فصل: بَابُ القَاف

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معجم القواعد ***


بَابُ القَاف

قَاطِبَةً‏:‏

من أَلفَاظ الإِحَاطَة، تقولُ‏:‏ ‏"‏جَاءَ القَومُ قَاطِبَةً‏"‏ أي جميعًا، ولا

تُستَعمل إلاَّ حالًا‏.‏

قَبل وإعرابُها‏:‏

قَبُلُ في الأصلِ من قَبيلِ أَلفاظِ الجهات الستِّ المَوْضُوعَةِ

لأمكِنَةٍ، مُبهَمَةٍ، ثم استُعِيرَت لِزَمَانٍ مُبهم، سابقٍ على زَمانِ ما أُضِيفتْ هي إلَيه، وهي بِحَسَبِ الإِضافة تكُون، فإن أُضيِفَتْ إلى مَكانٍ كَانَتْظَرْفَ مَكانٍ كقولِكَ ‏"‏المَدينةُ قبلَ مَكَّة‏"‏، وقد تُستَعملُ الظَّرفيَّةُ المَكَانِيَّة في المَنزِلَة والمكانة كقولهم‏:‏ ‏"‏عُمَرُ بالفَضل قَبلَ عُثمانَ‏"‏‏.‏ وإنْ أُضِيفَتْ إلى الزَّمان كَانَتْ ظَرْفَ زَمَان نحو ‏"‏جِئتُكَ قَبلَ وَقتِ الظُّهر‏"‏‏.‏

ولـ ‏"‏قبلُ وبعدُ‏"‏ حالتان‏:‏ البِنَاء على الضَّم، والإِعراب، أمَّا البِنَاء على الضم فله حَالةٌ واحِدةٌ، وهي حذفُ المضافِ إِليه ونيَّةُ معناه ‏(‏المراد بنية المعنى‏:‏ أن نلاحِظَ المضاف إِليه معبّرًا عنه تَعبيرًا مّا دونَ الالتفات إلى لفظٍ بعينه‏)‏، سواءٌ أَجُرَّ بـ ‏"‏مِنْ‏"‏ أم لا، لا تَزُول مَعرفتُه، نحو ‏{‏لِلّهِ الأَمرُ مِنْ قَبلُ ومِنْ بَعدُ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏4‏"‏ من سورة الروم ‏"‏30‏"‏‏)‏ ونحو ‏{‏ومِنْ قَبلُ مَا فَرَّطتُم في يُوسُفَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏80‏"‏من سورة يوسف ‏"‏12‏"‏‏)‏ وبِدُون ‏"‏مِنْ‏"‏ قولُه تعالى‏:‏ ‏{‏وقَدْ عَصَيتَ قبلُ وكُنتَ من المُفسِدين‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏91‏"‏من سورة يونس ‏"‏10‏"‏‏)‏‏.‏

أمَّا الإِعرَابُ نَصبًا على الظَّرفية، أو جرًَّا بـ ‏"‏مِنْ‏"‏ فلهُ ثلاث صور‏:‏

‏(‏1‏)‏ أنْ يُصَرَّحَ بالمُضافِ إلَيهِ نحو‏:‏ ‏"‏زرتُكَ قَبلَ الغدَاءِ‏"‏ و ‏"‏بَعدَ الفَجرِ‏"‏ و ‏"‏جِئتُكَ مِنْ قَبلِ الظُّهر‏"‏ و ‏"‏مِنْ بَعدِه‏"‏‏.‏

‏(‏2‏)‏ أنْ يُحذَفَ المُضافُ إِليه، ويُنوَى ثُبُوتُ لَفظِهِ فَيبقَى الإِعراب وتَرْكُ التَّنوينِ كما لَوْ ذُكِرَ المُضافُ إليهِ كقولهِ‏:‏

ومِنْ قَبلِ نَادَى كُلُّ مَوْلىً قَرَبَةً *** فَمَا عَطَفَتْ مَوْلىً عَلَيه العَواطِفُ

‏(‏وليسَ ببعيدٍ أن تكونَ رِواية البيت‏:‏ ومن قبلُ فيكون مبنيًا على الضم‏)‏‏.‏

أي‏:‏ ومِنْ قبلِ ذَلكَ، وَهُمَا في هذِينِ الوَجهَينِ مَعرِفتَانِ أيضًا‏.‏

‏(‏3‏)‏ أنْ يُحذَفَ المُضافُ إليه، ولا يُنوَى شَيءٌ، فيبقى الإِعرابُ، ويَرجع التنوين لزوالِ ما يُعارِضهُ في اللَّفظِ كقَولِ عبدِ اللّه بن يَعرُب‏:‏

فَسَاغَ لي الشَّرابُ وكُنتُ قَبلًا *** أكَادُ أغَصُّ بالماءِ الفُراتِ

والمراد‏:‏ قَبلًا مَّا‏.‏

وقوله‏:‏

ونحنُ قَتَلنَا الأُسدَ أُسدَ خَفِيَّة *** فَمَا شَرِبُوا بَعدًا على لَذَّة خَمرا

وهما في هذه الحَالَة نَكِرَتان لِعَدَم الإِضافَةِ لَفظًا وتَقدِيرًا، ولذلك نُوِّنا‏.‏

قَدْ اسم الفِعلِ‏:‏

هي مُرادِفَةٌ ليَكفي يُقال‏:‏ ‏"‏قَدْ خالدًا دِرْهمٌ‏"‏ و ‏"‏قدْني دِرْهمٌ‏"‏ كما يُقال‏:‏ ‏"‏يَكفِي خَالدًا دِرْهَمٌ‏"‏‏.‏

قَدْ الاسمِيَّة‏:‏

هِيَ مُرَادِفةٌ لِـ ‏"‏حَسب‏"‏، وهي على الأكثر مَبنِيَّةٌ على السُّكون، يُقال‏:‏ ‏"‏قَدْ زيدٍ دِرْهمٌ‏"‏ و ‏"‏قَدْنِي دِرْهمٌ‏"‏ بنُونِ الوِقَايَةِ حِرْصًا على بَقاءِ السُّكُونِ، وقليلًا ما تَكون مُعرَبَةً يقال‏:‏ ‏"‏قَدُ زيدٍ درهَمٌ‏"‏ بالرفع كما يقال‏:‏ ‏"‏حَسبُه دِرْهَمٌ‏"‏ بغيرِ نون، كما يقال‏:‏ حَسبي‏.‏

قَدْ الحَرْفِيّة‏:‏ تَختَصُّ بالفِعلِ المُتَصَرَّفِ الخَبَري، المُثبَتِ، المُجَرَّدِ مِنْ ناصِبٍ، وجَازم وحَرفِ تنفيس، وهي معَه كالجزءِ، فلا تُفصَلُ مِنه بشيء إلاَّ بالقسم كقولِ الشّاعر‏:‏

أخالِدُ قَدْ - واللّهِ - أَوْطَأتَ عَشوَةً *** وَمَا العَاشِقُ المِسكينُ فينا بسَارقٍ

وسُمِعَ‏:‏ ‏"‏قَدْ - وَاللّهِ - أَحسَنتَ‏"‏‏.‏

وقد يُضطَّر الشاعرُ فيقدمُ الاسمَ، وقد أوقَعَ الفعلَ على شيء من سَبَبِه، فليس للاسم المتقدِّمِ إلاَّ النصبُ وذلك نحو ‏"‏قَدْ زيدًا أضرِبُه‏"‏ إذا اضطُّرشَاعِرٌ فَقَدَّم لم يَكُنْ إلاَّ النَّصب في زيد، لأَنَّه لا بُدَّ أَنْ يُضمَرَ الفِعلُ، لأَنَّ ‏"‏قَدْ‏"‏ مُختَصَّةٌ بالأَفعَال، ولو قُلتَ‏:‏ ‏"‏قد زَيدًا أَضربُ‏"‏ لم يَحسُن كما قال سيبويه‏.‏

ولِ‏"‏قَدْ‏"‏ خَمسة مَعان‏:‏

‏(‏1‏)‏ التَّوقُّعُ، وهو مع المُضارعِ كقولك‏:‏

‏"‏قَدْ يَقدُمُ الغَائِبُ اليومَ‏"‏ وأمَّا مع المَاضي فَتدْخلُ منهُ على مَاضٍ مُتَوقَّعٍ، من ذلك قول المؤذِّنِ ‏"‏قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ‏"‏ لأنَّ الجماعَةَ مُنتَظرُونَ ذلك، وقدْ اجتَمَعَ في ‏"‏قدْ قامَتِ الصَّلاةُ‏"‏ ثلاثةُ مَعانٍ مُجتمعة‏:‏ التَّحقِيق، والتَّوَقُع، والتَّقريب‏.‏

‏(‏2‏)‏ تَقرِيبُ الماضي من الحالِ تقولُ‏:‏

‏"‏أَقبَلَ العالمُ‏"‏ فيحتمل المَاضِي القَريب والبَعيد، فإذا قلتَ‏:‏ ‏"‏قَدْ أقبَلَ‏"‏ اختَصَّ بالقَرِيبِ ويُبنَى على إفادتها ذلك‏:‏ أنهالا تُدْخُلُ عَلى ‏"‏لَيسَ وَعَسَى ونِعمَ وبئسَ‏"‏‏.‏ لأنهنَّ للحالِ‏.‏

‏(‏3‏)‏ التَّقليلُ، وتَختَصُّ بالمضَارع نحو ‏"‏قَدْ يَصدُقُ الكَذُوبُ‏"‏، وقَدْيكونُ التَّقليلُ، لمتَعَلِّقِهِ نحو قوله تعالى‏:‏

‏{‏قَدْ يَعلَمُ مَا أنتُمْ عَلَيهِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏64‏"‏من سورة النور ‏"‏24‏"‏‏)‏ أيْ مَا هُمْ عَلَيه هوَ أَقل مَعلُوماتِهِ سُبحَانَه، والأولى أن تكون في الآية للتحقيق‏.‏

‏(‏4‏)‏ التَّكثِيرُ بمنزلة رُبَّما كقولِ الهُذَلي‏:‏

قَدْ أترُكُ القِرْنَ مُصفَرًا أنَاملُهُ *** كأنَّ أثوابَهُ مُجَّتْ بِفِرْصَادِ

‏(‏القرن‏:‏ هو المقابل في الشجاعة، الفرصاد‏:‏ التوت‏)‏ ومنْ ذلكَ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجهِكَ في السَّماءِ ‏(‏الآية ‏"‏144‏"‏من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏‏.‏

‏(‏5‏)‏ التَّحقِيق، نحو قولِه تَعالى‏:‏

‏{‏قَدْ أفلَحَ مَنْ زَكَّاهَا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏9‏"‏ من سورة الشمس ‏"‏91‏"‏‏)‏ ومنه ‏{‏قد يَعلَمْ ما أَنتُم علَيه‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏64‏"‏من سورة النور ‏"‏24‏"‏‏)‏ فتدخلُ عَلى المَاضِي والمُضَارِعِ‏.‏

قُدَّام‏:‏

قدَّامُ خِلاف وَرَاء، وهي مِن أسماءِ الجِهَات، وَلَها أرْبعةُ أحكام ‏(‏= قبل‏)‏، وهي مُؤَنَّثَةُ اللَّفظ، وتُصَغَّر بالهاء فَيُقَال‏:‏ قُدَيدِيمَةٌ، ولا يُصَغَّر رُبَاعِيّ بالهَاءِ إلاَّ قُدَّامٌ وَوَرَاءُ‏.‏

قُرْبَ‏:‏

تقول‏:‏ ‏"‏سكَنتُ قُرْبَ المَسجِدِ‏"‏ قُرْبَ‏:‏ مَفعولٌ فيه ظَرْفُ مَكَانٍ‏.‏

القَسَم‏:‏

هو تَوْكيدِ لِكَلامِكَ، فإذا حلَفتَ على فِعلٍ غَيرِ مَنفِيٍّ لم يَقَعْ لَزِمَتهُ اللاَّمَ النُّونُ الخَفِيفَةُ أو الثَّقِيلةُ في آخِرِ الكَلِمة، وذلكَ قولُكَ‏:‏ ‏"‏واللّهِ لأَفعلَنَّ‏"‏‏.‏

ومِنَ الأَفعال أشياءُ فيها مَعنَى اليمين، يَجرِي الفعلُ بَعدَها مَجرَاهُ بَعدَ قولِكَ‏:‏ ‏"‏واللّهِ‏"‏ وذلِكَ قولُكَ‏:‏ ‏"‏أُقسِم لأَفعَلَنَّ‏"‏ و ‏"‏أَشهَدُ لأَفعَلَنَّ‏"‏ و ‏"‏أقسَمتُ باللّهِ عَلَيكَ لتَفعَلَنَّ‏"‏‏.‏

والقَسَم إمَّا علَى إضمارِ فعلٍ أو إظهارِه، تقول‏:‏ ‏"‏أحلِفُ باللّه لأَفعَلنَّ‏"‏ أو باللّهِ، أوْ واللّهِ، ولا يَظهرُ الفِعلُ إلا بالباءِ لأنَّها الأصلُ‏.‏

وإنْ كانَ الفِعلُ قَدْ وَقَعَ وحَلفتَ عَليه لم تَزِد على اللاَّمِ، وذلكَ قولُكَ‏:‏ ‏"‏واللّهِ لَفَعَلتُ‏"‏ وسُمِعَ من العَرَب من يقول‏:‏ ‏"‏واللّهِ لَكَذَبتَ‏"‏ فَنُونُ التَّوكيدِ لا تَدْخُلُ على فِعلٍ قَد وقَعَ، وإذا حَلَفتَ عَلى فِعلٍ مَنفِيٍّ لم تُغَيِّر عَنْ حالِه التي كانَ عَلَيها قبلَ أنْ تَحلِفَ، وذلكَ قولُكَ‏:‏ ‏"‏واللّهِ لا أفعَلُ‏"‏‏.‏

وقَدْ يَجُوز لك - وهُو مِنْ كَلامِ العَرَبِ - أَنْ تَحذِفَ ‏"‏لا‏"‏ وأَنتَ تُرِيدُ مَعنَاهَا، وذلك قولُك‏:‏ ‏"‏واللّهِ أَفعلُ ذلك أَبَدًَا؛ تريد‏:‏ واللّهِ لا أَفعلُ ذلك أَبَدًَا، وقال الشاعر‏:‏

فَخَالِفْ فلا واللّهِ تَهبِطُ تَلعَةً *** من الأرضِ إلاَّ أنتَ للذُّلِّ عَارِفُ

‏(‏التلعة من الأضدَاد‏:‏ يقال لما انحدر من الأرض، ولما ارتفع، وأراد الشاعر، ما انحدر من الأرض‏)‏‏.‏ يريد‏:‏ لا تَهبطُ تَلعةً ‏(‏الشرط والقسم‏)‏ ويقول سيبويه‏:‏ سَأَلتُ الخليلَ عن قَوْلِهم‏:‏ ‏"‏أقسَمتُ عَلَيكَ إلاَّ فَعَلتَ‏"‏ لم جَازَ هذا في هَذا المَوضِعِ‏؟‏ فقال‏:‏ وَجهُ الكَلامِ، لَتَفعَلَنَّ، هَا هُنا، ولكنهم إنَّما أجَازُوا هَذا لِأَنَّهُم شَبَّهُوهُ‏:‏ بِنَشَدْتُكَ اللّه، إذْ كانَ فيه مَعنَى الطَّلَب‏.‏

وأجَابَ الخليلُ عن قول‏:‏ لَتَفعَلَنَّ، إذا جَاءَتْ مُبتَدأةً لَيسَ قَبلَها ما يُحلفُ به، قال‏:‏ إنَّما جاءَتْ على نِيَّةِ اليَمِين وإنْ لم يتكلَّم بالمَحلُوفِ به‏.‏

حروف القسم‏:‏

أحرُف القسم ثلاثة‏:‏ الباء، والواو، والتاء‏(‏= في أحرفها‏)‏ وإذا حَذَفتَ من المَحلُوف به حَرفَ القَسَم نَصَبتَه فَتَقُول‏:‏ ‏"‏اللّهَ لأفعَلَنَّ‏"‏ أرَدْتَ‏:‏ أحلِفُ اللّه لأفعَلَنَّ، وكَذَلِكَ كُلُّ خَافِضٍ في مَوْضِعِ نَصبٍ إذا حَذَفتَهُ وصَلت الفِعلَ، نحو قوله تعالى‏:‏ ‏"‏واختَارَ مُوسَى قَوْمَه‏"‏ أي من قومه، ومثلُه قولُ ذي الرمة‏:‏

ألاَ رُبَّ من قَلبِي لهُ اللّهَ ناصحٌ *** ومَنْ قَلبُه لِي في الظِّباء السَّوانِحِ

ومِن العربِ من يَقُول‏:‏ ‏"‏آلّلهِ لأفعَلَنَّ‏"‏ وذَلكَ أنَّه قَدَّرَ وُجودَ حَرفِ القَسَم الجارّ وتقول في ‏"‏إن‏"‏‏:‏ ‏"‏إنَّ زَيدًا لمُنطلِقٌ‏"‏ وإن شِئتَ قلتَ‏:‏ ‏"‏إنَّ زَيدًا لمُنطلَقٌ‏"‏ فَتكتَفِي بـ ‏"‏إن‏"‏‏.‏

وتَقُول في ‏"‏لا النَّافية‏"‏‏:‏ ‏"‏واللّهِ لا أُجَاوِرُك‏"‏‏.‏

وفي ‏"‏ما النَّافية‏"‏‏:‏ ‏"‏واللّه ما أكرَهُكَ‏"‏ القَسَم على فعلٍ ماضٍ‏:‏

إذا أقسمتَ على فِعلٍ ماضٍ أدخلتَ عليه اللامَ، تقول‏:‏ ‏"‏واللّه لرأيتُ أحمدَ يَقرأ الدَّرس‏}‏ وإذا وصلت اللامَ بـ ‏"‏قد‏"‏ فجيِّد بالغٌ، تقول‏:‏ ‏{‏واللّهِ لقد رأيت عَمرًا‏"‏‏.‏ وقد تقدم قريباَ معنى هذا‏.‏

قَطْ‏:‏

‏(‏1‏)‏ تَأتي بمَعنى ‏"‏حَسب‏"‏ تقول‏:‏ ‏"‏قَطْ زَيدٍ دِرْهمٌ‏}‏ و ‏"‏قطِي‏"‏ و ‏"‏قطكَ‏"‏ كما يقال‏:‏ ‏"‏حَسبُ زيد دِرْهَمٌ‏"‏ و ‏"‏حسبِي‏"‏ و ‏"‏حسبُكَ‏"‏ إلاَّ أنَّها مَينيَّةٌ لأنَّها مَوضُوعَةٌ على حَرفَين، وحَسب مُعرَبةٌ، وقد تَدخُلُ عَليهِ الفَاءُ تَزيِينًا لِلَفظِ فَيُقال ‏"‏فَقط‏"‏ كأنَّهُ جَوَابُ شَرطٍ محذوف‏.‏

‏(‏2‏)‏وتَأتِي اسمَ فِعل بِمَعنى يَكفِي يُقالُ ‏"‏قَطنِي‏"‏ بِزيادَةِ نُونِ الوِقايةِ قبلَ يَاءِ المُتكلِّم، كما يقال‏:‏ يَكفِيني،

قَطُّ‏:‏

بِفتح القَافِ وتَشدِيدِ الطَّاءِ مَضمُومةً وتَأتي ظَرْفَ زَمَانٍ لاستِغراقِ الزَّمَنِ المَاضي وتختَصُّ بالنَّفي، يُقالُ‏:‏ ‏"‏ما رَأيتُه قَطُّ‏"‏‏.‏ وربُّما تُستَعمَل من غَير نَفيٍ كما في الحديث ‏"‏تَوَضَّأ ثلاثًا قَطَّ‏"‏ ‏(‏كما في سنن أبي داود‏)‏‏.‏

وَمَا يجري عَلى الألسِنَةِ من قولهم‏:‏ ‏"‏لا أفعَلُهُ قطُّ‏"‏ - لَحنٌ لأنها لا تُستَعمَلُ في المستَقبَلِ‏.‏

قَعَدَ‏:‏

تَعمَلُ عَمَلَ كانَ نحو ‏"‏قعَد زيدٌ يُكرم أَصحابَه‏"‏ وجُملةُ يُكرم خبر قعد‏.‏ ‏(‏= كان وأخواتها ‏"‏3‏"‏ تعليق‏)‏‏.‏

قِعدَكَ اللُّه‏:‏

بمنزلةِ نَشَدتُكَ الَلّه، يَنتَصِبُ على المَصدرِيَّة بإضمارِ فِعلٍ مَتروكٍ إظهارُه، وهو غَيرُ مُتَصَرِّف‏.‏ ومَعناه‏:‏ إنَّ اللّه مَعَك‏.‏ ومِثلُها‏:‏ قَعِيدَكَ، قال مُتَمِّمُ بنُ نُوَيرَه‏:‏

قَعِيدَكِ أنْ لا تُسمعِيني مَلاَمةً *** ولا تُنكِئي قَرحَ الفُؤادِ فَيَيجَعَا

القَلب المَكاني‏:‏

‏(‏1‏)‏ - تَعريفُه‏:‏

هو تَقديمُ بَعضِ حُروُفِ الكَلِمةِ على بَعض‏.‏

وأكثرُ ما يَتَّفقُ في المَهمُوزِ والمُعتَلِّ نحو ‏"‏أيِسَ‏"‏ و ‏"‏حادي‏"‏ وقد جاء في غيرهما قليلًا نحو ‏"‏امضَحلَّ‏"‏ في اضمَحلَّ، و ‏"‏اكرهَفَّ‏"‏ في اكفَهَرَّ‏.‏

‏(‏2‏)‏ - صُورُه‏:‏

قد يَكونُ القَلبُ بِتَقديمِ العَينِ على الفَاءِ كَمَا في ‏"‏جَاه‏"‏ ‏(‏أصله من الوجه‏)‏ و ‏"‏أيِس‏"‏ ‏(‏أصله من اليأس‏)‏ و ‏"‏أينُق‏"‏ ‏(‏أصلُ جمعه‏:‏ أنيُق بتقديم النون جمع ناقة‏)‏ و ‏"‏أرَاء‏"‏ ‏(‏أصلُه‏:‏ أرْآء، وأرْآء جمعٌ صحيح أيضًا‏)‏ و ‏"‏أبَار‏"‏ ‏(‏أصلُه‏:‏ أبآر‏)‏‏.‏ أو بِتَقدِيمِ اللاَّمِ على الفَاءِ كما فِي‏:‏ ‏"‏أشيَاءَ‏"‏ وقد تُؤَخَّرُ الفَاءُ عن اللاَّمِ كما فِي الحَادي، وأصلُه‏:‏ الوَاحِد‏.‏

‏(‏3‏)‏ - بِمَ يُعرَف القلبُ‏:‏

يُعرَفُ بأمُورٍ أوَّلُها وأهَمهُّا‏:‏ الرُّجُوعُ إلى الأصلِ وهو ‏"‏المَصدر‏"‏ كـ ‏"‏نَاءَ‏"‏ من ‏"‏النَأي‏"‏ فإنَّ وُرُودَ المَصدَرِ دَلِيلٌ على أنَّهُ مَقلوبُ ‏"‏نَأى‏"‏ قُدِّمَتِ اللامُ مَوضِعَ العَين ثم قلِبَتِ الياءُ ألِفًا فَوزْنُه ‏"‏فَلَع‏"‏ ومثله ‏"‏رَاءٍ‏"‏ و ‏"‏رأى‏"‏ و ‏"‏شاءٍ‏"‏ و ‏"‏شآى‏"‏‏.‏

ثانِيها‏:‏ الكلماتُ المُشتَقَّةُ مِمَّا اشتقَّ منه المَقلوبُ كما في ‏"‏جاه‏"‏ فإن وُرُودَ ‏"‏الوجهِ‏"‏ و ‏"‏وجههِ‏"‏ و ‏"‏وجوهٍ‏"‏ و ‏"‏وجَاهَةٍ‏"‏ دليل على أن ‏"‏جَاهًا‏"‏ مَقلوبُ ‏"‏وَجهٍ‏"‏ أخَّرتِ الفاءُ مَوضِعَ العَين ثم قُلِبتِ ‏"‏الفاءُ‏"‏ فَوزنُه‏"‏عَفَلَ‏"‏ وكما فِي ‏"‏حَادِي‏"‏ مَقلوبِ ‏"‏وَاحدٍ‏"‏ أخِّرتِ الفاءُ مَوضِعَ اللاَّمِ ثُمَّ قُلِبتْ يَاءً لِتَطَرُّفِهَا إثر كَسرة فَوَزنُه ‏"‏عَالِف‏"‏ وكما في ‏"‏قِسِيّ‏"‏ فإنَّ وُرُود ‏"‏قَوْس‏"‏ و ‏"‏قوَّس‏"‏ دَلِيلٌ على أنَّ ‏"‏قِسِي‏"‏ مَقلوب ‏"‏قُوُوس‏"‏ قُدِّمَتِ اللامُ موضعَ العَين فَصار ‏"‏قُسُووْ‏"‏ على وزن ‏"‏قُلُوع‏"‏ قُلِبَتِ الوَاوُ الثَّانِيةُ ياءً لِتَطرُّفِهَا، والوَاوُ الأُولى كَذلِكَ لاجتِماعِهَا سَاكِنةً مع اليَاء وأدغمَتَا وكُسِرتْ السِينُ للمُنَاسَبَةِ والقَافُ لِعُسر الانتقالِ من ضمٍّ إلى كَسر‏.‏

الثالث‏:‏ التَّصحيح مَعَ وُجُودِ مُوجِب الإعلال كما في ‏"‏أَيِسَ‏"‏

مع ‏"‏يَئِس‏"‏ فمُوجِبُ الإِعلالِ في ‏"‏يَئِس‏"‏ تَحرُّكُ اليَاءِ وانفِتَاحُ ما قبلَها، ومع ذلكَ بَقِي التصحيح، وهذا دليلٌ على أنَّ الأُولى مَقلوبَةٌ عنِ الثَّانِثة فـ ‏"‏أَيِسَ‏"‏على وَزنِ ‏"‏عَفِل‏"‏‏.‏

الرابع‏:‏ نُدرَة الاستِعمَالِ كما في ‏"‏آرَام‏"‏ الكثير الاستعمال قُدِّمَت العينُ وهي الهَمزةُ الثانيةُ مَوضِع الفاء، وقُلِبت أَلفًا لسُكُونِها وفَتحِ الهَمزةِ التي قَبلَها فَوَزنه ‏"‏أَعفال‏"‏‏.‏

والأَوْلَى‏:‏ أنْ يُرَدَّ الأمرُ الثَّاني والثالثُ والرَّابع - إلى الأوَّل وهو الرُّجُوع إلى الأصل وهو المصدَرُ‏.‏

قَلَمَا‏:‏

مُركبَةٌ من ‏"‏قَلَّ‏"‏ الفعل المَاضي و ‏"‏ما‏"‏ الكافة الزائدة فكَّفتها عَنْ طَلبِ فاعل ظاهر أو مُضمر وأمكَنَ دُخُولُها على الفِعلِ مُبَاشَرَةً، و ‏"‏ما‏"‏ عِوَضٌ عَنِ الفاعِلِ، وقَدْ تأتي ‏"‏قَلَّ‏"‏ و ‏"‏قلَّما‏"‏ بمعنى النَّفي والعدم‏.‏ ولذلك يَصِحُّ أنْ تَأتي بعدها فاءُ السَّبِبِيَّة أو واوُ المَعَيَّةِ بِشُروطِهما من ذلك قَوْلُهُم‏:‏ فلان قليلُ الحياء أي لا يستحي أبدًا‏.‏

القَوْل‏:‏

هُوَ اللَّفظُ الدَّالُّ على مَعنىً فهوَ أعَمُّ مِنَ الكَلامِ والكَلمِ والكَلِمَةِ‏.‏

والقَوْلُ مَصدرٌ بمعنَى المَقُول‏.‏

القَوْلُ بمعنى الظَّنّ‏:‏

‏(‏= ظَنَّ وأخواتها ‏"‏6‏"‏‏)‏‏.‏

وقد يُضطَّر الشاعرُ فيقدمُ الاسمَ، وقد أوقَعَ الفعلَ على شيء من سَبَبِه، فليس للاسم المتقدِّمِ إلاَّ النصبُ وذلك نحو ‏"‏قَدْ زيدًا أضرِبُه‏"‏ إذا اضطُّرشَاعِرٌ فَقَدَّم لم يَكُنْ إلاَّ النَّصب في زيد، لأَنَّه لا بُدَّ أَنْ يُضمَرَ الفِعلُ، لأَنَّ ‏"‏قَدْ‏"‏ مُختَصَّةٌ بالأَفعَال، ولو قُلتَ‏:‏ ‏"‏قد زَيدًا أَضربُ‏"‏ لم يَحسُن كما قال سيبويه‏.‏

بَابُ الكَاف

كائنًا مَا كَانَ‏:‏

كائِنًا اسمُ فَاعِل مِن كانَ التَّامَّة بمعنى حَصَلَ، أوْ وُجِدَ، وهَذِه الجُملةُ للتَّعميم و ‏"‏كائنًا‏"‏‏:‏ حال، و ‏"‏ما‏"‏ مَصدَريَّةٌ و ‏"‏كانَ‏"‏ تامَّةٌ أيضًا، و ‏"‏ما‏"‏ وَمَا بَعدَها في تأويلِ المصدر في محلِّ رفع فاعل بكائن‏.‏

وكائِنًا مَن كانَ قريبٌ منها، إلاَّ أنَّ ‏"‏مَنْ‏"‏ للعاقل ومَوْصُولة و ‏"‏كائنًا‏"‏ هذا حال أيضًا، فإذا قلت ‏"‏لأقتُلَنَّهُ كائِنًَا مَنْ كانَ‏"‏ على معنى‏:‏ إنْ كانَ هذا أو كان غيره‏.‏

كادَ‏:‏

كَلِمةٌ تَدُلُّ على قُرْبِ الخَبَر، وهي مُجرُّدة تنبِىء عَنْ نفي الفِعلِ، وَمقرونَةً بالجَحدِ تُنبِىءُ عَن وقُوعِ الفعل وهي من النَّواسِخِ تَعمَلُ عَمَلَ ‏"‏كانَ‏"‏ إلاَّ أنَّ خَبَرَها يَجِبُ أنْ يكُونَ جُملَةً فِعليَّةً مُشتَمِلَةً على فِعل مُضارِع فَاعِلُه يعودُ على الاسمِ ويَغلِبُ في كادَ أنْ تُجَرَّدَ من ‏"‏أنْ‏"‏ نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا كادُوا يَفعَلون‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏71‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏ وجملة يفعلون خبر ‏"‏كادوا‏"‏ وهي جملة فعلية فيها مضارع فاعله واو الجماعة وهو ضمير الاسم الذي هو الواو من كاد‏)‏ فأمَّا قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إذا أخرجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يراها‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏40‏"‏ من سورة النور ‏"‏24‏"‏‏)‏ فمعناه - واللّه أعلم - لم يَرَهَا، ولم يَكَدْ، أي لَمْ يَدْنُ مِن رُؤيتها‏.‏ وشَذَّ مجيءُ الخبرِ مُفرَدًا بعدَها وذلك كقَوْلِ تأبَّطَ شرًّا‏:‏

فَأبتُ إلى فَهم ومَا كِدْتُ آئِبًا *** وكمْ مِثلِها فَارَقتُها وهي تَصفِرُ

‏(‏خبر كاد‏"‏آئيًا‏"‏ وهي اسم فاعل من آب إذا رجع ‏"‏فهم‏"‏ اسم قبيلة الشاعر ‏"‏تصفر‏"‏ من صفر الطائر، وأراد تتلهف على أخباري‏)‏‏.‏

وقال سيبويه‏:‏ لم يستعملوا الاسمَ والمصدرَ في موضع يفعلُ، أي لا يَقولُون‏:‏ كاد فاعِلًا، أو كاد فِعلًا ويَعملُ فيها المَاضي والمُضارِعُ واسمُ الفَاعِل، وعليه قَولُ كُثيِّرُ عَزَّة‏:‏

أموتُ أسىً يَوْمَ الرَّجَامِ وإنَّني *** يَقِينًا لَرَهنٌ بالذي أنا كَائدُ

‏(‏كائد اسم فاعل من كاد و ‏"‏الرجام‏"‏ اسم موضع وقيل‏:‏ الصواب‏:‏ كابِدُ الموحدة ولا شاهد فيه‏)‏ واستُعمِلَ مَصدَرُها أيضًا، وقَالوا في مَصَادِرِها ‏"‏كادَ كوَدًا ومَكَادًا ومَكَادَةً وَكَيدًا‏:‏ هَمَّ وقَارَبَ ولَمْ يَفعلْ‏"‏‏.‏

كافُ الجَرَّ‏:‏

‏(‏1‏)‏تَختَصُّ بالظَّاهِرِ المُطلَقِ ولها أربَعَةُ مَعَان‏:‏

الأوَّل‏:‏ التَّشبِيهُ، وهو الأصلُ نحو‏:‏ ‏"‏يُوسُفُ كالبَدرِ‏"‏‏.‏

الثاني‏:‏ التَّعليل، ولم يُثبته الأكثرون، نحو‏:‏ ‏{‏وَاذْ كُرُوهُ كما هَدَاكُمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏198‏"‏من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏ وقيد بعضهم جواز التعليل بأن تكون الكاف مَكفُوفَةً بمَا، كحِكَاية سيبويه ‏"‏كما أنَّه لا يَعلَمُ فَتَجاوز اللّه عنه‏"‏‏.‏

الثالث‏:‏ التَّوكِيد، وهي الزَّائِدَةُ نحو‏:‏ ‏{‏لَيسَ كمِثلِهِ شيءٌ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏11‏"‏ من سورة الشورى ‏"‏42‏"‏‏)‏‏.‏

الرابع‏:‏ الاستِعلاء وهو قليل ذكره الأخفش والكوفيون، كقول رؤبة، وقد سئل‏:‏ شيف أصبَحتَ‏؟‏ فقال‏:‏ كخَيرٍ، أي على خيرٍ، وقيل‏:‏ هي للتشبيه على حَذْفِ مُضافٍ، أي كَصاحبِ خير وهذا قليل‏.‏

وقد تُزَاد ‏"‏ما‏"‏ بعد الكَاف فيبقى عَمَلُها قَلِيلًا، وذلك كقولِ عمرو بن برَّاقَةَ الهَمذَاني‏:‏

ونَنصُرُ مَوْلانا ونَعلَمُ أنَّهُ *** كما النَّاسِ مَجرُومٌ عليه وجَارِمُ

والأكثَرُ أنْ تَكُفَّهَا‏"‏مَا‏"‏ عَنِ العَملِ‏.‏

الخَامِس‏:‏ الكَافُ التَّعَجُّبِيةَّ كما يقال‏:‏ ما ‏"‏رأيتُ كاليَومِ‏"‏‏.‏ وفي الحَديث ‏"‏ما رَأيتُ كاليَوْمِ ولا جِلدَ مُخَبَّأة‏"‏ ‏(‏المُخبَّأة‏:‏ الجارية التي في خِدرها لم تتزوَّج بعدُ، لأنَّ صِيانتها أبلَغُ، ممَّن قد تزوجت كما في اللسان‏)‏‏.‏

‏(‏2‏)‏ وقد تُستَعمَلُ الكافُ الجَارَّة اسمًا والصحيحُ أنَّ اسمِيَّتها مَخصُوصةٌ بالضَّرُورةِ كما هُو عند سيبويه والمحقِّقين كقولِ العجَّاج‏:‏

بيضٌ ثلاثٌ كَنِعَاجٍ جُمِّ *** يَضحَكنَ عَن كالبَرَدِ المُنهمِّ

‏(‏النعاج‏:‏ بقر الوحش ‏"‏لجم‏"‏ جمع جَمَّاء وهي التي لا قرن لها، ‏"‏البَرَد‏"‏المطر المنجَمِد، ‏"‏المنهمِّ‏"‏ الذائب، فالشاهد فيه‏:‏ الكاف ‏"‏كالبرد‏"‏ اسم بدليل دخول عن عليها‏)‏‏.‏ وأجَازَه كَثيرونَ ‏(‏منهم الفارسي والأخفش وتَبِعَهُم ابنُ مالك‏)‏ في الاختِيار‏.‏

كافُ الخِطَاب‏:‏

هي حَرفُ مَعنىً لا مَحلَّ لَه، ومعناه الخِطَاب‏.‏

وتَلحَقُ اسمَ الإشارَةِ للبَعيدِ، وتَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ كافِ الضَّميرِ الاسمِيَّةِ غَالِبًا، فَتُفتَحُ للمُخاطَبِ وتُكسَرُ للمُخَاطَبَةِ، وتَتَّصِلُ بها عَلاَمَةُ التَّثنِيَةِ والجمع فتقول‏:‏ ذَاشَ، وذَاكِ، وذَاكُمَا، وذَاكُمْ، وذَاكُنَّ‏.‏

وتَلحَقُ أيضًا‏:‏ الضمِيرَ المُنفَصِلَ المنصوبَ في قَولِهم‏:‏ ‏"‏إيّاكَ، إيّاكِ، إيّاكُمَا، إيّاكُمْ، إيّاكُنَّ‏"‏ ‏(‏رأى كثير من النحاة أن ‏"‏إيا‏"‏ هي الضميير والكاف حرف خطاب، وهناك رأي أن ‏"‏إياك‏"‏ كلها ضمير وهو رأي جيد‏)‏‏.‏

وتلحَقُ ٍأيضًا‏:‏ بَعضَ أسماءِ الأفعالِ نحو ‏"‏حَيهَلَك‏"‏ و ‏"‏روَيدَك‏"‏ وتَلحَق‏:‏ ‏"‏أرَأيتَ‏"‏ بمعنى أخبرنِي نحو ‏"‏أرَأيتَك هَذَا الَّذي كَرَّمتَ عَلَيَّ‏"‏ ‏(‏الآية ‏"‏62‏"‏من سورة الإسراء ‏"‏17‏"‏‏)‏‏.‏

وتَلحَقُ الكَافُ الحَرفِيةُ كلِمةَ‏:‏ ‏"‏أُنصرْكَ أخاك‏"‏ وكذلك ‏"‏النَّجاءَك‏"‏ ومعناه‏:‏ انج نجاءَك، ولو كانت ضميرًا لَمَا التَقَتْ مع ألْ في كَلِمَةٍ واحِدَةٍ‏.‏

كافُ الضَّمِير‏:‏

هي مِنَ الضَّمائر البَارِزَةِ المُتَّصِلَةِ‏.‏ وتَأتِي في مَحَلِّ نَصبٍ، وَمَحلِّ نَصبٍ، وَمَحلِّ جَرٍّ‏.‏

فالأوَّلُ إذا اتَّصَلَتْ بالفِعلِ أو بأحَدِ أخَواتِ ‏"‏إن‏"‏‏.‏

والثَّاني إذا اتَّصَلَتْ باسمٍ فتَكُونُ في مَحَلِّ جَرّ بالإضَافَةِ‏.‏ أو حَرفِ جَرِّ، نحو ‏"‏بكَ ولكَ ومِنكَ ومنكِ ومِنكُما ومنكُم‏"‏

كافَّة‏:‏

يقالُ‏"‏جَاء النَّاسُ كافَّةً‏"‏ أي كلُّهُمْ ولا يَدخُلها ‏"‏أ لْ‏"‏ ولا تُضافُ، ولا تكونُ إلاَّ مَنصُوبَةً على الحالِ نَصبًا لازِمًا نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَاتِلُوا المُشرِكينَ كافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كافَّةً‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏27‏"‏ من سورة التوبة ‏"‏9‏"‏‏)‏‏.‏ ونحوقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَقَاتِلُوا المُشرِكينَ كافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كافَّة‏}‏‏(‏الآيةمن سورة التوبة ‏"‏9‏"‏‏)‏ ونحو ‏{‏وَمَا أَرْسَلنَاكَ إلاَّ كافَّةً للنَّاسِ بَشِيرًا ونَذِيرًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏28‏"‏ من سورة سبأ ‏"‏34‏"‏‏)‏‏.‏

ويقولُ النُّووي ‏(‏شرح مسلم ج 13/142‏)‏‏:‏ وأمَّا مَا يَقَعُ في كثير من كُتُب المُصنِّفِينَ منْ استعمالها مضافَةً، وبالتعريفِ كقولهم‏:‏ ‏"‏هذا قولُ كافَّةِ العلماءِ‏"‏، ‏"‏وذَهَبَ الكَافَّةُ‏"‏ فَهُو خَطَأ مَعدُودٌ في لَحنِ العَوَامِّ و تحرِيفِهِمْ‏.‏

كانَ الزَّائِدَة‏:‏

‏(‏=كانَ وأخواتها 12‏)‏‏.‏

كانَ التَّامة‏:‏

يقولُ سيبويهِ‏:‏ وقَدْ يكونُ لِـ ‏"‏كان‏"‏ مَوضِعٌ آخَرُ - أي غير كانَ النَّاقِصَة - يُقتَصَر عَلَى الفَاعِل فيه تَقُول‏:‏ ‏"‏قَدْ كانَ عبدُ اللَّه‏"‏ أي قَدْ خُلِق ‏"‏وَوُجِدَ‏"‏ و ‏"‏قدْ كان الأمرُ‏"‏ أي وقع‏.‏

ويُمكنُ أنْ تَسألَ‏:‏ ‏"‏أكَانَ زَيدٌ‏"‏ فتُجيب‏:‏ نعم كان - أي وُجِدَ - أَوْ حَصَل‏.‏

فـ مِمَّا جاءَ على معنى وَقَع قولُ الشاعر وهو مَقَّاسُ العَائذِيّ‏:‏

فِدَىً لِبني ذُهلِ بنِ شَيبانَ نَاقَتِي *** إذا كَانَ يومٌ ذو كواكِبَ أشهَبُ

أي إذا وَقع أو وُجِد‏.‏

كانَ النَّاقصة وأخَواتُها‏:‏

-1 - تعريفُها‏:‏

هي أفعَالٌ نَاقِصَةٌ لا يتمُّ بها مَع مَرفُوعِها كَلامٌ، وليس لـ ‏"‏كانَ‏"‏ الناقصةِ إلاَّ الإِخبارُ عن الوُقوعِ أو عَدَمِه فيما مَضَى‏.‏

-2 - حكمُها‏:‏

تَرْفَعُ المُبتَدأَ غَيرَ اللاَّزِمِ للتَّصدير ‏(‏كأسماء الاستفهام إلاَّ ضمير الشأن‏)‏ تَشبِيهًا بالفَاعِلِ و يُسَمَّى اسمَهَا، وتَنصِبُ خَبرَهُ ‏(‏غير الطلبي والإنشائي‏)‏ تَشبِيهًا بالمَفعُولِ ويُسَمَّى خَبَرَها‏.‏

ولا يَصِحُّ في اسمِ كانَ وأَخَواتِها إلاَّ أنْ يَكُونَ مَعرِفَةً، إلاَّ في حالةِ النَّفي فَتُخبِرَ عن النكرةِ بنَكرة، حيث تُريدُ أَنْ تَنفِيَ أَنْ يَكونَ في مِثل حالِهِ شيْءٌ أو فَوْقَه، لأنَّ المُخاطَبَ قد يَحتَاج إلى أنْ تُعلِمَه، مثلَ هذا كما يقول سيبويه، وذلك قَولُك‏:‏ ‏"‏ماكانَ أحدٌ مِثلَكَ‏"‏ و ‏"‏ما كانَ أحدٌ خَيرًا منك‏"‏‏.‏

-3 - أقسامُها‏:‏ ثلاثةٌ‏:‏

‏(‏أحدها‏)‏‏:‏ ما يعمل هذا العملَ مُطلقًا وهي ثَمَانِية ‏"‏كانَ، أَمسى، أصبَحَ، أضحَى، ظَلَّ، بَاتَ، صَارَ‏(‏ومثل ‏"‏صار‏"‏ في العمل ما وافقها في المعنى من الأفعال، وذلك عشرة، وهي‏:‏ آضَ، رَجَعَ، عَادَ، استَحَالَ، قَعَد، حَارَ، ارتَدَّ، تَحوَّل، غَدَا، رَاحَ ففي الحديث‏:‏ ‏"‏لا تَرجِعُوا بَعدِي كُفَّارًا‏"‏ وفي القرآن الكريم‏:‏ ‏{‏فارتدَّ بَصِيرًا‏}‏ وقول الشاعر‏:‏

وكان مُضِلَّي مَنْ هُديتُ بِرُشده *** فـ لِلَّهِ مُغوٍ عَادَ بالرشد آمرًا

وفي الحديث‏:‏ ‏"‏فاستَحالَتْ غَرْبًا‏"‏ أي دَلوًا عظيمة، ومن كلام العرب ‏"‏أرْهَفَ شَذْرَتَهُ حتى قَعَدَتْ كأنها حَرْبَةٌ ‏"‏ ويَرَى ابنُ الحاجبِ أنَّه لا يَطَّرِدُ عَمَلُ ‏"‏قَعَد‏"‏ هذا في العمل إلا إذا كانَ الخَبَرُ مُصَدَّرًا بـ ‏"‏كأن‏"‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَأَلقَاهُ عَلى وَجهِهِ فارْتَدَّ بَصيرًا‏}‏ وقال امرؤ القيس‏:‏

وبُدِّلتُ قَرْحًا دَامِيًا بعدَ صِحَّةِ *** فَيَا لَكِ مِنْ نُعمَى تَحوَّلنَ أَبؤُسَا

وفي الحديث ‏"‏لَرَزَقَكُمْ كما يَرْزُقُ الطيرَ تغدُو خِماصًا وتَروحُ بِطانًا‏"‏‏.‏

هذا وقد استُعمل كانَ وظَلَّ وأَضحى وأَصبَح وأَمسَى بمعنى ‏"‏صَارَ‏"‏ كثيرًا نحو‏{‏وفُتِحَتِ السماءُ فكانَتْ سَرَابًا‏}‏ ونحو ‏{‏ظَلَّ وَجهُهُ مُسوَدًّا وهو كظيم‏}‏

وقوله‏:‏

ثم أضحَوْا كأنَّهم وَرَقٌ جفـ ـفَ فَأَلوَتْ به الصَّبَا والدَّبُورُ‏)‏، لَيس،

‏(‏= كل كلمة في حرفها‏)‏‏.‏

‏(‏الثاني‏)‏‏:‏ ما يَعمَلُ عملَ كان بِشَرْطِ أنْ يَتَقدَّمَه نَفيٌ، أو نَهيٌ، أَوْ دُعاءٌ، وهوأَرْبَعَةٌ‏:‏ ‏"‏زَال وبَرِحَ وفَتِئَ وانفَكَّ‏"‏

‏(‏= أحرفها مَعَ ما‏)‏‏.‏

‏(‏الثالث‏)‏‏:‏ مَا يَعمَلُ هَذا العَمَلَ بِشَرْطِ تَقَدُّمِ ‏"‏مَا‏"‏ المصدرية الظَّرفيَّة وهو ‏"‏دَامَ‏"‏ خَاصَّةً، ‏(‏= ما دامَ‏)‏‏.‏

-4 - تَصَرُّفُها وعَدَمُه‏:‏

هذه الأفعالُ الناقصةُ في التَّصرُّفِ وعدمه ثلاثةُ أقسام‏:‏

‏(‏الأوَّل‏)‏ ما لا يَتَصَرَّفُ بِحَالٍ وهو ‏"‏لَيسَ ودَامَ‏"‏ ‏(‏أما يدوم ودم ودائم ودوام فمن تصرفات التَّامة، وهذا عند الفراء وكثير من المتأخرين، أما الأقدَمُون فقد أثبتوا لها مُضارِعًا‏)‏‏.‏

‏(‏الثاني‏)‏ مَا يَتَصرَّفُ تَصَرُّفًا ناقِصًا وهو ‏"‏زَال، وفَتئ، وبَرِحَ، وانفَكَّ‏"‏ فَإنَّها لا يُستَعمَلُ مِنها أمر، ولا مَصدر‏.‏

‏(‏الثالث‏)‏ ما يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفًا تَامًّا وهو البَاقِي‏.‏

وللتَّصَارِيفِ في هَذينِ القِسمَين المُتَصَرِّفِ تَصَرُّفًا تامًَّا، وناقصًا مَا لِلمَاضِي من العَمَلِ فالمُضارِعِ نحو‏:‏ ‏{‏وَلمْ أَكُ بَغِيًَّا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏20‏"‏ من سورة مريم ‏"‏19‏"‏‏)‏‏.‏ والأمر نحو‏:‏ ‏{‏قُلْ كُونُوا حِجَارَةً‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏50‏"‏من سورة الإسراء ‏"‏17‏"‏‏)‏‏.‏ والمصدر كقوله‏:‏

ببذْلٍ وحِلمٍ سَادَ في قَوْمِهِ الفَتى *** وكَوْنُكَ إيَّاهُ عَلَيكَ يَسِيرُ

‏(‏‏"‏كونك‏"‏ مبتدأ وهو مصدر مضاف إلى اسم وهو كاف الضمير للمخاطب و ‏"‏أياه‏"‏ خبرُه من جهة نقصانه و ‏"‏عليك‏"‏ متعلق بيسير وجملة ‏"‏يسير‏"‏ خبره من جهة أنه مبتدأ‏)‏‏.‏

واسمُ الفاعِلِ كقوله‏:‏

وَمَا كُلُّ مَنْ يُبدي البَشَاشَةَ كائنًا *** أَخَاكَ إذا لم تُلفِهِ لك مُنجِدا

‏(‏‏"‏كائنًا‏"‏ خبر ‏"‏ما‏"‏ الحجازية واسمه مستتر فيه ‏"‏أخاك‏"‏ خبره‏)‏‏.‏

-5 - تَوَسُّطُ أخبَارهنّ‏:‏

وتَوَسُّطُ أخبَارِ - كانَ وأخَوَاتِها - بَينَهُنَّ وبَينَ أسمَائِهِنَّ جَائِزٌ، قال اللّه تعالى‏:‏ ‏{‏وكانَ حَقًَّا عَلَينَا نَصرُ المُؤمِنِينَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏47‏"‏من سورة الروم ‏"‏30‏"‏‏)‏، ‏{‏لَيسَ البِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوُهَكُم‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏177‏"‏من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏‏.‏

وقال الشّاعر‏:‏

لاطِيبَ للعَيشِ ما دَامَتْ مُنَغَّصَةً *** لَذَّاتُهُ بادِّكَارِ المَوْتِ والهَرَمِ

‏(‏‏"‏مُنغَّصَةً‏"‏ خَبرَ دَام مُقَدَّم، و ‏"‏لذَّاتُه‏"‏ اسمُها مُؤَخَّر ويجوزُ أن يُقالَ‏:‏ ‏"‏لَذَّاتُه‏"‏ نائبُ عن الفاعلِ بمنغَّصَةَ، واسم دام مُستَتِر فيها على طَرِيقِ التنازع في السَّبَبِيِّ المَرْفُوع‏)‏‏.‏

وقالَ الآخَرُ‏:‏

مَا دَامَ حَافِظَ سِرِّي مَنْ وَثِقتُ به *** فهُوَ الذي لَستُ عنه رَاغِبًا أبَدًا

إلاَّ أنْ يَمنَعَ مِنْ جَوَازِ التَّوسُّطِ مَانِعٌ كَحَصرِ الخَبَرِ، نحو‏{‏وَمَا كانَ صَلاَتُهُم عِندَ البَيتِ إلاَّ مُكَاءً‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏35‏"‏ من سورة الأنفال ‏"‏8‏"‏‏)‏ وكَخَفَاءِ إعربهما نحو ‏"‏كانَ موسى فَتَاكَ‏"‏‏.‏

وقد يَكُونُ التَّوَسُّطُ وَاجِبًا نحو‏:‏ ‏"‏كانَ في الدَّارِ ساكِنُها‏"‏ ولَوْ لمْ يَتَقدَّم الخبرُ على الاسمِ هُنا لَعَادَ الضميرُ على مُتَأَخِّرٍ لَفظًا ورُتُبَةً‏.‏ فَتَحصَّلَ أنَّ للتَّوَسُّطِ ثَلاثةَ أقسامٍ‏:‏ قِسمٌ يَجُوز، وقِسمٌ يَمتَنِع، وقسمٌ يَجِب‏.‏

-6 - تَقدِيمُ أخبارهنَّ عليهنَّ‏:‏

يَجُوزُ تَقديمُ أخبارِ - كانَ وأخواتِها - عَلَيهِنَّ، إلاَّ ما وجَبَ في عَمَلِه تقدُّم نَفيٍ أو شِبهِهِ كـ ‏"‏زَالَ، وبَرِحَ، وفَتِىء، وانفَكَّ‏"‏ وإلاَّ ‏"‏دَامَ وَلَيسَ‏"‏ تقولُ‏:‏ ‏"‏بَرًّا كانَ عَليٌّ‏"‏ و ‏"‏صائِمًا أصبَحَ خالدٌ‏"‏، ولا تَقول‏:‏ ‏"‏صَائِمًا مَا زَالَ عَليٌّ‏"‏ ولا ‏"‏قَائِمًا لَيسَ محمَّدٌ‏"‏‏.‏

-7 - جَوازُ تَوَسُّطِ الخَبَرِ بَينَ ‏"‏مَا‏"‏ والمَنفِي بها‏:‏

إذا نُفِيَ الفِعلُ بـ ‏"‏مَا‏"‏ النَّافِيَةِ جَازَ تَوَسُّطُ الخَبَر بَينَ‏"‏مَا‏"‏ والمَنفِيِّ بها مُطلَقًا، أي سَواءٌ كانَ النَّفيُ شَرْطًا في العَمَلِ أمْ لا نحو ‏"‏مَا مُقَصِّرًا كانَ صَدِيقُكَ‏"‏ ونحو ‏"‏وَمَا وَفِيًّا زالَ خَالِدٌ‏"‏‏.‏

-8 امتناعُ تقديمِ أخبارِ كان وأخَواتِها على ‏"‏مَا‏"‏‏.‏

يُمتنعُ تَقديمُ أَخبارِ كان وأخواتِها على ‏"‏مَا‏"‏ سَواءٌ أَكَانَتْ لازِمَةً كما في ‏"‏دَامَ وزَالَ‏"‏ وأخواتِها، أمْ جَائِزَةً فلا تقول‏:‏ ‏"‏صَائمًا مَا أصبحَ علىٌّ‏"‏ ولا ‏"‏زَائِرًا لكَ ما زِلتُ‏"‏ و ‏"‏أزُورُكَ مخلِصًا مَا دُمتَ‏"‏ و ‏"‏قائِمًا ما كانَ عَلِيٌّ‏"‏‏.‏

-9 امتِنَاع أنْ يَلِيَ هذِه الأفعَالَ مَعمُولُ خبرِها إلاَّ الظَّرْفَ والجارَّ والمَجرورَ‏:‏

لا يجُوزُ أَنْ يَليَ الأَفعَالَ النَّاقِصَةَ مَعمُولُ خَبَرِها إلاَّ إذَا كانَ ظَرْفًا أو جَارًّا ومَجرُورًا سَواءٌ أتقَدَّمَ الخَبَرُ على الاسمِ أمْ لا‏(‏جُمهور البَصريين يمنَعون مُطلقًا إلا في الظرف والمَجرورِ لما في ذلك من الفصل بينها وبين اسمِها بأجنبي مِنها، والكوفيون يجيزون مُطلقًا، لأن مَعمُول مَعمُولِها في مَعنى معمُولِها، وفَصَّل ابنُ السَّرَّاج والفارِسيّ البَصريان فأجَازَاه إن تَقَدَّم وَحدَه نحو ‏"‏كان طَعَامَكَ آكِلًا زَيدٌ ‏"‏ لأَنَّ المَعمُول من كَمَال الخَبَر، ومَنَعُوه إن تَقَدَّم وَحدَه نحو ‏"‏كان طعَامك زَيدٌ آكِلًا‏"‏ إذ لا يَفصِل بين الفِعل ومَرْفوعه بأجنبي، واحتج الكوفيون بنحو قول الفرزدق‏:‏

قَنَافِذُ هَدَّاجُون حَوْلَ بُيوتِهِم *** بِمَا كان إيَّاهُمْ عَطِيَّةُ عَوَّدَا

ووجُه الحُجَّة أن‏"‏إياهُمْ‏"‏ معمولُ عَوَّد، وعوَّد خبرُ كان، فقد وَلِي ‏"‏كانَ‏"‏ مَعمُول خَبَرها ولَيسَ ظرفًا ولا جَارًَّا ولا مَجرُورًا و ‏"‏هدَّاجون‏"‏ من الهَدَجَان وهي مِشيةُ الشَّيخ و ‏"‏عطِيَّة‏"‏ أبو جَرير، وخُرِّجَ هذا البيت عن زيادة ‏"‏كَانَ‏"‏ أو أنَّ اسمَها ضميِرُ الشَّأن، و ‏"‏عطِيَّةُ‏"‏ مُبتَدأ و ‏"‏عوَّد‏"‏ الجملةُ خَبَر‏)‏، فلا تقول‏:‏ ‏"‏كانَ إيَّاكَ علي مكرمًا‏"‏ ولا‏"‏كان إيَّاكَ مُكرِمًا عليُّ‏"‏ وتقولُ باتفاق النحاة‏"‏كان عندك عليٌّ جالسًا‏"‏ وكانَ في البيت أخوك نائمًا‏"‏‏.‏

-10 زِيادَةُ الباءِ في الخبر‏:‏ تُزادُ الباءُ بكَثرة في خَبَرِ‏"‏لَيسَ‏"‏ نحو‏:‏ ‏{‏أَلَيسَ اللُه بكافٍ عَبدَهُ‏}‏‏(‏الآية ‏"‏36‏"‏ من سورة الزمر ‏"‏39‏"‏‏)‏‏.‏ وقد تُزادُ بقِلَّةٍ بخبر كلّ ناسخٍ مَنفِيٍّ كقول الشَّنفَرى‏:‏

وَإن مُدَّتِ الأَيدِي إلى الزَّادِ لم أ كُن *** بأعجَلِهم إذ أجشَعُ القَومِ أَعجلُ

-11 استِعمَالُ هذِه الأفعالُ تامَّة‏:‏

قَدْ تُستَعمَلُ هذه الأفعالُ النَّاقصةُ تَامَّةً، فَتَكتَفِي بمَرفُوعِها‏(‏اكتفاء ‏"‏كان وأخواتها‏"‏ بمرفوعها جعلها تامة، وعدم اكتفائها بمرفوعها جعلها ناقصة، هذا هورأي ابن مالك، وتبعه ابن هشام في توضيحه، أما مذهب سيبويه وأكثر البصريين فإن معنى تمامها دلالتها على الحدث والزمان، ومعنى نقصانها‏:‏ عدم دلالتها على الحدث، وتجردها للدلالة على الزمان‏)‏ عن مَنصُوبِها، نحو‏{‏وَإن كَانَ ذُو عُسرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلى مَيسَرَةٍ‏}‏‏(‏الآية ‏"‏280‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏ أي وإن وُجد أو إن حَصَلَ ذُو عُسرَةٍ ومثلها أخواتها‏.‏ ‏(‏=في حروفها‏)‏‏.‏

-12 كان قد تُفيدُ الاستمرار‏:‏

ذكرَ أبو حيَّان أنَّ‏"‏كانَ‏"‏ قد تُفيدُ الاستمرار وذلك في آياتٍ كثيرةٍ منها قولُه تعالى‏:‏ ‏{‏كُنتُم خَيرَ أمةٍ أُخرِجت لِلنَّاس‏}‏‏(‏الآية ‏"‏110‏"‏ سورة آل عمران ‏"‏3‏"‏‏)‏، ‏{‏إنَّ اللَه كانَ عليكُم رَقِيبًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏1‏"‏ سورة النساء ‏"‏4‏"‏‏)‏ ‏{‏إنَّ كَيدَ الشَّيطانِ كانَ ضَعِيفًا‏}‏، ‏(‏الآية ‏"‏76‏"‏ سورة النساء ‏"‏4‏"‏‏)‏، ‏{‏وكانُوا بآيَاتِنَا يَجحِدُون‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏15‏"‏ سورة فُصلت ‏"‏41‏"‏‏)‏‏.‏

-13 زيادة ‏"‏كانَ‏"‏‏:‏

لـ ‏"‏كانَ‏"‏ أُمُورٌ تختَصُّ بها، مِنها جَوازُ زِيادَتِها بشَرطَينِ‏:‏

‏(‏أحدُهما‏)‏ كونُها بِلَفظِ المَاضِي وشَذَّ قَولُ أُمِّ عَقِيل بنِ أبي وهي تُرقِصُهُ‏:‏

أنتَ تكُونٌ مَاجِدٌ نَبِيلُ *** إذا تَهُبُّ شَمأَلٌ بَلِيلُ

‏(‏‏"‏أنت‏"‏ مبتدأ، و ‏"‏ماجد‏"‏ خبره، و ‏"‏تكون‏"‏ زائدة بين المبتدأ والخبر‏)‏‏.‏

‏(‏الثاني‏)‏ كَونُها بَينَ شَيئَينِ مُتَلازِمَينِ، لَيسا جارًّاومجرُورًا‏(‏ليس المراد بزيادة ‏"‏كان‏"‏ أنها لا تَدُل على معنى ألبتة، بل إنها لم يِؤت بها للإِسناد، وإلا فهي دَالَّة على المعنى، ولذلك كثُر زيادَتُها بين‏"‏مَا‏"‏ التَّعَجبية وفعل التعجب لكونه سُلِبَ للدّلالة على المُضيّ‏)‏، نحو ‏"‏ما كانَ أحسَنَ زيدًا‏"‏، فزاد‏"‏كان‏"‏ بَينَ ‏"‏مَا‏"‏ التَّعَجُّبيَّة وفِعلِها، لِتأكِيدِ التَّعَجُّبِ وقول

بعضهم ‏"‏لَمْ يُوجَدْ كانَ مِثلُهم‏"‏ فَزَاد‏"‏كانَ‏"‏ بَينَ الفِعلِ ونائِبِ الفَاعِلِ تأكيدًا للمضي، وشذَّ زيادتُها بَينَ الجارِّ والمجرور في قولِ الشاعر‏:‏

جِيَادُ بني أبي بَكرٍ تَسَامى *** على كانَ المسوَّمَةِ العِرابِ

‏(‏أنشده الفراء فزاد ‏"‏كان‏"‏ بين الجار والمجرور وهما كالشيء الواحد‏)‏‏.‏

وليس مِن زَيادتِها قَول الفرزدق يَمدَحُ هِشامَ بنَ عبد الملك‏:‏

فَكَيفَ إذا مَرَرتَ بدارِ قَومٍ *** وجيرانٍ لنا كانوا كِرامِ

‏(‏‏"‏كانوا‏"‏ هنا ليست زائدة بل هي ناقصة والواو اسمها، و ‏"‏لنا‏"‏ خبرها، والجملة في موضع الصفة لجيران، و ‏"‏كرام‏"‏ صفة بعد صفة‏)‏‏.‏

لرفعها الضمير وهو الواو، والزَّائد لا يعملُ شيئًا، خلافًا لمن ذهبَ

‏(‏وهما سيبويه والخليل‏)‏‏.‏ إلى زيادتها في البيت‏.‏

‏[‏14‏]‏ إذا كان الخبرُ مَاضِيًا بـ ‏"‏كانَ وأخَواتها من الأفعَال‏"‏‏:‏

إذا كان خبر كان وأخَوَاتِها مَاضِيًا لا بُدَّ أن يَقتَرنَ بـ ‏"‏قَد‏"‏، ولكنَّ شَواهدَ عِدَّة - كما يقول الرَّضِي - أَتَت من غيرِ ‏"‏قَد‏"‏ منها قول زهير بن أبي سُلمى‏:‏

وكَانَ طَوَى كَشحًا على مُستَكنَّة *** فلا هو أبدَاها ولم تتقدَّمِ

ويَعودُ الضميرُ بـ ‏"‏كانَ‏"‏ و ‏"‏طَوَى‏"‏ على حُصَين بن ضَمضَم ٍ‏.‏

ومثله في ‏"‏أضحى‏"‏ وقولُ النابِغة الذُّبياني‏:‏

أضحت خَلاَءً، وأضحَى أهلها احتَملُوا *** أخنى عَلَيها الذي أَخنى على لُبَدِ

‏(‏يتبع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏

‏(‏تابع‏.‏‏.‏‏.‏ 1‏)‏‏:‏

كانَ النَّاقصة وأخَواتُها‏:‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏‏.‏

-15 - حَذفُ ‏"‏كان‏"‏‏:‏

قد تحذف‏"‏كان‏"‏ وذلك في أربعة أوجَه‏:‏

‏(‏أحدها‏)‏ أن تُحذف مع اسمها ويَبقَى الخبرُ، وكثُر ذلك بعد ‏"‏إن ولَو‏"‏ الشَّرطِيتين، فمثال ‏"‏إن‏"‏‏:‏ ‏"‏سِر مُسرِعًا إن راكبًا وإن مَاشِيًا‏"‏‏.‏ التَّقدير‏:‏ إنْ كُنتَ راكبًا، وإنْ كنتَ مَاشِيًا، وقول ليلى الأَخيلية‏:‏

لا تقربنَّ الدَّهر آلَ مُطَرَّفٍ *** إنْ ظالما أبدا وإنْ مَظلُوما

أي إنْ كُنتَ ظالمًا، وإنْ كُنتَ مظلومًا، ومثلُه قولهم ‏"‏النَّاسُ مَجزِيُّونَ بأَعمالهم إن خيرًا فخير، وإنْ شرًّا فشر‏"‏

‏(‏ويجوز‏:‏ ‏"‏إن خير فخيرًا‏"‏ بتقدير، إن كان في عملهم خيرٌ، فيجزون خيرًا ويجوز نصبُهم معًا بتقدير؛ إنْ كان في عملهم خيرًا، فيجزون خيرًا، ورفعهما معًا بتقدير‏:‏ إن كان في عملهم خيرٌفجزاؤهم خير، والوجه الأرجح الأول، حذف كان مع اسمها، والثاني رفع الأول ونصب الثاني أضعفها، والأخيران متوسطان‏)‏‏.‏

أي إنْ كانَ عَمَلُهم خَيرًا فجزاؤهم خير، ومثال ‏"‏لَو‏"‏ قوله ‏(‏ص‏)‏‏:‏ ‏"‏التَمِسْ وَلَو خاتمًا مِنْحَديد‏"‏ أي الَتمس شيئًا، ولو كان الملَتَمسُ خَاتَمًا من حديد، وقول الشاعر‏:‏

لا يَأمنِ الدَّهرَ ذُو بَغيٍ ولو مَلكًا *** جُنُودُهُ ضَاقَ عنها السّهلُ والجَبل

أي ولو كانَ صاحبُ البغي مَلِكًا ذا جُنُودٍ كثيرةٍ، وتقول‏:‏ ‏"‏ألا طعامٌ وَلَوْ تَمرًا‏"‏ ‏(‏فيما إذا كان ما بَعد ‏"‏لو‏"‏ مندرجًا فيما قيلها فالطعام هنا أعم من التمر، وجوز سيبويه في مثل هذا الرفع بتقدير‏:‏ ولو يكون عندنا تمرٌ‏)‏‏.‏ ويقل الحذفُ المذكورُ بدون ‏"‏إنْ ولَوْ‏"‏ أنشد سيبويه‏:‏ من لَدُو شَوَّلًا فإلى أتلائها ‏(‏هذا من الرجز المَشطور، وهو مِثلُ المثل بين العرب، وقوله ‏"‏من لـ دُ‏"‏ أصله من لدن ‏"‏شولًا‏"‏ قيل هي مصدرُ شَالتِ النَّاقة بذنبها أي رفعته فهي شَائِل والجمع شُوَّل كرُكَّع، والتَّقدِير من لدن شالت شولًا، أي بدون أن، وهو الأرجح عند الرضي، ووجود أن عند سيبويه لأن لدى عنده لا يضاف إلى الجملة، وقال سيبويه‏:‏ على إضافتها إلى الجملة، وقال سيبويه‏:‏ التقدير من لدن أن كانت شولًا، الشاهد فيه من حذف كان بعد لَدُن، وهو قليل، وفي اللسان‏:‏ وُجُوٌه أخرى فانظُرها هناك بـ ‏"‏شول‏"‏ والأتلاء‏:‏ جمع تِلو‏:‏ وهو وَلَدُ الناقَةِ يُفطَم فَيَتلَوها‏)‏‏.‏

‏(‏الثاني‏)‏ أنْ تُحذَفَ ‏"‏كانَ‏"‏ معَ خَبَرِها ويَبقَى الاسمُ وهو ضَعيف، ولهذا ضُعِّفَ ‏"‏ولو خَاتمٌ‏"‏ و ‏"‏أنْ خيرٌ فخير‏"‏ في المِثَالَين المتقدمين‏.‏

‏(‏الثالث‏)‏ أنْ تُحذَف وحدَها، وكَثُر ذلك بعد ‏"‏أنْ المَصدريَّة‏"‏ الواقعة في مَوضِعٍ أُريدَ به تَعليلُ فِعلٍ بفعلٍ في مثل قَولهم‏"‏أمَّا أنتَ مُنطَلِقًا انطَلقتُ‏"‏ أصله ‏"‏انطلقتُ لأَنْ كنتُ مُنطَلِقًا‏"‏ ثُمَّ قُدِّمَتْ اللاَّم الَّتعليليَّةُ وما بَعدَها على ‏"‏انطلقتُ‏"‏ للاخِتصاص، أو للاهِتمام بالفِعلِ فصار ‏"‏لأنْ كنتَ مُنطلقًا انطلقتُ‏"‏ ثمَّ حُذِفَت الَّلامُ الجارَّةُ اختِصارًا، ثمَّ حذفت ‏"‏كانَ‏"‏ لذلك فانفَضلَ الضَّميرُ الذي هو اسم كان فصارا ‏"‏أن أنتَ منطِلقًا‏"‏ ثمَّ زيدَت ‏"‏ما‏"‏ للتعويض من ‏"‏كانَ‏"‏ وأُدغِمَت النونُ من ‏"‏أن‏"‏ في الميم من ‏"‏ما‏"‏ فصار‏"‏أمَّا أنتَ‏"‏ وعلى ذلك قولُ العَبَّلس بن مِرداس‏:‏

أَبَا خُرَاشَةَ أَمّا أَنتَ ذا نفَرٍ *** فإنَّ قَومِيَ لم تأكُلهُمُ الضَّبُعُ

‏(‏‏"‏أبا خرَاشَةَ‏"‏ منادى، وهي كنية شاعر اسمة ‏"‏خُفاف بن ندبة‏"‏، ‏"‏النَفَر‏"‏هنا‏:‏ الرَّهط، ‏"‏الضبُع‏"‏ السنين المجدبة، وفي قوله ‏"‏الضبع‏"‏ تَورية، وذهب الكُوفيون إلى أن ‏"‏أن‏"‏ المفتوحة هنا شرطية، ولذلك دخلت الفاء في جوابها، ومعنى المثال المذكور عندهم ‏"‏إن كنت منطلقًا انطلقت معك‏"‏ وفي خزانة الأدب‏:‏ في كتاب النبات للدينوري، وتبعه ابن دريد في الجمهرة‏:‏ ‏"‏أبا خُراشَة أمَّا كُنتَ ذا نَفَر‏"‏، وعلى هذا فلا شاهد في البيت، و ‏"‏مَا‏"‏ زائدة، ولكن أنشده سيبويه‏:‏ أمَّا أَنتَ ذَا نَفَرٍ‏)‏ أي‏:‏ لِأنْ كُنتَ ذا نَفَرٍ فَخَرتَ، وهو مُتَعَلَّق الجار‏.‏

وقَلَّ حَذفُ ‏"‏كانَ‏"‏ وَحدَها بدَون ‏"‏أنْ‏"‏ المَصدرِيَّة كقول الرَّاعي‏:‏

أَزمَانَ قَومِي والجَمَاعةَ كالذي *** لزِمَ الرَّحَالة أنْ تَميلَ مَمِيلا

قال سيبويه‏:‏ أرَادَ أزمانَ كان مع الجماعة‏.‏

‏(‏الرابع‏)‏ أن تُحذَفَ مع مَعموليها، وذلك بعد ‏"‏إن‏"‏ الشَّرطية نحو‏:‏ ‏"‏سَاعِدْأَخاك إمَّا لا‏"‏ أي إن كنتَ لا تُساعِدُ غيرَه، فـ ‏"‏ما‏"‏ عِوضٌ عن‏"‏كان واسمِها‏"‏ وأُدغمت نونُ ‏"‏إن‏"‏ فيها، و ‏"‏لا‏"‏ هي النافيةُ للخبر‏.‏

-16 - حَذفُ نونِ ‏"‏يكون‏"‏‏:‏ يجوزُ حذفُ نون المضارع من ‏"‏يكون‏"‏ بشَرطِ كونِه مَجزومًا بالسُّكُونِ، غيرَ متَّصلٍ بضميرِ نَصبٍ، ولا بسَاكِنٍ نحو‏:‏ ‏{‏وإِن تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفها‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏40‏"‏ من سورة النساء ‏"‏4‏"‏ و ‏"‏تك‏"‏ أصلها ‏"‏تكون‏"‏ بالرفع، حذفت الضمة للجازم، والواو لالتقاء الساكنين والنون للتخفيف، ووقع ذلك في التنزيل في ثمانية عشر موضعًا‏)‏ فلا تُحذَفُ في نحو‏{‏مَن تَكُونُ لَهٌ عَاقِبَةُ الدََّار‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏135‏"‏من سورة الأنعام ‏"‏6‏"‏‏)‏، ‏{‏وَتَكُونَ لَكُمَا الكِبرِياءُ في الأرضِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏78‏"‏ من سورة يونس ‏"‏10‏"‏‏)‏ لانتفاءِ الجزم، لأنَّ الأوَّلَ مرفوعٌ والثّاني منصوبٌ، ولا في نحو ‏{‏وَتَكُونُوا مِن بَعدِهِ قَومًا صَالِحين‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏9‏"‏ من سورة يوسف ‏"‏12‏"‏‏)‏ لأنَّ جزمه بحذف النون، ولا في نحو‏:‏ ‏"‏إن يكُنه فَلَن تُسَلَّطَ عليه‏"‏، لاتِّصالِهِ بالضَّميرِ ‏(‏لأن الضمائر تردُّ الأشياء إلى أصولها‏)‏ المنصُوبِ، ولا في نحو ‏"‏لم يكنِ اللّه ليَغفِرَ لَهُم‏"‏ لاتصاله بالساكن، وَشَذَّ قولُ الخَنجَرِ بن صَخر الأسدي‏:‏

فَإنْ لَمْ تكُ المِرْآةُ أبدَتْ وَسَامَةً *** فَقَدْ أبدَتِ المرآةُ جيهَةَ ضَيغَمِ

‏(‏حذف النون مع ملاقاة الساكن، وهذا الشرط خالف فيه يوسف بن حبيب فأجاز الحذف معه متمسكًا بهذا البيت ونحوه، والجمهور حملوا هذا البيت وغيره على الضرورة، و ‏"‏الوسامة‏"‏ الحسن والجمال، فكأنه نظر وجهه في المرآة فلما رآه غير حَسَنٍ تَسَلَّى بأنه يشبه‏"‏الضيغم‏"‏وهو الأسد‏.‏‏)‏

كائِن‏:‏

بمعنى ‏"‏كَمْ‏"‏ في الاستِفهام والخَبَرِ، مركَّب من كافِ التَّشبيه و ‏"‏أيّ‏"‏ المُنَوَّنة‏(‏ويقول السيوطي‏:‏ ولو ذَهب ذاهِب إلى أنَّ‏"‏كائن‏"‏ اسم بسيط فالكاف والنون فيه أصلان، وهو بمعنى ‏"‏كم‏"‏ لذهب مَذهبًا حَسَنًا، فإنه أقربُ من دَعوى التركيب بلا دليل‏)‏ ولهذا جازَ الوَقفُ عليها بالنون، وفيها ثَلاثُ لُغَاتٍ‏:‏ ‏"‏كأَين‏"‏ كعَين، والثانية ‏"‏كأين‏"‏ لا همز فيه، والثالث ما ذُكِر وتُوَافِق كائِن ‏"‏كَمْ‏"‏ في خمسةِ أمورٍ‏:‏ الإبهامِ، والافتِقَارِ إلى التَّمييز، والبناءِ، ولُزُومِ التَّصديرِ، وإفادَة التَّكثِير تَارَةً، والاستِفهام أُخرى، وهو نَادِر، قال أُبَيُّ بنُ كَعب لِزِرِّ ابنِ حُبَيش‏:‏ ‏"‏كائِن تَقرأ‏"‏ ونص الحديث‏:‏ ‏"‏كائِن تَعُدُّ سُورةَ الأحزاب آيةً‏"‏ أي كم تَعُدُّها، ‏"‏قال‏:‏ ثَلاثًا وسَبعِين‏"‏‏.‏

وتُخَالفُ ‏"‏كائِن‏"‏ ‏"‏كَمْ‏"‏ في خَمسةِ أمُور‏:‏

‏(‏1‏)‏ أَنَّها مُرَكَّبَةٌ، وكَمْ بَسِيطةٌ على الصحيح‏.‏

‏(‏2‏)‏ أنَّ مُمَيِّزَها مَجرُورٌ بمِن غَالِبًا، حتى زَعَم ابنُ عُصفور لُزُومَه، ومنه قولُ ذي الرُّمَّة‏:‏

وكائِنْ ذَعَرْنَا مِنْ مَهَاةٍ ورَامِحٍ *** بلادُ العِدا ليستْ له بِبِلاَدِ

‏(‏3‏)‏ أَنَّها لا تَقَعُ استِفهامِيَّةً عِند الجُمهور‏.‏

‏(‏4‏)‏ أنَّها لا تَقَعُ مَجرورَةً خِلافًا لمن جوَّ ز‏:‏ ‏"‏بكأيِّنْ تَبِيع هذا‏"‏‏.‏

‏(‏5‏)‏ أنَّ خَبَرها لا يقعُ مُفردًا‏.‏ وقَدْ تَعملُ ‏"‏كائِن‏"‏ عَمَلَ ‏"‏رُبَّ‏"‏ في مَعنى القلة‏.‏

كأَنَّ‏:‏

من أَخَواتِ ‏"‏إن‏"‏ وأحكامُها كأحكامِها ‏(‏= إن وأخواتها‏)‏‏.‏ وقد تدخُلُ عليها ‏"‏مَا‏"‏ الزائدةُ الكافَّةُ، فتكُفُّها عن العَمل وتُهيئِّها للدُّخُول على الجُملةِ الفِعلية نحو ‏{‏كأنَّما يُسَاقُون إلى المَوْت‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏6‏"‏ من سورة الأنفال ‏"‏8‏"‏‏.‏

ولـ ‏"‏كَأنَّ‏"‏ أرْبَعَةُ مَعَانٍ‏:‏

‏(‏1‏)‏ التَّشبيه المؤكَّد، وهو الغالبُ المُتَّفَقُ عليه، وشَرَطَ بعضُهم بهذا المَعنى أنْ يكونَ الخَبَرُ جَامِدًا نحو ‏"‏كأن زيدًا أسدٌ‏"‏‏.‏

‏(‏2‏)‏ الشَّكَّ والظنّ، إذا لم يكنِ الخبرُ جامِدًا نحو ‏"‏كأنَّ خَالدًا عَالِمٌ بخبر جَارِه‏"‏‏.‏

‏(‏3‏)‏ التَّحقِيق ‏(‏ذكره الكوفيون والزجاجي‏)‏، نحو قول الحارث بن خالد يَرْثِي هِشامَ بنَ المُغِيرَة‏:‏

فأصبَحَ بَطنُ مَكّةَ مُقشَعِرًّا *** كأنَّ الأَرضَ لَيسَ بها هِشامُ

‏(‏4‏)‏ التّقريب، نحو ‏"‏كأنَّكَ بالغَائبِ حَاضِرٌ‏"‏ و ‏"‏كأنَّكَ بالفَرجِ آتٍ‏"‏‏.‏

وإعرابُ هذا‏:‏ الكاف حَرفُ خِطَاب، والبَاءُ زَائِدة في اسم ‏"‏كأنَّ‏"‏، وقال بعضُهم‏:‏ الكافُ اسم ‏"‏كأنَّ ‏"‏‏.‏ وفي الأَمثلة‏:‏ حذف مضاف، والتقدير‏:‏ كأنَّ زمانَك مُقبِلٌ بالغَائِب، أو كأنَّ زَمَانَك مُقبلٌ بالفَرجِ، والباء‏:‏ بمعنى ‏"‏في‏"‏، ويجوزُ وُقوعُ ‏"‏كأنَّ‏"‏مع اسمِها وخَبَرِها في مَوضِع وُقوعِ الجُمَل إذا كانَ المعنى على التَّشبِيه، فتقولُ في الصِّفَة‏:‏ ‏"‏مَرَرْتُ بِرَجُلٍ كأنَّه جَبَلٌ‏"‏‏.‏ وفي صِلَةِ المَوْصُول‏:‏ ‏"‏أقبَلَ الذي كأنَّهُ أسَدٌ‏"‏ وفي الخبر نحو ‏"‏هاشِمٌ كأنَّهُ ثَعلبٌ‏"‏ وفي الحال‏:‏ ‏"‏رأيتُ عَمرًا كأنَّه قَمَرٌ‏"‏ ومن الحال قولُه تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَا لَهُم عَنْ التّذكِرةِ مُعرِضين كأنَّهم حُمُرٌ مُستَنفِرَة‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏49‏"‏ و ‏"‏50‏"‏ من سورة المدثر ‏"‏74‏"‏‏)‏‏.‏

كَأنْ‏:‏

مُخَفَّفَةً من ‏"‏كأنَّ‏"‏ ولا يختلفُ عَمَلُها عن المشدَّدَةِ ويجوزُ إثباتُ اسمِها، وإفرادُ خَبَرِها كقولِ رُؤْبة‏:‏

كأنْ وَرَيدَيه رِشَاءٌ خُلَّبُ

‏(‏الوريدان‏:‏ عِرْقان في الرَّقبة وهو اسمُ ‏"‏كأنْ‏"‏ والرِّشاءُ‏:‏ الحبل وهو خبرها، الخُلَّب‏:‏ اللِّيف، ورواية هذا الشطر باللسَان هكذا ‏"‏كأنْ وريداه رشاءًا خُلَّب‏"‏ قال‏:‏ ويروى‏:‏ وريديه على إعمال ‏"‏كأنْ‏"‏ وكقولِ باغث بن صُرَيم اليشكري‏:‏

ويَوْمًا تُوَافِينا بوَجهِ مُقَسَّمٍ *** كأنْ ظبيةًٌ تَعطوا إلى وراقِ السَّلم

‏(‏يُروى برفع ظَبية على حذفِ الاسم أي كأنَّها وبالنصب على حذفِ الخَبر، أيّ كأنَّ مَكانها ظَبية، وبالجر على الأصل ‏"‏كظبية‏"‏ وزيدت ‏"‏إن‏"‏ بينهما‏"‏‏)‏‏.‏

ويجوزُ حذفُ اسمِها، وإذا حُذِفَ الاسمُ وكانَ الخبرُ جُملةً اسمِيَّةً لم يَحتَج إلى فَاصِلِ كقولِ الشَّاعِر‏:‏

وَوَجهٍ مُشرِقِ اللَّوْنِ *** كأَنْ ثَدْيَاهُ حَقَّانِ

‏(‏‏"‏ثدياه حقان‏"‏ مبتدأ وخبر في موضع رفع خبر‏"‏كأن‏"‏ واسمها ضمير الشأن محذوف‏)‏‏.‏

وإنْ كانَ جُملةً فِعليَّةً فُصِلت بـ ‏"‏لَمْ‏"‏ أوْ ‏"‏قَدْ‏"‏ نحو ‏{‏فَجَعَلنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لمْ تَغنَ بالأمسِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏24‏"‏ من سورة‏"‏يونس ‏"‏10‏"‏‏)‏ ونحو قَولِ الشَّاعر‏:‏

لا يَهُولَنَّكَ اصطِلاءُ لَظَى الحَرْ *** بِ فَمحذُ ورُها كأنْ قَدْ أَلمَّا

‏(‏الهَول‏:‏ الفَزَع، لَظَى الحَرب‏:‏ نَارُها، ‏"‏اصطِلاؤها‏"‏ لَذعُها، ألمَّ‏:‏ نَزَلَ‏)‏‏.‏

كَأَيٍّ‏:‏

اسمٌ مُركَّبٌ من كاف التَّشبِيه و ‏"‏أيّ‏"‏ المُنَونَة وجاز الوَقفُ عَلَيهَا بالنُّونِ، ولهذا رُسِمَ في المُصحف بالنُّون وهي بمعنى ‏"‏كم‏"‏ وتُوافِقُها في خَمسةِ أمُورٍ‏:‏ الإِبهامِ، والافتِقَارِ إلى التَّميِيزِ، والبِنَاءِ، ولُزومِ التّصدِير، وإفادَةِ التّكثير وهُوَ الغَالبُ نحو ‏{‏وكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِيُّوْنَ كَثِيرٌ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏146‏"‏من سورة آل عمران ‏"‏3‏"‏‏)‏‏.‏

وتخالفُها في خمسةِ أمورٍ‏:‏

أَحَدُها‏:‏ أَنَّ مُرَكَّبَةٌ، وكَمْ بسيطة‏.‏

الثاني‏:‏ أَنَّ مُمِيِّزها مَجرورٌ بـ ‏"‏مِنْ‏"‏ غالبًا وقد ينصب تمييزها كقول الشاعر‏:‏

اطَّردَ اليأس بالرجاء فكائن *** آلِمًا حمَّ يسره بعد عسر

كما مرَّ في الآية‏.‏ ومِثلُها ‏{‏وكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحمِلُ رِزقَهَا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏60‏"‏ من سورة العنكبوت ‏"‏29‏"‏‏)‏‏.‏

الثالث‏:‏ أَنَّها لا تَقَعُ استِفهَامِيَّةً عندَ الجُمهور ‏(‏وأثبت بعضهم ورودها للاستفهام وهو نادر ولم يثبته إلا ابن قتيبة وابن عصفور وابن مالك واستدل عليه بقول أبي بن كعب لابن مسعود رضي اللّه عنهما ‏"‏كأي تقرأ سورة الأحزاب آية‏؟‏‏"‏ فقال‏:‏ ثلاثًا وسبعين‏)‏‏.‏

الرابع‏:‏ أَنَّها لا تَقَعُ مَجرُورَةً‏.‏

الخَمسُ‏:‏ أنَّ خَبَرها لا يَقَعُ مُفرَدًا بل جُملَةً كما مَرَّ في الآيات‏.‏

كُتَع‏:‏

جَمعُ ‏"‏كَتعَلء‏"‏ في تَوْكِيدِ المُؤَنَّث، يُقال‏:‏ ‏"‏اشتَريتُ هذهِ الدَارَ جَمعاء كَتعاءَ‏"‏، و ‏"‏رأيتُ أخَواتِكَ جُمَع كُتَع‏"‏‏.‏ و ‏"‏رأيتُ القومَ أجمعين أكتَعين‏"‏ ولا يُقَدَّم ‏"‏كُتَع‏"‏ على جُمَع في التأكِيد، ولا يُفرَدُ، وهو مأخوذ من قولهم‏:‏ ‏"‏عامٌ كَتِيعٌ‏"‏ أي مكتَمِل كما قيل‏.‏

كثيرًا‏:‏

من قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَاذْكُرُوا اللّه كَثِيرًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏10‏"‏ من سورة الجمعة ‏"‏62‏"‏‏)‏‏:‏ إمَّا أنها صفَةٌ لموصوفٍ مَحذُوفٍ، أو نائبةٌ عن المَصدَرِ فتُعرَبُ إعرابَهُ‏.‏

هكذا يقولُ كثيرٌ مِنَ المُعربين، والصوابُ كما يقولُ ابن هشام ‏(‏مغني اللبيب‏:‏ ج 2/727‏)‏‏:‏ أنَّهُ حالٌ من ضَميرِ مَصدر الفعل، وهو مَذهبُ سيبويهِ، يجوزُ أنْ يكونَ صفةً للمصدرِ كما قدَّمنا ومثلُهُ ‏{‏فكُلاَ مِنها رَغَدا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏35‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏ أي فكُلاَ الأكلَ حالَ كونِه رغدًا‏.‏

كِخْ كِخْ‏:‏

تُكسَرُ الكافُ وَتُفتَح، وتُسَكَّنُ الخَاءُ وتُكسَر، بتَنوينٍ وغيرِ تَنوين وهي اسمُ صوتٍ لزَجرِ الصَّبيِّ وردْعهِ، ويقالُ عند التَقَذُّرِ أيضًا، ففي الحديث ‏"‏أكَلَ الحسنُ أَوْ الحُسَينُ تَمرَةً مَن تَمرِ الصَّدَقَةِ فقال له النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ‏:‏ كِخْ كِخْ‏.‏

كذَا وكَذَا‏:‏

-1 - كِنَايَتها عن العَدد‏:‏

يُكنى بـ ‏"‏كَذَا‏"‏ عَنِ العددِ المُبهَم قَلِيلِه وكَثِيره‏.‏

-2 - تَوَافُقُها مع ‏"‏كأيِّن‏"‏ وتَخَالُفُها‏:‏

تُوافِق ‏"‏كَذا‏"‏ ‏"‏كأيِّنْ‏"‏ في التركيب، فإنها مُرَكَّبَةٌ من كافِ التَّشبيه و ‏"‏ذا‏"‏ الإِشَارِية، والبناء، والإِبهَامِ، والافتِقارِ إلى التَّميِيز بمفرد‏.‏

وتُخَالِفُها في أنَّه يَجبُ في تَمييزها النَّصبُ، وأَنَّها ليس لها الصَّدْر، فلِذلك تَقولُ‏:‏ ‏"‏قَبضتُ كذا وكذَا درهمًا‏"‏‏.‏ وأَنَّها لا تُستَعمَلُ غَالِبًا إلاَّ مَعطُوفًا عليها كقوله‏:‏

عِدِ النَّفَس نُعمى بعدَ بُؤساك ذاكرًا *** كذا وكذا لُطفًا به نُسِي الجَهدُ

‏(‏النعمى‏:‏ النعمة، البؤس‏:‏ الشدة، الجهد‏:‏ بالفتح الطاقة، وبالضم المشقة‏)‏‏.‏

كَرَبَ‏:‏

كلمةٌ تَدُلُّ عَلى قُرْبِ الخَيرِ، وتَعمَلُ عَمَلَ كانَ، إلاَّ أنَّ خَبَرَها يجب أنْ يكونَ جُملَةً فِعليَّةً مُشتملةً على فِعلٍ مضارعٍ رافعٍ لضميرِ الاسمِ ويغلبُ فيه أنْ يَتَجَرَّدَ من ‏"‏أَنْ‏"‏ كقولِ الشّاعر‏:‏

كَرَبَ القلبُ مِنْ جَواهُ يذُوبُ *** حينَ قالَ الوُشاةُ هِندٌ غَضُوبُ

ويعملُ من ‏"‏كَرَبَ‏"‏ الماضي واسم الفاعل، كقول عبد قيس بن خُفاف البُرْجُمي‏:‏

أبُنيَّ إنَّ أباك كارِبُ يَوْمِه *** فإذا دُعِيتَ إلى المكارِمِ فاعجَلِ

‏(‏‏"‏كارب‏"‏ اسم فاعل من ‏"‏كرب‏"‏ واسمه مستتر فيه وخبره محذوف وجزم الجوهري في الصحاح‏:‏ أن كاربًا في البيت اسم فاعل كرب التامة من نحو قولهم ‏"‏كَرَبَ الشتاءُ‏"‏ إذا قرب‏)‏‏.‏

‏(‏= أفعال المقاربة‏)‏‏.‏

كُرِين‏:‏

مفردها ‏"‏كُرَة‏"‏ وهي كل مستدير، وكُرِين‏:‏ مُلحَقٌ بجمع المذكر السالم، يُعربُ بالواو والنون، أو الياء والنون، يقول عمرو بن كلثوم‏:‏

يُدَهدِينَ الرُّؤوسَ كما يُدَهدِي *** حَزاوِرَةٌ بأيديها الكُرِينا

‏(‏يدهدين‏:‏ ماضيها‏:‏ دَهدَى يقال‏:‏ دَهدى الحجر‏:‏ دَحرجهُ، الحزاورة‏:‏ مفردها‏:‏ حَزوَرَّ‏:‏ وهو الغلام القوي‏)‏‏.‏

كَسَا‏:‏

فعلٌ ماض ينصبُ مَفعُولَينِ لَيسَ أصلُهما المبتدأَ والخبر نحو‏:‏ ‏"‏كَسَوْتُ اليَتِيمَ قَميصًا‏"‏‏.‏

‏(‏= أعطَى وأخَواتها‏)‏‏.‏

كَفَّةً كَفَّةً‏:‏

اسمان مُركَّبانِ مَبنيان على الفتح في محلِّ نصب على الحال في قولك ‏"‏لقيتُه كَفَّةً كَفَّةً‏"‏ أي مُواجهة، وذلك إذا استقبلته مواجهةً، وفي حديث الزبير ‏"‏فَتلقّاه رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم كَفَّةً كَفَّةً‏"‏‏.‏ أي مُواجَهَة، كأن كلَّ واحدٍ مِنهما قد كَفَّ صاحبَه عن مُجَاوزته إلى غيره، أي مَنَعه‏.‏

كُلّ‏:‏

-1 - تعريفها‏:‏

هي اسمٌ للدَّلاَلةِ على الإِحَاطةِ والجَمع، أو أَجزاءِ الأَفراد، وهي إمَّا نَكِرة نحو‏:‏ ‏{‏كُلُّ نَفسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏185‏"‏من سورة آل عمران ‏"‏3‏"‏‏)‏ وإمّا مُعَرَّفَةٌ نحو‏:‏ ‏{‏وكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَرْدًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏95‏"‏من سورة مريم ‏"‏19‏"‏‏)‏، ومثال أجزَاء الأَفراد ‏"‏كُلُّ خَالدٍ مُبَارَكٌ‏"‏ و ‏"‏زيدٌ العَالِمُ كلُّ العَالِم‏"‏ والمراد التناهي، وأنه قد بَلَغَ الغاية فيما يَصفُه به مِنَ الخِصَال‏.‏

-2 - أوجُهُ إعرابها‏:‏

لإِعرابِها ثَلاثةُ أَوْجه‏:‏

‏(‏أحدُها‏)‏ أنْ تكونَ تَوكِيدًا لِمَعرِفةٍ وهو مَذْهبُ البَصريّين، وعندهم لاَ يَجوزُتَوْكِيدُ النكِرةِ ‏(‏واختار ابنُ مالك جوازَ توكيدِ النكِرة المَحدُودة لحصولِ الفائدة بذلك‏:‏ نحو صمتُ شَهرًا كلَّه‏)‏ سواءٌ كَانَتْ مَحدُودَةً كيومٍ وليلةٍ وشَهرٍ وحَوْلٍ أمْ غيرَ مَحدُودَةٍ كوقتٍ، وزَمَنٍ، وذَلكَ لأنَّ ألفاظَ التوكيد كلَّها مَعَارفُ، سَواءٌ المُضَافُ لَفظًا وغيرُه، فيلزمُ تَخَالُفُهما تَعرِيفًا وتنكِيرًا، ولا بُدَّ مِنْ إضَافَتِها إلى مُضمَرٍ رَاجعٍ إلى المؤكَّدِ، نحو‏:‏ ‏{‏فَسَجَدَ المَلاَئِكَةُ كُلُّهُمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏30‏"‏ من سورة الحجر ‏"‏15‏"‏‏)‏، وقد يَخلُفُ الضَّميرَ الظَّاهرُ كقولِ عُمرَ بنِ أبي ربيعة‏:‏

كمْ قدْ ذكرتُكِ لَوْ أُجزَى بذكرِكُمُ *** ياأشبَهَ النَّاسِ كلِّ الناسِ بالقَمَرِ

وأَجَازَ الكُوفِيُّونَ تَوْكِيدَ النكرة ومِنْ تَوْكِيدها بـ ‏"‏كلّ‏"‏ على رأي الكُوفيين قولُ العَرْجِي‏:‏

نَلبَثُ حَوْلًا كامِلًا كلَّه *** لانَلتَقِي إلاَّ عَلى مَنهَجِ

‏(‏الثاني‏)‏ أنْ يكونَ نَعتًا لِمَعرِفَةٍ فَتَدلُّ على كَمَالِهِ، وتجِبُ إضَافَتُها إلى اسمٍ ظَاهِرٍ يُمَاثِلُه لَفظًا ومَعنىً نحو قولِ الأَشهَب بنِ زُمَيلَة‏:‏

وإنَّ الَّذي حَانَتْ بفَلجٍ دِمَاؤُهم *** هُمُ القَوْمُ كُلُّ القَوْم يا أمَّ خالد

‏(‏حانت من الحين وهي الهلاك‏)‏‏.‏

‏(‏الثالث‏)‏ أنْ تكونَ تَالِيةً للعَوامِلِ ولَوْ كَانَتْ مَعنويَّةً فَتكُونَ مُضَافَةً إلى الظَّاهِرِ نحو ‏{‏كُلُّ نَفسٍ بمَا كَسَبَبْ رَهِينَةٌ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏38‏"‏ من سورة المدثر ‏"‏74‏"‏‏)‏ وغيرُ مُضَافَةٍ نحو‏:‏ ‏{‏وكُلًا ضَرَبنَا لَهُ الأَمثَالَ ‏(‏فـ ‏"‏كُلًا‏"‏ مفعولٌ به لفعل مَحذُوف يدلُّ عليه ضربنا أي أَرْشَدنا كلًا أو وَعظنا‏)‏ ‏{‏وكلًا تَبَّرْنَا تَتبِيرًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏39‏"‏ من سورة الفرقان ‏"‏25‏"‏‏)‏، ومن هذا‏:‏ نِيَابَتُها عنِ المَصدَر، فتكونَ مَنصُوبةً على أَنَّها مَفعولٌ مُطلق نحو‏:‏ ‏{‏فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ المَيلِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏129‏"‏من سورة النساء ‏"‏4‏"‏‏)‏، ومنه إضَافَتُها إلى الظَّرف فَتَنصِب على أَنَّها مَفعوُلٌ فيه نحو ‏"‏سِرْتُ كُلَّ اللَّيلِ‏"‏‏.‏

-3- أوْجُهُ الإِضَافةِ فيها‏:‏

هي ثَلاثةٌ أيضًا‏:‏

‏(‏الأوَّلُ‏)‏ أن تُضَافَ إلى الظّاهِرِ وحُكمُها‏:‏ أنْ يَعمَلَ فيها جميعُ العَوامِلِ نحو ‏"‏أكرَمتُ كُلَّ أهلِ البَيت‏.‏

‏(‏الثاني‏)‏ أنْ تُضافَ إلى ضميرٍ مَحذُوفٍ وحُكمُها كالتي قَبلَها، وكِلاَهُمَا يَمتَنِعُ التَّأكِيدُ به كالآيةِ قَبلها‏:‏ ‏{‏وكُلًا ضَرَبنَا لَهُ الأمثَالَ‏}‏‏.‏ والتَّقدِير‏:‏ وكُلَّ إنسَانٍ لأنَّ التَّنوين فيها عِوَضٌ ‏(‏انظر تنوين العوض‏)‏ عن المُضافِ إليه‏.‏

‏(‏الثالث‏)‏ أنُ تُضافَ إلى ضَمِيرٍ مَلفوظٍ به، وحُكُمها أن تكُونَ مُؤكَّدَة، فإنْ خَرَجَتْعن التَّوْكِيد فالغَالِبُ أنْ لا يَعمَلَ فيها إلاَّ الابتِداء نحو‏:‏ ‏{‏وكُلُّهُم آتِيهِ‏}‏‏.‏

-4 - لَفظُ ‏"‏كُل‏"‏ حُكمُه الإِفرادُ والتَّذكير، وحَكَى سيبويه في ‏"‏كل‏"‏ التأنيث، فقال‏:‏ ‏"‏كلَّتُهُن مُنطَلِقةٌ‏"‏ ومَعنا ‏"‏كل‏"‏ بحَسَبِ ما يَضافُ إليه، فإنْ كانَ مُضَافًا إلى مُنَكَّرٍ وَجَبَ مُراعاةُ مَعنى الجَمع فيه ‏(‏يقول ابن هشام‏:‏ وهذا نصَّ عليه ابن مالك ورواه أبو حيان يقول عنترة‏:‏

حادت عليه كُلُّ عينٍ ثَرَّةٍ *** فتَركنَ كلَّ حديقةٍ كالدرهم

فقال‏:‏ ‏"‏فتركن‏"‏ ولم يقل‏:‏ تركت، فدَلَّ على جواز ‏"‏كلُّ رَجُلٍ قائِمٌ، وقَائِمون‏"‏ يقول ابن هشام‏:‏ والذي يظهرُ لي خلافُ قَولِهما، وأنَّ المُضَافَ إلى المُفرد إنْ أرِيدَ نسبةُ الحُكم إلى كلِّ واحدٍ وَجَبَ الإِفراد نحو ‏"‏كلُّ رَجُلٍ يُشبِعُهُ رَغيفٌ‏"‏ أو إلى المَجمُوع وَجَب الجُمع كبيت عنترة فإن المراد أنَّ كل فرْدٍ مِنَ الأعينِ جادَ، وأنّ مجموعَ الأعين تركنَ، والثرة‏:‏ الغزِيرَة و أرَاد بالحديقة دَائِرةَ المَاءِ تبقى في الأَرْض بعدَ المَطَر‏)‏‏.‏

فلذلك جاءَ الضَّميرُ مُفرَدًا مُذكرًا في نحو‏:‏ ‏{‏وكُلَّ شَيءٍ فَعَلُوهُ في الزُّبُرِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏52‏"‏من سورة القمر‏"‏54‏"‏‏)‏ وفي نحو قولِ كَعبِ بنِ زُهَير‏:‏

كلُّ ابنِ أُنثى وإنْ طَالَتْ سَلاَمَتُهُ *** يَوْمًا على آلَةٍ حَدْبَاءَ مَحمُول

وجاء مُفرَدًا مُؤَنَّثًا في قوله تَعَالى‏:‏ ‏{‏كُلُّ نَفسٍ بمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏38‏"‏ من سورة المدثر ‏"‏74‏"‏‏)‏، و ‏{‏كُلُّ نَفسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏185‏"‏ من سورة آل عمران ‏"‏3‏"‏‏)‏، وجاءَ مُثَنَّى في قَوْلِ الفَرَزْدَق‏:‏

وكلُّ رَفيقَيْ كُلِّ رَحلٍ - وإِنْ هُما *** تَعَاطَى القَنا قَوْمَاه مَا - أخَوانِ‏؟‏‏؟‏

‏(‏كل في ‏"‏كل رحل‏"‏ زائدة كما يقول ابن هشام‏)‏ وجَاءَ مجمُوعًا مُذكَّرًا في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏كُلُّ حِزْبٍ بما لَدَيهِم فَرِحُون‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏54‏"‏من سورة المؤمنون ‏"‏23‏"‏‏)‏‏.‏

وقول لبيد‏:‏

و كُلُّ أُنَاسٍ سَوْفَ تَدْخُلُ بَينَهم *** دُوَيهِيَةٌ تَصفَرُّ مَنها الأَنامِلُ

وإن كانتْ ‏"‏كلُّ‏"‏ مُضَافَةً إلى معرفةٍ فالصَّحِيحُ أنَّه يُراعَى لفظهما فلا يَعُودُ الضَّمِيرُ إليها من خبَرِها إلاَّ مُفرَدًا مُذَكَّرًا على لَفظِها نحو‏:‏ ‏{‏وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَرْدًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏95‏"‏من سورة مريم ‏"‏19‏"‏‏)‏، وفي الحديث القُدْسِيّ وغيره‏:‏ ‏"‏يَا عِبَادي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلاَّ مَنْ أَطعَمتُه‏"‏، و ‏"‏كلُّكُمْ رَاعٍ وكُلُّكُمْ مَسؤُؤلٌ عَنْ رَعِيَّته‏"‏ و ‏"‏كلُّنَا لَكَ عَبدٌ‏"‏‏.‏ فَإنْ قُطِعَتْ عَنِ الإِضَافَةِ لَفظًا فالصَّوابُ أن المقدَّر يكونُ مُفردًا نَكِرَة وعندها يَجِبُ الإِفراد كما لَوْ صَرَّحَ بالمُفرد، ويكونُ جَمعًا معرَّفًا وعند ذلِك يجبُ الجَمعُ، وإنْ كانت المَعرِفةُ لوْ ذُكِرَت لوجبَ الإِفراد، ولكن فَعَلَ ذلك تَنبِيهًا على الحال المحذوف فيهما‏.‏

فالأوَّلُ نحو‏:‏ ‏{‏كُلٌّ يَعمَلُ على شَاكِلَتِهِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏84‏"‏من سورة الإسراء ‏"‏17‏"‏‏)‏ و‏{‏كُلٌّ آمَنَ باللّهِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏285‏"‏من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏ إذ التَّقدير‏:‏ كُلُّ أحَد‏.‏

والثَّاني نحو‏:‏ ‏{‏كُلٌّ لَهُ قَانِتُون‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏116‏"‏من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏ و‏{‏كُلٌّ في فَلَكٍ يَسبَحُون‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏33‏"‏ من سورة الأنبياء‏"‏21‏"‏‏)‏‏.‏

-5 - ويَجوزُ نَعتُ ‏"‏كلّ‏"‏ والعَطفُ عَليها‏:‏

يجوز أنْ تُنعَتَ ‏"‏كلّ‏"‏أوْ يُضافَ إليه، تَقُول ‏"‏كُلُّ رَجُلٍ ظَرِيفٌ في الدَّارِ‏"‏ يَجوز الرّفع نَعتًا لـ ‏"‏كل‏"‏ ويَجُوزُ الخَفضُ نَعتًا لـ ‏"‏رَجُلٍ‏"‏ وكَذَلِكَ العَطفُ كقول‏:‏ ‏"‏كُلُّ مُعَلِّمٍ وتلميذٌٍ عندك‏"‏ يجوز الرفع عَطفًا على ‏"‏كل‏"‏ والجر عطفًا على ‏"‏مُعَلِّمٍ‏"‏‏.‏

كِلاَ وكِلتَا‏:‏

اسمَان يُعرَبَانِ تَو ‏"‏كيدًا لِلمُثَنَّى، وقَدْ يُعرَبَان على حَسَبِ مَوَاقِعِ الكَلامِ، وليس ‏"‏كل‏"‏ أصلًا لهما، ويُلحَقَانِ بالمُثَنَّى ويُعرَبانِ إِعرَابَه إنْ أُضِيفَا إلى الضَّمِيرِ، وَإِنْ أُضِيفَا إلى الظَّاهِرِ أُعرِبَا إعرابَ المَقصُورِ، وهما مُفردانِ لَفظًا، مُثَنَّيَانِ مَعنىً مُضافانِ أبَدًا لَفظًا ومَعنىً إلى كلمةٍ وَاحِدَةٍ مَعرِفَةٍ دَالَّةٍ على اثنين، والأَكثَرُ فيهما مُرَاعَاةُ اللَّفظِ، وبه جاءَ القُرآن نَصًّا في قَولِه تَعالَى‏:‏ ‏{‏كِلتَا الجَنَّتَينِ آتَتْ أُكُلَها ولَمْ تَظلِم مِنه شَيئًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏33‏"‏ من سورة الكهف ‏"‏18‏"‏‏)‏ وقد اجتَمَعَ مُراعَاةُ اللَّفظِ والمَعنى في قولِ الشَّاعر يَصِفُ فَرسًا‏:‏

كِلاهُمَا حِينَ جَدَّ الجَرْي بَينَهُما *** قَدْ أقلَعا وكِلاَ أنفَيهما رَابي

فثَنَّى ‏"‏أقلَعا‏"‏ مُرَاعاةً لمعنى كلا، وأفرَدَ ‏"‏رَابِي‏"‏ مُراعَاةً لِلَّفظِ وهو الأكثر‏.‏

‏(‏= الإِضافة، والتوكيد، والمثنى‏)‏‏.‏

كلاَّ‏:‏

قال سيبويه‏:‏ ‏"‏وأمَّا كَلاَّ فَرَدْعٌ وَزَجر‏"‏ لامَعنَى لها عندهم ‏(‏أكثر البصريين وسيبويه والخليل والمبرد والزجاج‏)‏ غَيرُ ذَلِكَ، حتى إنهمُ يُجيزُونَ أبَدًا الوُقُوفَ عَلَيها، والإِبتِدَاءَ بمَا بَعدَهَا، وهُنَاك مَنْ يَرَى أَنَّها قد تَأتي لِغَيرِ الرَّدْعِ والزَّجرِ فتكون بمَعنَى حَقًَّا ‏(‏يرى ذلك الفراء في قوله تعالى ‏{‏كلا والقمر‏}‏‏)‏ نحو‏:‏ ‏{‏كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأبرَارِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏18‏"‏ من سورة المطففين ‏"‏83‏"‏‏)‏، وبَعضُهُم يَرَى أنها قَدْ تأتي بمعنى ‏"‏أَلاَّ‏"‏ الاستفتاحية‏.‏

وقال بعضهم‏:‏ كلاَّ‏:‏ تنفي شيئًا وتوجِبُ غيره‏.‏ وأقربُ ما يُقال في ذلك - كما يقولُ ابن فارس - أنَّ كَلاَّ تَقَعُ في تصريفِ الكلامِ على أرْبَعة أوْجُهٍ‏:‏ الرَّدُ، والرَّدْعُ، وصلة اليمين، وافتتاح الكلام بها كألاَّ، وأتى بأمثِلَةٍ من القرآن على هذه الأقوال ‏(‏انظر كتاب ابن فارس في كلا‏)‏‏.‏

الكلام‏:‏

هو القَوْلُ المُفِيدُ بالقَصد، والمُرَادُ بالإِفادَةِ‏:‏ ما يَدُلُّ على مَعنىً يَحسُنُ السُّكُوتُ عليه، وأقلُّ ما يَتَألَّفُ الكلامُ من اسمَين نحو ‏"‏العِلمُ نُورٌ‏"‏ أو مِنْ فِعلٍ واسمٍ نحو‏:‏ ‏"‏ظَهَرَ الحَقُّ‏"‏ ومنه ‏"‏استَقِمْ‏"‏ فإنَّه مُرَكَّبٌ مِن فِعلِ الأَمر المَنطُوقِ به، ومن الفَاعِل الضَّميرِ المُخَاطَب المُقَدَّر بأنتْ، ويقولُ سيبويه في استِقَامَة الكلام وإِحَالَتِه‏:‏ فـ مِنه مُستَقِيم حَسَن، ومُحَالٌ، ومُستَقِيم كـ ذِبٌ، ومُستَقِيمٌ قَبِيح، وما هو مُحَالٌ كَذِبٌ‏.‏

فأمَّا المُستَقيم الحَسَن فَقَوْلُك‏:‏ ‏"‏أَتَيتُكَ أمسِ، وسَآتِيكَ غَدًا‏"‏‏.‏

وأمَّا المُحَال، فَأَنْ تَنقُضَ أوَّل كَلاَمِكَ بآخِرِه فَتَقُول‏:‏ ‏"‏أتَيتُكَ غَدًَا وسَآتيك أَمس‏"‏‏.‏

وأمَّا المُستَقيم الكَذِب فَقَولُك‏:‏ ‏"‏حَمَلتُ الجَبَل‏"‏ و ‏"‏شرِبتُ مَاءَ البَحر‏"‏ ونحوه‏.‏

وأمَّا المستقيم القَبِيح فأن تَضَعَ اللَّفظَ في غير مَوْضِعه نحو قولك‏:‏ ‏"‏قَدْ زَيدًا رَأَيت‏"‏ و ‏"‏كي زَيدًا يَأتِيك‏"‏ وأشبَاه هذا‏.‏

وأمَّا المُحَال الكَذِب فأنْ تَقُولَ‏:‏ ‏"‏سوف أَشربُ ماءَ البَحرِ أمسِ‏"‏‏.‏

الكَلِمة‏:‏

-1 - تَعرِيفها‏:‏

لَفظٌ وُضِعَ لِمَعنىً مُفرَد ‏(‏وقد تطلق ‏"‏الكلمة‏"‏ لغةً ويُرادُ بها الكلام مثل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏كلا إنَّها كلمة هو قائلها‏}‏ إشارة إلى قوله تعالى حِكايةً عن الإنسان ‏{‏رب ارجعون لعلي أعمل صالحًا فيما تركت‏}‏ من الآيتين ‏"‏99 و 100‏"‏من سورة المؤمنين ‏"‏23‏"‏‏)‏، وأَقلُّ ما تَكُون عليه الكلمة حَرْفٌ وَاحِدٌ، فمِمَّا جَاءَ عَلى حَرْفٍ مِنَ الأسماء‏:‏ تَاء الفاعِل في مثل ‏"‏قُمتُ‏"‏ والكافُ في نحو ‏"‏أكرمتُكَ‏"‏ والهَاءُ في نحو ‏"‏مَنَحتُه‏"‏ ومن الأَفعَال تقول ‏"‏رَ‏"‏ بمعنى انظُر، و ‏"‏ق‏"‏ من الوِقَاية‏.‏

الكَلِم‏:‏

هو اسمُ جِنسٍ جَمعي، واحِدُه كَلِمَة، ولا يَكُونُ أَقَلَّ من ثَلاثِ كَلِمَاتٍ، أفَادَ أَم لَمْ يُفِد، وهو اسمٌ، وفِعلٌ، وحَرْفٌ جاء لمعنىً‏.‏

كُلَّما‏:‏

هي ‏"‏كُل‏"‏ دَخَلَتْ عليها ‏"‏مَا‏"‏ المَصدَرِيَّةُ الظَّرْفِيَّةُ وقيل ‏"‏مَا‏"‏ نَكِرَةٌ مَوصُوفَةٌ بمعنى وَقت فأَفَادت التكرَار نحو‏:‏ ‏{‏كُلَّمَا رُزِقُوا مِنهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏25‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏ ولا تدَْخُلُ إلاَّ على الفِعلِ المَاضِي، وهي مَبنِيَّةٌ عَلى الفَتحِ في مَحَلِّ نَصب على الظَّرفيَّة والعامِلُ فيها جَوابُها وهو فِعلٌ مَاضٍ أيضًا‏.‏

كَمْ‏:‏

هي اسمٌ يقع على العَدَد، وهي على قسمين‏:‏

‏(‏1‏)‏استِفهاميَّة بمعنى‏:‏ أيُّ عَددَ‏.‏

‏(‏2‏)‏ خَبَريَّة بمعنى‏:‏ عَدَدٌ كَثِيرٌ، أو هي بمعنى ‏"‏رُبَّ‏"‏‏.‏

-1 - اشتراك ‏"‏كم‏"‏ الاستِفهامِيَّة مع الخبرية وذلك في سبعة أمور‏:‏

‏(‏1‏)‏كَونُهما كِنَايَتَينِ عَنْ عَدَدٍ مَجهُولِ الجِنسِ والمِقدَارِ‏.‏

‏(‏2‏)‏ كَوْنُهما مَبنِيَّين على السكون‏.‏

‏(‏3‏)‏ الافتِقَارُ إلى التمييز‏.‏

‏(‏4‏)‏ جَوازُ دُخولِ ‏"‏مِنْ‏"‏ على تَميِيزِهما، فَفي الاستِفهَامِيَّةِ قولُه تَعَالى‏:‏ ‏{‏سَل بَنِي إسرَائِيل كَمْ آتَيناهم مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ‏}‏، وفي الخَبَرية قولُه تَعَالى‏:‏ ‏{‏وَكَمْمَنْ ملك في السَّمَوَاتِ‏}‏ ‏{‏وَكَمْ مَنْ قَرْيَةٍ‏}‏ وأنكَر الرَّضيُّ دُخُول ‏"‏مِنْ‏"‏ على تَميِيز الاستِفهامِيَّة والآيةُ صَرِيحةٌ بالجواز‏.‏

‏(‏5‏)‏ جَوَازُ حَذْفِ التَّميِيز إذا دَلَّ عليه دَليل‏.‏

‏(‏6‏)‏ لَزُومُ تَصَدُّرِهما، فلا يَعمَلُ فِيهِما مَا قَبلَهما إلاَّ المُضَافُ وحَرْفُ الجر‏.‏

‏(‏7‏)‏ اتِّحادُهُما في وُجُوهِ الإِعراب من جَرٍّ ونَصبٍ ورَفعٍ‏.‏

-2 - افتِراقُ كَمْ الاستِفهَامِيَّة عن الخَبَرِيَّة، وذَلِكَ في ثَمانِيَةِ أُمُورٍ‏:‏

‏(‏1‏)‏ أَنَّ تَميِيز ‏"‏كَمْ‏"‏ الاستِفهَامِيَّة مُفرَدٌ مَنصُوبٌ نحو ‏"‏كَمْ بَيتًا حَفِظتَ‏؟‏‏"‏ ويجُوزُ جَرُّ تَميِيزها بـ ‏"‏مَنْ‏"‏ مُضمرةٍ جَوَازًا إنْ جُرَّتْ ‏"‏كَمْ‏"‏ بِحرْفٍ، نحو ‏"‏بكَمْ دِينَارٍ اشتَرَيتَ عَبَاءَتك‏؟‏‏"‏ وتقول‏:‏ ‏"‏كمْ أَوْلادُك‏؟‏‏"‏ لَيس إلاَّ الرَّفعُ لأَنَّه مَعرفَةٌ، ولا يَكُون التَّميِيزُ مَعرِفة‏.‏

أمَّا ‏"‏كَمْ‏"‏ الخَبَرية فتُمَيَّزُ بمجرورٍ مُفرَدٍ، أو مَجمُوعٍ نحو ‏"‏كَمْ مَصَاعِبَ اقتَحَمتُها‏"‏ و ‏"‏كَمْ فَارِسٍ غَلَبتُ‏"‏ والإِفرادُ أكثرُ وأَبلغُ‏.‏

‏(‏2‏)‏ أنَّ الخَبَرية تختَصُّ بالمَاضِي كـ ‏"‏رُبَّ‏"‏ فلا يَجُوزُ ‏"‏كمْ دُورٍ لي سَأَبنِيها‏"‏ ويجوزُ ‏"‏كم شَجَرَةً سَتَغرِس‏؟‏‏"‏ على الاستفهام‏.‏

‏(‏3‏)‏ أنَّ المُتَكَلِّمَ بالخَبَرِيَّة لا يَستّدْعي جَوَابًا من مُخَاطَبِهِ بِخِلافِ الاستِفهَاميَّةِ‏.‏

‏(‏4‏)‏ أنّ المُتَكَلِّمَ بالخَبَرِيَّة يَتَوَجَّه إليه التَّكذِيبُ والتَّصدِيقُ‏.‏

‏(‏5‏)‏ أنَّ المُبدَلَ مَن الخَبريَّة لا يَقتَرِنُ بِهَمزَةِ الاستفهام، تقول‏:‏ ‏"‏كَمْ رِجَالٍ في الدارِ عِشرون بل ثَلاثُون‏"‏‏.‏ ويقالُ في الاستِفهامِ ‏"‏كَمْ مالُكَ أعِشرونَ أَلفًا أمْ ثَلاثُونَ‏؟‏‏"‏‏.‏

‏(‏6‏)‏ يجوزُ أن تَفصِل بين ‏"‏كَمْ‏"‏ الاستفهامية وبين مَا عَمِلتْ فيه بالظرفِ والجار فتقول ‏"‏كَمْ عِندَك كتابًا‏"‏ و ‏"‏كمْ لك مالًا‏"‏ أمَّا الخبرية، فإنْ فُصِلَ بينَها وَبينَ مَعمولِهَا وهو تَميِيزُها المُجَرَّدُ اختِير نَصبُه وتَنوِينُهُ، لأَنَّ الخَافضَ لا يَعملُ فيما فُصِل مِنه، تقولُ في الظرف‏:‏ ‏"‏كَمْ يَومَ الجمعةِ رجُلًا قَدْ أتاني‏"‏ و ‏"‏كمْ عِندَك رَجُلًا لقيتُه‏"‏ وكذلك الجارُّ والمَجرُور في قولِ الشاعر‏:‏

كَمْ نَالَنِي مِنهُمُ فَضلًا عَلَى عَدَمٍ *** إذْ لا أَكادُ مِنْ الإِقتَارِ أحتَمِلُ

‏(‏7‏)‏ إنَّ الاستِثنَاءَ إذا وَقَع بعد الاستِفهَامِيَّة يُعرَب بَدَلًا من ‏"‏كم‏"‏ مَرْفوعةً كانَتْ أَو مَنصُوبَةً أَو مَجرُورَةً، وإذا وَقَعَ الاستِثنَاءُ بعدَ الخَبَريَّة فينصب على الاستِثنَاء فَقط‏.‏

‏(‏8‏)‏ ‏"‏كَمْ‏"‏ الخَبَرية يُعطَف عليها بـ ‏"‏لا‏"‏ فـ يُقال ‏"‏كَمْ مَالُكَ لا مِائِةٌ ولا مِئتَان‏"‏ و ‏"‏كَمُ دِرْهمٍ عِندي لا دِرْهمٌ ولا دِرْهمان‏"‏ لأَنَّ المعنى‏:‏ كثيرٌ من المال، وكثيرٌ من الدَّراهم، لا هذا المقدار، بل أكثر منه، ولا يَجُوزُ العطف بـ ‏"‏لا‏"‏ في ‏"‏كَمْ‏"‏ الاستفهاميَّة، لأنَّ ‏"‏لاَ‏"‏ لا يُعطَفُ بها إلاَّ بعدَ مُوجِبٍ، لأنَّها تَنفي عن الثاني ما ثَبَت للأوَّل‏.‏

كَمَا‏:‏

مُرَكَّبَةٌ من كَلِمَتَين‏:‏ ‏"‏كافِ‏"‏ التَّشبِيهِ أو التَّعلِيل و ‏"‏ما‏"‏ الاسمِيَّةِ أو الحَرْفِيَّة، فالاسمِيَّةُ‏:‏ إمَّا مَوْصُولةٌ أو نَكِرَةٌ مَوْصُوفَةٌ نحو ‏"‏ما عِندي كما عِندَ أَخِي‏"‏ أي‏:‏ كالذِي عِند أَخِي، أو كَشَيْءٍ عِند أخي، فالمثالُ يحتملُ الموصولة والمَوْصُوفة و ‏"‏ما‏"‏ الحرفيَّة ثلاثة أقسام‏:‏ مَصدريَّةٌ، وكَافَّةٌ، وزَائِدَةٌ مُلغَاةٌ، فالمصدَرِيَّةُ نحو ‏"‏كَتَبتُ كَمَا كَتَبتَ‏"‏ أي كَكِتَابَتِكَ والكَافَّةُ كَقَوْل زِيادِ الأعجَم‏:‏

وأعلَمُ أَننِي وأَبا حُميدٍ *** كما النَّشوانُ و الرَّجُلُ الحَليمُ

أرِيدُ هِجَاءَهُ وأَخافُ رَبِّي *** وأعرفُ أنَّه رجُلٌ لَئيمُ

و ‏"‏ما‏"‏ الزَّائِدَة المُلغاة كقولِ عمروِ بنِ برّاقة الهمذاني‏:‏

ونَنصُرُ مَوْلانا، ونَعلَمُ أَنَّهُ *** كَمَا النَّاسِ مَجرُومٌ عليهِ وجارِم

بجَرِّ ‏"‏النَّاسِ‏"‏ أي كالنَّاسِ و ‏"‏ما‏"‏ زائدة‏.‏

الكُنيَة‏:‏

كلُّ مَا صُدِّرَ بأبٍ أو أمٍّ كـ ‏"‏أبي القَاسِمِ‏"‏ و ‏"‏أُمِّ البَنِين‏"‏ ‏(‏= العَلَم 12 و 13‏)‏‏.‏

كَيْ التَّعلِيلِيّة‏:‏

حَرْفُ جَرٍّ يَجُرُّ ثلاثةَ أشياء‏:‏

‏(‏1‏)‏ أَنْ المَصدَرِيَّة المُضمَرةَ وَصِلَتَها، ‏(‏2‏)‏ مَا الاستِفهَامِيَّة، ‏(‏3‏)‏ مَا المَصدَرِية، فالأَوَّلُ، نحو ‏"‏جِئتُ كَيْ أُكرمَ أخي‏"‏ إذا لم نُقَدَّرْ اللاَّم بكي فـ ‏"‏أكرمَ‏"‏ منصوبٌ بأنْ مضمرةً بعد كي لا بكي نَفسِهَا، وأنْ المضمرةُ وصلتُها في تأويل المصدر في محلِّ جر بكي‏.‏

وتتعين أن تكونَ ‏"‏كي‏"‏ للتَّعليل إنْ تأخَّرت عنها ‏"‏اللاَّم‏"‏ أو ظَهرَتْ ‏"‏أنْ‏"‏ ‏"‏اللاَّم‏"‏ كقول قيس الرُّقَيّات‏:‏

كَيْ لِتَقضِيَني رُقَيَّةُ مَا *** وَعدَتنِي غَيرَ مُختَلِسِ

و ‏"‏أن‏"‏ كقول جميل‏:‏

فقالتْ أَكُلَّ الناسِ أصبَحتَ مَانِحًا *** لِسَانَكَ كَيما أَنْ تَغُرَّ وتَخدَعَا

والثاني‏:‏ جرّها لِـ ‏"‏مَا‏"‏ الاستفهاميَّة فإنَّهُ يستفهم بها عن علةِ الشيء نحو ‏"‏كَيمَه‏"‏ بمعنى‏:‏ لِمَه‏.‏

والثالث، جرها ‏"‏مَا‏"‏ المَصدَرِيَّة مع صِلَتِها كَقَولِ النَّابغة‏:‏

إذا أَنتَ لَمْ تَنفَعْ فَضُرَّ فإنَّما *** يُرَجَّى الفَتَى كيمَا يَضُرُّ ويَنفَعُ

أي للضر والنَّفعِ، وقيل ‏"‏مَا‏"‏ كافَّة‏.‏

كَيْ المصدريّة الناصبة‏:‏

وهي التي يُنصَبُ بها المُضارعُ ويُؤَوَّلُ بالمصدر، وهذه تكونُ لسَبَبِيَّةِ ما قَبلَها فيما بَعدَهَا نحو‏:‏ ‏"‏علَّمتُكَ كَيْ تَرْقَى‏"‏ وشَرْطُها لتكونَ مَصدريَّةً أنْ يَسبِقَها ‏"‏لامُ التَّعليلِ‏"‏ لَفظًا نحو‏:‏ ‏{‏لِكَيلا تَأسَوْا على مَا فَاتَكُمْ‏}‏‏(‏الآية ‏"‏23‏"‏ من سورة الحديد ‏"‏57‏"‏‏)‏ أو تَقدِيرًا كالمِثَالِ السَّابق فإنَّ تَقدِيرَه‏:‏ ‏"‏عَلَّمتُك لِكَيْ تَرْقَى‏"‏ فـ ‏"‏كي‏"‏ وما بعدَها في تأويلِ المصدر في محلِّ جر باللاَّم الظَّاهرة في‏:‏ ‏{‏لِكَيلاَ تَأسوا‏}‏ وفي محل جر باللاَّم المقدرة في ‏"‏علمتُكَ كي تَرْقَى‏"‏‏.‏

فإنْ لم نُقدر اللاَّم فهي تَعلِيليَّة‏.‏

‏(‏= كي التَّعلِيليَّة‏)‏‏.‏

كيتَُ وكيتَُ‏:‏

يُقَالُ‏:‏ كان مِنَ الأمرِ ‏"‏كَيتَ وَكَيتَ‏"‏ وهي كِنَايَةٌ عن القِصَّة، أو الأُحدُوثة، وفي الحديث‏:‏ ‏"‏بِئسَ مَا لأَحَدِكم أنْ يقولَ‏:‏ نَسيت آيَة كَيتَ وكَيت‏"‏‏.‏

وقيل‏:‏ إنَّها حكايةٌ عَنِ الأَحوال والأَفعال، وتَقُول ‏"‏كانَ مَنَ الأمرِ كَيتَ وكَيت‏"‏ ‏(‏كان‏:‏ شأنية، اسمها ضمير الشأن، وخبرها‏:‏ كيت وكيت، ومن الأمر‏:‏ بيان يتعلق بأعني مقدرًا‏)‏‏.‏

كَيفَ الاستِفهَامِيَّة‏:‏

-1 - هي اسمٌ مُبهَم غير مُتمكِّن، يُستَفهَمُ بِه عنْ حَالَةِ الشَّيء مَبنِيٌ على الفَتحِ‏.‏

والاستِفهَامُ بِها إمَّا حَقِيقيٌّ نحو‏:‏ ‏"‏كَيفَ زَيدٌ‏؟‏‏"‏‏.‏ أو غيرُ حَقِيقيٍّ نحو ‏{‏كَيفَ تَكفُرُونَ بِاللَّهِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏28‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏‏.‏

فإنَّهُ أُخرِجَ مُخرَجَ التَّعَجُّبِ‏.‏

-2 - إعرابُها‏:‏

تَقَعُ ‏"‏كيفَ‏"‏ ‏"‏خَبَرًا‏"‏ مُقّدَّمًا قَبلَ مَا لاَ يَستَغنِي، إمّا عنْ مُبتَدَأ نحو ‏"‏كَيفَ أنتَ‏"‏ أو خَبرًا مُقَدَّمًا لـ ‏"‏كَانَ‏"‏ نحو ‏"‏كَيفَ كُنتَ‏"‏ أومَفعُولًا ثَانِيًا مُقَدَّمًا لِـ ‏"‏ظَنَّ‏"‏ وأَخَواتِها نحو ‏"‏كَيفَ ظَنَنتَ أَخَاك‏"‏ أو مَفعُولًا ثالِثًا لِـ ‏"‏أَعلَمَ‏"‏ وأخواتها نحو ‏"‏كيفَ أُعلِمتَ فَرَسَكَ‏"‏ لأنَّ ثاني مفعولِ ظنَّ وثالثَ مفعولات أعلمَ خبرُ إنَّ في الأَصل، وقَدْ تدخُل على ‏"‏الباء‏"‏ من حُروفِ الجر فتكون حرفَ جرٍّ زَائِدٍ تقول‏:‏ ‏"‏كيف بِخَالدٍ‏"‏ فـ ‏"‏كيفَ‏"‏ في مَحَلِّ رَفعِ خَبَر مُقَدَّم و ‏"‏بخالدٍ‏"‏ الباءُ زَائِدة و ‏"‏خالِد‏"‏ مُبتدأ مَنَع من ظُهُور الضَّمَّة فيه حَرْفُ الجَرِّ الزَّائِدِ، وقد تَكُونُ في مَحَلِّ نَصبٍ مَفعُولًا مُطلَقًا وذلك في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ كَيفَ فَعَلَ رَبُّكَ بأصحَابِ الفِيلِ‏}‏ ‏(‏أول آية في سورة الفيل‏)‏ وفعلُه ‏"‏فَعلَ رَبُّكَ‏"‏ لا ‏"‏أَلَمْ تَرَ‏"‏‏.‏ وتَقَعُ ‏"‏حَالًا‏"‏ قَبلَ ما يستَغني ويَتمُّ به الكلام نحو ‏"‏كَيفَ مَضَى أَخُوكَ‏"‏ أيِّ حَالٍ مَضَى أَخُوكَ‏.‏

كَيفَ الشّرْطِيّة‏:‏

تَقتَضِي فِعلَينِ مُتَّفِقَي اللَّفظِ والمَعنى غير مَجزُومَين نحو‏:‏ ‏"‏كَيفَ تَصنَعُ أَصنَعُ‏"‏ ولا يجوزُ ‏"‏كَيفَ تَجلِسُ أذْهَبُ‏"‏ باتَّفاق، ولا ‏"‏كَيفَ تَجلِسْ أَجلِسْ‏"‏‏.‏ بالجزم‏.‏

كَيفَما‏:‏

لم يَذْكُرْها سيبويه ولا المُبرِّدُ من أَدَوَات المُجَازَاةِ التي تَجزِمُ فِعلَين، وقال ابن بَرِّي‏:‏ لا يُجازَى بـ ‏"‏كيفَ‏"‏ ولا بـ ‏"‏كيفما‏"‏ عِند البَصريين، ومن الكوفيين من يُجازِي بـ ‏"‏كيفما‏"‏‏.‏