فصل: تابع كتاب الطهارة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


تابع كتاب الطهارة

‏(‏قول المصنف ولا تنقض ضفيرة إلخ‏)‏ قال في النهر بالبناء للمفعول لقوله إن بل أصلها إذ لو بناه للفاعل لقال إن بلت كذا في الشرح وفيه نظر وما المانع من أن يكون الأول مبنيا للفاعل والثاني للمفعول نعم الأنسب كون الفعلين على نسق واحد وفيه إيماء إلى وجوب غسل أثنائها لو كانت منقوضة لعدم الحرج ومن ثم رجح في المعراج وجوب النقض في الأتراك والعلوية ودعوى الحرج فيهما أيضا ممنوعة بقي أن بناءه للمفعول يؤذن بعدم وجوب النقض فيهما أيضا وقد سبق أن الراجح خلافه‏.‏ والجواب أن التنوين بدل عن المضاف إليه أي ضفيرة المرأة وحذفها اختصارا كما في الشرح وبهذا علم أن قوله في البحر إن ظاهر الكتاب الاكتفاء بالوصول إلى الأصول ولو منقوضة غير ظاهر، وإذا لم يجب مع الضفر الوصول إلى الأثناء فالذوائب أولى، وهو الأصح، وهذا أولى مما في صلاة البقالي من ترجيح الوجوب، وإن جاوزت القدمين ا هـ‏.‏ والإشارة بقوله وبهذا علم إلخ إلى ما ذكره من الإيماء وتأمل ما المراد بقوله، وإذا لم يجب مع الضفر إلخ، فإن الذوائب هي الضفائر وما وجه الأولوية

‏(‏قوله‏:‏ أبلغي الماء أصول شعرك وشؤون رأسك إلخ‏)‏ قال في الحلية والشؤون بضم الشين المعجمة بعدها همزة في الأصل الخطوط التي في عظم الجمجمة، وهو مجتمع شعب عظامها الواحد شأن والمراد ها هنا أصول شعر رأسها

‏(‏قوله‏:‏ منقوضا كان أو معقوصا‏)‏ أي مضفورا قال في القاموس عقص شعره يعقصه ضفره وفتله والعقصة بالكسر العقيصة والضفيرة

‏(‏قوله‏:‏ وهو ظاهر المذهب كما هو ظاهر الذخيرة‏)‏ أي أن ظاهر كلام الذخيرة أن هذا هو المذهب قال شارح المنية العلامة ابن أمير حاج الحلبي، وهذا فيما يظهر من الذخيرة أنه ظاهر المذهب ا هـ‏.‏ فما في بعض النسخ من قوله وهو ظاهر المتن غير صحيح بل ظاهر المتن هو القول الثاني ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ يجب بهذه المعاني على طريق البدل‏)‏ أي أن أي معنى إذا وجد من هذه المعاني يجب به الغسل ولا مدخل لهذا في الرد فالأولى الاقتصار على قوله، وإنما يتوجه إلخ

‏(‏قوله‏:‏ ورد أيضا‏)‏ أي رد ما تعقب به في النهاية، وهذا الرد يئول في المعنى إلى ما في غاية البيان

‏(‏قوله‏:‏ لكن هذا إنما يستقيم إلخ‏)‏ هذه الجملة من هنا إلى قوله لما في ضياء الحلوم موجودة في بعض النسخ بين قوله الآتي، فإنه بمعنى صبه صبا وقوله وقال الشافعي والموجود فيها بعد قوله هنا كذا في المغرب وفي ضياء الحلوم إلى قوله وقال الشافعي ولا يخفى على المتأمل أن هذا الموجود في بعض النسخ كما قلنا أحسن‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ويمكن أن يقال إن المراد الإنزال إلخ‏)‏ لم يظهر لهذا مدخل في هذا المحل فليتأمل

‏(‏قوله‏:‏ وقوله عند انفصاله ينفيه‏)‏ وحينئذ فلا يستقيم حمله على قول أبي يوسف رحمه الله أيضا؛ لأنه إنما يشترط الشهوة والدفق عند الخروج عن رأس الذكر لا عند الانفصال وأقول‏:‏ وبالله التوفيق يمكن‏:‏ توجيه كلام المصنف على وجه لا يرد عليه شيء مما ذكر ولكن مع نوع من التكلف وذلك بأن يحمل الدفق على أنه مصدر اللازم كما يذكره الشارح أي ذي دفع أو على ما قال ابن عطية كما نقله في النهر أنه يصح أن يكون الماء دافقا؛ لأن بعضه يدفق بعضا أي يدفعه فمنه دافق ومنه مدفوق والظرف في قوله عند انفصاله متعلق بقوله فرض كالظرف في قوله عند مني والمراد بالانفصال الخروج وحينئذ يكون صادقا بالقولين؛ لأن الشهوة لم تقيد بكونها عند الانفصال ولا عند الخروج أو الظرف الأول متعلق بفرض، وهو على تقدير مضاف أي عند خروج مني والثاني متعلق بالدفق، وهذا أقرب من الأول وعليهما فذكر الشهوة تصريح بما علم التزاما فلا يكون مستدركا كما قيل لتغاير مفهوميهما، وإن استلزم أحدهما الآخر وسيأتي في كلام الشارح ما يشعر بهذا الوجه الثاني فيما بعد والدفق على تفسيريه المارين يصح أن يكون قبل الخروج ويشمل كلامه مني المرأة لأنه يندفع عند خروجه أو يدفع بعضه بعضا ويندفع أيضا التناقض عن كلامه، وهذا التقرير مع أنه غير بعيد كل البعد خصوصا الثاني أولى من إهمال كلام المصنف بالمرة وخروجه عن الانتظام مع أنهم قد يتكلفون في كلام البلغاء بأبعد من هذا كما لا يخفى على من له بذلك إلمام والله تعالى ولي الإلهام‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أي الاغتسال من الإنزال‏)‏ الأولى أن يقال أي وجوب الماء من نزول المني ليكون فيه إشارة إلى تقدير المضاف فيهما وليوافق قول الشافعي ومحمد وزفر رحمهم الله بوجوبه بالنزول لا بالإنزال‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولا يخفى أن هذا المسلك لو صح‏)‏ كأنه يشير إلى أنه لا داعي إلى حمل أل على الجنس أي جنس الماء النازل من مخرج الإنسان بل هو بعيد لعدم توهم إرادة ذلك من الحديث فاللام للعهد الذهني كما يأتي عن الفتح وحينئذ لا يتم ما قاله الشارحون في تقرير كلام الهداية

‏(‏قوله‏:‏ وإلا يفسد الضابط‏)‏ أي الضابط الذي وصفته عائشة رضي الله عنها لتمييز المياه لتعطي أحكامها، وذلك حيث قالت كما في فتح القدير فأما المذي فالرجل يلاعب امرأته فيظهر على ذكره الشيء فيغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ ولا يغتسل، وأما الودي، فإنه يكون بعد البول يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ ولا يغتسل، وأما المني فإنه الماء الأعظم إلى آخر ما مر

‏(‏قوله‏:‏ وهو أقوى مما بقي‏)‏، وهو الشهوة حالة الخروج كما يظهر من غاية البيان ومن الجواب الآتي ويكون حاصل ذلك أن الوجوب يتعلق بالانفصال والخروج جميعا؛ لأنه بمجرد الانفصال لا يجب اتفاقا فبالنظر إلى وجود الشهوة حالة الانفصال يجب وبالنظر إلى عدمها حالة الخروج لا فوجب من وجه دون وجه وثبوته بالأول أحوط؛ لأنه أقوى

‏(‏قوله‏:‏ من الوصف، وهو الدفق‏)‏ أي الذي هو لازم للخروج بشهوة

‏(‏قوله‏:‏ وفيه نظر إلخ‏)‏ مأخوذ من شرح المنية لابن أمير حاج قال المقدسي، وهذا مبني على ما حمل كلام المبتغى عليه ولو حمل قوله بخلاف المرأة على أنها لا تعيد أصلا؛ لأن ما يخرج منها يحتمل أنه ماء الرجل فهذا وجه المخالفة

‏(‏قوله‏:‏ وفيه نظر، فإن هذا الاحتمال ثابت إلخ‏)‏ أي كما أن الاحتمال موجود في الانفصال عن مقره موجود أيضا في الانفصال عن رأس الذكر فيحتمل انفصاله عن شهوة فيجب اتفاقا فلا يصح بناؤها على الخلاف من هذا الوجه المذكور ولا جعلها من ثمرته كالثلاثة السابقة

‏(‏قوله‏:‏ أو في الثاني والثالث‏)‏ زاد بعضهم أو في الثلاثة أخذا من كلامه وعليه فتكون على أربعة عشر وجها ثم ضبطها بقوله إما أن يعلم أنه مني أو مذي أو ودي أو شك في الأولين أو في الطرفين أو في الأخيرين أو في الثلاثة وعلى كل أما أن يتذكر احتلاما أو لا فيجب الغسل اتفاقا في سبع صور منها، وهي ما إذا علم أنه مذي أو شك في الأولين أو في الطرفين أو في الأخيرين أو في الثلاثة مع تذكر الاحتلام فيها أو علم أنه مني مطلقا ولا يجب اتفاقا فيما إذا علم أنه ودي مطلقا وفيما إذا علم أنه مذي أو شك في الأخيرين مع عدم تذكر الاحتلام ويجب عندهما فيما إذا شك في الأولين أو في الطرفين أو في ثلاثة احتياطا ولا يجب عند أبي يوسف للشك في وجود الموجب ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفيما إذا تيقن أنه مذي وتذكر الاحتلام‏)‏ أقول‏:‏ ذكر العلامة ابن أمير حاج في الحلية شرح المنية هذه المسألة وذكر وجوب الغسل فيها بالإجماع ثم قال بعده هذا على ما في كثير من الكتب المعتبرة وفي المصفى ذكر في الحصر والمختلف والفتاوى الظهيرية أنه إذا استيقظ فرأى مذيا وقد تذكر الاحتلام أو لم يتذكر فلا غسل عليه عند أبي يوسف وقالا عليه الغسل فيحتمل أن يكون عن أبي يوسف روايتان وذكر في المختلفات إذا تيقن بالاحتلام وتيقن أنه مذي، فإنه لا يجب الغسل عندهم جميعا ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ وعلى ما في المصفى يجري الخلاف أيضا فيما إذا شك أنه مذي أو ودي مع تذكر الاحتلام وذلك بالطريق الأولى

‏(‏قوله ولو وجد الزوجان بينهما ماء إلخ‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ احترز بقوله وجد الزوجان عن غيرهما فهو صريح في أن غيرهما لا يجب عليه تأمل ثم قال عند قوله والقياس أن لا يجب على واحد منهما هو صريح في غيرهما أنه لا يلزم تأمل

‏(‏قوله‏:‏ صححه في الظهيرية‏)‏ يوهم أنه صححه مع التقييد بدون تذكر ولا مميز وليس كذلك، فإنه قال ما نصه وفي الفتاوى إذا وجد في الفراش مني ويقول الزوج من المرأة وهي تقول من الزوج إن كان أبيض فمني الرجل، وإن كان أصفر فمني المرأة وقيل إن كان مدورا فمني المرأة وإن كان غير مدور فمني الرجل والأصح أنه يجب عليهما احتياطا لأمر العبادة وأخذا بالثقة ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ بوجود المني في احتلامهما‏)‏ أي الرجل والمرأة المذكورين في عبارة فتح القدير

‏(‏قوله‏:‏ والقائل بوجوبه في هذه الخلافية إنما يوجبه على وجوده، وإن لم تره‏)‏ قال في فتح القدير عقب هذا يدل على ذلك تعليله في التجنيس احتلمت ولم يخرج منها الماء إن وجدت شهوة الإنزال كان عليها الغسل، وإلا لا؛ لأن ماءها لا يكون دافقا كماء الرجل، وإنما ينزل من صدرها فهذا التعليل يفهمك أن المراد بعدم الخروج في قوله ولم يخرج منها لم تره خرج إلخ والذي يفهم من كلام الفتح سابقا ولاحقا أن مراده أنهم اتفقوا على أنه إذا وجد المني فقد وجب الغسل ومحمد قال بوجوبه في هذه المسألة بناء على وجود المني، وإن لم تره فقولهم لو احتلمت ولم يخرج الماء على معنى ولم تره خرج فيجب عند محمد لوجوده وإن لم تره لكن لا يخفى أن غير محمد لا يقول بعدم الوجوب والحالة هذه فكيف يجعلون عدم الوجوب ظاهر الرواية اللهم إلا أن يكون مراده الاعتراض عليهم في نقل الخلاف وأنهم لم يفهموا قول محمد وأن مراده بعدم الخروج عدم الرؤية ولا يخفى بعد هذا، فإنهم قيدوا الوجوب عند غير محمد بما إذا خرج إلى الفرج الخارج، فإن كان مراده بعدم الرؤية البصرية فهو مما لا يسع أحدا أن يخالف فيه وإن كان العلمية فلم يحصل الاتفاق على تعلق الوجوب بوجود المني فالظاهر وجود الخلاف وأن ما في التجنيس مبني على قول محمد وحينئذ لا دلالة له على ما ادعاه فليتأمل ثم رأيت شارح المنية العلامة الحلبي نازع الكمال فيما قال وذلك حيث قال أقول‏:‏ هذا لا يفيد كون الأوجه وجوب الغسل في المسألة المختلف فيها، فإن ظاهر الرواية أنها لا يجب عليها الغسل وبه أخذ الحلواني وقال في الخلاصة، وهو الصحيح لحديث أم سليم‏.‏ سواء كانت الرؤية بمعنى البصر أو بمعنى العلم، فإنها لم تر بعينها ولا علمت خروجه اللهم إلا إن ادعى أن المراد - يعني في الحديث - برأت رؤيا الحلم ولكن لا دليل له على ذلك فلا يقبل منه وذكر المصنف عن محمد أنها يجب عليها الغسل وبه أخذ صاحب التجنيس معللا بما تقدم، وهو ليس بقوي إذ لا أثر في نزول مائها من صدرها غير دافق في وجوب الغسل، فإن وجوب الغسل في الاحتلام متعلق بخروج المني من الفرج الداخل كما تعلق في حق الرجل بخروجه من رأس الذكر فكما أن الرجل لو انفصل منيه عن الصلب بالدفق والشهوة لا يجب عليه الغسل ما لم يخرج إلى ما يلحقه حكم التطهير لا يجب عليها الغسل على أن في مسألتنا لم يعلم انفصال منيها عن صدرها، وإنما حصل ذلك في النوم وأكثر ما يرى في النوم لا تحقق له فكيف يجب عليها الغسل نعم قال بعضهم لو كانت مستلقية وقت الاحتلام يجب عليها الغسل لاحتمال الخروج ثم العود فيجب الغسل احتياطا، وهو غير بعيد إلا من حيث إن ماءها إذا لم ينزل دفقا بل سيلانا يلزم أما عدم الخروج إن لم يكن الفرج في صبب أو عدم العود إن كان في صبب فليتأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فإنها لا تحبل إلا إذا أنزلت‏)‏ أقول‏:‏ لا يخفى أن الحبل يتوقف على انفصال الماء عن مقره لا على خروجه فالظاهر أن وجوب الغسل مبني على الرواية السابقة عن محمد تأمل ثم رأيت العلامة الحلبي صرح بذلك في شرح المنية الكبير جازما بذلك فقال ولا شك أنه مبني على وجوب الغسل عليها بمجرد انفصال منيها إلى رحمها، وهو خلاف الأصح الذي هو ظاهر الرواية قال في التتارخانية وفي ظاهر الرواية يشترط الخروج من الفرج الداخل إلى الفرج الخارج لوجوب الغسل حتى لو انفصل منها عن مكانه ولم يخرج عن الفرج الداخل إلى الفرج الخارج لا غسل عليها وفي النصاب، وهو الأصح ا هـ‏.‏ فالحمد لله رب العالمين

‏(‏قوله‏:‏ فاغتسلت ثم خرج منها مني الرجل لا غسل عليها‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ وعليها الوضوء كما صرح به في التتارخانية نقلا عن مجموع النوازل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقد يقال ينبغي وجوب الغسل من غير إنزال‏)‏ لا يخفى أن هذا مما لا ينبغي؛ لأن الكلام فيما إذا كان يأتيها في النوم، وهي في هذه الحالة لو رأت أنه جامعها مائة إنسي لا يجب عليه الغسل ما لم تنزل نعم لو كانت تراه في حالة اليقظة يتأتى ما قال‏:‏ وكان نسي التقييد بالنوم، وإلا فلا وجه له كما علمت ثم رأيت الشيخ إسماعيل ضبط قوله في اليوم بالياء المثناة التحتية

‏(‏قوله‏:‏ إلا إذا لم يظهر لها في صورة الآدمي‏)‏ أقول‏:‏ هذا التقييد مأخوذ من شرح المنية لابن أمير حاج الحلبي، فإنه قال ينبغي أن يكون هذا إذا لم يظهر لها في صورة آدمي أما إذا ظهر لها في صورة رجل من بني آدم، فإنه يجب عليها الغسل بمجرد إيلاج قدر الحشفة من ذكره وكذا إذا ظهر للرجل من الإنس جنية في صورة آدمية فوطئها، فإنه يجب عليه الغسل بمجرد إيلاج حشفته فيها إلحاقا له بإيلاج آدمي لآدمية لوجود المجانسة الصورية إلا أن يقال إنما يتم هذا لو لم يوجد بينهما مباينة معنوية، وهي محققة ومن ثم علل به بعضهم حرمة التناكح بينهما فينبغي حينئذ أن لا يجب إلا بالإنزال كما في وطء البهيمة والميتة ثم أورد‏.‏ وأجاب ثم قال نعم لو ظهر لها في صورة آدمي فوطئها غير عالمة بأنه جني أو ظهرت له جنية كذلك فوطئها كذلك ثم علما بما كان في نفس الأمر وجب الغسل عليهما فيما يظهر لانتفاء ما يفيد قصور السببية‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ إلا إذا كان ذكره منتشرا قبل النوم إلخ‏)‏ قيد في المنية عدم وجوب الغسل في هذه الصورة بما إذا نام قائما أو قاعدا أما إذا نام مضطجعا فعليه الغسل وعزاه إلى المحيط والذخيرة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أن يستمني بعلاج لتسكن شهوته‏)‏ أما إذا قصد قضاء الشهوة فلا يحل كما في كتاب الصوم من إمداد الفتاح عن الخلاصة وصرح بالإثم إذا داوم عليه

‏(‏قوله‏:‏ ولا يكون مأجورا عليه‏)‏ قال في إمداد الفتاح وقيل يؤجر إذا خاف الشهوة كذا في الكفاية عن الواقعات ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏؛ لأن التواري في فرج البهيمة لا يوجب الغسل إلا بالإنزال‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ عللوه بأنه ناقص في انقضاء الشهوة بمنزلة الاستمناء بالكف وقالوا الإيلاج في الميتة بمنزلة الإيلاج في البهائم، وهذا صريح في عدم نقض الوضوء به ما لم يخرج منه شيء، وبه صرح ابن ملك في شرح المجمع في فصل ما يجب القضاء وما لا يجب وكذلك صرح به في توفيق العناية شرح الوقاية فلله الحمد والمنة فقد وافق بحثنا المنقول

‏(‏قوله‏:‏ لكن هذا يستلزم تخصيص النص بالمعنى‏)‏ أي بالقياس ابتداء إلخ؛ لأن قوله عليه الصلاة والسلام‏:‏ «إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل» يتناول الصغيرة والبهيمة والعام قطعي فيما يتناوله حتى يجوز نسخ الخاص به عندنا ولا يجوز تخصيصه ابتداء بظني كالقياس وخبر الواحد ما لم يخصص أولا بدليل مستقل لفظي مقارن، فإن خصص بذلك لا يبقى قطعيا على الصحيح فيخص بالقياس والآحاد على ما بسط في كتب الأصول، وما هنا ليس من هذا القبيل، فإنه تخصيص بالقياس ابتداء، وهو لا يخصص القطعي بقي أن الحديث الآتي وهو «إذا جلس بين شعبها الأربع» إلخ لم يظهر لي كونه من العام الذي عرفوه بأنه ما يتناول أفرادا متفقة الحدود على سبيل الشمول ولعله استفيد من إضافة شعب إلى الضمير، فإن الإضافة تأتي له الألف واللام، وإلا فالظاهر أنه من قسم المطلق فليتأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ويحتاجوا أيضا‏)‏ صوابه ويحتاجون

‏(‏قوله‏:‏ أما إذا كان العام ظنيا جاز تخصيصه بالقياس ابتداء‏)‏ قال في شرحه على المنار ولا يخفى أن منعهم تخصيصه بخبر الواحد والقياس إنما هو في عام قطعي الثبوت أما ظنيه كخبر الواحد، فإنه يجوز اتفاقا للمساواة‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وأما الجواب عن الثاني فلا نسلم أن المحل لا يشتهى‏)‏ يدل عليه إيجاب الشافعي رحمه الله الوضوء بمس العجوز دون الصغيرة التي لا تشتهى وما نقل عنه أنه رأى شيخا يقبل عجوزا فقال لكل ساقطة لاقطة

‏(‏قوله‏:‏ وقد يقال إنه غير صحيح إلخ‏)‏ قيد في النهر قول المصنف أو دبر بقوله لغيره قال إذ لو غيبها في دبر نفسه فلا غسل عليه؛ لأن النص ورد في الفاعل والمفعول فيقتصر عليه كذا في الصيرفية وحكى في المبتغى في المسألة خلافا ثم قال بعد نقل كلام البحر ولا يخفى أن محل الاتفاق إنما هو في دبر الغير أما في دبر نفسه فالذي ينبغي أن يعول عليه عدم الوجوب إلا بالإنزال إذ هو أولى من الصغيرة والميتة في قصور الداعي وعرف بهذا عدم الوجوب بإيلاج الإصبع

‏(‏قوله‏:‏ وفي فتح القدير أن في إدخال الإصبع الدبر خلافا إلخ‏)‏ ذكر العلامة الحلبي هنا تفصيلا فقال والأولى أن يجب في القبل إذا قصد الاستمتاع لغلبة الشهوة؛ لأن الشهوة فيهن غالبة فيقام السبب مقام المسبب وهو الإنزال دون الدبر لعدمها وعلى هذا ذكر غير الآدمي وذكر الميت وما يصنع من خشب أو غيره

‏(‏قوله‏:‏ وقد يقال إن بقاء البكارة إلخ‏)‏ قال في النهر ليس هذا مما الكلام فيه إذ الكبيرة كذلك؛ ولذا قالوا لو جومعت البكر لا غسل عليها إلا إذا حملت لإنزالها إنما الكلام في أن الغسل هل يجب بوطء الصغيرة حيث لا مانع إلا الصغر اختلفوا والصحيح أنها لو كانت بحيث تفضي بالوطء لم يجب، وإن توارت الحشفة لقصور الداعي وإلا وجب ا هـ‏.‏ وحاصله تقييد قول السراج فيجب الغسل إذا لم يفضها بشرط زوال عذرتها لا مطلقا، وهو كلام حسن سوي قوله إلا إذا حملت لما علمت مما تقدم ما فيه

‏(‏قوله‏:‏ وإن أولج الخنثى المشكل ذكره في فرج امرأة إلخ‏)‏ قال الشرنبلالي في شرح نور الإيضاح الكبير‏.‏ قلت ويشكل عليه معاملة الخنثى بالأضر في أحواله وعليه يلزمه الغسل ا هـ‏.‏

أقول‏:‏ معاملته بالأضر والأحوط ليس على سبيل الوجوب دائما بل قد يكون مستحبا في مواضع منها هذه ووجهه أن إشكاله أورث شبهة، وهي لا ترفع الثابت بيقين؛ لأن الطهارة كانت ثابتة يقينا فلا ترتفع بشبهة كون فرجه المولج أو المولج فيه أصليا بخلاف مسائل توريثه مثلا، فإنه لا يستحق الميراث ما لم يتحقق السبب فيعامل بالأضر لعدم تحقق ما يثبت له إلا نفع يدل على ما قلنا ما في كتاب الخنثى من غاية البيان إذا وقف في صف النساء أحب إلي أن يعيد الصلاة كذا قال محمد في الأصل؛ لأن المسقط، وهو الأداء معلوم والمفسد وهو المحاذاة موهوم وللتوهم أحب إعادة الصلاة، وإن قام في صف الرجال فصلاته تامة ويعيد من عن يمينه وعن يساره والذي خلفه بحذائه على طريق الاستحباب لتوهم المحاذاة ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقد ظهر لي فائدة أخرى إلخ‏)‏ قال في النهر ولا بد أن يقيد بما إذا استمر بها ثلاثة أيام أما إذا قتلت قبل إتمامها لا تغسل إجماعا إلا أن هذا قد يعكر على ما سبق عن الهندي فيحمل الاتفاق على وجوب الأداء ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ويجب حمله على الحكم بتعدد الحكم إلخ‏)‏ هذا لا ارتباط له بتوجيه قول الجرجاني إذ هو مخالف له بل راجع إلى القول الأول وحاصله أن كل ناقض موجب لحكمه إلا أنه اكتفى بوضوء واحد ولا يلزم منه أن يقال به في كل موضع تعددت فيه العلل لحكم واحد؛ لأنه يلزم عليه رفع وقوعها كذلك مع أن الأصوليين أثبتوه ولا يخفى أن ما ذكره عن الفتح من أن الحدث واحد لا تعدد في أسبابه ينفي ما ذكره، وكان الذي حمله على ذلك ما قدمه من مسألة الحنث، فإنها تقتضي تعدد الحكم لكن المحقق في فتح القدير قد أجاب عن ذلك فقال والحق أن لا تنافي بين كون الحدث بالسبب الأول فقط وبين الحنث؛ لأنه لا يلزم بناؤه على تعدد الحدث بل على العرف والعرف أن يقال لمن توضأ بعد بول ورعاف توضأ منهما ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وتعقب الزيلعي الحسن بأنه مشكل جدا إلخ‏)‏ قال في النهر ما في الكافي مسطور في الخلاصة وعزاه في النهاية إلى مبسوط شيخ الإسلام وإذ قد ثبت أن الرواية عن الحسن كذلك فالأولى صرف النظر في إبداء وجهها ولا مانع أن يقال إنما اشترط إيقاع الغسل فيه إظهارا لشرفه ومزيد اختصاصه عن غيره كعرفة على ما يأتي، وإنما لم يشترط للثاني إيقاعه في الصلاة للمنافاة نعم في الخانية أنه يقال أيضا عند الحسن فيجوز أن عنه روايتين ا هـ‏.‏ ولا يخفى ما في صدر كلامه لإيهامه أن كلام الزيلعي في ثبوت الرواية، وليس كذلك بل إشكاله في كلام الحسن بعد ثبوته‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ قال ابن أمير حاج‏)‏ أي في الحلية على المنية قال العلامة المقدسي في شرحه على نظم الكنز أقول‏:‏ ولا يستبعد أن يقول أحد بسنيته لليوم لفضيلته حتى لو حلف بطلاق امرأته في أفضل أيام العام تطلق يوم عرفة ذكره ابن ملك في شرح المشارق وقد وقع السؤال عن ذلك في هذه الأيام ودار بين الأقوام وكتب بعضهم بأفضلية يوم الجمعة والعقل بخلافه‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ قلت والظاهر أنه للصلاة أيضا‏)‏ قال في النهر أقول‏:‏ في الدرر لمنلا خسرو ما لفظه ويسن لصلاة جمعة ولعيد قال المصنف في شرحه أعاد اللام لئلا يفهم كونه سنة لصلاة العيد، وهذا صريح في أنه لليوم فقط، وذلك؛ لأن السرور فيه عام فيندب فيه التنظيف لكل قادر عليه صلى أم لا ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ نقل القهستاني عن التحفة أن غسل العيدين فيه خلاف أبي يوسف والحسن‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولنا فيه نظر نذكره إن شاء الله تعالى في الجنائز‏)‏ هو ما ينقله عن فتاوى قاضي خان ميت غسله أهله بغير نية أجزأهم ذلك ا هـ‏.‏ قال واختاره في الغاية والإسبيجابي؛ لأن غسل الحي لا يشترط له النية فكذا غسل الميت‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ بزوالها‏)‏ متعلق بالمشروط وقوله إلا به أي بالغسل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولم أجده لأئمتنا فيما عندي‏)‏ قال في النهر صرح في الدرر والغرر بندب غسل الكسوف والاستسقاء ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ومثله الشرنبلالي في متنه ثم رأيته أيضا في شرح درر البحار مع التصريح برمي الجمار ثم رأيت في معراج الدراية قيل يستحب الاغتسال لصلاة الكسوف وفي الاستسقاء وفي كل ما كان في معنى ذلك كاجتماع الناس‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والمراد هنا الأول‏)‏ أي الحل؛ لأن الطهارة تكون بما هو من الأفعال كالوضوء ونحوه وفي شرح الشيخ إسماعيل الظاهر هنا الصحة مع قطع النظر عن الحل وعدمه

‏(‏قوله‏:‏ ومن قال بعموم المشترك استعمل الجواز هنا بالمعنيين‏)‏ أقول‏:‏ أما وجه استعماله بمعنى الحل فلما تقدم، وأما وجه استعماله بمعنى الصحة؛ فلأنها لازمة للحل من غير عكس وهنا كذلك، فإن الطهارة قد تصح وتحل وقد تصح ولا تحل كالطهارة بماء مباح أو بماء الغير

‏(‏قوله‏:‏ والمراد هنا الينبوع بقرينة السياق‏)‏ قال في النهر هذا مبني على أنه معطوف على ماء وبعده لا يخفى والأولى أن يعطف على السماء وعليه فلا يكون مشتركا بين ما ذكر نعم هو مشترك بينه وبين ماء الباصرة والثاني غير مراد بقرينة السياق ا هـ‏.‏ ويمكن تقدير مضاف في كلام الشارح أي ماء الينبوع فيئول إلى ما ذكر

‏(‏قوله‏:‏ وبالحديث الصحيح الذي رواه مالك إلخ‏)‏ لا يخفى أن الاستدلال مسوق على جواز الطهارة بماء السماء وما في الحديث ماء البحر اللهم إلا أن يقال إنه مبني على ما تقدم من أن المياه كلها من السماء وسيأتي عنه جواب آخر

‏(‏قوله‏:‏ كلتا الصفتين سواء‏)‏ الصفتان هما أصل الطهارة والمبالغة فيها

‏(‏قوله‏:‏ وفيه بحث‏)‏ أي فيما قرره بعض الشارحين من الإيراد والجواب والبحث فيه من وجوه ثلاثة الأولان على الإيراد والثالث على الجواب ولا يخفى على المتأمل أن البحث الثالث يدفع البحثين الأولين فبقي الإيراد السابق متوجها ولا ينفعه الجواب بقوله قلنا إنما تفيد هذه الصيغة إلخ لما يرد عليه من البحث الثالث وأقول‏:‏ لا يخفى عليك ضعف هذه الوجوه الثلاثة أما الأولان فلما علمت؛ ولأن المورد سابقا استند إلى أصول أهل العربية وما ذكره الشارح من الوجهين مجرد دعوى لا دليل عليها وقد تقرر بين علماء آداب البحث أن المدعي المدلل لا يمنع إلا مجازا بمعنى طلب الدليل على المقدمة وما هنا ليس كذلك فلا يكون موجها، وأما الثالث؛ فلأن مما هو مقرر أن ما ذكر في السؤال كالمعاد في الجواب والذي في الحديث السؤال عن جواز الوضوء بماء البحر فلو كان المراد بالطهور الواقع في الجواب هو كثير الطهارة ولا تطهير فيه لم يفد شيئا؛ لأن حاصل الجواب حينئذ أنه يجوز الوضوء به؛ لأنه كثير الطهارة ولا مدخل لكثرة الطهارة في مكان التطهير؛ لأن الصفتين فيه سواء كما مر وحاشا من حاز من الفصاحة القدح المعلى أن يريد ذلك فعلم أن المراد المبالغة باعتبار التطهير، وإذا تعين ذلك حمل ما في الآية على هذا المعنى، وبه يظهر وجه صحة ما ذكره الشارح أولا من الاستدلال على جواز الطهارة بماء السماء بالحديث المذكور مع أنه وارد في ماء البحر لا ماء السماء فيكون ذكره للاستدلال على أن المراد بالطهور في الآية ما ذكر ولكنه بعيد يحتمل البحث فالأولى ما قدمناه

‏(‏قوله‏:‏ وقد استدل على جواز الطهارة بماء الثلج والبرد إلخ‏)‏ هذا الاستدلال للبحث فيه مجال فليتأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فحينئذ لا ينبغي عطفه في المختصر على ما تغير‏)‏ كان الأولى أن يقول لا ينبغي عطفه على بكثرة الأوراق؛ لأنه هو المعطوف عليه لا ما ذكره‏.‏

‏(‏قول المصنف واعتصر من شجر أو ثمر‏)‏ أسقط من عبارة المتن قوله بعد هذا أو غلب عليه غيره أجزأ فكان الواجب ذكر ذلك لكنه قد وجد في بعض النسخ

‏(‏قوله‏:‏ فلا بد من التوفيق فنقول إلى آخر كلامه‏)‏ أقول‏:‏ حاصل ما ذكره هنا وأطال به هو ما ذكره الشيخ علاء الدين الحصكفي في شرحه على التنوير بعبارة وجيزة ولله دره حيث قال الغلبة إما بكمال الامتزاج بتشرب نبات أو بطبخ بما لا يقصد به التنظيف وإما بغلبة المخالط فلو جامدا فبثخانة ما لم يزل الاسم كنبيذ تمر ولو مائعا فلو مباينا لأوصافه فبتغير أكثرها أو موافقا كلبن فبأحدها أو مماثلا كمستعمل فبالأجزاء، فإن المطلق أكثر من النصف جاز التطهير بالكل، وإلا لا، وهذا يعم ليلقى وليلاقي ففي الفساقي يجوز التوضؤ ما لم يعلم بتساوي المستعمل على ما حققه في البحر والنهر والمنح قلت لكن الشرنبلالي في شرحه للوهبانية فرق بينهما فراجعه متأملا ا هـ‏.‏ وكأنه يشير إلى ضعف ما في الشرنبلالية من الفرق وستطلع إن شاء الله تعالى على حقيقة الحال بعون الملك المتعال هذا وفي فتح القدير والوجه أن يخرج من الأقسام ما خالط جامدا فسلب رقته وجريانه لأن هذا ليس بماء مقيد والكلام فيه بل ليس بماء أصلا كما يشير إليه قول المصنف فيما يأتي قريبا في المختلط بالأشنان إلا أن يغلب فيصير كالسويق لزوال اسم الماء عنه ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وعليه يحمل ما عن أبي يوسف وما في الينابيع‏)‏ الذي قدمه عن أبي يوسف لا يخالف هذا ظاهرا حتى يحمل عليه بخلاف ما في الينابيع تأمل‏.‏

‏(‏قوله وعليه وعلى الأول‏)‏ أي على أن العبرة للأجزاء أي القدر والوزن إن كان لا يخالف في الأوصاف وعلى أن العبرة بانتفاء الرقة إن كان جامدا فقوله فإن كان المخالط جامدا وقوله‏:‏ وإن كان مائعا تفريع عليه وتفصيل لما علم إجمالا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ كاللبن يخالفه في اللون والطعم إلخ‏)‏ قال الرملي‏:‏ أقول‏:‏ المشاهد في اللبن مخالفته للماء في الرائحة أيضا وكذلك المشاهد في البطيخ مخالفته للماء في الرائحة فجعل الأول مما يخالفه في وصفين فقط والثاني في وصف فقط فيه نظر وأيضا في البطيخ ما لونه أحمر وفيه ما لونه أصفر فتأمل

‏(‏قوله‏:‏ والذي يظهر أن مراده من البعض البعض الأقل إلخ‏)‏‏.‏

أقول‏:‏ قول المجمع ونجيزه بغالب على طاهر لا يخلو إما أن يحمل على الأعم من الجامد والمائع أو على الجامد فقط ولا سبيل إلى حمله على المائع فقط لقوله كزعفران‏.‏ فإن حمل على الأعم لا يصح حمل البعض على الواحد؛ لأن غلبة المخالط الجامد تعتبر بانتفاء الرقة لا بالأوصاف فضلا عن وصف واحد وأيضا بالنظر إلى المخالط المائع لا تثبت الغلبة فيه بوصف واحد مطلقا، فإنه إذا كان مخالفا للماء في كل الأوصاف يعتبر ظهورها كلها أو أكثرها، وإن حمل على الجامد فقط فقد علمت مما قررناه ما يرد عليه من أنه يعتبر فيه انتفاء الرقة والسيلان، وإن تغيرت الأوصاف كلها ما لم يزل عنه اسم الماء كما يأتي التقييد به فلا فرق بين الزعفران وبين ماء الباقلاء والجاز الذي في الينابيع والظهيرية فكما اعتبر فيه انتفاء الرقة فليعتبر في الزعفران نعم في عبارة المجمع تأمل من حيث إفهامها أنه لو تغير الأوصاف كلها لا يجوز الوضوء به، فإنه ليس على إطلاقه فيقيد بانتفاء الرقة أو يقال إذا تغيرت الأوصاف كلها بنحو الزعفران يزول اسم الماء عنه غالبا فقد ظهر لك إمكان حملها على ما قرره وإن حملها على أن المراد بالبعض الواحد كما هو ظاهر عبارة شرحه يقوي الأشكال فيجب تأويل ما في شرحه على أنه ليس المراد تغيير واحد فقط أو على أن أو بمعنى الواو فينتظم الكلام والله تعالى ولي الإلهام

‏(‏قوله‏:‏ يدل عليه ما في البدائع إلخ‏)‏ ظاهره أن الضمير راجع إلى عدم الفرق بينهما هكذا كنت توهمت وكتبت بعض مقولات على عبارة الشارح بناء عليه ثم ظهر أن مراده الاستدلال على أن الماء المستعمل لا يفسد الطهور ما لم يغلبه أو يساوه لا على عدم الفرق كما قد يتوهم

‏(‏قوله‏:‏ فإن قلت قد صرح قاضي خان إلخ‏)‏ جواب الشرط سيأتي بعد صفحة ومنشأ السؤال ما استدل عليه أولا أن الماء المستعمل لا يفسد الطهور ما لم يغلبه أو يساوه

‏(‏قوله‏:‏ ثم ينظر إن كان على بدنه عين نجاسة تنجست المياه كلها إلخ‏)‏ إن كان المراد بالمياه مياه الآبار العشرة لم يظهر لنا وجهه فتأمل وراجع وكذا تنجس الآبار كلها عند أبي يوسف مشكل ثم ظهر أن ذلك مفرع على رواية عن أبي يوسف أن من نزل في البئر، وهو جنب كان الماء نجسا والرجل نجس كما سيذكره الشارح في مسألة البئر جحط واستدل على ذلك بأن الإسبيجابي ذكر هذه الرواية عنه ثم ذكر هذه الفروع بعدها فالظاهر أنها مفرعة عليها لا على القول المشهور عنه أن الرجل بحاله والماء بحاله ا هـ‏.‏ والله تعالى أعلم والظاهر أن المراد بالمياه المتنجسة أو المستعملة عند محمد مياه الآبار الثلاثة فقط بدليل تكملة عبارة الإسبيجابي كما سيذكره الشارح هناك حيث قال بعدما ذكره هنا ثم بعد الثالثة إن وجدت منه النية يصير مستعملا وإن لم توجد منه النية لا يصير مستعملا عنده‏.‏ ا هـ‏.‏ فتأمل‏.‏ ثم رأيت المسألة مسطورة في السراج الوهاج بأوضح مما ذكره الشارح مع النص على ما استظهرناه وذلك حيث قال ولو أن الجنب اغتسل في البئر ثم في بئر إلى العشرة أو أكثر تنجس المياه كلها عند أبي يوسف سواء كان على بدنه نجاسة عينية أو لا والرجل على حاله جنب وقال محمد‏:‏ يخرج من البئر الثالثة طاهرا والمياه الثلاثة ينظر فيها إن كان على بدنه عين النجاسة صار الماء نجسا، وإن لم يكن صار الماء مستعملا والمستعمل عنده طاهر، وأما الرابع وما وراءه إن وجدت منه النية صار مستعملا، وإلا فلا يعني إذا لم توجد النية فالمياه طاهرة ا هـ‏.‏ وظاهر قوله اغتسل أن الغسل في الثلاث الأول كان بنية ووجه استعمالها سقوط الفرض بها مع القربة وسنية التثليث، وأما استعمال ما بعدها فيتوقف على النية أيضا لحصول القربة بتجديد الغسل لاختلاف المجلس وظاهره أنه مستحب كالوضوء فليتأمل ولا يتنجس الرابع وما بعده لو كانت عليه نجاسة لطهارته بخروجه من الثالثة

‏(‏قوله‏:‏ فهذه العبارة كشفت اللبس إلخ‏)‏ قال أخوه المحقق فيما نقل عنه في هوامش هذا الكتاب على ما في بعض النسخ نعم كشفت اللبس من حيث آخرها إلا أن محمدا يقول لما اغتسل بالماء القليل صار الكل مستعملا حكما فلنا صورتان صورة وقوع ماء مستعمل في ماء غير مستعمل فيعتبر غلبة الماء الذي ليس بمستعمل والصورة الثانية ماء واحد توضأ به شخص أو أدخل يده لحاجة صار مستعملا كله حكما كما رأيت ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فما في البدائع محمول على أن مقتضى مذهب محمد عدم الاستعمال‏)‏ أي حقيقة يعني أن صاحب البدائع نسب إلى محمد عدم الاستعمال بناء على ما اقتضاه مذهبه من أن المستعمل لا يفسد الماء ما لم يغلبه أو يساوه لكن محمدا ما قال بذلك الذي اقتضاه مذهبه بل قال في هذه الصورة أنه صار مستعملا حكما كما صرحت به عبارة الدبوسي‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ومما صب فيه‏)‏ أي وينزح ما ذكر أيضا من بئر أخرى صب فيها دلو مثلا من هذه البئر كذا قيل والأظهر أن المراد أنه ينظر في العشرين دلوا وفي المصبوب فأيهما أكثر ينزح بدليل ما سيأتي في أحكام الآبار لو وقعت الفأرة في جب فأريق الماء في البئر قال محمد ينزح الأكثر من المصبوبة ومن عشرين دلوا، وهو الأصح؛ لأن الفأرة لو وقعت فيها ينزح عشرون فكذا إذا صب فيها ما وقع فيه إلا إذا زاد المصبوب على ذلك فتنزح الزيادة مع العشرين ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ونبه عليها في شرح منظومة ابن وهبان إلخ‏)‏، وهو العلامة ابن الشحنة، فإنه قال فيه عند الكلام على مسألة المحدث والجنب إذا وقع في بئر ما نصه والذي تحرر عندي أنه يختلف الحكم فيها باختلاف أصول أئمتنا فيه والتحقيق النزح للجميع عند الإمام على القول بنجاسة الماء المستعمل وقيل أربعون عنده وتحقيق مذهب محمد أنه يسلبه الطهورية، وهو الصحيح عن الإمام والثاني وعليه الفتوى ينزح منه عشرون ليصير طهورا، وهذا على القول بعدم اعتبار الضرورة أما لو اعتبرت الضرورة ودفع الحرج فلا يصير الماء مستعملا في كل موضع تتحقق الضرورة في الانغماس في الماء أو إدخال العضو فيه واعتبار الضرورة في مثل ذلك مذكور في الصغرى وغيرها ولا تغتر بما ذكره شيخنا العلامة زين الدين قاسم تغمده الله تعالى برحمته في رسالته المسماة برفع الاشتباه فإنه خالف فيها صريح المنقول عن أئمتنا واستند إلى كلام وقع في البدائع على سبيل البحث يوهم عدم صيرورة الماء القليل مستعملا بالانغماس فيه؛ لأن المستعمل منه ما لاقى بدن المحدث، وهو قليل لاقى طهورا أكثر منه فلا يسلبه وصف الطهورية وتبعه على ذلك بعض من ينتحل مذهب الحنفية ممن لا رسوخ له في فقههم وكتب فيه كتابة مشتملة على خلط وخبط ومخالفة النصوص المنقولة عن محمد رحمه الله وقد بينت ذلك في مقدمة كتبتها حققت فيها المذهب في هذه المسألة‏.‏ والحاصل أن أبا زيد الدبوسي في كتاب الأسرار أورد ما ذكره في البدائع على سبيل الإلزام من أبي يوسف لمحمد رحمهما الله وذكر جواب محمد عنه فكشف اللبس وأوضح كل تخمين وحدس، فإنه قال بعد ذكر مذاهب علمائنا في الماء المستعمل والاستدلال لمحمد وعامة مشايخنا ينصرون قول محمد وروايته عن أبي حنيفة ثم قال يحتج للقول الآخر بما روي فذكر حديث‏:‏ «لا يبولن أحدكم» ثم قال ومن قال إن الماء المستعمل طاهر طهور لا يجعل الاغتسال فيه حراما إلى آخر ما قدمه الشارح هنا عن الدبوسي‏.‏ وفي البدائع أيضا التصريح بأن الطاهر إذا انغمس في البئر للاغتسال صار مستعملا عند أصحابنا الثلاثة وصرح في فتاوى قاضي خان بأن إدخال اليد في الإناء للغسل يفسد الماء عند أئمتنا الثلاثة وتكفل بإيضاح هذا وتحريره رسالتي المسماة بزهر الروض في مسألة الحوض وما كتبته بعد ذلك حين رؤية ما أفتى به بعض أصحابنا فانظره ا هـ‏.‏ وقال العلامة الشيخ حسن الشرنبلالي في شرحه على الوهبانية وما ذكر من أن الاستعمال بالجزء الذي يلاقي جسده دون باقي الماء فيصر ذلك الجزء مستهلكا في كثير فهو مردود لسريان الاستعمال في الجميع حكما، وليس كالغالب بصب القليل من الماء فيه ا هـ‏.‏ يعني‏:‏ أنه لما انغمس أو أدخل يده مثلا صار مستعملا لجميع ذلك الماء الذي انغمس فيه أو أدخل يده فيه حكما؛ لأن المستعمل حقيقة هو ما لاقى جسده وذلك بخلاف ما إذا صب المستعمل فيه، فإن المستعمل حقيقة وحكما هو ذلك الملقى فلا وجه للحكم على الملقى فيه بالاستعمال ما لم يساوه أو يغلب عليه إذ لم يدخل فيه جسده حتى يحكم عليه بالاستعمال حكما يدل عليه ما في الأسرار للدبوسي وقولهم في مسألة البئر جحط لو انغمس بقصد الاغتسال للصلاة صار الماء مستعملا اتفاقا وأما ما ادعاه الشارح من أن ما في الأسرار رواية ضعيفة عن محمد مستدلا بما نقله عن المحيط والسراج الهندي فهو مبني على دعوى عدم الفرق بين ما لاقاه المستعمل أو ألقي فيه، وإلا فلا دلالة فيه على ذلك؛ لأن ما ذكره في المحيط والهندي في الملقى ولا كلام فيه، وإنما الكلام في الملاقى فيحتاج إلى إثبات عدم الفرق وليس في شيء مما ذكره من النقول ما يثبته‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فأقول وبالله التوفيق‏)‏ أقول‏:‏ إن كان الخلاف الذي جرى بين أهل العصر في جواز التوضؤ من الفساقي وعدمه مطلقا سواء كان بانغماس بجسد أو يد أو بغيره فلا كلام في أن ما ذكره من النقول يدل على مدعاه من الجواز فعبارة البدائع تدل على الجواز في الانغماس وغيرها في غيره، وأما إذا كان الخلاف في أنه بالانغماس يصير الماء مستعملا بخلاف ما إذا كان بغيره كما هو ظاهر عبارة الشرنبلالي التي ذكرناها آنفا وأيدناها بما ذكره عن الدبوسي، وهو ظاهر ما يأتي في قوله، وإذا عرفت هذا إلخ، فإنه يدل على أن الخلاف في الملقى والملاقى فما ذكره من النقول لا يدل على عدم الاستعمال بالملاقى سوى ما قدمه عن البدائع، فإنه يدل عليه ولكن قد علمت ما فيه مما نقلناه عن ابن الشحنة‏.‏ وأما غير عبارة البدائع فهو في الملقى وقد علمت أنه لا نزاع فيه؛ ولذا قال أخو الشارح فيما نقل عنه في هوامش هذا الكتاب عند قوله الآتي قال في المحيط‏:‏ إلخ ما نصه لا يخفاك أن العبارة في وقوع الماء لا المغتسل، وكذا فيما بعده ا هـ‏.‏ وكذا ما نقلنا عنه سابقا وكأنه استدل بذلك بناء على ما سيذكره من عدم الفرق بينهما، وإذا ثبت ذلك يصح الاستدلال، ولكن الكلام في ذلك، فإن الخصم لا يسلم عدم الفرق فتأمل في هذا المقام، فإنه من مزال الأقدام والله تعالى ولي الإلهام هكذا من قول المحشي قوله ونبه عليها في شرح منظومة إلخ إلى قوله الآتي إذ لا معنى للفرق بين المسألتين هو على حسب ما وجد بخطه رحمه الله في حاشية نسخته حيث كان هو الأولى مما سلكه المجرد لخطه في المبيضة فلذا نبهنا عليه ا هـ مصححة

‏(‏قوله‏:‏ فأما على المختار من رواية أنه طاهر غير طهور فلا‏)‏ قال أخوه فيما نقل عنه أي فلا يقال فاسد بل يقال هو طاهر غير طهور، وإنها لغفلة عن فهم كلام العلماء ا هـ‏.‏

أقول اسم الإشارة في قول الشارح وقد كشف عن هذا لكون ما ذكر في كثير من الكتب محمولا على رواية نجاسة الماء المستعمل ولا شك في كشف عبارة الفتح عن ذلك

‏(‏قوله‏:‏ إذ لا معنى للفرق بين المسألتين‏)‏ قال بعض مشايخنا يدل عليه أنه أيضا رواية النجاسة فإن النجس ينجس غيره سواء كان ملقى أو ملاقيا فكذا على رواية الطهارة، وإذا كان كذلك فليكن التعويل عليه سيما وقد اختاره كثيرون وعامة من تأخر عن الشارح تابعه على ذلك حتى صاحب النهر مع ما فيه من رفع الحرج العظيم على المسلمين‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فثبت بهذه النقول إلخ‏)‏ أي ثبت أن المذهب عندنا عدم التقدير بشيء‏.‏ هذا وفي الهداية الغدير العظيم الذي لا يتحرك أحد طرفيه بتحريك الطرف الآخر ثم إن المروي عن أبي حنيفة أنه كان يعتبر التحريك بالاغتسال، وهو قول أبي يوسف وعنه التحريك باليد وعن محمد بالتوضؤ وبعضهم قدروا بالمساحة عشرا في عشر بذراع الكرباس توسعة للأمر على الناس وعليه الفتوى ا هـ‏.‏ ومثله في السراج ثم قال وصحح في الوجيز قول محمد وقال في معراج الدراية‏:‏ وتفسير الخلوص في ظاهر المذهب أنه لو حرك جانب يتحرك الجانب الآخر فيكون صغيرا، وإلا كان كبيرا‏.‏ وفي الشرح للزيلعي اعلم أن أصحابنا اختلفوا في هذه المسألة فمنهم من يعتبر بالتحريك ومنهم من يعتبر بالمساحة وظاهر المذهب أن يعتبر بالتحريك، وهو قول المتقدمين حتى قال في البدائع وفي المحيط اتفقت الرواية عن أصحابنا المتقدمين أنه يعتبر بالتحريك، وهو أن يرتفع وينخفض من ساعته لا بعد المكث ولا يعتبر أصل الحركة؛ لأن الماء لا يخلو عنه؛ لأنه متحرك بطبعه ثم اختلف كل واحد من الفريقين في التقدير فأما من قال بالمساحة فمنهم من اعتبر عشرا في عشر ومنهم من اعتبر ثمانيا في ثمان ومنهم اثني عشر في اثني عشر ومنهم خمسة عشر في خمسة عشر، وأما من اعتبر بالتحريك فمنهم من اعتبر بالاغتسال رواه أبو يوسف عن أبي حنيفة‏.‏ وروي عن محمد بالتوضؤ وروي عن أبي يوسف باليد من غير اغتسال ولا وضوء وروي عن محمد بغمس الرجل وقيل يلقى فيه قدر النجاسة من الصبغ فموضع لم يصل إليه الصبغ لم يتنجس وقيل يعتبر بالتكدر وظاهر الرواية عن أبي حنيفة أنه يعتبر أكبر رأي المبتلى به ا هـ ملخصا‏.‏ وفي التتارخانية واتفقت الروايات عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد في الكتب المشهورة أن الخلوص يعتبر بالتحريك والمتأخرون اعتبروه بشيء آخر فقيل بوصول الكدرة إلى الجانب الآخر وقيل بالصبغ وقيل بعشر في عشر إلخ ومثله في غير كتاب فأنت ترى أنهم نقلوا ظاهر الرواية اعتبار الخلوص بغلبة الظن بلا تقدير بشيء ثم نقلوا ظاهر الرواية اعتباره بالتحريك وبين النقلين منافاة في الظاهر؛ لأن غلبة الظن أمر باطني يختلف باختلاف الظانين والتحريك أمر حسي ظاهر لا يختلف ولعل التوفيق أنه يعتبر غلبة الظن بأنه لو حرك لوصل إذا لم يوجد التحريك بالفعل فليتأمل‏.‏ ولم أر من تكلم على هذا البحث ثم حيث علمت أن اعتبار التحريك منقول عن أئمتنا الثلاثة في ظاهر الرواية عنهم يظهر لك أن اعتبار العشر في العشر ليس خارجا عن المذهب بالكلية بناء على أن ذلك القدر لا تختلف الآراء في عدم خلوص النجاسة فيه إلى جانبه الآخر فقدروا به لئلا يقع من لا رأي له أو من غلبت عليه الوسوسة في تنجيسه أو تنجيس أعظم منه، وأما اختلافهم في أنه يعتبر فيه ثمان في ثمان أو خمسة عشر في خمسة عشر فالظاهر أنه مبني على الاختلاف في المراد من الحركة هل هي حركة اليد أو حركة الاغتسال أو حركة الوضوء، وهذه الحركة هي المتوسطة؛ ولذا رجحوها واعتبروا لها عشرا في عشر

‏(‏قوله‏:‏ فقد علمت أنه ليس مذهب أصحابنا إلخ‏)‏ قال في النهر ممنوع بأنه لو كان كما قال لما ساغ لهم الخروج عن ذلك المقال كيف، وقد اعترف بأن أكثر تفاريعهم على اعتبار العشر في العشر ا هـ

‏(‏قوله‏:‏ ولذا صحح إلخ‏)‏ انظر ما معنى هذا الكلام

‏(‏قوله‏:‏ وهذا‏)‏ أي ما في التجنيس

‏(‏قوله‏:‏ والاستعمال إنما هو من السطح لا من العمق‏)‏ هذا ناظر إلى قوله ومثله لو كان له عمق بلا سعة

‏(‏قوله‏:‏ وبهذا يظهر ضعف ما اختاره في الاختيار‏)‏ أي بقوله والاستعمال إنما هو من السطح لا من العمق يظهر ضعف ما اختاره في الاختيار من تصحيح ما في التجنيس من اعتبار العمق والطول‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي التجنيس حوض عشر في عشر إلا أن له مشارع‏)‏ هي جمع مشرعة مورد الشاربة‏.‏ والحاصل أن هذا الحوض مسقف وفيه طاقات لأخذ الماء منه، فإن كان الماء متصلا بالألواح التي سقف بها هذا الحوض لا يضطرب بالاستعمال لا يجوز التوضؤ منه؛ لأن كل مشرعة منه حينئذ كحوض صغير، وإن كان دون الألواح يجوز؛ لأنه حوض واحد لاضطرابه باستعمال المستعمل منه‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو تنجس الحوض الصغير ثم دخل فيه ماء آخر وخرج إلخ‏)‏ أقول‏:‏ سيأتي أن الصحيح أنه إذا جرى طهر، وإن لم يكن له مدد وسيذكر فروعا مبنية عليه وعلى هذا فإذا كان الحوض منتقصا وتنجس ثم أفرغ فوقه ماء طاهر بنحو قربة حتى جرى ماء الحوض وكذا الإبريق إذا كان فيه ماء نجس ثم صب فوقه ماء طاهر هل يحكم بطهارته بمجرد ذلك أم لا ومقتضى ما سيأتي الحكم بطهارته، وقد وقع في عصرنا الاختلاف في هذه المسألة بين بعض مشايخنا فبعضهم منعه مستندا إلى أنه لا يعد في العرف جاريا وبعضهم قال يطهر؛ لأنه مثل مسألة الميزاب الآتية حتى أفتى في آنية فيها ماء ورد وقعت فيها نجاسة بأنها تطهر بمجرد جريانها بأن يصب فوقها ماء قراح أو ماء ورد طاهر أخذا مما ذكر ومما سيأتي قريبا أن سائر المائعات كالماء لكن أخبرنا شيخنا حفظه الله تعالى أن بعض أهل عصره في حلب أفتى بذلك أيضا في المائعات فأقام عليه النكير أهل عصره ولم يقبلوا ذلك منه فتأمل قلت ورأيت في البدائع بعد ذكر الخلاف في تطهير الحوض الصغير من الأقوال الثلاثة المذكورة في كلام المؤلف قال ما نصه وعلى هذا حوض الحمام أو الأواني إذا تنجست ا هـ‏.‏ ومقتضاه طهارة الأواني بمجرد دخول الماء وخروجه وإن قل بناء على القول الصحيح من الأقوال الثلاثة وأنه يعد جاريا وقد علل في البدائع هذا القول بقوله؛ لأنه صار ماء جاريا ولم نستيقن بقاء النجاسة فيه قال وبه أخذ الفقيه أبو الليث

‏(‏قوله‏:‏ ثم كلامهم إلخ‏)‏ أي إذا قلنا إنه لا يطهر ما لم يخرج قدر ما فيه أو ثلاثة أمثاله، فذلك الخارج قبل بلوغه القدر المذكور نجس؛ لأنه لم يحكم بطهارة الحوض فكذا ما خرج منه بخلاف ما إذا قلنا بطهارته بمجرد الخروج، فإن ذلك الخارج طاهر لحكمنا بطهارة الحوض بمجرد ذلك يدل عليه ما في الظهيرية والصحيح أنه يطهر، وإن لم يخرج مثل ما فيه، وإن رفع إنسان من ذلك الماء الذي خرج وتوضأ به جاز ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فإن قيل العبرة لعموم اللفظ إلخ‏)‏ منشأ السؤال قوله فيما مر قلنا هذا ورد في بئر بضاعة إلخ

‏(‏قوله‏:‏ فاختصت القضية الثانية بالقليل‏)‏ المراد بالقضية الثانية تتمة حديث‏:‏ «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم»، وهي قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «ولا يغتسلن فيه من الجنابة» كما في معراج الدراية وتقدم أيضا

‏(‏قوله‏:‏ فعلى هذا حاصل النهي إلخ‏)‏ مراده رد ما قدمه عن فتح القدير من أنه لا تعارض بين الحديثين بناء على تخصيصهما بالإجماع وحاصله أن التعارض بالنظر إلى مفهوميهما مع قطع النظر عن الإجماع تأمل

‏(‏قوله‏:‏ أما الأول، فإنه اختلف على أبي أسامة إلخ‏)‏ قال أبو بكر ابن العربي‏:‏ في شرح الترمذي مداره على مطعون عليه أو مضطرب في الرواية أو موقوف حسبك أن الشافعي رحمه الله رواه عن الوليد بن كثير هو إباضي منسوب إلى عبد الله بن أباض من غلاة الروافض واضطرابه في الرواية أنه روي قلتين أو ثلاثا وروي أربعون قلة وروي أربعون غربا فلا يصير حجة علينا ولئن صح فهو محمول على ما ذكرنا وقد ترك جماعة من أصحابه مذهبه فيه لضعفه كالغزالي والروياني وغيرهما كذا في معراج الدراية

‏(‏قوله‏:‏ زاد عليه في فتح القدير‏)‏ أي زاد وجها آخر على الوجهين اللذين ذكرهما النووي، وهو أنه إذا لم يعتبر مفهوم شرط يلزم عدم إتمام الجواب، وأما الوجه الأول أعني اعتبار مفهوم الشرط فهو حاصل الوجه الثاني الذي ذكره النووي، وإنما لم يذكر الوجه الثاني الذي ذكره في الفتح لكون النووي يقول بحجية مفهوم الشرط هكذا يستفاد من هذا الكلام وفيه بحث؛ لأن مفهوم الشرط فيما زاد على القلتين لا فيما دونهما كما هو مبنى اعتراض النووي‏:‏ الثاني‏:‏ فإن ما دونهما ينجس بدلالة النص كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فلا تقل لهما أف‏}‏ فإذا تنجس ما كان قلتين فبالأولى تنجس ما دونهما فليس داخلا تحت مفهوم الشرط بل الداخل فيه الزائد عليهما أي يفهم منه ثم ما زاد لا ينجس فلا يناسب الحنفي الحمل على المعنى المذكور أعني أنه يضعف عن النجاسة إذ لا يقول بعدم نجاسة ما زاد على القلتين ما لم يكن غديرا، وهذا كما ترى غير ما ذكره النووي فقوله هذا إن اعتبر مفهوم شرطه إشارة إلى ما ذكره النووي غير صواب فكان عليه بيانه وجها مستقلا ولا بأس بذكر عبارة الفتح توضيحا لما قلنا فنقول قال في الفتح معترضا على ما في الهداية هذا يستلزم أحد أمرين إما عدم إتمام الجواب إن لم يعتبر مفهوم شرطه، فإنه حينئذ لا يفيد حكمه إذا زاد على القلتين والسؤال عن ذلك الماء كيف كان، وأما اعتبار المفهوم ليتم الجواب والمعنى حينئذ إذا كان قلتين تنجس لا إن زاد فإن وجب اعتباره هنا لقيام الدليل عليه، وهو كي لا يلزم إخلاء السؤال عن الجواب المطابق كان الثابت به خلاف المذهب إذ لم نقل بأنه إذا زاد على قلتين شيئا ما لا ينجس ما لم يتغير ا هـ‏.‏ وبهذا تعلم أيضا أن الإيراد باعتبار مفهوم الشرط ليس مبنيا على القول بحجيته مطلقا بل مبني على اعتباره هنا لدليل قام عليه علمته فتبصر

‏(‏قوله‏:‏ لكن قال الخبازي إلخ‏)‏ يعني أن الماء إذا كان كثيرا ثم انتقص، وصار قلتين ضعف عن حمل النجاسة فيتنجس وأنت خبير أنه ليس في الكلام السابق ما يصلح أن يكون هذا استدراكا عليه نعم يصلح استدراكا على ما رد به صاحب الفتح الوجه الثاني الواقع في كلامه من أنه يلزم أن يكون الثابت به خلاف المذهب ويكون ما به الاستدراك مستفادا من قوله فإن قيل إلخ وحاصله أن ما زاد على القلتين لا يرد علينا أنه يلزم أن لا يكون نجسا حيث فهم ذلك من تخصيص النجاسة بالقلتين؛ لأن التخصيص بذلك لفائدة الرد على من سيقول بعدم النجاسة، والذي أوقع الشارح في هذا كله اختصاره عبارة الفتح‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ كذا في شرح منية المصلي‏)‏ أي للعلامة ابن أمير حاج لكنه ذكر عبارة النصاب في بحث الماء الجاري

‏(‏قوله‏:‏ وذكر أبو الحسن الكرخي إلخ‏)‏‏.‏

أقول‏:‏ الظاهر أن مراده ما علم فيه النجس بأن ظهر عليه أثره لا مجرد المخالطة بدليل قوله ولو جاريا إذ لو كان جاريا ولم يظهر فيه أثر النجس كيف يكون الصحيح عدم جواز الوضوء به، وحينئذ فلا ينبغي ذكره هنا؛ لأن المراد ما إذا لم يظهر أثر النجاسة وبه يعلم ما في كلام الزيلعي فتدبر ثم رأيت في الشرنبلالية ذكر ما قلته ولله الحمد‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقد توهم بعض المشتغلين إلخ‏)‏ قيل هو علي الرومي شيخ المدرسة الأشرفية أورد الرد فضحك منه وقد أورده الشيخ قاسم في مجلسه على سبيل الاستهزاء بقائله وليس العجب منه بل العجب من الشارح حيث أورده هنا‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لكن الجواب عنهما أن ما ليست موصولة وإنما هي نكرة موصوفة‏)‏ أقول‏:‏ النكرة الموصوفة هي التي تقدر بقولك شيء كما ذكره ابن هشام في مغني اللبيب فما ورد على كونها موصولة يرد على كونها موصوفة بالأولى والحق أن الضمير عائد على الماء الجاري المذكور قبله فالموصول صفة له ويجوز تقديرها نكرة موصوفة لكن مع تخصيص لفظ شيء أي والماء الجاري شيء من الماء يذهب بتبنة ولا يخفى أن الأول أولى وأن الإيراد ساقط من أصله إذ لا يخطر في بال عاقل فضلا عن فاضل

‏(‏قوله‏:‏ ويجوز أن يعود إلى الماء الراكد‏)‏ أقول‏:‏ هذا هو الأولى؛ لأن الجاري لم يذكر مقصودا بل المحدث عنه الماء الدائم والجاري ذكر معترضا في البين فالفاء للتفريع على قوله إن لم يكن عشرا بعشر أي ولا يتوضأ بماء دائم فيه نجس إن لم يكن عشرا بعشر فيتوضأ منه إن لم ير أثره إلخ

‏(‏قوله‏:‏ وإنما قلنا هذا إلخ‏)‏ سبقه إلى هذا في الحواشي السعدية كما نقله عنه في النهر فقال معترضا على العناية حيث فسر يرى بيبصر فيه بحث، فإن قوله، وهو طعم إلخ يمنع حمله على ما ذكره بل معناه إن لم يعلم لها أثر بالطريق الموضوع لعلمه كالذوق والشم والإبصار ا هـ‏.‏ قال في النهر وجوابه أنه أراد به الإبصار بالبصيرة كما حرره العلامة في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون‏}‏ ا هـ‏.‏ ولا يخفى أن تفسير الرؤية بالإبصار ثم ادعاء أن المراد به الإبصار بالبصيرة خلاف الظاهر ولو كان المراد ذلك لفسرها من أول الأمر بالعلم‏.‏

‏(‏قوله لأن التغير لما كان علامة على وجود النجاسة لا يلزم من انتفائه انتفاؤه‏)‏ قال في النهر‏:‏ أقول‏:‏ قد تقرر أن الجاري، وما في حكمه لا يتأثر بوقوع النجاسة فيه ما لم يغلب عليه بأن يظهر أثرها فيه فمجرد التيقن بوجود النجاسة لا أثر له، وإلا لاستوى الحال بين جريه على الأكثر أو الأقل فما في الفتح أوجه ا هـ‏.‏

وأقول‏:‏ لا يخفى منع الملازمة التي ادعاها؛ لأنه إذا كان الأقل جاريا على الجيفة، وإن تحقق بوجودها ولكن ما استعمله من هذا النهر مثلا لم يحصل التيقن بكونه جرى عليها بل ولا غلبة الظن، وليس المراد أنه يعتبر مجرد التيقن بوجود النجاسة بل مع غلبة الظن باستعمال ما جرى عليها بدليل التفرقة، وإن كان ليس ذلك في كلامه لكنه مراد بقرينة السياق فتأمل منصفا ثم رأيت في شرح هدية ابن العماد لشيخ شيوخ مشايخنا العارف بالله تعالى سيدي عبد الغني النابلسي قال بعد نقله لكلام النهر قلت نعم مجرد التيقن بالنجاسة لا أثر له ولكن هذا في نجاسة غير مرئية في الماء كالبول والغائط والدم والخمر إذا تيقنا وقوعه فيه فلا ينجس ما لم يظهر الأثر، وأما في نحو الجيفة المرئية المتحققة أي احتياج إلى اشتراط الأثر مع تحقق وجودها في الماء فما في البحر أوجه ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ ولا بد من ضم ما قلناه ليتم الجواب، وإلا فمجرد ذلك لا يكفي وبعد هذا فما ذكره الشارح تبع فيه ما في أكثر الفتاوى ولكنه قدم أن ظاهر ما في المتون اعتبار ظهور الأثر مطلقا ومما هو معلوم أن ما في المتون مقدم على ما في الشروح وما في الشروح مقدم على ما في الفتاوى فالظاهر تقديم ما هو ظاهر المتون لا سيما وقد رجحه المحقق ابن الهمام وتلميذه العلامة قاسم وقد مشى عليه الشيخ علاء الدين في شرح التنوير قال وأقره المصنف‏.‏ وفي القهستاني عن المضمرات عن النصاب وعليه الفتوى‏.‏ ا هـ‏.‏ ‏(‏تنبيه‏)‏‏:‏ هاهنا مسألة مهمة لا بأس بالتعرض لها، وإن كان في ذكرها طولا لاغتفاره بشدة الاحتياج إليها فنقول قال العلامة عبد الرحمن أفندي العمادي مفتي دمشق في كتابه هدية ابن العماد‏:‏ مسألة‏:‏ قال صاحب مجمع الفتاوى في الخزانة ماء الثلج إذا جرى على طريق فيه سرقين ونجاسة إن تغيبت النجاسة واختلطت حتى لا يرى أثرها يتوضأ منه ولو كان جميع بطن النهر نجسا، فإن كان الماء كثيرا لا يرى ما تحته فهو طاهر، وإن كان يرى فهو نجس وفي الملتقط قال بعض المشايخ الماء طاهر، وإن قل إذا كان جاريا قلت وهذه المسائل يستأنس بها لما عمت به البلوى في بلادنا من اعتيادهم إجراء الماء بسرقين الدواب فلتحفظ، فإنها أقرب ما ظفرنا به في ذلك بعد التنقيب والتنقير في الكتب المعتبرات وأن ذلك من أهم المهمات ولا سيما إذا انضم إلى ذلك ما ذكر ابن نجيم وغيره في فروع القاعدة المشهورة أعني قولهم المشقة تجلب التيسير من العفو عن نجاسة المعذور وعدم الحكم بنجاسة الماء إذا لاقى المتنجس إلا بالانفصال وما ذكروه في الحكم بالطهارة في الاستنجاء مع أن الماء كلما لاقى النجاسة ينجس وبأن الماء لا يضره التغير بالمكث والطين والطحلب وكلما يعسر صونه عنه ا هـ‏.‏ وقد أطال هنا سيدي العارف في شرحه ولكن أذكر منه المحتاج إليه في شرح هذا المحل فنقول السرقين هو الزبل ومعنى كون النجاسة تغيبت عدم ظهور أثرها، وهذا مبني على عدم اشتراط المدد في الماء الجاري والظاهر أن المراد بقوله لا يرى ما تحته لا ترى النجاسة التي هي في بطن النهر حتى لو كانت ترى والماء يمر عليها فهي بمنزلة الجيفة ومقتضاه نجاسة ذلك الماء وإن كان جاريا وما نقله عن الملتقط معناه إذا لم يظهر في الماء أثر النجاسة، ويكون هذا كالقول الآخر في مسألة الجيفة الناظر إلى ظهور الأثر وعدمه وحاصل الكلام على ما عمت به البلوى أنه يعتبر تغير أحد الأوصاف بنجاسة السرقين وعدم ذلك فإذا وضع السرقين في مقسم الماء إلى البيوت ونحوها المسمى بالطالع وجرى مع الماء في القساطل فالماء نجس فإذا ركد الزبل في وسط القساطل وجرى الماء صافيا كان نظير مسألة ما لو جرى ماء الثلج على النجاسة أو كان بطن النهر نجسا وجرى الماء عليه ولم تتغير أحد أوصافه بالنجاسة، فإن ذلك الماء طاهر كله وكذلك هذا فإذا وصل الماء إلى الحياض في البيوت، فإن وصل متغير أحد الأوصاف بالزبل أو عين الزبل ظاهرة فيه فهو نجس من غير شك فإذا استقر في حوض دون القدر الكثير فهو نجس، وإن صفا بعد ذلك في الحوض وزال تغيره بنفسه؛ لأنه ماء نجس والماء النجس لا يطهر بزوال تغيره بنفسه لا سيما وقد ركد الزبل في أسفله، وإن استقر في حوض كبير فهو نجس أيضا ما دام متغيرا أو زال تغيره بنفسه أيضا وأما إذا استمر الماء جاريا بعد ذلك إلى أن أتى الماء صافيا وزال تغير الحوض بذلك الماء الصافي، فإنه يطهر الماء كله سواء كان الحوض صغيرا أو كبيرا، وإن كان الزبل في أسفله راكدا ما دام الماء الصافي في ذلك الحوض يدخل من مكان ويخرج من مكان فإذا انقطع الجريان بعد ذلك، وكان الحوض صغيرا والزبل في أسفله راكدا فالحوض نجس إلى أن يصير الزبل الذي في أسفله حمأة، وهي الطين الأسود فلا يكون نجسا حينئذ، وإذا كان الحوض كبيرا فالأمر فيه يسير هذا ما نعامل به أنفسنا في هذه المسألة حيث ابتلينا بها ولم نجد فيها نقلا صريحا ا هـ‏.‏ كلامه قدس سره قلت ومعنى قوله فالحوض نجس إلى أن يصير الزبل الذي في أسفله حمأة فلا يكون نجسا حينئذ يعني إذا جرى بعد ذلك لا بمجرد صيرورة الزبل حمأة كما يعلم مما مر ثم قال قدس سره وظاهر كلام المصنف رحمه الله هنا أن العفو في ذلك كائن وإن ظهر أثر السرقين في الماء حملا على التغير بالمكث ونحو ذلك مما فيه الضرورة والصواب ما ذكرناه أولا أن أثر النجاسة إذا ظهر في الماء فلا عفو حينئذ لعدم الضرورة بانتظار صفو الماء غايته العفو عن النجاسة المستقرة في باطن القساطل إذا جرى الماء عليها صافيا على حسب ما قدمنا بيانه وعدم تنجيس الماء الطاهر بالزبل النجس للضرورة حيث لا يجري الماء إلا به لكونه يسد خروق القساطل فلا ينفذ الماء منها ويبقى جاريا فوقه ا هـ‏.‏ قلت ولا يخفى أنه على القول باشتراط ظهور الأثر في الجاري يكون طاهرا فلا حاجة إلى القول بالعفو عنه بناء عليه ثم نقل عن ابن حجر الشافعي في شرح العباب بناء على قول الإمام الشافعي رحمه الله إذا ضاق الأمر اتسع أنه لا يضر تغير أنهر الشام بما فيها من الزبل ولو قليلة؛ لأنه لا يمكن جريها المضطر إليه الناس إلا به ا هـ‏.‏ قال والظاهر من قوله لا يضر إلخ أن المعفو عنه عنده أثر الزبل لا عينه، وهذا كله بناء على نجاسة الزبل عندنا وعند الشافعي رحمه الله ثم نقل عبارات الفقهاء في ذلك وحاصلها أن الروث والخثى عند مالك رحمه الله طاهران وعن زفر روث ما يؤكل لحمه طاهر وعنه أيضا مطلقا كمالك ثم قال وفي كتاب المبتغى بالغين المعجمة الأرواث كلها نجسة إلا رواية عن محمد أنها طاهرة للبلوى، وفي هذه الرواية توسعة لأرباب الدواب فقل ما يسلمون عن التلطخ بالأرواث والأخثاء فتحفظ هذه الرواية ا هـ‏.‏ كلام المبتغى قال‏:‏ وإذا أردت تقليد من يقول بالطهارة فانظر في شروطه في باقي المسألة واعمل على ذلك وإن قلنا بالفتوى على قول زفر في طهارة الأرواث كلها بالنسبة إلى تغير الماء بها في بلادنا هذه فلا يبعد؛ لأن الضرورة داعية إلى ذلك كما أفتى علماؤنا رحمهم الله بقول محمد رحمه الله في طهارة الماء المستعمل لأجل الضرورة وتركوا في ذلك قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله بالنجاسة وأفتوا بقول زفر وحده في مسائل معدودة خمسة ا هـ‏.‏ كلامه قدس سره والذي يقوي ما ذكر من عدم البعد في الفتوى بطهارة الأرواث ما قدمه عن المبتغى من التوسعة لأرباب الدواب وأنه رواية عن محمد أيضا ولا شك في الضرورة في هذه كما وسع على أرباب الدواب، فإن الضرورة فيهم ليست بأشد مما هنا، فإن أكثر المحلات مياهها قليلة وأن حياضها لا تكون ملأى دائما والماء ينقطع تارة ويجيء أخرى وفي غالب الأوقات يستصحب الماء عين الزبل ويعسر الاستعمال من غير هذا الماء سيما على النساء في بيوتهن فلا يمكنهن الخروج، وعند قطع الأنهر لكريها تشتد الضرورة إلى ذلك مع أن الحياض في أسفلها عين الزبل غالبا ويستمر انقطاعها أي أياما ‏{‏وما جعل عليكم في الدين من حرج‏}‏‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وألحقوا بالجاري حوض الحمام‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ وبالأولى إلحاق الآبار المعينة التي عليها الدولاب ببلادنا إذ الماء ينبع من أسفلها والغرف فيها بالقواديس متدارك فوق تدارك الغرف من حوض الحمام فلا شك في أن حكم مائها حكم الجاري فلو وقع في حال الدوران في البئر والحال هذه نجاسة لا يتنجس تأمل والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ قيل فيه مسألة الحوض بناء على الجزء الذي لا يتجزأ إلخ‏)‏ بيان ذلك كما في شرح الهداية لسيدنا الأستاذ عبد الغني أن الأجسام المركبة كالماء والحجر ونحوهما هم يقولون إنها مركبة من الهيولى، وهي المادة الكلية ومن الصورة، وهي التعين الجزئي فقط فيلزم على هذا أن يكون ماء الحوض كله على مذهبهم متصلا واحدا فلو توضأ فيه صار جميعه مستعملا عندهم لكونه شيئا واحدا، وهو باطل، فإن مذهب أهل السنة والجماعة نصر الله تعالى كلمتهم إلى قيام الساعة أن الأجسام كلها مركبة من الجزء الذي لا يتجزأ لا وهما ولا فرضا كما قرر في موضعه من علم الكلام، وهو أربعة أنواع في كل جسم مركب أي جسم كان نوع من النار ونوع من الهواء ونوع من الماء ونوع من التراب، فإذا أراد الله تركيب جسم من الأجسام جمع بيد قدرته من كل نوع من هذه الأنواع الأربعة أجزاء صغارا متلاصقة وضم بعضها إلى بعض بتدبير إلهي خاص فتكون جسما ثم إذا أراد إعدام ذلك الجسم فرق بين أنواعه فيذهب كل نوع من تلك الأجزاء إلى جنسه ثم إذا كان يوم القيامة أعاد تلك الأجزاء إلى ما كانت عليه من التركيب، وهذا هو البعث الذي وردت به النصوص القطعية ثم إن كل نوع من هذه الأنواع الأربعة مركب أيضا من أجزاء صغار لا يحتمل القسمة متلاصقة يشبه بعضها بعضا بحيث تظهر كالشيء الواحد فتتصل وتنقطع لشدة مناسبة بعضها لبعض ولكن لا تشبه أجزاء هذا النوع أجزاء النوع الآخر فالماء أجزاء صغار متلاصقة متناسبة يتصل بعضها ببعض وينفصل بعضها عن بعض وكذلك الهواء والنار والتراب فلو توضأ أحد بالماء حتى صار بعض تلك الأجزاء مستعملا لا يلزم أن تصير بقية الأجزاء مستعملة كذلك؛ لأن الماء عندنا ليس شيئا واحدا إلا بحسب ظاهر الصورة التركيبية الحاصلة من اجتماع الأجزاء الصغار التي لا تتجزأ، وإنما هو مركب من أجزاء متناهية تنفصل وتتصل فلا يلزم استعمال الجميع بل البعض والحق أن الأجزاء في كل مركب متناهية كما هو مذهب أهل السنة والإلزام أن يدخل ما لا نهاية له في الوجود، وهو باطل بإجماع العقلاء كما ثبت بذلك بطلان التسلسل والله تعالى أعلم بالصواب ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي هذا التقرير نظر‏)‏ أي في تقرير ابتناء هذه المسألة على الجزء الذي لا يتجزأ ولعل وجه النظر من حيث التعبير بالنجاسة، فإنا إذا قلنا بنجاسة الماء المستعمل، فإن كان الحوض صغيرا يحكم بنجاسته عندنا أيضا، وإن كان غديرا يلزم أن لا يكون له حكم الجاري عند المعتزلة وأنه لو وقعت فيه قطرة بول يكون الحوض نجسا لمجاورة الماء للنجاسة، وهل هم يقولون بذلك فلينظر هذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ إلا أنه يرد عليه ما كان مائي المولد والمعاش وله دم سائل‏)‏ إلا يراد بناء على ظاهر ما سيأتي عن أبي يوسف رحمه الله حيث يفيد أن مائي المولد قد يكون له دم سائل، وأما على ما قدمه آنفا وما سيأتي عن شمس الأئمة فلا ورود

‏(‏قوله‏:‏ سواء كان قبل الحياة‏)‏ أي قبل زوال الحياة فهو على حذف مضاف والأمر سهل

‏(‏قوله‏:‏ وفي جمع الخلاف على العكس‏)‏ هكذا النسخ التي رأيناها ولكن الذي في معراج الدراية وفي جمع التفاريق الخلاف إلخ فالخلاف مبتدأ لا مضاف إليه جمع فكأنه سقط من قلم الشارح لفظة التفاريق وكأن نسخته محرفة

‏(‏قوله‏:‏ ومن هذا يعرف حكم القراد والحلم‏)‏ جمع حلمة محركة، وهي دودة تقع في جلد الشاة فإذا دبغ يكون ذلك الموضع دقيقا مدارى عن جامع اللغة

‏(‏قوله‏:‏ وأما ما ذكره في الهداية من خلاف الشافعي رحمه الله في الثانية‏)‏ أي مسألة موت ما يعيش في الماء، وهذا معطوف على قوله وما ذكره من خلاف الشافعي في الأولى ضعيف‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والذي يفهم منه ما يتولد منه الشيء‏)‏ كون هذا المعنى مرادا في هذا المحل موضع تأمل فتأمل ثم ظهر أن في بعض نسخ فتح القدير سقطا والذي رأيته في نسخة أخرى ما نصه والذي يفهم منه ما يتولد منه الشيء في غير ذي الروح، وفيه ما هو مفرد بحيث لا يستطيع الانفصال ا هـ‏.‏ فقوله وفيه أي في ذي الروح وبه يظهر المراد تأمل

‏(‏قوله‏:‏ فما في الفتاوى على غير ظاهر الرواية‏)‏ قال الشيخ خير الدين الرملي رحمه الله أقول‏:‏ إن أراد المذكور هنا المنقول عن قاضي خان فليس فيه ما يخالف ظاهر الرواية إذ كلامه في الحية والضفدع البريين لا المائي وسيأتي فيه التفصيل المذكور

‏(‏قوله‏:‏ وقد وقع لصاحب الهداية هنا وفي بحث الماء المستعمل التعليل بالعدم‏)‏ وذلك حيث قال هنا وفي غير الماء قيل غير السمك يفسده لانعدام المعدن وقيل لا يفسده لعدم الدم وفي بحث الماء المستعمل علل في مسألة البئر بقوله لعدم اشتراط الصب وقوله لعدم نية التقرب قال في غاية البيان هنا قوله لانعدام المعدن فيه نظر، فإنه لا يجوز التعليل على وجود الشيء بالعدم وقيل لا يفسده لعدم الدم وفيه أيضا نظر؛ لأن عدم الحيلة لا يوجب عدم الحكم لجواز أن يكون الحكم معلولا بعلل شتى إلخ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أما الأول فقد ذكر أبو عبد الله الجرجاني أنه يصير مستعملا إلخ‏)‏ أي فيكون سبب الاستعمال أخذ الأمرين المذكورين

‏(‏قوله‏:‏ والإسقاط مؤثر في التغير‏)‏ معطوف على التقرب

‏(‏قوله‏:‏ فلو لم يقصدها لا يصير مستعملا‏)‏ في النهر قال وعليه فتنبغي اشتراطه في كل سنة كغسل الفم والأنف ونحوهما وفي ذلك تردد ا هـ‏.‏ قال الرملي أقول‏:‏ لا تردد إذ لا مانع من اشتراطه حتى لو لم يكن جنبا وقصد بغسل الأنف والفم ونحوهما مجرد التنظيف وإزالة الدرن والوسخ لا إقامة القربة لا يصير مستعملا تأمل ا هـ‏.‏ وقال الشيخ إسماعيل النية كما تكون مفصلة تكون مجملة وكما تكون قصدية تكون ضمنية فإذا نوى الوضوء على وجه السنة دخل نحو ذلك فيه ضمنا وليس في كلام البحر ما يعين التعيين لكل منها على حدة فتأمله ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والأصح أنه إذا لم يكن على بدنه نجاسة إلخ‏)‏ أقول‏:‏ سيذكر مثله عن السراج في باب النجاسات لكن سيأتي في الجنائز الخلاف في أن نجاسة الميت خبث أو حدث وأن صاحب المحيط استدل للأول بأنه لو وقع في الماء القليل قبل الغسل بجسه ولو صلى، وهو حامل للميت لا يجوز وأن صاحب المحيط صححه ونسبه في البدائع إلى عامة المشايخ فهذا يدل على أن كلام محمد هنا على إطلاقه في أن غسالته نجسة إلا أن يقال إن تنجيسه الماء القليل وعدم صحة صلاة حامله لما عليه من النجاسة غالبا، وهو تأويل بعيد؛ لأن الأصل الطهارة ولا يحكم بفساد الماء أو الصلاة بالشك وكذا غسالته فتأمل

‏(‏قوله‏:‏ أما إذا توضأ الصبي إلخ‏)‏ في الخانية الصبي العاقل إذا توضأ يريد به التطهير ينبغي أن يصير الماء مستعملا؛ لأنه نوى قربة معتبرة ا هـ‏.‏ فقوله‏:‏ يريد به التطهير يشير إلى أنه إن لم يرد به التطهير لا يصير مستعملا، وفي قوله ينبغي إيماء إلى أنه لا رواية عن صاحب المذهب كما قال في القنية

‏(‏قوله‏:‏ لما عرف أن الحدث والجنابة إلخ‏)‏ قال الشيخ قاسم في حواشي المجمع الحدث يقال بمعنيين بمعنى المانعية الشرعية عما لا يحل بدون الطهارة، وهذا لا يتجزأ بلا خلاف عند أبي حنيفة وصاحبيه وبمعنى النجاسة الحكمية، وهذا يتجزأ ثبوتا ارتفاعا بلا خلاف عند أبي حنيفة وأصحابه وصيرورة الماء مستعملا بإزالة الثانية ففي مسألة البئر سقط الفرض عن الرجلين بلا خلاف والماء الذي أسقط الفرض صار مستعملا بلا خلاف على الصحيح ا هـ‏.‏ هذا هو التحقيق فخذه، فإنه بالأخذ حقيق كذا في حاشية نوح أفندي على الدرر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولا تلازم إلخ‏)‏ المراد نفي التلازم من أحد الجانبين، وهو جانب سقوط الفرض أي، فإنه قد يسقط الفرض ويرتفع الحدث كما إذا أتم الطهارة وقد يسقط ولا يرتفع الحدث كما إذا لم يتمها، وأما جانب رفع الحدث، فإنه إذا وجد لزم منه سقوط الفرض، وقد يقال لا تلازم من هذا الجانب أيضا، فإنه قد يرتفع الحدث ولا يسقط الفرض كوضوء الصبي العاقل لما مر من صيرورة مائه مستعملا مع أنه لا فرض عليه بقي هل بين سقوط الفرض والقربة تلازم أم لا إن قلنا إن إسقاط الفرض لا ثواب فيه فلا وإن قلنا فيه ثواب فنعم قال العلامة المحقق نوح أفندي والذي يقتضيه النظر الصحيح أو الراجح هو الأول؛ لأن الثواب في الوضوء المقصود، وهو شرعا عبارة عن غسل الأعضاء الثلاثة ومسح الرأس فغسل عضو منها ليس بوضوء شرعي فكيف يثاب عليه اللهم إلا أن يقال إنه يثاب على غسل كل عضو منها ثوابا موقوفا على الإتمام، فإن أتمه أثيب على غسل كل عضو منها، وإلا فلا ويدل عليه ما أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله‏:‏ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينه مع الماء أو مع آخر قطر الماء فإذا غسل يده خرج من يده كل خطيئة بطشتها يده مع الماء أو آخر قطر الماء فإذا غسل رجليه خرج كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب والآثام» ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي الخلاصة لو غسل المحدث عضوا سوى أعضاء الوضوء‏)‏ الأصح أنه لا يصير مستعملا فإن قلت على مقابل الأصح كيف يصير مستعملا، ولم يوجد واحد من الثلاثة قلت قال في النهر‏:‏ الظاهر أن هذا له التفات إلى خلاف آخر هو أن الحدث الأصغر وجد هل حل بكل البدن وجعل غسل أعضاء الوضوء رافعا عن الكل تخفيفا أو بأعضاء الوضوء فقط قولان، وكان الراجح هو الثاني؛ ولذا لم يصر الماء مستعملا بخلافه على الأول

‏(‏قوله‏:‏ ووضوء الحائض مستعمل؛ لأن وضوءها مستحب‏)‏ قال في النهر‏:‏ قالوا بوضوء الحائض يصير مستعملا؛ لأنه يستحب لها الوضوء لكل فريضة وأن تجلس في مصلاها قدرها كي لا تنسى عادتها ومقتضى كلامهم اختصاص ذلك بالفريضة وينبغي أنها لو توضأت لتهجد عادي لها أو صلاة ضحى أو جلست في مصلاها أن يصير مستعملا ولم أره لهم

‏(‏قوله‏:‏ وفيه كلام قدمناه إلخ‏)‏ أقول‏:‏ وفيه كلام قدمناه عن النهر فليراجع، فإنه يقتضي أن كراهة تكرار الوضوء في مجلس إذا تعدد مرارا لا فيما إذا أعاده مرة واحدة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقد حصل من الجواب الأول دفع ما ذكره في فتح القدير‏)‏ أي من الجواب عن السؤال الأول، وهو قوله لا يقال يحتمل أنه نهي لما فيه من إخراج الماء من أن يكون مطهرا إلخ والذي ذكره في فتح القدير هو قوله‏:‏ وأما قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسلن فيه من الجنابة» فغاية ما يفيد نهي الاغتسال كراهة التحريم ويجوز كونها لكي لا تسلب الطهورية فيستعمله بعض من لا علم له بذلك في رفع الحدث ويصلي ولا فرق بين هذا وبين كونه يتنجس فيستعمله من لا علم له بحاله في لزوم المحذور، وهو الصلاة مع المنافي فيصلح كون كل منهما مثيرا للنهي المذكور ا هـ‏.‏ ووجه الدفع أنه لا يلزم من الاغتسال في الماء القليل سلب الطهورية فلا يلزم هذا المحذور ولكن لا تنسى ما مر في الفساقي من الكلام في الملقى والملاقى فتدبر

‏(‏قوله‏:‏ ومن الجواب الثاني دفع ما في السراج‏)‏ أي جواب السؤال الثاني وما في السراج هو ما ذكر في السؤال، فإنه قال في الحديث، وهذا يدل على نجاسته إلا أن يجاب عنه أن المغتسل من الجنابة لا يخلو بدنه عن نجاسة المني عادة والعادة كالمتيقن

‏(‏قوله‏:‏ ولا يخفى أن الكراهة على رواية الطهارة‏)‏ قال الرملي عن النهر وأقول‏:‏ يمكن حمله على رواية النجاسة بناء على أن المطلق منها ينصرف إلى التحريم ا هـ فليتأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وفي البدائع ويكره التوضؤ في المسجد إلى آخر ما نقله عن قاضي خان‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ سيذكر في شرح قوله في باب الاعتكاف كراهة التوضؤ في المسجد ولو في إناء فراجعه وتأمله ولكن الظاهر ترجيح ما في فتاوى قاضي خان وقيد بقوله في إناء؛ لأنه لو كان في غير إناء فهو على الخلاف المتقدم والله تعالى أعلم ا هـ‏.‏

‏(‏قول المصنف ومسألة البئر جحط‏)‏ قال في النهر وروي بخط النون روي ذلك عن أبي علي كما في غاية البيان

‏(‏قوله‏:‏ وقيل عنده إلخ‏)‏ هذا مبني على أن الماء لا يعطي له حكم الاستعمال بأول الملاقاة، ويدل على ذلك عبارة الخانية، فإنها تفيد أن ينجس الماء بالاستعمال بعد الخروج من الجنابة، وذلك بتمام الانغماس والإلزام بقاء الجنابة ثم الظاهر أن الرجل على القول الأول نجس بكل من نجاسة الجنابة ونجاسة الماء لملاقاة بقية جسده الماء المحكوم بنجاسته أول الملاقاة فتأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ للضرورة‏)‏ على هذا التعليل لا يناسب ما ذكره أولا في تصوير المسألة من قوله أو للتبرد؛ لأنه لا ضرورة هناك بخلاف انغماسه لاستخراج الدلو تأمل؛ ولذا اقتصر في الهداية على ذكر طلب الدلو

‏(‏قوله‏:‏ فعلم بما قررنا إلخ‏)‏ قال سيدي العارف بالله عبد الغني في شرح الهداية‏.‏ والحاصل أن هذه المسألة مسألة البئر جحط الأقوال الثلاثة فيها ضعيفة؛ لأن القولين الأولين مبنيان على نجاسة الماء المستعمل أما على قول الإمام أبي حنيفة رحمه الله فظاهر‏.‏ وأما على قول أبي يوسف فالذي منع من الحكم بنجاسة الماء عدم وجود الصب عنده فلو وجد الحكم بالنجاسة ونجاسة المستعمل واشتراط الصب قولان ضعيفان والقول الثالث، وهو قول محمد رحمه الله مبني على طهارة الماء المستعمل واشتراط نية القربة له أما طهارة المستعمل فقد ذكرنا فيما سبق أن ذلك هو الصحيح المفتى به، وأما اشتراط نية القربة له فغير مأخوذ به لتصريحهم بأن الماء يصير مستعملا بكل من رفع الحدث والقربة وإسقاط الفرض كما سبق بيانه فيكون المفتى به على قول محمد طهارة الماء المستعمل فقط لاشتراط نية القربة ولكن فيه تلفيق في التقليد، ولعل ذلك لا يضر؛ لأن أقوال الصحب روايات عن أبي حنيفة كما هو المشهور والكل مذهبه فيصير الماء مستعملا على هذا، وإن لم ينو القربة، وهو طاهر غير طهور ا هـ‏.‏ والتلفيق إنما هو في قول أبي حنيفة ومحمد حيث أخذ بما روي عنه أن الرجل طاهر وبرواية محمد عنه أن المستعمل طاهر غير طهور ولم يؤخذ بقوله أنه مستعمل، وهو نجس ولا بقول محمد أنه غير مستعمل، وبه ظهر وجه قول الشارح أن الرجل طاهر، والماء طاهر غير طهور

‏(‏قوله‏:‏ والماء طاهر غير طهور‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ سيأتي قريبا أنه طاهر طهور على الصحيح

‏(‏قوله‏:‏ لكن ينبغي إلخ‏)‏ أقول‏:‏ فيه نظر؛ لأنه مخالف لإطلاقهم الاتفاق وعبر في السراج بقوله بلا خلاف هكذا بقوله بالاتفاق إلا في قول زفر والذي يظهر لي أن أبا يوسف إنما يشترط الصب فيما إذا لم ينو الاغتسال ليجعل الصب قائما مقام النية ويدل عليه ما سيأتي من أنه لو تدلك صار مستعملا بالاتفاق لقيامه مقام نية الاغتسال

‏(‏قوله‏:‏ وقد علمت فيما قدمناه في الكلام على ماء الفساقي إلخ‏)‏ أقول‏:‏ قد قدمناه الكلام على ذلك فلا حاجة إلى الإعادة بعد إحاطتك بما هنالك وما نقله عن ابن أمير حاج لا يقوى على معارضته كلام الدبوسي المتقدم وعلى إطلاق عباراتهم باستعمال الماء اتفاقا، وعلى هذا فلا حاجة إلى البناء على ما ذكر ولا إلى تأويل الكلام بخلاف المتبادر منه إلى الأفهام ثم رأيت في شرح نظم الكنز للعلامة المقدسي قال ما نصه، وأما تأويل الكلام بأن المراد بصيرورته مستعملا صيرورة ما لاقى أعضاءه منه مستعملا فهذا بعيد جدا إذ لا يحتاج إلى التنصيص على ذلك أصلا‏.‏ ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والظاهر منه إذا نزل للدلو وتدلك في الماء صار الماء مستعملا‏)‏ أي إذا لم يكن تدلكه لإزالة الوسخ كما في شرح المنية للحلبي

‏(‏قوله‏:‏ وسنتكلم على المختارة مع نظائرها‏)‏ قال الرملي الذي يأتي ترجيح عدم العود‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وبهذا التقرير اندفع ما قيل‏)‏ أي ما قاله بعض شراح الوقاية، وهذا التقرير لبعض محشي صدر الشريعة قال الفاضل قاضي زاده ثم أنه قال الزيلعي في شرح الكنز واستثناء الآدمي مع الخنزير يدل على أنه لا يطهر وليس كذلك بل إذا دبغ طهر، ولكن لا يجوز به الانتفاع لسائر أجزائه وقال بعض شراح الوقاية‏:‏ والاستثناء من الطهارة نجاسة، وهذا في جلد الخنزير مسلم، فإنه لا يطهر بالدباغ، وأما جلد الآدمي ففي غاية السروجي ذكر أنه إذا دبغ طهر ولكن لا يجوز الانتفاع به كسائر أجزائه فكيف يصح هذا الاستثناء وقصد المحشي يعقوب باشا أن يصحح هذا الاستثناء فقال يعني جاز استعماله شرعا إلا جلد الخنزير لنجاسته وجلد الآدمي لكرامته ثم قال فلا يرد ما قيل إن الاستثناء من الطهارة نجاسة، وهذا في جلد الخنزير مسلم، فإنه لا يطهر بالدباغ، وأما جلد الآدمي فقد ذكر أنه إذا دبغ طهر ولكن لا يجوز الانتفاع به كسائر أجزائه فكيف يصح هذا الاستثناء قلت فيه خلل؛ لأنه إذا أراد معنى قول المصنف هو معنى جاز استعماله شرعا فليس كذلك وإن أراد أن معنى قوله طهر يستلزم معنى جاز استعماله شرعا فيتعلق الاستثناء بذلك المعنى المنفهم من الكلام المذكور التزاما لا بصريح معنى الكلام المذكور فيصح الاستثناء بالنظر إلى الآدمي أيضا لعدم جواز استعماله شرعا كعدم جواز استعمال جلد الخنزير، وإن كانت علة جواز الاستعمال مختلفة فيهما قلنا يلزم حينئذ أن يبقى صريح معنى الكلام المذكور على كليته بلا استثناء شيء منه وليس بصحيح إذ لا يطهر جلد الخنزير بالدباغ فلا صحة للكلية المذكورة لا يقال يجوز أن يكون مراد صدر الشريعة بقوله فقد طهر معنى فقد جاز استعماله شرعا مجازا بطريق ذكر الملزوم وإرادة اللازم ويجعل استثناء الآدمي قرينة عليه فلا يراد حقيقة قوله فقد طهر‏.‏ لامتناع الجمع بين الحقيقة والمجاز فلا تكون الكلية إلا في جواز الاستعمال، وقد استثنى منه جلد الخنزير والآدمي فلا يلزم المحذور؛ لأنا نقول طهارة الشيء حقيقة لا تستلزم جواز استعماله شرعا ألا يرى أن جلد الآدمي إذا دبغ طهر ولكن لا يجوز الانتفاع به شرعا احتراما له نص عليه في المحيط والبدائع وغيرهما وكذا شعر الإنسان وعظمه طاهران عندنا ولكن لا يجوز الانتفاع بشيء منهما لكرامة الإنسان على ما صرحوا به قاطبة فلم تتحقق علاقة اللزوم بين طهر وبين جاز استعماله شرعا حتى يصح حمل قوله فقد طهر على معنى فقد جاز استعماله شرعا مجازا بعلاقة اللزوم وأيضا قوله وكل إهاب دبغ فقد طهر ليس عبارته فقط بل هو كلام عامة الفقهاء ولا شك أن مرادهم به ليس مجرد جواز استعماله شرعا بل بيان طهارته حقيقة، وإلا يلزم أن يكون بيان طهارته حقيقة متروكا بالكلية مع كونه أمرا مهما يترتب عليه كثير من المسائل منها إذا وقع منه شيء في الماء الراكد القليل لا ينجسه ومنها إذا وقع منه في بدن المصلي أو في ثوبه تجوز الصلاة به إلى غير ذلك وأيضا قد استدلوا عليه بقوله عليه السلام‏:‏ «أيما إهاب دبغ طهر» ولم ينازع أحد في كون المراد بالطهارة فيه هو الطهارة حقيقة ا هـ‏.‏ ما ذكره الفاضل قاضي زاده وأجاب بعضهم عن الأول بأنه لا تنحصر العلاقة في اللزوم فليكن طهر مجازا عن جاز استعماله شرعا بعلاقة أخرى؛ لأن بينهما علاقة السببية والمسببية متحققة لا تنكر بالكلية، وإن لم يكن بينهما علاقة اللزوم‏.‏ ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ يعني أن السببية متحققة في الجملة، وإن لم تكن مطردة؛ لأن طهارة جلد الإنسان وعظمه وشعره ليست سببا لجواز استعماله شرعا كما أنها ليست ملزومة لها، والأولى ما ذكره المؤلف من القول بأن الاستثناء منقطع أو يقال عبر عن عدم جواز الانتفاع شرعا بجلد الآدمي بعدم طهارته مشاكلة لذكره مع الخنزير الذي لا يطهر جلده بالدباغ حقيقة فتدبر

‏(‏قوله‏:‏ وإنما قدم الخنزير‏)‏ أي في هذا المحل كما في أكثر الكتب؛ لأن الموضع موضع إهانة أو لأن فيه إشارة إلى كمال عدم قابلية الطهارة في الخنزير والتأخير في أمثال هذه المواضع يفيد التعظيم كما في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر‏}‏ والمصنف قدم الآدمي نظرا إلى كرامته وذكر في الخلاصة عن أبي يوسف أن الخنزير إذا ذبح يطهر جلده بالدباغ والله تعالى أعلم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وتقييده بكونه جروا صغيرا إلخ‏)‏ قال في النهر بل قيدوا به لوقوع التصوير بكونه في كمه

‏(‏قوله‏:‏ وما لا يؤكل منه‏)‏ أي ما لا يمكن أكله احترازا عن لحمه، فإنه قابل للأكل

‏(‏قوله‏:‏ لكن قد أجاب في المحيط‏)‏ أي أجاب عما قدمه من قوله وقد يقال ينبغي إلخ قال في النهر ويدل عليه ما نقله في مسائل الآبار من أنه لو وقع في البئر وأخرج حيا لا ينجس الماء على القول بطهارة عينه ما لم يصل فمه الماء، وهو الأصح ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ كجلد الشاة المذكاة‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ يعني في الحل وسواء فيها قبل الدباغ وبعده كنحو أكل تراب لا يضر فحل جلد المذكاة قبل الدباغ وبعده حيث كان من مأكول اللحم متفق عليه وحرمته من غير المأكول كذلك والخلاف في جلد الميتة من المأكول بعد الدباغة والصحيح حرمته تأمل

‏(‏قوله‏:‏ رتب على الحديث الأول عنه‏)‏ أي عن ابن زيد‏.‏ وقوله الحديث الثاني أي، وهو قوله فكلمته نائب فاعل رتب

‏(‏قوله‏:‏ وتعقبه شارح متأخر‏)‏ أقول‏:‏ هو الإمام العلامة المحقق محمد بن أمير حاج الحلبي شارح منية المصلي

‏(‏قوله‏:‏ واختاره قاضي خان‏)‏ قال الرملي‏:‏ أقول‏:‏ الذي اختاره قاضي خان في فتاويه من باب البيع الفاسد طهارته فراجعه تجد ما في نقله عنه اللهم إلا أن يكون قد اختاره في كتاب آخر من كتبه فيكون كلامه قد اختلف كما وقع للمصنف في الكنز وفي الكافي تبيين

‏(‏قوله‏:‏ وفي التبيين أنه قول أكثر المشايخ‏)‏ قال الرملي أقول‏:‏ عبارة التبيين على ما في النسخ التي اطلعنا عليها، وقال كثير من المشايخ‏:‏ يطهر جلده بها ولا يطهر لحمه كما لا يطهر بالدباغ، وهو الصحيح وأنت تعلم ما بينهما من المخالفة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والإنفحة‏)‏ بكسر الهمزة وفتح الفاء وتخفيف الحاء أو تشديدها شيء يستخرج من بطن الجدي أصفر يعصر في صوفة مبتلة في اللبن فيغلظ كالجبن ولا تكون إلا لذي كرش وقيل من نفس الكرش إلا أنه يسمى إنفحة ما دام رضيعا، وإن رعى العشب سمي كرشا ويقال لها المنفحة أيضا كذا في المغرب من جلبي على الزيلعي وقال ابن فرشتة في شرح مجمع البحرين ‏(‏وإنفحة الميتة‏)‏ مبتدأ وخبره محذوف، وهو طاهر بقرينة قوله ‏(‏ولبنها طاهر‏)‏ إنفحة بكسر الهمزة وفتح الفاء مخففة كرش الجدي أو الجمل الصغير ما لم يأكل يقال لها بالفارسية بنيرمايه يعني إنفحة الميتة جامدة كانت أو مائعة طاهرة عند أبي حنيفة وكذا لبنها أما الإنفحة الجامدة؛ فلأن الحياة لم تحل فيها، وأما المائعة واللبن، فإن نجاسة محلهما لم تكن مؤثرة فيهما قبل الموت؛ ولهذا كان اللبن الخارج من بين فرث ودم طاهر فلا تكون مؤثرة بعد الموت ‏(‏وقالا نجس‏)‏ يعني قالا إنفحة الميتة مطلقا نجس ولبنها أيضا نجس؛ لأن تنجس المحل يوجب تنجس ما فيه ‏(‏وتطهر الجامدة بالغسل‏)‏ قيد بالجامدة؛ لأن المائعة لا تطهر بالغسل عندهما كذا في شرح المصنف ‏(‏أقول‏)‏ لا حاجة إلى إرداف قولهما؛ لأنه في طرف النفي من قوله طاهر، ولو قال وقالا تطهر الجامدة بالغسل لكان كافيا لاح إلى اشتباه آخر، وهو أن المائعة إن كانت ما تنعصر كان ينبغي أن تطهر وإن كانت مما لا تنعصر فكذا عند أبي يوسف لما سبق من أن غير المنعصر عنده يطهر بالغسل والتجفيف ثلاثا ا هـ‏.‏ قال ابن أمير حاج بعد أن تكلم على المسألة تنبيه وقد عرفت من هذا أن نفس الوعاء الذي سيصير كرشا نجس بالاتفاق وأن المراد بالإطلاق بكون المنفحة طاهرة عنده متنجسة عندهما إذا كانت مائعة هو ما اشتمل عليه الوعاء المذكور فقط ثم هذا كله إذا كانت المنفحة من شاة ميتة كما فسره المصنف أما إذا كانت من ذكية فهي طاهرة مطلقا بالإجماع‏.‏ ا هـ‏.‏ حلية‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ أما الإذن فقد قال في البدائع إلخ‏)‏ يمكن التوفيق بينهما بأن يكون ما في البدائع بالنظر إلى إلى غير المقطوع منه بدليل قول المؤلف في الأشباه كما نقله الشيخ علاء الدين الحصكفي المنفصل من الحي كميتته إلا في حق صاحبه فطاهر وإن كثر فتأمل وفي شرح العلامة المقدسي قلت والجواب عن الإشكال أن إعادة الأذن وثباتها إنما يكون غالبا بعود الحياة إليها فلا يصدق أنها مما أبين من الحي؛ لأنها بعود الحياة إليها صارت كأنها لم تبن ولو فرضنا شخصا مات ثم أعيدت حياته معجزة أو كرامة لعاد طاهرا ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فإن قلت المفهوم من الآية‏)‏ أي، فإن قلت في الجواب عن الآية جوابا رابعا

‏(‏قوله‏:‏ وإذا غسل الشعر‏)‏ معطوف على قوله إذا لم تبق الرطوبة

‏(‏قوله‏:‏ وقد قال بعد ذلك‏)‏ فاعل قال ضمير يعود إلى صاحب الكشاف‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ لكن هذا إنما يستقيم فيما إذا كانت البئر معينا‏)‏ اسم الإشارة يعود إلى عدم إخراج ما وقع المفهوم من مضمون كلام السراج والمجتبى وأقول‏:‏ فيه نظر؛ لأنه قد يتعذر الإخراج، وإن كان الواجب نزح الجميع؛ لأن الواجب الإخراج قبل النزح لا بعده كما سيصرح به في الفروع

‏(‏قوله‏:‏ ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم بطهارة جار السمن إلخ‏)‏ أقول‏:‏ يرد عليه ما لو كان السمن مائعا فقد قال عليه السلام‏:‏ «وإن كان مائعا فلا تقربوه» والماء من هذا القبيل لا من قبيل الجامد تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وهو حجة عندنا‏)‏ قال في التوضيح‏:‏ ضمير وهو راجع إلى الاستحسان انتهى وعلى هذا فالثابت بالضرورة هو الاستحسان لا القياس الخفي كما حمله المؤلف في آخر عبارته إذ القياس الخفي هو مما ثبت به الاستحسان ثم لا يخفى أنه ليس فيما نقله من كلام التوضيح ما يدل على ما ادعاه من أنه لا يكون من قبيل الرأي إلا القياس الجلي إذ الظاهر أن الخفي مثله؛ لأنهم قسموا القياس الذي هو الأصل الرابع المقابل للأصول الثلاثة إلى جلي وخفي تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ ولو جعل قائل الحد الفاصل إلخ‏)‏ قال في النهر لكنه بعيد إذ هو شأن الجاري وقد علمت أن ماء البئر، وإن كثر في حكم القليل ا هـ أي ما لم يبلغ عشرا في عشر‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والواو بعد الراء غلط‏)‏ أي في المفرد لا في الجمع

‏(‏قوله‏:‏ ولم يذكروا فائدة هذا الاختلاف‏)‏ قال في النهر‏:‏ يمكن أن يظهر فيما لو وجد في ثوب أو مكان وثمة ما هو خال عنه لا تجوز الصلاة فيه على الثاني لانتفاء الضرورة وتجوز على الأول‏.‏ ا هـ‏.‏ والظاهر أن تعليلهم بالضرورة ليس في خصوص الماء؛ لأنه لا يمكن الاحتراز عنها مطلقا، وإذا سقط حكم النجاسة للضرورة مطلقا تجوز الصلاة بما أصابه منها شيء، وإن وجد غيره كما لو أصاب الماء ووجد غيره يجوز استعماله تأمل‏.‏