ

نَجاءَ الثُّرَيَّا، كُلَّما ناءَ كْوكَبٌ، أَهلَّ يَسِحُّ الماءَ فيه دُجُونُ

وفي الحديث‏:‏ أَوَّلُ الثلاثةِ يدخُلونَ النارَ منهم ذو ذَرْوةٍ لا

يُعْطِي حَقَّ اللهِ من ماله أَي ذُو ثَرْوةٍ وهي الجِدَةُ والمالُ، وهو من باب الاعتقاب لاشتراكهما في المخرج‏.‏

وذِرْوَةُ‏:‏ اسم أَرضٍ بالبادية‏.‏ وذِرْوة الصَّمَّان‏:‏ عالِيَتُها‏.‏

وذَرْوَةُ‏:‏ اسم رجل‏.‏ وبئر ذَرْوانَ، بفتح الذال وسكون الراء‏:‏ بئْر لبَني

زُرَيْق بالمدينة‏.‏ وفي حديث سِحْرِ النبي، صلى الله عليه وسلم‏:‏ بئر ذَرْوانَ؛ قال ابن الأَثير‏:‏ وهو بتقديم الراء على الواو موضع بينَ قُدَيْدٍ

والجُحْفَة‏.‏ وذَرْوَةُ بن حُجْفة‏:‏ من شعرائهم‏.‏ وعَوْفُ بنُ ذِرْوة، بكسر الذال‏:‏

من شُعرائِهِم‏.‏ وذَرَّى حَبّاً‏:‏ اسم رجل؛ قال ابن سيده‏:‏ يكون من الواو

ويكون من الياء‏.‏ وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه‏:‏ ولتأْلَمُنَّ النَّوْمَ

على الصوف الأَذْرِيِّ كما يَأْلَم أَحدُكم النومَ على حَسَكِ

السَّعْدانِ؛ قال المبرد‏:‏ الأَذْرِيّ منسوب إِلى أَذْرَبيجانَ، وكذلك تقول العرب، قال الشماخ‏:‏

تَذَكَّرْتُها وَهْناً، وقَدْ حالَ دُونَها

قُرى أَذَرْبيجانَ المسالِحُ والجالُ

قال‏:‏ هذه مواضع كلها‏.‏

ذقا‏:‏ رجلٌ أَذْقى‏:‏ رخْوُ

الأَنْفِ، والأُنْثى ذَقْواءُ‏.‏ وفرس أَذْقى، والأُنْثى ذَقْواءُ، والجمع الذُّقْوُ‏:‏ وهو الرّخْوُ أَنْفِ الأُذُنِ، وكذلك الحِمارُ؛ قال الأَزهري‏:‏ هذا تَصْحِيف بَيِّن والصوابُ فرس أَذْقى والأُنْثى ذَقْواء إذا كانا مُسْتَرْخِيَيِ الأُذُنَيْنِ، وقد تقدم‏.‏