فصل: فصل في بيان تركيب أفعال الصلاة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


فصل في بيان تركيب أفعال الصلاة

‏(‏قوله ومن سنن التكبير حذفه‏)‏ أي عدم إطالة القول به كما أشير إليه في القاموس وفسره في الدرر بأن لا يأتي بالمد في همزة ‏(‏الله‏)‏ ولا في باء ‏(‏أكبر‏)‏ ولكنه هنا غير مراد لأن المد في ذلك مفسد وعمده كفر بل المراد ما سيأتي عند قول المصنف وكبر بلا مد وركع من أن المراد حذفه من غير تطويل، وهو معنى ما ورد التكبير جزم وحاصله‏:‏ الإمساك عن إشباع الحركة والتعمق فيه والإضراب عن الهمزة المفرطة والمد الفاحش ويستحب أيضا أن لا يحذف الهاء أو يمد اللام كما ذكره الشرنبلالي في در الكنوز حيث قال وإذا حذف المصلي أو الحالف أو الذابح المد الذي في اللام الثانية من الجلالة أو حذف الهاء اختلف في صحة تحريمته، وفي انعقاد يمينه وحل ذبيحته فلا يترك ذلك احتياطا ا هـ‏.‏

‏(‏قوله ولا فرق بين الحرة والأمة‏)‏ قال في النهر‏:‏ المذكور في السراج أن الأمة كالرجل في الرفع وكالحرة في الركوع والسجود ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ عبر عنه في القنية بقيل فقال‏:‏ ترفع المرأة يديها في التكبير إلى منكبيها حذاء ثدييها قيل هو السنة في الحرة فأما الأمة فكالرجل لأن كفها ليست بعورة ا هـ‏.‏ قال في شرح المنية الكبير ويرد عليه أن كف الحرة أيضا ليس بعورة ا هـ وما ذكره المؤلف مأخوذ من الحلية شرح المنية لابن أمير حاج رحمه الله تعالى

‏(‏قوله وتحمل ثم إلخ‏)‏ الظاهر التعبير بأو ليكون وجها آخر وإلا بعد تسليم أنه صلى الله تعالى عليه وسلم فعل كل ذلك لا معنى لذلك الحمل كما لا يخفى

‏(‏قوله شروع في المراد بتكبيرة الافتتاح‏)‏ ظاهره أن ذلك هو المراد من قول المصنف كبر والظاهر خلافه وإلا لأتى بالفاء، وقال‏:‏ فلو شرع، بل مراده بالتكبير ظاهره لأنه الواجب على من أراد الشروع وقوله‏:‏ ولو شرع بيان لصحة الشروع بغيره فيحمل كلامه على أن المراد ذلك من الحديث لا من كلام المصنف

‏(‏قوله ثم غاية ما هنا إلخ‏)‏ النص هو قوله‏:‏ ‏{‏وذكر اسم ربه فصلى‏}‏ والذكر يشمل التكبير وغيره ولفظ التكبير ثبت بالحديث المار، وهو مع المواظبة عليه يفيد الوجوب لا الفرضية لئلا يلزم الزيادة على النص، فإن قلت‏:‏ قد سبق أنهما حملا التكبير على التعظيم فكيف يقال إن لفظ التكبير ثبت بالخبر ‏؟‏ قلت‏:‏ الظاهر أنه مبني على المعنى الاصطلاحي أو على تعيين ذلك بالمواظبة‏.‏

‏(‏قوله لا تجب تلك الصلاة عليها‏)‏ قال في النهر لكن في عقد الفوائد الفتوى على الوجوب

‏(‏قوله قبله‏)‏ أي قبل فراغه بأن مد الإمام التكبير

‏(‏قوله وفي الأذان يعتبر التعارف‏)‏ قال في النهر إلا أنه في أذان السراج قال الأصح أنه لا يصح، وإن عرف أنه أذان

‏(‏قول المصنف كما لو قرأ بها عاجزا‏)‏ قال في النهر‏:‏ شرط العجز دلالة على أنها مع القدرة لا تجوز، وهو الذي رجع إليه الإمام كما رواه نوح بن أبي مريم والرازي، وهو الأصح وهذا أولى من قول الشارح يصح بالإجماع ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وتقييده بالعجز هنا دون الشرع يشير إلى أن المختار في الشروع مذهب الإمام في أنه يصح بالفارسية بدون العجز بل نقل الشيخ علاء الدين الحصكفي عن التتارخانية أن جعله كالتلبية يجوز اتفاقا، وأما قول العيني في شرحه، وقالا لا يجوز إلا عند العجز وبه قالت الثلاثة وعليه الفتوى وصح رجوع أبي حنيفة رحمه الله تعالى إلى قولهما ا هـ‏.‏ فهو اشتباه مسألة القراءة بمسألة الشروع، وقد اعترضه الشيخ علاء الدين رحمه الله فقال لا سلف له فيه ولا سند يقويه بل ظاهر التتارخانية رجوعهما إليه لا هو إليهما فاحفظه فقد اشتبه على كثير من القاصرين حتى الشرنبلالي في كل كتبه فتنبه ا هـ‏.‏ والحاصل أنه قد ثبت رجوع الإمام إلى قولهما في مسألة القراءة، وأما مسألة الشروع فالصحيح قول الإمام فيها بل مقتضى كلام التتارخانية أنها اتفاقية وعليه فيكون الرجوع منهما إليه لا منه إليهما

‏(‏قوله والتوفيق بينهما إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ اختار في فتح القدير أن المقروء إن كان قصصا أو أمرا أو نهيا فسدت، وإن ذكرا أو تنزيها لا أقول‏:‏ وينبغي أن يكون شقي هذا القول محمولا على القولين ويشهد لهذا الاختيار ما في الخلاصة من زلة القارئ لو أبدل كلمة من القرآن بأخرى تقاربها في المعنى إن من القصص ونحوها فسدت، وإن حمدا أو تنزيها أو ذكرا لا ا هـ كلام النهر‏.‏ أقول‏:‏ قد مر آنفا أن العاجز عن العربية تصح قراءته بالفارسية اتفاقا فلو كان القصص مفسدا اتفاقا لكونه يصير به متكلما كما قاله في الفتح للزم العاجز السكوت إن لم يعرف غير القصص إلا أن يدعي تخصيص الاتفاق بغير القصص

‏(‏قوله كالقراءة الشاذة إلخ‏)‏ قال في النهر عندي بينهما فرق وذلك أن الفارسي مع القدرة على العربي ليس قرآنا أصلا لانصرافه في عرف الشرع إلى العربي فإذا قرأ قصة صار متكلما بكلام الناس بخلاف الشاذ فإنه قرآن إلا أن في قرآنيته شكا فلا تفسد به ولو قصة، وحكوا الاتفاق فيه على عدمه فالأوجه ما في المحيط من تأويله كلام شمس الأئمة بما إذا اقتصر عليه ا هـ‏.‏ أي أنه إذا اقتصر على الشاذ تفسد لتركه فرض القراءة لا أن الفساد به

‏(‏قوله أي لا يكون شارعا في الصلاة ولا مسميا على الذبيحة‏)‏ أفاد أن النفي راجع إليهما، وفي النهر أنه مخالف لجمهور الشارحين لأن المحدث إنما هو الشروع وذكر التسمية ليس إلا تبعا، ثم قال إن أريد خصوص اللهم اغفر لي اتجه ما في البحر أو كل ما كان خبرا اتجه ما في الشرح ولا معنى لإرادة المصنف خصوص اللهم اغفر لي بل كل ما كان خبرا على ما علمت والراجح في الشروع بالتسمية عدم الإجزاء ولا نعلم خلافا في إجزائها للذبح فرجوع النفي إلى الشروع أظهر‏.‏

‏(‏قوله وفي شرح المنية هو الأشبه‏)‏ قال في النهر، وفي السراج هو الأصح، وفي فتاوى المرغيناني أنه الصحيح، ثم قال فالراجح في التسمية عدم الإجزاء والأرجح أي في البحر الإجزاء

‏(‏قول المصنف ووضع يمينه على يساره‏)‏ قال في النهر‏:‏ يعني الكف على الكف ويقال على المفصل قاله العيني وكلامه يحتملهما، وفيه إيماء إلى بيان كيفية الوضع فما في البحر من أنه لم يبين ذلك لعدم ذكره في الظاهر فيه نظر وعن الثاني يقبض باليمنى رسغ اليسرى واختاره الهندواني، وقال محمد يضعهما كذلك ويكون الرسغ وسط الكف قال السرخسي واستحسن كثير من المشايخ أخذ الرسغ بالإبهام والخنصر ووضع الباقي ليكون جامعا بين الأخذ والوضع المرويين في السنة وهو المختار ا هـ‏.‏ وفي معراج الدراية بعد عزوه هذا القول للمجتبى والظهيرية والمبسوط بزيادة ليكون عملا بالحديثين والمذاهب احتياطا قال وقيل هذا خارج عن المذاهب والأحاديث فلا يكون العمل به احتياطا ا هـ‏.‏

‏(‏قوله فهو سنة قيام له قرار‏)‏ قال الرملي هو صريح في أنه لا يسن في حق من صلى قاعدا ولم أر من نبه على ذلك والناس عنه غافلون وإذا لم يسن في حقه كيف يضع ‏؟‏ الظاهر أنه يضع يديه على فخذيه ويبسط أصابعه كما يفعل في القعود الأول والثاني، ثم رأيت في شرح الوقاية المسمى بتوفيق العناية في شرح قوله ويضع يمينه إلخ صورة المسألة‏:‏ يضع المصلي كفه اليمنى على كفه اليسرى ويحلق بالخنصر والإبهام على الرسغ في حالة القيام ا هـ فقوله في حالة القيام يفهم منه أنه لا يفعل ذلك حالة الجلوس تأمل ورأيت في كتب الشافعية أنه يفعل في الجلوس كما يفعل في القيام ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ذكر نحو ذلك تلميذه الشيخ علاء الدين الحصكفي، وقال لم أره، ثم رأيت في مجمع الأنهر المراد من القيام ما هو الأعم لأن القاعد يفعل كذلك

‏(‏قوله وأجمعوا إلخ‏)‏ قال في النهر في الإجماع نظر فقد ذكر في السراج عن النسفي والحاكم والجرجاني والفضلي أنه يعتمد في القومة والجنازة وزوائد العيد، وهو المناسب لما حكاه الشارح عن بعضهم أنه سنة لكل قيام وحكى شيخ الإسلام في موضع أنه على قولهما يمسك في القومة التي بين الركوع والسجود؛ لأن في هذا القيام ذكرا مسنونا، وهو التسميع أو التحميد وخص قولهما لما أنه عند محمد سنة القراءة، وقولهما هو ظاهر الرواية كما في السراج وهذا التعليل في حق المؤتم، والإمام في حيز المنع بناء على أن التسميع أو التحميد إنما هو سنة حالة الانتقال نعم هو في حق المنفرد بناء على أنه يجمع بينهما مسلم لما أنه يقول ربنا لك الحمد إذا استوى قائما في الجواب الظاهر، وهو الصحيح كما في القنية ولا نسلم أن هذا قيام لا قرار له مطلقا لقولهم إن مصلي النافلة ولو سنة يسن له أن يأتي بالأدعية الواردة نحو ملء السموات والأرض إلى آخره بعد التحميد واللهم اغفر لي وارحمني بين السجدتين واعلم أن الحدادي قيد الإرسال فيما ليس فيه ذكر مسنون بما إذا لم يطل القيام أما إذا أطاله فيعتمد، وفي الخلاصة، وكذا يرسل في ظاهر الرواية في كل قيام لا ذكر فيه ولا يطول وهذا يقتضي أن يزاد في الضابط السابق أو يطول والله تعالى الموفق‏.‏ ا هـ‏.‏ قال الشيخ إسماعيل بعد نقله عن شرح مسكين التقييد بالطويل قال البرجندي وضع اليد على الوجه المذكور سنة في كل قيام شرع فيه ذكر فرضا كان الذكر أو واجبا أو سنة والمراد بالمسنون المشروع، وفي شرح ابن مالك فيضع في الأحوال المذكورة عندهما لأن ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما في سنة الوضع عام أحوال القيام لكن خصت القومة من الركوع من تلك الأحوال لعدم امتدادها فبقي ما عداها على الأصل ومثله في غرر الأذكار والمنبع وفي الأولين أيضا في تعليل قول محمد لأن شرع الوضع للصيانة عن اجتماع الدم في رءوس الأصابع وذلك إنما يكون في الحالة التي السنة فيها التطويل وهي حالة القراءة‏.‏ ا هـ‏.‏ والظاهر أن هذا الامتداد والتطويل هو المراد من قول البحر له قرار ا هـ‏.‏ كلامه ثم اعترض على النهر في نقله عن الفضلي الاعتماد أنه ليس بصحيح بل الذي في السراج عنه أنه يرسل في المذكورات فالصواب عدم ذكره مع النسفي ومن بعده ا هـ‏.‏ هذا واعتراضه على التعليل في قول شيخ الإسلام لأن في هذا القيام ذكرا مسنونا إلخ وحمله له على المنفرد غير ظاهر لأن التسميع والتحميد ذكر بأو التي لأحد الشيئين والمنفرد يأتي بهما على ما ذكره فلا يصح تسليمه في المنفرد أيضا بل الظاهر موافقته لما بحثه في فتح القدير كما قاله صاحب البحر فقول شيخ الإسلام وهو التسميع أي لو كان المصلي إماما وقوله أو التحميد لو كان مؤتما أو منفردا كما يأتي في المتن

‏(‏قوله وعلى هذا فالمراد من الإجماع المتقدم إلخ‏)‏ أي قوله‏:‏ وأجمعوا أنه لا يسن الوضع في القيام إلخ وبهذا أسقط اعتراض النهر السابق كما لا يخفى‏.‏ والحاصل أن الإجماع بين أئمة المذهب، والاختلاف المذكور إنما هو بين مشايخ المذهب، ولكن قد يقال‏:‏ لو صح الإجماع كيف يسوغ للمشايخ النزاع تأمل‏.‏

‏(‏قوله لكن قالوا المسبوق لا يأتي له إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ الأولى أن يقال إلا إذا شرع الإمام في القراءة مسبوقا كان أو مدركا، جهر أو لا لما في الصغرى أدرك الإمام في القيام والركوع يثني ما لم يبدأ الإمام بالقراءة وقيل في المخافتة يثني، وإن كان الإمام في القراءة بخلاف الجهرية ا هـ‏.‏ فقوله وقيل إلخ أفاد أن ما قاله المؤلف أنه يمنع عن الثناء في صورة الجهر فقط ضعيف وأن المعتمد أنه يمنع عن الثناء متى شرع الإمام في القراءة سرا أو جهرا، وحاصله‏:‏ أن الخلاف فيما إذا شرع الإمام في القراءة سرا، فالمفهوم من البحر أنه يثني وعبر عنه في الصغرى بقيل فأفاد ضعفه، وأما في قراءة الجهر فأنه يمنع من الثناء بلا خلاف لكن مقتضى قوله وصححه في الذخيرة أن فيه خلافا أيضا، وكذا قال في التتارخانية عن الخلاصة ويسكت المؤتم عن الثناء إذا جهر الإمام هو الصحيح ا هـ‏.‏ وهو بإطلاقه يشمل المدرك والمسبوق، وقد رأيت في الذخيرة التصريح بالخلاف في الجهرية وصحح أنه لا يثني بعدما نقل عن شيخ الإسلام أنه في المخافتة يثني لأن الثناء سنة مقصودة والإنصات إنما يجب حالة الاستماع فيسن تعظيما للقرآن فكان سنة تبعا لا مقصودا بنفسه بخلاف الثناء فمراعاة السنة المقصودة أهم، فإن قيل الإنصات فرض وإن كان لا يستمع حتى سقطت التلاوة عن المقتدي قلنا إنما سقطت لأن قراءة الإمام له قراءة لا للإنصات وليس ثناء الإمام ثناء للمقتدي فإذا لم يأت به يفوته ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ وظاهره اعتماد أنه يأتي به في المخافتة وعليه مشى في الدرر أيضا، وكذا في متن التنوير، وكذا في الخانية حيث قال وينبغي التفصيل إن كان الإمام يجهر لا يأتي به، وإن كان يسر يأتي به ا هـ‏.‏ ومشى عليه في المنية أيضا‏.‏

‏(‏قوله وهو قول الأكثر من أصحابنا‏)‏ قال في النهر‏:‏ وجعله الشارح ظاهر المذهب وادعى بعضهم إجماع القراء عليه من حيث الرواية وهذا لأن السنن إنما دخلت في الأمر دلالة على طلب الاستعاذة، فالقائل أعوذ ممتثل لا أستعيذ لأنه طلب للاستعاذة لا متعوذ ولذا كان أعوذ هو المنقول من استعاذته عليه الصلاة والسلام وقول الجوهري عذت بفلان واستعذت به التجأت إليه مردود عليه عند أهل اللسان كذا في النشر لابن الجزري

‏(‏قوله لأن السلف أجمعوا على سنيته‏)‏ قال في النهر في دعوى الإجماع نزاع فقد روي الوجوب عن عطاء والثوري، وإن كان جمهور السلف على خلافه كما في الفتح

‏(‏قوله فقوله سرا عائد إلخ‏)‏ قال في النهر كونه قيدا في الاستفتاح أيضا بعيد، وعليه فهو من التنازع بل هو حال من فاعل تعوذ ويجوز أن يكون صفة لمصدر محذوف بل هو أولى لأن مجيء المصدر المنكر حالا وإن كثر إلا أنه سماعي‏.‏ ا هـ‏.‏ وفي قوله فهو من التنازع نظر لما قاله بعض الفضلاء عن همع الهوامع من أن التنازع يقع في كل معمول إلا المفعول والتمييز، وكذا الحال خلافا لابن معطي ولذا قال الشيخ علاء الدين الحصكفي فهو كالتنازع أي شبيه بالتنازع الذي هو تعلق عاملين فأكثر من الفعل أو شبهه باسم فأكثر

‏(‏قوله الرواية‏)‏ لعله الدراية تأمل ا هـ منه‏.‏

‏(‏قوله وأشار المصنف إلى أن محل التعوذ بعد الثناء‏)‏ قال في النهر لا يخفى بعد هذه الإشارة إذ الواو لا تفيد ترتيبا ا هـ‏.‏ قال الرملي أقول‏:‏ الترتيب مستفاد من صنيعه لا من الواو فانظر إلى قوله‏:‏ وسمى وقرأ إلخ تأمل‏.‏

‏(‏قوله وفيه نظر ظاهر‏)‏ وجهه كما قال بعض الفضلاء‏:‏ أن الأمر بالاستعاذة معلول بدفع الوسوسة فيجوز الإتيان به في جميع ما يخشى فيه الوسوسة‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد أجاب عنه في النهر بأن ما في الذخيرة ليس في المشروعية وعدمها بل في الاستنان وعدمه ا هـ‏.‏ أي فتسن للقراءة ولا تسن لغيرها ونفي السنية لا ينافي المشروعية ونص عبارة الذخيرة هكذا‏:‏ إذا قال الرجل بسم الله الرحمن الرحيم، فإن أراد به قراءة القرآن يتعوذ قبله لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله‏}‏، وإن أراد افتتاح الكلام كما يقرأ التلميذ على الأستاذ لا يتعوذ قبله لأنه لا يريد به قراءة القرآن، ألا يرى أن رجلا لو أراد أن يشكر فيقول‏:‏ الحمد لله رب العالمين لا يحتاج إلى التعوذ قبله فعلى هذا الجنب إذا قال بسم الله الرحمن الرحيم، فإن أراد قراءة القرآن لم يجز، وإن أراد افتتاح الكلام أو التسمية لا بأس به ا هـ‏.‏ وحاصله أنه إذا أراد أن يقول بسم الله الرحمن الرحيم لا يأتي بالتعوذ قبلها إلا إذا أراد بها القراءة، أما إذا أراد بها افتتاح الكلام كما يأتي بها التلميذ في أول درسه للعلم لا يتعوذ لأن البسملة تخرج عن القرآنية بقصد الذكر حتى يجوز للجنب الإتيان بها إذا لم يقصد بها القرآنية وملخصه أنه إذا أتى بشيء من القرآن لا يسن التعوذ قبله إلا إذا قصد به التلاوة، وأما لو أتى بالبسملة لافتتاح الكلام أو بالحمدلة لقصد الشكر لا على قصد القرآنية فلا يسن التعوذ، وكذا إذا تكلم بغير ما هو من القرآن بالأولى، نعم تطلب الاستعاذة عند دخول الخلاء ونحو ذلك مما ليس بكلام، وأما الكلام فغير القرآن لا تسن له تأمل‏.‏

‏(‏قوله وهذا كله ضعيف‏)‏ قال في النهر‏:‏ والحق أنهما قولان مرجحان إلا أن المتون على الأول، ووجه الثاني بما مر عن البدائع، ثم قال أقول‏:‏ في إيجاب السهو بتركها منافاة لما مر من أنه لا يجب بترك أقل الفاتحة فتدبر ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ تندفع المنافاة بما مر لنا في الواجبات عن الحصكفي عن المجتبى من وجوب السجود بترك آية منها

‏(‏قوله وإن كان قد أجاب عنه إلخ‏)‏ استدراك جواب عما يرد أن ما استدللتم به هو حجة عليكم أيضا فإنه يدل على عدم السنية أيضا وأنتم لا تقولون بذلك‏.‏

‏(‏قوله فما في منية المصلي إلخ‏)‏ قال الرملي أولها شارحها الحلبي بقوله أي لا يأتي بها جهرا بل يأتي بها سرا ا هـ‏.‏ ولا يخفى بعده

‏(‏قوله وقال محمد تسن إن خافت‏)‏ أي تسن في السرية‏.‏ قال في النهر‏:‏ وجعله في الخلاصة رواية الثاني عن الإمام، وفي المستصفى وعليه الفتوى، وفي البدائع الصحيح قولهما، وفي العتابية والمحيط قول محمد هو المختار ونقل ابن الضياء في شرح الغزنوية عن شرح عمدة المصلي أنه إنما اختير قول أبي يوسف هذا لأن لفظة الفتوى آكد وأبلغ من لفظة المختار

‏(‏قوله لا يسمي لأجل فوات محلها‏)‏ عبارة شرح المنية لابن أمير حاج لا يسمي لأجلها لفوات محلها

‏(‏قوله وإنما لم يحكم إلخ‏)‏ عبارته في شرحه على المنار أوضح مما هنا، ونصها‏:‏ وقد اختلف في البسملة والحق أنها من القرآن لكن لم يكفر جاحدها مع إنكار القطعي للشبهة القوية بحيث يخرج بها كونها من القرآن من حيز الوضوح إلى حيز الإشكال فهي قرآن لتواترها في محلها ولا كفر لعدم تواتر كونها في الأوائل قرآنا‏.‏ والحاصل أن الموجب لتكفير جاحده إنكار ما تواتر في محله وما تواتر كونه قرآنا والمعتبر في إثبات القرآنية الأول فقط، انتهت، وقد ظهر أن قوله هنا بتواتر كونها قرآنا صوابه بعدم تواتر إلخ كما لا يخفى، وقد رأيته ملحقا في بعض النسخ‏.‏ هذا و اعلم أن في كلامه في البحر اضطرابا وذلك أنه ذكر أولا في وجه الأصح أن تواترها في المصحف دليل تواتر قرآنيتها، وأن بذلك اندفعت الشبهة في قرآنيتها ومعلوم أن تواترها في أوائل السور، وقد حكم بأن ذلك دليل تواتر قرآنيتها، واللازم من ذلك تواتر كونها قرآنا في الأوائل، ثم حكم بأن فيها شبهة فناقض صدر كلامه، وكذلك قوله فالموجب لتكفير من أنكر القرآن إنكار ما تواتر كونه قرآنا مناقض لما قبله من إثبات تواتر كونها قرآنا، وكذا قوله‏:‏ وبتواتر كونها قرآنا إلخ مناقض لقوله‏:‏ فالموجب إلخ وعلى نسخة وبعدم تواتر مناقض لقوله‏:‏ وهو دليل تواتر كونها قرآنا كما لا يخفى والصواب في تقرير هذا المحل ما ذكره المحقق ابن الهمام في كتابه التحرير، وهو أن القطعي إنما يكفر منكره إذا لم تثبت فيه شبهة قوية كإنكار ركن وهنا قد وجدت وذلك لأن من أنكرها كمالك ادعى عدم تواتر كونها قرآنا في الأوائل وأن كتابتها فيها لشهرة استنان الافتتاح بها في الشرع والآخر يقول إجماعهم على كتابتها مع أمرهم بتجريد المصاحف يوجب كونها قرآنا والاستنان لا يسوغ الإجماع لتحققه في الاستعاذة، والأحق أنها من القرآن لتواترها في المصحف، وهو دليل كونها قرآنا ولا نسلم توقف ثبوت القرآنية على تواتر الأخبار بكونها قرآنا بل الشرط فيما هو قرآن تواتره في محله فقط، وإن لم يتواتر كونه في محله من القرآن ا هـ‏.‏ وقوله ولا نسلم رد لما تضمنه كلام المنكر من أن تواترها في محلها لا يستلزم قرآنيتها بل لا بد من تواتر الأخبار بكونها قرآنا‏.‏ والحاصل أن تواترها في محلها أثبت أصل قرآنيتها، وأما كونها قرآنا متواترا فهو متوقف على تواتر الأخبار به ولذلك لم يكفر منكرها بخلاف غيرها لتواتر الأخبار بقرآنيته، وقد ظهر لك من هذا التقرير الشافي أن ما ذكره في شرح المنار صحيح موافق لما قلناه، وأما ما ذكره هنا فلا لما علمت وتصحيحه بإسقاط قوله ‏"‏ تواتر ‏"‏ من قوله وهو دليل تواتر كونها قرآنا وبإسقاط قوله وبه اندفعت الشبهة وبزيادة لفظة ‏"‏ عدم ‏"‏ في قوله وبتواتر كونها قرآنا كما مر والله سبحانه ولي التوفيق

‏(‏قوله وقد علم مما ذكرنا إلخ‏)‏ أي لأنه إذا لم يسمع القراءة من الإمام في الجهرية لا يعلم وقت تأمينه لما قرره صاحب المجمع في شرحه عليه حيث قال بعد ذكر حديث الشيخين المار والعلم بقول الإمام آمين يحصل بالفراغ عن الفاتحة فصح التعليق بالقول المعلوم وجوده، وإن لم يكن مسموعا ا هـ‏.‏ لكن في الجوهرة إذا سمع المقتدي التأمين في الجمعة والعيدين قال الإمام ظهير الدين يؤمن كذا في الفتاوى ا هـ‏.‏ قال في الشرنبلالية قلت‏:‏ فعلى هذا ينبغي أن لا يختص بهما بل الحكم في الجماعة الكثيرة كذلك ا هـ‏.‏ أي‏:‏ لأن المقصود أنه إذا كان بعيدا عن الإمام لا يسمع قراءة الإمام ولكن سمع تأمين المقتدي معه السامع لقراءة الإمام فإنه يؤمن أيضا لأن المقصود العلم بوجود تأمين الإمام

‏(‏قوله وفي المبسوط لو مد ألف ‏"‏ الله ‏"‏ إلخ‏)‏ اعلم أن المد لا يخلو إما أن يكون في ‏"‏ الله ‏"‏ أو في ‏"‏ أكبر ‏"‏، وإن كان في ‏"‏ الله ‏"‏ فلا يخلو أن يكون في أوله أو في وسطه أو في آخره، فإن كان في أوله فهو مفسد للصلاة ولا يصير شارعا به، وإن كان لا يميز بينهما لا يكفر لأن الإكفار بناء على أنه شاك في مضمون هذه الجملة فحيث كان جازما فلا إكفار، وإن كان في وسطه فهو صواب إلا أنه لا يبالغ فيه، فإن بالغ حتى حدث من إشباعه ألف بين اللام والهاء فهو مكروه، قيل والمختار أنها لا تفسد وليس ببعيد، وإن كان في آخره فهو خطأ ولا تفسد أيضا وعلى قياس عدم الفساد فيهما يصح الشروع بهما، وإن كان المد في ‏"‏ أكبر ‏"‏ فإن كان في أوله فهو خطأ مفسد للصلاة وهل يكفر إذا تعمده ‏؟‏ قيل نعم للشك وقيل لا، ولا ينبغي أن يختلف في أنه لا يصح الشروع به، وإن كان في وسطه حتى صار ‏"‏ أكبار ‏"‏ لا يصير شارعا، وإن قال في خلال الصلاة تفسد، وفي زلة القارئ للصدر الشهيد يصير شارعا لكن ينبغي أن يكون هذا مقيدا بما إذا لم يقصد به المخالفة كما نبه عليه محمد بن مقاتل، وإن كان في آخره فقد قيل تفسد صلاته وقياسه أن لا يصح الشروع به أيضا كذا في شرح الأستاذ على الهداية عن شرح المنية لابن أمير حاج

‏(‏قوله وخيف عليه الكفر إن كان قاصدا‏)‏ قال بعض الفضلاء الظاهر أن مجرد قصد مد الهمزة لا يوجب كفرا بل إذا قصد المعنى، وهو الاستفهام المقتضي سبق الشك ا هـ‏.‏ تقدم نظيره عن شرح المنية، وفي شرح المعراج بعدما نقل عن الخلاصة ولو مد ألف ‏"‏ أكبر ‏"‏ تكلموا في كفره ولا تجوز صلاته ما نصه‏:‏ لأنه إن لزم الكفر فظاهر وإلا كان كلاما فيه احتمال الكفر فيخشى عليه الكفر، وهو خطأ أيضا شرعا لأن الهمزة إذا دخلت على كلام منفي كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ألم نشرح‏}‏ تكون للتقرير لا في كلام مثبت ظاهر كذا قيل وأيضا أفعل التفضيل لا يحتمل المد ا هـ‏.‏ قال في النهر‏:‏ ولا يخفى عليك ضعف هذا القيل إذ لا يشترط في التقرير دخوله على منفي لما أنه حمل المخاطب على الإقرار بأمر قد استقر عنده ثبوته أو نفيه بل أغلب أحواله دخوله على المثبت ولذا أولو التقرير في‏:‏ ‏{‏ألم نشرح‏}‏ بما بعد النفي والهمزة فيها ليست في التحقيق إلا للإنكار الإبطالي، وإنكار النفي نفي له ونفي النفي إثبات ومثله قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أليس الله بكاف عبده‏}‏

‏(‏قوله أو باءه‏)‏ قال في النهر، وفي القنية لا تفسد لأنه إشباع، وهو لغة قوم، واستبعده الشارح بأنه لا يجوز إلا في الشعر وقيل هو جمع كبير، وفي المبتغى لا تفسد وقيل تفسد قال الحلبي فظاهره ترجيح عدم الفساد وعليه يتخرج صحة الشروع به ويوافقه ما في الخلاصة معزيا إلى زلة القارئ للشهيد لو قال ‏"‏ الله أكبار ‏"‏ يصير شارعا قلت‏:‏ لكن ينبغي أن يقيد بما إذا لم يقصد المخالفة ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ إذا كان جمعا للكبير فلا أثر لإرادته المخالفة في اللفظ فقط

‏(‏قوله ولعل الأكمل أراد المعنى الأول‏)‏ قال في النهر ولا يخفى أنه يجوز أن يكون فرضا ا هـ‏.‏ يعني يجوز أن يكون على تنزيل مخاطب يحمله على الإقرار، ثم قال في النهر بعد ذكره حاصل ما مر‏:‏ وبهذا التقرير ظهر لك أن ما قاله ابن أمير حاج من أنه لا ينبغي أن يختلف في عدم صحة الشروع به مبني على أن الاستفهام حقيقي ومقتضى كونه تقريرا أن يصح

‏(‏قوله وليس هو موافقا لما في الجامع‏)‏ أي ليس موافقا في اللفظ من حيث الإطلاق والتقييد وليس المراد المنافاة لاحتمال أن يكون ذلك مراد الجامع إذ ليس في كلامه ما يصرفه عن ذلك

‏(‏قوله ابن هبيرة‏)‏ أقول‏:‏ هو من علماء الحنابلة

‏(‏قوله وهو أنه عليه السلام لم يذكره للأعرابي إلخ‏)‏ هذا إنما يتم على تقدير أنه عليه السلام علمه الفرائض والواجبات كلها ولم يترك له شيئا منها وليس كذلك‏.‏

‏(‏قوله ولم أر من صححها‏)‏ قال في النهر‏:‏ قد رأيت ذلك ولله المنة ففي السراج عن شيخ الإسلام أنها الأصح على قول الرازي ينبغي على قول الإمام أن يقتصر المنفرد عليه لأنه إمام في حق نفسه

‏(‏قوله وصححه في الهداية‏)‏ قال الرملي قال الحلبي وتصحيح الهداية أولى‏.‏ ا هـ‏.‏ وسيأتي أنه المرجح من جهة الدليل وإن ما في المتن هو ظاهر الرواية، وقد قالوا ما عدا ظاهر الرواية ليس مذهبا لأصحابنا‏.‏

‏(‏قوله فخرج الخد والذقن إلخ‏)‏ تقدم ما فيه عند ذكر الفرائض

‏(‏قوله فعنده يجوز مطلقا إلخ‏)‏ قال في الشرنبلالية هذا قول أبي حنيفة أولا، والأصح رجوعه إلى قولهما بعدم جواز الاقتصار في السجود على الأنف بلا عذر في الجبهة كما في البرهان ا هـ‏.‏ وفي شرح الشيخ إسماعيل، ثم في الهداية‏:‏ أن قولهما رواية عن أبي حنيفة، وفي المجمع‏:‏ وروي عنه قولهما وعليه الفتوى، وفي الحقائق وروي عنه مثل قولهما، قال في العيون‏:‏ وعليه الفتوى، وفي درر البحار‏:‏ والفتوى رجوعه إلى قولهما لأنه المتعارف والمتبادر إلى الفهم ا هـ‏.‏ وفي شرح الملتقى للحصكفي‏:‏ وعليه الفتوى كما في المجمع وشروحه والوقاية وشروحها والجوهرة وصدر الشريعة والعيون

‏(‏قوله وأشار بيده إلى أنفه‏)‏ قال في فتح القدير رواية ‏"‏ وأشار بيده إلى أنفه ‏"‏ غير ضائرة فإن العبرة للفظ الصريح والإشارة إلى الجبهة تقع بتقريب اليد إلى جهة الأنف للتقارب ‏(‏وقوله لم يوافقه دراية إلخ‏)‏ أما الأول فمسلم، وأما الثاني فلا لما علمت مما مر على أنه قد يمنع الأول بناء على ما قدمناه في الفصل السابق بأن يراد بالسجود في الآية السجود الشرعي فيكون مجملا بينته السنة ومجمل الكتاب إذا بينته السنة يكون المبين ثابتا بالكتاب ويؤيده أن السجود اللغوي أيضا مجمل لتعدد معانيه كما مر فتدبر

‏(‏قوله هذا لو حمل قولهما لا يجوز إلخ‏)‏ قال الشيخ إسماعيل فيه نظر لأن كتب المذهب مشحونة بنصب الخلاف في هذه المسألة بينه وبينهما، وهو يبعد الحمل على الاتفاق بما ذكر بمراحل كما يظهر للمتتبع، كيف ولفظ المبسوط وإن سجد على الأنف دون الجبهة جاز عند أبي حنيفة رحمه الله ويكره ولم يجز عند أبي يوسف ومحمد رحمه الله، وهو رواية ابن عمر وعن أبي حنيفة‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله فالقول بعدم الكراهة ضعيف‏)‏ أي عدم كراهة ترك السجود على الأنف، قال في النهر‏:‏ لو حملت الكراهة في رأي من أثبتها على التنزيه ومن نفاها على التحريمية لارتفع التنافي، وعبارته في السراج‏:‏ المستحب أن يضعهما ا هـ‏.‏ لكن قال الشيخ إسماعيل‏:‏ وفي غرر الأذكار أن الاقتصار على الجبهة يجوز بلا كراهة، وإن لم يكن على الأنف عذر اتفاقا، وكذلك في مجموع المسائل وأنه به يفتى، وفي الاختيار وإن اقتصر على جبهته جاز بالإجماع ولا إساءة بعد أن قال فإن اقتصر على الأنف جاز وقد أساء، وقالا لا يجوز إلا من عذر ا هـ كلامه، فليتأمل‏.‏ ويبعد ما قاله في النهر قول المتن وكره على أحدهما فإنه لا يصح حمله على التنزيهية نظرا إلى ترك السجود على الجبهة لكن سيأتي حمل الكراهة على طلب الكف طلبا غير جازم

‏(‏قوله وخرج أيضا بقولنا ‏"‏ مما لا سخرية فيه ‏"‏ ما إذا رفع قدميه إلخ‏)‏ مقتضاه أن وضع القدمين من ماهية السجود، وظاهر كلام المصنف عدمه حيث اقتصر على بيانه بالجبهة أو الأنف وإذا كان من ماهية السجود فهو فرض، وهو ما ذكره القدوري وسيأتي تضعيفه وعلى أن ما علل به يجري في اليدين والركبتين فما وجه الاقتصار على القدمين ‏؟‏ وفي العناية ذكر الإمام التمرتاشي أن اليدين والقدمين سواء في عدم الفرضية، وهو الذي يدل عليه كلام الشيخ الإسلام في مبسوطه، وهو الحق ا هـ‏.‏ قال الشيخ إسماعيل بعد ذكر صاحب الدرر ذلك لأن السجود لا ينبئ عن ذلك كما في المصفى ولما سبق من أن المأمور به السجود على الوجه، وهو بكله متعذر فكان المراد بعضه وأن الزيادة على النص بخبر الواحد لا تجوز، وإن صرح بأن الفتوى على مقابله كما مر بسطه، ثم أنه يمكن أن يوفق هاهنا بين هذا وما سبق آنفا من عدم الجواز بأن عدم الفرضية لا ينفي الوجوب، وأن المراد من الجواز الحل ا هـ‏.‏ لكن العلامة إبراهيم الحلبي قد رد ما قاله في العناية وحقق فرضية القدمين أو أحدهما تبعا للمنية، وأن المراد بوضع القدم وضع أصابعه موجهة إلى القبلة فراجعه متأملا، وانظره مع قوله في مكروهات الصلاة‏:‏ أن يحرف أصابع يديه أو رجليه عن القبلة في السجود لترك السنة

‏(‏قوله ولا دليل عليه إلخ‏)‏ قد يمنع بما قدمناه من ثبوت الإجمال في الآية مع بيان السنة لها

‏(‏قوله وفي المجتبى إلى قوله كما لا يخفى‏)‏ قال الرملي هذا الحمل ليس بجيد لأن الطرف كما في القاموس منتهى كل شيء كذا ذكره مولانا شيخ الإسلام الشيخ محمد الغزي التمرتاشي قال فيحمل على اختلاف القولين، وأقول‏:‏ الذي في القاموس والطرف محركا الناحية والطائفة من الشيء ومثله في مختار الصحاح وغيرهما من كتب اللغة فإذا كان الطرف بالمعنى المذكور فالحمل حجة والتوفيق ممكن لا بعد فيه إذ مثله وقع كثيرا في كلامهم

‏(‏قوله والجاورس‏)‏ قال الرملي بجيم مفتوحة بعدها ألف وواو مفتوحة وراء ساكنة قيل هو الدخن وقيل هو ضرب من الشعير صغار الحب ليس له قشر ينبت بالغرب وبلاد الهند كذا في شرح المهذب للشافعية‏.‏

‏(‏قوله فدل على تضعيفه إلخ‏)‏ قال في النهر وفي المعراج وضع جميع أطراف الجبهة ليس بشرط بالإجماع فإذا اقتصر على بعض الجبهة جاز وإن قل، كذا ذكر أبو جعفر

‏(‏قوله وقيد بكون الحائل تبعا‏)‏ أي حيث ذكر كور العمامة مما هو ليس بعضا من الساجد

‏(‏قوله من غير خلاف يعلم‏)‏ يرد عليه ما نقله في إمداد الفتاح حيث قال‏:‏ قال في الدراية ذكر البزدوي لو سجد على إحدى ركبتيه أو يديه أو كميه جاز خلافا للشافعي رحمه الله، وقال الحسن الأصح أنه إذا سجد على فخذيه أو ركبتيه بعذر جاز وإلا فلا

‏(‏قوله وكأن عدم الخلاف فيه إلخ‏)‏ قال في النهر إن عنى بالواجب الفرض نافى ما اختاره من أنه يوجد بوضع وإن قل، وإن عنى به ما هو المصطلح عليه اقتضى أنه يصح، وغير خاف أن هذه المسألة مؤيدة بما مر عن نصير ا هـ هذا وما ذكره صاحب البحر هنا مأخوذ من الفتح فلو عزاه إليه لتخلص من ربقة الإشكال‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وذكر في المحيط أن فيه لغتين إلخ‏)‏ قال الرملي ظاهر ما في القاموس أنه في العضد بالسكون لا غير وفي الحيوان به وبالضم والله تعالى أعلم ‏(‏قول المصنف وجافى بطنه إلخ‏)‏ قال الفاضل البرجندي فلعله أي صاحب الكافي أراد بعدم المجافاة عدم إبداء الضبعين ا هـ‏.‏ قال نوح أفندي أقول‏:‏ هذه الإرادة غير ظاهرة فلا تدفع الإيراد، وقال في النهر إن بينهما تلازما عاديا قال نوح أفندي أقول‏:‏ دعوى الملازمة بينهما ممنوعة كما لا يخفى

‏(‏قوله لحديث مسلم كان «إذا سجد جافى بين يديه»‏)‏ الذي في الهداية وفتح القدير بدون زيادة بين يديه ‏(‏قول المصنف ووجه أصابع رجليه نحو القبلة‏)‏ قال الرملي أي في سجوده، وهو سنة كما عده في زاد الفقير أيضا، وهو ظاهر ما سيأتي عن التجنيس، وفي شرح الشيخ إسماعيل توجيه الأصابع كذلك سنة كما في البرجندي، ويوافقه ما في التجنيس من أنه إن لم يوجه يكره وعبارة الحاوي في سنن السجود‏:‏ وتوجيه أصابع اليدين وأنامل الرجلين إلى القبلة ا هـ‏.‏ وفي القهستاني انحراف أصابعهما عن القبلة مكروه كما في خزانة المفتين فتوجيهها نحوها سنة كما في الجلابي ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وصرح بالسنية في الضياء أيضا وبه علم أن ما مر من الخلاف في أن وضع القدمين أو أحدهما في السجود فرض أو سنة إنما هو في أصل الوضع لا في توجيه الأصابع نحو القبلة فإنه سنة قولا واحدا عندنا ويؤيده أن المحقق ابن الهمام قال في كتابه زاد الفقير ومنها أي من أركان الصلاة‏:‏ السجود ويكفي فيه وضع جبهته باتفاق، وكذا الأنف عنده، ثم قال في سنن الصلاة ومنها‏:‏ توجيه أصابع رجليه إلى القبلة ووضع الركبتين، واختلف في القدمين ا هـ‏.‏ فانظر حيث جعل الخلاف في القدمين أي في وضعهما دون توجيه الأصابع، فهذا صريح فيما قلنا، وكذا اختار المحقق ابن أمير حاج كون وضع القدمين واجبا، ثم ذكر هنا من سنن السجود توجيه الأصابع نحو القبلة، ثم ساق حديث البخاري المذكور هنا فهذا صريح فيما قلناه أيضا فاغتنم هذه الفائدة الجليلة فإني لم أر من نبه عليها والحمد لله رب العالمين‏.‏

‏(‏قوله وتضع يديها على فخذيها إلخ‏)‏ أي قولا واحدا بخلاف الرجل كما سيأتي وحمله في إمداد الفتاح على أن الرجل يضع يديه على ركبتيه قال والصحيح أنهما سواء يضعان على الفخذ كما سنذكره

‏(‏قوله ومقتضى الدليل من المواظبة عليه وجوبها‏)‏ قد تقدم في تعليل الأركان نقله عن شرح الزاهدي والمحيط والفتح وابن أمير حاج، وأنه هو الصواب

‏(‏قوله فقد أحسن لم ينهه عن الاستغفار إلخ‏)‏ أقول‏:‏ وفي عدم نهيه عنه أشار إلى أنه لو فعل لم يكره إذ لو كره لكان الأولى النهي كما نهى عن القراءة في الركوع والسجود فهذا نظير التسمية بين الفاتحة والسورة فإنها لا تسن مع أنه لو أتى لا يكره، وحيث قلنا بعدم الكراهة فينبغي بغير حالة الجماعة إذا لزم منه تطويل الصلاة وينبغي بناء على ما ذكرنا أن يندب الدعاء بالمغفرة بين السجدتين خروجا من خلاف الإمام أحمد رحمه الله لإبطاله الصلاة بتركه عامدا ولم أر من صرح بذلك، لكن صرحوا باستحباب مراعاة الخلاف وهذا منه كما لا يخفى، نعم، لو كان الدعاء المذكور منهيا عنه عندنا لا تستحب المراعاة لما يلزم عليها من الخروج عن المذهب لكن ثبوت الكراهة يحتاج إلى دليل‏.‏

‏(‏قوله وصحح صاحب البدائع‏)‏ قال الرملي لقائل أن يقول‏:‏ إن الرواية الثانية تعود إلى الرواية الأولى إذ بكونه إلى القعود أقرب، يزول الإشكال على الناظر أنه رفع فيكون في المسألة روايتان فقط، وقد اقتصر مثلا مسكين على نقل الأولى والرابعة فقط ففيه إيماء لما قلنا تأمل ا هـ‏.‏ وفي النهر‏:‏ ولا يخفى قرب الثاني من الأول

‏(‏قوله فالأولى أن يحمل على تعليم الجواز‏)‏ قد يقال‏:‏ ينافي ذلك الحمل «قوله عليه الصلاة والسلام لمالك بن الحويرث صلوا» إلخ، وفي النهر‏:‏ أقول‏:‏ لا تنافي بين ما في الهداية وما قاله الحلواني بوجه إذ المدعى طلب النهوض وتركه يوجب خلاف الأولى، وهو مرجع لا بأس به في أغلب استعماله ولا ينافيه ما في المعراج أن جلسة الاستراحة مكروهة عندنا إذ المراد بها التنزيه، وكذا قول الطحاوي لا بأس بأن يعتمد إلخ فقوله في البحر الأوجه أن يكون سنة فيكره تركه ممنوع ا هـ‏.‏ والعجب أنه قدم ذلك قريبا عند قول المتن‏:‏ أو بكور عمامته، من أن مرجع خلاف الأولى كلا بأس إلى التنزيه‏.‏

‏(‏قوله في الحكاية المشهورة عنهما‏)‏، وهو أنه اجتمع مع الأوزاعي بمكة في دار الحناطين كما حكى ابن عيينة فقال الأوزاعي ما بالكم لا ترفعون عند الركوع والرفع منه ‏؟‏ فقال لأجل أنه لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيء فقال الأوزاعي كيف لم يصح، وقد حدثني الزهري عن سالم عن أبيه‏:‏ «أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة، وعند الركوع، وعند الرفع منه» فقال أبو حنيفة حدثنا حماد عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله بن مسعود «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع إلا عند افتتاح الصلاة، ثم لا يعود لشيء من ذلك» فقال الأوزاعي أحدثك عن الزهري عن سالم عن أبيه وتقول حدثني حماد عن إبراهيم فقال أبو حنيفة كان حماد أفقه من الزهري وكان إبراهيم أفقه من سالم وعلقمة ليس بدون ابن عمر، وإن كانت لابن عمر صحبة وله فضل فالأسود له فضل كثير وعبد الله عبد الله فرجح بفقه الرواة لما رجح الأوزاعي بعلو الإسناد، وهو المذهب المنصور عندنا كذا في فتح القدير‏.‏

‏(‏قوله وعقد ثلاثة وخمسين‏)‏ قال الرملي بأن يضع الإبهام تحت المسبحة على طرف راحته وروى مسلم عن ابن الزبير كعاقد ثلاثة وعشرين قال الخطيب الشربيني في شرح المنهاج وإنما عبر الفقهاء بالأول دون الثاني تبعا لرواية ابن عمر رضي الله تعالى عنهما واعترض في المجموع قولهم كعاقد ثلاثة وخمسين فإن شرطه عند أهل الحساب أن يضع الخنصر على البنصر وليس مرادا بل هو أن يضعها على الراحة كالبنصر والوسطى وهي التي يسمونها تسعة وخمسين ولم ينطقوا بها تبعا للخبر وأجاب في الإقليد بأن عبرة وضع الخنصر على البنصر في عقد ثلاثة وخمسين هي طريقة أقباط مصر ولم يعتبر غيرهم فيها ذلك، وقال في الكفاية عدم اشتراط ذلك طريقة المتقدمين ا هـ‏.‏ وقال ابن الفركاح إن عدم الاشتراط طريقة لبعض الحساب وعليه يكون تسعة وخمسون هيئة أخرى أو تكون الهيئة الواحدة تشترك بين العددين فيحتاج إلى قرينة ا هـ‏.‏ قال الحلبي في شرح منية المصلي وصفتها أن يحلق من يده اليمنى عند الشهادة الإبهام والوسطى ويقبض البنصر والخنصر ويضع رأس إبهامه على حرف المفصل الأوسط ويرفع الأصبع عند النفي ويضعها عند الإثبات، ويكره أن يشير بكلتا مسبحتيه‏.‏

‏(‏قوله لكنه لا يتم إلخ‏)‏ قال في النهر لا يخفى أن وضع اليدين عليه يستلزمه ‏(‏وقوله ورجح في فتح القدير القول بالإشارة‏)‏ أي مع قبض الأصابع كما هو صريح عبارة الفتح وبه صرح في منية المصلي حيث قال‏:‏ فإن أشار يعقد الخنصر والبنصر ويحلق الوسطى بالإبهام ويقيم السبابة ا هـ‏.‏ فالإشارة إنما هي على كيفية خاصة عندنا وهي العقد المذكور كما هو المذكور في عامة الكتب كالبدائع والنهاية والمعراج وشروح المنية والقهستاني والنهر والظهيرية وشرح النقاية وغيرها، وأما ما نقله في الشرنبلالية عن البرهان من أنه يشير ولا يعقد فهو قول ثالث لم أر من عول عليه ولا من نقله سواه فالعمل على ما في كتب المذهب من القولين‏:‏ أحدهما،‏:‏ وهو المشهور بسط الأصابع بلا إشارة والثاني الذي رجحه المتأخرون عقد الأصابع عند الإشارة، وأما ما نقله في الدر المختار عن درر البحار وشرحه موافقا لما نقله الشرنبلالي عن البرهان فغير صحيح فإني راجعت درر البحار وشرحه المسمى غرر الأفكار فرأيت فيهما أن الفتوى على الإشارة مع العقد، وقد أوضحت هذه المسألة بنقولها المعتبرة في رسالة سميتها رفع التردد في عقد الأصابع عند التشهد فراجعها فإنها فريدة في بابها، والحمد لله رب العالمين‏.‏

‏(‏قوله دونهما‏)‏ أي دون أعلم وأتيقن‏.‏

‏(‏قوله والظاهر خلافه‏)‏ قال الرملي بل الظاهر أن الخلاف في الأولوية ومعنى قولهم التشهد واجب أي التشهد المروي على الاختلاف لا واحد بعينه وقواعدنا تقتضيه ومن صبغ يده في الفقه وعلم حقيقة اصطلاحهم رضيه، تأمل، ثم رأيت في النهر قريبا مما قلت‏:‏ فإنه قال وأقول‏:‏ عبارة بعضهم بعد سبر وجوه ترجيحات ابن مسعود رضي الله عنه فكان الأخذ به أولى، وقال الشارح في وجوه الترجيحات له إنه عليه الصلاة والسلام أمره أن يعلمه الناس فيما رواه أحمد والأمر للوجوب فلا ينزل عن الاستحباب وهذا صريح في نفي الوجوب وعليه فالكراهة السابقة تنزيهية ا هـ‏.‏ والله تعالى الموفق‏.‏ وأقول‏:‏ لو قلنا تحريمية فالمراد الزيادة والنقص على المروي بمطلقه تأمل‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏وقوله وما ذكره‏)‏ أي وظهر ضعف ما ذكره قال الرملي، وفي شرح منية المصلي والأول وهو زيادة وعلى آل محمد هو الذي عليه الأكثر، وهو الأصح‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد اختلف التصحيح كما ترى فينبغي ترجيح ما ذكره القاضي الإمام تأمل ا هـ‏.‏ وهذا ما رجحه شارح المنية الشيخ إبراهيم الحلبي في شرحه الصغير وكلامه في شرحه الكبير يدل على ترجيح ما رجحه المؤلف كما نذكره

‏(‏قوله وما في الذخيرة إلخ‏)‏ أقول‏:‏ ما في الذخيرة لا يخالف الأول لأن المراد بمقدار أداء الركن مقدار أداء أقصر ركن من أركان الصلاة وذلك قدر تسبيحة، ثم رأيت في شرح المنية قال والصحيح أن قدر زيادة الحرف ونحوه غير معتبر في جنس ما يجب به سجود السهو وإنما المعتبر مقدار ما يؤدى فيه ركن في الجهر فيما يخافت وعكسه وكما في التفكر حال الشك ونحوه على ما عرف في باب السهو، وقوله‏:‏ اللهم صل على محمد يشغل من الزمان ما يمكن أن يؤدى فيه ركن بخلاف ما دونه لأنه زمن قليل يعسر الاحتراز عنه‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله فروى الحسن عن أبي حنيفة وجوبها‏)‏ قال الرملي ورجحه ابن الهمام في شرح الهداية وعلى هذا يكره الاقتصار على التسبيح أو السكوت ا هـ‏.‏ كذا في شرح منية المصلي

‏(‏قوله كما في البدائع والذخيرة‏)‏ عبارة البدائع، وأما في الأخريين فالأفضل أن يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب، ولو سبح في كل ركعة ثلاث تسبيحات مكان فاتحة الكتاب أو سكت أجزأته صلاته ولا يكون مسيئا إن كان عامدا ولا سهو عليه إن كان ساهيا، كذا روي عن أبي يوسف عن أبي حنيفة أنه مخير بين قراءة الفاتحة والتسبيح والسكوت وهذا جواب ظاهر الرواية لما روينا عن علي وابن مسعود إلخ وعبارة الذخيرة‏:‏ وفي الأخريين هو بالخيار إن شاء قرأ، وإن شاء سبح، وإن شاء سكت، ثم قال‏:‏ وإن ترك القراءة والتسبيح لم يكن عليه حرج ولا سجدتا سهو، وإن كان ساهيا لكن القراءة أفضل هو الصحيح من الروايات كذا ذكره القدوري في شرحه ا هـ‏.‏ عبارة قاضي خان في سجود السهو‏:‏ ولو لم يقرأ شيئا من القرآن في الشفع الثاني ولم يسبح، عن أبي حنيفة أنه لا حرج عليه في العمد ولا سجود عليه في السهو وعليه الاعتماد ا هـ‏.‏ إنما نقلنا عباراتهم بنصوصها ليتضح كلام المؤلف فإنه محل اشتباه‏.‏

‏(‏قوله وفي المحيط إلخ‏)‏ حاصله‏:‏ أن السنة مطلق الذكر لكن كونه بالفاتحة أفضل فلو سبح لا يكره بخلاف ما لو سكت فصار التخيير بين القراءة والتسبيح لا بينهما وبين السكوت بل السكوت مكروه‏.‏ والحاصل أن الخيار بين الأولين فقط على ما في المحيط وبين الثلاثة على ما في غيره فيكره السكوت على الأول لا على الثاني، والثاني هو الصحيح المعتمد وعلى كل فليس تعيين القراءة هو السنة، ولكن لما كان السكوت مكروها على الأول كانت القراءة سنة بالنظر إلى السكوت بمعنى أنه لو لم يقرأ وسكت يكره لترك السنة، ولما كان غير مكروه على الثاني لم تكن القراءة سنة بل هي أفضل على الأول بالنظر إلى التسبيح فلذا اتفق الكل على أن القراءة أفضل كما سيأتي‏.‏

‏(‏قوله بدليل أنه شرعت المخافتة فيها‏)‏ أي في القراءة في الركعتين الأخريين رملي

‏(‏قوله لكن مقتضى أثر علي وابن مسعود إلخ‏)‏ الظاهر أنه استدراك على تضعيف كلام المحيط بأن مقتضى أثر علي وابن مسعود رضي الله عنهما أنه لا يكون مسيئا بترك القراءة فيهما كما قاله في المحيط وإنما اقتصر على أنه لا يكون مسيئا بالسكوت لعلم عدم الإساءة بترك القراءة بالأولى وليشير إلى مخالفته من هذا الوجه فقط لكلام المحيط، وحاصله أن صاحب البحر اختار التخيير بين الثلاثة للأثر الوارد، وهو ظاهر الرواية كما تقدم فافهم

‏(‏قوله ويحمل ما في السراج إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ لا يخفى ما بين دعوى الإباحة وأن الترك أولى من التنافي إذ المباح ما استوى طرفاه والمندوب ما ترجح فعله على تركه أقول‏:‏‏:‏ الذي يظهر من كلام البحر أن المراد بالإباحة الحل لاستدلاله بالحديث وقول فخر الإسلام أن السورة مشروعة نفلا تأمل

‏(‏قوله وأكثر ما يقع التشهد إلخ‏)‏ أوصلها في الدر المختار إلى ثمانية وسبعين بل أكثر من ذلك كما أوضحناه فيما علقناه عليه

‏(‏قوله ثم يسجد الإمام لهذا السهو‏)‏ ولا يكفيه الأول لأن سجود السهو لا يعتد به إلا إذا وقع خاتما لأفعال الصلاة فيكون الأول باطلا بعوده إلى سجود التلاوة كما يأتي

‏(‏قوله فاختار الطحاوي تكرار الوجوب‏)‏ أي على سبيل الكفاية كما في حاشية الدر المختار عن القرماني وعبارته اعلم أن تكرر وجوب الصلاة عند تكرر الذكر كما هو مذهب الطحاوي محمول على وجوب الكفاية لا وجوب العيني، وقد صرح به القرماني في شرحه على مقدمة أبي الليث لما عد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من فروض الكفاية فقال ثم إن كونها من فروض الكفاية يخرج على قول الطحاوي يعني إذا ذكر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يفترض عليهم أن يصلوا فإذا صلى عليه بعضهم يسقط عن الباقين لحصول المقصود، وهو تعظيمه وإظهار شرفه عند ذكر اسمه صلى الله تعالى عليه وسلم ا هـ‏.‏ فقد علمنا أن مراد أبي الليث بالافتراض الوجوب للعلم بأن الطحاوي لم يقل بالافتراض وإنما قال بالوجوب المصطلح كما صرح به في البحر‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله وهذا الفرق ليس بظاهر‏)‏ قال في النهر بعد نقله عن الفتح ولعل وجهه أنه وإن كان كل وقت محلا إلا أن محليته في تفريغ ذمته بالقضاء أولى منه بغيره ‏(‏وقوله ورجحه شمس الأئمة‏)‏ قال في النهر قال السرخسي، وهو المختار للفتوى وجعله في المجمع قول عامة العلماء والله الموفق‏.‏ ‏(‏تنبيه‏)‏ ينبغي أن يخص من قول الطحاوي بوجوب الصلاة كلما سمع اسمه عليه الصلاة والسلام التشهد الأول فإنه يشتمل على ذكر اسمه عليه الصلاة والسلام وتكره الصلاة في هذه الحالة تحريما على ما مر فضلا عن الوجوب ويلزم على قوله أن الصلاة في قعود التشهد الثاني واجبة ولا ينافيه ما مر من أن الواجب إلى ‏"‏ عبده ورسوله ‏"‏ لأن ذلك من حيث التشهد وهذا من حيث الصلاة ولم أر من نبه على ذلك‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد يجاب عن اللزوم بأن الوجوب مخصص بغير الذاكر لحديث‏:‏ «من ذكرت عنده» كما في درر البحار مشيرا إلى الجواب عما أورده فخر الإسلام على الطحاوي بأن الصلاة عليه صلى الله تعالى عليه وسلم لا تخلو عن ذكره فلو وجبت كلما ذكر، لم يوجد فراغ منها مدة من العمر كما نقله الشيخ إسماعيل لكن قال بعض الفضلاء إن ما في درر البحار غريب مصادم لسائر عباراتهم، ويجاب عما استدل به بأن المسكوت عنه مساو للمنطوق وهذا لأنه إذا كان المقصود التعظيم لا يفترق الحال بين الذكر منه والذكر عنده فيكون الأول ملحقا بالثاني دلالة نحو‏:‏ ‏{‏إن الذين يأكلون أموال اليتامى‏}‏ ا هـ‏.‏ والجواب عما أورده فخر الإسلام أن ذلك مخصص عقلا لأن التسلسل محال لذاته والتكليف بالمحال لذاته ممتنع عقلا إجماعا، وفي شرح الشيخ إسماعيل، وقد وافق الطحاوي في القول بالوجوب الحليمي من الشافعية واللخمي من المالكية وابن بطة من الحنابلة ذكر الفاكهي في كتابه الفجر المنير في الصلاة على البشير النذير حديث‏:‏ «البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي» ثم قال وهذا يقوي قول من يقول بالوجوب كلما ذكر، وهو الذي إليه أميل‏.‏

‏(‏قوله فالأول في العمر مرة‏)‏ قال في النهر وعلى هذا لو صلى في أول بلوغه صلاة أجزأته الصلاة في تشهده عن الفرض ووقعت فرضا ولم أر من نبه على هذا، وقد مر نظيره في الابتداء بغسل اليدين ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ نبه عليه في الذخيرة ونصه قال أبو الحسن الكرخي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على الإنسان في العمر مرة إن شاء جعلها في الصلاة أو غيرها

‏(‏قوله مع زيادة في العالمين‏)‏ أي بعد قوله كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم كما في شرح المنية لابن أمير حاج، ثم قال‏:‏ وفي نسخة من الإفصاح أي إفصاح ابن هبيرة زيادة ‏"‏ في العالمين ‏"‏ بعد ‏"‏ كما صليت ‏"‏ أيضا وهي مذكورة في بعض أحاديث هذا الباب لكن لا يحضرني الآن من رواها من الصحابة ولا من خرجها من الحفاظ ولا ثبوتها في نفس الأمر ا هـ‏.‏

‏(‏قوله والتشبيه في قوله كما صليت إلى قوله وسماه الله تعالى أبا للمسلمين‏)‏ قال الشيخ خير الدين قال التلمساني في شرح الشفاء قد اشتهر بين المتأخرين سؤال في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في قوله كما صليت على إبراهيم، وهو أن المشبه دون المشبه به فكيف تطلب صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تشبه الصلاة على إبراهيم عليه السلام فذكر في ذلك خمسة أوجه‏:‏ قيل‏:‏ إن ذلك قبل أن يعلم أنه أفضل من إبراهيم وقيل‏:‏ سأل صلاة يتخذه بها خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا وقيل‏:‏ أراد المشابهة في أصل الصلاة لا في قدرها كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏كتب عليكم الصيام كما كتب‏}‏ الآية وقيل‏:‏ على ظاهره والمراد اجعل لمحمد وآله صلاة بمقدار الصلاة لإبراهيم وآله فالمسئول مقابلة الجملة بالجملة لأن المختار من القول في الآل أنهم جميع الأنبياء فيدخل في آل إبراهيم خلائق من الأنبياء ولا يدخل في آله صلى الله عليه وسلم نبي فطلب إلحاق هذه الجملة التي فيها نبي واحد بتلك الجملة التي فيها خلائق من الأنبياء والله تعالى أعلم، وقيل‏:‏ إن التشبيه وقع على الآل لا على النبي عليه السلام فكان قوله اللهم صل على محمد مقطوعا من التشبيه وتم الكلام عنده وقوله وعلى آل محمد كلام مستأنف متصل بقوله كما صليت على آل إبراهيم ا هـ‏.‏ وفي شرح مسلم للنووي قال القاضي عياض رحمه الله أظهر الأقوال أن نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم سأل ذلك لنفسه ولأهل بيته لتتم النعمة عليهم كما أتمها على إبراهيم وآله وقيل سأل ذلك لأمته وقيل بل ليبقى ذلك له دائما إلى يوم القيامة ويجعل له به لسان صدق في الآخرين كإبراهيم عليه السلام، وفي المواهب اللدنية بعد أن أسهب في الأجوبة قال ابن القيم بعد أن زيف أكثر الأجوبة إلا تشبيه المجموع بالمجموع‏:‏ وأحسن منه أن يقال هو صلى الله عليه وسلم من آل إبراهيم، وقد ثبت ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى‏:‏ ‏{‏إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين‏}‏ قال‏:‏ محمد من آل إبراهيم فكأنه أمرنا أن نصلي على محمد وعلى آل محمد خصوصا بقدر ما صلينا عليه مع إبراهيم وآل إبراهيم عموما، فيحصل لآله ما يليق بهم ويبقى الباقي كله له وذلك القدر أزيد مما لغيره من آل إبراهيم وتظهر حينئذ فائدة التشبيه وأن المطلوب له بهذا اللفظ أفضل من المطلوب بغيره من الألفاظ ا هـ وإذا أردت المزيد من ذلك فراجع المواهب المذكورة والله أعلم‏.‏

‏(‏قوله ومحل الخلاف في الجواز وعدمه إنما هو إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ عبارة الشارح في آخر الكتاب تقتضي أن الخلاف في الكل وذلك أنه قال‏:‏ اختلفوا في الترحم على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بأن يقول اللهم ارحم محمدا قال بعضهم لا يجوز لأنه ليس فيه ما يدل على التعظيم كالصلاة، وقال بعضهم يجوز لأنه عليه الصلاة والسلام كان من أشوق العباد إلى مزيد رحمة الله تعالى واختاره السرخسي لوروده في الأثر ولا عتب على من اتبع، وقال أبو جعفر وأنا أقول‏:‏ ارحم محمدا للتوارث في بلاد المسلمين، واستدل بعضهم على ذلك بتفسيرهم الصلاة بالرحمة واللفظان إذا استويا في الدلالة صح قيام أحدهما مقام الآخر ولذا أقر عليه الصلاة والسلام الأعرابي على قوله اللهم ارحمني ومحمدا‏.‏

‏(‏قوله وقد صرح القرافي بتحريمته إلخ‏)‏ قال في النهر ونقله الإسنوي أيضا عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام شيخ القرافي وأقرهما عليه، ورده ابن أمير حاج ا هـ‏.‏ وقوله، ورده ابن أمير حاج غير صحيح لما سيأتي

‏(‏قوله ورده في شرح منية المصلي‏)‏ أي للعلامة محمد بن أمير حاج قال المداري في حواشي الدر المختار‏:‏ الحق في هذه المسألة ما ذكره ابن أمير حاج بعد كلام طويل حيث قال‏:‏ ثم يتلخص من هذه الجملة أن المدار في جواز الدعاء المذكور جواز التخصيص لما دل عليه اللفظ بوضعه اللغوي من العموم في نصوص الوعيد ولا بدع في ذلك، فإن قيل‏:‏ فيقال مثله في الوعد، قلنا‏:‏ لا ضير في التزامه لعدم الموجب للفرق بينهما في ذلك وانتفاء المانع من القول به فإنه كما دخل التخصيص في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره‏}‏ بمن عفي عنه تفضلا أو لغير ذلك فلم ير شرا مع عمله له فكذا دخل في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره‏}‏ بمن حبط عمله برده فلم ير خيرا مع عمله له، وحاشا الله تعالى أن يراد بجواز الخلف في الوعيد أن لا يقع عذاب من أراد الله تعالى الإخبار بعذابه فإنه محال على الله تعالى قطعا كما أن عدم وقوع نعيم من أراد الله تعالى الإخبار عنه بالنعيم محال عليه قطعا، وكيف لا وقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏ومن أصدق من الله قيلا‏}‏ ‏{‏ومن أصدق من الله حديثا‏}‏ ‏{‏وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا‏}‏ ‏{‏لا مبدل لكلماته‏}‏ وحينئذ فليحمل قول ابن نباتة الحمد لله الذي إذا وعد وفى وإذا أوعد تجاوز وعفا، على أن المراد بالوعيد صورة العموم وبالوعد من أريد بالخطاب، ثم حيث كان المراد هذا فالأوجه ترك إطلاق جواز الخلف في الوعد والوعيد دفعا لإيهام أن يكون المراد منه هذا المحال وإنما وافقناهم على الإطلاق لشهرة المسألة بينهم بهذه الترجمة ونستغفر الله العظيم من كل ما ليس فيه رضاه هذا كلامه‏.‏ إذا عرفت هذا فما في الشرح أي الدر المختار من أنه لا يحرم الدعاء بالمغفرة لكل المؤمنين كل ذنوبهم تبعا للبحر غير صحيح ولا يجوز اعتقاده ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وما نقله هنا عن ابن أمير حاج قد رأيته ملخصا في شرحه على التحرير الأصولي لشيخه المحقق ابن الهمام في أول الفصل الثالث

‏(‏قوله ليس بحتم عندنا إلخ‏)‏ أقول‏:‏ ظاهر صدر الكلام أن ذلك جائز شرعا وظاهر قوله آخرا، وإن لم يكن واقعا أنه جائز عقلا لا شرعا، فإن كان المراد الثاني فكيف يجوز ما خالف الشرع ‏؟‏ وإن كان الأول فهو مشكل جدا إذ نقل غير واحد إجماع أهل السنة والجماعة على أنه لا بد من نفوذ الوعيد في بعض العصاة من الموحدين، وهو مما يجب اعتقاده، ولكن وقع التردد في أنه هل مما يجب اعتقاده أن كل نوع من الكبائر لا بد من عقاب طائفة من مرتكبيه أو يكفي في أداء الواجب أن يعتقد أن نوع الكبائر يعذب طائفة من مرتكبيها من غير نظر إلى عموم أنواعها ولا خصوص بعضها، فيه تردد كما ذكره الأبي وعبارته على ما في الشرح الكبير للبرهان إبراهيم اللقاني على جوهرته انعقد الإجماع على أنه لا بد من نفوذ الوعيد في طائفة من العصاة لأن الله تعالى توعدهم وكلامه تعالى صدق فلا بد من وقوعه، ثم يبقى النظر هل المراد طائفة من جميع العصاة أو طائفة من كل صنف منهم، وهذا هو الظاهر لأن الله تعالى توعد كل صنف على حدته، وهو ظاهر كلام القاضي هنا انتهت، ثم نقل اللقاني الإجماع عن النووي أيضا‏.‏

‏(‏قوله أن تكون الثانية أخفض من الأولى‏)‏ قال في المنية ومن المشايخ من قال يخفض الثانية قال الحلبي وكان مراده أنه يخفيها ولا يجهر بها أصلا لما قلنا من عدم الاحتياج إلى الجهر أي لأن المقصود بالجهر الإعلام، وقد حصل بالأولى، وهذا بخلاف القول الأول لأن ظاهره أنه يجهر بها دون الجهر بالأولى والأصح القول الأول لأن الأولى وإن دلت على تعقيب الثانية إياها إلا أن المقتدين ينتظرون الإمام فيها ولا يعلمون أنه يأتي بها أو يسجد قبلها لسهو حصل له

‏(‏قوله ولا شيء عليه، ولو سلم عن يمينه‏)‏ كذا في النسخ، وفي بعضها زيادة وهي، ولو سلم تلقاء وجهه فإنه يسلم عن يساره، ولو سلم إلخ

‏(‏قوله أو يخرج من المسجد‏)‏ قال في النهر‏:‏ والصحيح أنه إن استدبر القبلة لا يأتي به كذا في القنية

‏(‏قوله لا يكون داخلا‏)‏ أي لو اقتدى به إنسان بعد قوله‏:‏ السلام قبل أن يقول عليكم لا يصير داخلا في صلاته لأنه اقتداء بغير مصل

‏(‏قوله فما في الخلاصة من أن الصحيح إلخ‏)‏ قال في النهر يمكن تخريج ما في الخلاصة على الراجح ولفظه‏:‏ وينوي من كان معه في المسجد هو الصحيح فعلى هذا لا ينوي النساء في زماننا‏.‏ ا هـ‏.‏ إذ المعنى من معه في الصلاة كائنا في المسجد بدليل ما بعده وهذا أولى من الجزم بضعفه

‏(‏قوله وخرج بذكر القوم النساء‏)‏ بناء على أن القوم مختص بالرجال لغة، وهو ظاهر قوله تعالى‏:‏ ‏{‏يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم‏}‏ الآية وقول الشاعر‏:‏

أقوم آل حصن أم نساء ***

‏(‏قوله وفي غاية البيان أن هذا شيء إلخ‏)‏ عبارته وعن صدر الإسلام هذا شيء تركه جميع الناس لأنه قلما ينوي أحد شيئا وهذا حق لأن النية في السلام صارت كالشريعة المنسوخة ولهذا لو سألت ألوف ألوف من الناس إيش نويت بسلامك ‏؟‏ لا يكاد يجيب أحد منهم بما فيه طائل إلا الفقهاء، وفيهم نظر انتهت

‏(‏قوله يعم الإمام والمأموم‏)‏ قال في النهر هذا سهو إذ قوله حينئذ والإمام تكرار محض

‏(‏قوله فدل ما ذكر هنا إلخ‏)‏ أي في الجامع الصغير الذي هو بعد الأصل تصنيفا

‏(‏قوله ويدل عليه إلخ‏)‏ أقول‏:‏ لكن الفرق بين هذا وبين ما مر عن المحيط أن الأول قسم البشر إلى قسمين‏:‏ خواص وهم الأنبياء، وعوام وهم من سواهم من المؤمنين، وكذا الملائكة، والثاني قسمهم إلى ثلاثة أقسام‏:‏ خواص وهم الأنبياء، وأوساط وهم الصحابة والتابعون والشهداء والصالحون، وعوام وهم من سواهم من المؤمنين، وجعل الملائكة قسمين، ثم إن الأول جعل عوام البشر الذين من جملتهم الأوساط على الثاني أفضل ممن عدا خواص الملائكة، والثاني جعل أوساط البشر أفضل من بقية الملائكة، وكذا عوام البشر أفضل من بقية الملائكة عند الإمام فقد اتفقت العبارتان على أن خواص البشر أفضل من خواص الملائكة وأن أوساط البشر أفضل من بقية الملائكة وهذا بالإجماع كما صرحت به عبارة الروضة‏.‏ بقي الكلام فيمن عدا الأوساط من البشر فعند الإمام هم كالأوساط أفضل من بقية الملائكة وظاهر كلام الروضة اختياره فيحمل عليه كلام المحيط بأن يراد بالعوام ما يشمل الأوساط ومن دونهم لقول قاضي خان عما في المحيط أنه المذهب المرضي ليتوارد الاختياران على شيء واحد‏.‏ إذا علمت ذلك ظهر لك أن ما في الدر المختار عن مجمع الأنهر من أن خواص البشر وأوساطه أفضل من خواص الملك وأوساطه عند أكثر المشايخ غير مخالف لما مر كما زعمه بعضهم إلا أن قوله عند أكثر المشايخ مشعر بالخلاف وكلام الروضة يفيد الإجماع والظاهر أنه لم يذكر من عدا أوساط البشر لما فيه من الخلاف بين الإمام وصاحبيه، وقد علمت ما هو المعول عليه‏.‏

‏(‏قوله والثاني‏)‏ أي التعليل الثاني لتسميتهم حفظة

‏(‏قوله ثم قالوا إن كاتب السيئات يفارقه إلخ‏)‏ قال ابن أمير حاج قد قيل‏:‏ إن الملائكة يتجنبون الإنسان عند غائطه، وعند جماعه قلت‏:‏ ويحتاج الجزم بهذا إلى وجود سمعي ثابت يفيده، ولو ثبت ما ذكره الفقيه أبو الليث أنه روي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كان إذا أراد الدخول في الخلاء يبسط رداءه ويقول أيها الملكان الحافظان علي اجلسا هاهنا فإني قد عاهدت الله تعالى أن لا أتكلم في الخلاء لكان فيه رد لهذا لكن ذكر شيخنا الحافظ أنه ضعيف ا هـ كلامه‏.‏ وممن صرح بأن المفارق في هذه الحالة الملكان معا اللقاني في شرحه الكبير على الجوهرة وزاد أنهما يكتبان ما حصل منه بعد فراغه بعلامة يجعلها الله تعالى لهما ولكنه لم يستند في ذلك إلى دليل فليراجع ما دليل المفارقة ومن أين أخذ صاحب البحر تخصيصها بكاتب السيئات كذا في حواشي الدر المختار للمداري‏.‏

‏(‏قوله زاد القرطبي في الصلاة إلخ‏)‏ يؤيده قوله صلى الله تعالى عليه وسلم‏:‏ «إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه فإنما يناجي الله ما دام في مصلاه ولا عن يمينه فإن عن يمينه ملكا وليبصق عن يساره» كذا ذكره القرطبي قال ابن أمير حاج والحديث بهذا اللفظ في صحيح البخاري، وفي دلالته على المطلوب نظر بل الأشبه أن المراد بالملك الذي عن يمينه قرينه من الملائكة المشار إليه في صحيح مسلم بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم‏:‏ «ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة، قالوا‏:‏ وإياك يا رسول الله ‏؟‏ قال‏:‏ وإياي» الحديث ويؤيده ما روى الطبراني في الكبير عن أبي أمامة‏:‏ «إذا قام أحدكم في مصلاه فإنما يقوم بين يدي الله تعالى مستقبل ربه وملكه عن يمينه وقرينه عن يساره والبزاق عن يساره إنما يقع على الشيطان» ولم يزد النووي في شرح مسلم على أنه إنما نهى عن البزاق عن اليمين تشريفا لها‏.‏ ا هـ‏.‏ وأما أنه ليس في الصلاة ما يكتبه ملك السيئات ففيه نظر أيضا لأنه قد يقع منه فيها ما يكون سيئة على أنه إن كانت العلة لملازمة الملك له تلبسه بما هو مظنة لوجود ما يكتبه ولمفارقته تلبسه بما هو مظنة لعدم ذلك ينبغي أيضا أن يكون ملك السيئات مفارقا له في حال تلاوة القرآن والذكر ونحوه، وأن يكون الملكان مفارقين له في حالة النوم ونحوه، وهو بعيد، فليتأمل ا هـ‏.‏ كلامه‏.‏ كذا في حواشي الدر المختار للمداري

‏(‏قوله والمتنفل بالليل مخير بين الجهر والإخفاء إن كان منفردا إلخ‏)‏ قال في النهر بعد تقييد كلام المصنف بذلك‏:‏ ولم أر من عرج على هذا من شراح هذا الكتاب وأعتذر عن المصنف بأنه استغنى عن التقييد لكون الكلام فيه ا هـ‏.‏ وهذا عجيب إذ هو مذكور هنا تبعا للشارح هذا، وفي السراج بعد ذكره التخيير اعتبارا بالفرض قال‏:‏ والجهر أفضل، وعزاه إلى المبسوط

‏(‏قوله ينبغي أن يجب بتركها السجود‏)‏ قال الشيخ إسماعيل أقول‏:‏ وجوب سجود السهو على المنفرد إذا جهر فيما يخافت فيه رواية عن أبي حنيفة ذكرت في الذخيرة وغيرها، وفي البرجندي معزيا إلى الظهيرية‏:‏ وروى أبو سليمان أن المنفرد إذا ظن أنه إمام فجهر كما يجهر الإمام يلزمه سجود السهو‏:‏ ويلائمه ما في المحيط إذا جهر المنفرد في صلاة المخافتة كان مسيئا، وفي صلاة الجهر يتخير كذا في عامة الروايات، والذي جزم الحلواني بأنه ظاهر الجواب أنه لا سهو على المنفرد، وفي الخلاصة لا سهو على المنفرد إذا خافت فيما يجهر به وبالعكس وسيأتي مفصلا في بابه ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ في التتارخانية عن المحيط والذخيرة كما سنذكره في بابه إن شاء الله تعالى‏.‏

‏(‏قوله والظاهر من المذهب الوجوب‏)‏ فيه نظر فإن ما في العناية مصرح به في شروح الهداية وغيرها أيضا كالنهاية والكفاية والمعراج وفي الهداية في باب سجود السهو‏:‏ وهذا في حق الإمام دون المنفرد لأن الجهر والمخافتة من خصائص الجماعة، قال الشراح‏:‏ إن ما ذكره جواب ظاهر الرواية، وأما جواب رواية النوادر فإنه يجب عليه سجدة السهو، وفي التتارخانية عن المحيط‏:‏ وأما المنفرد فلا سهو عليه إذا خافت فيما يجهر لأن الجهر غير واجب عليه، وكذا إذا جهر فيما يخافت لأنه لم يترك واجبا لأن المخافتة إنما وجبت لنفي المغالطة، وفي الذخيرة‏:‏ المنفرد إذا جهر فيما يخافت عليه السهو، وفي ظاهر الرواية لا سهو عليه سيأتي لهذا مزيد في سجود السهو، والذي مال إليه في النهر والفتح وشرح المنية والمنح‏:‏ عدم الفرق بين الإمام والمنفرد في وجوب المخافتة

‏(‏قوله كما هو حكم الإمام‏)‏ التشبيه في أصل الجهر وإلا فالإمام واجب عليه الجهر كما مر لا مخير

‏(‏قوله إلى أن أدنى الجهر أن يسمع نفسه إلخ‏)‏ أقحم لفظ أدنى في الموضعين تبعا للهداية وغيرها، وهو يقتضي أن أعلى الجهر أن يسمع غيره وأعلى المخافتة أن يسمع نفسه والثاني مشكل لاقتضائه أن يكون إسماع نفسه جهرا ومخافتة مع أنهما متقابلان ولم يذكر ذلك في القول الثاني، وقد ذكر في بعض الكتب، وهو مشكل أيضا لأنه إذا قيل أدنى الجهر أن يسمع غيره يلزمه أن يراد بالغير الواحد ليكون أعلى الجهر إسماع الكثير ويلزم على هذا إذا قيل أدنى المخافتة أن يسمع نفسه أن يكون أعلاها أن يسمع غيره كما قاله بعضهم فيكون إسماع الغير جهرا أو مخافتة، وفيه نظر بل يلزم أن يكون أعلاها تصحيح الحروف مع أنه قول الكرخي ولعله لهذا والله تعالى أعلم لم يذكر ذلك صاحب الهداية في القول الثاني لكن في القهستاني أن في قوله وأدنى المخافتة إسماع نفسه إشعارا بأن أعلى المخافتة تصحيح الحروف فقط وهذا قول الكرخي وأبي بكر الأعمش وروي عن محمد وأبي الحسن الثوري وأبي نصر بن سلام فزاد أدنى إشارة إلى أن قول هؤلاء الأئمة غير ساقط عن حيز الاعتبار أصلا ا هـ فليتأمل‏.‏ وقد يجاب عن الأول بأن أعلى المخافتة ليس أن يسمع نفسه بل أن يقرأ في قلبه بلا تحريك لسان، وهو الظاهر ويؤيده ما في شرح الشيخ إسماعيل عن شرح الطحاوي‏:‏ ولو قرأ بقلبه ولم يحرك لسانه فإنه لا يجوز، ولو حرك لسانه بالحروف أجزأه، وإن كان لا يسمع منه ا هـ‏.‏

‏(‏قوله والجهر أن يسمع الكل‏)‏ قال في النهر هذا مشكل وجعله في المعراج قول الفضلي وكأنه اختيار له ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ ذكر في المعراج الفضلي مع الهندواني وسيأتي عن المجتبى أنه لا يجزئ عند الهندواني ما لم تسمع أذناه ومن بقربه، وعلى هذا فالمراد بقول الخلاصة بحيث سمع رجل أو رجلان ممن بقربه وبقولها الجهر أن يسمع الكل أي من ليس بقربه وليس المراد كل فرد لأنه قد يكون متعذرا أو متعسرا فظهر أن ما في الخلاصة لا إشكال فيه بل هو جار على قول الهندواني والفضلي واندفع ما قيل إنه قول آخر غير الثلاثة الآتية، تدبر‏.‏

‏(‏قوله إن في المسألة ثلاثة أقوال‏)‏ أقول‏:‏ وبه صرح في النهاية ومعراج الدراية، ولكن قد يقال يتعين ما قاله الكمال لأنه قد يحصل مانع من إسماع نفسه فيلزم أن لا يكون مخافتة إلا برفع صوته جدا، وهو بعيد على أنه قد يكون أصم فيقال عليه ما حقيقة المخافتة في حقه ويدل على هذا أنه اشترط في الجهر إسماع غيره وكيف يسوغ القول بأنه على ظاهره حتى لو كان إماما وكان ثم مانع من سماع صوته أو كان من اقتدى به أصم هل يقال إنه ترك الجهر الواجب وصلاته ناقصة، والذي يغلب على الظن أنه لا يقول به أحد، ثم رأيت العلامة خير الدين الرملي بحث في فتاويه بنحو ما قلته ولله تعالى الحمد وذلك حيث قال بعد نقله كلام البحر‏:‏ هذا ودعوى خلاف الظاهر لما قاله الكمال بعيد إذ أغلب الشراح لم ينقلوا في المسألة قولا ثالثا بل اقتصروا على ذكر الكرخي والهندواني مع ظهور وجه ما قاله الكمال وكونه وسطا إذ يبعد اشتراط حقيقة السماع مع العلم بأنه يختلف باختلاف آلته وربما تخلف مع حقيقة الجهر ولا بد من إرادته تقليلا للأقوال بل إن ادعى وجوب المصير إليه فهو متجه، بدليل أن من به صمم لا يسمع نفسه إلا باستعمال ما هو جهر في حق غيره، وقد لا يتهيأ معه له ذلك مع ما فيه من الرفق وعدم الحرج فإنه مع التعويل على قول الهندواني وعدم اعتبار ما سواه من الأقوال لو أخذ فيه هذا الشرط لزم عدم صحة أكثر الصلوات من كل خاص وعام فتبين صحة ما استظهره الكمال بن الهمام، والمحل محتمل لزيادة البحث ولكن الاقتصار على ما ذكرنا أولى لأن الأسماع تضرب عما فيه إطالة، وإن تعلق بمبحث السماع‏.‏ والحاصل أن يقال في المسألة قولان‏:‏ قول للكرخي وقول للهندواني والاعتماد على قول الهندواني والله تعالى أعلم‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله في بعض التصرفات يشترط إلخ‏)‏ حرر في الشرنبلالية عن الكافي والمحيط أنه ضعيف، وأن الصحيح قول الشيخين أعني الهندواني والفضلي

‏(‏قوله فلو قضاها في الأخريين تترتب الفاتحة على السورة‏)‏ إذ التقدير أنه قرأ السورة، ثم يقضي الفاتحة في الشفع الثاني، والذي وقع في الشفع الثاني بعد الذي وقع في الشفع الأول فتكون الفاتحة بعد السورة وهذا خلاف الموضوع قال في العناية ونوقض بترتب الفاتحة التي في الشفع الثاني على السورة التي في الركعة الثانية من الشفع الأول فإنه تترتب الفاتحة على السورة، وهو مشروع لا محالة، وأجيب بأن ذلك على وجه الدعاء وليس الكلام فيه، وإنما الكلام في قراءة الفاتحة على وجه قراءة القرآن

‏(‏قوله أما من الفقهاء فلا يدل على الوجوب إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ لا يخفى أن أمر المجتهد ناشئ من أمر الشارع فكذا إخباره، نعم، قال في الحواشي السعدية‏:‏ إنما يكون دليلا إذا كان مستعملا في الأمر الإيجابي، وهو ممنوع وأقول‏:‏ لم لا يجوز أن يكون المراد الاستحباب وتكون القرينة عليه ما في الأصل كما أريد بما مر من قوله افترش رجله اليسرى ووضع يديه على فخذيه وأمثال ذلك

‏(‏قوله وهي خمسة أحرف‏)‏ أي خمسة صورة ولفظا وإلا فهي ستة لأن أصل يلد يولد قال في النهر، ثم قيل‏:‏ إن آي الإخلاص أربع وقيل‏:‏ خمس فيجوز أن يكون ما في الحواشي بناء على الأول

‏(‏قوله وفيه نظر إلخ‏)‏ قد يجاب بأن المراد‏:‏ المطلق في باب الأمر والنهي ينصرف إلى الأدنى بمعنى أن العبد يخرج عن عهدة التكليف به لأنه المتحقق، وأما الأعلى الكامل فيحتاج إلى دليل خاص ولذا اكتفى في الأمر بالسجود والركوع بما يتحقق فيه أصلهما دون توقف على الكامل منهما وإلا كانت الطمأنينة فرضا لا واجبة تأمل، وما سيأتي من أنه لو قرأ آية طويلة في ركعتين يجوز عند عامة المشايخ وصححه في المنية، يفيد أرجحية رواية القدوري وتعليل الزيلعي لها وجوابنا عن النظر المذكور

‏(‏قوله وهو أن الحقيقة المستعملة أولى إلخ‏)‏ معناه أن كونه غير قارئ مجاز متعارف وكونه قارئا بذلك حقيقة مستعملة فإنه لو قيل هذا قارئ لم يخطئ المتكلم نظرا إلى الحقيقة اللغوية قال في الفتح‏:‏ وفيه نظر فإنه منع ما دون الآية بناء على عدم كونه قارئا عرفا، وأجاز الآية القصيرة لأنها ليست في معناه أي في أنه لا يعد به قارئا بل يعد بها قارئا عرفا فالحق أنه يبتني على الخلاف في قيام العرف في عده قارئا بالقصيرة قالا‏:‏ لا يعد، وهو يمنع‏.‏ نعم ذلك مبناه على رواية ما يتناوله اسم القرآن

‏(‏قوله وفي المضمرات إلخ‏)‏ قال في النهر بعد نقله عبارة المضمرات وأما المسنون سفرا أو حضرا فسيأتي والمكروه نقص شيء من الواجب قال في الفتح‏:‏ وحيث كانت هذه الأقسام ثابتة في نفس الأمر فما قيل لو قرأ البقرة ونحوها وقع الكل فرضا كإطالة الركوع والسجود مشكل إذ لو كان كذلك لم يتحقق قدر القراءة إلا فرضا فأين باقي الأقسام ا هـ‏.‏ وجوابه أن هذه الأقسام بالنظر إلى ما قبل الإيقاع ا هـ‏.‏

‏(‏قول المصنف الفاتحة وأي سورة شاء‏)‏ قال في النهر لو قال بعد الفاتحة أي سورة شاء لكان أولى إذ كلامه بظاهره يفيد أن قراءة الفاتحة سنة وليس بالواقع ا هـ‏.‏ والجواب‏:‏ أن المراد أن قراءة ما ذكره هي السنة ولا ينافي ذلك أن يكون بعض المقروء واجبا إذ الشيء مع غيره غيره في نفسه، ألا ترى إلى عدهم التثليث في الغسل والوضوء من السنن مع أن أصل الغسل فرض

‏(‏قوله فليس له أصل يعتمد عليه إلخ‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ القراءة في المفصل سنة والمقدار الخاص منه أخرى، وقد أمكن مراعاة الأولى فأي مانع من الإتيان بها، وهكذا ينبغي أن يفهم قول الهداية لإمكان مراعاة السنة مع التخفيف ويدل على ذلك قول شراحها كالنهاية وغيرها، فإن قلت‏:‏ إذا كان في أمنة وقرار كان هو والمقيم سواء في أنه لا مشقة عليه في مراعاة سنية القراءة بالتطويل والمقيم يقرأ في الفجر بأربعين إلى ستين ‏؟‏ قلت‏:‏ قيام السفر أوجب التخفيف والحكم يدور مع العلة لا مع الحكم، ألا ترى أنه يجوز له الفطر وإن كان في أمنة وقرار ‏؟‏ وبهذا علم أن ذكر نحو سورة البروج والانشقاق ليس لعدد آياتهما بل لأنهما من طوال المفصل فاندفع به قول أن التحديد بسورة البروج لا دليل عليه ودعوى أن السنة لا تثبت إلا بالمواظبة إن أريد مطلقها منعناه أو المؤكدة فبعد تسليمه ليس مما الكلام فيه وإقرار شراح الهداية على ما فيها وجزم الشارح به وغيره دليل على تقييد ذلك الإطلاق ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ قوله القراءة من المفصل سنة إن أراد مطلق المفصل فممنوع لأن الكلام في الفجر والسنة فيه طوال المفصل، وإن أراد الطوال منه، وهو الظاهر ويدل عليه قوله آخرا بل لأنهما من طوال المفصل يرد عليه أن البروج من الأوساط كما سيأتي عن الكافي فالظاهر ما في شرح المنية للحلبي من حمله التخفيف على أن الوسط في الحضر يجعل طويلا في السفر ولكن تعبيره بالوسط والطويل محتمل لمعنيين‏:‏ الأول أن المراد الوسط من المفصل يجعل كالطوال منه كما حمله عليه في الشرنبلالية وتكلف إلى الجواب عن الانشقاق المذكورة في الهداية فإنها من الطوال فحمله على ما قيل إنها من الأوساط‏.‏ الثاني‏:‏ أن المراد من الأوسط من حيث المقدار يجعل طويلا للتخفيف، وهو الأظهر وعلى هذا فمعنى قول الهداية لإمكان مراعاة السنة مع التخفيف أن نحو البروج وانشقت فيه مراعاة السنة في المقدار في الجملة لأنهما أكثر من أربعين آية مع التخفيف عن طلب ستين آية فأكثر

‏(‏قوله والذي عليه أصحابنا أنه من الحجرات إلخ‏)‏ قال في الفتح اختلف في أول المفصل فقيل سورة القتال، وقال الحلواني وغيره من أصحابنا الحجرات فهو السبع الأخير وقيل من ‏"‏ ق ‏"‏ وحكى القاضي عياض أنه الجاثية، وهو غريب فالطوال من أوله على الخلاف إلى البروج والأوساط منها إلى لم يكن والقصار الباقي، وقيل الطوال من أوله إلى عبس والأوساط منها إلى والضحى والباقي القصار ا هـ‏.‏ وقيل غيرها قال الرملي ونظم ابن أبي شريف الأقوال في المفصل في بيتين فقال مفصل قرآن بأوله أتى خلاف فصافات وقاف وسبح وجاثية ملك وصف قتالها وفتح ضحى حجراتها ذا المصحح زاد السيوطي في الإتقان قولين فأوصلها إلى اثني عشر قولا‏:‏ الرحمن قال حكاه ابن السيد في أماليه على الموطإ والإنسان ا هـ‏.‏ ‏(‏تنبيه‏)‏ الغاية ليست مما قبلها فالبروج من الأوساط لا الطوال لما قال في الكافي، وفي العصر والعشاء يقرأ في الركعتين بأوساط المفصل لأنه عليه الصلاة والسلام‏:‏ «قرأ في العصر في الأولى البروج، وفي الثانية سورة الطارق» ا هـ‏.‏ كذا في الشرنبلالية أقول‏:‏ وهو مخالف لما في النهر حيث قال ولا يخفى دخول الغاية في المغيا هنا ا هـ‏.‏ ونقل مثله الشيخ إسماعيل عن البرجندي، ثم قال والذي يظهر خروجها فيما عدا الآخر لما صرح به الزيلعي من أن آخر المفصل قل أعوذ برب الناس بلا خلاف ويمكن إرجاع كلام النهر والبرجندي إليه، وإن احتملت الإشارة بهنا إلى جميع حدود المفصل ولا محذور في التوزيع بهذا الطريق إذا أوصل إلى التوفيق فليتأمل‏.‏ ا هـ‏.‏ وقد حمل الرملي كلام النهر على ذلك أيضا‏.‏ أقول‏:‏ لكن كلام النهر فيما مر صريح في أنها من الطوال، وهو ظاهر كلام الهداية أيضا على ما قرره في عبارتها حيث رد على أخيه

‏(‏قوله ولم يذكر المصنف عدد الآيات التي تقرأ في كل صلاة إلخ‏)‏ لم يبين أن العدد المذكور هل هو سنة أو مستحب وتقدم عن النهر أن القراءة من المفصل سنة ومقدار الخاص سنة أخرى لكن في السراج عن المحيط ما يدل على أن المقدار المذكور مستحب فإنه ذكر أن القراءة في الصلاة على خمسة أوجه‏:‏ فرض وواجب وسنة ومستحب ومكروه‏.‏ والفرض آية، الواجب الفاتحة وسورة، والمسنون طوال المفصل في الفجر و الظهر وأوساطه في العصر والعشاء وقصاره في المغرب، والمستحب أن يقرأ في الفجر إذا كان مقيما في الركعة الأولى قدر ثلاثين آية أو أربعين سوى الفاتحة، وفي الثانية قدر عشرين إلى ثلاثين سوى الفاتحة، والمكروه أن يقرأ الفاتحة وحدها أو الفاتحة ومعها آية أو آيتان‏.‏

‏(‏قوله وقيل ينظر إلخ‏)‏ أي فيقرأ في الشتاء مائة، وفي الصيف أربعين، وفي الخريف والربيع خمسين إلى ستين كذا في الفتح

‏(‏قوله بخلاف القول الأول إلخ‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ يجوز أن يراد بالكسالى الضعفاء ولا ينكر أنه عليه الصلاة والسلام كان في أصحابه في بعض الأحيان الضعفاء فجاز أنه كان يراعي حالهم إذا صلوا معه

‏(‏قوله واختار في البدائع إلخ‏)‏ قال الرملي وعمل الناس اليوم على ما اختاره في البدائع‏.‏

‏(‏قوله بيان للسنة‏)‏ وأما ما ذكره البهنسي في شرح الملتقى من أن ذلك واجب فغريب ولذا قال تلميذه الباقاني في شرحه، وفي الكافي وغيره من كتب المذهب أن إطالة الركعة الأولى على الثانية مسنونة ولم أر في الكتب المشهورة في المذهب من قال بالوجوب فليراجع ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ بل نقل الحلبي في شرح المنية الإجماع على سنيتها‏.‏

‏(‏قوله واختار في الخلاصة قدر النصف‏)‏ اعترضه بعض الفضلاء بما حاصله‏:‏ أن كلام الخلاصة لا يفيد ذلك وأنه لا فرق بينه وبين كلام الكافي إذ لو قرأ في الأولى ستين، وفي الثانية ثلاثين كان التفاوت بقدر الثلث والثلثين، ولو فرضنا أنه صرح في الخلاصة بقدر النصف لم يناف ذلك أيضا لأن ما في الثانية نصف ما في الأولى فليس قولا آخر مغايرا لما في الكافي كما يشعر به مقابلته له، تدبر

‏(‏قوله ولذا قال في الخلاصة إلخ‏)‏ قال الشيخ إبراهيم في شرح المنية عبارة الخلاصة هكذا‏:‏ وقال محمد يطيل الركعة الأولى على الثانية في الصلوات كلها وهذا أحب كما في الفجر ا هـ‏.‏ وهذا لا يفيد أن لفظ ‏"‏ هذا أحب ‏"‏ من كلام صاحب الخلاصة بل يحتمل أنه من تتمة قول محمد كما صرح به المصنف ا هـ‏.‏ أي صاحب المنية حيث قال‏:‏ وقال محمد‏:‏ أحب إلي أن يطيل الأولى على الثانية في الصلاة كلها

‏(‏قوله ويشكل على هذا الحكم إلخ‏)‏ قال الخير الرملي أقول‏:‏ في شرح منية المصلي للحلبي، وفي القنية إن قرأ في الأولى والعصر، وفي الثانية الهمزة يكره لأن الأولى ثلاث آيات والثانية تسع آيات وتكره الزيادة الكثيرة، وأما ما روي أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في الأولى من الجمعة سبح اسم ربك الأعلى، وفي الثانية هل أتاك حديث الغاشية فزاد الثانية على الأولى بسبع لكن السبع في السور الطوال يسير دون القصار لأن الست هنا ضعف الأصل والسبع ثمة أقل من نصفه ا هـ فعلم منه أن الإطالة المذكورة فاحشة الطول من غير نظر إلى عدد الآيات ا هـ‏.‏ كلامه في الشرح‏.‏ وأقول‏:‏ قوله لأن الست هنا أي في الهمزة ضعف الأصل أي العصر وقوله والسبع ثمة أي في هل أتى أقل من نصفه أي الأصل الذي هو سبح والله تعالى أعلم ا هـ كلام الرملي أقول‏:‏ في عبارة الشيخ إبراهيم الحلبي في شرحه الكبير زيادة ينبغي ذكرها وذلك حيث قال بعد كلام القنية وعلم منه أن الثلاث آيات إنما تكره في السور القصار لظهور الطول فيها بذلك القدر ظهورا بينا، وهو حسن إلا أنه ربما يتوهم منه أنه متى كانت الزيادة بما دون النصف لا تكره وليس كذلك، والذي ينبغي أن الزيادة إذا كانت ظاهرة ظهورا تاما تكره وإلا فلا للزوم الحرج في التحرز عن الحقيقة، ولورود مثل هذا في الحديث ولا تغفل عما تقدم أن التقدير بالآيات إنما يعتبر عند تقاربها، وأما عند تفاوتها فالمعتبر التقدير بالكلمات والحروف وإلا فألم نشرح لك ثمان آيات ولم يكن ثمان آيات ولا شك أنه لو قرأ الأولى في الأولى والثانية في الثانية أنه يكره لما قلنا من ظهور الزيادة والطول، وإن لم يكن من حيث الآي لكنه من حيث الكلم والحروف وقس على هذا ا هـ‏.‏ وبهذا المذكور من أن المعتبر التقدير بالكلمات عند التفاوت بطول الآي وقصرها اندفع الإشكال أيضا كما ذكره في الشرنبلالية قال إذ التفاوت بين السورتين من حيث الكلمات لتفاوت آياتهما في الطول والقصر من غير تقارب وتفاوتهما في الكلمات يسير

‏(‏قوله والأولى أن يجعل إلخ‏)‏ هذا مأخوذ من الفتح حيث قال‏:‏ فالحق أنه أي دليل الكراهة إيهام التعيين ا هـ‏.‏ ومقتضى جعل دليل الكراهة ذلك دون هجر الباقي أنه لا يكره التعيين للمنفرد لانتفاء الإيهام بالنسبة إليه كما سيأتي عن الفتح مع أن المؤلف لم يرض بذلك ونظر فيه بما سينقله عن غاية البيان

‏(‏قوله فما في فتح القدير مبني إلخ‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ قد علل المشايخ بهما كما قدمناه عن الهداية والظاهر أنهما علة واحدة لا علتان وبهذا اتجه ما في الفتح

‏(‏قول المصنف، وإن قرأ آية الترغيب أو الترهيب‏)‏ أي يستمع المؤتم، وإن قرأ الإمام ما ذكر قال في النهر، وكذا الإمام لا يشتغل بغير قراءة القرآن سواء أم في الفرض أو النفل أما المنفرد ففي الفرض كذلك، وفي النفل يسأل الجنة ويتعوذ من النار عند ذكرهما ويتفكر في آية المثل، وقد ذكروا فيه حديث‏:‏ «حذيفة رضي الله عنه وإنه صلى معه عليه الصلاة والسلام فما مر بآية فيها ذكر الجنة إلا سأل فيها وما مر بآية فيها ذكر النار إلا تعوذ فيها» وهذا يقتضي أن الإمام يفعل في النافلة، وهم صرحوا بالمنع إلا أنهم عللوا بالتطويل على المقتدي وعلى هذا لو أم من يطلب منه ذلك فعله يعني في التراويح والكسوف وإلا فالتجمع في النافلة مكروه وفي غيرهما

‏(‏قوله ولم يقع تخصيص لعموم المقروء إلخ‏)‏ حاصله أن في الآية صيغتي عموم علامة الجمع وما، والتخصيص حصل للأولى فيلحقها التخصيص ثانيا بخلاف الثانية

‏(‏قوله عند كثير من العلماء‏)‏ أي فيكون مبنيا على ما قالوه، وإن كان مخالفا لمذهبه من عدم جواز الجمع رعاية للاختصار والأصوب أن يقال إنه جار على مذهبنا أيضا بناء على ما اختاره صاحب الهداية وغيره من جواز الجمع بينهما في سياق النفي وما هنا كذلك ويمكن أن يكون ذلك مراد صاحب البحر‏.‏

‏(‏قوله وبهذا اندفع ما ذكره الشارح إلخ‏)‏ وذلك حيث قال وقوله في المختصر أو خطب إلخ ظاهره معطوف على قرأ من قوله‏:‏ وإن قرأ آية الترغيب والترهيب فلا يستقيم في المعنى لأنه يقتضي أن يكون الإنصات واجبا قبل الخطبة فيصير معنى الكلام‏:‏ يجب عليه الإنصات فيها، وإن قرأ آية الترغيب أو الترهيب أو خطب وأيضا يقتضي أن تكون الخطبة والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام واقعين في نفس الصلاة وليس المراد ذلك وإنما المراد أن ينصتوا إذا خطب، وإن صلى على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ا هـ‏.‏ قال في النهر وأجاب العيني بأن فاعل قرأ هو الإمام وخطب هو الخطيب، وهو في حالة الخطبة غير الإمام فيكون من عطف الجمل ولا يلزم ما ذكر، وأجاب منلا خسرو بأن المؤتم بمعنى من شأنه أن يأتم وقوله أو خطب عطف على قرأ المحذوف والمعنى لا يقرأ المؤتم إذا قرأ إمامه بل يستمع وينصت، وإن قرأ آية ترغيب أو ترهيب، ولا يقرأ المؤتم إذا خطب إمامه أو صلى على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بل يستمع وينصت، وإن قرأ آية ترغيب أو ترهيب وأنت خبير بأن ما قاله العيني إنما يتم على التجوز في المؤتم ويلزم على ما قاله خسرو التجوز في الإمام أيضا وتقييد منع المؤتم عن القراءة بما إذا خطب مع أنه ممنوع بمجرد خروجه للخطبة ا هـ كلام النهر‏.‏ وأجاب ابن كمال باشا عن اعتراض الزيلعي بأنه لما كانت الخطبة قائمة مقام ركعتي الظهر نزل من حضرها منزلة المؤتم فلا دلالة في أو صلى على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على أن تكون الخطبة والصلاة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم واقعتين في نفس الصلاة ولا اتجاه لما قيل إنه يقتضي أن يكون الإنصات واجبا قبل الخطبة لانعدام التنزيل المذكور فتدبر ا هـ‏.‏

‏(‏قوله واستثنى المصنف في الكافي إلخ‏)‏ قال في النهر إلا أن إطلاقه يقتضي عدمه قال في الفتح، وهو الأشبه ورد كلامه أنه لو كتب حالة الخطبة كره أيضا، وهو الأصح كما في السراج‏.‏ والحاصل أنه لا يأتي بما يفوت به الاستماع فلا يشمت عاطسا ولا يرد سلاما