فصل: (تابع: حرفي الواو والياء)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لسان العرب ***


‏[‏تابع‏:‏ حرفي الواو والياء‏]‏

هتا‏:‏ هاتى‏:‏ أَعطى، وتصريفه كتصريف عاطى؛ قال‏:‏

والله ما يُعْطي وما يُهاتي

أَي وما يأْخذ‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ الهاء في هاتى بدل من الهمزة في آتى‏.‏

والمُهاتاةُ‏:‏ مُفاعَلَةٌ من قولك هاتِ‏.‏ يقال‏:‏ هاتى يُهاتي مُهاتاةً، الهاء فيها أَصلية، ويقال‏:‏ بل الهاء مبدلة من الأَلف المقطوعة في آتى يُؤاتي، لكن العرب قد أَماتت كل شيء من فعلها غير الأَمر بهاتِ‏.‏ وما أُهاتِيك أَي ما أَنا بمُعْطِيك، قال‏:‏ ولا يقال منه هاتَيْتُ ولا يُنهى بها؛ وأَنشد ابن بري لأَبي نخيلة‏:‏

قل لِفُراتٍ وأَبي الفُراتِ

ولِسَعِيدٍ صاحِبِ السَّوْآتِ

هاتُوا كما كُنّا لكم نُهاتي

أَي نُهاتِيكم، فلما قدَّم المفعول وصله بلام الجرّ‏.‏ وتقول‏:‏ هاتِ لا

هاتَيْتَ، وهاتِ إِن كانت بك مُهاتاةٌ‏.‏ وإِذا أَمرت الرجل بأَن يُعطِيك

شيئاً قلت له‏:‏ هاتِ يا رجل، وللاثنين هاتِيا، وللجمع هاتُوا، وللمرأَة هاتي، فزدت ياء فرقاً بين الذكر والأُنثى، وللمرأَتين هاتِيا، ولجماعة النساء

هاتِينَ مثل عاطِينَ‏.‏ وتقول‏:‏ أَنت أَخذته فهاتِه، وللاثنين أَنتما

أَخذتماه فهاتِياه، وللجماعة أَنتم أَخذتموه فهاتوه، وللمرأَة أَنت أَخذتِه

فهاتيه، وللجماعة أَنتن أَخَذْتُنَّه فهاتِينَه‏.‏ وهاتاه إِذا ناوَلَه شيئاً‏.‏

المفضل‏:‏ هاتِ وهاتِيا وهاتوا أَي قَرِّبُوا؛ ومنه قوله تعالى‏:‏ قل هاتُوا

بُرْهانَكم؛ أَي قَرِّبُوا، قال‏:‏ ومن العرب من يقول هاتِ أَي أَعْطِ‏.‏

وهَتا الشيءَ هَتْواً‏:‏ كسره وَطْأً برجليه‏.‏

والهِتْيُ والأَهْتاء‏:‏ ساعات الليل‏.‏

والأَتْهاءُ‏:‏ الصَّحاري البَعيدةُ‏.‏

هثي‏:‏ الهَثَيانُ‏:‏ الحَثْوُ؛ عن كراع‏.‏ الأَزهري‏:‏ هَثى إِذا احْمَرَّ

وجْهُه، وثَها إِذا حَمُقَ، وهاثاه إِذا مازَحَه ومايَله، وثاهاه إِذا

قاوَلَه‏.‏ وفي ترجمة قعبث‏:‏ هِثْتُ له هَيْثاً إِذا حَثَوْتَ له‏.‏

هجا‏:‏ هَجاه يَهْجُوه هَجْواً وهِجاء وتَهْجاء، مدود‏:‏ شتمه بالشِّعر، وهو خلاف المَدْح‏.‏ قال الليث‏:‏ هو الوَقِيعةُ في الأَشْعار‏.‏ وروي عن

النبي،صلى الله عليه وسلم، أَنه قال‏:‏ اللهم إِنَّ فلاناً هَجاني فاهْجُه اللهم

مكانَ ما هَجاني؛ معنى قوله اهْجُه أَي جازِه على هِجائه إِيايَ جَزاءَ

هِجائه، وهذا كقوله عز وجل‏:‏ وجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها، وهو كقوله تعالى‏:‏ فمَنِ اعْتَدى عليكم فاعْتَدُوا عليه؛ فالثاني مُجازاةٌ وإن وافَق اللفظُ اللفظَ‏.‏ قال ابن الأَثير‏:‏ وفي الحديث اللهم إِنَّ عمرو بن العاصِ هَجاني، وهو يعلم أَني لست بشاعر، فاهْجُه اللهم والْعَنْه عدَدَ ما هَجاني أَو مكان ما هَجاني، قال‏:‏ وهذا كقوله مَن يُرائي يُرائي اللهُ به أَي يُجازِيه على مُراءَاته‏.‏ والمُهاجاةُ بين الشاعِرَيْنِ‏:‏

يَتهاجَيانِ‏.‏ ابن سيده‏:‏ وهاجَيْتُه هَجَوْتُه وهَجاني‏.‏ وهم يَتهاجَوْنَ‏:‏ يَهْجُو

بعضُهم بعضاً، وبينهم أُهْجُوَّةٌ وأُهْجِيّةٌ ومُهاجاةٌ يتَهاجَوْن بها؛ وقال الجعدي يَهْجُو ليلى الأَخْيَلِيَّة‏:‏

دَعي عَنْكِ تَهْجاءَ الرِّجالِ، وأَقْبلي

على أَذْلَغِيٍّ يَمْلأُ اسْتَكِ فَيْشَلا

الأَذَلَغِيُّ‏:‏ منسوب إِلى رجل من بني عُبادة بن عُقَيْلٍ رَهْطِ لَيْلى

الأَخْيَلِيَّة، وكان نَكَّاحاً، ويقال‏:‏ ذكر أَذْلَغِيٌّ إِذا مَذى؛ وأَنشد أَبو عمرو الشيباني‏:‏

فدَحَّها بأَذْلَغِيٍّ بَكْبَكِ، فصَرَخَتْ‏:‏ قد جُزْتَ أَقْصى المَسْلَكِ

وهو مَهْجُوٌّ‏.‏ ولا تقل هَجَيْتُه‏.‏ والمرأَة تَهْجُو زَوْجَها أَي

تَذُمُّ صُحبته؛ وفي التهذيب‏:‏ تَهْجُو صُحبة زوجها أَي تَذُمُّه وتَشْكُو

صُحْبتَه‏.‏ أَبو زيد‏:‏ الهِجاءُ القِراءَة، قال‏:‏ وقلت لرجل من بني قيس

أَتَقْرَأُ من القرآن شيئاً‏؟‏ فقال‏:‏ واللهِ ما أَهْجُو منه حَرفاً؛ يريد ما أَقْرَأُ منه حَرْفاً‏.‏ قال‏:‏ ورَوَيْتُ قَصِيدةً فما أَهْجُو اليومَ منها بيتين

أَي ما أَرْوي‏.‏ ابن سيده‏:‏ والهِجاء تَقْطِيعُ اللفظة بحُروفِها‏.‏

وهَجَوْتُ الحروف وتَهَجَّيْتُها هَجْواً وهِجاء وهَجَّيْتها تَهْجِيةً

وتَهَجَّيتُ كله بمعنى؛ وأَنشد ثعلب لأَبي وَجْزةَ السَّعْدي‏:‏

يا دارَ أَسْماءَ، قد أَقْوَتْ بأَنْشاجِ

كالوَحْيِ، أَو كإِمامِ الكاتِبِ الهاجِي

قال ابن سيده‏:‏ وهذه الكلمة يائية وواوية، قال‏:‏ وهذا على هِجاء هذا أَي

على شَكْلِه وقَدْرِهِ ومِثاله وهو منه‏.‏

وهَجُوَ يَوْمُنا‏:‏ اشتَدَّ حَرُّه‏.‏

والهَجاةُ‏:‏ الضِّفْدَعُ، والمعروف الهاجةُ‏.‏

وهَجِيَ البيتُ هَجْياً‏:‏ انْكَشَفَ‏.‏ وهَجِيَتْ عَيْنُ البعير‏:‏ غارَتْ‏.‏

ابن الأَعرابي‏:‏ الهِجى الشِّبعُ من الطَّعام‏.‏

هدي‏:‏ من أَسماء الله تعالى سبحانه‏:‏ الهادي؛ قال ابن الأَثير‏:‏ هو الذي

بَصَّرَ عِبادَه وعرَّفَهم طَريقَ معرفته حتى أَقرُّوا برُبُوبيَّته، وهَدى

كل مخلوق إِلى ما لا بُدَّ له منه في بَقائه ودَوام وجُوده‏.‏ ابن سيده‏:‏ الهُدى ضدّ الضلال وهو الرَّشادُ، والدلالة أُنثى، وقد حكي فيها التذكير؛ وأَنشد ابن بري ليزيد بن خَذَّاقٍ‏:‏

ولقد أَضاءَ لك الطرِيقُ وأَنْهَجَتْ

سُبُلُ المَكارِمِ، والهُدَى تُعْدِي

قال ابن جني‏:‏ قال اللحياني الهُدَى مذكر، قال‏:‏ وقال الكسائي بعض بني

أَسد يؤنثه، يقول‏:‏ هذه هُدًى مستقيمة‏.‏ قال أَبو إِسحق‏:‏ قوله عز وجل‏:‏ قل إن هُدَى الله هو الهُدَى؛ أَي الصِّراط الذي دَعا إِليه هو طَرِيقُ الحقّ‏.‏

وقوله تعالى‏:‏ إِنَّ علينا لَلْهُدَى؛ أَي إِنَّ علينا أَنْ نُبَيِّنَ

طريقَ الهُدَى من طَرِيق الضَّلال‏.‏ وقد هَداه هُدًى وهَدْياً وهِدايةً

وهِديةً وهَداه للدِّين هُدًى وهَداه يَهْدِيه في الدِّين هُدًى‏.‏ وقال قتادة

في قوله عز وجل‏:‏ وأَما ثَمُودُ فهَدَيْناهُم؛ أَي بَيَّنَّا لهم طَرِيقَ

الهُدى وطريق الضلالة فاسْتَحَبُّوا أَي آثرُوا الضلالة على الهُدَى‏.‏

الليث‏:‏ لغة أَهل الغَوْرِ هَدَيْتُ لك في معنى بَيَّنْتُ لك‏.‏ وقوله تعالى‏:‏

أَوَلم يَهْدِ لهم؛ قال أَبو عمرو بن العلاء‏:‏ أَوَلم يُبَيِّنْ لهم‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنه قال لعليّ سَلِ اللهَ الهُدَى، وفي رواية‏:‏ قل اللهم اهْدِني

وسَدِّدْني واذكر بالهُدَى هِدايَتك الطريقَ وبالسَّدادِ تَسْدِيدَك

السَّهْمَ؛ والمعنى إِذا سأَلتَ الله الهُدَى فأَخْطِر بقَلْبك هِدايةَ

الطَّريق وسَلِ الله الاستقامة فيه كما تتَحَرَّاه في سُلوك الطريق، لأن سالكَ الفَلاة يَلزم الجادّةَ ولا يُفارِقُها خوفاً من الضلال، وكذلك

الرَّامِي إِذا رَمَى شيئاً سَدَّد السَّهم نحوه ليُصِيبه، فأَخْطِر ذلك بقلبك

ليكون ما تَنْويه مِنَ الدُّعاء على شاكلة ما تستعمله في الرمي‏.‏ وقوله عز

وجل‏:‏ الذي أَعْطَى كلَّ شيء خَلْقَه ثم هَدَى؛ معناه خَلَق كلَّ شيء على

الهيئة التي بها يُنْتَفَعُ والتي هي أَصْلَحُ الخَلْقِ له ثم هداه

لمَعِيشته، وقيل‏:‏ ثم هَداه لموضعِ ما يكون منه الولد، والأَوَّل أَبين

وأَوضح، وقد هُدِيَ فاهْتَدَى‏.‏ الزجاج في قوله تعالى‏:‏ قُلِ اللهُ يَهْدِي

للحقِّ؛ يقال‏:‏ هَدَيْتُ للحَقِّ وهَدَيْت إِلى الحق بمعنًى واحد، لأن هَدَيْت يَتَعدَّى إِلى المَهْدِيّين، والحقُّ يَتَعَدَّى بحرف جر، المعنى‏:‏ قل الله يهدي مَن يشاء للحق‏.‏ وفي الحديث‏:‏ سُنَّة الخُلفاء الرَّاشِدِين

المَهْدِيّينَ؛ المَهْدِيُّ‏:‏ الذي قد هَداه الله إِلى الحق، وقد اسْتُعْمِل

في الأَسماء حتى صار كالأَسماء الغالبة، وبه سُمي المهْدِيُّ الذي بَشَّر

به النبيُّ،صلى الله عليه وسلم، أَنه يجيء في آخر الزمان، ويريد

بالخلفاء المهديين أَبا بكر وعمر وعثمان وعليّاً، رضوان الله عليهم، وإِن كان

عامّاً في كل من سار سِيرَتَهم، وقد تَهَدَّى إِلى الشيء واهْتَدَى‏.‏ وقوله

تعالى‏:‏ ويَزِيدُ الله الذين اهْتَدَوْا هُدًى؛ قيل‏:‏ بالناسخ والمنسوخ، وقيل‏:‏ بأَن يَجْعَلَ جزاءهم أَن يزيدهم في يقينهم هُدًى كما أَضَلَّ

الفاسِق بفسقه، ووضع الهُدَى مَوْضِعَ الاهْتداء‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ وإِني لَغَفّار

لمن تابَ وآمَنَ وعَمِل صالحاً ثمَّ اهْتَدَى؛ قال الزجاج‏:‏ تابَ من ذنبه وآمن برَبِّهِ ثم اهْتدى أَي أَقامَ على الإِيمان، وهَدَى واهْتَدَى

بمعنى‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ إِنَّ الله لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ؛ قال الفراء‏:‏ يريد

لا يَهْتدِي‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ أَمْ مَنْ لا يَهَدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى، بالتقاء الساكنين فيمن قرأَ به، فإِن ابن جني قال‏:‏ لا يخلو من أَحد

أَمرين‏:‏ إِما أَن تكون الهاء مسكنة البتة فتكون التاء من يَهْتَدِي مختلسة

الحركة، وإِما أَن تكون الدال مشدَّدة فتكون الهاء مفتوحة بحركة التاء

المنقولة إِليها أَو مكسورة لسكونها وسكون الدال الأُولى، قال الفراء‏:‏ معنى

قوله تعالى‏:‏ أَمْ مَنْ لا يَهَدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى؛ يقول‏:‏ يَعْبُدون

ما لا يَقْدِر أَن يَنتقل عن مكانه إِلا أَن يَنْقُلُوه، قال الزجاج‏:‏

وقرئ أَمْ مَن لا يَهْدْي، بإسكان الهاء والدال، قال‏:‏ وهي قراءة شاذة وهي مروية، قال‏:‏ وقرأَ أَبو عمرو أَمْ مَن لا يَهَدِّي، بفتح الهاء، والأَصل لا

يَهْتَدِي‏.‏ وقرأَ عاصم‏:‏ أم مَنْ لا يَهِدِّي، بكسر الهاء، بمعنى

يَهْتَدِي أَيضاً، ومن قرأَ أَمْ من لا يَهْدِي خفيفة، فمعناه يَهْتَدِي أَيضاً‏.‏

يقال‏:‏ هَدَيْتُه فَهَدَى أَي اهْتَدَى؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي‏:‏

إِنْ مَضَى الحَوْلُ ولم آتِكُمُ

بِعَناجٍ تَهتدِي أَحْوَى طِمِرّْ

فقد يجوز أَن يريد تهتدي بأَحوى، ثم حذف الحرف وأَوصل الفعل، وقد يجوز

أَن يكون معنى تهتدي هنا تَطْلُب أَن يَهْدِيها، كما حكاه سيبويه من قولهم

اخْتَرَجْتُه في معنى استخرجته أَي طلبت منه أَن يَخْرُج‏.‏ وقال بعضهم‏:‏

هداه اللهُ الطريقَ، وهي لغة أَهل الحجاز، وهَداه للطَّريقِ وإِلى الطريقِ

هِدايةً وهَداه يَهْدِيه هِدايةً إِذا دَلَّه على الطريق‏.‏ وهَدَيْتُه

الطَّريقَ والبيتَ هِداية أَي عرَّفته، لغة أَهل الحجاز، وغيرهم يقول‏:‏

هديته إِلى الطريق وإِلى الدار؛ حكاها الأَخفش‏.‏ قال ابن بري‏:‏ يقال هديته

الطريق بمعنى عرّفته فيُعَدَّى إلى مفعولين، ويقال‏:‏ هديته إِلى الطريق

وللطريق على معنى أَرشَدْته إِليها فيُعدَّى بحرف الجر كأَرْشَدْتُ، قال‏:‏

ويقال‏:‏ هَدَيْتُ له الطريقَ على معنى بَيَّنْتُ له الطريق، وعليه قوله سبحانه

وتعالى‏:‏ أَوَلمْ يَهْدِ لهم، وهَدَيْناه النَّجْدَيْن، وفيه‏:‏ اهْدِنا

الصِّراطَ المستقيم، معنى طَلَب الهُدَى منه تعالى، وقد هَداهُم أَنهم قد

رَغِبُوا منه تعالى التثبيت على الهدى، وفيه‏:‏ وهُدُوا إِلى الطَّيِّب من القَوْل وهُدُوا إِلى صِراطِ الحَميد، وفيه‏:‏ وإِنك لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ

مُسْتَقِيم‏.‏ وأَمّا هَدَيْتُ العَرُوس إِلى زوجها فلا بدّ فيه من اللام

لأَنه بمعنى زَفَفْتها إِليه، وأَمَّا أَهْدَيْتُ إِلى البيت هَدْياً فلا

يكون إِلا بالأَلف لأَنه بمعنى أَرْسَلْتُ فلذلك جاء على أَفْعَلْتُ‏.‏ وفي حديث محمد بن كعب‏:‏ بلغني أَن عبد الله بن أَبي سَلِيط قال لعبد الرحمن بن زَيْدِ بن حارِثةَ، وقد أَخَّر صلاة الظهر‏:‏ أَكانوا يُصَلُّون هذه

الصلاة السَّاعةَ‏؟‏ قال‏:‏ لا واللهِ، فَما هَدَى مِمّا رَجَعَ أَي فما بَيِّنَ

وما جاء بحُجَّةٍ مِمّا أَجاب، إِنما قال لا واللهِ وسَكَتَ، والمَرْجُوعُ

الجواب فلم يجيءْ بجواب فيه بيان ولا حجة لما فعل من تأْخير الصلاة‏.‏

وهَدَى‏:‏ بمعنى بيَّنَ في لغة أَهل الغَوْر، يقولون‏:‏ هَدَيْتُ لك بمعنى

بَيَّنْتُ لك‏.‏ ويقال بلغتهم نزلت‏:‏ أَوَلم يَهْدِ لهم‏.‏ وحكى ابن الأَعرابي‏:‏

رَجُل هَدُوٌّ على مثال عدُوٍّ، كأَنه من الهِداية، ولم يَحكها يعقوب في الأَلفاظ التي حصرها كحَسُوٍّ وفَسُوٍّ‏.‏

وهَدَيْت الضالَّةَ هِدايةً‏.‏

والهُدى‏:‏ النَّهارُ؛ قال ابن مقبل‏:‏

حتى اسْتَبَنْتُ الهُدى، والبِيدُ هاجِمةٌ

يخْشَعْنَ في الآلِ غُلْفاً، أَو يُصَلِّينا

والهُدى‏:‏ إِخراج شيء إِلى شيء‏.‏ والهُدى أَيضاً‏:‏ الطاعةُ والوَرَعُ‏.‏

والهُدى‏:‏ الهادي في قوله عز وجل‏:‏ أَو أَجِدُ على النارِ هُدًى؛ والطريقُ

يسمَّى هُدًى؛ ومنه قول الشماخ‏:‏

قد وكَّلْتْ بالهُدى إِنسانَ ساهِمةٍ، كأَنه مِنْ تمامِ الظِّمْءِ مَسْمولُ

وفلان لا يَهْدي الطريقَ ولا يَهْتَدي ولا يَهَدِّي ولا يَهِدِّي، وذهب

على هِدْيَتِه أَي على قَصْده في الكلام وغيره‏.‏ وخذ في هِدْيَتِك أَي

فيما كنت فيه من الحديث والعَمَل ولا تَعْدِل عنه‏.‏ الأَزهري‏:‏ أَبو زيد في باب الهاء والقاف‏:‏ يقال للرجل إِذا حَدَّث بحديث ثم عَدل عنه قبل أن يَفْرُغ إِلى غيره‏:‏ خذ على هِدْيَتِك، بالكسر، وقِدْيَتِك أَي خذ فيما كنت فيه

ولا تَعْدِل عنه، وقال‏:‏ كذا أَخبرني أَبو بكر عن شمر، وقيده في كتابه المسموع من شمر‏:‏ خذ في هِدْيَتِك وقِدْيَتِك أَي خذ فيما كنت فيه، بالقاف‏.‏

ونَظَرَ فلان هِدْيةَ أَمرِه أَي جِهةَ أَمرِه‏.‏ وضلَّ هِدْيَتَه

وهُدْيَتَه أَي لوَجْهِه؛ قال عمرو بن أَحمر الباهليّ‏:‏

نَبَذَ الجُؤارَ وضَلَّ هِدْيَةَ رَوْقِه، لمَّا اخْتَلَلْتُ فؤادَه بالمِطْرَدِ

أَي ترَك وجهَه الذي كان يُرِيدُه وسقَط لما أَنْ صَرَعْتُه، وضلَّ

الموضعَ الذي كان يَقْصِدُ له برَوْقِه من الدَّهَش‏.‏ ويقال‏:‏ فلان يَذْهَب على

هِدْيَتِه أِي على قَصْدِه‏.‏ ويقال‏:‏ هَدَيْتُ أَي قصدْتُ‏.‏ وهو على

مُهَيْدِيَتِه أَي حاله؛ حكاها ثعلب، ولا مكبر لها‏.‏ ولك هُدَيّا هذه الفَعْلةِ

أَي مِثلُها، ولك عندي هُدَيَّاها أَي مثلُها‏.‏ ورمى بسهم ثم رمى بآخرَ

هُدَيَّاهُ أَي مثلِه أَو قَصْدَه‏.‏ ابن شميل‏:‏ اسْتَبَقَ رجلان فلما سبق

أَحدُهما صاحبَه تَبالحا فقال له المَسْبُوق‏:‏ لم تَسْبِقْني فقال السابقُ‏:‏

فأَنت على هُدَيَّاها أَي أُعاوِدُك ثانيةً وأَنت على بُدْأَتِكَ أَي

أُعاوِدك؛ وتبالحا‏:‏ وتَجاحَدا، وقال‏:‏ فَعل به هُدَيَّاها أَي مِثلَها‏.‏ وفلان

يَهْدي هَدْيَ فلان‏:‏ يفعل مثل فعله ويَسِير سِيرَته‏.‏ وفي الحديث‏:‏

واهْدُوا بهَدْي عَمَّارٍ أَي سِيرُوا بسِيرَتِه وتَهَيَّأُوا بهَيْئَتِه‏.‏ وما

أَحسن هَدْيَه أَي سَمْتَه وسكونه‏.‏ وفلان حسَنُ الهَدْي والهِدْيةِ أَي

الطريقة والسِّيرة‏.‏ وما أَحْسَنَ هِدْيَتَهُ وهَدْيَه أَيضاً، بالفتح، أَي

سِيرَته، والجمع هَدْيٌ مثل تَمْرة وتَمْرٍ‏.‏ وما أَشبه هَدْيَه بهَدْي

فلان أَي سَمْتَه‏.‏ أَبو عدنان‏:‏ فلان حَسَنُ الهَدْي وهو حُسْنُ المذهب في أُموره كلها؛ وقال زيادةُ بن زيد العدوي‏:‏

ويُخْبِرُني عن غائبِ المَرْءِ هَدْيُه، كفى الهَدْيُ عما غَيَّبَ المَرْءُ مُخْبِرا

وهَدى هَدْيَ فلان أَي سارَ سَيْره‏.‏ الفراء‏:‏ يقال ليس لهذا الأَمر

هِدْيةٌ ولا قِبْلةٌ ولا دِبْرةٌ ولا وِجْهةٌ‏.‏ وفي حديث عبد الله بن مسعود‏:‏

إِن أَحسَنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمدٍ أَي أَحسَنَ الطريقِ والهِداية والطريقة

والنحو والهيئة، وفي حديثه الآخر‏:‏ كنا نَنْظُر إِلى هَدْيهِ ودَلِّه؛ أَبو عبيد‏:‏ وأَحدهما قريب المعنى من الآخر؛ وقال عِمْرانُ بنِ حطَّانَ‏:‏

وما كُنتُ في هَدْيٍ عليَّ غَضاضةٌ *** وما كُنْتُ في مَخْزاتِه أَتَقَنَّعُ

وفي الحديث‏:‏ الهَدْيُ الصالح والسَّمْتُ الصالِحُ جزء من خمسة وعشرين

جُزءاً من النبوَّة؛ ابن الأَثير‏:‏ الهَدْيُ السِّيرةُ والهَيْئة والطريقة، ومعنى الحديث أَن هذه الحالَ من شمائل الأَنبياء من جملة خصالهم وأَنها

جُزْء معلوم من أَجْزاء أَفْعالهم، وليس المعنى أَن النبوّة تتجزأ، ولا

أَنَ من جمع هذه الخِلال كان فيه جزء من النُّبُوّة، فإِن النبوّةَ غير

مُكْتَسبة ولا مُجْتَلَبةٍ بالأَسباب، وإِنما هي كرامةٌ من الله تعالى، ويجوز أَن يكون أَراد بالنبوّة ما جاءت به النبوّة ودعت إِليه، وتَخْصيصُ هذا

العدد ما يستأْثر النبي،صلى الله عليه وسلم، بمعرفته‏.‏

وكلُّ متقدِّم هادٍ‏.‏ والهادي‏:‏ العُنُقُ لتقدّمه؛ قال المفضل النُّكْري‏:‏

جَمُومُ الشَّدِّ شائلةُ الذُّنابي، وهادِيها كأَنْ جِذْعٌ سَحُوقُ

والجمع هَوادٍ‏.‏ وفي حديث النبي،صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَنه بَعَثَ إِلى

ضُباعةَ وذَبَحت شاةً فطَلَب منها فقالت ما بَقِيَ منها إِلا الرَّقَبَةُ

فبَعَثَ إِليها أَن أَرْسِلي بها فإِنها هادِةُ الشايةِ‏.‏ والهادِيةُ

والهادي‏:‏ العنُقُ لأَنها تَتَقَدَّم على البدَن ولأَنها تَهْدي الجَسَد‏.‏

الأَصمعي‏:‏ الهادِيةُ من كل شيء أَوَّلُه وما تقَدَّمَ منه، ولهذا قيل‏:‏

أَقْبَلَتْ هَوادي الخيلِ إِذا بَدَتْ أَعْناقُها‏.‏ وفي الحديث‏:‏ طَلَعَتْ هَوادي

الخيل يعني أَوائِلَها‏.‏ وهَوادي الليل‏:‏ أَوائله لتقدمها كتقدُّم

الأَعناق؛ قال سُكَيْن بن نَضْرةَ البَجَليّ‏:‏

دَفَعْتُ بِكَفِّي الليلَ عنه وقد بَدَتْ

هَوادي ظَلامِ الليلِ، فالظُّلُّ غامِرُهُ

وهوادي الخيل‏:‏ أَعْناقُها لأَنها أَولُ شيء من أَجْسادِها، وقد تكون

الهوادي أَولَ رَعيل يَطْلُع منها لأَنها المُتَقَدِّمة‏.‏ ويقال‏:‏ قد هَدَت

تَهْدي إِذا تَقَدَّمتْ؛ وقال عَبيد يذكر الخيل‏:‏

وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفارَ عَوابِساً، تَهْدي أَوائلَهُنَّ شُعْثٌ شُزَّبُ

أَي يَتَقَدَّمُهن؛وقال الأَعشى وذكر عَشاه وأَنَّ عَصاه تَهْدِيه‏:‏

إِذا كان هادي الفَتى في البلا

دِ، صَدْرَ القَناةِ، أَطاع الأَمِيرا

وقد يكون إِنما سَمَّى العَصا هادِياً لأَنه يُمْسِكها فهي تَهْديه

تتقدَّمه، وقد يكون من الهِدايةِ لأَنها تَدُلُّه على الطريق، وكذلك الدليلُ

يسمى هادِياً لأَنه يَتَقَدَّم القومَ ويتبعونه، ويكون أَن يَهْدِيَهم

للطريقِ‏.‏ وهادِياتُ الوَحْشِ‏:‏ أَوائلُها، وهي هَوادِيها‏.‏ والهادِيةُ‏:‏

المتقدِّمة من الإِبل‏.‏ والهادِي‏:‏ الدليل لأَنه يَقْدُمُ القومَ‏.‏ وهَداه أَي

تَقَدَّمه؛ قال طرفة‏:‏

لِلْفَتَى عَقْلٌ يَعِيشُ به، حيثُ تَهْدي ساقَه قَدَمُهْ

وهادي السهمِ‏:‏ نَصْلُه؛ وقول امرئ القيس‏:‏

كأَنَّ دِماء الهادِياتِ بنَحْرِه

عُصارة حِنَّاءٍ بشَيْبٍ مُرَجَّلِ

يعني به أَوائلَ الوَحْشِ‏.‏ ويقال‏:‏ هو يُهادِيه الشِّعرَ، وهاداني فلان

الشِّعرَ وهادَيْتُه أَي هاجاني وهاجَيْتُه‏.‏ والهَدِيَّةُ‏:‏ ما أَتْحَفْتَ

به، يقال‏:‏ أَهْدَيْتُ له وإِليه‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ وإِني مُرْسِلة

إِليهم بهَدِيَّةٍ؛ قال الزجاج‏:‏ جاء في التفسير أَنها أَهْدَتْ إِلى

سُلَيْمَانَ لَبِنة ذهب، وقيل‏:‏ لَبِنَ ذهب في حرير، فأَمر سليمان، عليه السلام، بلَبِنة الذهب فطُرحت تحت الدوابِّ حيث تَبولُ عليها وتَرُوت، فصَغُر في أَعينهم ما جاؤُوا به، وقد ذكر أَن الهدية كانت غير هذا، إِلا أَن قول

سليمان‏:‏ أَتُمِدُّونَنِي بمال‏؟‏ يدل على أَن الهدية كانت مالاً‏.‏

والتَّهادِي‏:‏ أَن يُهْدي بعضُهم إِلى بعض‏.‏ وفي الحديث‏:‏ تَهادُوا تَحابُّوا، والجمع هَدايا وهَداوَى، وهي لغة أَهل المدينة، وهَداوِي وهَداوٍ؛ الأَخيرة عن

ثعلب، أَما هَدايا فعلى القياس أَصلها هَدائي، ثم كُرهت الضمة على الياء

فأُسكنت فقيل هَدائىْ، ثم قلبت الياء أَلفاً استخفافاً لمكان الجمع فقيل

هَداءا، كما أَبدلوها في مَدارَى ولا حرف علة هناك إِلا الياء، ثم كرهوا

همزة بين أَلفين لأَن الهمزة بمنزلة الأَلف، إِذ ليس حرف أَقرب إِليها

منها، فصوروها ثلاث همزات فأَبدلوا من الهمزة ياء لخفتها ولأَنه ليس حرف بعد

الأَلف أَقرب إِلى الهمزة من الياء، ولا سبيل إِلى الأَلف لاجتماع ثلاث

أَلفات فلزمت الياء بدلاً، ومن قال هَداوَى أَبدل الهمزة واواً لأَنهم قد

يبدلونها منها كثيراً كبُوس وأُومِن؛ هذا كله مذهب سيبويه، قال ابن سيده‏:‏

وزِدْته أَنا إيضاحاً، وأَما هَداوي فنادر، وأَما هَداوٍ فعلى أَنهم

حذفوا الياء من هَداوي حذفاً ثم عوض منها التنوين‏.‏ أَبو زيد‏:‏ الهَداوي لغة عُلْيا مَعَدٍّ، وسُفْلاها الهَدايا‏.‏ ويقال‏:‏ أَهْدَى وهَدَّى بمعنًى ومنه‏:‏ أَقولُ لها هَدِّي ولا تَذْخَري لَحْمي

وأَهْدَى الهَدِيَّةَ إِهْداءً وهَدّاها‏.‏

والمِهْدى، بالقصر وكسر الميم‏:‏ الإِناء الذي يُهْدَى فيه مثل الطَّبَقِ ونحوه؛ قال‏:‏

مِهْداكَ أَلأَمُ مِهْدًى حِينَ تَنْسُبُه *** فُقَيْرةٌ أَو قَبيحُ العَضْدِ مَكْسُورُ

ولا يقال للطَّبَقِ مِهْدًى إِلاَّ وفيه ما يُهْدَى‏.‏ وامرأَة مِهْداءٌ، بالمد، إِذا كانت تُهْدي لجاراتها‏.‏ وفي المحكم‏:‏ إِذا كانت كثيرة

الإِهْداء؛ قال الكميت‏:‏

وإِذا الخُرَّدُ اغْبَرَرْنَ مِنَ المَحْـ *** لِ، وصارَتْ مِهْداؤُهُنَّ عَفِيرا

وكذلك الرجل مِهْداءٌ‏:‏ من عادته أَن يُهْدِيَ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ مَنْ هَدَى

زُقاقاً كان له مِثْلُ عِتْقِ رَقَبةٍ؛ هو من هِدايةِ الطريقِ أَي من عَرَّف ضالاًّ أَو ضَرِيراً طَرِيقَه، ويروى بتشديد الدال إما للمبالغة من الهِداية، أَو من الهَدِيَّةِ أَي من تصدَّق بزُقاق من النخل، وهو السِّكَّةُ والصَّفُّ من أَشجاره، والهِداءُ‏:‏ أَن تجيءَ هذه بطعامِها وهذه

بطعامها فتأْكُلا في موضع واحد‏.‏ والهَدِيُّ والهِدِيَّةُ‏:‏ العَرُوس؛ قال أبو ذؤيب‏:‏

برَقْمٍ ووَشْيٍ كما نَمْنَمَتْ

بمِشْيَتِها المُزْدهاةُ الهَدِيّ

والهِداء‏:‏ مصدر قولك هَدَى العَرُوسَ‏.‏ وهَدَى العروسَ إِلى بَعْلِها

هِداء وأَهْداها واهْتَداها؛ الأَخيرة عن أَبي علي؛ وأَنشد‏:‏

كذَبْتُمْ وبَيتِ اللهِ لا تَهْتَدُونَها

وقد هُدِيَتْ إِليه؛ قال زهير‏:‏

فإِنْ تَكُنِ النِّساءُ مُخَبَّآتٍ، فحُقَّ لكلِّ مُحْصِنةٍ هِداء

ابن بُزُرْج‏:‏ واهْتَدَى الرجلُ امرأَتَه إِذا جَمَعَها إِليه وضَمَّها، وهي مَهْدِيَّةٌ وهَدِيٌّ أَيضاً، على فَعِيلٍ؛ وأَنشد ابن بري‏:‏

أَلا يا دارَ عَبْلةَ بالطَّوِيّ، كرَجْعِ الوَشْمِ في كَفِّ الهَدِيّ

والهَدِيُّ‏:‏ الأَسيرُ؛ قال المتلمس يذكر طَرفة ومَقْتل عَمرو بن هِند

إِياه‏:‏

كطُرَيْفةَ بنِ العَبْدِ كان هَدِيَّهُمْ، ضَرَبُوا صَمِيمَ قَذالِه بِمُهَنَّدِ

قال‏:‏ وأَظن المرأَة إِنما سميت هَدِيًّا لأَنها كالأَسِير عند زوجها؛ قال الشاعر‏:‏

كرجع الوشم في كف الهديّ

قال‏:‏ ويجوز أَن يكون سميت هَدِيًّا لأَنها تُهْدَى إِلى زوجها، فهي هَدِيٌّ، فَعِيلٌ بمعنى مفعول‏.‏ والهَدْيُ‏:‏ ما أُهْدِيَ إِلى مكة من النَّعَم‏.‏

وفي التنزيل العزيز‏:‏ حتى يبلغ الهَدْيُ مَحِلَّه، وقرئ‏:‏ حتى يبلغ

الهَدِيُّ مَحِلَّه، بالتخفيف والتشديد، الواحدة هَدْيةٌ وهَدِيَّةٌ؛ قال ابن بري‏:‏ الذي قرأَه بالتشديد الأَعرج وشاهده قول الفرزدق‏:‏

حَلَفْتُ برَبِّ مَكَّةَ والمُصَلَّى، وأَعْناقِ الهَدِيِّ مُقَلَّداتِ

وشاهد الهَدِيَّةِ قولُ ساعدةَ بن جُؤَيَّة‏:‏

إني وأَيْدِيهم وكلّ هَدِيَّة

مما تَثِجُّ له تَرائِبُ تَثْعَبُ

وقال ثعلب‏:‏ الهَدْيُ، بالتخفيف، لغة أَهل الحجاز، والهَدِيُّ، بالتثقيل

على فَعِيل، لغة بني تميم وسُفْلى قيس، وقد قرئ بالوجهين جميعاً‏:‏ حتى

يَبْلُغَ الهَدي محله‏.‏ ويقال‏:‏ مالي هَدْيٌ إِن كان كذا، وهي يمين‏.‏

وأَهْدَيْتُ الهَدْيَ إِلى بيت اللهِ إِهْداء‏.‏ وعليه هَدْيةٌ أَي بَدَنة‏.‏ الليث

وغيره‏:‏ ما يُهْدى إِلى مكة من النَّعَم وغيره من مال أَو متاعٍ فهو هَدْيٌ

وهَدِيٌّ، والعرب تسمي الإِبل هَدِيًّا، ويقولون‏:‏ كم هَدِيُّ بني فلان؛ يعنون الإِبل، سميت هَدِيّاً لأنها تُهْدَى إِلى البيت‏.‏ غيره‏:‏ وفي حديث

طَهْفةَ في صِفة السَّنةِ هَلَكَ الهَدِيُّ ومات الوَديُّ؛ الهَدِيُّ، بالتشديد‏:‏ كالهَدْي بالتخفيف، وهو ما يُهْدى إِلى البَيْتِ الحَرام من النعم

لتُنْحَر فأُطلق على جميع الإِبل وإِن لم تكن هَدِيّاً تسمية للشيء ببعضه، أَراد هَلَكَتِ الإِبل ويَبِسَتِ النَّخِيل‏.‏ وفي حديث الجمعة‏:‏ فكأَنَّما

أَهْدى دَجاجةً وكأَنما أَهْدى بَيْضةً؛ الدَّجاجةُ والبَيضةُ ليستا من الهَدْيِ وإِنما هو من الإِبل والبقر، وفي الغنم خلاف، فهو محمول على حكم

ما تُقدَّمه من الكلام، لأَنه لما قال أَهْدى بدنةً وأَهْدى بقرةً وشاة

أَتْبَعه بالدَّجاجة والبيضة، كما تقول أَكلت طَعاماً وشَراباً والأَكل

يختص بالطعام دون الشراب؛ ومثله قول الشاعر‏:‏

مُتَقَلِّداً سَيفاً ورُمْحاً

والتَّقَلُّدُ بالسيف دون الرمح‏.‏ وفلانٌ هَدْيُ بني فلان وهَدِيُّهمْ

أَي جارُهم يَحرم عليهم منه ما يَحْرُم من الهَدْي، وقيل‏:‏ الهَدْيُ

والهَدِيُّ الرجل ذو الحرمة يأْتي القوم يَسْتَجِير بهم أَو يأْخذ منهم

عَهْداً، فهو، ما لم يُجَرْ أَو يأْخذِ العهدَ، هَدِيٌّ، فإِذا أَخَذ العهدَ

منهم فهو حينئذ جارٌ لهم؛ قال زهير‏:‏

فلَمْ أَرَ مَعْشَراً أَسَرُوا هِدِيّاً، ولمْ أَرَ جارَ بَيْتٍ يُسْتَباءُ

وقال الأَصمعي في تفسير هذا البيت‏:‏ هو الرَّجل الذي له حُرمة كحُرمة

هَدِيِّ البيت، ويُسْتَباء‏:‏ من البَواء أَي القَوَدِ أَي أَتاهم يَسْتَجير

بهم فقَتلُوه برجل منهم؛ وقال غيره في قِرْواشٍ‏:‏

هَدِيُّكُمُ خَيْرٌ أَباً مِنْ أَبِيكُمُ، أَبَرُّ وأُوْفى بالجِوارِ وأَحْمَدُ

ورجل هِدانٌ وهِداءٌ‏:‏ للثَّقِيل الوَخْمِ؛ قال الأَصمعي‏:‏ لا أَدري

أَيّهما سمعت أَكثر؛ قال الراعي‏:‏

هِداءٌ أَخُو وَطْبٍ وصاحِبُ عُلْبةٍ *** يَرى المَجْدَ أَن يَلْقى خِلاءً وأَمْرُعا

ابن سيده‏:‏ الهِداء الرجل الضعيف البَليد‏.‏ والهَدْيُ‏:‏ السُّكون؛ قال الأَخطل‏:‏

وما هَدى هَدْيَ مَهْزُومٍ وما نَكَلا

يقول‏:‏ لم يُسْرِعْ إِسْراعَ المُنْهَزم ولكن على سكون وهَدْيٍ حَسَنٍ‏.‏

والتَّهادي‏:‏ مَشْيُ النِّساء والإِبل الثِّقال، وهو مشي في تَمايُل

وسكون‏.‏ وجاء فلان يُهادَى بين اثنين إِذا كان يمشي بينهما معتمداً عليهما من ضعفه وتَمايُله‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في مرضه

الذي مات فيه يُهادى بين رَجُلَيْن؛ أَبو عبيد‏:‏ معناه أَنه كان يمشي

بينهما يعتمد عليهما من ضَعْفِه وتَمايُلِه، وكذلك كلُّ مَن فعل بأَحد فهو يُهاديه؛ قال ذو الرمة‏:‏

يُهادينَ جَمَّاء المَرافِقِ وَعْثةً، كَلِيلةَ جَحْمِ الكَعْبِ رَيَّا المُخَلْخَلِ

وإِذا فَعلت ذلك المرأَة وتَمايَلَتْ في مِشْيتها من غير أَن يُماشِيها

أَحد قيل‏:‏ تَهادى؛ قال الأَعشى‏:‏

إِذا ما تأَتَّى تُريدُ القِيام، تَهادى كما قد رأَيتَ البَهِيرا

وجئتُكَ بَعْدَ هَدْءٍ مِن الليلِ، وهَدِيٍّ لغة في هَدْءٍ؛ الأَخيرة عن

ثعلب‏.‏ والهادي‏:‏ الراكِسُ، وهو الثَّوْرُ في وسط البَيْدَر يَدُور عليه

الثِّيرانُ في الدِّراسة؛ وقول أَبي ذؤيب‏:‏

فما فَضْلةٌ من أَذْرِعاتٍ هَوَتْ بها

مُذَكَّرةٌ عنْسٌ كهادِيةِ الضَّحْلِ

أَراد بهادِيةِ الضَّحْلِ أَتانَ الضَّحْلِ، وهي الصخرة المَلْساء‏.‏

والهادِيةُ‏:‏ الصخرة النابتةُ في الماء‏.‏

هذي‏:‏ الهَذَيانُ‏:‏ كلام غير معقول مثل كلام المُبَرْسَم والمَعْتُوه‏.‏

هَذي يَهْذي هَذْياً وهَذَياناً‏:‏ تكلم بكلام غير معقول في مرض أَو غيره، وهَذى إِذا هذَرَ بكلام لا يفهم، وهَذى به‏:‏ ذَكَره في هُذائه، والاسم من ذلك

الهُذاء‏.‏ ورجل هَذَّاءٌ وهَذَّاءَةٌ‏:‏ يَهْذي في كلامه أَو يهْذي بغيره؛ أَنشد ثعلب‏:‏

هِذْرِيانٌ هَذِرٌ هَذَّاءَةٌ، مُوشِكُ السِّقْطةِ ذُو لُبٍّ نَثِرْ

هَذى في منْطِقه يَهْذي ويَهْذُو‏.‏ وهَذَوْتُ بالسيف‏:‏ مثل هَذَذْتُ‏.‏

وأَما هذا وهذان فالهاء في هذا تنبيه، وذا إِشارة إِلى شيءٍ حاضر، والأَصل ذا

ضم إِليها ها، وقد تقدم‏.‏

هرا‏:‏ الهِراوةُ‏:‏ العَصا، وقيل‏:‏ العصا الضَّخمةُ، والجمع هَراوى، بفتح

الواو على القياس مثل المَطايا، كما تقدم في الإِداوةِ، وهُرِيٌّ على غير

قياس، وكأَن هُرِيّاً وهِرِيّاً إِنما هو على طَرْح الزائد، وهي الأَلف في هِراوة، حتى كأَنه قال هَرْوة ثم جَمَعه على فُعول كقولهم مَأْنةٌ

ومُؤُونٌ وصَخْرة وصُخور؛ قال كثير‏:‏

يُنَوَّخُ ثم يُضرَبُ بالهَراوى، فلا عُرْفٌ لَدَيْه ولا نَكِيرُ

وأَنشد أَبو علي الفارسي‏:‏

رأَيتك لا تُغْنِينَ عَنِّي نَقْرةً، إِذا اخْتَلَفَتْ فيَّ الهَراوى الدَّمامِكُ

قال‏:‏ ويروى الهِرِيُّ، بكسر الهاء‏.‏ وهَراه بالهِراوةِ يَهْرُوه هَرْواً

وتَهَرَّاه‏:‏ ضرَبه بالهِراوةِ؛ قال عمرو بن مِلْقَط الطائي‏:‏

يَكْسى ولا يَغْرَثُ مَمْلُوكُها، إِذا تَهَرَّتْ عَبْدَها الهارِيَهْ

وهَرَيْتُه بالعَصا‏:‏ لغة في هَرَوْتُه؛ عن ابن الأَعرابي؛ قال الشاعر‏:‏

وإِنْ تَهَرَّاهُ بها العَبْدُ الهارْ

وهَرا اللحمَ هَرْواً‏:‏ أَنْضَجه؛ حكاه ابن دريد عن أَبي مالك وحده؛ قال‏:‏

وخالفه سائر أَهل اللغة فقال هَرَأَ‏.‏ وفي حديث سَطِيح‏:‏ وخَرج صاحبُ

الهِراوةِ؛ أَراد به سيدَنا رسولَ الله،صلى الله عليه وسلم، لأَنه كان يُمْسِك

القَضِيب بيده كثيراً، وكان يُمْشى بالعَصا بين يديه وتُغْرَزُ له

فيُصَلِّي إِليها،صلى الله عليه وسلم‏.‏ في الحديث‏:‏ أَنه قال لحَنِيفةِ

النَّعَمِ، وقد جاء معه بيَتيمٍ يَعْرِضُه عليه، وكان

قد قارَبَ الاحتِلامَ ورآه نائماً فقال‏:‏ لعَظُمَت هذه هِراوةُ يَتيمٍ

أَي شَخْصُه وجُثَّتُه، شبَّهه بالهِراوة، وهي العَصا، كأَنه حِينَ رآه

عظيم الجُثّة اسْتَبْعَدَ أَن يقال له يتيم لأَنّ اليُتْم في الصِّغَر‏.‏

والهُرْيُ‏:‏ بيت كبير ضَخْم يُجْمَع فيه طَعام السُّلْطانِ، والجمع أَهْراء؛ قال الأَزهريّ‏:‏ ولا أَدرِي أَعربي هو أَم دخيل‏.‏

وهَراةُ‏:‏ مَوضِعٌ، النسب إِليه هَرَوِيٌّ، قلبت الياء واواً كراهية

توالي الياءَات؛ قال ابن سيده‏:‏ وإِنما قضينا على أَنّ لام هراة ياء لأن اللام ياء أَكثر منها واواً، وإِذا وقفت عليها وقفت بالهاء، وإِنما قيل مُعاذ

الهَرّاء لأَنه كان يَبِيع الثيابَ الهَرَوِيّة فَعُرِفَ بها ولُقِّب

بها؛ قال شاعر من أَهل هَراةَ لما افتتحها عبد الله بن خازم سنة ‏؟‏‏؟‏‏:‏

عاوِدْ هَراةَ، وإِنْ مَعْمُورُها خَرِبا، وأَسْعِدِ اليومَ مَشْغُوفاً إِذا طَرِبا

وارْجِعْ بِطَرْفِكَ نَحْوَ الخَنْدَقَيْنَ تَرَى

رُزءاً جَليلاً، وأَمْراً مُفْظِعاً عَجَبا‏:‏

هاماً تَزَقَّى وأَوْصالاً مُفَرَّقةً، ومَنْزِلاً مُقْفِراً مِنْ أَهْلِه خَرِبا

لا تَأْمَنَنْ حَدَثاً قَيْسٌ وقد ظَلَمَتْ، إِنْ أَحْدَثَ الدَّهْرُ في تَصْرِيفه عُقَبا

مُقَتَّلُون وقَتّالونَ، قد عَلِمُوا

أَنَّا كذلِك نَلْقَى الحَرْبَ والحَرَبا

وهَرَّى فلان عِمامته تَهْرِيةً إذا صَفَّرها؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي‏:‏

رَأَيْتُكَ هَرَّيْتَ العِمامَةَ بَعْدَما

أَراك زماناً فاصِعاً لا تَعَصَّبُ

وفي التهذيب‏:‏ حاسِراً لا تَعَصَّبُ؛ معناه جعلتها هَرَوِية، وقيل‏:‏

صَبَغْتَها وصفَّرتها، ولم يسمع بذلك إِلا في هذا الشعر، وكانت ساداتُ العرب

تَلْبَسُ العمَائم الصُّفر، وكانت تُحمَل من هَراةَ مَصْبوغةً فقيل لمن لَبِسَ عمامة صفراء‏:‏ قد هَرَّى عِمامته، يريد أَن السيد هو الذي يتَعمَّم

بالعِمامة الصفراء دون غيره‏.‏ وقال ابن قتيبة‏:‏ هَرَّيت العِمامة لبستها

صَفْراء‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ ثوب مُهَرًّى إِذا صبغ بالصَّبِيب، وهو ماء ورق

السمسم، ومُهَرًّى أَيضاً إِذا كان مصبوغاً كلون المِشْمِش والسِّمسم‏.‏

ابن الأَعرابي‏:‏ هاراه إِذا طانَزَه، وراهاه إِذا حامَقَه‏.‏ والهِراوةُ‏:‏

فَرس الرَّيان بن حُوَيْصٍ‏.‏ قال ابن بري‏:‏ قال أَبو سعيد السيرافي عند قول

سيبويه عَزَبٌ وأَعْزابٌ في باب تكسير صفة الثلاثي‏:‏ كان لعبد القيس فرس

يقال لها هِراوةُ الأَعْزاب، يركبها العَزَبُ ويَغْزُو عليها، فإِذا

تأَهَّل أَعْطَوْها عَزَباً آخر؛ ولهذا يقول لبيد‏:‏

يَهْدِي أَوائِلَهُنّ كُلُّ طِمِرَّةٍ

جَرْداء مِثْلِ هِراوةِ الأَعْزابِ

قال ابن بري‏:‏ انقضى كلام أَبي سعيد،قال‏:‏ والبيت لعامر بن الطفيل لا

للبيد‏.‏

وذكر ابن الأثير في هذه الترجمة قال‏:‏ وفي حديث أَبي سلمة أَنه، عليه

السلام، قال ذاك الهُراء شيطان وُكِّل بالنُّفوس، قيل‏:‏ لم يسمع الهُراء أَنه

شيطان إِلا في هذا الحديث، قال‏:‏ والهُراء في اللغة السَّمْحُ الجَوادُ

والهَذَيانُ، والله أَعلم‏.‏

هسا‏:‏ ابن الأَعرابي‏:‏ الأَهْساء المُتَحَيِّرُونَ‏.‏

هصا‏:‏ ابن الأَعرابي‏:‏ هاصاهُ إِذا كسر صلبه، وصاهاهُ‏:‏ ركب صَهْوَته‏.‏

والأَهصاء‏:‏ الأَشِداء‏.‏ وهَصا إِذا أَسَنَّ‏.‏

هضا‏:‏ ابن الأَعرابي‏:‏ هاضاهُ إِذا اسْتَحْمَقَه واسْتَخَفَّ به‏.‏

والأَهْضاء‏:‏ الجَماعات من الناس‏.‏

هطا‏:‏ ابن الأَعرابي‏:‏ هطا إِذا رَمَى، وطها إِذا وَثَب‏.‏

هفا‏:‏ هَفا في المشي هَفْواً وهَفَواناً‏:‏ أَسرع وخَفَّ فيه، قالها في الذي يَهْفُو بين السماء والأَرض‏.‏ وهَفا الظَّبْي يَهْفُو على وجه الأَرض

هَفْواً‏:‏ خَفَّ واشْتَدَّ عَدْوُه‏.‏ ومرَّ الظبيُ يَهْفُو‏:‏ مثل قولك

يَطْفُو؛ قال بشر يصف فرساً‏:‏

يُشَبِّه شَخْصُها، والخَيْلُ تَهْفُو

هُفُوًّا، ظِلَّ فَتْخاءِ الجَناحِ

وهَوافِي الإِبل‏:‏ ضَوالُّها كهَوامِيها‏.‏ وروي أَن الجارُودَ سأَل

النبي،صلى الله عليه وسلم، عن هَوافِي الابِلِ، وقال قوم هَوامِي الإِبل؛ واحدتها هافِيةٌ من هَفا الشيءِ يَهْفُو إِذا ذَهَب‏.‏ وهَفا الطائرُ إِذا طارَ، والرِّيحُ إِذا هَبَّتْ‏.‏ وفي حديث عثمان، رضي الله عنه‏:‏ أَنه وَلَّى أَبا

غاضِرةَ الهَوافِيَ أَي الإِبلَ الضَّوالَّ‏.‏ ويقال للظليم إِذا عَدا‏:‏ قد

هَفا، ويقال الأَلف اللينة هافِيةٌ في الهَواء‏.‏ وهَفا الطائرُ بجناحَيْهِ

أَي خَفَقَ وطارَ؛ قال‏:‏

وهْوَ إِذا الحَرْبُ هَفا عُقابُه، مِرْجَمُ حَرْبٍ تَلْتَظِي حِرابه قال ابن بري‏:‏ وكذلك القَلْبُ والرِّيحُ بالمطر تَطْرُدُه، والهَفاء

ممدود منه؛ قال‏:‏

أَبَعْدَ انْتِهاء القَلْبِ بَعْدَ هَفائِه، يَرُوحُ عَلَيْنا حُبُّ لَيْلَى ويَغْتَدِي‏؟‏

وقال آخر‏.‏

أُولئكَ ما أَبْقَيْنَ لي مِنْ مُرُوءتي

هَفاء، ولا أَلْبَسْنَني ثَوبَ لاعِبِ

وقال آخر‏:‏

سائلةُ الأَصْداغِ يَهفُو طاقُها

والطاقُ‏:‏ الكِساء، وأَورد الأَزهري هذا البيت في أثناء كلامه على وهف؛ وقال آخر‏:‏

يا ربِّ فَرِّقْ بَيْنَنا، يا ذا النِّعَمْ، بشَتْوةٍ ذاتِ هَفاء ودِيَمْ

والهَفْوَةُ‏:‏ السَّقْطة والزَّلَّة‏.‏ وقد هَفا يَهْفُو هَفْواً وهَفْوةً‏.‏

والهَفْوُ‏:‏ الذَّهاب في الهواء وهَفا الشيء في الهواء‏:‏ ذهب‏.‏ وهَفَت

الصُّوفة في الهَواء تَهْفُو هَفْواً وهُفُوًّا‏:‏ ذهبت، وكذلك الثوب‏.‏

ورَفارِفُ الفُسطاط إِذا حرّكته الرّيح قلت‏:‏ يَهْفُو وتَهْفُو به الرّيح، وهَفَت

به الرّيحُ‏:‏ حرَّكته وذَهَبت به‏.‏ وفي حديث علي، رضوان الله عليه‏:‏ إِلى

مَنابِتِ الشِّيحِ ومَهافِي الرِّيحِ؛ جمع مَهْفًى وهو موضع هُبُوبها في البراري‏.‏ وفي حديث معاوية‏:‏ تَهْفُو منه الرِّيحُ بجانِبٍ كأَنه جَناحُ

نَسْرٍ، يعني بيتاً تهُبُّ من جانبه الرِّيحُ، وهو في صغره كجناح نَسْر‏.‏ وهَفا

الفُؤاد‏:‏ ذهَب في أَثر الشيء وطَرِبَ‏.‏ أَبو سعيد‏:‏ الهَفاءة خَلَقَةٌ

تَقْدُم الصَّبِيرَ، ليست من الغيم في شيء غير أَنها تَسْتُر عنك الصَّبِيرَ، فإِذا جاوَزَت بذلك الصَّبير، وهو أَعْناقُ الغَمامِ السَّاطِعة في الأُفُق، ثم يَرْدُفُ الصِّبِيرَ الحَيُّ، وهو ما اسْتَكَفَّ منه، وهو رَحا السَّحابَة، ثم الرَّبابُ تحت الحَيِّ، وهو الذي يَقْدُم الماء، ثم روادفُه بعد ذلك؛ وأَنشد‏:‏

ما رَعَدَتْ رَعْدَةً ولا بَرَقَتْ، لكِنَّها أَنْشَأَت لَنا خَلَقَهْ

فالماءُ يَجْرِي ولا نِظامَ لهُ، لو يَجِدُ الماءُ مَخْرَجاً خَرَقَهُ

قال‏:‏ هذه صفة غيث لم يكن برِيحٍ ولا رَعْدٍ ولا بَرْق، ولكن كانت

دِيمةً، فوصف أَنها أَغْدَقَتْ حتى جَرَت الأَرضُ بغرِ نظام، ونِظامُ الماء

الأَوْدِيةُ‏.‏ النضر‏:‏ الأَفاء القِطَعُ من الغيم، وهي الفِرَقُ يَجِئن

قِطَعاً كما هي، قال أَبو منصور‏:‏ الواحدة أَفاءةٌ، ويقال هَفاءةٌ أَيضاً‏.‏

والهَفا، مقصور‏:‏ مطر يَمْطُر ثم يَكُفُّ‏.‏ أَبو زيد‏:‏ الهَفاءة، وجمعها الهفاء، نحو من الرِّهْمة‏.‏ العنبري‏:‏ أَفاءٌ وأَفاءة؛ النضر‏:‏ هي الهَفاءة

والأَفاءة والسُّدُّ والسَّماحِيقُ والجِلْبُ والجُلْبُ‏.‏ غيره‏:‏ أَفاء وأَفاءةٌ

كأَنه أَبدل من الهاء همزة، قال‏:‏ والهَفاء من الغَلَط والزَّلَل مثله؛ قال أَعرابي خيَّرَ امرأَته فاختارت نفسها فَنَدم‏:‏

إِلى الله أَشْكُو أَنَّ مَيّاً تَحَمَّلَتْ

بِعَقْلِيَ مَظلوماً، ووَلَّيْتُها الأَمْرَا

هَفاء مِن الأَمْرِ الدَّنِيِّ،ولم أُرِدْ

بها الغَدْرَ يَوماً، فاسْتجازَت بيَ الغَدْرا

وهَفَتْ هافِيةٌ من الناس‏:‏ طَرَأَتْ، وقيل‏:‏ طَرَأَتْ عن جَدْب، والمعروف

هَفَّتْ هافَّةٌ‏.‏ ورجل هَفاةٌ‏:‏ أَحْمق‏.‏ والأَهْفاء‏:‏ الحَمْقَى من الناس‏.‏ والهَفْو‏:‏ الجُوع‏.‏ ورجل هافٍ‏:‏ جائع‏.‏ وفلان جائع يَهْفُو فُؤادُه أَي

يَخْفِقُ‏.‏ والهَفُوةُ‏:‏ المَرُّ الخفيف‏.‏ والهَفاةُ‏:‏ النَّظْرَةُ

هقي‏:‏ هقَى الرجل يَهْقِي هَقْياً وهَرَف يَهْرِفُ‏:‏ هَذى فأَكثر؛ قال‏:‏

أَيُتْرَكُ عَيرٌ قاعِدٌ وَسْطَ ثَلَّةٍ، وِعالاتُها تَهْقِي بأُمِّ حَبِيبِ‏؟‏

وأَنشد ابن سيده‏:‏

لو أَنَّ شَيْخاً رَغِيبَ العَيْنِ ذا أَبَلٍ

يَرْتادُه لِمَعَدٍّ كُلِّها لَهَقَى

قوله‏:‏ ذا أَبَلٍ أَي ذا سِياسةٍ للأُمور ورِفْق بها‏.‏ وفلان يَهْقِي

بفلان‏:‏ يَهْذِي؛ عن ثعلب‏.‏ وهَقَى فلان فلاناً يَهْقِيه هَقْياً‏:‏ تَناوَله

بمكروه وبقَبيح‏.‏ وأَهْقَى‏:‏ أَفْسَدَ‏.‏ وهَقَى قلبُه‏:‏ كهَفَا؛ عن الهجري؛ وأَنشد‏:‏

فغَصَّ بِريقه وهَقَى حَشاه

هكا‏:‏ الأَزهري‏:‏ هاكاهُ إِذا استصغر عَقْلَه، وكاهاهُ فاخَره، وقد تقدم‏.‏

هلا‏:‏ هَلا‏:‏ زجر للخيل، وقد يستعار للإِنسان؛ قالت ليلى الأَخيلية‏:‏

وعَيَّرْتَني داءً بأُمِّكَ مثلُه، وأَيُّ حَصانٍ لا يقالُ لها هَلَى‏؟‏

قال ابن سيده‏:‏ وإِنما قضينا على أَن لام هلى ياء لأَن اللام ياء أَكثر

منها واواً، وهذه الترجمة ذكرها الجوهري في باب الأَلف اللينة، وقال‏:‏ إِنه

باب مبني على أَلفات غير منقلبات من شيء، وقد قال ابن سيده كما ترى إِنه

قضي عليها أَنَّ لامها ياء، والله أَعلم؛ قال أَبو الحسن المدائني لما قال الجعدي لليلى الأَخيلية‏:‏

أَلا حَيِّيا لَـيْلى وقُولا لها‏:‏ هَلا

فقد رَكِبَتْ أَمْراً أَغْرَّ مُحَجَّلا

قالت له‏:‏

تُعَيِّرُنا داءً بأُمِّكَ مِثْلُه، وأَيُّ حَصانٍ لا يقالُ لها هَلا‏؟‏

فغلبته‏:‏ قال وهَلا زجر يُزْجَر به الفرس الأَنثى إذا أُنزِي عليها الفحل

لتَقِرَّ وتَسْكُن‏.‏ في حديث ابن مسعود‏:‏ إذا ذكر الصالحون فَحَيَّهَلاً

بعُمر أَي أَقْبِل وأَسْرِعْ أَي فأَقْبِل بعمر وأَسْرِعْ، قال‏:‏ وهي كلمتان جعلتا واحدة‏.‏ فَحيَّ بمعنى أَقبِل، وهَلاَ بمعنى أَسْرِعْ، وقيل‏:‏ بمعنى

اسكُتْ عند ذكره حتى تَنْقَضيَ فضائله‏.‏ وفيها لغات، وقد تقدم الحديث على

ذلك‏.‏ أَبو عبيد‏:‏ يقال للخيل هي أَي أَقْبِلي، وهَلاَ أَي قِرِّي، وأَرْحِي أَي توَسَّعِي

وتَنَحَّيْ‏.‏ الجوهري‏:‏ هَلا زَجْرٌ للخيل أي تَوسَّعي وتَنَحَّيْ، وللناقة

أَيضاً؛ وقال‏:‏

حتى حَدَوْناها بِهَيْدٍ وهَلا، حتى يُرى أَسْفَلُها صارَ عَلا

وهما زجران للناقة، ويُسكَّن بها الإِناث عند دُنُوّ الفحل منها‏.‏ وأَما

هَلاَّ، بالتشديد، فأَصلها لا، بنيت مع هَلْ فصار فيها معنى التحضيض، كما بنوا لولا وأَلاَّ جعلوا كل واحدة مع لا بمنزلة حرف واحد وأَخلصوهن

للفعل حيث دخل فيهن معنى التحضيض‏.‏ وفي حديث جابر‏:‏ هلاَّ بكراً تُلاعِبُها

وتُلاعِبُكَ؛ قال‏:‏ هلاَّ، بالتشديد، حرف معناه الحَثُّ والتَّحْضيض‏.‏

وذهب بذي هِلِّيانٍَ وبذِي بِلِّيانٍَ وقد يصرف أَي حيث لا يُدْرَى أَين

هو‏.‏

والهِلْيَوْنُ‏:‏ نبت عربي معروف، واحدته هِلْيَوْنةٌ‏.‏

همي‏:‏ هَمَتْ عينُه هَمْياً وهُمِيًّا وهَمَياناً‏:‏ صَبَّتْ دمعها؛ عن

اللحياني، وقيل‏:‏ سالَ دَمْعُها، وكذلك كلُّ سائل من مطر وغيره، قال‏:‏

وليس هذا من الهائم في شيء؛ قال مُساوِر بن هند‏:‏

حتى إذا أَلْقَحْتها تَقَمَّما، واحْتَمَلَتْ أَرْحامُها منه دَمَا، مِن آيِلِ الماء الذي كان هَمَى

آيلُ الماء‏:‏ خاثِرُه، وقيل‏:‏ الذي قد أَتى عليه الدهرُ، وهو بالخاثر هنا

أَشبه لأَنه إِنما يصف ماء الفحل، وهَمَت السماء‏.‏ ابن سيده‏:‏ وهَمَت عينُه

تَهْمُو صَبَّتْ دُموعها، والمعروف تَهْمِي، وإِنما حكى الواو اللحياني

وحده‏.‏ والأَهماء‏:‏ المياه السائلة‏.‏ ابن الأعرابي‏:‏ هَمَى وعَمى كل ذلك إذا

سالَ‏.‏ ابن السكيت‏:‏ كلُّ شيءٍ سَقَطَ منك وضاعَ فقد هَمَى يَهْمِي‏.‏

وهَمَى الشَّيءُ هَمْياً‏:‏ سقط؛ عن ثعلب‏.‏ وهَمَتِ النَّاقةُ هَمْياً‏:‏

ذَهَبَتْ على وجْهها في الأَرض لزَعْيٍ ولغيره مُهْمَلةً بل راعٍ ولا حافظ، وكذلك كلُّ ذاهِبٍ وسائلٍ‏.‏

والهِمْيانُ‏:‏ هِمْيانُ الدراهم، بكسر الهاء، الذي تُجعل فيه

النَّفَقَةُ‏.‏ والهمْيانُ‏:‏ شِدادُ السَّراوِيل؛ قال ابن دُرَيْد‏:‏ أَحسبه فارسّياً

معرَّباً‏.‏

وهِمْيانُ بنُ قُحافَة السَّعْدِي‏:‏ اسم شاعر، تكسر هاؤُه وترفع‏.‏

والهَمْيانُ‏:‏ موضع؛ أَنشد ثعلب‏:‏

وإِنَّ امْرأَ أَمْسَى، ودُونَ حَبِيبه سَواسٌ فوادِي الرَّسِّ فالهَمَيانِ

لَمُعْتَرِفٌ بالنَّأْيِ، بَعْدَ اقْتِرابِه، ومَعْذُورةٌ عَيْناهُ بالهَمَلانِ

وهَمَتِ الماشيةُ إذا نَدَّت للرَّعْي‏.‏ وهوامِي الإبل‏:‏ ضَوالُّها‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَنَّ رجلاً سأَل النبيَّ،صلى الله عليه وسلم، فقال إِنَّا

نُصِيبُ هَواميَ الإبلِ، فقال لضالَّةُ المُؤْمِنِ حَرَقُ النارِ؛ أَبو عبيدة‏:‏

الهَوامِيِ الإِبلُ المُهمَلة بلا راعٍ، وقد هَمَتْ تَهْمِي فهي هَامِيةٌ إذا ذَهَبَتْ على وَجْهِها؛ ناقة هامِيةٌ وبَعير هامٍ، وكلُّ ذاهِبٍ

وجارٍ من حَيوانٍ أَو ماء فهو هامٍ؛ ومنه‏:‏ هَمَى المطرُ، ولعله مقلوب من هامَ يَهِيمُ‏.‏ وكلُّ ذاهب وسائل من ماءٍ أَو مطر أَو غيره فقد هَمَى؛ وأَنشد‏:‏

فَسَقَى دِيارَكِ، غَيْرَ مُفْسِدِها، صَوْبُ الرَّبِيعِ ودِيمةٌ تَهْمِي

يعني تسِيل وتَذْهَب‏.‏

الليث‏:‏ هَمَى اسم صنم؛ وقول الجعدي أَنشده أَبو الهيثم‏:‏

مِثْلُ هِمْيانِ العَذَرَاى بَطْنُه، يَلْهَزُ الرَّوْضَ بِنُقْعانِ النَّفَلْ

ويروى‏:‏

أَبْلَقُ الحَقْوَيْنِ مَشْطُوبُ الكَفَل

مَشْطُوبٌ أَي في عجزه طرائقُ أَي خُطوطٌ وشُطُوبٌ طويل غير مُدَّورٍ، والهِمْيانُ‏:‏ المِنْطَقةُ؛ يقول‏:‏ بَطْنُه لَطِيف يُضَمُّ بَطْنُه كما يُضَمُّ خَصْرُ العَذْراء، وإنما خص العَذْراء بضمّ البطنِ دون الثيِّبِ لأن الثيِّب إذا وَلَدت مرة عَظُم بَطنُها‏.‏ والهِمْيانُ‏:‏ المِنْطَقة كُنَّ

يَشددن به أَحْقِيَهُنَّ، إما تِكَّةٌ وإما خَيْطٌ، ويَلْهَزُ‏:‏ يأْكل، والنُّقْعانُ‏:‏ مُسْتَقَرُّ الماء‏.‏ ويقال‏:‏ هَما والله لقد قال كذا، بمعنى

أَمَا والله‏.‏

هنا‏:‏ مَضَى هِنْوٌ من الليل أَي وقت‏.‏ والهِنْوُ‏:‏ أَبو قَبِيلةٍ أَو

قَبائلَ، وهو ابن الأَزْدِ‏.‏

وهَنُ المرأَةِ‏:‏ فَرْجُها، والتَّثنية هَنانِ على القياس، وحكى سيبويه

هَنانانِ، ذكره مستشهداً على أَنَّ كِلا ليس من لفظ كُلٍّ، وشرحُ ذلك أن هَنانانِ ليس تثنية هَنٍ، وهو في معناه، كسِبَطْرٍ ليس من لفظ سَبِط، وهو في معناه‏.‏ وأَبو الهيثم‏:‏ كل اسم على حرفين فقد حذف منه حرف‏.‏

والهَنُ‏:‏ اسم على حرفين مثل الحِرِ على حرفين، فمن النحويين من يقول المحذوف من الهَنِ والهَنةِ الواو، كان أَصله هَنَوٌ، وتصغيره هُنَيٌّ لما صغرته

حركت ثانِيَه ففتحته وجعلت ثالث حروفه ياء التصغير، ثم رددت الواو المحذوفة

فقلت هُنَيْوٌ، ثم أَدغمت ياءَ التصغير في الواو فجعلتها ياء مشددة، كما قلنا في أَب وأَخ إنه حذف منهما الواو وأَصلهما أَخَوٌ وأَبَوٌ؛ قال العجاج يصف ركاباً قَطَعَتْ بَلَداً‏:‏

جافِينَ عْوجاً مِن جِحافِ النُّكتِ، وكَمْ طَوَيْنَ مِنْ هَنٍ وهَنَت

أَي من أَرضٍ ذَكَرٍ وأَرضٍ أُنثى، ومن النحويين من يقول أَصلُ هَنٍ

هَنٌّ، وإذا صغَّرت قلت هُنَيْنٌ؛ وأَنشد‏:‏

يا قاتَلَ اللهُ صِبْياناً تَجِيءُ بِهِمْ

أُمُّ الهُنَيْنِينَ مِنْ زَيدٍ لها وارِي

وأَحد الهُنَيْنِينَ هُنَيْنٌ، وتكبير تصغيره هَنٌّ ثم يخفف فيقال هَنٌ‏.‏

قال أَبو الهيثم‏:‏ وهي كِناية عن الشَّيء يسُسْتَفْحَش ذكره، تقول‏:‏ لها

هَنٌ تريد لها حِرٌ كما قال العُماني‏:‏

لها هَنٌ مُسْتَهْدَفُ الأَرْكانِ، أَقْمَرُ تَطْلِيهِ بِزَعْفَرانِ، كأَنَّ فيه فِلَقَ الرُّمَّانِ

فكنى عن الحِرِ بالهَنِ، فافْهَمْه‏.‏ وقولهم‏:‏ يا هَنُ أَقْبِلْ يا رجل

أَقْبِلْ، ويا هَنانِ أَقْبِلا ويا هَنُونَ أَقْبِلوا، ولك أَن تُدخل فيه

الهاء لبيان الحركة فتقول يا هَنَهْ، كما تقول لِمَهْ ومالِيَهْ

وسُلْطانِيَهْ، ولك أَن تُشبع الحركة فتتولد الأَلف فتقوا يا هَناة أَقْبِلْ، وهذه اللفظة تختص بالنداء خاصة والهاء في آخره تصير تاء في الوصل، معناه يا

فلان، كما يختص به قولهم يا فُلُ ويا نَوْمانُ، ولك أَن تقول يا هَناهُ

أَقْبل، بهاء مضمومة، ويا هَنانِيهِ أَقْبِلا ويا هَنُوناهُ أَقْبِلوا، وحركة الهاء فيهن منكرة، ولكن هكذا روى الأخفش؛ وأَنشد أَبو زيد في نوادره

لامرئ القيس‏:‏

وقد رابَني قَوْلُها‏:‏ يا هَنا

هُ، ويْحَكَ أَلْحَقْتَ شَرًّا بِشَرّْ

يعني كنا مُتَّهَمَيْن فحققت الأَمر، وهذه الهاء عند أَهل الكوفة للوقف، أَلا ترى أَنه شبهها بحرف الإعراب فضمَّها‏؟‏ وقال أَهل البصرة‏:‏ هي بدل من الواو في هَنُوك وهَنَوات، فلهذا جاز أَن تضمها؛ قال ابن بري‏:‏ ولكن حكى

ابن السَّراج عن الأَخفش أَنَّ الهاءَ في هَناه هاه السكت، بدليل قولهم

يا هَنانِيهْ، واستعبد قول من زعم أَنها بدل من الواو لأَنه يجب أَن يقال يا هناهان في التثنية، والمشهور يا هَنانِيهْ، وتقول في الإِضافة يا هَني

أَقْبِلْ، ويا هَنَيَّ أَقْبِلا، ويا هَنِيَّ أَقْبِلُوا، ويقال للمرأَة يا هَنةُ أَقْبلي، فإذا وقفت قلت يا هَنَهْ؛ وأَنشد‏:‏

أُريدُ هَناتٍ منْ هَنِينَ وتَلْتَوِي

عليَّ، وآبى مِنْ هَنِينَ هَناتِ

وقالوا‏:‏ هَنْتٌ، بالتاء ساكنة النون، فجعلوه بمنزلة بِنْت وأُخْت

وهَنْتانِ وهَناتٍ، تصغيرها هُنَيَّةٌ وهُنَيْهةٌ، فهُنَيَّة على القياس، وهُنَيْهة على إبدال الهاء من الياء في هنية للقرب الذي بين الهاء وحروف

اللين، والياء في هُنَيَّة بدل من الواو في هُنَيْوة، والجمع هَنات على

اللفظ، وهَنَوات على الأَصل؛ قال ابن جني‏:‏ أَما هَنْت فيدلّ على أَن التاء

فيها بدل من الواو قولهم هَنَوات؛ قال‏:‏

أَرى ابنَ نِزارٍ قد جَفاني ومَلَّني

على هَنواتٍ، شَأْنُها مُتَتابعُ

وقال الجوهري في تصغيرها هُنَيَّة، تردُّها إلى الأَصل وتأْتي بالهاء، كما تقول أُخَيَّةٌ وبُنَيَّةٌ، وقد تبدل من الياء الثانية هاء فيقال هُنَيْهة‏.‏

وفي الحديث‏:‏ أَنه أَقام هُنَيَّةً أَي قليلاً من الزمان، وهو تصغير

هَنةٍ، ويقال هُنَيْهةٌ أَيضاً، ومنهم من يجعلها بدلاً من التاء التي في هَنْت، قال‏:‏ والجمع هَناتٌ، ومن ردّ قال هنوات؛ وأَنشد ابن بري للكميت

شاهداً لهَناتٍ‏:‏

وقالتْ ليَ النَّفْسُ‏:‏ اشْعَبِ الصَّدْعَ، واهْتَبِلْ

لإحْدى الهَناتِ المُعْضِلاتِ اهْتِبالَها

وفي حديث ابن الأكوع‏:‏ قال له أَلا تُسْمِعنُا من هَناتِك أَي من كلماتك

أَو من أَراجيزك، وفي رواية‏:‏ من هُنَيَّاتِك، على التصغير، وفي أُخرى‏:‏ من هُنَيْهاتِك، على قلب الياء هاء‏.‏

وفي فلان هَنَواتٌ أَي خَصْلات شرّ، ولا يقال ذلك في الخير‏.‏ وفي الحديث‏:‏

ستكون هَناتٌ وهَناتٌ فمن رأَيتموه يمشي إلى أُمة محمد ليُفَرِّقَ

جماعتهم فاقتلوه، أَي شُرورٌ وفَسادٌ، وواحدتها هَنْتٌ، وقد تجمع على

هَنَواتٍ، وقيل‏:‏ واحدتها هَنَةٌ تأْنيث هَنٍ، فهو كناية عن كل اسم جنس‏.‏ وفي حديث

سطيح‏:‏ ثم تكون هَناتٌ وهَناتٌ أَي شَدائدُ وأُمور عِظام‏.‏ وفي حديث عمر، رضي الله عنه‏:‏ أَنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وفي البيت

هَناتٌ من قَرَظٍ أَي قِطَعٌ متفرقة؛ وأَنشد الآخر في هنوات‏:‏

لَهِنَّكِ من عَبْسِيَّةٍ لَوَسِيمةٌ

على هَنَواتٍ كاذِبٍ مَن يَقُولُها

ويقال في النّداء خاصة‏:‏ يا هَناهْ، بزيادة هاء في آخره تصير تاء في الوصل، معناه يا فلانُ، قال‏:‏ وهي بدل من الواو التي في هَنُوك وهَنَوات؛ قال امرؤ القيس‏:‏

وقد رابَني قَوْلُها‏:‏ يا هنا

هُ، وَيْحَكَ أَلْحَقْتَ شَرهًا بِشَرَّاً

قال ابن بري في هذا الفصل من باب الأَلف اللينة‏:‏ هذا وهم من الجوهري لأن هذه الهاء هاء السكت عند الأَكثر، وعند بعضهم بدل من الواو التي هي لام

الكلمة منزلة منزلة الحرف الأصلي، وإنما تلك الهاء التي في قولهم هَنْت

التي تجمع هَنات وهَنَوات، لأن العرب تقف عليها بالهاء فتقول هَنَهْ، وإذا وصلوها قالوا هَنْت فرجعت تاء، قال ابن سيده‏:‏ وقال بعض النحويين في بيت

امرئ القيس، قال‏:‏ أَصله هناوٌ، فأَبدل الهاء من الواو في هنوات وهنوك، لأَن الهاء إذا قَلَّت في بابِ شَدَدْتُ وقَصَصْتُ فهي في بابِ سَلِسَ

وقَلِقَ أَجْدَرُ بالقِلة فانضاف هذا إلى قولهم في معناه هَنُوكَ

وهَنواتٌ، فقضينا بأَنها بدل من الواو، ولو قال قائل إن الهاء في هناه إنما هي بدل من الأَلف المنقلبة من الواو الواقعة بعد ألف هناه، إذ أَصله هَناوٌ

ثم صارَ هَناءً، كما أَن أَصل عَطاء عَطاوٌ ثم صار بعد القلب عطاء، فلما

صار هناء والتَقَت أَلفان كره اجتماع الساكنين فقلبت الأَلف الأَخيرة

هاء، فقالوا هناه، كما أَبدلَ الجميعُ من أَلف عطاء الثانية همزة لئلا

يجتمع همزتان، لكان قولاً قويًّا،، ولكان أَيضاً أَشبه من أَن يكون قلبت

الواو في أَوّل أَحوالها هاء من وجهين‏:‏ أَحدهما أَن من شريطة قلب الواو

أَلفاً أَن تقع طرَفاً بعد أَلف زائدة وقد وقعت هنا كذلك، والآخر أَن الهاء

إلى الأَلف أَقرب منها إلى الواو، بل هما في الطرفين، أَلا ترى أَن أَبا

الحسن ذهب إلى أَن الهاء مع الألف من موضع واحد، لقرب ما بينهما، فقلب

الأَلف هاء أقرب من قلب الواو هاء‏؟‏ قال أَبو علي‏:‏ ذهب أَحد علمائنا إلى أن الهاء من هَناه إنما أُلحقت لخفاء الأَلف كما تلحق بعد أَلف الندبة في نحو وازيداه، ثم شبهت بالهاء الأصلية فحركت فقالوا يا هناه‏.‏ الجوهري‏:‏

هَنٌ، على وزن أَخٍ، كلمة كنابة، ومعناه شيء، وأَصله هَنَوٌ‏.‏ يقال‏:‏ هذا

هَنُكَ أَي شبئك‏.‏ والهَنُ‏:‏ الحِرُ؛ وأَنشد سيبويه‏:‏

رُحْتِ، وفي رِجْلَيْكِ ما فيها، وقد بَدا هَنْكِ منَ المِئْزَرِ

إنما سكنه للضرورة‏.‏ وذهَبْت فهَنَيْت‏:‏ كناية عن فعَلْت من قولك هَنٌ، وهُما هَنوانِ، والجمع هَنُونَ، وربما جاءَ مشدَّداً للضرورة في الشعر كما شددوا لوًّا؛ قال الشاعر‏:‏

أَلا ليْتَ شِعْري هَلْ أَبيتَنْ ليْلةً، وهَنِّيَ جاذٍ بينَ لِهْزِمَتَيْ هَنِ‏؟‏

وفي الحديث‏:‏ من تَعَزَّى بعَزاء الجاهِلِيَّةِ فأَعِضُّوه بِهَنِ أَبيه

ولا تَكْنُوا أَي قولوا له عَضَّ بأَيْرِ أَبيكَ‏.‏ وفي حديث أَبي ذر‏:‏

هَنٌ مثل الخَشبة غير أَني لا أَكْني يعني أَنه أَفْصَحَ باسمه، فيكون قد

قال أَيْرٌ مثلُ الخَشبةِ، فلما أَراد أَن يَحكي كَنى عنه‏.‏ وقولهم‏:‏ من يَطُلْ هَنُ أَبيهِ يَنْتَطِقْ به أَي يَتَقَوَّى بإخوته؛ وهو كما قال الشاعر‏:‏

فلَوْ شاء رَبي، كان أَيْرُ أَبيكُمْ

طَويلاً كأَيْرِ الحرِثِ بن سَدُوسِ

وهو الحَرِثُ بن سَدُوسِ بن ذُهْل بن شَيْبانَ، وكان له أَحد وعشرون

ذكراً‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَعُوذُ بكَ من شَرَّ هَنِي، يعني الفَرْج‏.‏ ابن سيده‏:‏

قال بعض النحويين هَنانِ وهَنُونَ أَسماء لا تنكَّر أَبداً لأَنها كنايات

وجارية مجرى المضمرة، فإِنما هي أَسماء مصوغة للتثنية والجمع بمنزلة

اللَّذَيْنِ والذِين، وليس كذلك سائر الأَسماء المثناة نحو زيد وعمرو، أَلا

ترى أَن تعريف زيد وعمرو إنما هما بالوضع والعلمية، فإذا ثنيتهما تنكَّرا

فقلت رأَيت زيدين كريمين وعندي عَمْرانِ عاقِلانِ، فإِن آثرت التعريف

بالإِضافة أَو باللام قلت الزيدان والعَمران وزَيْداك وعَمْراك، فقد

تَعَرَّفا بعد التثنية من غير وجه تَعَرُّفهما قبلها، ولحقا بالأجناس ففارقا

ما كانا عليه من تعريف العلمية والوضع؛ وقال الفراء في قول امرئ القيس‏:‏

وقد رابَني قَوْلُها‏:‏ يا هنا

هُ، وَيْحَكَ أَلْحَقْتَ شَرًّا بِشَرّْ

قال‏:‏ العرب تقول يا هن أَقبل، ويا هنوان أَقبلا، فقال‏:‏ هذه اللغة على

لغة من يقول هنوات؛ وأَنشد المازني‏:‏

على ما أَنَّها هَزِئَتْ وقالتْ *** هَنُونَ أَحنّ مَنشَؤُه قريبُ

فإنْ أَكْبَرْ، فإني في لِداتي *** وغاياتُ الأَصاغِر للمَشِيب

قال‏:‏ إنما تهزأ به، قالت‏:‏ هنون هذا غلام قريب المولد وهو شيخ كبير، وإنما تَهَكَّمَ به، وقولها‏:‏ أَحنّ أَي وقع في محنة، وقولها‏:‏ منشؤه

قريب أَي مولده قريب، تسخر منه‏.‏ الليث‏:‏ هنٌ كلمة يكنى بها عن اسم الإنسان، كقولك أَتاني هَنٌ وأَتتني هَنَةٌ، النون مفتوحة في هَنَة، إذا وقفت عندها، لظهور الهاء، فإذا أَدرجتها في كلام تصلها به سكَّنْت النون، لأَنها

بُنيت في الأصل على التسكين، فإذا ذهبت الهاء وجاءت التاء حَسُن تسكين

النون مع التاء، كقولك رأَيت هَنْةَ مقبلة، لم تصرفها لأَنها اسم معرفة

للمؤنث، وهاء التأنيث إذا سكن ما قبلها صارت تاء مع الأَلف للفتح، لأن الهاء تظهر معها لأَنها بُنيت على إِظْهار صَرْفٍ فيها، فهي بمنزلة الفتح

الذي قبله، كقولك الحَياة القناة، وهاء اليأْنيث أَصل بنائها من التاء، ولكنهم فرقوا بين تأنيث الفعل وتأْنيث الاسم فقالوا في الفعل فَعَلَتْ، فلما

جعلوها اسماً قالوا فَعْلَة، وإِنما وقفوا عند هذه التاء بالهاء من بين

سائر الحروف، لأن الهاء ألين الحروف الصِّحاحِ والتاء من الحروف الصحاح، فجعلوا البدل صحيحاً مثلَها، ولم يكن في الحروف حرف أَهَشُّ من الهاء

لأَن الهاء نَفَس، قال‏:‏ وأَما هَنٌ فمن العرب من يسكن، يجعله كقَدْ وبَلْ

فيقول‏:‏ دخلت على هَنْ يا فتى، ومنهم من يقول هنٍ، فيجريها مجراها، والتنوين

فيها أَحسن كقول رؤبة‏:‏

إذْ مِنْ هَنٍ قَوْلٌ، وقَوْلٌ مِنْ هَنِ

والله أَعلم‏.‏ الأَزهري‏:‏ تقول العرب يا هَنا هَلُمَّ، ويا هَنانِ

هَلُمَّ، ويا هَنُونَ هَلُمَّ‏.‏ ويقال للرجل أَيضاً‏:‏ يا هَناهُ هَلُمَّ، ويا

هَنانِ هَلُمَّ، ويا هَنُونَ هلمَّ، ويا هناه، وتلقى الهاء في الإدراج، وفي الوقف يا هَنَتَاهْ ويا هَناتُ هَلُمَّ؛ هذه لغة عُقَيل وعامة قيس بعد‏.‏

ابن الأَنباري‏:‏ إذا ناديت مذكراً بغير التصريح باسمه قلت يا هَنُ أَقبِل، وللرجلين‏:‏ يا هَنانِ أَقبلا، وللرجال‏:‏ يا هَنُونَ أَقْبِلوا، وللمرأَة‏:‏

يا هَنْتُ أَقبلي، بتسكين النون، وللمرأَتين‏:‏ يا هَنْتانِ أَقبلا، وللنسوة‏:‏ يا هَناتُ أَقبلن، ومنهم من يزيد الأَلف والهاء فيقول للرجل‏:‏ يا هناهُ

أَقْبِلْ، ويا هناةِ أَقبلْ، بضم الهاء وخفضها؛ حكاهما الفراء؛ فمن ضم

الهاء قدر أَنها آخر الاسم، ومن كسرها قال كسرتها لاجتماع الساكنين، ويقال في الاثنين، على هذا المذهب‏:‏ يا هَنانِيه أَقبلا‏.‏ الفراء‏:‏ كسر النون

وإِتباعها الياء أَكثر، ويقال في الجمع على هذا المذهب‏:‏ يا هَنوناهُ

أَقبلوا، قال‏:‏ ومن قال للذكر يا هَناهُ ويا هَناهِ قال للأُنثى يا هَنَتاهُ

أَقبلي ويا هَنَتاهِ، وللاثنتين يا هَنْتانيه ويا هَنْتاناه أَقبلا، وللجمع

من النساء يا هَناتاه؛ وأَنشد‏:‏

وقد رابَني قَوْلُها‏:‏ يا هَنا

ه، وَيْحَكَ أَلْحَقْتَ شَرّاً بِشَرّْ

وفي الصباح‏:‏ ويا هَنُوناهُ أَقبلوا‏.‏ وإِذا أَضفت إِلى نفسك قلت‏:‏ يا

هَنِي أَقْبِل، وإِن شئت قلت‏:‏ يا هَنِ أَقبل، وتقول‏:‏ يا هَنَيَّ أَقبِلا، وللجمع‏:‏ يا هَنِيَّ أَقبِلوا، فتفتح النون في التثنية وتكسرها في الجمع‏.‏ وفي حديث أَبي الأَحوص الجُشَمِي‏:‏ أَلستَ تُنْتَجُها وافِيةً أَعْيُنُها

وآذانُها فتَجْدَعُ هذه وتقول صَرْبَى، وتَهُنُّ هذه وتقول بَحِيرة؛ الهَنُ

والهَنُّ، بالتخفيف والتشديد‏:‏ كناية عن الشيء لا تذكره باسمه، تقول

أَتاني هَنٌ وهَنةٌ، مخففاً ومشدَّداً‏.‏ وهَنَنْتُه أَهنُّه هَنًّا إِذا أَصبت

منه هَناً، يريد أَنك تَشُقُّ آذانها أَو تُصيب شيئاً من أَعضائها، وقيل‏:‏

تَهُنُّ هذه أَي تُصيب هَن هذه أَي الشيء منها كالأُذن والعين ونحوها؛ قال الهروي‏:‏ عرضت ذلك على الأَزهري فأَنكره وقال‏:‏ إِنما هو وتَهِنُ هذه

أَي تُضْعِفُها، يقال‏:‏ وهَنْتُه أَهِنُه وهْناً، فهو مَوْهون أَي أَضعفته‏.‏

وفي حديث ابن مسعود‏:‏ رضي الله عنه، وذكرَ ليلة الجنّ فقال‏:‏ ثم إن هَنِيناً أَتَوْا عليهم ثياب بيض طِوال؛ قال ابن الأَثير‏:‏ هكذا جاء في مسند

أَحمد في غير موضع من حديثه مضبوطاً مقيداً، قال‏:‏ ولم أَجده مشروحاً في شيء

من كتب الغريب إِلا أَن أَبا موسى ذكره في غريبه عَقِيبَ أَحاديث الهَنِ

والهَناة‏.‏ وفي حديث الجن‏:‏ فإِذا هو بهَنِينٍ

كأَنهم الزُّطُّ، ثم قال‏:‏ جَمْعُه جَمْعُ

السلامة مثل كُرة وكُرِينَ، فكأَنه أَراد الكناية عن أَشخاصهم‏.‏ وفي الحديث‏:‏

وذكر هَنةً من جيرانه أَي حاجةً، ويعبَّر بها عن كل شيء‏.‏ وفي حديث الإِفْك‏:‏

قلتُ لها يا هَنْتاه أَي يا هذه، وتُفتح النونُ وتسكن، وتضم الهاء

الأَخيرة وتسكن، وقيل‏:‏ معنى يا هَنْتاه يا بَلْهاء، كأَنها نُسِبت إِلى قلة

المعرفة بمكايد الناس وشُرُورهم‏.‏ وفي حديث الصُّبَيِّ بن مَعْبَد‏:‏ فقلت يا

هَناهُ إِني حَرِيصٌ على الجِهاد‏.‏

والهَناةُ‏:‏ الداهِيةُ، والجمع كالجمع هَنوات؛ وأَنشد‏:‏

على هَنَواتٍ كلُّها مُتَتابِعُ

والكلمة يائية‏.‏ وواوية، والأَسماء التي رفعها بالواو ونصبها بالأَلف

وخفضها بالياء هي في الرفع‏:‏ أَبُوكَ وأَخُوكَ وحَمُوكِ وفُوكَ وهَنُوكَ وذو

مال، وفي النصب‏:‏ رأَيتُ أَباكَ وأَخاكَ وفاكَ وحماكِ وهَناكَ وذا مال، وفي الخفض‏:‏ مررتُ بأَبيكَ وأَخيكَ وحميكِ وفيكَ وهَنِيكَ وذي مالٍ؛ قال النحويون‏:‏ يقال هذا هَنُوكَ للواحد في الرفع، ورأَيت هناك في النصب، وممرت بهَنِيك في موضع الخفض، مثل تَصْريف أَخواتها كما تقدم‏.‏