فصل: تفسير الآية رقم (73):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: محاسن التأويل



.تفسير الآية رقم (73):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [73].
{وَإِلَى ثَمُودَ} أي: وأرسلنا إلى ثمود، وهي قبيلة أخرى من العرب سموا باسم جدهم ثمود بن عامر بن إرم بن سام بن نوح، وهو أخو جديس بن عابر. وكذلك قبيلة طسم، كل هؤلاء كانوا أحياء من العرب العاربة، قبل إبراهيم الخليل عليه السلام.
وكانت ثمود بعد عاد، ومساكنهم مشهورة فيما بين الحجاز والشام إلى وادي القرى وما حوله.
وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ديارهم وهو ذاهب إلى تبوك سنة تسع- نقله ابن كثير-.
وثمود كصبور، تضم ثاؤه، وقرئ به أيضاً، وقرئ بصرفه، أو ومنعه، أما الثاني فلأنه اسم القبيلة، ففيه العلمية والتأنيث. وأما الأول فلأنه اسم للحي، أو لأنه لما كان إسمها الجد القليل من الماء كان مصروفاً، لأنه علم مذكر، أو اسم جنس، فبعد النقل حُكي أصله. كذا في العناية.
{أَخَاهُمْ صَالِحاً} هو- على ما قاله علماء التفسير والنسب-: ابن عبيد بن آسف بن ماسح بن عبيد بن حاذر بن ثمود: {قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} دعاهم عليه الصلاة والسلام بما يدعو به الرسل أجمعون، وهو عبادة الله وحده لا شريك له. كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}.
وقال: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوت} {قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ} أي: حجة ظاهرة للدلالة على صحة نبوتي: {هَذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً} أي: خلقها حجة وعلامة على رسالتي، وأضافها إليه تفضيلاً وتخصيصاً كبيت الله، أو لأنه لا مالك لها غيره تعالى، أو لأنها حجته عليهم في أنهم، إن حفظوها وأطلقوا لها رعيها وسقيها حفظوا، وإن غدروا بها أُهلكوا، ولذا قال: {فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ} أي: التي لا يملكها غيره، العشب: {وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ} أي: لا تضربوها ولا تطرودها، ولا تُريبوها بشيء من الأذى، ولو تأذت منها دوابكم، إكراماً لآية الله: {فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: في الدارين لجرأتكم على آيات الله.

.تفسير الآية رقم (74):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [74].
{وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ} قال الشهاب: لم يقل: خلفاء عاد، إشارة إلى أن بينهما زماناً طويلاً.
{وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ} أي: أنزلكم في أرض الحجر. والمباءة المنزل.
{تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً} أي: تبنون في سهولها قصوراً لتسكنوها أيام الصيف. فمن بمعنى في، كقوله تعالى: {نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَة} أو هي ابتدائية، أو تبعيضية، أي: تعملون القصور من مادة مأخوذة من السهل وهي الطين. والسهل خلاف الحَزْن، وهو موضع الحجارة والجبال: {وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً} أي: لتسكنوها أيام الشتاء.
والجبال إما مفعول ثان بتضمين نحت معنى اتخذ، أو منصوب بنزع الخافض، على ما جاء في الآية الأخرى: والنحت معروف في كل صلب، ومضارعه مكسور الحاء. وقرأ الحسن بالفتح لحرف الحلق: وقرئ {تنحاتون} بالإشباع، كينباع، أفاده الشهاب.
بحث الإشباع في وسط الكلمة:
أقول: بهذه القراءة يستدل على ثبوت الإشباع في وسط الكلمة لغة. ومثله ينباع المذكورة، هي من قول عنترة:
يَنْباعُ من ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرَةٍ

أي: ينبع العرق من خلف أذن ناقة غضوب، فأشبع الفتحة لإقامة الوزن، فتولدت من إشباعها ألف.
ومثله قولنا آمين، والأصل أمين فأشبعت الفتحة، فتولدت من إشباعها ألف- قاله الزوزني-.
ومثله استكان على القول بأنه افتعل من السكون، فزيدت الألف لإشباع الفتحة كما في شرح الشافية.
ومنه عَقْرَاب- قال في تاج العروس: سمع العَقْرَاب في اسم الجنس.
قال:
أعوذ بالله من العَقْرَابِ ** الشائلاتِ عُقَد الأذْنابِ

قال: وعند أهل الصرف ألف عقراب للإشباع، لفقدان فعلال بالفتح. انتهى.
وقوله تعالى: {فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ} أي: نعمه عليكم لتصرفوها إلى ما خلقها لأجله.
{وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} بالمعاصي وعبادة غيره تعالى.

.تفسير الآية رقم (75):

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ} [75].
{قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ} أي: عن الإيمان بعد ظهور آية الناقة والكلمات الناصحة.
{مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ} أي: استضعفهم رؤساء الكفار واستذلوهم، إذ لم يكن لهم استكبار يمنعهم من الانقياد.
{لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} بدل من الذي استضعفوا بإعادة الجار، بدل الكل، إن كان الضمير لقومه، فيدل على أن استضعافهم كان مقصوراً على المؤمنين بدل البعض، إن كان الضمير {لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ} فيدل على أن المستضعفين كانوا مؤمنين وكافرين.
قال أبو السعود: والأول هو الوجه، إذ لا داعي إلى توجيه الخطاب أولاً إلى جميع المستضعفين، مع أن المجاوبة مع المؤمنين منهم، على أن الإستضعاف مختص بالمؤمنين، أي: قالوا للمؤمنين الذين استضعفوهم واسترذلوهم: {أَتَعْلَمُونَ} أي: من آية الناقة ومن الكلمات الناصحة: {أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ} إليكم لعبادته تعالى وحده لا شريك له.
وهذا قالوه على سبيل السخرية والإستهزاء، لأنهم يعلمون بأنهم عالمون بذلك، ولذلك لم يجيبوهم على مقتضى الظاهر، بل عدلوا منه، كما قال تعالى: {قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ} عدلوا عن الجواب الموافق لسؤالهم بأن يقولوا نعم أو إنه مرسل منه تعالى، مسارعة إلى تحقيق الحق، وإظهار ما لهم من الإيمان الثابت المستمر الذي تنبئ عنه الجملة الإسمية، وتنبيهاً على أن أمر إرساله من الظهور بحيث لا ينبغي أن يسأل عنه وإنما الحقيق بالسؤال عنه هو الإيمان به. أفاده أبو السعود.
فهذا من الأسلوب الحكيم، وهو تلقي السائل والمخاطب بخلاف ما يترقب تنبيهاً على أنه هو الذي ينبغي أن يسأل عنه.

.تفسير الآية رقم (76):

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} [76].
{قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} وإنما لم يقولوا: إنا بما أرسل به كافرون، إظهاراً لمخالفتهم إياهم، وردا لمقالتهم.
قال في الانتصاف: ولو طابقوا بين الكلامين لكان مقتضى المطابقة أن يقولوا: إنا بما أرسل به كافرون، ولكن أبوا ذلك حذراً مما في ظاهره من إثباتهم لرسالته، وهم يجحدونها، وقد يصدر مثل ذلك على سبيل التهكم، كما قال فرعون:
{إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ}، فأثبت إرساله تهكماً، وليس هذا موضع التهكم، فإن الغرض إخبار كل واحد من الفريقين، والمكذبين، عن حاله، فلهذا خلص الكافرون قولهم عن إشعار الإيمان بالرسالة، احتياطاً للكفر، وغلواً في الإصرار. انتهى.
ولذلك أنكروا آية الناقة وكذبوه في إصابة العذاب عن مسها بالسوء. كما قال تعالى:

.تفسير الآية رقم (77):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [77].
{فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ} أي: نحروها، والعقر: الجرح، وأثر كالخز في قوائم الفرس والإبل يقال: عقره بالسيف يعقره بالكسر، وعقره تعقيراً، قطع قوائمه بالسيف وهو قائم.
قال الأزهري: العقر عند العرب كشف عرقوب البعير، ثم يجعل النحر عقراً، لأن ناحر الإبل يعقرها: ثم ينحرها.
وفي اللسان: عقر الناقة وعقرها، وإذا فعل بها ذلك حتى تسقط، فينحرها مستمكناً منها، أي: لئلا تشرد عند النحر.
وفي الحديث: «لا عقر في الإسلام».
قال ابن الأثير: كانوا يعقرون الإبل على قبور الموتى، أي:
ينحرونها ويقولون إن صاحب القبر كان يعقر للأضياف أيام حياته، فنكافئه بمثل صنيعه بعد وفاته. كذا في تاج العروس.
وأسند العقر إلى جميعهم، لأنه كان برضاهم، وإن لم يباشره إلا بعضهم. ويقال للقبيلة الضخمة: أنتم فعلتم كذا وما فعله إلا واحد منهم. كذا في الكشاف.
قال أبو السعود: وفيه من تهويل الأمر وتفظيعه، بحيث أصابت غائلته الكل ما لا يخفى.
{وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ} أي: استكبروا عن امتثاله، وهو عبادته وحده، أو الحذر من مس الناقة بسوء. وزادوا في الإستهزاء: {وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا} أي: من العذاب على عقر الناقة. والأمر للإستعجال لأنهم يعتقدون أنه لا يتأتى ذلك، ولذا قالوا: {إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} أي: فإن الله ينصر رسله على أعدائه.

.تفسير الآية رقم (78):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [78].
{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} أي: الصحية التي يحصل منها الزلزلة الشديدة بدل صوت الناقة عند عقرها، وبدل حركتها عند نزع الروح: {فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ} في بلادهم أو مساكنهم.
{جَاثِمِينَ} أي: ساقطين على وجوههم، هامدين لا يتحركون، ميتين بدل موت الناقة وسقوطها. والصيحة والزلزلة من آثار الريح المرسلة التي كانت رحمة فانقلبت عذاباً.

.تفسير الآية رقم (79):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} [79].
{فَتَوَلَّى} أي: فأعرض صالح: {عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي} المتضمنة لتخويف العذاب عنه {وَنَصَحْتُ لَكُمْ} فأمرتكم بكل خير، ونهيتكم عن كل شر {وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} أي: من الرسل والأنبياء والعلماء لمخالفتهم أهوايتكم.
والظاهر أن صالحاً عليه السلام كان مشاهداً لما جرى عليهم، وأنه تولى عنهم، بعد ما أبصرهم جاثمين، تولِّيَ مُغتمٍّ متحسرٍّ على ما فاته من إيمانهم، يتحزن لهم بقوله {يا قَوْمِ} الخ، كذا في الكشاف، أو خاطبهم خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل قليب بدر حيث قال: «إنا وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً»- كما رواه البخاري- لا تحزناً، ولكن إعلاماً بنصر الله له، وتحقيق رسالته، زيادةً في حزنهم وتوبيخهم، فإن الأحياء ليسوا بأسمع منهم، ولكن لا يتكلمون. كما في الصحيح. ويجوز عطف قوله {فَتَوَلَّى} على قوله: {فأخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ}، فيكون الخطاب لهم حين أشرفوا على الهلاك، لا بعده. فيكون عليه السلام تولى عنهم تولي ذاهب عنهم، منكر لإصرارهم حين رأى علامات نزول العذاب. والمتبادر الأول لظهور الفاء في التعقيب- والله أعلم-.
تنبيهات:
الأول: نأثر هنا ما رواه علماء التاريخ والنسب في بسط قصة ثمود، لمكان العظة والإعتبار مفصلاً، وإلا فجلي أن ما أجمله التنزيل الكريم لا غاية وراءه في ذلك، وما سكت عن بيانه من تلك القصص، فلا حاجة إلى السعي وراءه لفقد القطع به، اللهم إلا لزيادة الإتعاظ، وتقوية العبرة، ولذا صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج».
وخلاصة ما رووه عن ثمود أن عاداً لما هلكت، عمرت ثمود بلادها، وخلفوهم في الأرض، وكانوا في سعة ورخاء من العيش، فعتوا على الله، وأفسدوا في الأرض، وعبدوا الأوثان، فبعث الله تعالى إليهم صالحاً عليه السلام، وكانوا قوماً عرباً، وصالح من أوسطهم نسباً، فدعاهم إلى عبادته تعالى وحده، فلم يتبعه إلا قليل منهم مستضعفون، فحذرهم وأنذرهم، فسألوه آية، واقترحوا عليه بأن يخرج لهم ناقة عُشَرَاءَ، تمخض من صخرة صماء، عينوها بأنفسهم، وكانت صخرة منفردة في ناحية الجبل، يقال لها الكائبة، فأخذ عليهم صالح العهود والمواثيق: لئن أجابهم الله إلى طلبتهم ليؤمنن به وليتبعنه.
فلما أعطوه على ذلك عهودهم ومواثيقهم، قام صالح عليه السلام إلى صلاته، ودعا الله عز وجل، فتحركت تلك الصخرة، ثم انصدعت عن ناقة جوفاء وبراء، يتحرك جنينها بين جنبيها، كما سألوا. فعند ذلك آمن رئيسهم جندع بن عَمْرو بن لَبِيد، والخباب صاحب أوثانهم، ورباب بن صعمر بن جلمس.
وكان لجندع بن عَمْرو ابن عم له، شهاب بن خليفة بن محلاة بن لَبِيد بن جواس، وكان من أشراف ثمود وأفاضلها، فأراد أن يسلم أيضاً فنهاه أولئك الرهط، فأطاعهم فقال في ذلك رجل من مؤمني ثمود يقال له مهوش بن عنمة بن الزميل رحمه الله:
وكانت عصبةٌ من آل عمروٍ ** إلى دين النبيّ دعوا شهابا

عزيزَ ثمودَ كلِّهم جميعاً ** فهم بأن يجيب ولو أجابا

لأصبح صالحٌ فينا عزيزاً ** وما عدلوا بصاحبهم ذُؤابا

ولكن الغواة مِنَ آل حجر ** تولوا بعد رشدهُم ذُبابا

وأقامت الناقة وفصيلها، بعد ما وضعته، بين أظهرهم مدة، تشرب من بئرها يوماً، وتدعه لهم يوماً، وكانوا يشربون لبنها يوم شربها، يحتلبونها فيملؤون ما شاؤوا من أوعيتهم وأوانيهم، كما قال في الآية الأخرى: {وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ} وقال تعالى: {هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}.
وكانت تسرح في بعض تلك الأودية، ترد من فج وتصدر من غيره، ليسعها. لأنها كانت تتضلع من الماء، وكانت- على ما ذكر- خلقاً هائلاً، ومنظراً رائعاً، إذا مرت بأنعامهم نفرت منها، فما طال عليهم ذلك، واشتد تكذيبهم لصالح النبي عليه السلام، عزموا على قتلها ليستأثروا بالماء كل يوم.
فيقال إنهم اتفقوا كلهم على قتلها. قال قتادة: بلغني أن الذي قتلها طاف عليهم كلهم أنهم راضون لقتلها، حتى على النساء في خدورهن. قال ابن كثير: قلت وهذا هو الظاهر لقوله تعالى: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا}
وقال: {وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا}، وقال {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ} فأسند ذلك إلى مجموع القبيلة، فدل على رضى جميعهم بذلك- والله أعلم-.
وذكر الإمام أبو جعفر بن جرير، وغيره من علماء التفسير، أن سبب قتلها، أن امرأة من ثمود يقال لها عنيزة بن غنم بن مجلز، تكنى بأم غنم، وهي من بين عبيد بن المهل، أخي رُميل بن المهل، وكانت امرأة ذؤاب بن عَمْرو، وكانت عجوزاً مسنة، وكانت ذات بنات حسان، وكانت ذات مال من إبل وبقر وغنم وامرأة أخرى يقال لها صدوف بن المحيا بن دهر بن المحيا، سيد بني عبيد وصاحب أوثانهم في الزمن الأول، وكان الوادي يقال له وادي المحيا، وهو المحيا الأكبر، جد المحيا الأصغر أبي صدوف.
وكانت صدوف من أحسن الناس، وكانت غنية ذات مال من إبل وغنم وبقر، وكانتا من أشد امرأتين في ثمود عداوة لصالح، وأعظمه به كفراً.
وكانتا تحتالان أن تُعقر الناقة مع كفرهما به، لما أضرت به من مواشيهما.
وكانت صدوف عند ابن خال لها يقال له صنتم بن هراوة بن سعد بن الغطريف، من بني هلس، فأسلم وحسن إسلامه.
وكانت صدوف قد فوضت إليه مالها، فأنفقه على من أسلم معه من أصحاب صالح، حتى رق المال.
فاطلعت على ذلك من إسلامه صدوف، فعاتبته على ذلك، فأظهر لها دينه، ودعاها إلى الله وإلى الإسلام فأبت عليه وبيّتت له، فأخذت بنيه وبناته منه فغيبتهم في بني عبيد، بطنها الذي هي منه.
وكان صنتم زوجها من بني هليل، وكان ابن خالها، فقال لها: ردي عليّ ولدي فقالت: حتى أنافرك إلى بني صنعان بن عبيد أو إلى بني جندع بن عبيد، فقال لهم صنتم: بل أنافرك إلى بني مرداس بن عبيد، وذلك أن بني مرداس بن عبيد كانوا قد سارعوا في الإسلام وأبطأ عنه الآخرون.
فقالت: لا أنافرك إلا إلى من دعوتك إليه.
فقال بنو مرداس: والله لتعطِنّه ولده طائعة أو كارهة.
فلما رأت ذلك أعطته إياهم.
ثم إن صدوف وعنيزة محلتا في عقر الناقة للشقاء الذي نزل، فدعت صدوف رجلاً من ثمود يقال له الحُبَاب لعقر الناقة، وعرضت عليه نفسها بذلك إن هو فعل فأبى عليها، فدعت ابن عم لها يقال له مصدع بن مهرج بن المحيا، وجعلت له نفسها على أن يعقر الناقة. وكانت من أحسن الناس، وكانت غنية كثيرة المال، فأجابها إلى ذلك.
ودعت عنيزة بنت غنم قدار بن سالف بن جندع، رجلاً من أهل قُرْح، وكان قدار رجلاً أحمر أزرق قصيراً، يزعمون أنه كان لزنية، من رجل يقال له صهياد، ولم يكن لأبيه سالف الذي يدعى إليه، ولكنه قد ولد على فراش سالف، وكان يدعى له وينسب إليه.
فقالت: أعطيتك أي: بناتي شئت، على أن تعقر الناقة.
وكانت عنيزة شريفة من نساء ثمود، وكان زوجها ذؤاب بن عَمْرو، من أشراف رجال ثمود، وكان قدار عزيزاً منيعاً في قومه.
فانطلق قدار بن سالف، وصدع بن مهرج، فاستنفرا غُواة من ثمود، فاتبعهما سبعة نفر، فكانوا تسعة نفر.
أحد النفر الذي اتبعوهما رجل يقال له، هويل بن مبلغ خال قدار بن سالف، أخو أمه لأبيها وأمها، كان عزيزاً فيأهل حجر، ودعير بن غنم بن داعر، وهو من بني خلاوة بن المهل.
ودأب بن مهرج، أخو مصدع بن مهرج، وخمسة لم تحفظ لنا أسماؤهم.
فرصدوا الناقة حين صدرت عن الماء، وقد كمن لها قُدار في أصل شجرة على طريقها، وكمن لها مصدع في أصل أخرى، فمرت على مصدع فرماها بسهم، فانتظم به عضلة ساقها، وخرجت أم غنم عنيزة وأمرت ابنتها، وكانت من أحسن الناس وجهاً، فأسفرت لقدار وأرته إياه، ثم ذمرت فشد على الناقة بالسيف فخشف عرقوبها، فخرت ورغت رغاة واحدة تحذر سقبها، ثم طعن في لبتها فنحرها.
انطلق سقبها حتى أتى جبلاً منُيفاً، ثم أتى صخرة في رأس الجبل فزعاً ولاذ بها، وإسم الجبل فيما يزعمون صنو، فأتاهم صالح، فلما رأى الناقة قد عقرت، قال انتهكتم حرمة الله، فأبشروا بعذاب الله تبارك وتعالى ونقمته، فاتبع السقب أربعة نفر من التسعة الذين عقروا الناقة، وفيهم مصدع بن مهرج، فرماه مصدع بسهم، فانتظم قلبه، ثم جر برجله فأنزله، ثم ألقوا لحمه مع لحم أمه.
فلما قال لهم صالح: أبشروا بعذاب الله ونقمته، قالوا له وهم يهزءون به: ومتى ذلك يا صالح؟ وما آية ذلك؟- وكانوا يسمون الأيام فيهم: الأحد أول، والاثنين أهون، والثلاثاء وبار، والأربعاء جبار، والخميس مؤمن، والجمعة العروبة، والسبت شيار، وكانوا عقروا الناقة يوم الأربعاء- فقال لهم صالح حين قالوا له ذلك: تصبحون غداة يوم مؤمن، يعني يوم الخميس، ووجوهكم مصفرة، ثم تصبحون يوم العروبة، يعني يوم الجمعة ووجوهكم محمرة، ثم تصبحون يوم شيار، يعني يوم السبت، وجوهكم مسودة، ثم يصبحكم العذاب يوم الأول، يعني يوم الأحد.
فلما قال لهم صالح ذلك، قال التسعة الذين عقروا الناقة: هلم فلنقتل صالحاً، إن كان صادقاً عجلناه، قبلنا، وإن كان كاذباً يكون قد ألحقناه بناقته.
فأتوه ليلاً ليبيّتوه في أهله، فدمغتم الملائكة بالحجارة، فلما أبطأوا على أصحابهم، أتوا منزل صالح فوجدهم مشدخين قد رُضخوا بالحجارة، فقالوا لصالح: أنت قتلتهم! ثم هموا به. فقامت عشيرته دونه ولبسوا السلاح وقالوا لهم: والله لا تقتلونه أبداً، فقد وعدكم أن العذاب نازل لكم في ثلاث، فإن كان صادقاً لم تزيدوا ربكم عليكم إلا غضبا، إن كان كاذباً فأنتم من وراء ما تريدون!
فانصرفوا عنهم ليلتهم تلك، والنفر الذين رضخهم الملائكة بالحجارة، التسعة الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن بقوله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ} إلى قوله: {لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.
فأصبحوا من تلك الليلة التي انصرفوا فيها عن صالح، وجوههم مصفرة، فأيقنوا بالعذاب، وعرفوا أن صالحاً قد صدقهم فطلبوه ليقتلوه، وخرج صالح هارباً منهم حتى لجأ إلى بطن من ثمود يقال لهم بنو غنم، فنزل على سيدهم رجل منهم يقال له نفيل يكنى بأبي هدب، وهو مشرك، فغيبه، فلم يقدروا عليه.
فغدوا على أصحاب صالح فعذبوهم ليدلوهم عليه، فقال رجل من أصحاب صالح يقال له ميدع بن هرم: يا نبي الله، إنهم يعذبوننا لندلهم عليك، أفندلهم عليك؟ قال: نعم، فدلهم عليه ميدع بن هرم.
فلما علموا بمكان صالح، أتوا أبا هدب فكلموه فقال لهم: عندي صالح وليس لكم إليه سبيل، فأعرضوا عنه وتركوه، وشغلهم عنه ما أنزل الله بهم من عذابه.
فجعل بعضهم يخبر بعضاً بما يرون في وجوههم حين أصبحوا من يوم الخميس، وذلك أن وجوههم أصبحت مصفرة، ثم أصبحوا يوم الجمعة ووجوههم محمرة، ثم أصبحوا يوم السبت ووجوههم مسودة، حتى إذا كان ليلة الأحد خرج صالح من بين أظهرهم ومن أسلم معه إلى الشام، فنزل رملة فلسطين، وتخلف رجل من أصحابه يقال له ميدع بن هرم فنزل قُرح- وهي وادي القرى، وبين القُرح وبين الحجر ثمانية عشر ميلاً- فنزل على سيدهم رجل يقال له عَمْرو بن غنم، وقد كان أكل من لحم الناقة ولم يشرك في قتلها.
فقال له ميدع بن هرم: يا عَمْرو بن غنم، أخرج من هذا البلد، فإن صالحاً قال: من أقام فيه هلك، ومن خرج منه نجا.
فقال عَمْرو: ما شركت في عقرها، وما رضيت ما صُنع بها.
فلما كانت صبيحة الأحد، أخذتهم الصيحة، فلم يبق منهم صغير ولا كبير إلا هلك، إلا جارية مُقعدة يقال لها الزُّريعة وهي الكلبة ابنة السلق، كانت كافرة شديدة العداوة لصالح، فأطلق الله لها رجليها بعدما عاينت العذاب أجمع، فخرجت كأسرع ما يُرى شيء قط، حتى أتت أهل قُرح فأخبرتهم بما عاينت من العذاب وما أصاب ثمود منه، ثم استسقت من الماء فسُقيت، فلما شربت ماتت.
الثاني: قال الرازي: زعم بعض الملحدين أن ألفاظ التنزيل في حكاية هذه الواقعة اختلفت، وهي الرجفة والطاغية والصيحة.
والجواب ما قاله أبو مسلم: إن الطاغية إسم لكل ما تجاوز حده، سواء كان حيواناً أو غير حيوان، وألحق الهاء به للمبالغة، فالمسلمون يسمون الملك العاتي بالطاغية والطاغوت. وقال تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى}. ويقال طغى طغياناً، وهو طاغ وطاغية، وقال تعالى: {إِنَّا لَمَّا طَغَا الْمَاءُ}، أي: غلب وتجاوز عن الحد.
وأما الرجفة فهي الزلزلة في الأرض، وهي حركة خارجة عن المعتاد، فلم يبعد إطلاق إسم الطاغية عليها، وأما الصيحة، فالغالب أن الزلزلة لا تنفك عن الصيحة العظيمة الهائلة.
وأما الصاعقة، فالغالب أنها الزلزلة، وكذلك الزجرة، قال تعالى: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ}. فبطل ما زعمه ذلك البعض.
الثالث: قال علماء التفسير: ولم يبق من ذرية ثمود أحد سوى صالح عليه السلام، ومن تبعه رضي الله عنهم، إلا أن رجلاً يقال له أبو رغال، كان لما وقعت النقمة بقومه، مقيماً إذ ذاك في الحرم، فلم يصبه شيء، فلما خرج في بعض الأيام إلى الحل، جاءه حجر من السماء فقتله.
روى الإمام أحمد عن جابر قال: لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: «لا تسألوا الآيات، فقد سألها قوم صالح، فكانت- يعني الناقة- ترد من هذا الفج، وتصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم، فعقروها، وكانت تشرب ماءهم يوماً ويشربون لبنها يوماً فعقروها، فأخذتهم صيحة أخمد الله من تحت أديم السماء منهم، إلا رجلاً واحداً كان في حرم الله فقالوا: من هو يا رسول الله؟ قال أبو رغال. فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه».
قال ابن كثير: وهذا الحديث ليس في شي من الكتب الستة، وهو على شرط مسلم.
وروى عبد الرزاق عن معمر: أخبرني إسماعيل بن أمية، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبر أبي رغال فقال: «أتدرون من هذا؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «هذا قبر أبي رغال، رجل من ثمود، كان في حرم الله، فمنعه حرم الله عذاب الله، فلما خرج أصابه ما أصاب قومه، فدفن ههنا، ودفن معه غصن من ذهب»، فنزل القوم، فابتدروه بأسيافهم، فبحثوا عنه، فاستخرجوا الغصن.
وأبو رغال هو أبو ثقيف الذين كانوا يسكنون الطائف، كما روي مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم- أخرجه أبو داود وغيره-.
الرابع: ذكرنا قبل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على ديار ثمود المعروفة الآن بمدائن صالح، وهو ذاهب إلى غزوة تبوك، سنة تسع، وأمر أصحابه أن يدخلوا خاشعين وجلين أن يصيبهم ما أصاب أهلها، ونهاهم أن يشربوا من مائها.
فروى الإمام أحمد عن ابن عمر قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس عام تبوك، نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود، فاستسقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود، فعجنوا منها، ونصبوا القدور باللحم. فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم، فأهراقوا القدور، وعلفوا العجين الإبل، ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر التي كانت تشرب منها الناقة، ونهاهم أن يدخلوا على القوم الذين عُذبوا، وقال: «إني أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم، فلا تدخلوا عليهم».
وروى أحمد والبخاري ومسلم عن ابن عمر قال: لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر قال: «لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين، إلا أن تكونوا باكين، فلا تدخلوا عليهم، أن يصيبكم مثل ما أصابهم». ثم قنع رأسه وأسرع السير حتى جاوز الوادي.
وللبخاري، أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر في غزوة تبوك أمرهم أن لا يشربوا من آبارها ولا يستقوا منها. فقالوا قد عجنا منها، واستقينا، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يطرحوا ذلك العجين، ويهريقوا ذلك الماء.
الخامس: قال ابن كثير: ذكر بعض المفسرين أن كل نبي هلكت أمته، كان يذهب فيقيم في الحرم، حرم مكة، والله أعلم.
وقد قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا زَمْعَة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عِكْرِمَة عن ابن عباس قال: لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادي عُسفان حين حج قال:
«يا أبا بكر! أي: واد هذا؟»، قال: هذا وادي عُسفان. قال: «لقد مر به هود وصالح على بكرات حُمر خُطُمها الليف، أُزُرهم العباء، وأرديتهم النِّمَار، يُلبُّونَ، يحجون البيت العتيق».
قال ابن كثير: هذا حديث غريب من هذا الوجه، لم يخرجه أحد منهم.
وقوله تعالى: