فصل: (تابع: حرفي الواو والياء)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لسان العرب ***


‏[‏تابع‏:‏ حرفي الواو والياء‏]‏

وري‏:‏ الوَرْيُ‏:‏ قَيْح يكون في الجَوف، وقيل‏:‏ الوَرْي قَرْحٌ شديد يُقاء

منه القَيْح والدَّمُ‏.‏ وحكى اللحياني عن العرب‏:‏ ما له وَراه الله أَي

رَماه الله بذلك الداء، قال‏:‏ والعرب تقول للبَغِيض إِذا سَعَلَ‏:‏ وَرْياً

وقُحاباً، وللحبيب إِذا عَطَس‏:‏ رَعْياً وشْبَاباً‏.‏ وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال‏:‏ لأَن يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكم قَيْحاً

حتى يَرِيَه خير له من أَن يَمْتَلِئَ شِعْراً؛ قال الأَصمعي‏:‏ قوله حتى

يَرِيَه هو من الوَرْي على مثال الرَّمْي، يقال منه‏:‏ رجل مَوْرِيٌّ، غير

مهموز، وهو أَن يَدْوَى جَوْفُه؛ وأَنشد‏:‏

قالت له وَرْياً إِذا تَنَحْنَحا

تدعو عليه بالوَرْي‏.‏ ويقال‏:‏ وَرَّى الجُرْحُ سائرَه تَوْرِيةً أَصابه الوَرْيُ؛ وقال الفرَّاء‏:‏ هو الوَرى، بفتح الراء؛ وقال ثعلب‏:‏ هو بالسكون

المصدر وبالفتح الاسم؛ وقال الجوهري‏:‏ وَرَى القَيْحُ جَوْفَه يَرِيه

وَرْياً أَكَله، وقال قوم‏:‏ معناه حتى يُصِيب رِئَته، وأَنكره غيرهم لأَن الرئة

مهموزة، فإِذا بنيت منه فِعلاً قلت‏:‏ رآه يَرْآه فهو مَرْئِيٌّ‏.‏ وقال الأَزهري‏:‏ إِنَّ الرئة أَصلها من ورى وهي محذوفة منه‏.‏ يقال‏:‏ وَرَيْت الرجل

فهو مَوْرِيٌّ إِذا أَصبت رِئته، قال‏:‏ والمشهور في الرواية الهمز؛ وأَنشد

الأَصمعي للعجاج يصف الجِراحات‏:‏

بَينَ الطِّراقَيْنِ ويَفْلِينَ الشَّعَرْ

عن قُلُبٍ ضُجْمٍ تُوَرِّي مَن سَبَرْ

كأَنه يُعْدِي من عِظَمِه ونُفور النفس منه، يقول‏:‏ إِنَّ سَبَرها إِنسان

أَصابَه منه الوَرْيُ من شدَّتها، وقال أَبو عبيدة في الوَرْي مثله إِلا

أَنه قال‏:‏ هو أَن يأْكل القيحُ جوفَه؛ قال‏:‏ وقال عبد بني الحَسْحاس يذكر

النساء‏:‏

وَراهُنَّ رَبِّي مِثلَ ما قد وَرَينَني، وأَحْمَى على أَكْبادِهِنَّ المَكاوِيا

وقال ابن جبلة‏:‏ سمعت ابن الأَعرابي يقول في قوله تُوَرِّي مَنْ سَبَرَ، قال‏:‏ معنى تُوَرِّي تَدفَع، يقول‏:‏ لا يَرى فيه عِلاجاً من هَوْلِها

فيَمْنَعه ذلك من دوائها؛ ومنه قول الفَرزدق‏:‏

فلو كنتَ صُلْبَ العُودِ أَو ذا حَفِيظَةٍ، لَوَرَّيْتَ عن مَوْلاكَ والليلُ مُظْلم يقول‏:‏ نَصَرْتَه ودفعتَ عنه، وتقول منه‏:‏ رِ يا رجل، وَريا للاثنين، ورُوا للجماعة، وللمرأَة رِي وهي ياء ضمير المؤنث مثل قومي واقْعُدِي، وللمرأَتين‏:‏ رِيا، وللنسوة‏:‏ رِينَ، والاسم الوَرَى، بالتحريك‏.‏ ووَرَيْته

وَرْياً‏:‏ أَصبت رئته، والرئة محذوفة من وَرَى‏.‏ والوارية سائصة

أَبو زيد‏:‏ رجل مَوْرِيٌّ، وهو داء يأْخذ الرجل فيَسْعُلُ، يأْخذه في قصب رِئته‏.‏ وَوَرَتِ الإِبلُ وَرْياً‏:‏ سَمِنَتْ فكثر شحمها ونِقْيها

وأَوْراها السِّمَن؛ وأَنشد أَبو حنيفة‏:‏

وكانَتْ كِنازَ اللحمِ أَورَى عِظامَها، بِوَهْبِينَ، آثارُ العِهادِ البَواكِر

والواري‏:‏ الشحم السَّمينُ، صفة غالبة، وهو الوَرِيُّ‏.‏

والوارِي‏:‏ السمين من كل شيء؛ وأَنشد شمر لبعض الشعراء يصف قِدْراً‏:‏

ودَهْماءَ، في عُرْضِ الرُّواقِ، مُناخةٍ

كَثيرةِ وذْرِ اللحمِ وارِيةِ القَلْبِ

قال‏:‏ قَلْبٌ وارٍ إِذا تَغَشَّى بالشحم والسِّمَن‏.‏ ولَحْمٌ وَرِيٌّ، على

فَعِيل، أَي سمين‏.‏ وفي حديث عمر، رضي الله عنه‏:‏ أَنَّ امرأَة شَكَتْ

إِليه كُدُوحاً في ذِراعَيها من احْتراشِ الضَّبابِ، فقال‏:‏ لو أَخذتِ

الضَّبَّ فَوَرَّيْتِه ثم دَعَوْتِ بِمِكْتَفَةٍ فَثَمَلْتِه كان أَشْبَعَ؛ وَرَّيْتِه أَي رَوَّغْتِه في الدُّهن، من قولك لَحْمٌ وارٍ أَي سَمِينٌ‏.‏

وفي حديث الصدقة‏:‏ وفي الشَّويِّ الوَرِيِّ مُسِنَّةٌ، فَعِيل بمعنى فاعل‏.‏

وَوَرَتِ النارُ تَرِي وَرْياً ورِيةً حسَنَةً، وَوَرِيَ الزَّنْدُ يَرِي، وَوَرَى يَرِي ويَوْرَى وَرْياً ووُرِيّاً ورِيةً، وهو وارٍ ووَرِيٌّ‏:‏

اتَّقَد؛ قال الشاعر‏:‏

وَجَدْنا زَنْدَ جَدِّهمِ ورِيّاً، وزَنْدَ بني هَوازِنَ غَيرَ وارِي

وأَنشد أَبو الهيثم‏:‏

أُمُّ الهُنَيْنَين مِنْ زَنْدٍ لها وارِي

وأَوْرَيْتُه أَنا، وكذلك وَرَّيْتُه تَوْرِيةً؛ وأَنشد ابن بري لشاعر‏:‏

وأَطْفِ حَدِيثَ السُّوء بالصَّمْتِ، إِنَّه

مَتَى تُورِ ناراً للعِتاب تَأَجَّجَا

ويقال‏:‏ وَرِيَ المُخُّ يَرِي إِذا اكتنز وناقةٌ وارِيةٌ أَي سمِينة؛ قال العجاج‏:‏

يأْكُلْنَ مِن لَحْمِ السَّدِيفِ الواري

كذا أَورده الجوهري؛ قال ابن بري‏:‏ والذي في شعر العجاج‏:‏

وانْهَمَّ هامُومُ السَدِيفِ الواري

عن جَرَزٍ منه وجَوْزٍ عاري

وقالوا‏:‏ هُو أَوْراهُمْ زَنْداً؛ يضرب مثلاً لنَجاحه وظَفَره‏.‏ يقال‏:‏

إِنه لوارِي الزِّنادِ وواري الزَّنْد وورِيُّ الزند إِذا رامَ أَمراً

أَنجَحَ فيه وأَدرَكَ ما طَلب‏.‏ أَبو الهيثم‏:‏ أَوْرَيْتُ الزِّنادَ فوَرَتْ

تَرِي وَرْياً وَرِيةً؛ قال‏:‏ وقد يقال وَرِيَتْ تَوْرَى وَرْياً وَرِيةً، وأَوْرَيْتُها أَنا أَثْقَبْتُها‏.‏ وقال أَبو حنيفة‏:‏ ورَتِ الزنادُ إِذا

خرجت نارها، ووَرِيَتْ صارت وارِيةً، وقال مرَّة‏:‏ الرِّيةُ كلُّ ما أَوْرَيْتَ به النار من خِرْقة أَو عُطْبةٍ أَو قِشْرةٍ، وحكى‏:‏ ابْغِنِي رِيَّةً

أَرِي بها ناري، قال‏:‏ وهذا كله على القلب عن وِرْيةٍ وإِنْ لم نسمع

بوِرْيةٍ‏.‏ وفي حديث تزويج خديجة، رضي الله عنها‏:‏ نَفَخْتَ فأَوْرَيْتَ؛ ورَى

الزَّندُ‏:‏ خرجت نارُه، وأَوْراه غيره إِذا استخرج نارَه‏.‏ والزَّنْدُ

الواري‏:‏ الذي تظهر ناره سريعاً‏.‏ قال الحربي‏:‏ كان ينبغي أَن يقول قدَحْتَ

فأَوْرَيْت‏.‏ وفي حديث علي، كرم الله وجهه‏:‏ حتى أَوْرَى قَبَساً لقابِسٍ أَي

أَظْهَرَ نُوراً من الحق لطالب الهُدى‏.‏ وفي حديث فتح أَصْبهنَ‏:‏ تَبْعَثُ

إِلى أَهل البصرة فيُوَرُّوا؛ قال‏:‏ هو من وَرَّيْت النر تَوْرِيةً إِذا

استخرجتها‏.‏

قال‏:‏ واسْتَوْرَيْتُ فلاناً رأْياً سأَلته أَن يستخرج لي رأْياً، قال‏:‏

ويحتمل أَن يكون من التَّوْرِية عن الشيء، وهو الكناية عنه، وفلان

يَسْتَوْرِي زنادَ الضلالةِ‏.‏ وأَوْرَيْتُ صَدره عليه‏:‏ أَوْقَدْتُه

وأَحقَدْته‏.‏ رِيةُ النار، مخففة‏:‏ ما تُورى به، عُوداً كان أَو غيره‏:‏ أَبو الهيثم‏:‏

الرِّيةُ من قولك ورَتِ النارُ تَري وَرْياً ورِيَّةً مثل وعَتْ تَعِي

وَعْياً وعِيةً، ووَدَيْتُه أَدِيه وَدْياً ودِيةً، قال‏:‏ وأَوْرَيْتُ النار

أُورِيها إِيراء فَوَرَت تَري ووَرِيَتْ تَرِي، ويقال‏:‏ وَرِيَتْ

تَوْرَى؛ وقال الطرمّاح يصف أَرضاً جَدْبة لا نبات فيها‏:‏

كظَهْرِ اللأََى لو تَبْتَغِي رِيَّةً بها، لعَيَّتْ وشَقَّتْ في بُطون الشَّواجنِ

أَي هذه الصَّحْراء كظهر بقرة وحشية ليس فيها أَكَمَة ولا وَهْدة، وقال ابن بُزُرْج‏:‏ ما تُثْقب به النار؛ قال أَبو منصور‏:‏ جعلها ثَقُوباً من خَثًى أَو رَوْثٍ أَو ضَرَمةٍ أَو حَشِيشة يابسة؛ التهذيب‏:‏ وأَما قول

لبيد‏:‏ تَسْلُبُ الكانِسَ لمْ يُورَ بها

شُعْبةُ الساقِ، إِذا الظِّلُّ عَقَلْ

روي‏:‏ لم يُورَ بها ولم يُورَأْ بها ولم يُوأَرْ بها، فمن رواه لم يُورَ

بها فمعناه لم يَشْعُرْ بها، وكذلك لم يُورَأْ بها، قال‏:‏ ورَيْته

وأَوْرَأْته إِذا أَعْلَمْته، وأَصله من وَرَى الزَّنْدُ إِذا ظهرت نارُها

كأَنَّ ناقته لم تُضِئُ للظبي الكانس ولم تَبِنْ له فيَشْعُر بها لسُرْعَتِها

حتى انْتَهَت إِلى كِناسه فنَدَّ مندَّ منهاجافِلاً، قال‏:‏ وأَنشدني

بعضهم‏:‏ دَعاني فلمْ أُورَأْ به فأَجَبْتُه، فمَدَّ بثَدْيٍ بَيْننا غَير أَقْطَعا

أَي دَعاني ولم أَشْعُرْ به، ومن رواه ولم يُوأَرْ بها فهي من أُوارِ

الشمس، وهو شدَّة حرِّها، فقَلَبه وهو من التنفير‏.‏

والتَّوْراةُ عند أَبي العباس تَفْعِلةٌ، وعند الفارسي فَوْعلة، قال‏:‏

لقلة تَفْعِلة في الأَسماء وكثرة فَوْعلة‏.‏ ووَرَّيْتُ الشيءَ ووَارَيْتُه‏:‏

أَخْفَيْتُه‏.‏ وتَوارى هو‏:‏ استتر‏.‏

الفراء في كتابه في المصادر‏:‏ التَّوْراةُ من الفعل التَّفْعِلة؛ كأَنها

أُخِذَتْ من أَوْرَيْتُ الزِّناد وورَّيْتُها، فتكون تَفْعِلة في لغة

طيِّء لأَنهم يقولون في التَّوْصِية تَوْصاةٌ وللجارية جاراةٌ وللناصِيةِ

ناصاةٌ، وقال أَبو إسحق في التَّوارة‏:‏ قال البصريون تَوْراةٌ أَصلها

فَوْعَلةٌ، وفوعلة كثير في الكلام مثل الحَوْصلة والدَّوْخلة، وكلُّ ما قُلْت

فيه فَوْعَلْتُ قمصدره فَوْعلةٌ، فالأَصل عندهم وَوْراةٌ، ولكن الواو

الأُولى قلبت تاء كما قلبت في تَوْلَج وإِنما هو فَوْعَل من وَلَجْت، ومثله

كثير‏.‏

واسْتَوْرَيْتُ فلاناً رَأْياً أَي طلبتُ إِليه أَن ينظر في أَمري

فيَستخرج رَأْياً أَمضي عليه‏.‏

ووَرَّيْتُ الخَبر‏:‏ جعلته ورائي وسَتَرْته؛ عن كراع، وليس من لفظ وراء

لأَن لام وراء همزة‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَن النبي،صلى الله عليه وسلم، كان إِذا

أَراد سَفَراً ورَّى بغَيْرِه أَي سَتَرَه وكَنى عنه وأَوْهَمَ أَنه يريد

غيره، وأَصله من الوراء أَي أَلقَى البَيانَ وراءَ ظهره‏.‏ ويقال‏:‏

وارَيْته ووَرَّيْتُه بمعنى واحد‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ ما وُرِيَ عنهما؛ أَي

سُتِرَ على فُوعِلَ، وقرئَ‏:‏ وُرِّي عنهما، بمعناه‏.‏ ووَرَّيْتُ الخبر

أُوَرِّيه تَوْرِيةً إِذا سترته وأَظهرت غيره، كأَنه مأْخوذ من وَراء الإِنسان

لأَنه إِذا قال وَرَّيته فكأَنه يجعله وراءه حيث لا يظهر‏.‏ والوَرِيُّ‏:‏

الضَّيْفُ‏.‏ وفلان وَرِيُّ فلا أَي جارَه الذي تُوارِيه بيُوته وتستره؛ قال الأَعشى‏:‏

وتَشُدُّ عَقْدَ وَرِيَّنا

عَقْدَ الحِبَجْرِ على الغِفارَهْ

قال‏:‏ سمي وَرِيّاً لأَن بيته يُوارِيه‏.‏ ووَرَّيْتُ عنه‏:‏ أَرَدْتُه

وأَظهرت غيره، وأَرَّيت لغة، وهو مذكور في موضعه‏.‏ والتَّوْرِيةُ‏:‏ الستر‏.‏

والتَّرِيَّةُ‏:‏ اسم ما تَراه الحائض عند الاغتسال، وهو الشيء الخفي اليسير، وهو أَقل من الصُّفْرة والكُدرة، وهو عند أَبي علي فَعِيلة من هذا

لأَنها كأَنَّ الحيضَ وارَى بها عن مَنْظَره العَيْن، قال‏:‏ ويجوز أَن يكون

من ورَى الزندُ إِذا أَخرج النارَ، كأَن الطُّهر أَخرجها وأَظْهَرها

بعدما كان أَخْفاها الحَيْضُ‏.‏

ووَرَّى عنه بصَرَه ودَفَع عنه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

وكُنْتُمْ كأُمٍّ بَرّةٍ ظَعَنَ ابنُها

إِليها، فما وَرَّتْ عليهِ بساعِدِ

ومِسْكٌ وارٍ‏:‏ جيّد رفِيع؛ أَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

تُعَلُّ بالجادِيِّ والمِسْكِ الوارْ

والوَرَى‏:‏ الخَلْق‏.‏ تقول العرب‏:‏ ما أَدري أَيُّ الوَرَى هو أَي أَيُّ

الخلق هو؛ قال ذو الرمة‏:‏

وكائنْ ذَعَرْنا مِن مَهاةٍ ورامحٍ، بِلادُ الوَرَى ليستْ له ببِلادِ

قال ابن بري‏:‏ قال ابن جني لا يستعمل الوَرَى إِلاَّ في النفي، وإِنما

سَوَّغ لذي الرمة استعماله واجباً لأَنه في المعنى منفي كأَنه قال ليست

بِلادُ الوَرَى له بِبِلاد‏.‏

الجوهري‏:‏ ووَراء بمعنى خَلْف، وقد يكون بمعنى قُدَّام، وهو من الأَضداد‏.‏

قال الأَخفش‏:‏ لَقِيتُه من وَراءُ فترفعه على الغاية إِذا كان غير مضاف

تجعله اسماً، وهو غير متمكن، كقولك مِنْ قَبْلُ ومن بَعْدُ؛ وأَنشد

لعُتَيِّ بن مالك العُقَيْلي‏:‏

أَبا مُدْرِك، إِنَّ الهَوَى يومَ عاقِلٍ

دَعاني، وما لي أَنْ أُجِيبَ عَزاءُ

وإِنَّ مُرورِي جانِباً ثم لا أَرى

أُجِيبُكَ إِلاَّ مُعْرِضاً لَجَفاءُ

وإِنَّ اجتِماعَ الناسِ عندِي وعندَها، إِذا جئتُ يَوْماً زائراً، لَبَلاءُ

إِذا أَنا لم أُومَنْ عليكَ، ولم يَكُنْ

لِقاؤُكَ إِلاَّ مِنْ وَراءُ وراءُ

وقولهم‏:‏ وراءَكَ أَوسَعُ، نصب بالفعل المقدَّر وهو تأَخَّرْ‏.‏ وقوله عزَّ

وجل‏:‏ وكان وَراءَهُم مَلِكٌ؛ أَي أَمامَهم؛ قال ابن بري‏:‏ ومثله قول

سَوَّار ابن المُضَرِّب‏:‏

أَيَرْجُو بَنُو مَرْوانَ سَمْعي وطاعَتي، وقَوْمِي تَمِيمٌ والفَلاةُ وَرائيا‏؟‏

وقول لبيد‏:‏

أَليسَ وَرائي، إِنْ تَراخَتْ مَنِيَّتي، لزُومُ العَصا تُثْنى عليها الأَصابِعُ‏؟‏

وقال مرقش‏:‏

ليسَ على طُولِ الحَياةِ نَدَم، ومِنْ وراءِ المَرْءِ ما يَعْلم أَي قُدَّامُه الشّيْبُ والهَرَمُ؛ وقال جرير‏:‏

أَتُوعِدُني وَرَاءَ بَني رَباحٍ‏؟‏

كَذَبْتَ، لَتَقْصُرَنَّ يَدَاكَ دوني

قال‏:‏ وقد جاءت وَرا مقصورة في الشعر؛ قال الشاعر‏:‏

تَقاذَفَه الرُّوَّادُ، حتى رَمَوْا به ورَا طَرَفِ الشامِ البِلادَ الأَباعِدا

أَراد وَراءَ، وتصغيرها وُرَيِّئَةٌ، بالهاء، وهي شاذة‏.‏ وفي حديث

الشفاعة‏:‏ يقول إِبراهيمُ إِنِّي كنتُ خَليلاً من وَراءَ وراء؛ هكذا يروى

مبنيّاً على الفتح، أَي من خَلف حِجابٍ؛ ومنه حديث مَعْقِل‏:‏ أَنه حدَّث ابن زِياد بحديث فقال أَشيءٌ سمعتَه من رسول الله،صلى الله عليه وسلم، أَو من وَراءَ وَراء أَي ممن جاءَ خَلْفَه وبعدَه‏.‏ والوَراءُ أَيضاً‏:‏ ولد الولد‏.‏

وفي حديث الشعبي‏:‏ أَنه قال لرجل رأَى معه صبيّاً هذا ابنك‏؟‏ قال‏:‏ ابن ابني، قال‏:‏ هو ابنُك من الوَراء؛ يقال لولد الولد‏:‏ الوَراءُ، والله أَعلم‏.‏

وزي‏:‏ وزَى الشيءُ يَزِي‏:‏ اجتَمع وتَقَبَّض‏.‏ والوَزَى‏:‏ من أَسماءِ الحمار

المِصَكِّ الشَّدِيد‏.‏ ابن سيده‏:‏ الوَزَى الحمار النَّشِيطُ الشديد‏.‏

وحِمارٌ وزًى‏:‏ مِصكٌّ شديد‏.‏ والوَزى‏:‏ القًصِيرُ من الرجال الشديد المُلَزَّزُ

الخَلْقِ المقتدر؛ وقال الأَغلب العجلي‏:‏

قَدْ أَبْصَرَتْ سَجاحِ مِنْ بَعْدِ العَمَى، تاحَ لها بَعْدَكَ خِنْزابٌ وَزَى

مُلَوَّحٌ في العينِ مَجْلُوزُ القَرَا

والمُسْتَوْزِي‏:‏ المُنْتَصِب المُرْتَفِع‏.‏ اسْتَوْزَى الشيءُ‏:‏ انْتَصَب‏.‏

يقال‏:‏ ما لي أَراكَ مُسْتَوزِياً أَي مُنتصباً؛ قال تَمِيم بن مُقْبِل

يصف فرساً له‏:‏

ذَعَرْتُ به العَيْرَ مُسْتَوْزِياً، شَكِيرُ جَحافِلِه قَدْ كَتِنْ

وأَوْزَى ظَهْرَه إِلى الحائط‏:‏ أَسْنَدَه؛ وهو معنى قول الهذلي‏:‏

لَعَمْرُ أَبي عَمْروٍ لَقَدْ ساقَه المَنَى

إِلى جَدَثٍ يُوزَى لَه بِالأَهاضِبِ

وعَيْرٌ مُسْتَوزٍ‏:‏ نافِرٌ؛ وأَنشد بيت تميم بن مقبل‏:‏

ذَعرت به العَير مستوزياً

وفي النوادر‏:‏ استوزى في الجبل واستولى أَي أَسْنَد فيه‏.‏

ويقال‏:‏ أَوْزَيْتُ ظهري إِلى الشيءِ أَسْنَدْته‏.‏ ويقال‏:‏ أَوْزَيْته

أَشْخَصْتُه ونَصَبْتُه؛ وأَنشد بيت الهذلي‏:‏

إِلى جدث يوزى له بالأَهاضب

يقال‏:‏ وَزَى فُلاناً الأَمْرُ أَي غاظَه، ووَزاه الحَسَدُ؛ قال يَزِيد

بن الحكم‏:‏

إِذا سافَ مِنْ أَعْيارِ صَيْفٍ مَصامةً، وزَاهُ نَشِيجٌ، عِنْدَها، وشَهِيقُ

التهذيب‏:‏ والوَزَى الطيور؛ قال أَبو منصور‏:‏ كأَنها جمع وَزٍّ وهو طَيْرُ

الماءِ‏.‏ وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما‏:‏ نهى رسول الله،صلى الله عليه وسلم، عن بَيْع النَّخْل حتى يُؤْكَلَ منه وحتى يُوزَنَ‏.‏

قال أَبو البَخْتَرِيّ‏:‏ فَوازَيْنا العَدُوَّ وصافَفْناهُم؛ المُوازاةُ‏:‏

المُقابلة والمُواجَهةُ، قال‏:‏ والأَصل فيه الهمزة، يقال آزَيْته إِذا

حاذَيْتَه؛ قال الجوهري‏:‏ ولا تقل وازَيْته، وغيره أَجازه على تخفيف الهمزة

وقلبها، قال‏:‏ وهذا إِنما يصح إِذا انفتحت وانضم ما قبلها نحو جُؤَن

وسُؤَال، فيصح في المُوازاة ولا يصح في وازينا إِلاَّ أَن يكون قبلها ضمة من كلمة أُخرى كقراءَة أَبي عمرو‏:‏ السُّفهاءُ ولا إِنَّهم‏.‏ ووَزَأَ اللحمَ

وَزْءاً‏:‏ أَيْبَسَه، ذكره في الهمزة، والله أَعلم‏.‏

وسي‏:‏ الوَسْيُ‏:‏ الحَلْق‏.‏ أَوْسَيتُ الشيءَ‏:‏ حَلَقْته بالمُوسى‏.‏ ووَشَى

رأْسَه وأَوْساه إِذا حَلَقَه‏.‏ والمُوسَى‏:‏ ما يُحْلَقُ به، مَن جعله

فُعْلى قال يُذَكَّر ويؤَنث، وحكى الجوهري عن الفراء قال‏:‏ هي فْعْلى وتؤنث؛ وأَنشد لزياد الأَعجم يهجو خالد بن عَتَّاب‏:‏

فإِن تَكُنِ الموسى جَرَتْ فوقَ بَظْرِها *** فما خُتِنَتْ إِلا ومَصَّانُ قاعِدُ

قال ابن بري‏:‏ ومثله قول الوَضَّاح بن إِسمعيل‏:‏

مَن مُبْلِغُ الحَجَّاج عني رِسالةً‏:‏

فإِن شئتَ فاقْطَعْني كما قُطِعَ السَّلى، وإِن شئتَ فاقْتُلْنا بمُوسى رَمِيضةٍ

جميعاً، فَقَطِّعْنا بها عُقَدَ العُرا

وقال عبد الله بن سعيد الأُمَوِيُّ‏:‏ هو مذكر لا غير، يقال‏:‏ هذا موسى كما ترى، وهو مُفْعَلٌ من أَوْسَيْت رأْسَه إِذا حَلَقْتَه بالمُوسى؛ قال أَبو عبيدة‏:‏ ولم نسمع التذكير فيه إِلا من الأُمَويّ، وجمع مُوسى الحديد

مَواسٍ؛ قال الراجز‏:‏

شَرابُه كالحَزِّ بالمَواسي

ومُوسى‏:‏ اسم رجل؛ قال أَبو عمرو بن العلاء‏:‏ هو مُفْعَلٌ يدل على ذلك

أَنه يصرف في النكرة، وفْعْلى لا ينصرف على حال، ولأَن مُفْعَلاً أَكثر من فُعْلى لأَنه يبنى من كل أَفعلت، وكان الكسائي يقول هو فعلى والنسبة إِليه

مُوسَويٌّ ومُوسيٌّ، فيمن قال يَمَنيٌّ‏.‏

والوَسْيُ‏:‏ الاستواء‏.‏ وواساهُ‏:‏ لغة ضعيفة في آساه، يبنى على يُواسي‏.‏ وقد

اسْتَوْسَيْتُه أَي قلت له واسني، والله أَعلم‏.‏

وشي‏:‏ الجوهري‏:‏ الوَشْيُ من الثياب معروف، والجمع وِشاء على فَعْلٍ

وفِعالٍ‏.‏ ابن سيده‏:‏ الوَشْيُ معروف، وهو يكون من كل لون؛ قال الأَسود بن يعفر‏:‏ حَمَتْها رِماحُ الحَرْبِ، حتى تَهَوَّلَت

بِزاهِرِ نَوْرٍ مِثْلِ وَشْي النَّمارِقِ

يعني جميع أَلوان الوَشْي‏.‏ والوَشْيُ في اللون‏:‏ خَلْطُ لوْنٍ بلون، وكذلك في الكلام‏.‏ يقال‏:‏ وشَيْتُ الثوبَ أَشِيهِ وَشْياً وشِيَةً ووَشَّيْتُه

تَوْشِيةً، شدِّد للكثرة، فهو مَوْشِيٌّ ومُوَشًّى، والنسبة إِليه

وَشَوِيٌّ، ترد إِليه الواو وهو فاء الفعل وتترك الشين مفتوحاً؛ قال الجوهري‏:‏

هذا قول سيبويه، قال‏:‏ وقال الأَخفش القياس تسكين الشين، وإِذا أَمرت منه

قلت شِهْ، بهاء تدخلها عليه لأَن العرب لا تنطق بحرف واحد، وذلك أن أَقلَّ ما يحتاج إِليه البناء حَرْفان‏:‏ حَرْفٌ يُبْتَدأُ به، وحرف يُوقَف

عليه، والحرف الواحد لا يحتمل ابتداء ووقفاً، لأَن هذه حركة وذلك سكون وهما

متضادان، فإِذا وصلت بشيء ذهبت الهاء استغناء عنها‏.‏ والحائكُ واشٍ يَشي

الثوب وَشْياً أَي نسْجاً وتأْليفاً‏.‏ ووَشى الثوبَ وَشْياً وشِيةً‏:‏

حَسَّنَه‏.‏ ووَشَّاه‏:‏ نَمْنَمَه ونَقَشَه وحَسَّنه، ووَشى الكَذِبَ والحديثَ‏:‏

رَقَمَه وصَوَّرَه‏.‏ والنَّمَّامُ يَشي الكذبَ‏:‏ يُؤَلِّفُه ويُلَوِّنه

ويُزَيِّنه‏.‏ الجوهري‏:‏ يقال وَشى كلامَه‏:‏ أَي كذب‏.‏

والشِّيةُ‏:‏ اسودٌ في بياض أَو بياض في سواد‏.‏ الجوهري وغيره‏:‏ الشِّيةُ

كلُّ لون يخالف مُعظم لون الفرس وغيره، وأَصله من الوَشْي، والهاء عوض من الواو الذاهبة من أَوله كالزِّنة والوزن، والجمع شِياتٌ‏.‏ ويقال‏:‏ ثَوْرٌ

أَشْيَهُ كما يقال فرس أَبْلَقُ وتَيْسٌ أَذْرَأُ‏.‏ ابن سيده‏:‏ الشِّيةُ كلُّ

ما خالَف اللَّوْنَ من جميع الجسد وفي جميع الدواب، وقيل‏:‏ شِيةُ الفرس

لوْنُه‏.‏ وفرس حَسَنُ الأُشِيِّ أَي الغُرَّة والتحجيل، همزته بدل من واوِ

وُشِيٍّ؛ حكاه اللحياني ونَدَّرَه‏.‏ وتَوَشَّى فيه الشَّيْبُ‏:‏ ظَهرَ فيه

كالشِّيةِ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد‏:‏

حتى تَوَشَّى فِيَّ وَضَّاحٌ وَقَلْ

وقَلٌ مُتَوَقِّلٌ‏.‏ وإِن الليل طَويلٌ ولا أَشِ شِيَتَه ولا إِشِ شيته

أَي لا أَسهره للفكر وتدبير ما أُريد أَن أُدبره فيه، من وشَيْتُ الثوب، أَو يكون من معرفتك بما يجري فيه لسهرك فتراقب نجومه، وهو على الدعاء؛ قال ابن سيده‏:‏ ولا أَعرف صيغة إِشِ ولا وجه تصريفها‏.‏ وثور مُوَشَّى

القوائِم‏:‏ فيه سُعْفةٌ وبياض‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ لا شِيةَ فيها؛ أَي ليس فيها

لوْنٌ يُخالِفُ سائر لونها‏.‏

وأَوْشَتِ الأَرْضُ‏:‏ خرج أَولُ نبتها، وأَوْشَتِ النخلة‏:‏ خرج أَولُ

رُطبَها، وفيها وَشْيٌ من طَلْعٍ أَي قليل‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ أَوْشَى إِذا

كَثُرَ ماله، وهو الوَشاءُ والمَشاء وأَوْشَى الرجلُ وأَفْشى وأَمْشى‏:‏ كثرت

ماشِيَتُه‏.‏ ووَشْيُ السِّيفِ‏:‏ فِرِنْدُه الذي في متنه، وكلُّ ذلك من الوَشْي المعروف‏.‏ وحَجَرٌ به وَشَيٌ أَي حجر من معدن فيه ذهب؛ وقوله أَنشده

ابن الأَعرابي‏:‏

وما هِبْرِزيٌّ من دَنانير أَيْلةٍ، بأَيدي الوُشاةِ، ناصِعٌ يَتأَكَّلُ، بأَحْسَن منه يَوْمَ أَصْبَحَ غادِياً، ونَفَّسَني فيه الحِمامُ المُعَجَّلُ

قال‏:‏ الوُشاةُ الضَّرَّابونَ، يعني ضُرَّاب الذهب، ونَفَّسني فيه‏:‏

رَغَّبني‏.‏ وأَوْشى المَعْدِنُ واسْتَوْشى‏:‏ وُجد فيه شيء يسير من ذهب‏.‏

والوَشاء‏:‏ تَناسل المالِ وكثرته كالمَشاء والفَشاء‏.‏ قال ابن جني‏:‏ هو فَعالٌ من الوَشْيِ، كأَن المال عندهم زِينةٌ وجَمال لهم كما يُلْبَس

الوَشْي للتحسن به‏.‏ والواشِيةُ‏:‏ الكثيرةُ الولد، يقال ذلك في كل ما يَلِد، والرجل واشٍ‏.‏ ووَشى بنو فلان وَشْياً‏:‏ كثروا وما وَشَتْ هذه الماشِيةُ عندي

بشيء أَي ما وَلدَت‏.‏ ووَشى به وَشْياً ووِشايةً‏:‏ نَمَّ به‏.‏ وَوَشى به إِلى

السلطان وِشايةً أَي سَعى‏.‏ وفي حديث عفِيف‏:‏ خَرَجْنا نَشي بسعدٍ إِلى

عُمَرَ؛ هو من وَشى إِذا نَمَّ عليه وَسَعى به، وهو واشٍ، وجمعه وُشاةٌ، قال‏:‏ وأَصله اسْتِخْراج الحديثِ باللُّطْفِ والسؤال‏.‏ وفي حديث الإِفك‏:‏ كان

يَسْتَوْشِيه ويَجْمَعُه أَي يستخرج الحديث بالبحث عنه‏.‏ وفي حديث الزهري‏:‏

أَنه كان يَسْتَوْشي الحديث‏.‏ وفي حديث عُمَر، رضي الله عنه، والمرأَةِ

العجوز‏:‏ أَجاءَتْني النَّآئِدُ إِلى اسْتِيشاء الأَباعِد أَي أَلجأَتْني

الدواهي إِلى مسأَلةِ الأَباعِدِ واستخراج ما في أَيديهم‏.‏ والوَشْيُ في الصوت‏.‏ والواشي والوَشاءُ‏:‏ النَّمَّام‏.‏

وأْتشى العظمُ‏:‏ جَبَرَ‏.‏ الفراء‏:‏ ائْتَشى العظم إِذا بَرأَ من كَسْر كان

به؛ قال أَبو منصور‏:‏ وهو افْتِعال من الوَشْي‏.‏ وفي الحديث عن القاسم بن محمد‏:‏ أَن أَبا سَيَّارة وَلِعَ بامرأَة أَبي جُنْدَبٍ، فأَبت عليه ثم أَعلمت زوجها فكَمَنَ له، وجاء فدخل عليها، فأَخذه أَبو جُنْدَب فدَقَّ

عُنُقَه إِلى عَجْب ذَنبه، ثم أَلقاه في مَدْرَجةِ الإِبل، فقيل له‏:‏ ما شأْنك‏؟‏ فقال‏:‏ وقَعْتُ عن بكر لي فحَطَمَني، فَأْتَشى مُحْدَوْدِباً؛ معناه

أَنه بَرَأَ من الكسر الذي أَصابه والتأَمَ وَبرَأَ مع احْديداب حَصَل

فيه‏.‏ أَوْشى الشيءَ‏:‏ استخرجه برِفْق‏.‏ وأَوشى الفَرَسَ‏:‏ أَخذ ما عنده من الجَرْيِ؛ قال ساعدة بن جؤية‏:‏

يُوشُونَهُنَّ، إِذا ما آنَسُوا فَزَعاً

تحْتَ السَّنَوَّرِ، بالأَعْقابِ والجِذَمِ

واسْتَوْشاه‏:‏ كأَوْشاه‏.‏ واسْتَوْشى الحديثَ‏:‏ استخرجه بالبحث والمسأَلة، كما يُسْتَوْشى جَرْيُ الفرس، وهو ضَرْبه جَنْبَه بعَقِبه وتَحْرِيكُه

ليَجْريَ‏.‏ يقال‏:‏ أَوْشى فرسَه واستَوْشاه‏.‏ وكلُّ ما دَعَوْتَه وحَرَّكْته

لترسله فقد اسْتَوْشَيْتَه‏.‏ وأَوْشى إِذا استخرج جَرْيَ الفرس برَكْضه‏.‏

وأَوْشى‏:‏ استخرج معنى كلام أَو شِعر؛ قال ابن بري‏:‏ أَنشد الجوهري في فصل

جذم بيت ساعدة ابن جؤية‏:‏

يوشونهن إِذا ما آنسوا فزعاً

قال أَبو عبيد‏:‏ قال الأَصمعي يُوشي يُخْرجُ بِرفْقٍ، قال ابن بري‏:‏ قال ابن حمزة غلط أَبو عبيد على الأَصمعي، إِنما قال يُخرج بكُرْه‏.‏ وفلان

يَسْتَوشِي فرسه بعَقِبه أَي يَطلب ما عنده ليَزيده، وقد أَوْشاه يُوشِيه

إِذا استحثه بمِحْجَن أَو بكُلاَّبٍ؛ وقال جندل ابن الراعي يَهجو ابن الرِّقاع‏:‏

جُنادِفٌ لاحِقٌ بالرَّأْسِ مَنْكِبُه، كأَنَّه كَوْدَنٌ يُوشَى بكُلاَّبِ

مِنْ مَعْشَرٍ كُحِلَتْ باللُّؤْمِ أَعْيُنُهُمْ، وُقْصِ الرِّقابِ مَوالٍ غيرِ طُيّابِ

وأَوْشى الشيءَ‏:‏ عَلِمه؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد‏:‏

غرَّاء بَلْهاء لا يَشْقى الضَّجِيعُ بها، ولا تُنادي بما تُوشِي وتَسْتَمِعُ

لا تُنادِي به أَي لا تُظْهره‏.‏ وفي النهاية‏:‏ في الحديث لا يُنْقَض

عَهْدُهم عن شِية ماحِلٍ؛ قال‏:‏ هكذا جاءَ في رواية أَي من أَجْلِ وَشْي واشٍ، والماحِلُ‏:‏ الساعي بالمِحال، وأَصل شِيةٍ وَشْيٌ، فحذفت الواو وعوّضت

منها الهاء، وفي حديث الخيل‏:‏ فإِن لم يكن أَدْهَمَ فكُمَيْتٌ على هذه

الشِّيةِ، والله أَعلم‏.‏

وصي‏:‏ أَوْصى الرجلَ ووَصَّاه‏:‏ عَهِدَ إِليه؛ قال رؤبة‏:‏

وَصَّانيَ العجاجُ فيما وَصَّني

أَراد‏:‏ فيما وَصَّاني، فحذف اللام للقافية‏.‏ وأَوْصَيْتُ له بشيءٍ

وأَوْصَيْتُ إِليه إِذا جعلتَه وَصِيَّكَ‏.‏ وأَوْصَيْتُه ووَصَّيْته إِيصاء

وتَوْصِيةً بمعنى‏.‏ وتَواصي القومُ أَي أَوْصى بعضهم بعضاً‏.‏ وفي الحديث‏:‏

اسْتَوْصُوا بالنساءِ خيراً فإِنَّهن عندكم عَوانٍ، والاسم الوَصاةُ

والوَصايةُ والوِصايةُ‏.‏ والوصِيَّةُ أَيضاً‏:‏ ما أَوْصَيْتَ به‏.‏ والوَصِيُّ‏:‏ الذي

يُوصي والذي يُوصى له، وهو من الأَضداد‏.‏ ابن سيده‏:‏ الوَصِيُّ المُوصي

والمُوصى، والأُنثى وَصِيٌّ، وجمعُهما جميعاً أَوْصِياء، ومن العرب من لا

يُثني الوَصِيَّ ولا يجمعه‏.‏ الليث‏:‏ الوَصاة كالوَصِيَّة؛ وأَنشد‏:‏

أَلا مَنْ مُبْلِغٌ عَني يَزيداً

وَصاةً مِنْ أَخي ثِقةٍ وَدُودِ

يقال‏:‏ وَصِيٌّ بَيِّنُ الوَصاية‏.‏ والوَصِيَّةُ‏:‏ ما أَوْصَيْتَ به، وسميت

وَصِيَّةً لاتصالها بأَمر الميت، وقيل لعلي، عليه السلام، وصِيٌّ لاتصال

نَسَبِه وسَبَبه وسَمْته بنسب سيدنا رسول الله،صلى الله عليه وسلم، وسَبَبه وسَمْته؛ قلت‏:‏ كرَّم الله وجه أَمير المؤمنين عليّ وسلَّم عليه، هذه

صفاته عند السلف الصالح، رضي الله عنهم، ويقول فيه غيرهم‏:‏ لولا دُعابةٌ

فيه؛ وقول كثير‏:‏

تُخَبِّرُ مَنْ لاقَيْتَ أَنك عائذٌ، بلِ العائذُ المَحْبُوسُ في سِجْنِ عارِمِ

وصِيُّ النبيِّ المصطَفى وابنُ عَمِّهِ، وفَكَّاكُ أَغْلالٍ وقاضي مَغارِمِ

إِنما أَراد ابنَ وَصِيِّ النبي وابنَ ابنِ عمه، وهو الحسن ابن علي أَو

الحسين بن علي، رضي الله عنهم، فأَقام الوَصِيُّ مُقامَهما، أَلا ترى أن عليّاً، رضي الله عنه، لم يكن في سِجْن عارم ولا سُجِنَ قط‏؟‏ قال ابن سيده‏:‏ أَنبأَنا بذلك أَبو العلاءِ عن أَبي علي الفارسي والأَشهر أَنه محمد

بن الحنفية، رضي الله عنه، جبَسه عبدُ الله بن الزبير في سجن عارم، والقصيدة في شعر كثير مشهورة، والممدوح بها محمد بن الحنفية، قال‏:‏ ومثله قول

الآخر‏:‏

صَبِّحْنَ من كاظِمة الحِصْنَ الخَرِبْ، يَحْمِلْنَ عَبَّاسَ بنَ عبدِ المُطَّلِبْ

إِنما أَراد‏:‏ يحملن ابن عباس، ويروى‏:‏ الخُصَّ الخَرِبْ‏.‏ وقوله عز وجل‏:‏

يُوصِيكم اللهُ في أَولادكم؛ معناه يَفْرِضُ عليكم لأَن الوَصِيَّةَ من الله إِنما هي فَرْض، والدليل على ذلك قوله تعالى‏:‏ ولا تَقْتُلوا النفسَ

التي حرَّم اللهُ إِلا بالحقّ ذلكم وَصَّاكم به؛ وهذا من الفرض المحكم

علينا‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ أَتَواصَوا به؛ قال أَبو منصور‏:‏ أَي أَوْصى أَوَّلُهم

آخرَهم، والأَلف أَلف استفهام، ومعناها التوبيخ‏.‏ وتَواصَوْا‏:‏ أَوْصى بعضهم

بعضاً‏.‏ ووصَى الرجلَ وَصْياً‏:‏ وصَلَه‏.‏ ووَصَى الشيءَ بغيره وَصْياً‏:‏

وصَلَه‏.‏ أَبو عبيد‏:‏ وصَيْتُ الشيءَ ووَصَلْته سواء؛ قال ذو الرمة‏:‏

نَصِي الليلَ بالأَيَّامِ، حتى صَلاتُنا

مُقاسَمةٌ يَشْتَقُّ أَنْصافَها السَّفْرُ

يقول‏:‏ رجع صلاتُنا من أَربعة إِلى اثنين في أَسفارنا لحال السفر‏.‏ وفلاةٌ

واصيةٌ‏:‏ تتصل بفَلاة أُخرى؛ قال ذو الرمة‏:‏

بَيْنَ الرَّجا والرَّجا مِنْ جَنْبِ واصِيةٍ

يَهْماء، خابطُها بالخَوْفِ مَعْكومُ

قال الأَصمعي‏:‏ وَصَى الشيءُ يَصي إِذا اتصل، ووَصاه غيره يَصِيه‏:‏ وصَله‏.‏

ابن الأَعرابي‏:‏ الوَصِيُّ النبات المُلْتَفُّ، وإِذا أَطاع المَرْتَعُ

للسائمة فأَصابته رَغَداً قيل أَوْصى لها المرتع يَصي وَصْياً‏.‏ وأَرض

واصيةٌ‏:‏ متصلة النبات إِذا اتَّصل نَبْتها، وربما قالوا تَواصى النبتُ إِذا

اتصل، وهو نبت واصٍ؛ وأَنشد ابن بري للراجز‏:‏

يا رُبَّ شاةٍ شاصِ

في رَبْرَبٍ خِماصِ

يأْكُلنَ من قُرّاصِ، وحَمَصِيصٍ واصِ

وأَنشد آخر‏:‏

لها مُوفِدٌ وَفَّاهُ واصٍ كأَنه

زَرابِيُّ قَيْلٍ، قد تُحوميَ، مُبْهَم

المُوفِدُ‏:‏ السَّنامُ، والقَيْلُ‏:‏ المَلِكُ؛ وقال طرفة‏:‏

يَرْعَيْنَ وَسْمِيّاً وَصَى نَبْتُه، فانْطَلَقَ اللوْنُ ودَقَّ الكُشُوحْ

يقال منه‏:‏ أَوْصَيْتُ أَي دخلت في الواصي‏.‏ ووَصَتِ الأَرضُ وَصْياً

ووُصِيّاً ووَصاءً ووَصاةً؛ الأَخيرة نادرة حكاها أَبو حنيفة، كلُّ ذلك‏:‏ اتصل

نباتُها بعضُه ببعض، وهي واصِيةٌ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي‏:‏

أَهْلُ الغِنَى والجُرْدِ والدِّلاصِ

والجُودِ، وصَّاهمْ بذاكَ الواصي

أَراد‏:‏ الجُودِ الواصي أَي المُتَّصِل؛ يقول‏:‏ الجُودُ وصّاهم بأن يُدِيموه أَي الجُود الواصي وصَّاهم بذلك؛ قال ابن سيده‏:‏ وقد يكون الواصي هنا

اسم الفاعل من أَوْصى، على حذف الزائد أَو على النسب، فيكون مَرْفوعَ

الموضع بأَوْصَى

لا مَجرُورَه

على أَن يكون نعتاً للجود، كما يكون في القول الأَول‏.‏ ووَصَيْتُ الشيءَ

بكذا وكذا إِذا وصلته به؛ وأَنشد بيت ذي الرمة‏:‏

نَصِي الليلَ بالأَيام

والوَصى والوَصيُّ جميعاً‏:‏ جَرائد النخل التي يُحْزَمُ بها، وقيل‏:‏ هي من الفَسِيل خاصة، وواحدتها وَصاةٌ ووَصِيَّةٌ‏.‏ ويَوَصَّى‏:‏ طائر قيل هو الباشَقُ، وقيل‏:‏ هو الحُرُّ، عراقية ليست من أَبنية العرب‏.‏

وطي‏:‏ وَطِيتُهُ وَطْأً‏:‏ لغة في وَطِئْتُهُ‏.‏

وعي‏:‏ الوَعْيُ‏:‏ حِفْظ القلبِ الشيءَ‏.‏ وعَى الشيء والحديث يَعِيه وَعْياً

وأَوْعاه‏:‏ حَفِظَه وفَهِمَه وقَبِلَه، فهو واعٍ، وفلان أَوْعَى من فلان

أَي أَحْفَظُ وأَفْهَمُ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ نَضَّر الله امرأً سمع مَقالَتي

فوَعاها، فرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعى من سامِعٍ‏.‏ الأَزهري‏:‏ الوَعِيُّ الحافِظُ

الكَيِّسُ الفَقِيه‏.‏ وفي حديث أَبي أُمامة‏:‏ لا يُعَذِّبُ اللهُ قَلْباً

وَعَى القُرآنَ؛ قال ابن الأَثير‏:‏ أَي عقَلَه إِيماناً به وعَمَلاً، فأَما

من حَفِظ أَلفاظَه وضَيَّعَ حُدوده فإِنه غير واعٍ له؛ وقول الأَخطل‏:‏

وَعَاها مِنْ قَواعِدِ بيْتِ رَأْسٍ

شَوارِفُ لاحَها مَدَرٌ وغارُ

إِنما معناه حَفِظَها أَي حَفِظَ هذه الخَمر، وعَنَى بالشَّوارِفِ

الخَوابيَ القديمة‏.‏ الأَزهري عن الفراء في قوله تعالى‏:‏ والله أَعلم بما

يُوعُونَ؛ قال‏:‏ الإِيعاء ما يَجْمعون في صدورهم من التكذيب والإِثم‏.‏ قال‏:‏

والوَعْيُ لو قِيلَ‏:‏ والله أَعلم بما يَعُون، لكان صواباً ولكن لا يستقيم في القراءة‏.‏ الجوهري‏:‏ والله أَعلم بما يُوعُونَ أَي يُضْمِرون في قلوبهم من التكذيب، وأُذُنٌ واعِيةٌ

الأَزهري‏:‏ يقال أَوْعَى جَدْعَه واسْتَوْعاه إِذا اسْتَوْعَبه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ في الأَنف إِذا اسْتُوعِيَ جَدْعُه الدِّيةُ؛ هكذا حكاه الأَزهري في ترجمة وعوع‏.‏ وأَوْعَى فلانٌ جَدْعَ أَنْفِه واسْتَوْعاه إِذا استَوْعَبه‏.‏

وتقول‏:‏ اسْتَوْعى فلان من فلان حَقَّه إِذا أَخذه كله‏.‏ وفي الحديث‏:‏

فاسْتَوْعى له حَقَّه؛ قال ابن الأَثير‏:‏ استوفاه كله مأْخوذ من الوِعاء‏.‏

ووَعَى العَظْمُ وَعْياً‏:‏ بَرَأَ على عَثْمٍ؛ قال‏:‏

كأَنما كُسِّرَتْ سَواعِدُه، ثمَّ وَعى جَبْرُها وما الْتَأَما

قال أَبو زيد‏:‏ إِذا جَبَرَ العظمُ بعد الكسر على عَثْمٍ، وهو الاعْوِجاجُ، قيل‏:‏ وَعى يَعِي وَعْياً، وأَجَرَ يأْجِرُ أَجْراً ويأْجُرُ أُجُوراً‏.‏

ووَعَى العظمُ إِذا انْجَبَر بعد الكسر؛ قال أَبو زيد‏:‏

خُبَعْثِنَةٌ في ساعِدَيْه تَزايُلٌ، تَقُولُ وَعى مِنْ بَعْدِ ما قد تجَبَّرا

هذا البيت كذا في التهذيب، ورأَيته في حواشي ابن بري‏:‏ من بعد ما قد

تكسرا؛ وقال الحطيئة‏:‏

حتى وَعَيْتُ كَوَعْيِ عَظْـ *** ـمِ السَّاقِ لأْأَمَه الجَبائِرْ

ووَعَتِ المِدَّةُ في الجُرْح وَعْياً‏:‏ اجتمعَتْ‏.‏ ووَعى الجُرْحُ

وَعْياً‏:‏ سالَ قَيْحُه‏.‏ والوَعْيُ‏:‏ القَيْحُ والمِدَّة‏.‏ وبرئ جُرحُه على

وَعْيٍ أَي نَغَلٍ‏.‏ قال أَبو زيد‏:‏ إِذا سالَ القَيْحُ من الجُرْح قيلَ وَعى

الجُرْحُ يَعِي وَعْياً، قال‏:‏ والوَعْيُ هو القيحُ، ومثله المِدَّة‏.‏ وقال الليث في وَعْيِ الكَسر والمِدَّة مِثلَه، قال‏:‏ وقال أَبو الدُّقَيْشِ

إِذا وَعَتْ جايِئَتُه يعني مِدَّته‏.‏ قال الأَصمعي‏:‏ يقال بئسَ واعِي اليتيمِ

ووالي اليتيمِ وهو الذي يقوم عليه‏.‏ ويقال‏:‏ لا وَعْيَ لك عن ذلك الأَمر

أَي لا تَماسُك دونه؛ قال ابن أَحمر‏:‏

تَواعَدْن أَنْ لا وَعْيَ عن فَرْجِ راكِسٍ، فَرُحْنَ ولم يَغْضِرْنَ عن ذاكَ مَغْضَرا

يقال‏:‏ تَغَضَّرْتُ عن كذا إذا انصرفْت عنه‏.‏ وما لي عنه وَعْيٌ أَي

بُدٌّ‏.‏ وقال النضر‏:‏ إنه لفي وَعْيِ رِجالٍ أَي في رجال كثيرة‏:‏

والوِعاءُ والإعاءُ على البَدَل والوُعاءُ، كل ذلك‏:‏ ظرف الشيء، والجمع أَوْعِيةٌ، ويقال لصدر الرجل وِعاء عِلْمِه واعْتِقادِهِ تشبيهاً بذلك‏.‏

ووَعى الشيء في الوعاء وأَوْعاه‏:‏ جَمَعَه فيه؛ قال أَبو محمد

الحَذلَمِيُّ‏:‏

تأْخُذُه بِدِمْنِه فَتُوعِيهْ

أَي تجمع الماء في أَجوافها‏.‏ الأزهري‏:‏ أَوْعى الشيءَ في الوِعاء يُوعِيه

إيعاء، بالألف، فهو مُوعًى‏.‏ الجوهري‏:‏ يقال أَوْعِيْتُ الزاد والمَتاع

إذا جعلته في الوِعاء؛ قال عَبِيد بن الأَبرص‏:‏

الخَيْرُ يَبْقى، وإنْ طالَ الزَّمانُ به، والشَّرُّ أَخْبَثُ ما أَوْعَيْتَ من زادِ

وفي الحديث‏:‏ الاسْتِيحاء من الله حقَّ الحَياء أَن لا تَنْسَوُا

المَقابرَ والبِلَى والجوفَ وما وَعى أَي ما جمع من الطعام والشراب حتى يكونا من حِلِّهِما‏.‏ وفي حديث الإِسْراء‏:‏ ذكر في كل سماء أَنبياءَ قد سمَّاهم

فأَوْعَيْتُ منهم إدْرِيس في الثانية؛ قال ابن الأثير‏:‏ هكذا روي، فإن صح

فيكون معناه أَدخلته في وِعاء قلبي؛ يقال‏:‏ أَوْعَيْت الشيء في الوِعاء إذا

أَدخلته فيه؛ قال‏:‏ ولو روي وَعَيْتُ بمعنى حَفِظْت لكان أبين وأَظهر‏.‏

وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه‏:‏ حَفِظْتُ عن رسول الله،صلى الله عليه

وسلم، وِعاءَيْن منَ العلم؛ أَراد الكناية عن مَحَلّ العِلم وجَمْعِه

فاستعار له الوعاء‏.‏

وفي الحديث‏:‏ لا تُوعِي فيُوعَى عَلَيْكِ أَي لا تَجْمَعي وتَشِحِّي

بالنفَقة فَيُشَحَّ عَلَيْكِ وتُجازَيْ بَتَضْيِيقِ رِزْقِكِ‏.‏ الأَزهري‏:‏ إذا

أَمرت من الوَعْي قلت عِهْ، الهاء عماد الوقوف لخفّتها لأَنه لا يُستطاع

الابتداء والوُقوف معاً على حرف واحد‏.‏

والوَعْيُ والوَعَى، بالتحريك‏:‏ الجَلَبةُ والأَصوات، وقيل‏:‏ الأَصوات

الشديدة؛ قال الهذلي‏:‏

كَأَنَّ وَعَى الخَمُوشِ، بجانِبَيهِ، وَعَى رَكْبٍ، أُمَيْمَ، ذَوِي زِياطِ

وقال يعقوب‏:‏ عينُه بدَل من غين وغَى، أَو غين وغَى بدل منه، وقيل‏:‏

الوَعَى جلبة صوتِ الكِلابِ في الصَّيدِ‏.‏ الأَزهري‏:‏ الوَعَى جَلَبة أَصوات

الكلاب والصَّيد، قال‏:‏ ولم أَسمع له فعلاً‏.‏ والواعيةُ‏:‏ كالوَعَى، الأَزهري‏:‏

الواعِيةُ والوَعَى والوَغََى كلها الصوت‏.‏ والواعِيةُ‏:‏ الصَّارِخَةُ، وقيل الواعِيةُ الصُّراخ على الميت لا فِعْلَ له‏.‏ وفي حديث مقتل كعب بن الأَشْرَف أَو أَبي رافعٍ‏:‏ حتى سمعنا الواعِيةَ؛ قال ابن الأَثير‏:‏ هو الصُراخ على الميت ونَعْيُه، ولا يُبْنى منه فِعل؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي‏:‏ إِنِّي نَذِيرٌ لَكَ مِنْ عَطِيِّه، قَرَمَّشٌ لِزَادِه وَعِيَّه

لم يفسر الوعية، قال ابن سيده‏:‏ وأُرى أَنه مسْتَوْعِب لزاده يُوعِيه في بطنه كما يُوعَى المَتاعُ، هذا إن كان من صفة عطية، وإن كان من صفة الزاد

فمعناه أَنه يَدَّخِرُه حتى يَخْنَزَ كما يَخْنَزُ القيح في القَرْح‏.‏

وغي‏:‏ الوَغَى‏:‏ الصَّوْتُ، وقيل‏:‏ الوَغَى الأَصوات في الحرب مثل

الوَعَى، ثم كثر ذلك حتى سَمَّوُا الحَرب وَغًى‏.‏ والوَغَى‏:‏ غَمْغَمةُ الأَبطال

في حَوْمةِ الحَرْب‏.‏ والوَغى‏:‏ الحَرْبُ نَفْسُها‏.‏ والواغِيةُ‏:‏ كالوَغَى، اسم مَحْض‏.‏ والوغَى‏:‏ أَصْواتُ النَّحْلِ والبَعُوض ونحو ذلك إذا اجتمعت؛ قال المتنخل الهذلي‏:‏

كأَنّ وغَى الخَمُوش، بجانبيه، وغَى رَكْبٍ أُمَيْمَ ذَوِي هِياطِ

وهذا البيت أَورده الجوهري‏:‏

كأَن وغى الخَموش، بجانبيه، مَآتِمُ يَلْتَدِمْنَ على قَتِيلِ

قال ابن بري‏:‏ البيت على غير هذا الإنشاد؛ وأَنشده كما أَوردناه‏:‏

وغى ركب أُمَيمَ ذَوي هياط

قال وقبله‏:‏

وماء قد وَرَدْتُ أُمَيْمَ طامٍ، على أَرْجائِه، زَجَلُ الغَطاط

ومنه قيل للحرب وَغًى لما فيها من الصوت والجلبة‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏

الوَغَى الخَموش الكَثير الطَّنينِ يعني البَقَّ، والأَواغِي‏:‏ مَفاجِر

الماء

في الدِّبار والمَزارع، واحدتها آغية، يخفف ويثقل هنا، وذكرها صاحب

العين ولا أدري من أَين جعل لامها واواً والياء أَولى بها لأَنه لا اشتقاق

لها ولفظها الياء، وهو من كلام أَهل السواد لأَن الهمزة والغين لا يجتمعان

في بناء كلمة واحدة‏.‏ ابن سيده في ترجمة وعي‏:‏ الوعى الصوت والجلبة، قال يعقوب‏:‏ عينه بدل من غين وغى أَو غين وغى بدل منه، والله أَعلم‏.‏

وفي‏:‏ الوفاءُ‏:‏ ضد الغَدْر، يقال‏:‏ وَفَى بعهده وأَوْفَى بمعنى؛ قال ابن بري‏:‏ وقد جمعهما طُفَيْل الغَنَوِيُّ في بيت واحد في قوله‏:‏

أَمَّا ابن طَوْقٍ فقد أَوْفَى بِذِمَّتِه

كما وَفَى بِقلاصِ النَّجْمِ حادِيها

وَفَى يَفِي وَفاءً فهو وافٍ‏.‏ ابن سيده‏:‏ وفَى بالعهد وَفاءً؛ فأَما قول

الهذلي‏:‏

إذ قَدَّمُوا مِائةً واسْتَأْخَرَتْ مِائةً

وَفْياً، وزادُوا على كِلْتَيْهِما عَدَدا

فقد يكون مصدر وَفَى مسموعاً وقد يجوز أَن يكون قياساً غير مسموع، فإن أَبا علي قد حكى أَن للشاعر أَن يأْتي لكلّ فَعَلَ بِفَعْلٍ وإن لم يُسمع، وكذلك أَوْفَى‏.‏ الكسائي وأَبو عبيدة‏:‏ وَفَيْتُ بالعهد وأَوْفَيْتُ به سواء، قال شمر‏:‏ يقال وَفَى وأَوْفَى، فمن قال وفَى فإنه يقول تَمَّ كقولك

وفَى لنا فلانٌ أَي تَمَّ لنا قَوْلُه ولم يَغْدِر‏.‏ ووَفَى هذا الطعامُ

قفيزاً؛ قال الحطيئة‏:‏

وفَى كَيْلَ لا نِيبٍ ولا بَكَرات

أَي تَمَّ، قال‏:‏ ومن قال أَوْفَى فمعناه أَوْفاني حقَّه أَي أَتَمَّه

ولم يَنْقُصْ منه شيئاً، وكذلك أَوْفَى الكيلَ أَي أَتمه ولم ينقص منه

شيئاً‏.‏ قال أَبو الهيثم فيما ردّ على شمر‏:‏ الذي قال شمر في وَفَى وأَوْفَى

باطل لا معنى له، إنما يقال أَوْفَيْتُ بالعهد ووَفَيْتُ بالعهد‏.‏ وكلُّ شيء

في كتاب الله تعالى من هذا فهو بالأَلف، قال الله تعالى‏:‏ أَوْفُوا

بالعُقود، وأَوْفُوا بعهدي؛ يقال‏:‏ وفَى الكيلُ ووَفَى الشيءُ أَي تَمَّ، وأَوْفَيْتُه أَنا أَتمَمْته، قال الله تعالى‏:‏ وأَوفُوا الكيلَ؛ وفي الحديث‏:‏

فممرت بقوم تُقْرَضُ شِفاهُهم كُلَّما قُرِضَتْ وفَتْ أَي تَمَّتْ

وطالَتْ؛ وفي الحديث‏:‏ أَلَسْتَ تُنْتِجُها وافيةً أَعينُها وآذانُها‏.‏ وفي حديث

النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال‏:‏ إنكم وَفَيْتُم سبعين أُمَّةً أَنتم

خَيْرُها وأَكْرَمُها على الله أَي تَمَّت العِدَّة سبعين أُمة بكم‏.‏

ووفَى الشيء وُفِيًّا على فُعولٍ أَي تَمَّ وكثر‏.‏ والوَفِيُّ‏:‏ الوافِي‏.‏

قال‏:‏ وأَما قولهم وفَى لي فلان بما ضَمِن لي فهذا من باب أَوْفَيْتُ له بكذا

وكذا ووَفَّيتُ له بكذا؛ قال الأَعشى‏:‏

وقَبْلَكَ ما أَوْفَى الرُّقادُ بِجارةٍ

والوَفِيُّ‏:‏ الذي يُعطِي الحقَّ ويأْخذ الحقَّ‏.‏ وفي حديث زيد بن أَرْقَمَ‏:‏ وَفَتْ أُذُنُكَ وصدّق الله حديثَك، كأَنه جعل أُذُنَه في السَّماع

كالضامِنةِ بتصديق ما حَكَتْ، فلما نزل القرآن في تحقيق ذلك الخبر صارت

الأُذن كأَنها وافية بضمانها خارجة من التهمة فيما أَدَّته إلى اللسان، وفي رواية‏:‏ أَوفى الله بأُذنه أَي أَظهر صِدْقَه في إِخباره عما سمعت أُذنه، يقال‏:‏ وفَى بالشيء وأَوْفَى ووفَّى بمعنى واحد‏.‏ ورجل وفيٌّ ومِيفاءٌ‏:‏ ذو

وَفاء، وقد وفَى بنَذْرِه وأَوفاه وأَوْفَى به؛ وفي التنزيل العزيز‏:‏

يُوفُون بالنَّذر، وحكى أَبو زيد‏:‏ وفَّى نذره وأَوْفاه أَي أَبْلَغه، وفي التنزيل العزيز‏:‏ وإبراهيمَ الذي وَفَّى؛ قال الفراء‏:‏ أَي بَلَّغَ، يريد

بَلَّغَ أَنْ ليست تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخرى أَي لا تحمل الوازِرةُ ذنب

غيرها؛ وقال الزجاج‏:‏ وفَّى إبراهيمُ ما أُمِرَ به وما امْتُحِنَ به من ذبح

ولده فعزَم على ذلك حتى فَداه الله بذِبْح عظيم، وامْتُحِنَ بالصبر على

عذاب قومه وأُمِر بالاخْتِتان، فقيل‏:‏ وفَّى، وهي أَبلغ من وَفَى لأن الذي امْتُحِنَ به من أَعظم المِحَن‏.‏ وقال أبو بكر في قولهم الزَمِ

الوَفاء‏:‏ معنى الوفاء في اللغة الخُلق الشريف العالي الرَّفِيعُ من قولهم‏:‏ وفَى

الشعرَ فهو وافٍ إذا زادَ؛ ووَفَيْت له بالعهد أَفِي؛ ووافَيْتُ أُوافِي، وقولهم‏:‏ ارْضَ من الوفاء باللّفاء أَي بدون الحق؛ وأَنشد‏:‏

ولا حَظِّي اللَّفاءُ ولا الخَسِيسُ

والمُوافاةُ‏:‏ أَن تُوافيَ إنساناً في المِيعاد، وتَوافَينا في الميعاد

ووافَيْتُه فيه، وتوَفَّى المُدَّة‏:‏ بلَغَها واسْتَكْمَلها، وهو من ذلك‏.‏

وأَوْفَيْتُ المكان‏:‏ أَتيته؛ قال أَبو ذؤَيب‏:‏

أُنادِي إذا أُفِي من الأَرضِ مَرْبَأً

لأَني سَمِيعٌ، لَوْ أُجابُ، يَصيِرُ

أُفِي‏:‏ أُشْرِفُ وآتي؛ وقوله انادي أي كلما أَشرفت على مَرْبَإٍ من الأَرض نادَيتُ يا دارُ أَين أَهْلَكِ، وكذلك أَوْفَيْتُ عليه وأَوْفَيْت

فيه‏.‏ وأَوْفَيْتُ على شَرَفٍ من الأَرض إذا أَشْرَفْت عليه، فأَنا مُوفٍ، وأَوْفَى على الشيء أَي أَشْرَفَ؛ وفي حديث كعب بن مالك‏:‏ أَوْفَى على

سَلْعٍ أَي أَشْرَفَ واطَّلَعَ‏.‏ ووافَى فلان‏:‏ أَتَى‏.‏

وتوافَى القومُ‏:‏ تتامُّوا‏.‏ ووافَيْتُ فلاناً بمكان كذا‏.‏

ووَفَى الشيءُ‏:‏ كثُرَ؛ ووَفَى رِيشُ الجَناحِ فهو وافٍ، وكلُّ شيء بلَغ

تمامَ الكمال فقد وَفَى وتمَّ، وكذلك دِرْهمٌ وافٍ يعني به أَنه يزن

مِثقالاً، وكَيْلٌ وافٍ‏.‏ ووَفَى الدِّرْهَمُ المِثقالَ‏:‏ عادَلَه، والوافِي‏:‏

درهمٌ وأَربعةُ دَوانِيقَ؛ قال شمر‏:‏ بلغني عن ابن عيينة أَنه قال الوافي درهمٌ ودانِقانِ، وقال غيره‏:‏ هو الذي وَفَى مِثقالاً، وقيل‏:‏ درهمٌ وافٍ

وفَى بزِنتِه لا زيادة فيه ولا نقص، وكلُّ ما تمَّ من كلام وغيره فقد

وفَى، وأَوْفَيْتُه أَنا؛ قال غَيْلانُ الرَّبَعِي‏:‏

أَوْفَيْتُ الزَّرْعَ وفَوْقَ الإِيفاء

وعدَّاه إلى مفعولين، وهذا كما تقول‏:‏ أَعطيت الزرع ومنحته، وقد تقدم

الفرق بين التمام والوفاء‏.‏

والوافِي من الشِّعْر‏:‏ ما اسْتَوفَى في الاستعمال عِدَّة أَجزائه في دائرته، وقيل‏:‏ هو كل جزء يمكن أَن يدخله الزِّحاف فسَلِمَ منه‏.‏

والوَفاء‏:‏ الطُّول؛ يقال في الدُعاءِ‏:‏ مات فلان وأَنت بوَفاء أَي بطول

عُمُر، تدْعُو له بذلك؛ عن ابن الأَعرابي‏.‏ وأَوْفَى الرجلَ حقَّه ووَفَّاه

إِياه بمعنى‏:‏ أَكْمَلَه له وأَعطاه وافياً‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ ووَجدَ الله عندَه فوفَّاه حسابَه‏.‏ وتَوَفَّاه هو منه واسْتَوْفاه‏:‏ لم يَدَعْ

منه شيئاً‏.‏ ويقال أَوْفَيْته حَقَّه ووَفَّيته أَجْره‏.‏ ووفَّى الكيلَ

وأَوفاه‏:‏ أَتَمَّه‏.‏ وأَوْفَى على الشيء وفيه‏:‏ أَشْرَفَ‏.‏ وإنه لمِيفاء على

الأَشْرافِ أَي لا يزالُ يُوفِي عليها، وكذلك الحِمار‏.‏ وعَيرٌ مِيفاء على

الإِكام إذا كان من عادته أَن يُوفيَ عليها؛ وقال حميد الأَرقط يصف

الحمار‏:‏ عَيْرانَ مِيفاءٍ على الرُّزُونِ، حَدَّ الرَّبِيعِ، أَرِنٍ أَرُونِ

لا خَطِلِ الرَّجْعِ ولا قَرُونِ، لاحِقِ بَطْنٍ بِقَراً سَمِينِ

ويروى‏:‏ أَحْقَبَ مِيفاءٍ، والوَفْيُ من الأَرض‏:‏ الشَّرَفُ يُوفَى عليه؛ قال كثير‏:‏

وإنْ طُوِيَتْ من دونه الأَرضُ وانْبَرَى، لِنُكْبِ الرِّياحِ‏.‏ وَفْيُها وحَفِيرُها

والمِيفَى والمِيفاةُ، مقصوران، كذلك‏.‏ التهذيب‏:‏ والميفاةُ الموضع الذي

يُوفِي فَوقه البازِي لإِيناس الطير أَو غيره، قال رؤْبة‏:‏

ميفاء رؤوس فوره

والمِيفَى‏:‏ طَبَق التَّنُّور‏.‏ قال رجل من العرب لطباخه‏:‏ خَلِّبْ

مِيفاكَ حتى يَنْضَجَ الرَّوْدَقُ، قال‏:‏ خَلِّبْ أَي طَبِّقْ، والرَّوْدَقُ‏:‏

الشِّواء‏.‏ وقال أَبو الخطاب‏:‏ البيت الذي يطبخ فيه الآجُرُّ يقال له

المِيفَى؛ روي ذلك عن ابن شميل‏.‏

وأَوْفَى على الخمسين‏:‏ زادَ، وكان الأَصمعي يُنكره ثم عَرَفه‏.‏

والوَفاةُ‏:‏ المَنِيَّةُ‏.‏ والوفاةُ‏:‏ الموت‏.‏ وتُوُفِّيَ فلان وتَوَفَّاه الله إذا قَبَضَ نَفْسَه، وفي الصحاح‏:‏ إذا قَبَضَ رُوحَه، وقال غيره‏:‏

تَوَفِّي الميتِ اسْتِيفاء مُدَّتِه التي وُفِيتْ له وعَدَد أَيامِه وشُهوره

وأَعْوامه في الدنيا‏.‏ وتَوَفَّيْتُ المالَ منه واسْتوْفَيته إذا أَخذته

كله‏.‏ وتَوَفَّيْتُ عَدَد القومِ إذا عَدَدْتهم كُلَّهم؛ وأَنشد أبو عبيدة لمنظور الوَبْرِي‏:‏

إنَّ بني الأَدْرَدِ لَيْسُوا مِنْ أَحَدْ، ولا تَوَفَّاهُمْ قُرَيشٌ في العددْ

أَي لا تجعلهم قريش تَمام عددهم ولا تَسْتَوفي بهم عدَدَهم؛ ومن ذلك

قوله عز وجل‏:‏ الله يَتَوفَّى الأَنْفُسَ حينَ مَوْتِها؛ أَي يَسْتَوفي مُدَد

آجالهم في الدنيا، وقيل‏:‏ يَسْتَوْفي تَمام عدَدِهم إِلى يوم القيامة، وأَمّا تَوَفِّي النائم فهو اسْتِيفاء وقْت عَقْله وتمييزه إِلى أَن نامَ‏.‏

وقال الزجاج في قوله‏:‏ قل يَتَوَفَّاكم مَلَكُ الموت، قال‏:‏ هو من تَوْفِية

العدد، تأْويله أَن يَقْبِضَ أَرْواحَكم أَجمعين فلا ينقُص واحد منكم، كما تقول‏:‏ قد اسْتَوْفَيْتُ من فلان وتَوَفَّيت منه ما لي عليه؛ تأْويله

أَن لم يَبْقَ عليه شيء‏.‏ وقوله عز وجل‏:‏ حتى إذا جاءتهم رُسُلُنا

يَتَوَفَّوْنَهم؛ قال الزجاج‏:‏ فيه، والله أَعلم، وجهان‏:‏ يكون حتى إذا جاءتهم

ملائكةُ الموت يَتَوَفَّوْنَهم سَأَلُوهم عند المُعايَنة فيعترفون عند موتهم

أَنهم كانوا كافرين، لأَنهم قالوا لهم أَين ما كنتم تدعُون من دون الله‏؟‏

قالوا‏:‏ ضَلُّوا عنا أَي بطلوا وذهبوا، ويجوز أَن يكون، والله أَعلم، حتى

إذا جاءتهم ملائكة العذابِ يتوفونهم، فيكون يتوفونهم في هذا الموضع على

ضربين‏:‏ أَحدهما يَتَوَفَّوْنَهم عذاباً وهذا كما تقول‏:‏ قد قَتَلْتُ فلاناً

بالعذاب وإن لم يمت، ودليل هذا القول قوله تعالى‏:‏ ويأْتِيه الموتُ من كلِّ مَكانٍ وما هو بمَيِّت؛ قال‏:‏ ويجوز أَن يكون يَتَوَفَّوْنَ عِدَّتهم، وهو أَضعف الوجهين، والله أعلم، وقد وافاه حِمامُه؛ وقوله أَنشده ابن جني‏:‏

ليتَ القِيامةَ، يَوْمَ تُوفي مُصْعَبٌ، قامتْ على مُضَرٍ وحُقَّ قِيامُها

أَرادَ‏:‏ وُوفيَ، فأَبدل الواو تاء كقولهم تالله وتَوْلجٌ وتَوْراةٌ، فيمن جعلها فَوْعَلة‏.‏

التهذيب‏:‏ وأَما المُوافاة التي يكتبها كُتَّابُ دَواوين الخَراج في حِساباتِهم فهي مأْخوذة من قولك أَوْفَيْتُه حَقَّه ووَفَّيْتُه حَقَّه

ووافَيْته حَقَّه،كل ذلك بمعنى‏:‏ أَتْمَمْتُ له حَقَّه، قال‏:‏ وقد جاء فاعَلْتُ

بمعنى أَفْعلْت وفَعَّلت في حروف بمعنى واحد‏.‏ يقال‏:‏ جاريةٌ مُناعَمةٌ

ومُنَعَّمةٌ، وضاعَفْتُ الشيء وأَضْعَفْتُه وضَعَّفْتُه بمعنى، وتَعاهَدْتُ

الشيء وتعَهَّدْته وباعَدْته وبَعَّدته وأَبْعَدْتُه، وقارَبْتُ الصبي

وقَرَّبْتُه، وهو يُعاطِيني الشيء ويُعطِيني؛ قال بشر بن أبي خازم‏:‏

كأَن الأَتْحَمِيَّةَ قامَ فيها، لحُسنِ دَلالِها، رَشأٌ مُوافي قال الباهلي‏:‏ مُوافي مثلُ مفاجي؛ وأَنشد‏:‏

وكأَنما وافاكَ، يومَ لقِيتَها

من وَحْش وَجّرةَ، عاقِدٌ مُتَرَبِّبُ

وقيل‏:‏ موافي قد وافى جِسْمُه جِسمَ أُمه أَي صار مثلها‏.‏

والوَفاء‏:‏ موضع؛ قال ابن حِلِّزةَ‏:‏

فالمُحَيَّاةُ فالصِّفاحُ فَأَعْنا

قُ قَنانٍ فَعاذِبٌ فالوَفاء

وأَوْفى‏:‏ اسم رجل‏.‏

وقي‏:‏ وقاهُ اللهُ وَقْياً وَوِقايةً وواقِيةً‏:‏ صانَه؛ قال أَبو مَعْقِل

الهُذليّ‏:‏

فَعادَ عليكِ إنَّ لكُنَّ حَظّاً، وواقِيةً كواقِيةِ الكِلابِ

وفي الحديث‏:‏ فَوقَى أَحَدُكم وجْهَه النارَ؛ وَقَيْتُ الشيء أَقِيه إذا

صُنْتَه وسَتَرْتَه عن الأَذى، وهذا اللفظ خبر أُريد به الأمر أي لِيَقِ

أَحدُكم وجهَه النارَ بالطاعة والصَّدَقة‏.‏ وقوله في حديث معاذ‏:‏ وتَوَقَّ

كَرائَمَ أَموالِهم أَي تَجَنَّبْها ولا تأْخُذْها في الصدَقة لأَنها

تَكرْمُ على أَصْحابها وتَعِزُّ، فخذ الوسَطَ لا العالي ولا التَّازِلَ، وتَوقَّى واتَّقى بمعنى؛ ومنه الحديث‏:‏ تَبَقَّهْ وتوَقَّهْ أَي اسْتَبْقِ

نَفْسك ولا تُعَرِّضْها للتَّلَف وتَحَرَّزْ من الآفات واتَّقِها؛ وقول

مُهَلْهِل‏:‏

ضَرَبَتْ صَدْرَها إليَّ وقالت‏:‏

يا عَدِيًّا، لقد وَقَتْكَ الأَواقي

إِنما أراد الواو في جمع واقِيةٍ، فهمز الواو الأُولى، ووقاهُ‏:‏ صانَه‏.‏

ووقاه ما يَكْرَه ووقَّاه‏:‏ حَماهُ منه، والتخفيف أَعلى‏.‏ وفي التنزيل

العزيز‏:‏ فوقاهُمُ الله شَرَّ ذلك اليومِ‏.‏ والوِقاءُ والوَقاء والوِقايةُ

والوَقايةُ والوُقايةُ والواقِيةُ‏:‏ كلُّ ما وقَيْتَ به شيئاً وقال اللحياني‏:‏

كلُّ ذلك مصدرُ وَقَيْتُه الشيء‏.‏ وفي الحديث‏:‏ من عَصى الله لم يَقِه منه

واقِيةٌ إِلا بإِحْداث تَوْبةٍ؛ وأَنشد الباهليُّ وغيره للمُتَنَخِّل

الهُذَلي‏:‏

لا تَقِه الموتَ وقِيَّاتُه، خُطَّ له ذلك في المَهْبِلِ

قال‏:‏ وقِيَّاتُه ما تَوَقَّى به من ماله، والمَهْبِلُ‏:‏ المُسْتَوْدَعُ‏.‏

ويقال‏:‏ وقاكَ اللهُ شَرَّ فلان وِقايةً‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ ما لهم من الله من واقٍ؛ أَي من دافِعٍ‏.‏ ووقاه اللهُ وِقاية، بالكسر، أَي حَفِظَه‏.‏

والتَّوْقِيةُ‏:‏ الكلاءة والحِفْظُ؛ قال‏:‏

إِنَّ المُوَقَّى مِثلُ ما وقَّيْتُ

وتَوَقَّى واتَّقى بمعنى‏.‏ وقد توَقَّيْتُ واتَّقَيْتُ الشيء وتَقَيْتُه

أَتَّقِيه وأَتْقِيه تُقًى وتَقِيَّةً وتِقاء‏:‏ حَذِرْتُه؛ الأَخيرة عن

اللحياني، والاسم التَّقْوى، التاء بدل من الواو والواو بدل من الياء‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ وآتاهم تَقْواهم؛ أَي جزاء تَقْواهم، وقيل‏:‏ معناه

أَلهَمَهُم تَقْواهم، وقوله تعالى‏:‏ هو أَهلُ التَّقْوى وأَهلُ المَغْفِرة؛ أَي

هو أَهلٌ أَن يُتَّقَى عِقابه وأَهلٌ أَن يُعمَلَ بما يؤدّي إِلى

مَغْفِرته‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ يا أَيها النبيُّ اتَّقِ الله؛ معناه اثْبُت على تَقْوى الله ودُمْ عليه

وقوله تعالى‏:‏ إِلا أَن تتقوا منهم تُقاةً؛ يجوز أَن يكون مصدراً وأن يكون جمعاً، والمصدر أَجود لأَن في القراءة الأُخرى‏:‏ إِلا أَن تَتَّقُوا

منهم تَقِيَّةً؛ التعليل للفارسي‏.‏ التهذيب‏:‏ وقرأَ حميد تَقِيَّة، وهو وجه، إِلا أَن الأُولى أَشهر في العربية، والتُّقى يكتب بالياء‏.‏

والتَّقِيُّ‏:‏ المُتَّقي‏.‏ وقالوا‏:‏ ما أَتْقاه لله؛ فأَما قوله‏:‏

ومَن يَتَّقْ فإِنَّ اللهَ مَعْهُ، ورِزْقُ اللهِ مُؤْتابٌ وغادي

فإِنما أَدخل جزماً على جزم؛ وقال ابن سيده‏:‏ فإِنه أَراد يَتَّقِ فأَجرى

تَقِفَ، مِن يَتَّقِ فإِن، مُجرى عَلِمَ فخفف، كقولهم عَلْمَ في عَلِمَ‏.‏

ورجل تَقِيٌّ من قوم أَتْقِياء وتُقَواء؛ الأَخيرة نادرة، ونظيرها

سُخَواء وسُرَواء، وسيبويه يمنع ذلك كله‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ قالت إِني أَعوذُ

بالرحمن منكَ إِن كنتَ تَقِيّاً؛ تأْويله إِني أَعوذ بالله، فإِن كنت تقيّاً

فسَتَتَّعِظ بتعَوُّذي بالله منكَ، وقد تَقيَ تُقًى‏.‏ التهذيب‏:‏ ابن الأَعرابي التُّقاةُ والتَّقِيَّةُ والتَّقْوى والاتِّقاء كله واحد‏.‏ وروي عن ابن السكيت قال‏:‏ يقال اتَّقاه بحقه يَتَّقيه وتَقاه يَتْقِيه، وتقول في الأَمر‏:‏ تَقْ، وللمرأَة‏:‏ تَقي؛ قال عبد الله ابن هَمَّام السَّلُولي‏:‏

زِيادَتَنا نَعْمانُ لا تَنْسَيَنَّها، تَقِ اللهَ فِينا والكتابَ الذي تَتْلُو

بنى الأَمر على المخفف، فاستغنى عن الأَلف فيه بحركة الحرف الثاني في المستقبل، وأَصل يَتَقي يَتَّقِي، فحذفت التاء الأُولى، وعليه ما أُنشده

الأَصمعي، قال‏:‏ أَنشدني عيسى بن عُمر لخُفاف بن نُدْبة‏:‏

جَلاها الصَّيْقَلُونَ فأَخْلَصُوها

خِفافاً، كلُّها يَتَقي بأَثر

أَي كلها يستقبلك بفِرِنْدِه؛ رأَيت هنا حاشية بخط الشيخ رضيِّ الدين

الشاطِبي، رحمه الله، قال‏:‏ قال أبو عمرو وزعم سيبويه أَنهم يقولون تَقَى الله رجل فعَل خَيْراً؛ يريدون اتَّقى اللهَ رجل، فيحذفون ويخفقون، قال‏:‏

وتقول أَنت تَتْقي اللهَ وتِتْقي اللهَ، على لغة من قال تَعْلم وتِعْلَمُ، وتِعْلَمُ، بالكسر‏:‏ لغة قيْس وتَمِيم وأَسَد ورَبيعةَ وعامَّةِ العرب، وأَما أَهل الحجاز وقومٌ من أَعجاز هَوازِنَ وأَزْدِ السَّراة وبعضِ

هُذيل فيقولون تَعْلَم، والقرآن عليها، قال‏:‏ وزعم الأَخفش أَن كل مَن ورد

علينا من الأَعراب لم يقل إِلا تِعْلَم، بالكسر، قال‏:‏ نقلته من نوادر أَبي

زيد‏.‏ قال أَبو بكر‏:‏ رجل تَقِيٌّ، ويُجمع أَتْقِياء، معناه أَنه مُوَقٍّ

نَفْسَه من العذاب والمعاصي بالعمل الصالح، وأَصله من وَقَيْتُ نَفْسي

أَقيها؛ قال النحويون‏:‏ الأَصل وَقُويٌ، فأَبدلوا من الواو الأُولى تاء كما قالوا مُتَّزِر، والأَصل مُوتَزِر، وأَبدلوا من الواو الثانية ياء

وأَدغموها في الياء التي بعدها، وكسروا القاف لتصبح الياء؛ قال أَبو بكر‏:‏

والاختيار عندي في تَقِيّ أَنه من الفعل فَعِيل، فأَدغموا الياء الأُولى في الثانية، الدليل على هذا جمعهم إِياه أَتقياء كما قالوا وَليٌّ وأَوْلِياء، ومن قال هو فَعُول قال‏:‏ لمَّا أَشبه فعيلاً جُمع كجمعه، قال أَبو منصور‏:‏

اتَّقى يَتَّقي كان في الأَصل اوْتَقى، على افتعل، فقلبت الواو ياء

لانكسار ما قبلها، وأُبدلت منها التاء وأُدغمت، فلما كثر استعماله على لفظ

الافتعال توهموا أَن التاءَ من نفس الحرف فجعلوه إِتَقى يَتَقي، بفتح التاء

فيهما مخففة، ثم لم يجدوا له مثالاً في كلامهم يُلحقونه به فقالوا تَقى

يَتَّقي مثل قَضى يَقْضِي؛ قال ابن بري‏:‏ أَدخل همزة الوصل على تَقى، والتاء محركة، لأَنَّ أَصلها السكون، والمشهور تَقى يَتَّقي من غير همز وصل

لتحرك التاء؛ قال أَبو أَوس‏:‏

تَقاكَ بكَعْبٍ واحِدٍ وتَلَذُّه

يَداكَ، إِذا هُزَّ بالكَفِّ يَعْسِلُ

أَي تَلَقَّاكَ برمح كأَنه كعب واحد، يريد اتَّقاك بكَعْب وهو يصف

رُمْحاً؛ وقال الأَسدي‏:‏

ولا أَتْقي الغَيُورَ إِذا رَآني، ومِثْلي لُزَّ بالحَمِسِ الرَّبِيسِ

الرَّبيسُ‏:‏ الدَّاهي المُنْكَر، يقال‏:‏ داهِيةٌ رَبْساء، ومن رواها

بتحريك التاء فإِنما هو على ما ذكر من التخفيف؛ قال ابن بري‏:‏ والصحيح في هذا

البيت وفي بيت خُفاف بن نَدبة يَتَقي وأَتَقي، بفتح التاء لا غير، قال‏:‏

وقد أَنكر أَبو سعيد تَقَى يَتْقي تَقْياً، وقال‏:‏ يلزم أَن يقال في الأَمر

اتْقِ، ولا يقال ذلك، قال‏:‏ وهذا هو الصحيح‏.‏ التهذيب‏.‏ اتَّقى كان في الأَصل اوْتَقى، والتاء فيها تاء الافتعال فأُدغمت الواو في التاء وشددت فقيل

اتَّقى، ثم حذفوا أَلف الوصل والواو التي انقلبت تاء فقيل تَقى يَتْقي

بمعنى استقبل الشيء وتَوَقَّاه، وإِذا قالوا اتَّقى يَتَّقي فالمعنى أَنه

صار تَقِيّاً، ويقال في الأَول تَقى يَتْقي ويَتْقي‏.‏ ورجل وَقِيٌّ تَقِيٌّ

بمعنى واحد‏.‏ وروي عن أَبي العباس أَنه سمع ابن الأَعرابي يقول‏:‏ واحدة

التُّقى تُقاة مثل طُلاة وطُلًى، وهذان الحرفان نادران؛ قال الأَزهري‏:‏

وأَصل الحرف وَقى يَقي، ولكن التاءَ صارت لازمة لهذه الحروف فصارت كالأَصلية، قال‏:‏ ولذلك كتبتها في باب التاء‏.‏ وفي الحديث‏:‏ إِنما الإِمام جُنَّة

يُتَّقى به ويُقاتَل من ورائه أَي أَنه يُدْفَعُ به العَدُوُّ ويُتَّقى

بقُوّته، والتاءُ فيها مبدلة من الواو لأن أَصلها من الوِقاية، وتقديرها

اوْتَقى، فقلبت وأُدغمت، فلما كثر استعمالُها توهموا أَن التاءَ من نفس الحرف

فقالوا اتَّقى يَتَّقي، بفتح التاء فيهما‏.‏

وفي الحديث‏:‏

كنا إِذا احْمَرَّ البَأْسُ اتَّقَينا برسولِ الله،صلى الله عليه وسلم، أَي جعلناه وِقاية لنا من العَدُوّ قُدَّامَنا واسْتَقْبَلْنا العدوَّ به وقُمْنا خَلْفَه وِقاية‏.‏ وفي الحديث‏:‏ قلتُ وهل للسَّيفِ من تَقِيَّةٍ‏؟‏

قال‏:‏ نَعَمْ، تَقِيَّة على أَقذاء وهُدْنةٌ على دَخَنٍ؛ التَّقِيَّةُ

والتُّقاةُ بمعنى، يريد أَنهم يَتَّقُون بعضُهم بعضاً ويُظهرون الصُّلْحَ

والاتِّفاق وباطنهم بخلاف ذلك‏.‏ قال‏:‏ والتَّقْوى اسم، وموضع التاء واو وأَصلها

وَقْوَى، وهي فَعْلى من وَقَيْتُ، وقال في موضع آخر‏:‏ التَّقوى أَصلها

وَقْوَى من وَقَيْتُ، فلما فُتِحت قُلِبت الواو تاء، ثم تركت التاءُ في تصريف الفعل على حالها في التُّقى والتَّقوى والتَّقِيَّةِ والتَّقِيِّ

والاتِّقاءِ، قال‏:‏ والتُّفاةُ جمع، ويجمع تُقِيّاً، كالأُباةِ وتُجْمع

أُبِيّاً، وتَقِيٌّ كان في الأَصل وَقُويٌ، على فَعُولٍ، فقلبت الواو الأُولى

تاء كما قالوا تَوْلج وأَصله وَوْلَج، قالوا‏:‏ والثانية قلبت ياء للياءِ

الأَخيرة، ثم أُدغمت في الثانية فقيل تَقِيٌّ، وقيل‏:‏ تَقيٌّ كان في الأَصل

وَقِيّاً، كأَنه فَعِيل، ولذلك جمع على أَتْقِياء‏.‏ الجوهري‏:‏ التَّقْوى

والتُّقى واحد، والواو مبدلة من الياءِ على ما ذكر في رَيّا‏.‏ وحكى ابن بري

عن القزاز‏:‏ أَن تُقًى جمع تُقاة مثل طُلاةٍ وطُلًى‏.‏ والتُّقاةُ‏:‏

التَّقِيَّةُ، يقال‏:‏ اتَّقى تَقِيَّةً وتُقاةً مثل اتَّخَمَ تُخَمةً؛ قال ابن بري‏:‏

جعلهم هذه المصادر لاتَّقى دون تَقى يشهد لصحة قول أَبي سعيد المتقدّم

إنه لم يسمع تَقى يَتْقي وإِنما سمع تَقى يَتَقي محذوفاً من اتَّقى‏.‏

والوِقايةُ التي للنساءِ، والوَقايةُ، بالفتح لغة، والوِقاءُ والوَقاءُ‏:‏ ما وَقَيْتَ به شيئاً‏.‏

والأُوقِيَّةُ‏:‏ زِنةُ سَبعة مَثاقِيلَ وزنة أَربعين درهماً، وإن جعلتها

فُعْلِيَّة فهي من غير هذا الباب؛ وقال اللحياني‏:‏ هي الأُوقِيَّةُ وجمعها

أَواقِيُّ، والوَقِيّةُ، وهي قليلة، وجمعها وَقايا‏.‏ وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم‏:‏ أَنه لم يُصْدِق امْرأَةً من نِسائه أَكثر من اثنتي

عشرة أُوقِيَّةً ونَشٍّ؛ فسرها مجاهد فقال‏:‏ الأُوقِيَّة أَربعون درهماً، والنَّشُّ عشرون‏.‏ غيره‏:‏ الوَقيَّة وزن من أَوزان الدُّهْنِ، قال الأَزهري‏:‏

واللغة أُوقِيَّةٌ، وجمعها أَواقيُّ وأَواقٍ‏.‏ وفي حديث آخر مرفوع‏:‏ ليس

فيما دون خمس أَواقٍ من الوَرِق صَدَقَةٌ؛ قال أَبو منصور‏:‏ خمسُ أَواقٍ

مائتا دِرْهم، وهذا يحقق ما قال مجاهد، وقد ورد بغير هذه الرواية‏:‏ لا صَدَقة

في أَقَلَّ مِن خمسِ أَواقِي، والجمع يشدَّد ويخفف مثل أُثْفِيَّةٍ

وأَثافِيَّ وأثافٍ، قال‏:‏ وربما يجيء في الحديث وُقِيّة وليست بالعالية وهمزتها

زائدة، قال‏:‏ وكانت الأُوقِيَّة قديماً عبارة عن أَربعين درهماً، وهي في غير الحديث نصف سدس الرِّطْلِ، وهو جزء من اثني عشر جزءاً، وتختلف

باختلاف اصطلاح البلاد‏.‏ قال الجوهري‏:‏ الأُوقيَّة في الحديث، بضم الهمزة وتشديد

الياء، اسم لأَربعين درهماً، ووزنه أُفْعولةٌ، والأَلف زائدة، وفي بعض

الروايات وُقِية، بغير أَلف، وهي لغة عامية، وكذلك كان فيما مضى، وأَما

اليوم فيما يَتعارَفُها الناس ويُقَدِّر عليه الأَطباء فالأُوقية عندهم عشرة

دراهم وخمسة أَسباع درهم، وهو إِسْتار وثلثا إِسْتار، والجمع الأَواقي، مشدداً، وإِن شئت خففت الياء في الجمع‏.‏ والأَواقِي أَيضاً‏:‏ جمع واقِيةٍ؛ وأَنشد بيت مهَلْهِلٍ‏:‏ لقدْ وَقَتْكَ الأَواقِي، وقد تقدّم في صدر هذه

الترجمة، قال‏:‏ وأَصله ووَاقِي لأَنه فَواعِل، إِلا أَنهم كرهوا اجتماع

الواوين فقلبوا الأُولى أَلفاً‏.‏

وسَرْجٌ واقٍ‏:‏ غير مِعْقَر، وفي التهذيب‏:‏ لم يكن مِعْقَراً، وما

أَوْقاه، وكذلك الرَّحْل، وقال اللحياني‏:‏ سَرْجٌ واقٍ بَيّن الوِقاء، مدود، وسَرجٌ وَقِيٌّ بيِّن الوُقِيِّ‏.‏ ووَقَى من الحَفَى وَقْياً‏:‏ كوَجَى؛ قال امرؤ القيس‏:‏

وصُمٍّ صِلابٍ ما يَقِينَ مِنَ الوَجَى، كأَنَّ مَكانَ الرِّدْفِ منْه علَى رالِ

ويقال‏:‏ فرس واقٍ إِذا كان يَهابُ المشيَ من وَجَع يَجِده في حافِره، وقد

وَقَى يَقِي؛ عن الأَصمعي، وقيل‏:‏ فرس واقٍ إِذا حَفِيَ من غِلَظِ

الأَرضِ ورِقَّةِ الحافِر فَوَقَى حافِرُه الموضع الغليظ؛ قال ابن أَحمر‏:‏ تَمْشِي بأَوْظِفةٍ شِدادٍ أَسْرُها، شُمِّ السّنابِك لا تَقِي بالجُدْجُدِ

أَي لا تشتكي حُزونةَ الأَرض لصَلابة حَوافِرها‏.‏ وفرس واقِيةٌ‏:‏ للتي بها

ظَلْعٌ، والجمع الأَواقِي‏.‏ وسرجٌ واقٍ إِذا لم يكن مِعْقَراً‏.‏ قال ابن بري‏:‏ والواقِيةُ والواقِي بمعنى المصدر؛ قال أَفيون التغْلبي‏:‏

لَعَمْرُك ما يَدْرِي الفَتَى كيْفَ يتَّقِي، إِذا هُو لم يَجْعَلْ له اللهُ واقِيا

ويقال للشجاع‏:‏ مُوَقًّى أَي مَوْقِيٌّ جِدًّا‏.‏ وَقِ على ظَلْعِك أَي

الزَمْه وارْبَعْ عليه، مثل ارْقَ على ظَلْعِك، وقد يقال‏:‏ قِ على ظَلْعِك

أَي أَصْلِحْ أَوَّلاً أَمْرَك، فتقول‏:‏ قد وَقَيْتُ وَقْياً ووُقِيّاً‏.‏

التهذيب‏:‏ أَبو عبيدة في باب الطِّيرَةِ والفَأْلِ‏:‏ الواقِي الصُّرَدُ مثل

القاضِي؛ قال مُرَقِّش‏:‏

ولَقَدْ غَدَوْتُ، وكنتُ لا

أَغْدُو، على واقٍ وحاتِمْ

فَإِذا الأَشائِمُ كالأَيا

مِنِ، والأَيامِنُ كالأَشائِمْ

قال أَبو الهيثم‏:‏ قيل للصُّرَد واقٍ لأَنه لا يَنبَسِط في مشيه، فشُبه بالواقِي من الدَّوابِّ إِذا حَفِيَ‏.‏ والواقِي‏:‏ الصُّرَدُ؛ قال خُثَيْمُ

بن عَدِيّ، وقيل‏:‏ هو للرَّقَّاص

الكلبي يمدح مسعود بن بَجْر، قال ابن بري‏:‏ وهو الصحيح‏:‏

وجَدْتُ أَباكَ الخَيْرَ بَجْراً بِنَجْوةٍ

بنَاها له مَجْدٌ أَشَمٌّ قُماقِمُ

وليس بِهَيَّابٍ، إِذا شَدَّ رَحْلَه، يقول‏:‏ عَدانِي اليَوْمَ واقٍ وحاتِمُ، ولكنه يَمْضِي على ذاكَ مُقْدِماً، إِذا صَدَّ عن تلكَ الهَناتِ الخُثارِمُ

ورأَيت بخط الشيخ رَضِيِّ الدين الشاطبي، رحمه الله، قال‏:‏ وفي جمهرة

النسب لابن الكلبي وعديّ بن غُطَيْفِ بن نُوَيْلٍ الشاعر وابنه خُثَيْمٌ، قال‏:‏ وهو الرَّقَّاص الشاعر القائل لمسعود بن بحر الزُّهريّ‏:‏

وجدتُ أَباك الخير بحراً بنجوة

بناها له مجدٌ أَشم قُماقمُ

قال ابن سيده‏:‏ وعندي أَنَّ واقٍ حكاية صوته، فإِن كان ذلك فاشتقاقه غير

معروف‏.‏ قال الجوهريّ‏:‏ ويقال هو الواقِ، بكسر القاف بلا ياء، لأَنه سمي

بذلك لحكاية صوته‏.‏

وابن وَقاء أَو وِقاء‏:‏ رجل من العرب، والله أَعلم‏.‏