فصل: تفسير الآية رقم (29):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معالم التنزيل المشهور بـ «تفسير البغوي»



.تفسير الآية رقم (29):

{يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (29)}
{يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ}، من ملك وإنس وجن. وقال قتادة: لا يستغني عنه أهل السماء والأرض. قال ابن عباس: فأهل السموات يسألونه المغفرة وأهل الأرض يسألونه الرحمة والرزق والتوبة والمغفرة وقال مقاتل: يسأله أهل الأرض الرزق والمغفرة وتسأله الملائكة أيضًا لهم الرزق والمغفرة.
{كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}، قال مقاتل: نزلت في اليهود حين قالوا إن الله لا يقضي يوم السبت شيئًا.
قال المفسرون: من شأنه أن يحيى ويميت، ويرزق، ويعز قومًا، ويذل قومًا، ويشفي مريضًا، ويفك عانيًا ويفرج مكروبًا، ويجيب داعيًا، ويعطي سائلا ويغفر ذنبًا إلى ما لا يحصى من أفعاله وإحداثه في خلقه ما يشاء.
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي، أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عبدوس المزكي- إملاء- أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى البزاز، أخبرنا يحيى بن الربيع المكي، أخبرنا سفيان بن عيينة، أخبرنا أبو حمزة الثمالي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: إن مما خلق الله عز وجل لوحًا من درة بيضاء، دفتاه ياقوتة حمراء، قلمه نور وكتابه نور، ينظر الله عز وجل فيه كل يوم ثلاث مائة وستين نظرة، يخلق ويرزق ويحيى ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء فذلك قوله: {كل يوم هو في شأن}.
قال سفيان بن عيينة: الدهر كله عند الله يومان أحدهما مدة أيام الدنيا والآخر يوم القيامة، فالشأن الذي هو فيه اليوم الذي هو مدة الدنيا: الإخبار بالأمر والنهي والإحياء والإماتة، والإعطاء والمنع، وشأن يوم القيامة: الجزاء والحساب، والثواب والعقاب.
وقيل: شأنه جل ذكره أنه يخرج في كل يوم وليلة ثلاثة عساكر، عسكرًا من أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات، وعسكرًا من الأرحام إلى الدنيا، وعسكرًا من الدنيا إلى القبور، ثم يرتحلون جميعًا إلى الله عز وجل.
قال الحسين بن الفضل: هو سَوْقُ المقادير إلى المواقيت. وقال أبو سليمان الداراني في هذه الآية: كل يوم له إلى العبيد بر جديد.

.تفسير الآيات (30- 33):

{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (30) سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلانِ (31) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (32) يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ (33)}
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ سَنَفْرُغُ لَكُمْ}، قرأ حمزة والكسائي: سيفرغ بالياء لقوله: {يسأله من في السموات والأرض}، {ويبقى وجه ربك} {وله الجوار} فأتبع الخبر.
وقرأ الآخرون بالنون، وليس المراد منه الفراغ عن شغل، لأن الله تعالى لا يشغله شأن عن شأن، ولكنه وعيد من الله تعالى للخلق بالمحاسبة، كقول القائل: لأتفرغن لك، وما به شغل، وهذا قول ابن عباس والضحاك وإنما حسن هذا الفراغ لسبق ذكر الشأن.
وقال آخرون: معناه: سنقصدكم بعد الترك والإمهال ونأخذ في أمركم، كقول القائل للذي لا شغل له: قد فرغتَ لي. وقال بعضهم: إن الله وعد أهل التقوى وأوعد أهل الفجور، ثم قال: سنفرغ لكم مما وعدناكم وأخبرناكم، فنحاسبكم ونجازيكم وننجز لكم ما وعدناكم، فيتمَّ ذلك ويفرغ منه، وإلى هذا ذهب الحسن ومقاتل.
{أَيُّهَا الثَّقَلانِ}، أي الجن والإنس، سميا ثقلين لأنهما ثقل على الأرض أحياء وأمواتًا، قال الله تعالى: {وأخرجت الأرض أثقالها} [الزلزلة- 2] وقال بعض أهل المعاني: كل شيء له قدر ووزن ينافس فيه فهو ثقل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي» فجعلهما ثقلين إعظامًا لقدرهما.
وقال جعفر بن محمد الصادق: سمي الجن والإنس ثقلين لأنهما مثقلان بالذنوب {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا}، أي تجوزوا وتخرجوا، {مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ} أي من جوانبهما وأطرافهما، {فَانْفُذُوا} معناه إن استطعتم أن تهربوا من الموت بالخروج من أقطار السموات والأرض: فاهربوا واخرجوا منها. والمعنى حيثما كنتم أدرككم الموت، كما قال جل ذكره: {أينما تكونوا يدرككم الموت} [النساء- 78] وقيل: يقال لهم هذا يوم القيامة إن استطعتم أن تجوزوا أطراف السموات والأرض فتعجزوا ربكم حتى لا يقدر عليكم فجوزوا، {لا تَنْفُذُونَ إِلا بِسُلْطَانٍ} أي: بملك، وقيل بحجة، والسلطان: القوة التي يتسلط بها على الأمر، فالملك والقدرة والحجة كلها سلطان، يريد حيثما توجهتم كنتم في ملكي وسلطاني. وروي عن ابن عباس قال: معناه: إن استطعتم أن تعلموا ما في السموات والأرض فاعلموا ولن تعلموه إلا بسلطان أي ببينة من الله عز وجل. وقيل قوله: {إلا بسلطان} أي إلا إلى سلطان كقوله: {وقد أحسن بي} [يوسف- 100] أي إليّ.

.تفسير الآيات (34- 35):

{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (34) يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلا تَنْتَصِرَانِ (35)}
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، وفي الخبر: يحاط على الخلق بالملائكة وبلسان من نار ثم ينادون {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا} الآية فذلك قوله عز وجل: {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ}. {يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ}، قرأ ابن كثير: بكسر الشين والآخرون بضمها، وهما لغتان، مثل صوار من البقر وصوار. وهو اللهيب الذي لا دخان فيه هذا قول أكثر المفسرين. وقال مجاهد هو اللهب الأخضر المنقطع من النار، {وَنُحَاسٌ}، قرأ ابن كثير وأبو عمرو {ونحاس} بجر السين عطفًا على النار، وقرأ الباقون برفعها عطفًا على الشواظ.
قال سعيد بن جبير والكلبي: النحاس: الدخان وهو رواية عطاء عن ابن عباس.
ومعنى الرفع يرسل عليكما شواظ، ويرسل نحاس، أي يرسل هذا مرة وهذا مرة، ويجوز أن يرسلا معًا من غير أن يمتزج أحدهما بالآخر، ومن كسر بالعطف على النار يكون ضعيفًا؛ لأنه لا يكون شواظ من نحاس، فيجوز أن يكون تقديره: شواظ من نار وشيء من نحاس، على أنه حكي أن الشواظ لا يكون من النار والدخان جميعًا.
قال مجاهد وقتادة: النحاس هو الصُّفْر المذاب يصب على رؤوسهم، وهو رواية العوفي عن ابن عباس. وقال عبد الله بن مسعود: هو المهل.
{فَلا تَنْتَصِرَانِ}، أي فلا تمتنعان من الله ولا يكون لكم ناصر منه.

.تفسير الآيات (36- 39):

{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (36) فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38) فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ (39)}
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} {فَإِذَا انْشَقَّتِ}، انفرجت {السَّمَاءُ}، فصارت أبوابًا لنزول الملائكة {فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ}، أي كلون الفرس الورد، وهو الأبيض الذي يضرب إلى الحمرة والصفرة، قال قتادة: إنها اليوم خضراء، ويكون لها يومئذ لون آخر يضرب إلى الحمرة.
وقيل: إنها تتلون ألوانًا يومئذ كلون الفرس الورد يكون في الربيع أصفر وفي أول الشتاء أحمر فإذا اشتد الشتاء كان أغبر فشبه السماء في تلونها عند انشقاقها بهذا الفرس في تلونه.
{كَالدِّهَانِ}، جمع دهن. شبه تلون السماء بتلون الورد من الخيل، وشبه الوردة في اختلاف ألوانها بالدهن واختلاف ألوانه، وهو قول الضحاك ومجاهد وقتادة والربيع.
وقال عطاء بن أبي رباح: {كالدهان} كعصير الزيت يتلون في الساعة ألوانًا.
وقال مقاتل: كدهن الورد الصافي. وقال ابن جريج: تصير السماء كالدهن الذائب وذلك حين يصيبها حر جهنم.
وقال الكلبي: كالدهان أي كالأديم الأحمر وجمعه أدهنة ودهن {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. {فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ}، قال الحسن وقتادة: لا يسئلون عن ذنوبهم لتعلم من جهتهم، لأن الله عز وجل علمها منهم، وكتبت الملائكة عليهم، وهي رواية العوفي عن ابن عباس.
وعنه أيضًا: لا تسأل الملائكة المجرمين لأنهم يعرفونهم بسيماهم. دليله: ما بعده، وهذا قول مجاهد.
وعن ابن عباس في الجمع بين هذه الآية وبين قوله: {فوربك لنسئلنهم أجمعين} [الحجر- 92]، قال: لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا؟ لأنه أعلم بذلك منهم، ولكن يسألهم لم عملتم كذا وكذا؟
وعن عكرمة أنه قال: إنها مواطن، يسأل في بعضها ولا يسأل في بعضها.
وعن ابن عباس أيضًا: لا يسألون سؤال شفقة ورحمة وإنما يسألون سؤال تقريع وتوبيخ.
وقال أبو العالية: لا يسأل غير المجرم عن ذنب المجرم.

.تفسير الآيات (40- 45):

{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (40) يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأقْدَامِ (41) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (42) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (43) يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (44) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (45)}
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ}، وهو سواد الوجوه وزرقة العيون، كما قال جل ذكره: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه} [آل عمران- 106] {فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأقْدَامِ}، تجعل الأقدام مضمومة إلى النواصي من خلف ويلقون في النار، {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
ثم يقال لهم: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ} المشركون {يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} قد انتهى حره. قال الزجَّاج: أَنَى يأنى فهو آن إذا انتهى في النضج، والمعنى: أنهم يسعون بين الجحيم والحميم فإذا استغاثوا من حر النار جعل عذابهم الحميم الآني الذي صار كالمهل، وهو قوله: {وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل} [الكهف- 29] وقال كعب الأحبار: {آن} واد من أودية جهنم يجتمع فيه صديد أهل النار فينطلق بهم في الأغلال فيغمسون في ذلك الوادي حتى تنخلع أوصالهم، ثم يخرجون منه وقد أحدث الله تعالى لهم خلقًا جديدًا فيلقون في النار وذلك قوله: {يطوفون بينها وبين حميم آن}.
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} وكل ما ذكر الله تعالى من قوله: {كل من عليها فان} إلى هاهنا مواعظ وزواجر وتخويف. وكل ذلك نعمة من الله تعالى، لأنها تزجر عن المعاصي ولذلك ختم كل آية بقوله: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.

.تفسير الآيات (46- 47):

{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (46) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (47)}
ثم ذكر ما أعده لمن اتقاه وخافه فقال: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ} أي: مقامه بين يدي ربه للحساب فترك المعصية والشهوة. وقيل: قيام ربه عليه، بيانه قوله: {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} [الرعد- 33]، وقال إبراهيم ومجاهد: هو الذي يهم بالمعصية فيذكر الله فيدعها من مخافة الله. {جَنَّتَانِ}، قال مقاتل: جنة عدن وجنة نعيم. قال محمد بن علي الترمذي: جنة لخوفه ربه وجنة لتركه شهوته.
قال الضحاك: هذا لمن راقب الله في السر والعلانية بعلمه ما عرض له من محرم تركه من خشية الله وما عمل من خير أفضى به إلى الله، لا يحب أن يطلع عليه أحد.
وقال قتادة: إن المؤمنين خافوا ذلك المقام فعملوا لله ودأبوا بالليل والنهار.
أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين القرشي، أخبرنا أبو مسلم غالب بن علي الرازي، حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن يونس، أخبرنا أبو جعفر محمد بن موسى بن عيسى الحلواني، وأخبرنا محمد بن عبيد الهمداني، أخبرنا هاشم بن القاسم عن أبي عقيل هو الثقفي عن يزيد بن سنان سمعت بكير بن فيروز قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة».
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الخرقي، أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني، أخبرنا عبد الله بن عمر الجوهري، أخبرنا أحمد بن علي الكشمهيني، أخبرنا علي بن حجر، أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن محمد بن أبي حرملة مولى حويطب بن عبد العزي عن عطاء بن يسار، عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص على المنبر وهو يقول: {ولمن خاف مقام ربه جنتان} قلت: وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ولمن خاف مقام ربه جنتان} فقلت الثانية: وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ولمن خاف مقام ربه جنتان}. فقلت الثالثة: وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ قال: «وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي الدرداء».

.تفسير الآيات (48- 52):

{ذَوَاتَا أَفْنَانٍ (48) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (49) فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ (50) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (51) فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ (52)}
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} ثم وصف الجنتين فقال: {ذَوَاتَا أَفْنَانٍ}، أغصان، واحدها فنن، وهو الغصن المستقيم طولا. وهذا قول مجاهد وعكرمة والكلبي. وقال عكرمة: ظل الأغصان على الحيطان. قال الحسن: ذواتا ظلال. قال ابن عباس: ألوان. قال سعيد بن جبير والضحاك: ألوان الفاكهة، واحدها فَن من قولهم أفنن فلان في حديثه إذا أخذ في فنون منه وضروب. وجمع عطاء بين القولين فقال: في كل غصن فنون من الفاكهة. وقال قتادة: ذواتا فضل وسعة على ما سواهما {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ}، قال ابن عباس: بالكرامة والزيادة على أهل الجنة. قال الحسن: تجريان بالماء الزلال، إحداهما التسنيم والأخرى السلسبيل. وقال عطية: إحداهما من ماء غير آسن والأخرى من خمر لذة للشاربين {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
{فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ} صنفان ونوعان قيل: معناه: إن فيهما من كل ما يتفكه به ضربين رطبًا ويابسًا. قال ابن عباس: ما في الدنيا ثمرة حلوة ولا مرة إلا وهي في الجنة حتى الحنظل إلا أنه حلو.