فصل: باب سجود التلاوة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


باب سجود التلاوة

‏(‏قوله لكن لما كان إلخ‏)‏ قال الرملي ووجه آخر، وهو أن سجود التلاوة قد يكون في الصلاة، وقد يكون خارجها بخلاف صلاة المريض فإنها نفس الصلاة وأحكامها واردة على نفس الماهية فيها، وكذا سجود السهو يؤدى فيها لا خارجها تأمل

‏(‏قوله؛ لأن السماع سبب أيضا‏)‏ قال في النهر هذا مما لا حاجة إليه على رأي المصنف فقد رجح في الكافي أن السبب إنما هو التلاوة وأن السماع في حق السامع إنما هو شرط فقط نعم ذهب صاحب الهداية إلى أن السماع سبب أيضا فاعتذر عنه شراحها بما مر ا هـ‏.‏ وما في الكافي صححه في المحيط كما في التتارخانية وصححه في الظهيرية أيضا

‏(‏قوله إلا التحريمة‏)‏ قال في النهر وينبغي أن يزاد والآنية التعيين ففي القنية أنه لا يجب يعني تعيين أنها سجدة آية كذا‏.‏

‏(‏قول المصنف بأربع عشرة آية‏)‏ قال في النهر أي بسبب تلاوتها ويجوز أن تكون الباء بمعنى في أي في أربع عشرة آية، وكأنه أولى إذ مقتضى الأولى توقف الوجوب على تلاوة الأربعة عشر وقوله في البحر أي تجب إلخ مما لا دليل في كلامه عليه

‏(‏قوله لقوله عليه السلام‏:‏ «السجدة على من سمعها»‏)‏ قال في العناية اعلم أن صاحب النهاية قال جعل هذا اللفظ في سائر النسخ من المبسوطين والأسرار والمحيط وشرح الجامع الصغير من ألفاظ الصحابة لا من الحديث، وأقول‏:‏ لم يكن المصنف ممن لم يطالع الكتب المذكورة فلولا أنه ثبت عنده كونه حديثا لما نقله حديثا فإنه رحمه الله تعالى أعظم ديانة ممن يتوهم به ذلك ا هـ‏.‏

‏(‏قوله ثم هي واجبة على التراخي‏)‏ قال في العناية فمن سجد كان أداء لا قضاء وذلك عند محمد ورواية عن أبي حنيفة وعند أبي يوسف، وفي رواية عن أبي حنيفة أن وجوبها على الفور ا هـ‏.‏ ونقل في الدرر عن العناية الخلاف على العكس، وفي النهر وينبغي أن يكون محله في الإثم وعدمه حتى لو أداها بعد صلاة كان مؤديا اتفاقا لا قاضيا ا هـ‏.‏ قال الشيخ إسماعيل وفيه نظر أي لما علمت من عبارة العناية ولما سيأتي أن الصلاتية لو أخرت عن محلها إلى آخر الصلاة تكون قضاء فالظاهر أن غيرها كذلك إذ لا فارق نعم ما قاله في النهر له نظائر كالحج والزكاة

‏(‏قوله وأما المتلوة في الصلاة إلخ‏)‏ قال في الشرنبلالية يجوز أن يقال تجب الصلاتية موسعا بالنسبة لمحلها كما لو تلا في أول صلاته وسجدها في آخرها ا هـ‏.‏ ولا يخفى ما فيه؛ لأنه يلزم عليه أنه لا يأثم في هذه الصورة، وهو خلاف المنصوص عليه بل تصير قضاء ويأثم بتأخيرها كما يفيده كلام المؤلف هنا وسيصرح به عن البدائع في شرح قوله، ولم تقض الصلاتية خارجها ويجب عليه سجود السهو لو تذكرها في آخر صلاته في الأصح كما قدمناه في باب السهو، وهذا عين التضييق فكيف يكون موسعا بالنسبة للصلاة وكأنه أراد أن يفرق بين التضييق في الصلاتية والتضييق في غيرها عند آخر العمر بأنه في الأولى يمكن التدارك بالقضاء ما دام في حرمة الصلاة فكان فيه نوع توسعة بخلاف الثاني ولكن هذا القدر لا يسوغ إطلاق أن الوجوب فيها موسع فتدبر‏.‏

‏(‏قوله وقيل يجب‏)‏ قال في النهر هو بالقواعد أليق‏.‏

‏(‏قوله؛ لأنها لو كانت تحريمية‏)‏ فيه نظر لاحتمال كونه مبنيا على القول بالفورية لما علمت من الخلاف‏.‏

‏(‏قوله فأفاد أن المؤتم إلخ‏)‏ قد يقال قصد المصنف الإشارة إلى أن الإمام لا يقرؤها في السرية بل في الجهرية فجعل المؤتم سامعا؛ لأن الغالب سماع الجهر، وإن لم يكن سماعه لها شرطا

‏(‏قوله لما أن المنقول في البدائع إلخ‏)‏ قال في النهر إطلاق الكراهة في السرية مقيد بما إذا لم تكن السجدة آخر السورة كما في الخانية

‏(‏قوله وسنحققه‏)‏ قال الرملي لم يذكر فيما يأتي شيئا من التحقيق في هذه المسألة سوى قوله في شرح قوله كمن كررها في صورة ما إذا اختلف مجلس التالي دون السامع الأصح أنه لا يتكرر على السامع؛ لأن السبب في حقه السماع، ولم يتبدل مجلسه فيه

‏(‏قوله‏:‏ وفي السامع عند أبي حنيفة إلخ‏)‏ هذا الخلاف في سماع التلاوة بالفارسية وأما بالعربية فذكر في النهر أنه لا يشترط الفهم بالإجماع لكن لا يجب على الأعجمي ما لم يعلم كذا في الفتح وعبارته في الخلاصة لكن يعذر في التأخير ما لم يعلم بها

‏(‏قوله وعندهما إن كان السامع يعلم‏)‏ قال في النهر والأصح عدمه احتياطا كذا في المحيط إلا أنه في السراج حكى رجوع الإمام إلى قولهما قال‏:‏ وعليه الاعتماد

‏(‏قوله ولا على السامع منه‏)‏ في إطلاقه السامع إيهام والأحسن عبارة الزيلعي حيث قال أي لا يجب بتلاوة المقتدي عليه، ولا على من سمعه من المصلين بصلاة إمامه ا هـ‏.‏ فإنها تفيد الوجوب على غير المصلي أصلا كما سيصرح به، وعلى المصلي من إمام غير إمامه ومقتد به ومنفرد كما يفيده قول المتن الآتي، ولو سمعها المصلي من غيره سجد بعد الصلاة فقوله المصلي يشمل ما إذا كان إماما أو لا، وقوله من غيره يشمل ما إذا كان مصليا أو لا كما صرح به الشيخ إسماعيل عن البرجندي وقيد قوله مصليا بقوله يعني وليس إمامه وصرح به أيضا القهستاني والباقاني وعبارة شرح المنية، ولو تلاها المؤتم لا تجب عليه، ولا على من سمعه ممن هو معه في تلك الصلاة خلافا لمحمد وتجب على من سمعها منه ممن ليس في صلاته إجماعا لعدم الحجر بالنظر إليهم ا هـ‏.‏ ومثله في النهاية وحينئذ فما في النهر من قوله أراد بقوله من غيره من لم يكن محجورا عليه مخالف لهذه العبارات إلا أن يريد بالمحجور من كان في صلاة السامع لكن يعكر عليه تصريح الشرنبلالي في الإمداد بأنها لا تجب على الإمام والمقتدي بالسماع من مقتد بالإمام السامع أو بإمام آخر فليتأمل‏.‏

‏(‏قوله وهذا؛ لأن حكم هذه التلاوة‏)‏ تبع فيه الزيلعي واقتصر في النهر على التعليل الأول وقال‏:‏ إن ما جرى عليه تبعا للشارح ممنوع‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو أداها فيها ثم فسدت لا يعيد السجدة‏)‏ قال في النهر لكن في الخانية لو تلاها في نافلة فأفسدها وجب قضاؤها دون السجدة وهذا بالقواعد أليق؛ لأنها بالإفساد لم تخرج عن كونها صلاتية وبهذا التقرير استغنى عن قول البحر ويستثنى من فسادها ما إذا فسدت بالحيض إلا أن يحمل ما في الخانية على ما إذا كان بعد سجودها ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ كلام الخانية صريح في ذلك ونصه‏:‏ مصلي التطوع إذا قرأ آية وسجد لها ثم فسدت صلاته وجب عليه قضاؤها، ولا تلزمه إعادة تلك السجدة

‏(‏قوله لا يجوز بالإجماع‏)‏ أي بإجماع الذين شرطوا النية في نيابته عنها كذا في حاشية نوح أفندي

‏(‏قوله واختار قاضي خان إلخ‏)‏ قال في النهر فالمروي في الظاهر أنه يجوز كذا في البزازية ا هـ‏.‏ لكن في نسختي البزازية في غير الظاهر، وكذا رأيته في نسخة أخرى من البزازية ثم إن ما في الخانية لا يدل على اختياره فإنه قال روي أنه يجوز ذلك

‏(‏قوله هل المجزي عن سجدة التلاوة الركوع أو السجود‏)‏ أقول‏:‏ الظاهر أن المراد الركوع مع النية وإلا فالذي يظهر تعين أن المجزي هو السجود، يدل هل ما قلناه أنه ذكر في التتارخانية عن المحيط هذا الترديد ثم ذكر عقبه أنه لا خلاف أن الركوع لا ينوب بدون النية وذكر الخلاف في السجود تأمل، وعلى هذا فقول المؤلف؛ لأن الركوع إلخ غير ظاهر تأمل

‏(‏قوله وفي السجود اختلاف‏)‏ أي اختلاف في أجزائه بدون النية فقال محمد بن سلمة وجماعة من أئمة بلخ لا ينوب ما لم ينو وغيرهم قالوا النية ليست بشرط وأما الركوع فلا خلاف في أنه لا ينوب بدون النية هكذا ذكره الشيخ إسماعيل وغيره عن المحيط لكن قد مر عن البدائع التسوية بين الركوع والسجود في عدم الاحتياج إلى النية فهو مخالف لما هنا، وفي الخلاصة أجمعوا أن سجدة التلاوة تتأدى بسجدة الصلاة، وإن لم ينو التلاوة واختلفوا في الركوع، وقد نقل في الفتح عن البدائع الإجماع على إجزاء الصلبية بدون نية فتوافق ما في الخلاصة والبدائع على مخالفة ما في المحيط في الفصلين لكن ذكر في الفتح عبارة البدائع بطولها، وفي آخرها التصريح بوجوب النية في إيقاع الصلبية عن التلاوة فيما إذا لم تطل القراءة على ما هو أصل الصورة ثم قال فلم يصح ما تقدم من نقل الإجماع على عدم اشتراطها ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي القنية، ولو نواها في الركوع إلخ‏)‏ قال في النهر وينبغي حمله على الجهرية ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لعل وجهه والله تعالى أعلم ما يأتي عن القنية أيضا أن الركوع أولى في صلاة المخافتة وعلله في التتارخانية بقوله لئلا يلتبس الأمر على القوم فإنه يفيد أنه لا يلزم القوم نيتها في الركوع؛ لأنه لا علم لهم بتلاوته وإلا لم يحصل عليهم التباس بخلاف الجهرية قال بعض الفضلاء، فإن قلت لم لا ينوب السجود الذي بعد هذا الركوع عن السجدة التلاوية في حق المقتدي قلت؛ لأنه لما نوى الإمام الركوع تعين له فلا ينوب عن سجدة التلاوية في حق المقتدي، وإن نواه، فإن قلت من أين يعلم المقتدي أن إمامه نواه في الركوع قلت يمكن أن يخبره الإمام قبل أن يتكلم أو يخرج من المسجد فيأتي به‏.‏

‏(‏قوله بشرط اتحاد المجلس‏)‏ ذكر في النهر عن البدائع عدم الاشتراط فقال اتحد المجلس أو اختلف وكذا قال في الدرر، وإن اختلف قال الرملي ومثل ما في البحر في غاية البيان والنهاية والزيلعي وغيرها فظاهر ما في النهر نقلا عن البدائع والدرر مخالف لما في البحر وغيره والظاهر أن فيه اختلافا وينبغي ترجيح ما في البحر تأمل ا هـ‏.‏ قلت ذكر في النهر بعد ما نقلناه عنه وهذا على إطلاقه ظاهر الرواية، وفي رواية النوادر لا تكفيه الواحدة ومنشأ الخلاف هل بالصلاة يتبدل المجلس أو لا ا هـ‏.‏ أي هل يتبدل حكما أم لا يتبدل أصلا كما بسطه في غاية البيان ثم قال وأفرد هذه المسألة بالذكر مع دخولها تحت قوله كمن كررها في مجلس إلى آخر ما ذكره أخوه هنا وحينئذ فما في النهر مشكل؛ لأن تعميمه أولا ينافي ما ذكره منشأ للخلاف، وما بعده، وقد ذكر الخلاف الشارح الزيلعي ولكن بعد تعليله لكفاية الواحدة باتحاد المجلس كما علل المؤلف، ولا غبار عليه، وقد ذكر في الشرنبلالية ما يفيد الجواب حيث ذكر أن قول الدرر، وإن اختلف المجلس بناء على تسليم الوجه لرواية النوادر، وهو أن المجلس يتبدل بالصلاة حكما وإلا فعلى الظاهر فهو متحد حقيقة وحكما ويمكن حمل ما في النهر على هذا، وعليه فلا مخالفة بينه وبين ما في البحر وغيره، ولا خلاف تأمل‏.‏

‏(‏قوله ثم سلم‏)‏ قال الرملي يعني ثم سلم، ولم يسجد لها فيها فلو سجد لها فيها وأعادها في مكانه لا تلزمه أخرى كما يستفاد من إطلاق قولهم كمن كررها في مجلس، وعلى قول البعض أن التداخل فيها في الحكم لا في السبب تلزمه أخرى ا هـ‏.‏ وفيه نظر بل الكلام فيما إذا سجد لها فيها كما يرشد إليه التعليل وعبارة الزيلعي و النهر صريحة في أنه سجد لها فيها

‏(‏قوله وهذا يفيد إلخ‏)‏ الإشارة إلى قوله فلو لم يسجدها في الصلاة إلخ وقوله‏:‏ وإن لم يأت بمناف حق التعبير أن يقال‏:‏ ولم يأت بحذف إن وقوله وأن يراد بالخارج من حرمتها الظاهر عطفه بأو بدل الواو أي إن قولهم‏:‏ الصلاتية لا تقضى خارجها إما أن يقيد بهذه الصورة أي تخصيص منه هذه الصورة وإما أن يراد بخارجها خارج حرمتها

‏(‏قوله وكذلك البيت‏)‏ قال في النهر إلا إذا كان كبيرا كدار السلطان

‏(‏قوله وأما إذا كررها في ركعتين‏)‏ قال في النهر واختلف في الصلاة قال الثاني هي واحدة وقال محمد الانتقال من ركعة إلى أخرى يوجب الاختلاف؛ لأن القول بالتداخل يؤدي إلى إخلاء إحدى الركعتين عن القراءة فتفسد قلنا ليس من ضرورة الاتحاد بطلان العدد في حق حكم آخر كذا في الفتح، وهو ظاهر في ترجيح قول الثاني إلا أنه في السراج جعل قول محمد استحسانا وقيده بما إذا صلى بغير الإيماء أما به فإن لمرض فلا وإن لكونه على الدابة اختلفوا على قوله قال بعضهم يتكرر وآخرون لا، ثم قال في الفتح ما علل به لمحمد يفيد تقييد الصلاة بالنفل والوتر مطلقا، وفي الفرض بالركعة الثانية أما بعد أداء فرض القراءة فينبغي أن تكفيه واحدة إذ المانع من التداخل منتف مع وجود المقتضي وهذا البحث منقول ففي السراج لو أعادها في الثالثة أو الرابعة اختلفوا فيه على قول محمد

‏(‏قوله فالقياس أن تكفيه واحدة‏)‏ قال في الخانية وبالقياس نأخذ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله فالحاصل أن اختلاف المجلس حقيقي إلخ‏)‏، وكذا اتحاده حقيقي كالبيت ونحوه وحكمي كما لو أكل لقمتين أو مشى خطوتين كما في النهر

‏(‏قوله‏:‏ وقد يقال إن الأولى إلخ‏)‏ قال الرملي المبادرة أولى في العبادة، ولا يمنع منه قول البعض لضعفه بالنسبة إلى الظاهر تأمل ا هـ‏.‏ ومثله في شرح الشيخ إسماعيل وقال لا سيما إذا كان بعض الحاضرين محتمل الذهاب قبل التمام كما يتفق في الدروس فإنه ربما لا يأتي بها، وقد يتوهم لعدم سجود المعلم عدم الوجوب والاحتياط العمل بأقوى الدليل فالأولى أن يبادر

‏(‏قوله فعلى من تلاها مرتين سجدة واحدة إلخ‏)‏ قال الرملي أي غير السجدة الصلاتية إذ لا كلام في وجوبها وقوله‏:‏ وعلى صاحبه سجدتان أي خارج الصلاة كذلك فيكون عليه ثلاث سجدات وهذه رواية النوادر وكلام هذا الشارح يدل على أنه فهم من كلام القنية أنه لا يجب على الأول سجدة خارجية فقط، وليس كذلك ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وهذا الحمل يرشد إليه تعبير قاضي خان حيث فصل بين ما يجب في الصلاة، وما يجب خارجها وقد اختار خلاف ما في القنية فإنه قال‏:‏ وفي ظاهر الرواية لا تلزمه بقراءة صاحبه إلا سجدة واحدة، وعليه الاعتماد؛ لأنا إن نظرنا إلى مكان السامع كان واحدا، وإن نظرنا إلى مكان التالي فمكانه جعل كمكان واحد في حقه فيجعل كذلك في حق السامع أيضا؛ لأن السماع بناء على التلاوة ا هـ‏.‏ وعبارة الظهيرية كالقنية‏.‏

‏(‏قوله وكل منهما سنة‏)‏ قال في التتارخانية، وفي الحجة وقال بعض المشايخ لو سجد، ولم يكبر يخرج عن العهدة قال في الحجة وهذا يعلم، ولا يعمل به لما فيه من مخالفة السلف

‏(‏قوله‏:‏ وفي المضمرات إلخ‏)‏ قال الرملي والذي في المضمرات بعد ذكر المسألة كذا في الفتاوى الظهيرية ووجدت مكتوبا بخط شيخ الإسلام والمرحوم الشيخ محمد الغزي الذي بنسختي من الفتاوى الظهيرية وإذا أراد أن يسجد يقوم، ثم يرفع رأسه من السجود وإذا رفع رأسه يقعد انتهى بلفظه ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ والظاهر أن في نسخته سقطا؛ لأن الذي رأيته في الظهيرية، وكذا في التتارخانية معزيا إليها وإذا رفع رأسه من السجود يقوم، ثم يقعد، وكذا قال في شرح المنية، وفي الظهيرية أنه يستحب القيام بعد الرفع منها أيضا‏.‏

‏(‏قوله يقتضي كراهة ذلك‏)‏ خبر عن ما في قوله، وما ذكر في البدائع أي يقتضي الكراهة في قراءة آي السجدة كلها في مجلس

‏(‏قوله لكن صرح بعده في البدائع بخلافه‏)‏ ظاهره أن كلامه متناقض؛ لأنه يفيد أن ما صرح به بعده فيه تغيير لتأليفه، والأحسن ما في شرح المنية حيث قال وفيه نظر؛ لأن تغيير التأليف إنما يحصل بإسقاط بعض الكلمات أو الآيات من السورة لا بذكر كلمة وآية منها على ما مر من أن قراءة آية من بين الآيات كقراءة سورة من بين السور فكما لا يكون قراءة سور متفرقة من أثناء القرآن مغيرا للتأليف والنظم لا يكون قراءة آية من كل سورة مغيرا له نعم يقتضي أنه لو ترك آية السجدة من آخر السورة لا يكره وفيه ما فيه ا هـ‏.‏ أي فالأولى أن يذكر صاحب البدائع ولأنه يشبه الاستنكاف حتى لا يرد هذا الأخير، هذا وما نقله الرملي عن المقدسي من أن قراءة تلك الآيات متوالية في مجلس تغيير للنظم وإحداث تأليف جديد بخلاف ما صرح به في البدائع بعد؛ لأن تلك آية مفردة ا هـ‏.‏ ظاهر فيما لو أخر السجدات لما بعد التلاوة أما لو سجد عقب كل آية فلا؛ لأن ذلك فاصل للتأليف كما قالوا فيما لو انتقل من آية إلى أخرى من سورة واحدة في ركعتين لا يكره إذا كان بينهما آيتان فأكثر، ولو في ركعة مطلقا كما نبه عليه في شرح المنية، وكذا قراءة سورتين فصل بينهما بسورتين يكره في كل ركعة لا ركعتين كما نبه عليه في الفتح تأمل؛ ولذا - والله تعالى أعلم - قال في النهران ما في الكافي، وإن كان ظاهرا في أنه قرأ آية السجدة على الولاء، ثم سجد لها إلا أنه يحتمل أنه سجد لكل واحدة عقب قراءتها وهذا ليس بمكروه، وما في الكتاب من قوله لا عكسه شامل له إذ ليس فيه تغيير نظم القرآن فيحمل عليه فتدبره ا هـ‏.‏ ثم إن ما قاله المقدسي مبني على ما نبه عليه في النهر أن ما في البدائع إنما هو من بين السورة بالإفراد لا السور جمع سورة كما ذكره المؤلف فإنه تحريف

‏(‏قوله وقيده قاضي خان‏)‏ أي قيد عدم كراهته العكس بأن يكون في غير الصلاة قال في الذخيرة قالوا ويجب أن يكره في حالة الصلاة؛ لأن الاقتصار على آية واحدة في الصلاة مكروه‏.‏

باب صلاة المسافر

‏(‏قول المصنف سيرا وسطا‏)‏ قال الشارح الزيلعي وسطا صفة لمصدر محذوف والعامل فيه السير المذكور؛ لأنه مقدر بأن والفعل تقديره مريدا أن يسير سيرا وسطا في ثلاثة أيام ومراده التقدير لا أن يسير فيها سيرا وسطا، ولا أن يريد ذلك السير، وإنما يريد قدر تلك المسافة وكان ينبغي أن يقول مريدا سيرا وسطا في بر أو بحر أي مريدا مسيرة ثلاثة أيام بسير وسط أو نقول في كلامه تقديم وتأخير وحذف تقديره مريدا ثلاثة أيام سيرا وسطا أي بسير وسط ا هـ‏.‏ قال في النهر ودعاه إلى ذلك أنه ليس في الكلام ما يعمل في ثلاثة إذ لا يصح أن يكون العامل مريدا؛ لأنه حينئذ يكون مفعولا به والمعنى إنما هو على الظرفية، ولا سيرا؛ لأن المصدر إذا وصف لا يعمل فتعين ما قال لكن قال العيني إن هذا التكلف مستغنى عنه بأن يكون سيرا مفعول مريدا ووسطا وثلاثة أيام صفتان له أي كائنا في ثلاثة أيام

‏(‏قوله لعدم صحة القصد والنية من الصبي‏)‏ أقول‏:‏ ذكر في السراج، وكذا في التتارخانية عن الظهيرية الحائض إذا طهرت من حيضها وبينها وبين المقصد أقل من مسيرة ثلاثة أيام تصلي أربعا هو الصحيح ا هـ‏.‏ فليتأمل‏.‏ وفي الشرنبلالية بعد عزوه لمختصر الظهيرية، ولا يخفى أنها لا تنزل عن رتبة الذي أسلم فكان حقها القصر مثله ا هـ‏.‏ والظاهر أن هذا مبني على القول الثاني في الصبي والكافر أنهما يتمان كما سيأتي

‏(‏قوله وسيأتي‏)‏ أي في آخر هذه السوادة

‏(‏قوله عم الرخصة‏)‏ أي مسح ثلاثة أيام الجنس أي جنس المسافرين؛ لأن اللام في المسافر للاستغراق لعدم المعهود المعين ومن ضرورة عموم الرخصة الجنس عموم التقدير بثلاثة أيام لكل مسافر

‏(‏قوله وتمام تحقيقه إلخ‏)‏ حاصله أن كل مسافر يمسح ثلاثة أيام فلو كان السفر الشرعي أقل من ذلك لثبت مسافر لا يمكنه مسح ثلاثة أيام، وقد كان كل مسافر يمكنه ذلك، ثم اعترض هذا الدليل بأنه قد يقال المراد المسافر إذا كان سفره يستوعب ثلاثة أيام قال‏:‏ ولا يقال إنه احتمال يخالفه الظاهر فلا يصار إليه؛ لأنا نقول قد صاروا إليه فيما إذا بكر المسافر في اليوم الأول ومشى إلى وقت الزوال، ثم في الثاني والثالث كذلك فبلغ المقصد فإنه مسافر على الصحيح، ولا يمكنه المسح تمام ثلاثة أيام؛ لأنه صار مقيما، وإن قالوا بقية كل يوم ملحقة بالمنقضي للعلم بأنه لا بد من تخلل الاستراحات لا يخرج بذلك من أن مسافرا مسح أقل من ثلاثة أيام فإن عصر اليوم الثالث لا يمسح فيه فليس تمام الثالث ملحقا بأوله شرعا لعدم الرخصة فيه، ولا هو سفر حقيقة فظهر أنه إنما يمسح بثلاثة أيام إذا كان سفره ثلاثة أيام، وهو عين الاحتمال المذكور من أن بعض المسافرين لا يمسحها، وآل إلى قول أبي يوسف أي من أن مدته يومان وأكثر الثالث ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ وحاصله منع الكلية القائلة‏:‏ إن كل مسافر يمسح ثلاثة أيام بإثبات مسافر يمسح أقل منها فلم يكن في الحديث دلالة على أن أقل مدة السفر ثلاثة أيام

‏(‏قوله وبه اندفع إلخ‏)‏ لا يخفى ما فيه على المتأمل النبيه

‏(‏قوله وأنا أتعجب إلخ‏)‏ قال الشيخ إسماعيل رحمه الله تعالى يؤخذ جوابه من قول الفتح وكل من قدر بقدر منها اعتقد أنه مسيرة ثلاثة أيام، وإنما كان الصحيح أن لا يقدر بها؛ لأنه لو كان الطريق وعرا إلخ ما مر

‏(‏قوله‏:‏ وفي السراج إذا كانت المسافة إلخ‏)‏ قال في الفتح وهذا أيضا مما يقوي الإشكال الذي قلناه، ولا مخلص إلا أن يمنع قصر مسافر يوم واحد، وإن قطع فيه مسيرة أيام وإلا لزم القصر لو قطعها في ساعة صغيرة كقدر درجة كما لو ظن صاحب كرامة الطي؛ لأنه يصدق عليه أنه قطع مسافة ثلاثة بسير الإبل، وهو بعيد لانتفاء مظنة المشقة وهي العلة وتمامه فيه

‏(‏قوله وإن كانت المسافة بحيث تقطع‏)‏ إن هذه وصلية كالتي بعدها

‏(‏قوله وقال الهندواني إلخ‏)‏ قال الرملي قال في شرح منية المصلي وإلا عدل ما قاله الهندواني ا هـ‏.‏

‏(‏قوله إذ هو يحتمل النقض‏)‏ أي؛ لأنه لم يتم علة فكانت الإقامة نقضا للعارض لا ابتداء علة الإتمام، ولو قيل العلة مفارقة البيوت قاصدا مسيرة ثلاثة أيام لاستكمال سفر ثلاثة أيام بدليل ثبوت حكم السفر بمجرد ذلك فقد تمت العلة لحكم السفر فيثبت حكمه ما لم يثبت علة حكم الإقامة احتاج إلى الجواب كذا في الفتح وعن هذا الإشكال نشأ قول المؤلف الآتي والذي يظهر إلخ قال في النهر مجيبا‏:‏ وأنت خبير بأن إبطال الدليل لمعنى لا يستلزم إبطال المدلول

‏(‏قوله وروى البخاري إلخ‏)‏ قال الرملي قال المرحوم شيخ شيخنا شيخ الإسلام علي المقدسي هذه حكاية حال طرقها الاحتمال، وهو أنه جاوز المدة على الكمال ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وقد يجاب عن أصل الإشكال بأن العلة المذكورة إنما هي علة ابتداء أما العلة بقاء فهي استكمال المدة

‏(‏قوله أما إذا لم يسر ثلاثة أيام فلا يشترط إلخ‏)‏ أقول‏:‏ الظاهر أن هذا فيما إذا عزم على الرجوع ونقض السفر كما مر أما إذا أبقى على قصده الأول، ولم ينقض سفره ونوى الإقامة في المفازة لا تصح نيته، ولو قبل أن يسير ثلاثة أيام تأمل نعم سيأتي اختلاف الرواية في أن وطن الإقامة هل يشترط فيه تقدم السفر أم لا فراجعه‏.‏

‏(‏قوله وقيل كان سبب تفقه عيسى بن أبان إلخ‏)‏ نقل العلامة ملا علي القاري هذه الحكاية في شرحه على لباب المناسك، ثم قال في كلام صاحب الإمام تعارض حيث حكم في الأول بأنه مسافر فلا يجوز له التمام وحكم في الثاني بأنه مقيم فلا يجوز له القصر مع أن المسألة بحالها ولعل التقدير فلما رجعت إلى منى ونويت الإقامة بمكة مع صاحبي بدا إلخ ومفهوم مسألة المتون أنه لو نوى في أحدهما خمسة عشر يوما صار مقيما فحينئذ المسافر إذا دخل مكة واستوطن بها أو أراد الإقامة فيها شهرا مثلا فلا شك أنه يصير مقيما، ولا يضر حينئذ خروجه إلى منى وعرفات، ولا تنقضي إقامته إذ لا يشترط تحقق كونه خمسة عشر يوما متوالية بها بحيث لا يخرج منها - والله أعلم - ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وكذا استشكل العلامة ابن أمير حاج قوله إنك مقيم، ثم أجاب بأنه سماه مقيما بناء على زعمه الأول وأقول - وبالله التوفيق - لا إشكال أصلا فإن المفهوم من هذه الحكاية أنه إذا نوى الإقامة بمكة شهرا ومن نيته أن يخرج إلى عرفات ومنى قبل أن يمكث بمكة خمسة عشر يوما لا يصير مقيما؛ لأنه يكون ناويا الإقامة مستقبلة فلا تعتبر فإذا رجع من منى وعرفات إلى مكة، وهو على نيته السابقة صار مقيما؛ لأن الباقي من الشهر أكثر من خمسة عشر وهنا كذلك؛ لأن فرض المسألة أنه دخل في أول العشر ومعلوم أن الحاج يخرج في اليوم الثامن إلى منى ويرجع إلى مكة في اليوم الثاني عشر فلما دخل إلى مكة أول العشر ونوى إقامة شهر لم تصح نيته أول المدة؛ لأنه لا يحصل له إقامة خمسة عشر يوما إلا بعد رجوعه من منى فلذا أمره صاحب الإمام بالقصر أول المدة وبالإتمام بعد العود؛ لأنه لما عاد إلى مكة وهو على نيته السابقة كان ناويا أن يقيم فيها عشرين يوما بقية الشهر هذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم

‏(‏قوله فلما رجعت من منى‏)‏ أي إلى مكة وقوله بدا لصاحبي أن يخرج أي عزم على أن يخرج من مكة مسافرا وقوله وجعلت أقصر الصلاة أي في مكة بعد عزمه على السفر مع صاحبه‏.‏

‏(‏قول المصنف أو حاصروا أهل البغي في دارنا في غيره‏)‏ أي غير المصر ظاهره أنه لو حاصروهم في المصر لا يقصرون ووقع التقييد به أيضا في الجامع الصغير والهداية والدرر ومواهب الرحمن وعبارة الهداية وكذلك إذا حاصروا أهل البغي في دار الإسلام في غير مصر أو حاصروهم في البحر؛ لأن حالهم مبطل عزيمتهم ا هـ‏.‏ وقد صرح بهذا المفهوم العيني في شرح هذا المختصر بقوله وأما إذا حاصروهم في مصر من أمصار المسلمين تصح نيتهم للإقامة بلا خلاف ا هـ‏.‏ وصرح في النهر أيضا بأنهم يتمون، ولم يتعرض له الزيلعي والمقدسي كالمؤلف لكن قال في العناية قوله؛ لأن حالهم مبطل عزيمتهم يشير إلى أن المحل، وإن كان صالحا لكن ثمة مانعا آخر، وهو أنهم إنما يقيمون لغرض فإذا حصل انزعجوا فلا تكون نيتهم مستقرة وهذا التعليل يدل على أن قوله في غير مصر وقوله في البحر ليس بقيد حتى لو نزلوا مدينة أهل البغي وحاصروهم في الحصن لم تصح نيتهم أيضا؛ لأن مدينتهم كالمفازة عند حصول المقصود لا يقيمون فيها ا هـ‏.‏ وفي معراج الدراية، ثم التقييد بقوله في غير مصر وفي البحر يوهم أنهم لو نزلوا مدينة أهل البغي وحاصروهم وهم في الحصن تصح نية الإقامة لكن إطلاق ما ذكر في المبسوط يدل على أنه ليس كذلك فإنه قال‏:‏ وكذا إذ حاربوا أهل البغي في دار الإسلام أما التعليل فيشمل المفازة والمدينة إلا أنه قيد في الجامع الصغير بغير المصر وبالبحر؛ لأنه في عدم الجواز أبعد عن توهم الجواز في غير المصر أو البحر، ثم بسط الكلام في التوجيه فراجعه وقد أطلقه في السراج والذخيرة‏.‏ والحاصل أن المفهوم من عبارات المتون كالهداية أن عسكرنا لو حاصر أهل البغي، والعسكر داخل المصر من ديار الإسلام تصح نيتهم الإقامة والمفهوم من إطلاق المبسوط والسراج والذخيرة، وهو مقتضى التعليل أنها لا تصح وظاهر كلام العناية والمعراج اختياره وبه جزم الشرنبلالي في نور الإيضاح والله أعلم‏.‏

‏(‏قوله لم يصر مقيما‏)‏ ظاهر ما في الفتح أن علة ذلك عدم قطعه بالإقامة هذه المدة؛ لأنه إذا وجد فرصة قبل تمام المدة يخرج كمن دخل المصر لحاجة معينة ونوى الإقامة مدتها

‏(‏قوله لم تعتبر نيته‏)‏ قال في شرح المنية هكذا وقع في الخلاصة وفتاوى قاضي خان ولعل المراد، ولم تعتبر نيته الإقامة بعد ذلك وإلا فقد ذكر السروجي عن الذخيرة أن الأسير إذا انفلت من العدو فوطن نفسه على إقامة نصف شهر في غار أو نحوه قصر؛ لأنه محارب للعدو، وكذا إذا أسلم فهرب منهم فطلبوه ليقتلوه فخرج هاربا مسيرة السفر ا هـ‏.‏ فهذا يدل على أنه يقصر، وكذا صرح بأنه يقصر في التتارخانية بعلامة المحيط فتعين حمل تلك العبارة على ما قلنا ولا يصح غير ذلك ا هـ‏.‏ أي ليس المراد من قوله لا تعتبر نيته أن نية السفر في هذه الحالة لا تصح بل المراد لا تعتبر نيته للإقامة، وهو في هذه الحالة؛ لأن حالته تنافي عزيمته‏.‏

‏(‏قوله ويستثنى إلخ‏)‏ دفعه في النهر بأنه لا حاجة إليه؛ لأن ظاهر كلام المصنف أن معنى اقتدى نوى الاقتداء به

‏(‏قوله ومقتضى التعليل في هذه المسألة الصحة‏)‏ فيه نظر؛ لأن كون القراءة نافلة في الشفع الثاني إذا قرأ في الأول أيضا لا يقتضي أن تكون فرضا فيه إذا لم يقرأ في الأول لاحتمال التحاقها بالأول فيكون الثاني خاليا عن القراءة أصلا كما صرح به في الفتح وسيأتي عن المحيط ولكن قدم الخلاف في باب السهو أن القراءة في الأخريين هل هي أداء أم قضاء، وعلى الأول يظهر ما قاله تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولم يظهر قول الحدادي إلخ‏)‏ قال في النهر عزاه في السراج إلى الحواشي وعلله بأن تحريمة الإمام اشتملت على الفرض لا غير، وإنما زيد ليدخل فيه ما لو اقتدى به في القعدة الأخيرة فإنه لا يصح اقتداؤه؛ لأن تحريمته اشتملت على نفلية القعدة الأولى والقراءة بخلاف المأموم، وهذا معنى ما في السراج وقوله في البحر‏:‏ إنه ليس بظاهر ليس بظاهر، وبه يظهر عدم الصحة فيما إذا لم يقرأ في الأوليين واقتدى به في الأخريين، ثم ذكر جواب المحيط الآتي، ثم قال وأقول‏:‏ هذا مبني على تعيين الأوليين لها، ثم ذكر أن ما في السراج يمكن أن يكون وجه الفساد على القول بعدم تعيين الأوليين للقراءة قال‏:‏ وبهذا يترجح رواية الفساد وأما رواية الصحة فلا يخلو من احتياجها إلى تأمل

‏(‏قوله، وإنما كان قول الإمام ذلك مستحبا‏)‏ أي لا واجبا

‏(‏قوله لا يصير مقيما، ولا ينقلب فرضه أربعا‏)‏ قال في الظهيرية اتبعوه حتى لو أتم المقيمون صلاتهم معه فسدت صلاتهم؛ لأن هذا اقتداء المفترض بالمتنفل، ولا يصح ا هـ‏.‏ قال الرملي يجب تقييده بما إذا لم ينووا مفارقته أما إذا نووا مفارقته لا تفسد صلاتهم، وإن وافقوه في الإتمام صورة إذ لا مانع من صحة مفارقته بعد إتمام فرضه، واتصال النفل منه بصلاته لا يمنعها بلا شبهة، وفي قوله لو أتم المقيمون معه إشارة إلى ذلك وسكوت قاضي خان وصاحب الخلاصة عن صلاة المقيمين ربما يكون لهذا التفصيل والله تعالى أعلم

‏(‏قوله‏:‏ ولا سهو عليهم إذا سهوا‏)‏ هذا مبني على ما قاله الكرخي، وهو خلاف ما تقدم تصحيحه عن البدائع‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وكذا لا يبطل بوطن الإقامة‏)‏ قال في النهر، ولو صرح المصنف به لعلم السفر بالأولى

‏(‏قوله بشرط أن يتقدمه سفر‏)‏ على تقدير مضاف أي نية سفر كما يدل عليه ما بعده، وحاصله أنه يشترط له شيئان أحدهما تقدم نية السفر والثاني أن تكون مدة سفر بينه أي بين الموضع الذي أنشأ منه السفر وبين ما صار إليه منه أي وبين الموضع الذي صار إليه من الموضع الأول ونوى فيه الإقامة فقوله حتى لو خرج تفريع على الشرط الأول وقوله‏:‏ وكذا إذا قصد إلخ تفريع على الثاني

‏(‏قوله لعدم تقدم السفر‏)‏، وعليه فلو خرج من تلك القرية لحاجة، ثم قصد الرجوع إلى مصره ومر بتلك القرية يقصر؛ لأنه قصد مسيرة السفر وليست القرية وطنا له

‏(‏قوله مثاله قاهري إلخ‏)‏ أي مثال بطلان وطن الإقامة بواحد من الثلاثة فقوله، فإن قصد إلخ فيه بطلانه بالسفر وقوله‏:‏ وإن لم يقصد ذلك إلخ فيه بطلانه بمثله؛ لأن ما بين بلبيس والصالحية دون مسافة القصر كما بين بلبيس والقاهرة وقوله‏:‏ وإن عاد إلى مصر فيه بطلانه بالأهلي

‏(‏قوله حتى يتم إذا دخله‏)‏ يعني إذا خرج من الصالحية وأراد الرجوع إلى القاهرة ومر ببلبيس يتم؛ لأن وطنه بها لم يبطل بالخروج إلى الصالحية؛ لأنه ليس بوطن مثله، ولا سفر معه فيبقى وطنه ببلبيس وهذا التمثيل كله مبني على ظاهر الرواية عن عدم اشتراط تقديم السفر لثبوت وطن الإقامة، وفي فتح القدير ورواية الحسن يعني هذه الرواية‏.‏ تبين أن السفر الناقض لوطن الإقامة ما ليس فيه مرور على وطن الإقامة أو ما يكون المرور فيه بعد سير مدة السفر ا هـ‏.‏ ولهذا أتم ببلبيس في مسألتنا مع أن ما بين الصالحية والقاهرة مدة سفر؛ لأن فيه مرورا على وطن الإقامة

‏(‏قوله ممنوع‏)‏ قال الرملي لقائل أن يمنعه؛ لأن السفر إنما يبطل وطن الإقامة أن لو خرج منه مسافرا فكذا وطن السكنى؛ لأن السفر لم يتصل به تأمل كذا رأيته بخط بعضهم ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وقد ذكر مثله الشيخ إبراهيم المداري الحلبي في حاشيته على الدر المختار عن شيخه المحقق السيد علي الضرير، ثم قال‏:‏ وهو وجيه فإن من نوى الإقامة بموضع نصف شهر، ثم خرج منه لا يريد السفر، ثم عاد مريدا سفرا و مر بذلك أتم مع أنه أنشأ سفرا بعد اتخاذ هذا الموضع دار إقامة فثبت أن إنشاء السفر لا يبطل وطن الإقامة إلا إذا أنشأ السفر منه فليكن وطن السكنى كذلك فما صوره الزيلعي صحيح ومن تصويره علمت أنه لا بد أن يكون بين الوطن الأصلي وبين وطن السكنى أقل من مدة السفر، وكذا بين وطن الإقامة ووطن السكنى ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ قد يقال إن قوله فليكن وطن السكنى كذلك قياس مع الفارق لبقاء السفر في وطن السكنى وانتهائه في وطن الإقامة فإذا دخل المسافر بلدة ونوى الإقامة فيها دون نصف شهر بقي مسافرا فيقصر فكذا إذا مر عليها بعد أن خرج منها بخلاف ما إذا نوى الإقامة فيها نصف شهر فإنه خرج عن كونه مسافرا؛ ولذا يتم مدة إقامته بها على أن تصحيح المحققين عدم اعتباره يقتضي تصحيح عدم الإتمام فيما صوره الزيلعي؛ ولذا علل شراح الهداية وغيرهم عدم اعتباره بأنه لم يثبت فيه حكم الإقامة وما ذكره في الظهيرية من أن الإمام السرخسي ذكر مسألة تدل على اعتباره وهي لو خرج كوفي إلى القادسية لحاجة، ثم منها إلى الحيرة يريد الشام حتى إذا كان قريبا منها بدا له الرجوع إلى القادسية ليحمل ثقله منها ويرتحل إلى الشام، ولا يمر بالكوفة أتم حتى يرتحل من القادسية استحسانا؛ لأنها كانت له وطن السكنى، ولم يظهر له بقصد الحيرة وطن سكنى آخر ما لم يدخلها فيبقى وطنه بالقادسية ولا ينتقض كما لو خرج منها لتشييع جنازة ونحوه ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ فقد قال في معراج الدراية فيه تأمل ولعل وجهه أن ابتداء سفره اعتبر من القادسية حتى أنه يشترط له مجاوزة عمرانها إذا أراد القصر فصارت بمنزلة وطنه الأصلي حكما فإذا رجع إليها قبل استحكام السفر يتم الصلاة بمنزلة ما إذا خرج مسافرا من بلدة، ثم تذكر حاجة فرجع فإنه يتم كما يأتي فلم يدل على أن إتمامه لكونه وطن سكنى لكن قد يقال تسمية السرخسي له وطن سكنى دليل عليه وكذا قوله‏:‏ ولم يظهر له بقصد الحيرة وطن سكنى آخر والذي يظهر لي في التوفيق أنه إذا كان مسافرا فأقام في بلد دون نصف شهر لم يعتبر هذا الوطن أصلا؛ لأنه يقصر فيه فإذا خرج منه، ثم رجع إليه يقصر أيضا، وعليه يحمل كلام المحققين الذين لم يعتبروا وطن السكنى كما يفيده ما نقله المؤلف عنهم أما إذا كان مقيما، ثم خرج من مصره إلى قرية قريبة ونوى أن يقيم فيها دون نصف شهر كما مر تصويره عن الشارح الزيلعي فإنه يعتبر، وعليه يحمل كلام عامة المشايخ الذين اعتبروه، وحاصله أنه يعتبر قبل تحقق السفر لا بعده؛ لأن من قال باعتباره قبل تحقق السفر كما في صورة الزيلعي لا يمكنه أن يقول باعتباره بعد تحقق السفر؛ لأنه لم يثبت فيه حكم الإقامة المبيحة للإتمام فإن أقلها نصف شهر إذ لا يقول عاقل إن المسافر إذا دخل بلدة ونوى الإقامة فيها يوما مثلا، ثم خرج منها، ثم رجع في اليوم الثاني أنه يتم ما لو ينو إقامة نصف شهر وبهذا التوفيق يرتفع الخلاف إلا أن يوجد نقل دال على وجود الخلاف فيما صوره الزيلعي والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله قالوا يجب عليه إلخ‏)‏ قال في النهر؛ لأنه كان مسافرا في آخر وقت الظهر ومقيما في العصر‏.‏

‏(‏قوله فيدخل الأجير مع مستأجره‏)‏ أي مشاهرة أو مسانهة كما في التتارخانية عن الغياثية وقوله والمحمول مع حامله قال في النهر ينبغي أن يفصل فيه كالقائد‏.‏