فصل: تفسير الآيات (40- 42):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: محاسن التأويل



.تفسير الآيات (40- 42):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ} [40- 42].
{وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا} أي: وجزاء سيئة المسيء ما ماثلها؛ إذ النقصان حيف والزيادة ظلم. ثم بين تعالى أن العفو أولى، فقال: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ} أي: بينه وبين خصمه بالعفو والإغضاء: {فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} أي: ثوابه عليه. وفي إبهامه، ما يدل على عظمه، حيث جعل حقاً على العظيم الكريم: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} أي: البادئين بالسيئة، والمعتدين في الانتقام: {وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ} أي: بعد ما ظُلِم. فالمصدر مضاف لمفعوله، أو هو مصدر المبني للمفعول: {فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ} أي: للمعاقب، ولا للعاتب والعائب؛ لأنهم انتصروا منهم بحق. ومن أخذ حقه ممن وجب ذلك عليه، ولم يتعد ولم يظلم، فكيف يكون عليه سبيل؟: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ} أي: يبدءوهم بالظلم والإضرار، أو يعتدون في الانتقام: {وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} أي: يتكبرون فيها ويفسدون: {أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: بسبب ظلمهم، وبغيهم.

.تفسير الآية رقم (43):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [43].
{وَلَمَن صَبَرَ} أي: على الأذى: {وَغَفَرَ} أي: لمن ظلمه، ولم ينتصر: {إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} أي: التي ندب الله عباده، وعزم عليهم العمل بها.
تنبيه:
نقل السيوطي في الإكليل عن الكيا الهراسي أنه قال: قد ندب الله إلى العفو في مواضع من كتابه، وظاهر هذه الآية: {وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ} أن الانتصار أفضل. قال: وهو محمول على من تعدى وأصرّ؛ لئلا يتجرأ الفساق على أهل الدين، وآيات العفو فيمن ندم وأقلع. انتهى.
وعجيب فهمه الأفضلية من الآية، فإنها لا تدل عليه، عبارة ولا إشارة، فإنه تعالى لم يرغب في الانتصار. وإنما بين أنه مشروع لهم إذا شاءوا، ثم بين بعده أن مشروعيته بشرط رعاية المماثلة، ثم بين أن العفو أولى، وهو الذي انتهى إليه الكلام، وتم به السياق. وكذلك لا حاجة إلى حمل الانتصار على من تعدى؛ وذلك لأن الانتصار بالمثل من فروع علم العقوبات، والجزاء المشروعة لإقامة الحق والعدل، ودفع الظلم عن النفس والصغار، ورفع الأحقاد والأضغان، وأما العفو والصفح، فذاك من فروع علم الأخلاق، وتهذيب النفوس؛ لأنه من باب المسامحة بالحق وإسقاط المستحق، رغبة في تزكية النفس وهضماً لها وحرصاً على خير الأمرين، وأوفر الأجرين، وكلاهما من محاسن الشريعة الحنيفية، وتوسطها بين الاقتصاص البتة، والعفو كلياً؛ لأن العقل السليم يرى فيهما إفراطاً وتفريطاً، والدين دين الفطرة، وهي تتقاضى القصاص بالمثل، وتراه حقاً لها بجبلتها، والقضاء الأدبي، والوازع الرحماني يرشدها إلى ما هو أمثل إن شاءت، ويبرهن لها أمثليته، مما لا يبعد إذا راجعت نفسها وثابت إلى رشدها، أن تؤثره ولا تؤثر عليه كيف؟ وقد دل قوله تعالى: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} كما قال الزمخشري، على أن الانتصار لا يكاد يؤمن فيه تجاوز السيئة والاعتداء، خصوصاً في حال الحرد والتهاب الحمية. فربما كان المجازى من الظالمين وهو لا يشعر.

.تفسير الآية رقم (44):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ} [44].
{وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ} أي: ومن خذله عن الرشاد، فليس له من ولي يليه، فيهديه لسبيل الصواب، ويسدده من بعد إضلال الله إياه: {وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِّن سَبِيلٍ} أي: رجعة إلى الدنيا. وذلك استعتاب منهم في غير وقته.

.تفسير الآيات (45- 47):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَاء يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ} [45- 47].
{وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا} أي: النار: {خَاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنظُرُونَ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ} أي: من طرف قد خفي من ذله وصغاره: {وَقَالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أي: بالتعريض للعذاب المخلد، وتفويت النعيم المؤبد: {أَلَا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَاء يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُم} أي: أجيبوا أيها الناس داعي الله، وآمنوا به: {مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ} أي: لا يرده الله بعد ما حكم به فمن، صلة مرد، أو هي صلة يأتي، أي: من قبل أن يأتي يوم الله لا يمكن رده: {مَا لَكُم مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُم مِّن نَّكِيرٍ} أي إنكار لما اقترفتموه؛ لأنه محصي عليكم، أو نكير ينكر على الله في مؤاخذتكم.

.تفسير الآية رقم (48):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَاْن مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَاْن كَفُورٌ} [48].
{فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} أي: رقبياً تفظ عليهم أعمالهم، وتحصيها: {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ} أي: إبلاغهم ما أرسلت به، فإذا فعلت فقد قضيت ما عليك: {وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَاْن مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَاْن كَفُورٌ} أي: جحودٌ نعم ربه، فلا يذكر إلا البؤس والبلاء، ولا يتفكر إلا فيما أنزل به من الفساد والشقاء.

.تفسير الآيات (49- 50):

القول في تأويل قوله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [49- 50].
{لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} أي: إنه تعالى يجعل أحوال العباد في الأولاد مختلفة على مقتضى المشيئة، وتقديم الإناث، إما لأنها أكثر لتكثير النسل، أو لتطييب قلوب آبائهن، تنبيهاً بأنهن سبب لتكثير مخلوقاته، فلا يجوز الحزن من ولادتهن وكراهيتهن، كما يشاهد من بعض الجهلة. وقال الثعالبي: إنه إشارة إلى ما في تقدم ولادتهن من اليمن، ومن يمن المرأة تبكيرها بأنثى.
قال الشهاب: والضمير في: {يُزَوِّجُهُمْ} للأولاد، وما بعده حال منه، أو مفعول ثان إن ضمن معنى التصيير، يعني يجعل أولاد من يشاء ذكوراً وإناثاً مزدوجين، كما يفرد بعضهم بالذكور وبعضهم بالإناث، ويجعل بعضهم لا أولاد له أصلاً.

.تفسير الآية رقم (51):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} [51].
{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً} أي: إلهاماً وقذفاً في القلب منه، بلا واسطة: {أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ} أي: يكلمه بحيث يسمع كلامه ولا يراه، كما كلم موسى عليه السلام: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً} أي: من الملائكة كجبريل: {فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء} أي: فيوحي ذلك الرسول إلى المرسل إليه بإذن ربه، ما يشاء إيحاءه، من أمر ونهي، وغير ذلك، على سبيل الإلقاء، والنفث في الروع، والإلهام، أو الهتاف، أو المنام: {إِنَّهُ عَلِيٌّ} أي: من أن يواجه، ويخاطب. بل يفنى ويتلاشى من يواجهه، لعلوّه من أن يبقى معه غيره، أو يحتمل شيء حضوره. قال القاشاني.
وقال المهايمي: أي: لا يبلغ البشر حد مكالمته شفاهاً، ولا يحتمل سماع كلامه مع رؤيته. انتهى {حَكِيمٌ} أي: يدبر بالحكمة وجوه التكليم، ليظهر علمه في تفصيل المظاهر، ويكمل به عباده، ويهتدوا إليه ليعرفوه. وقال المهايمي: أي: حكيم في تبليغ كلامه العلي إلى البشر الضعيف.
تنبيه:
في الإكليل: استدلت بالآية، عائشة رضي الله عنها، على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ير ربه. واستدل مالك بقوله: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً} على أن من حلف لا يكلم زيداً، فأرسل إليه رسولاً أو كتاباً، أنه يحنث. لأنه تعالى استثناه من الكلام، فدل على أنه منه. انتهى. وفيه بعد؛ إذ لا يقال لمن ألهمه الله، إنه كلمه إلا مجازاً، فلا يكون الاستثناء متصلاً. وقوله تعالى:

.تفسير الآيات (52- 53):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [52- 53].
{وَكَذَلِكَ} أي: مثل ذلك الإيحاء على الطرق الثلاثة: {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا} أي: وحياً من أمرنا. وسماه روحاً لأنه تحيا به القلوب الميتة. قال الشهاب: فهو استعارة أو مجاز مرسل، لما فيه من الهداية والعلم الذي هو كالحياة. وقيل: هو جبريل.
و: {أَوْحَيْنَا} مضمن معنى أرسلنا. والمعنى: أرسلناه إليك بالوحي: {مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ} أي: الروح، أو الكتاب، أو الإيمان: {نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا} أي: بالتوفيق للقبول، والنظر فيه: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} أي: خلقاً وملكاً: {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} أي: في الآخرة، فيقضي بينهم بالعدل؛ إذ لا حاكم سواه، فيجازي كلّاً بما يستحقه من ثواب، أو عقاب. نسأله تعالى أن يحسن لنا المآب. إنه الكريم الوهاب.

.سورة الزخرف:

بسم الله الرحمن الرحيم

.تفسير الآيات (1- 3):

القول في تأويل قوله تعالى: {حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَناً عربيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [1- 3].
أي معانيه ومواعظه.

.تفسير الآية رقم (4):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [4].
{وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ} أي: رفيع القدر، بحيث لا رفعة وراءها: {حَكِيمٌ} أي: ذو الحكمة الجامعة.

.تفسير الآية رقم (5):

القول في تأويل قوله تعالى: {أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ} [5].
{أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ} أي: أنهملكم ونصرف عنكم الذكر لإسرافكم. وإنما كانت الحاجة إلى الذكر للإسراف، إذ لو كانوا على السيرة العادلة والطريقة الوسطى لما احتيج إلى التذكير، بل التذكير يجب عند الإفراط والتفريط. ولهذا بعث الأنبياء في زمان الفترة. قاله القاشاني.

.تفسير الآيات (6- 8):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ} [6- 8].
{وَكَمْ أَرْسَلْنَا مِن نَّبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ وَمَا يَأْتِيهِم مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون فَأَهْلَكْنَا أَشَدَّ مِنْهُم بَطْشاً} أي: قوة: {وَمَضَى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ} أي: سلف في القرآن في غير موضع منه، ذكر قصتهم وحالهم في تكذيبهم وتعذيبهم وما مثلناه لهم، أي: فليتوقع هؤلاء المستهزئون من العقوبة مثل ما حل بسلفهم.

.تفسير الآيات (9- 10):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [9- 10].
{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً} أي: مهاداً تستقرون عليها: {وَجَعَلَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً} أي: طرقاً تتطرقونها من بلدة إلى بلدة، لمعايشكم ومتاجركم: {لَّعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} أي: بتلك السبل إلى حيث أردتم من القرى والأمصار.

.تفسير الآية رقم (11):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [11].
{وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاء مَاء بِقَدَرٍ} أي: بمقدار الحاجة إليه. فلم يجعله طوفاناً يهلك، ولا رذاذاً لا ينبت، بل غيثاً مغيثاً: {فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً} أي: أحيينا به بلدة ميتاً من النبات، قد درست من الجدب، وعفت من القحط: {كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} أي: من بعد فنائكم، ومصيركم بالأرض.

.تفسير الآيات (12- 14):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ} [12- 14].
{وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا} أي: خلق كل شيء فزوّجه، فجعل منه الذكر والأنثى: {وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ} أي: من السفن والبهائم ما تركبونه: {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} أي: مطيقين: {وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ} أي: لصائرون إليه، وراجعون بعد مماتنا.
تنبيه:
في الإكليل: في الآية استحباب هذا الذكر عند ركوب الدابة والسفينة، وكان صلى الله عليه وسلم يقوله كلما استوى على راحلته، أو دابته.