فصل: تابع باب الهَمْزَة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معجم القواعد ***


تابع باب الهَمْزَة

أُفٍّ‏:‏

الأُفُّ لُغةً‏:‏ الوسَخُ الذي حَوْلَ الظُّفر‏.‏ وقيل‏:‏ وَسَخُ الأُذُن، يُقالُ ذَلك عَندَ اسْتِقْذَار الشَّيْء، ثم اسْتُعْمِلَ ذَلك عِندَ كلِّ شَيْءٍ يُضْجَرُ مِنْهُ، ويُتَأَذَّى بِه، والأَفَفُ‏:‏ الضجرُ؛ وهي اسْمُ فِعْل مُضَارِعٍ بمعنى أتَضَجَّر، وهي من النوع المُرْتَجل‏.‏

وفيها عَشْرُ لُغاتٍ‏:‏ أُفَّ لَه، وأُفِّ، وأُفُّ، وأُفَّا، وأُفٍّ وأُفٌّ، وفي التنزيل‏:‏ ‏{‏ولاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏23‏"‏ من سورة الإسراء ‏"‏17‏"‏‏)‏ وأُفٍّي، وأُفَّى، وأُفَّةٌ، وأُفْ خفيفة، وقد جَمَعَها ابنُ مالكٍ في بَيْتٍ واحِدٍ‏:‏

فَأُفَّ ثَلِّثْ ونَوِّو، إنْ أردْتَ وقُلْ *** أُفَّى وأُفِّى وأُفْ وأُفَّةَ تُصِبِ

وهِيَ للمُفْرَدِ المُذَكَّرِ وغيرِهِ بصِيغَةٍ واحِدَة، وفَائِدةُ ذلك وضْعُها قصدَ المبالغة، فقائلُ ‏"‏أفٍّ‏"‏ كأنه يقول‏:‏ أتضجر كثيرًا، والتنوين فيها للتنكير أي أتضجَّر من كل شيء ‏(‏=اسم الفعل‏)‏‏.‏

الأفْعال الخمسة‏:‏

-1 تعريفها‏:‏

هِيَ كلُّ فعلٍ مُضارِعٍ اتصلَ به ألِفُ اثْنَين مثل ‏"‏يَفعلان تَفعَلان‏"‏ أو واوُ جَمْعٍ مثل ‏"‏يَفْعَلُونَ تَفْعَلُونَ‏"‏ أو يَاءُ المُخَاطَبَةِ مِثل‏:‏ ‏"‏تَفْعَلِينَ‏"‏‏.‏

-2 إعرابها‏:‏

تُرْفَعُ الأفْعالُ الخمسةُ بِثُبُوتِ النُّون نحو ‏"‏العُلَماءُ يَتَرَفَّعون عن الدَّنَايَا‏"‏‏.‏

وتُنْصَب وتُجْزَمُ بِحَذْفِها نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَإنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏24‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏ فالأول جَازِمٌ ومَجْزُوم، والثاني نَاصِبٌ ومَنْصُوبٌ‏.‏

-3 كلمة ‏"‏يَعْفُونَ‏"‏‏:‏

كلمةُ ‏"‏يَعْفُون‏"‏ من قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إلاَّ أنْ يَعْفُونَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏237‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏ الواوُ فيها ليستْ ضميرَ الجَماعة، وإنَّما هي لاَمُ الكَلِمَة، والنونُ ضمِيرُ النِّسوة، والفعل المضارع مبني على السكون مثل ‏"‏يَتَرَبَّصْنَ‏"‏ بخلافِ قَوْلِكَ ‏"‏الرِّجَالُ يَعْفُون‏"‏ فالواوُ ضميرُ المذَكَّرِين، والنُّونُ عَلامَةُ الرَّفعِ‏.‏ فَتُحْذَفُ للنَّاصِب والجَازِمِ نحو ‏{‏وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ للتَّقْوى‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏227‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏‏.‏

أفْعَالُ المُقَاربة‏:‏

مَعْنى قَولِهِم أفْعَالُ المُقَارَبَة إفَادَةُ مُقَاربةِ الفِعْل الكائِيِ في أخْبَارِها‏.‏

-1 أقسامها‏:‏

أفعالُ هذا الباب ثلاثةُ أنواع‏:‏

‏(‏أَحَدُها‏)‏ وُضِعَ للدَّلالَةِ على قُرْبِ الخَبَر وهي ثلاثةٌ ‏"‏كادَ، كَرَب، أَوْشَك‏"‏‏.‏

‏(‏الثاني‏)‏ ما وُضِعَ للدَّلالة على رَجَاء الخَبَر في الاستقبال وهي ثَلاثةٌ أَيْضًا ‏"‏عَسَى، حَرَى، اخْلَوْلَق‏"‏‏.‏

‏(‏الثالث‏)‏ ما وضع للدَّلالة على الشروع فيه، وهُوَ كثير، منه ‏"‏أَنْشَأ، طَفِق، جَعَل، هَبَّ، عَلَقَ، هَلْهَلَ، أَخَذَ، بَدَأ‏"‏ ‏(‏=الثلاثة مفصلة في حروفها‏)‏‏.‏

وجميعُ أفْعَالِ هَذَا الباب تَعمَلُ عَمَلَ كَانَ إلاّ أنَّ خَبَرَهُنَّ يَجِبُ كَوْنُه جُمْلَةً، وشَذَّ مَجِيئه مُفْرَدًا وخصوصًا بعدَ كَادَ وعَسَى‏.‏ ‏(‏=كاد وعسى واخلولق‏)‏‏.‏

-2 حكم خاصٌّ بعَسَى واخْلَوْلَقَ وأوْشَكَ‏:‏

تَخْتَصُّ ‏"‏عَسَى واخْلَوْلَقَ وأوْشَكَ‏"‏ بجواز إسْنَادِهنَّ إلى ‏"‏أَنْ يفعلَ‏"‏ ولا تَحتَاجُ إلى خَبرٍ مَنْصُوب، فتكونُ تامَّةً، نحو ‏{‏وَعَسَى أنْ تَكْرَهُوا شَيئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏216‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏ ويَنْبَني على هذا فَرْعان‏:‏

‏(‏أحدهما‏)‏ أَنَّهُ إذا تَقَدَّم على إحداهُنَّ اسمٌ وهُوَ الفَاعِلُ في المَعنَى، وتأخر عنها ‏"‏أنْ والفِعْل‏"‏ نحو ‏"‏عَمْرُوٌ عَسَى أنْ يَنْتَصِرَ‏"‏ جَازَ تَقدِيرُ عسى خَالِيةً من ضَمير ذَلِكَ الاسْمِ المتقدم عليها، فَتَكُونُ رَافِعَةً للمَصْدر المُقَدَّرِ من أنْ والفِعْلِ مُسْتَغْنىً به عن الخَبَر وهي حِينَئِذٍ تامَّةٌ، وهي لغة الحجاز‏.‏ وجاز تقديرُها رَافِعَةً للضَمير العَائِدِ إلى الاسْمِ المُتَقَدِّمِ، فيكونُ الضَّميرُ اسْمَها، وتكونُ ‏"‏أنْ والفعل‏"‏ في موضع نصب على الخبر، فتكون ناقصة، وهي لغة بني تميم‏.‏

ويَظْهَرُ أَثَرُ التَّقديرين في حالِ التَّأْنيث والتثنية والجمع، المذكر والمؤنث، فتقولُ على تقدير الإِضمار في عَسَى - وهو أنها ناقصةٌ عاملة - ‏"‏هندُ عَسَتْ أنْ تُفْلِح‏"‏‏.‏ ‏"‏العَمْران عَسَيَا أن يَنْجَحا‏"‏‏.‏

و ‏"‏الزَّيدُون عَسَوا أَنْ يُفْلِحُوا‏"‏ و ‏"‏الفاطِماتُ عَسَيْنَ أن يُفْلِحْنَ‏"‏ وتقول على تقدير الخُلُو من الضمر - وهو استغناؤها بالفاعل عن الخبر في الأمثة - جميعها من غير أن تتصل بعَسَى أداة تأنيث أو تثنية أو جمع وهو الأفصح، تقول‏:‏ ‏"‏هِنْدٌ عَسَى أن تفلحَ‏"‏ و ‏"‏الخالدان عسى أن يأتِيا‏"‏ وهكذا في الباقي وبه جاء التنزيل قال تعالى‏:‏ ‏{‏لا يَسْخَر قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أن يَكُونُوا خَيْرًا مِنهم، ولاَ نِسَاءٌ مِنْ نِساءٍ عَسَى أن يَكُنَّ خيرًا منهنَّ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏11‏"‏ من سورة الحجرات ‏"‏49‏"‏‏)‏‏.‏

‏(‏الفرع الثاني‏)‏ أنه إذا ولِيَ أحدُ هذه الأفعال الثَّلاثةِ ‏"‏أن والفعل‏"‏ وتَأَخَّرَ‏"‏ عَنْها اسمٌ هو الفاعلُ في المعنى، نحو ‏"‏عسَى أنْ يجاهدَ عليٌّ‏"‏ جَازَ الوجهانِ السَّابقانن‏:‏ أن يكونَ الاسمُ وهو ‏"‏عليَّ‏"‏ في ذلكَ الفِعْل المَقْرُونِ بأن خَاليًا من الضَّمير العائِدِ إلى الاسمِ المتأخر، فيكونُ الفعْلُ مُسْنَدًا إلى ذلكَ الاسمِ المُتَأَخِّرِ، وهو يجاهد وتكون عَسَى مُسْندةً إلى أن والفعل مُسْتَغْنىً بهما عن الخبر فتكون تامَّة‏.‏

والثاني‏:‏ أنَّه يجوزُ أنْ يُقدَّرَ ذلكَ الفعلُ مُتَحمِّلًا لضميرِ ذلك الاسمِ المتأخَّرِ ‏(‏وعندئذ يعود الضمير على متأخر لفظًا لا رُتبةً وهذا جائز‏)‏، فيكون الاسمُ المتأخِّر مَرْفوعًا بِعَسَى وتكون أنْ والفعلُ في مَوْضِعِ نَصْبٍ على الخَبَريَّةِ لِعَسَى مقدمًا على الاسم، فتكون ناقصة‏.‏

ويَظْهَرُ أَثَرُ الاحْتِمَالَين أيْضًا في التأنيث والتَّثنية والجمع المُذَكَّر والمُؤَنَّث، فنقول على الثاني - وهو أن يكونَ الاسمُ المُتَأَخِّر اسْمًا لـ ‏"‏عَسَى‏"‏ - ‏"‏عَسَى أنْ يقُومَا أَخَواك‏"‏ و ‏"‏عسَى أنْ يَقوُموا إخْوتُك‏"‏ و ‏"‏عسَى أن تقمْنَ نِسوتُك‏"‏ و ‏"‏عسَى أن تَطْلُع الشَّمْسُ‏"‏ لا غير‏.‏

وعلى الوجْهِ الأوَّل - وهو‏"‏ أن يكونَ الاسمُ المتأخَّرُ فاعِلًا للفعل المُقْتَرِنِ بِأَنْ - لا نحْتَاجُ إلى إلْحَاقِ ضميرِ مَا فِي الفِعل المُقْتَرَنِ بـ ‏"‏أنْ‏"‏ بل نُوَحِّدُه في الجميع فنقول‏:‏ ‏"‏يقوم‏"‏ ونُؤَنِّث ‏"‏تطْلُع‏"‏ أو نُذَكِّره ومثل عسى في هذا اخلَولَقَ، وأَوْشَكَ‏.‏

أَكْتَع‏:‏

كلمةٌ يؤكَّدُ بها، وهي تابعةٌ ‏"‏لأجْمَع‏"‏ ولا تُقَدَّم عليها، تقول‏:‏ ‏"‏جاءَ القَوْمُ أجْمَعُون أبصَعُون أبْتَعُون‏"‏

‏(‏=في أبوابها‏)‏‏.‏

ألْ التَّعْرِيفية‏:‏

تأتي‏"‏ جِنْسِيَّةً، وزائِدةً، وعَهْديَّةً، وهذه الثلاثةُ تَصلُحُ أن تكونَ علامةً للاسم - ومَوْصُولة وهاكَ بيانَها‏:‏

أَلْ الجِنْسِية‏:‏

ثَلاثَةُ أَنْوَاع‏:‏

‏(‏أ‏)‏ الَّتي لِبَيان الحَقِيقَةِ والمَاهِيَّةِ وهِيَ التي لا تخلُفُها ‏"‏كُل‏"‏ نحو‏:‏ ‏{‏وَجَعَلْنا من الماء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏30‏"‏ من سورة الأنبياء ‏"‏21‏"‏‏)‏، ونحو‏:‏ ‏"‏الكَلِمَةُ قَوْلٌ مُفْرد‏"‏‏.‏

‏(‏ب‏)‏ الَّتِي لاسْتِغْراقِ الجِنْس حَقِيقةً، فَهِي لشُمُولِ أفْرادِ الجِنْس نحو‏:‏ ‏{‏وخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفًا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏27‏"‏ من سورة النساء ‏"‏4‏"‏‏)‏ وعلامَتُها أن تخلُفها ‏"‏كُل‏"‏ فلو قيل‏:‏ وخُلِقَ كلُّ إنسَانٍ ضَعِيفًا لكان صحيحًا‏.‏

‏(‏جـ‏)‏ التي لاسْتِغْرَاقِ الجِنْس مَجَازًا لِشُمُول صِفاتِ الجنسِ مُبَالَغَةً نحو ‏"‏أَنْتَ الرجلُ عِلْمًا وأَدَبًا‏"‏ أي أنتَ جامعٌ لِخَصَائِصِ جَميعِ الرِّجال وكمالاَتِهم‏.‏

أَلْ الزَّائِدة‏:‏

نَوعان‏:‏ لازِمَةٌ، وَغَيْرُ لاَزِمَةٍ، فاللاَّزِمَة‏:‏ ثلاثةُ أنوَاع‏:‏

‏(‏أ‏)‏ التي في عَلَمٍ قَارَنَتْ وضعَه في النَّقل كـ ‏"‏اللاَّت والعُزَّى‏"‏ أو في الارْتجَال كـ ‏"‏السَّمَوْأَل‏"‏‏.‏

‏(‏ب‏)‏ كالتي في اسمٍ للزَّمَن الحاضِر وهو ‏"‏الآنَ‏"‏‏.‏

‏(‏جـ‏)‏ كالتي في الأسْماءِ المَوْصُولةِ مثل ‏"‏الَّذي والتي وفروعِهمَا‏"‏ من التثنية والجمعِ وكانَتْ زائدةً في الثلاثة لأنَّه لا يَجْتَمِعُ على الكَلِمةِ الوَاحِدَةِ تَعْريفان‏.‏

وغيرُ اللازِمةِ - وهي العارضةُ - نوعان‏:‏

‏(‏1‏)‏ واقِعةٌ في الشِّعر للضَّرورةِ، وفي النَّثْر شُذُوذًا، فالأُولَى كقول الرَّمَّح بن مَيَّادة‏:‏

رأيتُ الوليدَ بن اليَزيدِ مُبارَكًا *** شَدِيدًا بأعْبَاءِ الخلافِ كاهِلُهْ

‏(‏‏"‏أل‏"‏ في الوليد زائدة لِلَمْحِ الأصل، والشاهد في ‏"‏اليزيد‏"‏ فـ ‏"‏أل‏"‏ فيه للضرورة، لأنه لم يسمع دخولُ أل على يزيد ويَشْكُر، سَهَّل هذه الضرورة تقدُّمُ ذكرِ الوليدِ في البيت‏)‏

وقول اليشكري‏:‏

رأيتُك لما أنْ عَرَفْت وُجُوهَنا *** صَدرْتَ وطِبتَ النفسَ يا قيسُ عن عَمْرُو

‏(‏النفس‏:‏ تَمْييز ولا يقبلُ التعريف لذلك كانت زائدة‏)‏

أما شذوذها في النثر فهي الواقعة في قولك‏:‏ ‏"‏ادْخُلوا الأوَّلَ فالأَوَّلَ‏"‏ وقولهم‏:‏ ‏"‏جَاؤوا الجماءَ الغفير‏"‏ ‏(‏أي جاؤول بجماعتهم وانظرها بـ‏(‏الجماء الغفير‏)‏‏)‏‏.‏

‏(‏2‏)‏ مَجوَّزَة لِلَمْحِ الأَصْلِ لأنَّ العَلَمَ المنقولَ مما يقبَلُ ‏"‏أل‏"‏ قد يلاحَظُ أصْلُه فتخلُ عليه ‏"‏أل‏"‏ وأكْثَرُ وُقُوعِ ذلكَ في المَنْقُول عن صفةٍ كـ ‏"‏حَارِثٍ، وقَاسِمٍ‏"‏ ‏(‏من أسماء الفاعلين‏)‏‏.‏ و ‏"‏حسَنِ وحُسَين‏"‏‏.‏ وقد تَقعُ في المنقول عن مَصْدَرٍ كـ ‏"‏فَضْل‏"‏ أو عَن اسم عَيْن كـ ‏"‏نُعْمان‏"‏ فإنه في الأصل اسمٌ للدم، والعُمْدَة في البابِ على السَّمَاع فلا يجوزُ في نحو ‏"‏محمدٍ ومَعرُوف‏"‏‏.‏

ولم يُسْمَع دُخولُ ‏"‏أل‏"‏ في نحو ‏"‏يزيد ويشكر‏"‏‏.‏ علمين لأن أصلَهما الفعلُ وهو لا يقبل ‏"‏أل‏"‏‏.‏

أَلْ العَهْدِيّة‏:‏

ثلاثة أنواع‏:‏

‏(‏1‏)‏ لِلعَهْد الذِّكْرِي‏:‏ وهي التي يتقدم لمَصْحوبها ذكر نحو ‏{‏كما أَرْسَلْنَا إلى فِرْعَونَ رَسُولًا، فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏15 - 16‏"‏ من سورة المزمل ‏"‏73‏"‏‏)‏‏.‏

‏(‏2‏)‏ للعَهْد العِلمي، ويقال له‏:‏ العَهْدُ الذِّهْني، وهو أنْ يَتَقَدَّم، لِمَصْحوبِها عِلْمٌ نحو‏:‏ ‏{‏إنَّكَ بالوَادِ المُقَدَّسِ طُوَى‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏12‏"‏ من سورة طه ‏"‏20‏"‏‏)‏ و‏{‏إذْ هُمَا في الغَارِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏41‏"‏ من سورة التوبة ‏"‏9‏"‏‏)‏ لأنَّ ذلك مَعْلُومٌ عندهم‏.‏

‏(‏3‏)‏ للعَهْدِ الحُضُورِي‏:‏ وهو أنْ يكونَ مَصْحُوبُها حَاضِرًا نحو ‏{‏اليَوْمَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِيْنَكُمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏3‏"‏ من سورة المائدة ‏"‏5‏"‏‏)‏ أي اليَوْمَ الحَاضِرَ وهُوَ يومُ عَرَفَةَ ونحو ‏"‏افْتَحِ البابَ للدَّاخِلِ‏"‏‏.‏

ومنه صِفَةٌ اسْمٍ الإِشارَةِ نحو ‏"‏إنَّ هَذا الرجلَ نبيلٌ‏"‏ وصفةٌ ‏"‏أيّ‏"‏ في النِّداءِ نحو ‏"‏يا أَيُّهَا الإِنْسَانُ‏"‏‏.‏

أَلْ المَوْصُولة‏:‏

هي اسْمٌ في صُورةِ حَرْفٍ، وهي التي بِمَعْنى الذي وفُرُوعِه، وتدخُلُ على أسماءِ الفَاعِلِييين والمَفْعُولِين، ولا تَدخُلُ على الصِّفاتِ المُشَبَّهَة، لأنَّ الصفَةَ المُشَبَّهَةَ للثُّبُوتِ فلا تُؤُوَّل بالفِعلِ‏.‏ وَصِلَةُ ‏"‏أَلْ‏"‏ المَوْصُولةِ هي الوصْفُ بَعْدَها، وشذَّ دُخُولُها على الفِعْل المضارع كقول الشاعر‏:‏

‏"‏ما أَنْتَ بالحَكَم التُرضَى حُكُومَتُه‏"‏

وقد تَقَدَّم بعَلامات الاسم‏.‏

أَلْ ونِيابتُها عن الإِضافة‏:‏

عد تكونُ ‏"‏أَلْ‏"‏ بَدَلًا مِنَ الإِضافة لأنهما جَمِيعًا دَليلان من دَلائِلِ الأسماءِ قال الله عزَّ وجلَّ‏:‏ ‏{‏وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الهَوَى‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏41‏"‏ من سورة النازعات ‏"‏79‏"‏‏)‏ معناه عن هَوَاهَا، فأقَامَ الألِفَ واللامَ مُقامَ الإِضافةِ وقال‏:‏ ‏{‏يُصْهَرُ به ما في بُطُونِهِم والجَلُودُ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏20‏"‏ من سورة الحج ‏"‏22‏"‏‏)‏‏.‏ أراد‏:‏ وجُلُدهم‏.‏

قال النابغة‏:‏

لَهُم شِيَمٌ لم يُعْطِهَا اللَّهُ غَيْرَهم *** مِنَ النَّاسِ والأحلامُ غير عَوَازِبِ

ومعناه‏:‏ وأحْلامُهُم‏.‏

ألْ التَّعرِيف وكِتَابَتُها إذا دَخَلَتْ على ما أوله لام‏:‏

كُلُّ اسْمٍ كانَ أَوَّلُه لامًا، وأُدْخِلتْ عليه لامُ التعريف، فإنَّه يُكْتَبُ بِلامَيْن نحو ‏"‏اللَّحْم واللَّبَن‏"‏ و ‏"‏اللُّجَين واللِّجام‏"‏ إلا ‏"‏الذي والتي‏"‏ لِكَثْرةِ الاسْتِعْمَالِ‏.‏ وإذا ثَنَّيْت ‏"‏الذي‏"‏ تكتُبُه بلامَيْن نحو ‏"‏اللَّذَيْن‏"‏ وإذَا جَمَعْتَه فَبِلامٍ واحِدَةٍ نحو ‏"‏الذين‏"‏‏.‏

وأما ‏"‏التَّان والاي والاّئي‏"‏ فكلُّهُ يُكتَب بِلاَمٍ وَاحِدَةٍ‏.‏

أَلا الاستفتاحِيّة =أَلاَ التَّنْبِيهِيَّة‏.‏

أَلاَ‏:‏

للتَّوبِيخِ والإِنْكَارِ، ويكون الفعلُ بعدها مَرْفوعًا لا غَيْر، تَقولُ‏:‏ ‏"‏أَلاَ تَنْدَمُ على فِعَالِكَ‏"‏‏.‏ و ‏"‏ألاَ تَسْتَحِي من جِيْرَانك‏"‏ وقد يأتي بعدَها اسْمٌ مُبْتَدَأٌ ومنه قول الشاعر‏:‏

أَلاَ ارْعِواءٌ لِمَنْ وَلَّت شَبِيبتُه *** وآذَنَتْ بمشِيبٍ بعدَهُ هَرَمُ

أَلاَ‏:‏ - للاستفهام عن النفي كقول الشاعر‏:‏

أَلاَ اصْطِبارٌ لسَلْمَى أمْ لها جَلدٌ‏؟‏ *** إذَا أُلاقِي الذي لاَقَاهُ أمْثالي

أَلا التّنْبِيهيّة‏:‏

تَرِدُ ‏"‏ألا‏"‏ للتَّنبيه وفي الاسْتِفْتَاحِيَّة فتدخلُ على الجُمْلَتَيْن الاسْميَّةِ والفِعْلِيَّة ولا تَعْمَلُ شَيْئًا، فالاسمية نحو ‏{‏أَلاَ إنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمُ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏62‏"‏ من سورة يونس ‏"‏10‏"‏‏)‏ والفعلية نحو ‏{‏أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهمْ ليس مَصْرُوفًا عَنْهُمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏8‏"‏ من سورة هود ‏"‏11‏"‏‏)‏‏.‏

وتُفِيدُ التَّحْقِيق لِتَركُّبِها مِنَ الهَمْزَةِ، وهَمْزةُ الاسْتِفْهَام إذا دَخَلَتْ على النَّفْي أفَادَتْ التَّحْقِيق‏.‏ ويَتَعَيَّن كسرُ ‏"‏إن‏"‏ بعد ‏"‏أَلاَ‏"‏‏.‏

أَلاَ للعَرْض والتَّحْضيض‏:‏

تأتي ‏"‏أَلا‏"‏ للعرض والتَّحْضيضِ ‏(‏‏"‏العَرض‏"‏ الطلبُ برفق، و ‏"‏التحضيض‏"‏ الطَلَب بشدَّة‏)‏ فَتَخْتَصُّ بالجملةِ الفعليَّةِ، مِثالُ العَرْضِ ‏{‏أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لكُمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏22‏"‏ من سورة النور ‏"‏24‏"‏‏)‏ ومِثَال التَّحْضِيض ‏{‏أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكثُوا أيْمَانَهُمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏13‏"‏ من سورة التوبة ‏"‏9‏"‏‏)‏‏.‏

أَلاَّ‏:‏

بالفتح والتشديد‏.‏

حَرْفُ تَحْضِيضٍ مختَصٍّ بالجملة الفعليةِ الخبريّة‏.‏

ويجوز فيه الفعلُ مضمرًا ومظهرًا، مُقَدَّمًا ومُؤَخَّرًا، ولا يَسْتَقِيم أن تبتدئ بعدَه الأسْمَاءُ، تقول ‏"‏أَلاَّ زَيْدًا ضَرَبْتَ‏"‏ ولو قلت ‏"‏أَلاَّ زيدًا‏"‏ على إضْمَارِ الفِعلِ، ولا تَذْكُرُ جَازَ‏.‏

إلاَّ الاسْتِثْنَائِيّة‏:‏

حرْفٌ دونَ غيرها من أدَواتِ الاستثْناءِ ‏(‏=المستثنى‏)‏‏.‏ ولها ثلاثُ أحوال‏:‏

‏(‏1‏)‏ وُجُوبُ نصب المُسْتَثْنَى بَعْدَها‏.‏

‏(‏2‏)‏ إتْبَاعُه على البَدَليَّة‏.‏

‏(‏3‏)‏ إعْرَابُ ما بَعدَهَا حَسْبَ العَوامِل وَهُو المُفَرَّغُ وهاكَ التفصيل‏:‏

‏(‏أ‏)‏ وجُوبُ نصبِ ما بَعْدَها‏:‏ له أحوالٌ ثلاثٌ‏:‏

الأُولَى‏:‏ أنْ يكونَ المُسْتَثْنى مُتَّصلًا ‏(‏المتصل‏:‏ ما كانَ المُسْتَثْنى من جنس المستثنى منه، والمنقطع بخلافه‏)‏‏.‏ مُؤخَّرًا‏.‏ والكلامُ تامًّا ‏(‏التَّام‏:‏ ما ذُكِر فيه المُسْتَثْنى منه‏)‏ مُوْجبًَا ‏(‏المُوجِب‏:‏ غير المنفي‏)‏‏.‏ نحو ‏{‏فَشَربُوا مِنْهُ إِلاَّ قَليلًا مِنْهُمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏249‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏‏.‏

فقليلًا مستثنى من واو الجماعة في ‏"‏وشربوا‏"‏، وخلا من النفيّ‏.‏

الثانية‏:‏ أن يكون المستثنى منقطعًا والمنقطع ما لا يَكونُ المُسْتَثْنى مِنْ جِنْس المُسْتَثْنَى منه - سَوَاءٌ أَكَانَ مُوجبًا نحو ‏"‏اِشْتَغَلَ عُمّالُكَ إِلاَّ عُمَّالَ خَالِد‏"‏‏.‏ أوْ مَنْفِيًّا نحو قولِه تعالى‏:‏ ‏{‏مَا لَكُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتّبَاعَ الظَّنِّ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏156‏"‏ من سورة النساء ‏"‏4‏"‏‏)‏ فاتِّباعُ الظنِّ لَيْسَ مِنْ جنس العِلْم، سَوَاءٌ أمْكَنَ تَسَلُّط العامِل عليه كهذه الآية فإن الأصل‏:‏ مالَكُمْ إلاَّ اتِّبَاعَ الظَّن، أَمْ لَمْ يُمْكِنْ تسلُّطُ العامِل عليه، نحو ‏"‏ما نَفَع الأَحْمق إلاّ مَا ضَرَّ‏"‏ إذ لا يُقَالُ‏:‏ نَفَعَ الضُّرُّ‏.‏

الثالثة‏:‏ أنْ يَتَقَدَّمَ المُسْتَثْنى على المستثنى مِنْه سَوَاءٌ أكانُ الكَلامُ مَنْفِيًّا كقول الكُمَيْت‏:‏

وَمَالِيَ إِلاَّ آلَ أحْمَدَ شِيعَةٌ *** وَمَالِيَ إلاَّ مَذْهَبَ الحقِّ مَذهَبُ

أم مُوجبًَا نحو ‏"‏يَنْقُصُ - إلاَّ العلمَ - كلُّ شيءٍ بالإنْفَاقِ‏"‏‏.‏

‏(‏ب‏)‏ التَّبَعِيَّةُ على البَدَليَّة وذلكَ إذا كانَ الكَلامُ تامًَّا مَنْفِيًّا مُتَّصلًا، مُقَدَّمًا فيه المُسْتَثْنَى منه ‏(‏أي على الأصل‏)‏‏.‏ على أنه بدلُ بعضٍ نحو ‏{‏مَا فَعَلُوهُ إلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏66‏"‏ من سورة النساء ‏"‏4‏"‏‏)‏‏.‏ و‏{‏وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إلاَّ امْرَأَتُك‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏81‏"‏ من سورة هود ‏"‏11‏"‏‏)‏ و ‏"‏ما جَنَيْتُ الثَّمَرَ إلاَّ تُفَاحَةً‏"‏‏.‏

ويجوزُ النَّصبُ في هذا على الاسْتِثْناءِ وسُمِعَ من العَربِ المَوْثُوقِ بعَرَبيَّته يقول‏:‏ ‏"‏مَا مَرَرْتُ بأحَدٍ إلاَّ زيدًا‏"‏ وقُرِئ به الآيتين ‏(‏وقراءة الفتح في الآية الثانية أجود وأشهر‏)‏ وإذا تَعَذَّرَ البدلُ على اللفظِ لِمَانِعٍ أُبْدِلَ على المَوْضِع، نحو ‏"‏لا إلهَ إلاَّ اللَّهُ‏"‏ برفع لفظ الجَلاَلَةِ فلفْظُ الجلالة بَدَلُ من محلّ ‏"‏لا‏"‏ مع اسمها ‏(‏وعند أبي حيان‏:‏ لفظ الجلالة بدل من الضمير المستتر في الخبر المحذوف العائد على اسم ‏"‏لا‏"‏ المقدر بـ ‏"‏موجود‏"‏‏)‏ لا على اللفظ، لأنَّ ‏"‏لا‏"‏ الجِنْسِيَّةَ لا تعملُ في مَعرِفةٍ لأن البدلَ في نِيّةِ تَسلُّطِ عَامِلِ المُبْدَلِ منه عليه‏.‏ ولا في موجبه ونحو ‏"‏ما فيها من أحدٍ إلاَّ خالدٌ‏"‏ بالرفع، فـ ‏"‏خالد‏"‏ بدل على المحل من أحَد، لأن ‏"‏مِنْ‏"‏ زَائدة في سياق النفي وهي لا تزاد في الإِيجاب‏.‏

‏(‏جـ‏)‏ الاسْتِثْنَاء المُفرَّغُ‏:‏ وهو الذي لا يُذْكَر فيه المُسْتَثْنى مِنْه، وحِينَئذٍ يكونُ المُسْتَثْنى على حَسَب ما يَقْضِيه العَامِلُ الذي قبله في التَّرْكيب، كما لو كانت ‏"‏إلاَّ‏"‏ غير موجودة، نحو ‏"‏لا يَقَعُ في السُّوءِ إلاَّ فاعِلُه‏"‏ ‏"‏لا أَتَّبِعُ إلاَّ الحقَّ‏"‏ و‏{‏لاَ يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّءُ إلاَّ بِأَهْلِهِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏43‏"‏ من سورة فاطر ‏"‏35‏"‏‏)‏‏.‏ وشرطُهُ كَوْنُ الكَلامِ مَنْفِيًّا كَما مُثِّل، أَوْ وَاقِعًا بعْدَ نَهْي نَحْو‏:‏ ‏{‏وَلاَ تَقُولُوا على اللَّهِ إلاَّ الحَقَّ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏171‏"‏ من سورة النساء ‏"‏4‏"‏‏)‏ أَوْ الاسْتِفْهَام الإِنْكَارِي نحو‏:‏ ‏{‏فَهَلْ يُهْلَكَ إلاَّ القَوْمُ الفَاسِقُون‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏35‏"‏ من سورة الأحقاف ‏"‏46‏"‏‏)‏‏.‏

‏(‏د‏)‏ تَكَرُّرُ الاسْتِثْنَاء المُفرَّغِ‏:‏ إذا تكرَّر المُسْتَثْنى المُفَرَّغ، وَجَبَ النَّصْبُ في الثَّاني، وذلكَ قولُكَ‏:‏ ‏"‏مَا أَتَاني إلاَّ زيدٌ إلا عمرًا‏"‏ فلا يجوز الرفع في عمروٍ، إن شئت قلتَ‏:‏ ‏"‏ما أَتَانِي إِلاَّ زَيْدًا إِلاَّ عَمْروٌ‏"‏ فتجعل الإِتْيَانَ لِعَمْروٍ، ويكونُ زَيْدٌ مُنْتَصِبًا، فأنت في ذا بالخيار إنْ شِئتَ نَصبتَ الأَوَّلَ ورفَعْتَ الآخِرَ وإنْ شئتَ نصبتَ الآخِرَ ورفعتَ الأوَّلَ‏.‏

‏(‏هـ‏)‏ حكم ‏"‏إلاَّ‏"‏ إذا تكررت‏:‏

إذا تَكَرَّرَتْ ‏"‏إلاَّ‏"‏ فهيَ على قسمين، إمّا مؤكَّدةٌ وإمَّ مؤسِّسَةٌ ‏(‏المؤسسة‏:‏ التي لها معنى أصلي‏)‏‏.‏ فالأولى حكمُها الإِلْغَاءُ عن العَمَل‏.‏ وذلك إذا كان ما بَعْدَ ‏"‏إلاَّ‏"‏ الثَّانِيَةِ تَابِعًا لما بعدَ ‏"‏إلاَّ‏"‏ قَبْلَها وتُعْرَبُ‏:‏ بَدَلًا، أو عطفَ بيان، أو نسَق ‏"‏جاءَ الحُجَّجُ إلاَّ مُحَمَّدًا إلاَّ أبَا عَبْد الله‏"‏ فـ ‏"‏أَبَا عبدِ اللَّهِ‏"‏ بَدَلُ كلٍّ من محمدٍ و ‏"‏ألاَّ‏"‏ الثانية زائِدةٌ، لمُجَّردِ التَّأكِيد لأنَّ أبَا عبدِ الله هو محمَّدٌ ونحو ‏"‏حضَرَ القومُ إلاَّ سعدًا وإلاَّ سَعِيدًا‏"‏‏.‏ فـ ‏"‏سَعِيدًا عطفٌ على سعدٍ، و ‏"‏ألاَّ‏"‏ الثانية لَغْوٌ، ومِن هذا قولُ أبي ذؤيب الهذلي‏:‏

هل الدَّهرُ إلاَّ لَيْلَةٌ ونَهَارُها *** وإلاَّ طُلُوعُ الشَّمسِ ثُمَّ غِيارُها

‏(‏غيارها‏:‏ من غارت الشمس إذا غربت‏)‏

ونحو ‏"‏ما قَرَأَ إلاَّ محمَّدٌ إلاَّ أُسْتَاذُكَ‏"‏ و ‏"‏ما أصْلَحْتُ إلاَّ البيتَ إلاَّ سَقْفَه‏"‏ ‏"‏ما أَعْجَبَني إِلاَّ خَالِدٌ إلاَّ عِلْمُه‏"‏ وقد اجْتَمَعَ العَطْفُ والبَدَلُ في قول الراجز‏:‏

مَالَكَ مِن شَيخِكَ إلاَّ عَمَلُهُ *** إلاَّ رَسِيمهُ وإلاَّ رَمَلُهْ

‏(‏الرَّسيم‏:‏ نوعٌ من السَّيْر سريعٌ مُؤثِّر في الأرض، والرَّمَلُ‏:‏ سَيْرٌ فوق المَشْي، ودُونَ العَدْوِ، فالرسيم والرمَل‏:‏ تَفْسِيران لـ ‏"‏عمله‏"‏‏)‏

والثَّانية وهي المُؤسِّسةَ أي لقَصْد اسْتِثْنَاءٍ بعدَ اسْتِثْنَاء، فإنْ كان العاملُ الذي قبلَ ‏"‏إلاَّ‏"‏ مُفرَّغًا شَغَلْتَ العامِلَ بِوَاحدٍ من المُسْتَثْنَيَات ونَصَبْتَ ما عَدَاه نحو ‏"‏ما سَافَرَ إلاَّ عَلِيٌّ إلاَّ خَالِدًا إلاَّ بَكْرًا‏"‏‏.‏

تَقَدُّم المُسْتَثْنى على المُسْتَثْنى منه‏:‏

كُلُّ ما تَقَدَّم من القَوَاعِدِ في المُستثنى في حال تأخُّرِه عن المُسْتَثْنى منه؛ أَمَّا إذا تَقَدَّمَ المُسْتَثْنى فإنه لا يكونُ إلاَّ مَنْصُوبًا، ولو كان مَنْفيًا، وذلك قولك‏:‏ ‏"‏ما فيها إلاَّ أَباكَ أحدٌ‏"‏‏.‏ و ‏"‏مالي إلا أبَاكَ صَدِيقٌ‏"‏ وقال كعبُ بنُ مالك‏:‏

والناسُ ألْبٌ علينا فِيكَ ليسَ لنا *** إلاَّ السُّيوفَ وأَطرافَ القَنَا وَزَرُ

فإذا قلت‏:‏ ‏"‏مالي إلاَّ زيدًا صديقٌ وعمرًا وعمروٌ‏"‏ فأنْتَ بالخيار بَيْنَ النَّصب والرَّفع في المُسْتَثْنى الثَّانِي، ومِثْلُه ‏"‏وَمَنْ لي إلاَّ أَبَاكَ صَدِيقٌ وزيدًا وزيدٌ‏"‏‏.‏ أما النَّصْب فَعلى الكلامِ الأَول، وأمَّا الرفعُ فكأنه قال‏:‏ وعمروٌ لي‏.‏

إلاَّ بِمَنْزِلَةِ مِثْل وَغَيْر ولا تكُونُ إلاَّ وصْفًا -‏:‏ وَذَلِكَ قَوْلُك‏:‏ ‏"‏لَو كَانَ مَعَنَا رَجُلٌ إلاَّ زيدٌ لغُلِبْنا‏"‏ والدَّليلُ على أنه وَصْفٌ أنَّكَ لو قلت‏:‏ ‏"‏لو كان مَعَنا إلاَّ زيدٌ لَهَلَكْنا‏"‏ وأَنْت تُريد الاسْتثناء لكُنْتَ قد أَحَلْتَ - أي أَتَيْتَ مُحَالًا - ونظيرُ ذلكَ قولُه عزَّ وجل‏:‏ ‏{‏لَوْ كَانَ فيهِمَا آلِهَةٌ إلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏22‏"‏ من سورة الأنبياء ‏"‏21‏"‏‏)‏‏.‏

ونظير ذلك في الشعر قول ذي الرُّمَّة‏:‏

أُيِيخَتْ فأَلْقَتْ بَلْدةً فوق بَلْدةٍ *** قليلٍ بها الأَصْواتُ إلاَّ بُغَامُها

‏(‏البَلْدة الأولى‏:‏ ما يقع على الأرض من صدرها إذا بركت، والثانية‏:‏ الأرض‏.‏ البُغام‏:‏ أصلُه للظَّبي فاسْتَعَارَهُ للنَّاقَة‏)‏

كأنه قال‏:‏ قَليلٌ بها الأَصْواتُ غيرُ بُغَامِهَا، - على أن إلاَّ صِفةٌ بمعنى غير - ومثل ذلك قولُه تعالى‏:‏ ‏{‏لاَ يَسْتَوي القاعدون من المؤمنين غَيْرُ أُولِي الضَّرَر‏"‏ ‏(‏الآية ‏"‏95‏"‏ من سورة النساء ‏"‏21‏"‏‏)‏ فلو كان موضع غير‏:‏ إلاَّ، لَمَا اخْتَلَفَ المَعْنَى‏.‏

فلا يجوزُ في ‏"‏إلاَّ‏"‏ في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لو كَانَ فِيهِما آلهة إلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتا‏}‏ أنْ تَكُونَ للاستثناءِ من جِهَةِ المعنى إذ التقديرُ حينئذٍ‏:‏ لو كانَ فيهما آلِهةٌ ليسَ فيهمُ اللَّهُ لَفَسَدَتَا، وذلك يَقْتَضِي‏:‏ أنْ لوْ كانَ فيهما آلِهَةٌ فيهمُ اللَّهُ لم تَفْسُدَا ويَسْتَحيلُ أن يُرادَ ذلكَ البَتَّةَ، هذا مِنْ جِهَةِ المَعْنى‏.‏

وَلاَ يَجوزُ من جِهَةِ اللفظ، لأنَّ آلِهةً جمعٌ مُنَكَّرٌ في الإثبات فلا عمومَ له، ولا يَصِحُّ الاستثناءُ منه فلو قُلتَ ‏"‏قامَ رِجالٌ إلاَّ زَيْدًا‏"‏ لم يصحَّ اتفاقًا‏.‏

ومثال المعرَّفِ الشَّبيهِ بالمُنكَّرِ قَوْلُ ذي الرُّمَّة وقد تقدم قبل قليل‏:‏

أُنِيخَتْ فَأَلْقَتْ بَلْدَةً فَوقَ بَلْدَةٍ *** قليلٍ بها الأصواتُ إلاَّ بُغَامُها

فإنَّ تَعْريفَ الأَصْواتِ تَعْرِيفُ الجِنْسِ ومِثالُ شِبهِ الجَمْع قولُ لَبيد‏:‏

لو كانَ غَيْرِي - سُلَيْمى - الدهرَ غَيَّرَهُ *** وَقْعُ الحَوَادِثِ إلاَّ الصَّارمُ الذَّكرُ

وقبله‏:‏

فقلتُ ليسَ بياضُ الرَأْسِ عن كبَرٍ *** لو تَعْلَمين، وعندَ العَالِم الخَبَرُ

فـ ‏"‏إلاَّ الصَّارمُ‏"‏ صفة لغيري‏.‏

ومثله قولُ الشاعر وهو حضرمي بن عامر أو عمرو بن معد يكرب‏:‏

وكلُّ أخٍ مُفَارِقُه أَخُوه *** لَعَمْرُ أبِيكَ إلا الفَرْقَدَانِ

كأنه قال غيرُ الفَرْقَدين‏.‏

إلاَّ أَنْ‏:‏

متى دَخَلْت على ما يَقْبلُ التَّوقِيت تُجعَلُ غايةُ نحو ‏{‏لا يَزال بُنْيَانُهُم الذي بَنَوا رِيْبةً في قُلوبِهِم إلاَّ أنْ تَقَطَّع قُلُوبُهُمْ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏110‏"‏ من سورة التوبة ‏"‏9‏"‏‏)‏ أي حتَّى، دلَّ عليهِ قِرَاءَةُ ‏"‏إلى أَنْ تَقَطَّع‏"‏‏.‏ ومَتَى دَخَلَتْ على ما لا يَقْبَلُ التَّوقِيت - وهو أنْ يكونَ فِعْلًا لا يَمْتَدّ - نحو ‏"‏لا أبرَحُ إلاَّ أنْ يَقدَمَ خَالِدٌ‏"‏ تَجعلُ شَرْطًا بمَنزلَةِ ‏"‏إن‏"‏ لِما بينَ الغايةِ والشرطِ من المناسَبَةِ وهي أنَّ حُكْمَ ما بَعدَ كلٍّ مُنهما يُخَالِفُ حُكْمَ مَا قَبْله‏.‏

أَلْبَسَ‏:‏

تَنصِبُ مَفْعولَيْن لَيس أصلهما المُبْتدأُ والخبرُ نحو ‏"‏أَلْبَسْتُ عَليًَّا قَمِيصًا‏"‏‏.‏

‏(‏=أَعْطَى وأخواتها‏)‏‏.‏

التقاءُ السَّاكِنَين‏:‏

إذَا التَقَى سَاكِنَانِ فإمَّا أن يكونَ أولهُما مَدَّةً أوْ لا‏.‏ فإن كانَ أوَّلُهُما مَدَّةً وجَبَ حذفُها لَفْظًا وَخطًَّا سواءٌ أكانَ الساكنُ الثاني والأولُ من كلمةٍ أم كانَ الثاني كجزءٍ مِنَ الكَلمةِ، فالأول نحو ‏"‏خَفْ‏"‏ من خَافَ يخافُ و ‏"‏قلْ‏"‏ من قَال يقُول و ‏"‏بعْ‏"‏ من باع يَبِيع، والثاني نحو ‏"‏تغزُونَ‏"‏ أصلها تَغْزُوون ‏(‏اجتمع بـ ‏"‏تغزوون‏"‏ واو الكلمةِ وواوُ الجمع، تحركت الواوُ الأولى وانفتح ما قبلها قُلِبَتْ ألفًا فصارَت تغْزوان، فحذِفتِ الألف لالتقاء الساكنين وحركت الزايُ بالضَّمة لمناسبة الواو، وهكذا غيرها‏)‏ بواوِ الكلمة وواو الجَمْع و ‏"‏ترْمِنَّ‏"‏ أصلها‏:‏ تَرْمِيينّ بياء الكلمة وياء المُخاطَبة‏.‏

و ‏"‏تغْزُنَّ‏"‏ يا رِجالُ و ‏"‏ترْمُنَّ‏"‏ أصْلُهُما‏:‏ تَغزوونَنَّ وترمُونَنَّ ونحو ‏"‏أنتِ تَرمِين وتَغْزِيَنَ‏"‏‏.‏ أصلهما تَرميينَ وتغْزَوِين و ‏"‏لتَغْزِنَّ‏"‏ يا هندُ، ‏"‏ولَتَرْمِنَّ‏"‏ وأصلُهما‏:‏ لتغزوونَنَّ ‏(‏اجتمعَ في ‏"‏تغزوونَنَّن‏"‏ وَاوَان‏:‏ واوُ الكلمة، وواوُ الجَمْع، وثلاثة نونات، وإعْلالُها‏:‏ تحركتِ الواوُ الأولى وانْفَتَحَ ما قَبْلها قُلبت ألفًا، ثم حُذِفَتْ لالتقاء الساكنين فبقى واوُ الجماعة وثلاثُ نونات، حُذِفَتْ نونُ الرفع لتوالي النونات، فالتقى ساكنان‏:‏ واو الجماعة ونون التوكيد فحذفتْ واوُ الجماعة ورُمِزَ إليها بالضمةِ قبل نُونِ التوكيد فصارَتْ تغْزُنَّ وهكذا غيرها‏)‏ ولَترِمييننَّ‏.‏

وتُحذَفُ لفظًا فقَطْ إذا كانَ الساكنانِ في كَلَمَتَين نحو ‏"‏يَخْشَى الله‏"‏ و ‏"‏يغزو الجَيْشُ‏"‏ و ‏"‏يرْمِي الحاجّ‏"‏ ومنه ‏{‏وقالاَ الحمدُ لله‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏15‏"‏ من سورة النمل ‏"‏27‏"‏‏)‏، ‏{‏ومَا قدرُوا قَدْره‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏91‏"‏ من سورة الأنعام ‏"‏6‏"‏‏)‏ ‏{‏أولي الأَمْرِ مِنْكُم‏}‏ ونحو ‏(‏رَكْعَتَا الفَجْر خَيْرٌ مِنَ الدُّنيا ومَا فِيها‏)‏‏.‏

والثاني ما لَيْسَ أولهُما مَدَّة‏:‏

إنْ لَمْ يَكُنْ أولُ السَّاكنين مَدَّةً وَجَبَ تحريكُه إلاَّ في مَوْضِعَين - وسنأتي على ذكر المَوْضِعَين بنهاية هذا البحث - وتحريكُهُ إمَّا بالكَسْرِ على أصلِ التَّخَلُّصِ مِن التِقاءِ الساكنين وإمَّا بالضم وإما بالفتح‏.‏

أما التَّحريكُ بالكَسْر فهو الأصلُ كما قدمنا، ويكونُ في كلِّ ما عَدَا مَوْضِعَي الضَّمِّ ومَواضِع الفَتح‏.‏

أَمَّا التَّحْرِيكُ بالضَّم فيجبُ في مَوْضِعَين‏:‏

‏(‏1‏)‏ أمْرِ المُضَعَّف المتَّصلِ به هاءُ الغَائِبِ ومُضارعِ المضعَّفِ المجزومِ نحو ‏"‏رُدُّه‏"‏ و ‏"‏لم يَرُدُّه‏"‏ والكوفيون يُجيزون الفَتْحَ والكَسْرَ‏.‏

‏(‏2‏)‏ الضَّمير المَضْموم نحو ‏(‏لَهُمُ البُشْرى‏)‏ ‏{‏كُتِبَ عليكم الصِّيام‏}‏ وَيَتَرجَّح الضمُّ على الكسرِ في واو الجَماعةِ المَفْتوحِ ما قَبْلَها نحو ‏"‏اخْشَوُل اللَّهَ‏"‏ لأَنَّ الضمةَ على الواوِ أَخَفُّ من الكَسْرَةِ، ويَسْتَوي الكسرُ والضَّم في مِيمِ الجَماعة المتَّصلة بالضمير المكسور نحو ‏"‏بِهِمُ اليوم‏"‏‏.‏

وأما التحريكُ بالفتح فيجبُ في ثلاثَةِ مواضع‏:‏

‏(‏1‏)‏ لفظِ ‏"‏مِنْ‏"‏ داخلة على ما فيه ‏"‏أل‏"‏ نحو ‏"‏مِنَ الله‏"‏ و ‏"‏منَ الكتاب‏"‏ فرارًا من تَوَالِي كَسْرتين، بخلافِها من ساكِنٍ غير ‏"‏ألْ‏"‏ فالكَسْرُ أَكثرُ من الفَتْح، نحو ‏"‏أخذتهُ مِنِ ابْنِكَ‏"‏‏.‏

‏(‏2 و 3‏)‏ أَمرُ المُضَاعَفِ مَضْمومِ العَيْن، ومُضَارِعُه المَجْزُومُ مع ضَميرِ الغَائِبة نحو ‏"‏رُدَّها‏"‏ و ‏"‏لم يَرُدَّهَا‏"‏‏.‏

ويُستثنى ممَّا تقدَّم مِمَّا يجبُ تحرِيكُه مَوْضِعان‏:‏

‏(‏أحدهما‏)‏ نونُ التَّوكيد الخفيفة، فإنَّها تُحذَف إذا وليَها سَاكِنٌ نحو قولِ الأضْبَطِ بن قُرَيْع‏:‏

لا تُهِينَ الفَقيرَ عَلَّكَ أَنْ *** تَرْكَعَ يَوْمًَا والدهرُ قَدْ رَفَعه

أصلها‏:‏ لا تُهِينَن‏.‏

‏(‏ثانيهما‏)‏‏:‏ تَنْوِينُ العَلَمِ المَوْصُوفِ بـ ‏"‏ابن‏"‏ مُضَافًا إلى عَلَم نحو ‏"‏عَلِيُّ بنُ عبد الله‏"‏ بترك تنوين عَلِيٍّ‏.‏

-3 يُغْتفر التقاءُ السَّاكِنَين في ثلاثةِ مواضع‏:‏

‏(‏الأول‏)‏ إذا كان أوَّلُ الساكنين حَرْفَ لين، وثَانِيهما مُدْغمًا في مِثْلِه - أي مُشَدَّدًا في كلمة واحدة - نحو ‏"‏وَلاَ الضَّالِّين‏"‏ و ‏"‏خوِيْصَّة‏"‏ ‏(‏تصغير خاصة‏)‏ و ‏"‏تمُودَّ الحَبْل‏"‏ ‏(‏مجهول فعل تَمَادَّ‏)‏‏.‏

‏(‏الثاني‏)‏ الكَلِمَاتُ التي قُصِدَ سَرْدُها، كَسَرْدِ الأَعْداد نحو ‏"‏قَافْ مِيم وَاوْ‏"‏ ونحو‏:‏ ‏"‏واحدْ، اثْنانْ، ثلاثْ‏"‏ وهكذا‏.‏

وإنَّما ساغَ ذلك فيهما لأن كلَّ كَلِمةِ مُنْقَطِعَةٌ عمَّا بعدَها في المعنى وإن اتَّصَلَتْ في اللفظ‏.‏

‏(‏الثالث‏)‏ الكَلِماتُ الموقوفُ عليها وَقَبْلَها سَاكِنٌ نحو ‏"‏بَكْر‏"‏ و ‏"‏قال‏"‏ و ‏"‏ثوْب‏"‏ و ‏"‏عمْرو‏"‏ إلاَّ أنَّ التقاءَ الساكِنَين فيما قبل آخِرِه حرْفٌ صَحِيحٌ كَبَكْرٍ، وَعَمْروٍ ظاهِريٌّ فقط، والحقيقة أنَّ الصحيح الذي قَبْلَ الآخرِ محرَّكٌ بكسرة مُختلسَةٍ خَفِيفَةٍ جِدًّا - وأمَّا ما قَبْلَه حَرْفُ لِين كـ ‏"‏نُور‏"‏ و ‏"‏نار‏"‏ فالتقاءُ الساكنين فيه حَقيقيّ‏.‏

وأَخَفُّ اللين في الوقف‏:‏ ‏"‏الأَلِف‏"‏ كـ ‏"‏قَال‏"‏ ثم الواو والياء مَدَّيْن كـ ‏"‏سُور‏"‏ و ‏"‏بير‏"‏ ثم الليِّنَانِ بلا مَدٍّ كـ ‏"‏ثَوْب‏"‏ و ‏"‏ضيْر‏"‏‏.‏

الإلْحَاق‏:‏

هو أنْ يُزادَ في كَلِمَةٍ حَرْفٌ أَوْ أكثرُ لتَصِيرَ على مِثالِ كَلِمةٍ أُخْرَى في عَدَدِ حُرُوفِها وسَكَنَاتِها، وحِينَئِذٍ يُعامَلُ في الوَزْنِ والتَّصْرِيفِ مُعَامَلَةَ بِنَاءٍ آخَرَ، مشهورٍ في الاستِعمال كـ ‏"‏الواو‏"‏ في ‏"‏كَوْثَر‏"‏ فقد زيدَتْ للإِلْحاق ‏"‏بِجَعْفَر‏"‏ ‏(‏=الملحقات في المَزِيد على الفِعل‏)‏‏.‏ وهناك فَرْقٌ آخرُ بَيْن المُلْحق والمَزيد، فالزيادةُ في المُلْحق لا تُفيد شَيئًا في المعنى الأصلي ‏(‏وإنما تفيد المبالغة لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى‏)‏ كـ ‏"‏مَهْدَد‏"‏ في مهدٍ فإنَّه مُلْحَقٌ بـ ‏"‏جَعْفَرٍ‏"‏ وهُما بِمَعْنىً وَاحِدٍ، بل وقد تُنْقَل الكَلِمةُ مِنْ مَعناها الأصلي إلى معنىً آخر كما في ‏"‏عَشَر‏"‏ و ‏"‏عثْير‏"‏ ‏(‏فمعنى ‏"‏عثر عليه‏"‏ وجده، ومعنى ‏"‏عِثير‏"‏ التراب‏)‏‏.‏ وقد تأتي الزِّيادةُ بمعنىً والمُجَرَّدُ بغير معنى كـ ‏"‏زَيْنَب‏"‏ و ‏"‏كوْكَب‏"‏ ولا مَعْنَى لَهُما بِغير الياءِ في زَينب والواو في كَوْكَب‏.‏

وهذا بِخلافِ الزِّيادَة في المَزِيد فإنَّها تُفِيدُ زِيَادَةً في المَعْنَى الأَصْلي هَذَا والإِلحاقُ سَمَاعي، ولا يَجْري على الملحق إدْغَام ولا إعْلالٌ وتزادُ حُروفه من أحرف ‏"‏سألتمونيها‏"‏‏.‏

‏(‏=حروف الزيادة‏)‏

إلى‏:‏

حَرْفُ جر، تجرُّ الظَّاهرَ والمضمر، نحو ‏{‏إلى الله مرجعكم‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏4‏"‏ من سورة هود ‏"‏11‏"‏‏)‏ و‏{‏إليه مرجِعُكُم‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏4‏"‏ من سورة يونس ‏"‏10‏"‏‏)‏ ولها مَعَانٍ كَثِيرة منها‏:‏

أنَّها تَأْتِي لانْتِهاءِ الغَاية مَكَانِيَّةً نحو‏:‏ ‏{‏مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إلى المَسْجِدِ الأَقْصَى‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏1‏"‏ من سورة الإسراء ‏"‏17‏"‏‏)‏ أو زَمَانِيَّة نحو ‏{‏ثُمَّ أَتمُّوا الصِّيَامَ إلى اللَّيْلِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏187‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏ وإنْ دَلَّتْ قرينَةٌ على دُخُولِ ما بعدها فيما قبلها نحو ‏"‏قَرأتُ القرآنَ من أَوَّلِه إلى آخِرِهِ‏"‏ ونحو قولِه تَعَالى‏:‏ ‏{‏وأيْدِيَكُم إلى المَرَافِق‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏6‏"‏ من سورة المائدة ‏"‏5‏"‏‏)‏، وإلاَّ فلا يَدْخل ما بَعْدَها فيما قَبْلها في الصحيح نحو ‏{‏ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلى اللَّيْلِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏187‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏‏.‏

وتأتي للمَعِيَّة، من ذلك قَوْلُهُمْ في المَثَلِ‏:‏ ‏"‏الذَّوْدُ إلى الذَّوْدِ إِبِلٌ‏"‏ ‏(‏معناه‏:‏ إن القليل مع القليل كثير والذود من ثلاثة إلى عشرة من الإبل‏)‏‏.‏

ومنه قولُه تَعَالَى‏:‏ ‏{‏ولا تَأْكُلُوا أمْوالَهم إلى أَمْوالِكُم‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏2‏"‏ من سورة النساء ‏"‏4‏"‏‏)‏ ومنها‏:‏ أنْ تأتيَ بمعنى اللام نحو‏:‏ ‏{‏وَالأمْرُ إلَيْكِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏32‏"‏ من سورة النمل ‏"‏27‏"‏‏)‏‏.‏

وتأتي للتَّبيين وهي المُبَيِّنَةُ لِفاعِليَّة مَجْرُورِهَا بعدَ ما يُفِيدُ حُبًّا أو بغضًا من فِعلِ تَعَجُّب أو اسْمِ تَفْضيلٍ نحو ‏{‏رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إليَّ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏33‏"‏ من سورة يوسف ‏"‏12‏"‏‏)‏‏.‏

وتأتي لِمُوافَقةِ ‏"‏في‏"‏ نحو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لَيَجْمَعنَّكُم إلى يومِ القِيَامَةِ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏87‏"‏ من سورة النساء ‏"‏4‏"‏‏)‏ أي في يَوْمِ القيامة‏.‏ وكقول النابغة‏:‏

فَلا تَتْرُكَنِّي بالوَعِيدِ كَأَنَّتِي *** إلى النَّاسِ مَطْلِيٌّ به القَرُ أجْرَبُ

‏(‏الوعيد‏:‏ التهديد، والقار هنا‏:‏ القطران وهو نائب فاعل لمطلي، ويرى ابن عصفور أن ‏"‏إلى‏"‏ هنا على أصلها لأن قوله ‏"‏مطلي إلخ‏"‏ معناه‏:‏ مكروه مبغّض وهو يتعدى بإلى‏)‏

أَلِفُ التَّأْنِيث المَقْصورة‏:‏

أَلِفُ التّأنِيثِ هذه تختصُّ بالأسماء وهيَ‏:‏

ألِفٌ مُفْرَدَةٌ لازِمَةٌ قَبْلَهَا فَتْحة نحو‏:‏ ‏"‏لَيْلَى‏"‏ و ‏"‏سعْدى‏"‏ ولها أَوْزَانٌ نَادِرَةٌ لا نَتَعَرَّضُ لها، وأَوْزَانٌ مَشْهُورَةٌ وهِي هذه‏:‏

‏(‏1‏)‏ ‏"‏فُعَلَى‏"‏ بِضَمٍّ فَفَتْحٍ كـ ‏"‏أُرَبَى‏"‏ للدَّاهِية، و ‏"‏رحَبَى، وجُنَفَى، وشُعَبَى‏"‏ لمواضع، و ‏"‏جعَبَى‏"‏ لِكِبارِ النَّمل‏.‏

‏(‏2‏)‏ ‏"‏فُعْلَى‏"‏ بضم فسكون، اسمًا كـ ‏"‏بُهْمَى‏"‏ لِنَبْتٍ، أو صِفَةً كـ ‏"‏حُبْلَى‏"‏ و ‏"‏فضْلَى‏"‏، أو مصدرًا كـ ‏"‏رُجْعَى‏"‏ و ‏"‏بشْرى‏"‏‏.‏

‏(‏3‏)‏ ‏"‏فَعَلَى‏"‏ بفَتَحَاتٍ، اسْمًا كان كـ ‏"‏بَرَدَى‏"‏ لِنَهر دمشقَ، أو مَصْدرًا كـ ‏"‏مَرَطَى وَبَشَكَى وجَمَزَى‏"‏ ‏(‏هذه الألفاظ الثلاثة‏:‏ أنواع من السَّيْر يقال‏:‏ مَرَطَتِ الناقة مَرْطَى، وبَشَكَتْ بشَكَى وجَمَزَتْ جَمَزَى‏:‏ إذا أَسْرَعَتْ‏)‏‏.‏ أو صفةً كـ ‏"‏حَيَدَى‏"‏ ‏(‏حَمَار حَيَدى‏:‏ أي يحيدُ عن ظِلِّهِ لِنَشَاطِه، قال الجَوْهَري‏:‏ ولم يجئ في نُعُوت المذكَّر فَعَلَى غيره‏)‏‏.‏

‏(‏4‏)‏ ‏"‏فَعْلَى‏"‏ بِفَتْح فَسُكون بشرطِ أنْ يكونَ إمَّا جَمْعًا كـ ‏"‏قَتْلى وجَرْحَى‏"‏ أو مَصْدرًا كـ ‏"‏دَعْوَى ونَجْوَى‏"‏ أو صِفَةً كـ ‏"‏سَكْرى وكَسْلى وسَيْفَى‏"‏ مُؤَنَّثَات، و ‏"‏سكْران وكَسْرن وسَيْفان‏"‏ ‏(‏سيفان‏:‏ أي طويل‏)‏‏.‏

فإن كان اسْمًا كـ ‏"‏أَرْطَى‏"‏ ‏(‏أرطى‏:‏ شجر يدبغ به‏)‏ و ‏"‏علْقَى‏"‏ ‏(‏علقى‏:‏ نَبت‏)‏ فهو صالحٌ لأنْ تكونَ أَلِفُه للتأنيث أو للإِلْحاقِ، فَمَنْ نَوَّنَ اعتبرها للإِلْحاق، ومن لم يُنَوِّن جَعَلَها للتَّأْنِيث‏.‏

‏(‏5‏)‏ ‏"‏فُعَالَى‏"‏ بِضَمِّ أَوَّلِهِ، سَواءٌ أكان اسْمًا كـ ‏"‏حُبَارى، وسُمانَى‏"‏ لطَائِرَين أم جَمْعًا كـ ‏"‏سُكَارى‏"‏ أو صِفَةً كـ ‏"‏عُلاَدَى‏"‏ للشَّدِيد مِن الإِبل‏.‏

‏(‏6‏)‏ ‏"‏فُعْلَى‏"‏ بضم الفاء وتشديد العَيْن مفتوحةً كـ ‏"‏سُمَّهَى‏"‏ اسم للباطل‏.‏

‏(‏7‏)‏ ‏"‏فِعَلَّى‏"‏ بِكَسْر أوَّلِه وفَتْحِ ثَانِيه، وتَشْدِيدِ ثَالِثِهِ مَفْتُوحًا كـ ‏"‏سِبَطْرَى‏"‏ و ‏"‏دفَقَّى‏"‏ وهي الناقة السريعة الكريمة‏.‏

‏(‏8‏)‏ ‏"‏فِعْلى‏"‏ بكسر فسُكُون إما مَصْدرًا كـ ‏"‏ذِكْرَى‏"‏ أو جَمْعًا كـ ‏"‏حِجْلى‏"‏ جمع حَجَل وهو اسْمٌ لطائر، و ‏"‏ظرْبَى‏"‏ جمْعًا لظَرِبَان اسمٌ لدُويَّبَة كالهِرَة رَائِحَتُها كرِيهةٌ، ولا ثالثَ لهما في الجُمُوع، وإذا لمْ يَكُنْ جَمْعًا ولا مَصْدرًا فَأَلِفُه إمَّا أن تكونَ للتَّأْنيث، وذلك إذا لم يُنَوَّن نحو ‏{‏قِسْمَةٌ ضِيزَى‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏22‏"‏ من سورة النجم ‏"‏53‏"‏‏)‏ أي جائِرَة أو للإِلْحَاقِ إذا نُوِّن نحو ‏"‏عِزْهىً‏"‏ اسمٌ لمن لا يَلْهُو‏.‏

‏(‏9‏)‏ ‏"‏فعِّيلَى‏"‏ بكسر أوله وثانيه مشددًا ولم يَجِئْ إلاَّ مَصْدرًا نحو ‏"‏حِثِّيثَى‏"‏ و ‏"‏خلِّيفَى‏"‏ و ‏"‏خصِّيصَى‏"‏ و ‏"‏فخِّيْرَى‏"‏ وهي أسماءُ لِلْحَثِّ والخِلافَةِ والاخْتِصَاصِ والفَخْر‏.‏

‏(‏10‏)‏ ‏"‏فُعُلَّى‏"‏ بضَمِّ أَوَّلِهِ وثَانِيه وَتَشْدِيدِ ثالثِه نحو ‏"‏كُفُرَّى‏"‏ لِوِعَاءِ الطَّلْعِ و ‏"‏حذُرَّى‏"‏ من الحَذَرِ و ‏"‏بذُرَّى‏"‏ من التبذير‏.‏

‏(‏11‏)‏ ‏"‏فُعَّيْلى‏"‏ بضمِّ أوَّلِهِ، وفتح ثانيه مُشَدَّدًا كـ ‏"‏خُلَّيْطَى‏"‏ للاختلاط، و ‏"‏لغَّيْزَى‏"‏ للّغزِ، و ‏"‏قبَّيْطَى‏"‏ لنوعٍ من الحَلْوَى يُسْمَّى بالنَّاطِف‏.‏

‏(‏12‏)‏ ‏"‏فُعَّالَى‏"‏ بضَمِّ أولِه و تَشْديد ثانيه نحو ‏"‏شُقَّارى‏"‏ وهي اسمٌ لشَقْائِق النُّعمان، و ‏"‏خبَّازَى‏"‏ لنَبْت مَعْروف، و ‏"‏خبَّارَى‏"‏ لنبت أيضًا‏.‏

أَلِفُ التَّأنِيثِ المَمْدُودة‏:‏

مَشْهُورُ أَوْزَانِ ألِفِ التّأنيثِ الممدودة سَبعَةَ عَشَرَ وزنًا‏:‏

‏(‏1‏)‏ ‏"‏فَعْلاَء‏"‏ بفَتْح فَسُكُون اسْمًا كـ ‏"‏صَحْراء‏"‏ أو مَصْدرًا كـ ‏"‏رَغْباء‏"‏ أو صِفَة كـ ‏"‏حَسْناء‏"‏ و ‏"‏ديمَةٌ هَطْلاَء‏"‏‏.‏

‏(‏2 و 3 و 4‏)‏ ‏"‏أَفْعُلاء‏"‏ بفتح الهمزة وتثليث العين كـ ‏"‏يوم الأرْبِـُـَعاء‏"‏ سُمِع فيه الأوزانُ الثَّلاثة‏.‏

‏(‏5‏)‏ ‏"‏فَعْلَلاَء‏"‏ بفَتْحَتَيْن بينهما سكون كـ ‏"‏عَقْرَباء‏"‏ لأنثى العَقَارب ولموضع‏.‏

‏(‏6‏)‏ ‏"‏فِعَالاَء‏"‏ بكَسْرِ الفاء كـ ‏"‏قِصَاصَاء‏"‏ للقِصَاص‏.‏

‏(‏7‏)‏ ‏"‏فُعْلُلاَء‏"‏ بضمَّتين بينهما سكون كـ ‏"‏قُرْفُصَاء‏"‏‏.‏

‏(‏8‏)‏ ‏"‏فَاعُولاَء‏"‏ كتَاسُوعَاء وعَاشورَاء‏.‏

‏(‏9‏)‏ ‏"‏فَاعِلاَء‏"‏ كـ ‏"‏قَاصِعاء‏"‏ و ‏"‏نافِقاء‏"‏ لبَابَيْ جُحْرِ اليَرْبُوع‏.‏

‏(‏10‏)‏ ‏"‏فِعْلِيَاء‏"‏ كـ ‏"‏كِبْرِياء‏"‏‏.‏

‏(‏11‏)‏ ‏"‏مَفْعُولاَء‏"‏ كـ ‏"‏مَشْيُوخاء‏"‏ جمع شَيْخ‏.‏

‏(‏12 و 13 و 14‏)‏ ‏"‏فَعَالاء‏"‏ بفتح أوله وتَثْلِيثِ ثَانِيه كـ ‏"‏بَرَاسَاء‏"‏ بمعنى النَّاس يُقال‏:‏ ما أَدْري أيُّ ‏"‏البَرَاسَاء‏"‏ هو، و ‏"‏دبُوقَاء‏"‏ وهو غِرَاءٌ يُصَاد به الطَّيْر، و ‏"‏قرِيثاءُ‏"‏ اسمٌ لأَطْيَبِ الثَّمر‏.‏

‏(‏15 و 16 و 17‏)‏ ‏"‏فِعَلاَء‏"‏ مثلث الفاء ومفتوح العين كـ ‏"‏جَنَفَاء‏"‏ لِمَوضِع و ‏"‏سيرَاء‏"‏ لثَوْبِ خَزٍّ مُخَطَّطٍ، و ‏"‏خيَلاَء‏"‏ للتكبُّر‏.‏

الأَلْفُ‏:‏

اسْمُ عَلَمٍ لِكَمَال العَدَد بكَمَال ثَالِثِ رُتْبَةٍ، مُذَكَّرٌ، ولا يَجوزُ تَأْنِيثُه بدليل ‏{‏يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏125‏"‏ من سورة آل عمران ‏"‏3‏"‏‏)‏‏.‏ وقولهم‏:‏ هذه ألْفُ دِرهم لمعنى الدراهم‏.‏

أَلْفَى‏:‏

مُرَادِفَة لَوَجَد ‏(‏=وجد‏)‏ تتعدى إلى اثنين، ومِنْ أَفْعَالِ القُلوب، وتُفِيدُ في الخبر يَقينًا، نحو ‏{‏إنَّهُمْ أَلْفَوا آباءَهُمْ ضَالِّين‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏69‏"‏ من سورة الصافات ‏"‏37‏"‏‏)‏‏.‏

ومثله قولُ الشاعر‏:‏

قَدْ جَرَّبُوه فَأَلْفَوْه المُغِيثَ إذا *** ما الرَّوُع عَمَّ فلا يُلْوَى على أحدِ

واحْترزَ من ألفى التي بمعنى أصاب، فإنها تتعدى لواحد نحو ‏"‏ألْفَيْتُ الشيْء‏:‏ وجَدْتُهُ‏"‏‏.‏ وتَشْتَركُ مع المُتَعدي لمفعولين بأحكامٍ‏.‏ ‏(‏=المتعدي لمفعولين‏)‏‏.‏

الأَلِفَات‏:‏

ويُقال في كثيرٍ مِنها الهمزاتُ، مِنها‏:‏ ‏"‏ألِف الوَصْل وأَلِفُ القَطْع‏"‏‏.‏

‏(‏=همزةَ الوصلِ وهَمزَةَ القَطْع‏)‏‏.‏

و ‏"‏ألف الاستفهام‏"‏ ‏(‏=همزة الاستفهام‏)‏‏.‏

وأَلِفُ الأمر كهمزةِ اكتب، و ‏"‏ألف الاستفهام‏"‏ ‏(‏=همزة الاستفهام‏)‏‏.‏

و ‏"‏ألفُ التَّعْدِيَّة‏"‏ و ‏"‏ألِفُ الحَيْنُونَة‏"‏‏.‏

كما يقال‏:‏ ‏"‏أحْصَدَ الزَّرْعُ‏"‏ أي حان أن يُحصَد، و ‏"‏أرْكَبَ المُهرُ‏"‏ أيْ حان أنْ يُرْكَبَ و ‏"‏ألِفُ‏"‏ الوجدان كقوله ‏"‏أجبَنْتُه‏"‏ أي وَجَدْتُهُ جَبَانا، و ‏"‏أكْذَبْتُه‏"‏ أي وَجَدْتُهُ كَذَّابًا وفي القرآن الكريم‏:‏ ‏{‏فإنَّهُم لا يُكْذِبُونَك‏}‏ أي لا يَجدُونَكَ كذَّابًا وأصل الأَلِف بعرف المتأخرين‏:‏ هي اللينة التي لا تَقْبَل حركةً ما كألف ‏"‏قال‏"‏ وما عدا ذلك فهو همزة والأقدمون يعبّرون عنها بالألف كما تقدم‏.‏ وكذا عبَّر عنها سيبويه‏.‏

إلَيْك‏:‏

اسم فعلِ أمر بمعنى ‏"‏تَبَاعَدْ‏"‏ وهذا أشَدُّ تَمَكُّنًا من غيره، وذلك أنَّك تقولُ‏:‏ للرجل - إذا أردتَ تَبَاعُدَه - ‏"‏إليكَ‏"‏ فيقول‏:‏ ‏"‏إليَّ‏"‏ كأنَّكَ قلت‏:‏ تَبَاعَدْ فقال‏:‏ أَتَبَاعَدُ‏.‏ والعربُ تَقُول‏:‏ ‏"‏إِلَيْكَ عَنِّي‏"‏ أي أمْسِكْ وكُفَّ‏.‏ وتَقُول ‏"‏إليكَ كَذَا‏"‏ أي خُذْ ‏(‏وقد أخطأ صاحبُ كتاب أقْرب الموارد إذ قال ‏"‏وما يستعملُه الناسُ من أن ‏"‏إليك‏"‏ بمعنى خذ ليس من العربية‏"‏‏)‏‏.‏

ويقول الخليل في معنى قولك‏:‏ ‏"‏أَحْمَدُ الله إليك‏"‏ قال مَعْنَاه‏:‏ أَحْمَدُ مَعَك وفي حديث عُمَر أنَّه قال لابن عبَّاس رضي الله عنهما ‏"‏إني قائلٌ قولًا وهو إليك‏"‏‏.‏ قال ابن الأثير‏:‏ في الكلام إضمار‏:‏ أي هو سرٌّ أفْضَيْتُ به إليك‏.‏

وإلَيْكَ مَنْقُولٌ عن جارٍّ ومَجْرُور، ولا يُسْتَعْمَلُ إلاَّ مُتَّصِلًا بضميرِ المُخَاطَب لا الغائب ولا غير الضمير، وموضع الكاف في محل جَرٍّ بـ ‏"‏إلى‏"‏ ولا يُوجَدُ في كتاب سيبويه إلاّ معنى تَباعَدْ‏.‏ ولكن يوجد في القاموس واللسان‏:‏ معنى خُذْ‏.‏

‏(‏=اسم الفاعل‏)‏‏.‏

آمِينَ وأَمِين‏:‏

كَلِمةٌ تُقال في إثْر الدُّعاء ومعناها‏:‏ اللهم اسْتَجِبْ لي، وفيها لُغَتَان‏:‏ آمِين وأَمِين بالمَدِّ والقَصْر، والمَدُّ أَكْثَرُ وأَشْهَرُ، قال عمر بن أبي ربيعة في لغة المدّ‏:‏

يَا رَبِّ لا تَسْلُبَنِّي حُبَّها أبَدًا *** وَيَرْحَمُ اللَّهُ عَبْدًا قال آمِينا

وأنشد ابنُ بِّرى في القصر‏:‏

أمِينَ ورَدَّ اللَّهُ رَكبًا إليهمُ *** بِخَيرٍ ووقَّاهُمْ حِمَمَ المَقَادِرِ

وإعرابها‏:‏ اسمُ فعلِ أمر أو دُعَاء بمعنى استجب، وكان حقُّها من الإِعراب الوَقْفَ وهو السكون لأنها بمنزلةِ الأصواتِ وإنما بُنِيَتْ على الفتحِ هنا لالتقاءِ الساكنين‏.‏

أم المتصلة‏:‏

لا يكونُ الكَلامُ بها إلاَّ استِفْهامًا وَيَقَعُ الكلامُ بها في الاسْتفهامِ على مَعنى‏:‏ ‏"‏أَيُّها وأيُّهُمْ‏"‏‏.‏ وعلى أن يكونَ الاسْتِفْهَامُ الآخِر مُنْقطعًا من الأول، وذلك قولُك‏:‏ ‏"‏أَزَيدٌ عِنْدَك أم عَمْروٌ‏"‏ و ‏"‏أزَيْدًا لَقِيتَ أمْ عَمْرًا‏"‏ فأنتَ بهذا مدَّعٍ أنَّ عندَه أحَدَهُما لأَنَّك إذا قُلْتَ‏:‏ أيُّهما عِنْدَكَ، وأيَّهُما لَقِيتَ فإنَّ المسؤول قَد لَقِيَ أحَدَهُمَا، أو أنَّ عندَه أحَدَهُما، إلاَّ أنَّ عِلْمَك قد اسْتَوَى فيهما، لا تَدْرِي أيُّهما هو‏.‏ وإذا أرَدْتَ هَذا المَعْنى فَتَقْدِيمُ الاسْمِ أحسنُ كالأمثلة السابقة، لأنك إنما تَسأل عن أحَدِ الاسْمَيْن، ولا تَسألُ عما فَعَلا، ولو قلت‏:‏ ‏"‏أَلَقِيتَ زيدًا أم عمرًا‏"‏‏.‏ كان جائزًا أو قلت‏:‏ ‏"‏أعِنْدَكَ زَيدٌ أم عمروٌ‏"‏ كان جَائِزًا كذلك‏.‏ ومن هذا الباب قولُه‏:‏ ‏"‏ما أدْرِي أخالدًا لَقِيتَ أَمْ بَكْرًا‏"‏ و ‏"‏سوَاء عَلَيَّ أَبِشْرًا كَلَّمْتَ أمْ عَمْرًا‏"‏ كما تقول‏:‏ ما أُبَالي أيَّهما لَقِيت‏.‏ ومثلُ ذلك‏:‏ ‏"‏ما أدْرِي أَزيْدٌ ثَمَّ أَمْ عمْروٌ‏"‏ و ‏"‏ليْتَ شِعْري أزَيْدٌ ثَمَّ أمْ عامِرٌ‏"‏‏.‏ وتقول‏:‏ ‏"‏أضَرَبْتَ زيدًا أمْ قَتَلْتَه‏"‏ فالبَدْء هَهنا بالفعل أحسَنُ لأنك إنما تَسْأل عن الضَّرب والقَتْلِ ومِثْلُه‏:‏ ‏{‏سَواءٌ عَلَيْهم أَأَنْذَرْتَهم أمْ لَمْ تُنْذِرْهُم لا يُؤْمِنُون‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏6‏"‏ من سورة البقرة ‏"‏2‏"‏‏)‏‏.‏

أمْ المُنْقَطِعَةُ‏:‏

هي بِمَعْنَى ‏"‏بَلْ‏"‏ ولَمْ يُرِيدُوا بذلكَ أنَّ مَا بَعْد ‏"‏أمْ‏"‏ مُحَقَّقٌ، كَمَا يَكُون مَا بَعْدَ ‏"‏بَلْ‏"‏ مُحَقَّقًا، وإنما أرَادُوا أَنَّ أمْ المُنْقَطِعَة استِفْهَامٌ مُسْتَأَنَفٌ بَعْدَ كَلامٍ يَتَقَدَّمُهَا، تقول‏:‏ ‏"‏أحَسَنٌ عِنْدَكَ أمْ عِنْدَكَ حُسَينٌ‏"‏‏.‏ وتقع أم المُنْقَطِعة بين جملتين مُسْتَقِلَّتَيْن يقولُ الرجل‏:‏ ‏"‏إنَّها لإِبِلٌ أمْ شَاْءٌ يا قوم‏"‏ أي أمْ هِيَ شَاءٌ، وبِمَنْزِلَةِ أمْ هَهَنا قولُهُ تعالى‏:‏ ‏{‏آلم تَنْزِيلُ الكِتَابِ لا رَيْبَ فيه مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ أمْ يَقُولُونَ افْتَراه‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏1 - 2‏"‏ من سورة السجدة ‏"‏32‏"‏‏)‏ أي بل يَقولون افْتَراه‏.‏ ومثل ذلك‏:‏ ‏{‏أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وهَذِه الأنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أفَلا تُبْصرُون، أَمْ أَنَا خَيرٌ مِنْ هذا الَّذِي هُو مَهِينٌ‏}‏ ‏(‏الآية ‏"‏51 - 52‏"‏ من سورة الزخرف ‏"‏43‏"‏‏)‏‏.‏ كأنَّ فِرْعَون يقول‏:‏ أفلا تُبْصِرُون أم أنتُم بُصُراء‏.‏

ومن ذلك أيضًا‏:‏ ‏"‏أعنْدَكَ عبدُ اللَّهِ أمْ لا‏"‏‏.‏ ومِثْلُ ذلِكَ قَوْلُ الأَخْطَل‏:‏

كَذَبَتْكَ عَيْنُكَ أَمْ رَأيتَ بواسطٍ *** غَلَسَ الظَّلام مِنَ الرَّبابِ خَيَالًا

‏(‏كذبت عينك‏:‏ خيل إليك، ثم رجع فقال‏:‏ أم رأيت بواسط خيالًا وواسط‏:‏ مكان بين البصرة والكوفة‏)‏

ويَجوزُ في الشعر أنْ يُريدَ بكَذَبَتْك الاسْتِفْهَامَ ويحْذِفُ الألِفَ والدليل على ذلكَ وجودُ أم‏.‏