فصل: (تابع: حرف الدال)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: لسان العرب ***


‏[‏تابع‏:‏ حرف الدال‏]‏

شدد‏:‏ الشِّدَّةُ‏:‏ الصَّلابةُ، وهي نَقِيضُ اللِّينِ تكون في الجواهر

والأَعراض، والجمع شِدَدٌ؛ عن سيبويه، قال‏:‏ جاء على الأَصل لأَنه لم يُشْبِهِ الفعل، وقد شَدَّه يَشُدُّه ويَشِدُّه شَدّاً فاشْتَدَّ؛ وكلُّ ما أُحْكِمَ، فقد شُدَّ وشُدِّدَ؛ وشَدَّدَ هو وتشَادّ‏:‏ وشيء شَدِيدٌ‏:‏ بَيِّنُ الشِّدَّةِ‏.‏ وشيء شَديدٌ‏:‏ مُشتَدٌّ قَوِيٌّ‏.‏

وفي الحديث‏:‏ لا تَبيعُوا الحَبَّ حتى يَشْتَدَّ؛ أَراد بالحب الطعام

كالحنطة والشعير، واشتدَادُه قُوَّتُه وصلابَتُه‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ ومن كلام

يعقوب في صفة الماء‏:‏ وأَما ما كان شديداً سَقْيُهُ غليظاً أَمرُهُ؛ إِنما

يرِيدُ به مُشْتَدّاً سَقْيُه أَي صعباً‏.‏

وتقول‏:‏ شَدَّ اللَّهُ مُلْكَه‏:‏ وشَدَّدَه‏:‏ قَوَّاه‏.‏ والتشديد‏:‏ خلاف

التخفيف‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ وشدَدْنا ملكَه أَي قوَّيناه، وكان من تقوية ملكِه

أَنه كان يَحْرسُ محرابه في كل ليلة ثلاثة وثلاثون أَلفاً من الرجال؛ وقيل‏:‏

إِن رجلاً اسْتَعْدَى إِليه على رجل، فادّعى عليه أَنه أَخذ منه بقراً

فأَنكر المدّعَى عليه، فسأَل داودُ، عليه السلام، المدّعيَ البينة فلم يُقِمْها، فرأَى داودُ في منامه أَن الله، عز وجل، يأْمره أَن يقتل المَدّعَى

عليه، فتثبت داود، عليه السلام، وقال‏:‏ هو المنام، فأَتاه الوحي بعد ذلك

أَن يقتله فأَحضره ثم أَعلمه أَن الله يأْمرُه بقتله، فقال المدّعَى

عليه‏:‏ إِن الله ما أَخَذَني بهذا الذنب وإِني قتلت أَبا هذا غِيلَة، فقتله

داود، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وذلك مما عظَّمَ الله به هَيْبَتَه

وشدَّدَ ملْكه‏.‏ وشدَّ على يده‏:‏ قوَّاه وأَعانه؛ قال‏:‏

فإِني، بحَمْدِ اللَّهِ، لا سَمَّ حَيَّةٍ

سَقَتْني، ولا شَدَّتْ على كفِّ ذابح

وشَدَدْتُ الشيءَ أَشُدُّه شَدّاً إِذا أَوثَقْتَه‏.‏ قال الله تعالى‏:‏

فشُدُّوا الوَثاق‏.‏ وقال تعالى‏:‏ اشْدُدْ به أَزري‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ يقال حَلَبْتَ بالساعِدِ الأَشَدِّ أَي استعَنْتَ بمن يقومُ بأَمرك ويُعْنى بحاجتك‏.‏

وقال أَبو عبيد‏:‏ يقال حَلَبْتُها بالساعِدِ الأَشَدِّ أَي حين لم أَقْدِر على الرِّفْق أَخَذْتُه بالقُوَّةِ والشِّدَّةِ؛ ومثلُه قوله مُجاهرَةً

إِذا لم أَجِدْ مُخْتَلى‏.‏ ومن أَمثالهم في الرجل يحرز بعض حاجته

ويَعْجِز عن تمامها‏:‏ بَقِيَ أَشَدُّه‏.‏ قال أَبو طالب‏:‏ يقال إِنه كان فيما يحكى

عن البهائم أَن هرّاً كان قد أَفنى الجُرْذان، فاجتمع بقيتها وقلن‏:‏

تعالَيْن نحتال بحيلة لهذا الهرّ، فأَجمع رأْيُهن على تعليق جُلْجُل في رقبته، فإِذا رآهن سمعن صوت الجلجل فهربن منه، فجئن بجلجل وشددنه في خيط ثم قلن‏:‏

من يعلقه في عنقه‏؟‏ فقال بعضهن‏:‏ بقي أَشَدُّه؛ وقد قيل في ذلك‏:‏

أَلا آمْرُؤٌ يَعْقِدُ خَيْطَ الجُلْجُلِ

ورجل شديدٌ‏:‏ قويٌّ، والجمع أَشِدّاءُ وشِدادٌ وشُددٌ‏:‏ عن سيبويه، قال‏:‏

جاء على الأَصل لأَنه لم يشبه الفعل‏.‏ وقد شَدَّ يشِدّ، بالكسر لا غير، شِدَّةً إِذا كان قويّاً، وشادَّه مُشادَّة وشِداداً‏:‏ غالبه‏.‏ وفي الحديث‏:‏

مَن يُشادّ هذا الدِّينَ يَغْلِبُه؛ أَراد يَغْلِبُه الدينُ، أَي من يُقاويه ويعاوِمُه ويُكَلِّف نفسه من العبادة فوق طاقته‏.‏

والمُشادَدَة‏:‏ المُغالَبَة، وهو مثل الحديث الآخر‏:‏ إِن هذا الدينَ

مَتِينٌ فأَوْغِلْ فيه برفق‏.‏

وأَشَدَّ الرجلُ إِذا كانت دوابُّه شِداداً‏.‏

والمُشادَّة في الشيء‏:‏ التَّشَدُّد فيه‏.‏ ويقال للرجل

إِذا كُلِّفَ عملاً‏:‏ ما أَملك

شَدّاً ولا إِرخاءً أَي لا أَقدر على شيء‏.‏ وشَدَّ عَضُدَه أَي قَوَّاه‏.‏

واشْتَدَّ الشيءُ‏:‏ من الشِّدَّة‏.‏ أَبو زيد‏:‏ أَصابَتْني شُدَّى على

فُعْلَى أَي شِدَّة‏.‏

وأَشَدَّ الرجل إِذا كانت معه دابة شديدة‏.‏ وفي الحديث‏:‏ يَرُدُّ

مُشِدُّهُمْ على مُضْعِفِهِمْ؛ المُشِدُّ‏:‏ الذي دوابه شَديدة قوية، والمُضْعِفُ‏:‏

الذي دوابه ضعيفة‏.‏ يريد أَن القويّ من الغُزاة يُساهِمُ الضعيف فيما

يَكْسِبه من الغنيمة‏.‏

والشَّديدُ من الحروف ثمانية أَحرف وهي‏:‏ الهمزة والقاف والكاف والجيم

والطاء والدال والتاء والباء، قال ابن جني‏:‏ ويجمعها في اللفظ قولك‏:‏

«أَجَدْتَ طَبَقَكَ، وأَجِدُكَ طَبَقْتَ»‏.‏ والحروف التي بين الشديدة والرخوة

ثمانية وهي‏:‏ الأَلف والعين والياء واللام والنون والراء والميم والواو يجمعها في اللفظ قولك‏:‏ «لم يُرَوِّعْنا» وإِن شئت قلت «لم يَرَ عَوْناً» ومعنى

الشديد أَنه الحرف الذي يمنع الصوت أَن يجْرِيَ فيه، أَلا ترى أَنك لو قلت الحق والشرط ثم رمت مدّ صوتك في القاف والطاء لكان ممتنعاً‏؟‏ ومِسْكٌ شَديدُ الرائحة‏:‏ قويها ذَكِيُّها‏.‏ ورجل شديد العين‏:‏ لا يغلبه النوم، وقد يستعار ذلك في الناقة؛ قال الشاعر‏:‏

باتَ يقاسى كلَّ نابٍ ضِرِزَّةٍ *** شَديدةِ حَفْنِ العَينِ، ذاتِ ضَرِيرِ

وقوله تعالى‏:‏ ربنا اطمس على أَموالهم واشدد على قلوبهم؛ أَي اطبع على قلوبهم‏.‏

والشِّدَّة‏:‏ المَجاعة‏.‏ والشَّدائِدُ‏:‏ الهَزاهِزُ‏.‏ والشِّدَّة‏:‏ صعوبة الزمن؛ وقد اشتدَّ عليهم‏.‏ والشِّدَّة والشَّدِيدَةُ من مكاره الدهر، وجمعها شَدائد، فإِذا كان جمع شديدة فهو على القياس، وإِذا كان جمع شدّة فهو نادر‏.‏ وشِدَّة العيْش‏:‏ شَظَفُه‏.‏ ورجل شَدِيد‏:‏ شحيح‏.‏ وفي التنزيل العزيز‏:‏ وإِنه لحبِّ الخيرِ لشديد‏.‏

قال أَبو إِسحق‏:‏ إِنه من أَجل حُبِّ المال لبخيل‏.‏

والمُتَشَدِّدُ‏:‏ البخيل كالشديد؛ قال طرفة‏:‏

أَرى المَوْتَ يَعْتامُ الكِرامَ، ويَصْطَفي عَقِيلَةَ مالِ الفاحِشِ المُتَشَدِّدِ

وقول أَبي ذؤَيب‏:‏

حَدَرْناهُ بالأَثوابِ في قَعْرِ هُوَّةٍ

شديدٍ، على ما ضُمَّ في اللَّحْدِ، جُولُها

أَراد شَحِيحٍ على ذلك‏.‏ وشَدَّدَ الضَّرْبَ وكلَّ شيء‏:‏ بالَغَ فيه‏.‏

والشَّدُّ‏:‏ الحُضْرُ والعَدْوُ، والفعل اشْتَدَّ أَي عدا‏.‏ قال ابن رُمَيْضٍ العنبري، ويقال رُمَيْصٍ، بالصاد المهملة‏:‏

هذا أَوانُ الشَّدِّ فاشْتَدِّي زِيَمْ‏.‏

وزِيَم‏:‏ اسم فرسه؛ وفي حديث الحجاج‏:‏

هذا أَوانُ الحرب فاشْتَدِّي زِيَمْ

هو اسم ناقته أَو فرسه‏.‏ وفي حديث القيامة‏:‏ كحُضْرِ الفَرَس ثم كشَدِّ

الرجل الشَّديدِ العَدْوِ؛ ومنه حديث السَّعْي‏:‏ لا يَقْطَع الوادي إِلاَّ

شَدّاً أَي عَدْواً‏.‏ وفي حديث أُحد‏:‏ حتى رأَيت النساء يَشْتَدِدْنَ في الجبل أَي يَعْدُون؛ قال ابن الأَثير‏:‏ هكذا جاءت اللفظة في كتاب الحميدي، والذي جاء في كتاب البخاري يشْتَدْنَ، بدال واحدة، والذي جاء في غيرهما

يُسْنِدْنَ، بسين مهملة ونون، أَي يُصَعِّدْنَ فيه، فإِن صحت الكلمة على ما

في البخاري، وكثيراً ما يجيءُ أَمثالها في كتب الحديث، وهو قبيح في العربية لأَن الإِدغام إِنما جاز في الحرف المُضَعَّفِ، لما سكن الأَول وتحرك

الثاني، فأَما مع جماعة النساء فإِن التضعيف يظهر لأَن ما قبل نون النساء

لا يكون إِلا ساكناً فيلتقي ساكنان، فيحرك الأَوّل وينفك الإِدغام فتقول

يشتددن، فيمكن تخريجه على لغة بعض العرب من بكر بن وائل، يقولون رَدْتُ

ورَدْتِ وَرَدْنَ، يريدون رَدَدْتُ ورَدَدْتِ ورَدَدْنَ، قال الخليل‏:‏

كأَنهم قدروا الإِدغام قبل دخول التاء والنون، فيكون لفظ الحديث يَشْتَدْنَ‏.‏

وشدّ في العَدْوِ شدّاً واشْتَدَّ‏:‏ أَسْرَعَ وعَدَا‏.‏ وفي المثل‏:‏ رُبَّ

شَدٍّ في الكُرْزِ؛ وذلك أَنّ رجلاً خرج يركض فرساً له فرمت بِسَخْلَتِها

فأَلقاها في كُرْزٍ بين يديه، والكرز الجُوالِقُ، فقال له إِنسان‏:‏ لم تحمله، ما تصنع به‏؟‏ فقال‏:‏ رُبَّ شَدٍّ في الكُرْزِ؛ يقول‏:‏ هو سريع الشدِّ

كأُمه؛ يُضْرَبُ للرجل يُحْتَقَرُ عندك وله خَبَرٌ قد علمته أَنت؛ قال عمرو ذو الكلب‏:‏

فَقُمْتُ لا يَشْتَدُّ شَدِّي ذو قَدَم

جاء بالمصدر على غير الفعل ومثله كثير؛ وقول مالك بن خالد الخُناعي‏:‏

بأَسَرعِ الشَّدِّ مني، يومَ لا نِيَةٌ، لَمَّا عَرَفْتُهم، واهْتَزَّتِ اللِّمَمُ

يريد بأَسَرعَ شدّاً مني، فزاد اللام كَزيادتها في بنات الأَوبر، وقد

يجوز أَن يريد بأَسرعَ في الشد فحذف الجار وأَوصَلَ الفِعْلَ‏.‏ قال سيبويه‏:‏

وقالوا شَدَّ ما أَنَّكَ ذاهب، كقولك‏:‏ حَقّاً أَنك ذاهب، قال‏:‏ وإِن شئت

جعلت شَدَّ بمنزلة نِعْمَ كما تقول‏:‏ نِعْمَ العملُ أَنك تقولُ الحَقَّ‏.‏

والشِّدَّة‏:‏ النَّجْدَة وثَباتُ القلب‏.‏ وكلُّ شَديدٍ شُجاعٌ‏.‏ والشَّدة، بالفتح‏:‏ الحملة الواحدة‏.‏ والشَّدُّ‏.‏ الحَمْل‏.‏ وشَدَّ على القوم في القتال

يَشِدُّ ويَشُدُّ شَدّاً وشُدوداً‏:‏ حَمَلَ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ أَلا تَشِدُّ

فَنَشِدَّ معك‏؟‏ يقال‏:‏ شَدَّ في الحرب يَشِد، بالكسر؛ ومنه الحديث‏:‏ ثم شَدَّ

عليه فكان كأَمْسِ الذاهب أَي حَمَلَ عليه فقتله‏.‏ وشَدَّ فلان على

العدوِّ شَدَّة واحدة، وشدَّ شَدَّاتٍ كثيرة‏.‏

أَبو زيد‏:‏ خِفْتُ شُدَّى فلانٍ أَي شِدَّته؛ وأَنشد‏:‏

فإِني لا أَلِينُ لِقَوْلِ شُدَّى، ولو كانتْ أَشَدَّ من الحَديدِ

ويقال‏:‏ أَصابَتْني شُدَّى بعدك أَي الشِّدَّةُ مُدَّةً‏.‏

وشَدَّ الذئب على الغنم شَدّاً وشُدُوداً‏:‏ كذلك‏.‏ ورُؤِيَ فارس يومَ

الكُلابِ من بني الحرث يَشِدُّ على القوم فيردّهم ويقول‏:‏ أَنا أَبو شَدّادٍ، فإِذا كرُّوا عليه رَدَّهم وقال‏:‏ أَنا أَبو رَدَّاد‏.‏ وفي حديث قيام شهر

رمضان‏:‏ أَحْيا الليلَ وشَدَّ المِئْزر؛ وهو كناية عن اجتناب النساء، أو عن الجِدِّ والاجتهاد في العمل أَو عنهما معاً‏.‏

والأَشُدُّ‏:‏ مَبْلَغُ الرجل الحُنْكَةَ والمَعْرِفَةَ؛ قال الله عز وجل‏:‏

حتى إِذا بلغ أَشُده؛ قال الفراء‏:‏ الأَشُدُّ واحدها شَدٌّ في القياس، قال‏:‏ ولم أَسمع لها بواحد؛ وأَنشد‏:‏

قد سادَ، وهْو فَتىً، حتى إِذا بَلَغَتْ

أَشُدُّه، وعَلا في الأَمْرِ واجْتَمَعا

أَبو الهيثم‏:‏ واحدة الأَنْعُم نعْمَةٌ وواحدة الأَشُدِّ شِدَّة‏.‏ قال‏:‏

والشِّدَّة القُوَّة والجَلادَة‏.‏ والشَّديدُ‏:‏ الرجل القَوِيّ، وكأَنّ الهاء

في النعمة والشِّدَّة لم تكن في الحرف إِذ كانت زائدة، وكأَنّ الأَصلَ

نِعْمَ وشَدَّ فجمعا على أَفْعُل كما قالوا‏:‏ رجُل وأَرجُل، وقَدَح

وأَقْدُح، وضِرْسٌ وأَضْرُس‏.‏ ابن سيده‏:‏ وبلغ الرجل أَشُدَّهُ إِذا اكْتَهَل‏.‏

وقال الزجاج‏:‏ هو من نحو سبع عشرة إِلى الأَربعين‏.‏ وقال مرة‏:‏ هو ما بين

الثلاثين والأَربعين، وهو يذكر ويؤَنث؛ قال أَبو عبيد‏:‏ واحدها شَدٌّ في القياس؛ قال‏:‏ ولم أَسمع لها بواحدة؛ وقال سيبويه‏:‏ واحدتها شِدَّة كنِعْمَة

وأَنْعُم؛ ابن جني‏:‏ جاء على حذف التاء كما كان ذلك في نِعْمَة وأَنْعُم‏.‏ وقال ابن جني‏:‏ قال أَبو عبيد‏:‏ هو جمع أَشَدّ على حذف الزيادة؛ قال‏:‏ وقال أَبو عبيدة‏:‏ ربما استكرهوا على حذف هذه الزيادة في الواحد؛ وأَنشد بيت عنترة‏:‏

عَهْدِي به شَدَّ النَّهارِ، كأَنَّما *** خُضِبَ اللَّبانُ ورأْسُه بالعِظْلم

أَي أَشَدَّ النهار، يعني أَعلاه وأَمْتَعَه‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ وذهب أَبو عثمان فيما رويناه عن أَحمد بن يحيى عنه أَنه جمع لا واحد له‏.‏ وقال السيرافي‏:‏ القياس شَدٌّ وأَشُدّ كما يقال قَدٌّ وأَقُدٌّ، وقال مرة أُخرى‏:‏ هو جمع لا واحد له، وقد يقال بلغ أَشَدَّه، وهي قليلة؛ قال الأَزهري‏:‏ الأَشُدُّ في كتاب الله تعالى في ثلاثة معان يقرب اختلافها، فأَما قوله في قصة يوسف، عليه السلام‏:‏ ولمَّا بَلَغَ أَشُدَّه؛ فمعناه الإِدْراكُ والبلوغ وحينئذ راودته امرأَة العزيز عن نفسه؛ وكذلك قوله تعالى‏:‏ ولا تقْرَبوا مالَ اليتيم إِلاَّ بالتي هي أَحسن حتى يبلغَ أَشُدَّه؛ قال الزجاج‏:‏ معناه احفظوا عليه ماله حتى يبلغَ أَشُدَّه فإِذا بلغ أَشُدَّه فادفعوا إِليه ماله؛ قال‏:‏ وبُلُوغُه أَشُدَّه أَن يُؤْنَسَ منه الرُّشْدُ مع أَن يكون بالغاً؛ قال‏:‏ وقال بعضهم‏:‏ حتى يبلغ أَشده؛ حتى يبلغ ثمانيَ عَشْرَة سنة؛ قال أَبو إِسحق‏:‏ لست أَعرف ما وجه ذلك لأَنه إِن أَدْرَكَ قبل ثماني عَشْرَة سنة وقد أُونِسَ منه الرشد فطلَبَ دفْعَ ماله إِليه وجب له ذلك؛ قال الأَزهري‏:‏ وهذا صحيح وهو قول الشافعي وقول أَكثر أَهل العلم‏.‏ وفي الصحاح‏:‏ حتى يبلغ أَشدّه أَي قوته، وهو ما بين ثماني عَشْرة إِلى ثلاثين، وهو واحد جاء على بناء الجمع مِثْلَ آنْكٍ وهو الأُسْرُبُّ، ولا نظير لهما، ويقال‏:‏

هو جمع لا واحد له من لفظه *** مِثْلُ آسالٍ وأَبابِيلَ وعَبادِيدَ

ومَذاكِيرَ‏.‏ وكان سيبويه يقول‏:‏ واحده شِدَّة وهو حسن في المعنى لأَنه يقال بلغ الغلام شِدَّته، ولكن لا تجمع فِعْلة على أَفْعُل؛ وأَما أَنْعُم فإِنه جمع نُعْم من قولهم يوم بُؤْس ويومُ نُعْم‏.‏ وأَما من قال واحده شَدٌّ مثل كلب وأَكْلُب أَو شِدٌّ مثل ذئب وأَذؤب فإِنما هو قياس، كما يقولون في واحد الأَبابيلِ إِبَّوْل قياساً على عِجَّولٍ، وليس هو شيئاً سُمِعَ من العرب‏.‏ وأَما قوله تعالى في قصة موسى، صلوات الله على نبينا وعليه‏:‏ ولما بلغ أَشدّه واستوى؛ فإِنه قرن بلوغ الأَشُدِّ بالاستواءِ، وهو أَن يجتمع أَمره وقوته ويكتهل ويَنْتَهِيَ شَبابُه‏.‏

وأَما قول الله تعالى في سورة الأَحقاف‏:‏ حتى إِذا بلغ أَشُدَّه وبلغ أَربعين سنة؛ فهو أَقصى نهاية بلوغ الأَشُدِّ وعند تمامها بُعِثَ محمد صلى الله عليه وسلم نبيّاً وقد اجتمعت حُنْكَتُه وتمامُ عَقْلِه، فَبُلوغُ الأَشُدِّ مَحصورُ الأَول مَحْصُورُ النِّهايةِ غير مَحْصُورِ ما بين ذلك‏.‏

وشَدَّ النهارُ أَي ارتفع‏.‏ وشَدُّ النهار‏:‏ ارتفاعُه، وكذلك شَدُّ الضُّحَى‏.‏ يقال‏:‏ جئتك شَدَّ النهارِ وفي شَدِّ النهارِ، وشَدَّ الضُّحَى وفي شَدِّ الضحى‏.‏ ويقال‏:‏ لقِيتُه شَدَّ النهار وهو حين يرتفع، وكذلك امتدَّ‏.‏

وأَتانا مَدَّ النهار أَي قبل الزوال حين مَضَى من النهار خَمْسَةٌ‏.‏ وفي حديث عِتْبانَ بنِ مالك‏:‏ فَغَدا عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعْدَما اشْتَدَّ النهارُ أَي علا وارتفعت شمسه؛ ومنه قول كعب‏:‏

شَدَّ النهارِ ذراعَيْ عَ ْطَلٍ نَصَفٍ *** قامَتْ، فَجاوَبَها نُكْدٌ مَثَاكِيلُ

أَي وقْتَ ارتفاعِه وعُلُوِّه، وشَدَّه أَي أَوثقه، يَشُدُّوه ويَشِدُّه أَيضاً، وهو من النوادر‏.‏ قال الفراء‏:‏ ما كان من المضاعف على فَعَلْتُ غيرَ واقع، فإِنّ يَفْعِلُ منه مكسور العين، مثل عفَّ يعِفُّ وخَفَّ يَخِفُّ وما أَشبهه، وما كان واقعاً مثل مَدَدْتُ فإِنَّ يَفْعُل منه مضموم إِلا ثلاثة أَحرف، شَدَّه يَشُدُّه ويَشِدُّهُ، وعَلَّه يَعُلُّه ويَعِلُّه من العَلَلِ وهو الشُّرْب الثاني، ونَمَّ الحديثَ يَنُمُّه ويَنِمُّه، فإِنْ جاء مثل هذا أَيضاً مما لم نسمعه فهو قليل، وأَصله الضم‏.‏

قال‏:‏ وقد جاء حرف واحد بالكسر من غير أَن يَشْركَه الضم، وهو حَبَّهُ يَحِبُّهُ‏.‏

وقال غيره‏:‏ شَدَّ فلان في حُضْرِه‏.‏ وتَشَدَّدَتِ القَيْنَةُ إِذا جَهَدَتْ نفسَها عند رفع الصوت بالغناء؛ ومنه قول طرفة‏:‏

إِذا نحنُ قُلْنا‏:‏ أَسْمِعِينا، انْبَرَتْ لنا *** على رِسْلِها مَطْرُوقَةً، لم تَشَدَّدِ

وشَدَّاد‏:‏ اسم‏.‏ وبنو شَدَّادٍ وبنو الأَشَدِّ‏:‏ بطنان‏.‏

شرد‏:‏ شَرَدَ البعيرُ والدابة يَشْرُدُ شَرْداً وشِراداً وشُروداً

نَفَرَ، فهو شارِدٌ، والجمع شَرَدٌ‏.‏ وشَرُودٌ في المذكر والمؤَنث، والجمع شُرُودٌ؛ قال‏:‏

ولا أُطيق البَكَراتِ الشَّرَدا

قال ابن سيده‏:‏ هكذا رواه ابن جني شَرَدا على مثال عَجَلٍ وكُتُبٍ

استَعْصَى وذَهَبَ على وجْهه؛ الجوهري‏:‏ الجمع شَرَدٌ على مثال خادِمٍ وخَدَم

وغائِب وغَيَب، وجمع الشَّرُود شُرُدٌ مِثْلُ زَبُورٍ وَزُبُر؛ وأَنشد أَبو عبيدة لعبد مناف بن ربيع الهذلي‏:‏

حتى إِذا أَسْلَكوهُمْ في قُتائِدَةٍ

شَلاًّ، كما تَطْرُد الجمَّالةُ الشُّرُدا

ويروى الشَّرَدا‏.‏ والتَّشْريدُ‏:‏ الطَّرْد‏.‏ وفي الحديث‏:‏ لَتَدْخُلُنَّ

الجنةَ أَجمعون أَكتعون إِلا من شَرَدَ على الله أَي خرج عن طاعته وفارق

الجماعة من شَرَدَ البعيرُ إِذا نفر وذهب في الأَرض‏.‏ وفرس شَرُود‏:‏ وهو المُسْتَعْصي على صاحبه‏.‏ وقافَيَةٌ شَرُودٌ‏:‏ عائِرَةٌ سائِرَةٌ في البلاد

تَشْرُدُ كمن يشرد البعير؛ قال الشاعر‏:‏

شَرُودٌ، إِذا الرَّاؤُونَ حَلُّوا عِقالَها، مُحَجَّلةٌ، فيها كلامٌ مُحَجَّلُ

وشَرَدَ الجمل شُروداً، فهو شارد، فإِذا كان مُشَرَّداً فهو شَريد

طَريد‏.‏ تقول‏:‏ أَشْرَدْتُه وأَطْرَدْتُهُ إِذا جعلته شَريداً طَريداً لا

يُؤْوى‏.‏ وشَرَدَ الرجلُ شُروداً‏:‏ ذهب مَطْرُِوداً‏.‏ وأَشْرَدَه وشَرَّدَه‏:‏

طَردَه‏.‏ وشَرَّدَ به‏:‏ سَمَّع بعيوبه؛ قال‏:‏

أُطَوِّفُ بالأَباطِحِ كُلَّ يَوْم، مَخافةَ أَنْ يُشَرِّدَ بِي حَكِيمُ

معناه أَن يُسَمِّعَ بي‏.‏ وأُطَوِّفُ‏:‏ أَطُوفُ‏.‏ وحَكِيمٌ‏:‏ رجل من بني

سُلَيْم كانت قريش ولته الأَخذ على أَيدي السفهاء‏.‏ ورجل شَريدٌ‏:‏ طَرِيدٌ‏.‏

وقوله عز وجل‏:‏ فَشَرِّدْ بهمْ مَنْ خَلْفَهم؛ أَي فَرِّق وبَدِّدْ جمعهم‏.‏

وقال الفراء‏:‏ يقول إِن أَسرتهم يا محمد فَنَكِّلْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهم

ممن تَخافُ نَقْضَهُ العهد لعلهم يذكرون فلا ينقضون العهد‏.‏ وأَصل التشريد

التَّطْريدُ، وقيل‏:‏ معناه سَمِّعْ بهم من خَلْفَهم، وقيل‏:‏ فَزِّعْ بهم

مَنْ خلفهم‏.‏ وقال أَبو بكر في قولهم‏:‏ فلان طريد شريد‏:‏ أَمَّا الطَّريدُ

فمعناه المَطْرود، والشريد فيه قولان‏:‏ أَحدهما الهارب من قولهم شَرَدَ البعير

وغيرُه إِذا هرب؛ وقال الأَصمعي‏:‏ الشريد المُفْرَدُ؛ وأَنشد اليمامي‏:‏

تَراهُ أَمامَ النَّاجِياتِ كأَنه

شرَيدُ نَعانٍ، شَذَّ عَنه صَواحِبه قال‏:‏ وتَشَرَّدَ القَوْمُ ذَهبوا‏.‏

وفي الحديث‏:‏ أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال لَخوَّات بن جُبَيْر‏:‏

ما فَعَلَ شِرادُك‏؟‏ يُعَرِّضُ بقضيّته مع ذات النِّحْيَيْن في الجاهلية، وأَراد بشِراده أَنه لما فزع تَشَرَّد في الأَرض خوفاً من التَّبَعة؛ قال ابن الأَثير‏:‏ كذا رواه الهرويّ والجوهريّ في الصحاح وذكر القصة؛ وقيل‏:‏

إِن هذا وهمٌ من الهروي والجوهري، ومن فَسَّرَه بذلك قال‏:‏ والحديث له قصة

مَرْويَّةٌ عن خَوَّات أَنه قال‏:‏ نزلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بِمَرِّ الظَّهْرانِ فخرجت من خِبائي فإِذا نسوة يتَحَدّثن فأَعجبنني، فرجعت فأَخرجت حُلَّةً من عَيْبَتي فَلبسْتُها ثم جلست إِليهن، فمرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهِبتُه فقلت‏:‏ يا رسول الله جمل لي شَرُود

وأَنا أَبْتَغِي له قَيْداً فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتَبِعْتُه

فأَلقى إِليَّ رداءه ثم دخل الأَراكَ فقضى حاجته وتوضأَ، ثم جاء فقال‏:‏

يا أَبا عبد الله ما فعل شَروُدُك‏؟‏ ثم ارتحلنا فجعل لا يلحقني إِلا قال‏:‏

السلام عليكم، يا أَبا عبد الله، ما فعل شِرادُ جَملك‏؟‏ قال‏:‏ فتعجلت إِلى

المدينة واجتنبت المسجدَ ومُجالَسة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما

طال ذلك عليّ تَحَيّنْتُ ساعةَ خَلْوَةِ المسجد ثم أَتيت المسجد فجعلت

أُصلي، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض حُجَرِه فجاء فصلى

ركعتين خفيفتين وطوّلت الصلاة رجاءَ أَن يذهبَ ويدَعَني، فقال‏:‏ طوِّلْ يا أَبا

عبد الله ما شئت فلستُ بقائم حتى تنصرف، فقلت‏:‏ والله لأَعتذرن إِليه، فانصرفت، فقال‏:‏ السلام عليكم أَبا عبد الله ما فعل شِرادُ الجمل‏؟‏ فقلت‏:‏

والذي بعثك بالحق ما شَرَدَ ذلك الجمل مُنْذُ أَسلمت، فقال‏:‏ رحمك الله مرتين أَو ثلاثاً ثم أَمسك عني فلم يعد‏.‏

والشَّريدُ‏:‏ البقية من الشيء‏.‏ ويقال‏:‏ في إِداواهُمْ شَريدٌ من ماء أَي

بقية‏.‏ وأَبْقَتِ السَّنَةُ عليهم شَرائِدَ من أَموالهم أَي بقايا، فإِما

أَن يكون شَرائِدُ جمع شَريد على غير قياس كَفيلٍ

وأَفائِلَ، وإِما أَن يكون شَريدَةٌ لغة في شَريد‏.‏ وينو الشَّريدِ‏:‏ حَيٌّ، منهم صخر أَخو الخنساء؛ وفيهم يقول‏:‏

أَبَعْدَ ابنِ عَمْرٍو من آلِ الشَّر يـ *** ـدِ، حَلَّتْ به الأَرضُ أَثْقالَها

وبنو الشَّريدِ‏:‏ بَطْنٌ مِنْ سُلَيْم‏.‏

شعبد‏:‏ المُشَعْبِدُ‏:‏ الهازِيءُ كالمُشَعْوِذ‏.‏

شقد‏:‏ الليث‏:‏ الشِّقْدَةُ حَشِيشَةٌ كثيرة اللبن والإِهالة كالقِشْدَةِ، إِما مقلوبة وإِما لغة‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ لم أَسمع الشقدة لغير الليث، قال‏:‏

وكأَنه في الأَصل القِشْدَة والقِلْدَة‏.‏

شكد‏:‏ الشُّكْدُ، بالضم‏:‏ العَطاءُ، وبالفتح‏:‏ المصدر، شَكَدَه يَشْكُدُه

شَكْداً‏:‏ أَعطاه أَو منحه، وأَشْكَدَ لغة؛ قال ابن سيده‏:‏ وليست بالعالية؛ قال ثعلب‏:‏ العرب تقول منا من يَشْكُدُ ويَشْكُمُ، والاسم الشُّكْد وجمعه

أَشْكادٌ‏.‏

والشُّكْدُ‏:‏ ما يُزَوَّدُه الإِنسان من لبن أَو أَقط أَو سمن أَو تمر

فيخرج به من منازلهم‏.‏ وجاء يَسْتَشْكِدُ أَي يطلب الشُّكْدَ‏.‏ وأَشْكَدَ

الرجلَ‏:‏ أَطْعمه أَو سقاه من اللبن بعد أَن يكون موضوعاً‏.‏ والشُّكْدُ‏:‏ ما

كان موضوعاً في البيت من الطعام والشراب‏.‏ والشُّكْدُ‏:‏ ما يعطى من التمر عند

صرامه، ومن البر عند حَصادِه، والفِعْلُ كالفِعْل‏.‏ والشُّكْدُ‏:‏ الجزاء‏.‏

والشُّكْدُ‏:‏ كالشُّكْرِ، يمانية‏.‏ يقال‏:‏ إِنه لشاكر شاكد‏.‏ قال‏:‏ والشُّكْد

بلغتهم أَيضاً ما أَعْطَيْتَ من الكُدْس عند الكيل، ومن الحُزُم عند

الحَصْدِ‏.‏ يقال‏:‏ جاء يَسْتَشْكِدُني فأَشْكَدْتُه‏.‏ ابن الأَعرابي‏:‏ أَشْكَدَ

الرجلُ إِذا اقْتَنَى رديءَ المالِ؛ وكذلك أَسْوَكَ وأَكْوَسَ وأَقْمَزَ

وأَغْمَزَ‏.‏

شمعد‏:‏ الأَزهري‏:‏ اسْمَعَدَّ الرجلُ واشْمَعَدَّ إِذا امتلأَ غضباً، وكذلك اسْمَعَطَّ واشْمَعَطَّ، ويقال ذلك في ذكر الرجل إِذا اتْمَهَلَّ‏.‏

شمهد‏:‏ الشَّمْهَدُ من الكلام‏:‏ الخَفيفُ؛ وقيل‏:‏ الحَديدُ؛ قال الطرماح

يصف الكلاب‏:‏

شَمْعَدٌ أَطْرافُ أَنْيابِها، كمَنَاشيلِ طُهاةِ اللِّحام

أَبو سعيد‏:‏ كلبة شَمْهَدٌ أَي خَفِيفةٌ حَديدَةُ أطْراف الأَنْيابِ‏.‏

والشَّمْهَدَةُ‏:‏ التَّحْديدُ‏.‏ يقال شَمْهَدَ حديدته إِذا رَقَّقَها

وحَدَّدَها‏.‏

شهد‏:‏ من أَسماء الله عز وجل‏:‏ الشهيد‏.‏ قال أَبو إِسحق‏:‏ الشهيد من أَسماء الله الأَمين في شهادته‏.‏ قال‏:‏ وقيل الشهيدُ الذي لا يَغيب عن عِلْمه شيء‏.‏

والشهيد‏:‏ الحاضر‏.‏ وفَعِيلٌ من أَبنية المبالغة في فاعل فإِذا اعتبر

العِلم مطلقاً، فهو العليم، وإِذا أُضيف في الأُمور الباطنة، فهو الخبير، وإِذا أُضيف إِلى الأُمور الظاهرة، فهو الشهيد، وقد يعتبر مع هذا أن يَشْهَدَ على الخلق يوم القيامة‏.‏ ابن سيده‏:‏ الشاهد العالم الذي يُبَيِّنُ ما

عَلِمَهُ، شَهِدَ شهادة؛ ومنه قوله تعالى‏:‏ شهادَةُ بينِكم إِذا حضر أَحدَكم

الموتُ حين الوصية اثنان؛ أَي الشهادةُ بينكم شهادَةُ اثنين فحذف المضاف

وأَقام المضاف إِليه مقامه‏.‏ وقال الفراء‏:‏ إِن شئت رفعت اثنين بحين

الوصية أَي ليشهد منكم اثنان ذوا عدل أَو آخران من غير دينكم من اليهود

والنصارى، هذا للسفر والضرورة إِذ لا تجوز شهادة كافر على مسلم إِلا في هذا‏.‏

ورجل شاهِدٌ، وكذلك الأُنثى لأَنَّ أَعْرَفَ ذلك إِنما هو في المذكر، والجمع أَشْهاد وشُهود، وشَهيدٌ والجمع شُهَداء‏.‏ والشَّهْدُ‏:‏ اسم للجمع عند

سيبويه، وقال الأَخفش‏:‏ هو جمع‏.‏ وأَشْهَدْتُهُم عليه‏.‏ واسْتَشْهَدَه‏:‏ سأَله

الشهادة‏.‏ وفي التنزيل‏:‏ واستشهدوا شَهِيدين‏.‏

والشَّهادَة خَبرٌ قاطعٌ تقولُ منه‏:‏ شَهِدَ الرجلُ على كذا، وربما قالوا

شَهْدَ الرجلُ، بسكون الهاء للتخفيف؛ عن الأخفش‏.‏ وقولهم‏:‏ اشْهَدْ بكذا

أَي احْلِف‏.‏ والتَّشَهُّد في الصلاة‏:‏ معروف؛ ابن سيده‏:‏ والتَّشَهُّد

قراءَة التحياتُ للهِ واشتقاقه من «أَشهد أَن لا إِله إِلا الله وأَشهد أن محمداً عبده ورسوله» وهو تَفَعُّلٌ من الشهادة‏.‏ وفي حديث ابن مسعود‏:‏ كان

يُعَلِّمُنا التَّشَهُّدَ كما يعلمنا السورة من القرآن؛ يريد تشهد الصلاة

التحياتُ‏.‏ وقال أَبو بكر بن الأَنباري في قول المؤذن أَشهد أَن لا إِله

إِلا الله‏:‏ أَعْلَمُ أَن لا إِله إِلا الله وأُبَيِّنُ أَن لا إِله إِلا الله‏.‏ قال‏:‏ وقوله أَشهد أَن محمداً رسول الله أَعلم وأُبيِّن أَنَّ محمداً

رسول الله‏.‏ وقوله عز وجل‏:‏ شهد الله أَنه لا إِله إِلا هو؛ قال أَبو عبيدة‏:‏ معنى شَهِدَ الله قضى الله أَنه لا إِله إِلا هو، وحقيقته عَلِمَ الله وبَيَّنَ اللهُ لأَن الشاهد هو العالم الذي يبين ما علمه، فالله قد دل

على توحيده بجميع ما خَلَق، فبيَّن أَنه لا يقدر أَحد أَن يُنْشِئَ شيئاً

واحداً مما أَنشأَ، وشَهِدَتِ الملائكةُ لِما عاينت من عظيم قدرته، وشَهِدَ أُولو العلم بما ثبت عندهم وتَبَيَّنَ من خلقه الذي لا يقدر عليه

غيره‏.‏ وقال أَبو العباس‏:‏ شهد الله، بيَّن الله وأَظهر‏.‏ وشَهِدَ الشاهِدُ عند

الحاكم أَي بين ما يعلمه وأَظهره، يدل على ذلك قوله‏:‏ شاهدين على أَنفسهم

بالكفر؛ وذلك أَنهم يؤمنون بأَنبياءٍ شعَروا بمحمد وحَثُّوا على اتباعه، ثم خالَفوهم فَكَذَّبُوه، فبينوا بذلك الكفر على أَنفسهم وإِن لم يقولوا

نحن كفار؛ وقيل‏:‏ معنى قوله شاهدين على أَنفسهم بالكفر معناه‏:‏ أَن كل

فِرْقة تُنسب إِلى دين اليهود والنصارى والمجوس سوى مشركي العرب فإِنهم

كانوا لا يمتنعون من هذا الاسم، فَقَبُولهم إِياه شَهادَتهم على أَنفسهم

بالشرك، وكانوا يقولون في تلبيتهم‏:‏ لبَّيْكَ لا شَريكَ لك إِلاَّ شريكٌ هو لكَ تَمْلِكُه وما ملك‏.‏ وسأَل المنذريّ أَحمدَ بن يحيى عن قول الله عز وجل‏:‏

شهد الله أَنه لا إِله إِلا هو، فقال‏:‏ كُلُّ ما كان شهد الله فإِنه

بمعنى علم الله‏.‏ قال وقال ابن الأَعرابي‏:‏ معناه قال الله، ويكون معناه علم الله، ويكون معناه كتب الله؛ وقال ابن الأَنباري‏:‏ معناه بيَّن الله أَن لا

إِله إِلا هو‏.‏

وشَهِدَ فلان على فلان بحق، فهو شاهد وشهيد‏.‏ واسْتُشِهْدَ فلان، فهو شَهِيدٌ‏.‏ والمُشاهَدَةُ‏:‏ المعاينة‏.‏ وشَهِدَه شُهوداً أَي حَضَره، فهو شاهدٌ‏.‏

وقَوْم شُهُود أَي حُضور، وهو في الأَصل مصدر، وشُهَّدٌ أَيضاً مثل

راكِع ورُكّع‏.‏ وشَهِدَ له بكذا شَهادةً أَي أَدّى ما عنده من الشَّهادة، فهو شاهِد، والجمع شَهْدٌ مثل صاحِب وصَحْب وسافر وسَفْرٍ، وبعضهم يُنْكره، وجمع الشَّهْدِ شُهود وأَشْهاد‏.‏ والشَّهِيدُ‏:‏ الشَّاهِدُ، والجمع الشُّهَداء‏.‏ وأَشْهَدْتُه على كذا فَشَهِدَ عليه أَي صار شاهداً عليه‏.‏

وأَشْهَدْتُ الرجل على إِقرار الغريم واسْتَشْهَدتُه بمعنًى؛ ومنه قوله تعالى‏:‏

واسْتَشْهِدُوا شَهيدَيْن من رجالكم؛ أَي أَشْهِدُوا شاهِدَيْن‏.‏ يقال للشاهد‏:‏

شَهيد ويُجمع شُهَداءَ‏.‏ وأَشْهَدَني إِمْلاكَه‏:‏ أَحْضَرني‏.‏

واسْتَشْهَدْتُ فلاناً على فلان إِذا سأَلته اقامة شهادة احتملها‏.‏ وفي الحديث‏:‏ خَيْرُ

الشُّهَداءِ الذي يأْتي بِشهَادَتِه قبل إنْ يُسْأَلَها؛ قال ابن الأَثير‏:‏ هو الذي لا يعلم صاحبُ الحق أَنَّ له معه شَهادةً؛ وقيل‏:‏ هي في الأَمانة والوَديعَة وما لا يَعْلَمُه غيره؛ وقيل‏:‏ هو مثَلٌ في سُرْعَةِ إِجابة

الشاهد إِذا اسْتُشْهِدَ أَن لا يُؤَخِّرَها ويَمْنَعَها؛ وأَصل

الشهادة‏:‏ الإِخْبار بما شاهَدَه‏.‏ ومنه‏:‏ يأْتي قوم يَشْهَدون ولا يُسْتَشْهَدون، هذا عامّ في الذي يُؤدّي الشهادَةَ قبل أَن يَطْلُبها صاحبُ الحق منه

ولا تُقبل شهادَتُه ولا يُعْمَلُ بها، والذي قبله خاص؛ وقيل‏:‏ معناه هم

الذين يَشْهَدون بالباطل الذي لم يَحْمِلُوا الشهادَةَ عليه ولا كانت عندهم‏.‏

وفي الحديث‏:‏ اللّعَّانون لا يكونون شهداء أَي لا تُسْمَعُ شهادتهم؛ وقيل‏:‏

لا يكونون شهداء يوم القيامة على الأُمم الخالية‏.‏ وفي حديث اللقطة‏:‏

فَلْيُشْهِدْ ذا عَدْل؛ الأَمْرُ بالشهادة أَمْرُ تأْديب وإِرْشادٍ لما

يُخافُ من تسويلِ النفس وانْبِعاثِ الرَّغْبة فيها، فيدعوه إِلى الخِيانة بعد

الأَمانة، وربما نزله به حادِثُ الموت فادّعاها ورثَتُه وجعلوها قي جمل

تَرِكَتِه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ شاهداك أَو يَمِينُه؛ ارتفع شاهداك بفعل مضمر

معناه ما قال شاهِداكَ؛ وحكى اللّحياني‏:‏ إِنَّ الشَّهادةَ ليَشْهَدونَ بكذا

أَي أَهلَ الشَّهادَة، كما يقال‏:‏ إِن المجلس لَيَشْهَدُ بكذا أَي أَهلَ

المجلس‏.‏ ابن بُزرُج‏:‏ شَهِدْتُ على شَهادَة سَوْءٍ؛ يريد شُهَداءَ سوء‏.‏

وكُلاَّ تكون الشَّهادَة كَلاماً يُؤَذَّى وقوماً يَشْهَدُون‏.‏ والشاهِدُ

والشَّهيد‏:‏ الحاضر، والجمع شُهَداء وشُهَّدٌ وأَشْهادٌ وشُهودٌ؛ وأَنشد

ثعلب‏:‏كأَني، وإِن كانَتْ شُهوداً عَشِيرَتي، إِذا غِبْتَ عَنّى يا عُثَيْمُ، غَريبُ

أَي إِذا غِبْتَ عني فإِني لا أُكلِّم عشيرتي ولا آنَسُ بهم حجتى كأَني

غريب‏.‏ الليث‏:‏ لغة تميمِ شهيد، بكسر الشين، يكسرون فِعِيلاً في كل شيء كان

ثانيه أَحد حروف الحلق، وكذلك سُفْلى مُصغر يقولون فِعِيلاً، قال‏:‏ ولغة

شَنْعاءُ يكسرون كل فِعِيل، والنصب اللغة العالية‏.‏

وشَهدَ الأَمَر والمِصْرَ شَهادَةً، فهو شاهدٌ، من قوْم شُهَّد، حكاه

سيبويه‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ وذلك يومٌ مَشْهودٌ، أَي محضور يَحضُره أَهل السماءِ

والأَرض‏.‏ ومثله‏:‏ إِنَّ قرآن الفجر كان مشهوداً؛ يعني صلاة الفجر

يَحْضُرها ملائكة الليل وملائكة النهار‏.‏ وقوله تعالى‏:‏ أَو أَلقى السمع وهو شهيد؛ أَي أَحْضَرَ سمعه وقلبُهُ شاهدٌ لذلك غَيْرُ غائب عنه‏.‏ وفي حديث عليّ، عليه السلام‏:‏ وشَهِيدُكَ على أُمَّتِك يوم القيامة أَي شاهِدُك‏.‏ وفي الحديث‏:‏ سيدُ الأَيام يوم الجمعة هو شاهد أَي يَشْهَدُ لمن حضر صلاتَه‏.‏ وقوله‏:‏

فشهادَةُ أَحدِهم أَربع شهادات بالله؛ الشهادة معناها اليمين ههنا‏.‏

وقوله عز وجلّ‏:‏ إِنا أَرسلناك شاهداً؛ أَي على أُمتك بالإِبْلاغ والرسالة، وقيل‏:‏ مُبَيِّناً‏.‏ وقوله‏:‏ ونزعنا من كل أُمة شهيداً؛ أَي اخْتَرْنا منها

نبيّاً، وكلُّ نبي شَهِيدُ أُمَّتِه‏.‏ وقوله، عز وجل‏:‏ تبغونها عِوَجاً

وأَنْتم شُهَداء؛ أي أَنتم تشهدون وتعلمون أَن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم حق لأَن الله، عز وجل، قد بينه في كتابكم‏.‏ وقوله عز وجل‏:‏ يوم يقوم

الأَشْهادُ؛ يعني الملائكة، والأَشهادُ‏:‏ جمع شاهد مثل ناصر وأَنصار وصاحب

وأَصحاب، وقيل‏:‏ إِن الأَشْهاد هم الأَنبياءُ والمؤمنون يَشْهدُون على

المكذبين بمحمد صلى الله عليه وسلم قال مجاهد ويَتْلُوه شاهد منه أَي حافظٌ

مَلَكٌ‏.‏ وروى شمِر في حديث أَبي أَيوب الأَنصاري‏:‏ أَنه ذكَرَ صلاة العصر

ثم قال‏:‏ قلنا لأَبي أَيوب‏:‏ ما الشَّاهِدُ‏؟‏ قال‏:‏ النَّجمُ كأَنه يَشْهَدُ

في الليل أَي يحْضُرُ ويَظْهَر‏.‏ وصلاةُ الشاهِدِ‏:‏ صلاةُ المغرب، وهو اسمها؛ قال شمر‏:‏ هو راجع إِلى ما فسره أَبو أَيوب أَنه النجم؛ قال غيره‏:‏ وتسمى

هذه الصلاةُ صلاةَ البَصَرِ لأَنه تُبْصَرُ في وقته نجوم السماء

فالبَصَرُ يُدْرِكُ رؤْيةَ النجم؛ ولذلك قيل له

صلاةُ البصر، وقيل في صلاةِ الشاهد‏:‏ إِنها صلاةُ الفجر لأَنَّ المسافر يصليها كالشاهد

لا يَقْصُرُ منها؛ قال‏:‏

فَصَبَّحَتْ قبلَ أَذانِ الأَوَّلِ

تَيْماء، والصُّبْحُ كَسَيْفِ الصَّيْقَل، قَبْلَ صلاةِ الشاهِدِ المُسْتَعْجل

وروي عن أَبي سعيد الضرير أَنه قال‏:‏ صلاة المغرب تسمى شاهداً لاستواءِ

المقيم والمسافر فيها وأَنها لا تُقْصَر؛ قال أَبو منصور‏:‏ والقَوْلُ

الأَوَّل، لأَن صلاة الفجر لا تُقْصَر أَيضاً ويستوي فيها الحاضر والمسافر ولم تُسَمَّ شاهداً‏.‏ وقوله عز وجل‏:‏ فمن شَهِدَ منكم الشهر قليصمه؛ معناه من شَهْدِ منكم المِصْرَ في الشهر لا يكون إِلا ذلك لأَن الشهر يَشْهَدُهُ

كلُّ حَيٍّ فيه؛ قال الفراء‏:‏ نَصَبَ الشهر بنزع الصفة ولم ينصبه بوقوع

الفعل عليه؛ المعنى‏:‏ فمن شَهِدَ منكم في الشهر أَي كان حاضراً غير غائب في سفره‏.‏ وشاهَدَ الأَمرَ والمِصر‏:‏ كَشهِدَه‏.‏

وامرأَة مُشْهِدٌ‏:‏ حاضرة البعل، بغير هاءٍ‏.‏ وامرأَة مُغِيبَة‏:‏ غاب عنها

زوجها‏.‏ وهذه بالهاءِ، هكذا حفظ عن العرب لا على مذهب القياس‏.‏ وفي حديث

عائشة‏:‏ قالت لامرأَة عثمان بن مَظْعُون وقد تَرَكَت الخضاب والطِّيبَ‏:‏

أَمُشْهِدٌ أَم مُغِيبٌ‏؟‏ قالت‏:‏ مُشْهِدٌ كَمُغِيبٍ؛ يقال‏:‏ امرأَة مُشْهِدٌ

إِذا كان زوجها حاضراً عندها، ومُغِيبٌ إِذا كان زوجها غائباً عنها‏.‏ ويقال فيه‏:‏ مُغِيبَة ولا يقال مُشْهِدَةٌ؛ أَرادت أَن زوجها حاضر لكنه لا

يَقْرَبُها فهو كالغائب عنها‏.‏

والشهادة والمَشْهَدُ‏:‏ المَجْمَعُ من الناس‏.‏ والمَشْهَد‏:‏ مَحْضَرُ

الناس‏.‏ ومَشاهِدُ مكة‏:‏ المَواطِنُ التي يجتمعون بها، من هذا‏.‏ وقوله تعالى‏:‏

وشاهدٍ ومشهودٍ؛ الشاهِدُ‏:‏ النبي صلى الله عليه وسلم والمَشْهودُ‏:‏ يومُ

القيامة‏.‏ وقال الفراءُ‏:‏ الشاهِدُ يومُ الجمعة، والمشهود يوم عرفةَ لأن الناس يَشْهَدونه ويَحْضُرونه ويجتمعون فيه‏.‏ قال‏:‏ ويقال أَيضاً‏:‏ الشاهد يومُ

القيامة فكأَنه قال‏:‏ واليَوْمِ الموعودِ والشاهد، فجعل الشاهد من صلة

الموعود يتبعه في خفضه‏.‏ وفي حديث الصلاة‏:‏ فإِنها مَشْهودة مكتوبة أَي

تَشْهَدُها الملائكة وتَكتُبُ أَجرها للمصلي‏.‏ وفي حديث صلاة الفجر‏:‏ فإِنها

مَشْهودة مَحْضورة يَحْضُرها ملائكة الليل والنهار، هذه صاعِدةٌ وهذه

نازِلَةٌ‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ والشاهِدُ من الشهادة عند السلطان؛ لم يفسره كراع

بأَكثر من هذا‏.‏

والشَّهِيدُ‏:‏ المقْتول في سبيل الله، والجمع شُهَداء‏.‏ وفي الحديث‏:‏

أَرواحُ الشهَداءِ قي حَواصِل طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلُقُ من وَرَق

الجنة، والإسم الشهادة‏.‏ واسْتُشْهِدَ‏:‏ قُتِلَ شهِيداً‏.‏

وتَشَهَّدَ‏:‏ طلب الشهادة‏.‏ والشَّهِيدُ‏:‏ الحيُّ؛ عن النصر بن شميل في تفسير الشهيد

الذي يُسْتَشْهَدُ‏:‏ الحيّ أَي هو عند ربه حيّ‏.‏ ذكره أَبو داود

أَنه سأَل النضر عن الشهيد فلان شَهِيد يُقال‏:‏ فلان حيّ أَي هو عند

ربه حيّ؛ قال أَبو منصور‏:‏ أُراه تأَول قول الله عز وجل‏:‏ ولا تحسبن الذين

قُتِلوا في سبيل الله أَمواتاً بل أَحياءٌ عند ربهم؛ كأَنَّ أَرواحهم

أُحْضِرَتْ دارَ السلام أَحياءً، وأَرواح غَيْرِهِم أُخِّرَتْ إِلى البعث؛ قال‏:‏ وهذا قول حسن‏.‏ وقال ابن الأَنباري‏:‏ سمي الشهيد شهيداً لأَن الله وملائكته شُهودٌ له بالجنة؛ وقيل‏:‏ سُمُّوا شهداء لأَنهم ممن يُسْتَشْهَدُ

يوم القيامة مع النبي صلى الله عليه وسلم على الأُمم الخالية‏.‏ قال الله عز وجل‏:‏ لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً؛ وقال أَبو إِسحق الزجاج‏:‏ جاءَ في التفسير أَن أُمم الأَنبياء تكَذِّبُ في الآخرة من أُرْسِلَ إِليهم فيجحدون أَنبياءَهم، هذا فيمن جَحَدَ في الدنيا منهم

أَمْرَ الرسل، فتشهَدُ أُمة محمد صلى الله عليه وسلم بصدق الأَنبياء وتشهد

عليهم بتكذيبهم، ويَشْهَدُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لهذه بصدقهم‏.‏

قال أَبو منصور‏:‏ والشهادة تكون للأَفضل فالأَفضل من الأُمة، فأَفضلهم من قُتِلَ في سبيل الله، مُيِّزوا عن الخَلْقِ بالفَضْلِ وبيَّن الله أَنهم

أَحياءٌ عند ربهم يُرْزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله؛ ثم يتلوهم في الفضل من عدّه النبي صلى الله عليه وسلم شهيداً فإِنه قال‏:‏ المَبْطُونُ

شَهيد، والمَطْعُون شَهِيد‏.‏ قال‏:‏ ومنهم أَن تَمُوتَ المرأَةُ بِجُمَع‏.‏ ودل

خبر عمر بن الخطاب، رضي الله عنه‏:‏ أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ مُنْكَراً وأَقام

حَقّاً ولم يَخَفْ في الله لَومَة لائم أَنه في جملة الشهداء، لقوله، رضي الله عنه‏:‏ ما لكم إِذا رأَيتم الرجل يَخْرِقُ أَعْراضَ الناس أَن لا

تَعْزِمُوا عليه‏؟‏ قالوا‏:‏ نَخافُ لسانه، فقال‏:‏ ذلك أَحْرَى أَن لا تكونوا

شهداء‏.‏ قال الأَزهري‏:‏ معناه، والله أَعلم، أَنَّكم إِذا لم تَعْزِموا

وتُقَبِّحوا على من يَقْرِضُ أَعْراضَ المسلمين مخافة لسانه، لم تكونوا في جملة الشهداء الذين يُسْتَشهَدُون يوم القيامة على الأُمم التي كذبت

أَنبياءَها في الدنيا‏.‏

الكسائي‏:‏ أُشْهِدَ الرجلُ إِذا استُشهد في سبيل الله، فهو مُشْهَدٌ، بفتح الهاءِ؛ وأَنشد‏:‏

أَنا أَقولُ سَأَموتُ مُشْهَداً

وفي الحديث‏:‏ المبْطُونُ شَهِيدٌ والغَريقُ شَهيدٌ؛ قال‏:‏ الشهيدُ في الأَصل من قُتِلَ مجاهداً في سبيل الله، ثم اتُّسِعَ فيه فأُطلق على من سماه

النبي صلى الله عليه وسلم من المَبْطُون والغَرِق والحَرِق وصاحب

الهَدْمِ وذات الجَنْب وغيرِهم، وسُمِّيَ شَهيداً لأَن ملائكته شُهُودٌ له

بالجنة؛ وقيل‏:‏ لأَن ملائكة الرحمة تَشْهَدُه، وقيل‏:‏ لقيامه بشهادَة الحق في أَمْرِ الله حتى قُتِلَ، وقيل‏:‏ لأَنه يَشْهَدُ ما أَعدّ الله له من الكرامة بالقتل، وقيل غير ذلك، فهو فَعيل بمعنى فاعل وبمعنى مفعول على اختلاف

التأْويل‏.‏

والشَّهْدُ والشُّهْد‏:‏ العَسَل ما دام لم يُعْصَرْ من شمَعِه، واحدته

شَهْدَة وشُهْدَة ويُكَسَّر على الشِّهادِ؛ قال أُمية‏:‏

إِلى رُدُحٍ، من الشِّيزى، مِلاءٍ

لُبابَ البُرِّ، يُلْبَكُ بالشِّهادِ

أَي من لباب البر يعني الفالوذَق‏.‏ وقيل‏:‏ الشَّهْدُ والشُّهْدُ

والشَّهْدَة العَسَلُ ما كان‏.‏

وأَشْهَدَ الرجُل‏:‏ بَلَغَ؛ عن ثعلب‏.‏ وأَشْهَدَ‏:‏ اشْقَرَّ واخْضَرَّ

مِئْزَرُه‏.‏ وأَشْهَدَ‏:‏ أَمْذَى، والمَذْيُ‏:‏ عُسَيْلَةٌ‏.‏ أَبو عمرو‏:‏ أَشْهَدَ

الغلام إِذا أَمْذَى وأَدرَك‏.‏ وأَشْهَدت الجاريةُ إِذا حاضت وأَدْركتْ؛ وأَنشد‏:‏

قامَتْ تُناجِي عامِراً فأَشْهَدا، فَداسَها لَيْلَتَه حتى اغْتَدَى

والشَّاهِدُ‏:‏ الذي يَخْرُجُ مع الولد كأَنه مُخاط؛ قال ابن سيده‏:‏

والشُّهودُ ما يخرجُ على رأْس الولد، واحِدُها شاهد؛ قال حميد بن ثور

الهلالي‏:‏فجاءَتْ بِمثْلِ السَّابِرِيِّ، تَعَجَّبوا

له، والصَّرى ما جَفَّ عنه شُهودُها

ونسبه أَبو عبيد إِلى الهُذَلي وهو تصحيف‏.‏ وقيل‏:‏ الشُّهودُ الأَغراس

التي تكون على رأْس الحُوار‏.‏ وشُهودُ الناقة‏:‏ آثار موضع مَنْتَجِها من سَلًى

أَو دَمٍ‏.‏

والشَّاهِدُ‏:‏ اللسان من قولهم‏:‏ لفلان شاهد حسن أَي عبارة جميلة‏.‏

والشاهد‏:‏ المَلَك؛ قال الأَعشى‏:‏

فلا تَحْسَبَنِّي كافِراً لك نَعْمَةً

على شاهِدي، يا شاهِدَ اللهِ فاشْهَدِ

وقال أَبو بكر في قولهم ما لفلان رُواءٌ ولا شاهِدٌ‏:‏ معناه ما له

مَنْظَرٌ ولا لسان، والرُّواءُ المَنظَر، وكذلك الرِّئْيِ‏.‏ قال الله تعالى‏:‏

أَحسنُ أَثاثاً ورِئْياً؛ وأَنشد ابن الأَعرابي‏:‏

لله دَرُّ أَبيكَ رَبّ عَمَيْدَرٍ، حَسَن الرُّواءِ، وقلْبُه مَدْكُوكُ

قال ابن الأَعرابي‏:‏ أَنشدني أَعرابي في صفة فرس‏:‏

له غائِبٌ لم يَبْتَذِلْه وشاهِدُ

قال‏:‏ الشاهِدُ مِن جَرْيِهِ ما يشهد له على سَبْقِه وجَوْدَتِهِ، وقال غيره‏:‏ شاهِدُه بذله جَرْيَه وغائبه مصونُ جَرْيه‏.‏

شود‏:‏ أَشاد بالضالَّة‏:‏ عَرَّفَ‏.‏ وأَشَدْتُ بها‏:‏ عَرَّفْتُها‏.‏ وأَشَدْتُ

بالشيءِ‏:‏ عَرَّفْتُه‏.‏ وأَشادَ ذِكْرَه وبذِكْرِه‏:‏ أَشاعَه‏.‏ والإِشادَةُ‏:‏

التَّنْديدُ بالمكروه؛ وقال الليث‏:‏ الإِشادَة شِبْه التنديد وهو رَفْعُك

الصَّوْتَ بما يَكره صاحبُكَ‏.‏ ويقال‏:‏ أَشادَ فلان بذكْر فلان في الخير

والشر والمدح والذم إِذا شَهَّرَه ورفعه، وأَفْرَدَ به الجوهري الخيرَ

فقال‏:‏ أَشاد بذكره أَي رفع من قَدْره‏.‏ وفي الحديث‏:‏ من أَشادَ على مسلم عَوْرَةً يَشِينُه بها بغير حق شانه الله يومَ القيامة‏.‏ ويقال‏:‏ أَشادَه وأَشادَ

به إِذا أَشاعَه ورفَعَ ذِكره من أَشَدْتُ البنيان، فهو مُشادٌ‏.‏

وشَيَّدْتُه إِذا طَوَّلْتَه فاستعير لرفع صوتك بما يكرهه صاحبك‏.‏ وفي حديث أَبي

الدرداء‏:‏ أَيُّما رجُلٍ أَشاد على مسلم كلمة هو منها بَرِيء، وسنذكر

شَيَّدَ‏.‏ وقال الأَصمعي‏:‏ كلُّ شيء رفَعْتَ به صَوْتَك، فقد أَشدتَ به، ضالة

كانت أَو غير ذلك‏.‏ وقال الليث‏:‏ التَّشْويدُ طلوع الشمس وارتفاعُها‏.‏

الصحاح‏:‏ الإِشادة رَفْعُ الصوت بالشيءِ‏.‏ وشَوَّدَتِ الشمسُ‏:‏ ارتفعت‏.‏ قال أَبو منصور‏:‏ وهذا تصحيف، والصواب بالذال المعجمة، من المِشْوَذ وهو العمامة، وعليه بيت أُمية وسنذكره في حرف الذال المعجمة‏.‏

شيد‏:‏ الشِّيدُ، بالكسر‏:‏ كلُّ ما طُليَ به الحائطُ من جِصٍّ أَو بَلاط، وبالفتح‏:‏ المصدر، تقول‏:‏ شاده يَشِيدُه شَيْداً‏:‏ جَصَّحَه‏.‏

وبناءٌ مَشِيدٌ‏:‏ معمول بالشِّيد‏.‏ وكل ما أُحْكِمَ من البناءِ، فقد

شُيِّدَ‏.‏ وتَشْييدُ البناء‏:‏ إِحكامُه ورَفْعُه‏.‏ قال‏:‏ وقد يُسَمِّي بعض العرب

الحَضَرَ شَيْداً‏.‏ والمَشِيدُ‏:‏ المبني بالشِّيد؛ وأَنشد‏:‏

شادَه مَرْمَراً، وَجَلَّلَه كِلْـ *** ساً، فللطَّيْرِ في ذَراهُ وكُورُ

قال أَبو عبيد‏:‏ البناء المشَيَّد، بالتشديد، المطوّل‏.‏ وقال الكسائي‏:‏

المَشِيدُ للواحد، والمُشِيَّد للجمع؛ حكاه أَبو عبيد عنه؛ قال ابن سيده‏:‏

والكسائي يجل عن هذا‏.‏ غيره‏:‏ المَشِيدُ المعمول بالشِّيد‏.‏ قال الله تعالى‏:‏

وقَصرٍ مَشيد‏.‏ وقال سبحانه‏:‏ في بروج مُشيَّدة؛ قال الفراء‏:‏ يشدّد ما كان

في جمع مثل قولك مررت بثياب مُصَبَّغة وكباش مُذَبَّحة، فجاز التشديد لأن الفعل متفرق في جمع، فإِذا أَفردت الواحد من ذلك، فإِن كان الفعل يترددُ

في الواحد ويكثر جاز فيه التشديد والتخفيف، مثل قولك مررت برجل مُشَجَّج

وبثوب مُخَرَّق، وجاز التشديد لأَن الفعل قد تردَّد فيه وكَثُر‏.‏ ويقال‏:‏

مررت بكبش مذبوح، ولا تقل مُذَبَّح، فإِن الذبح لا يتردد كتردُّد

التَّخَرُّق‏.‏ وقوله‏:‏ وقصر مشيد؛ يجوز فيه التشديد لأَن التشييد بناء والبناء

يتطاول ويتردّد، ويقاس على هذا ما ورد‏.‏ وحكى الجوهري أَيضاً قول الكسائي في أَن المَشيدَ للواحد والمُشَيَّد للجمع، وذكر قوله تعالى‏:‏ وقصر مَشِيد

للواحد، وبروج مُشَيَّدة للجمع؛ قال ابن بري‏:‏ هذا وهمٌ من الجوهري على

الكسائي لأَنه إِنما قال مُشَيَّدة، بالهاء، فأَما مُشَيَّد فهو من صفة

الواحد وليس من صفة الجمع؛ قال‏:‏ وقد غلط الكسائي في هذا القول فقيل المَشِيدُ

المعمول بالشِّيد، وأَما المُشَيَّدُ فهو المطوّل؛ يقال‏:‏ شَيَّدت البناء

إِذا طوّلته؛ قال‏:‏ فالمُشَيَّدَة على هذا جمع مَشِيد لا مُشَيَّد؛ قال‏:‏

وهذا الذي ذكره الراد على الكسائي هو المعروف في اللغة؛ قال‏:‏ وقد يتجه

عندي قول الكسائي على مذهب من يرى أَن قولهم مُشَيَّدَة أَي مُجَصَّصَة

بالشِّيد فيكون مُشَيَّدٌ ومَشِيدٌ بمعنًى، إِلا أَن مَشِيداً لا تدخله الهاء

للجماعة فيقال قصور مَشيدة، وإِنما يقال قصور مُشَيَّدَة، فيكون من باب

ما يستغني فيه عن اللفظة بغيرها، كاستغنائهم بتَرَك عن وَدَعَ، وكاستغنائهم عن واحدة المَخاضِ بقولهم خَلِفَة، فعلى هذا يتجه قول

الكسائي‏.‏

صخد‏:‏ الصَّخْدُ‏:‏ صوت الهام والصُّرَد‏.‏

وقد صَخَدَ الهامُ والصُّرد يَصْخَدُ صَخْداً وصَخِيداً‏:‏ صَوَّت؛ وأَنشد‏:‏وصاحَ من الإِفراطِ هامٌ صَواخِدُ

والصَّيْخَدُ‏:‏ عين الشمس، سمي به لشدة حرها؛ وأَنشد‏:‏

بَعْدَ العَجِير إِذا اسْتَذابَ الصَّيْخَدُ

وحَرٌّ صاخِدٌ‏:‏ شَديد‏.‏ ويقال‏:‏ أَصْخَدْنا كما يقال أَظْهَرْنا، وصَهَدَهم الحرّ وصَخَدَهم‏.‏ والإِصْخادُ والصَّخَدانُ‏:‏ شدّة الحرّ‏.‏ وقد صَخَدَ

يومُنا يَصْخَدُ صَخَداناً، وصَخِدَ صَخَداً، فهو صاخِدٌ وصَيْخُود‏.‏

وصَيْخَد وصَخَدات وصَخْدان، الأَخيرة عن ثعلب‏:‏ شَديدُ الحرّ، وليلة صَخْدانةٌ‏.‏

وصَخَدَتْه الشمس تَصْخَدُه صَخْداً‏:‏ أَصابته وأَحرقته أَو حَميت عليه‏.‏

ويقال‏:‏ أَتيته في صَخَدان الحرّ وصَخْدانِه أَي في شدَّته‏.‏

والصَّاخِدَة‏:‏ الهاجرة‏.‏ وهاجرة صَيْخُودٌ‏:‏ مُتَّقِدة‏.‏ وأَصْخَدَ

الحِرْباءُ‏:‏ تَصَلَّى بحرِّ الشمس واستقبلها؛ وقول كعب‏:‏

يوماً يَظَلُّ به الحِرْباءُ مُصْطَخِداً، كأَنَّ ضاحِيَه بالنارِ مَمْلُول

المصْطَخِدُ‏:‏ المنتصب؛ وكذلك المصْطَخِم، يصف انتصاب الحرباء إِلى الشمس

في شدة الحرِّ‏.‏

وصَخْرة صَيْخُودٌ‏:‏ صَمَّاء راسِيَة شديدة‏.‏ والصَّيْخُود‏:‏ الصخرة

الملساء الصُّلْبة لا تحرَّك من مكانها ولا يعمل فيها الحديد؛ وأَنشد‏:‏

حمراءُ مِثْلُ الصَّخْرِة الصَّيْخُود

وهي الصَّلُود‏.‏ والصَّيْخُود‏:‏ الصخرة العظيمة التي لا يرفعها شيء ولا

يأْخُذ فيها مِنْقارٌ ولا شيء؛ قال ذو الرمة‏:‏

يَتْبَعْنَ مِثْلَ الصخرة الصَّيْخودِ

وقيل‏:‏ صخرة صَيْخود وهي الصُّلبة التي يشتدّ حرّها إِذا حميت عليها

الشمس‏.‏ وفي حديث عليّ، كرَّم الله وجهه‏:‏ ذوات الشَّناخِيب الصُّمِّ من صَياخِيدِها، جمع صَيْهِود وهي الصخرة الشديدة، والياء زائدة‏.‏ وصَخَد فلان إِلى

فلان يَصْخَد صُخوداً إِذا استَمع منه ومال إِليه، فهو صاخد؛ قال الهذلي‏:‏هلاْ عَلِمْتَ، أَبا إِياسٍ، مَشْهَدي، أَيَّامَ أَنتَ إِلى المَوالي تَصْخَدُ‏؟‏

والسُّخْدُ‏:‏ دَمٌ وما في السَّابِياءِ، وهو السَّلَى الذي يكون فيه

الولد‏.‏

والسَّخْد‏:‏ الرَّهَل والصُّفْرَة في الوجه، والصاد فيه لغة على

المضارعة‏.‏

صدد‏:‏ الصَّدّ‏:‏ الإِعْراضُ والصُّدُوف‏.‏ صَدِّ عنه يَصِدُّ ويَصُدُّ

صَدّاً وصُدُوداً‏:‏ أَعرض‏.‏ ورجل صادٌّ من قوم صُدَّا،، وامرأَة صادَّةٌ من نِسوة صَوادَّ وصُدَّادٍ أَيضاً؛ قال القطامي‏:‏

أَبْصارُهُنَّ إِلى الشُّبَّانِ مائِلَةٌ، وقد أَراهُنَّ عنهم غَيحرَ صُدَّادَ‏.‏

ويقال‏:‏ صدّه عن الأَمر يَصُدُّه صَدّاً منعه وصرفه عنه‏.‏ قال الله عز

وجل‏:‏ وصذَّها ما كانت تعبد من دون الله؛ يقال عن الايمان، العادةُ التي كانت

عليها لأَنها نشأَت ولم تعرف إِلا قوماً يعبدون الشمس، فصَدَّتها

العادةُ، وهي عادتها، بقوله‏:‏ إِنها كانت من قوم كافرين؛ المعنى صَدَّها كونُها

من قوم كافرين عن الإِيمان‏.‏ وفي الحديث‏:‏ فلا يَصُدَّنَّكم ذلك‏.‏ وصعدَّه

عنه وأَصَدَّه‏:‏ صرفه‏.‏ وفي التنزيل‏:‏ فصدَّهم عن السبيل؛ وقال امرؤ القيس‏:‏

أَصَدَّ نِشاصَ ذي القَرْنعيْنِ، حتى

تَوَلَّى عارِضُ المَلكِ الهُمام

وصَدَّدَه‏:‏ كأَصَدَّه؛ وأَنشد الفراء لذي الرمة‏:‏

أُناسٌ أَصَدُّوا الناسَ بالسَّيْفِ عنهمُ، صُدُود السَّواقي عَنْ أُنوفِ الحَوائِمِ

وهذا البيت أَنشده الجوهري وغيره على هذا النص؛ قال ابن بري‏:‏ وصاب

إِنشاده‏:‏

صُدُودَ السَّواقي عن رو وسِ المخارِم

والسَّواقي‏:‏ مَجاري الماء‏.‏ والمَخْرِم‏:‏ مُنْقَطَعُ أَنِف الجبل‏.‏ يقول‏:‏

صَدُّوت الناسَ عنهم بالسيفِ كما صُدَّتْ هذه الأَنهارُ عن المَخارِم فلم تستطع أَن ترتفع إِليها‏.‏ وحكى اللحياني‏:‏ لا صَدَّ عن ذلك؛ قال‏:‏

والتأْويل حَقّاً أَنت فَعَلْتَ ذاك‏.‏ وصَدَّ يَصِدُّ صَدّاً‏:‏ اسْتَغْرَب ضَحِكاً‏.‏

ولما ضخربَ ابنُ مريم مثلاً إِذا قومكَ منه يَصِدُّون؛ وقرئ‏:‏

ويَصُدُّون، فَيَصِدُّون يَضِجُّون ويَعِجُّون كما قدَّمنا، ويَصُدُّون يُعْرِضون، والله أَعلم‏.‏ الأَزهري‏:‏ تقول صَدَّ يَصِدُّ ويَصُدُّ مثل شدَّ يَشِدُّ

ويَشُدُّ، والاختيار يصهدون، بالكسر، وهي قراءة ابن عباس، وفسره

يَضِجُّون ويَعِجُّون‏.‏ وقال الليث‏:‏ إِذا قومك منه يَصِدُّون، أَي يضحكون؛ قال الأَزهري‏:‏ وعلى قول ابن عباس في تفسيره العمل‏.‏ قال أَبو منصور‏:‏ يقال ثَدَدْتُ فلاناً عن أَمره أَصُدُّه صَدّاً فَصَدَّ يَصخدُّ، يستوي فيه لفظ

الواقع واللازم، فإِذا كان المعنى يَضِجُّ ويَعِجُّ فالوجه الجيد صَدَّ

يَصِدَّ مثل ضَجَّ يَضِجُّ، ومنه قوله عز وجل‏:‏ وما كان صلاتُهم عند البيت إِلا

مُكاءً وتَصْدِيةً، فالمُكاءُ الصَّفِير والتَّصْدية التصفيق، وقيل

للتَّصّفِيق تَصْديَةٌ لأَن اليدين تتصافقان فيقابل صَفْقُ هذه صَفْقَ

الأُخرى، وصدُّ هذه صَدَّ الأُخرى وهما وَجْهاها‏.‏

والصَّدُّ‏:‏ الهِجْرانُ؛ ومنه فَيَصدُّ هذا ويَصُدُّ هذا أَي يُعرِض

بوجهه عنه‏.‏ ابن سيده‏:‏ التصدية التَّصفيقُ والصَّوتُ على تحويل التضعيف‏.‏ قال‏:‏

ونظيره قَصَّيْتُ أَظفاري في حروف كثيرة‏.‏ قال‏:‏ وقد عمل فيه سيبويه باباً، وقد ذكر منه يعقوبُ وأَبو عبيد أَحرفاً‏.‏ الأَزهري‏:‏ يقال صَدَّى يُصَدِّي

تَصْدُيَةً إِذا صَفَّق، وأَصله صَدَّدِ يُصَدِّد فكثرت الدالات فقلبت

إِحداهن ياء، كما قالوا قصيت أَظفاري والأَصل قصَّصتُ أَظفاري‏.‏ قال‏:‏ قال ذلك أَبو عبيد وابن السكيت وغيرهما‏.‏ وصَدِيدُ الجُرْحِ‏:‏ ماؤُه الرقيقُ

المختلط بالدم قبل أَن تَغْلُظ المِدَّة‏.‏ وفي الحديث‏:‏ يُسْقَى من صَدِيدِ

أَهلِ النارِ؛ وهو الدم والقيح الذي يسيل من الجسد؛ ومنه حديث الصدِّيق في الكفن‏:‏ إِنما هو للمُهْلِ والصَّدِيدِ؛ ابن سيده‏:‏ الصديد القَيْح الذي

كأَنه ماء وفيه شُكْلةٌ‏.‏ وقد أَصَدَّ الجرحُ وصَدَّدَ أَي صار فيه

المِدَّة‏.‏ والصَّدِيدُ في القرآن‏:‏ ما يَسِيلُ من جلود أَهل النار، وقيل‏:‏ هو الحَمِيم إِذا أُغْلِيَ حتى خَثُرَ‏.‏ وصديد الفِضَّةِ‏:‏ ذؤابَتُها، على

التشبيه، وبذلك سُمِّي المُهْلَةُ‏.‏ وقال أَبو إِسحق في قوله تعالى‏:‏ ويُسْقَى من ماءٍ صَدِيدٍ‏:‏ يَتَجَرَّعُه؛ قال‏:‏ الصديد ما يسيل الدمُ المختلط بالقيح

في الجُرْح‏.‏

وفي نوادر الأَعراب‏:‏ الصِّدادُ ما اضْطَرَبَ‏.‏ وهو السِّتْرُ‏.‏

ابنُ بُزُرخ‏:‏ الصَّدُودُ ما دَلَكْتَه على مِرْآةٍ ثم كَحَلْتَ به عيناً‏.‏ الصَّدُّ والصُّدُّ‏:‏ الجبل؛ قالت ليلى الأَخيلية‏:‏

أَنابِغَ، لم تَنْبَغْ ولم تَكُ أَوّلا، وكنتَ صُنَيّاً بين صَدَّين، مَجْهَلا

والجمع أَصْداد وصُدُود، والسين فيه لغة‏.‏ والصَّدُّ‏:‏ المرتفع من السحاب

تراه كالجبل، والسين فيه أَعلى‏.‏ وصُدَّا الجبل‏:‏ ناحيتاه في مَشْعَبِه‏.‏

والصَّدَّان‏:‏ ناحيتا الشِّعْب أَو الجبل أَو الوادي، الواحد صَدٌّ، وهما

الصَّدَفان أَيضاً؛ وقال حميد‏:‏

تَقَلْقَلَ قِدْحٌ، بين صَدَّين، أَشْخَصَتْ

له كَفُّ رامٍ وِجْهَةً لا يُريدُها

قال‏:‏ ويقال للجبل صَّدُّ وسَدٌّ‏.‏ قال أَبو عمرو‏:‏ يقال لكل جبل صَدٌّ

وصُدٌّ وسَدٌّ وسُدٌّ‏.‏ قال أَبو عمرو‏:‏ الصُّدَّان الجبلان، وأَنشد بيت ليلى

الأَخيلية‏.‏ وقال‏:‏ الصُّنَيُّ شِعْبٌ صغير يَسِيل فيه الماء، والصَّدُّ

الجانب‏.‏

والصَّدَدُ‏:‏ الناحية‏.‏ والصَّدَدُ‏:‏ ما اسْتَقْبَلك‏.‏ وهذا صَدَدَ هذا

وبصَدَدِه وعلى صَدَده أَي قُبَالَتَه‏.‏

والصَّدَدُ‏:‏ القُرْب‏.‏ والصَّدَدُ‏:‏ القَصْد‏.‏ قال ابن سيده‏:‏ قال سيبويه هو صَدَدُك ومعناه القصْدُ‏.‏ قال‏:‏ وهي من الحروف التي عَزَلَها ليفسر

معانيها لأَنها غرائب‏.‏ ويقال‏:‏ صَدَّ السبيلُ

إِذا اسْتَقْبَلَكَ عَقَبَةٌ صَعْبَةٌ فتركتَها وأَخَذتَ غيرها؛ قال الشاعر‏:‏إِذا رأَيْنَ علَماً مُقْوَدَّا، صَدَدْنَ عن خَيْشُومِها وصَدَّا

وقول أَبي الهَيْثم‏:‏

فكُلُّ ذلكَ مِنَّا والمَطِيُّ بنا، إِليكَ أَعْناقُها مِن واسِطٍ صَدَدُ

قال‏:‏ صَدَدٌ قَصْدٌ‏.‏ وصَدَدُ الطريق‏:‏ ما استقبلك منه‏.‏

وأَما قول الله عز وجل‏:‏ أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فأَنت له تَصَدّى؛ فمعناه تتعرّض له وتَمِيل إِليه وتُقْبِل عليه‏.‏ يقال‏:‏ تَصَدّى فلان لفلان

يَتَصَدّى إِذا تَعَرَّض له، والأَصل فيه أَيضاً تَصَدَّد يتَصَدَّد‏.‏ يقال‏:‏

تَصَدَّيت له أَي أَقْبَلْتُ عليه؛ وقال الشاعر‏:‏

لمَّا رَأَيْتُ وَلَدي فيهم مَيَلْ

إِلى البُيوتِ، وتَصَدَّوْا لِلحَجَلْ

قال الأَزهري‏:‏ وأَصله من الصَّدَد وهو ما اسْتَقبلكَ وصار قُبالَتَكَ‏.‏

وقال الزجاج‏:‏ معنى قوله عز وجل‏:‏ فأَنتَ له تَصَدّى؛ أَي أَنت تُقْبِلُ

عليه، جعله من الصَّدَدِ وهو القُبالَةُ‏.‏ وقال الليث‏:‏ يقال هذه الدارُ على

صَدَدِ هذه أَي قُبالَتَها‏.‏ وداري صَدَدَ دارِه أَي قُبالَتَها، نَصْب على

الظرف‏.‏ قال أَبو عبيد‏:‏ قال ابن السكيت‏:‏ الصَّدَدُ والصَّقَبُ القُرْبُ‏.‏

قال الأَزهري‏:‏ فجائز أَن يكون معنى قوله تعالى‏:‏ فأَنت له تصدّى؛ أَي

تَتَقَرَّب إِليه على هذا التأْويل‏.‏

والصُّدّاد، بالضم والتشديد‏:‏ دُوَيْبَّةٌ وهي من جنس الجُرْذانِ؛ قال أَبو زيد‏:‏ هو في كلام قيس سامُّ أَبْرَصَ‏.‏ ابن سيده‏:‏ الصُّدَّادُ سامُّ

أَبْرَصَ، وقيل‏:‏ الوَزَغ؛ أَنشد يعقوب‏:‏

مُنْجَحِراً مُنْجَحَرَ الصُّدّادِ

ثم فسره بالوزغ، والجمع منهما الصَّدائدُ، على غير قياس؛ وأَنشد

الأَزهري‏:‏

إِذا ما رَأَى إِشْرافَهُنَّ انْطَوَى لَها

خَفِيٌّ، كَصُدَّادِ الجَديرَةِ، أَطْلَسُ

والصَّدّى، مقصورٌ‏:‏ تِينٌ أَبيضُ الظاهر أَكحلُ الجوفِ إِذا أَريدَ

تزبيبهُ فُلْطِح، فيجيءُ كأَنه الفَلَكُ، وهو صادق الحلاوة؛ هذا قول أَبي

حنيفة‏.‏ وصَدّاءُ‏:‏ اسم بئر، وقيل‏:‏ اسم رَكِيَّة عذبة الماء، وروى بعضهم هذا

المَثَل‏:‏ ماءٌ ولا كَصَدَّاء؛ أَنشد أَبو عبيد‏:‏

وإِنِّي وتَهْيامِي بِزَيْنَبَ كالذي

يُحاوِلُ، من أَحْواضِ صَدَّاءَ، مَشْرَبا

وقيل لأَبي عليّ النحوي‏:‏ هو فَعْلاءُ من المضاعف، فقال‏:‏ نعم؛ وأَنشد

لضرار بن عُتْبَةَ العبشمي‏:‏

كأَنِّيَ، مِنْ وَجْدٍ بزَيْنَبَ، هائمٌ، يُخالسُ من أَحْواض صَدَّاءَ مَشْرَبا

يَرَى دُونَ بَرْدِ الماءِ هَوْلاً وذادَةً، إِذا شَدَّ صاحوا قَبْلَ أَنْ يَتَحَبَّبَا

وبعضهم يقول‏:‏ صَدْآءُ، بالهمز، مثل صَدْعاءَ؛ قال الجوهري‏:‏ سأَلت عنه

رجلاً في البادية فلم يهمزه‏.‏ والصُّدَّادُ‏:‏ الطريق إِلى الماء‏.‏

صدصد‏:‏ صَدْصَدُ‏:‏ اسم امْرأَة‏.‏ والصَّدْصَدَةُ‏:‏ ضَرْبُ المُنْخُلِ بيدك

صرد‏:‏ الصَّرْدُ والصَّرَدُ‏:‏ البَرْدُ، وقيل‏:‏ شِدَّتُهُ، صَرِدَ، بالكسر، يَصْرَدُ صَرَداً، فهو صَرِدٌ، من قوم صَرْدَى‏.‏ الليث‏:‏ الصَّرَدُ مصدر

الصَّرِدِ من البرد‏.‏ قال‏:‏ والاسم الصَّرْد مجزوم؛ قال رؤبة‏:‏

بِمَطَرٍ لَيْسَ بِثَلْجٍ صَرْد

وفي الحديث‏:‏ ذاكِرُ الله في الغافلين مثلُ الشَّجَرة الخَضْراء وسَطَ

الشَّجر الذي تَحَاتَّ وَرَقه من الصَّرِيد؛ هو البرد، ويروى‏:‏ من الجَلِيد‏.‏

وفي الحديث‏:‏ سُئِلَ ابن عمر عما يموت في البحر صَرْداً، فقال‏:‏ لا بأْس

به، يعني السمك الذي يموت فيه من البَرْد‏.‏

ويومٌ صَرِدٌ ولَيلَةٌ صَرِدَةٌ‏:‏ شديدة البرد‏.‏ أَبو عمرو‏:‏ الصَّرْد مكان

مُرْتَفع من الجبال وهو أَبردها؛ قال الجعدي‏:‏

أَسَدِيَّةٌ تُدْعَى الصِّرادَ، إِذا

نَشِبوا، وتَحْضُر جانِبَيْ شِعْر

قال‏:‏ شِعْر جَبَل‏:‏ الجوهري‏:‏ الصَّرْدُ البرد، فارسي معرَّب‏.‏

والصُّرُودُ مِن البلاد‏:‏ خلاف الجُرُوم أَي الحارَّة‏.‏ ورَجُلٌ مِصْراد‏:‏

لا يصبر على البرد؛ وفي التهذيب‏:‏ هو الذي يَشْتَدُّ عليه البرد ويقل

صَبْرُه عليه؛ وفي الصحاح‏:‏ هو الذي يجد البرد سريعاً؛ قال الساجع‏:‏

أَصْبَحَ قَلْبي صَرِدا، لا يَشْتَهي أَن يَرِدَا

وفي حديث أَبي هريرة سأَله رجل فقال‏:‏ إِني رجل مِصْرادٌ؛ هو الذي يشتدّ

عليه البرد ولا يُطيقُه‏.‏ والمِصرادُ أَيضاً‏:‏ القَويُّ على البرد؛ فهو من الأَضداد‏.‏ والصُّرَّادُ‏:‏ ريح بارِدَةٌ مع نَدًى‏.‏ وريحٌ مِصرادٌ‏:‏ ذاتُ

صَرَد أَو صُرَّادٍ؛ قال الشاعر‏:‏

إِذا رأَيْنَ حَرْجَفاً مِصرادَا، وَلَّيْنَها أَكْسِيَةً حِدادا

والصُّرَّادُ والصُّرَّيْدُ والصَّرْدَى‏:‏ سحاب بارد تسْفِرُه الريح‏.‏

الأَصمعي‏:‏ الصُّرَّادُ سحاب بارد نَدِيٌّ ليس فيه ماء؛ وفي الصحاح‏:‏ غَيْم

رقيق لا ماء فيه‏.‏

ابن الأَعرابي‏:‏ الصَّرِيدَة النعجة التي قد أَنحلها البرد وأَضَرَّ بها، وجمعها الصَّرائِدُ؛ وفي المحكم‏:‏ الصَّرِيدَة التي أَنحلها البرد

وأَضَرَّ بها؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد‏:‏

لَعَمْرُكَ، إِني والهِزَبْرَ وعارماً

وثَوْرَةَ عِشْنا في لُحوم الصَّرائدِ

ويروى‏:‏ فَيا لَيْتَ أَنِّي والهزبر»

وأَرضٌ صَرْدٌ‏:‏ باردة، والجمع صُرُود‏.‏

وصَرِدَ عن الشيءِ صَرَداً وهو صَرِدٌ‏:‏ انتهى؛ الأَزهري‏:‏ إِذا انْتَهَى

القلب عن شيء صَرِدَ عنه، كما قال‏:‏

أَصْبَحَ قلبي صَرِدا

قال‏:‏ وقد يوصف الجيش بالصَّرَد‏.‏ وجيشٌ صَرَدٌ وصَرْدٌ، مجزوم‏:‏ تراه من تُؤَدَتِه كأَنه

سَيْرُه جامد، وذلك لكثرته، وهو معنى قول النابغة الجعدي‏:‏

بأَرْعَنَ مِثْلِ الطَّوْدِ تحْسَبُ أَنَّهُم

وُقُوفٌ لِحَاجٍ، والرِّكابُ تُهَمْلِج

وقال خُفَافُ بنُ نُدْبَةَ‏:‏

صَرَدٌ تَوَقَّصَ بالأَبْدان جُمْهُور

والتَّوَقُّصُ‏:‏ ثِقَل الوَطْءِ على الأَرض‏.‏ والتَّصريدُ‏:‏ سَقْيٌ دون

الرَّيِّ؛ وقال عمر يرثي عروة بن مسعود‏:‏

يُسْقَوْنَ منها شَراباً غَيْرَ تَصْرِيد

وفي التهذيب‏:‏ شُرْبٌ دون الريّ‏.‏ يقال‏:‏ صَرَّدَ شُرْبه أَي قطعَه‏.‏

وصَرِدَ السَّقاءُ صَرَداً أَي خرج زُبْدُه متقطعاً فَيُداوى بالماء الحارِّ، ومن ذلك أُخِذَ صَرْدُ البرد‏.‏ والتَّصْرِيدُ في العطاء‏:‏ تَقْليله، وشراب

مُصَرَّدٌ أَي مُقَلَّل، وكذلك الذي يُسقَى قَلِيلاً أَو يُعْطى قليلاً‏.‏

وفي الحديث‏:‏ لن يدخل الجنة إِلا تَصرِيداً أَي قليلاً‏.‏ وصَرَّدَ العطاء‏:‏

قَلَّله‏.‏

والصَّرْدُ‏:‏ الطعنُ النافذُ‏.‏ وصَرِد الرمحُ والسَّهم يَصْرَدُ صَرَداً‏:‏

نَفَذَ حدُّه‏.‏ وصَرَدَه هو وأَصْرده‏:‏ أَنْفَذَه من الرَّميَّة، وأَنا

أَصْرَدْتُه؛ وقال اللَّعِينُ المِنْقَريُّ يخاطب جَريراً والفرزدق‏:‏

فما بُقْيا عليَّ تَرَكْتُماني، ولكِنْ خِفْتُما صَرَدَ النِّبال

وأَصْرَدَ السهمُ‏:‏ أَخْطَأَ‏.‏ وقال أَبو عبيدة في بيت اللعين‏:‏ من أَراد

الصواب قال‏:‏ خفتما أَن تُصِيبَ نِبالي، ومن أَراد الخَطَأَ قا‏:‏ خفْتما

إِخْطاءَ نبالكما‏.‏ والصَّرَدُ والصَّرْدُ‏:‏ الخَطَأُ في الرمح والسهم

ونحوهما، فهو على هذا ضدّ‏.‏ وسهم مِصْرادٌ وصاردٌ أَي نافذ‏.‏ وقال قطرب‏:‏ سهم

مُصَرِّد مصيب، وسهم مُصْرِدٌ أَي مُخْطِئ؛ وأَنشد في الإِصابة‏:‏

على ظَهْرِ مِرْنانٍ بسَهْمٍ مُصَرِّد

أَي مُصِيب؛ وقال الآخر‏:‏

أَصْرَدَه الموتُ وقد أَطَلاَّ

أَي أَخْطَأَه‏.‏

والصُّرَدُ‏:‏ طائر فوق العصفور، وقال الأَزهري‏:‏ يَصِيدُ العصافير؛ وقول

أَبي ذؤيب‏:‏

حتى اسْتَبانتْ مع الإِصْباحِ رَامَتُها، كأَنَّه في حَواشِي ثَوْبِه صُرَد

أَراد‏:‏ أَنه بين حاشِيتي ثوبه صُرَدٌ من خِفته وتضاؤله، والجمع صِرْدانٌ؛ قال حميد الهلالي‏:‏

كأَنّ وَحَى الصِّرْدانِ في جَوْفِ ضَالَةٍ *** تَلَهْجُمَ لَحْيَيْهِ إِذا ما تَلَهْجَما

وفي الحديث‏:‏ نُهِي المحرِمُ عن قَتْلِ الصُّرَدِ‏.‏ وفي حديث آخر‏:‏ نَهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل أَربع‏:‏ النملةِ والنحلة والصُّرَدِ والهُدهد؛ وروي عن إِبراهيم الحَرْبي أَنه قال‏:‏ أَراد بالنملة الكُبَّارَ الطويلة القوائم التي تكون في الخَرِبات وهي لا تؤذي ولا تضر، ونهى عن قتل النحلة لأَنها تُعَسِّلُ شراباً فيه شفاء للناس ومنه الشمع، ونَهَى عن قتل الصُّرَدِ لأَن العرب كانت تَطَّيَّرُ من صوته وتتشاءَم بصوته وشَخْصِه؛ وقيل‏:‏ إِنما كرهوه من اسمه من التصريد وهو التقليل، وهو الواقِي عندهم، ونهى عن قتله رَدّاً للطِّيَرة، ونهى عن قتل الهدهد لأَنه أَطاع نبيّاً من الأَنبياءِ وأَعانه؛ وفي النهاية‏:‏ أَما نهيه عن قتل الهدهد والصرد فلتحريم لحمهما لأَن الحيوان إِذا نُهِي عن قتله، ولم يكن ذلك لاحترامه أو لضرر فيه، كان لتحريم لحمه، أَلا ترى أَنه نُهِيَ عن قتل الحيوان لغير مأْكلة‏؟‏ ويقال‏:‏ إِن الهدهد منتن الريح فصار في معنى الجَلاَّلَةِ؛ وقيل‏:‏ الصُّرَدُ طائر أَبقع ضخم الرأْس يكون في الشجر، نصفه أَبيض ونصفه أَسود؛ ضخم المِنقار له بُرْثُنٌ عظيم نَحْوٌ مِنَ القارِية في العِظَمِ ويقال له الأَخْطَب لاختلاف لونيه، والصُّرَد لا تراه إِلا في شُعْبَة أَو شجرة لا يقدر عليه أَحد‏.‏

قال سُكَيْنٌ النُّمَيري‏:‏ الصُّرَدُ صُرَدان‏:‏ أَحدهما أَسْبَدُ يسميه أَهل العراق العَقْعَقَ، وأَما الصُّرَدُ الهَمْام، فهو البَرِّيُّ الذي يكون بنجد في العضاه، لا تراه إِلا في الأَرض يقفز من شجر إِلى شجر، قال‏:‏ وإن أَصْحَر وطُرِدَ فأُخذَ؛ يقول‏:‏ لو وقع إِلى الأَرض لم يستقل حتى يؤخذ، قال‏:‏ ويصرصر كالصقر‏.‏

وروي عن مجاهد قال‏:‏ لا يُصاد بكلب مجوسيٍّ ولا يؤكل من صيد المجوسي إِلا السمك، وكُرِه لحم الصُّرَد، وهو من سباع الطير‏.‏ وروي عن مجاهد في قوله‏:‏ سكينة من ربكم، قال‏:‏ أَقبلت السكينة والصرد وجبريل مع إِبراهيم من الشام‏.‏ والصَّرْدُ‏:‏ البَحْتُ الخالصُ من كل شيء‏.‏ أَبو زيد‏:‏ يقال أُحِبُّكَ حُبّاً صَرْداً أَي خالصاً، وشراب صَرْدٌ‏.‏ وسقاه الخمر صَرْداً

أَي صِرفاً؛ وأَنشد‏:‏

فإِنَّ النَبِيذَ الصَّرْدَ إِنْ شُرْبَ وَحْدَهُ، على غَيْرِ شَيءٍ، أَوجَعَ الكِبْدَ جُوعها

وذهَبٌ صَرْدٌ‏:‏ خالص‏.‏ وجيش صَرْدٌ‏:‏ بنو أَب واحد لا يخالطهم غيرهم‏.‏ وقال أَبو عبيدة‏:‏ يقال معه جَيْش صَرْدٌ أَي كلهم بنو عمه؛ وكَذِبٌ صَرْدٌ‏.‏

أَبو عبيدة‏:‏ الصَّرَدُ أَن يخرج وبَرٌ أَبيضُ في موضع الدَّبَرَةِ إِذا

بَرَأَتْ، فيقال لذلك الموضِع صُرَدٌ وجمعه صِرْدانٌ؛ وإِياهما عنى الراعي

يصف إِبلاً‏:‏

كأَنَّ مَوَاضِعَ الصِّرْدانِ منها

مناراتٌ بُدِينَ على خِمارِ

جعل الدَّبَرَ في أَسنمة شبهها بالمنار‏.‏

الجوهري‏:‏ الصُّرَدُ بياض يكون على ظهر الفرس من أَثر الدَّبَرِ‏.‏ ابن سيده‏:‏ والصُّرَدُ بياض يكون في سنام البعير والجمع كالجمع‏.‏ والصُّرَدُ

كالبياض يكون على ظهر الفرس من السَّرْج‏.‏ يقال‏:‏ فرسٌ صَرِدٌ إِذا كان بموضع

السرج منه بياضٌ من دَبَر أَصابه يقال له الصُّرَدُ؛ وقال الأَصمعي‏:‏

الصُّرَدُ من الفرسِ عِرْقٌ تحت لسانه؛ وأَنشد‏:‏

خَفِيفُ النَّعامَةِ ذُو مَيْعَة، كَثِيفُ الفَراشَةِ ناتِي الصُّرَدْ

ابن سيده‏:‏ والصُّرَدُ عِرْقٌ في أَسْفل لسان الفرس‏.‏

والصُّرَدَانِ‏:‏ عِرْقان أَخضران يستبطنان اللسانَ، وقيل‏:‏ هما عظمان

يقيمانه، وقيل‏:‏ الصُّرَدَانِ عرقان مُكْتَنِفانِ اللسانَ؛ وأَنشد ليزيد بن الصَّعِق‏:‏

وأَيُّ الناسِ أَعْذَرُ مِنْ شَآمٍ، له صُرَدانِ مُنْطَلِقا اللِّسانِ‏؟‏

أَي ذَرِبانِ‏.‏ قال الليث‏:‏ الصُّرَدانِ عِرْقانِ أَخضران أَسْفَلَ اللسان

فيهما يدور اللسان؛ قاله الكسائي‏.‏

والصُّرَدُ‏:‏ مسمار يكون في سِنان الرُّمح؛ قال الراعي‏:‏

منها صَريعٌ وضاغٍ فوقَ حَرْبَتِهِ، كما ضَغا تَحْتَ حَدِّ العامِلِ الصُّرَدُ

وصَرَّدَ الشَّعِيرُ والبُرُّ‏:‏ طلع سَفاهما ولم يَطْلُع سُنْبُلُهما وقد

كاد؛ قال ابن سيده‏:‏ هذه عن الهَجَريّ‏.‏ قال شمر‏:‏ تقول العرب للرجل‏:‏

افْتَحْ صُرَدَك

تَعْرِفْ عُجَرَك وبُجَرَك؛ قال‏:‏

صُرَدُه نفسه، يقول‏:‏ افتح صُردَكَ تَعْرِفْ لُؤمَكَ من كرمك وخيرك من شَرِّك‏.‏ ويقال‏:‏ لو فتح صُرَدَه عرف عُجَره وبُجَره أَي عرف أَسرار ما

يكتم‏.‏ لجوهري‏:‏ والصِّمْرِدُ، بالكسر، الناقة القليلة اللبن‏.‏ وبنو الصارِدِ‏:‏

حيٌّ من بني مرة بن عوف بن غطفان‏.‏