فصل: تفسير الآية رقم (244):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: محاسن التأويل



.تفسير الآية رقم (244):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [244].
{وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.
قال المفسرون: في إتباع القصة المتقدمة الأمر بالقتال، دليل على أنها سيقت بعثاً على الجهاد. فحرض على الجهاد بعد الإعلام بأن الفرار من الموت لا يغني، كما قال تعالى: {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [آل عِمْرَان: 168]، وأصل السبيل هو الطريق. وسميت المجاهدة سبيلاً إلى الله تعالى من حيث إن الْإِنْسَاْن يسلكها ويتوصل إلى الله بها ليتمكن من إظهار عبادته تعالى، ونشر الدعوة إلى توحيده وحماية أهلها والمدافعة عن الحق وأهله. فالقتال: دفاع في سبيل الله لإزالة الضرر العام. وهو منع الحق وتأييد الشرك. وذلك بتربية الذين يفتنون الناس عن دينهم وينكثون عهودهم لا لحظوظ النفس وأهوائها، والضراوة بحب التسافك وإزهاق الأرواح، ولا لأجل الطمع في الكسب. وفي قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} بعث على صدق النية والإخلاص. كما في الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء، أي: ذلك في سبيل الله؟ فقال: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله».

.تفسير الآية رقم (245):

القول في تأويل قوله تعالى: {مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [245].
{مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً}- هذا حث من الله تعالى لعباده على الصدقة، وقد كرر تعالى هذه الآية في كتابه العزيز في غير موضع.
قال القرطبي: طلب القرض في هذه الآية لما هو تأنيب وتقريب للناس بما يفهمون. والله هو الغني الحميد. لكنه تعالى شبه إعطاءه المؤمنين، وإنفاقهم في الدنيا الذي يرجون ثوابه في الآخرة، بالقرض. كما شبه إعطاء النفوس والأموال في أخذ الجنة، بالبيع والشراء. حسبما يأتي بيانه في سورة براءة، وكنى الله سبحانه وتعالى عن الفقير بنفسه العلية المنزهة عن الحاجات ترغيباً في الصدقة، كما كنى عن المرض والجائع والعطشان بنفسه المقدسة، ففي صحيح الحديث إخباراً عن الله تعالى: «يا ابن آدم! مرضت فلم تعدني. استطعمتك فلم تطعمني، استسقيتك فلم تسقني.. قال: يا رب! كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه. أما أنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي» وكذا فيما قبله. أخرجه الشيخان. وهذا كله خرج مخرج التشريف لمن كنى عنه ترغيباً لمن خوطب به. وقد أخرج سعيد بن منصور والبزار والطبراني وغيرهم عن ابن مسعود قال: لما نزلت هذه الآية، قال أبو الدحداح الأنصاري: يا رسول الله! وإن الله ليريد منا القرض؟ قال: «نعم يا أبا الدحداح» قال: أرني يدك، يا رسول الله! فناوله يه. قال: فإني قد أقرضت ربي حائطي وحائط له، فيه ستمائة نخلة، وأم الدحداح فيها وعيالها فجاء أبو الدحداح فناداها! قالت: لبيك، قال: اخرجي فقد أقرضته ربي عز وجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «قد قبله منك». فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم اليتامى الذين في حجره. فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «رب عذق لأبي الدحداح مدلى في الجنة» وفي رواية: «كم من عذق» الخ. وقوله تعالى: {حَسَناً} أي: طيبة به نفسه من دون منٍّ ولا أذى. وقوله سبحانه: {فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً} كما قال سبحانه: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261]. ولما رغب سبحانه في إقراضه أتبعه جملة مرهبة مرغبة فقال: {وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ} أي: يضيّق على من يشاء من عباده في الرزق ويوسعه على آخرين. أي: فلا تبخلوا عليه بما وسع عليكم، لئلا يبدِّل السعة الحاصلة لكم بالضيق.
{وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} أي: يوم القيامة فيجازيكم.
قال المهايمي: وكيف ينكر بسط الله وقبضه، وهو الذي يعطي الفقير الملك ويسلبه من أهله، ويقوي الضعفاء من الجمع القليل ويضعف الأقوياء من الجمع الكثير؟! يعني كما قصه تعالى في قوله:

.تفسير الآية رقم (246):

القول في تأويل قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [246].
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ}، وهم القوم ذو الشارة والتجمع: {مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ} إنما نكر لعدم مقتض لتعريفه، وزعم الكتابيون أنه صموئيل: {ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً}، أي: أقم لنا أميراً: {نُّقَاتِلْ}، أي: معه عن أمره: {فِي سَبِيلِ اللّهِ} وذلك حين ظهرت العمالقة، قوم جالوت على كثير من أرضهم: {قَالَ} لهم نبيهم: {هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ}.
قال الزمخشري: خبر عسيتم ألا تقاتلوا. والشرط فاصل بينهما. والمعنى: هل قاربتم ألا تقاتلوا: يعني هل الأمر كما أتوقعه أنكم لا تقاتلون؟. أراد أن يقول عسيتم ألا تقاتلوا بمعنى أتوقع جبنكم عن القتال، فأدخل هل مستفهماً عما هو متوقع عنده ومظنون، وأراد بالاستفهام التقدير وتثبيت أن المتوقع كائن وأنه صائب في توقعه كقوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَاْن} [الإنسان: 1]، معناه التقرير. وقرئ {عسيتم} بكسر السين، وهي ضعيفة.
{قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ}، أي: وأي سبب لنا في ترك قتال عدونا: {فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائنَا}، أي: والحال أنه قد عرض ما يوجب القتال إيجاباً قوياً من أخذ بلادنا وسبي أولادنا: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ} بعد إلحاحهم في طلبه: {تَوَلَّوْاْ}، أي: أعرضوا عن قتال عدوهم جبناً: {إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} وعيدٌ لهم على ظلمهم بالتولي علن القتال وترك الجهاد وعصياناً لأمره تعالى.
قال بعض مفسري الزيدية: ثمرة هذه الآية الكريمة أنها دلت على أحكام:
الأول: وجوب الجهاد، لأن الله تعالى إنما ذكر هذه القصة المشهورة في بني إسرائيل وما نالهم تحذيراً من سلوك طريقهم. وأيضاً: شرائع من قبلنا تلزمنا.
الثاني: أن الأمير يحتاج إليه في أمر الجهاد لتدبير أمورهم، وقد كان صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية أمر عليها أميراً. قال في الكشاف: وروي أنه أمر الناس إذا سافروا أن يجعلوا أحدهم أميراً عليهم.
الثالث: وجوب طاعة الأمير في أمر السياسة وتدبير الحرب، لأن سياق الآية يقضي بذلك، ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: «أطيعوا الأمير ولو كان عبداً حبشياً». وقد ذكر أهل علم المعاملة: أنه ينبغي في الأسفار أن يجعل أهل السفر لهم أميراً ودليلاً وإماماً، وهذا محمود؛ إذ بذلك ينقطع الجدال وتنتظم أمورهم. ويلزم مثل هذا في كل أمر يحتاج فيه إلى ترداد في الآراء، نحو أمور الأوقاف والمساجد والإمامة لكل مسجد ونحو هذا.
قال الحاكم: وفيه دلالة على أن للأنبياء تشديد العهود والمواثيق فيما يلزمهم ووجه ذلك أنه قال: هل عسيتم وهذا نوع من التأكيد عليهم. وكذا يأتي في الإمام قياس ما ذكر الحاكم في النبي.

.تفسير الآية رقم (247):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [247].
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً} هذا شروع في تفصيل ما جرى بينه عليه السلام وبينهم من الأقوال والأفعال، إثر الإشارة الإجمالية إلى مصير حالهم. أي: قال لهم بعد ما أوحى إليه ما أوحى إن الله قد بعث لكم طالوت ملكاً أي: ملّكه عليكم، فانتهوا في تدبير الحرب إلى أمره، وكان طالوت من سبط لم يكن الملك فيهم. وطالوت اسم أعجمي كجالوت وداود، ولذلك لم ينصرف. وزعم قوم أنه عربي من الطول لما وصف به من البسطة في الجسم. ولكنه ليس من أبنية العرب، فمنع صفه للعلمية وشبه العجمة. وقد زعم الكتابيون أن طالوت هو المعروف عندهم بشاول {قَالُوَاْ} معترضين على نبيهم بل على الله تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا} أي: من أين يكون أو كيف يكون ذلك: {وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ} أي: لأن فينا من هو سبط الملوك دونه.
قال الحرالي: فثنوا اعتراضهم بما هو أشد وهو الفخر بما ادعوه من استحقاق الملك على من ملكه الله عليهم. فكان فيه حظّ من فخر إبليس، حيث قال حين أمر بالسجود لآدم: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} [الأعراف: 12].
{وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ}، أي: فصار له مانعان:
أحدهما: أنه ليس من بيت الملك.
والثاني: أنه مملق. والملك لابد له من مال يعتضد به.
قال الحرالي: فكان في هذه الثالثة فتنة استصنام المال، وأنه مما يقام به ملك. وإنما الملك بإيتاء الله. فكان في هذه الفتنة الثالثة جهل وشرك، فتزايدت صنوف فتنتهم فيما انبعثوا إلى طلبه من أنفسهم.
{قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ}، لما استبعدوا تملكه بسقوط نسبه وبفقره. رد عليهم ذلك أولاً: بأن ملاك الأمر هو اصطفاء الله تعالى وقد اختاره عليكم وهو أعلم بالمصالح منكم. وثانياً: بأن العمدة فيه وفور العلم ليتمكن به من معرفة أمور السياسة. وجسامة البدن ليعظم خطره في القلوب ويقدر على مقاومة الأعداء ومكابدة الحروب. وقد خصه الله تعالى منهما بحظ وافر. قاله أبو السعود.
{وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء}، في الدنيا من غير إرث أو مال؛ إذ لا يشترط في حقه تعالى شيء، فهو الفعال لما يريد: {وَاللّهُ وَاسِعٌ} يوسع على الفقير ويغنيه: {عَلِيمٌ} بمن يليق بالملك ممن لا يليق به. وإظهار الاسم الجليل لتربية المهابة.
قال بعض مفسري الزيدية: ثمرة الآية أن النبوة والإمامة لا تستحق بالإرث وأن الغنى والصيانة من الحرف الدنيئة، لا تشترط في أمير ولا إمام ولا قاض. أي: لما روي أن طالوت كان دباغاً أو سقاء مع فقره. قال الحاكم: فيبطل قول الإمامية أنها وراثة، والمعروف من قولهم: أن الإمامة طريقها النص، وتدل الآية أيضاً على أنه يشترط في الأمير ونحوه القوة على ما تولاه. فيكون سليماً من الآفات عالماً بما يحتاج إليه، لأن الله تعالى ذكر البسطة في العلم والجسم رداً على ما اعتبروا.

.تفسير الآية رقم (248):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [248].
{وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ}، أي: علامة: {مُلْكِهِ} أنه من الله تعالى: {أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ} أي: يرد الله إليكم التابوت الذي أخذ منكم وهو صندوق التوراة، على ما سنذكره: {فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ}، أي: وقار وجلال وهيبة. أو فيه سكون نفوس بني إسرائيل يتقوون به على الحرب: {وَبَقِيَّةٌ}، أي: فضلة جملة، ذهب جلُّها: {مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ}، أي: من آثارهم الفاضلة: {تَحْمِلُهُ الْمَلائكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ}، أي: في رد التابوت إليكم: {لآيَةً لَّكُمْ} أن ملكه من الله تعالى: {إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} بآيات الله وأنبيائه.
قال العلامة البقاعي عليه الرحمة: التابوت والله أعلم الصندوق الذي وضع فيه اللوحان اللذان كتب فيهما العشر الآيات، ويسمى تابوت الشهادة، وكانوا إذا حاربوا حمله جماعة منهم، موظفون لحمله، ويتقدمون به أمام الجيش فيكون ذلك سبب نصرهم. وكان العمالقة أصحاب جالوت لما ظهروا عليهم أخذوه في جملة ما أخذوا من نفائسهم. وكان عهدهم به قد طال. فذكرهم بمآثره ترغيباً فيه وحملاً على الانقياد لطالوت. فقال: {فِيهِ سَكِينَةٌ} الآية.
وفي الأصحاح الخامس والعشرين من سفر الخروج ما نصه:
(1) وكلم الرب موسى قائلاً.
(2) كلم بني إسرائيل أن يأخذوا لي تقدمة من كل من يحثه قلبه تأخذون تقدمتي.
(3) وهذه هي التقدمة التي تأخذونها منهم: ذهب وفضة ونحاس.
(4) وأسما نجوني وأرجوان وقرمز وبوص وشعر معزى.
(5) وجلود كباش محمرة وجلود نخس وخشب سنط.
(6) وزيت للمنارة وأطياب لدهن المسحة وللبخور العطر.
(7) وحجارة جزع، وحجارة ترصيع للرداء والصدرة.
(8) فيصنعون لي مقدساً لأسكن في وسطهم.
(9) بحسب جميع ما أنا أريك من مثال المسكن ومثال جميع آنيته، هكذا تصنعون.
(10) فتصنعون تابوتاً من خشب السنط طوله ذراعان نصف ذراع وعرض ذراع ونصف، وارتفاعه ذراع ونصف.
(11) وتغشيه بذهب نقي من داخل ومن خارج تغشيه. وتصنع عليه إكليلاً من ذهب حواليه.
(12) وتسبك له أربع حلقات من ذهب وتجعلها على قوائمه الأربع. على جانبه الواحد حلقتان. وعلى جانبه الثاني حلقتان.
(13) وتصنع عصوين من خشب السنط وتغشيهما بذهب.
(14) وتدخل العضوين في الحلقات على جانب التابوت ليحمل التابوت بهما.
(15) تبقي العصوان في حلقات التابوت، لا تنزعان منها.
(16) وتضع في التابوت الشهادة التي أعطيك.
وفي الأصحاح الحادي والثلاثين من سفر الخروج:
(18) ثم أعطي موسى عند فراغه من الكلام معه من جبل سيناء لوحي الشهادة: لوحي حجر مكتوبين بأصبع الله.
وفي الأصحاح الرابع والثلاثين منه: أن موسى لما كسر اللوحين أمره الله أن ينحت لوحين مثل الأولين، وأمره أن يكتب عليهما كلمات العهد الكلمات العشر. ونصه:
(1) ثم قال الرب لموسى: انحت لك لوحين من حجر مثل الأولين. فأكتب أنا على اللوحين الكلمات التي كانت على اللوحين الأولين اللذين كسرتهما.
وفي حواشي التوراة: أن تابوت الشهادة هو التابوت الذي كان فيه لوحا الشريعة الإلهية المسماة: شهادة.
وزعموا أن السكينة معربة عن شكينا في اللغة العبرانية. وفي سفر صموئيل من سفر الملوك الأول في الأصحاح الرابع وما بعده نبأ انكسار الإسرائيليين أمام الفلسطينيين، وأخذ التابوت من الإسرائيليين، وأنه بقي التابوت في بلاد الفلسطينيين سبعة أشهر، في قصص مسهبة.