فصل: (تابع: حرفي الواو والياء)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لسان العرب ***


‏[‏تابع‏:‏ حرفي الواو والياء‏]‏

نرا‏:‏ التهذيب‏:‏ ابن الأَعرابي النَّرْوةُ حَجَر أَبْيضُ رقِيق، وربما ذُكِّي به‏.‏

نزا‏:‏ النَّزْو‏:‏ الوَثَبانُ، ومنه نَزْو التَّيس، ولا يقال إلاَّ

للشاء والدَّوابِّ والبقر في معنى السِّفاد‏.‏ وقال الفراء‏:‏ الأَنْزاء حركات

التُّيوس عند السِّفاد‏.‏ ويقال للفحل‏:‏ إنه لكثير النَّزاءِ أَي النَّزْو‏.‏ قال‏:‏ وحكى الكسائي النِّزاء، بالكسر، والهُذاء من الهَذَيان، بضم

الهاء ونَزا الذكر على الأُنثى نِزاء، بالكسر، يقال ذلك في الحافر

والظِّلف والسِّباع، وأَنْزاه غيره ونَزَّاه تَنْزِية‏.‏ وفي حديث علي، كرم الله وجهه‏:‏ أُمِرنا أَن لا نُنْزيَ الحُمُر على الخَيْلِ أَي نَحْمِلَها

عليها للنَّسل‏.‏ يقال‏:‏ نَزَوْتُ على الشيء أَنْزُو نَزْواً إذا وَثَبْت

عليه؛ قال ابن الأَثير‏:‏ وقد يكون في الأَجسام والمعاني، قال الخطابي‏:‏

يشبه أَن يكون المَعنى فيه، والله أَعلم، أن الحُمر إذا حُمِلت على

الخيل قَلَّ عدَدُها وانْقَطع نَماؤها وتعَطَّلَتْ مَنافِعها، والخيل

يُحتاج إليها للركوب وللرَّكْض وللطَّلَب وللجِهاد وإحْراز الغَنائم، ولحْمُها مأْكول وغير ذلك من المنافع، وليس للبغل شيء من هذه، فأَحَبَّ أن يَكثر نَسْلُها ليَكْثر الانتفاع بها‏.‏ ابن سيده‏:‏ النُّزاء الوَثْب، وقيل‏:‏ هو النَّزَوانُ في الوَثْب، وخصَّ بعضُهم به الوَثْب إلى فَوْقُ، نَزا ينْزُو نَزْواً ونُزاء ونُزُوّاً ونَزَواناً؛ وفي المثل‏:‏

نَزْوُ الفُرارِ اسعتَجْهَلَ الفُرارا

قال ابن بري‏:‏ شاهد النَّزَوان قولهم في المثل‏:‏ قد حِيلَ بيْنَ

العَيْرِ والنَّزَوان؛ قال‏:‏ وأَول مَن قاله صخر بن عمرو السُّلَمِي أَخو

الخنْساء‏:‏

أَهُمُّ بأَمْرِ الحَزْمِ لوْ أَسْتَطِيعُه، وقد حِيلَ بيْنَ العَيْرِ والنَّزَوانِ

وتَنَزَّى ونَزا؛ قال‏:‏

أَنا شَماطِيطُ الذي حُدِّثْتَ بهْ، مَتى أُنَبَّهْ للغَداءِ أَنْتَبه ثُمَّ أُنَزِّ حَوْلَه وأَحْتَبِهْ، حتى يُقالُ سَيِّدٌ، ولَسْتُ به الهاء في أَحْتَبِهْ زائدة للوقف، وإنما زادها للوصل لا فائدة لها أَكثر

من ذلك، وليست بضمير لأَن أَحْتَبي غير متعدّ، وأَنْزاه ونَزَّاه

تَنْزِيةً وتَنْزِيًّا؛ قال‏:‏

باتَتْ تُنَزِّي دَلْوَها تَنْزِِيّا، كما تُنَزِّي شَهْلةٌ صَبِيّا

النُّزاء‏:‏ داء يأْخذ الشاء فتَنْزُو منه حتى تَمُوت‏.‏

ونَزا به قلبُه‏:‏ طمَح‏.‏ ويقال‏:‏ وقع في الغنم نُزاء، بالضم، ونُقازٌ

وهما معاً داء يأْخذها فتَنْزُو منه وتَنْقُزُ حتى تموت‏.‏ قال ابن بري‏:‏

قال أَبو علي النُّزاء في الدابة مثل القُماص، فيكون المعنى أَن نُزاء

الدابة هو قُماصُها؛ وقال أَبو كبير‏:‏

يَنْزُو لوَقْعَتها طُمورَ الأَخْيَل

فهذا يدل على أَن النَّزْوَ الوُثوب؛ وقال ابن قتيبة في تفسير بيت ذي

الرمة‏:‏

مُعْرَوْريِاً رَمَضَ الرَّضْراضِ يَرْكضُه

يريد أَنه قد ركب جَوادُه الحصى فهو يَنْزُو من شدَّة الحرّ أَي يَقْفِز‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَن رجلاً أَصابَته جِراحة فنُزِيَ منها حتى مات‏.‏ يقال‏:‏ نُزِيَ دمُه ونُزِف إذا جَرى ولم يَنْقَطِع‏.‏ وفي حديث أَبي عامر

الأَشعري‏:‏ أَنه كان في وَقْعةِ هَوازِنَ رُمِي بسَهْم في رُكْبته فنُزِيَ منه

فماتَ‏.‏ وفي حديث السَّقِيفة‏:‏ فنَزَوْنا على سعد أَي وقَعُوا عليه

ووَطِئُوه‏.‏

والنَّزَوانُ‏:‏ التَّفَلُّتُ والسَّوْرةُ‏.‏ وإنه لَنَزِيٌّ إلى الشرِّ

ونَزَّاء ومُتَنَزٍّ أَي سَوَّار إليه، والعرب تقول‏:‏ إذا نَزا بك الشر

فاقْعُد؛ يضرب مثلاً للذي يَحْرِصُ على أَن لا يَسْأَم الشر حتى

يَسْأَمَه صاحبُه‏.‏ والنَّازِيةُ‏:‏ الحِدَّةُ والنادِرةُ

الليث‏:‏ النازيةُ حِدَّة الرجل المُتَنَزِّي إلى الشر، وهي النَّوازي‏.‏

ويقال‏:‏ إن قلبه ليَنْزُو إلى كذا أي يَنْزِعُ إلى كذا‏.‏ والتَّنَزِّي‏:‏

التوثُّب والتسرُّع؛ وقال نُصَيب، وقيل هو لبشار‏:‏

أَقولُ، ولَيْلَتي تَزْدادُ طُولاً‏:‏

أَما للَّيْلِ بَعْدَهُمُ نَهارُ‏؟‏

جَفَتْ عَيْني عن التَّغْمِيضِ حتى

كأَنَّ جُفونَها، عنها، قِصارُ

كأَنَّ فُؤادَه كُرةٌ تَنَزَّى

حِذارَ البَيْنِ، لو نَفَعَ الحِذارُ

وفي حديث وائل بن حُجْر‏:‏ إنَّ هذا انْتَزى على أَرضي فأَخَذها؛ هو افْتَعَلَ من النَّزْوِ‏.‏ والانْتِزاءُ والتَّنَزِّي أَيضاً‏:‏ تسَرُّع الإنسان

إلى الشر‏.‏ وفي الحديث الآخر‏:‏ انْتَزى على القَضاء فقضى بغير علم‏.‏

ونَزَتِ الخَمر تَنْزُو‏:‏ مُزِجَتْ فوَثَبَتْ‏.‏ ونَوازي الخَمر‏:‏ جَنادِعُها

عند المَزْجِ وفي الرأْس‏.‏ ونَزا الطعامُ ينْزُو نَزْواً‏:‏ علا سِعْرُه

وارتفع‏.‏ والنُّزاء والنِّزاء‏:‏ السِّفاد، يقال ذلك في الظِّلْف والحافِرِ

والسَّبُعِ، وعمَّ بعضهم به جميع الدواب، وقد نَزا ينْزُو نُزاء

وأَنْزَيْتُه‏.‏ وقَصْعة نازِيةُ القَعْر أَي قَعِيرةٌ، ونَزِيَّةٌ إذا لم يُذكر

القَعْرُ ولم يُسمَّ قَعْرُها أَي قَعِيرة‏.‏ وفي الصحاح‏:‏ النَّازية

قصعة قَريـبة القَعْر‏.‏ ونُزيَ الرجل‏:‏ كُنزِفّ وأَصابه جُرح فنُزِيَ منه

فمات‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ يقال للسِّقاء الذي ليس بضَخْم أَدِيٌّ، فإذا كان

صغيراً فهو نَزيء، مهموز‏.‏

وقال‏:‏ النَّزِيَّةُ، بغير همز، ما فاجأَكَ من مطر أَو شَوق أَو أَمر

؛ وأَنشد‏:‏

وفي العارِضِينَ المُصْعِدينَ نَزِيَّةٌ

من الشَّوقِ، مَجْنُوبٌ به القَلْبُ أَجْمعُ

قال ابن بري‏:‏ ذكر أَبو عبيد في كتاب الخيل في باب نعوت الجري والعَدْو

من الخيل‏:‏ فإذا نَزا نَزْواً يقاربُ العَدْو فذلك التوقُّص، فهذا شاهد

على أَن النُّزاء ضَرْبٌ من العَدْو مثل التوقُّص والقُماص ونحوه‏.‏ قال‏:‏

وقال ابن حمزة في كتاب أَفعلَ من كذا‏:‏ فأَما قولهم أَنْزى من ظَبْيٍ

فمن النَّزَوان لا من النَّزْو، فهذا قد جعل النَّزَوانَ والقُماصَ

والوَثْبَ، وجعل النَّزْو نَزْوَ الذكر على الأُنثى، قال‏:‏ ويقال نَزَّى دلوه

تَنْزِيةً وتَنْزِيًّا؛ وأَنشد‏:‏

باتَت تُنَزِّي دَلْوها تَنْزيّا

نسا‏:‏ النِّسْوةُ والنُّسْوة، بالكسر والضم، والنِّساء والنِّسْوانُ

والنُّسْوان‏:‏ جمع المرأَة من غير لفظه، كما يقال خلِفةٌ ومَخاضٌ وذلك

وأُولئك والنِّسُونَ

قال ابن سيده‏:‏ والنساء جمع نسوة إذا كثرن، ولذلك قال سيبويه في الإضافة إلى نساء

نِسْوِيّ، فردَّه إلى واحده، وتصغير نِسْوةٍ نُسَيَّةٌ، ويقال نُسَيَّاتٌ، وهو تصغير الجمع‏.‏

والنِّسا‏:‏ عرق من الورك إلى الكعب، أَلفه منقلبة عن واو لقولهم

نَسَوانِ في تثنيته، وقد ذكرت أَيضاً منقلبة عن الياء لقولهم نَسَيانِ؛ أَنشد

ثعلب‏:‏

ذِي مَحْزِمٍ نَهْدٍ وطَرْفٍ شاخِصِ، وعَصَبٍ عَنْ نَسَوَيْه قالِصِ

الأَصمعي‏:‏ النَّسا، بالفتح مقصور بوزن العَصا، عِرْق يخرج من الوَرِك

فيَسْتَبْطِنُ الفخذين ثم يمرّ بالعُرْقوب حتى يبلغ الحافر، فإذا سمنت

الدابة انفَلَقت فخذاها بلَحْمَتَين عظيمتين وجَرى النَّسا بينهما

واستبان، وإذا هُزِلَت الدابة اضطرَبَت الفخذان وماجَت الرَّبَلَتان وخَفي النَّسا، وإنما يقال مُنْشَقُ النَّسا، يريد موضع النَّسا‏.‏ وفي حديث سعد‏:‏ رَمَيْتُ سُهَيْلَ بن عَمرو يوم بَدْر فقَطَعْتُ نَساه، والأَفصح أن يقال له النَّسا، لا عِرْقُ النَّسا‏.‏ ابن سيده‏:‏ والنسا من الوَرِك إلى

الكعب، ولا يقال عِرْقُ النَّسا، وقد غلط فيه ثعلب فأَضافه، والجمع أَنْساء؛ قال أَبو ذؤيب‏:‏

مُتَفَلِّقٌ أَنْساؤها عن قانِئٍ

كالقُرْطِ صاوٍ، غُبْرُه لا يُرْضَعُ

وإنما قال مُتفلق أَنساؤها، والنَّسا لا يَتفلَّقُ إنما يتفلَّقُ موضعه، أَراد يتفلق فَخِذاها عن موضع النَّسا، لما سَمِنت تفَرَّجت اللحمة

فظهر النَّسا، صاوٍ‏:‏ يابس، يعني الضَّرع كالقُرْط، شبهه بقُرط المرأَة

ولم يُرد أَنَّ ثَمَّ بقية لبن لا يُرْضَع، إنما أَراده أَنه لا غُبْرَ

هنالك فيُهْتَدى به ؛ قال ابن بري‏:‏ وقوله عن قانئ أَي عن ضَرْع أَحمر

كالقُرْط، يعني في صِغَره، وقوله‏:‏ غُبْره لا يُرْضَع أَي ليس لها غُبْر

فيُرضَع؛ قال‏:‏ ومثله قوله‏:‏

على لاحِبٍ لا يُهْتَدى لِمَنارِه

أَي ليس ثَمَّ مَنار فيُهْتَدَى به؛ ومثله قوله تعالى‏:‏ لا يَسْأَلون

الناس إلحافاً؛ أَي لا سُؤالَ لهم فيكون منه الإلحافُ؛ وإذا قالوا إنه

لشَديد النَّسا فإنما يُراد به النَِّسا نَفْسُه‏.‏ ونَسَيْتُه أَْنْسِيه

نَسْياً فهو مَنْسِيٌّ‏:‏ ضَرَبْت نَساه‏.‏ ونَسِيَ الرجلُ يَنْسى نَساً إذا

اشتكى نَساه،فهو نَسٍ على فَعِل إذا اشتكى نَساه، وفي المحكم‏:‏ فهو أَنْسى، والأُنثي نَسْآه، وفي التهذيب نَسْياء، إذا اشْتَكَيا عِرْق النَّسا، وقال ابن السكيت‏:‏ هو عِرْقُ النَّسا، وقال الأَصمعي‏:‏ لا يُقال عِرق

النَّسا، والعرب لا تقول عِرْق النسا كما لا يقولون عِرْقُ الأَكْحَل، ولا عِرْق الأَبْجَل، إنما هو النَّسا والأَكْحَلُ والأَبْجَل، وأَنشد

بيتين لامرئ القيس، وحكى الكسائي وغيره‏:‏ هو عرق النسا، وحكى أَبو العباس في الفصيح‏:‏ أَبو عبيد يقال للذي يشتكي نَساه نَسٍ، وقال ابن السكيت‏:‏ هو النِّسا لهذا العرق؛ قال لبيد‏:‏

مِنْ نَسا النَّاشِط، إذْ ثَوَّرْتَه، أَو رَئِيس الأَخْدَرِيّاتِ الأُوَلْ

قال ابن بري‏:‏ جاء في التفسير عن ابن عباس وغيره كلُّ الطعام كان حِلاًّ

لِبني إسْرائيل إلاَّ ما حرَّم إسرائيلُ على نفسه؛ قالوا‏:‏ حرَّم

إسرائيل لحوم الإبل لأَنه كان به عِرْق النَّسا، فإذا ثبت أَنه مسموع فلا وجه

لإنكار قولهم عِرْق النسا، وقال‏:‏ ويكون من باب إضافة المسمى إلى اسمه

كحَبْل الوَرِيد ونَحوِه؛ ومنه قول الكميت‏:‏

إلَيْكم، ذَوي آلِ النَّبيِّ، تَطَلَّعَتْ

نَوازعُ، من قَلْبي، ظِماءٌ وأَلْبُبُ

أَي إليكم يا أَصحاب هذا الاسم، قال‏:‏ وقد يضاف الشيء إلى نفسه إذا

اختلَف اللفظان كحَبْل الوَريد وحَبِّ الحَصيد وثابِتِ قُطْنةَ وسعيدِ

كُرْزٍ، ومثله‏:‏ فقلتُ انْجُوَا عنها نجا الجِلْدِ؛ والنَّجا‏:‏ هو الجلد

المسلوخ؛ وقول الآخر‏:‏

تُفاوِضُ مَنْ أَطوي طَوَى الكَشْحِ دونه

وقال فَرْوة بن مُسَيْك‏:‏

لَمَّا رَأَيْتُ مُلُوكَ كِنْدةَ أَعْرَضَتْ

كالرِّجْلِ، خانَ الرَِّجْلَ عِرْقُ نَسائها

قال‏:‏ ومما يقوّى قولَهم عِرْق النَّساء قول هِمْيانَ‏:‏

كأَنَّما يَيْجَع عِرْقا أَبْيَضِه

والأَبْيَضُ‏:‏ هو العِرْقُ‏.‏

والنِّسيْان، بكسر النون‏:‏ ضدّ الذِّكر والحِفظ، نَسِيَه نِسْياً

ونِسْياناً ونِسْوةً ونِساوةً ونَساوة؛ الأَخيرتان على المعاقبة‏.‏ وحكى ابن بري عن ابن خالويه في كتاب اللغات قال‏:‏ نَسِيت الشيء نِسْياناً ونَسْياً

ونِسْياً ونِساوةً ونِسْوةً؛ وأَنشد‏:‏

فلَسْت بصَرَّامٍ ولا ذِي مَلالةٍ، ولا نِسْوةٍ للعَهْدِ، يا أُمَّ جَعْفَرِ

وتَناساه وأَنْساه إِياه‏.‏ وقوله عز وجل‏:‏ نَسُوا اللهَ فنَسِيَهم؛ قال ثعلب‏:‏ لا يَنْسى الله عز وجل، إنما معناه تركوا الله فتركهم، فلما

كان النِّسْيان ضرباً من الترك وضعَه موضعه، وفي التهذيب‏:‏ أَي تركوا

أَمرَ الله فتركهم من رحمته‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ فنَسِيتَها وكذلك اليومَ تُنْسَى

؛ أَي ترَكْتَها فكذلك تُتْرَكُ في النار‏.‏ ورجل نَسْيانُ، بفتح النون‏:‏ كثير النِّسْيانِ للشيء‏.‏ وقوله عز وجل‏:‏ ولقد عَهِدْنا إلى آدمَ من قَبْلُ فَنَسِيَ؛ معناه أَيضاً تَرَكَ لأَن النَّاسِي لا يُؤاخَذُ

بِنِسْيانِه، والأَول أَقيس‏.‏ والنِّسيانُ‏:‏

الترك‏.‏ وقوله عز وجل‏:‏ ما نَنْسخ مِن آية أَو نُنْسها؛أَي نأْمُركم بتركها‏.‏ قال‏:‏ أَنْسَيْته أَي أَمَرْت بتركه‏.‏ ونَسِيتُه‏:‏ تَرَكْتُه‏.‏ وقال الفراء‏:‏ عامة القراء يجعلون قوله أَو نَنْساها من النِّسيان، والنَّسْيانُ

ههنا على وجهين‏:‏ أَحدهما على الترك نَتْرُكها فلا نَنْسَخها كما قال عز

وجل‏:‏ نَسُوا اللهَ فنَسِيَهم؛ يريد تركوه فتركهم، وقال تعالى‏:‏ ولا

تَنْسَوُا الفَضْلَ بينكم؛ والوجه الآخر من النِّسيان الذي يُنْسَى كما قال تعالى‏:‏ واذْكُرْ رَبَّك إذا نَسِيتَ؛ وقال الزجاج‏:‏ قرئ أَو نُنْسِها، وقرئ‏:‏ نْنَسِّها، وقرئ‏:‏ نَنْسَأْها، قال‏:‏ وقول أَهل اللغة في قوله

أَو نُنْسِها قولان‏:‏ قال بعضهم أَو نُنْسِها من النِّسْيان، وقال دليلنا على ذلك قوله تعالى‏:‏ سَنُقْرِئك فلا تَنْسَى إلا ما شاء الله؛ فقد

أَعلمَ الله أَنه يشاء أَن يَنسَى، قال أَبو إسحق‏:‏ هذا القول عندي غير

جائز لأن الله تعالى قد أَنبأ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في قوله‏:‏

ولئن شئنا لنَذْهَبَنَّ بالذي أَوْحَينا؛ أَنه لا يشاء أَن يَذْهَب بما

أَوحَى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ وقوله فلا تَنْسَى، أَي

فلستَ تَتْرُك إلا ما شاء الله أَن تَترك، قال‏:‏ ويجوز أَن يكون إلا ما شاء الله مما يلحق بالبشرية ثم تَذَكَّرُ بعدُ ليسَ أَنه على طريق

السَّلْب للنبي صلى الله عليه وسلم شيئاً أُتِيَه من الحكمة، قال‏:‏ وقيل

في قوله أَو نُنْسِها قول آخر، وهو خطأٌ أَيضاً، أَو نَتْرُكها، وهذا

إنما يقال فيه نَسِيت إذا ترَكت، لا يقال أُنْسِيت تركت، وقال‏:‏ وإنما

معنى أَو نُنْسِها أَو نُتْرِكْها أَي نأْمُرْكُم بتركها؛ قال أَبو منصور‏:‏ ومما يقوّي هذا ما رَوى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده‏:‏

إنَّ عليَّ عُقْبةً أَقضِيها، لَسْتُ بناسِيها ولا مُنْسِيها

قال‏:‏ بناسِيها بتارِكها، ولا مُنْسِيها ولا مؤخِّرها، فوافق قولُ ابن الأَعرابي قولَه في النَّاسِي إنه التارك لا المُنْسِي، واختلفا في المُنْسِي، قال أَبو منصور‏:‏ وكأَنَّ ابن الأَعرابي ذهب في قوله ولا

مُنسِيها إلى تَرك الهمز من أَنسأْتُ الدَّبن إذا أَخَّرته، على لغة من يُخفف

الهمز‏.‏ والنَّسْوةُ‏:‏ التَّرْك للعمل‏.‏ وقوله عز وجل‏:‏ نَسُوا الله فأَنْساهم أَنْفُسهم؛ قال‏:‏ إنما معناه أَنساهم أَن يعملوا لأَنفسهم‏.‏ وقوله

عز وجل‏:‏ وتَنْسَوْنَ ما تُشْر كون؛ قال الزجاج‏:‏ تَنْسَون ههنا على

ضربين‏:‏ جائز أَن يكون تَنْسَوْن تتركون، وجائز أَن يكون المعنى أَنكم في ترككم دُعاءهم بمنزلة من قد نَسِيَهم؛ وكذلك قوله تعالى‏:‏ فاليوم نَنْساهم

كما نَسُوا لِقاء يومهم هذا؛ أَي نتركهم من الرحمة في عذابهم كما تركوا

العمل للقاء يومهم هذا؛ وكذلك قوله تعالى‏:‏ فلما نَسُوا ما ذُكِّروا به ؛ يجوز أَن يكون معناه ترَكوا، ويجوز أَن يكونوا في تركهم القبول

بمنزلة من نِسِيَ‏.‏ لليث‏:‏ نَسِيَ فلان شيئاً كان يذكره، وإنه لَنَسِيُّ كثير

النِّسيان‏.‏ والنَّسْيُ‏:‏ الشيء المَنْسِيُّ الذي لا يذكر‏.‏ والنِّسْيُ

والنَّسْيُ؛ الأخيرة عن كراع، وآدم قد أُوُخِذَ بِنسْيانِه فهَبَط من الجنة‏.‏ وجاء في الحديث‏:‏ لو وُزِنَ حِلْمُهم وحَزْمُهم مُذْ كان آدمُ إلى

أَن تقوم الساعةُ ما وَفَى بحِلْمِ آدَمَ وحَزْمِه‏.‏ وقال الله فيه‏:‏

فنَسِيَ ولم نَجِدْ له عزماً‏.‏ النِّسْيُ‏:‏ المَنْسِيُّ‏.‏ وقوله عز وجل حكاية

عن مريم‏:‏ وكنتُ نِسْياً مَنْسِيًّا؛ فسره ثعلب فقال‏:‏ النِّسْيُ خِرَقُ

الحَيْضَ التي يُرمَى بها فتُنْسَى، وقرئ‏:‏ نِسْياً ونَسْياً، بالكسر

والفتح، فمن قرأ بالكسر فمعناه حَيْضة ملقاة، ومن قَرأَ نَسْياً فمعناه

شيئاً مَنسِيًّا لا أُعْرَفُ؛ قال دُكَيْنٌ الفُقَيْمِي‏:‏

بالدَّارِ وَحْيٌ كاللَّقَى المُطَرَّسِ، كالنَّسْيِ مُلْقًى بالجَهادِ البَسْبَسِ

والجَهاد، بالفتح‏:‏ الأرض الصُّلبةُ‏.‏ والنِّسْيُ أَيضاً‏:‏ ما نُسي وما

سَقَط في منازل المرتحلين من رُذال أَمْتعتهم‏.‏ وفي حديث عائشة، رضي الله عنها‏:‏ ودَدْتُ أَنِّي كنتُ نِسْياً مَنْسِيّاً أَي شيئاً حقِيراً

مُطَّرَحاً لا يُلْتَفَت إِليه‏.‏ ويقال لخِرقة الحائضِ‏:‏ نِسّيٌ، وجمعه أَنْساء‏.‏

تقول العرب إذا ارتحلوا من المنزل‏:‏ انظروا أَنساءَكم، تريد الأَشياء

الحَقيرة التي ليست عندهم ببال مثل العَصا والقَدَح والشِّظاظ أَي

اعْتَبِرُوها لئلا تَنْسَوْها في المنزل، وقال الأَخفش‏:‏ النِّسْيُ ما أُغفل من شيء

حقير ونُسِيَ، وقال الزجاج‏:‏ النِّسْي في كلام العرب الشيء المَطْرُوح لا

يُؤْبَهُ له؛ وقال الشَّنْفَرَى‏:‏

كأَنَّ لها في الأَرضِ نِسْياً تَقُصُّه

على أَمِّها، وإِنْ تُخاطِبْكَ تَبْلَتِ

قال ابن بري‏:‏ بَلَتَ، بالفتح، إِذا قطع، وبَلِتَ، بالكسر، إِذا سَكَنَ‏.‏

وقال الفراء‏:‏ النِّسْي والنَّسْيُ لغتان فيما تُلقِيه المرأَة من خِرَق

اعْتِلالها مثل وِتْرٍ وَوَتْرٍ، قال‏:‏ ولوأَردت بالنِّسْي مصدر النِّسْيان

كان صواباً، والعرب تقول نَسِيته نِسْياناً ونِسْياً، ولا تقل

نَسَياناً، بالتحريك، لأَن النَّسيَان إِنما هو تثنية نَسَا العِرْقِ‏.‏ وأَنْسانِيه الله ونَسَّانِيه تَنْسِيةً بمعنى‏.‏ وتَناساه‏:‏ أَرَى من نفسه أَنه

نَسِيَه؛ وقول امرئ القيس‏:‏

ومِثْلِكِ بَيْضاءِ العَوارِضِ طَفْلةٍ

لَعُوبٍ تَناساني، إِذا قُمْتُ، سِرْبالي

أَي تُنْسِيني؛ عن أَبي عبيد‏.‏ والنَّسِيُّ‏:‏ الكثير النَّسْيان، يكون

فَعِيلاً وفَعُولاً وفَعِيلٌ أَكثر لأَنه لو كان فَعولاً لقيل نَسُوّ

أَيضاً‏.‏ وقال ثعلب‏:‏ رجل ناسٍ ونَسِيٌّ كقولك حاكِمٌ وحَكِيمٌ وعالِم وعَليم

وشاهد وشهيد وسامع وسميع‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ وما كان ربك نَسِيّاً؛ أَي لا

يَنْسَى شيئاً، قال الزجاج‏:‏ وجائز أَن يكون معناه، والله أَعلم، ما نَسِيَكَ ربُّكَ يا محمد وإِن تأَخَّر عنك الوَحْي؛ يُرْوَى أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أَبطأَ عليه جبريل، عليه السلام، بالوَحْي فقال وقد

أَتاه جبريل‏:‏ ما زُرْتَنا حتى اشتَقْناكَ، فقال‏:‏ ما نَتَنَزَّلُ إِلا بأَمْر

رَبِّكَ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ لا يَقولَنَّ أَحدُكم نَسِيتُ آيةَ كَيْتَ

وكَيْتَ، بل هو نُسِّيَ، كره نِسْبةَ النِّسْيانِ إِلى النفْس لمعنيين‏:‏ أَحدهما

أَن الله عزَّ وجل هو الذي أَنْساه إِيَّاه لأَنه المُقَدِّر للأَشياء

كلها، والثاني أَنَّ أَصل النسيان الترك، فكره له أَن يقول تَرَكْتُ

القُرآن أَو قَصَدْتُ إِلى نِسْيانه، ولأَن ذلك لم يكن باختياره‏.‏ يقال‏:‏ نَساه الله وأَنْساه، ولو روي نُسِيَ، بالتخفيف، لكان معناه تُرِك من الخير

وحُرِمَ، ورواه أَبو عبيد‏:‏ بِئْسَما لأَحَدِكم أَن يقول نَسِيتُ آيةَ كَيْتَ

وكَيْتَ، ليس هو نَسِيَ ولكنه نُسِّيَ، قال‏:‏ وهذا اللفظ أَبْيَنُ من الأَول واختار فيه أَنه بمعنى الترك؛ ومنه الحديث‏:‏ إِنما أُنَسَّى لأَسُنَّ

أَي لأَذكر لكم ما يَلزم النَّاسِيَ لشيء من عبادتِه وأَفْعَل ذلك

فَتَقْتَدوا بي‏.‏ وفي الحديث‏:‏ فيُتْرَكون في المَنْسَى تحت قَدَمِ الرحمن أَي

يُنْسَونَ في النار، وتحتَ القدَمِ استعارةٌ كأَنه قال‏:‏ يُنْسِيهمُ الله الخَلق لئلا يَشفع فيهم أَحد؛ قال الشاعر‏:‏

أَبْلَتْ مَوَدَّتَها اللَّيالي بَعْدَنا، ومَشَى علَيْها الدَّهْرُ، وهْوَ مُقَيَّدُ

ومه قوله،صلى الله عليه وسلم، يومَ الفَتْح‏:‏ كلُّ مَأْثُرَةٍ من مآثِرِ

الجاهليّةِ تحت قدَمَيَّ إِلى يوم القيامة‏.‏ والنَّسِيُّ‏:‏ الذي لا يُعَدُّ

في القوم لأَنه مَنْسِيٌّ‏.‏ الجوهري في قوله تعالى‏:‏ ولا تَنسَوُا الفَضْل

بينَكم؛ قال‏:‏ أَجاز بعضهم الهمز فيه‏.‏ قال المبرد‏:‏ كل واو مضمومة لك أن تهمزها إِلا واحدة فإِنهم اختلفوا فيها، وهي قوله تعالى‏:‏ ولا تنسوا الفضل

بينكم، وما أَشبهها من واو الجمع، وأَجاز بعضهم الهمز وهو قليل

والاختيار ترك الهمز، قال‏:‏ وأَصله تَنْسَيُوا فسكنت الياء وأُسقطت لاجتماع

الساكنين، فلما احتيج إِلى تحريك الواو رُدَّت فيها ضمة الياء‏.‏ وقال ابن بري

عند قول الجوهري فسكنت الياء وأُسقطت لاجتماع الساكنين قال‏:‏ صوابه فتحركت

الياء وانفتح ما قبلها فانقلبت أَلفاً، ثم حذفت لالتقاء الساكنين‏.‏

ابن الأَعرابي‏:‏ ناساهُ إِذا أَبْعَدَه، جاء به غير مهموز وأَصله الهمز‏.‏

الجوهري‏:‏ المِنْساةُ العَصا؛ قال الشاعر‏:‏

إِذا دَبَبْتَ على المِنْساةِ من هرَمٍ، فقَدْ تَباعَدَ عَنكَ اللَّهْوُ والغَزَلُ

قال‏:‏ وأَصله الهمز، وقد ذكر؛ وروى شمر أَن ابن الأَعرابي أَنشده‏:‏

سَقَوْني النَّسْيَ، ثم تَكَنَّفُوني

عُداةَ الله من كَذِبٍ وزُورِ

بغير همز، وهو كل ما نَسَّى العقل، قال‏:‏ وهو من اللبن حَلِيب يُصَبُّ

عليه ماء؛ قال شمر‏:‏ وقال غيره هو النَّسِيُّ، نصب النون بغير همز؛ وأَنشد‏:‏ لا تَشْرَبَنْ يومَ وُرُودٍ حازِرا

ولا نَسِيّاً، فتجيء فاتِرا

ابن الأَعرابي‏:‏ النَّسْوةُ الجُرْعة من اللبن‏.‏

نشا‏:‏ النَّشا، مقصور‏:‏ نَسِيم الرِّيح الطيبة، وقد نَشِيَ منه ريحاً طيبة

نِشْوةً ونَشْوة أَي شَمِمْت؛ عن اللحياني؛ قال أَبو خِراش الهُذلي‏:‏

ونَشِيتُ رِيحَ المَوْتِ مِن تِلْقائِهمْ، وخَشِيتُ وَقْعَ مُهَنَّدٍ قِرْضابِ

قال ابن بري‏:‏ قال أَبو عبيدة في المَجاز في آخر سورة ن والقلم‏:‏ إن البت لقَيْس بن جَعْدة الخُزاعي‏.‏ واسْتَنْشَى وتَنَشَّى وانْتَشَى‏.‏

وأَنْشَى الضَّبُّ الرجلَ‏:‏ وجَدَ نِشْوَتَه، وهو طَيِّب النِّشْوةِ والنَّشْوةِ

والنِّشْيةِ

؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، أَي الرائحة، وقد تكون

النِّشوة في غير الريح الطيبة‏.‏ والنَّشا، مقصْور‏:‏ شيء يعمل به الفالوذَجُ، فارسي معرب، يقال له النَّشاسْتَج، حذف شطره تخفيفاً كما قالوا للمَنازِل

مَنا، سمي بذلك لخُموم رائحته‏.‏ ونشِيَ الرجل من الشراب نَشْواً ونُشْوةً

ونَشوةً ونِشْوةً؛ الكسر عن اللحياني، وتَنَشَّى وانْتَشَى كله‏:‏ سَكِرَ، فهو نَشْوان؛ أَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

إِني نَشِيتُ فما أَسْطِيعُ مِن فَلَتٍ، حتى أُشَقِّقَ أَثْوابي وأَبْرادِي

ورجل نَشْوانُ ونَشْيانُ، على المُعاقبة، والأُنثى نَشْوَى، وجمعها

نَشاوَى كسَكارَى؛ قال زهير‏:‏

وقد أَغْدُو على ثُبةٍ كِرامٍ

نَشاوَى واجِدينَ لِما نَشاء

واسْتَبانَتْ نَشْوَتُه، وزعم يونس أَنه سمع نِشْوته‏.‏ وقال شمر‏:‏ يقال من الرِّيح نِشْوةٌ ومن السُّكْر نَشْوةٌ‏.‏ وفي حديث شرب الخمر‏:‏ إن انْتَشَى لم تُقْبل له صلاةٌ أَربعين يوماً؛ الانْتِشاء‏:‏ أَول السُّكر

ومُقدَّماته، وقيل‏:‏ هو السكر نفْسُه، ورجل نَشْوانُ بيِّن النَّشْوة‏.‏ وفي الحديث‏:‏

إِذا اسْتَنشَيت واسْتَنْثَرْت أَي اسْتَنْشَقْت بالماء في الوضوء، من قولك نَشِيت الرائحة إِذا شَمِمْتَها‏.‏ أَبو زيد‏:‏ نَشِيت منه أَنْشَى نشوة، وهي الرِّيح تجدها، واسْتَنْشَيْتُ نَشا رِيح طيبة أَي نَسِيمها؛ قال ذو

الرمة‏:‏

وأَدْرَك المُتَبَقَّى مِنْ ثَمِيلَتِه

ومِن ثمائِلها، واسْتُنْشِيَ الغَرَبُ

وقال الشاعر‏:‏

وتَنْشَى نَشا المِسْك في فارةٍ، وريحَ الخُزامَى على الأَجْرَع

قال ابن بري‏:‏ قال على بن حمزة يقال للرائحة نَشوة ونَشاة ونَشاً؛ وأَنشد‏:‏ بآيةِ ما إِنَّ النَّقا طَيِّبُ النَّشا، إِذا ما اعْتراه، آخِرَ اللَّيل، طارِقُهْ

قال أَبو زيد‏:‏ النَّشا حِدَّة الرائحة، طيبة كانت أَو خبيثة؛ فمن الطيب

قول الشاعر‏:‏

بآية ما إِن النقا طيب النشا

ومن النَّتْن النَّشا، سمي بذلكَ لنَتْنِه في حال عمله، قال‏:‏ وهذا يدل

على أَن النَّشا عربي وليس كما ذكره الجوهري، قال‏:‏ ويدلك على أَن النَّشا

ليس هو النَّشاسْتَج، كما زعم أَبو عبيدة في باب ضروب الأَلوان من كتاب

الغريب المصنف الأُرْجُوان‏:‏ الحُمْرة، ويقال الأُرْجُوان النَّشاستج، وكذلك ذكره الجوهري في فصل رجا فقال‏:‏ والأُرْجوان صبغ أَحمر شديد الحمرة؛ قال أَبو عبيد‏:‏ وهو الذي يقال له النشاستج، قال‏:‏ والبَهْرَمان دونه؛ قال ابن بري‏:‏ فثبت بهذا أَن النشاستج غير النَّشا‏.‏ والنِّشْوة‏:‏ الخَبَرُ أَوّل

ما يَرِدُ‏.‏ ورجل نَشْيانُ بَيِّن النِّشوة‏:‏ يتَخَبَّرُ الأَخبار أَوَّلَ

ورُودها، وهذا على الشذوذ، إِنما حكمه نَشْوان، ولكنه من باب جَبَوْت

المال جباية‏.‏ الكسائي‏:‏ رجل نَشْيانُ للخبر ونَشْوان، وهو الكلام المُعْتَمد‏.‏

ونَشِيت الخبر إِذا تَخبَّرت ونظرتَ من أَين جاء‏.‏ ويقال‏:‏ من أَين نَشِيتَ

هذا الخبرَ أَي من أَين علمته‏؟‏ الأَصمعي‏:‏ انْظُر لنا الخبر واستَنْشِ

واستَوْشِ أَي تعَرَّفْه‏.‏ ورجل نَشْيانُ للخبر بيِّن النِّشوة، بالكسر، وإِنما قالوه بالياء للفرق بينه وبين النَّشْوانِ، وأًصل الياء في نَشِيت

واو، قلبت ياء للكسرة‏.‏ قال شمر‏:‏ ورجل نَشْيانُ للخبَر ونَشْوانُ من السُّكر، وأَصلهما الواو ففَرقوا بينهما‏.‏ الجوهري‏:‏ ورجل نَشْوان أَي سَكران

بيِّن النَّشوة، بالفتح‏.‏ قال‏:‏ وزعم يونس أَنه سمع فيه نِشْوة، بالكسر، وقول

سنان بن الفحل‏:‏

وقالوا‏:‏ قد جُنِنْتَ فقلت‏:‏ كَلاَّ

ورَبي ما جُنِنْتُ، ولا انْتشَيْتُ

يريد‏:‏ ولا بَكَيْتُ من سكر؛ وقوله‏:‏

من النَّشَواتِ والنَّشَإِ الحِسانِ

أَراد جمع النَّشْوة‏.‏

وفي الحديث‏:‏ أَنه دخل على خَديجةَ خَطَبها ودخلَ عليها مُسْتَنْشِيةٌ من مُوَلَّدات قُريش، وقد روي بالهمز، وقد تقدَّم‏.‏ والمُسْتَنْشِيةُ‏:‏

الكاهِنةُ سميت بذلك لأَنها كانت تَسْتَنْشِي الأَخبارَ أَي تبحَث عنها، من قولك رجل نَشْيانُ للخبر‏.‏ يعقوب‏:‏ الذئب يَسْتَنْشِئُ الريح، بالهمز، قال‏:‏

وإِنما هو من نَشِيت غير مهموز‏.‏

ونَشَوْتُ في بني فلان‏:‏ رُبِّيتُ، نادر، وهو محوّل من نشأْت، وبعكسه هو يَسْتَنْشِئُ الريح، حوّلوها إِلى الهمزة‏.‏ وحكى قطرب‏:‏ نَشا يَنْشُو لغة

في نشأَ ينشأُ، وليس عنده على التحويل‏.‏

والنَّشاة‏:‏ الشجرة اليابسة، إِما أَن يكون على التحويل، وإِما أَن يكون

على ما حكاه قطرب؛ قال الهذلي‏:‏

تَدَلَّى عَلَيْه من بَشامٍ وأَيْكةٍ

نَشاة فُرُوعٍ مُرْثَعِنِّ الذَّوائِبِ

والجمع نَشاً‏.‏ والنَّشْوُ‏:‏ اسم للجمع؛ أَنشد‏:‏

كأَنَّ على أَكتافِهِم نَشْوَ غَرْقَدٍ، وقد جاوَزُوا نَيَّانَ كالنَّبَطِ الغُلْفِ

نصا‏:‏ النَّاصِيةُ‏:‏ واحدة النَّواصي‏.‏ ابن سيده‏:‏ الناصِيةُ والنَّصاةُ، لغة طيئية، قُصاصُ الشعر في مُقدَّم الرأْس؛ قال حُرَيْث بن عَتاب

الطائي‏:‏ لقَدْ آذَنَتْ أَهْلَ اليَمامةِ طَيِّءٌ

بحَرْبٍ كناصاةِ الحِصانِ المُشَهَّرِ

وليس لها نظير إِلا حرفين‏:‏ بادِيةٌ وباداةٌ وقارِيةٌ وقاراةٌ، وهي الحاضِرةُ‏.‏ ونَصاه نَصْواً‏:‏ قبض على ناصِيَتِه، وقيل‏:‏ مَدَّ بها‏.‏ وقال الفراء

في قوله عز وجل‏:‏ لنَسْفَعَنْ بالنّاصِيةِ؛ ناصِيَتُه مقدَّمُ رأْسه أَي

لنَهْصُرَنَّها لنَأْخُذَنَّ بها أَي لنُقِيمَنَّه ولَنُذِلَّنَّه‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ الناصِية عند العرب مَنْبِتُ الشعر في مقدَّم الرأْس، لا الشعَرُ

الذي تسميه العامة الناصية، وسمي الشعر ناصية لنباته من ذلك الموضع، وقيل في قوله تعالى‏:‏ لنَسْفَعَنْ بالناصِية؛ أَي لنُسَوِّدَنَّ وجهه، فكَفَتِ الناصِيةُ لأَنها في مقدّم الوجه من الوجه؛ والدليل على ذلك قول

الشاعر‏:‏ وكُنتُ، إِذا نَفْس الغَوِيِّ نَزَتْ به، سَفَعْتُ على العِرْنِينِ منه بِمِيسَمِ

ونَصَوْته‏:‏ قبضت على ناصِيَتِه‏.‏ والمُناصاةُ‏:‏ الأَخْذُ بالنَّواصي‏.‏

وقوله عز وجل‏:‏ ما من دابة إِلا هو آخِذٌ بناصِيَتِها؛ قال الزجاج‏:‏ معناه في قَبْضَته تَنالُه بما شاء قُدرته، وهو سبحانه لا يَشاء إِلا العَدْلَ‏.‏

وناصَيْتُه مُناصاةً ونِصاء‏:‏ نَصَوْتُه ونَصاني؛ أَنشد ثعلب‏:‏

فأَصْبَحَ مِثْلَ الحِلْسِ يَقْتادُ نَفْسَه، خَلِيعاً تُناصِيه أُمُورٌ جَلائِلُ

وقال ابن دريد‏:‏ ناصَيْتُه جَذَبْت ناصِيَتَه؛ وأَنشد‏:‏

قِلالُ مَجْدٍ فَرَعَتْ آصاصا، وعِزَّةً قَعْساءَ لَنْ تُناصى

وناصَيْتُه إِذا جاذبْته فيأْخذ كل واحد منكما بناصِيةِ صاحبه‏.‏ وفي حديث

عائشة، رضي الله عنها‏:‏ لم تكن واحدةٌ من نساء النبي، صلى الله عليه

وسلم، تُناصِيني غير زَيْنَبَ أَي تُنازِعُني وتباريني، وهو أَن يأْخذ كه

واحد من المُتنازعين بناصِيةِ الآخر‏.‏ وفي حديث مقتل عُمر‏:‏ فثارَ إِليه

فتَناصَيا أَي تَواخَذا بالنَّواصِي؛ وقال عمرو بن مَعْدِ يكرب‏:‏

أَعَبَّاسُ لو كانت شَناراً جِيادُنا

بتَثْلِيثَ، ما ناصَيْتَ بَعْدي الأَحامِسا

وفي حديث ابن عباس‏:‏ قال للحسين حين أَراد العِراق لولا أَني أَكْرَهْ

لنَصَوْتك أَي أَخذت بناصِيَتِك ولم أَدَعْك تخرج‏.‏

ابن بري‏:‏ قال ابن دريد النَّصِيُّ عَظْم العُنُق؛ ومنه قول ليلى

الأَخيلية‏:‏

يُشَبّهُونَ مُلوكاً في تَجِلَّتِهمْ، وطولِ أَنْصِيةِ الأَعْناقِ والأُمَمِ

ويقال‏:‏ هذه الفلاة تُناصِي أَرض كذا وتُواصِيها أَي تَتَّصل بها‏.‏

والمفازة تَنْصُو المَفازة وتُناصيها أَي تتصل بها؛ وقول أَبي ذؤيب‏:‏

لِمَنْ طَلَلٌ بالمُنْتَصى غَيْرُ حائلِ، عَفا بَعْدَ عَهْدٍ من قِطارٍ ووابِلِ‏؟‏

قال السكري‏:‏ المُنْتَصى أَعلى الوادِيين‏.‏ وإِبل ناصِيةٌ إِذا ارتَفَعتْ

في المرعى؛ عن ابن الأَعرابي‏.‏

وإِني لأَجِد في بطني نَصْواً ووَخْزاً أَي وَجَعاً، والنَّصْوُ مثل

المَغَس، وإِنما سمي بذلك لأَنه يَنْصوك أَي يُزْعِجُك عن القَرار‏.‏ قال أبو الحسن‏:‏ ولا أَدري ما وجه تعليله له بذلك‏.‏ وقال الفراء‏:‏ وجدْتُ في بطني

حَصْواً ونَصْواً وقَبْصاً بمعنى واحد‏.‏ وانْتَصى الشيءَ‏:‏ اخْتارَه؛ وأَنشد

ابن بري لحميد بن ثور يصف الظبية‏:‏

وفي كلِّ نَشْزٍ لها مَيْفَعٌ، وفي كلِّ وَجْهٍ لها مُنْتَصى

قال‏:‏ وقال آخر في وصف قطاة‏:‏

وفي كلِّ وَجْهٍ لها وِجْهةٌ، وفي كلِّ نَحْوٍ لها مُنْتَصى

قال‏:‏ وقال آخر‏:‏

لَعَمْرُكَ ما ثَوْبُ ابنِ سَعْدٍ بمُخْلِقٍ، ولا هُوَ مِمّا يُنْتَصى فيُصانُ

يقول‏:‏ ثوبه من العُذْر لا يُخْلِقُ، والاسم النِّصْيةُ، وهذه نَصِيَّتي‏.‏

وتَذَرَّيت بني فلان وتَنَصَّيْتُهم إِذا تَزَوَّجت في الذِّروة منهم

والنّاصِية‏.‏ وفي حديث ذِي المِشْعارِ‏:‏ نَصِيّةٌ من هَمْدان من كلِّ حاضِر

وبادٍ؛ النَّصِيّةُ منْ يُنْتَصى من القوم أَي يُخْتار من نَواصِيهم، وهمُ

الرُّؤوس والأَشْراف، ويقال للرُّؤساء نواصٍ كما يقال للأَتباع

أَذْنابٌ‏.‏ وانْتَصَيْتُ من القوم رَجلاً أَي اخترته‏.‏ ونَصِيّةُ القومِ‏:‏ خِيارُهم‏.‏

ونَصِيَّةُ المال‏:‏ بَقِيَّتُه‏.‏ والنَّصِيّة‏:‏ البَقِيَّة؛ قاله ابن السكيت؛ وأَنشد للمَرّار الفَقْعَسي‏:‏

تَجَرَّدَ مِنْ نَصِيَّتها نَواجٍ، كما يَنْجُو من البَقَر الرَّعِيلُ

وقال كعب بن مالك الأَنصاري‏:‏

ثَلاثةُ آلافٍ ونحنُ نَصِيّةٌ

ثلاثُ مِئينٍ، إِن كَثُرْنا، وأَربَعُ

وقال في موضع آخر‏:‏ وفي الحديث أَن وفْدَ هَمْدانَ قَدِمُوا على

النبي،صلى الله عليه وسلم، فقالوا نحْنُ نَصِيَّةٌ من هَمْدانَ؛ قال الفراء‏:‏

الأَنْصاء السابقُونَ، والنَّصِيَّةُ الخِيار الأَشراف، ونَواصي القوم

مَجْمَعُ أَشرافِهم، وأَما السَّفِلة فهم الأَذْنابُ؛ قالت أُمّ قُبَيْسٍ

الضَّبِّيّة‏:‏

ومَشْهَدٍ قد كفَيْتُ الغائِبينَ به في مَجْمَعٍ، من نَواصي النّاسِ، مَشْهُودِ

والنَّصِيَّةُ من القوم‏:‏ الخِيارُ، وكذلك من الإِبل وغيرها‏.‏

ونَصَتِ الماشِطةُ المرأَةَ ونَصَّتْها فتَنَصَّتْ، وفي الحديث‏:‏ أَن أُم

سلمة

تَسَلَّبَت على حمزة ثلاثة

أَيام فدعاها رسول الله،صلى الله عليه وسلم، وأَمرها أَن تنَصَّى

وتَكْتَحِلَ؛ قوله‏:‏ أَمرها أَن تنَصَّى أَي تُسَرِّح شَعَرَها، أَراد تَنَصَّى

فحذف التاء تخفيفاً‏.‏ يقال‏:‏ تنَصَّتِ المرأَةُ إِذا رجَّلت شَعْرَها‏.‏ وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، حين سُئِلت عن الميت يُسرَّح رأْسه فقالت‏:‏

عَلامَ تَنْصُون ميِّتَكم‏؟‏ قولها‏:‏ تَنْصُون مأْخوذ من الناصِية، يقال‏:‏

نَصَوْتُ الرجل أَنْصُوه نَصْواً إِذا مَدَدْت ناصِيَتَه، فأَرادت عائشة أن الميتَ لا يَحتاجُ إِلى تَسْريحِ الرَّأْس، وذلك بمنزلة الأَخذ

بالناصِيةِ؛ وقال أَبو النَّجم‏:‏

إِنْ يُمْسِ رأْسي أَشْمَطَ العَناصي، كأَنما فَرَّقَه مُناصي

قال الجوهري‏:‏ كأَنَّ عائشةَ، رضي الله عنها، كَرِهَت تَسْريحَ رأْسِ

الميّتِ‏.‏ وانْتَصى الشعَرُ أَي طال‏.‏

والنَّصِيُّ‏:‏ ضَرْب من الطَّريفةِ ما دام رَطْباً، واحدتُه نَصِيّةٌ، والجمع أَنْصاء، وأَناصٍ جمعُ الجمع؛ قال‏:‏

تَرْعى أَناصٍ مِنْ حرير الحَمْضِ

وروي أَناضٍ، وهو مذكور في موضعه‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ وقال لي أَبو العلاء لا

يكون أَناضٍ لأَنَّ مَنْبِتَ النصيِّ غير منبت الحمض‏.‏ وأَنْصَتِ

الأَرضُ‏:‏ كثر نَصِيُّها‏.‏ غيره‏:‏ النَّصِيُّ نَبت معروف، يقال له نَصِيٌّ ما دام

رَطباً، فإِذا ابْيضَّ فهو الطَّريفة، فإِذا ضَخُمَ ويَبِس فهو الحَلِيُّ؛ قال الشاعر‏:‏

لَقَدْ لَقِيَتْ خَيْلٌ بجَنْبَيْ بُوانةٍ

نَصِيّاً، كأَعْرافِ الكَوادِنِ، أَسْحَما

وقال الراجز‏:‏

نَحْنُ مَنَعْنا مَنْبِتَ النَّصِيِّ، ومَنْبِتَ الضَّمْرانِ والحَلِيِّ

وفي الحديث‏:‏ رأَيتُ قبُورَ الشُّهداء جثاً قد نَبَتَ عليها النَّصِيُّ؛ هو نَبْتٌ سَبْطٌ أَبيضُ ناعِمٌ من أَفضل المَرْعى‏.‏ التهذيب‏:‏ الأَصْناء

الأَمْثالُ، والأَنْصاءُ السَّابقُون‏.‏

نضا‏:‏ نَضا ثوبَه عنه نَضْواً‏:‏ خَلَعه وأَلقاه عنه‏.‏ ونَضَوْت ثِيابي عني

إِذا أَلقَيْتَها عنك‏.‏ ونَضاه من ثوبه‏:‏ جَرَّدَه؛ قال أَبو كبير‏:‏

ونُضِيتُ ممّا كُنتُ فيه فأَصْبَحَتْ

نَفْسِي، إِلى إِخْوانِها، كالمَقْذَرِ

ونَضا الثَّوبُ الصِّبْغَ عن نَفْسِه إِذا أَلقاه، ونَضَتِ المرأَةُ

ثَوبَها؛ ومنه قول امرئ القيس‏:‏

فَجِئْتُ، وقد نَضَتْ لِنَوْمٍ ثِيابَها، لدى السِّتْرِ، إِلاَّ لِبْسةَ المُتَفَضِّلِ

قال الجوهري‏:‏ ويجوز عندي تشديده للتكثير‏.‏ والدابة تَنْضُو الدوابُّ إِذا

خرجت من بينها‏.‏ وفي حديث جابر‏:‏ جعَلَتْ ناقتي تَنْضُو الرِّفاقَ

أَي

تَخرج من بينها‏.‏ يقال‏:‏ نَضَتْ تَنْضُو نُضُوّاً ونُضِيّاً، ونَضَوْتُ

الجُلَّ عن الفرس نَضْواً‏.‏ والنِّضْوُ‏:‏ الثوبُ الخَلَقُ‏.‏ وأَنْضَيْتُ الثوبَ

وانْتَضَيْتُه‏:‏ أَخْلَقْتُه وأَبَلَيْتُه‏.‏ ونَضا السيفَ نَضْواً

وانْتَضاه‏:‏ سَلَّه من غِمْدِه‏.‏ ونَضا الخِضابُ نَضْواً ونُضُوّاً‏:‏ ذَهَبَ

لَوْنُه ونَصَل، يكون ذلك في اليد والرِّجْل والرأْسِ واللحيةِ، وخصَّ بعضُهم

به اللحيةُ والرأْس‏.‏ وقال الليث‏:‏ نَضا الحِنَّاءُ يَنْضُو عن اللِّحْيةِ

أَي خرج وذَهب عنه‏.‏ ونُضاوةُ الخِضاب‏:‏ ما يُوجد منه بعد النُّصُول‏.‏

ونُضاوةُ الحِنَّاء‏:‏ ما يَبس منه فأُلقي؛ هذه عن اللحياني‏.‏ ونُضاوةُ الحِنَّاء‏:‏

ما يؤخذ من الخِضاب بعدما يُذهب لونه في اليد والشعَر؛ وقال كثير‏:‏

ويا عَزِّ لِلْوَصْل الذي كان بَيْنَنا

نَضا مِثْلَ ما يَنْضُو الخِضابُ فَيَخْلَقُ

الجوهري‏:‏ نَضا الفرَسُ الخيلَ نُضِيّاً سَبَقها وتقدَّمها وانْسَلَخَ

منها وخَرَجَ منها‏.‏ ورَمْلةٌ تَنْضُو الرِّمالَ‏:‏ تخرج من بينها‏.‏ ونضا

السَّهمُ‏:‏ مَضَى؛ وأَنشد‏:‏

يَنْضُونَ في أَجْوازِ لَيْلٍ غاضي، نَضْوَ قِداحِ النَّابِلِ النَّواضِي

وفي حديث علي وذكر عمر فقال‏:‏ تَنَكَّبَ قوسَه وانْتَضَى في يده أَسْهماً

أَي أَخذ واسْتَخْرَجَها مِن كِنانَتِه‏.‏ يقال‏:‏ نَضَا السيفَ من غمده

وانْتَضاه إِذا أَخْرَجَه‏.‏ ونَضا الجُرْحُ نُضُوًّا‏:‏ سَكَنَ ورَمُه‏.‏ ونَضا

الماءُ نُضُوًّا‏:‏ نَشِفَ‏.‏ والنِّضْوُ، بالكسر‏:‏ البَعير المهزول، وقيل‏:‏ هو المهزول من جميع الدواب، وهو أَكثر، والجمع أنضاء، وقد يستعمل في الإِنسان؛ قال الشاعر‏:‏

إِنَّا من الدَّرْبِ أَقْبَلْنا نَؤُمُّكُمُ، أَنضاءَ شَوْقٍ على أَنْضاء أَسْفارِ

قال سيبويه‏:‏ لا يكسَّر نِضْوٌ على غير ذلك؛ فأَما قوله‏:‏

تَرْعَى أَناضٍ من حَريرِ الحَمْضِ

فعلى جمع الجمع، وحكمه أَناضيّ فخَفَّفَ، وجعَل ما بقي من النّبات

نِضْواً لقِلَّته وأَخذه في الذهاب، والأُنثى نِضْوةٌ، والجمع أَنضاء

كالمُذَكَّر، على توهم طرح الزائد؛ حكاه سيبويه‏.‏ والنَّضِيُّ‏:‏ كالنِّضْوِ؛ قال الراجز‏:‏

وانْشَنَجَ العِلْباءُ فاقْفَعَلاَّ، مِثْلَ نَضِيّ السُّقْمِ حينَ بَـَّلا

ويقال لأَنْضاء الإِبل‏:‏ نِضْوانٌ أَيضاً، وقد أَنْضاه السَّفَرُ‏.‏

وأَنْضَيْتها، فهي مُنْضاةٌ، ونَضَوْتُ البِلاد‏:‏ قَطَعْتُها؛ قال تأَبَّط

شرًّا‏:‏ ولكِنَّنِي أُرْوِي مِن الخمْرِ هامَتي، وأَنْضُو الفَلا بالشَّاحِبِ المُتشَلْشِل

وأَنْضَى الرَّجلُ إِذا كانت إِبلُه أَنْضاء‏.‏ الليث‏:‏ المُنْضِي الرَّجلُ

الذي صار بعيره نِضْواً‏.‏ وأَنضَيْتُ الرَّجلَ‏:‏ أَعطيته بعيراً مهزولاً‏.‏

وأَنْضَى فلان بعيره أَي هَزَله، وتَنَضَّاه أَيضاً؛ وقال‏:‏

لو اصْبَحَ في يُمْنَى يَدَيَّ زِمامُها، وفي كَفِّيَ الأُخْرَى وَبيلٌ تُحاذِرُهْ

لجَاءتْ على مَشْي التي قد تُنُضِّيَتْ، وذَلَّتْ وأَعْطَتْ حَبْلَها لا تُعاسِرُهْ

ويروى‏:‏ تُنُصِّيَتْ أَي أُخِذَتْ بناصِيتها، يعني بذلك امرأَة

اسْتَصعَبَتْ على بَعْلها‏.‏ وفي الحديث‏:‏ إِن المؤمِنَ ليُنْضِي شَيْطانه كما يُنْضِي أَحَدُكم بَعِيرَه أَي يَهْزِلُه ويجعله نِضْواً‏.‏ والنِّضْوُ‏:‏ الدابة

التي هَزَلَتْها الأَسفار وأَذْهَبَتْ لحمها‏.‏ وفي حديث علي، كرم الله وجهه‏:‏ كلِماتٌ لو رَحَلْتُم فيهن المَطِيَّ لأَنْضَيْتُموهُنَّ‏.‏ وفي حديث ابن عبد العزيز‏:‏ أَنْضَيْتُم الظَّهْر أَي هَزَلْتُموه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ إِن كان

أَحَدُنا ليأْخُذ نِضْوَ أَخيه‏.‏ ونِضْوُ اللِّجام‏:‏ حَدِيدَتُه بلا

سَيْر، وهو من ذلك‏.‏ قال دُرَيدُ ابن الصِّمَّة‏:‏

إِمّا تَرَيْنِي كَنِضْوِ اللِّجام، أُعِضَّ الجَوامِحَ حتى نَحَلْ

أَراد أُعِضَّتْه الجَوامِحُ فقَلَبَ، والجمع أَنْضاء؛ قال كثير‏:‏

رأَتْنِي كأَنضاءِ اللِّجامِ وبَعْلُها، مِنَ المَلْءِ، أَبْزَى عاجِزٌ مُتَباطِنُ

ويروى‏:‏ كأَشْلاء اللجام‏.‏ وسَهمٌ نِضْوٌ‏:‏ رُمِيَ به حتى بَلِيَ‏.‏ وقِدْحٌ

نِضْوٌ‏:‏ دقيق؛ حكاه أَبو حنيفة‏.‏ والنَّضِيُّ من السِّهام والرِّماح‏:‏

الخَلَقُ‏.‏ وسَهم نِضْوٌ إِذا فَسَدَ من كثرة ما رُمِيَ به حتى أَخْلَقَ‏.‏ أبو عمرو‏:‏ النَّضِيُّ نَصْلُ السهم‏.‏ ونِضوُ السَّهم‏:‏ قِدْحُه‏.‏ المحكم‏:‏

نَضِيُّ السهم قِدْحُه وما جاوَزَ من السَّهمِ الرِّيشَ إِلى النَّصل، وقيل‏:‏

هو النصل، وقيل‏:‏ هو القِدْحُ قبل أَن يُعْمَل، وقيل‏:‏ هو الذي ليس له ريش

ولا نصل؛ قال أَبو حنيفة‏:‏ وهو نَضِيٌّ ما لم يُنَصَّلْ ويُرَيَّشْ

ويُعَقَّب، قال‏:‏ والنّضِيُّ أَيضاً ما عَرِيَ من عُوده وهو سهم؛ قال الأَعشى

وذَكَرَ عَيْراً رُمِيَ‏:‏

فَمَرَّ نَضِيُّ السَّهْمِ تَحتَ لبَانِه، وجالَ على وَحْشِيِّة لم يُعَتِّمِ

لم يُبْطئْ‏.‏ والنَّضِيُّ، على فَعِيل‏:‏ القِدْحُ أَوَّل ما يكون قبل أن يُعْمَل‏.‏ ونَضِيُّ السهم‏:‏ ما بين الرِّيش والنَّصل‏.‏ وقال أَبو عمرو‏:‏

النَّضِيُّ نصل السَّهم‏.‏ يقال‏:‏ نَضِيٌّ مُفَلَّلٌ؛ قال لبيد يصف الحمار

وأُتُنَه قال‏:‏

وأَلزَمَها النِّجادَ وشايَعَتْه

هَوادِيها كأَنْضِيَة المُغالي

قال ابن بري‏:‏ صوابه المَغالي جمع مِغْلاة للسهم‏.‏ وفي حديث الخوارج‏:‏

فَينظُرُ في نَضِيِّه؛ النَّضِيُّ‏:‏ نَصل السهم، وقيل‏:‏ هو السهم قبل أن يُنحَت إِذا كان قِدْحاً، قال ابن الأَثير‏:‏ وهو أَولى لأَنه قد جاء في الحديث

ذكر النصل بعد النَّضيّ، قالوا‏:‏ سمي نضِيّاً لكثرة البَرْي والنَّحْت، فكأَنه جُعل نِضْواً‏.‏ ونَضِيُّ الرُّمح‏:‏ ما فوقَ المَقْبِض من صدره، والجمع أَنْضاء؛ قال أَوْس بن حَجَر‏:‏

تُخُيِّرْنَ أَنْضاءً ورُكِّبْنَ أَنْصُلاً، كجَزْلِ الغَضَى في يومِ رِيحٍ تَزَيَّلا

ويروى‏:‏ كجَمْرِ الغَضَى؛ وأَنشد الأَزهري في ذلك‏:‏

وظلَّ لِثيران الصَّرِيم غَماغِمٌ، إِذا دَعَسُوها بالنَّضِيِّ المُعَلَّبِ

الأَصمعي‏:‏ أَوَّل ما يكون القِدْحُ قبل أَن يُعْمَل نَضِيٌّ، فإِذا

نُحِتَ فهو مَخْشُوب وخَشِيبٌ، فإِذا لُيِّنَ فهو مَخَلَّقٌ‏.‏ والنَّضِيُّ‏:‏

العُنُق على التشبيه، وقيل‏:‏ النَّضِيُّ ما بين العاتق إِلى الأُذن، وقيل‏:‏

هو ما عَلا العُنُقَ مما يَلي الرأْسَ، وقيل‏:‏ عَظْمه؛ قال‏:‏

يُشَبَّهُونَ ملو كاً في تَجِلَّتِهِمْ، وطُولِ أَنْضِيَةِ الأَعْناقِ واللِّمَمِ

ابن دريد‏:‏ نَضِيُّ العُنق عَظْمه، وقيل‏:‏ طُوله‏.‏ ونَضِيُّ كل شيء طوله؛ وقال أَوْس‏:‏

يُقَلِّب للأَصْواتِ والرِّيحِ هادِياً

تَمِيمَ النَّضِيِّ كَدَّحَتْه المَناشِفُ

يقول‏:‏ إِذا سمع صوتاً خافَه التَفَتَ ونظر، وقوله‏:‏ والرِّيحِ، يقول

يَسْتَرْوِحُ هل يَجِدُ رِيحَ إِنسان، وقوله‏:‏ كَدَّحَته المَناشف، يقول‏:‏ هو غَلِيظ الحاجبين أَي كان فيه حجارةٌ‏.‏ ونَضِيُّ السهمِ‏:‏ عُوده قبل أن يُراشَ‏.‏ والنَّضِيُّ‏:‏ ما بين الرأْس والكاهِل من العُنق؛ قال الشاعر‏:‏

يُشَبَّهُون سُيُوفاً في صَرائِمِهمْ، وطُولِ أَنْضِيَةِ الأَعْناقِ واللِّمَمِ

قال ابن بري‏:‏ البيت لليلى الأَخيلية، ويروى للشَّمَرْدل ابن شريك

اليربوعي، والذي رواه أَبو العباس‏:‏

يشبهون ملوكاً في تجلتهم

والتَّجلَّة‏:‏ الجلالةُ، والصحيحُ والأُمَمِ، جمع أُمَّةٍ، وهي القامةُ‏.‏

قال‏:‏ وكذا قال عليّ بن حَمْزة، وأَنكر هذه الرواية في الكامل في المسأَلة

الثامنة، وقال لا تُمْدَح الكُهول بطول اللِّمم، إِنما تُمْدح به النِّساء والأَحداثُ؛ وبعد البيت‏:‏

إِذا غَدا المِسْكُ يَجْرِي في مَفارِقِهِمْ، راحُوا تَخالُهُمُ مَرْضى مِنَ الكَرَمِ

وقال القتَّال الكلابي‏:‏

طِوالُ أَنْضِيةِ الأَعْناقِ لم يجِدُوا

رِيحَ الإِماء، إِذا راحَتْ بأَزْفارِ

ونَضِيُّ الكاهِل‏:‏ صَدْرُه‏.‏ والنَّضِيُّ‏:‏ ذكر الرجل؛ وقد يكون للحِصان

من الخيل، وعمَّ به بعضهم جميع الخَيل، وقد يقال أَيضاً للبَعير، وقال السِّيرافي‏:‏ هو ذكر الثعلب خاصة‏.‏ أَبو عبيدة‏:‏ نَضا الفرسُ يَنْضُو نُضوّاً

إِذا أَدْلَى فأَخرج جُرْدانه، قال‏:‏ واسم الجُرْدانِ النّضِيُّ‏.‏ يقال‏:‏

نَضا فلان موضع كذا يَنْضُوه إِذا جاوزَه وخَلَّفه‏.‏ ويقال‏:‏ أَنْضَى وجهُ

فلان ونَضا على كذا وكذا أَي أَخْلَقَ‏.‏

نطا‏:‏ نَطَوْتُ الحَبْلَ‏:‏ مَدَدْتُه‏.‏ ويقال‏:‏ نَطَتِ المرأَة غَزْلَها، أَي سَدَّتْه، تَنْطُوه نَطْواً، وهي ناطِيةٌ والغَزْلُ مَنْطُوٌّ ونَطِيٌّ

أَي مُسَدًّى‏.‏ والنَّاطِي‏:‏ المُسَدِّي؛ قال الراجز‏:‏

ذَكّرْتُ سَلْمَى عَهْدَه فَشَوَّقا، وهُنَّ يَذْرَعْنَ الرَّقاقَ السَّمْلَقا

ذَرْعَ النَّواطِي السُّحُلَ المُدَقَّقا

خُوصاً، إِذا ما اللَّيْلُ أَلقَى الأَرْوُقا

خَرَجْنَ مِن تحتِ دُُجاه مُرَّقا

يَقْلِبْنَ للنَّأْي البَعِيدِ الحَدَقا

تَقْلِيبَ وِلْدانِ العِراقِ البُنْدُقا

والنَّطْوُ‏:‏ البُعْدُ‏.‏ ومكانٌ نَطِيٌّ‏:‏ بَعيدٌ، وأَرضٌ نطِيّةٌ؛ وقال العجاج‏:‏

وبلْدةٍ نِياطُها نَطِيُّ، قِيٌّ تُناصِيها بِلادٌ قِيُّ

نِياطُها نَطِيٌّ أَي طريقها بعيد‏.‏ والنَّطْوة‏:‏ السَّفْرة البَعيدة‏.‏ وفي حديث طَهْفةَ‏:‏ في أَرضٍ غائلةِ النِّطاء؛ النِّطاءُ‏:‏ البُعدُ‏.‏ وبَلَدٌ

نَطِيٌّ‏:‏ بَعِيدٌ، ورُوي المَنْطَى وهو مَفْعَلٌ منه‏.‏

والمُناطاةُ‏:‏ أَن تَجْلس المَرَتانِ فترمِي كلُّ واحدة منهما إِلى

صاحبتها كُبَّةَ الغَزْل حتى تُسَدِّيا الثوبَ‏.‏ والنَّطْوُ‏:‏ التَّسدِيةُ، نَطَتْ تَنْطُو نَطْواً‏.‏ والنَّطاةُ‏:‏ قِمَعُ البُسْرةِ، وقيل‏:‏ الشُّمْرُوخ، وجمعه أَنطاء؛ عن كراع، وهو على حذف الزائد‏.‏ ونَطاةُ‏:‏ حِصْنٌ بخَيْبَرَ، وقيل‏:‏ عَينٌ بها، وقيل‏:‏ هي خَيْبَرُ نَفْسُها‏.‏ ونَطاةُ‏:‏ حُمَّى خيبر

خاصةً، وعمْ به بعضهم؛ قال أَبو منصور‏:‏ هذا غلط‏.‏ ونَطاةُ‏:‏ عينٌ بخيبر تَسْقِي

نَخيلَ بَعضِ قُراها، وهي وَبِئةٌ؛ وقد ذكرها الشماخ‏:‏

كأَنَّ نَطاةَ خَيْبرَ زَوَّدَتْه

بَكُورُ الوِرْدِ رَيِّثةُ القُلُوعِ

فظنَّ الليث أَنها اسم للحُمَّى، وإِنما نَطاةُ اسم عين بخيبر‏.‏ الجوهري‏:‏

النَّطاةُ اسم أُطُمٍ بخيبر؛ قال كثير‏:‏

حُزِيَتْ لي بحَزْمِ فَيْدَةَ تُحْدَى، كاليَهُودِيِّ مِن نَطاةَ الرِّقال حُزِيَتْ‏:‏ رُفِعَتْ‏.‏ حَزاها الآلُ‏:‏ رَفَعها، وأَراد كنخل اليهودي

الرِّقالِ‏.‏ ونطاةُ‏:‏ قَصَبَة خيبر‏.‏ وفي حديث خيبر‏:‏ غَدا إِلى النَّطاةِ؛ هي عَلَم لِخَيْبَرَ أَو حِصْنٌ بها، وهي من النَّطْو البُعد‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏

وقد تكررت في الحديث، وإدخالُ اللام عليها كإِدخالها على حَرثٍ وعباس، كأَنَّ النّطاةَ وصف لها غلب عليها‏.‏

ونَطا الرَّجلُ‏:‏ سَكَتَ‏.‏ وفي حديث زيد بن ثابت، رضي الله عنه‏:‏ كنتُ مع

رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وهو يُمْلي عليَّ كتاباً وأَنا

أَسْتَفهمُه، فدخل رجل فقال له‏:‏ انْطُ أَي اسكت، بلغة حِمْيَر‏.‏ قال ابن الأَعرابي‏:‏

لقد شَرَّفَ سيدُنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم هذه اللغةَ وهي حِمْيَرِيَّة‏.‏ قال المفضل وزجر للعرب تقوله للبعير تسكيناً له إِذا نَفَرَ‏:‏

انْطُ فيَسْكُن، وهي أَيضاً إِشْلاء للكلب‏.‏

وأَنْطَيْتُ‏:‏ لغة في أَعطيت، وقد قرئ‏:‏ إِنَّا أَنْطَيْناك الكَوْثَرَ؛ وأَنشد ثعلب‏:‏

مِنَ المُنْطِياتِ المَوْكِبَ المَعْجَ بَعْدَما

يُرَى، في فُرُوعِ المُقْلَتَينِ، نُضُوبُ

والأَنْطاء‏:‏ العَطِيّاتُ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ وإِنَّ مالَ اللهِ مَسْؤولٌ

ومُنْطًى، أَي مْعطًى‏.‏ وروى الشعبي أَن رسول الله،صلى الله عليه وسلم، قال لرجل‏:‏ أَنْطِه كذا وكذا أَي أَعْطِه‏.‏ والإِنْطاء‏:‏ لغة في الإِعْطاءِ، وقيل‏:‏

الإِنطاءُ الإِعطاءُ، بلغة أَهل اليمن‏.‏ وفي حديث الدعاء‏:‏ لا مانِعَ لِمَا

أَنْطَيْتَ ولا مُنْطِيَ لَمَا مَنَعْتَ، قال‏:‏ هو لغة أَهل اليمن في أَعْطَى‏.‏ وفي الحديث‏:‏ اليدُ المُنطِيةُ خَيرٌ مِنَ اليدِ السُّفلى‏.‏ وفي كتابه لوائل‏:‏ وأَنْطُوا الثَّبَجَةَ‏.‏

والتَّناطِي‏:‏ التَّسابُقُ في الأَمرِ‏.‏ وتَناطاه‏:‏ مارَسَه‏.‏ وحكى أبو عبيد‏:‏ تَناطَيْتُ الرِّجالَ تَمَرَّسْتُ بهم‏.‏ يقال‏:‏ لا تُناطِ الرِّجالَ أَي

لا تمرَّسْ بهم ولا تُشارِّهِم؛ قال ابن سيده‏:‏ وأُراه غلطاً، وإِنما هو تَناطَيْت الرجالَ ولا تَناطَ الرجالَ؛ قال أَبو منصور‏:‏ ومنه قول لبيد‏:‏

وهُمُ العَشِيرةُ إِنْ تناطى حاسِدٌ

أَي هم عشيرتي إِن تَمَرَّسَ بي عَدُوّ يَحْسُدني‏.‏ والتَّناطي‏:‏ تَعاطي

الكلام وتَجاذُبه‏.‏ والمُناطاةُ‏:‏ المُنازَعةُ؛ قال ابن سيده‏:‏ وقضينا على

هذا بالواو لوجود ن ط و وعدم ن ط ي، والله أَعلم‏.‏

نعا‏:‏ النَّعْوُ‏:‏ الدائرةُ تحت الأَنف‏.‏ والنَّعْو الشَّقُّ في مِشْفَر

البَعِير الأَعْلى، ثم صار كلُّ فَصْلٍ نَعْواً؛ قال الطرماح‏:‏

تُمِرُّ على الوِراكِ، إِذا المَطايا

تقايَسَتِ النَّجادَ من الوَجِينِ، خَريعَ النَّعْوِ مُضْطَرِبَ النَّواحي، كأَخْلاقِ الغَريفةِ ذِي غُضُونِ

خَريعُ النَّعْوِ‏:‏ لَيِّنُه أَي تُمِرُّ مِشْفَراً خَريع النَّعْوِ على

الوِراك، والغَريفةُ النَّعل‏.‏ وقال اللحياني‏:‏ النَّعْوُ مشَقُّ مِشْفَرِ

البعير فلم يخص الأَعلى ولا الأَسفل، والجمع من كل ذلك نُعِيٌّ لا غير‏.‏

قال الجوهري‏:‏ النَّعْوُ مَشَقُّ المِشفر، وهو للبعير بمنزلة التَّفِرة

للإِنسان‏.‏ ونَعْوُ الحافِر‏:‏ فَرْجُ مُؤخَّره؛ عن ابن الأَعرابي‏.‏ والنَّعْوُ‏:‏

الفَتْقُ الذي في أَلْيَة حافِرِ الفَرَس‏.‏ والنَّعْوُ‏:‏ الرُّطَبُ‏.‏

والنَّعْوةُ‏:‏ موضع، زعموا‏.‏

والنُّعاء‏:‏ صوت السِّنَّوْر؛ قال ابن سيده‏:‏ وإِنما قضينا على

همزتها أَنها بدل من واو لأَنهم يقولون في معناه المُعاء، وقد مَعا

يَمْعُو، قال‏:‏ وأَظنُّ نون النُّعاء بدلاً من ميم المعاء‏.‏

والنَّعْيُ‏:‏ خَبَر الموت، وكذلك النَّعِيُّ‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ والنَّعْيُ

والنَّعِيُّ، بوزن فَعيل، نِداء الداعي، وقيل‏:‏ هو الدُّعاء بموت الميت

والإِشْعارُ به، نَعاه يَنْعاه نَعْياً ونُعْياناً، بالضم‏.‏ وجاء نَعِيُّ

فلانٍ‏:‏ وهو خبر موته‏.‏ وفي الصحاح‏:‏ والنَّعْيُ والنَّعِيُّ، وقال أَبو زيد‏:‏

النَّعِيُّ الرَّجل الميِّت، والنَّعْيُ الفِعْل؛ وأَوقع ابن مَجْكان

النَّعْيَ على الناقة العَقير فقال‏:‏

زَيَّافةٍ بنْتِ زَيَّافٍ مُذَكَّرةٍ، لَمَّا نَعَوْها لِراعي سَرْحِنا انْتَحَبا

والنَّعِيُّ‏:‏ المَنْعِيُّ‏.‏ والناعي‏:‏ الذي يأْتي بخبر الموت؛ قال‏:‏

قامَ النَّعِيُّ فأَسْمَعا، ونَعى الكَريمَ الأَرْوَعا

ونَعاءِ‏:‏ بمعنى انْعَ‏.‏ وروي عن شدَّاد بن أَوس أَنه قال‏:‏ يا نَعايا

العرب‏.‏ وروي عن الأَصمعي وغيره‏:‏ إِنما هو في الإِعراب يا نَعاءِ العَرَبَ، تأْويلُه يا هذا انعَ العربَ؛ يأْمر بنعيهم كأَنه يقول قد ذهبت العربُ‏.‏ قال ابن الأَثير في حديث شداد بن أَوس‏:‏ يا نَعايا العرب إِن أَخوف ما أَخاف

عليكم الرِّياء والشَّهْوةُ الخَفِيَّةُ، وفي رواية‏:‏ يا نُعْيانَ

العربِ‏.‏ يقال‏:‏ نَعَى الميتَ يَنْعاهُ نَعْياً ونَعِيّاً إِذا أَذاعَ موته

وأَخبر به وإِذا نَدَبَه‏.‏ قال الزَّمخشري‏:‏ في نَعايا ثلاثة أَوجه‏:‏ أَحدها أن يكون جمع نَعِيٍّ وهو المصدر كصَفِيٍّ وصَفايا، والثاني أَن يكون اسم جمع

كما جاء في أَخِيَّةٍ أَخايا، والثالث أَن يكون جمع نَعاءِ التي هي اسم

الفعل، والمعنى يا نَعايا العرب جِئنَ فهذا وقَتكنَّ وزمانكُنَّ، يريد

أَن العرب قد هلكت‏.‏ والنُّعْيان مصدر بمعنى النَّعْي‏.‏ وقال أَبو عبيد‏:‏

خَفْض نَعاءِ مثل قَطامِ ودَراكِ ونَزال بمعنى أَدْرِكْ وانْزِلْ؛ وأَنشد

للكميت‏:‏

نَعاء جُذاماً غَيْرَ مَوتٍ ولا قَتْلِ، ولكِنْ فِراقاً للدَّعائِمِ والأَصْلِ

وكانت العرب إِذا قتل منهم شريف أَو مات بعثوا راكباً إِلى قبائلهم

يَنْعاه إِليهم فنَهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك‏.‏ قال الجوهري‏:‏ كانت

العرب إِذا مات منهم ميت له قَدْرٌ ركب راكب فرساً وجعل يسير في الناس

ويقول‏:‏ نَعاءِ فلاناً أَي انْعَه وأَظْهِرْ خبر وفاته، مبنيةٌ على الكسر

كما ذكرناه؛ قال ابن الأَثير‏:‏ أَي هلك فلان أَو هَلكت العرب بموت فلان، فقوله يا نعاءِ العربَ مع حرف النداء تقديره يا هذا انْعَ العرب، أَو يا

هؤلاء انْعَوا العرب بموت فلان، كقوله‏:‏ أَلا يا اسْجُدوا أَي يا هؤلاء

اسجدوا، فيمن قرأَ بتخفيف أَلا، وبعض العلماء يرويه يا نُعْيانَ العرب، فمن قال هذا أَراد المصدر، قال الأَزهري‏:‏ ويكون النُّعْيان جمعَ الناعِي كما يقال لجمع الرَّاعي رُعْيان، ولجمع الباغي بُغْيان؛ قال‏:‏ وسمعت بعض العرب

يقول لخَدَمه إِذا جَنَّ عليكم الليل فثَقِّبوا النيران فوق الإِكام

يَضْوي إِليها رُعْيانُنا وبُغْيانُنا‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ وقد يجمع النَّعِيُّ

نعايا كما يُجْمع المَريُّ من النُّوق مَرايا والصَّفِيُّ صفايا‏.‏ الأَحمر‏:‏

ذهبت تَمِيمُ فلا تُنْعى ولا تُسْهى أَي لا تُذكر‏.‏ والمَنْعى والمَنْعاة‏:‏

خبر الموت، يقال‏:‏ ما كانَ مَنْعى فلان مَنْعاةً واحدة، ولكنه كان

مَناعِيَ‏.‏ وتَناعى القومُ واسْتَنْعَوْا في الحرب‏:‏ نَعَوْا قَتْلاهم

ليُحرِّضوهم على القتل وطلَب الثأْر، وفلان يَنْعى فلاناً إِذا طلَب بثأْره‏.‏

والناعي‏:‏ المُشَنِّع‏.‏ ونَعى عليه الشيءَ يَنْعاه‏:‏ قبَّحه وعابه عليه ووبَّخه‏.‏

ونَعى عليه ذُنوبه‏:‏ ذَكرها له وشَهَره بها‏.‏ وفي حديث عمر، رضي الله عنه‏:‏

إِن الله تعالى نَعى على قوم شَهَواتِهم أَي عاب عليهم‏.‏ وفي حديث أَبي

هريرة، رضي الله عنه‏:‏ تَنْعى عليَّ امْرَأً أَكرمه الله على يَدَيَّ أَي

تَعِيبني بقتلي رجلاً أَكرمه الله بالشهادة على يدَيَّ؛ يعني أَنه كان قتل

رجلاً من المسلمين قبل أَن يُسْلِمَ‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ وأُرى يعقوب حكى في المقلوب نَعَّى عليه ذنوبه ذكرها له‏.‏ أَبو عمرو‏:‏ يقال‏:‏ أَنْعى عليه ونَعى

عليه شيئاً قبيحاً إِذا قاله تَشْنِيعاً عليه؛ وقول الأَجدع الهمْداني‏:‏

خَيْلانِ مِنْ قَوْمِي ومن أَعْدائِهمْ

خَفَضُوا أَسِنَّتَهم، فكلٌّ ناعي

هو من نَعَيْتُ‏.‏ وفلان يَنْعى على نفسه بالفَواحش إِذا شَهَرَ نفسَه

بتَعاطِيه الفَواحشَ، وكان امرؤ القيس من الشعراء الذين نَعَوْا على أَنفسهم

بالفَواحش وأَظْهَرُوا التَّعَهُّر، وكان الفرزدق فعولاً لذلك‏.‏ ونَعى

فلان على فلان أَمراً إِذا أَشادَ به وأَذاعه‏.‏

واسْتَنْعى ذِكرُ فلان‏:‏ شاعَ‏.‏ اسْتَنْعَتِ الناقةُ‏:‏ تقَدَّمت، واسْتَنْعَت تراجعت نافرة أَو عَدَتْ بصاحبها‏.‏ واسْتَنْعى القومُ‏:‏ تفَرَّقوا

نافرين‏.‏ والاسْتِنْعاء‏:‏ شبه النِّفار‏.‏ يقال‏:‏ اسْتَنْعى الإِبلُ والقوم إِذا

تفرَّقوا من شيء وانتشروا‏.‏ ويقال‏:‏ اسْتَنْعَيت الغنَم إِذا تَقَدَّمْتَها

ودَعَوْتَها لتتبعك‏.‏ واسْتَنْعَى بفلان الشرُّ إِذا تتابع به الشر، واستَنْعى به حُبُّ الخَمر أَي تَمادى به، ولو أَن قوماً مجتمعين قيل لهم شيء

ففزعوا منه وتفَرَّقوا نافرين لقلت‏:‏ اسْتَنْعَوْا‏.‏ وقال أَبو عبيد في باب

المقلوب‏:‏ اسْتَناعَ واسْتَنْعى إِذا تقدَّم، ويقال‏:‏ عطَفَ؛ وأَنشد‏:‏

ظَلِلْنا نَعُوجُ العِيسَ في عَرصَاتِها

وُقوفاً، ونَسْتَنْعِي بها فنَصُورُها

وأَنشد أَبو عبيد‏:‏

وكانت ضَرْبَةً من شَدْقَمِيٍّ، إِذا ما اسْتَنَّتِ الإِبلُ اسْتَناعا

وقال شمر‏:‏ اسْتَنْعى إِذا تقدَّم ليتبعوه، ويقال‏:‏ تَمادى وتتابع‏.‏ قال‏:‏

ورُبَّ ناقةٍ يَسْتَنْعي بها الذئبُ أَي يعدو بين يديها وتتبعه حتى إِذا

امَّازَ بها عن الحُوارِ عَفَقَ على حُوارِها مُحْضِراً فافترسه‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ والإِنْعاء أَن تستعير فرساً تُراهِنُ عليه وذِكْرُه لصاحبه؛ حكاه

ابن دريد وقال‏:‏ لا أَحُقُّه‏.‏

نغي‏:‏ النَّغْيَةُ‏:‏ مثل النَّغمة، وقيل‏:‏ النَّغْية ما يُعْجِبك من صوت

أَو كلام‏.‏ وسمعت نَغْيةً من كذا وكذا أَي شيئاً من خبر؛ قال أبو نُخَيْلة‏:‏ لَمَّا أَتَتْني نَغْيةٌ كالشُّهْدِ، كالعَسَل المَمْزوج بَعْدَ الرَّقْدِ، رَفَّعْتُ من أَطْمارِ مُسْتَعِدِّ، وقلْتُ للعِيسِ‏:‏ اغْتَدي وجِدِّي

يعني ولاية بعض ولد عبد الملك بن مروان، قال ابن سيده‏:‏ أَظنه هشاماً‏.‏

أَبو عمرو‏:‏ النَّعْوة والمَغْوَةُ النَّغْمة‏.‏ يقال‏:‏ نَغَوْتُ ونَغَيْتُ

نَغْوةً ونَغْية، وكذلك مَغَوْت ومَغَيْتُ‏.‏ وما سمعت له نَغْوةً أَي كلمة‏.‏

والنَّغْيةُ من الكلام والخبرِ‏:‏ الشيءُ تَسمعه ولا تفهمه، وقيل‏:‏ هو أَوَّل

ما يبلغك من الخبر قبل أَن تستبينه‏.‏ ونَغَى إِليه نَغْيةً‏:‏ قال له قولاً

يفهمه عنه‏.‏

والمُناغاةُ‏:‏ المغازَلة‏.‏ والمُناغاة‏:‏ تكليمك الصَّبيَّ بما يَهْوى من الكلام‏.‏ والمرأَة تُناغي الصبيِّ أَي تكلمه بما يُعْجِبه ويَسُرُّه‏.‏ وناغى

الصبيَّ‏:‏ كلَّمه بما يَهواه ويَسُرُّه؛ قال‏:‏

ولم يَكُ في بُؤْسٍ، إِذا بات ليلةً

يُناغي غَزالاً فاتِرَ الطَّرْفِ أَكْحَلا

الفراء‏:‏ الإِنْغاء كلام الصبيان‏.‏ وقال أَحمد بن يحيى‏:‏ مُناغاةُ الصبي

أَن يصير بحِذاء الشمس فيُناغِيها كما يُناغي الصبيُّ أُمَّه‏.‏ وفي الحديث‏:‏

أَنه كان يُناغي القمرَ في صِباه؛ المُناغاةُ‏:‏ المحادثة‏.‏ وناغَتِ الأُمُّ

صبيِّها‏:‏ لاطَفَتْه وشاغَلَته بالمحادثة والمُلاعبة‏.‏

وتقول‏:‏ نَغَيْت إِلى فلان نَغْيَةً ونَغَى إِليَّ نَغْية إِذا أَلقى

إِليك كلمة وأَلقيت إِليه أُخرى‏.‏ وإِذا سمعت كلمة تعجبك تقول‏:‏ سمعت نَغْيةً

حَسَنة‏.‏ الكسائي‏:‏ سمعت له نَغْيةً وهو من الكلام الحسنُ‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏

أَنْغى إِذا تَكلَّم بكلام، وناغى إِذا كلَّم صبيّاً بكلام مليح لطيف‏.‏

ويقال للموج إِذا ارتفع‏:‏ ؛كاد يُناغي السحابَ‏.‏ ابن سيده‏:‏ ناغى الموجُ

السحابَ كاد يرتفع إليه؛ قال‏:‏

كأَنَّكَ بالمُبارَكِ، بَعْدَ شَهْرٍ، يناغي مَوْجُه غُرَّ السَّحابِ

المُبارَكُ‏:‏ موضع‏.‏ التهذيب‏:‏ يقالُ إِنَّ ماءَ رَكِيَّتنا يُناغِي

الكواكب، وذلك إِذا نظرت في الماء ورأَيت بَريقَ الكواكب، فإِذا نظرت إِلى

الكواكب رأَيتها تتحرَّك بتحَرُّك الماء؛ قال الراجز‏:‏

أَرْخَى يَدَيه الأُدْمِ وَضَّاح اليَسَر، فتَركَ الشمسَ يُناغِيهِ القَمَر

أَي صَبَّ لَبناً فتركه يُناغِيه القمرُ، قال‏:‏ والأُدْم السَّمْن‏.‏ وهذا

الجبل يُناغي السماءَ أَي يُدانيها لطوله‏.‏

نفي‏:‏ نفَى الشيءُ يَنْفِي نَفْياً‏:‏ تنَحَّى، ونفَيْتُه أنا نَفْياً؛ قال الأَزهري‏:‏ ومن هذا يقال نَفَى شَعَرُ فلان يَنْفي إِذا ثارَ واشْعانَّ؛ ومنه قول محمد بن كعب القُرَظي لعُمر بن عبد العزيز حين اسْتُخْلِفَ فرآه

شَعِثاً فأَدام النظر إِليه فقال له عمر‏:‏ ما لَك تُديمُ النظر إِليَّ‏؟‏

فقال‏:‏ أَنْظُرُ إِلى ما نَفى من شَعَرك وحالَ من لونِك؛ ومعنى نَفى ههنا

أَي ثارَ وذهب وشَعِثَ وتساقط، وكان رآه قبل ذلك ناعماً فَيْنانَ الشَّعَر

فرآه متغيراً عما كان عَهِده، فتعجب منه وأَدام النظر إِليه، وكان عمر

قبل الخلافة مُنَعَّماً مُتْرَفاً، فلما اسْتُخْلِف تَشَعَّث وتَقَشَّف‏.‏

وانْتَفى شعرُ الإِنسان ونَفى إِذا تساقط‏.‏ والسَّيْل يَنْفي الغُثاء‏:‏

يحمله ويدفعه؛ قال أَبو ذؤيب يصف يراعاً‏:‏

سَبيّ مِنْ أَباءَتِهِ نَفاهُ

أَتيٌّ مَدَّهُ صُحَرٌ ولُوبُ

ونَفَيانُ السَّيْلِ‏:‏ ما فاض من مجتمعه كأَنه يجتمع في الأَنهار

الإِخاذاتُ ثم يَفِيضُ إِذا ملأَها، فذلك نَفَيانُه‏.‏ ونَفى الرجلُ عن الأَرض

ونَفَيْتُه عنها‏:‏ طردته فانْتَفى؛ قال القُطامي‏:‏

فأَصْبح جاراكُمْ قَتِيلاً ونافِياً

أَصَمَّ فزادوا، في مَسامِعِه، وَقْرا

أَي مُنْتَفِياً‏.‏ ونَفَوْته‏:‏ لغة في نَفَيْته‏.‏ يقال‏:‏ نَفَيْت الرجلَ

وغيرَه أَنْفِيه نَفْياً إِذا طردته‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ أَو يُنْفَوْا من الأَرض؛ قال بعضهم‏:‏ معناه مَن قَتَله فدَمُه هَدَرٌ أَي لا يطالَب قاتله

بدمه، وقيل‏:‏ أَو يُنْفَوْا من الأَرض يُقاتَلون حَيْثُما تَوَجَّهوا منها

لأَنه كونٌ، وقيل‏:‏ نَفْيُهم إِذا لم يَقْتلوا ولم يأْخذوا مالاً أن يُخَلَّدوا في السجن إِلا أَن يتوبوا قبل أَن يُقْدَر عليهم‏.‏ ونَفْيُ الزاني

الذي لم يُحْصِنْ‏:‏ أَن يُنْفى من بلده الذي هو به إِلى بلد آخر سَنَةً، وهو التغريب الذي جاء في الحديث‏.‏ ونَفْيُ المُخَنَّث‏:‏ أَن لا يُقَرّ في مدن

المسلمين؛ أَمَرَ النبيُّ،صلى الله عليه وسلم، بنَفْي هِيتٍ وماتعٍ وهما

مُخَنَّثان كانا بالمدينة؛ وقال بعضهم‏:‏ اسمه هِنْبٌ، بالنون، وإِنما سمي

هِنْباً لحمقه‏.‏ وانْتَفى منه‏:‏ تبرَّأَ‏.‏ ونَفى الشيءَ نَفْياً‏:‏ جَحَده‏.‏

ونَفى ابنَه‏:‏ جحَده، وهو نَفِيٌّ منه، فَعِيل بمعنى مفعول‏.‏ يقال‏:‏ انْتَفى

فلان من ولده إِذا نَفاه عن أَن يكون له ولداً‏.‏ وانْتَفى فلان من فلان

وانْتَفَل منه إِذا رَغِب عنه أَنَفاً واستِنْكافاً‏.‏ ويقال‏:‏ هذا يُنافي ذلك

وهما يَتَنافَيانِ‏.‏ ونَفَتِ الريحُ التراب نَفْياً ونَفَياناً‏:‏ أَطارته‏.‏

والنَّفِيُّ‏:‏ ما نَفَتْه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ المدينة كالكِيرِ تَنْفِي خَبَثَها

أَي تخرجه عنها، وهو من النَّفْي الإِبْعادِ عن البلد‏.‏ يقال‏:‏ نَفَيْته

أَنْفِيه نَفْياً إِذا أَخرجته من البلد وطردته‏.‏ نَفِيُّ القِدْرِ‏:‏ ما جَفَأَتْ به عند الغَلْي‏.‏ الليث‏:‏ نَفِيُّ الريح ما نَفَى من التراب من أُصول

الحيطان ونحوه، وكذلك نَفِيُّ المطر ونَفِيُّ القِدْر‏.‏ الجوهري‏:‏ نَفي الريح ما تَنْفي في أُصول الشجر من التراب ونحوه، والنَّفَيان مثله، ويُشَبّه به ما يَتَطَرَّف من معظم الجيش؛ وقالت العامرية‏:‏

وحَرْبٍ يَضِجُّ القومُ من نَفَيانِها، ضَجِيجَ الجِمالِ الجِلَّةِ الدَّبِرات

ونَفَتِ السحابةُ الماءَ‏:‏ مَجَّته، وهو النَّفَيان؛ قال سيبويه‏:‏ هو السحاب يَنْفي أَوَّلَ شيءٍ رَشًّا أَو بَرَداً، وقال‏:‏ إِنما دعاهم للتحريك

أَنَّ بعدها ساكناً فحرَّكوا كما قالوا رَمَيَا وغَزَوَا، وكرهوا الحذف

مخافة الالتباس، فيصير كأَنه فَعَالٌ من غير بنات الواو والياء، وهذا

مُطَّرِد إِلا ما شذ‏.‏ الأَزهري‏:‏ ونَفَيانُ السحابِ ما نَفته السحابة من مائها

فأَسالته؛ وقال ساعدة الهذلي‏:‏

يَقْرُو به نَفَيانَ كلِّ عَشِيَّةٍ، فالماءُ فوقَ مُتونِه يَتَصَبَّبُ

والنَّفْوةُ‏:‏ الخَرْجة من بلد إِلى بلد‏.‏ والطائر يَنْفِي بجناحيه

نَفَياناً كما تَنْفي السحابةُ الرَّشَّ والبَرَدَ‏.‏ والنَّفَيانُ والنَّفي والنَّثِيُّ‏:‏ ما وقَع عن الرِّشاء من الماء على ظهر المُسْتَقي لأن الرِّشاء يَنْفيه، وقيل‏:‏ هو تطايُر الماء عن الرِّشاء عند الاستقاء، وكذلك هو من الطين‏.‏ الجوهري‏:‏ ونَفِيُّ المطر، على فَعِيل، ما تَنْفِيه وتَرُشُّه، وكذلك ما تطاير من الرشاء على ظَهْر الماتح؛ قال الأَخيل‏:‏

كأَنَّ مَتَنَيْهِ من النَّفِيّ، مِن طُولِ إِشْرافِي على الطَّويّ، مَواقِعُ الطَّيْرِ على الصُّفي قال ابن سيده‏:‏ كذا أَنشده أَبو عليّ، وأَنشده ابن دريد في الجمهرة‏:‏

كأَنَّ مَتْنَيَّ، قال‏:‏ وهو الصحيح لقوله بعده‏:‏

من طول إِشرافي على الطويّ

وفسره ثعلب فقال‏:‏ شَبَّه الماء وقد وقع على مَتْنِ المُسْتَقِي بذَرْقِ

الطائر على الصُّفِيّ؛ قال الأَزهري‏:‏ هذا ساقٍ كان أَسْوَدَ الجِلْدة

واسْتَقَى من بئر مِلْحٍ، وكان يَبْيَضُّ نَفِيُّ الماء على ظهره إِذا ترشش

لأَنه كان مِلْحاً‏.‏ ونَفِيُّ الماء‏:‏ ما انْتَضَحَ منه إِذا نُزِع من البئر‏.‏ والنَّفِيُّ‏:‏ ما نَفَتْه الحَوافِر من الحَصَى وغيره في السير‏.‏

وأَتاني نَفِيُّكم أَي وعيدكم الذي توعدونني‏.‏

ونُفايَةُ الشيءِ‏:‏ بقيته وأَردؤه، وكذلك نُفاوته ونَفاته ونَفايَتُه

ونِفْوَته ونِفْيته ونَفِيُّه، وخص ابن الأَعرابي به رديء الطعام‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ وذكرنا النِّفْوة والنُّفاوة ههنا لأَنها معاقبة، إِذ ليس في الكلام

ن ف و وضعاً‏.‏ والنُّفايةُ‏:‏ المَنفِيُّ القليل مثل البُراية والنُّحاتة‏.‏

أَبو زيد‏:‏ النِّفْية والنِّفْوة وهما الاسم لنَفِيِّ الشيء إِذا

نَفَيْته‏.‏ الجوهري‏:‏ والنِّفوة، بالكسر، والنِّفْية أَيضاً كل ما نَفَيْتَ‏.‏

والنُّفاية، بالضم‏:‏ ما نَفَيْته من الشيء لرداءَته‏.‏

ابن شميل‏:‏ يقال للدائرة التي في قصاص الشعر النَّافِية، وقُصاصُ

الشَّعَرِ مُقدَّمه‏.‏ ويقال‏:‏ نَفَيتُ الشعر أَنْفِيه نَفْياً ونُفاية إِذا

رَدَدْتَه‏.‏ والنَّفِيّة‏:‏ شِبْه طَبَق من خوص يُنْفى به الطعام‏.‏ والنَّفِيَّة

والنُّفْية‏:‏ سُفرة مُدَوَّرَة تتخذ من خوص؛ الأَخيرة عن الهروي‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ النُّفية والنَّفِيّة شيء مُدوَّر يُسَفُّ من خصوص النخل، تسميها

الناس النَّبِيَّة وهي النَّفِيَّة‏.‏ وفي الحديث عن زيد بن أَسلم قال‏:‏

أَرسلني أَبي إِلى ابنعمر، وكان لنا غنم، فجةئت ابن عمر فقلت‏:‏ أَأَدخل وأَنا

أَعرابي نشأْت مع أَبي في البادية‏؟‏فكأَنه عرف صوتي فقال‏:‏ ادخل، وقال‏:‏ يا

ابن أَخي إِذا جئت فوقفت على الباب فقل السلام عليكم، فإِذا ردُّوا عليك

السلام فقل أَأَدخل‏؟‏ فإِن أَذِنوا وإِلا فارجع، فقلت‏:‏ إِنَّ أَبي أَرسلني

إِليك تكتب إِلى عاملك بخيبر يصنع لنا نَفِيَّتَيْن نُشَرِّرُ عليهما

الأَقطَ، فأَمر قَيِّمة لنا بذلك، فبينا أَنا عنده خرج عبد الله بن واقد من البيت إِلى الحُجْرة وإِذا عليه مِلحفة يَجُرُّها فقال‏:‏ أَيْ بُنيَّ

ارفع ثوبك، فإِني سمعت النبي،صلى الله عليه وسلم، يقول‏:‏ لا ينظر الله إِلى

عبد يجرّ ثوبه من الخُيلاء، فقال‏:‏ يا أَبتِ إِنما بي دماميل؛ قال أبو الهيثم‏:‏ أَراد بِنَفِيَّتَين سُفْرتين من خوص؛ قال ابن الأَثير‏:‏ يروى

نَفِيتَيْن، بوزن بعيرين، وإِنما هو نَفِيَّتَيْن، على وزن شَقِيَّتين، واحدتهما نَفِيَّة كطَوِيَّة، وهي شيء يعمل من الخوص شِبه الطَّبَق عريض‏.‏ وقال الزمخشري‏:‏ قال النضر النُّفْتة بوزن الظُّلْمة، وعوض الياء تاء فوقها

نقطتان؛ وقال غيره‏:‏ هي بالياء وجمعها نُفًى كنُهْية ونُهًى، والكل شيء يعمل

من الخوص مدوَّر واسع كالسفرة‏.‏ والنَّفيُّ، بغير هاء‏:‏ تُرْسٌ يعمل من خوص‏.‏ وكلُّ ما رددته فقد نَفَيته‏.‏

ابن بري‏:‏ والنُّفَأُ لُمَعٌ من البقل، واحدتُه نُفْأَةٌ؛ قال‏:‏

نُفَأٌ من القُرَّاصِ والزُّبّاد

وما جَرَّبْتُ عليه نُفْية في كلامه أَي سقَطةً وفضيحةً‏.‏ ونَفَيْتُ

الدَّراهم‏:‏ أَثَرْتُها للانتقاد؛ قال‏:‏

تَنْفِي يَداها الحَصَى في كلّ هاجِرةٍ *** نَفْيَ الدراهِمِ تَنْقادُ الصَّياريف