فصل: كتاب الصوم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منحة الخالق على البحر الرائق شرح كنز الدقائق ***


كتاب الصوم

‏(‏قوله‏:‏ على آريه‏)‏ قال الرملي الآري المعلف قال في مختار الصحاح ومما يضعه الناس في غير موضعه قولهم للمعلف آري، وإنما الآري محبس الدابة، وفي الصحاح، وهو في التقدير فاعول والجمع أواري

‏(‏قوله‏:‏ لما في الفتاوى الظهيرية إلخ‏)‏ قال في النهر لعل وجهه أنه أريد بلفظ صيام في لسان الشارع ثلاثة أيام فكذا في النذر خروجا عن العهدة بخلاف صوم وتوهم في البحر أن الصيغة لها دلالة على التعدد، ولا شك أن الصوم له أنواع ثلاثة فادعى أن الأولى صيام، وهو ممنوع فقد قال القاضي في تفسيره‏:‏ الآية بيان لجنس الفدية وأما قدرها فبينه عليه الصلاة والسلام في حديث كعب فإن قلت صرحوا بأن صياما جاء جمعا لصائم قلت هذا لا يصح مرادا في الآية، ولا في الترجمة كما يدركه الذوق السليم والطبع المستقيم على أن أل الداخلة على الجمع تبطل معنى الجمعية فتدبره

‏(‏قوله‏:‏ مقارنا إياه‏)‏ يلزم عليه مقارنة السبب للوجوب مع أن السبب لا بد من تقدمه لكنه سقط هنا اشتراط تقدمه للضرورة لعدم صلاحية ما قبل أول جزء من النهار للسببية كما لو شرع في الصلاة في أول جزء من الوقت فإن السبب قارن الوجوب وسيذكر المؤلف تحقيق ذلك في فصل العوارض عند قول المتن ولو بلغ صبي أو أسلم كافر

‏(‏قوله‏:‏ وكذا لو أفاق في آخر يوم من رمضان‏)‏ كذا عبر في المجتبى وغيره، والظاهر أن المراد الإفاقة المستمرة التي لم يعقبها جنون، وإلا فالإفاقة التي يعقبها جنون لا فرق فيها إذا كانت بعد الزوال بين أن تكون في آخر يوم أو في وسط الشهر؛ لأنها ليست في وقت النية

‏(‏قوله‏:‏ وجمع في الهداية بين القولين‏)‏ مقتضى ما ذكره من أن الاختلاف في المسائل الثلاث مبني على الاختلاف في السبب، وثمرة له أن تتنافى أحكامها حيث جمع بين كل من القولين أو أن لا يكون الخلاف فيها مبنيا على الاختلاف في السبب فلا يصح قوله‏:‏ وثمرة الاختلاف إلخ، ومما يؤيد هذا الأخير قول المؤلف في شرحه على المنار، ولم أر من ذكر لهذا الخلاف ثمرة في الفروع فليتأمل

‏(‏قوله والذي يظهر إلخ‏)‏ لم يظهر لنا مراده بهذا الكلام، ولعل مراده أن صاحب الهداية لم يرد الجمع بين القولين بل مراده اختيار واحد منهما، وهو غير قول السرخسي ولذا أخره كما هو عادته فيما يختاره وبهذا يندفع ما أوردنا قبيله لكن التعليل ينبو عن هذا التأويل فليتأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وزاد في فتح القدير إلخ‏)‏ أي في شرائط الوجوب

‏(‏قوله‏:‏ وفيه بحث؛ لأن صوم الأيام المنهية لا ثواب فيه‏)‏ قال في النهر ظاهر كلامهم كما سيأتي أن النهي فيها لمعنى مجاور، وهو الإعراض عن الضيافة يفيد أن فيه ثوابا كالصلاة في أرض مغصوبة‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ للإجماع على لزومه‏)‏ اعلم أن من قال بالوجوب استدل بأن قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وليوفوا نذورهم‏}‏ خص منه النذر بالمعصية، وما ليس من جنسه واجب كعيادة المريض وما ليس مقصودا لذاته بل لغيره كالوضوء فصار ظنيا كالآية المؤولة فأفاد الوجوب قال في النهر‏:‏ وفي عدول المحقق إلى الإجماع تسليم لدعوى التخصيص قيل وفيه أي التخصيص نظر؛ إذ من شرطه المقارنة والمخصص غير معلوم فضلا عن كونه مقارنا، وأيضا قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فمن شهد منكم الشهر فليصمه‏}‏ خص منه المجانين والصبيان، ولم ينتف عن إثبات الفرضية وعليه فلا حاجة للإجماع على أنه ممنوع بدليل أن جاحده لا يكفر، وقد قال في أوائل السير من المحيط البرهاني والذخيرة‏:‏ الفرق بين الفرض والواجب ظاهر نظرا إلى الأحكام حتى إن الصلاة المنذورة لا تؤدى بعد صلاة العصر وتقضى الفوائت بعد صلاة العصر ا هـ‏.‏ ولو كان ثمة إجماع لكانت تؤدى بعده قال بعض المتأخرين والحق أن التخصيص ثابت بالإجماع يعني على عدم صحة النذر بالمعصية ونحوها، ولا بد من مستند، وهو المخصص في الحقيقة والإجماع كاشف عنه ومقرر له، وعند عدم العلم بالتاريخ يحمل على المقارنة كما تقرر، ولم ينعقد الإجماع على فرضية ما بقي بعد التخصيص بخلاف آية الصيام ا هـ‏.‏ قال بعض الفضلاء‏:‏ فما في البحر غير ظاهر فضلا عن أن يكون أظهر، وما في الفتح من الاستدلال بالإجماع غير محرر

‏(‏قوله‏:‏ وينبغي أن يكون كل صوم إلخ‏)‏ اعلم أن الذي عليه الأصوليون عدم الفرق بين المستحب والمندوب وأن ما واظب عليه صلى الله تعالى عليه وسلم مع ترك ما بلا عذر سنة وما لم يواظب عليه مندوب ومستحب وإن لم يفعله بعد ما رغب فيه كذا في التحرير وعند الفقهاء المستحب ما فعله النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مرة وتركه أخرى، والمندوب ما فعله مرة أو مرتين تعليما للجواز كذا في شرح النقاية قال المؤلف في كتاب الطهارة‏:‏ ويرد عليه ما رغب فيه، ولم يفعله وما جعله تعريفا للمستحب جعله في المحيط تعريفا للمندوب فالأولى ما عليه الأصوليون ا هـ‏.‏ ثم النفل في اللغة الزيادة، وفي الشريعة زيادة عبادة شرعت لنا لا علينا فيشمل الأقسام الثلاثة؛ ولذا ترجم المصنف بقوله‏:‏ باب الوتر والنوافل لكن المراد بالنفل في كلام الفتح ما قابل المسنون والمندوب، وظاهره أن المراد به ما رادف المباح مما لا ثواب فيه، ولا شك أن كل صوم لم يكن مكروها، ولا محرما يثاب عليه؛ فلذا اضطر المؤلف إلى التفرقة بين المستحب والمندوب وبيان أن المراد بالنفل في كلامه المندوب لئلا يرد عليه المحذور، وهذا ما ظهر لي والله تعالى أعلم

‏(‏قوله‏:‏ على ما سنذكره‏)‏ أي من التفصيل الآتي عند قوله، ولا يصام يوم الشك إلا تطوعا

‏(‏قوله‏:‏ ومنه صوم يوم السبت بانفراده‏)‏ وكذا يوم الأحد قال في التتارخانية‏:‏ ويكره صوم النيروز والمهرجان إذا تعمده، ولم يوافق يوما كان يصومه قبل ذلك وهكذا قيل في يوم السبت والأحد

‏(‏قوله‏:‏ لكن عامة المتأخرين لم يروا به بأسا‏)‏ قد سرد عبارتهم العلامة قاسم في فتاواه ورد قول من صحح الكراهة فراجعه، وفي الفتح بعد ما مر واختلفوا فقيل الأفضل وصلها بيوم الفطر وقيل بل تفريقها في الشهر

‏(‏قوله‏:‏ يكون التتابع شرطا فيه‏)‏ أي فإذا تخلل الفطر في خلاله يلزمه الاستقبال

‏(‏قوله‏:‏ يسقط التتابع‏)‏ أي فلو أفطر في خلاله لا يستقبل بل يبني على ما فات‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ والمراد بترك الأكل إلخ‏)‏ قال في النهر بعيد؛ لأن الصوم لا يختص بالكف عما يؤكل كما سيأتي بإفطاره بإدخال نحو الحديد فلو قال المصنف كما في الفتح‏:‏ هو إمساك عن الجماع، وعن إدخال شيء بطنا أو ما له حكم الباطن من الفجر إلى الغروب عن نية لكان أجود

‏(‏قوله‏:‏ وهي أولى إلخ‏)‏ قال في النهر الظاهر أن عبارة المصنف هنا أولى لإفادتها مبدأ النية وغايتها مع ظهور المراد منها بخلاف ما في أصله؛ إذ ليس المراد أن نية أكثره كافية كما يعطيه ظاهره بل نية واقعة في أكثره، وكان هذا هو السر في التغيير، وأما ذاك الإطلاق فممنوع فقد نقل في غاية البيان عن الديوان أنه لغة أيضا من طلوع الصبح الصادق، ولو سلم لا يضرنا؛ إذ ألفاظ أهل كل فن إنما تصرف إلى ما تعارفوه، وبهذا التقرير علمت أن تقييد النهار بالشرعي كما في النقاية مما لا حاجة إليه

‏(‏قوله‏:‏ والظاهر أن الاختلاف في العبارة لا في الحكم‏)‏ هذا خلاف الظاهر يدل عليه قول الهداية، وفي الجامع الصغير قبل نصف النهار، وهو الأصح فإنه يفيد أن مقتضى ما في القدوري الجواز قبيل الزوال، وأصرح من هذا ما في التتارخانية عن المحيط، وإنما تظهر ثمرة الاختلاف بين اللفظين يعني قوله قبل الزوال وقوله قبل انتصاف النهار فيما إذا نوى عند قرب الزوال وعند استواء الشمس في كبد السماء فاللفظ الأول يدل على الجواز، واللفظ الثاني يدل على عدم الجواز، والصحيح هو اللفظ الثاني ا هـ‏.‏ بحروفه‏.‏ ‏(‏تنبيه‏)‏‏:‏ اعلم أن كل قطر نصف نهاره قبل زواله بقدر نصف حصة فجره فمتى كان الباقي للزوال أكثر من هذا النصف صح وإلا فلا ففي مصر والشام تصح النية قبل الزوال بخمس عشرة درجة لوجود النية في أكثر النهار؛ لأن نصف حصة الفجر لا تزيد على ثلاث عشرة درجة في مصر وأربع عشرة ونصف في الشام فإذا كان الباقي إلى الزوال أكثر من نصف هذه الحصة، ولو بنصف درجة صح الصوم كذا حرره شيخ مشايخنا إبراهيم السائحاني رحمه الله تعالى

‏(‏قوله‏:‏ ويمكن أن يكون ذكر نية النفل إشارة إليه إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ فيه تدافع؛ إذ بتقدير هذه الإشارة يكون النفل صفة كاشفة، والصحة بالمغاير خاصة برمضان، ولا دلالة في الكلام على اختصاص إصابة رمضان به، وقوله الآتي فعلم بهذا إلخ يقتضي أن يكون قيدا فتدبره، والصواب أن يجعل قيدا، ولا دلالة في الكلام على إصابة رمضان بنية واجب آخر، وإلى ذلك أشار الشارح بقوله‏:‏ وكذا يجوز أيضا صوم رمضان بنية واجب آخر، وعبارته في الوافي بالمقصود مما هنا أوفى حيث قال‏:‏ وإن أطلق أو نوى واجبا آخر في غير نذر ونفل وسفر، ويعلم منه الصحة فيما إذا نوى نفلا بالأولى

‏(‏قوله‏:‏ وإذا وقع عما نوى إلى قوله كذا في الظهيرية‏)‏ يوجد في بعض النسخ، والأنسب إسقاطه من هذا المحل؛ لأن قوله‏:‏ ولا يرد عليه، وفي بعض النسخ لئلا يرد عليه من متعلقات قوله‏:‏ ويمكن أن يكون إلخ

‏(‏قوله‏:‏ وتعقبه الأكمل إلخ‏)‏ أقول‏:‏ يظهر لي أن ما فهمه الأكمل ليس مرادا للقائلين بالتفصيل بل مرادهم أن المريض تارة يضره الصوم بأن يصير الصوم سببا لزيادة مرضه فهذا تتعلق الرخصة في حقه بخوف الزيادة فما دام يخافها يرخص له الفطر، ولا يمكن إلحاقه بالصحيح بل هو كالمسافر لوجود الرخصة، وتارة لا يضره الصوم، وإنما حصل له من الضعف ما لا يقدر معه على أداء الصوم أصلا فهذا تتعلق الرخصة في حقه بحقيقة المرض أي ما دام هذا المرض الذي لا يمكنه معه الصوم أصلا يرخص له الفطر فإذا قدر على الصوم فقد زال المرخص فصار كالصحيح لا كالمسافر‏.‏ والحاصل أن المرض قسمان قسم يمكن معه الصوم لكنه يزداد به المرض فيباح فيه الفطر فهذا كالمسافر بجامع الإباحة مع الإمكان وقسم لا يمكن معه الصوم أصلا، وإن كان الصوم لا يضره في نفس الأمر كفساد الهضم، فإن الصوم ينفعه لكنه لو وصل في الضعف إلى حالة لا يمكنه الصوم يباح له الفطر ما دام على هذه الحالة حتى لو قدر بعدها فقد زال المبيح والتحق بالصحيح فيقع صومه عن رمضان فليس مرادهم بهذا القسم أن لا يضره الصوم مع القدرة عليه، وإلا كان هذيانا من القول؛ إذ لا يقول عاقل بإباحة الفطر له‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وصحح في المحيط إلخ‏)‏ هذا التفصيل ذكره في البدائع أيضا لكن بدون تصريح بالتصحيح فقال‏:‏ وفصل الفقيه أبو جعفر في ذلك تفصيلا فقال‏:‏ إن صام في السنة الثانية عن الواجب عليه إلا أنه على ظن أنه في رمضان يجوز وكذا في السنة الثالثة والرابعة؛ لأنه صام عن الواجب عليه، والواجب عليه قضاء رمضان الأول دون الثاني، وإن صام في السنة الثانية عن الثالثة، وفي الثالثة عن الرابعة لم يجز وعليه قضاء الرمضانات كلها ثم قال وضرب له أي أبو جعفر مثلا، وهو رجل اقتدى بالإمام على ظن أنه زيد فإذا هو عمرو صح اقتداؤه ولو اقتدى بزيد فإذا هو عمرو لم يصح؛ لأنه في الأول اقتدى بالإمام إلا أنه ظن أنه زيد فأخطأ في ظنه، وهذا لا يقدح في صحة الاقتداء بالإمام، وفي الثاني اقتدى بزيد فإذا لم يكن زيدا تبين أنه لم يقتد بأحد كذلك هنا إذا نوى صوم كل سنة عن الواجب عليه تعلقت نية الواجب بما عليه لا بالأول والثاني إلا أنه ظن أنه للثاني فأخطأ في ظنه فيقع عن الواجب عليه لا عما ظن ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فيقر الخصم بالوكالة‏)‏ قال الرملي‏:‏ عبارة النهر فيقر بالدين والوكالة، وينكر الدخول وكلاهما مشكل؛ إذ لا ينفذ الإقرار على الغائب بقبض المدعي من المدعى عليه ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لا إشكال على عبارة النهر فإنه إذا أقر بالدين والوكالة جميعا صح إقراره؛ لأنه أقر بثبوت حق القبض له في ملك نفسه؛ لأن الديون إنما تقضى بأمثالها لا بأعيانها بخلاف ما إذا كانت دعوى الوكيل قبض عين هي وديعة للموكل فإنه لا يصح إقرار الغريم بها؛ لأنه إقرار بثبوت حق القبض للوكيل في ملك الموكل فلا يصح، وأما إذا أقر بالوكالة وجحد الدين فلا يكون الوكيل خصما بإثبات الحق إلا بإثبات وكالته؛ لأن إقرار الغريم ليس بحجة كإقرار الوكيل نص على ذلك كله في شرح أدب القضاء للخصاف

‏(‏قوله‏:‏ لأن الصوم لا يتوقف على الثبوت إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ ليس في كلامه ما يفيد توقف الصوم على ثبوته يعني عند القاضي كما اقتضاه كلامه بل إن السبب لثبوته أحد هذين لا غير ا هـ‏.‏ والظاهر أن المراد بالثبوت اللزوم والوجوب أي ويلزم صوم رمضان برؤية هلاله إلخ أو المراد التبين كما قاله الرملي

‏(‏قوله‏:‏ وينبغي في كلام بعضهم بمعناه‏)‏ قال في الهداية‏:‏ وينبغي للناس أن يلتمسوا الهلال في اليوم التاسع والعشرين من شعبان أي يجب عليهم، وفيه تساهل، فإن الترائي إنما يجب ليلة الثلاثين لا في اليوم الذي هو عشيته كذا في الفتح قال في الحواشي السعدية‏:‏ وفيه بحث فإنه يبدأ بالالتماس قبل الغروب ا هـ‏.‏ وأنت خبير بأن ينبغي حيث كان بمعنى يجب فالتساهل باق؛ إذ لا وجوب قبله كذا في النهر

‏(‏قوله‏:‏ من أتى كاهنا إلخ‏)‏ نقل في الإمداد عن شرح المنظومة لابن الشحنة أن المراد بالكاهن والعراف في الحديث من يخبر بالغيب أو يدعي معرفته فما كان هذا سبيله لا يجوز، ويكون تصديقه كفرا أما أمر الأهلة فليس من هذا القبيل بل معتمدهم فيه الحساب القطعي فليس من الإخبار عن الغيب أو دعوى معرفته في شيء ألا ترى إلى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب‏}‏ والله - تعالى - أعلم

‏(‏قوله‏:‏ إما أن يغم عليهم هلال رمضان أو هلال شعبان إلخ‏)‏ فالشك في اليوم الثلاثين على الأول هل هو من رمضان أو من شعبان وعلى الثاني هل هو الثلاثون أو الحادي والثلاثون، وفي شرح الشيخ إسماعيل عن البرجندي‏:‏ ويحتمل أن يحصل الشك برد الشهادة، وفي شرح المختار الشك بأن يتحدث الناس بالرؤية، ولا يثبت ا هـ‏.‏ لكن قال في الفتح ومما ذكر فيه من كلام غير أصحابنا ما إذا شهد من ردت شهادته، وكأنهم لم يعتبروا ذلك؛ لأنه إن كان في الصحو فهو محكوم بغلطه عندنا لظهوره فمقابله موهوم لا مشكوك، وإن كان في غيم فهو شك، وإن لم يشهد به أحد ا هـ‏.‏ ويخالفه ما في المجتبى ونقله عنه في المعراج يوم الشك هو ما إذا لم ير علامة ليلة الثلاثين، والسماء متغيمة، أو شهد واحد فردت شهادته أو شاهدان فاسقان فردت شهادتهما فأما إذا كانت السماء مصحية، ولم ير الهلال أحد فليس بيوم الشك، ولا يجوز صومه ابتداء لا فرضا، ولا نفلا لكن بقي شيء، وهو أن الشك يتحقق وإن لم يكن علة على القول بعدم اعتبار اختلاف المطالع لجواز تحقق الرؤية في بلدة أخرى نعم على مقابله ليس بشيء كما في الدر المختار عن الزاهدي بل في السراج عن الإيضاح لو لم يغم هلال شعبان وكانت مصحية يحتمل أن يقال‏:‏ ليس بشك، وأن يقال‏:‏ إنه شك للتقصير في طلب الهلال أو لعدم إصابة المطالع ا هـ‏.‏ لكن قال في النهر بعد نقله‏:‏ ولو قيل بأن الأول بناء على أنه لا اعتبار باختلاف المطالع والثاني على اعتبارها لم يبعد

‏(‏قوله‏:‏ فلو كانا على السواء لم يلزم الزائد بالشك‏)‏ قال الرملي لقائل أن يقول وجب على المريض قضاء ثلاثين احتياطا للخروج عن عهدة الواجب

‏(‏قوله‏:‏ وعامة المشايخ على أنه ينبغي إلخ‏)‏ قال في النهر‏:‏ هذا يفيد أن التلوم أفضل في حق الكل وأن من لا يقدر على الجزم بنية النفل فهو من العامة ا هـ‏.‏ وفي هذه الإفادة تأمل وظاهر الهداية خلافها

‏(‏قوله‏:‏ عن الإضجاع عن النية‏)‏ أي الترديد فيها وكان عليه أن يأتي بفي بدل عن كما في الهداية قال في النهاية التضجيع في النية التردد فيها، وأن لاينها من ضجع في الأمر إذا، وهي فيه وقصر كذا في المغرب

‏(‏قوله‏:‏ ويكره في اليوم واليومين‏)‏ مقتضى ما مر من حمل حديث النهي عن التقدم بيوم أو يومين على أنه من رمضان عدم الكراهة وممن صرح بحمل الحديث على ذلك صاحب الهداية وشراحها وظاهر ما مر عن التحفة خلافه، وفي الشرنبلالية قال في الفوائد‏:‏ والمراد بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم‏:‏ «لا تقدموا» إلخ التقديم على قصد أن يكون من رمضان؛ لأن التقديم بالشيء على الشيء أن ينوي به قبل حينه وأوانه ووقته وزمانه، وشعبان وقت التطوع فإذا صام عن شعبان لم يأت بصوم رمضان قبل زمانه وأوانه فلا يكون هذا تقدما عليه ا هـ‏.‏ كذا بخط أستاذي رحمه الله تعالى وبهذا تنتفي كراهة صوم الشك تطوعا ا هـ‏.‏ كلام الشرنبلالية وفي المعراج عن الإيضاح‏:‏ لا بأس بصوم يوم أو يومين أو ثلاثة قبل رمضان لما روي أنه عليه الصلاة والسلام‏:‏ «كان يصل شعبان برمضان» والمراد بقوله‏:‏ «لا تقدموا» الحديث استقبال الشهر بصوم منه؛ لأنه يصير زيادة على الفرض، وفي العناية وغيرها فإن قيل فما فائدة قوله يوم ويومين وحكم الأكثر من ذلك كذلك أجيب بأن يوما ويومين ما وصل إلى حد الكثرة فيجوز أن يتوهم بأن القليل معفو فيجوز كما في كثير من الأحكام فنفى ذلك، وفي السعدية يجوز أن يجاب بأن المحتمل هو التقدم بيوم أو يومين كما هو الواقع من الممارسين بعلم حساب النجوم وغيرهم لكن قال في الفتح‏:‏ يمكن أن يحمل الحديث على ما قاله في الهداية ويكره صومها لمعنى ما في التحفة يعني قوله‏:‏ وإنما كره إلى آخر ما مر فتأمل وما في التحفة أوجه ا هـ‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وأفاد أن التفرد بالرؤية إلخ‏)‏ قال الرملي‏:‏ ليس المراد بالتفرد الواحد؛ إذ لو كانوا جماعة ورد القاضي شهادتهم لعدم تكامل الجمع العظيم فالحكم فيهم كذلك، ولا شبهة أن عبارة المتن شاملة لذلك؛ لأنه من عامة تأمل

‏(‏قوله‏:‏ وفي الفطر إن أخبر عدلان برؤية الهلال‏)‏ قال في الشرنبلالية أي وبالسماء علة

‏(‏قوله‏:‏ وفيها أيضا، وإذا صام إلخ‏)‏ ذكر في الذخيرة، وإن صام أهل المصر بغير رؤية من غير عد شعبان ثلاثين، وفيهم رجل لم يصم معهم حتى رأوا الهلال من الغد فصام أهل المصر ثلاثين وصام هذا الرجل تسعة وعشرين يوما فليس عليه قضاء يوم ا هـ‏.‏ تأمل‏.‏

‏(‏قوله‏:‏؛ لأنهم تركوا الحسبة‏)‏ فإن شاهد الحسبة إذا أخر شهادته بلا عذر يفسق، ولا تقبل شهادته كما في الأشباه والنظائر

‏(‏قوله‏:‏ وإلى أنهم لو صاموا بشهادة واحد إلخ‏)‏ قال في النهر ثم إذا قبلت وأكملوا العدة، ولم ير روى الحسن عن الإمام، وهو قول الثاني‏:‏ إنهم يفطرون وسئل عنه محمد فقال‏:‏ يثبت الفطر بحكم القاضي لا بقول الواحد، وفي غاية البيان‏:‏ وقول محمد أصح قال الشارح‏:‏ والأشبه أن يقال‏:‏ إن كانت السماء مصحية لا يفطرون لظهور غلطه، وإن كانت مغيمة يفطرون لعدم ظهوره ولو ثبت برجلين أفطروا، وعن السعدي‏:‏ لا وهكذا عن مجموع النوازل قال في الفتح‏:‏ ولو قيل‏:‏ إن قبلهما في الصحو لا يفطرون، وفي الغيم أفطروا لم يبعد، وفي السراج صاموا بشاهدين وأفطروا عند كمال العدة إجماعا، وهذا ظاهر فيما إذا كانت متغيمة عند الفطر أما لو كانت مصحية ينبغي أن لا يفطروا كما لو شهدوا الساعة ا هـ‏.‏ لكن في الإمداد صحح في الدراية والخلاصة والبزازية حل الفطر وذكر في متنه أنه لا خلاف في حل الفطر إذا كان بالسماء علة ولو ثبت رمضان بشهادة الفرد وذكر أن ما مر عن السعدي حكاه عنه في التجنيس فيما إذا كانت السماء مصحية وذكر عن الحلواني أن الخلاف في مسألة ما لو ثبت بشهادة واحد إذا كان مصحية، وإلا أفطروا بلا خلاف ا هـ‏.‏ فصار الحاصل على هذا ما ذكره في نور الإيضاح إذا تم العدد بشهادة فرد، ولم ير هلال الفطر والسماء مصحية لا يحل الفطر واختلف الترجيح فيما إذا كان بشهادة عدلين، ولا خلاف في حل الفطر إذا كان بالسماء علة ولو ثبت رمضان بشهادة الفرد قال في شرحه وقوله في غاية البيان قول محمد هو الأصح يحمل على ما قال الكمال منهم من استحسن في الصحو المروي عن الحسن من أنهم لا يفطرون، وفي الغيم أخذ بقول محمد ا هـ‏.‏ وحينئذ فلا يخالف ما مر عن الحلواني والله - تعالى - أعلم

‏(‏قوله‏:‏ فإن كانوا أتموا شعبان‏)‏ مقابل قوله، وقد كانوا رأوا هلال شعبان أي قضوا يوما واحدا إن كانوا رأوا هلال شعبان أما إن عدوه ثلاثين من غير رؤية أيضا ثم صاموا رمضان ثمانية وعشرين قضوا يومين؛ لأنه لم يعلم أن رمضان انتقص يوما بيقين لجواز أنهم غلطوا في شعبان بيومين لما عدوه ثلاثين من غير رؤية كما في الولوالجية، وفي التتارخانية عن العتابية‏:‏ ولو رأوا هلال شعبان وعدوه ثلاثين يوما ثم شرعوا في صوم رمضان فلما صاموا ثمانية وعشرين يوما رأوا هلال شوال فعليهم أن يقضوا يوما واحدا؛ لأنهم غلطوا بيوم واحد بيقين، وإن عدوا شعبان ثلاثين يوما من غير رؤية الهلال قضوا يومين؛ لأنه يحتمل أنهم غلطوا من أول رمضان بيومين ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وبيانه أنهم إذا عدوا شعبان ثلاثين من غير رؤية هلال يحتمل أن يكونوا صاموا يومين من شعبان، وأن رمضان وقع كاملا؛ لأنه الأصل فعليهم قضاء يومين ثم الظاهر أن ما ذكر مفروض فيما إذا رئي هلال رجب وعد ثلاثين ثم عد شعبان ثلاثين أيضا لعدم رؤية هلالي شعبان ورمضان ثم رئي هلال شوال بعد صوم ثمانية وعشرين فلو غم هلال شوال أيضا كيف يصنعون لم أره الظاهر أنهم يصومون اثنين وثلاثين احتياطا لاحتمال نقصان رجب وشعبان ونقل النووي في شرح مسلم أن النقص لا يقع متواليا في أكثر من أربعة أشهر وذكر الشيخ تقي الدين أنه قد يتوالى شهران وثلاثة وأكثر ثلاثين ثلاثين وقد يتوالى شهران وثلاثة، وأكثر تسعة وعشرين يوما كما في شرح الغاية الحنبلية لكن نقل الشيخ عبد الباقي المالكي في شرحه على مختصر خليل عند قوله‏:‏ يثبت رمضان بكمال شعبان قال وكذا ما قبله إن غم، ولو شهورا لا بحساب نجم وسير قمر على المشهور ثم نقل بعده قولا آخر أنه يفيد قوله‏:‏ بكمال شعبان بما إذا لم يتوال قبله أربعة على الكمال، وإلا جعل شعبان ناقصا؛ لأنه لا يتوالى خمسة أشهر على الكمال كما لا يتوالى أربعة على النقص عند معظم أهل الميقات قال ونظم ‏(‏عج‏)‏ كلامهم فقال لا يتوالى النقص في أكثر من ثلاثة من الشهور يا فطن كذا توالي خمسة مكمله هذا الصواب وما سواه أبطله ا هـ‏.‏ قال أي الصواب عند الميقاتين وكذا قوله‏:‏ وما سواه

‏(‏قوله‏:‏ أي علم غالب الظن‏)‏ الظاهر أن لفظة علم زائدة من قلم الناسخ

‏(‏قوله‏:‏ كثرة‏)‏ تمييز أي لا نسبة بين المشاركتين من جهة الكثرة بل المشاركة في الترائي أكثر منها في السماع

‏(‏قوله‏:‏ حيث لا سمع‏)‏ أي حيث لا دليل سمعيا

‏(‏قوله‏:‏ ولم أر من رجحها من المشايخ وينبغي العمل عليها‏)‏ عليه أقره أخوه في النهر وتلميذه في المنح والشيخ علاء الدين الحصكفي وقال الشيخ إسماعيل‏:‏ إنه حسن ونازعه الرملي فقال‏:‏ كيف هذا مع أن ظاهر المذهب خلافه ومع أنه يعارضه غلبة الفسق وعدم العدالة في أكثر الخلق فلا يطمئن القلب إلا بالجمع العظيم فقد رأيت من الافتراء عليه ما لا يوصف فتعين العمل بظاهر المذهب لما فيه من اطمئنان الفؤاد، ولما أنه لا يجوز العمل بخلافه وما عداه ليس بمذهب لنا كما نصوا عليه فاعلم ذلك وقوله‏:‏ لأن الناس تكاسلت غير مسلم على الإطلاق بل المشاهد الاهتمام منهم والاجتهاد والنشاط إلى ذلك، ولا عبرة بتكاسل البعض القليل تأمل ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ كأنه يتكلم على ما في زمانه وبلده، وإلا فحال أهل زماننا لا يخفى على المشاهد، ولو قدروا على الإفطار بالكلية لفعلوا وكثيرا ما نراهم يشتمون الشاهد ويغتابونه لسعيه في منعهم عن شهواتهم وقد وقع في زماننا سنة خمس وعشرين بعد المائتين والألف أنهم أثبتوا رمضان بشهادة واحد على قول الطحاوي فحصل لذلك الشاهد من الناس غاية الإيذاء والإيجاع بالكلام حتى استفاض الخبر عن أكثر البلدان أنهم صاموا مثلنا وشهد جماعة لدى القاضي على حكم قاضي ثغر بيروت فاكتف الناس عنه وبلغني أنه أقسم أن لا يشهد مرة ثانية، وخصوصا في بلدتنا دمشق فإنه قل ما يرى الهلال فيها في ليلته وقد وقع في زمني غير مرة قضاؤنا يوما أفطرناه من أوله فلا جرم أن عول الناس في زماننا على ما اختاره المؤلف

‏(‏قوله‏:‏ في الفتاوى الظهيرية إلخ‏)‏ ونحوه في الذخيرة حيث قال لا تقبل شهادة الواحد في ظاهر الرواية خلافا لما روى الحسن عن أبي حنيفة بل يحتاج فيه إلى زيادة العدد واختلفوا في مقدار ذلك روى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله أنه يقبل شهادة رجلين أو رجل وامرأتين وعن أبي يوسف أنه يعتبر قدره بعد القاسمة إلخ ونحوه في التتارخانية فقال لا تقبل شهادة الواحد في ظاهر الرواية خلافا لما روى الحسن عن أبي حنيفة بل يحتاج فيه إلى زيادة العدد، واختلفوا في مقدار ذلك إلخ، وفيها عن الحجة، ولو قبل الإمام شهادة شاهدين عدلين، وقد سقط قلب القاضي على قولهما جاز وثبت حكم رمضان

‏(‏قوله‏:‏ قول الطحاوي‏)‏ خبر قوله فرق، وفي الذخيرة إنما لا تقبل شهادة الواحد على هلال رمضان إذا كانت السماء مصحية إذا كان هذا الواحد في المصر، وأما إذا جاء خارج المصر، أو جاء من أعلى الأماكن في مصر ذكر الطحاوي رحمه الله أنه تقبل شهادته وهكذا ذكر في كتاب الاستحسان وذكر في القدوري أنه لا تقبل شهادته في ظاهر الراوية وذكر الكرخي أنه تقبل، وفي الأقضية صحح رواية الطحاوي واعتمد عليها‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ فإنه لا يقبل فيه إلا شهادة رجلين إلخ‏)‏ قال الرملي‏:‏ الظاهر أنه في الأهلة التسعة لا فرق بين أن يكون في السماء علة أم لا في قبول الرجلين أو الرجل والمرأتين لفقد العلة الموجبة لاشتراط الجمع الكثير، وهي توجه الكل طالبين ويؤيده قوله كما في سائر الأحكام فلو شهد رجلان أو رجل وامرأتان بهلال شعبان، ولم يكن بالسماء علة يثبت، وإذا ثبت يثبت رمضان بعد ثلاثين يوما من يوم ثبوته كما هو ظاهر لكن بعد اجتماع شرائط الثبوت الشرعي فإن قلت‏:‏ فيه إثبات الرمضانية مع عدم العلة بخبر رجلين أو رجل وامرأتين قد نفيتموه قلت‏:‏ ثبوته والحالة هذه ضمني، ويغتفر في الضمنيات ما لا يغتفر في القصديات تأمل ا هـ‏.‏ لكن صرح في الإمداد بخلافه فاشترط الجمع العظيم حيث لا علة ويوافقه إطلاق عبارة مواهب الرحمن حيث قال‏:‏ وأثبتوه بقول عدل إن اعتل المطلع، وشرط للفطر حران أو حر وحرتان والأضحى كالفطر في ظاهر الرواية، وإن لم يعتل فجمع عظيم للكل، والاكتفاء بالاثنين رواية ا هـ‏.‏ لكن قوله للكل يحتمل كل الأشهر ويحتمل كل الثلاثة المذكورة في كلامه، وهو أقرب؛ لأنه لم يتعرض لغيرها، وصاحب الإمداد شديد المتابعة لصاحب المواهب فإن كان مستنده ذلك ففيه نظر لما علمت من احتمال العبارة والله أعلم‏.‏

‏(‏قوله‏:‏ وقيدنا بالثبوت المذكور إلخ‏)‏ قال في الشرنبلالية، وفي المغني قال الإمام الحلواني الصحيح من مذهب أصحابنا أن الخبر إذا استفاض في بلدة أخرى، وتحقق يلزمهم حكم تلك البلدة ا هـ‏.‏ وعزاه في الدر المختار إلى المجتبى وغيره ومثله في الذخيرة بما نصه قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله الصحيح من مذهب أصحابنا - رحمهم الله تعالى - أن الخبر إذا استفاض وتحقق فيما بين أهل البلدة الأخرى يلزمهم حكم هذه البلدة ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وقد وقعت هذه الحادثة في دمشق سنة 1239 تسع وثلاثين ومائتين وألف ثبت رمضان بدمشق ليلة الجمعة بعد شعبان ثلاثين وكان في السماء علة في تلك الليلة ثم استفاض الخبر عن أهل بيروت وأهل حمص أنهم صاموا الخميس لكن استفاض الخبر عن عامة البلاد سوى هذين البلدين أنهم صاموا الجمعة مثل دمشق فهل تعتبر الاستفاضة الأولى في مخالفتها للثانية أم لا بناء على أن الظاهر يقتضي غلط أهل تلك البلدتين نظير ما مر فيما لو كانت السماء مصحية ورأى الهلال واحد لا يعتبر؛ لأن التفرد من بين الجم الغفير ظاهر في الغلط مع أنه ليس من بين تلك البلاد بعد كثير بحيث تختلف به المطالع لكن ظاهر الإطلاق يقتضي لزومه عامة البلاد ما ثبت عند بلدة أخرى فكل من استفاض عندهم خبر تلك البلدة يلزمهم اتباع أهلها، ويدل عليه قوله‏:‏ ويلزم أهل المشرق برؤية أهل المغرب؛ إذ ليس المراد بأهل المشرق جميعهم بل بلدة واحدة تكفي كما لا يخفى، وإذا كان هذا مع بعد المسافة التي تختلف فيها المطالع فمع قربها أولى، وإذا كانت الاستفاضة في حكم الثبوت لزم العمل بها هذا ما ظهر لي فتأمله ثم اعلم أن المراد بالاستفاضة تواتر الخبر من الواردين من بلدة الثبوت إلى البلدة التي لم يثبت بها لا مجرد الاستفاضة؛ لأنها قد تكون مبنية على إخبار رجل واحد مثلا فيشيع الخبر عنه، ولا شك أن هذا لا يكفي بدليل قولهم‏:‏ إذا استفاض الخبر، وتحقق فإن التحقيق لا يكون إلا بما ذكرنا ‏(‏تتمة‏)‏ لم يذكروا عندنا العمل بالأمارات الظاهرة الدالة على ثبوت الشهر كضرب المدافع في زماننا والظاهر وجوب العمل بها على من سمعها ممن كان غائبا عن المصر كأهل القرى ونحوها كما يجب العمل بها على أهل المصر الذين لم يروا الحاكم قبل شهادة الشهود وقد ذكر هذا الفرع الشافعية فصرح ابن حجر في التحفة أنه يثبت بالإمارة الظاهرة الدالة التي لا تتخلف عادة كرؤية القناديل المعلقة بالمنائر قال‏:‏ ومخالفة جمع في ذلك غير صحيحة ا هـ‏.‏