فصل: تفسير الآيات (14- 42):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مدارك التنزيل وحقائق التأويل بـ «تفسير النسفي» (نسخة منقحة).



.تفسير الآيات (14- 42):

{خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ (15) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (16) رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ (17) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (18) مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21) يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (22) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (23) وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآَتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (24) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (25) كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (27) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (28) يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (30) سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ (31) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (33) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنْتَصِرَانِ (35) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (36) فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (39) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ (41) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (42)}
{خَلَقَ الإنسان مِن صلصال} طين يابس له صلصلة {كالفخار} أي الطين المطبوخ بالنار وهو الخذف. ولا اختلاف في هذا وفي قوله {مّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ} [الحجر: 26] {مّن طِينٍ لاَّزِبٍ} [الصافات: 11] {مّن تُرَابٍ} [غافر: 67] لاتفاقها معنى لأنه يفيد أنه خلقه من تراب ثم جعله طيناً ثم حمأ مسنوناً ثم صلصالاً {وَخَلَقَ الجان} أبا الجن قيل: هو إبليس {مِن مَّارِجٍ} هو اللهب الصافي الذي لا دخان فيه. وقيل: المختلط بسواد النار من مرج الشيء إذا اضطرب واختلط {مّن نَّارٍ} هو بيان لما رج كأنه قيل: من صاف من نار أو مختلط من نار، أو أراد من نار مخصوصة كقوله {فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تلظى} [الليل: 14] {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ رَبُّ المشرقين وَرَبُّ المغربين} أراد مشرقي الشمس في الصيف والشتاء ومغربيهما.
{فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ مَرَجَ البحرين يَلْتَقِيَانِ} أي أرسل البحر الملح والبحر العذب متجاورين متلاقيين لا فصل بين الماءين في مرأى العين {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ} حاجز من قدرة الله تعالى: {لاَّ يَبْغِيَانِ} لا يتجاوزان حديهما ولا يبغي أحدهما على الآخر بالممازجة {فَبِأَىّ الاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ يَخْرُجُ} {يَخْرُجُ} مدني وبصري {مِنْهُمَا الُّلؤْلُؤُ} بلا همز: أبو بكر ويزيد وهو كبار الدر {وَالمَرْجَانُ} صغاره. وإنما قال: {مِنْهُمَا} وهما يخرجان من الملح لأنهما لما التقيا وصارا كالشيء الواحد جاز أن يقال يخرجان منهما كما يقال يخرجان من البحر ولا يخرجان من جميع البحر ولكن من بعضه وتقول: خرجت من البلد وإنما خرجت من محلة من محاله. وقيل: لا يخرجان إلا من ملتقى الملح والعذب {فَبِأَىّ الاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ}.
{وَلَهُ} ولله {الجوار} السفن جمع جارية. قال الزجاج: الوقف عليها بالياء والاختيار وصلها، وإن وقف عليها واقف بغير ياء فذا جائز على بعد ولكن يروم الكسر في الراء ليدل على حذف الياء {المنشآت} المرفوعات الشرع {المنشآت} بكسر الشين، حمزة ويحيى الرافعات الشرع أو اللاتي ينشئن الأمواج بجريهن {فِى البحر كالأعلام} جمع علم وهو الجبل الطويل {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا} على الأرض {فَانٍ ويبقى وَجْهُ رَبّكَ} ذاته {ذُو الجلال} ذو العظمة والسلطان وهو صفة الوجه {والإكرام} بالتجاوز والإحسان، وهذه الصفة من عظيم صفات الله وفي الحديث: «ألظوا بياذا الجلال والإكرام» وروي أنه عليه السلام مر برجل وهو يصلي ويقول يا ذا الجلال والإكرام فقال: قد استجيب لك. {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ} والنعمة في الفناء باعتبار أن المؤمنين به يصلون إلى النعيم السرمد. وقال يحيى بن معاذ: حبذا الموت فهو الذي يقرب الحبيب إلى الحبيب.
{يَسْأَلُهُ مَن في السماوات والأرض} وقف عليها نافع كل من أهل السماوات والأرض مفتقرون إليه فيسأله أهل السماوات ما يتعلق بدينهم وأهل الأرض ما يتعلق بدينهم ودنياهم، وينتصب {كُلَّ يَوْمٍ} ظرفاً بما دل عليه {هُوَ في شَأْنٍ} أي كل وقت وحين يحدث أموراً ويجدد أحوالاً كما روي أنه عليه السلام تلاها فقيل له: وما ذلك الشأن؟ فقال: من شأنه أن يغفر ذنباً ويفرج كرباً ويرفع قوماً ويضع آخرين. وعن ابن عيينة: الدهر عند الله يومان: أحدهما اليوم الذي هو مدة الدنيا فشأنه فيه الأمر والنهي والإحياء والإماتة والإعطاء والمنع، والآخر يوم القيامة فشأنه فيه الجزاء والحساب. وقيل: نزلت في اليهود حين قالوا: إن الله لا يقضي يوم السبت شأناً. وسأل بعض الملوك وزيره عن الآية فاستمهله إلى الغد وذهب كئيباً يفكر فيها فقال غلام له أسود: يا مولاي أخبرني ما أصابك لعل الله يسهل لك على يدي فأخبره فقال: أنا أفسرها للملك فأعلمه فقال: أيها الملك شأن الله أنه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل، ويخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي، ويشفي سقيماً ويسقم سليماً، ويبتلي معافى ويعافي مبتلي، ويعز ذليلاً ويذل عزيزاً، ويفقر غنياً ويغني فقيراً. فقال الأمير: أحسنت وأمر الوزير أن يخلع عليه ثياب الوزارة فقال: يا مولاي هذا من شأن الله. وقيل: سوق المقادير إلى المواقيت.
وقيل: إن عبد الله بن طاهر دعا الحسين بن الفضل وقال له: أشكلت عليّ ثلاث آيات دعوتك لتكشفها لي: قوله {فَأَصْبَحَ مِنَ النادمين} وقد صح أن الندم توبة، وقوله {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ} وقد صح أن القلم جف بما هو كائن إلى يوم القيامة، وقوله {وَأَن لَّيْسَ للإنسان إِلاَّ مَا سعى} فما بال الأضعاف؟ فقال الحسين: يجوز أن لا يكون الندم توبة في تلك الأمة، وقيل: إن ندم قابيل لم يكن على قتل هابيل ولكن على حمله. وكذا قيل: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى مخصوص بقوم إبراهيم وموسى عليهما السلام. وأما قوله {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ} فإنها شؤون يبديها لا شؤون يبتديها. فقام عبد الله وقبل رأسه وسوع خراجه {فَبِأَىّ الاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ سَنَفْرُغُ لَكُمْ} مستعار من قول الرجل لمن يتهدده (سأفرغ لك) يريد سأتجرد للإيقاع بك من كل ما يشغلني عنه، والمراد التوفر على النكاية فيه والانتقام منه. ويجوز أن يراد ستنتهي الدنيا وتبلغ آخرها وتنتهي عند ذلك شئون الخلق التي أرادها بقوله {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ} فلا يبقى إلي شأن واحد وهو جزاؤكم فجعل ذلك فراغاً لهم على طريق المثل. {سيفرغ} حمزة وعلي أي الله تعالى: {أَيُّه الثقلان} الإنس والجن سميا بذلك لأنهما ثقلا الأرض.
{فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ}.
{يامعشر الجن والإنس} هو كالترجمة لقوله {أَيُّهَا الثقلان} {إِنِ استطعتم أَن تَنفُذُواْ مِنْ أقطار السماوات والأرض فانفذوا} أي إن قدرتم أن تخرجوا من جوانب السماوات والأرض هرباً من قضائي فاخرجوا، ثم قال: {لاَ تَنفُذُونَ} لا تقدرون على النفوذ {إِلاَّ بسلطان} بقوة وقهر وغلبة وأنى لكم ذلك؟ وقيل: دلهم على العجز عن قوتهم للحساب غداً بالعجز عن نفوذ الأقطار اليوم. وقيل: يقال لهم هذا يوم القيامة حين تحدق بهم الملائكة فإذا رآهم الجن والإنس هربوا فلا يأتون وجهاً إلا وجدوا الملائكة احتاطت به {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مّن نَّارٍ} وبكسر الشين: مكي وكلاهما اللهب الخالص {وَنُحَاسٌ} أي دخان {وَنُحَاسٌ} مكي وأبو عمرو فالرفع عطف على شواظ، والجر على نار، والمعنى إذا خرجتم من قبوركم يرسل عليكما لهب خالص من النار ودخان يسوقكم إلى المحشر {فَلاَ تَنتَصِرَانِ} فلا تمتنعان منهما {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ فَإِذَا انشقت السماء} انفك بعضها من بعض لقيام الساعة {فَكَانَتْ وَرْدَةً} فصارت كلون الورد الأحمر. وقيل: أصل لون السماء الحمرة ولكن من بعدها ترى زرقاء {كالدهان} كدهن الزيت كما قال: {كالمهل} [المعارج: 8] وهو دردي الزيت وهو جمع دهن وقيل: الدهان الأديم الأحمر {فبأيّ ءالآء ربّكما تكذّبان فيومئذٍ} أي فيوم تنشق السماء {لاَّ يُسْئَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَانٌّ} أي ولا جن فوضع الجان الذي هو أبو الجن موضع الجن كما يقال: هاشم ويراد ولده والتقدير: لا يسئل إنس ولا جان عن ذنبه. والتوفيق بين هذه الآية وبين قوله {فَوَرَبّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} [الحجر: 92] وقوله {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ} [الصافات: 24] أن ذلك يوم طويل وفيه مواطن فيسألون في موطن ولا يسألون في آخر. وقال قتادة: قد كانت مسئلة ثم ختم على أفواه القوم وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون. وقيل: لا يسئل عن ذنبه ليعلم من جهته ولكن يسئل للتوبيخ.
{فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ يُعْرَفُ المجرمون بسيماهم} بسواد وجوههم وزرقة عيونهم {فَيُؤْخَذُ بالنواصى والاقدام} أي يؤخذ تارة بالنواصي وتارة بالأقدام. {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ}

.تفسير الآيات (43- 78):

{هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آَنٍ (44) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (45) وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47) ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (53) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ (54) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (55) فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (56) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (57) كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ (58) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (59) هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (61) وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ (62) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (63) مُدْهَامَّتَانِ (64) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (65) فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ (66) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (67) فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ (68) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (69) فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (70) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (71) حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (72) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (73) لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ (74) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (75) مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (77) تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ (78)}
{هذه جَهَنَّمُ التي يُكَذّبُ بِهَا المجرمون يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ ءانٍ} ماء حار قد انتهى حره أي يعاقب عليهم بين التصلية بالنار وبين شرب الحميم {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ} والنعمة في هذا نجاة الناجي منه بفضله ورحمته وما في الإنذار به من التنبيه {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ} موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب يوم القيامة فترك المعاصي أو فأدى الفرائض. وقيل: هو مقحم كقوله: ونفيت عنه مقام الذئب أي نفيت عنه الذئب {جَنَّتَانِ} جنة الإنس وجنة الجن لأن الخطاب للثقلين وكأنه قيل: لكل خائفين منكما جنتان: جنة للخائف الإنسي وجنة للخائف الجني {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} أغصان جمع فنن وخص الأفنان لأنها هي التي تورق وتثمر، فمنها تمتد الظلال، ومنها تجتنى الثمار، أو ألوان جمع فن أي له فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين قال:
ومن كل أفنان اللذاذة والصبا ** لهوت به والعيش أخضر ناضر

{فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ فِيهِمَا} في الجنتين {عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ} حيث شاءوا في الأعالي والأسافل. وعن الحسن: تجريان بالماء الزلال إحداهما التسنيم والأخرى السلسبيل {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ فِيهِمَا مِن كُلّ فاكهة زَوْجَانِ} صنفان: صنف معروف وصنف غريب {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ مُتَّكِئِينَ} نصب على المدح للخائفين أو حال منهم لأن من خاف في معنى الجمع {عَلَى فُرُشٍ} جمع فراش {بَطَائِنُهَا} جمع بطانة {مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} ديباج ثخين وهو معرب. قيل: ظهائرها من سندس. وقيل: لا يعلمها إلا الله {وَجَنَى الجنتين دَانٍ} وثمرها قريب يناله القائم والقاعد والمتكيء. {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ فِيهِنَّ}.
في الجنتين لاشتمالهما على أماكن وقصور ومجالس أو في هذه الآلاء المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والفرش والجني {قاصرات الطرف} نساء قصرن أبصارهن على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ} بكسر الميم: الدوري وعلي بضم الميم والطمث الجماع بالتدمية {إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَانٌّ} وهذا دليل على أن الجن يطمثون كما يطمث الإنس {فَبِأَىّ رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ كَأَنَّهُنَّ الياقوت} صفاء {وَالمَرْجَانُ} بياضاً فهو أبيض من اللؤلؤ {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ هَلْ جَزَاء الإحسان} في العمل {إِلاَّ الإحسان} في الثواب وقيل: ما جزاء من قال لا إله إلا الله إلا الجنة. وعن إبراهيم الخواص فيه: هل جزاء الإسلام إلا دار السلام.
{فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ وَمِن دُونِهِمَا} ومن دون تينك الجنتين الموعودتين للمقربين {جَنَّتَانِ} لمن دونهم من أصحاب اليمين {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ مُدْهَآمَّتَانِ} سوداوان من شدة الخضرة قال الخليل الدهمة السواد {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} فوارتان بالماء لا تنقطعان {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ فِيهِمَا فاكهة} ألوان الفواكه {وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} والرمان والتمر ليسا من الفواكه عند أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه للعطف، ولأن التمر فاكهة وغذاء والرمان فاكهة ودواء فلم يخلصا للتفكه، وهما قالا: إنما عطفا على الفاكهة لفضلهما كأنهما جنسان آخران لما لهما من المزية كقوله: {وَجِبْرِيلَ وميكال} [البقرة: 98].
{فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ فِيهِنَّ خيرات حِسَانٌ} أي خيرات فخففت وقرئ خيّرات على الأصل، والمعنى فاضلات الأخلاق حسان الخلق {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ حُورٌ مقصورات في الخيام} أي مخدرات يقال: امرأة قصيرة ومقصورة أي مخدرة. قيل: الخيام من الدر المجوف {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ} قبل أصحاب الجنتين ودل عليهم ذكر الجنتين {وَلاَ جَانٌّ فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ مُتَّكِئِينَ} نصب على الاختصاص {على رَفْرَفٍ} هو كل ثوب عريض وقيل الوسائد {خُضْرٍ وَعَبْقَرِىّ حِسَانٍ} ديباج أو طنافس {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ} وإنما تقاصرت صفات هاتين الجنتين عن الأوليين حتى قيل {وَمِن دُونِهِمَا} لأن {مُدْهَامَّتَانِ} دون {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ} و{نَضَّاخَتَانِ} دون {تَجْرِيَانِ} و{فاكهة} دون كل فاكهة وكذلك صفة الحور والمتكأ {تبارك اسم رَبّكَ ذِى الجلال} ذي العظمة. {ذُو الجلال} شامي صفة للاسم {والإكرام} لأوليائه بالإنعام.
روى جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة الرحمن فقال: «مالي أراكم سكوتاً، الجن كانوا أحسن منكم رداً ما أتيت على قول الله {فَبِأَىّ ءالاء رَبّكُمَا تُكَذّبَانِ} إلا قالوا: ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد ولك الشكر» وكررت هذه الآية في هذه السورة إحدى وثلاثين مرة، ذكر ثمانية منها عقب آيات فيها تعداد عجائب خلق الله وبدائع صنعه ومبدأ الخلق ومعادهم، ثم سبعة منها عقب آيات فيها ذكر النار وشدائدها على عدد أبواب جهنم، وبعد هذه السبعة ثمانية في وصف الجنتين وأهلهما على عدد أبواب الجنة، وثمانية أخرى بعدها للجنتين اللتين دونهما، فمن اعتقد الثمانية الأولى وعمل بموجبها فتحت له أبواب الجنة وأغلقت عنه أبواب جهنم نعوذ بالله منها. والله أعلم.

.سورة الواقعة:

.تفسير الآيات (1- 34):

{إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ (2) خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ (3) إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا (4) وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُنْبَثًّا (6) وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً (7) فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ (8) وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (9) وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (13) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآَخِرِينَ (14) عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19) وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٌ (22) كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (23) جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (25) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا (26) وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (27) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (30) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (34)}
{إِذَا وَقَعَتِ الواقعة} قامت القيامة. وقيل: وصفت بالوقوع لأنها تقع لا محالة فكأنه قيل: إذا وقعت الواقعة التي لابد من وقوعها. ووقوع الأمر نزوله يقال: وقع ما كنت أتوقعه أي نزل ما كنت أترقب نزوله. وانتصاب {إِذَا} بإضمار (اذكر) {لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ} نفس كاذبة أي لا تكون حين تقع نفس تكذب على الله وتكذب في تكذيب الغيب لأن كل نفس حينئذ مؤمنة صادقة مصدقة، وأكثر النفوس اليوم كواذب مكذبات. واللام مثلها في قوله تعالى: {ياليتنى قَدَّمْتُ لِحَيَاتِى} [الفجر: 24] {خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ} أي هي خافضة رافعة ترفع أقواماً وتضع آخرين {إِذَا رُجَّتِ الأرض رَجّاً} حركت تحريكاً شديداً حتى ينهدم كل شيء فوقها من جبل وبناء، وهو بدل من {إِذَا وَقَعَتِ}، ويجوز أن ينتصب ب {خَافِضَةٌ رَّافِعَةٌ} أي تخفض وترفع وقت رجّ الأرض وبسّ الجبال {وَبُسَّتِ الجبال بَسّاً} وفتتت حتى تعود كالسويق أو سيقت من بس الغنم إذا ساقها كقوله: {وَسُيّرَتِ الجبال} [النبأ: 20] {فَكَانَتْ هَبَاء} غباراً {مُّنبَثّاً} متفرقاً {وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً} أصنافاً يقال للأصناف التي بعضها من بعض أو يذكر بعضها من بعض أزواج {ثلاثة} صنفان في الجنة وصنف في النار.
ثم فسر الأزواج فقال: {فأصحاب الميمنة} مبتدأ وهم الذين يؤتون صحائفهم بأيمانهم {مَا أصحاب الميمنة} مبتدأ وخبر وهما خبر المبتدأ الأول، وهو تعجيب من حالهم في السعادة وتعظيم لشأنهم كأنه قال: ما هم وأي شيء هم؟ {وأصحاب المشئمة} أي الذين يؤتون صحائفهم بشمائلهم أو أصحاب المنزلة السنية وأصحاب المنزلة الدنية الخسيسة من قولك: فلان مني باليمين وفلان مني بالشمال إذا وصفتهما بالرفعة عندك والضعة، وذلك لتيمنهم بالميامن وتشاؤمهم بالشمائل. وقيل: يؤخذ بأهل الجنة ذات اليمين وبأهل النار ذات الشمال {مَا أصحاب المشئمة} أي أيُّ شيء هم؟ وهو تعجيب من حالهم بالشقاء {والسابقون} مبتدأ {السابقون} خبره تقديره السابقون إلى الخيرات السابقون إلى الجنات. وقيل: الثاني تأكيد للأول والخبر {أُوْلَئِكَ المقربون} والأول أوجه {فِي جنات النعيم} أي هم في جنات النعيم {ثُلَّةٌ مّنَ الأولين * وَقَلِيلٌ مّنَ الآخرين} أي هم ثلة، والثلة الأمة من الناس الكثيرة، والمعنى أن المسابقين كثير من الأولين وهم الأمم من لدن آدم إلى نبينا محمد عليهما السلام، وقليل من الآخرين وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل: من الأولين من متقدمي هذه الأمة، ومن الآخرين من متأخريها. وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «الثلتان جميعاً من أمتي». {على سُرُرٍ} جمع سرير ككثيب وكثب {مَّوْضُونَةٍ} مرمولة ومنسوجة بالذهب مشبكة بالدر والياقوت {مُتَّكِئِينَ} حال من الضمير في {على} وهو العامل فيها أي استقروا عليها متكئين {عَلَيْهَا متقابلين} ينظر بعضهم في وجوه بعض ولا ينظر بعضهم في أقفاء بعض، وصفوا بحسن العشرة وتهذيب الأخلاق وصفاء المودة و{متقابلين} حال أيضاً {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ} يخدمهم {ولدان} غلمان جمع وليد {مُّخَلَّدُونَ} مبقّون أبداً على شكل الولدان لا يتحولون عنه.
وقيل: مقرّطون والخلدة القرط. قيل: هم أولاد أهل الدنيا لم تكن لهم حسنات فيثابوا عليها ولا سيئات فيعاقبوا عليها، وفي الحديث: «أولاد الكفار خدام أهل الجنة» {بِأَكْوَابٍ} جمع كوب وهي آنية لا عروة لها ولا خرطوم {وَأَبَارِيقَ} جمع إبريق وهو ماله خرطوم وعروة {وَكَأْسٍ} وقدح فيه شراب وإن لم يكن فيه شراب فليس بكأس {مّن مَّعِينٍ} من خمر تجري من العيون {لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا} أي بسببها وحقيقته لا يصدر صداعهم عنها أو لا يفرقون عنها {وَلاَ يُنزِفُونَ} ولا يسكرون. نزف الرجل ذهب عقله بالسكر. {وَلاَ يُنزِفُونَ} بكسر الزاي: كوفي أي لا ينفد شرابهم. يقال: أنزف القوم إذا فني شرابهم {وفاكهة مّمَّا يَتَخَيَّرُونَ} يأخذون خيره وأفضله.
{وَلَحْمِ طَيْرٍ مّمَّا يَشْتَهُونَ} يتمنون {وَحُورٌ} جمع حوراء {عِينٌ} جمع عيناء أي وفيها حور عين أو ولهم حور عين، ويجوز أن يكون عطفاً على {ولدان} {وَحُورٌ}: يزيد وحمزة وعلي عطفاً على {جنات النعيم} كأنه قال: هم في جنات النعيم وفاكهة ولحم وحورٍ {كأمثال اللؤلؤ} في الصفاء والنقاء {المكنون} المصون. وقال الزجاج: كأمثال الدر حين يخرج من صدفه لم يغيره الزمان واختلاف أحوال الاستعمال {جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} جزاء مفعول له أي يفعل بهم ذلك كله لجزاء أعمالهم أو مصدر أي يجزون جزاء.
{لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا} في الجنة {لَغْواً} باطلاً {وَلاَ تَأْثِيماً} هذياناً {إِلاَّ قِيلاً سلاما سلاما} إلا قولاً ذا سلامة. والاستثناء منقطع و{سَلاَماً} بدل من {قِيلاً} أو مفعول به ل {قِيلاً} أي لا يسمعون فيها إلا أن يقولوا سلاماً سلاماً. والمعنى أنهم يفشون السلام بينهم فيسلمون سلاماً بعد سلام {وأصحاب اليمين مَا أصحاب اليمين * في سِدْرٍ مَّخْضُودٍ} السدر شجر النبق والمخضود الذي لا شوك له كأنما خضد شوكه {وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ} الطلح شجر الموز والمنضود الذي نضد بالحمل من أسفله إلى أعلاه فليست له ساق بارزة {وَظِلّ مَّمْدُودٍ} ممتد منبسط كظل ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس {وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ} جار بلا حد ولا خد أي يجري على الأرض في غير أخدود {وفاكهة كَثِيرَةٍ} أي كثيرة الأجناس {لاَّ مَقْطُوعَةٍ} لا تنقطع في بعض الأوقات كفواكه الدنيا بل هي دائمة {وَلاَ مَمْنُوعَةٍ} لا تمنع عن متناولها بوجه. وقيل: لا مقطوعة بالأزمان ولا ممنوعة بالأثمان {وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ} رفيعة القدر أو نضدت حتى ارتفعت أو مرفوعة على الأسرة. وقيل: هي النساء لأن المرأة يكنى عنها بالفراش مرفوعة على الأرائك قال الله تعالى: {هُمْ وأزواجهم في ظلال عَلَى الأرائك مُتَّكِئُونَ} [يس: 56]. ويدل عليه قوله.