فصل: تفسير الآيات (12- 15):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم التنزيل المشهور بـ «تفسير البغوي»



.تفسير الآيات (12- 15):

{أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12) قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13) قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14) فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (15)}
{أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا} إلى الصحراء، {يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ} قرأ أبو عمرو، وابن عامر، بالنون فيهما وجزم العين من {نرتع} وقرأ أهل الكوفة بالياء فيهما وجزم العين من {يرتع} يعني يوسف، وقرأ يعقوب: {نرتع} بالنون {ويلعب} بالياء.
والرتع هو: الاتساع في الملاذ. يقال: رتع فلان في ماله إذا أنفقه في شهواته، يريد ونتنعم ونأكل ونشرب ونلهو وننشط.
وقرأ أهل الحجاز: {يرتع} بكسر العين، وهو يفتعل من الرعي.
ثم ابن كثير قرأ بالنون فيهما أي: نتحارس ويحفظ بعضُنا بعضاً.
وقرأ أبو جعفر ونافع بالياء إخبارا عن يوسف، أي: يرعى الماشية كما نرعى نحن.
{وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.
{قَالَ} لهم يعقوب، {إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ} أي: يحزنني ذهابكم به، والحزن ها هنا: ألم القلب بفراق المحبوب، {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ} وذلك أن يعقوب كان رأى في المنام أن ذئبا شدَّ على يوسف، فكان يخاف من ذلك، فمن ثم قال هذه المقالة.
{قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} عشرة، {إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ} عجزة ضعفاء.
{فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا} أي: عزموا، {أَنْ يَجْعَلُوهُ} يلقوه، {فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ}.
هذه الواو زائدة، تقديره: أوحينا إليه، كقوله تعالى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ} [الصافات- 103] أي: ناديناه، {لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} يعني: أوحينا إلى يوسف عليه السلام لتصدقنّ رؤياك ولتخبرنّ إخوتك بصنيعهم هذا وهم لا يشعرون بوحي الله وإعلامه إيَّاه ذلك، قاله مجاهد.
وقيل: معناه: وهم لا يشعرون يوم تخبرهم أنك يوسف، وذلك حين دخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون.
وذكر وَهْبٌ وغيره: أنهم أخذوا يوسف عليه السلام بغاية الإكرام وجعلوا يحملونه، فلما برزوا إلى البرية ألقوه وجعلوا يضربونه فإذا ضربه واحد منهم استغاث بالآخر فضربه الآخر، فجعل لا يرى منهم رحيما فضربوه حتى كادوا يقتلونه وهو يصيح: يا أبتاه لو تعلم ما يصنع بابنك بنو الإماء، فلما كادوا أن يقتلوه قال لهم يهوذا: أليس قد أعطيتموني موثقا أن لا تقتلوه، فانطلقوا به إلى الجُبِّ ليطرحوه فيه، وكان ابن اثنتي عشرة سنة- وقيل: ثماني عشرة سنة- فجاؤوا به إلى بئر على غير الطريق واسعة الأسفل ضيقة الرأس. قال مقاتل: على ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب عليه السلام. وقال كعب: بين مدين ومصر. وقال وهب: بأرض الأردن. وقال قتادة: هي بئر بيت المقدس فجعلوا يدلونه في البئر فيتعلق بشفير البئر فربطوا يديه ونزعوا قميصه فقال: يا إخوتاه رُدّوا عليّ القميص أتوارى به في الجب، فقالوا: ادعُ الشمسَ والقمرَ والكواكِبَ تواريك، قال: إني لم أرَ شيئا، فألقوه فيها.
وقيل: جعلوه في دلو وأرسلوه فيها حتى إذا بلغ نصفها ألقوه إرادة أن يموت فكان في البئر ماء فسقط فيه، ثم أوى إلى صخرة فيها فقام عليها.
إنهم لمّا ألقوه فيها جعل يبكي فنادوه فظن أن رحمةً أدركتهم فأجابهم فأرادوا أن يرضخوه بصخرة فيقتلوه، فمنعهم يهوذا وكان يهوذا يأتيه بالطعام، وبقي فيها ثلاث ليال.
{وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا} الأكثرون على أن الله تعالى أوحى إليه بهذا وبعث إليه جبريل عليه السلام يؤنسه ويبشره بالخروج، ويخبره أنه ينبئهم بما فعلوه ويجازيهم عليه وهم لا يشعرون.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: ثم إنهم ذبحوا سخلة وجعلوا دمها على قميص يوسف عليه السلام.

.تفسير الآيات (16- 18):

{وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16) قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17) وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18)}
{وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ} قال أهل المعاني: جاؤوا في ظلمة العِشاء ليكونوا أجرأ على الاعتذار بالكذب. وروي أن يعقوب عليه السلام سمع صياحهم وعويلهم فخرج وقال: ما لكم يا بَنِيَّ هل أصابكم في غنمكم شيء؟ قالوا: لا. قال: فما أصابكم وأين يوسف؟؟.
{قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ} أي: نترامى وننتضل، وقال السدي: نشتد على أقدامنا. {وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا} أي: عند ثيابنا وأقمشتنا. {فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} بمصدق لنا، {وَلَوْ كُنَّا} وإن كنَّا {صَادِقِينَ}.
فإن قيل: كيف قالوا ليعقوب أنت لا تصدق الصادق؟.
قيل: معناه إنك تتهمنا في هذا الأمر لأنك خفتنا في الابتداء واتهمتنا في حقه.
وقيل: معناه لا تصدقنا لأنه لا دليل لنا على صدقنا وإن كنَّا صادقين عند الله.
{وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِب} أي: بدم هو كذب، لأنه لم يكن دم يوسف. وقيل: بدم مكذوب فيه، فوضع المصدر موضع الاسم.
وفي القصة: أنهم لطخوا القميص بالدم ولم يشقُّوه، فقال يعقوب عليه السلام: كيف أكله الذئب ولم يشق قميصه؟ فاتهمهم.
{قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ} زيَّنت، {لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} معناه: فأمري صبر جميل أو فعلي صبر جميل.
وقيل: فصبر جميل أختاره.
والصبر الجميل الذي لا شكوى فيه ولا جزع.
{وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ} أي: أستعين بالله على الصبر، على ما تكذبون.
وفي القصة: أنهم جاؤوا بذئب، وقالوا: هذا الذي أكله. فقال له يعقوب: يا ذئب أنت أكلت ولدي وثمرة فؤادي؟ فأنطقه الله عز وجل، فقال: تالله ما رأيت وجه ابنك قط.
قال: كيف وقعت بأرض كنعان؟.
قال: جئت لصلة قرابة فصادني هؤلاء فمكث يوسف في البئر ثلاثة أيام.

.تفسير الآية رقم (19):

{وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19)}
{وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ} وهم القوم المسافرون، سُمّوا سيارة لأنهم يسيرون في الأرض، كانت رفقة من مدين تريد مصر، فأخطؤوا الطريق فنزلوا قريبا من الجب، وكان الجب في قفرٍ بعيدٍ من العمران للرعاة والمارة، وكان ماؤه مالحا فعذب حين ألقي يوسف عليه السلام فيه، فلما نزلوا أرسلوا رجلا من أهل مدين يقال له مالك بن ذعر، لطلب الماء فذلك قوله عز وجل: {فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ} والوارد الذي يتقدم الرفقة إلى الماء فيهيئ الأرشية والدلاء.
{فَأَدْلَى دَلْوَهُ} أي: أرسلها في البئر، يقال: أدليتُ الدلو إذا أرسلتها في البئر، ودلوتها إذا أخرجتها، فتعلق يوسف بالحبل فلما خرج إذا هو بغلام أحسن ما يكون.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أعطي يوسف شطر الحُسْن».
ويقال: إنه ورث ذلك الجمال من جدته سارة، وكانت قد أعطيت سُدسَ الحُسنِ.
قال ابن إسحاق ذهب يوسف وأمه بثلثي الحسن.
فلما رآه مالك بن ذعر، {قَالَ يَا بُشْرَى} قرأ الأكثرون هكذا بالألف وفتح الياء، بَشَّر المستقي أصحابه يقول: أبشروا. وقرأ أهل الكوفة: يا بشرى، بغير إضافة، يريد نادى المستقي رجلا من أصحابه اسمه بشرى. {هَذَا غُلامٌ} وروى ابن مجاهد عن أبيه: أن جدران البئر كانت تبكي على يوسف حين أخرج منها. {وَأَسَرُّوه} أَخْفَوْهُ، {بِضَاعَة} قال مجاهد: أسره مالك بن ذعر وأصحابه من التجار الذين معهم وقالوا: هو بضاعة استبضعها بعض أهل الماء إلى مصر خيفة أن يطلبوا منهم فيه المشاركة.
وقيل: أراد أن إخوة يوسف أسروا شأن يوسف وقالوا هذا عبد لنا أبِقَ.
قال الله تعالى: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} فأتى يهوذا يوسف بالطعام فلم يجده في البئر، فأخبر بذلك إخوته، فطلبوه فإذا هم بمالك وأصحابه نزولا فأتوهم فإذا هم بيوسف، فقالوا هذا عبد آبق منّا. ويقال: إنهم هدّدوا يوسف حتى لم يعرف حاله. وقال مثل قولهم، ثم باعوه، فذلك قوله عز وجل:

.تفسير الآية رقم (20):

{وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20)}
{وَشَرَوْه} أي: باعوه، {بِثَمَنٍ بَخْسٍ} قال الضحاك، ومقاتل، والسدي: حرام لأن ثمن الحرِّ حرام، وسُمي الحرام بخسا لأنه مبخوس البركة.
وعن ابن عباس وابن مسعود: بخس أي زيوف.
وقال عكرمة والشعبي: بثمن قليل.
{دَرَاهِمَ} بدل من الثمن، {مَعْدُودَة} ذكَّر العدد عبارة عن قلتها.
وقيل: إنما قال معدودة لأنهم كانوا في ذلك الزمان لا يَزِنُون ما كان أقل من أربعين درهما، إنما كانوا يعدونها عدّاً، فإذا بلغت أوقية وزنوها.
واختلفوا في عدد تلك الدراهم: قال ابن عباس وابن مسعود وقتادة: عشرون درهما، فاقتسموها درهمين درهمين.
وقال مجاهد: اثنان وعشرون درهما.
وقال عكرمة: أربعون درهما.
{وَكَانُوا} يعني: إخوة يوسف، {فِيه} أي: في يوسف {مِنَ الزَّاهِدِينَ} لأنهم لم يعلموا منزلته عند الله.
وقيل: كانوا في الثمن من الزاهدين، لأنهم لم يكن قصدهم تحصيل الثمن، إنما كان قصدهم تبعيد يوسف عن أبيه.
ثم انطلق مالك بن ذعر وأصحابه بيوسف، فتبعهم إخوته يقولون: استوثقوا منه لا يأبق، قال: فذهبوا به حتى قدموا مصر، وعرضه مالك على البيع فاشتراه قطفير قاله ابن عباس.
وقيل: إظفير صاحب أمر الملك، وكان على خزائن مصر يسمى العزيز، وكان الملك يومئذ بمصر ونواحيها الريان بن الوليد بن شروان من العمالقة.
وقيل: إن هذا الملك لم يمت حتى آمن واتَّبَع يوسف على دينه، ثم مات ويوسف حي.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: لمّا دخلوا مصر تلقى قطفير مالك بن ذعر فابتاع منه يوسف بعشرين دينارا وزوج نعل وثوبين أبيضين.
وقال وهب بن منبه: قدمت السيارة بيوسف مصر فدخلوا به السوق يعرضونه للبيع، فترافع الناس في ثمنه حتى بلغ ثمنه وزنه ذهبا ووزنه فضة ووزنه مسكا وحريرا، وكان وزنه أربعمائة رطل، وهو ابن ثلاث عشرة سنة فابتاعه قطفير من مالك بن ذعر بهذا الثمن، فذلك قوله تعالى:

.تفسير الآية رقم (21):

{وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (21)}
{وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ} واسمها: راعيل، وقيل: زليخا، {أَكْرِمِي مَثْوَاهُ} أي: منزله ومقامه، والمثوى: موضع الإقامة.
وقيل: أكرميه في المطعم والملبس والمقام.
وقال قتادة وابن جريج: منزلته.
{عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا} أي: نبيعه بالربح إن أردنا البيع، أو يكفينا إذا بلغ بعض أمورنا.
{أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} أي: نتبنَّاه.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: أفرس الناس ثلاثة: العزيز في يوسف، حيث قال لامرأته: أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا، وابنة شعيب عليه السلام حيث قالت لأبيها في موسى عليه السلام: يا أبتِ استأجره، وأبو بكر في عمر رضي الله عنهما حيث استخلفه.
{وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرْضِ} أي: في أرض مصر أي: كما أنقذنا يوسف من القتل وأخرجناه من الجب، كذلك مكنا له في الأرض فجعلناه على خزائنها.
{وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ} أي: مكَّنّا له في الأرض لكي نعلمه من تأويل الأحاديث، وهي عبارة عن الرؤيا.
{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} قيل: الهاء في أمره كناية عن الله تعالى، يقول: إن الله غالب على أمره يفعل ما يشاء، لا يغلبه شيء ولا يردُّ حكمه رادّ.
وقيل: هي راجعة إلى يوسف عليه السلام معناه: إن الله مستول على أمر يوسف بالتدبير والحياطة لا يَكِلُه إلى أحد حتى يبلغ منتهى علمه فيه.
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُون} ما الله به صانع.

.تفسير الآية رقم (22):

{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (22)}
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ} منتهى شبابه وشدته وقوته. قال مجاهد: ثلاثا وثلاثين سنة.
وقال السدي: ثلاثين سنة.
وقال الضحاك: عشرين سنة.
وقال الكلبي: الأشدُّ ما بين ثماني عشرة سنة إلى ثلاثين سنة.
وسئل مالك رحمه الله عن الأشد قال: هو الحلم.
{آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} فالحكم: النبوة، والعلم: الفقه في الدين.
وقيل: حكما يعني: إصابة في القول: وعلما: بتأويل الرؤيا.
وقيل: الفرق بين الحكيم والعالم، أن العالم: هو الذي يعلم الأشياء، والحكيم: الذي يعمل بما يوجبه العلم.
{وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} قال ابن عباس رضي الله عنهما: المؤمنين. وعنه أيضا: المهتدين. وقال الضحاك: الصابرين على النوائب كما صبر يوسف عليه السلام.