فصل: تفسير الآية رقم (38):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم التنزيل المشهور بـ «تفسير البغوي»



.تفسير الآية رقم (38):

{أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38)}
ثم بيَّن ما في صحفهما فقال: {أَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} أي: لا تحمل نفس حاملة حمل أخرى، ومعناه: لا تؤخذ نفس بإثم غيرها. وفي هذا إبطال قول من ضمن للوليد بن المغيرة بأنه يحمل عنه الإثم.
وروى عكرمة عن ابن عباس قال: كانوا قبل إبراهيم عليه السلام يأخذون الرجل بذنب غيره، كان الرجل يقتل بقتل أبيه وابنه وأخيه وامرأته وعبده، حتى كان إبراهيم عليه السلام فنهاهم عن ذلك، وبلغهم عن الله: {ألا تزر وازرة وزر أخرى}.

.تفسير الآية رقم (39):

{وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى (39)}
{وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى} أي: عمل، كقوله: {إن سعيكم لشتى} [الليل- 4] وهذا أيضًا في صحف إبراهيم وموسى.
وقال ابن عباس: هذا منسوخ الحكم في هذه الشريعة، بقوله: {ألحقنا بهم ذريتهم} [الطور- 21] فأدخل الأبناء الجنة بصلاح الآباء.
وقال عكرمة: كان ذلك لقوم إبراهيم وموسى، فأما هذه الأمة فلهم ما سعوا وما سعى لهم غيرهم، لما روي أن امرأة رفعت صبيًا لها فقالت: يا رسول الله ألهذا حج؟ قال: {نعم ولك أجر}.
وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أمي افتلتت نفسها، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: {نعم}.
وقال الربيع بن أنس: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} يعني الكافر، فأما المؤمن فله ما سعى وما سعي له.
وقيل: ليس للكافر من الخير إلا ما عمل هو، فيثاب عليه في الدنيا حتى لا يبقى له في الآخرة خير.
ويروى أن عبد الله بن أبيّ كان أعطى العباس قميصًا ألبسه إياه، فلما مات أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه ليكفنه فيه، فلم يبق له حسنة في الآخرة يثاب عليها.

.تفسير الآيات (40- 42):

{وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأوْفَى (41) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42)}
{وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} في ميزانه يوم القيامة، مأخوذة من: أريته الشيء.
{ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأوْفَى} الأكمل والأتم أي: يجزى الإنسان بسعيه، يقال: جزيت فلانا سعيه وبسعيه، قال الشاعر:
إنْ أجزِ علقمةَ بنَ سعدٍ سَعْيَه ** لم أجزِه ببلاءِ يومٍ واحدٍ

فجمع بين اللغتين.
{وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} أي: منتهى الخلق ومصيرهم إليه، وهو مجازيهم بأعمالهم. وقيل: منه ابتداء المنة وإليه انتهاء الآمال.
أخبرنا أبو سعيد الشريحي، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي، أخبرني الحسن بن محمد الشيباني أخبرنا محمد بن سليمان بن الفتح الحنبلي، حدثنا علي بن محمد المصري، أخبرنا أبو إسحاق ابن منصور الصعدي، أخبرنا العباس بن زفر، عن أبي جعفر الرازي، عن أبيه عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وأن إلى ربك المنتهى}، قال: «لا فكرة في الرب»، وهذا مثل ما روي عن أبي هريرة مرفوعًا: «تفكروا في الخلق ولا تتفكروا في الخالق» فإنه لا تحيط به الفكرة.

.تفسير الآيات (43- 47):

{وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (46) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأخْرَى (47)}
{وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى} فهذا يدل على أن كل ما يعمله الإنسان فبقضائه وخلقه حتى الضحك والبكاء، قال مجاهد والكلبي: أضحك أهل الجنة في الجنة، وأبكى أهل النار في النار. وقال الضحاك: أضحك الأرض بالنبات، وأبكى السماء بالمطر.
قال عطاء بن أبي مسلم: يعني أفرح وأحزن، لأن الفرح يجلب الضحك، والحزن يجلب البكاء.
أخبرنا عبدالواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا عبدالرحمن بن أبي شريح، أخبرنا أبو القاسم البغوي، حدثنا علي بن الجعد، أخبرنا قيس، هو ابن الربيع الأسدي، حدثنا سماك بن حرب قال: قلت لجابر بن سمرة: أكنت تجالس النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم وكان أصحابه يجلسون ويتناشدون الشعر، ويذكرون أشياء من أمر الجاهلية، فيضحكون ويتبسم معهم إذا ضحكوا- يعني النبي صلى الله عليه وسلم-. وقال معمر عن قتادة: سئل ابن عمر هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحكون؟ قال: نعم والإيمان في قلوبهم أعظم من الجبل.
{وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا} أي: أمات في الدنيا وأحيا للبعث. وقيل: أمات الآباء وأحيا الأبناء. وقيل: أمات الكافر بالنكرة وأحيا المؤمن بالمعرفة.
{وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنْثَى} من كل حيوان.
{مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى} أي: تصب في الرحم، يقال: منى الرجل وأمنى. قاله الضحاك وعطاء بن أبي رباح. وقال آخرون: تقدر، يقال: منيت الشيء إذا قدرته.
{وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأخْرَى} أي: الخلق الثاني للبعث يوم القيامة.

.تفسير الآيات (48- 50):

{وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى (48) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى (49) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأولَى (50)}
{وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى} قال أبو صالح: أغنى الناس بالأموال وأقنى أي: أعطى القنية وأصول الأموال وما يدخرونه بعد الكفاية.
قال الضحاك: أغنى بالذهب والفضة وصنوف الأموال، وأقنى بالإبل والبقر والغنم.
وقال قتادة والحسن: {أقنى}: أخدم.
وقال ابن عباس: {أغنى وأقنى}: أعطى فأرضى.
قال مجاهد ومقاتل: {أقنى}: أرضى بما أعطى وقنع.
وقال ابن زيد: {أغنى}: أكثر {وأقنى}: أقل وقرأ: {يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر} [الإسراء- 30] وقال الأخفش: {أقنى}: أفقر. وقال ابن كيسان: أولد.
{وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى} وهو كوكب خلف الجوزاء وهما شعريان، يقال لإحداهما العبور وللأخرى الغميصاء، سميت بذلك لأنها أخفى من الأخرى، والمجرة بينهما. وأراد هاهنا الشعرى العبور، وكانت خزاعة تعبدها، وأول من سن لهم ذلك رجل من أشرافهم يقال له أبو كبشة عبدها، وقال: لأن النجوم تقطع السماء عرضًا والشعرى طولا فهي مخالفة لها، فعبدتها خزاعة، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلاف العرب في الدين سموه ابن أبي كبشة لخلافه إياهم، كخلاف أبي كبشة في عبادة الشعرى.
{وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأولَى} قرأ أهل المدينة والبصرة بلام مشددة بعد الدال، ويهمز وَاوَه قالون عن نافع، والعرب تفعل ذلك فتقول: قم لان عنا، تريد: قم الآن، ويكون الوقف عند {عادا}، والابتداء {أولى}، بهمزة واحدة مفتوحة بعدها لام مضمومة، ويجوز الابتداء: لولى بحذف الهمزة المفتوحة.
وقرأ الآخرون: {عادًا الأولى}، وهم قوم هود أهلكوا بريح صرصر، فكان لهم عقب، فكانوا عادًا الأخرى.

.تفسير الآيات (51- 60):

{وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (51) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (52) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (53) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (54) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (55) هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى (56) أَزِفَتِ الآزِفَةُ (57) لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (58) أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (60)}
{وَثَمُودَ} قوم صالح أهلكهم الله بالصيحة {فَمَا أَبْقَى} منهم أحدًا.
{وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ} أي: أهلك قوم نوح من قبل عاد وثمود {إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى} لطول دعوة نوح إياهم وعتوهم على الله بالمعصية والتكذيب.
{وَالْمُؤْتَفِكَةَ} قرى قوم لوط {أَهْوَى} أسقط أي: أهواها جبريل بعدما رفعها إلى السماء.
{فَغَشَّاهَا} ألبسها الله {مَا غَشَّى} يعني: الحجارة المنضودة المسومة.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ} نعم ربك أيها الإنسان، وقيل: أراد الوليد بن المغيرة {تَتَمَارَى} تشك وتجادل، وقال ابن عباس: تكذب.
{هَذَا نَذِيرٌ} يعني: محمدًا صلى الله عليه وسلم {مِنَ النُّذُرِ الأولَى} أي: رسول من الرسل إليكم كما أرسلوا إلى أقوامهم، وقال قتادة: يقول: أنذر محمد كما أنذر الرسل من قبله.
{أَزِفَتِ الآزِفَةُ} دنت القيامة واقتربت الساعة.
{لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ} أي: مظهرة مقيمة كقوله تعالى: {لا يجليها لوقتها إلا هو} [الأعراف- 187] والهاء فيه للمبالغة أو على تقدير: نفس كاشفة. ويجوز أن تكون الكاشفة مصدرًا كالخافية والعافية، والمعنى: ليس لها من دون الله كاشف أي: لا يكشف عنها ولا يظهرها غيره.
وقيل: معناه: ليس لها راد يعني: إذا غشيت الخلق أهوالها وشدائدها لم يكشفها ولم يردها عنهم أحد، وهذا قول عطاء وقتادة والضحاك.
{أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ} يعني القرآن {تَعْجَبُون وَتَضْحَكُونَ} يعني: استهزاء {وَلا تَبْكُونَ} مما فيه من الوعيد.

.تفسير الآيات (61- 62):

{وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62)}
{وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} لاهون غافلون، والسمود: الغفلة عن الشيء واللهو، يقال: دع عنك سمودك أي لهوك، هذا رواية الوالبي والعوفي عن ابن عباس وقال عكرمة عنه: هو الغناء بلغة أهل اليمن، وكانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا ولعبوا. وقال الضحاك: أشِرُون بَطِرون. وقال مجاهد: غضاب مبرطمون. فقيل له: ما البرطمة؟ قال: الإعراض.
{فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} أي: واعبدوه.
أخبرنا عبدالواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبدالله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا مسدد، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم: سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس.
أخبرنا عبد الواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، أخبرنا محمد بن إسماعيل، حدثنا نصر بن علي، أخبرني أبو أحمد، حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد عن عبد الله قال: أول سورة أنزلت فيها سجدة: النجم، قال: فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد من خلفه إلا رجلا رأيته أخذ كفًا من تراب فسجد عليه، فرأيته بعد ذلك قتل كافرًا، وهو أمية بن خلف.
وأخبرنا عبدالواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبدالله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، أخبرنا آدم بن أبي إياس، أخبرنا ابن أبي ذئب، أخبرنا يزيد بن عبدالله بن قسيط عن عطاء بن يسار عن زيد بن ثابت قال: قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم: «والنجم» فلم يسجد فيها.
قلت: فهذا دليل على أن سجود التلاوة غير واجب. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء. وهو قول الشافعي وأحمد.
وذهب قوم إلى أن وجوب سجود التلاوة على القارئ والمستمع جميعا، وهو قول سفيان الثوري وأصحاب الرأي.

.سورة القمر:

مكية.

.تفسير الآية رقم (1):

{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1)}
{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} دنت القيامة {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}.
أخبرنا عبدالواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبدالله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا عبدالله بن عبد الوهاب، أخبرنا بشر بن المفضل، حدثنا سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما.
وقال شيبان عن قتادة: فأراهم انشقاق القمر مرتين.
أخبرنا عبدالواحد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبدالله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا مسدد، حدثنا يحيى عن شعبة وسفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر عن ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين، فرقة فوق الجبل وفرقة دونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشهدوا».
وقال أبو الضحى عن مسروق عن عبدالله قال: انشق القمر بمكة. وقال مقاتل: انشق القمر ثم التأم بعد ذلك.
وروى أبو الضحى عن مسروق عن عبدالله قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت قريش: سحركم ابن أبي كبشة، فاسألوا السُّفّار، فسألوهم فقالوا: نعم قد رأيناه، فأنزل الله عز وجل: {اقتربت الساعة وانشق القمر}.

.تفسير الآيات (2- 3):

{وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2) وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3)}
{وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} أي: ذاهب وسوف يذهب ويبطل من قولهم: مر الشيء واستمر إذا ذهب، مثل قولهم: قر واستقر، قال هذا قول مجاهد وقتادة. وقال أبو العالية والضحاك: {مستمر} أي: قوي شديد يعلو كل سحر، من قولهم: مر الحبل إذا صَلُبَ واشتدَّ وأمررته إذا أحكمت فَتْله واستمر الشيء إذا قوي واستحكم.
{وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} أي: كذبوا النبي صلى الله عليه وسلم وما عاينوا من قدرة الله عز وجل واتبعوا ما زين لهم الشيطان من الباطل. {وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ} قال الكلبي: لكل أمر حقيقة ما كان منه في الدنيا فسيظهر، وما كان منه في الآخرة فسيعرف. وقال قتادة: كل أمر مستقر فالخير مستقر بأهل الخير، والشر مستقر بأهل الشر.
وقيل: كل أمر من خير أو شر مستقر قراره، فالخير مستقر بأهله في الجنة، والشر مستقر بأهله في النار.
وقيل: يستقر قول المصدقين والمكذبين حتى يعرفوا حقيقته بالثواب والعقاب. وقال مقاتل: لكل حديث منتهى. وقيل: كل ما قدر كائن واقع لا محالة.
وقرأ أبو جعفر {مستقر} بكسر الراء، ولا وجه له.